المهذب البارع في شرح المختصر النافع الجزء ٣

المهذب البارع في شرح المختصر النافع0%

المهذب البارع في شرح المختصر النافع مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 584

المهذب البارع في شرح المختصر النافع

مؤلف: العلامة جمال الدين ابي العباس احمد بن محمد بن فهد الحلي
تصنيف:

الصفحات: 584
المشاهدات: 108718
تحميل: 4613


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 584 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 108718 / تحميل: 4613
الحجم الحجم الحجم
المهذب البارع في شرح المختصر النافع

المهذب البارع في شرح المختصر النافع الجزء 3

مؤلف:
العربية

[واذا اذن له في الوصية جاز، ولو لم يأذن فقولان: أشبههما أنه لايصح. ومن لاوصى له فالحاكم وصى تركته].

الوجوب أو الندب؟ ابن ادريس على الاول(١) والشيخ، وابن الجنيد، والعلامة على الثاني(٢) (٣) (٤) لان لفظ الاستعفاف تؤذن بالندبية.

قال طاب ثراه: وان أجاز له في الوصية جاز، ولو لم يأذن فقولان: أشبههما انه لايصح.

أقول: اذا نص الموصي على الايصاء لاشك في جوازه، واذا نص على عدمه لاشك في منعه.

وانما البحث على الاطلاق، فهل يجوز أن يوصى من حيث أنه ملك ولاية يتملك الايصاء بها؟ أم لا؟ من حيث أنه تصرف ولم يؤذن فيه، ويفتقر التصرف في حق الغير إلى صريح الاذن.

الشيخ في النهاية على الاول(٥) وبه قال القاضي(٦)

____________________

(١) السرائر: باب التصرف في اموال اليتامى، ص ٢٠٥ س ٣٦ قال: فان كان غنيا فلا يجوز له أخذ شئ من أموالهم.

(٢) النهاية: باب التصرف في أموال اليتامى، ص ٣٦٢ س ١٩ قال: فان نقص نفسه كان له في ذلك فضل وثواب، وان لم يفعل كان له المطالبة باستيفاء حقه من اجرة المثل الخ.

(٣) و(٤) المختلف: كتاب التجارة، ص ١٦٧ س ١٦ قال وقال: ابن الجنيد إلى أن قال: والموسر احب الينا من المحتاج، ويكون للمحتاج من الاجرة على قدر قيامه لا على قدر حاجته، إلى أن قال العلامه بعد أسطر: وقوله تعالى (ومن كان غنيا فليستعفف) لااشعار فيه بالوجوب، بل يدل بمفهومه على الاولوية.

(٥) النهاية: باب الاوصياء، ص ٦٠٧ س ٦ قال: واذا حضر الوصي الوفاة وأراد أن يوصي إلى غيره، جاز له أن يوصي اليه الخ.

(٦) المهذب: ج ٢ باب الاوصياء، ص ١١٧ س ١٩ قال: ومن كان وصيا لغيره وحضرته الوفاة وأراد أن يوصى إلى غيره جاز له أن يوصي الخ.

١٢١

الفصل الخامس: في الموصى به

وفيه أطراف: (الاول) في متعلق الوصية، ويعتبر فيه الملك، فلا تصح بالخمر، ولا بآلات اللهو، ويوصى بالثلث فما نقص. ولو أوصى بزيادة عن الثلث صح في الثلث وبطل الزائد، فإن أجاز الورثة بعد الوفاة صح. وان أجاز بعض صح في حصته، وان أجازوا قبل الوفاة، ففى لزومه قولان، المروى: اللزوم. ويملك الموصى به بعد الموت] وابوعلي(١) .

والمفيد على الثاني(٢) وبه قال ابن ادريس(٣) والتقي(٤) وعليه المصنف(٥) والعلامة(٦) لان ولايته تتبع اختيار الموصي، وهو مقصور عليه، فالتخطي مناف لمقتضى الوصية، فيكون تبديلا.

قال طاب ثراه: وإن أجازوا قبل الوفاة ففي لزومه قولان، المروي: اللزوم.

أقول: اللزوم مذهب الشيخ(٧) وابن حمزة(٨) وابي علي(٩) واختاره

____________________

(١) المختلف: في الوصايا، ص ٦٣ س ١٠ قال: ويجوز الايصاء قال ابن الجنيد.

(٢) المقنعة: باب الوصي يوصي إلى غيره، ص ١٠٢ س ٢٦ قال: وليس للوصي ان يوصي إلى غيره الاأن يشترط ذلك الوصي الخ.

(٣) السرائر: باب الاوصياء ص ٣٨٤ س ٢٩ قال بعد نقل قول المفيد في المقنعة: وهذا الذي أختاره وأعمل عليه وأفتي به.

(٤) الكافي: فصل في الوصية ص ٣٦٦ س ٨ قال: ولايجوز للوصي أن يوصي إلى غيره الا أن يجعل له الموصي.

(٧) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٥) المختلف: في الوصايا، ص ٦٣ س ١٦ قال بعد نقل قول المفيد وابي الصلاح وابن ادريس: وهو المعتمد.

(٦) النهاية: باب الوصية ومايصح منها ومالا يصح، ص ٦٠٨ س ١٨ قال: فان وصى باكثر من الثلث ورضي به الورثة إلى أن قال: لافي حال حياته ولا بعد وفاته.

(٨) الوسيلة: فصل في بيان أحكام الوصية ص ٣٧٥ س ١٠ قال: فان أوصى باكثر من الثلث إلى أن قال: وان رضوا به في حال حياته كان لهم الرجوع بعد وفاته ! وقيل: لم يكن لهم ذلك.

(٩) المختلف: في الوصايا، ص ٥٢ س ١٧ قال بعد نقل قول الشيخ: وافتى به أبوعلي بن الجنيد، ثم قال: والمعتمد قول الشيخ الخ.

١٢٢

المصنف(١) والعلامة(٢) .

وعدمه مذهب المفيد(٣) وتلميذه(٤) وابن ادريس(٥) واطلق الحسن لزومها مع الاجازة، ولم يعين قبل الموت أو بعده(٦) .

احتج الاولون بوجوه:

(أ) عموم قوله تعالى (من بعد بالوصية يوصى بها أو دين)(٧) .

(ب) ان الرد حق للورثة، فاذا رضوا بالوصية سقط حقهم، كما لو رضي المشتري بالعيب.

(ج) ان الاصل عدم إعتبار اجازة الوارث، لكون الوصي متصرفا في ملكه، غايته انه منع من الزيادة على الثلث إرفاقا بالوارث، فاذا رضي زال المانع.

(د) أن المال الموصى به لايخرج عن ملك الموصي والورثة، فهو له مع البرء، ولهم مع الموت، فان كان للموصي، فقد أوصى به، وان كان لهم فقد اجازوه.

____________________

(١) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٢) المختلف: في الوصايا، ص ٥٢ س ١٧ قال بعد نقل قول الشيخ: وافتى به أبوعلي بن الجنيد، ثم قال: والمعتمد قول الشيخ الخ.

(٣) المقنعة: باب الوصية بالثلث أو أقل أو أكثر ص ١٠١ س ٢٦ قال: فان وصى موص بالنصف إلى ان قال: فان أمضوه في الحياة كان لهم الرجوع فيه بعد الموت.

(٤) المراسم: ذكر احكام الوصية ص ٢٠٣ س ١٠ قال: فان أمضى الورثة في حياة الموصى مازاد على الثلث جاز لهم الرجوع فيه بعد الوفاة.

(٥) السرائر: باب الوصية، ص ٣٨٥ س ١٤ قال: فاذا أجازت مافوق الثلث قبل الموت كان لها ردها بعد الموت.

(٦) المختلف: في الوصايا ص ٥٢ س ١٧ قال: وابن أبي عقيل اطلق الخ.

(٧) النساء: ١١.

١٢٣

[وتصح الوصية بالمضاربة بمال ولده الاصاغر].

(ه‍) صحيحة منصور بن حازم عن أبي عبداللهعليه‌السلام (١) وحسنة محمد بن مسلم عنهعليه‌السلام في رجل أوصى بوصية وورثته شهود، فأجازوا ذلك، فلما مات الرجل نقضوا الوصية، هل لهم أن يردوا ما أقروا به؟ قال: ليس لهم ذلك، الوصية جائزة عليهم إذا أقروا بها في حياته(٢) وفي معناها روايات اخر.

وادعى الشيخ الاجماع.

احتج الآخرون بأنها إجازة فيما لايستحقونه، فلا يلزمهم، وهو مردود.

قال طاب ثراه: وتصح الوصية بالمضاربة بمال ولده الاصاغر.

اقول: هذه المسألة يوردها المصنفون في المضاربة وفي كتاب الوصية، وتحقيق البحث فيها أن نقول: موضوع المسألة في كتب الفقه، وما ورد به النص: هوأن ينصب الانسان على أطفاله وصيا ويأذن له في الاتجار بمالهم، ويجعل له نصيبا من الربح معلوما كالنصف مثلا، فهل يمضى ذلك؟ أم لا؟ قال الشيخ في النهاية: نعم(٣) وتبعه القاضي(٤) واختاره المصنف(٥) والعلامة(٦) .

واحتجوا بما رواه خالد بن بكر الطويل قال: دعاني أبي حين حضرته الوفاة، فقال: يابني إقبض مال اخوتك الصغار، واعمل به، وخذ نصف الربح، واعطهم النصف، وليس عليك ضمان، إلى أن قال: فدخلت على أبي عبداللهعليه‌السلام

____________________

(١) و(٢) الفروع: ج ٧، كتاب الوصايا، ص ١٢ باب..الحديث ١ وذيله.

(٣) النهاية: باب الاوصياء، ص ٦٠٨ س ١ قال: واذا أمر الموصي الوصي أن يتصرف في تركته لورثته ويتجر بها ويأخذ نصف الربح، كان جائزا.

(٤) المهذب: ج ٢ (الايصاء للحاضر والغائب) ص ١١٨ س ٨ قال: واذا أمر الانسان وصيه إلى قوله ويتجر لهم بها وله على ذلك نصف الربح.

(٥) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٦) المختلف: في الوصايا، ص ٦٣ س ٢٤ قال بعدنقل قول الشيخ: والوجه ماقاله الشيخ عملا بالرواية المناسبة للاصول الخ.

١٢٤

فقصصت عليه قصتي، فقالعليه‌السلام : أما فيما بينك وبين الله عزوجل فليس عليك ضمان(١) وعن محمد بن مسلم عن أبي عبداللهعليه‌السلام أنه سئل عن رجل أوصى إلى رجل بولده وبمال لهم، فأذن له عند الوصية أن يعمل بالمال ويكون الربح فيما بينهم، فقال: لا بأس، من أجل أن أباه قد أذن له في ذلك، وهو حي(٢) .

قال ابن ادريس: أورد ذلك شيخنا في نهايته، الا أن الوصية لاتنفذ الا في ثلث ماكان يملكه الميت قبل موته، والربح تجدد بعد موته فكيف تنفذ وصيته، وقوله فيه وفي الرواية نظر(٣) وظاهر هذه العبارة يعطى بطلان الوصية، والاول هو المشهور.

واعلم أن هذه المسألة يختلف الفاظ الفقهاء في التعبير عنها، فقال العلامة في القواعد: ولو جعل المريض للعامل من الربح مايزيد عن اجرة المثل لم يحتسب الزائد من الثلث، إذ المتقيد بالثلث، التفويت، وليس حاصلا هنا، لانتفاء الربح حينئذ(٤) وقال المصنف في الشرائع: لو دفع قراضا في مرض الموت وشرط ربحها صح، وملك العامل الحصة(٥) .

وهاتان العباراتان من الكتابين في كتاب المضاربة منهما، وقد عرفت ان أصل المسألة وموضوعها ما قدمناه: من كون العامل هو الوصي والورثة أطفال: وان أردت التفريع عليها تتعد بها عن هذه الصورة إلى غيرها على ما تقتضيه الاصول الفقهية،

____________________

(١) الفروع: كتاب الوصايا باب النوادر، ص ٦١ الحديث ١٦.

(٢) الفروع: كتاب الوصايا، ص ٦٢ الحديث ١٩.

(٣) السرائر: باب الاوصياء، ص ٣٨٤ س ٣٤ قال: أورد ذلك شيخنا في نهايته، الا أن الوصية الخ.

(٤) القواعد: في القراض، ص ٢٤٥ س ١٠ قال: ولو شرط المريض للعامل الخ.

(٥) الشرايع: كتاب المضاربة، الثالث في الربح قال: ولو دفع قراضا في مرض الموت الخ.

١٢٥

فليتصور ذلك في فروع:

(أ) لو كان الورثة كبارا لاتولي عليهم واوصى بالمضاربة بمالهم، لم ينفذ الوصيته، سواء كان الموصى له معينا أز مجهولا، كما لو أوصى بالولاية عليهم، وفرق بينه وبين الوصية بالثلث، لانه قصد في الثاني تمليك الموصى له، فيحتمل من متن المال، وقد أجاز الشارع له ذلك، وهنا لم يقصد تمليكه من متن المال شيئا، بل الوصية في الحقيقة بالولاية على مال الغير، وهو غير جائز.

(ب) لو كان الورثة صغارا وأوصى إلى الوصي بأن يخرج مضاربة إلى الغير، والموصى له غير معين، فيحتمل البطلان هنا، لانها وصية لمجهول، ويحتمل الصحة، فان كان القدر معينا وهو بقدر الثلث فما دون، اخرج إلى ثقة، ويكفي فيه المعاملة الواحدة، بأن يشترى العامل ويبيع، لحصول الامتثال بذلك، وان كان اكثر من الثلث رد اليه، لانه في مظنة التعرير بالمال والمخاطرة به، فاعتبر الثلث.

(ج) كان الورثة صغارا، والموصى له معين، فيجب دفع المقدار اليه، ولايعتبر خروجه من الثلث، ويجب تركه عند الموصي له حتى يبلغ الطفل، وكان الموصى له في الحقيقة وصيا خاصا في هذا المبلغ المعين، ويتصرف بهذا النوع المعين من التصرف، قال المصنف في الشرائع، ولو أوصى إلى انسان بالمضاربة بتركته أو ببعضها على أن الربح بينه وبين الورثة نصفان، صح، وربما اشترط كونه قدر الثلث فأقل(١) .

(د) لو دفع المريض قراضا معجلا، كان ماضيا من الاصل، ولا يعتبر خروجه من الثلث، ولاخروج ربحه.

____________________

(١) الشرائع: كتاب الوصايا، الثالث في الموصى به، وفيه اطراف، الاول، قال: ولو أوصى إلى انسان بالمضاربة الخ.

١٢٦

[ولو أوصى بواجب وغيره، اخرج الواجب من الاصل والباقى من الثلث، ولو حصر الجميع في الثلث بدأ بالواجب ولو اوصى بأشياء تطوعا، فان رتبه بدأ بالاول فالاول حتى يتسوفى الثلث وبطل مازاد، وإن جمع أخرجت من الثلث ووزع النقص واذا أوصى بعتق مماليكه دخل في ذلك المنفرد والمشترك].

أما الاول: فلان المريض لا يمنع من التصرف في عين ماله بغير الاتلاف والمحاباة، فلو عارض بمجموع تركته بثمن المثل نفذ، وها هنا لم يتصرف باتلاف المال، بل تصرف بامر ربما كان سببا في زيادة المال.

وأما الثاني: فلان على المريض والميت من الثلث إنما هو مايصادف المال الموجود، وهذا ليس بموجود، ولهذا لايمنع المريض من قبول هبة أبيه وينعتق عليه حين ملكه، وان لم يملك غيره، لعدم التفويت على الورثة. وإنما طولنا الكلام في هذه المسألة، لانها موضوع إشتباه.

قال طاب ثراه: ولو اوصى بأشياء تطوعا، فإن رتبه بدأ بالاول فالاول حتى يستوفى الثلث وبطل مازاد، وان جمع اخرجت من الثلث ووزع النقص.

أقول: معنى الترتيب هنا أن يذكروا وحدا بعد واحد بحرف العطف، وان لم يكن الحرف مقتضيا للترتيب كالفاء وثم، بل الواو أيضا مرتب وان لم يقتضى الترتيب، عند محققي الاصوليين.

ومعنى الجمع أن يقول: رقابا، أو أعتقوا عبيدي، أو أعطوا كل واحد من فلان وفلان كذا، أو أعطوا الجماعة الفلانية كذا وكذا دينارا يقسمونها بينهم. لان حمران سأل الباقرعليه‌السلام عن رجل أوصى عند موته: أعتقوا فلانا وفلانا وفلانا حتى ذكر خمسة، فنظر في ثلثه فلم يبلغ ثلثه أثمان قيمة المماليك الذين أمر بعتقهم؟ قال ينظر إلى الذين سماهم وبدأ بعتقهم فيقومون وينظر إلى ثلثه،

١٢٧

[(الثاني) في المبهمة: من أوصى بجزء من ماله، كان العشر، وفي رواية السبع، وفي اخرى سبع الثلث].

فيعتق منه أول من سماه ثم الثاني ثم الثالث ثم الرابع ثم الخامس، فان عجز الثلث كان ذلك في الذين سماهم آخرا، لانه أعتق بعد مبلغ الثلث مالا يملك ولايجوز له ذلك(١) ، وقال ابن حمزة: إن أوصى لواحد بعدواحد، لم تخل من وجهين، إما عطف الثاني بحرف العطف، أو أوصى بكرة لواحد، وضحوة لآخر، أو غدا فالاول إن خرج الجميع من الثلث استحقوه، وان لم يخرج قدم الاول فالاول حتى يستوفي الثلث، وان اشتبه أخرج بالقرعة، والثاني إن اخرج من الثلث استحق الجميع، وان لم يخرج قدم الاخير، والاول هو المشهور.

قال طاب ثراه: من أوصى بجزء من ماله كان العشر، وفي رواية السبع، وفي اخرى سبع الثلث.

أقول: هنا ثلاث روايات:

(أ) العشر، وهو في صحيحة عبدالله بن سنان، قال: ان امرأة أوصت إلي، وقالت: ثلثى يقضى به دينى وجزء منه لفلانة، فسألت عن ذلك ابن ابي ليلى؟ فقال: ماأرى لها شيئا، ماأدري ماالجزء، فسألت أباعبداللهعليه‌السلام بعد ذلك وخبرته كيف قالت المرأة، وما قال ابن ابي ليلى، فقال: كذب ابن أبي ليلى، لها عشر الثلث، ان الله تعالى أمر ابراهيمعليه‌السلام وقال له: (اجعل على كل جبل منهن جزء)(٢) وكانت الجبال عشرة، فالجزء هو العشر من الشئ(٣) وفي حسنة أبان بن تغلب عن الباقرعليه‌السلام ، الجزء واحد من عشرة، لان الجبال عشرة،

____________________

(١) الفقيه: ج ٤(١٠٦) باب الوصية بالعتق والصدقة والحج ص ١٥٧ الحديث ٣.

(٢) البقرة: ٢٦٠.

(٣) الفروع: ج ٧، باب من أوصى بجزء من ماله، ص ٣٩ الحديث ١.

١٢٨

والطير أربعة(١) وبمضمونها قال الصدوقان(٢) والشيخ في كتابي الاخبار(٣) واختاره المصنف(٤) والعلامة(٥) لاصالة بقاء التركة على ملك الوارث، فيقتصر على المتيقن، ولهذا أعطينا من أوصى له بمثل نصيب أحد ورثته، مثل أقلهم عملا بالمتيقن، فكذا هنا.

(ب) السبع، وهو في صحيحة احمد بن محمد بن ابي نصر قال: سألت أبا الحسنعليه‌السلام عن رجل أوصى بجزء من مال؟ فقال: واحد من سبعة، ان الله تعالى يقول: (لها سبعة ابواب لكل باب منها جزء مقسوم)(٦) (٧) وبمضمونها قال في النهاية(٨) والخلاف(٩) وبه قال المفيد(١٠) وتلميذه(١١) والسيد(١٢)

____________________

(١) الفروع: ج ٧، باب من أوصى بجزء من ماله، ص ٤٠ الحديث ٣.

(٢) المقنع: باب الوصايا ص ١٦٣ س ٥ قال: وان اوصى بجزء من ماله فهو واحد من عشرة.

وفي المختلف: في الوصايا ص ٥٣ س ٢٤ قال: قال في كتابي الاخبار: انه العشر وبه قال على بن بابويه وابنه.

(٣) التهذيب: ج ٩، ص ٢٠٨(١٦) باب الوصية البهمة، الحديث ١ ٢ ٣ ٤ وفي الاستبصار: ج ٤ ص ١٣١(٧٩) باب من أوصى بجزء من ماله، الحديث ١ ٢ ٣ ٤.

(٤) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٥) المختلف: في الوصايا، ص ٥٣ س ٢٥ قال بعد نقل قول الشيخ في كتابي الاخبار: وهو المعتمد.

(٦) الحجر: ١٥.

(٧) التهذيب: ج ٩،(١٦) باب الوصية المبهمة ص ٢٠٩ الحديث ٥.

(٨) النهاية: باب الوصية المبهمة ص ٦١٣ س ٥ قال: كان ذلك سبعا من ماله، ثم قال: فان أوصى بسهم من ماله كان ذلك الثمن الخ.

(٩) الخلاف: كتاب الوصايا، مسألة ٧ قال: اذا قال لفلان جزء من مالي كان له واحد من سبعة، وقال في مسألة ٩ اذا قال: لفلان سهم من مالي كان له سدس ماله الخ.

(١٠) المقنعة: باب الوصية المبهمة، ص ١٠٢ س ١٣ قال: كان السبع من ماله إلى أن قال: وإن وصى بسهم من ماله كان الثمن من ماله.

(١١) المراسم: ذكر احكام الوصية، ص ٢٠٤ س ١٧ قال: فان كان بجزء ماله كان بالسبع أو ان كان بسهم كان بالثمن.

(١٢) لم نظفر عليه.

١٢٩

[ولو اوصى بسهم كان ثمنا، ولو كان بشئ كان سدسا].

وابوعلي(١) وابن حمزة(٢) والقاضي(٣) وابن ادريس(٤) .

(ج) سبع الثلث، وهو في رواية الحسين بن خالد عن أبي الحسنعليه‌السلام قال: سألته عن رجل أوصى بجزء من ماله؟ قال: سبع ثلثه(٥) ذكرها الصدوق في كتابه.

قال طاب ثراه: ولو أوصى بسهم كان ثمنا.

أقول: لا خلاف في تفسير الشئ أنه الدس.

وفي السهم ثلاثة أقوال:

(أ) الثمن، قاله المفيد(٦) وابوعلي(٧) والصدوق(٨) والقاضي(٩) وسلار(١٠) وابن ادريس(١١) واختاره الشيخ في النهاية(١٢) وهو اختيار المصنف(١٣) والعلامة(١٤) لموثقة السكوني عن الصادقعليه‌السلام انه سئل عن رجل يوصي

____________________

(١) المختلف: في الوصايا، ص ٥٣ س ٢٤ قال بعد نقل قول المفيد: وكذا قال ابن الجنيد، وقال في س ٣٦ في الوصية بالسهم وقال المفيد: انه الثمن، وهو قول ابن الجنيد.

(٢) الوسيلة: في بيان احكام الوصية ص ٣٧٨ س ٣ قال: وان أوصى بجزء من ماله أو بسهم، كان الاول وصية بالسبع والثاني بالثمن.

(٣) الجوامع الفقهية: جواهر الفقه، ص ٥٠٣ س ١٥ قال: واذا أوصى بجزء من ماله كان ذلك السبع، واذا أوصى بسهم كان الثمن.

(٤) السرائر، باب الوصية المبهمة ص ٣٨٨ س ٣٥ قال: اذا أوصى بجزء من ماله كان ذلك السبع إلى قوله: وان أوصى بسهم كان ذلك الثمن.

(٥) الاستبصار: ج ٤(٧٩) باب من أوصى بجزء من ماله، ص ١٣٣ الحديث ٨ وفي الفقيه: ج ٤(١٠٠) باب الوصية بالشئ من المال والسهم والجزء ص ١٥٢ الحديث ٥.

(٦) و(٧) و(٨) و(٩) و(١٠) قد علم آرائهم مما اثبتناه آنفا.

(١١) المقنع: باب الوصايا ص ١٦٣ س ٥ قال: وان أوصى بجزء من ماله فهو واحد من عشرة، وان أوصى بسهم من ماله فهو واحد من ستة.

(١٢) تقدم نقله أنفا.

(١٣) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(١٤) المختلف: في الوصايا، ص ٥٣ س ٣٧ قال بعد نقل قول المفيد والصدوق: وهو المعتمد].

١٣٠

[ولو أوصى بوجوه فنسي الوصي وجها، صرف في البر، وقيل: يرجع ميراثا].

بسهم من ماله؟ فقال: السهم واحد من ثمانية(١) .

(ب) انه السدس، قاله الشيخ في الكتابين(٣) وبه قال الفقيه(٣) .

(ج) انه العشرة، وهو في رواية طلحة بن زيد عن الباقرعليه‌السلام قال: من اوصى بسهم من ماله فهو سهم من عشرة(٤) ، وهو بترى.

قال طاب ثراه: ولو أوصى بوجوه، فنسي الوصي وجها، صرف في البر، وقيل: يرجع ميراثا.

أقول: بالاول قال الشيخان(٥) والصدوق(٦) والقاضي(٧) واختاره المصنف(٨) والعلامة(٩) وبالثاني قال ابن ادريس وحكاه عن الشيخ في المسائل الحائريات(١٠) .

____________________

(١) الفروع: ج ٧، باب من أوصى بسهم من ماله، ص ٤١ الحديث ١.

(٢) المبسوط: ج ٤ كتاب الوصايا ص ٨ س ٣ قال: واذا أوصى له بسهم من ماله كان له السدس، وفي الخلاف، كتاب الوصايا، مسألة ٩.

(٣) المختلف: في الوصايا، ص ٥٣ س ٣٦ قال: وفي المبسوط انه السدس، وبه قال: علي بن بابويه.

(٤) الاستبصار: ج ٤(٨٠) باب من أوصى بسهم من ماله، ص ١٣٤ الحديث ٣.

(٥) المقنعة: باب الوصية المبهمة، ص ١٠٢ س ٢٠ قال: فان أوصى رجل إلى رجل وجعلها ابوابا فنسي الوصي بابا إلى أن قال: في وجوه البر وفي النهاية: باب الوصية المبهمة، ص ٦١٣ س ١٦ قال: فان أوصى بوصية وجعلها ابوابا إلى أن قال: فليجعل ذلك السهم في وجوه البر.

(٦) المقنع: باب الوصايا ص ١٦٧ س ١٠ قال: فان أوصى بوصيه ولم يحفظ الوصي إلى أن قال: فان الابواب الباقية تجعل في البر.

(٧) و(٨) لم اعثر عليه في المهذب والجواهر، ولكن في المختلف: ص ٥٩ س ٣٧ قال بعدنقل قول الشيخ: وكذا قال ابن البراج إلى ان قال بعد نقل قول ابن ادريس: والمعتمد الاول.

(٩) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(١٠) السرائر: باب شرائط الوصية، ص ٣٨٩ س ٦ قال: فان أوصى الانسان بوصية وجعلها ابوابا مسماة، فنسي الوصي بابا منها إلى أن قال: وقال شيخنا في جواب الحائريات اذا نسي الوصي جميع أبواب الوصيته فانها تعود ميراثا للورثة، فنعم ماقال الخ.

أقول: الظاهر هو الفرق بين نسيان جميع ابواب الوصية ونسيان باب من ابوابها ولايقاس أحدهما بالاخرى كما هو المستفاد من الفتاوى.

١٣١

[ولو أوصى بسيف وهو في جفن وعليه حلية، دخل الجميع في الوصية على رواية يجبر ضعفها الشهرة. وكذا لو أوصى بصندوق وفيه مال، دخل المال في الوصية، وكذا قيل: لو أوصى بسفينة وفيها طعام، استنادا إلى فحوى رواية].

احتج الاولون بقوله تعالى (فمن بدله بعد ماسمعه)(١) ودفعه إلى الورثة وجعله ميراثا تبديل للوصية، وبما رواه محمد بن ريان، قال: كتبت اليه (يعنى علي بن محمدعليهما‌السلام ) أسأله عن انسان يوصي بوصية فلم يحفظ الوصي الا بابا واحدا منها، كيف يصنع في الباقي؟ فوقععليه‌السلام : الابواب الباقية اجعلها في البر(٢) ولانه بالوصية خرج عن ملك الورثة، وقد خفي مالكه ومستحقه، فوجب صرفه في البر كغيره.

إحتج الآخرون: بانها وصية بطلت، لامتناع القيام بها، فيرجع إلى الميراث، واجيب بمنع الملازمة، فان المعين وان بطل، لكن مطلق الاخراج عن ملك الوارث ثابت.

قال طاب ثراه: ولو أوصى بسيف وهو في جفن وعليه حلية دخل الجميع في الوصية على رواية يجبر ضعفها الشهرة.

وكذا لو أوصى بصندوق وفيه مال دخل المال في الوصية.

وكذا قيل: لو أوصى بسفينة وفيها طعام، إستنادا إلى فحوى رواية.

____________________

(١) سورة البقرة / ١٨١.

(٢) التهذيب: ج ٩(١٦) باب الوصية المبهمة، ص ٢١٤ الحديث ٢١.

١٣٢

أقول: هنا مسائل:

(أ) هل يشترط في الموصي لهذه الاشياء أن يكون عدلا؟ قال الشيخ في النهاية: نعم، حيث قال عند دخول هذه في الوصية: هذا إذا كان الموصي عدلا مأمونا، فان لم يكن عدلا وكان متهما لم تنفذ الوصية في اكثر من ثلثه(١) وتبعه القاضي في ذلك(٢) وباقي الاصحاب على عدم الاشتراط، ولعل الشيخ أراد الاقرار وعبر عنه بالوصية، فلهذا اعتبر التهمة وعدمها، معولا في ذلك على رواية عقبة بن خالد عن الصادقعليه‌السلام عن رجل قال: هذه السفينة لفلان، ولم يسم ما فيها، وفيها طعام، أيعطاها الرجل وما فيها؟ قال: هي للذي أوصى له بها، إلا أن يكون صاحبها متهما، وليس للورثة شئ(٣) .

قال العلامة: ولا دلالة فيه على أن الموصي اذا كان عدلا يخرج من الاصل، وان كان متهما يخرج من الثلث(٤) .

قلت: اعتبار التهمة وعدمها يكفي عن ذكر العدالة، لان صيغة الوصية صيغة الاقرار، والعدل لايقول غير الواقع ولايجوز أن يظلم الورثة بتصرفه في أكثر من الثلث، فلما ذكر التهمة في الخبر عبر الشيخ عن ضدها بالعدالة، فيكون شرطا في تنفيذ مجموع اما أقربه، ماضيا من الاصل، ولهذا قال عقيبه: (وان كان متهما لم تنفذ الوصية في اكثر من ثلثه).

(ب) هل يدخل ما في هذه الاشياء وعليها ام لا؟ فيه مذهبان:

____________________

(١) النهاية: باب الوصية المبهمة، ص ٦١٤ س ٤ قال: هذا اذا كان الموصي عدلا مامونا الخ.

(٢) لم اعثر عليه في المهذب.

(٣) التهذيب: ج ٩(١٦) باب الوصية المبهمة، ص ٢١٢ الحديث ١٥.

(٤) المختلف: في الوصايا، ص ٦٠ س ١٢ قال: ولا دلالة فيه على أن الموصي اذا كان عدلا يخرج من الثلث الخ.

١٣٣

أحدهما: لا، لان الوصية تعلقت بالسيف وليس الجفن من مسماه، ولا لازما لمعناه، وكذا الكلام في السفينة والصندوق، فإن المظروف ليس جزء من الظرف ولا لازما له، وهو نادر.

والآخر: نعم، قاله الشيخان(١) وابوعلي(٢) والصدوق(٣) والقاضي(٤) والتقي(٥) وابن ادريس(٦) .

واستدلوا عليه برواية ابي جميله عن الرضاعليه‌السلام قال: سألته عن رجل أوصى لرجل بسيف في جفن وعليه حلية، فقال له الورثة: انما لك النصل وليس لك المال، فقال: لا، بل السيف بما فيه له.

قال: وقلت له: رجل أوصى لرجل بصندوق وكان فيه مال، فقال الورثة: انما لك الصندوق وليس لك المال، قال: فقال ابوالحسنعليه‌السلام : الصندوق بما فيه له(٧) .

وابوجميلة هذا كذا ملعون، لكن اكثر الاصحاب مطبقون على العمل بها،

____________________

(١) المقنعة: باب الوصية المبهمة، ص ١٠٢ س ٢١ قال: اذا وصى الانسان لانسان بصندوق مقفل وكان في الصندوق متاع، فالصندوق بما فيه للموصى له الخ وفي النهاية، باب الوصية المبهمة ص ٦١٣ س ١٨ قال: واذا اوصى الانسان لغيره بسيف وكان في جفن وعليه حلية الخ.

(٢) و(٣) المختلف: في الوصايا، ص ٦٠ س ١٤ قال: لكن الشيخان وابن الجنيد وابن البراج ذكروا ذلك واستدلوا بما رواه الخ.

(٤) المقنع: باب الوصايا، ص ١٦٦، س ٧ قال: وان أوصى لرجل بصندوق أو سفينة إلى أن قال: فهو مع مافيه لمن أوصى له الخ.

(٥) الكافي: فصل في الوصية ص ٣٦٥ س ٢ قال: واذا أوصى لغيره بصندوق مقفل إلى ان قال: فالوعاء وما فيه للموصى له الخ.

(٦) السرائر: باب الوصية المبهمة ص ٣٨٩ س ٩ قال: واذا أوصى الانسان لغيره بسيف إلى أن قال: كان السيف له بما فيه الخ.

(٧) التهذيب: ج ٩(١٦) باب الوصية المبهمة، ص ٢١١ الحديث ١٤.

١٣٤

فلهذا قال: (يجبر ضعفها الشهرة) وهذه الرواية هي مستند الحكم في السيف والصندوق.

وأما مستند الحكم في السفينة فرواية عقبة بن خالد عن الصادقعليه‌السلام قال: سألته عن رجل قال: هذه السفينة لفلان، ولم يسم ما فيها، وفيها طعام، أيعطاها الرجل وما فيها؟ قال: هي للذي أوصى له بها، إلا أن يكون صاحبها استثنى ما فيها(١) .

ولما كان قولهعليه‌السلام (هي للذي اوصى له بها) غير صريح الا في دخول السفينة خاصة، ويفهم من فحوى باقى الكلام دخول ما فيها بقوله (الا ان يكون صاحبها إستثنى ما فيها) قال المصنف: إلى فحوى رواية.

وفحوى الكلام مافهم معناه من قصد المتكلم لقرينة من غير دلالة اللفظ عليه.

واختار المصنف في الشرائع الدخول جزما ونسب القول الآخر إلى البعد(٢) والعلامةرحمه‌الله فصل في المختلف فقال: بدخول ما في هذه الاشياء، وعليها مع القرينة، وعدمه مع عدمها(٣) وقال في المعتمد: ويدخل حلية السيف المعين فيه، دون جفنه، ولا يدخل المظروف في السفينة والصندوق والجراب(٤) .

(ج) أطلق الشيخ الصندوق والجراب(٥) وقيد المفيد الصندوق بالمقفل

____________________

(١) الفقيه: ج ٤(١٠٨) باب الرجل يوصي لرجل بسيف أو صندوق أو سفينة، ص ١٦١ الحديث ٢.

(٢) الشرائع: الطرف الثاني في الوصية المبهمة، قال: ولو اوصى بسيف معين، دخل الجفن والحلبة في الوصية الخ.

(٣) المختلف: في الوصايا ص ٦٠ س ١٩ قال: فالوجه حينئذ التفصيل الخ.

(٤) لم نظفر على هذا الكتاب.

(٥) النهاية: باب الوصية المبهمة، ص ٦١٣ س ١٨ قال: واذا أوصى الانسان لغيره بسيف وكان في جفن وعليه حلية، كان السيف له بما فيه وعليه الخ.

١٣٥

[ولا يجوز اخراج الولد من الارث ولو أوصى الاب، وفيه رواية مطرحة].

والجراب بالمشدود والوعاء بالمختوم(١) وكذا التقي(٢) .

(د) هل يسري الحكم إلى غير هذه المذكورات إلى ما يشابههما؟ احتمالان: أحدهما، لا، لعدم النص في غيرها، فيقتصر على مورده، ومن تعميم العلة، وصرح ابوعلي فقال: اذا أوصى رجل بشئ يشمل اسمه على أعيان متصلة به، كان جميعها له، كالرجل يوصى لرجل بسيفه فهو له وجفنه وما عليه من الحلية، وكذا القول في الروشن إن كان للدار.

ولو كانت الوصية بوصف كقوله: جراب هروى، أو سلة زعفران كانا جميعا له، فان قال: مافي الجوالق، لم تكن الجوالق له(٣) وقال القاضي: ان أوصى له بسلة زعفران كانت السلة بما فيها له، قال: وان أوصى له بضيعة لها شرب، كانت الضيعة وشربهما له، وكذلك ماجرى هذا المجرى(٤) .

واعلم أن الفاظ الروايات خالية من ذكر الجراب.

قال طاب ثراه: ولايجوز اخراج الولد من الارث ولو أوصى الاب، وفيه رواية مطرحه.

أقول: لايجوز اخراج الولد من الارث، لانه ثبت شرعا، فلا يملك الانسان ازالته

____________________

(١) المقنعة: باب الوصية المبهمة، ص ١٠٢ س ٢١ قال: اذا وصى الانسان لانسان بصندوق مقفل إلى قوله: وكذلك إن وصى له بجراب مشدود، ووعاء مختوم.

(٢) الكافي: فصل في الوصية ص ٣٦٥ س ٢ قال: اذا وصى لغيره بصندوق مقفل أو جراب مشدود، أو كيس مختوم الخ.

(٣) و(٤) المختلف: في الوصايا، ص ٦٠ س ٢٥ قال: وقال ابن الجنيد: واذا أوصى رجل بشئ يشمل اسمه على اعيان الخ، وقال في س ٢٨ وقال ابن البراج: إلى أن قال: فان أوصى له بسلة زعفرانى كانت السلة بما فيها له الخ.

١٣٦

وتغيره، وبه قال الشيخ في النهاية(١) وهو المشهور بين علمائنا، والرواية المشار اليها هي مارواه الصدوق في كتابه عن وصي علي بن السرى، قال: قلت لابي الحسنعليه‌السلام : إن علي بن السرى توفى وأوصى إلى، فقال:رحمه‌الله ، قلت: وإن إبنه جعفرا وقع على ام ولد له، فأمرني أن اخرجه من الميراث، فقال لي: اخرجه، فان كان صادقا فيصيبه خبل(٢) قال: فرجعت فقدمني إلى أبي يوسف القاضي فقال له: اصلحك الله أنا جعفر بن علي السرى وهذا وصي أبي فمره فليدفع إلي ميراثي من أبي فقال لي ما تقول؟ فقلت: نعم، هذا جعفر بن علي السري وأنا وصي علي بن السرى، قال: فادفع إليه ماله، فقلت له: أريد أن اكلمك، قال: فاذن، فدنوت حيث لا يسمع أحد كلامي، فقلت له، هذا وقع على ام ولد لابيه، فامرني أبوه وأوصى إلي أن اخرجه من الميراث، ولا أورثه شيئا، فأتيت موسى بن جعفرعليهما‌السلام بالمدينة فأخبرته، وسألته، فأمرني أن اخرجه من الميراث ولا اورثه شيئا، وقال: الله قسما، ان أبا الحسن أمرك، فقلت: نعم، فاستحلفنى ثلاثا، ثم قال: أنفذ ماأمرك، فالقول قوله، قال الوصي: فأصابه الخبل بعد ذلك، قال ابومحمد الحسن بن علي الوشا رايته بعد ذلك(٣) قال الصدوق عقيب ايراد هذه الرواية: من اوصى باخراج ابنه من الميراث ولم يكن احدث هذا الحدث لم يجز للوصى انفاذ الوصية في ذلك(٤) وهذا يدل على انه لو فعل ذلك انفذت وصيته لانه ذكر في كتابه: أن مايذكره فيه

____________________

(١) النهاية: باب الوصية ومايصح منها وما لايصح، ص ٦١١ س ٤ قال: واذا أوصى الموصي باخراج بعض الورثة من الميراث لم يلتفت إلى وصيته الخ.

(٢) الخبال الفساد، ويكون في الافعال والابدان والعقول، وخبله واختبله اذا فسد عقله او عضوه (مجمع البحرين لغة خبل).

(٣) و(٤) الفقيه: ج ٤،(١١٢) باب اخراج الرجل ابنه من الميراث لاتيانه ام ولد لابيه، ص ١٦٢ الحديث ١ ولاحظ ذيله وما قاله الصدوقرحمه‌الله .

١٣٧

[(الطرف الثالث) في أحكام الوصية، وفيه مسائل: الاولى: اذا أوصى بوصية ثم عقبها بمضادة لها، عمل بالاخيرة، ولو لم يضادها عمل بالجميع، فإن قصر الثلث بدأ بالاول فالاول حتى يستوفى الثلث.

الثانية: تثبت الوصية بالمال بشهادة رجلين، وبشهادة أربع نساء، وبشهادة الواحدة في الربع، وفي ثبوتها بشاهد ويمين تردد، أما الولاية فلا تثبت الا بشهادة رجلين].

يفتي به(١) فيكون الحكم عنده ساريا في هذه الصورة، مقيدا بهذا الحديث.

وأما الشيخ في الاستبصار فقال: هذا الحكم مقصور على هذه الوصية، لا يتعدى إلى غيرها(٢) .

تذنيب

وهل يلغو هذا اللفظ، ويكون وجوده كعدمه، أو يجرى مجرى من أوصى بمجموع تركته للوارث الآخر فيكون له الثلث ويحاصص المخرج من الباقي؟ اختار المصنف الاول(٣) لانه لفظ لم يعتبره الشارع، فلا يكون له أثر.

واختار العلامة في المختلف الثاني(٤) لان اخراجه من تركته يستلزم تخصيص باقي الورثة بها فيمضى من الثلث قال طاب ثراه: تثبت الوصية بالمال بشهادة رجلين، وشهادة أربع نساء، وبشهادة الواحدة في الربع، وفي ثبوتها بشاهد ويمين تردد، أما الولاية فلا يثبت إلا بشهادة رجلين.

____________________

(١) الفقيه: ج ١ ص ٣ س ١١ قال: ولم اقصد فيه قصد المصنفين في ايراد جميع مارووه، بل قصدت إلى ايراد ما افتي به واحكم بصحته.

(٢) الاستبصار: ج ٤ ص ١٤٠ قال بعدنقل الخبر: ان هذا الحكم مقصور على هذه القضية لايتعدى بها إلى غيرها الخ.

(٣) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٤) المختلف: في الوصايا ص ٥٩ س ١٤ قال: والمعتمد ماذهب اليه المشهور من علمائنا في ثلثى التركة، ويكون الثلث لغيره من الورثة الخ.

١٣٨

[الثالثة: لو أشهد عبدين له على أن حمل المملوكة منه، ثم ورثهما غير الحمل، فاعتقا، فشهد اللحمل بالبنوة صح، وحكم له، ويكره له تملكهما.

الرابعة: لاتقبل شهادة الوصي فيما هو وصي فيه، وتقبل للموصى في غير ذلك.

الخامسة: اذا أوصى بعتق عبده، أو اعتقه عند الوفاة وليس له سواه، انعتق ثلثه، ولو اعتق ثلثه عند الوفاة وله مال، اعتق الباقي من ثلثه، ولو اعتق مماليكه عند الوفاة، أو أوصى بعتقهم ولا مال سواهم اعتق ثلثهم بالقرعة، ولو رتبهم اعتق الاول فالاول حتى يستوفى الثلث وبطل مازاد السادسة: اذا أوصى بعتق رقبة أجزأ الذكر والانثى، الصغير والكبير، ولو قال: مؤمنة لزم فان لم يجد: اعتق من لايعرف بنصب.ولو ظنها مؤمنة فاعتقها، ثم بانت بخلافه أجزأت.

السابعة: اذا أوصى بعتق رقبة بثمن معين فان لم يجد توقع، وان وجد بأقل اعتقها ودفع اليها الفاضل].

أقول: جزم المصنف هنا بالمنع من قبول الشاهد واليمين في الوصية بالولاية، وجعل محل الخلاف وموضوعه الوصية بالمال(١) وعكس في الشرائع فجزم بقبول الشاهد واليمين في الوصية بالمال، وتردد في الوصية بالولاية، هل يثبت بالشاهد واليمين(٢) والمشهور بين الفقهاء هو ماتضمنه الشرائع، لان الوصية بالمال لاشك في

____________________

(١) لاحظ عبارة المختصر النافع.

(٢) الشرائع: الطرف الثالث في احكام الوصية، قال: ويقبل في الوصية بالمال شهادة واحد مع اليمين إلى ان قال: ولايثبت الوصية بالولاية الا بشاهدين، وهل يقبل شهادة شاهد مع اليمين؟ فيه تردد أظهره المنع.

١٣٩

[الثامنة: تصرفات المريض ان كانت مشروطة بالوفاة فهي من] ثبوتها بالشهاد واليمين، بل المرأة وحدها كافية في ثبوت ربع الوصية، فكيف لايقبل الشاهد واليمين، والشاهد والمرأتان.

وأما الوصية بالولاية فقوى الشيخ في المبسوط قبول المرأتين مع الشاهد(١) وهو مذهب ابي علي(٢) ويلزمه قبول الشاهد واليمين، لان كل مايثبت بشاهد وامرأتين يثبت بشاهد ويمين، لكن هل يقبل اليمين مع المرأتين، كما يقبل مع الرجل في كل موضع قبلنا فيه الشاهد واليمين، أم لا؟ ابن ادريس على الثاني(٣) والعلامة على الاول(٤) .

وما ذكره المصنف من التردد في ثبوت الوصية له بشاهد ويمين، تردد غريب لم اظفر له بموافق من الاصحاب، بل الاصحاب مطبقون على قبول الشاهد واليمين في المال، وما كان المقصود منه المال، ولعل التردد منهرحمه‌الله وجهه: ان قبول الشاهد واليمين حكم شرعي، فيقف على النص الشرعي، وليس على صورة النزاع نص بعينه، وثبوت ذلك بالنساء حتى بالواحدة لورود النص بذلك، والتعدى قياس، وهو مردود عندنا.

____________________

(١) المبسوط: ج ٨ كتاب الشهادات، ص ١٧٢ س ٥ قال ماملخصه: ان حق الآدمي ثلاثة اقسام، أحدها لايثبت الابشاهدين ذكرين كالنكاح والوصية اليه إلى أن قال: وقال بعضهم: يثبت جميع ذلك بشاهد وامرأتين وهو الاقوى.

(٢) المختلف: في الشهادات، ص ١٦٠ س ٢١ قال: وقال ابن الجنيد: وشهادة النساء في الدين جائزة بالنص والمرأتان مقام رجل.

(٣) السرائر: كتاب الشهادات ص ١٨٢ س ٥ قال: والذي يقتضيه الاذلة انه لا يقبل شهادة امرأتين مع يمين المدعي الخ.

(٤) المختلف: في الشهادات ص ١٦٤ س ٢٥ قال: وهل يثبت بشهادة امرأتين ويمين المدعي نص في النهاية والخلاف والمبسوط على قبوله إلى أن قال: والوجه ماقاله الشيخ في النهاية.

١٤٠