المهذب البارع في شرح المختصر النافع الجزء ٤

المهذب البارع في شرح المختصر النافع0%

المهذب البارع في شرح المختصر النافع مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 553

المهذب البارع في شرح المختصر النافع

مؤلف: العلامة جمال الدين ابي العباس احمد بن محمد بن فهد الحلي
تصنيف:

الصفحات: 553
المشاهدات: 102151
تحميل: 5476


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 553 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 102151 / تحميل: 5476
الحجم الحجم الحجم
المهذب البارع في شرح المختصر النافع

المهذب البارع في شرح المختصر النافع الجزء 4

مؤلف:
العربية

[والمفيد(١) ، بمعنى: انه لو قامت البينة لهما بالملك، سواء كانت العين في يدا حدهما، او ايديهما، او يد ثالث، ينظر إلى اقوى البينتين عدالة، ومع تساويهما ينظر إلى اكثرهما عددا، ويقضى لمن اختص بأحدهما. واكثر المتأخرين لم يذكروا هذين المرجحين الا في القسم الثالث، اعني خروج ايديهما، ولعل مرادهم ما ذكره القدماء.

وأما اليد: فهل يوجب الترجيح؟ قال في الخلاف: نعم(٢) ان اطلقتا، او اضافتا إلى سبب، وان اختصت احدهما بالتقييد، اختصت بالترجيح، وقال في النهاية: تقدم بينة الخارج مع اطلاقهما ومع انفراد الداخل بالسبب، يقدم، وسكت عن اشراكهما في السبب(٣) .

وفي كتابى الاخبار: قدم بينة الخارج مع اطلاقهما، والداخل مع اضافتهما(٤) (٥) ].

____________________

اعداد الشهود الخ.

(١)المقنعة: باب كيفية سماع القضاة البينات ص ١١٤ س ٢٢ قال: واذا تنازع نفسان في شئ إلى قوله: وان رجح بعضهم على بعض في العدالة حكم لاعدلهما شهودا، إلى قوله: وان كان لاحدهما شهود اكثر عددا حكم لاكثرهما شهودا الخ.

(٢)كتاب الخلاف: كتاب الدعاوي والبينات، مسألة ٢ قال: اذا أدعيا ملكا مطلقا ويد احدهما على العين كانت بينته اولى.

(٣)النهاية: باب سماع البينات وكيفية الحكم بها ص ٣٤٤ س ٥ قال: ومتى كان مع واحد منهما يد متصرفة إلى قوله: وان شهدت البينة لليد المتصرفة بسبب الملك من بيع او هبة او معاوضة كانت اولى من اليد الخارجة.

(٤)الاستبصار: ج ٣ كتاب القضايا والاحكام(٢٢) باب البينتين اذا تقابلتا ص ٤٢ ذيل حديث ١٣ س ١٥ قال: وان كان مع احدى البينتين يد متصرفة الخ.

(٥)التهذيب: ج ٦(٩٠) باب البينتين تتقابلان او يترجح بعضها على بعض، ص ٢٣٧ ذيل حديث ١٤.

٤٦١

[فقد ظهر للشيخ فيما حكيناه ثلاثة أقول:

(أ) تقديم الداخل مع اطلاقهما وتقييدهما، وهو قوله في الخلاف.

(ب) تقديم الخارج مع اطلاقهما والداخل مع تقييدهم، وهو قوله في كتابي الاخبار.

(ج) تقديم الخارج مع اطلاقهما، وتقديم المنفرد بالسبب منهما، وسكت عن اجتماعهما في السبب، وهو مضمون النهاية. وتقديم بينة الخارج مذهب الصدوقين(١) (٢) والمفيد(٣) .

والتحقيق: ان التعارض اذا وقع في العين، فاما ان تكون في ايديهما، او في يد احدهما، أو خارجة عنهما.

القسم الاول: ان تكون في ايديهما، فان اختصت البينة باحدهما قضي له، وان اقاما بينتين، نظر إلى أعدلهما، فاكثرهما ورجح به، فان تساويا فيهما قضي لكل منهما بما في يده، على القول بالقضاء لصاحب اليد كمذهب الخلاف، وبما في يد صاحبه، كمذهب النهاية وكتابي الاخباز.

وتظهر الفائدة في ضم اليمين ان حكمنا بتقديم بينة الداخل، لان الظاهر تساقط البينتين مع تعارضهما، ويقضى للداخل، لانه الاصل، فيتوجه اليمين عليه لدفع دعوى المدعي.

وان قلنا يقضى له بما في يد صاحبه، لا يتوجه على احدهما يمين، لان القضاء له]

____________________

(١)و(٢) المقنع: باب القضاء والاحكام ص ١٣٣ س ١٩ قال: واذا ادعى رجل على رجل عقارا او حيوانا او غيره إلى قوله: فالحكم فيه ان يخرج الشئ من يدي مالكه إلى المدعي، لان البينة عليه، إلى قوله: كذلك ذكره والديرحمه‌الله في رسالته الي.

(٣)المقنعة: باب كيفية سماع القضاة البينة ص ١١٣ س ٢٤ قال: وان كان الشئ في يد احدهما واستوى شهودهما في العدالة، حكم للخارج اليد منه ونزعت يد المتشبث به منه.

٤٦٢

[مستند إلى بينة، وهي ناهضة بثبوت الحق، فيستغني عن اليمين.

القسم الثاني: ان يكون في يد احدهما، وقد عرفت حكمه في اول الباب.

الثالث: ان يكون خارجة عنهما: فيقضى لمن انفرد بالبينة، ومع قيامهما يقضى بالاعدل والاكثر، ومع التساوي، بالقرعة فمن وقعت له حلف، فان نكل أحلف الآخر، نكل قسمت بينهما مطلقا، أي سواء اطلقتا او اضافتا قاله الشيخ في النهاية(١) وتبعه القاضي(٢) وفي المبسوط: يقضي بالقرعة وحكم بالعين لمن يخرجه مع يمينه اذا كانت الشهادة بالملك مطلقا، وان كانت مقيدا قسم بينهما نصفين من غير قرعة، فان اختص احدهما بالتقييد حكم له(٣) .

احتج من قدم بينة الداخل: بان جانب الداخل اقوى، ولهذا قدمت يمينه، فيكون بينته اقوى، فيقدم.

وبما رواه العامة عن جابر: ان رجلين اختصما إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في دابة او بعير، فاقام كل واحد منهما البينة انه انتجها، فقضى بها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لمن هي في يده(٤) .

وبما رواه الاصحاب، عن غياث بن ابراهيم عن الصادقعليه‌السلام : ان امير المؤمنينعليه‌السلام اختصم اليه رجلان في دابة، وكلاهما اقاما البينة انه]

____________________

(١)النهاية: باب سماع البينات وكيفية الحكم بها واحكام القرعة ص ٣٤٣ س ١٨ قال: فان كانت ايديهما خارجتين منه إلى قوله: فان امتنعا جميعا من اليمين كان الحق بينهما نصفين.

(٢)المهذب: ج ٢ كتاب الدعوى والبينات ص ٥٧٨ س ٤ قال: فان كان ايديهما خارجتين إلى قوله فان امتنعا من اليمين قسم بينهما نصفين.

(٣)المبسوط: ج ٨ كتاب الدعاوي والبينات ص ٢٥٨ س ٤ قال: وان كانت ايديهما خارجتين اقرع بينهما إلى قوله: ان كانت الشهادة بالملك مطلقا وان كان مقيدا قسم بينهما نصفين الخ.

(٤)عوالي اللئالي: ج ٣ س ٥٢٦ الحديث ٣١ ولاحظ ماعلق عليه نقلا عن سنن الدارقطني.

٤٦٣

[منحها، فقضي بها للذي هي في يده، وقال: لو لم يكن في يده جعلتها بينهما نصفين(١) .

فرع

على القول بتقديم بينة الداخل، هل يفتقر إلى اليمين؟ قال العلامة: نعم(٢) وفي المبسوط: لا(٣) .

والتحقيق: ان البينتين هل يتساقطان، ويرجع إلى الاصل وهو الحكم للداخل؟ او يقضي بالبينة التي حكمنا بترجيحها؟ فعلى التساقط تفتقر إلى اليمين، وعلى عدمه لا تحتاج اليها، لنهوض البينة بثبوت الحق.

واحتج القائل بتقديم بينة الخارج بأن الاصل كون البينة على المدعي، وهو الخارج، واليمين على المنكر، وهو الداخل، لقولهعليه‌السلام : البينة على المدعي وعلى الجاحد اليمين(٤) ، ولان بينة الخارج يتضمن النقل وبينة الداخل يتضمن التقرير، والبينة المتضمنة للنقل عن حكم الاصل اولى من المقررة.

ولما رواه محمد بن حفص، عن المنصور، عن الصادقعليه‌السلام قال: قلت له: رجل في يده شاة، فجاء رجل فادعاها واقام البينة العدول انها ولدت عنده، ولم]

____________________

(١)الكافي: ج ٧ كتاب القضاء والاحكام، باب الرجلان يدعيان فيقيم كل واحد منهما البينة ص ٤١٩ الحديث ٦.

(٢)المختلف: ج ٢ في تعارض البينات ص ١٤٢ س ٢٦ قال: والمعتمد ان نقول: إلى قوله: فان البينة بينة الداخل مع يمينه.

(٣)المبسوط: ج ٨ كتاب الدعاوي والبينات ص ٢٥٨ س ١٤ قال: فكل موضع سمعنا بينة الداخل إلى قوله: وقال آخرون: لا يستحلف، وهو الاقوى.

(٤)رواه في السرائر كتاب القضايا ص ١٩٤ س ٣٢.

٤٦٤

[يهب ولم يبع، وجاء الذي في يده بالبينة مثلهم عدول انها ولدت عنده ولم يبع ولم يهب، قال: قال ابوعبداللهعليه‌السلام : حقها للمدعي، ولا اقبل من الذي في يده بينة، لان الله تعالى انما امر ان تطلب البينة من المدعي، فان كانت له بينة والا فيمين الذي هو في يده، هكذا امر الله تعالى(١) .

قال العلامة: واحتج الشيخ على قوله في الخلاف: بما تقدم من الاخبار.

وبانهما تداعيا، واقاما بينة، فلا ترجيح، ويبقي اليد مختصة باحدهما، فترجح، وهو حسن، لكن حديث منصور يدل على خلافه ولولاه لصرت إلى قول الشيخ في الخلاف(٢) (٣) .

واما قديم الملك: فاذا اشتملت احدى البينتين على الشهادة بقديم الملك، والاخرى بحديثه، فالترجيح لجانب الاقدم عملا بالاستصحاب، وهو المشهور بين الاصحاب، لا اعلم فيه خلافا بين الطائفة.

ولابن ادريس قدس الله روحه هاهنا اضطراب عظيم، وعبارة منتشرة، ولنورد بعضها.

فان لم يكن ترجيح، وهي في يد ثالث فاقام احدهما بينة تقديم الملك، والآخر بحديثه، وكل منهما يدعي: انه ملكي الان، وبينة كل واحد منهما تشهد: بانه ملكه الان، غير ان احدى البينتين تشهد بالملكية الآن وتقديم الملك، والاخرى تشهد بالملكية الآن وبحديث الملك، سمعت بينة القديم، لان حديث الملك لا يملكه الا عن يد قديمة، فهو مدعي الملكية عنه، ولا خلاف انا لا نحكم بانه ملك عنه، لانه لو كان]

____________________

(١)الاستبصار: ج ٣ كتاب القضايا والاحكام(٢٢) باب البينتين اذا تقابلتا ص ٤٣ الحديث ١٤.

(٢)هكذا عبارة المختلف، ولكن في النسخ المخطوطة بعد كلمة (خلافه) هكذا (فلو خلا عن معارضة لكان هو المعتمد) والامر سهل.

(٣)المختلف: ج ٢، في تعارض البينات ص ١٤٣ س ٢ قال: واحتج الشيخ على قوله في الخلاف الخ.

٤٦٥

[ملك عنه لوجب ان يكون الرجوع عليه بالدرك، فاذا لم يحكم بانه عنه ملك، بقي الملك على صاحبه حتى يعلم زواله عنه، وكذلك يكون بينة السبب اولى في هذه المسألة اذا كانت العين في يد ثالث عند بعض أصحابنا، والاقوى عندي استعمال القرعة هاهنا، ولا يجعل لصاحب السبب ترجيح، لان الترجيح عندنا ماورد الا بكثرة الشهود، فان تساويا فالاعدل، ولا ترجيح بغير ذلك عند اصحابنا، والقياس والاستحسان والاجتهاد باطل عندنا، فلم يبق الا القرعة، إلى ان قال: ولو قلنا نرجح بالسبب اذا كانت في يد ثالث لكان قويا، وبه افتي لان فيه جمعا بين الاحاديث والروايات وعليه الاجماع، فان المحصلين من اصحابنا مجمعون عليه قائلون به، ولان السبب اولى من قديم الملك، وقد رجحنا بقديم الملك، إلى ان قال: والذي اعتمده واعتقده واعمل عليه بعد هذه التفاصيل جميعها، الا نرجح الا بالعدد، وبالتفاضل في عدالة البينتين فحسب، دون الاسباب وقديم الاملاك، لان القياس عندنا باطل، وانما فصلنا مافصلناه على وضع شيخنا في مسائل خلافه، وهي من فروع المخالفين ومذاهبهم فحكاها واختارها دون ان يكون مذهبا لنا او لبعض مشيختنا، ولا وردت به اخبارنا ولم يذهب اليه احد من اصحابنا سوى شيخنا أبي جعفر في كتابيه الفروع، مبسوطه ومسائل خلافه، وعادته في هذين الكتابين وضع اقوال المخالفين واختبار بعضها، فليلحظ(١) .

فقد ظهر من قوله هذا - بعد ماترى فيه من الاضطراب الذي لا تحتاج إلى التنبيه عليه - مخالفة المشهور في ثلاثة امور:

(أ) اعتبار التفاضل في العدد قبل اعتبار التفاضل في العدالة.

(ب) عدم الترجيح بقدم الملك].

____________________

(١)السرائر: كتاب القضايا، في سماع البينات وكيفية الحكم بها، ص ١٩٥ س ٣ فلاحظ.

٤٦٦

(ج) عدم الترجيح بالسبب، وهو نادر.

تحقيق: قد عرفت ان اسباب الترجيح خمسة: فان انفرد واحد منهما بواحد منها وعرى الآخر منها حكم له، فان اشتركا في الترجيح، فان تكافيا، اقرع، وان تفاوتا فذو السببين اولى من ذي السبب، وذو الثلاثة اولى من صاحب الاثنين. ولو اختص احدهما بسبب، والآخر بمخالف، كما لو كان لاحدهما سبب، وللآخر قديم ملك، او يدان رجحنا بها، وللآخر سبب، او تقديم، فنقول: اما السببان الاولان من اسباب الترجيح، وهما قوة العدالة وكثرة العدد، فلا ريب في تقديم من انفرد بهما.

وان اجتمعا مع مرجوح كاليد ان رجحنا الخارج.

واما الثلاثة الاخرى: فاقواها القديم، فيقدم على السبب وان لم يتكرر كالنتاج، وهو ظاهر التحرير(١) ثم السبب، وقال ابن ادريس: يقدم الخارج وان اطلق، على ذي اليد، وان سبب(٢) .

وتوضيح البحث يقع في فصلين:

(الاول) تشبثا او احدهما، ومسائله عشرة.

(أ) تشبثا ولكل بينة، قضي لكل بالنصف، لكن هل هو الذي في يده، او في يد غريمه؟ مر البحث فيه وما يترتب عليه.

(ب) تشبث أحدهما ولكل بينة بالملك المطلق، قضى للخارج على مذهب]

____________________

(١)التحرير: ج ٢ في تصادم الدعاوي ص ١٩٥ س ١٠ قال: ولو شهدت بالملك المطلق للخارج او بالسبب لذي اليد، حكم لذي اليد سواء كان السبب مما يتكرر او لا يتكرر كالنتاج.

(٢)السرائر: في سماع البينات وكيفية الحكم بها ص ١٩٤ س ٣٤ قال: اذا تنازعنا عينا إلى قوله: انتزعت العين من يد الداخل واعطيت الخارج الخ.

٤٦٧

[النهاية(١) والخلاف(٢) في البيوع، وللداخل على مذهب الخلاف في الدعاوي(٣) .

(ج) تشبث احدهما وله بينة وتقديم ملك، او سبب، وللاخر بينة بالملك المطلق رجح الداخل والخارج بالعكس فيهما، وهو اربع مسائل.

(د) تشبث احدهما وللآخر بينة بقديم الملك، أو باليد، اختلف قولا الشيخ في كتابيه، فرجح في موضع منهما القديم(٤) ، وفي الآخر منهما اليد(٥) .

(ه‍) تشبثا، او احدهما، او خرجا، ولاحدهما بينة بالقديم، وللآخر بينة بالسبب، رجح القديم، وابن ادريس رجح الخارج(٦) وان اطلق على الداخل. وان قيد بسبب القدم.

(و) انفراد احدهما بالبينة، قضى له، متشبثين، او احدهما، او خارجين قولا واحدا].

____________________

(١)النهاية: باب سماع البينات وكيفية الحكم بها ص ٣٤٤ س ٥ قال: ومتى كان مع واحد منهما يد متعرفة إلى قوله انترع الحق من اليد المتصرفة واعطى اليد الخارجة.

(٢)كتاب الخلاف: كتاب البيوع مسألة ١٧ قال: اذا ادعى عمرو عبدا في يد زيد واقام البينة إلى قوله: فالبينة بينة الخارج وهو عمرو.

(٣)كتاب الخلاف: كتاب الدعاوي والبينات مسألة ٢ قال: اذا ادعيا ملكا مطلقا ويد احدهما على العين كانت بينة اولى.

(٤)المبسوط: ج ٨ تعارض البينتين ص ٢٦٩ س ١٠ س ٩ قال: واقام كل واحد منهما بينة، فانا نقضى لصاحب اليد بالدار.

(٥)كتاب الخلاف: كتاب الدعاوي والبينات، مسألة ١٥ قال: وان كانت في يد حديث الملك فصاحب اليد اولى.

(٦)السرائر: في سماع البينات وكيفية الحكم بها ص ١٩٤ س ٣٤ قال: اذا تنازعا عينا وهي في يد احدهما إلى قوله: انتزعت العين من يد الداخل واعطيت الخارج، سواء شهدت بينة الداخل بالملك بالاطلاق او بالاسباب، او بقديمه او بحديثه الخ.

٤٦٨

الفصل الثاني: خرجا عن العين، فيقضي في الظاهر لمن هي في يده وان لم يقم احدهما بينة. ففيه أربع مسائل: (الاول) دفعهما فهي له، ولكل احلافه.

(الثاني) وان صدق احدهما قضي للمصدق، وللآخر تحليفهما.

(الثالث) وان صدقهما فهو كما لو كانت في ايديهما، ولكل احلافه أيضا.

(الرابع) وان قال: لا ادري اختصما وكانا خارجين ولهما احلافه.

وان قاما بينتين وصدق احدهما فهو لغو، وهل يكون التصديق كاليد لمن صدقه حتى يرجح بها؟ ان قلنا بترجيح ذي اليد، الاقرب لا، لان هذه اليد مستحقة للازالة بالبينتين.

ثم البينتان: ان شهدت بينة كل واحد له بالملك المطلق، فان أطلقتا التاريخ، او قيدتا، او اطلقت واحدة وقيدت الاخرى تحقق التعارض، وان تقدم تاريخ احداهما حكم للسابقة.

واعلم ان الشهادة باليد، اولى من الشهادة بالسماع، وبالملك اولى من اليد، وبسبب الملك اولى من الملك المطلق، وبالقديم اولى من الحادث.

ومع تحقق التعارض يتشعب البحث إلى تسع مسائل:(١) قامت بيناتهما بالملك مطلقا، والقضاء بالقرعة، وكذا لو قامت البينتان باليد.

(ب) قامت بيناتهما بالسبب، والاظهر مساواة الاولين، وقال في المبسوط: يقسم بلا قرعة(١) ].

____________________

(١)المبسوط: ج ٨ كتاب الدعاوي والبينات ص ٢٥٨ س ٥ قال: وان كان مقيدا قسم بينهما نصفين.

٤٦٩

[(ج) قامت بينة واحد باليد والآخر بالملك مطلقا، او قامت بينة واحد بالملك المطلق، وبينة الآخر بالسبب، فالثاني في المسألتين ارجح.

(د) قامت بيناتهما باليد او الملك المطلق، أو احدهما اقدم، أو اشتركتا في السبب واختلفتا في التاريخ، او اختصت احداهما بالسبب والمطلقة اقدم تاريخا، فالترجيح لجانب الاقدم في المسائل الاربع.

كتاب الشهادات والنظر في أمور أربعة: النظر الاول: في صفات الشاهد

وهي ستة:

مقدمة

الشهادة لغة الحضور، يقال: شهد فلان موضع كذا، اي حضره، وشهدت الواقعة، اي حضرتها.

واصطلاحا: اخبار عن علم المخبر بثبوت أمر او نفيه، يلزم غيره لغيره، لاثباته عند الحاكم.

فقولنا: (يلزم غيره) احتراز عما يلزم نفسه، فانه اقرار، وقولنا: (لغيره) احتراز عما لو كان اللزوم له، فانه يكون دعوى، وقولنا: (بثبوت امر) لكونه اعم من المال او الحق، كالقصاص، والقذف، والشفعة، والولاية وغير ذلك، وقولنا: (او نفيه) لان الشهادة كما تكون بالاثباب، تكون بالاسقاط، وقولنا: (لاثباته عند الحاكم) لانها حالة جزم لا تسامح بها.

٤٧٠

[ولو عوض ذلك: (هي اخبار عن علم المخبر بثبوت أمر أو نفيه يلزم غيره لغيره قصدا للاثبات لا على جهة الدعوى) لكان احسن، ليدخل فيه الشهادة للشهادة، واحترزنا بقولنا: (لا على جهة الدعوى) عن الوكيل فانه يخبر: بلزوم حق على المدعى عليه لموكله، لكه على جهة الدعوى.

والاصل فيه: الكتاب، والسنة، والاجماع.

أما الكتاب فقوله تعالى: " واشهدوا اذا تبايعتم "(١) " واقيموا الشهادة لله "(٢) " واستشهدوا شهيدين من رجالكم فان لم يكونا رجلين فرجل وامراتان ممن ترضون من الشهداء "(٣) .

وتوعد على كتمانها: فقال: " ولا يأب الشهداء اذا ما دعوا "(٤) " ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فانه اثم قلبه "(٥) ، " ومن اظلم ممن كتم شهادة عنده من الله "(٦) . ولولا انها حجة لما أمر بها، ولا تواعد على كتمانها.

ومثل هذا قولهعليه‌السلام : من سئل عن علم فكتمه الجمه الله يوم القيامة بلجام من نار(٧) .

وأما السنة: فمثل ماروى ابن عباس ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله سئل عن الشهادة؟ فقال: ترى الشمس؟ على مثلها فاشهد او دع(٨) .

وقضى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بالشهادة(٩) وكذلك عليعليه‌السلام ]

____________________

(١)البقرة: ٢٨٢.

(٢)الطلاق: ٢.

(٣)البقرة: ٢٨٢.

(٤)البقرة: ٢٨٢.

(٥)البقرة: ٢٨٣.

(٦)البقرة: ١٤٠.

(٧)مسند احمد بن حنبل: ج ٢ ص ٣٥٣ س ١٩.

(٨)عوالي اللئالي: ج ٣ ص ٥٢٨ الحديث ١ ولاحظ ما علق عليه لاحظ.

(٩)عوالي اللئالي: ج ٣ ص ٥٢٨ الحديث ٢ ولاحظ ما علق عليه، والتهذيب: ج ٦(٩١) باب البينات، ففيه احاديث كثيرة في هذا المعنى.

٤٧١

(الاول) البلوغ: فلا تقبل شهادة الصبي مالم يصر مكلفا، وقيل: تقبل اذا بلغ عشرا، وهو شاذ.

[بعده(١) وبعده الخلفاء.

وأما الاجماع: فمن سائر المسلمين لا يختلفون في ذلك.

قال طاب ثراه: الاول: البلوغ، فلا تقبل شهادة الصبي مالم يصر مكلفا، وقيل: تقبل اذا بلغ عشرا وهو شاذ.

أقول: اذا ميز الصبي وله دون العشر لا تقبل شهادته في غير الجراح والقصاص اجماعا.

وهل يقبل في غير ذلك؟ معظم الاصحاب على المنع، وهو ظاهر النهاية(٢) وقال في الخلاف يقبل(٣) وبه قال ابوعلي(٤) .

وان بلغ العشر، فهل يقبل مطلقا؟ الجمهور من الاصحاب: لا، لوجوه: (الاول) قولهعليه‌السلام : رفع القلم عن الصبي حتى يبلغ، وعن المجنون حتى يفيق، وعن النائم حتى ينتبه(٥) وفي رفع القلم عنه دلالة على ان لا عبرة بافعاله واقواله.

(الثاني) علمه بعدم المؤاخذة له، يرفع الوثوق بقوله، فلا يحصل الظن بصدقه،]

____________________

(١)التهذيب: ج ٦(٩١) باب البينات ص ٢٦١ الحديث ٩٧.

(٢)النهاية: باب شهادة العبيد والاماء والمكاتبين والصبيان ص ٣٣١ س ١٨ قال: ويجوز شهادة الصبيان اذا بلغوا عشر سنين، إلى قوله ولا تقبل شهادتهم فيما عدى ذلك من الديون والحقوق والحدود.

(٣)كتاب الخلاف: كتاب الشهادات، مسألة ٢٠ قال: تقبل شهادة الصبيان بعضهم على بعض في الجراح مالم يتفرقوا الخ.

(٤)الايضاح: ج ٤ في الشهادات ص ٤١٧ س ١٨ قال: وقال في الخلاف: يقبل، وهو اختيار ابن الجنيد.

(٥)عوالي اللئالي: ج ٣ ص ٥٢٨ الحديث ٣ ولاحظ ماعلق عليه.

٤٧٢

واختلف عبارة الاصحاب في قبول شهادتهم في الجنايات، ومحصلها: القبول في الجراح مع بلوغ العشر مالم يختلفوا، ويؤخذ باول قولهم.

وشرط الشيخ في الخلاف: الا يتفرقوا.

[لعدم المانع له حينئذ عن الكذب.

(الثالث) ان قوله على نفسه لا تقبل بالاقرار، فلا تقبل على غيره بالشهادة، لكونه اكثر شروطا، ولعدم التهمة في الاقرار وتجويزها في الشهادة، فهو من باب التنبيه بالادنى على الاعلى.

وقيل: يقبل مطلقا في كل شئ من غير استثناء، نقله المصنف(١) والعلامة(٢) وحكاه صاحب كشف الرموز عن الشيخ في النهاية(٣) .

والتعويل فيه على رواية رواها محمد بن يعقوب في كتابه: اذا بلغ الغلام عشر سنين جاز أمره وجازت شهادته(٤) .

قال طاب ثراه: واختلفت عبارة الاصحاب في قبول شهادتهم في الجنايات، ومحصلها: القبول في الجراح مع بلوغ العشر، مالم يختلفوا، ويؤخذ باول قولهم، وشرط الشيخ في الخلاف: الا يتفرقوا.

أقول: نسب الخلاف إلى العبارة(٥) لاتفاقهم على القبول في الجملة.

فذهب المفيد إلى قبولها في الجراح والقصاص(٦) ومثله قال الشيخ في]

____________________

(١)لاحظ عبارة النافع.

(٢)القواعد: ج ٢، المقصد التاسع في الشهادات ص ٢٣٥ س ٢٥ قال: وقيل: تقبل مطلقا اذا بلغ عشر سنين.

(٣)كشف الرموز: ج ٢، كتاب الشهادات ص ٥١٤ س ٩ قال: وافتى عليها في النهاية.

(٤)الكافي: ج ٧ باب شهادة الصبيان ص ٣٨٨ الحديث ١.

(٥)اي في قوله: (واختلف عبارة الاصحاب).

(٦)المقنعة: باب البينات ص ١١٢ س ٣٦ قال: وتقبل شهادة الصبيان في الشجاح والجراح اذا كانوا يعقلون ما يشهدون به الخ.

٤٧٣

[النهاية(١) .

وروى جميل بن دراج عن أبي عبداللهعليه‌السلام : تقبل شهادتهم في القتل، ويؤخذ باول كلامهم(٢) وهو اختيار ابن ادريس(٣) وذهب في الخلاف إلى انه تقبل في الجراح مالم يتفرقوا، اذا اجتمعوا على مباح(٤) قال المصنف في الشرائع: والاولى القبول بالشروط الثلاثة: بلوغ العشر، وبقاء الاجتماع، اذا كان على مباح(٥) وهو اختيار العلامة(٦) . فقد تلخص من عبارة المصنف اعتبار أربع قيود:

(أ) بلوغ العشر، وادعى صاحب كشف الرموز عليه الاجماع(٧) ودعوى الاجماع فيه ممنوع، وقد بينا الخلاف فيه فيما تقدم.

(ب) الاجتماع لمباح].

____________________

(١)النهاية: باب شهادة العبيد والاماء والمكاتبين والصبيان ص ٣٣١ س ١٨ قال: ويجوز شهادة الصبيان إلى قوله في الشجاج والقصاص.

(٢)عوالى اللئالي: ج ٣ ص ٥٢٩ الحديث ٥ ولاحظ ما علق عليه.

(٣)السرائر: باب شهادة والصبيان واحكامهم ص ١٨٧ س ٦ قال: ويجوز شهادة الصبيان إلى قوله: الشجاج والقصاص ويؤخذ باول كلامهم.

(٤)كتاب الخلاف: كتاب الشهادات مسألة ٢٠ قال: تقبل شهادة الصبيان في الجراح مالم يتفرقوا اذا اجتمعوا على امر مباح كالرمي وغيره.

(٥)الشرائع: كتاب الشهادات، في صفات الشهود، قال: فالاولى الاقتصار على القبول في الجراح بالشروط الثلاثة الخ.

(٦)القواعد: ج ٢ ص ٢٣٦ الشهادات س ١ قال: وتقبل شهادتهم في الجراح بشروط ثلاثة الخ.

(٧)كشف الرموز: ج ٢ كتاب الشهادات ص ٥١٥ س ١٦ قال: والقدر المجمع عليه القبول في الجراح مع بلوغ العشر الخ.

٤٧٤

(الثاني) كمال العقل: فالمجنون لا تقبل شهدته. ومن يناله الجنون ادوارا، تقبل في حال الوثوق باستكمال فطنته.

(الثالث) الايمان: فلا تقبل شهادة غير المؤمن. وتقبل شهادة الذمي في الوصية خاصة مع عدم المسلم، وفي اعتبار الغربة تردد. وتقبل شهادة المؤمن على اهل الملل، ولا تقبل شهادة احدهم على المسلم، ولا غيره. وهل تقبل على اهل ملته؟ فيه رواية بالجواز ضعيفة، والاشبه المنع.

[(ج) ان لا يفترقوا، حذرا ان يلقنوا.

(د) كون الحكم في الشجاج والجراح دون النفس.

واختار فخر المحققين عدم القبول مطلقا، لقوله تعالى: " واستشهدوا شهيدين من رجالكم "(١) (٢) وهو نادر، والاقرب القبول بالشروط المذكورة.

تنبيه

على القول بانه يؤخذ باول كلامه، لا بثانيه لو ناقض الاول الثاني عمل بالاول، ومع عدم اشتراط هذا القيد ينبغي القول ببطلان الشهادة، لان التناقض فيها يوجب ابطالها، ولا نفتقر في حقه من الشروط سوى الصغر، للنص عليه، فيبقى الباقي من الشروط على اصالة اعتباره.

قال طاب ثراه: وتقبل شهادة الذمي في الوصية خاصة، وفي اعتبار الغربة تردد.

أقول: اجمع الاصحاب على منع شهادة الذمي على المسلم في غير الوصية، ومنع]

____________________

(١)البقرة: ٢٨٢.

(٢)الايضاح: ج ٤ في الشهادات ص ٤١٧ س ٢١ قال: والاصح انه لا تقبل شهادته مطلقا.

٤٧٥

[شهادة غير المؤمن مطلقا.

والتحقيق: ان شهادة الذمي اما ان يكون على مسلم، او ذمي، فهنا مسألتان: (الاولى) شهادته على المسلم، وهي مقبولة اذا جمع خمس شرائط:

(أ) تعذر عدول المسلمين.

(ب) كونه عدلا في ملته.

(ج) اعتقاده تحريم الكذب في الشهادة على مثله، او مسلم.

(د) كون الشهادة بالوصية.

(ه‍) كون الوصية بالمال.

وهل يشترط سادس، وهو كون الموصي في غربة؟ قال في المبسوط: نعم(١) وبه قال التقي(٢) وابوعلي(٣) واطلق في النهاية(٤) وكذا المفيد(٥) والحسن(٦) وسلار(٧) ]

____________________

(١)البسوط: ج ٨، فيما يجب على المؤمن من القيام بالشهادة ص ١٨٧ س ١٦ قال: الا بما يتفرد به اصحابنا في الوصية خاصة في حال السفر.

(٢)الكافي: فصل في الشهادات ص ٤٣٦ س ٧ قال: الا عدول اهل الذمة في الوصية في السفر خاصة.

(٣)المختلف: ج ٢ في الشهادات ص ١٧٠ س ٦ قال: وقال ابن الجنيد: إلى قوله: الا في الوصية في السفر وعند عدم المسلمين.

(٤)النهاية: باب شهادة من خالف الاسلام ص ٣٣٤ س ٣ قال: ويجوز قبول شهادتهم في حال الضرورة في الوصية خاصة.

(٥)المقنعة: باب البينات ص ١١٢ س ٣٤ قال: وتقبل شهادة رجلين من اهل الذمة على الوصية خاصة اذا لم يكن حضر الميت احد من المسلمين.

(٦)المختلف: ج ٢ في الشهادات ص ١٦٩ س ٣٣ قال بعد نقل قول المقنعة: وكذا ابن أبي عقيل.

(٧)المراسم: ذكر احكام البينات ص ٢٣٣ س ١٨ قال: وانما مع عدمهم (اي المسلمين) تجوز في الوصية للمسلمين لا عليهم.

٤٧٦

[ابن ادريس(١) والقاضي(٢) واختاره المصنف(٣) والعلامة(٤) .

احتج الاولون: بقوله تعالى: " او اخران من غيركم ان انتم ضربتم في الارض "(٥) شرط في القبول الضرب في الارض، وهو السفر.

ولصحيحة حمزة بن حمران عن الصادقعليه‌السلام قال سألته عن قول الله عزوجل: " ذوا عدل منكم او اخران من غيركم "(٦) فقال: (اللذان منكم) مسلمان، و (اللذان من غيركم) من اهل الكتاب قال: وانما ذلك اذا مات الرجل المسلم في ارض غربة، فطلب رجلين مسلمين يشهدهما على وصية، فلم يجد مسلمين، اشهد فلى وصية رجلين ذميين من اهل الكتاب مرضيين عند اصحابهم(٧) .

وفي معناها حسنة هشام بن الحكم(٨) .

احتج الآخرون: بان المناط في القبول اما هو تحصيل غرض الموصي وبلوغ حاجته، لعدم استدراكها بفوات المسلمين، فلا أثر للضرب في القبول وعدمه.

وبرواية ضريس الكناسي عن الباقرعليه‌السلام قال: سألته عن شهادة اهل]

____________________

(١)السرائر: باب شهادة من خالف الاسلام ص ١٨٧ س ٣٠ قال: لا يجوز إلى قوله: الا في الوصية بالمال في حال الاضطرار خاصة.

(٢)المهذب: ج ٢ كتاب الشهادة ص ٥٥٧ س ١٣ قال: فان كانت حال ضرورة قبلت شهادتهم في الوصية دون غيرها.

(٣)لاحظ عبارة النافع.

(٤)المختلف: ج ٢ في الشهادات ص ١٦٩ س ٣٠ قال: مسألة، تجوز شهادة اهل الذمة على المسلمين في الوصية خاصة عند عدم المسلمين.

(٥)المائدة: ١٠٦.

(٦)المائدة: ١٠٦.

(٧)التهذيب: ج ٦(٩١) باب البينات ص ٢٥٣ الحديث ٦٠.

(٨)الكافي: ج ٧ باب شهادة اهل الملل ص ٣٩٨ الحديث ٦.

٤٧٧

[ملة، هل يجوز على رجل من غير اهل ملتهم؟ فقال: لا، الا ان لا يوجد في تلك الحال غيرهم، فان لم يوجد غيرهم جازت شهادتهم في الوصية، لانه لا يصلح ذهاب حق امرء مسلم(١) .

واجابوا عن حجة الاولين: بان التقييد في الآية والاخبار خرج مخرج الاغلب، لا انه شرط.

تنبيه

هذا القدر من البحث والشروط، هو الذي ذكره الاصحاب في هذا الباب، ولم يزيدوا عليه.

وقال العلامة: الاقرب احلاف الشاهدين من اهل الذمة بعد العصر: انهما ماخانا، ولا كتما، ولا اشتريا به ثمنا قليلا، ولو كان ذا قربى، ولا نكتم شهادة الله انا اذا لمن الاثمين، على ما تضمنته الآية، قال: ولم اقف فيه لعلمائنا على قول(٢) .

(الثانية) شهادة الذمي على غير المسلم، فتقبل في كل ماتقبل فيه على المسلمين، وهل تقبل في غير ذلك؟ ثلاثة أقوال:

(أ) القبول مطلقا، اي سواء اتفقت ملتا الشاهد والمشهود عليه، او اختلفت، بشرط عدالته في ملته وهو قول أبي علي(٣) ].

____________________

(١)الكافي: ج ٧ باب شهادة اهل الملل ص ٣٩٩ الحديث ٧.

(٢)التحرير: ج ٢ كتاب الشهادات ص ٢٠٨ س ٦ قال: (د) الاقرب احلاف الشاهدين إلى قوله: ولم اقف فيه لعلمائنا على قول.

(٣)المختلف: ج ٢ في الشهادات ص ١٧٠ س ٦ قال: وقال ابن الجنيد: إلى قوله: وشهادة اهل العدالة في دينهم جائزة من بعضهم على بعض وان اختلفت الملتان.

٤٧٨

[(ب) عدمه مطلقا وهو ظاهر المفيد(١) والحسن(٢) وقواه القاضي(٣) واختاره المصنف(٤) والعلامة(٥) .

(ج) القبول بشرط اتفاق الملتين، وهو قول الشيخ في النهاية(٦) .

وقال في الخلاف: بالقبول اذا ترافعوا الينا وعدلوا الشهود ولا يلزمهم ذلك لو لم يختاروا(٧) واختاره العلامة في المختلف(٨) .

احتج المجوزون مطلقا: بان الكفر كالملة الواحدة، فلا تفاوت فيه. واحتج للقائل باشتراط العدالة في الشاهد، وعدم تحققها في الكافر، خرج منه الوصية للنص والضرورة، فيبقى البافي على اصله.

وبرواية ضريس وقد تقدمت(٩) ].

____________________

(١)المقنعة: باب البينات ص ١١٢ س ٣٤ قال: وتقبل شهادة رجلين من اهل الذمة على الوصية خاصة.

(٢)المختلف: ج ٢ في الشهادات ص ١٦٩ س ٣٣ قال بعد نقل قول المقنعة: وكذا ابن أبي عقيل.

(٣)المهذب: ج ٢ كتاب الشهاده ص ٥٥٧ س ١٤ قال: ولا يجوز شهادة اهل الملل المختلفة بعضها على بعض، بل يقبل شهادة اهل الملة الواحدة بعضهم على بعض الخ ولا يخفى انه غير واف بمقصود المصنف.

(٤)لاحظ عبارة النافع.

(٥)القواعد: ج ٢ في الشهادات ص ٢٣٦ س ٦ قال: ولا تقبل شهادة الكافر، لا على مسلم ولا على مثله على رأي الا الذمي في الوصية.

(٦)النهاية: باب شهادة من خالف الاسلام ص ٣٣٤ س ٦ قال: ولا تقبل شهادة اهل ملة منهم لغير اهل ماتهم ولا عليهم.

(٧)الخلاف: كتاب الشهادات، مسألة ٢٢ قال: ان كانت الملة واحدة قبلت إلى قوله: اذا اختاروا الترافع الينا الخ.

(٨)المختلف: ج ٢ في الشهادات ص ١٧٠ س ١٤ قال: كما اختاره الشيخ في الخلاف، وهو انه اذا ترافعوا الينا الخ.

(٩)الكافي: ج ٧ باب شهادة اهل الملل ص ٣٩٩ الحديث ٧.

٤٧٩

(الرابع) العدالة: ولا ريب في زوالها بالكبائر، وكذا في الصغائر مصرا، واما الندرة من اللمم فلا، ولا يقدح اتخاذ الحمام للانس، وانفاذ الكتب، اما الرهان عليها فقادح، لانه قمار. واللعب بالشطرنج ترد به الشهارة، وكذا الغناء وسماعه، والعمل بآلات اللهو وسماعها، والدف الا في الاملاك والختان، ولبس الحرير للرجل الا في الحرب، والتختم بالذهب، والتحلي به للرجال. ولا تقبل شهادة القاذف، وتقبل لو تاب، وحد توبته ان يكذب نفسه، وفيه قول آخر متكلف.

[واحتج الشيخ على قول النهاية برواية سماعة عن الصادقعليه‌السلام قال: سألته عن شهادة اهل الملة؟ قال: فقال: لا تجوز الا على أهل ملتهم، فان لم تجد غيرهم جازت شهادتهم على الوصية، لانه لا يصلح ذهاب حق احد(١) .

واجيب بمنع السند(٢) .

قال طاب ثراه: ولا تقبل شهادة القاذف، وتقبل لو تاب، وحد توبته ان يكذب نفسه، وفيه قول آخر متكلف.

أقول: للاصحاب في كيفية التوبة أربعة أقوال:

(أ) قال في النهاية: وحقيقة توبته اكذاب نفسه فيما كان قذف به(٣) وقال في]

____________________

(١)الكافي: ج ٧ باب شهادة اهل الملل ص ٣٩٨ الحديث ٢.

(٢)سند الحديث كما في الكافي (علي بن ابراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن زرعة، عن سماعة) والجواب عن الايضاح، لاحظ ج ٤ ص ٤١٩ س ١٦.

(٣)النهاية: باب تعديل الشهود ومن تقبل شهادته ومن لا تقبل، ص ٣٢٦ س ٩ قال: وحد توبته من القذف ان يكذب نفسه.

٤٨٠