المهذب البارع في شرح المختصر النافع الجزء ٣

المهذب البارع في شرح المختصر النافع0%

المهذب البارع في شرح المختصر النافع مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 584

المهذب البارع في شرح المختصر النافع

مؤلف: العلامة جمال الدين ابي العباس احمد بن محمد بن فهد الحلي
تصنيف:

الصفحات: 584
المشاهدات: 108731
تحميل: 4613


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 584 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 108731 / تحميل: 4613
الحجم الحجم الحجم
المهذب البارع في شرح المختصر النافع

المهذب البارع في شرح المختصر النافع الجزء 3

مؤلف:
العربية

وسأل محمد بن مسلم عن الباقرعليه‌السلام متى يجب المهر؟ قال: إذا دخل بها(١) .

وفي معناها رواية حفص بن البختري(٢) .

فإذا كان الشرط في وجوب المهر هو الوقاع، وهو غير معلوم، لايجوز الحكم بالمهر مع الجهل بموجبه، لاصالة براء‌ة الذمة، ولانه فعله، فيكون القول قوله فيه، ولانه الاصل فيكون القول قول مدعيه مع يمينه، ترجيحا للاصل على الظاهر عند التعارض.

(د) وجود الخلوة كعدمها في نفس الامر، لكنها أمارة قاضية برجحان قول المرأة مع يمينها لو ادعت الدخول وأنكره الزوج، ولايحل لها في نفس الامر أكثر من النصف، ويجب على الحاكم القضاء لها بالجميع مع يمينها على وقوع الدخول بها. فهنا حكمان:

(أ) عدم وجوب الزائد على النصف في نفس الامر، ويدل عليه عموم ما حكيناه من الروايات.

وخصوص رواية يونس بن يعقوب عن الصادقعليه‌السلام قال: سألته عن رجل تزوج إمرأة فادخلت عليه، وأغلق الباب، وأرخى الستر، وقبل ولمس من غير أن يكون وصل إليها بعد، ثم طلقها على تلك الحال، قال: ليس عليه إلا نصف المهر(٣) .

(ب) تقديم قولها مع يمينها، لانها يمكنها إقامة البينة على ذلك، لانها تدعي الظاهر إذا شاهد حال الصحيح مع خلوته بالحليلة وعدم المانع من مواقعتها، والظاهر

____________________

(١) التهذيب: ج ٧(٤١) باب من الزيادات في فقه النكاح ص ٤٦٤ الحديث ٦٨.

(٢) التهذيب: ج ٧(٤١) باب من الزيادات في فقه النكاح ص ٤٦٤ الحديث ٦٩.

(٣) التهذيب: ج ٧(٤١) باب من الزيادات في فقه النكاح ص ٤٦٧ الحديث ٧٨.

٤٠١

[(الثاني) قيل: إذا لم يسم لها مهرا، وقدم لها شيئا قبل الدخول كان ذلك مهرا مالم يشترط غيره].

عند التعارض مقدم على الاصل، وهذا هو فتوى الشيخ الجليل العابد محمد بن أبي عسير من القدماء قدس الله روحه(١) فاستحسنه الشيخ وأفتى به(٢) وبه قال ابن حمزة(٣) وابن الجنيد(٤) وعليه أكثر المتقدمين.

الثالثة: لايسقط المهر بعدم القبض ترك المطالبة بعد الدخول،: ونقل الشيخ في التهذيب عن بعض أصحابنا: أنه إذا دخل بها هدم الصداق(٥) .

قال طاب ثراه: قيل: إذا لم يسم لها مهرا وقدم لها شيئا قبل الدخول كان ذلك مهرا مالم يشترط غيره.

أقول: القول المحكى هو المشهور بين الاصحاب، وبه أفتى الشيخان(٦) (٧)

____________________

(١) و(٢) التهذيب: ج ٧ ص ٤٦٧ س ٤ قال: وكان ابن عميررحمه‌الله يقول: إلى قوله: ويلزم الرجل المهر كله إلى قوله: وهذا وجه حسن.

(٣) الوسيلة: في بيان مايجوز عقد النكاح عليه من المهر، ص ٢٩٨ س ١٨ قال: وإذا دخل بها وأرخي الستر عليهما إلى قوله: قبلت منه.

(٤) المختلف: في الصداق، ص ٩٥ س ٢٩ قال: وقال ابن الجنيد: إلى قوله: فان وقعت الخلوة بحيث لامانع فالحكم بالاغلب الخ.

(٥) التهذيب: ج ٧(٣١) باب المهور والاجور، ص ٣٥٩ الحديث ٢٢ و ٢٣ و ٢٤ و ٢٥ ثم قال بعد نقل الاحاديث: ولو كان الامر على ماذهب إليه بعض أصحابنا: من أنه إذا دخل بها هدم الصداق الخ.

(٦) المقنعة: باب المهور والاجور ص ٧٨ س ١٧ قال: وإن دخل بها وأعطاها قبل الدخول شيئا، فذلك مهرها الخ.

(٧) النهاية: باب المهور، ص ٤٧٠ س ٥ قال: وإن لم يكن قد سمى لها مهرا وأعطاها شيئا إلى قوله: لم يكن لها شئ.

٤٠٢

والقاضي(١) وسلار(٢) وادعى ابن ادريس عليه الاجماع(٣) وتوقف المصنف(٤) وفصل العلامة، فقال: إن رضيت بالمدفوع إليها لم يكن لها المطالبة بشئ وإن لم يرض به مهرا كان لها ذلك(٥) .

بقي هنا شئ وهو أن نقول: قد كان في الزمن الاول لايدخل الرجل حتى يقدم المهر، والعادة الآن بخلاف ذلك، فلعل منشاء الحكم العادة.

فتقول: إن كانت العادة في بعض الازمان، أو الاصقاع كالعادة في القديم، كان الحكم ما تقدم، وإن كانت العادة كالعادة الآن كان القول قولها، هذا آخر كلامهرحمه‌الله (٦) وقال ابن حمزة: إن دخل بها قبل الفرض وبعث إليها قبل الدخول بشئ، فإن ردت عليه، أو أبت قبوله من جهة المهر، لزمه مهر المثل، وإن لم ترد وقالت المرأة بعد ذلك أنها هدية، والرجل يقول أنها مهر، كان القول قول الرجل مع اليمين، فإن حلفت سقطت دعواها، وإن نكل لزم لها مهر المثل، وإن رد اليمين كان له ذلك(٧) .

____________________

(١) المهذب: ج ٢ باب الصداق وأحكامه، ص ٢٠٢ س ١٥ قال: وإن أعطاها شيئا إلى قوله: لم يكن لها سوى ما قبضته منه قبل دخوله بها.

(٢) المراسم: ذكر المهر ص ١٥٢ س ٧ قال: وإن دخل بها وقد أعطاها قبل الدخول شيئا ما، كان ذلك مهرها.

(٣) السرائر: باب المهور ص ٣٠١ س ١٧ قال: وإن لم يكن سمى لها مهرا وأعطاها شيئا قبل دخوله بها إلى قوله: فان دليل هذه المسألة هو الاجماع.

(٤) لاحظ مختاره في النافع.

(٥) المختلف: في الصداق ص ٩٥ س ١٩ قال: والوجه عندي التفصيل الخ.

(٦) المختلف: في الصداق، ص ٩٥ س ٢٠ قال: بقي هنا شئ الخ.

(٧) الوسيلة: في بيان مايجوز عقد النكاح عليه من المهر ص ٢٩٦ س ٨ قال: وان دخل بها قبل الفرض الخ وفيه (قبل القبض) وهو غلط مطبعى اهرا.

٤٠٣

[(الثالث) إذا طلق قبل الدخول رجع بالنصف إن كان أبضها، أو طالبت بالنصف إذا لم يكن أقبضها ولاتستعيد الزوج ماتجدد من النماء بين العقد والطلاق، متصلا كان كاللبن، أو منفصلا كالولد.

ولو كان النماء موجودا وقت العقد رجع بنصفه كالحمل.

ولو كان تعليم صنعة أو علم فعلمها رجع بنصف اجرته ولو أبرأته من الصداق رجع بنصفه.

(الرابع) لو أمهرها مدبرة ثم طلق صارت بينهما نصفين، وقيل: يبطل التدبير بجعلها مهرا وهو أشبه].

قال طاب ثراه: لو أمهرها مدبرة ثم طلق صارت بينهما نصفين، وقيل: يبطل التدبير يجعلها مهرا وهو أشبه.

أقول: يريد لو أمهرها مدبرة، هل يبطل تدبيرها بجعلها مهرا؟ لانه بمنزلة الوصية، والوصية تبطل بمثل ذلك، فلو طلقها قبل الدخول رجع إليه نصفها وكان طلقا لاتدبير فيه، أو يكون التدبير باقيا، ولايبطل بمرجد الامهار، بل لايبطل إلا بصريح الرجوع، ويكون الامهار في الحقيقة منصرفا إلى المنافع، فلو مات إنعتقت، ولاسبيل للمرأة على كلها لو كان بعد الدخول، ولا نصفها لو كان قبله: ابن ادريس(١) والمصنف(٢) والعلامة(٣) على الاول.

____________________

(١) السرائر: في باب المهور، ص ٣٠٣ س ٨ قال: والذي يقتضيه أصول مذهبنا أن قال: إلى قوله: وتخرج عن كونها مدبرة الخ.

(٢) لاحظ مختاره في النافع.

(٣) المختلف: في الصداق ص ٩٧ س ٢٢ قال: والمعتمد بطلان التدبير بالاصداق الخ.

٤٠٤

والشيخ(١) والقاضي(٢) على الثاني.

إحتج الشيخ بما رواه معلى بن خنيس قال: سئل أبوعبداللهعليه‌السلام وأنا حاضر عن رجل تزوج إمرأة على جارية له مدبرة، قد عرفتها المرأة وتقدمت على ذلك، وطلقها قبل أن يدخل بها، قال: فقال: أرى للمرأة نصف خدمة المدبرة، فيكون للمرأة يوم في الخدمة، ويكون لسيدها الذي كان دبرها يوم في الخدمة، قيل له: وإن ماتت المدبرة قبل المرأة والسيد لمن يكون الميراث؟ قال: يكون نصف ماتركت للمرأة، ونصفها الآخر لسيدها الذي دبرها(٣) .

وفي الطريق قول ينشأ من معلى، فإن فيه خلافا(٤) .

فرع

على قول الشيخرحمه‌الله يقيد ذلك بكونها عالمة بالتدبير، كما تضمنته الرواية، ولو لم تكن عالمة كان لها إلزام الزوج بالرجوع، وإن لم يرجع كان لها فسخ المهر

____________________

(١) النهاية: باب المهور، ص ٤٧٣ س ٤ قال: واذا عقد لها على جارية مدبرة إلى قوله فاذا مات المدبر صارت حرة الخ.

(٢) المهذب: ج ٢ باب الصداق، ص ٢٠٦ س ٩ قال: واذا تزوج امرأة وجلع مهرها جارية مدبره إلى قوله: انعتقت المدبرة الخ.

(٣) التهذيب: ج ٧(٣١) باب المهور والاجور، وماينعقد من النكاح من ذلك وما لا ينعقد، ص ٣٦٧ الحديث ٤٩.

(٤) قال النجاشي: ضعيف جدا لايعول عليه، وقال ابن الغضائري: لا أرى الاعتماد في حديثه، وقال الشيخ ابوجعفر الطوسي: انه كان من قوام أبي عبداللهعليه‌السلام وكان محمودا عنده ومضى على منهاجه، وقال المحقق الوحيد في جملة من كلامه: ويظهر من مهج الدعوات لابن طاوس وغيره كونه من اشهر وكلاء الصادقعليه‌السلام وأجلهم، وانه قتل بسبب ذلك، وانه كان يجئ الاموال اليه (تلخيص من تنقيح المقال ج ٣ ص ٢٣٠).

٤٠٥

[(الخامس) لو أعطاها عوض المهر متاعا، أو عبدا آبقا وشيئا، ثم طلق رجع بنصف المسمى دون العوض.

(السادس) إذا شرط في العقد ما يخالف المشروع، فسد الشرط دون العقد والمهر، كما لو شرطت ألا يتزوج أو لا يتسرى، وكذا لو شرطت تسليم المهر في أجل، فإن تأخر عنه فلا عقد، أما لو شرطت أن لايفتضها صح، ولو أذنت بعده جاز، ومنهم من خص جواز الشرط بالمتعة]. والرجوع بالارش، أو مهر المثل على إشكال.

قال طاب ثراه: أما لو شرطت أن لا يفتضها صح، ولو أذنت بعده جاز، ومنهم من خص جواز الشرط بالمتعة.

أقول: للاصحاب هنا خمسة أقوال:

(أ) صحة العقد والشرط مطلقا، أي سواء كان العقد دائما أو منقطعا، ولو أذنت بعد ذلك جاز فهنا حكمان. تحريم الافتضاض(١) مع عدم الاذن، وموجبه لزوم الوفاء بالشرط. وتسويغه بعد الاذن، لان بالعقد ملك الاستمتاع، وإنما كان الامتناع لمكان الشرط، ولامانع من هذا الشرط، فيكون لازما. لقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : المؤمنون عند شروطهم(٢) وقد زال برضاها.

ولرواية سماعة بن مهران عن الصادقعليه‌السلام قال: قلت له: رجل جاء إلى إمرأة فسألها أن تزوجه نفسها؟ فقالت: ازوجك نفسي على أن تلتمس مني ماشئت، من نظر أو إلتماس، وتنال مني ماينال الرجل من أهله إلا أنك لا تدخل

____________________

(١) افتض الجارية ازال بكارتها، والافتضاض بالفاء بمعناه (مجمع البحرين فضض).

(٢) عوالى الثالى: ج ١ ص ٢١٨ الحديث ٨٤ وص ٢٩٣ الحديث ١٧٣ وج ٢ ص ٢٥٧ الحديث ٧ وج ٣ ص ٢١٧ الحديث ٧٧ ولاحظ ما علق عليه

٤٠٦

فرجك في فرجي، وتتلذذ بما شئت، فاني أخاف الفضيحة، قال: ليس له إلا ما اشترط(١) .

وعن إسحاق بن عمار عن الصادقعليه‌السلام قال: قلت له: رجل تزوج بجارية عاتق(٢) على أن لايفتضها، ثم أذنت له بعد ذلك، فقال: إذا أذنت له فلا بأس(٣) وهو مذهب الشيخ في النهاية(٤) .

(ب) بطلان الشرط خاصة وصحة العقد فيهما، فله الوطى وإن لم ترض قاله القاضي(٥) وابن ادريس(٦) وفخر المحققين(٧) ولعل وجهه ماثبت من كون الشرط الفاسد لايوجب فسادا في العقد، كما لو شرط أن لايتزوج عليها، أو لايتسرى.

ولما رواه محمد بن قيس عن الباقرعليه‌السلام قال: قضى عليعليه‌السلام في رجل تزوج إمرأة وأصدقها، واشترط أن بيدها الجماع والطلاق قال: خالف السنة

____________________

(١) التهذيب: ج ٧(٣١) باب المهور والاحور وماينعقد من النكاح من ذلك وما لا ينعقد، ص ٣٦٩ الحديث ٥٨.

(٢) العاتق: الشابة اول ما تدرك، وقيل: هي التي لم بتن من والديها ولم تزوج وقد ادركت وشبت (النهاية لغة عتق).

(٣) التهذيب: ج ٧(٣١) باب المهور والاجور وماينعقد من النكاح من ذلك ومالاينعقد، ص ٣٦٩ الحديث ٥٩.

(٤) النهاية: باب المهور وماينعقد به النكاح ومالاينعقد ص ٤٧٤ س ٥ قال: فان شرطت عليه في حال العقد إلى قوله: فان أذنت جاز.

(٥) المهذب: ج ٢ باب الصداق واحكامه ص ٢٠٧ س ٤ قال بعد نقل قول الشيخ: (والاولى ما ذكرناه) أي كون الشرط باطلا.

(٦) السرائر: باب المهور، ص ٣٠٣ س ١٨ قال بعد نقل قول الشيخ: والذي يقتضيه اصول المذهب ان الشرط باطل الخ.

(٧) الايضاح: ج ٣، في المهر، ص ٢٠٧ س ١٩ قال بعد نقل مختار ابن ادريس: وهو الاقوى عندي.

٤٠٧

وولى الحق من ليس بأهله، قال: فقضى أن على الرجل النفقة، وبيده الجماع والطلاق، وذلك السنة(١) .

(ج) صحة هذا الشرط إذا وقع في العقد المنقطع، وبطلان العقد والشرط في الدائم، قاله الشيخ في المبسوط(٢) وبه قال قطب الدين الكيدري(٣) .

(د) بطلان الشرط دون العقد في الدائم، وصحتها في المؤجل قاله ابن حمزة(٤) .

(ه‍) ظاهر العلامة في المختلف بطالن العقد والشرط في النكاحين، لانه بعد أن حكى قول الشيخ في المبسوط: من أن الشرط إذا عاد بفساد العقد، مثل أن يشترط الزوجة أن لا يطأها فالنكاح باطل، لانه شرط يمنع المقصود بالعقد.

وقد روى أصحابنا أن العقد صحيح والشرط صحيح، ولا يكون له وطئها، فإن أذنت له فيما بعد كان له ذلك، قال: وعندي أن هذا يختص بعقد المتعة دون عقد الدائم، ثم حكى قول إبن ادريس، ثم قال بعده: والوجه عندي ماقاله الشيخ في المبسوط، من بطلان العقد والشرط معا، أما الشرط فلانه مناف لمقتضى العقد، وأما العقد فلعدم الرضا به بدون الشرط، ثم أجاب في آخر المسألة عن حجة المجوزين بالطعن في سند الاحاديث، وعن قولهعليه‌السلام : (المؤمنون عند شروطهم) بأنه يختص بالشروط السائغة، فهذا الشرط إن كان سائغا لم يحل له الافتضاض بعد

____________________

(١) التهذيب: ج ٧(٣١) باب المهور والاجور ماينعقد من النكاح من ذلك وما لا ينعقد، ص ٣٦٩ الحديث ٦٠.

(٢) المبسوط: ج ٤، كتاب الصداق، ص ٣٠٤ س ٢ قال: وعندي أن هذا يختص عقد المتعة دون عقد الدوام.

(٣) المختلف: في الصداق، ص ٩٧ س ٢٩ قال بعد نقل قول الشيخ في المبسوط: ومثله قال قطب الدين الكيدري.

(٤) الوسيلة: في بيان ما يجوز عقد النكاح عليه من المهر، ص ٢٩٧ س ١٣ قال في الشروط الباطلة: ولا يجامعها، إلا في نكاح المتعة.

٤٠٨

[(السابع) لو شرط أن لا يخرجها من بلدها لزم. ولو شرط لها مائة إن خرجت معه، وخمسين إن لم تخرج، فإن أخرجها إلى بلد الشرك، فلا شرط له ولزمته المائة، وإن أرادها إلى بلد الاسلام فله الشرط] العقد بإذنها، لعد تناول العقد له(١) فإستدلاله في أول المسألة وجوابه في آخرها يتناول الدائم والمنقطع.

واجيب عن قوله: فهذا الشرط إن كان سائغا لم يحل له الوطء باذنها لعدم تناول العقد له.

قلنا: بل تناوله العقد، لانا نبحث عن صحة العقد، والعقد الصحيح يقتضي إباحة البضع للزوج، فإن قال: يقتضي ذلك إباحته له من غير توقف على إذنها، قلنا: وجوب الوفاء بالشرط وقفه على إذنها.

قال طاب ثراه: لو شرط أن لايخرجها من بلدها لزم، ولو شرط لها مائة إن خرجت معه وخمسين إن لم تخرج، فإن أرادها إلى بلد الشرك، فلا شرط له ولزمته المائة، وإن أخرجها إلى بلد الاسلام فله الشرط(٢) .

أقول: هنا بحثان: (الاول) وهذا الشرط أعني أن لايخرجها من بلدها، هل هو من الشروط السائغة التي يلزم إذا ذكرت في العقد، أولا؟ قال الشيخ في النهاية بالاول(٣) وبه

____________________

(١) المختلف: في الصداق، ص ٩٧ س ٢٧ قال: وقال الشيخ في المبسوط الخ.

(٢) عبارة المختصر النافع المطبوع كما اثبتناه في صدر الصفحة، وفي النسخ المخطوطة من المهذب بدل (فان اخرجها إلى بلد الشرك) (فان ارادها إلى بلد الشرك) وفي الجملة الاخيرد ايضا بدل (وان أرادها إلى بلد الاسلام) (وان اخرجها إلى بلد الاسلام).

(٣) النهاية: باب المهور وماينعقد به النكاح ومالاينعقد، ص ٤٧٤ س ٥ قال: ومتى شرط الرجل إلى قوله: كان له ما اشترط عليها.

٤٠٩

قال القاضي(١) وإبن حمزة(٢) واختاره المصنف(٣) والعلامة(٤) لان الاغراض تتعلق بالبث في المنازل، والاستيطان في البلدان التي حصل النشو فيها والانس بها، وهوأمر مطولب للعقلاء، سائغ في نظر الشرع، فجاز جعله شرطا في عقد النكاح توصلا إلى تحصيل الاغراض المباحة، والمطالب السائغة الظاهرة حكمها.

ولصحيحة أبي العباس عن الصادقعليه‌السلام في الرجل يتزوج إمرأة ويشترط لها أن لا يخرجها من بلدها، قال: تفى لها بذلك، أو قال: يلزمه ذلك(٥) .

وقال في الكتابين يبطل الشرط ويصح النكاح(٦) (٧) وبه قال ابن ادريس(٨) لانه يجب عليها مطاوعة زوجها في الخروج معه إلى حيث يشاء، واختاره فخر المحققين(٩) لان مقتضى عقد النكاح تسلط الزوج على المرأة بالاسكان

____________________

(١) المهذب: باب الصداق وأحكامه ص ٢١٢ س ١٦ قال: واذا عقد على امرأة وشرط لها إلى قوله: كان الشرط صحيحا.

(٢) الوسيلة: في بيان ما يجوز عقد النكاح عليه من المهر، ص ٢٩٧ س ١٩ قال: والثالث يصح ذلك إلى قوله: أو يشترط المهر مائة إن اخرجها الخ.

(٣) لاحظ مختاره في النافع.

(٤) المختلف: في الصداق، ص ٩٨ س ١٢ قال: والوجه ماقاله الشيخ في النهاية.

(٥) التهذيب: ج ٧(٣١) باب المهور والاجور وماينعقد من النكاح من ذلك وما ينعقد، ص ٣٧٢ الحديث ٦٩.

(٦) المبسوط: ج ٤، حكم الشروط في العقد، ص ٣٠٣ س ١٨ قال: مثل أن لايسافر بها إلى قوله: فهذا شرط باطل ولا يفسد المهر عندنا.

(٧) الخلاف: كتاب الصداق، مسألة ٣٢ قال: اذا اصدقها ألفا وشرط أن يسافر بها إلى قوله: والشرط باطلا.

(٨) السرائر: باب المهور ص ٣٠٣ س ٢٨ قال بعد نقل قول الشيخ في الخلاف: وهو الصحيح: وانما اورد ماأورده في نهايته ايرادا لا اعتقادا.

(٩) الايضاح: ج ٣، في المهر، ص ٢١٠ س ٩ قال: والاصح عندي قول ابن ادريس، وهو أنه لا يصح هذا الشرط.

٤١٠

والاستمتاع وغير ذلك.

(الثاني) إذا شرط لها مائة إن خرجت وخمسين إن لم تخرج، فإن أرا إخراجها إلى بلد الشرك فلا شرط له ولزمه المائة، وإن أراد إخراجها إلى بلد الاسلام لزمها الاجابة، ومع عدمها يكون لها الخمسون، وهنا سؤالان: (أ) إذا شرط لها خمسين مع المقام ومع السفر مائة، يكون المهر مجهولا، وذلك يقتضى فساده، ويرجع فيه إلى مهر المثل، فالقول بتصحيحه وتعيينه يحتاج إلى دليل.

(ب) كيف يقول العلامة في القواعد: ولو شرط لها مهرا إن لم يخرجها من بلدها، وأريد إخراجها إلى بلد الشرك، لم يلزمه إجابته، ولها الزائد، وإن أخرجها إلى بلد الاسلام كان الشرط لازما(١) .

وفيه نظر، وظاهر هذه العبارة أنه لم يخرج بها إلى بلد الشرك، لان الاجابة وعدمها أمر متقدم على الخورج، وإنما شرطت لها المائة على تقدير الاخراج، فكيف يلزمه مع عدمه.

والجواب عن الاول: أن تطرق الجهالة إلى المهر غير قادح في صحته وتعيينه، ولهذا جاز أن يتزوجها على القبضة من الفضة، والقبضة من الحنطة من غير كيل ولا وزن، ويتعين ذلك ولا يجب غيره، وعلى الدار والخادم والبيت مع عدم الوصف والتعيين، ويجب وسط ذلك، وأيضا الاصل الصحة.

ويؤيده حسنة على بن رئاب عن الكاظمعليه‌السلام قال: سئل وأنا حاضر عنده عن رجل تزوج إمرأة على مائة دينار على أن تخرج معه إلى بلاده، فإن لم تخرج

____________________

(١) القواعد: ج ٢، الثالث الشرط، ص ٣٨ س ١٧ قال: ولو شرط لها مهرا ان لم يخرجها من بلدها الخ.

٤١١

معه فمهرها خمسون دينارا، أرايت إن لم تخرج معه إلى بلاده؟ قال: فقال: إن أراد أن يخرج بها إلى بلد الشرك فلا شرط له عليها في ذلك ولها مائة دينار التي أصدقها إياها، وإن أراد أن يخرج بها إلى بلاد المسلمين ودار السلام، فله ماشرط عليها والمسلمون عند شروطهم، وليس له أن يخرج بها إلى بلاده حتى يؤدى لها صداقها، أو يرضى من ذلك بما رضيت، وهو جائز له(١) .

وعن الثاني: أن المرادأنه تزوجها وعقد عليها بالمائة، وشرط الخمسين على تقدير الامتناع، وحينئذ يقول بالعقد على مائة، فان أراد إخراجها إلى بلده وكانت بلاده في دار الاسلام وجب عليها إجابته ولها مهرها الذي وقع عليها العقد، وإن لم بحبه كان له أن ينقصها خمسين عملا بالشرط، وإن لم يكن بلاده في دار الاسلام لم يجب عليها إجابته، لوجوب الهجرة عن دار الشرك، فلا يعقل وجوبها إليها، ولها مهرها الذي وقع عليه العقد، لان إمتناعها شرعى، والمائة واجبة لها بالعقد الصحيح، ولم يحصل ما يوجب نقصها، وهو الامتناع عن الخروج إلى بلاد لا يسوغ السفر إليها والاقامة بها.

والواو عند العلامة وأكثر المحققين للجمع المطلق، لا للترتيب، فمراده في القواعد: ما قلناه في الجواب الثاني، فيكون تقديره كلامه: ولو شرط لها مهر إن أخرجها، وأنقص إن لم يخرج، اذا الواو لاتدل على الترتيب، ولهذا يصح أن يقال: جاء زيد وعمرو قبله، من غير تناقض، فلا تنافي عبارته ماصورناه في الجواب، ولو أردت المسألة بلفظ الرواية لم يرد السؤال الثاني، ولم يحتج إلى هذا التعسف، أما عبارة النافع، فلا يرد عليها ذلك.

____________________

(١) التهذيب: ج ٧(٣١) باب المهور والاجور، وماينعقد من النكاح من ذلك ومالاينعقد، ص ٣٧٣ الحديث ٧٠.

٤١٢

[(الثامن) لو اختلفا في أصل المهر، فالقول قول الزوج مع يمينه، ولو كان بعد الدخول، وكذا لو خلا فادعت المواقعة.

(التاسع) يضمن الاب مهر ولده الصغير، إن لم يكن له مال وقت العقد، ولو كان له مال كان على الولد.

(العاشر) للمرأة أن تمتنع حتى تقبض مهرها، وهل لها ذلك بعد الدخول؟ فيه قولان: أشبههما أنه ليس لها ذلك.

والشيخ في كتابي الفروع عد من الشروط الفاسدة أن لا يسافر بها، او لا يتسرى عليها(١) (٢) ، وليس صريحا في مساواة صورة النزاع، لان السفر ربما يراد به المستمر أو الغالب، أو البعيد، والاخراج عن البلد يصدق بدون ذلك.

وذهب بعض الاصحاب إلى فساد المهر، لعدم تعيينه، ووجوب مهر المثل(٣) .

والاقرب العمل على الرواية كمذهب العلامة في المختلف.

قال طاب ثراه: للمرأة أن تمنع حتى تقبض مهرها، وهل لها ذلك بعد الدخول؟ فيه قولان: أشبههما أنه ليس لها ذلك.

أقول: إعلم أن الغرض الاقصى في النكاح في نظر الشارع، وللمكلف إنما هو حصول النسل وغض البصر وعفة الفرج، وقضاء الوطر من الشهوة، وحصول التلذد والاستمتاع، ويتبعه التوارث، ووجوب الانفاق والمهر.

ولما كان الانفاق متكررا، وبه قوام بدن الانسان، رتب الشارع في مقابله وجوب التمكين على المرأة في كل وقت، فلو منعت يوما واحدا سقطت نفقة ذلك

____________________

(١) تقدم نقله عن المبسوط: ج ٤، حكم الشروط في العقد، ص ٣٠٣ س ١٨ في قوله: فاذا ثبت انه باطل إلى قوله: مثل ان شرط أن لايسافر بها الخ.

(٢) تقدم ايضا في الخلاف، كتاب الصداق مسألة ٣٢.

(٣) المسالك: ج ١ ص ٥٥١ س ٢ قال: والذي يوافق الاصل بطلان الشرط المذكور، وبطلان المهر، وصحة العقد إلى قوله: وعلى هذا فيثبت لها مهر المثل الخ.

٤١٣

اليوم، وتعود بعود التمكين، وربما كان سبب وجوبها لاشتغالها بالزوج عن إهتمامها بامور نفسها، فأشبه المعاوضة من هذه الحيثية، وليس معاوضة محضة لما قلناه من كون المقصود بالنكاح إنما هو الامر الاول.

والتحقيق أن نقول: قد امتازت المعاوضة بأمور ليس في النكاح، وامتاز عنها بامور ليست موجودة فيها. ففي المعاوضة المحضة لكل من المتعاوضين المنع من تسليم عوضه حتى يقبض العوض الآخر، وله الفسخ عند تعذر التسليم، فالنكاح قد شابه المعاوضة من وجوه:

(أ) سقوط الانفاق عن الزوج مع النشوز.

(ب) جواز الفسخ لكل منهما إذا وجد بصاحبه ما يمنع الاستمتاع، لما كانت ثمرته مشتركة بينهما، وهي مبذولة منهما، وفائدتها لهما، فتفسخ بعنته وجبه، ويفسخ بقرنها ورتقها.

(ج) لها أن تمتنع حتى يقبض مهرها، كما تمنع البائع من تسليم السلعة حتى يقبض الثمن، وله الامتناع من تسليم المهر كما يمتنع المشتري من التسليم حتى يقبض السلعة، سواء كان موسرا أو معسرا، لتحصيل فائدة التعويض، فيجبرهما الحاكم على التقابض معا، لعدم الاولوية كما في المعاوضة. وباين المعاوضة من وجوه:

(أ) تقابل كل واحد من العوضين بكل العوض الآخر في المعوضة، وفي النكاح يكون كل المهر في مقابل الوطأة الاولى.

(ب) إن في المعاوضة لو تلف أحد العوضين قبل قبضه بطلت المعاوضة وانفسخ العقد، وليس كذلك النكاح، فإن تلف المهر يوجب مثله أو قيمته، وموت المرأة تقرر كل المهر ويوجب الارث.

(ج) إن في المعاوضة لو أتلف أحد العوضين متلف رجع صاحبه بقيمته، وفي النكاح ليس كذلك، فانه لو قتلت نفسها، او قتلها اجنبي لم يسقط مهرها، ولا يضمنه الاجنبي إذا تقرر هذا فنقول: هنا ثلاث قواعد:

٤١٤

(أ) لا إمتناع بعد تحقق القبض بإذن صاحبه، لان حق الامساك زال بالدفع، واستقر الملك للقابض فلا يستعاد منه، ولا يمنع من التصرف فيه.

(ب) إن القبض في النكاح هو الوطء، إذ البضع لا يدخل تحت اليد ولو كانت أمة، ولهذا لايجب عوض بضعها لو غصبت ما لم توطأ بشروطه.

(ج) هل القبض كرها كهو طوعا؟ يحتمل ذلك، لانتقال الضمان إليه، ويحتمل عدمه، إذ للمقبوض منه السلطنة عليه والمنع منه، فلا يترتب عليه أثر الصحيح، والضمان عقوبة كالغصب، وصرح به إبن حمزة(١) لانها لم تسقط حقها من الامساك، وهو حسن كما في المبيع.

إذا تمهد هذا فنقول: للمرأة المنع من التسليم قبل الدخول إجماعا مع حلول المهر قطعا. والخلاف في مقامين:

(أ) هل لها ذلك بعد الدخول؟ قال في الخلاف: ليس لها الامتناع، بل لها المطالبة بالمهر(٢) وبه قال السيد(٣) والتقي(٤) وابن حمزة(٥) وإبن ادريس(٦) واختاره

____________________

(١) الوسيلة: في بيان ما يجوز عقد النكاح عليه من المهر، ص ٢٩٩ س ٣ قال: وللمرأة الامتناع من الدخول عليها وان افضى اليها كرها.

(٢) الخلاف: كتاب الصداق، مسألة ٣٩ قال: اذا سمى الصداق ودخل بها قبل أن يعطي شيئا لم يكن لها بعد ذلك الامتناع الخ.

(٣) الانتصار: في بيان مقدار الصداق، ص ١٢٢ س ٦ قال: مسألة إلى قوله: الا انه ليس لها أن تمنع نفسها وان كان قبل الدخول.

(٤) الكافي: الضرب الاول من الاحكام ص ٢٩٤ س ٨ قال: وليس لها منع نفسها منه وانما لها ذلك قبل الدخول.

(٥) الوسيلة: في بيان مايجوز عقد النكاح عليه من المهر، ص ٢٩٩ س ٤ قال: وان أمكنت من الدخول لم يكن لها بعد ذلك الامتناع.

(٦) السرائر: باب المهور، ص ٣٠٤ س ٢ قال: فاما إذا دخل بها فلها المطالبة بالمهر وليس لها الامتناع حتى تقضيه

٤١٥

المصنف(١) والعلامة(٢) لان التسليم الاول، تسليم إستقر به العوض برضا المسلم، فلم يكن لها الامتناع بعد ذلك، كما لو سلم المبيع قبل قبض الثمن ثم أراد منعه، ولان البضع حقه والمهر حق عليه، وليس إذا كان عليه حق جاز أن يمنع حقه.

وقال في المبسوط: لها الامتناع(٣) لان التسليم واجب عليها بعقد النكاح، فكان لها الامتناع في أول الحال، وكذا في ثاني الحال، توصلا إلى أستيفاء الحق، وللاستصحاب.

وأطلق المفيد(٤) والقاضي(٥) والشيخ في النهاية(٦) جواز الامتناع من غير تفصيل إلى الدخول وعدمه.

(ب) لو كان المهر مؤجلا، لم يكن لها الامتناع قبل الحلول إجماعا، ولوحل بعد إمتناعها قبله، هل لها الامتناع؟ فيه احتمالان: (احدهما) لا، وهو الذي يرجحه المصنف، لاستقرار وجوب التسليم قبل الحلول، وللاستصحاب.

(والثاني) لها الامتناع، لانه مهر حال على زوج لم يدخل، فللزوجة الامتناع حتى يقبضه.

____________________

(١) لاحظ مختاره في النافع.

(٢) المختلف: في الصداق: ص ٩٨ س ٣٩ قال: والاقرب ما قاله في الخلاف.

(٣) المبسوط: ج ٤ كتاب الصداق ص ٣١٣ س ٢٠ قال: واما إن كان دخل بها إلى قوله: وقال قوم: لها ان تمتنع حتى تقبض المهر، وهو الذي يقوى في نفسي.

(٤) المقنعة: باب المهور، ص ٧٨ س ١٩ قال: وللمرأة أن تمنع الزوج نفسها منه حتى تقبض المهر.

(٥) المهذب: ج ٢ (في عدم جواز تمكينها) ص ٢١٤ س ٦ قال: فإن كانت لم تقبضه كان بها الامتناع منه.

(٦) النهاية: باب المهور وما ينعقد به النكاح ومالا ينعقد ص ٤٧٥ س ١١ قال: وللمرأة أن تمتنع من زوجها حتى تقبض منه المهر، فإذا قبضته لم يكن لها الامتناع.

٤١٦

واعلم: أن محل الخلاف إنما هو على تقدير وقوع الدخول باختيار المرأة، فلو سلمت قهرا كان لها المهر بعد ذلك، وقد صرح به ابن حمزة(١) لانه لم يسقط حقها من الامساك، وهو حسن، كما في البيع.

فرع

لم يفرق المصنف(٢) والعلامة(٣) بين الموسر والمعسر، ويظهر من إبن ادريس منع الامتناع في حق المعسر(٤) لتحريم المطالبة، والاول أقوى كما في غيره من المعاوضات. ويظهر الفائدة في امور:

(أ) لو بذلت التمكين بشرط، المهيرة، ومنعت التسليم، للقبض، لم يأثم على الاول، ولايفسق، ولا ترد شهادتها بذلك، وتأثم على الثاني.

(ب) لايسقط نفقتها على الاول، لتحقق التمكين من طرفها، والمنع لعذر في الزوج فهو كالعنن والمرض، دون الثاني.

(ج) يجب فطرتها على الاول على الزوج، ويسقط بفقره، وعلى الثاني يجب عليها.

____________________

(١) الوسيلة: في بيان مايجوز عقد النكاح عليه من المهر، ص ٢٩٩ س ٣ قال: وان افضى اليها كرها.

(٢) لاحظ اطلاق كلامه في عبارة النافع، ولا حظ تصريحه في الشرائع (في المهور) حيث قال: ولها أن تمنع من تسليم نفسها إلى قوله: سواء كان الزوج موسرا أو معسرا.

(٣) القواعد: المقصد الثاني في المهر، ص ٣٧ س ٧ قال: ولها أن تمتنع إلى قوله: سواء كان الزوج موسرا أو معسرا.

(٤) السرائر: في باب المهور، ص ٣٠٣ س ٣٧ قال: وللمرأة أن تمتنع من زوجها إلى قوله: والزوج موسرا به قادرا على ادائه.

٤١٧

(النظر الثالث) في القسم والنشوز والشقاق

أما القسم: فللزوجة الواحدة ليلة، وللاثنين ليلتان، وللثلاث ثلاث، والفاضل من الاربع، له أن يضعه حيث شاء، ولو كن أربعا فلكل واحدة ليلة، ولايجوز الاخلال إلا مع العذر أو الاذن، والواجب المضاجعة، لا المواقعة. ويختص الوجوب بالليل دون النهار، وفي رواية الكرخى إنما عليه أن يكون عندها في ليلتها ويظل عندها في صبيحتها. ولو اجتمعت مع الحرة أمة بالعقد فللحرة ليلتان، وللامة ليلة، والكتابية كالامة، ولا قسمة للموطوء‌ة بالملك. ويختص البكر عند الدخول بثلاث إلى سبع، والثيب بثلاث.ويستحب التسوية بين الزوجات في الانفاق، وإطلاق الوجه، والجماع، وأن يكون في صبيحة كل ليلة عند صاحبتها].

(د) لاتعد ناشزا على الاول دون الثاني.

وفائدته في امور: كاستحقاق النذر، والوقف، والوصية، وعدم حنثها لوحلفت: لا تنشز على زوج.

(القسم الثالث) في القسم والنشوز والشقاق قال طاب ثراه: وفي رواية الكرخي إنما عليه أن يكون عندها في ليلتها ويظل عندها في صبيحتها.

أقول: المشهور بين الاصحاب إختصاص القسم بالليل، وقال إبن الجنيد:

٤١٨

[وأما النشوز: فهو إرتفاع أحد الزوجين عن طاعة صاحبه فيما يجب له، فمتى ظهر من المرأة أمارة العصيان، وعظها، فإن لم ينجع هجرها في المضجع، وصورته أن يوليها ظهره في الفراش، فإن لم تنجع ضربها، مقتصرا على ما يؤمل معه طاعتها ما لم يكن مبرحا، ولو كان النشوز منه فلها المطالبة بحقوقها، ولو ترك بعض ما يجب، أو كله إستمالة جاز له القبول.

وأما الشقاق: فهو أن يكره كل منهما صاحبه، فإذا خشى الاستمرار بعث كل منهما حكما من أهله، ولو امتنع الزوجان بعثهما الحاكم، ويجوز أن يكونا أجنبيين، وبعثهما تحكيم توكيل، فيصلحان إن اتفقا، ولا يفرقان إلا مع إذن الزوج في الطلاق، والمرأة في البذل، ولو اختلف الحكمان لم يمض لهما حكم].

الواجب لهن مبيت الليل، وقيلولة صبيحة تلك الليلة(١) ، ومستنده رواية ابراهيم الكرخى قال: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام عن رجل له أربعة نسوة فهو يبيت عند ثلاث منهن في لياليهن ويمسهن، فاذا نام عند الرابعة في ليلتها لم يمسها، فهل عليه في هذا إثم؟ قال: إنما عليه أن يكون عندها في ليلتها، ويظل عندها في صبيحتها، وليس عليه أن يجامعها إذا لم يرد ذلك(٢) .

قال طاب ثراه: وبعثهما تحكيم لا توكيل.

أقول: هنا مسائل: الاول: هل بعث الحكمين واجب أو مندوب؟ قيل: بالاول لصيغة الامر في

____________________

(١) المختلف: في لواحق النكاح، ص ٢٩ س ٥ قال: وقال ابن الجنيد: العدل بين النساء إلى قوله: مبيت بالليل وقيلولة صبيحة تلك الليلة.

(٢) التهذيب: ج ٧(٣٧) باب القسمة بين الازواج، ص ٤٢٢ الحديث ١١.

٤١٩

قوله: (فابعثوا)(١) وقيل: بالثاني الامر للندب والارشاد.

الثانية: هل الحكمان وكيلان للزوجين، أو حكمان متوليان من جهة الحاكم؟ قيل: بالاول، فيوكل الزوج حكمه بالطلاق، أو في الخلع، والمرأة حكمها ببذل العوض وقبول الطلاق ولا يجوز بعثهما إلا برضاهما، وإن لم يرضيا أدب الحاكم الظالم، واستوفى حق المظلوم، وقال أبوعلي: يأمر الحاكم الزوج أن يختار رجلا من أهله، والمرأة رجلا من أهلها(٢) .

وقيل: بالثاني ويستقل الحاكم بالبعث من غير استيذان، لعموم الآية، ولانهما نائبا الحاكم في التقرير والتحديد، ويستقلان بفعل مايريانه صلاحا من غير إذن سابق، أو توقف على إجازة لاحقة إلا في الفرقة، فلا يطلق حكم الزوج إلا بإذنه، ولا يبذل حكم المرأة المخلع إلا بإذنها، وقال ابن حمزة: ينفذ الحاكم حكما من أهله وحكما من أهلها ليدبر الامر، فان جعل بينهما الاصلاح والطلاق، أنفذا ما رأياه صلاحا من غير مراجعة(٣) وهو ظاهر أبي علي(٤) والاول هو المذهب المشهور، قال الشيخ في المبسوط: الذي يقتضيه مذهبنا أن ذلك حكم، لانهم روؤا أن لهما الاصلاح من غير استيذان، وليس لهما الفرقة بالطلاق وغيره إلا بعد أن يستأذناهما، ولو كان ذلك توكيلا لكان ذلك تابعا للوكالة وبحسب شرطها(٥) وبه قال ابن ادريس(٦) وقال القاضي في المهذب: وقد كنا ذكرنا في

____________________

(١) النساء: ٣٥.

(٢) المختلف: في الخلع ص ٤٦ قال: مسألة قال ابن الجنيد: إلى قوله: امر الرجل بان يختار من اهله من لايتهم على المرأة ولا عليه وكذلك تؤخذ المرأة الخ.

(٣) الوسيلة: فصل في بيان الشقاق ص ٣٣٣ س ١٥ قال: فان ترافى بعث الحاكم الخ.

(٤) المختلف: في الخلع، ص ٤٦ قال: مسألة، قال ابن الجنيد: وان كان النشوز منهما الخ.

(٥) المبسوط: ج ٤، فصل في الحكمين في الشقاق بين الزوجين ص ٣٤٠ س ١٧ قال: والذي يقتضيه مذهبنا الخ.

(٦) السرائر: باب الخلع والمباراة، ص ٣٣٨ س ١٣ قال: واما الشقاق إلى قوله: فالواجب على الحاكم أن يبعث الخ.

٤٢٠