المهذب البارع في شرح المختصر النافع الجزء ٢

المهذب البارع في شرح المختصر النافع0%

المهذب البارع في شرح المختصر النافع مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 579

المهذب البارع في شرح المختصر النافع

مؤلف: العلامة جمال الدين ابي العباس احمد بن محمد بن فهد الحلي
تصنيف:

الصفحات: 579
المشاهدات: 106375
تحميل: 5480


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 579 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 106375 / تحميل: 5480
الحجم الحجم الحجم
المهذب البارع في شرح المختصر النافع

المهذب البارع في شرح المختصر النافع الجزء 2

مؤلف:
العربية

باشتراط تبقيته، ومع إطلاق الابتياع يلزم البايع إبقاؤه إلى إدراكه، وكذا الثمرة مالم يشترط الازالة، ويصح اشتراط العتق والتدبير والكتابة، ولو اشترط ألا يعتق أو لا يطأ الامة قيل: يبطل الشرط دون البيع.ولا أعرف بها عاملا حتى أنقله.

قال طاب ثراه: ويصح اشتراط العتق والتدبير والمكاتبة.ولو اشترط ألا يعتق أولا يطأ الامة قيل: يبطل الشرط دون البيع.

أقول: البحث هنا يقع في فصلين: الاول: في اشتراط فعل هذه الامور، وهي ثلاثة أقسام.(القسم الاول) اشتراط العتق، وهو سايغ عند علمائنا أجمع، لعموم قوله تعالى: " واحل الله البيع "(١) وقولهعليه‌السلام : المؤمنون عند شروطهم(٢) .فالمشتري إما أن يعتق أولا؟ واذا لم يعتق إما أن يموت العبد أولا؟ فهنا أبحاث ثلاثة: الاول: وفيه مسائل (أ) مع العتق لا كلام في لزوم العقد لوفائه بما شرط عليه وخروجه عن العهدة.

(ب) هذا الشرط، أي شرط العتق هل هو حق الله تعالى، أو للبايع، أو للعبد، فيه ثلاث احتمالات وجه الاول، انه غاية يتقرب بها إلى الله تعالى، فهو كالملتزم بالنذر.ووجه الثاني، تعلق غرض البايع به، وظاهر انه بواسطة هذا الشئ يساغ في الثمن.ووجه الثالث، ملك العبد نفسه وتسلطه على تصرفات الاحرار، ولهذا كان

____________________

(١) البقرة: ٢٧٥.

(٢) عوالى اللئالى: ج ١ ص ٢٣٥ الحديث ٨٤ وص ٢٩٣ الحديث ١٧٣ وج ٢ ص ٢٧٥ الحديث ٧ وج ٣ ص ٢١٧ الحديث ٧٧

٤٠١

كالنسب المخرج له من العدم إلى الوجود.فعلى الاول المطالبة للحاكم، ولو اسقطه البايع لم يسقط.وعلى الثاني المطالبة للبايع، ويسقط باسقاطه، كاسقاط الرهن والكفيل، دون الحاكم وعلى الثالث المطالبة للعبد لتحصيل فكاكه.وأورد العلامة - على هذا الاحتمال، بعد أن قواه - إشكالا ينشأ من كونه منوطا بإختيار المشتري، إذ له الامتناع، غايته تسلط البايع على الفسخ والامضاء، ومن ثبوت حق للعبد للانتفاع به، فكان له المطالبة به، قال: وهذا أقرب(١) .

(ج) هل يثبت هنا ولاء أم لا؟ يحتمل العدم، لانه عتق واجب بعقد البيع، فلا يستعقبه ولاء، والثبوت لان له الاخلال بالشروط المشترطة في البيع من عتق وغيره ويثبت الخيار للبايع، فالعتق في الحقيقة مستند إلى اختياره، فيكون متبرعا، فيستعقبه الولاء، فعلى الاول لا ولاء هنا، أما بالنسبة إلى البايع فلانتقال الملك عنه، وصدور العتق عن غيره، وقالعليه‌السلام : الولاء لمن أعتق(٢) وأما بالنسبة إلى المشتري، فلوجوب العتق عليه.

(د) إن أعتقه المشتري فقد وفى بما عليه، والتزم بالبيع، والولاء له إن قلنا بثبوته، وإن إمتنع، فان قلنا أنه حق للبايع لم يجز كما لو شرط الرهن والتضمين، لكن يتخير في الفسخ لعدم سلامة ما شرط له، وان قلنا انه حق لله، أجبر عليه، فيحتمل فيه وجهين، حبسه حتى يعتق، واعتاق القاضي عليه.

(ه‍) هل يجوز اعتافه عن الكفارة؟ فنقول: إن شرط البايع عتقه عن الكفارة أجزأ ويكون فائدة الشرط، التخصيص لهذا العبد بالاعتاق، وان لم يشترط، فإن قلنا

____________________

(١) التذكرة: ج ١، في الشروط الجائزة في ضمن العقد، ص ٤٩٢ س ١٩ قال: وعلى ما اخترناه نحن للعبد المطالبة بالعتق على اشكال الخ.

(٢) عوالى اللئالى: ج ٣، باب التجارات، ص ٢١٧ الحديث ٧٨ ورلا حظ ذيله.

٤٠٢

أن العتق لله تعالى لم يجز، كإعتاق المنذور عتقه، وان قلنا انه حق للبايع فكذلك ان لم يسقط حقه، وان أسقطه جاز لسقوط وجوب العتق، ويحتمل عدمه لان البيع بشرط العتق لا يخلو عن محاباة، فكأنه أخذ عن العتق عوضا.وان قلنا أنه حق للعبد أجزأ لحصول العتق في الجملة ووقوع مراد العبد.

(و) يجوز للمشتري الاستخدام، لعدم خروجه عن الملك إلا بالعتق ولم يحصل، وكذا ما يحصل له من كسب أو التقاط يكون للمشتري.

(ز) اذا قلنا بثبوت الولاء للمشتري لم يصح اشتراطه للبايع، لمنافاته النص، وهل يفسد به البيع؟ وجهان مبنيان على بطلان البيع مع بطلان الشرط وعدمه.

البحث الثاني: اذا مات العبد، أو قتل قبل العتق، وفيه مسائل: الاولى: يتخير البايع بين الفسخ، فيرد ما أخذه من الثمن، ويطالب بالقيمة يوم القبض لانه وقت انتقال الضمان إلى المشتري، وبين الامضاء فيرجع بما نقصه بشرط العتق، فاذا قيل قيمته لو بيع مطلقا، مائة، وبشرط العتق خمس وسبعون زيد على الثمن مثل ثلثه.فرع ويحكم مع الاجازة، بكون العبد مات على ملك المشتري، ومع الفسخ على ملك البايع، فمؤنة التجهيز على البايع في الثاني، وعلى المشتري في الاول.ومع قتله يكون المحاكمة إلى المشتري مع الاجازة والى البايع مع الفسخ.ولو كان هناك قسامة، حلف المشتري مع الاجازة، والبايع مع الفسخ.

تذنيبان

(أ) لو كان القاتل هو البايع، كان له الخيار أيضا، فإن اختار الفسخ رد الثمن

٤٠٣

إلى المشتري، وإن اختار الامضاء رجع بالارش، ودفع إلى المشتري القيمة.ولو كان القتل خطأ استوفاه المشتري من عاقلته في ثلاثة أحوال.

(ب) لو كان البايع حلف أن لا يقتل عبدا له، ثم فسخ بعد قتله لم يحنث، لانتقال الملك إلى المشتري بالعقد والفسخ متجدد.ولو كان المشتري هو القاتل يجبر القاتل أيضا، فان فسخ رد الثمن وألزم المشتري بالقيمة، وحنث المشتري لو حلف أن لا يقتل عبدا له، لتجدد خروج الملك عنه.ولو جنى على طرفه بجناية أوجب أرشا وفسخ البايع، إحتمل قويا كون الارش للمشتري، لانه نماء ملكه، وللبايع، لانه عوض عن بعض المبيع، وهو قوي أيضا.

الثانية: شرط العتق تناول السبب المباح، فلو نكل به لم يأت بالشرط، وكان للبايع الخيار بين الفسخ والامضاء كالتالف ويحكم بالعتق عقيب التنكيل، فيرجع البايع بالقيمة مع الفسخ، وبالتفاوت مع الاجازة كما تقدم.

الثالثة: شرط العتق إنما يتناول العتق مجانا، فلو أعتقه وشرط عليه الخدمة، أو شيئا من المال، يتخير البايع أيضا، فان فسخ إحتمل نفوذ العتق، لابتنائه على التغليب، فيرجع البايع بالقيمة كالتالف، ويحتمل بطلانه لوقوعه على خلاف ما وجب عليه، ويحتمل نفوذ العتق ولا خيار للبايع ولا شئ له، لحصول العتق له في الجملة.

البحث الثالث لم يعتقه ولم يمت، وفيه مسائل.

(أ) لو باعه، أو أوقفه، أو كاتبه، تخير البايع، فان فسخ بطلت العقود، لوقوعها في غير ملك تام.

(ب) لوباعه المشتري من غيره وشرط عليه العتق، احتمل ضعيفا الصحة، لوقوع غرض البايع به كما لو فعله بوكيله، وقويا البطلان، لان شرط العتق مستحق عليه فليس له نقله إلى غيره.

٤٠٤

(ج) لو نذر المشتري عتقه مطلقا، أو علق بشرط وحصل، تأكد وجوب الاعتاق، فإن أخل به كفر، وكان للبايع الفسخ، ولو أعاده بملك مستأنف لم يجب العتق.

(القسم الثاني) اشتراط التدبير، وفيه مسائل:

(أ) إن دبره وفى بشرطه وخرج من العهدة، سواء كان التدبير مطلقا أو مقيدا، فان خرج قبل حصول الموت وجب عليه التدبير ثانيا، إن قلنا بعدم جواز الرجوع، وان لم يفعل تخير البايع.

(ب) لو لم يدبر تخير البايع بين الفسخ والامضاء، فيرجع بالتفاوت.

(ج) هل يجوز للمشتري الرجوع في هذا التدبير؟ إحتمالان، نعم، قضية للتدبير، غايته تسلط البايع على الفسخ، والمنع لوجوب الوفاء بالشرط، وعدم حصول غرض البايع، فالرجوع فيه ابطال له، فينافي صحة الشرط.

(القسم الثالث) اشتراط المكاتبة، وفيه مسائل:

(أ) وهو صحيح عندنا، خلافا للشافعي فيه، وفي أحد قوليه في العتق، لنا إنه فعل سايغ مرغب فيه وعقد البيع قابل له.احتج بانه شرط ازالة ملكه عنه، فكان فاسدا، لاقتضاء صحة العقد التمليك، واقتضاء لزوم الشرط خروج الملك.والجواب، لامنافاة، لاستناد اخراج الملك إلى إختيار المشتري، اذ لايجبر على الشرط، وله فوائده الحاصلة قبل العتق والمكاتبة، ففوائد الملك موجودة فيه.

(ب) اطلق الشرط، فيتخير في المكاتبة بأي قدر شاء، وإن عين قدرا تعين، فيتخير مع الخلاف، ولو طلب في المطلقة أزيد من القيمة وامتنع العبد، تخير البايع أيضا بين الفسخ والامضاء وإلزام المشتري بالكتابة به بقيمة العبد، ولا يجب على المشتري المكاتبة بدون القيمة.

(ج) يتخير مع الاطلاق في المكاتبة المطلقة والمشروطة، فان عجز في المشروطة

٤٠٥

فرده رقا، فالاقرب عدم ثبوت الخيار، للامتثال، واستناد التفريط إلى المالك حيث لم يتعين المطلقة، ولو عين لو نوعا تعين، فيتخير مع الخلاف في الفسخ والامضاء، والزامه بالكتابة ثانيا.

فرع

لو اشترى من ينعتق عليه بشرط العتق لم يصح، لتعذر الوفاء بالشرط، فانه ينعتق عليه قبل ان يعتقه.

الفصل الثاني: في اشتراط أضداد هذه الامور، كأن يشترط عليه أن لايعتق، أو لايطأ الجارية.ولا شك أن مقتضى عقد البيع انتقال المبيع إلى المشتري، ويلزمه تسليطه على المبيع بسائر أنواع التصرفات، فاذا شرط عليه أن لا يعتق أولا يطأ فقد شرط ماينافي العقد، فيكون باطلا.وايضا الكتاب والسنة وردا بتسويغ العتق، بل واستحبابه وبوطء الامة، وهو مانع منهما، فيكون مخالفا للكتاب والسنة.واذا فسد الشرط هل يسري فساده ألى البيع؟ أو يكون صحيحا والباطل هو الشرط خاصة؟ المصنف(١) والعلامة على الاول(٢) والشيخ على الثاني(٣) وبه قال القاضي(٤) وأبوعلي(٥) .

احتج الاولون بأن الشرط له قسط من الثمن، فانه قد يزيد باعتباره وقد ينقص،

____________________ _

(١) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٢) المختلف: في الشروط ص ١١٨ س ٢٥ قال: والمعتمد عندي بطلان العقد والشرط معا.

(٣) المبسوط: في تفريق الصفقة ص ١٤٨ س ٢٣ قال: اذا اشترى جارية إلى أن قال: أوبشرط أن لا يبيعها أو لا يعتقها أو لا يطأها كان البيع صحيحا والشرط باطلا الخ.

(٤) و(٥) المختلف: في الشروط ص ١١٨ س ٢٥ قال بعد نقل قول الشيخ في المبسوط من بطلان الشرط خاصة: وبه قال: ابن الجنيد وابن البراج، ولا يخفى ان هذا يوهم خلاف ما قصده المؤلف، فتأمل.

٤٠٦

فاذا بطل الشرط بطل ما بازائه من الثمن وذلك غير معلوم، فتطرقت الجهالة إلى الثمن، فيبطل البيع.ولان البايع إنما رضي بنقل سلعته عنه بهذا الثمن على تقدير سلامة الشرط، وكذلك المشتري انما رضي ببذل هذا الثمن في مقابلة العين على تقدير سلامة هذا الشرط، فاذا لم يسلم لاحدهما ما شرطه كان البيع باطلا، لانه يكون تجارة عن غير تراض.

احتج الاخرون بأن الاصح صحة البيع، وبعموم قوله تعالى: " وأحل الله البيع "(١) ولان لزوم الشرط فرع على صحة البيع، فلو كان الحكم بصحة البيع موقوفا على صحة الشرط لزم الدور، وبأن عايشة إشترت بريرة بشرط ان تعتقها ويكون ولاؤها لمواليها، فأجاز النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله البيع وأبطل الشرط(٢) .والجواب عن الاول، بان الاصل يصار عنه للدليل، وقد بيناه.وعن الثاني، بان المراد البيع بشروطه.وعن الثالث، ان تسويغ الشرط ليس بشرط في الحقيقة لصحة العقد حتى يلزم الدور، بل هي صفات للبيع، فما كان منها سائغا داخلا تحت القدرة، لزم باشتراطه في العقد، كما لو شرط صفة كمال في البيع، وان لم يكن سائغا بطل العقد لا من حيث فوات شرطه، بل من حيث وقوع الرضا عليه، وشروط الصحة انما هي المذكورة في الاول الكتاب، مثل كمال المتعاقدين، وكون المبيع مما ينتفع به معلوما، فهذه شروط الصحة يبطل العقد بفقد أحدها، بخلاف هذه الشروط، وصحة العقد يلزم ما تعين فيه من الشروط السائغة فلا دور.وعن الرابع، بمنع السند.

____________________

(١) البقرة: ٢٧٥.

(٢) عوالى اللئالى: ج ٣ باب التجارات ص ٢١٧ الحديث ٧٩ ولا حظ ذيله.

٤٠٧

ولو شرط في الامة ألا تباع ولا توهب، فالمروى الجواز.

تتمة

روى الشيخ في أماليه والعلامة في تذكرته عن عبدالوارث بن سعيد قال: دخلت مفوجدت بها ثلاثة فقهاء كوفيين، ابوحنيفة، وابن أبي ليلى، وابن شبرمة، فصرت إلى أبي حنيفة فسألته عمن باع بيعا وشرط شرطا؟ فقال: البيع والشرط فاسدان، فأتيت ابن أبي ليلى فسألته؟ فقال: البيع جائز والشرط باطل، فأتيت إبن شبرمة فسألته؟ فقال: البيع والشرط جائزان، فرجعت إلى أبي فقلت: إن صاحبيك خالفاك ! فقال: لست أدري ماقالا، حدثنى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن بيع وشرط، ثم أتيت إبن أبي ليلى فقلت: إن صاحبيك خالفاك.

فقال: ما أدرى ما قالا، حدثنى هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أنها قالت: لما اشتريت بريرة جاريتي شرط علي مواليها أن أجعل ولاء‌ها لهم إذا أعتقتها، فجاء النبيعليه‌السلام فقال: الولاء لمن أعتق، فأجاز البيع وأفسد الشرط، فأتيت إبن شبرمة، فقلت: إن صاحبيك خالفاك ! فقال: ما أدري ما قالا، حدثني مسعر عن حارب عن جابر قال: ابتاع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله مني بعيرا بمكة، فلما نقدنى الثمن شرطت عليه أن يحملنى على ظهره إلى المدينة، فأجاز النبيعليه‌السلام : الشرط والبيع(١) و(٢) .

والمحقق عند علمائنا: أن الشرط اذا لم يكن مخالفا للكتاب والسنة، ولا مؤديا إلى جهالة في المبيع أو الثمن لزم.

قال طاب ثراه: ولو شرط في الامة أن لا تباع ولا توهب في المبيع أو الثمن لزم.

قال طاب ثراه: ولو شرط في الامة أن لا تباع ولا توهب، فالمروي الجواز.

أقول: روى صفوان عن ابن سنان قال: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام عن

____________________

(١) امالى الشيخ الطوسي: ج ٢ الجزء الرابع عشر ص ٤.

(٢) التذكرة: ج ١ القسم الرابع النهي عن بيع وشرط ص ٤٩٠ س ٩.

٤٠٨

ولو باع أرضا جربانا معينة فنقصت، فللمشتري الخيار بين الفسخ والامضاء بالثمن، وفي رواية، له أن يفسخ أو يمضي البيع بحصتها من الثمن وفي الرواية، إن كان للبايع ارض بجنب تلك الارض لزم البايع أن يوفيه منها ويجوز ان يبيع مختلفين صفقة، وأن يجمع بين سلف وبيع.الشرط في الاماء ألا تباع ولا توهب؟ فقال: يجوز ذلك غير الميراث فانها تورث، لان كل شرط خالف كتاب الله فهو باطل(١) وقال العلامة: ببطلان الشرط لمنافاته العقد(٢) وهو مذهب الشهيد(٣) وفخر المحققين(٤) وفي بطلان البيع به الخلاف المتقدم.

قال طاب ثراه: وفي الرواية ان كان للبايع أرض بجنب تلك الارض لزم البايع أن يوفيه منها.

أقول: إذا باعه أرضا على أنها عشرة أجرية مثلا فخرجت خمسة، فلا يخلو إما أن يكون للبايع أرض بجنب تلك الارض أولا، فهنا مسألتان: (أ) أن لا يكون مجاورا لها، وفيه قولان: أحدهما: له الخيار بين الفسخ وبين الرضا بكل الثمن قاله الشيخ في المبسوط(٥)

____________________

(١) التهذيب: ج ٧(٦) باب ابتياع الحيوان، ص ٦٧ الحديث ٣.

(٢) التذكرة: ج ١ القسم الرابع، النهي عن بيع وشرط، ص ٤٨٩ س ٤١ قال: مسألة قد بينا ان كل شرط ينافي مقتضى العقد فانه يكون باطا إلى أن قال: وكذا لو شرط عليه أن لا يبيعها الخ.

(٣) الدروس: كتاب البيع ص ٣٤٣ س ٢ قال: درس في الشروط إلى أن قال: ولو شرط ما ينافيه، كعدم التصرف بالبيع والهبة والاستخدام والوطء‌الى أن قال: بطل وأبطل على الاقرب.

(٤) ايضاح الفوائد: ج ١ الفصل الثالث في الشرط ص ٥١٢ س ٥ قال: واما أن ينافي مفتضى العقد إلى أن قال: فهذه الشروط باطلة الخ ولم يعلق هدا الفرع شيئا.

(٥) المبسوط: ج ٢ في بيع الصبرة وأحكامها ص ١٥٤ س ٥ قال: واذا قال: بعتك هذه الارض على انها ماء‌ة ذراع فكانت تسعين، فالمشتري بالخيار ان شاء فسخ البيع وان شاء أجازه بكل الثمن الخ.

٤٠٩

وتبعه القاضي(١) والمصنف(٢) وهو الذي إستقربه العلامة في القواعد(٣) واختاره فخر المحققين(٤) لان العقد وقع على جميع الثمن، فلا يتبعض عليه، بل يكون له الخيار بين الفسخ والامضاء.

والآخر: له الخيار بين الفسخ والامساك بقسطه من الثمن قاله في النهاية(٥) وتبعه ابن إدريس(٦) واختاره العلامة(٧) في المختلف لانه وجده ناقصا في القدر فكان له أخذه بقسطه من الثمن، كما لو اشترى الصبرة على أنها عشر أقفزة فبانت تسعة، وكذا المعيب له امساكه وأخذ أرشه، لرواية عمر بن حنظلة(٨) وهو اختيار الاكثر.

____________________

(١) المختلف: في الغرر والمجازقة ص ١١٢ س ٢٥ قال: بعد نقل قول الشيخ في المبسوط: وتبعه ابن البراج.

(٢) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٣) القواعد: الفصل الثالث في الشرط ص ١٥٣ س ١٤ قال: والاقرب أن للبايع إلى أن قالل: وللمشتري الخيار في طرف النقصان فيهما بين الفسخ والامضاء.

(٤) الايضاح: ج ١ ص ٥١٧ س ٢٢ قال: في شرح قول العلامة: والحق رجوع هذه المسائل إلى أن المقدار وصف والمبيع العين الخ.

(٥) النهاية: باب بيع المياه والمراعي وأحكام الارضين ص ٤٢٠ س ١١ قال: واذا اشترى الانسان من غيره جريانا معلومة من الارض إلى أن قال: فنقض عن المقدار الذي اشتراه كان بالخيار بين أن يرد الارض وبين أن يطالب يرد ثمن ما نقض من الارض، وان كان للبايع أرض بجنب تلك الارض وجب عليه أن يوفيه تمام ما باعه الخ.

(٦) السرائر: باب بيع المياه وأحكام الارضين ص ٢٤٧ س ٢٦ قال: وروي انه اذا اشترط الانسان من غيره جريانا معلومة من الارض فنقص كان بالخيار بين أن يرد الارض وبين أن يطالب برد ثمن ما نقص إلى أن قال: وان كان للبايع أرض بجنب تلك الارض فغير واضح الخ.

(٧) المختلف: في الغرر والمجازفة ص ١١٢ س ٢٢ قال: مسألة قال الشيخ في النهاية إلى أن قال بعد نقل رواية عمربن حنظلة: فالتخطي إلى الارض المجاورة ممنوع.

(٨) سيأتي عن قريب

٤١٠

(ب) أن يكون له أرض يجاور المبيع، قال في النهاية: كان للمشتري الخيار بين إمساكه بحصته من الثمن وبين إلزامه توفية الناقص من الارض المجاورة(١) وقال ابن إدريس: بل له الخيار بين الفسخ والرجوع بقسط الناقص(٢) وهو مدهب العلامة في المختلف(٣) .

احتج الشيخ بما رواه عمر بن حنظلة عن الصادقعليه‌السلام في رجل باع أرضا على أن فيها عشرة أجربة، فاشترى المشتري منه بحدوده ونقد الثمن وأوقع صفقة البيع وافترقا، فلما مسح الارض فاذا هي خمسة أجربة، قال: إن شاء إسترجع ماله وأخذ الارض، وان شاء رد المبيع واخذ ماله كله، إلا أن يكون بجنب تلك الارض له ايضا أرضون، فليوفيه، ويكون البيع لازما له، وعليه الوفاء له بتمام البيع، فإن لم يكن له في ذلك المكان غير الذي باع، فإن شاء المشتري أخذ الارض واسترجع فضل ماله، وإن شاء رد الارض وأخذ المال كله(٤) .واللام في قوله (وفي الرواية) للعهد، لانه حكى الحكم الاول من الرواية، وهو قوله " كان له الخيار بين الفسخ والامضاء بحصتها " فقال: وفي الرواية، أي في الرواية التي هي مستند هذا الحكم، اذا كان للبايع أرض بجنب تلك الارض.

فرع

لو اختار المشتري الاخذ للارض بقسطها من الثمن على القول به، هل يثبت للبايع خيار الفسخ؟ احتمالان:

____________________

(١) تقدم آنفا نقله عن النهاية.

(٢) تقدم نقله عن السرائر بقوله (فغير واضح).

(٣) تقدم نقله عن المختلف بقوله (فالتخطي إلى الارض المجاورة ممنوع).

(٤) التهذيب: ج ٧(١١) باب أحكام الارضين ص ١٥٣ الحديث ٢٤.

٤١١

الخامس: في العيوب

وضابطها ما كان.زائدا عن الخلقة الاصلية، أو ناقصا.واطلاق العقد يقتضي السلامة.فلو ظهر عيب سابق تخير المشتري بين الرد والارش، ولا خيرة للبايع.ويسقط الرد، بالبراء‌ة من العيب ولو إجمالا، وبالعلم به قبل العقد، وبالرضا بعده، وبحدوث عيب عنده، وباحداثه في المبيع حدثنا، كركوب الدابة، والتصرف الناقل ولو كان قبل العلم بالعيب.أما الارش فيسقط بالثلاثة الاول دون الاخيرين.ويجوز بيع المعيب وان لم يذكر عيبه، وذكره مفصلا أفضل.ولو ابتاع شيئين فصاعدا صفقة، فظهر العيب في البعض، فليس له رد المبيع منفردا، وله رد الميع أو الارش ولو إشترى إثنان شيئا صفقة، فلهما الرد بالعيب أو الارش، وليس لاحدهما الانفراد بالرد على الاظهر والوطء يمنع رد الامة إلا من عيب الحبل، ويرد معها نصف عشر قيمتها.

أحدهما: لا يثبت، لان الخيار إنما يثبت للتعيب بنقص المبيع، والخيار في العيب للمشتري خاصة دون البايع، ولاستناد العيب إلى تفريطه، فالعقد لازم له.يحتمل ثبوت الخيار له، لانه إنما رضي ببيعها بالثمن أجمع، فاذا لم يصل اليه كان له الفسخ.فعلى هذا لو بذل له المشتري جميع الثمن، منع الفسخ، لزوال العيب.

قال طاب ثراه: ولو اشترى اثنان شيئا صفقة، فلهما الرد بالعيب أو الارش، وليس لاحدهما الانفراد بالرد على الاظهر.

أقول: اختار الشيخ في كتاب الشركة من كتابي الخلاف إنفراد أحدهما

٤١٢

بما يختاره من الرد أو الارش(١) واختاره ابن ادريس(٢) وهو مذهب أبي على(٣) لان ذلك بمنزلة عقدين، فالعيب مستند إلى البايع ومنع في النهاية(٤) وموضع آخر من الكتابين(٥) وبه قال المفيد(٦) وتلميذه(٧) والتقي(٨) وابن حمزة(٩) وللقاضي قولان، حذرا من تبعيض الصفقة على البايع، وانما يجوز رد العين مع سلامتها من العيب، وهذا الرد يتوجه به عيب بسبب التبعيض(١٠) واختاره

____________________

(١) المبسوط: ج ٢ كتاب الشركة ص ٣٥١ س ٩ قال: اذا اشترى الشريكان عبدا إلى أن قال: فان أراد أحدهما الرد والاخر الامساك كان لهما ذلك وفي الخلاف: كتاب الشركة، مسألة ١٠ قال: فان أراد أحدهما الرد والاخر الامساك كان لهما ذلك.

(٢) السرائر: باب ابتياع الحيوان ص ٢٣٩ س ١ قال: بعد نقل قول الشيخ في المبسوط: والى هذا أذهب وأفتي وأعمل الخ.

(٣) المختلف: في العيوب ص ١٩٦ س ٢٧ قال: وقال: ابن الجنيد لو كانت المعيبة بين رجلين إلى أن قال: كان الذي لم يرض في حقة قائما الخ.

(٤) النهاية: باب ابتياع الحيوان ص ٤٠٩ س ١٥ قال: واذا ابتاع اثنان عبدا أو أمة ووجدا به عيبا وأراد أحدهمت الارش والاخر الرد لم يكن لهما الا واحد من الامرين الخ.

(٥) المبسوط: ج ٢، فصل في ان الخراج بالضمان ص ٧ س ٢٣ قال: اذا اشترى نفسان عبدا ووجدا به عيبا كان لهما الرد والامساك فإن أراد أحدهما الرد والاخر الامساك لم يكن لهام ذلك الخ وفي الخلاف، كتاب البيوع مسألة ١٧٨ قال: اذا اشترى نفسان الخ.

(٦) المقنعة: باب ابتياع الحيوانات ص ٩٣ قال: واذا ابتاع اثنان عبدا ووجدابه عيبا الخ.

(٧) المراسم: ذكر الشرط الخاص في البيع والمبيع ص ١٧٦ س ١٥ قال: ويجوز شراء كل الحيوان بين الشركاء فان وجد به عيبا فليس لشركاء أن يختلفوا فيه الخ.

(٨) الكافي: البيع ص ٣٥٨ س ١٩ قال: واذا ابتياع اثنان أو أكثر من ذلك حيوانا فظهر به عيب إلى أن قال: لم يكن لهما الا أحد الامرين.

(٩) الوسيلة: فصل في بيان أحكام الرد بالعيب ص ٢٥٦ س ٥ قال: لو ابتياع جماعة متاعا بالشركة وظهر به عيب الخ.

(١٠) المهذب: ج ١ باب بيع المعيوب ص ٣٩٣ س ١٧ قال: واذا اشترى اثنان مملوكا صفقة واحدة الخ.

٤١٣

وهنا مسائل الاولى: التصرية تدليس، يثبت بها خيار الرد، ويرد معها مثل لبنها، أو قيمته مع التعذر، وقيل صاع من بر.

الثانية: الثيوبة ليست عيبا، نعم لو شرط البكارة فثبت سبق الثيوبة كان له الرد، ولو لم يثبت التقدم فلا رد، لان ذلك قد يذهب بالنزوة.

الثالثة: لا يرد العبد بالاباق الحادث عند المشتري، ويرد بالسابق.

الرابعة: لو اشترى أمة لا تحيض في ستة أشهر فصاعدا ومثلها تحيض، فله الرد، لان ذلك لا يون إلا لعارض.

الخامسة: لا يرد البزر والزيت بما يوجد فيه من التفل المعتاد، نعم لو خرج عن العادة جاز رده إذا لم يعلم.

السادسة: لو تنازعا في التبري من العيب ولا بينة، فالقول قول منكره مع يمينه، مالم يكن هنا قرينة حال تشهد لاحدهما.

السابعة: يقوم المبيع صحيحا ومعيبا، ويرجع المشتري على البايع بنسبة ذلك من الثمن، ولو اختلف أهل الخبرة رجع إلى القيمة الوسطى.المصنف(١) والعلامة(٢) .

قال طاب ثراه: التصرية تدليس يثبت بها خيار الرد، ويرد معها مثل لبنها أو قيمته مع التعذر، وقيل: صاع من بر.أقول: هنا مسائل:،

____________________

(١) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٢) المختلف: في العيوب ص ١٩٦ س ٢٨ قال: بعد نقل قول المشهور: والاقرب الاول.

٤١٤

الاولى: التصرية عبارة عن تحفيل الشاة، ومعناه أن يترك البايع حلبها أياما ليتوفر اللبن في ضرعها، ثم يخرجها إلى السوق فيراها المشتري فيظنها حلوبة، فيدخل على ذلك، فله الخيار اجماعا وهل يرد معها اللبن مع وجوده؟ أو لا؟ فيه ثلاثة أقوال:

(أ) نعم، يرده مع وجوده، فإن بقيت أوصافه رده ولا شئ عليه، وان تغير رده مع الارش، ومع فقده يرد مثله، فإن تعذر فعليه قيمته، ذهب اليه الشيخ في النهاية(١) وبه قال المفيد(٢) والقاضي(٣) وابن ادريس(٤) واختاره المصنف(٥) والعلامة(٦) .

(ب) يرد معها لبنها أو عوضه صاعا من حنطة أو تمر قاله ابوعلي(٧) .

(ج) يرد معها عوض اللبن صاعا من بر أو تمر، وان كان اللبن موجودا، ولا يجب ر البايع على أخذ عين اللبن، فان تعذر الصاع فقيمته وان بلغ قيمة الشاة قاله

____________________

(١) النهاية: باب العيوب الموجبة للرد ص ٣٩٤ س ٥ قال: وترد الشاة المصراة إلى أن قال: واذا ردها رد معها قيمة ما احتلب الخ.

(٢) المقنعة: باب العيوب الموجبة للرد ص ٩٢ س ٢٥ قال: وترد الشاة المصراة إلى أن قال: واذا ردها رد مع القيمة ما احتلبه الخ.

(٣) المهذب: ج ١ باب بيع المصراة ص ٣٩١ س ٢٠ قال: واذا ابتاعها وأراد ردها مع صاع من تمر أو صاع من بر إلى أن قال: فان لم يجد ذلك كان عليه القيمة ولو بلغت فيه القيمة قيمة الشاة.

(٤) السرائر: باب الشرط في العقود ص ٢٢٢ س ١٧ قال: فان كان مصراة وكان اللبن قائم العين رده بحاله وان كان تالفا الخ.

(٥) لا حظ عبارة المختصر النافع.

(٦) و(٧) المختلف: في العيوب ص ١٩٤ س ٢٥ قال: بعد نقل قول المقنعة والنهاية اولا،: والمعتمد الاول، قال قبل ذلك بأسطر.ابن الجنيد: إلى أن قال: يرد معها عوضا عما حلب صاعا من حنظة أو تمر الخ.

٤١٥

القاضي في المهذب(١) وتردد الشيخ في المبسوط بين إجبار البايع على قبول عين اللبن مع وجوده، وعدم اجباره، بل له الصاع لعموم النص(٢) ويمكن حمل قول المبسوط والقاضي على تغير اللبن، اذ هو الغالب لسرعة انفعاله، لكن يبقى الاشكال في إلزامه بالصاع عند ذلك، بل مقتضى الاصل رد أرشه، ويخالف الدليل، وهو عموم النص.

الثانية: هل تثبت التصرية في البقرة والناقة؟ قال الشيخ في الكتابين: نعم، وادعى عليه الاجماع(٣) وبه قال القاضي(٤) وابن ادريس(٥) وابوعلي(٦) وتوقف العلامة في المختلف ومال فيه إلى عدم الثبوت(٧) واستقربه في القواعد(٨) وهو مذهب الشهيد(٩) وتردد المصنف(١٠)

____________________

(١) تقدم آنفا.

(٢) المبسوط: ج ٢ فصل في بيع المصراة ص ١٢٤ س ٢٢ قال: المصراة أن يترك حلب النافة أو البقرة أو الشاة إلى أن قال: واذا كان لبن التصرية باقيا لم يشرب منه شيئا فأراد رده مع الشاة لم يجبر البايع عليه وإن قلنا انه يجبر عليه كان قويا.

(٣) الخلاف: كتاب البيوع مسألة ١٦٩ قال: التصرية في البقرة مثل التصرية في النافة والشاة.وفي المبسوط ما تقدم آنفا.

(٤) المهذب: ج ١ باب بيع المصراة ص ٣٩١ س ٩ قال: المصراة هي الناقة أو البقرة أو الشاة.

(٥)السرائر: باب العيوب الموجبة للرد ص ٢٢٦ س ٣١ قال: وترد الشاة المصراة إلى أن قال: وكذلك حكم البقرة والناقة.

(٦) و(٧) المختلف: في العيوب ص ٤ س ٢٩ قال بعد نقل قول الشيخ في المبسوط والخلاف: وبه قال ابن الجنيد، ثم قال: ونحن في ذلك من المتوفقين.

(٨) القواعد: كتاب المتاجر، المطلب الثالث ص ١٤٧ س ٧ قال: والاقرب ثبوت التصرية في البقرة والناقة.

(٩) الدروس: كتاب الخيار ص ٣٦٣ س ٤ قال: ومن التدليس التصرية في الشاة والناقة والبقرة.

(١٠) الشرايع: كتاب التجارة، الفصل الخامس في أحكام العيوب، مسائل الاولى، قال: ويثبت التصرية في الشاة قطعا، وفي الناقة والبقرة على تردد.

٤١٦

الثامنة: لو حدث العيب بعد العقد وقبل القبض، كان للمشتري الرد، وفي الارش قولان أشبههما الثبوت.

وكذا لو قبض المشتري بعضا وحدث في الباقي كان الحكم ثابتا فيما لم يقبض.

الثالثة: لا يثبت التصرية في الامة والاتان عند الاكثر، وبه قال الشيخ في الكتابين(١) وتبعه ابن ادريس(٢) والقاضي في المهذب قال: فأما ماعدى الشاة والبقرة والناقة فمختلف فيه وليس على صحة إجرائه فيه دليل(٣) وقال ابوعلي: يثبت في كل حيوان آدمي أو غيره، لان التدليس بكثرة اللبن هو علة الرد وقد يدعوا الحاجة إلى لبن الامة وغيرها من اصناف الحيوان، فيشرع الخيار دفعا للضرر المنفي بالاية والرواية(٤) .

قال طاب ثراه: لو حدث العيب بعد العقد وقبل القبض، كان للمشتري الرد، وفي الارش قولان: وكذا لو قبض المشتري البعض وحدث في الباقي كان الحكم ثابتا فيما لم يقبض.

أقول: هنا مسألتان: الاولى: اذا حدث العيب قبل القبض كان للمشتري الرد قطعا.وهل له

____________________

(١) المبسوط: ج ٢ فصل في بيع المصراة ص ١٢٥ س ١٢ قال: والتصرية في الجارية لا تصح، ثم قال: واذا صرى اتانا لم يكن له حكم التصرية، وفي الخلاف: كتاب البيوع، مسألة ١٧٠ ١٧١.

(٢) السرائر: باب العيوب الموجبة للرد ص ٢٢٦ س ٣١ قال: وترد الشاة المصراة إلى أن قال وكذلك حكم البقرة والناقة ولا تصرية عندنا في غير ذلك.

(٣) المهذب: ج ١ باب بيع المصراة ص ٣٩١ س ٣١ قال: ولا فرق في تناول ذلك بما ذكرناه بين ناقة او بقرة او شاة فاما ما عدى ذلك الخ.

(٤) المختلف: في العيوب ص ١٩٤ س ٣٣ قال: وقال ابن الجنيد: المصراة من كل حيوان آدمي وغيره

٤١٧

الامساك مع الارش؟ قولان: أحدهما نعم، قاله الشيخ في النهاية(١) والاخر، قاله في الكتابين(٢) واختاره ابن ادريس(٣) وبالاول قال القاضي(٤) والتقي(٥) واختاره العلامة(٦) لان المبيع لو تلف كله لكان من ضمان البايع فكذا أبعاضه، لان المقتضي لثبوت الضمان في الكل وهو عدم القبض، موجود في الابعاض، فيثبت الحكم.ويظهر من المصنف اختيار الاول، لانه جزم في الشرايع بأنه إذا تلف بعض المبيع وليس له قسط من الثمن، بثبوت الخيار للمشتري في الفسخ لاغير(٧) ووجهه أن إجبار البايع على دفع الارش على خلاف الاصل، لانه مارضي ببذل عينه إلا في مقابلة كل الثمن، وأخذ المبيع منه ببعضه من غير إختياره يكون تجارة عن غير تراض، وهو محرم بالاية(٨) .فيقتصر فيه على موضع الاجماع، وهو في

____________________

(١) النهاية: باب العيوب الموجبة للرد، ص ٣٩٥ س ٨ قال: وان أراد أخذه وأخذ الارش كان له ذلك.

(٢) المبسوط: فصل في ان الخراج بالضمان ص ١٢٧ س ١٣ قال: واذا وجد المشتري عيبا إلى أن قال: لم يجبر البايع على بذل الارش وفي الخلاف: كتاب البيوع مسألة ١٧٧ قال: اذا حدث بالمبيع.

عيب إلى أن قال: وليس له اجازة البيع مع الارش.

(٣) السرائر: باب العيوب الموجبة للرد ص ٢٢٥ س ٣٠ قال: كان المشتري مخيرا بين رد المبتاع والمطالبة بالارش.

(٤) المهذب: ج ١ باب بيع العيوب ص ٣٩٢ س ٢٢ قال: من اشترى شيئا ثم وجد به عيبا لم ينبه له البايع كان مخيرا بين الرضا به وبين رده واسترجاع الثمن.

(٥) الكافي: البيع ص ٣٨٥ س ٥ قال: ومقتضى العقد المطلق يوجب تسليم المبيع صحيحا والثمن جيدا، فان ظهر عيب في أحدهما الخ.

(٦) المختلف: في العيوب ص ١٥٩ س ٣٠ قال: والمعتمد الاول، أي الامساك مع الارش.

(٧) الشرايع: كتاب التجارة، النظر الثالث في التسليم، قال: الثالثة، لو باع جملة فتلف بعضها إلى أن قال: وان لم يكن له قسط من الثمن كان للمشتري الرد أو أخذه بجملة الثمن الخ.

(٨) النساء: ٢٩

٤١٨

الفصل الخامس: في الربا

وتحريمه معلوم من الشرع، حتى أن الدرهم منه أعظم من سبعين زنية.ويثبت في كل مكيل أو موزون مع الجنسية، وضابط الجنس ما يتناوله اسم خاص، كالحنطة به الحنطة، والارز بالارز.ويشترط في بيع المثلين التساوي في القدر، فلو بيع بزيادة حرم نقدا ونسيئة، " ويصح متساويا يدا بيد، ويحرم نسيئة "، ويجب إعادة الربا مع العلم بالتحريم، فان جهل صاحبه وعرف الربا تصدق به، وإن عرفه وجهل الربا صالح عليه، وان مزجه بالحلال وجهل المالك والقدر تصدق بخمسة ولو جهل التحريم كفاه الانتهاء.صورة سبق العيب على العقد، لان اجزاء الثمن مقسطة على أجزاء المبيع، ويكون البايع قد قبض بعض الثمن، وهو غير مستحق له، فيرجع به إليه، ولانه يقرب أن يكون من باب الغبن، فبقي في الباقي على الاصل، لعدم حصول هذه المعاني فيه، وبالجملة المسألة مشكلة.

الثانية: اذا قبض بعضا وحدث في الباقي عيب، قال المصنف: " كان الحكم ثابتا فيما لم يقبض " معناه أنه يتخير المشتري بين إمساكه مجانا، أو مع المطالبة بأرشه على الخلاف، وبين رده، لاختصاصه بوجود العلة الموجبة للحكم المذكور، فيختص به دون الباقي.ويحتمل قويا عدم جواز الرد للبعض، بل الكل، أو يأخذ الارش على الاحتمالين، لمحذور تبعيض الصفقة على البايع.

قال طاب ثراه: ولو جهل التحريم كفاه الانتهاء.

٤١٩

أقول: هذا قول الشيخ(١) وبه قال الصدوق في كتابيه، اعني المقنع(٢) وكتاب من لا يحضره الفقيه(٣) ، لقوله تعالى " فمن جاء‌ه موعظة من ربه فانتهى فله ماسلف(٤) ولما روي عن الصادقعليه‌السلام : كل ربا أكله الناس بجهالة ثم تابوا فإنه يقبل منهم اذا عرفت منهم التوبة(٥) وقال ابن ادريس: بل يجب عليه رد المال(٦) وهو ظاهر أبي علي(٧) واختاره العلامة في كتبه(٨) لقوله تعالى " فإن تبتم فلكم رؤوس اموالكم "(٩) ولانها معاوضة باطلة، فلا ينتقل بها الملك، واجابوا عن الاية باحتمال العود إلى الذنب، يعنى سقوطه عنه بالتوبة، أو ما كان في زمن الجاهلية كما ذكره الشيخ في التبيان(١٠) وأجمع الكل على وجوب الاستغفار والتوبة منه مع إرتكابه مع العلم والجهالة، لانه من الكبائر.

____________________

(١) النهاية: باب الربا، ص ٣٧٦ س ٢ قال: فمن ارتكب الربا بجهالة، فليستغفر الله في المستقبل وليس عليه فيما مضي شئ.

(٢) ما وجدناه في المقنع ولكنه موجود في الهداية: لا حظ ص ٨٠(١٣٧) باب الرباس(١٩) قال: ومن اكل الربا جهالة إلى أنقال: ولا اثم عليه فيما لا يعلم الخ.

(٣) من لا يحضره الفقيه: ج ٣(٨٧) باب الربا ص ١٧٥ الحديث ٧ وقطعة من حديث ٩ وفيه (فمن) جهلة وسعة جهلة حتى يعرفه.)

(٤) البقرة: ٢٧٥.

(٥) تقدم نقله عن كتاب من لا يحضره الفقيه: ص ٥ الحديث ٧.

(٦) السرائر: باب الربا وأحكامه ص ٢١٥ س ٥ قال: بعد نقل قول الشيخ في النهاية: المراد بذلك ليس عليه شئ من العقاب، إلى أن قال: بل يجب عليه رده إلى صاحبه.

(٧) و(٨) المختلف: في أحكام الرباص ١٧٤ س ٣٧ قال: وقال ابن الجنيد من اشتبه عليه الربا لم يكن له تقدم عليه الخ ثم قا ل، بعد نقل قول ابن ادريس بوجوب الرد: وهو الاقرب.

(٩) البقرة: ٢٧٩.

(١٠) ا لنبيان: ج ٢ ص ٣٦٠ س ٢٣ قال: قال: ابوجعفرعليه‌السلام من أدرك الاسلام وتاب مما كان عمله في الجاهلية وضع الله عنه ما سلف.

٤٢٠