المهذب البارع في شرح المختصر النافع الجزء ٢

المهذب البارع في شرح المختصر النافع0%

المهذب البارع في شرح المختصر النافع مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 579

المهذب البارع في شرح المختصر النافع

مؤلف: العلامة جمال الدين ابي العباس احمد بن محمد بن فهد الحلي
تصنيف:

الصفحات: 579
المشاهدات: 106349
تحميل: 5480


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 579 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 106349 / تحميل: 5480
الحجم الحجم الحجم
المهذب البارع في شرح المختصر النافع

المهذب البارع في شرح المختصر النافع الجزء 2

مؤلف:
العربية

الرابع: الامر بالمعروف والنهى عن المنكر

ادريس(١) وابوعلي(٢) واختاره المصنف(٣) والعلامة(٤) وعليه الاكثر، وقال في المبسوط: ولو قلنا انه يصير حرا على كل حال كان قويا(٥) .

احتج الاولون بمامر(٦) بمارواه السكونى عن جعفر عن أبيه عن آبائهعليهم‌السلام ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حيث حاصر اهل الطائف، قال: أيما عبد خرج الينا قبل مولاه فهو حر، وأيما عبد خررج الينا بعد مولاه فهو عبد(٧) احتج الاخرون: بأن الاسلام يعلو ولا يعلى عليه(٨) فاذا أسلم صار حرا، والا لكان الاسلام يعلى عليه، ولانه قد يتعذر عليه الخروج إلينا، أو يتعسر فيسقط، دفعا لا شتراط المشق، ولما في ذلك من الترغيب له في الاسلام.وأجاب العلامة عن الاول، بأنه يباع من المسلمين إن لم يغنم(٩) .

مقدمة

المعروف هو كل فعل حسن اختص بوصف زائد على حسنه.والمنكر كل وصف قبيح.والامر هو الحمل على فعل الطاعات.والنهى الحمل على ترك المنهيات.

____________________

(١) السرائر: باب قسمة الغنيمة وأحكام الاسارى ص ١٥٧ س ٣٣ قال: وعبيد المشركين اذا لحقوا بالمسلمين قبل مواليهم واسلموا الخ.

(٢) و(٤) المختلف: في احكام الغنيمة ص ١٦٠ س ١ قال: وهو اختيار ابن الجنيد إلى أن قال: وهو الاقرب

(٣) لا حظ عبارة المختصر النافع.

(٥) المبسوط،: ج ٢ فصل حكم الحربي اذا أسلم في دار الحرب ص ٢٧ س ٧ قال: وإن قلنا الخ.

(٦) من الادلة النمقدمة.

(٧) التهذيب: ج ٦(٦٨) باب حكم عبيد اهل الشرك ص ١٥٢ الحديث ١.

(٨) الفقيه ج ٤(١٧١) باب ميراث أهل الملل ص ٢٤٣ الحديث ٣.

(٩) المختلف: في أحكام الغنيمة ص ١٦٠ ص ٦ قال: والجواب: انه يباع الخ.

٣٢١

وهما من أعظم فرائض الاسلام وأهمها في نظر الشرع.والقرآن مشحون بالحث عليهما.قال تعالى " ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر واولئك هم المفلحون "(١) وقال تعالى: " يؤمنون بالله واليوم الاخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون في الخيرات "(٢) فمدحهم على أمرهم ونهيهم كما مدحهم على إيمانهم، وقال تعالى: " كنتم خير امة اخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر "(٣) .وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لايزال الناس بخير ما أمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر، وتعاونوا على البر والتقوى، فاذا لم يفعلوا ذلك نزعت منهم البركات وسلط بعضهم على بعض ولم يكن لهم ناصر في الارض ولا في السماء(٤) وقالعليه‌السلام : من طلب مرضات الناس بما يسخط الله كان حامده من الناس ذاما، ومن آثر طاعة الله عزوجل بما يغضب الناس كفاه الله عزوجل عداوة كل عدو وحسد كل حاسد وبغي كل باغ، وكان الله عزوجل له ناصرا وظهيرا(٥) وقال أميرالمؤمنينعليه‌السلام : من ترك انكار المنكر بقلبه ويده ولسانه، فهو ميت بين الاحياء في كلام هذا ختامه(٦) .وروي جابر عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: يكون في آخر الزمان قوم يتبع فيهم قوم مراؤ ون، يتقرؤون ويتنسكون حدثاء سفهاء لا يوجبون أمرا بمعروف ولا نهيا عن منكر إلا ذا أمنوا الضرر، يطلبون لانفسهم الرخص والمعاذير، يتبعون زلات العلماء وفساد عملهم يقبلون على الصلاة والصيام وما لا يكلمهم في نفس ولا مال، ولو

____________________

(١) آل عمران: ١٠٤.

(٢) آل عمران: ١١٤.

(٣) آل عمران: ١١٠.

(٤) التهذيب: ج ٦(٨٠) باب الامر بالمعروف والنهى عن المنر ص ١٨١ الحديث ٢٢.

(٥) التهذيب: ج ٦(٨٠) باب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ص ١٧٩ الحديث ١٥.

(٦) التهذيب: ج ٦(٨٠) باب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ص ١٨١ الحديث ٢٣.

٣٢٢

أضرت الصلاة بسائر ما يعملون بأموالهم وأبدانهم لرفضوها كما رفضوا أسمى الفرائض وأشرفها، ان الامر بالمعروف والنهى عن المنكر فريضة عظيمة بها تقام الفرائض، هنا لك يتم غضب الله عليهم فيعمهم بعقابه، فيهلك الابرار في دار الفجار والصغارفي دار الكبار، إن الامر بالمعروف والنهى عن المنكر سبيل الانبياء ومنهاج الصلحاء، فريضة عظيمة بها تقام الفرائض وتأمن المذاهب وتحل المكاسب، وترد المظالم، وتعمر الارض، وينتصف من الاعداء، ويستقيم الامر، فانكروا بقلوبكم، وألفظوا بالسنتكم، وصكوا بها جباههم، ولا تخافوا في الله لومة لائم، فان اتغطواو إلى الحق رجعوا فلا سبيل عليهم، انما السبيل على الذين يظلمون الناس، ويبغون في الارض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم، هنالك فجاهدوهم بأبدانكم وابغضوهم بقلوبكم غيرطالبين سلطانا ولا باغين مالا ولا مريدين بظلم ظفرا حتى يفيئوا إلى أمرالله ويمضوا إلى طاعته(١) .

وقال الصادقعليه‌السلام : ما قدست امة لم يؤخذ لضعيفها من قويها بحقه غير متعتع(٢) و(٣) .

وقالعليه‌السلام : الامر بالمعروف والنهى عن المنكر خلقان من خلق الله، فمن نصرهما أعزه الله تعالى، ومن خذلهما خذله الله تعالى(٤) وقال الكاظمعليه‌السلام : لتأمرن بالمعروف ولتنهن عن المنكر، أو ليستعملن عليكم شراركم، فيدعو خياركم فلايستجاب لهم(٥) وقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : أدنى الانكار أن يلقى أهل المعاصي بوجوه مكفهرة(٦) وقال الصادقعليه‌السلام :

____________________

(١) الفروع: ج ٥ باب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ص ٥٥ الحديث ١.

(٢) متمتع بفتح التاء، أى من غير أن يصيبه اذى يقلقه ويزعجه (مجمع البحرين).

(٣) الفروع: ج ٥ باب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ص ٥٦ الحديث ٢.

(٤) الفروع: ج ٥ باب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ص ٥٩ الحديث ١١.

(٥) الفروع: ج ٥ باب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ص ٥٦ الحديث ٣.

(٦) التهذيب: ج ٦(٨٠) باب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ص ١٧٦ الحديث ٥.

٣٢٣

حسب المؤمن (عزا) إذا رأى منكرا أن يعلم الله من نيته أنه له كاره(١) وقالعليه‌السلام : إنما يؤمر بالمعروف وينهى عن المنكر مؤمن فيتعظ، أو جاهل فيتعلم، فأما صاحب سوط وسيف فلا(٢) وقالعليه‌السلام لمفضل بن يزيد: يا مفضل من تعرض لسلطان جائر فاصابته بلية لم يؤجر عليها ولم يرزق الصبر عليها(٣) وعن داود الرقى قال سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام يقول: لا ينبغي للمؤمن أن يذل نفسه، قيل له: وكيف يذل نفسه؟ قال: يتعرض لما لا يطيق(٤) .وعن مفضل بن عمر عنهعليه‌السلام قال: قال أبوعبداللهعليه‌السلام : لا ينبغي للمؤمن أن يذل نفسه، قلت: ما يذل نفسه؟ قال: لا يدخل في شئ يعتذر منه(٥) وروى عبدالاعلى مولى آل سام عن أبي عبداللهعليه‌السلام لما نزلت هذه الاية: " يا ايها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا "(٦) جلس رجل من المسلمين يبكي، وقال: أنا قد عجزت عن نفسي، كلفت أهلي ! فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : حسبك أن تأمرهم بماتا مربه نفسك وتنهاهم عما تنهى عنه نفسك(٧) وروى سماعة عن أبي بصير في قول الله عزوجل " قوا أنفسكم وأهليكم نارا " قلت: كيف أقيهم؟ قال: تأمرهم بما امرالله عزوجل وتنهاهم عما نهى الله عزوجل، فإن أطاعوك كنت قد وقيتهم، وإن عصوك كنت قد قضيت ما عليك(٨) .

____________________

(١) التهذيب: ج ٦(٨٠) باب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ص ١٧٨ الحديث ١٠.

(٢) التهذيب: ج ٦(٨٠) باب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ص ١٧٨ الحديث ١١.

(٣) التهذيب: ج ٦(٨٠) باب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ص ١٧٨ الحديث ١٢.

(٤) التهذيب: ج ٦(٨٠) باب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ص ١٨٠ س ١٧.

(٥) التهذيب: ج ٦(٨٠) باب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ص ١٨٠ الحديث ١٨.

(٦) التحريم: ٦.

(٧) التهذيب: ج ٦(٨٠) باب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ص ١٧٨ الحديث ١٣.

(٨) التهذيب: ج ٦(٨٠) باب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ص ١٧٩ الحديث ١٤.

٣٢٤

وهما واجبان على الاعيان في أشبه القولين.والامر بالواجب واجب، وبالمندوب مندوب والنهى عن المنكر كله واجب ولا يجب احدهما مالم يستكمل شروطا أربعة، العلم بان ما يأمر به معروف وما ينهى عنه منكر.وأن يجوز تأثير الانكار.وألا يظهر من الفاعل أمارة الاقلاع.وألا يكون فيه مفسدة.وينكر بالقلب، ثم باللسان.ثم باليد.ولا ينتقل إلى الاثقل الا اذا لم ينجح الاخف.ولو زال باظهار الكراهية إقتصر، ولوكان بنوع من اعراض.ولو لم يثمر إنتقل إلى اللسان ولو لم يرتفع إلا باليد كالضرب جاز.أما لو افتقر إلى الجراح أو القتل لم يجز إلا باذن الامام أو من نصبه.وأجمع علماء الاسلام على وجوبهما.قال طاب ثراه: وهما واجبان على الاعيان في أشبه القولين.

أقول: إختلف الاصحاب في مقامين:

(أ) هل وجوبهما عقلا أو سمعا، الاول اختيار الشيخ(١) وابن ادريس(٢) والعلامة(٣) والثاني مذهب السيد(٤) والتقي(٥) وقواه الشيخ في الاقتصاد(٦) وهو

____________________

(١) الاقتصاد: فصل في الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ص ١٤٧ س قال: ويقوي في نفسي انهما يجبان عقلا الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ص ١٤٧ س ٩ قال: ويقوى في نفسسي انهما يجبان عقلا الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، لما فية من اللطف.

(٢) لا يخفى ان ادريس قائل بوجوب الامر بالمعروف والنهى عن المنكر عقلا في مقام المدافعة فقط واما غير مقام المدافعة فوجوبهما بالسمع، لاحظ السرائر الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ص ١٦٠ س ١٧.

(٣) و(٤) المختلف الفصل الثامن في الامر بالمعروف والنهي عن المنكرص ١٥٨ س ١٨ قال: هل هما واجبان عقلا أو سمعا، فقال السيد المرتضى بالثاني إلى أن قال: والاقرب ما اختاره الشيخ.

(٥) الكافي: الفرض الثاني هو الامر والنهي ص ٢٦٤ س ٩ قال: وطريق وجوب ماله هذه الصفة السمع وهو الاجماع دون العقل.

(٦) قال: والذي يدل على الاول انه لو وجبا عقلا، لكان في العقل دليل على وجوبهما وقد سبرنا ادلة العقل فلم نجد فيها يدل على وجوبهما، لا حظ الاقتصاد: ص ١٤٧ س ٢.

٣٢٥

قول الاكثر.

احتج الاولون بانه لطف، وكل لطف واجب، والمقدمتان ظاهرتان.

واحتج السيد بانه لو كان واجبا بالعقل لم يرتفع معروف ولم يقع منكر، أو يكون الله تعالى مخلا بالواجب، واللازم بقسميه باطل، فالملزوم مثله، بيان الملازمة: أن الامر بالمعروف إذا كان هو الحمل عليه، وحقيقة النهي عن المنكر هو المنع منه، فانه يجب على كل من حصل وجه الوجوب في حقه كان يجب على الله تعالى الحمل على المعروف والمنع من المنكر، فاما أن يفعلهما فلا يرتفع معروف ولا يقع منكر ويلزم الالجاء أولا يفعلهما، فيكون مخلا بالواجب.

قال العلامة: وفيه نظر لاحتمال أن يكون الواجب علينا في الامر والنهى غير الواجب عليه، فان الواجب يختلف باختلاف الامرين والناهين، فالقادر يجب عليه بالقلب واللسان واليد، والعاجز بالقلب لاغير، واذا كان الوجوب مختلفا بالنسبة الينا، جاز اختلافه بالنسبة الينا واليه تعالى، ويوجب عليه من ذلك التوعد والانذار بالمخالفة، لئلا يبطل التكليف(١) .

(ب) هل وجوبهما على الاعيان أو الكفاية؟ قال الشيخ بالاول(٢) وعليه ابن حمزة(٣) والمصنف(٤) واحتجوا بعموم القرآن(٥) وبما رواه محمد بن عرفة قال: سمعت أبا الحسنعليه‌السلام يقول: لتأمرون بالمعروف ولتنهون عن المنكر، أو ليستعملن عليكم شراركم، فيدعوا خياركم فلايستجاب لهم(٦) .

____________________

(١) المختلف: الفصل الثامن: ص ٥٨ س ٢٢ قال: وفيه نظر لاحتمال ان يكون الواجب الخ.

(٢) النهاية: باب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ص ٢٢٩ س ٩ قال: وهما فرضان على الادعيان.

(٣ النهاية: باب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ص ٦٩٧ س ٢١ قال: هما من فروض الاعيان.

(٤) لا حظ عبارة المختصر النافع.

(٥) تقدم في المقدمة.

(٦) التهذيب: ج ٦(٨٠) باب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ص ١٧٦ الحديث ١.

٣٢٦

وكذا الحدود لا ينفذها الامام أو من نصبه، وقيل: يقيم الرجل الحد على زوجته وولده.

وكذا قيل: يقيم الفقهاء الحدود في زمان الغيبة إذا أمنوا ويجب على الناس مساعدتهم.ولو اضطر الجائر إنسانا على اقامة حد جازما لم يكن قتلا محرما فلا تقية فيه.ولو أكرهه الجائر على القضاء اجتهد في تنفيذ الاحكام على الوجه الشرعي ما استطاع.وان اضطر عمل بالتقية مالم يكن قتلا.

وبالثاني قال السيد(١) والتقي(٢) وابن ادريس(٣) والعلامة(٤) واحتجوا بان المطلوب في نظر الشرع تحصيل المعروف وارتفاع المنكر، ولم يتعلق غرضه بايقاعه من مباشر بعينه، فيكون واجبا على الكفاية، وبقوله تعالى " ولتكن منكم امة يدعون إلى الخير ويامرون بالمعروف وينهون عن المنكر "(٥) ولم يعمم ذلك.

قال طاب ثراه: وقيل: يقيم الرجل الحد على زوجته وولده.

أقول: هنا مسائل: الاولى: اقامة الحد على الولد والزوجة مختار الشيخ في النهاية(٦) واختاره

____________________

(١) و(٤) المختلف: الفصل الثامن، ص ١٥٨ س ٢٦ قال: وقال السيد المرتضى: انهما من فروض الكفاية إلى أن قال: والاقرب قول السيد.

(٢) الكافي: الفرض الثاني هو الامر والنهى ص ٢٦٧ س ٣ قال: واذا تكاملت هذه الشروط ففرضهما على الكفاية

(٣) السرائر: باب الامر بالمعروف والنهى عن المنكر ص ١٦٠ س ٢٤ قال: قال محمد بن ادريس: والاظهر بين أصحابنا انهما من دون فروض الكفاية.

(٥) آل عمران: ١٠٤.

(٦) النهاية: باب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ص ٣٠١ س ١ قال: وقد رخص إلى أن قال: أن يقيم الانسان الحد على ولده وأهله ومماليكه اذا لم يخف في ذلك ضررا الخ.

٣٢٧

القاضي(١) والعلامة(٢) لعموم الامر باقامة الحدود والحذر من تعطيلها وانتشار المفاسد.ومنع سلار(٣) وابن ادريس(٤) .

الثانية: اقامة الحد على المملوك مختار الشيخ(٥) والقاضي(٦) وابن ادريس(٧) والعلامة(٨) ومنع سلار(٩) .

الثالثة: للفقهاء اقامة الحدود على العموم وهو مذهب الشيخ(١٠) وأبي يعلى(١١) واختاره العلامة(١٢) لما تقدم ولرواية عمر بن حنظلة عن الصادقعليه‌السلام قال: انظروا إلى رجل منكم قد روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا فليرضوا به حكما فأني قد جعلته عليكم حاكما، فاذا حكم بحكمنا فلم يقبل منه فانما بحكم الله استخف وعلينا رد، والراد علينا راد على الله وهو على

____________________

(١) المهذب: ج ١، كتاب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ص ٣٤٢ س ١ قال: وقد رخص في اقامه حد لذلك على ولده واهله دون غيرهم.

(٢) المختلف: الفصل الثامن، ص ١٥٩ س ٢٩ قال: والقرب الاول: أي قول الشيخ في النهاية.

(٣) المراسم: باب ذكر الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ص ٢٦١ س ٥ قال: وقد روي ان الانسان ان يقيم على ولده وعبده الحدود إلى أن قال: والاول أثبت، أي التفويض إلى الفقهاء.

(٤) السرائر: باب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ص ١٦١ س ١ قال: قال محمد بن ادريس: والاتوى عندى انه لا يجوز ان يقيم الحدود الا على عبده فحسب دون ما عداه من الاهل والقرابات.

(٥) و(٦) و(٧) و(٨) و(٩) تقدم مختارهم قدس الله اسرارهم.

(١٠) النهاية: باب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ص ٣٠٠ س ١٩ قال: فاما اقامة الحدود فليس يجوز لاحد اقامتها الا لسلطان الزمان المنصوب من قبل الله.

(١١) المراسم: باب ذكر الامر بالمعروف والنهى عن المنكر ص ٢٦١ س ١ قال: فقد فوضواعليهم‌السلام إلى الفقهاء اقامة الحدود والاحكام بين الناس الخ.

(١٢) المختلف: الفصل الثامن ص ١٥٩ س ٣٥ قال: والاقرب عندي جواز ذلك للفقهاء.

٣٢٨

حد الشرك بالله عزوجل(١) ومنع ابن ادريس من ذلك وقال: لا يقيم غير الامام الا على المملوك فقط(٢) .

____________________

(١) التهذيب: ج ٦(٩٢) باب من الزيادات في القضايا والاحكام ص ٣٠١ قطعة من حديث ٥٢.

(٢) السرائر: باب الامر والنهي عن المنكر ص ١٦٠ س ٣٦ قال: فاما إقامه الحدود فليس يجوز لاحد اقامتها الا السلطان الزمان المنصوب من قبل الله تعالى أو من نصبه الامام لاقامتها ولا يجوز لاحد سواهما اقامتها على حال أن قال: والاقوى عندي انه لا يجوز له أن يقيم الحدود الا على عبده فحسب دون ما عداه من الاهل والقرابات.

٣٢٩

٣٣٠

٣٣١

٣٣٢

كتاب التجارة الفصل الاول: فيما يكتسب به والمحرم منه

المحرم منه أنواع: الاول: الاعيان النجسة، كالخمر، والانبذة والفقاع، والميتة والدم،

مقدمة

التجارة استرباح بالبيع والشراء، ويبحث فيه بالاستطرداد عن المكاسب، لانه لما يبحث عما يكتسب به من جهة البيع والشراء استطرد البحث إلى أحكام التكسب بغيرهما كالصنايع وارزاق السلطان، ولهذا من عقد للمكاسب كتابا منفردا من الفقهاء كالشيخ في النهاية لزمه أن يعقد للتجارة كتابا آخر.وانما جاز الاستطراد من التجارة إلى المكاسب دون العكس؟ لكثرة أحكام التجارة، فانه يبحث فيها عن أحكام العقود وأقسام البيع، وهي كثيرة الشعب،

٣٣٣

وليس كذلك المكاسب، والعادة اندراج الاقل تحت الاكثر.إذا عرفت هذا، فالتجارة تنقسم بانقسام الاحكام الخمسة: فمنها واجب: وهو ما اضطر الانسان إليه في المباح، ولا سبب له سواه، قال تعالى " فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه"(١) " فاذا قضيت الصلاة فانتشروا في الارض وابتغوا من فضل الله "(٢) وقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ملعون ملعون من ضيع من يعول(٣) وقال الصادقعليه‌السلام : إذا عسر أحدكم فليضرب في الارض يتبتغى من فضل الله ولا تغم نفسه وأهله(٤) وسأله رجل أن يدعو الله له أن يرزقه في دعة؟ فقال له: لا أدعولك واطلب كما امرت(٥) وقالعليه‌السلام : ينبغى للمسلم أن يلتمس الرزق حتى يصيبه حر الشمس(٦) وسأل الصادقعليه‌السلام عن معاذ بياع الكرابيس فقيل: ترك التجارة، فقال: عمل عمل الشيطان، من ترك التجارة ذهب ثلثا عقله، أما علم أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قدمت عير من الشام، فاشترى منه، واتجر وربح فيها ما قضى دينه(٧) .ومنها ما هو مندوب: وهو ما قصد به التوسعة على العيال، والصدقة على المحاويج،

____________________

(١) الملك: ١٥.

(٢) الجمعة:

(٣) من لا يحضره الفقيه: ج ٣(٥٨) باب المعايش والمكاسب ص ١٠٣ الحديث ٦٥.

(٤) عوالى اللئالى: ج ٣ باب التجارة ص ١٩٣ الحديث ٢ وفي التهذيب ج ٦(٩٣) باب المكاسب ص ٣٢٩ الحديث: ٣٠ مثله، والحديث عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

(٥) الفروع: ج ٥ باب الحنث على الطلب والتعرض الرزق ص ٧٨ الحديث ٣ نقلا بالمعنى.

(٦) عوالى اللئالى: ج ٣ باب التجارة ص ١٩٣ الحديث ٤ وفي الفروع ج ٥ باب ما يجب من الاقتداء بالائمةعليهم‌السلام في التعرض للرزق ص ٧٦ الحديث ١٣ ما بمعناه.

(٧) التهذيب: ج ٧(١) باب فضل التجارة وآدابها ص ٤ الحديث ١١.

٣٣٤

قال اميرالمؤمنينعليه‌السلام : ما غدوة أحدكم في سبيل الله بأعظم من غدوة يطلب فيها لولده وعياله ما يصلحهم(١) وقالعليه‌السلام : الشاخص في طلب الرزق الحلال كالمجاهد في سبيل الله(٢) وروى ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقف بغزوة تبوك بشاب جلد يسوق أبعرة سمانا، فقال أصحابه: يا رسول الله لو كانت قوة هذا وجلده وسمن أبعرته في سبيل الله لكان أحسن، فدعاه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: " أرأيت أبعرتك هذا، أي شئ تعالج عليها؟ " قال: يا رسول الله لى زوجة وعيال وأنا اكتسب بها ما أنفقه على عيالي فأكفهم عن الناس، وأقضي دينا علي، قال: " لعل غير ذلك؟ " قال: لا، فلما انصرف قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : " لئن كان صادقا، إن له لاجرا مثل أجر الغازي وأجر الحاج واجر المعتمر "(٣) وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : تحت ظل العرش يوم لاظل الا ظله رجل ضارب في الارض يطلب من فضل الله ما يكف به نفسه ويعود به على عياله(٤) وعن الرضاعليه‌السلام قال: تى رجل إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بدينارين فقال: يا رسول الله اريد أن أحمل بهما في سبيل الله، قال: ألك والدان أو أحدهما؟ قال: نعم، قال: إذهب فأنفقهما على والديك فهو خيرلك أن تحمل بهما في سبيل الله، فرجع ففعل، فأتاه بدينارين آخرين قال: قد فعلت وهذان الديناران أحمل بهما في سبيل الله قال: ألك زوجة؟ قال: نعم، قال: انفقهما على زوجتك فهو خيرلك من ان تحمل بهما في سبيل الله، فرجع وفعل، وأتاه بدينارين آخرين، وقال: يا رسول الله قد فعلت وهذان ديناران أريد أن أحمل بهما في سبيل الله، فقال: ألك

____________________

(١) عوالى اللئالى: ج ٣، باب التجارة ص ١٩٤ الحديث ٦.

(٢) عوالى اللئالى: ج ٣، باب التجارة ص ١٩٤ الحديث ٧.

(٣) عوالى اللئالى: ج ٣، باب التجارة ص ١٩٤ الحديث ٨.

(٤) عوالى اللئالى: ج ٣، باب التجارة ص ١٩٤ الحديث ٩

٣٣٥

خادم؟ قال: نعم، قال: فاذهب فأنفقهما على خادمك فهو خير لك من أن تحمل بهما في سبيل الله، ففعل وأتاه بدينارين آخرين وقال: يا رسول الله أريد أن أحمل بهما في سبيل الله، فقال: أحملهما واعلم أنهما ليسا بافضل من دنانيرك(١) .ومنها مباح: وهو مااستغنى عنه، وانتفى الضرر فيه.ومنها مكروه: وهو على ثلاثة أقسام.

(أ) ماكره لانه يفضي في الاغلب إلى محرم او مكروه، كالصرف وبيع الاكفان والطعام والرقيق، ومثله في المكاسب كالصياغة والقصابة، روى ابراهيم بن عبدالحميد عن أبي الحسنعليه‌السلام قال: جاء رجل إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: يا رسول الله علمت ابنى هذا الكتابة ففى أي شئ أسلمه؟ فقال: أسلمه، لله أبوك، ولا تسلمه في خمس، لا تسلمه سباء ولا صائغا ولا قصابا ولا حناطا، ولا نخاسا، قال: فقال يا رسول الله: وما السباء؟ فقال: الذي يبيع الاكفان ويتمنى موت أمتي، والمولود من أمتي احب الي مما طلعت عليه الشمس وأما الصائغ فانه يعالج رين(٢) أمتى، وأما القصاب فانه يذبح حتى تذهب الرحمة من قلبه، واما الحناط فانه يحتكر الطعام على امتى ولئن يلقى الله العبد سارقا أحب إلي من ان يلقاه قد احتكر طعاما اربعين يوما، واما النخاس فانه اتانى جبرئيل فقال: يا محمد

____________________

(١) التهذيب: ج ٦ كتاب الجهاد باب النوادر ص ١٧١ الحديث ٨ وفيه: بافضل من ديناريك.

(٢) قال: في ملاذ الاخيار: ج ١٠ ص ٣٤٧ ما لفظه: في الفقيه ومعاني الاخبار (غبن امتي) وفي الكافي (زرين) بالزاء المجمة وهو الطاهر، قال: الوالد العلامة طاب ثراه: بالمهملة بحطة، وكان في الحاشية: الرين الذنب، وفي اللغة: الرين الطبع والختم كما قال تعالى (كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون المطففين: ١٤) اي يغلب على قلوبهم حب الدنيا بحيث لا يستطيعون الخروج منها، واكثر النسخ بالزاي كما في العلل وهو انسب.

٣٣٦

ان شرار امتك الذين يبيعون الناس(١) .

(ب) ما كره لتطرق الشبهة إليه كشراء ما يكسبه الصبيان، ومعاملة من لا يجتنب المحارم كالظلمة، وصاحب الماخور(٢) روى علي بن ابراهيم عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: نهى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن كسب الامة فانها ان لم تجده زنت إلا أمة قد عرفت بصنعة، وعن كسب الغلا الصغير الذي لا يحسن صناعة، فانه إن لم يجد سرق(٣) .

(ج) ما كره لضعته وخساسته كتجارة الشراء في المحقرات والاشياء الخسيسة ألتى يؤذن بإسقاط مروته وذهاب حشمته ولا يؤمن معها التجرى عليه، كبيع اللوبياج على رأسه، ومع الضرورة يحل له الصدقة ولا يجب عليه تكلفها، روي ان الصادقعليه‌السلام وصى بعض أصحابه وقال: لا تكن دوارا في الاسواق، ولا تلي شراء دقايق الاشياء بنفسك، فانه لا ينبغى للمرء المسلم ذي الدين والحسب أن يلي

____________________

(١) التهذيب: ج ٦(٩٣ / باب المكاسب ص ٣٦٢ الحديث ١٥٩.

(٢) اختلف النسخ في ضبط تلك الكلمة.ففى النسخة المعتمدة ضبطها بالخاء المجمعة والراء المهلة من مادة (مخر) ويويدها ما في المنجد في لغة (مخر) قال: الماخور جمع مواخر ومواخير مجلس الفساق بيت الريبة والدعارة، من يلي ذلك البيت ويقود اليه.وفي النهاية لابن الاثير: ٤ ص ٣٠٦ قال: هى جمع ماخور وهو مجلس الريبة ومجمع اهل الفسق والفساد، و بيوت الخمارين، وهو تعريب مي خور.

وفي نسخة (ب) ضبطها بالجيم والراء والمهلة من مادة (مجر) ويؤيدها ما في المنجد ايضا في لغة (مجر) قال: ماجر ومماجرة وأمجر فلانا في البيع راباه إلى أن قال: الفضل والربا، والقمار وفي السرائر: (كتاب المتاجر ص ٣١٢) س ١٩ قال: ونهى عن بيع المجر بالميم المفتوحة والجيم المسكنة والراء إلى ان ال: والمجر الربا، والمجر القمار والمجر المحاقلة والمزابنة: والظاهر مناسبة كلتا المعنين لما نحن فيه.وفي نسخة (ج) ضبطها بالحاء المهملة والزاء المجمعة، لم نعثر على معنى مناسب له، والله العالم.

(٣) التهذيب: ج ٦ كتاب المكاسب ٩٣ باب المكاسب ص ٣٦٧ الحديث ١٧٨.

٣٣٧

شراء دقايق الاشياء بنفسه ماخلا ثلاثة أشياء فانه ينبغي لذي الدين والحسب أن يليها بنفسه ألعقار والابل والرقيق(١) وقالعليه‌السلام : باشركبار امورك بنفسك، وكل ما صغر منها إلى غيرك(٢) وجاء أعرابي إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال: يا رسول الله أردت بيع إبلى هذه، فبعها لى، فقال: انى لست ببايع في الاسواق، قال: فأشر علي، قال: به هذا بكذا، وهذا بكذا(٣) .ومثله في المكاسب الحجامة الحياكة.روى ابوعمر والخياط عن أبي اسماعيل الصيقل الرازي قال: دخلت على أبي عبداللهعليه‌السلام ومعى ثوبان، فقال لي: يا أبا اسماعيل يجيئنى من قبلكم أثواب كثيرة وليس يجيئني مثل هذين الثوبين الذين تحملهما أنت، فقلت: جعلت فداك، تغزلهما ام اسماعيل وأنسجهما أنا، فقال لى: حائك !؟ قلت: نعم، قال: لا تكن حائكا، فقلت: فما أكون؟ قال: كن صيقلا.وكان معى مائتا درهم فاشتريت بها سيوفا ومرايا عتقا وقدمت بها إلى الري وبعتها بربح كثير(١) .ولا بأس بخفض الجواري.

روى محمد بن مسلم عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: لما هاجرن النساء إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، هاجرت فيهن إمرأة يقال لها ام حبيب وكانت خافضة تخفض الجواري فلما رآها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله

____________________

(١) الفروع: ج ٥ كتاب المعيشة، باب مباشرة الاشياء بنفسه ص ٩١ الحديث ٢.

(٢) الفروع: ج ٥ باب مباشرة الاشياء بنفسه، ص ٩٠ الحديث ١ وفيه بدل كلمة (ما صغر) (ما شقت) وتمام الحديث (قلت: ضرب أي شئ؟ قا ل: ضرب أشرية العقار وما أشبهها.

(٣) الفروع: ج ٥ كتاب المعيشة باب النوادر ص ٣١٧ الحديث ٥٤ وتمام الحديث (حتى وصف له كل بعير منها، فخرج الاعرابي إلى السوق فباعها، ثم جاء إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: الذي بعثك بالحق مازادت درهما ولا نقصت قلت لى، فماستهدني يا رسول الله قال: بلى يا رسول الله، فلم يكلمه قال له: اهدلنا ناقة ولا تجعلها ولها.)

(٤) التهذيب: ج ٦ كتاب المكاسب(٩٣) باب المكاسب ص ٣٦٣ الحديث ١٦٣.

٣٣٨

قال لها: يا ام حبيب العمل الذي كان في يدك، هو في يدك اليوم؟ قالت: نعم يا رسول الله، إلا أن يكون حراما فتنهاني عنه قال: لا، بل حلال فأدني مني حتى اعلمك، قال: فدنت منه، فقال لها: يا ام حبيب اذا أنت فعلت فلا تنهكي، أي فلا تستأصلى وأشمي، فإنه أشرق للوجه وأحظى عند الزوج، قال: وكان لام حبيب اخت يقال لها ام عطية وكانت مقينة يعني ماشطة، فلما انصرفت ام حبيب إلى اختها اخبرتها بما قال لها رسول الله، فاقبلت ام عطية إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فأخبرته بما قالت لها اختها، فقال لها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ادني مني يا ام عطية، اذا انت قينت الجارية فلا تغسلي وجهها بالحرقة، فان الخرقة تذهب بماء الوجه(١) .

ومنها حرام: وهو قسمان: ما هو حرام في أينيته، أي ماهيته وحقيقته، كبيع المعتكف ووقت نداء الجمعة، ومنه ما هو حرام لتحريم غايته كبيع الخمر وآلات القمار وهياكل العبادة كالصنم وآلات اللهو كالعود.

تذنيب: عدم التكبر عن طلب الرزق

ينبغي لذي الدين والعفة ومريد الاخرة أن لا يتكبر ولا يستنكف عن طلب الرزق، بل اذا احتاج إلى الطلب يطلب الرزق من الله تعالى بالتعرض للبيع والشراء، ويبتغى الفضل من الله سبحانه.(أما) أولا فلما فيه من اظهار التواضع والافتقار إلى الله سبحانه، ووضع قدر النفس وبيان حاجتها.(وأما) ثانيا فلما فيه من التأسي بالنبي والائمةعليهم‌السلام فانهم تكسبوا.

____________________

(١) التهذيب: ج ٦ كتاب المكاسب(٩٣) باب المكاسب ص ٣٦٠ الحديث ١٥٦

٣٣٩

(وأما) ثالثا فلما فيه من الاعتماد على الله سبحانه والوثوق بما عنده، ولا يكون نفسه متطلعة إلى أحد من المخلوقين قريبا كان أو بعيدا حتى لو كان أبا أو إبنا، فان الطلب إلى الله تعالى وتوقع العناية أفضل من الاخذ منهم، أو ما سمعت حكاية داودعليه‌السلام ، فانه كان يتوخي من تلقاه من بني اسرائيل ممن لا يعرفه فيسأله عن حالته؟ فيثني عليه حتى لقى رجلا فسأله؟ فقال: نعم العبد لو لا خصلة فيه، فقال: وما هى؟ قال: انه يأكل من بيت المال، فبكى داودعليه‌السلام وعلم انه قد أتي.فاوحى الله عزوجل إلى الحديد: ان لن لعبدى داود، فالان الله له الحديد فكان يعمل كل يوم درعا يبيعها بألف درهم، فعملعليه‌السلام ثلاثمائة وستين درعا، فباعها بثلاثمائة وستين ألفا فاستغنى عن بيت المال(١) . اياك ثم إياك والتجري على الدين، فانه مجلبة للهم ومشغلة للذمم ومسبت للفكر، وهو في الدنيا مذلة وفي الاخرة تبعة.وحمل إلى مسجد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ميت ليصلىعليه‌السلام عليه فقال: على ميتكم دين؟ فقالوا: نعم درهمين يا رسول الله، قال: تقدموا فصلوا على ميتكم، فقال علىعليه‌السلام : ضمنتها عنه يا رسول الله، فقال: فك الله رهانك كما فككت رهان أخيك، ثم تقدم فصلى عليه(٢) وقد ورد رخصة في إباحته اذا كان له ولي يقضيه أو مال يؤدى عنه، والافضل تركه والطلب إلى الله بالغنى عنه بالتسبيب والتمعس(٣) ففيه مع اشتماله على تفريغ الذمة من حقوق المخلوقين، والراحة من الفكر، مواساة الصالحين والفوز بثواب الكادين، حيث يقولعليه‌السلام : الكاد على عياله من حلال كالمجاهد في سبيل

____________________

(١) عوالى اللئالى: ج ٣ ص ١٩٩ الحديث ١٨ وفي الفروع: ج ٥ ص ٧٤ الحديث ٥ وفيه (اوحى الله عزوجل إلى داودعليه‌السلام انك نعم العبد الا انك تأكل من بيت المال الخ).

(٢) سنن الدار قطني: ج ٣ ص ٤٧ كتاب البيوع الحديث ١٩٤ وصفحة الحديث ٢٩١ و ٢٩٢.

(٣) تقش في الحرب: حمل ورجل معاس ومتمعس: مقدم (لسان العرب: ج ٦ لغة معس).

٣٤٠