فرائد السمطين الجزء ٢

فرائد السمطين15%

فرائد السمطين مؤلف:
تصنيف: مكتبة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وأهل البيت عليهم السلام
الصفحات: 369

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 369 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 98084 / تحميل: 9605
الحجم الحجم الحجم
فرائد السمطين

فرائد السمطين الجزء ٢

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

بني سليم](١) عن أشياخٍ لهم غزوا الروم فوجدوا في كنيسةٍ من كنائسهم:

أترجو أُمّةٌ قتلت حسيناً(٢) = شفاعةَ جدّه يوم الحسابِ

[قالوا: فسألناهم] فقلنا(٣) : منذ كم وجدتم هذا الكتاب في هذه الكنيسة؟ قالوا: قبل خروج [نبيّكم جدّ] الحسين(٤) بثلاثمئة سنة.

____________________

(١) ما بين المعقوفين مأخوذ من الحديث: (٣٤٠) وما بعده من ترجمة الإمام الحسين من تاريخ دمشق ص٢٧١.

(٢) كذا في نسخة السيد علي نقي، ومثلها في المعجم الكبير، وترجمة الإمام الحسين (عليه السلام) من تاريخ دمشق، وفي نسخة طهران: (قتلوا حسين).

(٣) هذا هو الظاهر الموافق للحديث: (٣٤٠) من ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام) من تاريخ دمشق، وفي نسخة طهران من فرائد السمطين الجزء الثاني: (فقلت).

(٤) ما بين المعقوفين مقتبس من روايات ابن عساكر، وممّا رواه الطبراني في الحديث: (١٠٧) من ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام) من المعجم الكبير: ج١ / الورق../ قال:

حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، حدثنا محمد بن عون حدثنا أبو سعيد التغلبي، عن يحيى بن يمان، عن إمامٍ لبني سليم، عن أشياخٍ له غزو أرض الروم فنزلوا في كنيسة من كنائسهم فقرأوا في حَجَرٍ مكتوب:

أيرجو معشرٌ قتلوا حسيناً = شفاعةَ جدّه يوم الحسابِ

[قالوا:] فسألناهم منذ كم بُنيت هذه الكنيسة؟ قالوا: قبل أن يُبعث نبيّكم بثلاثمئة سنة.

قال أبو جعفر الحضرمي: وحدثنا جندل بن والق، عن محمد بن غورك؛ ثمّ سمعته من محمد بن غورك.

١٦١

[حديث الزهري: لما قُتل الحسين (عليه السلام) لم يرفع ببيت المقدس حصاة إلاّ وُجد تحتها دم عبيط].

٤٥٠ - أخبرنا الأمير المعظّم المحدّث المرابط المجاهد عماد الدين: داود بن محمد ابن أبي القاسم الهكاري بسماعي عليه بالمسجد الأقصى بمدينة القدس الشريف - عند الجانب الغربي من قبّة موسى (عليه السلام) عصر يوم الاثنين رابع صفر سنة خمس وتسعين وستّمئة - قيل له: أخبركم الشيخ الإمام شمس الدين يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي بسماعك عليه - في رابع عشر [من] شهر رمضان، سنة أربع وثلاثين وستّمئة - قال: أنبأنا أبو الفضل إسماعيل بن عليّ بن إبراهيم الحيروي، عن أبي القاسم الخضر بن الحسين بن عبد الله الأزدي، عن أبي إسحاق إبراهيم بن يونس وابنه أبي الحسن أحمد، كلاهما عن أبي محمد عبد العزيز بن أحمد النصيبي إجازةً، عن أبي بكر محمد بن أحمد الخطيب المقدّسي المعروف بالواسطي، حدثنا الوليد، حدثنا عبد الله بن محمد الفريابي،حدثنا محمد بن شعيب السنجري، عن عيسى بن يونس، عن أبي بكر الهذلي:

عن الزهري، قال: لمّا قتل الحسين بن عليّ (عليهما السلام)، لم يرفع ببيت المقدس حصاة إلاّ وجدت تحتها دم عبيط(١) .

____________________

(١) وللحديث مصادر وأسانيد، وقد تقدّم بأسانيد في آخر الباب: (٧٠) في الحديث: (٣٢٦) وتعليقه من السمط الأوّل: ج١، ص٣٩٠ ط١.

ورواه أيضاً البلاذري بسندٍ آخر عن ابن شهاب، في آخر ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام) من أنساب الأشراف: ج١ / الورق ٢٥١ / أ / أو ص٥٠١، وفي ط١: ج٣ ص٢٢٨.

ورواه أيضاً ابن سعد في آخر ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام) من الطبقات الكبرى: ج٨ قال:

أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثني نجيح، عن رجل من آل سعيد يقول: سمعت الزهري يقول: سألني عبد الملك بن مروان، فقال: ما كان علامة مقتل الحسين؟ قال: [قلت]: لم نكشف يومئذٍ حجراً إلاّ وجدنا [ظ] تحته دماً عبيطاً. فقال عبد الملك: أنا وأنت في هذا غريبان!!!

[و] حدثني محمد بن عمر [قال]: حدثني عمر بن محمد بن عمر بن عليّ، عن أبيه، قال:

أرسل عبد الملك إلى ابن رأس الجالوت، فقال: هل كان في قتل الحسين علامة؟ قال ابن رأس الجالوت: ما كُشف يومئذٍ حجر إلاّ وُجد تحته دم عبيط.

أقول: وهذا رواه ابن عساكر عنه - مع حديثٍ آخر بسندٍ آخر عن غيره - تحت الرقم: (٣٠١ - ٣٠٢) من ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام) من تاريخ دمشق ص٢٤٧ ط١.

وانظر أيضاً ما رواه ابن عساكر في الحديث: (١٤٢٤) من ترجمة أمير المؤمنين (عليه السلام) من تاريخ دمشق: ج٣ ص٣١٦ ط١.

١٦٢

الباب السابع والثلاثون

[في مجيء غراب بعد قتل الإمام الحسين (عليه السلام) إلى المدينة، ونعيه إيّاه على جدار فاطمة الصغرى بنت الحسين، ونظرها إليه وبكائها وإنشادها في مرثيّة أبيها].

٤٥١ - أخبرني العزيز محمد بن أبي القاسم ابن أبي الفضل إجازةً بروايته، عن أُمّ المؤيّد بنت أبي القاسم عبد الرحمان بن الحسن إجازةً.

وأنبأني الشيخ الجمال أحمد بن محمد بن محمد، والقاضي عماد الدين زكريا بن محمد بن محمود الكمّوني القزوينيّان، قال: أنبأنا الإمام عزّ الدين محمد بن عبد الرحمان بن المعالي الواريني، قال: أنبأنا زاهر بن طاهر بن محمد الشحامي، قال: أنبأنا الحافظ أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي، قال: أنبأنا الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ(١) قال: حدثنا يحيى بن محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله أبو محمد أبن زبارة العلوي، قال: حدثنا أبو محمد [الحسين بن محمد] العلوي صاحب كتاب النسب ببغداد(٢) حدثنا أبو محمد إبراهيم بن عليّ الرافعي من ولد أبي رافع مولى رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) حدثنا الحسين بن عليّ الحلواني، عن عليّ بن معمر، عن إسحاق بن عباد، عن المفضل بن عمر الجعفي [قال]: سمعت جعفر بن محمد يقول:حدثني أبي محمد بن عليّ، حدثني أبي عليّ بن الحسين، قال:

لمّا قُتل الحسين بن عليّ (عليهما السلام) جاء غراب فوقع [في دمه، ثمّ تمرّغ، ثمّ طار فقعد] بالمدينة على جدار [دار] فاطمة (٣) بنت الحسين بن عليّ - وهي الصغرى -

____________________

(١) وقد رواه الخوارزمي بسنده عنه في الفصل الثاني عشر من مقتله: ج٢ ص٩٢.

(٢) كذا في أصليّ، غير أنّ ما بين المعقوفين مأخوذ من مقتل الخوارزمي: ج٢ ص٩٢. وفيه بعده، هكذا: (حدثنا أبو عليّ الطرطوسي، حدثني الحسن بن عليّ الحلواني، عن عليّ بن معمر...).

(٣) ما بين المعقوفات مأخوذ من مقتل الخوارزمي، وقد سقط عن أصليَّ من فرائد السمطين الجزء الثاني.

١٦٣

ونعب الغراب فرفعت رأسها ونظرت إليه، فبكت بكاءاً شديداً وأنشدت:

نَعِبَ الغرابُ فقلتُ مَن = تنعاهُ ويلك يا غرابْ

قال الإمام. فقلتُ: مَن؟ = قال: الموفّق للصوابْ(١)

قلتُ: الحسين؟ فقال لي؟ = حقّاً لقد سكن الترابْ

إنّ الحسين بكربلاء = بين الأسنّة والضرابْ

فابكِ الحسينَ بعبرةٍ = تُرضي الإلهَ مع الثوابْ

ثمّ استقلّ به الجناحُ = فلم يُطق ردّ الجوابْ

فبكيتُ ممّا حلَّ بي = بعد الوصيّ المستجابْ

قال محمد بن عليّ بن الحسين:فنعته (٢) لأهل المدينة فقالوا: قد جاءتنا بسحر [بني] عبد المطَّلب. فما كان بأسرع من أن جاءهم الخبر بقتل الحسين (عليه السلام).

____________________

(١) وبعده في مناقب الخوارزمي هكذا:

إنّ الحسين بكربلا = بين المواضي والحرابْ

قلت الحسين فقال لي = ملقىً على وجه الترابْ

ثمّ استقلَّ به الجناح = ولم يطق ردَّ الجوابْ

فبكيتُ منه بعبرةٍ = ترضي الإله مع الثوابْ

(٢) هذا هو الظاهر الموافق لمقتل الخوارزمي، وفي أصليَّ: (فقال: محمد بن عليّ بن الحسين: قال: أتى عليّ فنعته...).

١٦٤

[بعض التقلّبات والأحداث الواقعة في الآفاق والأنفس بعد شهادة ريحانة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الإمام الحسين (عليه السلام)].

٤٥٢ - من كتاب: [دلائل النبوّة] للإمام أبي بكر محمد بن عليّ بن [إسماعيل] القفّال [الكبير] الشاشي (رحمه الله) [المولود عام (٢٩١) المتوفّى سنة (٣٦٥)]، قال(١) :

حدثنا عمر بن محمد بن يحيى، حدثنا النصر بن طاهر، حدثنا سفيان بن عيينة، قال: حدّثتني جدّتي(٢) قالت:

لمّا قُتل الحسين بن عليّ (عليهما السلام) كانت معه إبل فاستاقوها ليزيد بن معاوية - عليهما ما يستحقّهما - يحمل الورس فلمّا نحرت رأينا لحومها مثل العلقم ورأينا الورس رماداً، وما رفعنا حجراً إلاّ وجدنا تحته دماً.

____________________

(١) ما بين المعقوفات أخذناه من ترجمة الرجل من كتاب: الوافي بالوفيات: ج٤ ص١١٢، وقال بعده:

كان [القفّال] فقيهاً محدّثاً أُصوليّاً لغويّاً شاعراً، لم يكن بما وراء النهر مثله في وقته للشافعية، رحل إلى خراسان والعراق والحجاز والشام والثغور، وسار ذكره في البلاد، وصنّف بالفروع والأُصول. وسمع ابن خزيمة ومحمد بن جرير، وعبد الله المدائني، ومحمد بن محمد الباغندي، وأبا القاسم البغوي، وأبا عروبة وطبقتهم.

وساق الكلام إلى أن قال: وقال الحاكم: كان القفّال شيخنا أعلم مَن لقيته من علماء عصره.

(٢) الظاهر أنّ هذا هو الصواب، وفي أصليَّ مع: (حدثتني جدّة...).

وراجع الحديث: (٥٢) وتواليه من ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام) من أنساب الأشراف: ج٣ ص٢٠٩ ط١.

وراجع أيضاً الحديث: (٣٠٣) وتواليه من ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام) من تاريخ دمشق ص٢٤٨ ط١.

ولاحظ أيضاً الحديث: (٤٣٣) وتواليه من مناقب ابن المغازلي ص٣٨٣ ط١.

١٦٥

٤٥٣ - [وبالسند المتقدّم، قال]: أخبرنا أبو جعفر - هو ابن سليمان - عن أُمّ سالم - خالة لجعفر بن سليمان - قالت:

لمّا قُتل الحسين (عليه السلام) مطرنا مطراً على البيوت والحيطان كالدم. فبلغني أنّه كان بالبصرة والكوفة وبالشام وبخراسان حتى كنّا لا نشك أنّه سينزل العذاب.

٤٥٤ - قال: وأخبرنا محمد البغدادي أيضاً [قال]: حدثنا محمد بن أبي العوام - وهو محمد بن أحمد بن أبي يزيد ابن أبي العوام الرياحي الواسطي(١) حدثنا أبي، حدثنا منصور بن عمّار، عن ابن أبي لهيعة(٢) عن أبي قبيل، قال:

لمّا قُتل الحسين بن علي (عليهما السلام) بُعث برأسه إلى يزيد بن معاوية - عليه اللعنة والسخط - فنزلوا في مرحلة فجعلوا يشربون ويتحيّون بالرأس فيما بينهم(٣) فخرجت عليهم كفّ من الحائط معها قلم من حديد فكتب سطراً بدم:

____________________

(١) كذا في نسخة طهران، وفي نسخة السيد علي نقي: (الرباطي الواسطي).

(٢) كذا في نسخة طهران، وفي نسخة السيد علي نقي: (حدثنا أبو منصور بن عمّار، عن أبي لهيعة).

(٣) هذا هو الصواب، وفي أصليّ: (ويتحيّرون...).

والحديث رواه ابن المغازلي تحت الرقم: (٤٤٢) من مناقبه ص٣٨٨ ط١، قال:

أخبرنا أبو غالب محمد بن أحمد بن سهل النحوي (رحمه الله)، حدثنا أبو الفضل عبد الواحد بن عبد العزيز التميمي، حدثنا القاضي أبو بكر محمد بن [عمر الجعابي] حدثنا سري بن منصور بن عمّار، حدثنا أبي، عن أبي لهيعة، عن أبي قبيل، قال:

لمّا قُتل الحسين بن عليّ (عليهما السلام) أخذوا الرأس وأسروا به، فلما صار الليل قعدوا يشربون ويتحيّون بالرأس، فخرجت عليهم كفّ من حائط فيها قلم من حديد وكتبت سطراً بدم:

أترجو أُمّةٌ قتلت حسيناً = شفاعةَ جدّه يومَ الحسابِ

أقول: ورواه أيضاً الطبراني في الحديث: (١٠٦) من ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام) من المعجم الكبير: ج١/ الورق ١٤٧ / وفي ط١: ج٣ ص... قال:

حدثنا زكريا بن يحيى الساجي، أنبأنا محمد بن عبد الرحمان بن صالح الأزدي، أنبأنا السري بن منصور بن عمّار، عن أبيه، عن ابن لهيعة، عن أبي قبيل، قال:

لمّا قُتل الحسين بن عليّ [و] احتزّوا رأسه، قعدوا في أوّل مرحلة يشربون النبيذ ويتحيّون بالرأس، فخرج عليهم قلم من حديد من حائط فكتب بسطر دم:

أترجو أُمّةٌ قتلت حسيناً = شفاعةَ جدّه يومَ الحسابِ

فهربوا وتركوا الرأس.

=

١٦٦

أترجو أُمّةٌ قتلت حسيناً = شفاعةَ جدّه يومَ الحسابِ

فتركوا الرأس وهربوا.

٤٥٥ - [وبالسند المتقدّم] قال منصور بن عمّار حدثني محمد الهلالي، قال:

شرك رجلان منّا في قتل الحسين (عليه السلام)، فأمّا أحدهما فابتلى بطول ذكره، وكان يركب الفرس فيلويه على عنق الفرس كما يلوي الحبل. وأمّا الآخر فابتلى بالعطش فكان يشرب راويةً [من] ماء [و] ما يروي(١) .

٤٥٦ - [وأيضاً قال القفّال: و] أخبرني أبو جعفر الأساني(٢) حدثنا عبّاد بن يعقوب، حدثنا موزع بن سويد:

____________________

=

أقول: ورواه عنه ابن عساكر في الحديث: (٣٤٣) من ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام) من تاريخ دمشق: ج.. ص٢٧٣ ط١.

ورواه أيضاً عنه الهيثمي في مجمع الزوائد: ج٩ ص١٩٩.

ورواه أيضاً الذهبي في تاريخ الإسلام: ج٣ ص١٣.

كما رواه أيضاً السيوطي في الخصائص الكبرى: ج٢ ص١٢٧.

ورواه أيضاً المحبّ الطبري في ذخائر العقبى ص١٤٥، وقال:

خرجه ابن منصور بن عمّار.

(١) ورواه أيضاً ابن أبي الدنيا في الحديث: (٤١) من كتاب مجابي الدعوة، الورق ١٤ / ب / قال:

حدثنا إسحاق بن إسماعيل، حدثنا سفيان، حدثتني جدّتي أُمّ أبي، قالت:

أدركت رجلين ممّن شهد قتل الحسين، فأمّا أحدهما فطال ذكره حتى كان يلفّه، وأمّا الآخر فكان يستقبل الراوية بفيه حتى يأتي على آخرها.

ورواه أيضاً الطبراني في الحديث: (٩١) من ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام) من المعجم الكبير: ج١ / الورق... وفي ط١: ج٣ ص... قال:

حدثنا عليّ بن عبد العزيز، أنبأنا إسحاق بن إسماعيل، أنبأنا سفيان، حدثتني جدّتي أُمّ أبي، قالت:

شهد رجلان من الجعفيين قتل الحسين بن عليّ [فابتلي]: أمّا أحدهما فطال ذَكَرَه حتى كان يلفّه، وأمّا الآخر فكان يستقبل الراوية بفيه حتى تأتي على آخرها.

قال سفيان: رأيت ولد أدهما كان به خبلاً [] وكأنه مجنون.

ورواه عنهما ابن عساكر في الحديث: (٣١٦ - ٣١٧) من ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام) من تاريخ دمشق: ج.. ص٢٥٥ ط١.

(٢) كذا في الأصل.

ثمّ إنّ في أصليَّ كان قبل هذا الحديث هكذا: (الباب الثامن والثلاثون). والظاهر أنّه سهو من الكاتب، وحقّه أن يكون قبل الحديث: (٤٥٧) أو تاليه.

=

١٦٧

عن قطبة بن العلاء، قال: كنّا في [جمعٍ في] قرية قريبة من قبر الحسين [عليه السلام] فقلنا: ما بقي أحد ممّن أعان على قتل الحسين إلاّ وقد أصابته بليّة. فقال رجل: أنا والله ممّن أعان على قتل الحسين وما أصابني شيء!! قال: فقام يسوّي السراج، فأخذت النار في إصبعه فأدخلها في فيه ثمّ خرج هارباً إلى الفرات، قال: فطرح نفسه في الفرات فجعل يرتمس [في الماء] والنار ترفرف على رأسه، وإذا همّ أن يخرج أخذته حتى مات(١) .

٤٥٧ - [و] من [كتاب] خلاصة التفاسير، في تفسير قوله تعالى:( فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاء وَالأَرْضُ ) [٢٩ / الدخان: ٤٤] وذلك أنّ المؤمن إذا مات بكت عليه السماء والأرض(٢) أربعين صباحاً.

وقال عطاء: بكاؤها حمرة أطرافها.

وقال السدّي: لمّا قُتل الحسين بن عليّ (عليهما السلام) بكت [عليه] السماء. وبكاؤها حمرتها.

وعن ابن سيرين [قال]: أخبرونا أنّ الحمرة التي مع الشفق لم تكن حتى قُتل الحسين (عليه السلام).

____________________

=

ثمّ إنّ في هامش نسخة السيد علي نقي بعد عنوان الباب - أو بحذاء عنوان الباب - كان هكذا: (في نسخة الأصل ليس هاهنا شيء، وبيّضت هذه الصفحة لأجله).

أقول: ومن هنا أعني من قوله: (أخبرني أبو جعفر الأساني) إلى قوله - قبل الحديث: (٤٦٤) قبل الباب: (٣٩) في ص١٨٥: (في ذكر بعض مناقب الإمام الثامن...) قد أخذناه من نسخة طهران وقد سقط عن نسخة السيد علي نقي، كما ذكره في هامشه.

(١) وللحديث مصادر وأسانيد، وقد ذكره الحافظ ابن عساكر بأسانيد تحت الرقم: (٣١٣) وتواليه من ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام) من تاريخ دمشق: ج.. ص٢٥٢ ط١.

(٢) هذا هو الصواب، وفي الأصل: (بكت عليه السلام والأرض).

١٦٨

الباب الثامن والثلاثون

[في تكلّم رأس ريحانة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وقراءته وهو على القنا قوله تعالى:( فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) ].

٤٥٨ - أخبرنا الشيخ الأصيل النبيل بدر الدين أبو علي الحسن بن علي بن أبي بكر ابن يونس بن يوسف بن الخلاّل الدمشقي بقراءتي عليه، قال: [أخبرنا] أبو الفضل جعفر بن علي بن هبة الله الهمداني المقرئ قراءةً عليه وأنا أسمع - ليلة السبت ثاني عشر جمادى الآخرة سنة خمس وثلاثين وستّمئة - قيل له: أخبرك الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم السلفي الإصبهاني - قراءةً عليه وأنت تسمع، في صفر سنة إحدى وسبعين وخمسمئة بالإسكندرية، فأقرّ به - قال: سمعت أبا عليّ الحسن بن أحمد بن الحسن الحدّاد - بقراءتي عليه بإصبهان في سنة اثنين وتسعين وأربعمئة - يقول: سمعت أبا سعيد إسماعيل بن عليّ بن الحسين السمّان الرازي الحافظ بالريّ، قال: حدثنا عبد الوهاب بن جعفر الميداني بدمشق لفظاً، حدثنا أبو القاسم الفضل بن جعفر التميمي المؤذّن، حدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد العسقلاني بطبريّة، حدثنا أبو الحسن علي ابن هارون الأنصاري، حدثنا محمد بن أحمد المصري، حدثنا صالح، حدثنا معاذ بن أسد الخراساني، حدثنا الفضل بن موسى الشيباني، حدثنا الأعمش، [قال]:

حدثنا سلمة بن كُهَيْل، قال: رأيت رأس الحسين بن علي [عليهما السلام] على القنا، وهو يقول:( فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) [١٣٧ / البقرة].

قال أبو الحسن العسقلاني: قلت لعليّ بن هارون: ألله إنّك سمعته من محمد بن

____________________

(١) قد ذكرنا في تعليق الحديث: (٤٥٦) أنّ هذا العنوان كان في صدر الحديث: (٤٥٦) وقلنا إنّه سهو، والصواب تأخيره إلى هذا الموضع وهو الحديث: (٤٥٨).

١٦٩

أحمد المصري؟ قال: الله إنّي سمعته منه. قال الأنصاريّ: قلت لمحمد بن أحمد: [الله] إنّك سمعته من صالح؟ قال: الله إنّي سمعته منه. قال محمد بن أحمد: قلت لصالح: الله إنّك سمعته من معاذ بن أسد؟ قال: الله إنّي سمعته منه. قال معاذ ابن أسد: فقلت للفضل: الله إنّك سمعته من الأعمش؟ قال: الله إنّي سمعته منه. قال الأعمش: قلت لسلمة بن كُهيل: الله إنّك سمعته منه؟ قال: ألله إنّي سمعته منه [في] باب الفراديس في دمشق لا مُثّل ولا شُبّه لي، وهو يقول:( فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) .

قال الفضل: فقلت لأبي الحسن العسقلاني، الله إنّك سمعته من عليّ بن هارون؟ قال: الله إنّي سمعته منه.

فقلنا للفضل: الله إنّك سمعته من العسقلاني؟ قال: الله إنّي سمعته منه.

قال أبو سعد السمّان: قلت لعبد الوهاب الميداني: الله إنّك سمعته من الفضل؟ قال: الله إنّي سمعته [منه].

قال أبو علي الحدّاد: [قلت] لأبي سعد: الله إنّك سمعته من عبد الوهاب؟ قال: الله إنّي سمعته منه.

قال شيخنا الحافظ، فقلنا [لأبي علي الحسن بن أحمد بن الحسن الحدّاد](١) : الله إنّك سمعته من أبي سعد؟ قال: الله إنّي سمعته منه.

قلنا لشيخنا الحافظ أبي طاهر أحمد: الله إنّك سمعته من أبي علي الحدّاد؟ قال: الله إنّي سمعته من أبي عليّ.

قال شيخنا أبو عليّ الحسن بن [علي ابن أبي بكر] الخلاّل: قلنا لشيخنا [أبي الفضل جعفر بن علي بن هبة الله] الهمداني: [الله] إنّك سمعته من الحافظ أبي طاهر السلفي؟ قال: الله إنّي سمعته منه.

[قال المؤلّف: قلت: إنّي سمعته من شيخنا أبي علي الحسن بن الخلاّل(٢) .

____________________

(١) ما بين المعقوفات فيه، وفي التوالي زيادات توضحية منّا.

(٢) أقول: والحديث رويناه في كتاب (عبرات المصطفين) عن مصدر آخر.

١٧٠

[في إظهار الله تعالى نبيّه زكريا (عليه السلام) على تأويل قوله تعالى في أوّل سورة (مريم):( كهيعص ) وأنّ تأويله هو شأن الإمام الحسين وظالمه].

٤٥٩ - نقل الشيخ أبو جعفر محمد بن عليّ بن بابُويه(١) القمّي (رحمه الله) في مصنّفه الموسوم بكتاب: كمال الدين(٢) في إثبات الغيبة لصاحب الزمان [في] أثناء قصّة طويلة ذكرها فيه بإسناده:

أنّ سعد بن عبد الله القمّي، قال: قلت لصاحب الزمان: يا ابن رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - أخبرني عن تأويل:( كهيعص ) [١ / مريم: ١٩]: قال:هذه الحروف من أنباء الغيب أطلع الله عليها زكريا، ثمّ قصّه على محمد (صلّى الله عليه وآله) وذلك أنّ زكريا (عليه السلام) سأل ربّه أن يعلّمه أسماء الخمسة، فأهبط [الله] عليه جبرئيل (عليه السلام) فعلّمه إيّاها، فكان زكريا إذا ذكر محمّداً وعليّاً وفاطمة والحسن سرى عنه همّه وانجلى كربه، وإذا ذكر اسم الحسين خنقته العَبرة ووقعت عليه البهرة (٣) فقال ذات يوم: إلهي ما بالي إذا ذكرت أربعاً منهم تسلَّيت بأسمائهم من همومي، وإذا ذكرت الحسين تدمع عينيّ وتثور زفرتي؟ فأنبأه الله تبارك وتعالى عن قصّته، فقال: ( كهيعص ) [١ / مريم: ١٩]فالكاف اسم كربلاء، والهاء هلاك العترة، والياء يزيد وهو ظالم الحسين، والعين عطشه، والصاد صبره .

____________________

(١) هذا الحديث كان في أصلي مؤخّراً عن التالي، والظاهر أنّه من سهو النسّاخ.

(٢) رواه في الحديث: (٢١) من الباب: (٤٣) منه في ج٢ ص٤٦١ قال:

حدثنا محمد بن علي بن محمد [بن] حاتم النوفلي المعروف بالكرماني، قال: حدثنا أبو العبّاس أحمد بن عيسى الوشاء البغدادي، قال: حدثنا أحمد بن طاهر القمّي، قال: حدثنا محمد بن بحر بن سهل الشيباني، قال: حدثنا أحمد بن مسرور، عن سعد بن عبد الله...

ورواه أيضاً الطبرسي في الاحتجاج ص٢٣٩.

ورواه عنه في الحديث الأوّل من الباب: (٣٠) من بحار الأنوار: ج١٠، ص١٥١. وفي ط الحديث: ج٤٤ ص٢٢٣.

ورواه في هامشه بسندٍ آخر.

(٣) البُهْرة: - بضم الباء وسكون الهاء - واحدة البهر وهو انقطاع النفس من السعي الشديد أو الخوف أو الإعياء.

١٧١

[زيارة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ابنته وابن عمّه وسبطيه، وتناولهم جميعاً

الطعام، ثمّ انصباب دموع رسول الله على الأرض، وسؤال الحسين عنه عن سبب

بكائه، وجواب رسول الله له: إنّ جبرئيل أخبرني أنّكم قتلى ومصارعكم شتّى.

وقول الحسين: يا رسول الله فمَن يزورنا على تشتّتنا وبُعد قبورنا؟

وجواب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) له: يزوركم

طائفة من أُمّتي يريدون بذلك بِرّي وصلتي].

٤٦٠ - أخبرني الإمامان: العلاّمة نجم الدين عبد الغفّار بن عبد الكريم بن عبد الغفّار، وعلاء الدين أبو حامد محمد بن أبي بكر الطاووسي القزوينيّان كتابةً بروايتهما عن الشيخين: عِزّ الدين محمد بن عبد الرحمان الواريني، وتاج الدين عبد الله ابن إبراهيم الشحاذي القزويني(١) إجازةً، قال: أنبأنا الشيخان: محمد بن الفضل بن أحمد، وزاهر بن طاهر بن محمد الشحامي إجازةً، قال: أنبأنا الحافظ أبو عبد الله محمد بن عبد الله البيّع (رحمة الله عليه)(٢) قال: حدثنا أحمد بن إسحاق بن محمد بن علي

____________________

٤٦٠ - هذا الحديث كان في أصليَّ معاً متصلاً بالحديث: (٤٦٤) الآتي في الباب: (٣٩) ولكن الظاهر أنّ محلّه هاهنا، وأنّ تأخيره عن هذا الموضع من سهو الكتّاب.

ورواه أيضاً الخوارزمي في أوّل الفصل الرابع عشر من مقتل الإمام الحسين (عليه السلام): ج٢ ص١٦٦، ط الغري، قال:

أخبرنا العلاّمة فخر خوارزم أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري، أخبرنا الفقيه أبو الحسن عليّ ابن أبي طالب الفرزادي بالري، أخبرنا الفقيه أبو بكر طاهر بن الحسنين الرازي، أخبرنا عمّي الشيخ الزاهد أبو سعد إسماعيل بن عليّ بن الحسين السمان الرازي، حدثني أبو محمد القاسم بن محمد الشروطي إملاءً، حدثني أبو عبد الله محمد بن عبد الله، حدثني أبو رمح، حدثني عبد الأعلى بن واصل الكوفي، حدثني علي بن عبد الرحمان القطان، حدثني عبيد بن يحيى بن مهران، عن محمد بن الحسين بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، عن أبيه، عن جدّه، علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قال...

(١) كذا في نسخة طهران، وفي نسخة السيد علي نقي: (السحاوي).

(٢) والظاهر أنّه رواه في تاريخ نيسابور.

١٧٢

ابن خلف القرشي بالكوفة، قال: حدّثنا جعفر بن عبد الله المحمّدي، قال: حدثنا عبيد بن يحيى بن مهران القطّان، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب، عن أبيه، عن جدّه:

عن عليّ (عليه السلام) قال: (زارنا رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) فعلمنا له حرية فأهدت إليه أم أيمن قعباً من [لبن و] زبد [اً] وصفحة من تمر، فأكل رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) وأكلنا معه، ثمّ وضّأْتُ رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) فمسح رأسه وجبينه بيده واستقبل القبلة ودعا ما شاء(١) ثمّ أكبّ على الأخر بدموع غزيرة مثل المطر.

[قال:] فهبنا رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) أن نسأله فوثب الحسين فأكبّ على رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم)، فقال: يا أبة رأيتك تصنع ما لم تصنع مثله قطّ؟ قال: يا بُنّيّ إنّي سررت بكم اليوم سروراً لم أُسرّ مثله، وإنّ حبيبي جبرئيل (عليه السلام) أتاني فأخبرني أنّكم قتلى، مصارعكم شتّى، فأحزنني ذلك، فدعوت الله عزّ وجلّ بالخير. فقال الحسين: يا رسول الله فمَن يزورنا على تشتّتنا وتبعيد قبورنا؟ [فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): يزوركم طائفة من أُمّتي يريدون بذلك بِرّي وصلتي(٢) .

[فـ] إذا كان يوم القيامة زرتهم بالموقف، فأخذت بأعضادهم فأنجيتهم من أهوالها وشدائدها.

____________________

(١) هذا هو الظاهر، وفي أصليّ مع: (ودعا رسول الله ما شاء...).

وفي مقتل الخوارزمي: (فدعا الله ما شاء...). وما بين المعقوفين أيضاً مأخوذ منه.

(٢) ما بين المعقوفين كان ساقطاً من أصليَّ معاً، وأخذناه من الباب: (٨) من كتاب تيسير المطالب ص١١٢، ومثله معنى في مقتل الخوارزمي.

والحديث رواه أيضاً الشيخ الصدوق (رحمه الله) في المجلس: (...) من أماليه ص... ولكن لم يتيسّر لنا مراجعته.

١٧٣

[ثواب زيارة قبر الحسين (عليه السلام)، وقول الإمام الصادق (عليه السلام): (إنّ حول قبره سبعين ألف مَلَك شعثاً غبراً، يبكون عليه إلى أن تقوم الساعة)].

٤٦١ - أخبرنا الصالح أبو الفضل [أحمد] بن هبة الله بن أحمد سماعاً عليه؛ بإجازته عن أبي روح المعزّ بن محمد الهروي، وأمّ المؤيّد زينب بنت عبد الرحمان بن الحسن بإجازتهم، عن زاهر بن طاهر الشحامي، قال: أنبأنا أبو الحسن علي ابن محمد بن علي السحابي الزوزني، أنبأنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن محمد بن هارون الزوزني، حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد النيسابوري الحفيد، حدثنا أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن عامر الطائي بالبصرة، حدثني أبي سنة ستّين ومئتين، قال: حدثني علي بن موسى الرضا سنة أربع وتسعين ومئة، قال:

(حدثني أبي موسى بن جعفر، قال: سُئل جعفر بن محمد عن زيارة قبر الحسين، فقال: أخبرني أبي قال: مَن زار قبر الحسين بن علي (عليهما السلام) عارفاً بحقّه كتبه الله في علّيّين.

ثمّ قال: إنّ حول قبره سبعين ألف ملك شعثاً غبراً، يبكون عليه إلى أن تقوم الساعة) (١) .

____________________

٤٦١ - ورواه الشيخ الصدوق (رحمه الله) بأسانيد في الحديث: (١٥٩) من الباب: (٣١) من عيون الأخبار: ج٢ ص٤٤ ط٣.

ورواه أيضاً في ذخائر العقبى ص١٥١، وقال: خرّجه أبو الحسن العتيقي.

ورواه أيضاً الخوارزمي في الفصل: (١٤) من مقتل الحسين (عليه السلام): ج٢ ص١٩٨، ط١، قال:

وأخبرنا الشيخ الفقيه العدل الحافظ أبو بكر عبيد الله بن نصر الزاغوني بمدينة السلام منصرفي من السفرة الحجازيّة، أخبرنا الشيخ الجليل أبو الحسن محمد بن إسحاق ابن الباقرجي، أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن الحسن بن عليّ بن بندار، أخبرنا أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن الحسن بن محمد بن شاذان، أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن عامر بن سليمان ببغداد في باب المحول، حدثني أبي أحمد بن عامر بن سليمان الطائي، حدّثني أبو الحسن عليّ بن موسى الرضا...

(١) وقريباً من ذيله رواه ابن المغازلي تحت الرقم: (٤٥٠) من مناقبه ص٣٩٧ قال:

وبالإسناد [المتقدّم، أي عن أحمد بن محمد بن عبد الوهاب بن طاوان، عن أبي محمد عبد الله بن

=

١٧٤

[بيان الإمام الباقر (عليه السلام) كيفيّة زيارة الإمام الحسين (عليه السلام) برواية الحاكم النيسابوري، والحافظ ابن عقدة].

٤٦٢ - قال [وروى] الحاكم(١) أبو عبد الله البيّع الحافظ (رحمه الله)، قال: حدثني أبو ذرّ محمد بن المنذر المفيد بالكوفة، وكتبه بخطّه، قال: حدثنا أبو العبّاس أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني الحافظ، حدثنا أبو القاسم عبد الله بن عامر الحضرمي من كتابه سنة خمس وستّين ومئتين، قال: حدثنا عبد الله بن معاذ التميمي، قال: حدثنا حفص بن غياث النخعي، عن محمد بن جعفر بن محمد الصادق، عن أبيه، عن محمد بن عليّ، قال:

(فإذا أتيت قبر أبي عبد الله - يعني الحسين بن عليّ (عليهما السلام) -فاغتسل من الفرات موضع الدالية، ثمّ ائت وعليك السكينة والوقار حتى تنتهي إلى باب الحير (٢) ثمّ قل:

بسم الله وبالله، وعلى ملّة رسول الله (صلّى الله عليه وآله).

[السلام على] أمين الله على وحيه وعزائم أمره والخاتم لما سبق، والقائم بما استقبل (٣)

____________________

=

يحيى بن موسى النصيبي، عن حميد بن مسبح، عن أبي الطيّب أحمد بن عبد الله الداري، عن يمان بن سعيد]:

حدثنا الربعي، حدثنا فضيل بن يسار، قال: قيل لأبي عبد الله (عليه السلام): أيّ قبور الشهداء أفضل؟ قال:(أوليس أفضل الشهداء عندك الحسين (عليه السلام)؟ فو الذي نفسي بيده: إنّ حول قبره أربعين ألف ملك شعثاً غبراً، يبكون عليه إلى يوم القيامة) .

أقول: وللحدث طرق جمّة تجدها في الباب: (... و...) من كامل الزيارات ص١٠٩، و١٥٩.

(١) ما بين المعقوفين زدناه لإصلاح الكلام، ومع ذلك لا نطمئن بصحّته؛ لأنّ مرجع الضمير غير معلوم، ويحتمل أيضاً زيادة لفظة: (قال) في التالي وعليه يلتئم الكلام ويستغني عمّا وضعناه بين المعقوفين، ولكن يبقى الكلام في الوسائط بين المؤلِّف والحاكم.

(٢) هذا هو الصواب، وذكره في الأصل بالخاء المعجم.

(٣) كذا في أصليّ، وفي زيارة الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام): (الخاتم لما سبق، والقائم بما استقبل).

١٧٥

والداعي إلى الحقّ، والمهيمن على ذلك كلّه، والسلام عليه ورحمة الله وبركاته.

اللّهمَّ صلِّ على محمّدٍ عبدك ورسولك، وخيرتك من خلقك، وأمينك على وحيك، أفضل ما صلّيت على أحدٍ من أنبيائك ورسلك.

وصلِّ على [عليٍّ] أمير المؤمنين عبدك وأخي رسولك الذي انتجبته لعلمك، وجعلته هادياً لمَن شئت مِن خلقك، والمهيمن على ذلك كُلّه، والسلام عليه ورحمة الله وبركاته (١) .

اللَّهمّ وصلّ على الحسن بن عليّ ابن رسولك الذي انتجبته لعلمك، وجعلته هادياً لمَن شئت مِن خلقك، والدليل على مَن بعثته برسالتك، والقائم بالدين بعدلك وفصل قضائك من خلقك، والمهيمن على ذلك كُلّه، والسلام عليه ورحمة الله وبركاته (٢) .

ثمّ تقول هذا لكلّ إمامٍ من ولد الحسين بن عليّ (عليهما السلام) حتى تنتهي إلى آخر الأئمّة (صلوات الله عليهم)، ثمّ تقول عندما أتيت القبر:

السلام عليك يا أبا عبد الله، ورحمك الله يا أبا عبد الله، ولعن الله مَن قتلك، وانتهك حرمتك [أشهد أنّ الذين خالفوك وحاربوك وقتلوك] ملعونون على لسان النبيّ (صلّى الله عليه وسلّم) (٣) .

و [السلام] عليك وعلى أبيك وأُمّك، وأشهد أنّك قد بلّغت من الله ما أمرت به ولم تخش أحداً غيره، وعبدته حتى أتاك اليقين.

أشهد أنّكم كلمة التقوى وأبواب الهدى (٤) والعروة الوثقى، والحجّة على مَن بقي، ومَن تحت الثرى.

أشهد أنّ ذلك لكم سابق فيما مضى، وأنّ ذلك لكم قائم فيما بقي.

أشهد أنّ أرواحكم وطينتكم طيّبة، طابت وطهرت، بعضها من بعض من الله ومن رحمته اجتباكم (٥) .

أُشهد الله ربّي وأُشهدكم أنّي بكم رابق (٦) ولكم تابع في ذات نفسي، وفي شرائع

____________________

(١ - ٢) هذا هو الظاهر في الموردين، وفي أصليّ في الموردين: (والسلام عليك...).

(٣) ما بين المعقوفين زيادة يقتضيها السياق.

(٤) كذا.

(٥) لعلّ هذا هو الصواب، وفي أصليَّ: (ومن رححته اجتباكم).

(٦) كذا في الأصل، ولكن بنحو الإهمال، فإن صحّ فلعلّه بمعنى: إنّي بكم متعلّق.

١٧٦

ديني ومنقلبي ومثواي، لعلّ الله عزّ وجل أن يتمّم ذلك لي.

أشهد أنّكم قد بلّغتم عن الله عزّ وجلّ ما أُمرتم به ولم تخشوا أحداً غيره، وعبدتموه حتى أتاكم اليقين.

اللّهمَّ العن الذين بدّلوا دينك، واتّهموا رسولك، وصدّوا عن سبيلك، ورغبوا عن أمرك.

اللّهمّ احش قبورهم ناراً، واحش أجوافهم ناراً، واحشر حزبهم وأشياعهم إلى جهنّم.

اللّهمّ العن طواغيت هذه الأُمّة وفراعنتها وجواليتها (٨) والعن قتلة أمير المؤمنين، والعن قتلة الحسين، وعذّبهم عذاباً لا تعذّبه أحداً من العالمين.

السلام عليك يا أبا عبد الله، السلام عليك يا ابن رسول الله، السلام عليك يا حجّة الله، [أشهد أنّك] قد بلّغت ناصحاً، وقُتلت صدّيقاً، ومضيت على يقينٍ، لم تُؤثّر غيّاً على هدى، ولم تمل من حقٍّ إلى باطل.

أشهد أنّك قد أقمت الصلاة وآتيت الزكاة، وأمرت بالمعروف ونهيت عن المنكر، وتلوت القرآن حقّ تلاوته.

السلام على ملائكة الله المقرّبين، السلام على أنبياء الله المرسلين، الذين هم في خلقه مقيمين.

ثمّ تنكبّ على القبر عند رأسه فتقول:

السلام عليك يا أبا عبد الله، السلام عليك يا ابن رسول الله، السلام عليك يا حجّة الله على مَن في الأرض ومَن تحت الثرى.

أشهد أنّك عبد الله وابن رسوله، وأنّك قد بلّغت عن الله عزّ وجلّ مناصحاً صدّيقاً، وافيت ووفيت، وجاهدت في سبيل الله ومضيت على يقين من ربّك: شهيداً وشاهداً ومشهوداً، فأقمت الصلاة وآتيت الزكاة، وأمرت بالمعروف ونهيت عن المنكر، وعبدت ربّك حتى أتاك اليقين. فصلّى الله عليك [يا] أبا عبد الله [أنا] مولاك وفي طاعتك

____________________

(١) لعلَّ هذا هو الصواب، فإن صحّ فهو جمع: (جالوت)، ويراد منه هاهنا قوّاد الزور وأُمراء الجور، وزعماء الضلالة.

وذكره في أصليّ مهملة: (وحواليتها)؟

١٧٧

[أنا] مولاك الوافد إليك، ألتمس ثبات القدم في الهجرة، وكرامة المنزلة في الآخرة.

أتيتك - بنفسي وأهلي ومالي وولدي - بحقّك عارفاً [و] مقرّاً بالهدى الذي أنت عليه، معتصماً بطاعتك، موجباً بفضلك.

لعنة [الله] على أُمّةٍ قتلتك، وظاهرت عليك وخالفتك، وجحدت حقّك.

اللّهمّ العنهم لعناً يلعنهم كل مَلَكٍ مقرّب [و] نبيّ مرسَل.

ثمّ ترفع رأسك وتستند ظهرك إلى القبر ووجهك إلى القبلة، وتقول:

[اللّهمّ] إنّي أتوجّه إليك بمحبّة أهل بيت نبيّنا أحمد، نبيّ الرحمة صلّى الله عليه وعلى الأئمّة من أهل بيت نبيّ الرحمة.

وأعط (١) محمّداً وآل محمد من البهاء والكرامة والنضرة والشرف والفضل والفضيلة والوسيلة والشفاعة عندك أفضل ما تعطي أحداً من المخلوقين كلهم أضعافاً مضاعفةً كثيرة لا يحصيها أحد غيرك، وعجّل فرجهم واهلك عدوّهم من الجنّ والإنس، فإنّك على كل شيءٍ قدير، وصلّى الله على محمد وآله ورحمة الله وبركاته.

اللّهمّ صلّ على محمد وعلى آل محمد، ولا تجعله آخر العهد من زيارة قبر وليّك وابن رسولك، وصلّى الله عليه وعلى آله ورحمة الله وبركاته (٢) .

____________________

(١) هذا هو الظاهر، أي: اللّهمّ أعط محمّداً وآل محمّد... وفي أصليّ: (وتعطي).

(٢) ثمّ إنّا بيّضنا أوّل هذا الحديث في (١٦) من شهر ذي الحجّة من سنة (١٣٩٧) في قم، وأتممناه في ليلة (١٧) منه في كاشان.

١٧٨

[زيارة الجامعة الكبيرة التي تُزار بها كل واحدٍ من أئمّة أهل البيت (عليهم السلام)]

٤٦٣ - [قال الحاكم: و] أخبرني عليّ بن محمد بن موسى، قال: حدثنا محمد بن [عليّ بن] الحسين الفقيه الرازي(١) قال: حدثنا عليّ بن أحمد الدقاق في آخرين، قالوا: حدثنا أبو الحسن محمد بن أبي عبد الله الأسدي(٢) قال: حدثنا محمد بن إسماعيل البرمكي، قال: حدثنا موسى بن عبد الله النخعي(٣) قال:

قلت لعليّ بن محمد بن عليّ بن موسى بن جعفر بن محمد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب - عليهم الصلاة والسلام -: علّمني يا ابن رسول الله قولاً أقوله بليغاً كاملاً إذا زرت واحداً منكم.

فقال:(إذا صرتَ إلى الباب فقف واشهد الشهادتين وأنت على غُسل، فإذا دخلتَ ورأيتَ القبرَ فقف وقل: (ألله أكبر، ألله أكبر) ثلاثين مرّة، ثمّ امش قليلاً وعليك السكينة والوقار، وقارب بين خطاك، ثمّ قف وكبّر الله ثلاثين مرّة، ثمّ ادن من القبر وكبّر الله أربعين مرّة، تمام مئة تكبيرة، ثمّ قل:

السلام عليكم يا أهل بيت النبوّة [وموضع الرسالة] (٤) ومختلف الملائكة، ومهبط الوحي، ومعدن الرحمة (٥) ،وخزّان العلم، ومنتهى الحلم، وأُصول الكرم،

____________________

(١) وهو الشيخ الصدوق (رحمه الله)، والحديث رواه في الباب: (٦٨) في آخر كتاب عيون الأخبار: ج٢ ص٢٧٢، وفي ط٢ ص٢٧٧، قال:

حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق (رضي الله عنه)، ومحمد بن أحمد السناني، وعلي بن عبد الله الورّاق، والحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المكتب، قالوا: حدثنا محمد بن عبد الله الكوفي أبو الحسين الأسدي...

والحديث قد حُكي عن كتاب مَن لا يحضره الفقيه، وتهذيب الأحكام أيضاً، ولكن لم يتيسّر لي الرجوع إليهما.

(٢) كذا.

(٣) كذا في الأصل، وفي طبع الغري من عيون الأخبار: (موسى بن عمران النخعي).

(٤) كذا في عيون الأخبار طبع الغري، وفي الأصل: (السلام عليكم يا أهل بيت رسول الله ومختلف الملائكة).

(٥) كذا في الأصل، وفي كتاب عيون الأخبار: (ومعدن الرسالة).

١٧٩

وقادة الأُمم، وأولياء النعم، وعناصر الأبرار، ودعائم الأخيار، وساسة العباد، وأركان البلاد، وأبواب الإيمان، وأُمناء الرحمان، وسلالة النبيّين، وصفوة المرسلين، وعترة خيرة ربّ العالمين ورحمة الله وبركاته.

السلام على أئمّة الهدى، ومصابيح الدجى، وأعلام التقى وذوي النهي وأُولي الحِجى، وكهف الورى، وورثة الأنبياء، والمثل الأعلى والدعوة الحسنى، وحجج الله على أهل الدنيا والآخرة والأُولى (١) ورحمة الله وبركاته.

السلام على محالّ معرفة الله (٢) ومساكن بركة الله، ومعادن حكمة الله، وحَفَظة سرّ الله، وحملة كتاب الله، وأوصياء نبيّ الله، وذرّيّة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) [ورحمة الله] وبركاته.

السلام على الدعاة إلى الله والأدلاّء على مرضاة الله، والمستوفرين في أمر الله، والثابتين في محبّة الله (٣) والمخلصين في توحيد الله، والمظهرين لأمر الله ونهيه، وعباده المكرمين الذين لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون ورحمة الله وبركاته.

السلام على الأئمّة الدُعاة والقادة الهُداة، والسادة الوُلاة، والذّادة الحُماة (٤) وأهل الذكر وأُولي الأمر، وبقيّة الله وخيرته وحزبه وعيبة علمه، وحجّته وصراطه ونوره [وبرهانه] ورحمة الله وبركاته.

أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، كما شهد الله لنفسه وشهدت له الملائكة وأولو العلم من خلقه، لا إله إلاّ هو العزيز الحكيم، وأنّ الدين عند الله الإسلام (٥) .

وأشهد أنّ محمّداً عبده [المنتَجَب] ورسوله المرتضى، أرسله بالهدى ودين الحقّ ليظهره على الدين كلّه ولو كره المشركون.

وأشهد أنّكم الأئمّة الهادون المهديّون، الراشدون المكرّمون، المُقرّبون المتّقون، الصادقون المصطفون، المطيعون لله، القوّامون بأمره، العاملون بإرادته، الفائزون بكرامته.

اصطفاكم بعلمه، وارتضاكم لغيبه (٦) واختاركم لسرّه، واجتباكم بقدرته،

____________________

(١) كذا في الأصل، وفي ط الغري من كتاب عيون الأخبار: (وحجج الله على أهل الآخرة والأُولى).

(٢) هذا هو الصواب الموافق لعيون الأخبار، وفي أصليّ هاهنا تصحيف.

(٣) كذا في الأصل، وفي كتاب عيون الأخبار: (والمستقرين في أمر الله ونهيه، والتامّين في محبّة الله).

(٤) هذا هو الظاهر الموافق لكتاب عيون أخبار الرضا (عليه السلام)، وفي أصليّ: (والهادة الهداة، والزادة الحماة).

(٥) جملة: (وأنّ الدين عند الله الإسلام) غير موجودة في طبع الغري من عيون الأخبار.

(٦) كذا في الأصل، وفي كتاب عيون الأخبار: (وارتضاكم لدينه...).

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

ولاية علي بن مسلم على الموصل ثم انتزاعها منه وانقراض أمر بني المسيب من الموصل:

ولما قتل إبراهيم وملك تُتُش الموصل ولّى عليها علي بن أخيه مسلم بن قريش، فدخلها مع أمه صفية عند ملك شاه، واستقرت هي وأعمالها في ولايته، وسار تُتُش إلى ديار بكر فملكها، ثم إلى أذربيجان فاستولى عليها. وزحف إليه بركيارق وابن أخيه ملك شاه وتقاتلا فانهزم تُتُش، وقام بمكانه ابنه رضوان وملك حَلب وأمره السلطان بركيارق بإطلاق كربوقا فأطلقه. واجتمعت عليه رجال، وجاء إلى حران فملكها، فكاتبه محمد بن مسلم بن قريش وهو بنصيبين ومعه توران بن وهيب وأبو الهيجاء الكردي يستنصرونه على علي بن مسلم بن قريش بالموصل، فسار إليهم وقبض على محمد بن مسلم وسار به إلى نصيبين فملكها. ثم سار إلى الموصل فامتنعت عليه ورجع إلى مدينة بلد. وقتل بها محمد بن مسلم غريقاً، وعاد إلى حصار الموصل، واستنجد علي بن مسلم بالأمير جكرمش صاحب جزيرة ابن عمر، فسار إليه منجداً له، وبعث كربوقا إليه عسكراً مع أخيه ألتوتناش، فرده مهزوماً إلى الجزيرة، فتمسك بطاعة كربوقا وجاء مدداً له على حصار الموصل، واشتد الحصار بعلي بن مسلم، فخرج من الموصل ولحق بصدقة بن مزيد بالحلَّة وملك كربوقا بلد الموصل بعد حصار تسعة أشهر. وانقرض ملك بني المسيب من الموصل وأعمالها واستولى عليها ملوك الغز من السلجوقية أمراؤهم والبقاء لله وحده.

ما جاء من أخبارهم بتاريخ أبي الفداء الجزء الثالث:

في هذه السنة (٣٨٠) استولى أبو الذوّاد محمد بن المسيب بن رافع بن المقلَّد بن جعفر أمير بني عقيل على الموصل، وقتل أبا الطاهر ابن ناصر الدولة بن حمدان، وقتل أولاده وعدة من قواده بعد قتال جرى بينهما واستقر أمر أبي الذوّاد بالموصل.

وفي سنة ٣٨٦ مات أبو ذَوّاد بن المسيب أمير الموصل وولي بعده أخوه المقلَّد بن المسيب.

وفي سنة ٣٩١ قتل حسام الدولة المقلَّد بن المسيب بن رافع بن

٢٢١

المقلَّد بن جعفر بن عمر بن مهنا بن يُزَيدْ (بالتصغير) بن عبد الله بن زيد من ولد ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن العقيلي، وكان المقلَّد المذكور أعور، وأخوه أبو الذوّاد محمد بن المسيب هو أول من استولى منهم على الموصل وملكها في سنة ثمانين وثلاثمائة. واستمر مالكها حتى قتل في هذه السنة، قتله مماليكه التُّرك بالأنبار وكان قد عظم شأنه، ولما مات قام مقامه ابنه قرواش بن المقلَّد بن المسيب. وفي هذه الصفحة في حوادث سنة ٣٩٢ جرى بين قرواش بن المقلَّد بن المسيب العقيلي وبين عسكر بهاء الدولة حروب انتصر فيها قرواش، ثم انتصر عسكر بهاء الدولة.

وفي حوادث سنة ٤١١ في الموصل قبض معتمد الدولة قرواش بن المقلَّد على وزيره أبي القاسم المغربي، ثم أطلقه فيما بعد وقبض أيضاً على سليمان بن فهد، وكان ابن فهد في حداثته بين يدي الصابي ببغداد، ثم صعد إلى الموصل وخدم المقلَّد بن المسيب والد قرواش، ثم نظر في ضياع قرواش فظلم أهلها، ثم سخط قرواش عليه وحبسه، ثم قتله وهو المذكور في شعر ابن الزمكدم في أبياته وهي:

ولـيل كـوجه البرقعيدي مظلم وبـرد أغـانيه وطـول قرونه

سـريت ونومي فيه نوم مشرد كـعقل سـليمان بن فهد ودينه

عـلى أولـق فـيه التفات كأنه أبـو جـابر في خطبه وجنونه

إلـى أن بدا نور الصباح كأنه سنى وجه قرواش وضوء جبينه

وكان من حديث هذه الأبيات أن قرواشاً جلس في مجلس شرابه في ليلة شاتية، وكان عنده المذكورون، وهم البرقعيدي وكان مغنياً لقرواش وسليمان بن فهد الوزير المذكور، وأبو جابر وكان حاجباً لقرواش. فأمر قرواش الزمكدم أن يهجو المذكورين ويمدحه فقال هذه الأبيات البديهية.

في حوادث سنة ٤٢٥ وفيها تُوفِّي بدران بن المقلَّد صاحب نصيبين فقصد ولده قريش عمه قرواشاً، فأقر عليه حاله وماله وولاية نصيبين واستقر قريش بها.

في حوادث سنة ٤٣٧ قتل عيسى بن موسى لهَمَذاني صاحب أربل،

٢٢٢

قتله ابنا أخ له وملكا قلعة أربل، وكان لعيسى أخ آخر اسمه سلار بن موسى قد نزل على قرواش صاحب الموصل لوحشة كانت بين سلار وأخيه عيسى. فلما بلغه قتل أخيه سار قرواش إلى أربل ومعه سلار فملكها وتسلمها سلار وعاد قرواش إلى الموصل.

في حوادث سنة ٤٤٢ استولى أبو كامل بركة بن المقلَّد، على أخيه قرواش بن المقلَّد، ولم يبق لقرواش مع أخيه المذكور تصرف في المملكة وغلب عليها أبو كامل المذكور ولقبُه زعيم الدولة.

في حوادث سنة ٤٤٣ تُوفِّي بركة بن المقلَّد بن المسيب بتكريت، واجتمع العرب وكبراء الدولة على إقامة ابن أخيه قريش بن بدران بن المقلَّد وكان بدران بن المقلَّد المذكور صاحب نصيبين، ثم صارت لقريش المذكور بعده. وكان قرواش تحت الاعتقال منذ اعتقله أخوه بركة مع القيام بوظائفه ورواتبه، فلما تولّى قريش نقل عمه قرواشاً إلى قلعة الجراحية من أعمال الموصل فاعتقله بها.

في حوادث سنة ٤٤٤ مستهل رجب تُوفِّي معتمد الدولة، أو منيع قرواش بن المقلَّد بن المسيب العقيلي الذي كان صاحب الموصل، وكان محبوساً بقلعة الجراحية من أعمال الموصل، وحمل فدفن بتل توبة من مدينة نينوى شرقي الموصل. وقيل: إن ابن أخيه قريش بن بدران المذكور أحضر عمه قرواشاً المذكور من الحبس إلى مجلسه وقتله فيه. وكان قرواش من ذوي العقل وله شعر حسن منه:

لـلـه در الـنـائبات فـإنه صدأ القلوب وصيقل الأحرار

مـا كنت إلاَّ زبرة فطبعنني سيفاً وأطلق صرفهن غراري

وجمع قرواش المذكور بين أختين في نكاحه، فقيل له: إن الشريعة تحرم ذلك، فقال: وأي شيء عندنا تجيزه الشريعة. وقال مرة: ما برقبتي غير خمسة أو ستة قتلتهم من البادية، وأما الحاضرة فلا يعبأ الله بهم.

في حوادث سنة ٤٥٠ سار إبراهيم نيال بعد انفصاله عن الموصل إلى هَمَذان وسار طغرلبك من بغداد في أثر أخيه أيضاً إلى هَمَذان، وتبعه من كان ببغداد من التُّرك، فقصد البساسيري بغداد ومعه قريش بن بدران

٢٢٣

العقيلي في مائتي فارس، ووصل إليها يوم الأحد ثامن ذي القعدة ومعه أربعمائة غلام ونزل بمشرعة الزوايا. وخطب البساسيري بجامع المنصور للمستنصر بالله العلوي خليفة مصر، وأمر فأذّن بحي على خير العمل ثم عبر عسكره إلى الزاهر، وخطب بالجمعة الأُخرى من وصوله للمصري بجامع الرصافة أيضاً، وجرى بينه وبين مخالفيه حروب في أثناء الأسبوع. وجمع البساسيري جماعته ونهب الحريم، ودخل الباب النوبي فركب الخليفة القائم لابساً للسواد، وعلى كتفه البردة وبيده سيف وعلى رأسه اللواء، وحوله زمرة من العباسيين والخدم بالسيوف المسلولة وسرى النهب إلى باب الفردوس من داره، فلما رأى القائم ذلك رجع إلى ورائه، ثم صعد إلى المنظرة ومع القائم رئيس الرؤساء، وقال رئيس الرؤساء لقريش بن بدران: يا علم الدين أمير المؤمنين القائم يستذم بذمامك وذمام رسول الله وذمام العربية على نفسه وماله وأهل وأصحابه، فأعطى قريش بحضرته ذماماً، فنزل القائم ورئيس الرؤساء إلى قريش من الباب المقابل لباب الحَلبة وسارا معه، فأرسل البساسيري إلى قريش، وقال له: أتخالف ما استقر بيننا وتنقض ما تعاهدنا عليه، وكانا قد تعاهدا على المشاركة وأن لا يستبد أحدهما دون الآخر. ثم اتفقا على أن يسلم رئيس الرؤساء إلى البساسيري؛ لأنه عدوه ويبقى الخليفة عند قريش. وحمل قريش الخليفة إلى معسكره ببردته والقضيب ولوائه، ونهبت دار الخليفة وحريمها أياماً، ثم سلم قريش الخليفة إلى ابن عمه مهارس. وسار به مهارس والخليفة في هودج إلى حديثة عانة، فنزل بها وسار أصحاب الخليفة إلى طغرلـبك، وأما البساسيري فإنه ركب يوم عيد النحر إلى المصلّى بالجانب الشرقي وعلى رأسه ألوية خليفة مصر، وأحسن إلى الناس، ولم يتعصب لمذهب، وكانت والدة القائم باقية، وقد قاربت تسعين سنة، فأفرد لها البساسيري داراً وأعطاها جاريتين من جواريها، وأجرى لها الجِراية، وكان قد حبس البساسيري رئيس الرؤساء، فأحضره من الحبس، فقال رئيس الرؤساء: العفو، فقال له البساسيري: أنت قدرت فما عفوت، وأنت صاحب طيلسان وفعلت الأفعال الشنيعة مع حرمي وأطفالي. وجرى على رئيس الرؤساء أمور من التشهير الممقوت ما ندع ذكره، ومات تعذيباً وصلباً وأرسل البساسيري إلى المستنصر العلوي بمصر يعرِّفه بإقامة الخطبة له بالعراق، وكان الوزير هناك ابن أخي أبي القاسم المغربي، وهو ممن هرب

٢٢٤

من البساسيري. فبرَّد فعل البساسيري وخوف من عاقبته فتركت أجوبته مدة ثم عادت بخلاف ما أمله. ثم سار البساسيري من بغداد إلى واسط والبصرة فملكها. وأما طغرلبك فكان قد خرج عليه أخوه إبراهيم نيال وجرى بينه وبينه قتال، وآخره أن طغرلبك انتصر على أخيه إبراهيم نيال وأسره وخنقه بوتر، وكان قد خرج عليه مراراً وطغرلبك يعفو عنه، فلم يعف عنه في هذه المرة. وفي هذه السنة أعاد طغرلبك القائم إلى مقر ملكه وانتهى الأمر بقتل البساسيري.

في سنة ٤٥٢ تُوفِّي قريش بن بدران بن المقلَّد بن المسيب صاحب الموصل ونصيبين، وكانت وفاته بنصيبين، وقام بالأمر بعده ابنه شرف الدولة أبو المكارم مسلم بن قريش.

في سنة ٤٥٨ أقطع ألب ارسلان شرف الدولة مسلم بن قريش بن بدران بن المقلَّد بن المسيب صاحب الموصل، الأنبار، وتكريت زيادة على الموصل.

في سنة ٤٧٧ سار فخر الدولة بن جهير بعساكر السلطان ملكشاه إلى قتال شرف الدولة مسلم بن قريش، ثم سير السلطان ملكشاه إلى فخر الدولة جيشاً آخر فيهم الأمير أرتق بن أكسك، وقيل: أكسب، والأول أصح جد الملوك لأرتقية، فانهزم شرف الدولة مسلم وانحصر في آمد ونزل الأمير أرتق على آمد فحصره، فبذل له مسلم بن قريش مالاً جليلاً ليمكِّنه من الخروج من آمد، فأذن له أرتق وخرج شرف الدولة من آمد في حادي عشرين ربيع الأول من هذه السنة، فسار إلى الرقة وبعث إلى أرتق ما وعده به ثم سير السلطان عميد الدولة إلى الموصل، فاستولى عليها عميد الدولة، وهذا اقسنقر هو والد عماد الدولة زنكي، ثم أرسل مؤيد الملك بن نظام الملك إلى شرف الدولة بالعهود يستدعيه إلى السلطان. فقدم شرف الدولة إليه وأحضره عند السلطان ملكشاه بالبوازيج وكان قد ذهبت أمواله فاقترض شرف الدولة مسلم ما خدم به السلطان وقدم إليه خيلاً من جملتها فرسه الذي نجا عليه في المعركة، وكان اسم الفرس بشّار، وكان سابقاً وسابق به السلطان الخيل، فجاء سابقاً فقام السلطان قائماً لما تداخله من العجب فرضي السلطان على مسلم وخلع عليه وأقرَّه على بلاده.

٢٢٥

في حوادث هذه السنة نفسها قال: لما ملك سليمان بن قطلومش أنطاكية أرسل شرف الدولة مسلم بن قريش صاحب الموصل وحَلب يطلب منه ما كان يحمله إليه أهل أنطاكية، فأنكر سليمان ذلك. وقال: إن صاحب أنطاكية كان نصرانياً فكنت تأخذ منه ذلك على سبيل الجزية. ولم يعطه شيئاً، فجمعا واقتتلا في الرابع والعشرين من صفر سنة ثمان وسبعين وأربعمائة في طرف أعمال أنطاكية، فانهزم عسكر مسلم، وقتل شرف الدولة مسلم في المعركة، وقُتِل بين يدي أربعمائة غلام من أحداث حَلب. وكان شرف الدولة مسلم بن قريش بن بدران بن المقلَّد بن المسيب أحول، واتسع ملكه، وزاد على ملك من تقدمه من أهل بيته، فإنه ملك السندية التي على نهر عيسى إلى منبج، وديار ربيعة ومضر عن الجزيرة وحَلب وما كان لأبيه وعمه قرواش من الموصل وغيرها. وكان مسلم يسوس مملكته سياسة حسنة بالأمر والعدل. ولما قتل قصد بنو عقيل أخاه إبراهيم بن قريش وهو محبوس، فأخرجوه وملَّكوه، وكان قد مكث في الحبس سنين كثيرة بحيث صار لم يقدر على المشي لما خرج.

وأما قلعة حَلب فكان بها منذ قتل مسلم بن قريش سالم بن مالك بن بدران بن المقلَّد بن المسيب العقيلي، وهو ابن عم شرف الدولة مسلم، فحاصر تُتُش القلعة سبعة عشر يوماً، فبلغه وصول مقدمة أخيه السلطان ملكشاه.

ولما قتل سليمان بن قطلومش مسلم بن قريش أرسل إلى ابن الْحُتَّيتي العباسي مقدم أهل حَلب يطلب منه تسليمها، فاستمهله إلى أن يكاتب السلطان ملكشاه، وأرسل ابن الْحُتَّيتي استدعى تُتُش إلى حَلب، وكان مع تُتُش أرتق بن أكسك؛ وقد فارق خدمة ملكشاه خوفاً من إطلاق مسلم بن قريش من آمد، وكان ابن الْحُتَّيتي قد كاتب السلطان ملكشاه في أمر حَلب فسار إليها من أصفهان في جمادى الآخرة، فملك في طريقه حران وأقطعها لمحمد بن شرف الدولة مسلم بن قريش. ثم سار إلى الرها فملكها وملك قلعة جعبر، ثم ملك منبج وسار إلى حَلب فلما قاربها رحل أخوه تُتُش عنها على البرية وتوجَّه إلى دمشق، ووصل السلطان إلى حَلب وتسلمها وتسلم القلعة من سالم بن مالك بن بدران العقيلي على أن يعوضه بقلعة جعبر

٢٢٦

فبقيت بيده ويد أولاده إلى أن أخذها منهم نور الدين محمود بن زنكي.

سنة ٤٨٦ وفيها تحرك تُتُش من دمشق لطلب السلطنة بعد موت أخيه ملكشاه، واتفق معه اقسنقر صاحب حَلب، وخطب له باغي سيان صاحب أنطاكية وبران صاحب الرها. وسار تُتُش ومعه اقسنقر فافتتح نصيبين عنوة ثم قصد الموصل، وكنا قد ذكرنا (أبو الفداء) في سنة سبع وسبعين وأربعمائة أنه لما قتل شرف الدولة مسلم بن قريش صاحب الموصل وحَلب وغيرهما استولى على الموصل إبراهيم بن قريش أخو مسلم. ثم إن ملكشاه قبض على إبراهيم سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة، وأخذ منه الموصل، وبقي إبراهيم معه حتى مات ملكشاه، فأطلق إبراهيم وسار إلى الموصل وملكها. فلما قصد تُتُش في هذه السنة الموصل خرج إبراهيم لقتاله، والتقوا بالمضيّع من أعمال الموصل، وجرى بينهم قتال شديد انهزمت فيه المواصلة، وأخذ إبراهيم بن قريش أسيراً وجماعة من أمراء العرب، فقُتلوا وملك تُتُش الموصل، واستثاب عليها علي بن مسلم بن قريش وأمه صفية عمة تُتُش، وأرسل تُتُش إلى بغداد يطلب الخطبة فتوقفوا فيها. ثم سار تُتُش واستولى على ديار بكر.

في سنة ٤٨٩ بعد مقتل تُتُش سنة ٤٨٨ قصد كربوغا نصيبين، وبها محمد بن شرف الدولة مسلم بن قريش، فطلع محمد إلى كربوغا واستحلفه ثم غدر كربوغا بمحمد، وقبض عليه وحاصر نصيبين وملكها، ثم سار إلى الموصل وقتل في طريقه محمد بن مسلم بن قريش بن بدران بن المقلَّد بن المسيب، وحصر الموصل وبها علي بن مسلم أخو محمد المذكور من حين استنابه بها تتش، فلما ضاق عليه الأمر هرب من الموصل إلى صدقة بن مزيد بالحلَّة بعد حصار تسعة أشهر.

سنة ٥١٩ وفيها مات سالم بن مالك بن بدران بن المقلَّد بن المسيب صاحب قلعة جعبر، وملكها بعده ابنه مالك بن سالم.

الجزء الثالث ص١٨ سنة (٥٤١) سار عماد الدين زنكي، ونزل على قلعة جعبر وحصرها وصاحبها علي بن مالك بن سالم بن مالك بن بدران بن المقلَّد بن المسيب العقيلي، وأرسل عسكراً إلى قلعة فنك وهي تجاور جزيرة ابن عمر، فحصرها أيضاً وصاحبها حسام الدين الكردي البشنوي.

٢٢٧

ولما طال على زنكي منازلة قلعة جعبر أرسل مع حسَّان البعلبكي الذي كان صاحب منبج يقول لصاحب قلعة جعبر: قل لي من يخلصك مني،فقال صاحب قلعة جعبر لحسَّان: يخلصني منك الذي خلصك من بلك بن بهرام بن أرتق، وكان بلك محاصراً منبج، فجاءه سهم قتله فرجع حسَّان إلى زنكي ولم يخبره بذلك فاستمر زنكي منازلاً قلعة جعبر، فوثب عليه جماعة من مماليكه وقتلوه في خامس ربيع الآخر من هذه السنة بالليل وهربوا إلى قلعة جعبر، فصاح من بها على العسكر وأعلموهم بقتل زنكي فدخل أصحابه إليه وبه رمق ودفن بالرقة.

سنة ٥٦٤ في هذه السنة ملك نور الدين محمود قلعة جعبر وأخذها من صاحبها شهاب الدين مالك بن علي بن مالك بن سالم بن مالك بن بدران بن المقلَّد بن المسيب العقيلي، وكانت بأيديهم من أيام السلطان ملكشاه، ولم يقدر نور الدين على أخذها إلا بعد أن أسر صاحبها مالك المذكور بنو كِلاب، وأحضروه إلى نور الدين محمود، واجتهد به على تسليمها فلم يفعل، فأرسل عسكراً مقدمهم فخر الدين مسعود بن أبي علي الزعفراني وردفه بعسكر آخر مع مجد الدين أبي بكر المعروف بابن الداية، وكان رضيع نور الدين وحصروا قلعة جعبر، فلم يظفروا منها بشيء وما زالوا على صاحبها مالك حتى سلمها وأخذ عنها عوضاً مدينة سروج بأعمالها والملوحة من بلد حَلب وعشرين ألف دينار معجلة وباب بزاعة.

ما جاء في كامل ابن الأثير من أوليتهم وأخبارهم

الجزء التاسع في سنة ٣٠٨ لما ملك أبو طاهر والحسين ابنا حمدان بلاد الموصل طمع فيها باذ وجمع الأكراد، فأكثر وممن أطاعه الأكراد البشنوية أصحاب قلعة فنك، وكانوا كثيراً وكاتب أهل الموصل فاستمالهم فأجابه بعضهم، فسار إليهم ونزل بالجانب الشرقي فضعفا عنه. وراسلا أبا الذوّاد محمد بن المسيب أمير بني عقيل واستنصراه، فطلب منهما جزيرة ابن عمر ونصيبين وبلداً غير ذلك. فأجاباه إلى ما طلب، وانتهى الأمر بانتصار الأميرين الحماديين بمناصرة أبي الذوّاد على باذ، فكانت هذه أول إمرة لبني عقيل في دولة بني حمدان.

في سنة ٣٨٠ لما انهزم أبو طاهر بن حمدان من أبي علي بن مروان

٢٢٨

سار إلى نصيبين في قلة من أصحابه وكانوا قد تفرقوا، فطمع فيه أبو الذوّاد محمد بن المسيب أمير بني عقيل، وكان صاحب نصيبين حينئذ، فثار بأبي طاهر، فأسره وأسر ولده وعدة من قوادهم، وقتلهم وسار إلى الموصل فملكها وأعمالها، وكاتب بهاء الدولة يسأله أن ينفذ إليه من يقيم عنده من أصحابه يتولّى الأمور. فسيَّر إليه قائداً من قواده وكان بهاء الدولة قد سار من العراق إلى الأهواز، وأقام نائب بهاء الدولة وليس له من الأمر شيء، ولا يحكم إلا فيما يريده أبو الذوَّاد.

في سنة (٣٨٢) كان بهاء الدولة قد أنفذ أبا جعفر الحجاج بن هرمز في عسكر كثير إلى الموصل، فملكها آخر سنة إحدى وثمانين، فاجتمعت عقيل وأميرهم أبو الذواد محمد بن المسيب على حربه، فجرى بينهم عدة وقائع ظهر من أبي جعفر فيها بأس شديد حتى أنه كان يضع له كرسياً بين الصفين ويجلس عليه. فهابه العرب، واستمد من بهاء الدولة عسكراً فأمده بالوزير أبي القاسم علي بن أحمد، وكان مسيره أول هذه السنة. فلما وصل إلى العسكر كتب بهاء الدولة إلى أبي جعفر بالقبض عليه، فعلم أبو جعفر أنه إن قبض عليه اختلف العسكر وظفر به العرب، فتراجع في أمره. وكان سبب ذلك أن ابن المعلم كان عدواً له، فسعى به عند بهاء الدولة فأمر بقبضه، وكان بهاء الدولة أذناً يسمع ما يقال له ويفعل به، وعلم الوزير الخبر، فشرع في صلح أبي الذوّاد وأخذ رهائنه والعود إلى بغداد فأشار عليه أصحابه باللحاق بأبي الذوّاد، فلم يفعل أنفة وحسن عهد فلما وصل إلى بغداد رأى ابن المعلم قد قُبِض وقُتِل وكُفِي شره. ولما أتاه خبر قبض ابن المعلم وقتله ظهر عليه الانكسار، فقال له خواصه: ما هذا الهم وقد كفيت شر عدوك، فقال: إن ملكاً قرب رجلاً كما قرب بهاء الدولة ابن المعلم، ثم فعل به هذا لحقيق بأن تخاف ملابسته. وكان بهاء الدولة قد أرسل الشريف أبا أحمد الموسوي رسولاً إلى أبي الذوّاد فأسره العرب ثم أطلقوه، فورد إلى الموصل وانحدر إلى بغداد.

سنة (٣٨٦) في هذه السنة ملك المقلَّد بن المسيب مدينة الموصل، وكان سبب ذلك أن أخاه أبا الذَّوّاد تُوفِّي في هذه السنة، فطمع المقلَّد في الإمارة فلم تساعده عقيل على ذلك، وقلدوا أخاه علياً؛ لأنه أكبر منه فشرع المقلَّد واستمال الديلم الذين كانوا مع أبي جعفر الحجاج بالموصل فمال

٢٢٩

إليه بعضهم، وكتب إلى بهاء الدولة يضمن منه البلد بألفي ألف درهم كل سنة، ثم حضر عند أخيه علي وأظهر له أن بهاء الدولة قد ولاه الموصل وسأله مساعدته على أبي جعفر؛ لأنه قد منعه عنها، فساروا ونزلوا على الموصل، فخرج إليهم كل من استماله المقلَّد من الديلم، وضعف الحجاج وطلب منهم الأمان فأمنوه ووعدهم يوماً يخرج إليهم فيه. ثم إنه انحدر في السفن قبل ذلك اليوم، فلم يشعروا به إلا بعد انحداره، فتبعوه فلم ينالوا منه شيئاً ونجا بماله منهم، وسار إلى بهاء الدولة ودخل المقلَّد البلد. واستقر الأمر بينه وبين أخيه على أن يخطب لهما ويقدِّم علي لكبره ويكون له معه نائب يجبي المال، واشتركا في البلد والولاية وسار علي إلى البر وأقام المقلَّد وجرى الأمر على ذلك مدة مديدة، ثم تشاجروا واختصموا وكان المقلَّد يتولّى حماية غربي الفرات من أرض العراق، وكان له ببغداد نائب فيه تهور، فجرى بينه وبين أصحاب بهاء الدولة مشاجرة، فكتب إلى المقلَّد يشكو، فانحدر من الموصل في عساكره وجرى بينه وبين أصحاب بهاء الدولة حرب انهزموا فيها. وكتب إلى بهاء الدولة يعتذر وطلب إنفاذ من يعقد عليه ضمان القصر وغيره، وكان بهاء الدولة مشغولاً بمن يقاتله من عساكر أخيه، فاضطر إلى المغالطة، ومد المقلَّد يده فأخذ الأموال، فبرز نائب بهاء الدولة ببغداد وهو حينئذ أبو علي بن إسماعيل، وخرج إلى حرب المقلَّد، فبلغ الخبر إليه فأنفذ أصحابه ليلاً فاقتتلوا وعادوا إلى المقلَّد، فلما بلغ الخبر إلى بهاء الدولة بمجيء أصحاب المقلَّد إلى بغداد أنفذ أبا جعفر الحجاج إلى بغداد وأمره بمصالحة المقلَّد والقبض على أبي علي بن إسماعيل. فسار إلى بغداد في آخر ذي الحجَّة، فلما وصل إليها أرسله المقلَّد في الصلح، فاصطلحا على أن يحمل لبهاء الدولة عشرة آلاف دينار، ولا يأخذ من البلاد إلا رسم الحماية، ويخطب لأبي جعفر بعد بهاء الدولة، وأن يخلع على المقلَّد الخلع السلطانية،ويُلقَّب بحسام الدولة، ويقطع الموصل والكوفة والقصر والجامعين. واستقر الأمر على ذلك، وجلس القادر بالله له ولم يف المقلَّد من ذلك بشيء إلا بحمل المال، واستولى على البلاد ومد يده في المال وقصده المتصرفون والأماثل وعظم قدره.

سنة (٣٨٧): في هذه السنة قبض المقلَّد على أخيه علي؛ وكان سبب ذلك ما تقدم ذكره من الاختلاف الواقع بين أصحابهما واشتغل المقلَّد بما

٢٣٠

سبق بيانه بالعراق، فلما خلا وجهه وعاد إلى الموصل عزم على الانتقام من أصحاب أخيه، ثم خافه وعمل الحيلة في قبض أخيه، فأحضر عسكره من الديلم والأكراد، وأعلمهم أنه يريد قصد دقوقا وحلَّفهم على الطاعة، وكانت داره ملاصقة دار أخيه، فنقب في الحائط ودخل عليه وهو سكران فأخذه وأدخله الخزانة، وقبض عليه وأرسل إلى زوجته يأمرها بأخذ ولديه قرواش وبدران واللحاق بتكريت قبل أن يسمع أخوه الحسن الخبر. ففعلت ذلك وخلصت، وكانت في الحلَّة التي له على أربعة فراسخ من تكريت وسمع الحسن الخبر، فبادر إلى الحلَّة ليقبض أولاد أخيه فلم يجدهم. وأقام المقلَّد بالموصل يستدعي رؤساء العرب ويخلع عليهم، واجتمع عنده زهاء ألفي فارس، وسار الحسن إلى حلل أخيه ومعه أولاد أخيه علي وحرمه ويستنفرهم على المقلَّد، واجتمع معهم نحو عشرة آلاف وراسل المقلَّد يؤذنه بالحرب، فسار عن الموصل وبقي بينهم، فنزل واحد ونزل بإزاء العلث، فحضره وجوه العرب واختلفوا عليه، فمنهم من أشار بالحرب منهم رافع بن محمد بن مقن، ومنهم من أشار بالكف عن القتال وصلة الرحم منهم غريب بن محمد بن مقن، وتنازع هو وأخوه فبينما هم في ذلك قيل للمقلَّد: إنّ أختك رهيلة بنت المسيب تريد لقاءك وقد جاءتك، فركب وخرج إليها، فلم تزل معه حتى أطلق أخاه علياً ورد إليه ماله ومثله معه وأنزله في خيم ضربها له. فسر الناس بذلك، وتحالفا وعاد إلى حلته وعاد المقلَّد إلى الموصل، وتجهَّز للمسير إلى أبي الحسن علي بن مزيد الأسدي؛ لأنه تعصب لأخيه علي وقصد ولاية المقلَّد بالأذى فسار إليه. ولما خرج علي من محبسه اجتمع العرب إليه، وأشاروا عليه بقصد أخيه المقلَّد فسار إلى الموصل، وبها أصحاب المقلَّد وامتنعوا عليه فافتتحها، فسمع المقلَّد بذلك فعاد إليه، واجتاز في طريقه بحلة أخيه الحسن، فخرج إليه ورأى كثرة عسكره، فخاف على أخيه علي منه، فأشار عليه بالوقوف ليصلح الأمر، وسار إلى أخيه علي، وقال له: إن الأعور يعني المقلَّد قد أتاك بحده وحديده وأنت غافل، وأمره بإفساد عسكر المقلَّد، فكتب إليهم فظفر المقلَّد بالكتب، فأخذها وسار مجدِّاً إلى الموصل، فخرج إليه أخواه علي والحسن وصالحاه ودخل الموصل وهما معه. ثم خاف علي فهرب من الموصل ليلاً وتبعه الحسن وتردُّدت الرسل بينهم، فاصطلحوا على أن يدخل أحدهما البلد في غيبة الآخر، وبقوا كذلك

٢٣١

إلى سنة تسع وثمانين ومات علي سنة تسعين وقام الحسن مقامه، فقصده المقلَّد ومعه بنو خفاجة، فهرب الحسن إلى العراق وتبعه المقلَّد، فلم يدركه فعاد، ولما استقر أمر المقلَّد بعد أخيه علي سار إلى بلد علي بن مزيد الأسدي، فدخله ثانية والتجأ ابن مزيد إلى مهذّب الدولة، فتوسط ما بينه وبين المقلَّد. وأصلح الأمر معه، وسار المقلَّد إلى دقوقا فملكها ثم ملكها عليه جبريل بن محمد، ثم عادت إلى المقلَّد، ثم ملكها محمد بن عناز بعده، ثم أخذها بعده قرواش، ثم انتقلت إلى فخر الدولة أبي غالب ثم إلى جبريل وموصك بن جكويه من أمراء الأكراد، ثم قصدها بدران بن المقلَّد وأخذها منهما.

سنة (٣٩١): في هذه السنة قتل حسام الدولة المقلَّد بن المسيب العقيلي غيلة قتله مماليك له ترك. وكان سبب قتله أن هؤلاء الغلمان كانوا قد هربوا منه فتبعهم وظفر بهم وقتل منهم وقطع وأعاد الباقين، فخافوه على نفوسهم فاغتنم بعضهم غفلته وقتلوه بالأنبار. وكان قد عظم أمره وراسل وجوه العساكر ببغداد، وأراد التغلب على الملك، فأتاه الله من حيث لا يشعر. ولما قُتِل كان ولده الأكبر قرواش غائباً، وكانت أمواله وخزائنه بالأنبار فخاف نائبه عبد الله بن إبراهيم بن شهرويه بادرة الجند، فراسل أبا منصور بن قراد اللديد، وكان بالسندية فاستدعاه إليه، وقال له: أن أجعل بينك وبين قراوش عهداً وأُزوجه ابنتك، وأقاسمك على ما خلفه أبوه وتساعده على عمه الحسن إن قصده وطمع فيه. فأجابه إلى ذلك وحمى الخزائن والبلد، وأرسل عبد الله إلى قرواش يحثه على الوصول، فوصل وقاسمه على المال وأقام قراد عنده، ثم إن الحسن بن المسيب جمع مشايخ عقيل وشكا قرواشاً إليهم وما صنع مع قراد، فقالوا له: خوفُه منك حمله على ذلك، فبذل من نفسه الموافقة له والوقوف عند رضاه، وسفر المشايخ بينهما فاصطلحا، واتفقا على أن يسير الحسن إلى قرواش شبه المحارب ويخرج هو وقراد لقتاله، فإذا لقي بعضهم بعضاً عادوا جميعاً على قراد فأخذوه. فسار الحسن وخرج قرواش وقراد لقتاله. فلما تراءى الجمعان جاء بعض أصحاب قراد إليه فأعلمه الحال، فهرب على فرس له وتبعه قرواش والحسن فلم يدركاه، وعاد قرواش إلى بيت قراد، فأخذ ما فيه من الأموال التي أخذها من قرواش وهي بحالها. وسار قرواش إلى الكوفة فأوقع بخفاجة

٢٣٢

عندها وقعة عظيمة، فساروا بعدها إلى الشام، فأقاموا هناك حتى أحضرهم أبو جعفر الحجاج.

سنة (٣٩٢): في هذه السنة سيَّر قرواش بن المقلَّد جمعاً من عقيل إلى المدائن، فحصروها فسيَّر إليهم أبو جعفر نائب بهاء الدولة جيشاً فأزالوهم عنها، فاجتمعت عقيل وأبو الحسن مزيد في بني أسد وقويت شوكتهم. فخرج الحجاج إليهم واستنجد خفاجة وأحضرهم من الشام فاجتمعوا معه واقتتلوا بنواحي (باكرم) في رمضان، فانهزمت الديلم والتُّرك وأُسر منهم خلق كثير واستبيح عسكرهم، فجمع أبو جعفر من عنده من العسكر وخرج إلى بني عقيل وابن مزيد، وقتل من أصحابهم خلق كثير وأسر مثلهم وسار إلى حلل ابن مزيد فأوقع بمن فيها فانهزموا أيضاً، فنهبت الحلل والبيوت والأموال، ورأوا فيها من العين والمصاغ والثياب ما لا يقدر قدره.

سنة (٣٩٧): في المحرم جرت وقعة بين معتمد الدولة أبي المنيع قرواش بن المقلَّد العقيلي وبين أبي علي بن ثمال الخفاجي. وكان سببها أن قرواش جمع جمعاً كثيراً وسار إلى الكوفة وأبو علي غائب عنها، فدخلها ونزل بها وعرف أبو علي الخبر فسار إليه فالتقوا واقتتلوا، فانهزم قرواش وعاد إلى الأنبار مغلولاً، وملك أبو علي الكوفة وأخذ أصحاب قرواش فصادرهم.

سنة (٣٩٩): في هذه السنة قتل عيسى بن خلاط العقيلي أبا علي بن ثمال الخفاجي الذي كان والياً للحاكم بأمر الله صاحب مصر على الرحبة، وملكها، وأقام فيها مدة ثم قصده بدران بن المقلَّد، فأخذها منه وبقيت لبدران، فأمر الحاكم بأمر الله نائبه بدمشق لؤلؤاً البشاري بالمسير إليها، فقصد الرقة أولاً وملكها، ثم سار إلى الرحبة وملكها، ثم انتهى أمر ملكها إلى صالح بن مرداس صاحب حَلب.

سنة (٤٠١): في هذه السنة أيضاً خطب قرواش بن المقلَّد أمير بني عقيل للحاكم بأمر الله العلوي صاحب مصر بأعماله كلها، وهي الموصل والأنبار والمدائن والكوفة وغيرها، وكان ابتداء الخطبة بالموصل: (الحمد لله الذي انجلت بنوره غمرات الغضب، وانهدَّت بقدرته أركان النصب، وأطلع

٢٣٣

بنوره شمس الحق من العرب. فأرسل القادر بالله أمير المؤمنين القاضي أبا بكر بن الباقلاني إلى بهاء الدولة يعرفه ذلك، وأن العلويين والعباسيين انتقلوا من الكوفة إلى بغداد، فأكرم بهاء الدولة القاضي أبا بكر، وكتب إلى عميد الجيوش يأمره بالمسير إلى حرب قرواش، وأطلق له مائة ألف دينار ينفقها في العسكر، وخلع على القاضي أبي بكر وولاّه قضاء عمان والسواحل، وسار عميد الجيوش إلى حرب قرواش، فأرسل يعتذر وقطع خطبة العلويين وأعاد خطبة القادر بالله.

سنة (٤٠١): وفيها تُوفِّي أبو عبد الله محمد بن مقن بن مقلد بن جعفر بن عمر بن المهيا العقيلي، وفي مقلد يجتمع آل المسيب وآل مقن، وكان عمره مائة وعشرة سنين، وكان بخيلاً شديد البخل وشهد مع القرامطة أخذ الحجر الأسود.

سنة (٤١٧): في هذه السنة اجتمع دُبيس بن علي بن مزيد الأسدي وأبو الفتيان منيع بن حسَّان أمير خفاجة، وجمعا عشائرهما وغيرهم، وانضاف إليهما عسكر بغداد على قتال قرواش بن المقلَّد العقيلي؛ وكان سببه أن خفاجة تعرضوا إلى السواد وما بيد قرواش منه، فانحدر من الموصل لدفعهم فاستعانوا بدُبيس، فسار إليهم واجتمعوا، فأتاهم عسكر بغداد فالتقوا بظاهر الكوفة وهي لقرواش، فجرى بين مقدمته ومقدمتهما مناوشة وعلم قرواش أنه لا طاقة له بهم، فسار ليلاً جريدة في نفر يسير وعلم أصحابه بذلك فتبعوه منهزمين، فوصلوا إلى الأنبار وسارت أسد وخفاجة خلفهم. فلما قاربوا الأنبار فارقها قرواش إلى حلله، فلم يمكنهم الإقدام عليه واستولوا على الأنبار ثم تفرقوا.

وفي هذه السنة أصعد الأثير عنبر إلى الموصل من بغداد، وكان سببه أن الأثير كان حاكماً في الدولة البويهية ماضي الحكم نافذ الأمر والجند من أطوع الناس له وأسمعهم لقوله. فلما كان الآن زال ذلك وخالفه الجند فزالت طاعته عنهم، فلم يلتفتوا إليه فخافهم على نفسه، فسار إلى قرواش فندم الجند على ذلك وسألوه أن يعود فلم يفعل. وأصعد إلى الموصل مع قرواش فأخذ ملكه وإقطاعه بالعراق. ثم إن نجدة الدولة بن قراد ورافع بن الحسين جمعا جمعاً كثيراً من عقيل، وانضم إليهم بدران أخو قرواش وساروا يريدون حرب قرواش. وكان قرواش لما سمع خبرهم قد اجتمع

٢٣٤

هو وغريب بن معن والأثير عنبر، وأتاه مدد من ابن مروان، فاجتمع في ثلاثة عشر ألف مقاتل، فالتقوا عند بلد واقتتلوا وثبت بعضهم لبعض وكثر القتل. ففعل ثروان بن قراد فعلا جميلاً، وذلك أنه قصد غريباً في وسط المصاف واعتنقه وصالحه، وفعل أبو الفضل بدران بن المقلَّد بأخيه قرواش كذلك، فاصطلح الجميع وأعاد قرواش إلى أخيه بدران مدينة نصيبين.

الصفحة نفسها والسنة نفسها سار منيع بن حسَّان أمير خفاجة في الجامعين وهي لنور الدولة دُبيس فنهبها، فسار دُبيس في طلبه إلى الكوفة، ففارقها وقصد الأنبار، وهي لقرواش كان استعادها بعد ما ذكرناه قبل. فلما نازلها منيع قاتله أهلها، فلم يكن لهم بخفاجة طاقة، فدخل جنود خفاجة الأنبار ونهبوها وأحرقوا أسواقها، فانحدر قرواش إليهم ليمنعهم، وكان مريضاً ومعه غريب والأثير عنبر، ثم تركها ومضى إلى القصر فاشتد طمع جنود خفاجة وعادوا إلى الأنبار فأحرقوها مرة ثانية. وسار قرواش إلى الجامعين فاجتمع هو ونور الدولة دُبيس بن مزيد في عشرة آلاف مقاتل. فلم يقدر قرواش في ذلك الجيش العظيم على هذه الألف، وشرع أهل الأنبار في بناء سور على البلد وأعادهم قرواش، وأقام عندهم الشتاء، ثم إن منيع بن حسَّان سار إلى الملك أبي كاليجار فأطاعه، فخلع عليه وأتى منيع الخفاجي إلى الكوفة، فخطب فيها لأبي كاليجار وأزال حكم عقيل عن سقي الفرات.

سنة (٤١٩): في هذه السنة في جمادى الأولى سار بدران بن المقلَّد العقيلي في جمع من العرب إلى نصيبين وحصرها، وكانت لنصر الدولة بن مروان، فخرج إليه عسكر نصر الدولة الذين بها وقاتلوه، فهزمهم واستظهر عليهم، وقتل جماعة من أهل نصيبين والعسكر، فسيَّر نصر الدولة عسكراً آخر نجدة لمن بنصيبين، فأرسل إليهم بدران عسكراً فلقوهم فقاتلوهم وهزموهم وقتلوا أكثرهم، فأزعج ذلك ابن مروان وأقلقه، فسير عسكراً آخر ثلاثة آلاف فارس، فدخلوا نصيبين واجتمعوا بمن فيها وخرجوا إلى بدران فاقتتلوا، فانهزم بدران ومن معه بعد قتال شديد وقت الظهر وتبعهم عسكر ابن مروان، ثم عطف عليهم بدران وأصحابه، فلم يثبتوا له. فأكثر فيهم القتل والأسر وغنم الأموال، فعاد عسكر ابن مروان مغلوبين، فدخلوا نصيبين فاجتمعوا بها، واقتتلوا مرة أُخرى وكانوا على السواء. ثم سمع بدران بأن

٢٣٥

أخاه قرواشاً قد وصل إلى الموصل، فرحل خوفاً منه؛ لأنهما كانا مختلفين.

في سنة (٤٢٠) يذكر دخول الغز ديار بكر ومقاومة قرواش لهم ويذكر ملكهم مدينة الموصل ومقاومة قرواش لهم وانكساره، ثم يذكر ظفر قرواش بهم ص ١٦٣ مما يجب أن يضم إلى أخبار بني المقلَّد مع ما ذكر في ص١٦٤.

في سنة (٤٢١) قد ذكرنا محاصرة بدران نصيبين، وأنه رحل عنها خوفاً من قرواش، فلما رحل شرع في إصلاح الحال معه فاصطلحا، ثم جرى بين قرواش ونصر الدولة بن مروان نفرة كان سببها أن نصر الدولة كان قد تزوج ابنة قرواش، فآثر عليها غيرها فأرسلت إلى أبيها تشكو منه، فأرسل يطلبها إليه، فسيرها فأقامت بالموصل، ثم إن ولد مستحفظ جزيرة ابن عمر وهي لابن مروان هرب إلى قرواش، وأطمعه في الجزيرة، فأرسل إلى نصر الدولة يطلب منه صداق ابنته، وهو عشرون ألف دينار ويطلب الجزيرة لنفقتها، ويطلب نصيبين لأخيه بدران ويحتج بما أخرج بسببها عام أول، وتردُّدت الرسل بينهما في ذلك، فلم يستقر حال فسير جيشاً لمحاصرة الجزيرة وجيشاً مع أخيه بدران إلى نصيبين، فحصرها بدران وأتاه قرواش، فحصرها معه فلم يُمْلَك واحِد من البلدين، وتفرق من كان معه من العرب والأكراد. فلما رأى بدران تفرق الناس عن أخيه سار إلى نصر الدولة بن مروان بميافارقين يطلب منه نصيبين، فسلمها إليه وأرسل من صداق ابنة قرواش خمسة عشر ألف دينار واصطلحا.

وفي هذه السنة في جمادى الأولى اختلف قرواش وغريب بن مقن؛ وكان سبب ذلك أن غريباً جمع جمعاً كثيراً من العرب والأكراد، واستمد جلال الدولة فأمده بجملة صالحة من العسكر، فسار إلى تكريت فحصرها وهي لأبي المسيب رافع بن الحسين، وكان قد توجه إلى الموصل وسأل قرواشاً النجدة، فجمعا وحشدا وسارا منحدرين فيمن معهما، فبلغا الدكة وغريب يحاصر تكريت، وقد ضيَّق على من بها وأهلها يطلبون منه الأمان فلم يؤمنهم، فحفظوا نفوسهم وقاتلوا أشد قتال. فلما بلغه وصول قرواش ورافع سار إليهم، فالتقوا بالدكة واقتتلوا، فغدر بغريب بعض من معه ونهبوا سواده وسواد الأجناد الجلالية، فانهزم وتبعهم قرواش ورافع، ثم كفوا عنه وعن أصحابه ولم يتعرضوا إلى حلته وماله فيها وحفظوا ذلك أجمع، ثم إنهم تراسلوا واصطلحوا وعادوا إلى ما كانوا عليه من الوفاق.

٢٣٦

سنة (٤٢٥): وفيها تُوفِّي بدران بن المقلَّد وقصد ولده عمه قرواشاً، فأقر عليه حاله وماله وولاية نصيبين، وكان بنو نُمير قد طمعوا فيها وحصروها، فسار إليهم ابن بدران فدفعهم عنها.

سنة (٤٣٣) يذكر الحلف بين جلال الدولة وقرواش صاحب الموصل.

سنة (٤٤٠) ذكر الحلف بين قرواش والأكراد الحميدية والهذبانية. وفيها كانت الوحشة بين معتمد الدولة قرواش بن المقلَّد وبين أخيه زعيم الدولة أبي كامل بن المقلَّد، فانضاف قريش بن بدران بن المقلَّد إلى عمّه قرواش وجمع جمعاً، وقاتل عمه أبا كامل، فظفر ونصر وانهزم أبو كامل ولم يزل قريش يغري قرواشاً بأخيه حتى تأكدت الوحشة وتفاقم الشر بينهما.

ظهور الخلاف بين قرواش وأخيه أبي كامل وصلحهما:

سنة (٤٤١): في هذه السنة ظهر الخلاف بين معتمد الدولة قرواش وبين أخيه زعيم الدولة أبي كامل ظهوراً آل إلى المحاربة، وقد تقدم سبب ذلك. فلما اشتد الأمر وفسد الحال فساداً لا يمكن إصلاحه جمع كل منهما جمعاً لمحاربة صاحبه، وسار قرواش في المحرم وعبر دجلة بنواحي بلد، وجاءه سليمان بن نصر الدولة بن مروان، وأبو الحسن بن عيسكان الحميدي وغيرهما من الأكراد، وساروا إلى معلثايا، فأخرجوا المدينة ونهبوها ونزلوا بالمُغيثة، وجاء أبو كامل فيمن معه من العرب وآل المسيب فنزلوا بمرج بابنيثا وبين الطائفتين نحو فرسخ واقتتلوا يوم السبت ثاني عشر المحرم، وافترقوا من غير ظفر، ثم اقتتلوا يوم الأحد كذلك ولم يلابس الحرب سليمان بن مروان بل كان ناحية، ووافقه أبو الحسن الحُميدي وساروا عن قرواش، وفارقه جمع من العرب وقصدوا أخاه، فضعف أمر قرواش وبقي في حلته وليس معه إلا نفر يسير فركبت العرب من أصحاب أبي كامل لقصده، فمنعهم وأسفر الصبح يوم الاثنين، وقد تسرع بعضهم ونهب بعضاً من عرب قرواش، وجاء أبو كامل إلى قرواش واجتمع به ونقله إلى حلته وأحسن عشرته، ثم أنفذه إلى الموصل محجوراً عليه وجعل معه بعض زوجاته في دار. وكان مما فت في عضد قرواش وأضعف نفسه أنه كان قد قبض على قوم من الصيادين بالأنبار؛ لسوء طريقهم وفسادهم فهرب الباقون

٢٣٧

منهم وبقي بعضهم بالسندية، فلما كان الآن سار جماعة منهم إلى الأنبار وتسلقوا السور ليلة خامس المحرم من هذه السنة، وقتلوا حارساً وفتحوا الباب ونادوا بشعار أبي كامل، فانضاف إليهم أهلوهم وأصدقاؤهم ومن له هوى في أبي كامل، فكثروا وثار بهم أصحاب قرواش، فاقتتلوا فظفروا وقتلوا من أصحاب معتمد الدولة قرواش جماعة وهرب الباقون. فبلغه خبر استيلاء أخيه، ولم يبلغه عود أصحابه. ثم إن المسيب وأمراء العرب كلفوا أبا كامل ما يعجز عنه واشتطوا عليه، فخاف أن يؤول الأمر بهم إلى طاعة قرواش وإعادته إلى مملكته، فبادرهم إليه وقبل يده، وقال له: إنني وإن كنت أخاك فإنني عبدك وما جرى هذا إلا بسبب من أفسد رأيك فيَّ وأشعرك الوحشة مني، والآن فأنت الأمير وأنا الطائع لأمرك والتابع لك. فقال له قرواش: بل أنت الأخ والأمر لك مسلّم، وأنت أقوم به مني، وصلح الحال بينهما وعاد قرواش إلى التصرف على حكم اختياره. وكان أبو كامل قد أقطع بلال بن غريب بن مقن حربى وأوانا، فلما اصطلح أبو كامل وقرواش أرسلا إلى حربى من منع بلالاً عنها، فتظاهر بلال بالخلاف عليهما وجمع إلى نفسه جمعاً، وقاتل أصحاب قرواش وأخذ حربى وأوانا بغير اختيارهما، فانحدر قرواش من الموصل إليهما وحصرهما وأخذهما.

وفي هذه السنة سار جمع من بني عقيل إلى بلد العجم من أعمال العراق وبادوريا، فنهبوها وأخذوا من الأموال الكثير وكانا في إقطاع البساسيري، فسار من بغداد بعد عوده من فارس إليهم، فالتقوا هم وزعيم الدولة أبو كامل بن المقلَّد، واقتتلوا قتالاً شديداً أبلى الفريقان فيه بلاء حسناً وصبرا صبراً جميلاً وقُتل جماعة من الفريقين.

في هذه السنة في ذي القعدة ملك البساسيري الأنبار ودخلها أصحابه، وكان سبب ملكها أن قرواشاً أساء السيرة في أهلها، ومد يده إلى أموالهم فسار جماعة من أهلها إلى البساسيري ببغداد، وسألوه أن ينفذ معهم عسكراً يسلمون إليه الأنبار. فأجابهم إلى ذلك وسيّر معهم جيشاً، فتسلموا الأنبار ولحقهم البساسيري، وأحسن إلى أهلها وعدل فيهم ولم يمكن أحداً من أصحابه أن يأخذ رطل الخبز بغير ثمنه. وأقام فيها إلى أن أصلح حالها وقرر قواعدها وعاد إلى بغداد.

سنة (٤٤٢) وفي هذه السنة في جمادى الأولى استولى زعيم الدولة

٢٣٨

أبو كامل بركة بن المقلَّد على أخيه قرواش، وحجر عليه ومنعه من التصرف على اختياره؛ وسبب ذلك أن قرواشاً كان قد أنف من تحكم أخيه في البلاد، وأنه قد صار لا حكم له فعمل على الانحدار إلى بغداد ومفارقة أخيه. وسار عن الموصل، فشق ذلك على بركة وعظم عنده، ثم أرسل إليه نفراً من أعيان أصحابه يشيرون عليه بالعود واجتماع الكلمة ويحذرونه من الفرقة والاختلاف، فلما بلّغوه ذلك امتنع عليهم، فقالوا: أنت ممنوع عن فعلك والرأي لك القبول والعود ما دامت الرغبة إليك، فعلم حينئذ أنه يُمنع قهراً، فأجاب إلى العود على شرط أن يسكن دار الإمارة بالموصل، وسار معهم. فلما قارب حلة أخيه زعيم الدولة لقيه وأنزله عنده، فهرب أصحابه وأهله خوفاً فأمّنهم زعيم الدولة، وحضر عنده وخدمه وأظهر له الخدمة وجعل عليه من يمنعه من التصرف على اختياره.

سنة (٤٤٣) وفي هذه السنة في شهر رمضان تُوفِّي زعيم الدولة أبو كامل بركة بن المقلَّد بتكريت، وكان انحدر إليها في حلله قاصداً نحو العراق لينازع النواب به عن الملك الرحيم وينهب البلاد. فلما بلغها انتقض عليه جرح كان أصابه من الغز لما ملكوا الموصل، فتُوفِّي ودفن بمشهد الخضر بتكريت. واجتمعت العرب من أصحابه على تأمير علم الدين أبي المعالي قريش بن بدران بن المقلَّد، فعاد بالحلل والعرب إلى الموصل وأرسل إلى عمه قرواش، وهو تحت الاعتقال يعلمه بوفاة زعيم الدولة وقيامه بالإمارة، وأنه يتصرف على اختياره ويقوم بالأمر نيابة عنه. فلما وصل قريش إلى الموصل جرى بينه وبين عمه قرواش منازعة ضعف فيها قرواش وقوي ابن أخيه ومالت العرب إليه، واستقرت الإمارة له وعاد عمه إلى ما كان عليه من الاعتقال الجميل والاقتصار به على قليل من الحاشية والنساء والنفقة، ثم نقله إلى قلعة الجراحية من أعمال الموصل فاعتُقل بها.

سنة (٤٤٤): في هذه السنة جرى حِلف بين علم الدين قريش بن بدران وبين أخيه المقلَّد، وكان قريش قد نقل عمه قرواشاً إلى قلعة الجراحية من أعمال الموصل وسجنه بها وارتحل يطلب العراق، فجرى بينه وبين أخيه المقلَّد منازعة أدت إلى الاختلاف، فسار المقلَّد إلى نور الدولة دُبيس بن مزيد ملتجئاً إليه فحمل أخاه الغيظ منه على أن نهب حلته وعاد

٢٣٩

إلى الموصل، واختلَّت أحواله واختلفت العرب عليه، وأخرج نواب الملك الرحيم ببغداد إلى ما كان بيد قريش من العراق بالجانب الشرقي من عُكبرا والعلث وغيرهما من قبض غلته، وسلم الجانب الغربي من أوانا ونهر بيطر إلى أبي الهندي بلال بن غريب. ثم إن قريشاً استمال العرب وأصلحهم، فأذعنوا له بعد وفاة عمه قرواش، فإنه تُوفِّي هذه الأيام، وانحدر إلى العراق؛ ليستعيد ما أخذ منه، فوصل إلى الصالحية وسير بعض أصحابه إلى ناحية الحظيرة وما والاها، فنهبوا ما هناك وعادوا فلقوا كامل بن محمد بن المسيّب صاحب الحظيرة، فأوقع بهم وقاتلهم فأرسلوا إلى قريش يعرفونه الحال، فسار إليهم في عدة كثيرة من العرب والأكراد، فانهزم كامل وتبعه قريش فلم يلحقه، فقصد حلل بلال بن غريب وهي خالية من الرجال، فنهبها وقاتله بلال وأبلى بلاء حسناً فجرح ثم انهزم، وراسل قريش نواب الملك الرحيم يطلب ببذل الطاعة ويطلب تقرير ما كان له عليه، فأجابوه إلى ذلك على كره؛ لقوته وضعفهم واشتغال الملك الرحيم بخوزستان عنهم، فاستقر أمره وقوي شأنه. وفي هذه الصفحة: وفي السنة نفسها مستهل رجب تُوفِّي معتمد الدولة أبو المنيع قرواش بن المقلَّد العُقيلي الذي كان صاحب الموصل محبوساً بقلعة الجراحية من أعمال الموصل، وحُمل ميتاً إلى الموصل، ودفن بتل توبة من مدينة نينوى شرقي الموصل. وكان من رجال العرب وذوي العقل منهم وله شعر حسن. وأورد له عن (دمية القصر) البيتين المنقولين عن تاريخ ابن خلدون وهذه الأبيات التي لم يوردها ابن خلدون:

مـن كان يحمد أو يذم موّرث لـلمال مـن آبـائه وجدوده

إنـي امـرؤ لـله أشكر وحده شـكراً كـثيراً جـالباً لمزيده

لـي أشقرٌ سمح العنان مغاور يعطيك ما يرضيك من مجهوده

ومـهند عـضب إذا جـردته خلت البروق تموج في تجريده

ومـثقف لـدنُ الـسنان كأنم أم الـمنايا رُكـبت في عوده

وبـذا حـويُت المال إلا أنني سـلّطت جود يدي على تبديده

وفي هذه السنة ورد سعدي بن أبي الشوك في جيش من عند السلطان طغرلبك إلى نواحي العراق، فدوَّخ كثيراً منها وأسرف في

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369