المهذب البارع في شرح المختصر النافع الجزء ٣

المهذب البارع في شرح المختصر النافع0%

المهذب البارع في شرح المختصر النافع مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 584

المهذب البارع في شرح المختصر النافع

مؤلف: العلامة جمال الدين ابي العباس احمد بن محمد بن فهد الحلي
تصنيف:

الصفحات: 584
المشاهدات: 108733
تحميل: 4613


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 584 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 108733 / تحميل: 4613
الحجم الحجم الحجم
المهذب البارع في شرح المختصر النافع

المهذب البارع في شرح المختصر النافع الجزء 3

مؤلف:
العربية

كتابنا الكامل في الفقه في هذا الموضع، أنه على طريق التوكيل، والصحيح أنه على طريق الحكم، لانه لو كان توكيلا لكان ذلك تابعا للوكالة، وبحسب شرطها(١) وقال العلامة: الظاهر أنه تحكيم(٢) .

الثالثة: قال تعالى: (فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما)(٣) اختلف فيما يرجع إليه الضميران من قوله (يريدا) وقوله (بينهما) على ثلاثة أقوال: أن يكونا للحكمين، أو الزوجين، أو الاول للحكمين والثاني للزوجين، وهذا الاخير هو الذي فهمه عمر من الآية، فروي أنه بعث حكمين، فرجعا، وقالا: لم يلتئم الامر، فعلاهما بالدرة وقال: الله أصدق منكما: لو أردتما إصلاحا يوفق الله بينهما(٤) .

الرابعة: لايشترط كونهما من أهل الزوجين، إذ القرابة غير معتبرة في الحكم ولا في الوكالة، إلا أن الاهل أولى، لانه أشفق وأقرب إلى رعاية الصلاح، وأعرف ببواطن الاحوال، ولان القريب يفشي سره إلى قريبه من غير احتشام، بخلاف الاجنبي، وذهب إبن ادريس إلى اشتراطه(٥) عملا بظاهر الآية، وجوابه:

____________________

(١) المهذب: ج ٢، باب الشقاق والحكمين، ص ٢٦٦ س ٧ قال: وقد ذكرنا في كتابنا الكامل في الفقه الخ.

(٢) المختلف: في الخلع ص ٤٥ س ٣٥ قال: والظاهر انه تحكيم كما قاله الشيخ وابن البراج.

(٣) النساء: ٣٥.

(٤) اعثر عليه مع الفحص الشديد.

(٥) السرائر: باب الخلع والمباراة والنشوز ص ٣٣٨ س ١٩ قال بعد نقل قول الشيخ بالاستحباب: ذلك على طريق الايجاب دون الاستحباب لظاهر القرآن.

٤٢١

(النظر الرابع) في أحكام الاولاد

ولد الزوجة الدائمة يلحق به مع الدخول ومضي ستة أشهر من حين الوطء، ووضعه لمدة الحمل، أو أقل، وهي تسعة أشهر، وقيل: عشرة أشهر، وهو حسن، وقيل: سنة، وهو متروك.فلو اعتزلها أو غاب عنها عشرة أشهر فولدت بعدها لم يلحق به.ولو أنكر الدخول فالقول قوله مع يمينه.ولو اعترف به ثم أنكر الولد لم ينتف عنه إلا باللعان.ولو اتهمها بالفجور، أو شاهد زناها، لم يجز له نفيه.ويلحق به الولد، ولو نفاه لم ينتف إلا باللعان.وكذا لو اختلفا في مدة الولادة.ولو زنى بامرأة فأحبلها لم يجز الحاقه به، وإن تزوج بها.وكذا لو أحبل أمة غيره بزنى ثم ملكها.ولو طلق زوجته فاعتدت وتزوجت غيره وأنت لولد لدون ستة أشهر، فهو للاول، ولو ان لستة فصاعدا فهو للاخير، ولو لم تتزوج فهو]

التخصيص في الآية خرج مخرج الاغلب، إذا لاغلب شدة حرص الاهل على الشفقة، ورعاية مصلحة قريبة، خصوصا في القيام حال الزوجة، ولو لم يكن لهما أهل جاز الاجنبي اجماعا.

الخامسة ينبغى للحكمين قبل اجتماعهما للحكم، أن يجتمع كل منهما بمن يرسل عنه، فيخلو حكم الرجل به، وحكم المرأة بها، فيعرفان ما عندهما وما فيه رغبتهما، وإذا اجتمعا لم يخف أحدهما ماعلم من الآخر وأنفدا ما رأياه صوابا.

قال طاب ثراه: ووضعه لمدة الحمل أو أقل، وهي تسعة أشهر، وقيل: عشرة أشهر، وهو حسن، وقيل: سنة، وهو متروك.

٤٢٢

[للاول ما لم يتجاوز أقصى الحمل.وكذا الحكم في الامة لو باعها بعد الوطء.وولد الموطوء‌ة بالملك يلحق بالمولى ويلزمه الاقرار به، لكن لو نفاه إنتفى ظاهرا ولا يثبت بينهما لعان، ولو اعترف به بعد النفى ألحق به، وفي كمه ولد المتعة.وكل من أقر بولد ثم نفاه لم يقبل نفيه ولو وطأها المولى وأجنبي حكم به للمولى، فإن حصل فيه أمارة يغلب معها الظن أنه ليس منه لم يجز له إلحاقه ولانفيه، بل يستحب أن يوصى له بشئ ولايورثه ميراث الاولاد.

ولو وطأها البائع والمشتري فالولد للمشتري إلا أن يقصر الزمان عن ستة أشهر.ولو وطأها المشتركون، فولدت وتداعوه اقرع بينهم والحق بمن يخرج إسمه، ويغرم حصص الباقين من قيمته وقيمة امه.ولايجوز نفي الولد لمكان العرل، ولا مع التهمة بالزنى.والموطوء‌ة بالشبهة يلحق ولدها بالواطئ.ولو تزوج إمرأة لظنه خلوها من بعل فبانت محصنة ردت على الاول بعد الاعتداد من الثاني، وكانت الاولاد للواطئ مع الشرائط.ويلحق بذلك أحكام الولادة: وسننها إستبداد النساء، بالمرأة وجوبا إلا مع عدمهن، ولا بأس بالزوج وإن وجدن.ويستحب غسل المولود، والاذان في أذنه اليمنى، والاقامة في اليسرى، وتحنيكه بتربة الحسينعليه‌السلام ، وبماء الفرات، ومع عدمه]

٤٢٣

[بماء فرات، ولو لم يجد إلا ماء ملح خلط بالعسل أو التمر ويستحب تسميته الاسماء المستحسنة، وأن يكنيه.ويكره أن يكنى محمدا بأبي القاسم، وأن يسمى حكما، أو حكيما، أو خالدا، أو حارثا، أو مالكا، أو ضرارا.ويستحب حلق رأسه يوم السابع مقدما على العقيقة، والتصدق بوزن شعره ذهبا أو فضة، ويكره القنازع.ويستحب ثقب أذنه وختانه فيه، ولو أخر جاز.ولو بلغ وجب عليه الاختتان.وخفض الجارية مستحب.وان يعق عنه فيه أيضا ولاتجزى الصدقة بثمنها ولو عجز توقع المكنة ويستحب فيها شروط الاضحية.وأن تخص القابلة بالرجل والورك، ولو كانت ذمية اعطيت ثمن الربع، ولو لم تكن قابلة تصدقت به الام، ولو لم يعق الوالد استحب للولد إذا بلغ.ولو مات الصبى في السابع قبل الزوال سقطت، ولو مات بعد الزوال لم يسقط الاستحباب.ويكره أن يأكل منها الوالدان، وأن يكسر شئ من عظامها، بل يفصل مفاصل الاعضاء.

ومن التوابع: الرضاع والحضانة. وأفضل مارضع لبن امه، ولاتجبر الحرة على إرضاع ولدها، ويجبر الامة مولاها. وللحرة الاجرة على الاب إن اختارت إرضاعه. وكذا لو أرضعته خادمتها. ولو كان الاب ميتا، فمن مال الرضيع.ومدة الرضاع حولان.ويجوز الاقتصار على أحد وعشرين شهرا لا أقل، والزيادة بشهر أو بشهرين لا أكثر.ولا يلزم الوالد أجرة مازاد عن حولين، والام أحق]

٤٢٤

أقول: الاول الشيخين(١) (٢) وبه قال القاضي(٣) وأبوعلي(٤) وسلار(٥) والمرتضى في المسائل الموصليات(٦) وهو إختيار المصنف في النافع(٧) .

والثاني: حكاه ابن حمزة(٨) واختاره العلامة في أكثر كتبه(٩) واستحسنه المصنف في كتابيه(١٠) .

____________________

(١) المقنعة: باب لحوق الاولاد بالآباء، ص ٨٣ س ٣٥ قال: وأكثر الحمل تسعة أشهر إلى قوله: ولايكون زمان الحمل أكثر من تسعة أشهر.

(٢) النهاية: باب الحاق الاولاد بالآباء وأحكامهم، ص ٥٠٥ س ٦ قال: وكذلك (أي يجوز نفي الولد) ان جاء‌ت بالولد لاكثر من تسعة أشهر الخ.

وفي المبسوط: ج ٥، كتاب العدد ص ٢٩٠ س ٦ قال: واكثر الحمل عندنا تسعة أشهر، وقال بعض اصحابنا سنة الخ.

(٣) المهذب: ج ٢، باب الحاق الاولاد بالآباء وأحكام ذلك ص ٣٤١ س ٦ قال: ولايكون مدة الحمل على ماذكرنا اكثر من تسعة أشهر.

(٤) و(٦) المختلف: في لواحق النكاح ص ٢٨ س ٣٠ قال: وقال بن الجنيد: اقل الحمل عندنا ستة أشهر واكثره تسعة إلى أن قال: وقال السيد في جواب المسائل الموصليات: الاولى أنه لا يجوز أن يتجاوز الحمل أكثر من تسعة أشهر.

(٥) المراسم: ذكر النفقات، ص ١٥٥ س ٣ قال: والاكثر تسعة أشهر.

(٧) لاحظ مختارة في النافع.

(٨) الوسيلة: في بيان حكم الولادة والحاق الولد، ص ٣١٨ س ٧ قال: وأكثر مدة الحمل فيه ثلاث روايات، تسعة أشهر، وعشرة، وسنة.

(٩) القواعد: الفصل الثاني في الحاق الاولاد بالآباء، ص ٤٩ س ٢٤ قال: وهو عشرة أشهر، وقيل: تسعة، وقيل: سنة، وفي التحرير: في أحكام الاولاد، ص ٤٤ س ٢٣ قال: وهو تسعه أشهر، أو عشرة، وقيل: سنة وليس بمعتمد.

(١٠) قال في النافع: وقيل: عشرة أشهر وهو حسن، وقال في الشرائع: في أحكام الاولاد، وهو تسعة أشهر على الاشهر، وقيل: عشرة أشهر وهو حسن.

٤٢٥

[بإرضاعه إذا تطوعت، أوقنعت بما تطلب غيرها، ولو طلبت زيادة عن ماقنع غيرها، فللاب نزعه وإسترضاع غيرها.

وأما الحضانة: فالام أحق بالولد بمدة الرضاع إذا كانت حرة مسلمة. وإذا فصل فالحرة أحق بالبنت إلى سبع سنين، وقيل: إلى تسع سنين، والاب أحق بالابن.ولو تزوجت الام سقطت حضانتها.ولو مات الاب فالام أحق به من الوصي.وكذا لو كان الاب مملوكا أو كافرا، كانت الام الحرة أحق به ولو تزوجت، فان اعتق الاب فالحضانة له].

والثالث: قول المرتضى في الانتصار(١) وحكاه الشيخ(٢) وإبن حمزة عن الاصحاب(٣) وهو نادر.

قال طاب ثراه: وإذا فصل فالحرة أحق بالبيت إلى سبع سنين، وقيل: إلى تسع، والاب أحق بالابن.

أقول: وقع الاجماع على إشتراك الحصانة بين الابوين مدة الحولين، وعلى سقوطها بعد البلوغ وله الخيار في الانضمام إلى من شاء منهما، والخلاف فيما بينهما. وفيه أقوال:

(أ) الام أحق بالولد ما لم تتزوج، قاله الصدوق في المقنع(٤) .

____________________

(١) الانتصار: في مدة أكثر الحمل، ص ١٥٤ س ١٣ قال: مسألة، ومما انفردت به الامامية القول: بأن أكثر مدة الحمل سنة واحدة.

(٢) المبسوط: ج ٥، كتاب العدد ص ٢٩٠ س ٩ قال: وقال بعض أصحابنا: إلى سنة.

(٣) الوسيلة: في بيان حكم الولادة، ص ٣١٨ س ٧ قال: واكثر مدة الحمل إلى قوله: وسنة.

(٤) لم اعثر على هذه العبارة في المقنع، وفي المختلف: (في لواحق النكاح) ص ٢٦ س ٢٨ قال: وقال الصدوق في المقنع: اذا طلق الرجل الخ.

٤٢٦

(ب) الام أحق بالصبي إلى سبع سنين، ولو بلغها وهو معتوه كان حكمه حكم الطفل في إستحقاق الام إياه. وأما البنت فالام أحق بها مالم تتزوج الام قاله أبوعلي(١) وبمثله قال في الخلاف(٢) .

وقال القاضي في المهذب: إذا بانت المرأة ولها منه طفل لايعقل ولايميز، كانت هي أولى بخصانته من أبيه، وإن كان صغيرا وقد ميز، وكان ذكرا، كان امه أولى به إلى سبع سنين، وإن كانت أنثى كانت الام أحق بها إلى تسع سنين، وقيل: إلى بلوغها مالم تتزوج(٣) . وفيه دلالة على أنها لاتبلغ بالتسع عنده.

(ج) الام أحق بالذكر مدة الحولين، وبالانثى إلى تسع، قاله المفيد(٤) وتلميذه(٥) .

(د) الام أحق بالذكر مدة الحولين، وبالانثى سبع سنين، قاله الشيخ في النهاية(٦) والقاضي في الكامل(٧) وابن حمزة(٨) وابن

____________________

(١) المختلف: في لواحق النكاح، ص ٢٦ س ٢٨ قال: وقال ابن الجنيد: الام أحق بالصبي إلى سبع سنين الخ.

(٢) الخلاف: كتاب النفقات، مسألة ٣٦ قال: اذا بانت المرأة من الرجل ولها ولد منه الخ.

(٣) المهذب: ج ٢، باب النفقات، ص ٣٥٢ س ٨ قال: واذا بانت المرأة من زوجها إلى اخره.

(٤) المقنعة: باب الحكم في أولاد المطلقات، ص ٨٢ س ١٦ قال: واذا فصل الصبي من الرضاع كان الاب احق بكفالته والام احق بكفالة البنات حتى تبلغ تسع سنين الخ.

(٥) المراسم: اللعان، ذكر مايلزم به، ص ١٦٤ س ١٢ قال: فاذا فصل فلا يخلو أن يكون ذكرا أو انثى الخ.

(٦) النهاية: باب الولادة والعقيقة، ص ٥٠٣ س ١٩ قال: والام أولى بالولد من الاب مدة الرضاع إلى قوله: فان كانت انثى فهي أحق بها إلى سبع سنين الخ.

(٧) المختلف: في لواحق النكاح ص ٢٦ س ٢٩ قال: وابن البراج في الكامل إلى قوله: تبعوا شيخنا في النهاية، ثم بعد نقل قول المهذب قال: والوجه ما قاله الشيخ في النهاية.

(٨) الوسيلة: في بيان حكم الولادة والحاق الولد ص ٣١٦ س ٢ قال: والثاني: هي أولى برضاعه، رضي الاب به أو لم يرض.

٤٢٧

ادريس(١) واختاره المصنف(٢) والعلامة(٣) .

إحتج الصدوق بما رواه في كتابه عن حفص بن غياث وغيره قال: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام عن رجل طلق إمرأته وبينهما ولد، أيهما أحق به؟ قال: المرأة مالم تتزوج(٤) .

ورواه الشيخ عن المنقرى عمن ذكره(٥) وتأوله بكون الاب عبدا(٦) .

إحتج الشيخ على قول النهاية: برواية داود بن الحصين عن الصادقعليه‌السلام قال: (والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين)(٧) قال: مادام الولد في الرضاع هو بين الابوين بالسوية، فاذا فطم فالاب أحق به من العصبة، وإن وجد الاب من يرضعه بأربعة دراهم، فقالت الام: لا أرضعه إلا بخمسة دراهم فان له أن ينتزعه منها إلا أن يعلم أن ذلك خير له وأوفق به، تركه مع امه(٨) .

____________________

(١) السرائر: باب أحكام الولادة، ص ٣١٩ س ٢٦ قال: لاخلاف أن الاب احق بالولد في جميع الاحوال، فاخرجنا بالاجماع حولين كاملين في الذكر وفي الانثى السبع الخ.

(٢) لاحظ مختاره في النافع.

(٣) المختلف: في لواحق النكاح ص ٢٦ س ٢٩، قال: وابن البراج في الكامل إلى قوله: تبعوا شيخنا في النهاية، ثم بعد نقل قول المهذب قال: والوجه ماقاله الشيخ في النهاية.

(٤) الفقيه: ج ٣(١٢٧) باب الولد يكون بين والديه ايهما احق به ص ٢٧٥ الحديث ٢.

(٥) التهذيب: ج ٨(٥) باب الحكم في أولاد المطلقات، ص ١٠٥ الحديث ٣.

(٦) النهاية: باب الولادة والعقيقة ص ٥٠٤ س ٤ قال: فان كان الاب مملوكا والام حرة، كانت هي أحق بولدها وان تزوجت الخ هذا ولكن ماحمله في التهذيب بعد نقل الحديث غير هذا فراجع.

(٧) البقرة: ٢٣٣.

(٨) التهذيب: ج ٨(٥) باب الحكم في أولاد المطلقات، ص ١٠٤ الحديث ١.

٤٢٨

تنبيه

المراد بقول الاصحاب: الام أحق بالست مالم يتزوج الام، لا البنت، وقد صرح به ابن الجنيد فيما حكيناه عنه(١) وكذا إبن إدريس نص عليه في كتابه(٢) .

فلو طلقت الام بائنا، قال الشيخ في كتابي الفروع عادت حضانتها(٣) (٤) ومنعه ابن ادريس(٥) .

واحتج الشيخ بما رواه أبوهريرة أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: الام أحق بحضانة إبنتها مالم يتزوج(٦) . علق حقها بالتزويج، فإذا زال التزويج فالحق باق كما كان.

وعن عبدالله بن عمر: أن إمرأة قالت يارسول الله: إن ابنى هذا كان بطنى له وعاء، وثديي له سقاء، وحجري له حواء، وإن أباه طلقني، وأراد أن ينتزعه مني !؟ فقال لها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : أنت أحق به مالم تنكحي(٧) .

إحتج ابن ادريس: بأن الحق خرج عنها بالنكاح، وعوده يحتاج إلى دليل، والرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله جعل غاية الاستحقاق للحضانة تزويج الام، وقد

____________________

(١) المختلف: في لواحق النكاح، ص ٢٦ س ٢٨ قال: وقال ابن الجنيد: إلى قوله: وأما البنت فالام أولى بهامالم تتزوج الام.

(٢) و(٥) السرائر: باب أحكام الولادة، ص ٣١٩ س ٣ قال: فان كان الولد انثى إلى قوله: مالم تتزوج الام، ثم قال بعد اسطر: وان كان بائنا فالاولى انه لايعود، لان عوده يحتاج إلى دليل ثم قال بعدنقل قول بعض الاصحاب: هذه قدتزوجت فخرج الحق منها الخ.

(٣) الخلاف: كتاب النفقات، مسألة ٣٩ قال: اذا طلقها زوجها عاد حقها من الحضانة.

(٤) المبسوط: ج ٦ كتاب النفقات، ص ٤١ س ١٤ قال: ومتى طلقها زوجها عاد حقها إلى قوله: وقال بعضهم: إن كان بائنا عاد وهو الصحيح عندي.

(٦) و(٧) رواهما في الخلاف: كتاب النفقات، في نقل دليل مسألة ٣٨.

٤٢٩

(ألنظر الخامس) في النفقات

وأسبابها ثلاثة: الزوجية، والقرابة، والملك.

وأما الزوجية: فيشترط في وجوب نفقتها شرطان: العقد الدائم، فلا نفقة لمستمتع بها، والتمكين الكامل، فلا نفقة لناشزة. ولو امتنعت لعذر شرعي لم تسقط، كالمرض، والحيض، وفعل الواجب.

أما المندوب: فإن منعها منه فاستمرت، سقطت نفقتها. وتستحق الزوجة النفقة ولو كانت ذمية أو أمة.

وكذا تستحقها المطلقة الرجعية دون البائن، والمتوفى عنها زوجها إلا أن تكون حاملا، فتثبت نفقتها في الطلاق على الزوج حتى تضع، وفي الوفاة من نصيب الحمل على إحدى الروايتين. ونفقة الزوجة مقدمة على نفقة الاقارب، وتقضى لو فاتت].

تزوجت(١) واختار العلامة مختار الشيخ(٢) ، لان الحضانة إرفاق بالصبي، فاذا تزوجت الام خرجت بإشتغالها بزوجها، وحقوقها عن الحضانة للطفل ربما منعت من الزوج بعض حقوقه لو حضنته، فسقطت، وإذا طلقت زال المانع فبقي المقتضى سليما عن المعارض، فيثبت حكمه.

قال طاب ثراه: وفي الوفاة من نصيب الحمل على إحدى الروايتين.

أقول: المتوفى عنها من جملة البائنات، فلانفقة لها مع الحيلولة إجماعا.

وهل لها النفقة لو كانت حاملا كالمطلقة، أم لا؟ مذهبان.

____________________

(١) تقدم نقل احتجاجه.

(٢) المختلف: في لواحق النكاح، ص ٢٦ س ٣٢ قال: والوجه ماقاله الشيخ في النهاية.

٤٣٠

فبالاول قال في النهاية(١) وأوجبها في نصيب الولد، وبه قال القاضي(٢) والتقي(٣) وابن حمزة(٤) وأبوعلي(٥) والصدوق في المقنع(٦) .

والمستند رواية أبي الصباح الكناني عن الصادقعليه‌السلام قال: ينفق عليها من مال ولدها الذي في بطنها(٧) . وحملها بعض المتأخرين على إعسار الام، فيجب نفقتها من حيث يساره وعسرها. وهو مدخول.

أما أولا: فلان الحمل لايملك مستقرا، بل ملكه مشروط بإنفصاله حيا، فنسبة الملك إليه قبل ذلك مجاز وإنما يجب الانفاق فيما يملكه المنفق حقيقة.

وأما ثانيا: فلان الحمل لايجرى عليه من أحكام الآدميين المنفصلين إلا صحة

____________________

(١) النهاية: باب العدد واحكامها، ص ٥٣٧ س ٨ قال: فان كانت حاملا انفق عليها من نصيب ولدها الذي في بطنها.

(٢) المهذب: ج ٢، باب العدد والاستبراء ص ٣١٩ س ٢ قال: فان كانت حاملا انفق عليها من نصيب ولدها التي هي حامل به.

(٣) الكافي: فصل في العدة واحكامها ص ٣١٣ س ١٨ قال: واذا كانت المتوفى عنها زوجها حاملا انفق عليها من مال ولدها حتى تضع.

(٤) الوسيلة: فصل في بيان العدة واحكامها، ص ٣٢٩ س ١٠ قال: ولايلزم لها النفقة الا اذا كانت حاملا فينفق عليها من نصيب ولدها.

(٥) المختلف: في العدد، ص ٦٢ س ٦ قال بعد نقل قول الشيخ في النهاية: وبه قال ابن الجنيد.

(٦) المقنع: باب الطلاق، ص ١٢١ س ٨ قال: والحبلى المطلقة ينفق عليها حتى تضع حملها.

اقول: لم نعثر في المقنع على غير هذه العبارة التى قد مناها، والبحث في الوفاة لافي الطلاق، ولكن العلامة في المختلف: ص ٦٢ س ٦ بعد نقل قول الشيخ في النهاية قال: وبه قال: ابن الجنيد والصدوق في المقنع فلاحظ.

(٧) التهذيب: ج ٨(٦) باب عدد النساء، ص ١٥٢ قطعة من حديث ١٢٥.

٤٣١

الاقرار له، والوصية به وله، وعزل الميراث، وصحة ذلك كله موقوف على إنفصاله حيا، فلا يجرى عليه غيرها من الاحكام المنفصلين، لعدم الدليل.

وأما ثالثا: فلاشتمال هذا الانفاق على التعرير بمال الغير، والتصرف فيه بغير إذنه، وهو قبيح، لجواز سقوطه، فيرجع به إلى باقى الورثة ومع إنفاق الزوجة منه يكون قد تصرفنا فيما هو مملوك للوارث بغير إذنه، وربما تعذر إسترجاعه من الزوجة بإعسارها.

وبالثاني قال المفيد(١) والحسن(٢) .

والمستند حسنة الحلبي عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: المرأة الحبلى المتوفى عنها زوجها لانفقة لها(٣) . ولان الاصل عدم وجوب النفقة في مال الغير إلا مع دليل شرعي، وليس، ولانها ليست مطلقة وهو مذهب إبن ادريس قال: وما اخترناه مذهب شيخنا المفيد في كتاب التمهيد، فانه قال: إنما يكون له مال عند خروجه إلى الارض حيا، فأما وهو جنين لا يعرف موته من حياته، فلاميراث له ولا مال فكيف ينفق على الحبلى من مال من لامال له(٤) وقال العلامة في المختلف: التحقيق أن نقول: إن جعلنا النفقة للحمل، فالحق ما قاله الشيخ، وإن جعلناه للحامل فالحق ماقاله المفيد(٥) .

____________________

(١) سيجئ نقله عن التمهيد.

(٢) المختلف: في العدد، ص ٦٢ س ١٢ قال: وقال ابن أبي عقيل: لا نفقة للمتوفى عنها زوجها سواء كانت حبلى او غير حبلى.

(٣) التهذيب: ج ٨(٦) باب عدد النساء الحديث ١٢١.

(٤) السرائر: باب العدد، ص ٣٤٠ س ١٨ قال: والذي يقوى في نفسي الا ينفق عليها من المال المعزول إلى قوله: وما اخترناه وحررناه مذهب شيخنا محمد بن محمد بن النعمان في كتابه التمهيد فانه قال: الخ.

(٥) المختلف: في العدد، ص ٦٢ س ١٢ قال: والتحقيق أن نقول: ان جعلنا النفقة للحمل إلى قوله: والوجه ما فصلناه أولا.

٤٣٢

وفيه نظر لما بينا من كونه لا يملك وهو جنين، فكيف تنفق عليه من مال لم يحكم له بملكه، وتجويز كونه مملوكا لباقي الورثة على تقدير الاسقاط.

تتمة الاصل أن النفقة واجبة للزوجة مع بقاء زوجيتها، ومع زوالها إذا كانت المطلقة رجعية، وتسقط في البائن مع خلوها من الحمل قطعا، ويجب معه إجماعا، فهل النفقة للحامل بشرط الحمل، أي الحمل شرط في إستحقاقها، أو النفقة للحمل؟ ذهب قوم إلى الاول: وبه قال ابن زهرة(١) .

وذهب قوم إلى الثاني: وبه قال الشيخ في المبسوط(٢) وتبعه القاضي(٣) والعلامة في المختلف(٤) وهو ظاهر ابن حمزة(٥) .

إحتج الاولون بوجوه:

____________________

(١) الغنية: من الجوامع الفقهية، في الطلاق والعدة ص ٦١٦ س ٢٢ قال: الا أن تكون حاملا، فان النفقة يجب لها بلا خلاف.

(٢) المبسوط: ج ٥، كتاب العدد، ص ٢٥١ س ١٩ قال: وروى أصحابنا: أن لها النفقة اذا كانت حاملا من نصيب ولدها الخ.

(٣) المهذب: ج ٢، باب النفقات، ص ٣٤٨ س ٨ قال: فان ابانها وكالت حاملا وجبت النفقة للحمل.

(٤) المختلف: كتاب الطلاق، باب العدد، ص ٦٢ س ٢١ قال بعدنقل قول الشيخ في المبسوط: والوجه ماقاله الشيخ عملا بالدوران.

(٥) الوسيلة: فصل في بيان العدة وأحكامها، ص ٣٢٨ س ٢ قال: فالحامل يلزم لها النفقة والسكنى، لمكان الحامل، هذا، والعلامة في المختلف قال بعدنقل قول الشيخ في المبسوط كما أشرنا اليه آنفا، قال: وهو ظاهر كلام ابن حمزة، فلاحظ.

٤٣٣

(أ) عدم وجوبها على الجد بالاجماع، ولو كان للولد لوجبت عليه.

(ب) عدم سقوطها بيسار الولد، ولو كانت له لسقطت بيساره، عن الاب.

(ج) أنها مقدرة، ونفقة القريب غير مقدرة. إحتج الآخرون بوجوه:

(أ) بالدوران وجودا وعدما، فيكون له، كما دارت مع الزجية.

(ب) وجوب نفقته منفصلا فكذا متصلا.

(ج) إن أصحابنا رووا: أنه ينفق عليها من مال الحمل(١) فدل ذلك على أن النفقة له.

وهذه الوجوه الستة ذكرها الشيخ(٢) . ولايخلو بعضها من دخل. ويظهر الفائدة في مسائل:

(أ) إذا تزوج حر بأمة ثم أبانها وهومعسر، فمن أوجبها للحمل أوجبها على الزوج، ولاقضاء ومن أوجبها للحامل أوجب على الزوج، وقضاه مع يساه.

(ب) إذا تزوج عبد بأمة، فعلى الاول يجب على سيد العبد دونه، إن شرط مولاه الانفراد برق الولد، وإلا كانت من السيدين نصفين، لان العبد لا يجب عليه نفقة قريبه، وعلى الثاني يجب على العبد، ومحلها كسبه، أورقبة، أو ذمة سيده على إختلاف الاقوال في ذلك.

(ج) اذا تزوج عبد بحرة، فعلى الاول يجب على امه، لكونها حرة يجب عليها نفقة

____________________

(١) التهذيب: ج ٨(٦) باب عدد النساء، ص ١٥٢ الحديث ١٢٥.

(٢) المبسوط: ج ٦، كتاب النفقات، ص ٢٨ س ١٥ قال: والثاني النفقة للحمل، وهو أقواهما عندي، بدليل الخ.

٤٣٤

[وأما القرابة: فالنفقة على الابوين والاولاد لازمة. وفيمن علا من الآباء والامهات تردد، أشبهه اللزوم، ولاتجب على غيرهم من الاقارب، بل تستحب، وتتأكد في الوارث. ويشترط في الوجوب الفقر والعجز عن الاكتساب. ولاتقدير في النفقة، بل يجب بذل الكفاية من الطعام والكسورة والمسكن. ونفقة الولد على الاب، ومع عدمه أو فقره فعلى أب الاب وإن علا مرتبا، ومع عدمهم تجب على الام وآبائها الاقرب فالاقرب ولاتقضى نفقة الاقارب لو فاتت].

ولدها، وسقوطها عن الاب برقه، وعلى الثاني يجب على الاب (العبد خ ل) ومحلها ماتقدم.

(د) المعتدة عن وطء الشبهة مع الحمل يجب لها الانفاق على الاول، للحوق الولد به، دون الثاني لان المستحق لها المطلقة البائنة، لامطلق البائنات.

(ه‍) لولا عن الحامل ثم اعترف بالحمل، وجب الانفاق على الاول دون الثاني، لما قلناه (و) لوتزوج حر بأمة وشرط مولاها رق الولد، فعلى الاول النفقة على سيدها، وعلى الثاني على الزوج.

(ز) لو تزوج عبده بحرة وشرط مولاه رق الولد، فعلى الاول النفقة على سيد العبد وعلى الثاني في كسبه.

(ح) لو طلق الناشز رجعيا، أو نشزت في العدة، كما لو سافرت بغير إذنه، سقطت نفقتها، ولو كانت حاملا وقلنا النفقة للحمل لم يسقط.

(ط) لايجب فطرتها على الاول، لعدم وجوبها على الجنين، وتجب على الثاني، لوجوبها عن زوجة يجب لها الانفاق.

قال طاب ثراه: وفي من علا من الآباء والامهات تردد، أشبهه اللزوم.

٤٣٥

[واما المملوك فنفقته واجبة على مولاه، وكذا الامة، ويرجع في قدر النفقة إلى عادة مماليك أمثال المولى. ويجوز مخارجة المملوك على شئ، فما فضل يكون له، فإن كفاه، وإلا ا؟؟ المولى. وتجب النفقة على البهائم المملوكة، فان امتنع مالكها اجبر على بيعها، أو ذبحها إن كانت مقصودة بالذبح].

أقول: التردد من المصنفرحمه‌الله ، ومنشأ تردده أن أب الاب هل يطلق عليه إسم الاب حقيقة أم لا؟ والثاني هو الوضع اللغوي، والاصل عدم النقل وبراء‌ة الذمة من وجوب الانفاق إلا في موضع اليقين، والاول مذهب السيد(١) والمشهور بين الاصحاب وجوب الانفاق، ولا أعرف فيه مخالفا.

____________________

(١) الناصريات من الجوامع الفقهية: كتاب الفرائض، المسألة الحادية والتسعون والمائة، ص ٢٢٢س١ في مسألة عدم ارث الجد مع الولد ولا ولد الولد وهم أولاد على الحقيقة، قال: فان قيل: اذا كان أولاد ولد الميت وان سفلوا أولادا على الحقيقة، فيجب أن يكون الجد أبا على الحقيقة إلى قوله: قلنا: لو تركنا والظاهر لحكمنا بان قوله (ولا بويه) يقع على الآباء والاجداد لكن اجتمعت الامة إلى آخره.

كتب في آخر النسخة المعتمدة مالفظه: ثم الجزء الاول من المهذب، ويتلوه في الثاني كتاب الطلاق على يد مصنفه أحمد بن فهد أدام الله ظلاله، والحمد لله رب العالمين وصلى الله عليه سيد المرسلين محمد وآله أجمعين، آمين يارب العالمين: وقع الفراغ في رابع والعشرين من صفر ختم الله بالخير والظفر على يد العبد الفقير المذنب الراجى إلى رحمة ربه على بن رستم الهمداني، عفى الله عنه.

وكتب في هامش الصفحة مالفظه: انهاه أيده الله في مجالس متعددة، آخرها سلخ شوال ختم بالاقبال من سنة خمس وثلاثين وثمانمائة قراء‌ة، وبحثا، وشرحا، وفهما، وكتب أضعف العباد أحمد بن محمد بن فهد مؤلف اللباب، والحمد الله وحده، وصلى الله عليه سيدنا محمد وآله.

٤٣٦

٤٣٧

٤٣٨

٤٣٩

كتاب الطلاق

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة

الطلاق إزالة قيد النكاح بقوله: (أنت) أو ماشاكله (طالق). وجوازه ثابت بالكتاب والسنة والاجماع.

روى عروة عن قتادة قال: كان الطلاق في صدر الاسلام بغير عدد، وكان الرجل بطلق امرأته ماشاء من واحد إلى عشرة، ويراجعها في العدة، فنزل قول تعالى (الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان)(١) فبين أن الطلاق ثلاث، فقوله (مرتان) إخبار عن طلقتين، واختلفوا في الثالثة، فقال ابن عباس: (أوتسريح باحسان) وقال بعض التابعين: (فإن طلقها فلا تحل له حتى تنكح زوجا غيره)(٢) .

وهو الذي قواه الشيخ(٣) .

وقال تعالى: (إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن)(٤) أى تصل عدتهن في طهر لم يجامعها فيه إذا كانت مدخولا بها.

واما السنة: فروى أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله طلق زوجته حفصة ثم راجعها.

____________________

(١) البقرة: ٢٢٩.

(٢) البقرة: ٢٣٠.

(٣) المبسوط: ج ٥ ص ٢ س ٩ قال بعد نقل قول بعض التابعين: وهوالاقوى.

(٤) الطلاق: ١.

٤٤٠