المهذب البارع في شرح المختصر النافع الجزء ١

المهذب البارع في شرح المختصر النافع0%

المهذب البارع في شرح المختصر النافع مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 568

المهذب البارع في شرح المختصر النافع

مؤلف: العلامة جمال الدين ابي العباس احمد بن محمد بن فهد الحلي
تصنيف:

الصفحات: 568
المشاهدات: 87770
تحميل: 5169


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 568 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 87770 / تحميل: 5169
الحجم الحجم الحجم
المهذب البارع في شرح المختصر النافع

المهذب البارع في شرح المختصر النافع الجزء 1

مؤلف:
العربية

بتلك الصلوات السابقة على وجدان الماء، وعن مضمون الرواية الثانية من التفصيل بين الركعة والركعتين، بذلك ايضا. وباحتمال رجوعه استحبابا إذا صلى ركعة واحدة. وعن الرواية الثالثة، بمنع سندها. وتأويلالشيخين رضي ‌الله‌ عنهما بالتفصيل لا يدل عليه الاحاديث(١) . واعلم: أن الحديثين الاولين الدالين على عدم بطلان الصلاة بالحدث، من الصحاح. لكنهما ليسا من قبيل المتواتر، فلا يصلحان لتخصيص ما دلت عليه عموم الادلة القاطعة والاصول المسلمة التي وقع الاجماع عليها. ويجوز أن يحملا على التأويل البعيد من حيث صحتهما.

____________________ _____

(١) المختلف: كتاب الطهارة، الفصل الرابع في الاحكام، ص ٥٣، س ١١، قال: " والجواب عن الحديث الاول انا نحمل الركعة " إلى آخره.

٢٢١

الركن الرابع في النجاسات والنظر في أعدادها وأحكامها

وهي عشرة البول، والغائط مما لا يؤكل لحمه، ويندرج تحته الجلال، والمني، والميته مما يكون له نفس سائلة، وكذا الدم، والكلب، والخنزير، والكافر، وكل مسكر، و الفقاع.

الركن الرابع في النجاسات

إنما اخرهذا الركن عن الاركان المتقدمة عليه، لانه في الحقيقة ليس بطهارة شرعية. وإنما ذكر في كتاب الطهارة، إما لكونه طهارة لغوية، فذكر إستطرادا و استتباعا عقيب ذكر الطهارة الشرعية. أو لان التمكن من فعل الماهية إنما يكون بفعل شرطها وإزالة مانعها. فلما ذكر مباحث الشرط لزمه ذكر مباحث إزالة المانع، ولا شك أن النجاسة مانعة من الصلاة، فلا بد من ذكر مباحثها.

٢٢٢

وفي نجاسة عرق الجنبت من الحرام، وعرق الابل الجلالة، ولعاب المسوخ، وذرق الدجاج والثعلب والارنب، والفأرة والوزغة، اختلاف. والكرهية أظهر. وأما أحكامها فعشرة: الاول: كل النجاسات يجب إزالة قليلها وكثيرها عن الثوب والبدن عدالدم فقد عفى عما دون الدرهم سعة في الصلاة، ولم يعف عما زاد عنه، قال طاب ثراه: وفي عرق الجنب من الحرام(١) ، وعرق الابل الجلالة، ولعاب المسوخ، وذرق الدجاج والثعلب والارنب والفأرة والوزعة، اختلاف. والكراهية أظهر. أقول: هنا مسائل: الاولى: عرق الجنب من الحرام، وفيه قولان: (الف): النجاسة. وهو مذهب الشيخين(٢) ، وبه قال الصدوق(٣) ، والقاضي(٤) .

____________________

(١) هكذا قي الاصل: ولكن في المتن " وقي نجاسة عرق الجنب من الحرام " فراجع.

(٢) اي الشيخ المقيد في المقنعة: باب تطهير الثياب وغيرها من النجاسات، ص ١٠، س ١٨، قال: " ولابأس برق الحائض والجنب ولايجب غسل الثوب منه إلا ان تكون الجنابة من حرام، فيغسل ما أصابه من عرق صاحبها من جسد وثوب " إلى آخره. والشيخ الطوسي في النهاية: كتاب الطهارة، باب تطهير الثياب م النجاسات والبدن والاواني، ص ٥٣، س ١١، قال: " ولابأس بعرق الجنب والحائض في الثوب، وإجنتابه أفضل، اللهم الا ان تكون الجنابة من حرام، فانه يجب عليه غسل الثوب اذا عرق فيه ".

(٣) المقنع: كتاب الطهارة، باب الغسل من الجنابة وغيرها، ص ١٤، س ٤، قال: " وقال ولدي في رسالته الي: إلى ان قال: وان كانت الجنابة من حرام، فحرام الصلاة فيه ". وفي الفقيه: ج ١، ص ٤٠، باب ١٦، باب ما ينجس الثوب والبدن، ذيل حديث ٥، قال: " وان كانت الجنابة من حلال، فحلال الصلاة فيه، وان كانت من حرام فحرام الصلاة فيه".

(٤) المهذب:ج ١، باب ما يتبع الطهارة ويلحق بها، ص٥١ س ١٣، قال: " وعرق الجنب من حرام ".

٢٢٣

احتجوا بحسنة محمد الحلبي: قال: قلت لابي عبداللهعليه‌السلام : رجل أجنب في ثوبه، وليس معه ثوب غيره؟ قال: تصلي فيه وإذا وجد الماء غسله(١) . قال الشيخ: هذا الخبر يحتمل شيئين: أحدهما وهو الاشبه، أن يكون أصاب الثوب نجاسة من المني، فحينئذ يصلي فيه إذا لم يجد غيره ولا يمكنه نزعه، وكان عليه الاعادة، ويحتمل ان يكون المراد: إذ أصابته الجنابة من حرام وعرق فيه، فانه يصلي فيه، وإذا وجد الماء غسله(٢) . والجواب: المراد بالحديث: إذا أصاب الجنابة الثوب يصلي فيه، لعدم غيره على ما تضمنه سؤال السائل، ثم يغسله إذا وجد الماء، لوجود النجاسة. وبالطهارة قال سلار(٣) ، وابن إدريس(٤) لوجوه:

(الف): الاصل.

(ب): ان الجنب من الحرام ليس بنجس، فلا يكون عرقة نجسا، كغيره من الحيوانات الطاهرة.

(ج): ما رواه أبو اسامة في الحسن قال: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام عن الجنب يعرق في ثوبه، أو يغتسل فيعانق امرأته، أو يضا جعها، وهي حائض أو جنب فيصيب جسده من عرقها؟ قال: هذا كله ليس بشئ(٥) ولم يفصل بين

____________________

(١ و ٢) الاستبصار: ج ١، ص ١٨٧، باب ١١٠، عرق الجنب والحائض يصيب الثوب، حديث ١٢، ثم قال بعد نقل الحديث: " فهذا الخبر يحتمل شيئين " إلى آخره.

(٣) المراسم: ذكر تطهير الثياب وما يصلى عليه، ص ٥٦، س ١٤، قال: " فانه غسل الثياى إلى ان قال: وعرق الجنب من حرام فأصحابنا يوجبون إزالته، وهو عندي ندب ".

(٤) السرائر: كتاب الطهارة، باب تطهير الثياب من النجاسات، ص ٣٦، س ٢٨، فانهقدس‌سره ، بعد نقل قول الشيخ في المبسوط، قال: " ويقوي في نفسي ان ذلك تغليظ في الكراهة دون فساد الصلاة لو صلى فيه " إلى آخره.

(٥) الكافي: ج ٣، ص ٥٢، كتاب الطهارة، باب الجنب يعرق في الثوب، أويصيب جسده ثوبه وهو رطب، ح ١.

٢٢٤

الحلال والحرام.

الثانية: عرق الابل الجلالة. وفيه قولان:

(الف): النجاسة. قاله الشيخان(١) والقاضي(٢) . لصحيحة هشام بن سالم، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: لا تأكلوا لحوم الجلالة، وإن أصابك من عرقها فاغسله(٣) . واجيب: بحمله على الاستحباب.

(ب): الطهارة، قاله سلار(٤) ، وابن إدريس(٥) ، واختاره المصنف(٦) ،

____________________

(١) اي الشيخ المفيد في المقنعة: باب تطهير الثياب وغيرها من النجاسات، ص ١٠، س ١٦، قال: " و يغسل الثوب أيضا من عرق الابل الجلالة اذا اصابه كما يغسل من سائر النجاسات ". والشيخ الطوسي في النهاية: باب تطهير الثياب من النجاسات والبدان والاواني، ص ٥٣، س ١٣: " إذاأصاب الثوب عرق الابل الجلالة وجب عليه إزالته ".

(٢) لم نجد في المهذب الحكم بنجاسة عرق الابل الجلالة، لاحظ المهذب: ج ١، باب فيما يتبع الطهارة و يلحق بها، ص ٥١، س ١٣، قال: " وذرق الدجاج الجلال والابل الجلالة وعرق الجنب من حرام.

ولكن قال في المختلف: باب النجاسات، ص ٥٧، س ٢، قال الشيخان: " يجيب إزالة عرق الجنب من

الحرام وعرق الابل الجلالة عن الثوب والبدن وهو اختيار ابن البراج ".

(٣) الكافي: ج ٦، ص ٢٥٠، كتاب الاطعمة، باب لحوم الجلالات وبيضهن، والشاة تشرب الخمر، حديث ١، وفيه " لحوم الجلالات ".

(٤) المراسم: ذكر تطهير الثياب وما يصلى عليه، ص ٥٦، س ١٤، قال: " فاما غسل الثياب من ذرق الدجاج وعرق جلال الابل إلى ان قال: وهو عندي ندب ".

(٥) كلام ابن ادريس في السرائر يوهم خلاف ذلك، لاحظ السرائر: باب تطهير الثياب من النجاسات، ص ٣٦، س ٣١، قال: " وعرق الابل الجلالالة يجب إزالته على ما ذهب إليه بعض إصحابنا " ولكن قال قي المختلف: باب النجاسات، ص ٥٧، س ٤، والمشهور: " الطهارة وهو اختبار سلار وابن ادريس وهو المعتمد ".

(٦) الشرايع: ج ١، ص ٥٣، الركن الرابع في النجاسات قال: " وفي عرق الجنب من الحرام وعرق لابل الجلالالة والمسوخ خلاف، والاظهر الطهارة ".

٢٢٥

والعلامة(١) ، للاصل. ولانها ليست نجسة، فلا يكون عرقها نجسا، كغيرها.

الثالثة: لعاب المسوخ، وفيه قولان:

(الف): النجاسة، قاله سلار(٢) ، وابن حمزة(٣) ، والشيخ في الخلاف في كتاب البيوع. حيث منع من بيع القرد لانه مسخ نجس(٤) . احتجوا: بان المسوخ يحرم بيعها، ولا مانع سوى النجاسة. وهما ممنوعان.

(ب): الطهارة، وهو مذهب المصنف(٥) ، والعلامة(٦) . لاصالة الطهارة. ولان المسوخ لو كانت نجسة، وأحد أنواعها الفيل، لكان عظمه نجسا، والتالي باطل، لما رواه عبدالحميد بن سعد قال: سألت أبا إبراهيمعليه‌السلام عن عظام الفيل، يحل بيعه أو شرائه، الذي يجعل منه الامشاط؟ فقال: لا بأس.

قد كان لابي منه مشط أو أمشاط(٧) .

الرابعة: ذرق الدحاج غير الجلال، وفيه مذهبان:

____________________

(١) تقدم آنفا.

(٢) المراسم: ذكر تطهير الثياب وما يصلى عليه، ص ٥٥ س ٨، قال: " ولعاب الكلب والمسوخة ".

(٣) المختلف: في احكام النجاسات، ص ٥٨، س ٢، قال: " وكذا (اي نجاسة المسوخ) قال سلار وابن حمزة ".

(٤) الخلاف: كتاب البيوع، ج ٢، ص ٨١، مسألة ٣٠٨، قال: " لا يجوز بيع شئ من المسوخ مثل القرد والخنزير ".

(٥) المعتبر: كتاب الطهارة: في الاسئار، ص ٢٥ س ٩، قال: " الفرع السادس، قال بعض الاصحاب: لعاب المسوخ نجس " إلى ان قال س ١٠: " والوجه الكراهية ".

(٦) المختلف: باب النجاسات واحكامها، ص ٥٨، س، قال: " والاقرب عندي الطهارة ".

(٧) الكافي: ج ٥، ص ٢٢٦، كتاب المعيشة، باب جامع فيما يحل الشراء والبيع منه وما لايحل، حديث ١.

٢٢٦

(الف): النجاسة، وهو مذهب الشيخين(١) لما رواه محمد بن أحمد بن يحيى، عن محمد بن عيسى، عن فارس قال: كتب إليه رجل يسأله عن ذرق الدجاج، يجوز الصلاة فيه؟ فكتب: لا(٢) وهي مقطوعة.

وأجاب في الاستبصار: بحملها على الجلال، أوالتقية، لان ذلك مذهب كثير من العامة(٣) .

(ب): الطهارة، وهو مذهب ابن بابويه في كتابه(٤) ، والمرتضى في المسائل الناصرية(٥) ، والتقي(٦) ، والحسن(٧) ، والقاضي(٨) ، واختاره المصنف(٩) ، والعلامة(١٠) . لما رواه زرارة في الحسن أنهما قالا: لا تغسل ثوبك من بول كل شئ

____________________

(١) اي الشيخ المفيد في المقنعة: باب تطهير الثياب وغيرها من النجاسات، ص ١٠، س ١٥، قال: " و يغسل الثوب من ذرق الدجاج خاصة " إلى آخره. والشيخ الطوسي في النهاية: باب تطهير الثياب من النجاسات والبدانو الاواني، ص ٥١، قال: " ولا بأس بذرق كل شئ من الطيور، إلى ان قال: سوى ذرق الدجاج خاصة، فانه يجب إزالته على كل حال " إلى آخره.

(٢ و ٣) الاستبصار: ج ١، ص ١٧٨، باب ذرق الدجاج، حديث ٢.

(٤) الفقيه: ج ١، ص ٤١، باب ١٦، ما ينجس الثوب والجسد، ذيل حديث ١٦. قال: " ولابأس بخرء الدجاجة والحمامة لو أصاب الثوب ".

(٥) الجوامع الفقهية: المسائل الناصرية، ص ٢١٧، المسألة ١٢، قال: " كل حيوان يؤكل لحمه فبوله وروثه طاهر، هذا صحيح ".

(٦ و ٧ و ٨) المختلف: باب النجاسات واحكامها، ص ٥٥، س ٣٧، قال: " وفي ذرق غير الجلال قولان: أحد هما الطهارة " إلى ان قال: س ٣٨ " وكذا قال ابوالصلاح، وهو الظاهر من كلام ابن ابي عقيل وابن البراج ".

(٩) المعتبر: كتاب الطهارة، الركن الرابع في النجاسات، ص ١١٤، س ٢١، قال: " وفي ذرق الدجاج روايتان " إلى ان قال، ص ٢٢: " والثانية الطهارة مالم يكن جلالا، وهو مذهب الشيخ في التهذيب، وهو الحق ".

(١٠) المختلف: كتاب الطهارة، باب النجاسات واحكامها، ص ٥٦، س ١، قال: " الا ان الشيخرحمه‌الله ذهب إلى طهارته في الاسبصار، وهو المعتمد ".

٢٢٧

يؤكل لحمه(١) . وعن وهب بن أبي وهب، عن جعفر، عن أبيهعليه‌السلام قال: لا بأس بخرؤ الدجاج والحمام يصيب الثوب(٢) ولاصالة الطهارة.

الخامسة: الثعلب والارنب، وبنجاستهما قال الشيخ في النهاية(٣) ، والمبسوط(٤) ، وبه قال المفيد(٥) ، والتقى(٦) ، والقاضي(٧) . لما رواه يونس عن بعض أصحابنا عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: سألته هل يجوز أن يمس الثعلب والارنب أو شئ من السباع حيا أو ميتا؟ قال: لا يضره،

____________________

(١) التهذيب: ج ١، ص ٢٤٦، باب تطهير المياه من النجاسات، حديث ٤١، وفيه: " من بول ما يؤكل لحمه ".

(٢) التهذيب: ج ١، ص ٢٨٣، باب تطهير الثياب وغيرها من النجاسات، حديث ١١٨.

(٣) النهاية: باب تطهير الثياب من النجاسات والبدن والاواني، ص ٥٢، س ١٥، قال: " وإذا أصاب ثوب الانسان كلب أوخنزير أوثعلب أو أرنب" إلىأن قال: س١٦ " وجب غسل الموضع الذي أصابه ".

(٤) المبسوط: كتاب الطهارة، فصل في تطهير الثياب والابدالن من النجاسات، ص ٣٧، س ٥، قال: " ما مس الكب والخنزير والثعلب والارنب " إلى ان قال: ص ٦ " وجب غسل الموضع " إلى آخره.

(٥) لم نعثر في الكلام المفيدقدس‌سره على تصريح بحكم الثعلب والارنب وبنجاستهما، ولعله فهم من قوله في المقنعة، ص ١٠، س ١٤، وكذلك ان مس واحد مما ذكرنا جسد الانسان او وقعت يده عليه وكان رطبا غسل ما أصابه منه إلى آخره. كما ان الشيخقدس‌سره في التهذيب بعد نقل العبارة المتقدمه عن المفيد، استشهد بحديث يونس بن عبدالرحمان عن بعض أصحابه عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: " سألته هل يجوز أن يمس الثعلب والارنب أو شيئا من السباع حيا اوميتا؟ قال: لايضره ولكن يغسل يده. لاحظ التهذيب، ج ١، ص ٢٦٢، باب تطهير الثياب وغيرها من النجاسات، حديث ٥٠.

(٦) الكافي في الفقه: فصل في النجاسات، ص ١٣١، س ١٤، قال: " والثاني ان يمس الماء وغيره حيوان بحس كاكلب والخنزير والثعلب والارنب والكافر ".

(٧) المهذب: ج ١، باب فيما يتبع الطهارة، ويلحق بها، ص ٥١، س ١٥، قال: " أو ولغ فيها كلب أو خنزير أو ثعلب أوارنب ".

٢٢٨

ولكن يغسل يده(١) . وبالطهارة قال ابن ادريس(٢) ، والمصنف(٣) ، والعلامة(٤) ، لاصالة الطهارة. ولما رواه الفضل، أبوالعباس في الصحيح، قال: سألت أباعبداللهعليه‌السلام عن فضل الهر والشاة والبقرة والابل والحمار والخيل والبغال والوحش والسباع، فلم أترك شيئا إلا سألته عنه؟ فقال: لا بأس، حتى إنتهيت إلى الكلب فقال: رجس نجس، الحديث(٥) . السادسة: الفأرة والوزغة. وبنجاستهما قال الشيخان(٦) ، وسلار(٧) . لما رواه معاوية بن عمار في الصحيح قال: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام عن الفأرة والوزغة تقع في البئر؟ قال: ينزح منها ثلاث دلاء(٨) .

____________________

(١) التهذيب: ج ١، ص ٢٦٢، باب الثياب وغيرها من النجاسات، حديث ٥٠.

(٢) السرائر: باب تطهير الثياب من النجاسات والبدان والاواني والاوعية، ص ٣٨، س ٧، قال: " و قال بعض أصحابنا في كتاب له: وإذا أصاب ثوب الانسان "، إلى أن قال: " محمد بن إدريس: هذا القول غير واضح " إلى آخره.

(٣) المعتبر: كتاب الطهارة، ص ١١٨، س ١٣، قال: " مسألة، اضطراب قول الاصحاب في الثعلب والارنب والفارة والوزغة " إلى ان قال: س ١٨ " والكراهية أظهر ".

(٤) المختلف: باب النجاسات، ص ٥٧، س ٢٩، قال: " والوجه عندي طهارة ذلك ".

(٥) التهذيب: ج ١، ص ٢٢٥، باب ١٠، المياه واحكامها وما يجوز التطهر به وما لا يجوز، حديث ٢٩، وفيه " الهرة. لابأس به ".

(٦) اي الشيخ المفيد في المقنعة: باب تطهير الثياب وغيرها من النجاسات، ص ١٠ س ١٣، قال: " وكذا الحكم في الفارة والوزغة إلى آخره. والشيخ الطوسي في النهاية: كتاب الطهارة، باب تطهير الثياب من النجاسات والبدن والاوانى، ص ٥٢، س ١٥، قال: " واذا صاب ثوب الانسان كلب أوخنزير أو ثعلب أو أرنب أو فأرة أو وزغة وكان رطبا وجب غسل الموضع " إلى آخره.

(٧) المختلف: باب النجاسات، ص ٥٧، ٢٧، " وحكم سلار بنجاسة الفارة والوزغة ".

(٨) التهذيب: ج ١، ص ٢٣٨، باب ١١، تطهير المياه من النجاسات، حديث ١٩.

٢٢٩

ولو لا النجاسة لما وجب النزح بالموت. ولما رواه عمار الساباطى عن الصادقعليه‌السلام في حديث طويل، وسأل عن الكلب والفارة إذا أكلا من الخبز وشبهه؟ قال: يطرح منه، ويؤكل الباقى. و عن العظاية تقع في اللبن؟ قال: يحرم اللبن وقال: إن فيها السم(١) . واجيب عن الاول: بحملها على الاستحباب. وعن الثاني: بضعف السند، وكون التحريم في الوزغة لخوف السم، لا النجاسة. وبالطهارة قال ابن إدريس(٢) ، والمصنف(٣) ، والعلامة(٤) ، لوجوه.

(الف): الاصل.

(ب): دلالة رواية البقباق عليه، وقد تقدمت(٥) .

(ج): إن هذه الاشياء كثير المزاولة للبشر، فالاحتراز عنها حرج وعسر، فيكون منفيا بالآية والرواية.

____________________

(١) التهذيب: ج ١، ص ٢٨٤، باب ١١، تطهير الثباب وغيرها من النجاسات، قطعة من حديث ١١٩، والحديث طويل.

(٢) السرائر: باب تطهير الثياب من النجاسات والبدان والاواني والاوعية، ص ٣٨، س ١١، قال: " واما قوله: الفأرة والوزغة، فلا خلاف ايضا في ان سؤر الفأر طاهر " اى ان قال ص ١٢ " واما الوزغة، قانا لا نفس لها سائلة كا لذباب والزنابير، وما لا نفس له سائلة، لاينجس المايع بموته فيه، فكيف يصح القول بان سؤره نجس، وما لاقاه وهو رطب ينجسه ". انتهى

(٣) المعتبر: باب النجاسات، ص ١١٨، س ١٣، قال: " اضطرب قول الاصحاب في الثعلب والارنب والفأرة والوزغة إلى أن قال بعد أسطر: والكراهية أظهر ".

(٤) المختلف: باب النجاسات، ص ٥٧، س ٢٥، قال: " مسألة، أوجب الشيخرحمه‌الله في النهاية غسل ما أصابه الثعلب والارنب و الفأرة والوزغة برطوبة، إلى أن قال: س ٢٩ " والوجه عندي طهارة ذلك أجمع " إلى آخره.

(٥) التهذيب: ج ١، ص ٢٢٥، باب ١٠ المياه واحكامها وما يجوز التطهير به وما لا يجوز، حديث ٢٩.

٢٣٠

وفيما بلغ قدر الدهم مجتمعا رويتان، أشهر هما وجوب الازالة، ولو كان متفرقا لم تجب إزالته.

وقيل: تجب مطلقا، وقيل: بشرط التقاحش.

الثاني: دم الحيض: تجب إزالته وإن قل. قال طاب ثراه: وفيما بلغ قدر الدرهم مجتمعا، روايتان، أشهر هما وجوب الازالة، ولو كان متفرقا لم تجب إزالته. وقيل: تجب مطلقا، وقيل: بشرط التفاحش. أقول: إعلم أن الدم قد يكون حدثا وخبثا، وهو الدماء الثلاثة. وقد يكون خبثا لا حدثا، وهو الدم المسفوح. ولا يوجد العكس عندنا، بل عند العامة، فان المسرف في الجماع ربما خرج ماؤه دما غير مستحيل إلى لون المني، وهو حدث، وليس بنجس عندهم. وقد ينفك عنهما، كما في دم البق. ثم اعلم: أن بين الدم والنجاسة عموما وخصوصا من وجه. لصدقهما على الدم المسفوح. ووجودها بدونه في البول. ووجوده بدونها في نحو دم البق. وهو ينقسم باعتبار آخر إلى ثلاثة أقسام. قسم يجب إزالة قليله وكثيره، وهو الدماء الثلاثة، ودم نجس العين. وقسم لا يجب إزالة شئ منه، وهو دم البق والبراغيث والسمك، والمستخلف في اللحم مما لا يقذفه المذبوح. وهو طاهر عند السيد(١) ، والمصنف(٢) ، والعلامة(٣) ، ويظهر من تقسيم الشيخ

____________________

(١) قال السيد في الناصريات: المسألة ١٥ " كله نجس عندنا إلا دم السمك طاهر لا بأس بقليله وكثيره في الثوب. وكذلك ما لادم له سائل نحو البراغيث والبق ".

(٢) المعتبر: كتاب الطهارة، في النجاسات، ص ١١٧، س ٨، قال: " دم السمك طاهر لا يجب إزالته عن الثوب والبدن " إلى آخره.

(٣) المختلف: باب النجاسات، ص ٥٩ س ١٩ قال: " وقال السيد المرتضىرحمه‌الله : دم السمك طاهر وكذلك ما لا له ساول نحو البراغيث والبق ونهو المعتمد ".

٢٣١

في الجمل النجاسة(١) ، وكذا يفهم من كلام سلار(٢) . وقال أبوعلي: الدماء كلها ينجس الثوب بحلولها فيه، وأغلظها نجاسة دم الحيض وأما ما يظهر من السمك بعد موته فليس ذلك عندي دما(٣) . وقسم هو نجس ويعفى عن قدر معين منه، وما زاد عفو فيه، وهو الدم المسفوح وفيه: مسئلتان: الاولى: المجتمع، وفي قدر ما عفي عنه مذهبان: (الف): مقدار الدرهم فما دون، وما زاد يجب إزالته، وهو مذهب المرتضى(٤) ، وسلار(٥) ، لاصالة براء‌ة الذمة من وجوب الازالة من وجوب الازالة مطلقا، وترك العمل به فيما زاد. للاجماع، فيبقى الباقي على أصله. ولحسنة محمد بن مسلم قال: قلت له: الدم يكون في الثوب علي وأنا في الصلاة؟ قال: إن رأيت وعليك ثوب غيره فاطرحه وصل. وان لم يكن عليك غيره، فامض في صلاتك ولا إعادة عليك ما لم يزد على مقدار الدرهم وما كان أقل من ذلك فليس بشئ رأيته قبل او لم تره. واذا كنت قد رأيته وهو أكثر من مقدار الدرهم

____________________

(١) الجمل والعقود: ص ١٨ " فصل في ذكر النجاسات ووجوب إزالتها عن الثياب والبدان إلى ان قال: والنجاسات على ضربين دم وغيردم، فالدم على ثلاثة أضرب ". إلى آخره.

(٢) المراسم: ذكر تطهير الثياب وما يصلى عليه، ص ٥٥، قال: " النجاسات على ثلاثة أضرب إلى أن قال: واالثالث دم السمك والبراغيث ".

(٣) المختلف: كتاب الطهارة، باب النجاسات، ص ٥٩، س ١٧.

(٤) المختلف: كتاب الطهارة، باب النجاسات، ص ٦٠، س ٣، قال: " وفيما بلغ درهما قولان، إلى ان قال: ويلوح من كلام السيدرحمه‌الله عدم الوجوب ".

(٥) المراسم: ذكر تطهير الثياب وما يصلى عليه، ص ٥٥، س ١٤، قال: " فاما دم القروح خاصة اذالم يكن بهذه الصفة وزاد على قدر الدرهم فانه تجب ازالته ".

٢٣٢

فضيعت غسله وصليت فيه صلاة كثيرة، فأعد ما صليت فيه(١) . والجواب: الرواية مقطوعة. فان قلت: الراوي عدل، وعدالته تقتضي الاخبار عن معصوم؟ قلنا: معارضتها للاحاديث، لا لبس فيه، فهي أولى منها، خصوصا إذا كانت صحاحا.

(ب): ما نقص عن الدرهم وما بلغه، يجب إزالته. وهو مذهب الفقيهين(٢) ، والشيخين(٣) ، والقاضي(٤) ، وابن إدريس(٥) ، واختاره المصنف(٦) ، والعلامة(٧) . واحتجوا: بعموم قوله تعالى: (وثيابك فطهر)(٨) . وهو عام ترك العمل به فيما

____________________

(١) الكافي: ج ٣، ص ٥٩، حديث ٣، كتاب الطهارة، باب الثوب يصيبه الدم والمدة.

(٢) الفقيه: ج ١، ص ٤٢، باب ١٦ ما ينجس الثوب والبدن، قال: بعد أيراد حديث ١٧: " والدم إذا أصاب الثوب قلا بأس بالصلاة فيه مالم يكن مقداره مقدار درهم واف ". وفي الهداية: باب المياه، ص ١٥، س ٥، نحوه.

(٣) اي المفيد في المقنعة: باب تطهير الثياب وغيرها من النجاسات، ص ١٠ س ١، قال: " فان أصاب ثوبه دم وكان مقداره في سعة الدرهم الوافي "، إلى ان قال: س ٢ " وجب عليه غسله بالماء ولم يجز له الصلاة فيه ". انتهى والطوسي في النهاية: باب تطهير الثياب من النجاسات والبدان والاواني، ص ٥٢، س ١، قال: " فان بلغ مقدار الدرهم فصاعدا، وجبت إزالته ".

(٤) المهذب: ج ١، باب فيما يتبع الطهارة ويلحق بها، ص ٥١، س ١٩، قال: " فان لم يبلغ ذلك (اى مقدار الدرهم) لم تجب إزالته ".

(٥) السرائر: باب تطهير الثياب من النجاسات والبدان والاواني والاعية، ص ٣٥، س ٥.

(٦) الشرايع: ج ١، ص ٥٣، في أحكام النجاسات، قال: " وعما دون الدرهم البغلي سعة ".

(٧) المختلف: باب النجاسات: ص ٦٠، س ٧، قال: " والاقرب عندي مذهب الشيخين ".

(٨) سورة المدثر: ٤.

٢٣٣

نقص عن الدرهم، للمشقة، وعسر الانفكاك منه، فيبقى ما زاد على عموم الامر بإزالته. وبصحيحة عبدالله بن أبي يعفور، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قلت: فالرجل يكون في ثوبه نقط الدم، ولا يعلم به، ثم يعلم فينسى أن يغسله فيصلي، ثم يذكر بعد ما صلى، أيعيد صلاته؟ قال: يغسله ولا يعيد صلاته إلا أن يكون مقدار الدرهم مجتمعا، فيغسله، ويعيد الصلاة(١) . الثانية: المتفرق. وفيه ثلاثة أقوال:

(الف): العفو حتى يبلغ كل موضع منه قدر الدرهم، وهو قول ابن إدريس، حيث قال: والاقوى والاظهر في المذهب عدم الوجوب، والاحوط للعبادة وجوب إزالته إن كان بحيث لو جمع بلغ درهما(٢) . واختاره المصنف(٣) . ويدل عليه صحيحة ابن أبي يعفور، وقد تقدمت(٤) ، ولان كل واحد من المتفرق عفو لقصوره عن سعة الدرهم. واجيب: بأنه يحتمل أن يكون المراد، إلا أن يكون مقدار الدرهم لو كان مجتمعا. ولم يفرق سلار بين المجتمع والمتفرق، بل أوجب إزالة الزائد على الدرهم وعفي عن قدره مطلقا(٥) .

____________________

(١) التهذيب: ج ١، ص ٢٥٥، باب ١٢، تطهير الثياب وغيرها من النجاسات، قطعة من حديث ٢٧.

(٢) السرائر: باب تطهير الثياب من النجاسات والبدان والاواني والاوعية، ص ٣٥ س ٣٧، وفي العبارة تقديم وتأخير، فلاحظ.

(٣) الشرايع: ج ١، ص ٥٣، كتاب الطهارة، القول في أحكام النجاسات، قال " وما زاد عن ذلك (اي عما دون الدرهم البغلي) تجب إزالته ان كان متفرقا، قيل: هو عفو، إلى أن قال: والاول أظهر ".

(٤) تقدم آنفا.

(٥) تقدم مختاره.

٢٣٤

وألحق الشيخ به دم الاستحاضة والنفاس. وعفي عن دم القروح والجروح التي لا ترقأ، فذا رقأ اعتبر فيه سعة الدراهم.

(ب): العفو ما لم يبلغ التفاحش، إذ قصر كل واحد عن الدرهم، وهو قول الشيخ في النهاية(١) ، ولم يذكر وجهه، وليس في الروايات ما يدل عليه. ولعله نظر إلى كونه جمعا بين العفو مع عدم التفاحش للرواية المذكورة، وللاصل. وبين عدمه مع التفاحش، لاستقذاره وإستخباثه، والخبث علة في الحرمة، لقوله تعالى: (ويحرم عليهم الخبائث)(٢) .

(ج): عدم العفو مطلقا، اي: سواء تفاحش أو لا، إذا كان بحيث لو جمع بلغ الدرهم وهو مذهب الشيخ في المبسوط(٣) ، واختاره العلامة(٤) . واحتج عليه بقوله تعالى: (وثيابك فطهر)(٥) خرج عنه ما وقع الاجماع عليه، فيبقى الباقي على عمومه، وبأن النجاسة البالغة مقدارا معينا لا تتفاوت باجتماعها و افتراقها في المحل. قال طاب ثراه: وألحق الشيخ به دم الاستحاضة والنفاس.

____________________

(١) النهاية: باب تطهير الثياب من النجاسا ت والبدان والاواني، ص ٥١، س ١٨، قال: " وان كان دم عارف أوفصد أوغيرهما من الدماء إلى ان قال: لايجب ازالته الا ان يتفاحش ويكثر " إلى آخره.

(٢) سورة الاعراف: ١٥٧.

(٣) لايخفى ان مذهب الشيخ في المبسوط: ج ١، ص ٣٦، س ٣، من كتاب الطهارة، فصل في تطهير الثياب والابدان من النجاسات، هو العفو ايضا، ولكن قال فيه بعدم العفو للاحتياط في العبادة، فانهقدس‌سره بعد بيان ان ما نقص عن الدراهم لايجب إزالته ولو كان في مواضع كثيرة، قال: " وان قلنا: اذا كان جميعه لوجمع كان مقدار الدرهم وجب أزالته، كان أحوط للعبادة ".

(٤) المختلف: في احكام النجاسات، ص ٦٠، س ٢٨، قال: " والاقرب ما ذكره الشيخ في المبسوط ".

(٥) سورة المدثر: ٤.

٢٣٥

الثالث: يجوز الصلاة فيما لا يتم الصلاة فيه منفردا مع نجاسة، كالتكه والجوراب والقلنسوة.

الرابع: يغسل الثياب والبدن مرتينن، إلا من بول الصبي، فانه يكفي إزالة عين النجاسة وإن بقي اللون.

الخامس: إذا علم موضع النجاسة غسل، وإن جهل غسل كل ما يحصل فيه الاشتباه. ولو نجس الثوبين ولم يعلم عينه صلى الصلاة الواحدة في كل واحد مرة، أقول: الذي ذكره المفيد(١) ، والسيد(٢) ، وأبوعلي(٣) ، بل متقدموا الاصحاب، الحيض فقط. وألحق الشيخ به أخويه(٤) إما لمشاركتها له في الحدثية، فاختصاصه بهذه المزية يدل على قوة نجاسته على باقي الدماء فيغلظ حكمه بوجوب الازالة.

أو لمشاركتهما له في المخرج. وللاحتياط، وعليه المتأخرون. وألحق السعيد قطب الدين الراوندي(٥) ، وابن حمزة(٦) ، رضي ‌الله‌ عنهما بالثلاثة دم الكلب والخنزير، وألحق العلامة الكافر(٧) .

____________________

(١) المقنعة: باب تطهير الثياب وغيرها من النجاسات، ص ١٠ س ٣، قال: " اللهم الا ان يكون دم حيض فانه لايجوز الصلاة في قليل منه ولا كثيرة " إلى آخره.

(٢) الانتصار: كتاب الطهارة، قال " مسألته: ومما انفردت به الامامية القول بان الدم الذي ليس بدم حيض يجوز الصلاة في ثواب او بدن اصاب منه " إلى آخره.

(٣) المختلف: في أحكام النجاسات، ص ٥٩، س ٣٠، قال: " قال ابن الجنيد: كل نجاسة وقعت على ثوب إلى ان قال: ليم ينجس الثوب بذلك الا ان تكون النجاسة دم حيض " إلى آخره.

(٤) النهاية: باب تطهير الثياب من النجاسات، ص ٥١، س ١٤، قال: " وإن أصاب الثوب دم وكان دم حيض أو إستحاضة أونفاس وجب إزالته " إلى آخره.

(٥ و ٦ و ٧) المختلف: في أحكام النجاسات، ص ٥٩، س ٣٦، قال: " مسألة ألحق القطب

٢٣٦

ومنع ابن إدريس من ذلك، وادعى عليه إجماع الامامية(١) . احتج العلامة بان العفو إنما هو عن نجاسة الدم، والدم الخارج من الثلاثة يلاقي أجسامها، فتتضاعف نجاسته، ويكتسب بملاقاته الاجسام النجسة، نجاسة اخرى غير الدم، وهي غير معفو عنها. كما لو أصاب الدم المعفو عنه، نجاسة غير الدم، فانه تجب إزالته مطلقا، قال: وابن إدريس لم يتفطن لذلك فشنع على قطب الدين بغير الحق(٢) . واختار في منتهى المطلب: ما ذهب إليه ابن إدريس(٣) .

تنبيه

النصاب المعفو عنه من الدم المختص بالعفو، إختلف عبارات الاصحاب في تقديره. فالمشهور انه الدرهم البغلي بفتح الغين المعجمة وتشديد اللام، وهو الذي سمعناه من الشيوخ رضوان الله عليهم. قال المصنف(٤) : والدرهم هو الوافي الذي وزنه درهم وثلث، ويسمى البغلي،

____________________

الراوندي وابن حمزة بدم الاستحاضة والحيض والنفاس، دم الكب والخنزير والكافر، إلى ان قال: س ٣٧، والمعتمد قول الفطبرحمه‌الله . ولايخفي ان الحاق الكافرمن قول القطب ايضاواستحسنه العلامة ".

(١) السرائر: باب تطهير الثياب من النجاسات والبدن والاواني والاوعية. ص ٣٥، س ٢٨، قال: " وقد ذكر بعض أصحابنا المتأخرين من الاعاجم وهو الرواندي المكني بالقطب. ان دم الكب والخنزير لا يجوز الصلاة في قليله ولا كثيره إلى ان قال: وهذا خطأ عظيم وزلل فاحش، لان هذا هدم وفرق لاجماع أصحابنا " إلى آخره.

(٢) المختلف: كتاب الطهارة، باب النجاسات، ص ٥٩، س ٣٨.

(٣) المنتهى: المقصد الخامس في الطهارة من النجاسات واحكامها، قال في الفرع الثالث من القسم الثاني من الدم النجس، ص ١٧٣، س ٢٦ ما لفظه: " واستثنى قطب الرواندي دم الكب والخنزير فالحقهما بدم الحيض "، إلى ان قال: س ٢٧، " والمشهور مساواة غيرهما من الحيوانات ".

(٤) المعتبر: كتاب الطهارة، في احكام النجاسات، في القسم الثالث من اقسام النجاسات،

٢٣٧

نسبة إلى قرية بالجامعين(١) . وقال الشهيد في ذكراه: البغلي بإسكان الغين، وهو منسوب إلى رأس البغل، ضربه الثاني في ولايته بسكة كسروية، وزنه ثمانية دوانيق، والبغلة كانت تسمى قبل الاسلام كسروية، فحدث لها هذا الاسم في الاسلام، والوزن بحاله، وجرت في المعاملة مع الطبرية، وهي أربعة دوانيق، وهذه التسمية ذكرها ابن دريد(٢) وقيل: منسوب إلى بغل قرية بالجامعين كان يوجد بهادراهم، تقرب سعتها من أخمص الراحلة، لتقدم الدراهم على الاسلام. قلنا: لاريب في تقدمها، وانما التسوية حادثة، فالرجوع إلى المنقول أولى(٣) هذا آخركلامهرحمه‌الله . وإتباع المشهور بين الفقهاء أولى من إتباع المنقول من ابن دريد.

____________________

ص ١١٩، س ٢٠.

(١) قال في معجم البلدان: ج ٢، ص ١٠: " الجاملين: كذا يقولونه بلفظ المجرور المثنى: هو حلة بني مزيد التي بارض بابل على الفرات، بين بغداد والكوفة، وهي الآن مدينة كبيرة آهلة. قد ذكرت تاريخ عمارتها وكيفيتها في الحلة، وقد اخرجت خلقا كثيرا من أهل العلم والادب، ينسبون الحلي. وقال ايضا في ص ٣٢٢، من ج ٢: والحلة علم لعدة مواضع وأشهرها حلة بيي مزيد، مدينة كبيرة بين الكوفة وبغداد، كانت تسمى الجامعين " إلى آخره.

(٢) قال المحدث القميرحمه‌الله في الكنى والالقاب: ج ١، ص ٢٧٣: " ابن دريد، مصغرا، أبوبكر محمد بن الحسن بن دريد الازدى القحطاني البصري الشيعي الامامي عالم فاضل أديب حفوظ شاعر نحوي لغوي. وقال: وكان واسع الرواية، ولم ير أحفظ منه. يحكى انه كان اذا قرء عليه ديوان شعر مرة واحدة حفظه من أوله إلى آخره، إلى ان قال: له مصنفات منها كتاب الجمهرة، وهو من الكتب المعتبرة في اللغة إلى ان قال: توفي ببغداد ١٨ شعبان، سنة ٢٣١ هجرية. وقال الزركلي في الاعلام: ج ٦، ص ٨٠، ابن دريد: ٢٢٣ - ٣٢١ هجرية). كانوا يقولون: إبن دريد أشعر العلماء وأعلم الشعراء. ثم عدد مصنفاته ".

(٣) الذكرى: ص ١٦، س ٢٥، كتاب الصلاة، في البحث الثامن عشر من حكم النجاسات. فلاحظ.

٢٣٨

وقدره الحسن بسعة الدينار(١) . وأبوعلي بسعة العقد الاعلى من الابهام(٢) . هذه التفاسير وإن تفاوتت، فالعمل بالاولى، أولى. لانه أشهر. تذنيب المشهور: إختصاص العفو بالدم. وقال أبوعلي: كل نجاسة وقعت على ثوب، وكانت عينها فيه مجتمعة أو منقسمة، دون سعة الدرهم الذي يكون سعته كعقد الابهام، الاعلى، لا ينجس الثوب بذلك، إلا أن تكون النجاسة دم حيض أو منيا(٣) . وهو متروك. وفي قوله: لا ينجس الثوب، أيضا نظر، لان النجاسة حاصلة قطعا، غايته عفو الشارع عنها بإباحة الصلاة من دون إزالتها، لا أنها طاهرة، فلو لاقتها رطوبة حكم بنجاسة الملاقي الرطب.

فرع

لو أصاب ما نقص عن الدرهم بصاق أو ماء، فإن تعدى عن محله لم يبق العفو. وإن بقي على محل الدم خاصة من غير أن يتعدى، هل يبقى العفو؟ قيل: لا، لانه قد صار حاملا لمتنجس، وهو الرطوبة الملاقية للدم. وقيل: بل يبقى العفو، لان المنجس بشئ لا يزيد عليه في الحكم، وهو أقوى.

____________________

(١ و ٢ و ٣) المختلف: كتاب الطهارة، باب النجاسات، ص ٦٠، س ٤، قال: وقال إبن أبي عقيل: " إذا أصاب ثوبه دم، إلى ان قال: وكان الدم على قدر الدينار غسل ثوبه. وفي ص ٥٩، س ٣٠، قال: قال ابن الجنيد كل نجاسة وقعت على ثوبه وكانت عينها فيه مجتمعة أو منبسطة دون سعة الدرهم الذي يكون سعته كعقد الا بهام على لم ينجس الثوب بذلك " إلى آخره.

٢٣٩

وقيل: يطرحهما ويصلي عريانا. السادس: اذا لاقى الكلب أو الخنزير أو الكافر ثوبا أو جسدا وهو رطب، غسل موضع الملاقاة وجوبا، وان كان يابسا رش الثوب بالماء إستحبابا. السابع: من النجاسة في ثوبه أو بدنه وصلى عامدا أعاد في الوقت وبعده.

فرع آخر

لو تعددت الثياب وفي كل واحد منها قدر ماعفي عنه من الدم، صحت صلاته. وإن زاد المجموع عن النصاب. وكذا البدن والثوب متعددان، لا يضم أحدهما إلى الآخر. أما الثوب الواحد فيضم متفرقاته، ليبلغ النصاب. ولو كانت في ظاهره و باطنه، فان نفذت، فواحدة، وإلا تعددتا. قال طاب ثراه: وقيل: يطرحهما ويصلي عريانا. أقول: إذا كان مع المصلي ثوبان ونجس أحدهما ثم اشتبه ولم يجد غيرهما ماذا يصنع؟ قيل فيه قولان: أحدهما: أنه ينزعهما ويصلي عريانا، نقله الشيخ في المبسوط عن بعض أصحابنا(١) ، واختاره ابن إدريس، واحتج بالاحتياط، ثم أورد أن الاحتياط في التكرير مع النسيان أولى، وأجاب: بوجوب اقتران ما يؤثر في وجوه الافعال بها، إذا الواجب عليه عند إيقاع كل فريضة أن يقطع بطهارة ثوبه، وهو منتف عند إفتتاح كل صلاة هنا، ولا يجوز أن يقف الصلاة على ما يظهر بعد، وكون الصلاة واجبة،

____________________

(١) المبسوط: ج ١، ص ٩١، س ١، كتاب الصلاة، فصل في حكم الثوب والبدن والارض إذا أصابته نجاسة وكيفية تطهيره.

٢٤٠