المهذب البارع في شرح المختصر النافع الجزء ٣

المهذب البارع في شرح المختصر النافع0%

المهذب البارع في شرح المختصر النافع مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 584

المهذب البارع في شرح المختصر النافع

مؤلف: العلامة جمال الدين ابي العباس احمد بن محمد بن فهد الحلي
تصنيف:

الصفحات: 584
المشاهدات: 108729
تحميل: 4613


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 584 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 108729 / تحميل: 4613
الحجم الحجم الحجم
المهذب البارع في شرح المختصر النافع

المهذب البارع في شرح المختصر النافع الجزء 3

مؤلف:
العربية

(النظر الثاني) في المهر الطرف الاول: كل ما يملكه المسلم يكون مهرا، عينا كان أو دينا

على ابن ادريس: بان المراد أن هذا هو مهر البكر، فما ينقص منه بسبب عدمها في نظر العقلاء وبسببه نقص مهر مثلها الثيب عن مهر مثلها البكر(١) .

فحاصل الايراد: أن ماذكره قد يستغرق المهر، فيعروا البضع عن عوض، وهو غير سائغ، مثلا كان مثلها بكرا مائة وثيبا ستون، فالتفاوت أربعون، فلو كان مهرها في الصورة المفروضة أربعون، وكان المنقص من المهر هو التفاوت، لوجوب ردها فلا مهر حينئذ.

وحاصل الجواب: أن هذا الحكم المذكور على تقديم أن يكون قد وقع العقد في الصورة المفروضة على مهر مثلها البكر لا أنقص ولا أزيد حتى يلزم المحذور المذكور، وإن فرض التفاوت بين مهر المثل وما وقع عليه العقد، كان المراد أن يرجع بنسبة نقص مهر مثلها الثيب عن مهر مثلها البكر، فيرجع في الصورة المفروضة بخمس ماوقع عليه العقد، وهو ثمانية من أربعين.

وطعن فيه فخر المحققين: بان قيمة المثل في المعاوضات المحضة، والنكاح ليس منها(٢) .

(النظر الثاني) في المهر مقدمة: المهر مال يجب بعقد النكاح، أو بوطء غير زنا منها، ولا ملك يمين، ويترادف عليها تسعة ألفاظ، الصداق، والصدقة، والمهر، والنحلة، والاجر، والفريضة، والعلائق، والعقر، والحبا.

____________________

(١) الايضاح: ج ٣ في العيب والتدليس ص ١٨٦ س ١٦ قال: وأجاب عنه والدي في درسه الخ.

(٢) الايضاح: ج ٤ في العيب والتدليس، ص ١٨٦ س ١٨ قال: والاول (أي قول النهاية) أرجح، لان قيمة المثل يعتبر الخ.

٣٨١

[أو منفعة كتعليم الصنعة والسورة، ويستوي فيه الزوج والاجنبي. أما لو جعلت المهر استئجاره مدة، فقولان: أشبههما الجواز].

قال طاب ثراه: أما لو جعلت المهر إستئجاره مدة، فقولان: أشبههما الجواز.

أقول: يشترط في المهر المالية، فكلما يملكه المسلم وتصح المعاوضة عليه جاز أن يكون مهرا، ولا فرق بين الدين والعين والمنفعة، لكن اختلفوا في جواز جعل إجارة الزوج نفسه مدة معينة بحيث أن يكون متعلقة بعينة غير قابلة للنيابة، مهرا، فمنع الشيخ في النهاية(١) وتبعه القاضي في الكامل(٢) .

وجوزه المفيد(٣) وتلميذه(٤) وإبن ادريس(٥) وأبي علي(٦) وإبن حمزة(٧) والكيدري(٨) واختاره المصنف(٩) والعلامة(١٠) والقاضي في المهذب مثل

____________________

(١) النهاية: باب المهور وما ينعقد به النكاح ومالا ينعقد ص ٤٦٩ س ٦ قال: ولايجوز العقد على إجارة، وهو أن يعقد الرجل على أن يعمل لها أو لوليها أياما معلومة الخ.

(٢) المختلف: في الصداق، ص ٩٤ س ٧ قال: وقال ابن البراج في الكامل كقوله الشيخ في النهاية.

(٣) المقنعة: باب المهور والاجور، ص ٧٨ س ١٠ قال: والمهور كلما كانت له قيمة إلى قوله: ماتستحق عليه الاجور الخ.

(٤) المراسم: ذكر المهر ص ١٥٢ س ١٧ قال: وماله عوض غير مرسوم في الشريعة إلى قوله: وكل هذا ينعقد به النكاح.

(٥) السرائر: باب المهور وماينعقد به ص ٣٠٠ س ٢٢ قال: والذي أعتمده وأعمل عليه وافتي به أن منافع الحر ينعقد به النكاح الخ.

(٦) و(٨) المختلف: في الصداق ٩٤ س ١٠ قال بعدنقل قول الكامل: وبه قال قطب الدين الكيدري وقال ابن الجنيد: كلما يصح الملك له والتمول إلى قوله: من اجرة دار او عمل إذا وقع التراضي بين الزوجين فالفرج به يحل وطؤه الخ.

(٧) الوسيلة: فصل في بيان مايجوز عقد النكاح عليه من المهر ص ٢٩٥ س ١٢ قال: فالاول كل مايصح تملكه في الاسلام مما له قيمة الخ.

(٩) لاحظ عبارة النافع.

(١٠) المختلف: في الصداق، ص ٩٤ س ٣١ قال: والمعتمد عندنا الجواز في الجمع الخ.

٣٨٢

القولين(١) .

إحتج الاولون: بأنه يستلزم خلو البضع عن العوض، واللازم باطل، وما استلزم البطلان كان باطلا، أما الاولى فلجواز موته، وأما الثانية فبينة.

وبما رواه أحمد بن محمد (في القوى) عن أبي الحسنعليه‌السلام قال: سألته عن الرجل يتزوج المرأة ويشترط لابيها إجارة شهرين، فقال: إن موسىعليه‌السلام قد علم أنه سيتم له شرطه، فكيف لهذا بأن يعلم أنه سيبقى حتى يفي، وقد كان الرجل على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يتزوج المرأة على السورة من القرآن، وعلى الدرهم، وعلى القبضة من الحنطة(٢) .

وما رواه السكونى عن الصادقعليه‌السلام قال: لايحل النكاح اليوم في الاسلام بإجارة، بأن يقول: أعمل عندك كذا وكذا سنة على أن تزوجني اختك أو بنتك، قال: حرام، لانه ثمن رقبتها وهى أحق بمهرها(٣) .

إحتج الاخرون: بأصالة الواز، وبقوله تعالى (ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به)(٤) وقد وقع التراضي على الاجارة.

وبما رواه محمد بن مسلم (في الصحيح) عن الباقرعليه‌السلام قال: جاء‌ت إمرأة إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى قوله: زوجتكها على ماتحسن من القرآن،

____________________

(١) المهذب: ج ٢ باب الصداق ص ١٩٨ س ٩ قال: ويجوز أن يكون منافع الحر مهرا مثل أن يخدمها شهرا الخ وقال في ص ٢٠١ س ٤: ولا يجوز ايضا على اجارة مثل أن يعقد الرجل على المرأة أن يعمل لها ولوليها أياما معينة أو سنين معلومة.

(٢) التهذيب: ج ٧(٣١) باب المهور والاجور وما ينعقد من النكاح من ذلك ولا ينعقد ص ٣٦٦ الحديث ٤٦.

(٣) التهذيب: ج ٧(٣١) باب المهور والاجور ماينعقد من النكاح من ذلك وما لا ينعقد ص ٣٦٧ الحديث ٥١.

(٤) النساء: ٢٤.

٣٨٣

فعلمها إياه(١) .

وأجابوا عن حجة الاولين: بأن الاحتمال يستلزم خلو البضع عن عوض معين، لا عن مطلق العوض، والمحال إنما هو الثاني، لا الاول، كما لو تزوجها على عبد معين ومات قبل التسليم، فانه يضمن بها قيمته، وكذا هنا يوجب بموته قبل المدة اجرة المثل بما بقي منها في أصل التركة، وكذا لو كان المهر تعليم سورة حتى طلقها قبل الدخول أو بعده قبل التعليم، فإنه يجب عليه نصف اجرة المثل، أو كلها قولا واحدا، وكذا لو تعلمت من غيره، فعلم أن المحال هو خلو البضع في الجملة، لا تطرق خلوه عن العوض المعين.

وعن الثاني: بأنه لايدل على المنع والتحريم، بل على الكراهة.

وعن الثالث: بأن المنع إنما كان لان الاجارة وقعت للولى، لا للزوجة، والمهر مملوك لها، لا لابيها وأخيها، فلا يجوز شرطه لهما، لان ذلك منسوخ في شرعنا، وقد كان سابقا في شرع شعيبعليه‌السلام ، ويلحط ذلك من الحديث في موضعين:

(أ) قولهعليه‌السلام : (لا يحل النكاح اليوم في الاسلام) إشارة إلى أن هذا الحكم منسوخ إنما هو في صورة مافعله موسىعليه‌السلام لشعيب (ع) لجواز استيجاره لتعلم الصنعة والسورة من غير خلاف فيه.

(ب) قولهعليه‌السلام : (هي أحق بمهرها).

هذا مع ضعف السند.

____________________

(١) التهذيب: ج ٧(٣١) باب المهور والاجور وما ينعقد من النكاح من ذلك وما لا ينعقد ص ٣٥٤ الحديث ٧ ورواه العامة بأسانيد مختلفة وألفاظ متقاربة في أبواب متفرقة، منها صحيح البخاري كتاب النكاح باب ٤ تزويج المعسر وباب ٣٠ عرض المرأة نفسها على الرجل الصالح إلى غير ذلك من الابواب الاخر، ورواه احمد في مسنده ج ٥ ص ٣٣٠ حديث أبي مالك سهل الساعدي، ورواه الدارمي والترمذي والموطأ فلاحظ.

٣٨٤

[ولا تقدير للمهر في القلة ولا في الكثرة على الاشبه، بل يتقدر بالتراضي.ولا بد من تعيينه بالوصف أو الاشارة، ويكفي المشاهدة عن كيله ووزنه.ولو تزوجها على خادم فلم يتعين فلها وسطه، وكذا لو قال: دار أو بيت، ولو قال على السنة كان خمسمائة درهم.ولو سمى لها مهرا ولابيها شيئا سقط ماسمى له.ولو عقد الذميان على خمر أو خنزير صح، ولو أسلما أو أحدهما قبل القبض فلها القيمة عينا أو مضمونا].

قال طاب ثراه: ولا تقدير للمهر في القلة ولا في الكثرة على الاشبه.

أقول: لايتقدر المهر قلة، فيجوز على أقل ما يتمول ويثبت في الذمة، لاصالة الجواز ولقوله تعالى: (ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به)(١) .

ولقول الرضاعليه‌السلام : وقد كان الرجل على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يتزوج على السورة من القرآن، وعلى الدرهم، وعلى القبضة من الحنطة(٢) .

وأما في الكثرة: فالمشهور عند علمائنا أنه لايتقدر أيضا، فيجوز ماتراضى عليه الزوجان ويلزم وإن بلغ أضعاف مهر السنة، ذهب إليه الشيخان(٣) (٤) والتقي(٥)

____________________

(١) النساء: ٢٤.

(٢) التهذيب: ج ٧(٣١) باب المهور والاجور ص ٣٦٦ قطعة من حديث ٤٦.

(٣) المقنعة: باب المهور والاجور، ص ٧٨ س ١٠ قال: والمهور كلما كانت له قيمة من ذهب وفضة إلى أن قال: ويستحب للانسان أن لايتجاوز في المهر سنة، وهو خمسمائة درهم جيادا قيمتها خمسون دينار مثاقيل عينا.

(٤) النهاية: باب المهور وما ينعقد به النكاح ص ٤٦٨ س ١٩ قال: المهر ما تراضيا عليه إلى قوله: قليلا كان أو كثيرا الخ.

(٥) الكافي: النكاح، الضرب الاول من الاحكام ص ٢٩٣ س ١٧ قال: أو زاد عليه أضعافا كثيرة.

٣٨٥

والحسن(١) والقاضي(٢) وإبن حمزة(٣) وإبن ادريس(٤) وهو ظاهر الصدوق في المقنع(٥) وأبي على(٦) ونص عليه أبويعلى سلار(٧) .

للاصل، ولقوله تعالى: (ان آتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذو منه شيئا)(٨) وعموم قوله تعالى: ((فنصف مافرضتم)(٩) و (آتوا النساء صدقاتهن نحلة)(١٠) ولصحيحة الوشاء عن الرضاعليه‌السلام قال: سمعته يقول: لو أن رجلا تزوج إمرأة وجعل مهرها عشرين ألفا وجعل لابيها عشرة آلاف كان المهر جائزا، والذي جعله لابيها فاسدا(١١) ولانه نوع معاوضة، فكانت تابعة لاختيار المتعاوضين.

وقال المرتضى: لايتجاوز بالمهر خمسمائة درهم جيادا، قيمتها خمسون دينارا،

____________________

(١) المختلف: في الصداق ص ٩٣ س ١٥ قال: وقال ابن الجنيد: وكل ماصح التملك له من قليل أو كثير الخ.

(٢) المهذب: ج ٢، باب الصداق وأحكامه، ص ١٩٨ س ٧ قال: يصح أن يكون صداقا قليلا كان أو كثيرا الخ.

(٣) الوسيلة: في بيان مايجوز عقد النكاح عليه من المهر ص ٢٩٥ س ١٥ قال: فما تراضيا عليه يكون صحيحا قل ذلك أم كثر.

(٤) السرائر: باب المهور وما ينعقد به ص ٣٠١ س ١٣ قال: ومتى عقد الرجل على أكثر من ذلك بأضعاف كثيرة لزمه الوفاء به.

(٥) المقنع: باب بدو النكاح ص ٩٩ س ٦ قال: واذا تزوجت فانظر أن لايتجاوز مهرها مهر السنة الخ.

(٦) المختلف: في الصداق، ص ٨٢ س ١٥ قال: وقال إبن الجنيد: وكل ماصح التملك له والتمول من قليل أو كثير الخ.

(٧) المراسم: ذكر المهر ص ١٥٢ س ١٣ قال: والمهور على ضربين، ذهب وفضة، وماله قيمة الخ.

(٨) النساء: ٢٠.

(٩) البقرة: ٢٣٧.

(١٠) النساء: ٤.

(١١) التهذيب: ج ٧(٣١) باب المهور والاجور وماينعقد من النكاح من ذلك وما لاينعقد ص ٣٦١ الحديث ٢٨.

٣٨٦

فما زاد على ذلك رد إلى هذه السنة(١) .

وروى الصدوق في من لا يحضره الفقيه واستدل بعد الاجماع على نفى الزائد بما رواه المفضل بن عمر قال: دخلت على أبي عبدالله فقلت له: أخبرني عن مهر المرأة الذي لايجوز للمؤمن أن يجوزه؟ قال: فقال: السنة المحمدية خمسمائة درهم، فما زاد على ذلك رد إلى السنة ولا شئ عليه أكثر من خمسمائة درهم(٢) (٣) .

واجيب بضعف الرواية، لوقوع محمد بن سنان في طريقها(٤) ، وقد ضعفه الشيخ جدا(٥) ومايختص بروايته لايعمل عليه، مع إحتمال حملها على الاستحباب، ومع الزيادة يستحب الرد إلى السنة بالابراء، ومع حصوله لايلزمه أكثر من السنة.

وروي أن عمر قام خطيبا فقال: أيها الناس بلغني إنكم تغالون في مهور بناتكم، فلا اوتين برجل منكم زاد في مهر إبنته عن السنة إلا رددته إليها وجعلت

____________________

(١) الانتصار: مسائل النكاح، في بيان مقدار الصداق، ص ١٢٤ قال: مسألة، ومما انفردت به الامامية أنه لايتجاوز بالمهر خمسمائة درهم، إلى قوله: فما زاد على ذلك رد إلى هذه السنة.

(٢) استناد الحديث إلى الصدوق كما هو ظاهر العبارة لعله سهو من قلم النساخ، لعدم وجوده في من لايحضره الفقيه ويؤيد عدم وجوده فيه عدم الاشارة اليه في معجم رجال الحديث ايضا، ولعل المراد بقوله: روى عن الصدوق في من لا يحضره الفقيه: مافي ص ٢٥٣ من ج ٣ س ١ من قوله: (والسنة المحمدية في الصداق خمسمائة درهم، فمن زاد على السنة رد إلى السنة) والله يعلم.

(٣) التهذيب: ج ٧(٣١) باب المهور والاجور وما ينعقد من النكاح من ذلك وما لا ينعقد ص ٣٦١ قطعة من حديث ٢٧.

(٤) سند الحديث كما في التهذيب (محمد بن احمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن سنان، عن مفضل بن عمر).

(٥) قال في التهذيب: (ج ٧ ص ٣٦١ س ١٠) بعد نقل الحديث (فأول مافي هذا الحديث: أن محمد بن سنان مطعون عليه ضعيف جدا، وماستبد بروايته ولا يشركه غيره، لا يعمل عليه).

٣٨٧

[ولايجوز عقد المسلم على الخمر، ولو عقد صح، ولها مع الدخول مهر المثل، وقيل: يبطل العقد].

الزائد في بيت المال، فقامت إليه امرأة من آخريات الناس، فقالت: وما أنت يابن الخطاب تمنعنا ماأباحه الله لنا !؟ فقال: وأين ذلك من كتاب الله؟ فقالت قوله تعالى: (وإن آتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا أتاخذونه بهتانا وإثما مبينا)(١) فقال أيهما الناس على رسلكم، رجل أخطأ وامرأة أصابت(٢) .

قال طاب ثراه: ولا يجوز عقد المسلم على الخمر، ولو عقد صح، ولها مع الدخول مهر المثل، وقيل: يبطل العقد أقول: هنا مسألتان.

الاولى: إذا عقد المسلم على خمر أو خنزير هل يصح العقد أو يبطل؟ فيه مذهبان: (أ) الصحة، وهو مذهب الشيخ في الخلاف(٣) والمبسوط(٤) ، وبه قال: إبن حمزة(٥)

____________________

(١) النساء: ٢٠.

(٢) رواه اكثر اصحاب الحديث في مسانيدهم وتفاسيرهم بالفاظ متفاوته ومعانى متقاربة لاحظ سنن البيهقى: ج ٧ كتاب النكاح ص ٢٣٣ وتفسير الدر المنثور للسيوطى: ج ٢ ص ٤٦٦ في تفسيره لآية ٢١ من سورة النساء، وتفسير الكشاف للزمخشري: ج ١ ص ٤٩١ في تفسيره لآية من سورة النساء ولاحظ ذيله حيث قال: اخرجه اصحاب السنن وابن حيان والحاكم واحمد والدارمى وابن أبي شيبة والطبراني الخ.

(٣) الخلاف: كتاب الصداق، مسألة ١ قال: اذا عقد على مهر فاسد مثل الخمر والخنزير إلى قوله: فسد المهر ولم يفسد النكاح.

(٤) المبسوط: ج ٤، كتاب الصداق، ص ٢٧٢ س ١١ قال: اذا عقد النكاح بمهر فاسد إلى قوله: كان العقد صحيحا الخ.

(٥) الوسيلة: في بيان مايجوز عقد النكاح عليه من المهر ص ٢٩٦ س ١٣ قال: فان كان مسلما سقط المسمى ولزم مهر المثل: مثل من عقد على خمر أو خنزير الخ.

٣٨٨

وأبوعلي(١) وابن زهره(٢) وابن ادريس(٣) واختاره المصنف(٤) والعلامة في اكثر كتبه(٥) وتوقف في المختلف(٦) .

(ب) البطلان: وهو مذهب النهاية(٧) وبه قال القاضي(٨) والتقي(٩) والمفيد في المقنعة(١٠) إحتج الاولون: بأن ذكر المهر ليس شرطا في صحة العقد، فإذا ذكر ماهو فاسد لم يكن أكثر مما لم يذكر أصلا، فيكون وجوده كعدمه.

ولانهما عقدان يصح أن

____________________

(١) و(٢) المختلف: في الصداق ص ٩٣ س ٣١ قال: وقال ابن الجنيد: لا يفسد العقد بفساد المهر إلى قوله: ونحن في هذه المسألة من المتوقفين.

(٣) الغنية من الجوامع الفقهيه في أحكام النكاح ص ٦١٠ س ٢٣ قال: واذا وقع العقد على عين محرمة، صح العقد وبطل المسمى.

(٤) السرائر: باب المهور، ص ٣٠٠ س ١١ قال: ولا يجوز في المهر ما لا يحل تملكه للمسلم إلى أن قال: والذي يقوى في نفسي ما اختاره في مسائل خلافه.

(٥) لاحظ ما اختاره في النافع.

(٦) التحرير: ج ٢ في الصداق، ص ٣١ (ج) اذا عقد المسلم على خمر أو خنزير إلى قوله: وهل يبطل النكاح؟ قيل: نعم وقيل: لا وهو الاقرب.

(٧) النهاية: باب المهور وما ينعقد به النكاح وما لا ينعقد ص ٤٩٦ س ٢ قال: ولا يجوز في المهر ما لا يحل تملكه إلى قوله: فان عقد على شئ من ذلك كان العقد باطلا.

(٨) المهذب: ج ٢ باب الصداق وأحكامه، ص ٢٠٠ س ١٠ قال: وأما ما لا يصح تملكه، إلى قوله: فان عقر على شئ منه كان باطلا.

(٩) الكافي: الضرب الاول من الاحكام ص ٢٩٣، س ١٧ قال: ولا يصح العقد على عين محرمة الخ.

(١٠) نسب العلامة في المختلف: ص ٩٣ س ٢٩ إلى المفيد القول ببطلان العقد، حيث قال: وهل يبطل العقد؟ للشيخ قولان: ففي النهاية يبطل وبه قال المفيد في المقنعة، ولكن عبارة المقنعة يوهم خلاف ذلك، حيث قال: ولايجوز النكاح على مالاقيمة له من كلب أو خنزير أو خمر، ومن عقد على شئ منه ثبت النكاح بالعقد، ووجب في ذمة المعقود له المهر بقدر مهر مثل المعقود عليها الخ لاحظ باب المهور ص ٧٨ س ١٣.

٣٨٩

ينفرد أحدهما عن صاحبه، ألا ترى أنه لو عقد بغير مهر صح العقد: وأيضا فقد افترقا في الاحكام، فإن المهر يدخله الخيار ولايدخل العقد، وإذا كانا عقدين ففساد أحدهما لا يوجب فساد الآخر إلا بدليل.

إحتج الآخرون بأن العقد مترتب على الرضا بالمهر، وهو باطل، والمترتب على الباطل باطل، ولانه عقد معاوضة فيفسد بفساد العوض.

الثانية: على القول بصحة العقد ماذا يجب؟ قيل فيه قولان:

(أ) مهر المثل، قاله في الخلاف(١) وهو إختيار إبن حمزة(٢) وظاهر ابن إدريس(٣) لان بطلان المسمى يوجب بطلان التسمية، فيجب بالوطء مهر المثل، لانه إذا بطل أحد العوضين وجب رد الآخر فإذا تعذر وجب قيمته، وقد انتفى الصداق، فيجب قيمة البضع، وهو مهر المثل.

(ب) قيمته عند مستحليه، قاله الشيخ في موضع من المبسوط(٤) ووجهه أنهما لما ذكرا عوضا فقد أضربا عن قيمة البضع وقصدا ذلك، وله عموم وهو المالية، وخصوص وهو عينه، وإذا تعذر إعتبار العين بقي إعتبار المالية، فلا يلغى التقدير بالكلية.

وفيه دخل ينشاء من إمتناع تقدير المالية هنا، إذ هو تقدير للمحال، فبلغى كما الغى العين، نعم يفيد ذكره قصد العوض فلا يكون تعويضا، ويتفرع على ذلك ما لو

____________________

(١) الخلاف: كتاب الصداق، مسألة ١ قا ل: إذا عقد على مهر فاسد إلى قوله: وجب لها مهر المثل.

(٢) الوسيلة: في بيان ما يجوز عقد النكاح عليه من المهر، ص ٢٩٦ س ١٣ قال: فان كان مسلما سقط المسمى ولزم مهر المثل مثل من عقد على خمر الخ.

(٣) السرائر: باب المهور، ص ٣٠٠ س ١٦ قال: والذي يقوى في نفسي ما ذكره في مسائل خلافه.

(٤) المبسوط: ج ٤، كتاب الصداق ص ٢٩٠ س ٢٠ قال: وأما إن أصدقها خمرا معينا، فالذي يقتضيه مذهبنا ان لها قيمته عند مستحليه.

٣٩٠

الطرف الثاني: التفويض

لا يشترط في الصحة ذكر المهر، فلو أغفله، أو طرط أن لامهر لها، فالعقد صحيح.ولو طلق فلها المتعة قبل الدخول، وبعده لها مهر المثل، ويعتبر في مهر المثل حالها في الشرف والجمال، وفي المتعة حاله، فالغني يتمتع بالثوب المرتفع، أو عشرة دنانير فأزيد.والفقير بالخاتم أو الدرهم والمتوسط بينهما.ولو جعل الحكم لاحدهما في تقدير المهر صح، ويحكم الزوج بما شاء وإن قل، وإن حكمت المرأة، لم تتجاوز مهر السنة.ولو مات الحاكم قبل الدخول وقبل الحكم فالمروي لها المتعة].

طلق قبل الدخول، فيجب نصف مهر المثل على القول الاول، وعلى القول الآخر يجب نصف قيمته عند مستحليه.

فرع

فرق الشيخ بين الخمر والخنزير، فأوجب في الاول مهر المثل لتعذر المالية واستحالتها فيه وأوجب في الخمر قيمته عند المستحل لثبوت المالية للذمي على مثله وعلى المسلم(١) ، ففرضها فيه ممكن بخلاف الخنزير.

قال طاب ثراه: ولو مات الحاكم فالمروي لها المتعة.

[أقسام التقويض القسم الاول : تقويض المهر]

أقول: التفويض قسمان: تفويض المهر: وهو أن يذكر على الجملة، وتفويض تقديره إلى أحدهما، كان يقول: زوجتك نفسي بما تحكم، أو أحكم، والحكم في هذا القسم أن يلزم من إليه الحكم بالفرض، ويثبت ما يحكم به، ويستقر بالدخول، أو الموت، وينتصف

____________________

(١) المبسوط: ج ٤ كتاب الصداق ص ٢٩٠ س ٢٠ قال: وأما ان أصدقها خمرا إلى أن قال: ان لها قمته عند مستحله

٣٩١

بالطلاق، وكذا لو حصل الطلاق قبل الفرض طولب الحاكم به.

ولو مات الحاكم قبل الفرض، فإن كان بعد الدخول وجب مهر المثل، وإن كان قبله ماذا يجب؟ قيل فيه ثلاثة أقوال: (أ) مهر المثل حكاه في المبسوط(١) وهو مذهب العلامة في القواعد(٢) .

ووجهه: أنهما لم يرضيا بإخلاء العقد عن المهر، بل ذكراه، غايته أنه مجهول، وقد تعذر الرجوع إلى عينه يموت من إليه تعينه، فيرجع إلى قيمة البضع، وهو مهر المثل، ولو جوبه بالوطء في مثل هذه الصورة، والموت تقرر من المهر ماتقرره الدخول.

(ب) المتعة مذهب الشيخ في النهاية(٣) وهو إختيار القاضي(٤) وإبن حمزة(٥) والصدوق في المقنع(٦) وظاهر الخلاف(٧) (٨) .

____________________

(١) لم اعثر في المبسوط على التصريح بما في الفرض الا ما في فص التفويض ص ٢٩٦ س ١ من قوله: (فاما اذا وقعت الفرقة بالوفاة إلى قوله: واما المهر فمتى مات أحدهما فعلى قولين: أحدهما لها مهر المثل، والثاني لا مهر لها وهو الصحيح عندنا وفيه خلاف) وهذا كما ترى يوهم خلاف المقصود.

(٢) القواعد: الثاني تفويض المهر ص ٤١ س ٣ قال: ولو مات الحاكم قبله وقيل الدخول فلها مهر المثل الخ.

(٣) باب المهور وما ينعقد به النكاح ص ٤٧٢ س ١٣ قال: فان مات الرجل أو ماتت المرأة قبل أن يحكما إلى قوله: كان لها المتعة.

(٤) الهذب: ج ٢ باب الصداق وأحكامه ص ٢٠٦ س ٢ قال: فان مات الزوج أو الزوجة قبل أن يحكما إلى قوله: كان للزوجة المتعة.

(٥) الوسيلة: في بيان ما يجوز عقد النكاح عليه ص ٢٩٦ س ٥ قال: فان مات أحدهما قبل الفرض في لمسألتين سقط المهر الخ.

(٦) المقنع: باب بد والنكاح ص ١٠٨ س ٩ قال: واذا تزوج الرجل امرأة إلى قوله: فلها المتعة والميراث الخ.

(٧) ليس في النسخة المعتمدة جملة: (وظاهر الخلاف).

(٨) الخلاف: كتاب الصداق، مسألة ١٥ قال: المفوضة اذا طلقها زوجها إلى قوله: لكن يجب لها المتعة الخ وهذا ايضا بناء على ان الموت كالطلاق.

٣٩٢

ووجهه: أن العقد لايجوز خلوه عن عوض، لوقوع التراضي عليه، وليس معينا حتى يرجع إليه، ومهر المثل يتبع الدخول ولم يحصل، فيتعين المتعة.

ولصحيحة محمد بن مسلم عن الباقرعليه‌السلام في رجل يزوج إمرأة على حكمها، أو على حكمه، فمات أو ماتت قبل أن يدخل بها، فقال: لها المتعة والميراث، ولا مهر لها(١) .

(ج) لاشئ لها قاله إبن إدريس(٢) لان مهر المثل يتبع الدخول، والمتعة يجب بالطلاق، وليس أحدهما حاصلا، وهو مذهب الشيخ في المبسوط(٣) وظاهر الخلاف(٤) وصرح به ابن ادريس إذا كان الحاكم المرأة وماتت(٥) ، ولم يذكر حكم موته اذا كان هو الحاكم، والظاهر المساواة.

والمعتمد قول النهاية، وهو إختيار المصنف(٦) والعلامة في المختلف(٧) .

____________________

(١) التهذيب: ج ٧(٣١) باب المهور والاجور، ص ٣٦٥ قطعة من حديث ٤٤.

(٢) السرائر: باب المهور، ص ٣٠٢ س ٣٤ قال: وقد روي انه اذا مات الرجل أو ماتت المرأة قبل أن يحكما إلى قوله بعد أسطر: والاصل براء‌ة الذمة.

(٣) المبسوط: ج ٤ كتاب الصداق ص ٢٩٦ س ١ قال: اذا وقعت الفرقة بالوفاة إلى قوله: والثاني لا مهر لها.

(٤) الخلاف: كتاب الصداق مسألة ١٨ قال: اذا مات أحدهما قبل الفرض وقبل الدخول فلامهر لها.

(٥) السرائر: باب المهور، ص ٣٠٣ س ١ قال: والاولى القول بانه لا يلزم الزوج شئ بعد موت المرأة اذا كان قد تزوجها على حكمها.

(٦) لاحظ اختياره في النافع.

(٧) المختلف: في الصداق، ص ٩٧ س ٤ قال: والوجه ماقاله الشيخ في النهاية.

٣٩٣

القسم الثاني: تفويض البضع

وهو تراضي الزوجين بإيقاع العقد من غير مهر، إما باغفاله، أو بإشراط سقوطه، كقولها: زوجتك نفسي، فيقول قبلت،

الطرف الثالث، في الاحكام

وهي عشرة: (الاول) تملك المرأة المهر بالعقد، وينتصف بالطلاق، ويستقر بالدخول وهو الوطء قبلا أو دبرا، ولايسقط معه لو لم يقبض، ولا يستقر بمجرد الخلوة على الاشهر].

ويقتصران، أو تقول: زوجتك نفسي بلا مهر، أو على أن لا مهر لي.

فتقول: هذا العقد لا يقتضي لزوم شئ في إبتدائه، لرضاهما بوقوع العقد مجانا.

ولرواية منصور بن حازم قال: قلت لابي عبداللهعليه‌السلام في رجل تزوج إمرأة ولم تفرض لها صداقا، قال: لا شئ لها من الصداق، فان كان دخل بها فلها مهر نسائها(١) فعلى هذا لومات أحدهما قبل الدخول لم يجب شئ إجماعا.

ولصحيحة الحلبي عن الصادقعليه‌السلام في المتوفى عنها زوجها قبل الدخول: إن كان فرض لها مهرا، فلها، وان لم يكن فرض مهرا، فلا مهر لها(٢) .

وإن حصل طلاق قبل الدخول وجبت المتعة إجماعا، لقوله تعالى (ولاجناح عليكم إن طلقتم النسا مالم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره)(٣) .

ولو تراضيا بفرضه صح، ووجب كله بالدخول، أو الموت، ونصفه بالطلاق قبله، ولافرق في وقوع الفرض قبل الدخول وبعده، وسواء كان المفروض بقدر مهر المثل، أو أقل أو أكثر، عالمين بذلك، أو جاهلين، أو بالتفريق.

قال طاب ثراه: تملك المرأة المهر بالعقد، وينتصف بالطلاق، ويستقر بالدخول، وهو الوطء قبلا أو دبرا، ولا يسقط معه لو لم يقبض، ولا يستقر بمجرد الخلوة على الاشهر.

____________________

(١) التهذيب: ج ٧(٣١) باب المهور والاجور ص ٣٦٢ الحديث ٣٠.

(٢) التهذيب: ج ٨(٦) باب عدد النساء ص ١٤٦ قطعة من حديث ١٠٤.

(٣) البقرة: ٢٣٦.

٣٩٤

أقول: هنا مسائل: الاولى: يملك المرأة بالعقد جميع المهر ملكا متزلزلا كملك البائع للثمن في مدة خيار المشتري، والمشتري المبيع في مدة خيار البائع، وينتصف بالطلاق، أي ويتجدد ملك النصف للزوج بالطلاق، هذا إختيار الاكثر من الاصحاب، وذهب إبن الجنيد إلى أن الذي يوجب العقد من المسمى نصفه، والنصف الباقي يوجبه الدخول(١) .

إحتج الاولون: بأن الصداق عوض البضع والزوج يملكه بنفس العقد، فيجب أن تملك الزوجة عوضه كالمتبايعين.

وبرواية عبيد بن زرارة (في الموثق) عن الصادقعليه‌السلام قال: قلت: رجل تزوج إمرأة وأمهرها مهرا، فساق إليها غنما ورقيقا، فولدت عندها، وطلقها قبل أن يدخل بها، قال: إن كان قد ساق إليها ماساق وقد حملن عنده، فله نصفها ونصف ولدها، وإن كن حملن عندها فلا شئ له من الاولاد(٢) .

واحتج ابن الجنيد: بانها لو ملكته لاستقر، عملا بالاصل، ولم يزل ملكها إلا بسبب ناقل كالبيع وشبهه، ولم يوجد، فلا يكون الملك متحققا(٣) .

وبرواية يونس بن يعقوب عن الصادقعليه‌السلام قال: سمعته يقول: لا يوجب المهر إلا الوقاع في الفرج(٤) .

وعن محمد بن مسلم عن الباقرعليه‌السلام قال: سألته متى تجب المهر؟ قال:

____________________

(١) المختلف: في الداق، ص ٩٩ قال: مسألة، المشهور عند علمائنا ان المرأة تملك الصداق بالعقد إلى أن قال: وقال ابن الجنيد: الذي يوجه العقد من المهر المسمى النصف الخ.

(٢) التهذيب: ج ٧(٣١) باب المهور والاجور ص ٣٦٨ الحديث ٥٤.

(٣) المختلف: في الصداق، ص ٩٩ س ٢٤ قال: قال ابن الجنيد: بانه لو ملكته بالعقد الخ.

(٤) التهذيب: ج ٧(٤١) باب من الزيادات في فقه النكاح ص ٤٦٤ الحديث ٦٧.

٣٩٥

إذا دخل بها(١) .

واجيب: بأن الوجوب أعم من الاستقرار، فلا يستلزمه، والسقوط لا يمنع الوجوب كما في الارتداد، والسبب الناقل هنا الطلاق بنص القرآن في قوله تعالى: (وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم)(٢) والروايات محمولة على الاستقرار جمعا بنى الادلة، ولانه المفهوم من الوجوب في الاغلب.وتظهر الفائدة في مسائل:

(أ) في نماء المتجدد فيما بين العقد والطلاق، فعلى المشهور يكون للمرأة، وعنده لهما.

(ب) لو خلعها على مهرها، أو طلقها عليه، أو وهبته إياه، أو أبرأته منه، رجع عليها بالنصف على المشهور، ولا يرجع عليها بشئ عنده.

(ج) لو كان المهر نصابا وأقبضها إياه، ثم طلقها بعد مضي الحول، وجب الزكاة عليها عندنا، ولايجب عنده، لانها لم تملك نصابا تاما.

(د) لو كان المهر معينا لم يجز لها التصرف فيه إلا بإذنه عنده، لتحقق الشركة، ويجوز على المشهور.

(ه‍) لو كان معينا وباعته من غير إذنه، صح على المشهور، ووقف على إجازته في النصف الآخر عنده.

(و) لو كان معينا وحجر عليه لفلس، لم يتعلق به الحجر على المشهور، وتتعلق بنصفه عنده.

____________________

(١) التهذيب: ج ٧(٤١) باب من الزيادات في فقه النكاح، ص ٤٦٤ الحديث ٦٨.

(٢) البقرة: ٢٣٧.

٣٩٦

(ز) لو مات أحد الزوجين إستقر الجميع على المشهور، لوجوبه بالعقد، وحصول التنصيف بالطلاق ولم يحصل، ويجب النصف عنده.

(ح) يحسب النصف من أموالها ويخرج عن ماله عنده، وعلى المشهور جميع المهر، فيفيد وجوب الخمس والحج ومنع الاخذ من الزكاة.

الثانية: فيما يوجب تقرير المسمى، وانحصر فيه خمسة أقوال، ووقع الاجماع على نفى السادس.

(أ) غيبوبة الحشفة قبلا أو دبرا، وإن كان الوطء حراما كما في الحيض والاحرام، لانه يوجبه في الشهة إبتداء، ففى الصحيح تقريرا أولى.

(ب) إرتداد الزوج في القول الاظهر، وقد صرح به إبن حمزة، فقال: تستقر المهر المعين بثلاثة أشياء: بالدخول والموت وإرتداد الزوج(١) .

(ج) موت الزوج على قول الاكثر، خلافها للصدوق في المقنع، حيث أوجب النصف(٢) معولا على صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهماعليهما‌السلام في الرجل يموت وتحته إمرأة لم يدخل بها، قال: لها نصف المهر، ولها الميراث كاملا، وعليها العدة(٣) .

وعورضت بصحيحة منصور بن حازم عن الصادقعليه‌السلام أنه سأله عن الرجل يتزوج المرأة، فيموت عنها قبل أن يدخل بها، قال: لها صداقها كاملا، وترثه، وتعتد بأربعة أشهر وعشرا(٤) .

____________________

(١) الوسيلة: في بيان ما يجوز عقد النكاح عليه من المهر، ص ٢٩٧ س ٥ قال: ويستقر بأحد ثلاثة اشياء الخ.

(٢) المقنع: باب الطلاق، ص ١٢٠ س ٢١ قال: والمتوفى عنها زوجها إلى قوله: إن لم يكن دخل بها وقد فرض لها مهرا فلها نصفه، وهو الذي أعتمده وافتى به.

(٣) التهذيب: ج ٨(٦) باب عدد النساء، ص ١٤٤ الحديث ٩٨.

(٤) التهذيب: ج ٨(٦) باب عدد النساء، ص ١٤٦ الحديث ١٠٧ وتمامه (كعدة المتوفى عنها زوجها).

٣٩٧

واختصت بزيادة الترجيح بعمل الاصحاب، وتأيدت أيضا بالنظر، إذ العقد يوجب المهر وينتصف بالطلاق، ولم يحصل.

(د) موت الزوجة في المشهور، وهو قول المفيد(١) وبه قال إبن حمزة(٢) وإبن إدريس(٣) والقاضي في المهذب(٤) وخالف الشيخ(٥) والقاضي في الكامل(٦) وقطب الدين الكيدري(٥) وأوجبوا النصف خاصة، وربما حمل على غير ذات الولد، فيكون له الصنف بالميراث.

(ه‍) الخلوة التامة: وهي المعركة العظيمة بين الفقهاء: ونعنى بالتامة إرخاء الستر، أو إغلاق الباب وعدم حصول مانع في الزوج كالعنن، أو في المرأة كالرتق، واختلفت فيه عبارات الاصحاب، وتعددت آراؤهم، والمرجع فيها عند التحقيق إلى أربعة مذاهب:

(أ) أنها قائمة مقام الدخول في تقرير المهر، حكاه الشيخ في الكتابين عن قوم

____________________

(١) المختلف: في الصداق، ص ٩٦ س ٧ قال: بعد نقل قول ابن ادريس: وهو اختيار شيخنا المفيد في أحكام النساء وهو الصحيح الخ.

(٢) تقدم آنفا حيث قال: بالدخول والموت وارتداد الزوج.

(٣) السرائر: باب المهور ص ٣٠٢ س ٢٣ قال: ومتى مات أحد الزوجين قبل الدخول استقر المهر جميعه الخ.

(٤) المهذب: ج ٢ باب الصداق ص ٢٠٥ س ١ قال: وان ماتت المرأة إلى قوله: جاز لورثتها المطالبة به.

(٥) النهاية: باب المهور ص ٤٧١ س ١٥ قال: وان ماتت المرأة قبل الدخول بها كان لاوليائها نصف المهر.

(٦) و(٧) المختلف: في الصداق، ص ٩٦ س ٢٤ قال بعد نقل قول الشيخ في النهاية: وتبعه ابن البراج في الكامل إلى قوله: وقطب الدين الكيدري تابع الشيخ ايضا.

٣٩٨

من أصحابنا(١) (٢) .

ويؤيده رواية زرارة عن الباقرعليه‌السلام قال: إذا تزوج الرجل المرأة ثم خلابها، فأعلق عليها بابا، أو أرخى عليها سترا، ثم طلقها، فقد وجب الصداق، وخلاوه بها دخول(٣) .

وقال الصدوق في المقنع: إذا تزوج الرجل المرأة، فأرخى الستر، أو أغلق الباب، ثم أنكرا جميعا المجامعة، فلا تصدقان، لانها تدفع عن نفسه العدة، ويدفع عن نفسه المهر(٤) .

ومستنده رواية أبي بصير عن الصادقعليه‌السلام قال: قلت له: الرجل يتزوج المرأة فيرخى عليه وعليها الستر، أو يغلق الباب، ثم يطلقها، فقيل للمرأة، هل أتاك؟ فتقول: لا، ما أتاني، ويسأل هو هل أتيتها؟ فيقول: لم آتها، قال: فقال: لا يصدقان، وذلك أنها تريد أن تدفع العدة عن نفسها، ويريد هو أن يدفع المهر(٥) وحملها الشيخ على تهمة الزوجين(٦) .

(ب) إشتراط قيد آخر مع الخلوة، وهو أحد امور أربعة:

____________________

(١) التهذيب: ج ٧(٤١) باب من الزيادات في فقه النكاح ص ٤٦٤ الحديث ٧١ ٧٢ وفي الاستبصار ج ٣(١٤٠) باب ما يوجب المهر كاملا ص ٢٢٧ الحديث ٥ ٦.

(٢) النهاية: باب المهور ص ٤٧١ س ٧ قال: ومتى خلا الرجل بامرأته إلى قوله: وجب عليه المهر الخ.

وفي الخلاف: كتاب الصداق مسألة ٤٢ قال: وذهبت طائفة إلى أن الخلوة كالدخول يستقر بها المهر إلى قوله: وبه قال قوم من أصحابنا الخ.

(٣) تقدم نقله عن التهذيب آنفا في حديث ٧١.

(٤) المقنع: باب بد والنكاح ص ١٠٩ س ٩ قال: واذا تزوج الرجل فارخى الستر الخ.

(٥) التهذيب: ج ٧(٤١) باب من الزيادات في فقه النكاح ص ٤٦٥ الحديث ٧٣(٦) التهذيب: ج ٧، ص ٤٦٥ س ١ قال بعد نقل الحديث ما لفظه (لان هذين الخبرين محمولان على انه اذا كان الرجل والمرأة متهمين الخ).

٣٩٩

(أ) الوقاع.

(ب) الانزال بالنظر.

(ج) القبلة.

(د) اللمس.

إيما حصل التلذذ به وجب على الزوج كمال المهر، ومع عدمها يجب النصف في نفس الامر، ولايحل لها المطالبة بالاكثر منه، وإن وجب قبول قولها في الظاهر قاله أبوعلي(١) ويبطله إجماع الاصحاب عل وجوب النصف في العنة مع الخلوة بها والامهال معها حولا كاملا.

(ج) وجود الخلوة مع عدمالدخول، كعدمها، والقول قول الزوج مع يمينه في عدم الوطء، حكاه الشيخ في الكتابين قال: وهو ظاهر في روايات أصحابنا(٢) (٣) وهو إختيار المصنف(٤) والعلامة في أكثر كتبه(٥) .

إحتجوا برواية يونس بن يعقوب عن الصادقعليه‌السلام قال: سمعته يقول: لايوجب المهر إلا الوقاع في الفرج(٦) .

____________________

(١) المختلف: في الصداق ص ٩٥ س ٢٩ قال: وقال ابن الجنيد إلى قوله: هو الوقاع أو ماقام مقامه من تسليم المرأة نفسها الخ.

(٢) الخلاف: كتاب الصداق، مسألة ٤٢ قال: فذهبت طائفة إلى أن وجود هذه الخلوة وعدمها سواء الخ.

(٣) النهاية: باب المهور، ص ٤٧١ س ١٠ قال: فان امكن الزوج اقامة البينة إلى قوله: لم يلزمه اكثر من نصف المهر.

(٤) لاحظ مختاره في النافع.

(٥) المختلف: في الصداق ص ٩٦ س ٣ قال: والمعتمد ان الخلوة بمجردها لا يوجب المهر.

وفي القواعد: في المهر ص ٣٧ س ١٦ قال: وانما يتقرر كمال المهر بالوطء أو موت أحد الزوجين، لا بالخلوة على الاقوى.

(٦) التهذيب: ج ٧(٤١) باب من الزيادات في فقه النكاح ص ٤٦٤ الحديث ٦٧.

٤٠٠