المهذب البارع في شرح المختصر النافع الجزء ١

المهذب البارع في شرح المختصر النافع0%

المهذب البارع في شرح المختصر النافع مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 568

المهذب البارع في شرح المختصر النافع

مؤلف: العلامة جمال الدين ابي العباس احمد بن محمد بن فهد الحلي
تصنيف:

الصفحات: 568
المشاهدات: 87723
تحميل: 5152


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 568 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 87723 / تحميل: 5152
الحجم الحجم الحجم
المهذب البارع في شرح المختصر النافع

المهذب البارع في شرح المختصر النافع الجزء 1

مؤلف:
العربية

(الف): الوجوب إذا كان تأخره من جهة مالكه، بأن يكون على ملى باذل، اختاره الشيخان(١) . والمستند عموم قولهعليه‌السلام : هاتوا ربع عشر أموالكم(٢) ورواية درست عن الصادقعليه‌السلام : ليس في الدين زكاة، إلا أن يكون صاحب الدين هو الذي يؤخره، فاذا كان لا يقدر على أخذه فليس عليه زكاة حتى يقبضه(٣) .

(ب): عدمه، اختاره ابن إدريس(٤) ، والمصنف(٥) ، والعلامة(٦) ، لعدم الملك، ولعدم الانتفاع، ولرواية اسحاق بن عمار قال: قلت لابي إبراهيمعليه‌السلام : الدين عليه زكاة؟ قال: لا، حتى يقبضه، قلت: فاذا قبضه عليه زكاة؟ قال: لا، حتى يحول عليه الحول(٧) .

____________________

(١) اى المفيد في القنعة: ص ٣٩، باب زكاة مال الغائب والدين والقرض، س ١٦، قال: " ولا زكاة في الدين الا ان يكون تأخيره من جهة مالكه ". انتهى والطوسى في الجمل والعقود: ص ٥١، س ١، فصل في ذكر مال الدين قال س٣:" أن يكون تأخيره من جهة صاحبه فهذا يلزمه زكاته والآخرة ". انتهى

(٢) عوالى اللئالى: ج ٣، ص ١١٥، باب الزكاة، الحديث ١١، وفيه: هاتوا ربع عشرا أموالكم.

وفي سنن الدار قطنى: ج ٢، ص ٩٢، باب وجوب الزكاة الذهب والفضة والماشية والثمار والحبوب، لحديث ٣.

(٣) التهذيب: ج ٤، ص ٣٢، باب ٩، زكاة مال الغائب والدين والقرض، الحديث ٥.

(٤) السرائر: ص ٩٨، كتاب الزكاة، س ٣٦، قال: " ولا زكاة في الدين إلا أن يكون تأخر قبضه من جهة مالكه ".

(٥) الشرايع: ج ١، ص ١٤٢، كتاب الزكاة، النظر الاول فيمن تجب عليه، قال: " ولا الدين حتى يقبضه ".

(٦) المختلف: ص ١٧٤، كتاب الزكاة، ص ١٤، قال: " والاقرب انه لا زكاة على المالك وتجب على المديون ".

(٧) التهذيب: ج ٤، ص ٣٤، باب ٩، زكاة مال الغائب والدين والقرض، الحديث ١١، مع اختلاف يسير في العبارة.

٥٠١

وفي مال التجارة قولان، أصحهما الاستحباب. وفي الخيل الاناث، ولا تستحب في غير ذلك، كالبغال والحمير والرقيق، ولنذكر ما يختص كل جنس إن شاء الله.

قال طاب ثراه: وفي مال التجارة قولان: أصحهما الاستحباب.

أقول: جمهور الاصحاب على استحباب زكاة التجارة لاصالة البراء‌ة. ولانهعليه‌السلام أوجبها في تسعة أشياء وعفى عما سواها(١) وهو يعم التجارة وغيرها، قال زرارة: كنت قاعدا عند أبي جعفرعليه‌السلام وليس عنده غير ابنه جعفر، فقال يا زرارة: إن أباذر وعثمان تنازعا على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (٢) كل مال من ذهب أو فضة يدار ويعمل به ويتجربه، ففيه الزكاة إذا حال عليه الحول؟ فقال أبوذر: أما ما اتجر به أو دير أو عمل به فليس فيه زكاة، انما الزكاة فيه إذا كان ركازا أو كنزا موضوعا فاذا حال عليه الحول فعليه الزكاة، فاختصما في ذلك إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: القول ما قال أبوذر(٣) .

وقال الفقيهان: بالوجوب(٤) ولعل تمسكهما بعموم الامر، وبرواية أبي الربيع الشامي عن الصادقعليه‌السلام : في رجل اشترى متاعا فكسد عليه متاعه وقد كان زكى ماله قبل أن يشترى به، هل عليه زكاة؟ أو حتى يبيعه؟ قال: إن أمسكه لالتماس الفضل على رأس ماله فعليه الزكاة(٥) وحملت على الاستحباب جمعا بين الادلة.

____________________

(١) التهذيب: ج ٤، ص ٢، باب ١، ما تجب فيه الزكاة، فلاحظ.

(٢) في نسخة (ج) فقال عثمان كل مال إلى آخره.

(٣) التهذيب: ج ٤، ص ٧٠، با ب ٢٠، حكم امتعة التجارات في الزكاة، الحديث ٨.

(٤) المقنع: ابواب الزكاة، ص ٥٢، باب ١٦، زكاة المال اذا كان في تجارة، قال: " إذا كان مالك في تجارة وطلب منك المتاع برأس مالك " إلى ان قال: " فعليك زكاته اذا حال عليه الحول ". وفي الفقه: ج ٢، ص ١١، بعين تلك الالفاظ.

(٥) التهذيب: ج ٤، ص ٦٨، باب ٢٠، حكم أمتعة التجارات في الزكاة، الحديث ١.

٥٠٢

في زكاة الانعام والنظر في الشرائط واللواحق

والشرائط أربعة:

الاول: في النصب. وهي في الابل اثنا عشر نصابا: خمسة كل واحد خمس، وفي كل واحد شاة، فإذا بلغت ستا وعشرين ففيها بنت مخاض، فذا بلغت ستا وثلاثين ففيها بنت لبون، فاذا بلغت ستا وأربعين ففيها حقة، فإذا بلغت احدى وستين ففيها جذعة، فإذا بلغت ستا وسبعين ففيها بنتالبون، فذا بلغت احدى وتسعين ففيها حقتان. ثم ليس في الزائد شئ حتى يبلغ ماء‌ة احدى وعشرين، ففي كل خمسين حقة، وفي كل أربعين بنت لبون دائما. وفى البقر نصابان: ثلاثون، وفيها تبيع أو تبيعة. وأربعون، وفيهامسنة.

وفي الغنم خمسة نصب: أربعون، وفيها شاة، ثم مائة واحدى وعشرون، وفيها شاتان، ثم مائتان وواحدة ففيها ثلاث شياه. فاذا بلغت ثلاثمائة وواحدة فروايتان، أشهرهما أن فيها أربع شياه حتى تبلغ أربعمائة فصاعدا، ففي كل مائة شاة وما نقص فعفو.

قال طاب ثراه: فاذا بلغت ثلاثمائة وواحدة فروايتان، أشهرهما أن فيها أربع شياه حتى تبلغ أربعمائة فصاعدا، ففي كل ماء‌ة شاة.

أقول: إعلم أن الغنم إذا بلغت مأتين وواحدة، وهو النصاب الثالث، كان فيها ثلاث شياة إجماعا فإذا بلغت ثلاثمائة وواحدة، وهو النصاب الرابع، هل يتغير

٥٠٣

وتحب الفريضة في كل واحد من النصب، ولا يتعلق ما زاد، وقد جرت العادة بتسمية مالا يتعلق به الزكاة من الابل شنقا، ومن البقر وقصا، ومن الغنم عفوا.

الشرط الثاني: السوم، فلا تجب في المعلوفة ولو في بعض الحول.

الثالث: الحول، وهو اثنا عشر هلالا، وإن لم يكمل أيامه، وليس حول الامهات حول السخال، بل يعتبر فيها الحول كما في الامهات. ولو تم ما نقص عن النصاب في أثناء الحول استأنف حوله من حين تمامه. ولو ملك مالا آخر كان له حول بانفراده. ولو ثلم النصاب قبل الحول سقط الوجوب، وان قصد الفرار - ولو كان بعد الحول - لم يسقط.

الرابع: ألا تكون عوامل. الفرض، ويجب فيها أربع شياه؟ أو يجب الثلاث خاصة ويكون قدسقط الاعتبار حينئذ، ويؤخذ من كل مائة شاة بالغا ما بلغ؟ فيه مذهبان فالاول: مذهب الشيخ(١) ، وأبي علي(٢) ، والقاضي(٣) ، والتقى(٤) ، والمفيد

____________________

(١) النهاية: ص ١٨١، كتاب الزكاة، باب المقادير التى تجب فيها الزكاة وكمية ما تجب، س ١٣، قال: " فاذا بلغت ذلك (اى ثلاثماء‌ة) وزادت واحدة كان فيها اربع شياه ".

(٢) المختلف: ص ١٧٧، في زكاة الانعام، س ٢٦، قال: " والذى اختاره الشيخ هو مذهب ابي على بن الجنيد ".

(٣) المهذب: ج ١، ص ١٦٤، باب زكاة الغنم، س ٩، قال: " حتى تبلغ ثلاثمائة وواحدة، فيكون فيها أربع شياة ".

(٤) الكافي في الفقه: ص ١٦٧، في ذكر ما يجب فيه الزكاة وأحكامها، س ١٩، قال: " فإذا زادت عليها (اى ثلاثماء‌ة) واحدة ففيها أربع شياه ".

٥٠٤

في المقنعة(١) ، والمصنف(٢) ، والعلامة(٣) ، وإنما يسقط الاعتبار عند بلوغها أربعمائة فالنصب عندهم خمسة.

____________________

(١) المقنعة: ص ٣٩، باب زكاة الغنم، س ١١، قال: " فاذا بلغت ذلك (ثلاثمائة) تركت هذه العبرة واخرج من كل مائة شاة " ولا يخفى انه موافق للمهذهب الثاني كما هو واضح.

(٢) الشرايع: ج ١، ص ١٤٣، كتاب الزكاة، النظر الثاني في بيان ما تجب فيه القول في شرائط زكاة الانعام قال: " ثم ثلاثماء‌ة وواحدة إلى ان قال: وقيل بل تجب اربع شياه وهو الاشهر ".

(٣) الختلف: ص ١٧٧، في زكاة الانعام، س ٢٨، قال: " والمعتمد اختيار الشيخ ".

٥٠٥

الثالة: إذا كانت النعم مراضا لم يكلف صحيحة. ويجوز أن يدفع من غير غنم البلد ولو كانت أدون.

الرابعة: لا يجمع بين متفرق في الملك، ولا يفرق بين مجتمع فيه، ولا اعتبار بالخطة.

والثاني: مذهب الصدوقين(١) ، والسيد(٢) ، والحسن(٣) ، وابن حمزة(٤) ، وسلار(٥) ، وابن إدريس(٦) .

احتج الاول بالاحتياط، وبرواية زرارة ومحمد بن مسلم وبريد وأبي بصير والفضيل عنهماعليهما‌السلام ، ثم ليس فيها شئ أكثر من ذلك حتى تبلغ ثلاثمائة ففيها مثل ذلك ثلاث شياة فإذا زادت واحدة ففيها أربع شياة حتى تبلغ أربعمائة، فإذا بلغت أربعمائة كان على كل مائه شاة وسقط الامر الاول(٧) .

احتج الآخرون بأصالة البراء‌ة. وبقوله تعالى: (ولا يسئلكم أموالكم)(٨) .

____________________

(١) المقنع: ص ٥٠، باب ٦، زكاة الغنم، س ١٠، قال: " فذا زادت واحده ففيها ثلاث شياه إلى ثلاثماء‌ة، فذا كثر الغنم يخرج من كل ماء‌ة شاة ". وفي الفقه: ج ٢، ص ١٤، كذلك بعين العبارة.

(٢) جمل العلم والعمل: ص ١٢٣، فصل في زكاة الغنم، قال: " فذا زادت واحدة ففيها شاتان إلى ثلاثماء‌ة، فان كثرت" إلى آخره.

(٣ و ٤) المختلف: ص ١٧٧، في زكاة الانعام، س ٢٧، قال: " ومذهب السيد المرتضى هو اختيار ابن أبى عقيل وابن حمزة ".

(٥) المراسم: كتاب الزكاة، ص ١٢٩، س ٦، قال: " وفي الغنم أربعة نصب أولها أربعون إلى أن قال: " إلى ثلاثماء‌ة وواحدة ".

(٦) السرائر: ص ١٠٠، فصل في الاصناف التى تجب فيها الزكاة على الجملة، س ٣٣، قال: " فذا زادت على ذلك (اى ثلاثمائة) اسقط هذا الاعتبار واخرج من كل مائة شاة بالغا ما بلغت الغنم ".

(٧) الكافي ج ٣، ص ٥٣٤، باب صدقة الغنم، قطعة من حديث ١، مع اختلاف يسير في العبارة.

(٨) سورة محمد: الآية ٣٦.

٥٠٦

وبرواية محمد بن قيس، عن الصادقعليه‌السلام قال: ليس فيما دون الاربعين من الغنم شئ فاذا كانت أربعين ففيها شاة إلى عشرين ومائة، فاذا زادت واحدة ففيها شاتان إلى المائتين، فإذا زادت واحدة ففيها ثلاث من الغنم إلى ثلاثمائة، فاذا كثرت الغنم ففي كل مائة شاة(١) .

وأجاب الاولون: بمعارضة البراء‌ة بالاحتياط، وعدم دلالة الآية على المطلوب، ومحمد بن قيس مجهول، مع قبول روايته للتأويل، لجواز حمل الزيادة على بلوغ الاربعمائة جمعا بين الادلة.

فوائد

(الف): على القول الاول يكون لزيادة الغنم على المائتين وواحدة، إلى ثلاثمائة وواحدة فائدة، وهو وجوب الرابعة وصيرورتها نصابا رابعا، وعلى الثاني لا يكون لزيادة الغنم على النصاب الثالث فائدة في زيادة الفرض، بل في تسميته نصابا رابعا.

(ب): نصب الغنم خمسة على الاول وأربعة على الثاني. وتظهر فائدته فيما لو نذر أن يتصدق عن كل نصاب يملكه بدرهم، وجب عليه خمسة على الاول وأربعة على الثاني.

(ج): الواحدة الزائدة على الثلاثمائة لها مدخل في الوجوب، وهي جزء من محل الفرض على الاول دون الثاني فعلى هذا لو تلف منه شاة بعد الحول وقبل إمكان الاداء بسطت الشاة التالفة على مجموع النصاب، فيقسم على ثلاثمائة وواحدة، فيكون الساقط عنه أربعة أجزاء، لان كل شاة ينتقص كان جزء، فيبقى الواجب عليه ثلاث شياه ومائتا جزء وسبعة وتسعون جزء من ثلاثمائة جزء، وجزء من مجموع شاة على الاول، وعلى الثاني لا يسقط من الفريضة شئ، لان الواحدة شرط في تعيين الفرض، وليست جزء من محل الوجوب، لتصريح الرواية بأن في كل مائة

____________________

(١) التهذيب: ج ٤، ص ٢٥، باب ٧، زكاة الغنم، الحديث ٢.

٥٠٧

شاة فلم يتعلق الواجب بشئ من الزائد. وفي الرواية الاولى تعلق الفرض بالجميع. والضابط: إن التالف متى كان زائدا عن محل الواجب لا يسقط بتلفه شئ من الفريضة، وان كان التالف من محل الفرض، قسط التالف على مجموع النصاب وأخذ الفرض الواجب ناقصا بقسطه من التالف المبسوط. وإن شئت فاسقط من الواجب بقدر ما تلف من النصاب، مثلا إذا كان التالف نصف النصاب، بقى عليه نصف الواجب. وإن كان التالف ربعه، سقط ربعه، مثلا إذا كان عنده أربعون وتلف منها عشرة، يلزمه ثلاثة أرباع شاة ويسقط عنه ربع، وإن تلف عشرون لزمه نصف شاة، وإن تلفت واحدة سقط عنه ربع عشر الواجب، ولو تلف الكل سقطت الشاة الواجبة. وعلى الاول لو كان التالف شاة واحدة، بقى الواجب عليه شاة إلا جزء من أربعين جزء من شاة، وإذاتلف واحدة من ثلاثمائة وواحدة، كما إن الواجب عليه أربع شياة، يسقط عنه أربعة أجزاء. ولو تلف عشر شياة، سقط عنه أربعون جزء من ثلاثمائة جزء وجزء فيبقى عليه ماء‌تا جزء واحد وستون جزء من ثلاثمائة جزء وجزء. فقد ظهر لك مما ذكرنا معنى قول المصنف في شرايعه، وتظهر الفائدة في الوجوب وفي الضمان(١) فهذا معنى الضمان، وأما في الوجوب فظاهر، لان على الاول يجب أربع، وعلى الثاني ثلاث. وذكرنا فائدة ثالثة بالنسبة إلى تعدد النصب في النذر.

(د): لو كان عنده أربعمائة فتلفت واحدة، سقط عنه أربعة أجزاء، لان محل الفرض الجميع. ولو كان عنده ثلاثمائة وتسعة وتسعون، لم يسقط بتلف ما زاد على ثلاثمائة وواحدة شئ، لان الزائد عليها ليس محل الفرض، فلا يسقط بتلفه شئ.

____________________

(١) الشرايع: ج ١، ص ١٤٣، القول في شرائط وجوب زكاة الانعام، في بيان ما يجب فيه، قال: " وتظهر الفائدة في الوجوب وفي الضمان ".

٥٠٨

في زكاة الذهب والفضة

ويشترط في الوجوب النصاب، والحول، وكونهما منقوشين بسكة المعاملة. وفي قدر النصاب الاول من الذهب روايتان، أشهر هما عشرون دينار، ففيها عشرة قرايط، ثم كلما زاد أربعة ففيها قير اطان. وليس فيما نقص عن أربعة زكاة. ونصاب الفضة الاول مائتا درهم، ففيها خمسة دراهم، ثم كلما زاد أربعون ففيها درهم، وليس فيما نقص عن أربعين زكاة والدرهم ستة دوانيق، والدانق ثماني حبات من الشعير يكون قدر العشرة سبعة مشاقيل. ولا زكاة في السبائك، ولا في الحلي وزكاته إعارته. ولو قصد بالسبك الفرار قبل الحول لم تجب الزكاة، ولو كان بعد الحول لم تسقط. ومن خلف لعياله نفقة قدر النصاب فزائدا، لمدة وحال عليها الحول وجبت عليه زكاتها لو كان شاهدا، ولم تجب لو كان غائبا. ولا يجبر الجنس الآخر.

قال طاب ثراه: وفي قدر النصاب الاول من الذهب روايتان، أشهرهما عشرون د ففيها عشرة قراريط.

أقول: هذا هو المشهور عند أصحابنا، وقال الفقيه: (ليس فيه شئ حتى يبلغ أربعين مثقالا، ففيه مثقال)(١) .

احتج الاولون: بعموم الامر بإيتاء الزكاة في الآية، وفي قولهعليه‌السلام : هاتوا ربع عشر أموالكم(٢) .

____________________

(١) المختلف: ص ١٧٨، في باقي الاصناف، س ٦، قال: " وقال الشيخ علي بن بابويه: ليس فيه شئ حتى يبلغ أربعين مثقالا، وفيه مثقال ".

(٢) عوالي اللئالى: ج ٣، ص ١١٥، باب الزكاة، الحديث ١١.

وفي سنن الدارقطني: ج ٢، ص ٩٢، باب وجوب زكاة الذهب والفضة والماشية والثمار والحبوب، الحديث ٣، نحوه.

٥٠٩

في زكاة الغلات

لا تجب الزكاة في شئ من الغلات الاربع حتى تبلغ نصابا. وهو خمسة أوسق وكل وسق ستون صاعا، يكون بالعراقي ألفين وسبعمائة رطل. ولا تقدير فيما زاد، بل تجب فيه وإن قل. ويتعلق به الزكاة عند التسمية حنطة أو شعيرا أو زبيبا أو تمرا، وقيل: إذا احمر ثمر النخل أو اصفر، أو انعنقد الحصرم، ووقت الاخراج إذا صفت الغلة، وجمعت الثمرة، ولا تجب في الغلات إلا إذا نمت في الملك. ولا ما يبتاع حبا، أو يستوهب، وما يسقي سيحا أو بعلا أو عذيا ففيه العشر، وبرواية يحيى بن أبي العلاء، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: في عشرين دينارا نصف مثقال(١) .

احتج الفقيه، بأصالة البراء‌ة، وبما رواه محمد بن مسلم، وأبوبصير، وبريد والفضيل، عنهماعليهما‌السلام قالا: في الذهب في كل أربعين مثقالا، وليس في أقل من أربعين مثقالا شئ(٢) .

قال طاب ثراه: ويتعلق به الزكاة عند تسميته حنطة أو شعيرا أو تمرا أو زبيبا.

وقيل: إذا احمر ثمر النخل أو اصفر أو انعقد الحصرم، ووقت الاخراج إذاصفت الغلة وجمعت الثمرة.

أقول: اختلف الاصحاب في وقت تعلق الوجوب بالغلات على قولين.

____________________

(١) التهذيب: ج ٤، ص ٦، باب ٢، زكاة الذهب، الحديث ٢، وفيه (نصف دينار) بدل نصف مثقال.

(٢) التهذيب: ج ٤، ص ١١، باب ٢، زكاة الذهب، الحديث ١٧.

٥١٠

وما يسقى بالنواضح والدوالي ففيه نصف العشر. ولو اجتمع الامران حكم للاغلب، ولو تساويا اخذ من نصفه العشر، ومن نصفه نصف العشر، والزكاة بعد المؤونة.

أحدهما: انه وقت تسميته حنطة أو شعيرا أو تمرا أو زبيبا، وهو قول المصنف(١) ، وفاقا لابي علي(٢) والثاني: عند احمرار الثمرة أو اصفرارها أواشتداد الحب وانعقاد الحصرم، وهو الذي عليه الاصحاب.

إحتج المصنف بأصالة براء‌ة الذمة من الوجوب إلا مع تحقق السبب، ولا يقين قبل كونه تمرا، لتعلق الوجوب بما يسمى تمرا، لا بما يسمى بسرا.

إحتج الباقون: بعموم قولهعليه‌السلام : فيما سقت السماء العشر(٣) . ولان اللغة نصوا على أن البسر نوع من التمر، ومن أوجب في الثمرة أوجبها في الحب. وتظهر الفائدة في مسائل.

(الف): لو مات بعد بدو الصلاح وعليه دين مستغرق، فلا زكاة على الاول، و يجب على الثاني، ويقسط التركة على الدين والزكاة لتساويهما، وقيل: بل يقدم الزكاة لتعلقها بالعين قبل تعلق الدين بها، ولقولهعليه‌السلام : (لدين الله أحق أن يقضى)(٤) .

____________________

(١) الشرايع: ج ١، ص ١٥٣، القول في زكاة الغلات، قال: " والحد الذي تتعلق به الزكاة من الاجناس ان يسمى حنطة أو شعيرا أو تمرا أو تبيبا ".

(٢) المختلف: ص ٧، في باقى الاصناف، س ٣٠، قال: " واختاره ابن الجنيد " أقول: " اي عند التسمية ".

(٣) التهذيب:ج ٤، ص ١٧، باب ٤، باب زكاة الحنطة والشعير والتمر والزبيب، الحديث ٩، ولفظه: " العشرفيما سقت السماء ".

(٤) مسند احمد بن حنبل: ج ١، ص ٢٢٤ و ٢٢٧ و ٢٥٨. وفي صحيح مسلم: ج ٢، كتاب الصيام، باب ٢٧، قضاء الصيام عن الميت، حديث ١٥٥.

٥١١

الثاني فيما تستحب فيه الزكاة

يشترط في مال التجارة الحول، وأن يطلب برأس المال أو الزيادة في الحول كله، وأن يكون قيمته نصابا فصاعدا، فيخرج الزكاة حينئذ عن قيمته دارهم أو دنانير. ويشترط في الخيل حؤول الحول، والسوم، وكونها اناثا، فيخرج عن العتيق ديناران وعن البرذون دينار. وما يخرج من الارض مما تستحب فيه الزكاة، حكمه حكم الاجناس الاربعة في اعتبار السقي وقد ر النصب وكمية الواجب.

(ب): لو نقلها إلى غيره ببيع أو هبة بعد الاحمرار، فالزكاة على المنقول إليه على الاول وعلى الناقل على الثاني.

(ج): لو أكلها أو أتلفها ضمن على الثاني دون الاول، كما لو أكل السائمة قبل الحول. واعلم: أن للغلات خواص لا يشاركها فيها غيرها من النصب الزكاتية.

(الف): وحدة النصاب والعفو، بخلاف باقي النصب فانها متعددة.

(ب): عدم تكرار الزكاة فيها بتكرر الاحوال، بخلاف غيرها، فانها تتعدد الاحوال

(ج): عدم اعتبار الحول فيه، بخلاف باقي النصب الواجبة.

(د): خصوص ملكيتها، بان تملك بالزراعة لا بغيرها من ساير أنواع التمليكات، بخلاف الباقي.

فرع

عامل المزارعة تجب في نصيبه إذا بلغ نصابا، وقال ابن زهرة: لا يجب، لانه يأخذها اجرة(١) .

____________________

(١) المختلف: ص ٢٧٩، في باقي الاصناف، س ٢٨، قال: " مسألة، قال السيد ابن زهرة: لا زكاة على العامل في المزرعة والمساقاة، لان الحصة التي يأخذها كالاجرة من عمله ".

انتهى

٥١٢

الثالث: في وقت الوجوب

إذا أهل الثاني عشر وجبت الزكاة وتعتبر شرائط الوجوب فيه كله، وعند الوجوب يتعين دفع الواجب.

ولا يجوز تأخيره ألا لعذر كانتظار المستحق وشبهه، وقيل: إذا عزلها جاز تأخيرها شهرا أو شهرين، والاشبه: إن جواز التأخير مشروط بالعذر، فلا يتقدر بغير زواله، ولو أخر مع أمكان التسليم ضمن. وكذا لو كان البذر من العامل فلا زكاة على رب الارض، وهو ضعيف. هذا إذا كانت المزارعة صحيحة، ولو كانت فاسدة وكان ما وصل إليه بقدر أجرة المثل، لم تجب الزكاة، وإن كان أكثر مما يستحق وكان المالك عالما بفساد العقد وأن الواصل أكثر مما يستحق، فان علم أن المالك لا يخرج الزكاة عن الزائد قطعا، وجب عليه إخراج الزكاة الفاضل عن المستحق من اجرة المثل.

(ه‍): إن له حالات ثلاثة.

(الف): حالة وجوب واخراج، ضمان. وعند تصفية الغلة وجداد الثمرة، بالجيم المفتوحة والدالين المهملتين، ووجود المستحق.

(ب): حالة وجوب واخراج، ولا ضمان. وهو عند التصفية مع فقد المستحق.

(ج): حالة وجوب ولا إخراج ولا ضمان، وهو عند بدو الصلاح خاصة، نعم يجوز الاخراج حينئذ، فيجوز إخراجه بسرا، بل يجوز أن يقاسم مع الفقراء أو الساعي على رؤوس النخل، ولا يجوز له التصرف إلا مع الخرص، ليعرف قدر ما يتلف من الثمرة ليحسب عليه.

قال طاب ثراه: ولا يجوز تأخيره إلا لعذر، كانتظار المستحق وشبهه، وقيل: إذا عزلها جاز تأخيرها شهرا أو شهرين، والاشبه: ان جواز التأخير مشروط بالعذر فلا

٥١٣

يتقدر بغير زواله.

أقول: قال الشيخ في النهاية: وإذا عزل ما يجب عليه، فلا بأس ان يفرقه ما بينه وبين شهر وشهرين، ولا يجعل ذلك أكثر منه، وما روي عنهمعليهم‌السلام من جواز تقديم الزكاة وتأخيرها، فالوجه أن ما يقدم يجعل قرضا، وما يؤخر فلانتظار المستحق فأما مع وجوده فالافضل إخراجها على البدار(١) .

وكذا قال المفيد في المقنعة(٢) . لان في ذلك إرفاقا بالفقراء في بسطه عليهم. والباقون على المنع إلا مع العذر، فلا يتقدر التأخير بوقت، بل يكون موقوفا على زوال العذر، لان مع زوال يكون مأمورا بالتسليم، والمستحق مطالب، فلا يجوز التأخير.

وقال المفيد: الاصل في إخراج الزكاة عند حلول وقتها دون تقديمها عليه، و تأخيرها عنه كالصلاة، وقد جاء عن الصادقينعليهم‌السلام رخص في تقديمها بشهرين قبل محلها وتأخيرها بشهرين عنه، وجاء ثلاثة أشهر أيضا، وأربعة عند الحاجة إلى ذلك وما يعرض من الاسباب. والذي أعمل عليه هو الاصل المستفيض عن آل محمدعليهم‌السلام من لزوم الوقت(٣) . واختاره الشيخ(٤) ، المرتضى(٥) .

____________________

(١) إلى هنا كلام الشيخ في النهاية: ص ١٨٣، باب الوقت الذى تجب فيه الزكاة، س ١٥.

(٢) المقنعة: ص ٣٩، باب تعجيل الزكاة وتأخيره، س ٢١.

(٣) من قوله: " وقال المفيد إلى هنا " كلامه في المقنعة، لاحظ ص ٣٩، س ٢١.

(٤) النهاية: ص ١٨٢، باب الوقت الذي تجب فيها الزكاة، س ١٨، قال: " واما الحنطة والشعير والتمر والزبيب فوقت الزكاة فيها حين حصولها " إلى ان قال بعد اسطر، ص ١٨٣، س ١٥، " واذاعزل ما يجب عليه من الزكاة فلا بأس ان يفرقه بأس الن يفرقه من بين شهر وشهرين ".

(٥) جمل العلم والعمل: فصل في تعجيل الزكاة، ص ١٢٤، قال: " الواجب اخراج الزكاة في وقت وجوبها " إلى ان قال: " وقد روى جواز التقديم بشهرين أو ثلاثة والاول أثبت ".

٥١٤

والمصنف(١) ، والعلامة(٢) .

احتج الاولون: بما رواه حماد بن عيسى، عن رجل، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: لا بأس بتعجيل الزكاة بشهرين وتأخيرها بشهرين(٣) . وفي صحيحة معاوية عمار عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: قلت له: الرجل تحل عليه الزكاة في شهر رمضان فيؤخرهها إلى المحرم؟ قال: لا بأس قلت: فانها لا تحل عليه إلا في المحرم فيعجلها في شهر رمضان؟ قال: لا بأس(٤) .

وروى يونس بن يعقوب عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: إذا حال الحول فأخرجها من مالك، ولا تخلطها بشئ واعطها كيف شئت(٥) .

وعن أبي بصير عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: سألته عن الرجل يعجل زكاته قبل المحل؟ فقال: اذا مضت خمسة أشهر فلا باس(٦) .

____________________

(١) الشرايع: ج ١، ص ١٦٧، القول في وقت التسليم، قال: " ولا يجوز التأخير إلا لمانع أو لانتظار من له قبضها، وإذا عزلها جاز تأخيرها إلى شهر أوشهرين ".

(٢) المختلف: ص ١٨٨، س ١٥، في كيفية الاخراج، ص ١٧، قال بعد نقل الاختلاف في جواز التقديم أو التأخير، مالفظه: " لنا انه عبادة موقتة فلا يجوز فعلها قبل وقتها ".

(٣) التهذيب: ج ٤، ص ٤٤، باب ١١، تعجيل الزكاة، وتأخيرها عما تجب فيه من الاوقات، الحديث ٥، وسند الحديث كما في التهذيب هكذا: (سعد بن عبدالله، عن محمد بن الحسين، عن جعفر بن محمد بن يونس، عن حماد بن عثمان، عن أبي عبداللهعليه‌السلام .

(٤) التهذيب: ج ٤، ص ٤٤، باب ١١، تعجيل الزكاة وتأخيرها عما تجب فيه من الاوقات، الحديث ٣، مع اختلاف يسير.

(٥) التهذيب: ج ٤، ص ٤٥، باب ١١، تعجيل الزكاة وتأخيرها عما تجب فيه من الاوقات قطعة من حديث ١٠.

(٦) التهذيب: ج ٤، ص ٤٤، باب ١١، تعجيل الزكاة وتأخيرها عما تجب فيه من الاوقات الحديث ٦.

وفيه (اذا مضت ثمانية أشهر) وفي الحاشية منه: " اذا مصت خمسة أشهر " نسخة بدل.

٥١٥

ولا يجوز تقديمها قبل وقت الوجوب على أشهر الروايتين، ويجوز دفعها إلى المستحق قرضا واحتساب ذلك عليه من الزكاة ان تحقق الوجوب و بقي القابض على صفة الاستحقاق. ولو تغير حال المستحق اسأنف المالك الاخراج. ولو عدم المتسحق في بلده، نقلها، ولم يضمن لو تلفت، و يضمن لو نقلها مع وجوده. والنية معتبرة في إخراجها وعزلها وحملت في التقديم على القرض، وفي التأخير عل العذر، كانتظار المستحق.

احتج المانعون: بانها عبادة موقتة فلا يجوز تأخيرها، وبأن التقديم غير جائز وكذا التأخير لعدم القائل بالفرق. ودل على الاول ما رواه زرارة في الصحيح قال: قلت لابي جعفرعليه‌السلام : أيزكى الرجل ماله إذا مضى ثلث السنة؟ قال: لا، أتصلى للاولى قبل الزوال؟(١) . والاقرب: جواز التأخير للبسط، لكنه ليس بعذر في إسقاط الضمان.

قال طاب ثراه: ولا يجوز تقديمها قبل وقت الوجوب على أشهر الروايتين.

أقول: المشهور عند أصحابنا عدم الجواز، وهو مختار الثلاثة(٢) ، والتقي(٣) وأبي علي(٤) .

____________________

(١) التهذيب: ج ٤، ص ٤٣، باب ١١، تعجيل الزكاة وتأخيرها عما تجب فيه من الاوقات الحديث ٢.

وفيه: الاولى.

(٢) اى الشيخ المفيد في المقنعة: ص ٣٩، باب تعجيل الزكاة وتأخيرها، س ٢٢، قال: " والاصل في اخراج الزكاة عندحلول وقتها دون تقديمها عليه أو تأخيرها عنه. والشيخ الطوسي في النهاية: ص ١٨٣، باب الوقت الذى تجب فيه الزكاة س ٦، قال: " ولا يجوز تقديم الزكاة قبل حلول وقتها السيد المرتضى في جمل العلم والعمل: ص ١٢٤، فصل في تعجيل الزكاة قال: " الواجب اخراج الزكاة في وقت وجوبها ".

(٣) الكافي في الفقه: ص ١٧٣، فصل في جهة هذه الحقوق، س ١٣، قال: " ويجوز اخراج الزكاة والفطرة قبل دخول وقتها على جهة القرض ".

(٤) المختلف: ص ١٨٨، في تقديم الزكاة، س ١١، قال: " وقال ابن الجنيد: ولا يؤدي الرجل زكاة ماله إلا بعد وجوبها عليه ".

٥١٦

وقال سلار: بجواز التعجيل(١) ، وبه قال الحسن(٢) . وقال الشيخ في الخلاف(٣) ، والمبسوط(٤) : إذا كان عنده أربعون شاة وعجل شاة، وحال الحول، جاز أن يحتسب بها، واستند الفريقان إلى الروايات، وقد تقدم الجميع في المقالة السابقة، وروى عمر بن يزيد عن أبي عبداللهعليه‌السلام قلت: الرجل عنده المال أيزكيه إذا مضى نصف السنة؟ قال: لا، ولكن حتى يحول عليه الحول انه ليس لاحد أن يصلى صلاة إلا لوقتها، وكذلك الزكاة، ولا يصوم شهر رمضان إلا في شهره إلا قضاء، فكل فريضة انما تؤدى إذاحلت(٥) . وأكثر الاصحاب على المنع، إلا على جهة القرض، وكذا الشيخرحمه‌الله حمل الروايات بجواز التقديم، على سبيل القرض، لا انه زكاة معجلة.

والتحقيق: إن الدفع قبل الحول لا يجوز إلا على جهة القرض، فاذا دفع المالك الفريضة إلى الفقير قبل الوقت بنية الزكاة لم يملكها وكانت باقية على ملك الدافع ما دامت عينها باقية، فلم ينثلم النصاب بذلك لبقائه تاما، فاذا حال الحول وجبت الزكاة، فإن اختار المالك بقائها في يده واحتسابها عليه من الزكاة، جاز إن بقى على الاستحقاق، ويجوز أخذها ودفع غيرها إليه أو إلى غيره، لانه لم يملك بالدفع

____________________

(١) المراسم: كتاب الزكاة، ص ١٢٨، س ٩، قال: " وقد ورد الرسم بجواز تقديم الزكاة عند حضور المستحق ".

(٢) المختلف: ص ١٧، في تقديم الزكاة، س ١٠، قال: " وقال ابن ابي عقيل إلى ان قال: س ١١، و ان احب تعجيله قبل ذلك فلا بأس ".

(٣) الخلاف: ج ١، ص ٢٨٨، كتاب الزكاة مسألة ٥٤. وفيه: جازله.

(٤) المبسوط: ج ١، ص ٢٣١، كتاب الزكاة فصل في وقت وجوب الزكاة وتقديمها قبل وجوبها او تأخيرها، س ١٨.

(٥) التهذيب: ج ٤، ص ٤٣، باب١١، تعجيل الزكاة وتأخيرها عما تجب فيه من الاوقات، الحديث ١.

وفيه: " عليه الحول وتحل عليه. ولا تصوم أحد ".

٥١٧

لفساده. وإن دفعها قرضا، انثلم النصاب على الاصح ولا زكاة. وقال في الخلاف: لو عجل شاة من أربعين وحال الحول، جاز أن يحتسب بها. ثم قال: دليلنا انه قد ثبت ان ما يعجله على وجه الدين، وما يكون كذلك فكأنه حاصل عنده، فجاز أن يحتسب به، لان المال ما نقص عن النصاب(١) . وهو مشكل، لان بالقرض ملكها المقترض، فخرجت عن ملك المقرض، لان الشئ الواحد لا يكون ملكا لاثنين في وقت واحد. نعم يتمشى ذلك على القول بأن القرض لا يملك بالقبض، بل بالتصرف، فيحتاج حينئذ إلى قيد، وهو كون عينها باقية عند الفقير إلى تمام الحول. وهذا لا يستقيم على تعليل الشيخ في باقي دليله، حيث قال: لان ما يقدمه على جهة الدين، والدين انما يطلق على ما يكون في الذمة، ومع بقاء عينها لا يكون دينا. ويجوز أن يريد: أنه دفعه على جهة الدين، أى دفعه مقترضا له أن يكون دينا، لا انه دفعه على جهة القرض، وحكمه جواز تصرف المقترض فيه فيصير دينا، فالدفع على جهة الدين، لا انه دين فلا يدل عبارته علثى أنه في وقت الاجتزاء به، في جريان الحول عليه أن يكون دينا، ولهذا قال: فكأنه حاصل عنده لان له انتزاعه حينئذ وان كره المقترض على القول بعدم الملك بالقبض. ولو تلفت عينها في يد الفقير وقد دفعت اليه على سبيل التعجيل، واختلت الشرايط، رجع المالك عليه بقيمتها إن أعلمه أنه زكاة معجلة، وإلا فلا. وأما على قول سلار بجواز التعجيل، فنقول: هنا مسائل.

(الف): لا ينثلم النصاب بها، باقية كانت عينها أو تالفة، لانها كالموجودة.

(ب): لا يفتقر إلى إعادة النية بعد الحول.

(ج): لا يجوز ارتجاعها من الفقير عند تمام الحول.

____________________

(١) الخلاف: ج ١، ص ٢٨٨، كتاب الزكاة، مسألة ٥٤، مع اختلاف يسير في العبارة

٥١٨

الرابع: في المستحق والنظر في الاصناف والاوصاف واللواحق

اما الاصناف فصمانية. الفقراء والمساكين، وقد اختلف في أيهما أسوء حالا، ولا ثمرة مهمة في تحقيقه، والضابط: من لا يملك مؤونة سنة له ولعياله ولا يمنع لو ملك الدار والخادم، وكذا من في يده ما يتعيش به ويعجز عن إستمناء الكفاية، ولو كان سبعمائة درهم، ويمنع من يستمنى الكفاية ولو ملك خمسين. وكذا يمنع ذوالصنعة إذا نهضت بحاجته، ولو دفعها لمالك بعد الاجتهاد فبان الآخذ غير مستحق ارتجعت، فان تعذر فلا ضمان على الدفع.

الركن الرابع(١) : في المستحق

قال طاب ثراه: الفقراء والمساكين، وقد اختلف في أيهما أسوء ولا ثمرة مهمة في تحقيقه، والضابط: من لا يملك مؤونة سنة له ولعياله.

أقول: الفقير والمسكين يندرجان تحت كلي، وهو من لا يملك مؤونه السنة له ولعياله الواجبي النفقة وما يحتاج إليه ولو في احتشامه، كعبد الخدمة، وفرس الركوب إذا كان من أهله وينفصل أحدهما عن الآخر، بأنه لا يملك ما يقع موقعا من حاجته، ويسمى أسوأهما حالا، والآخر أجود حالا.

____________________

(١) في بعض النسخ المخطوطة (الركن الثانى) وفي البعض الاخر (الركن الثالث) والصحيح ما اثبتناه كما في النسخة المطبوعة المصححة، فراجع.

٥١٩

والعاملون: وهم جباة الصدقة.

والمؤلفة: وهم الذين يستمالون إلى الجهاد بالاسهام في الصدقة وإن كانوا كفارا.

وفي الرقاب: وهم المكاتبون والعبيد الذين تحت الشدة، ومن وجب عليه كفارة ولم يجد ما يعتق. ولو لم يوجد مستحق جاز إبتياع العبد و يعتق.

والغارمون: وهم المدينون في غير معصية، دون من صرفه في المعصية.

فقيل: الاول هو الفقير لوجوه.

(الف): ان الفقير على وزن فعيل بمعنى مفعول كقتيل بمعنى مقتلول، وكسير بمعنى مكسور. وهو مأخوذ من الفقار، فكأنه انكسر فقاره، وهو خرزة ظهره لشدة حاجته، قال الجوهري: رجل فقير من المال(١) والمسكين بنى من السكون، كأن العجز أسكنه.

(ب): الابتداء بذكره في الآية(٢) ويدل على الاهتمام به، وذلك لشدة فاقته.

____________________

(١) ينبغي نقل كلامه برمته ففيه فوائد: قال الجواهري في الصحاح: ج ٢، ص ٧٨٢، في لغة (فقر) والفاقرة: الداهية: يقال: " فقرته الفاقرة، أى كسرت فقار ظهره " إلى أن قال: " ورجل فقير من المال " قال ابن السكيت: " الفقر الذى له بلغة من العيش، قال لراعي يمدح عبدالملك بن مروان ويشكو اليه سعاته ".

أما الفقير الذى كانت حلوبته

وفق العيال قلم يترك له سبد

قال: والمسكين الذى لا شئ له. وقال الصمعي: " المسكين أحسن خلا من الفقير ". وقال يونس: " الفقير أحسن خلا من المسكين. قال وقلت لاعرابي أفقير أنت؟ فقال: لا والله بل مسكين ".(٥) ماله سبد ولا لبد، اى قليل ولا كثير. الصحاح، ج ٢، ص ٨٣، في لغة (سبد).

(٢) قال تعالى: انما الصدقات للفقراء. سورة التوبة الآية ٦٠ "

٥٢٠