المهذب البارع في شرح المختصر النافع الجزء ٥

المهذب البارع في شرح المختصر النافع0%

المهذب البارع في شرح المختصر النافع مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 430

المهذب البارع في شرح المختصر النافع

مؤلف: العلامة جمال الدين ابي العباس احمد بن محمد بن فهد الحلي
تصنيف:

الصفحات: 430
المشاهدات: 46012
تحميل: 5735


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 430 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 46012 / تحميل: 5735
الحجم الحجم الحجم
المهذب البارع في شرح المختصر النافع

المهذب البارع في شرح المختصر النافع الجزء 5

مؤلف:
العربية

[القول: في كيفية الاستيفاء. قتل العمد يوجب القصاص، ولا تثبت الدية فيه الاصلحا. ولا تخير للولي. ولا يقضى بالقصاص مالم يتيقن التلف بالجناية. وللولي الواحد المبادرة بالقصاص، وقيل: يتوقف على اذن الحاكم.] الشيخ في الخلاف(١) والعلامة في المختلف(٢) وقال في المبسوط: اذا كان المدعى عليهم اكثر من واحد حلف كل واحد خمسين(٣) واختاره العلامة في القواعد(٤) .

احتج الاولون: باصالة براء‌ة الذمة، ولانها جناية واحدة قرر الشارع عليها خمسين يمينا فتقسط على المدعى عليهم كما تقسط على المدعي. احتج الاخرون: بان كل واحد ينفي عن نفسه ما ينفيه الواحد اذا انفرد، وهو القود، اذ كل واحد يتوجه عليه دعوى بانفراده.

القول في كيفية الاستيفاء

قال طاب ثراه: وللولي الواحد المبادرة بالقصاص، وقيل: يتوقف على اذن الحاكم.

أقول: التوقف احد قولي الشيخ في المبسوط(٥) لانها مسألة اجتهادية مبنية على

____________________

(١)كتاب الخلاف: كتاب القسامة مسألة ١٣ قال: وان كان المدعون جماعة فعليهم خمسون يمينا، ولا يلزم كل واحد خمسون يمينا.

(٢)المختلف: ج ٢ في اللواحق ص ٢٧٣ س ٢٥ قال بعد نقل قول الشيخ في الخلاف: والوجه ما قاله في الخلاف.

(٣)المبسوط: ج ٧ كتاب القسامة ص ٢٢٢ س ١٧ قال: والاقوى في المدعى عليه ان يحلف كل واحد خمسين يمينا.

(٤)القواعد: ج ٢ في كيفية القسامة ص ٢٩٧ س ٧ قال: ولو كان المدعى عليهم اكثر من واحد، فالاقرب ان على كل واحد خمسين يمينا.

(٥)المبسوط: ج ٧ كتاب الجراح، فيما اذا كان وليان فبادر احدهما فقتل القاتل ص ٦٩ س ١٧ قال بعد نقل مسائل ثلاث: هذه الثلاث مسائل على قولين اذا قتله قبل حكم الحاكم الخ.

[*]

٢٢١

[ولو كانوا جماعة توقف على الاجتماع. قال الشيخ: ولو بادر احد هم جاز وضمن الدية عن حصص الباقين.] الاحتياط، فتكون منوطة بنظر الحاكم، واختاره العلامة في القواعد(١) وقال في الخلاف: يتوقف على اذن الحاكم، فان خالف لم يعزر(٢) وفي المبسوط يعزر(٣) .

والقول الاخر: بعدم التوقف، واختاره المصنف(٤) والعلامة(٥) وفخر المحققين(٦) لعموم قوله تعالى: (فقد جعلنا لوليه سلطانا)(٧) . هذا في النفس. واما في الطرف يتأكد استحباب التوقف (فيتوقف، بالاجماع)(٨) ، لانه من فروض الامام، ولجواز التخطي، ولان الطرف في معرض السراية، ولئلا يحصل مجاحدة قال طاب ثراه: ولو كانوا جماعة توقف على الاجتماع.

قال الشيخ: ولو بادر احدهم جاز وضمن الدية عن حصص الباقين.

____________________

(١)القواعد: ج ٢ في كيفية الاستيفاء ص ٢٩٩ س ١ قال: والاقرب التوقف على اذنه الخ.

(٢)كتاب الخلاف: كتاب الجنايات، مسألة ٨٠ قال: اذا وجب لانسان قصاص في نفس او طرف فلا ينبغي ان يقتص بنفسه، فان ذلك للامام او من يامره به الامام بلا خلاف، وان بادر واستوفاه بنفسه وقع موقعه ولا شئ عليه إلى قوله: ومن اوجب عليه التعزير فعليه الدلالة.

(٣)الايضاح: ج ٤ في كيفية الاستيفاء ص ٦٢٢ س ١٣ قال: وقال في المبسوط يعزر.

(٤)لاحظ عبارة النافع حيث يقول: وللولى الواحد المبادرة بالقصاص، وقيل: يتوقف على اذن الحاكم.

(٥)القواعد: ج ٢ في كيفية الاستيفاء ص ٢٩٩ س ١ قال: واذا كان الولي واحدا جاز ان يستوفي من غير اذن الامام.

(٦)الايضاح: ج ٤ في كيفية الاستيفاء ص ٦٢٢ س ١٥ قال: واختار المصنف عدم التوقف على الاذن وهو الاقوى عندي.

(٧)الاسراء / ٣٣.

(٨)في بعض النسخ المخطوطة بدل (يتأكد استحباب التوقف) قال: (فيتوقف، بالاجماع).

[*]

٢٢٢

[ولا قصاص الا بالسيف، او ماجرى مجراه، ويقتصر على ضرب العنق غير ممثل، ولو كانت الجناية بالتحريق، او التغريق، او الرضخ بالحجارة. ولا يضمن سراية القصاص مالم يتعد المقتص. وهنا مسائل. (الاولى) لو اختار بعض الاولياء الدية، فدفعها القاتل، لم يسقط القود على الاشبه، وللاخرين القصاص بعد ان يردوا على المقتص منه] أقول: الجواز مذهب الشيخ في الكتابين(١)(٢) والتوقف مذهب المصنف(٣) والعلامة في التلخيص(٤) والقواعد(٥) فيعزر المبادر، ويضمن حصصن الباقين. ان لم يرضوه.

قال طاب ثراه: لو اختار بعض الاولياء الدية فدفعها القاتل، لم يسقط القود على الاشبه.

أقول: هذا هو المشهور بين الاصحاب، ويؤيده عموم قوله تعالى: (فقد جعلنا لوليه سلطانا)(٦) .

____________________

(١)كتاب الخلاف: كتاب الجنايات، مسألة ٥٢ قال: وكان له ابنان او اكثر كان لهم قتله مجتمعين بلا خلاف، وعندنا ان لكل واحد من الاولياء قتله منفردا ومجتمعا الخ.

(٢)المبسوط: ج ٧ كتاب الجراح ص ٧٢ س ٩ قال: اذا وجب قتله لجماعة من الاولياء إلى قوله: لكل واحد ان ينفرد بقتله.

(٣)لاحظ عبارة النافع حيث يقول: توقف على الاجتماع.

(٤)المقتصر، القول في كيفية الاستيفاء ص ٤٣٤ س ٦ قال بعد نقل قول الشيخ: (ولو بادر احدهم جاز): عدمه مذهب المصنف والعلامة في التلخيص الخ.

(٥)القواعد: ج ٢ في كيفية الاستيفاء ص ٢٩٩ س ٢ قال: ولو كانوا جماعة لم يجز الاستيفاء الا باجتماع الجميع.

(٦)الاسراء / ٣٣.

[*]

٢٢٣

[نصيب من فاداه. ولو عفا البعض لم يقتص الباقون حتى يردوا عليه نصيب من عفا. (الثانية) لو فر القاتل حتى مات، فالمروي وجوب الدية في ماله، ولو لم يكن له مال اخذت من الاقرب فالاقرب، وقيل: لا دية. (الثالثة) لو قتل واحد رجلين او رجالا قتل بهم، ولا سبيل إلى ماله، ولو تراضوا بالدية، فلكل واحد دية.] ويحتمل سقوط القصاص، لا حترام النفس في الجملة بعفو بعض الورثة، والباقي من الاولياء لا يستحق كل النفس، فلا يتسلط على القصاص، لا شتماله على التعدي عن قدر الواجب، وهو غير جائز، فينتقل إلى الدية، لانه جمع بين الحقين.

ويؤيده ما رواه الشيخ عن زرارة عن أبي جعفرعليه‌السلام في رجلين قتلا رجلا عمدا، وله وليان فعفا احد الوليين؟ فقال: اذا عفا عنهما احد الاولياء درئ عنهما القتل، وطرح عنهما من الدية بقدر حصة من عفا، واديا الباقي من اموالهما إلى الذي لم يعف وقالعليه‌السلام : عفو كل ذي سهم جائز(١) . قال طاب ثراه: لو فر القاتل حتى مات، فالمروي: وجوب الدية في ماله، ولو لم يكن له مال اخذت من الاقرب فالاقرب، وقيل: لا دية.

أقول: الاول مذهب الشيخ في النهاية(٢) وتبعه القاضي(٣) والتقي(٤) والسيد

____________________

(١)التهذيب ج ١٠(١٣) باب القضاء في اختلاف الاولياء ص ١٧٥ الحديث ٢.

(٢)النهاية باب اقسام القتل وما يجب فيه ص ٧٣٦ س ١٢ قال: ومتى هرب القاتل عمدا إلى قوله: اخذت الدية من ماله الخ.

(٣)المهذب ج ٢ باب اقسام القتل ص ٤٥٧ س ١٤ قال: وان هرب القاتل إلى قوله: اخذت الدية من ماله الخ.

(٤)الكافي، الديات ص ٣٩٥ س ١٢ قال: واذا هرب قاتل العمد إلى قوله: فان لم يكن له مال فعلى عاقلته.

[*]

٢٢٤

ابن زهرة(١) ، وادعى عليه الاجماع(٢) وهو مذهب أبي على(٣) واختاره المصنف(٤) والعلامة(٥) . وتردد في الخلاف(٦) وقال في المبسوط: قال قوم: يسقط القود إلى غير مال، وهو الذي يقتضيه مذهبنا(٧) واختاره ابن ادريس، قال: لان موجب العمد القود، دون الدية، فاذا فات محله وهو الرقبة، سقط لا إلى بدل، وانتقاله إلى مال الميت، او مال اوليائه حكم شرعي يحتاج مثبته إلى دليل شرعي(٨) . احتج الاولون بوجوه.

(أ) عموم قوله تعالى: (فقد جعلنا لوليه سلطانا)(٩) .

(ب) قولهعليه‌السلام : لا يطل دم امرء مسلم(١٠) .

____________________

(١)الغنية (في الجوامع الفقهية): فصل في الجنايات ص ٦١٩ س ٢٧ قال: ومتى هرب قاتل العمد إلى قوله: اخذت الدية من الاقرب فالاقرب من اوليائه الذين يرثون ديته، بدليل الاجماع المتكرر.

(٢)تقدم آنفا.

(٣)و(٤) المختلف: ج ٢ في اخذ الدية من مال القاتل اذا هرب ص ٢٣٤ س ١٨ قال: والمعتمد ماقاله الشيخ في النهاية وهو مذهب ابن الجنيد.

(٥)لاحظ عبارة النافع حيث يقول: (الثانية) لو فر القاتل الخ.

(٦)كتاب الخلاف، كتاب الجنايات مسألة ٥٠ قال بعد نقل قوله أبي حنيفة: من انه يسقط القصاص لا إلى بدل: ولو قلنا بقول ابي حنيفة لكان قويالان الدية لا تثبت عندنا الا بالتراضي بينهما وقدفات ذلك.

(٧)المبسوط: ج ٧ كتاب الجراح ص ٦٥ س ١٠ قال: اذا قتل رجل رجلا فهلك القاتل إلى قوله: وقال اخرون: يسقط القود إلى غير مال، وهو الذي يقتضيه مذهبنا.

(٨)السرائر: باب في اقسام القتل، ص ٤١٩ س ٩ قال بعد نقل قول الشيخ: قال محمد بن ادريس: هذا غير واضح إلى قوله: وانتقاله إلى مال الميت او إلى مال اوليائه حكم شرعي يحتاج مثبته إلى دليل؟؟ ولن يجده ابدا.

(٩)الاسراء / ٣٣.

(١٠)عوالي اللئالي: ج ٣ ص ٥٨١ الحديث ٢١ ولا حظ ما علق عليه.

[*]

٢٢٥

[(الرابعة) اذا ضرب الولي، الجانى، وتركه ظنا انه مات فبرأ، ففي رواية: يقتص من الولي، ثم يقتله الولي، او يتتاركان، والراوي ابان بن عثمان وفيه ضعف، مع ارسال الرواية.] (ج) ما رواه احمد بن محمد بن أبي نصر عن الباقرعليه‌السلام في رجل قتل رجلا عمدا فلم يقدر عليه حتى مات، قال: ان كان له مال والا اخذ من الاقرب فالاقرب(١) .

(د) ما رواه أبوبصير عن الصادقعليه‌السلام قال: سألته عن رجل قتل رجلا متعمدا، ثم هرب القاتل فلم يقدر عليه، قال: ان كان له مال، اخذت الدية من ماله، والا فمن الاقرب فالاقرب فانه لا يطل دم امرء مسلم(٢) .

(ه‍) انه أخل بدفع الواجب عليه حتى تعذر عليه البدل، فاذا مات وجب ان يؤخذ من تركته، فان لم يكن له تركة اخذ من عاقلته الذين يرثون الدية، لانهم ياخذون ديته مع العفو على المال لو تعذر الاستيفاء بالقصاص، فكانت ديته عليهم كما في الخطأ.

(و) انهم يضمنون دية الخطأ ولم يبطلها الشارع، حراسة للنفوس، وحفظا لها، وزجرا عن القتل خطأ، فالعمد اولى بالحراسة والزجر بحسبه، والمعاقبة عليه، واخذ العوض فيه.

قال طاب ثراه: اذا ضرب الولي، الجاني، فتركه ظنا انه مات فبرأ، ففي رواية: يقتص من الولي، ثم يقتله الولي، او يتشاركان، والراوي ابان بن عثمان، وفيه ضعف، مع ارسال الرواية.

____________________

(١)التهذيب: ج ١٠(١٢) باب البينات على القتل ص ١٧٠ الحديث ١٢.

(٢)التهذيب: ١٠(١٢) باب البينات على القتل ص ١٧٠ الحديث ١١ وفيه: لا يبطل.

[*]

٢٢٦

[والوجه: اعتبار الضرب، فان كان بما يسوغ به الاقتصاص لم يقتص من الولي.] أقول: هذه الرواية رواها الشيخ في التهذيب عن ابراهيم بن عبدالله، عن أبان ابن عثمان، عمن أخبره، عن أحدهماعليهما‌السلام انه قال: أتي عمر بن الخطاب برجل قتل اخا رجل، فدفعه اليه، وأمره بقتله، فضربه الرجل حتى رأى انه قدقتله، فحمل إلى منزله، فوجدوا به رمقا، فعا لجوه حتى برأ، فلما خرج أخذه اخو المقتول، وقال له: انت قاتل اخي، ولي ان اقتلك، فقال له: قد قتلتني مرة، فانطلق به إلى عمر، فأمر بقتله، فخرج وهو يقول: أيها الناس قد قتلنى والله، فمروا به إلى امير المؤمنينعليه‌السلام فأخبروه خبره، فقال: لا تعجل عليه حتى اخرج اليك فدخل على عمر، فقال: ليس الحكم فيه كذا، فقال: ما هو يا أبا الحسن؟ فقال: يقتص هذا من اخ المقتول الاول ما صنع به، ثم يقتله باخيه، فنظر إنه ان اقتص منه، اتى على نفسه، فعفا عنه، وتتاركا(١) . وهذه الرواية ضعيفة من وجهين. من ارسالها. ومن كون أبان ناووسيا، نقلها الكشي عن محمد بن مسعود عن علي بن الحسن(٢) .

وقال الشيخ في النهاية: اذا جاء الولي وطلب منه القود، كان له ذلك، وعليه ان يرد عليه دية الجراحات التي جرحها، او يقتص له منه(٣) .

____________________

(١)التهذيب ج ١٠(٢٤) باب القصاص ص ٢٧٨ الحديث ١٣.

(٢)اختيار معرفة الرجال (رجال النجاشي) الجزء الرابع تحت رقم ٦٦٠ قال: محمد بن مسعود قال: حدثنى علي بن الحسن قال: كان أبان من أهل البصرة، وكان مولى بحيلة، وكان يسكن الكوفة، وكان من الناووسية.

(٣)النهاية، باب القصاص وديات الشجاج ص ٧٧٤ س ١٨ قال: ومن قتل غيره فسلمه الوالى إلى اولياء المقتول ليقتلوه إلى قوله: او يقتص له منه.

[*]

٢٢٧

[ولو قتل صحيح مقطوع اليد فاراد الولي قتله رد دية اليد ان كانت قطعت في قصاص، او اخذ ديتها، وان شاء طرح دية اليد واخذ الباقي. وان ذهبت من غير جناية جناها، ولا اخذ لها دية كاملة قتل قاتله ولا رد، وهي رواية سورة بن كليب عن ابي عبداللهعليه‌السلام .] وفصل المصنف والعلامة فقالا: ان كان ضربه بماله ضربة، كان له قتله من غير قصاص عليه في الجرح، لانه استحق عليه ازهاق نفسه وما فعله من الجرح مباح له، لان جرحه بماله فعله مباح له، والمباح لا يستعقب الضمان كما لو ضرب عنقه فظن انه مات(١) (٢) .

قال طاب ثراه: ولو قتل صحيح مقطوع اليد فاراد الولي قتله رد دية اليد، إلى اخر البحث.

أقول: روى الشيخ في التهذيب مرفوعا إلى هشام بن سالم، عن سورة بن كليب عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: سئل عن رجل قتل لاجلا عمدا، وكان المقتول اقطع اليد اليمنى؟ فقال: ان كانت قطعت يده في جناية جناها على نفسه، او كان قطع واخذ دية يده من الذي قطعها، فاراد اولياء‌ه ان يقتلوا قاتله أدوا إلى اولياء قاتله دية يده التي قيد منها ويقتلوه، وان شاؤا طرحوا عنه دية يده واخذوا الباقي، قال: وان كانت يده ذهبت من غير جناية جناها على نفسه، ولا اخذ لهادية، قتلوا قاتله ولا يغرم شيئا، وان شاؤا اخذوا دية كاملة، هكذا وجدناه في كتاب عليعليه‌السلام (٣) .

____________________

(١)لاحظ عبارة النافع.

(٢)القواعد: ج ٢ في اعتبار المماثلة ص ٣٠٢ س ٢٤ قال: والوجه: ان له قتله ولا قصاص عليه اذا ضربه بماله الاقتصاص به كما لو ظن ابانة عنقه ثم ظهر خلافه، فله قتله، ولا يقتص من الولي.

(٣)التهذيب: ج ١٠(٢٤) باب القصاص ص ٢٧٧ الحديث ٩.

[*]

٢٢٨

[(القسم الثاني): في قصاص الطرف. ويشترط فيه التساوي كما في قصاص النفس، فلا يقتص في الطرف لمن لا يقتص له في النفس، ويقتص للرجل من المرأة، ولا رد، وللمرأة من الرجال مع الرد فيما زاد على الثلث. ويعتبر التساوي في السلامة، فلا يقطع العضو الصحيح بالاشل، ويقطع الاشل بالصحيح ما لم يعرف انه لا ينحسم. ويقتص للمسلم من الذمي ويأخذ منه ما بين الديتين. ولا يقتص للذمي من المسلم، ولا للعبد من الحر. ويعتبر التساوي في الشجاج مساحة طولا وعرضا، لا نزولا، بل يراعى حصول اسم الشجة. ويثبت القصاص فيما لا يتعزير فيه كالحارضة والموضحة، ويسقط فيما فيه التعزير كالهاشمة، والمنقلة، والمأمومة، والجائفة، وكسر الاعضاء.] ويؤيدها: ان الكامل لا يؤخذ بالناقص من غير جبر النقص، فيرد قدر النقص، اما اذا كان ذهان اليد بشئ من قبله تعالى كالتاكل ووقوعه في الثلج وما اشبهه مما لا يستحق به دية فلا رد، لعموم قوله تعالى: (النفس بالنفس)(١) وقصاص النفس لا يتبعض، فلولي المقتول نفس كاملة وان عدم بعض منافعها كما يقطع انف الشام بعادم الشم. وقوله: (ان كان اخذ لهادية) معناه استحق ديتها، وان لم يأخذها، اما بعفوه، او بمنع القاطع من بذلها كالظالم. ويحتمل عدم توجه القصاص مطلقا، لان الكامل لا يؤخذ بالناقص مطلقا.

____________________

(١)المائدة / ٤٥.

[*]

٢٢٩

[وفي جواز الاقتصاص قبل الاندمال تردد، اشبهه الجواز. ويجتنب القصاص في الحر الشديد، والبرد الشديد، ويتوخى اعتدال النهار. ولو قطع شحمة اذن فاقتص منه، فالصقها المجني عليه كان للجاني ازالتها ليتساويا في الشين. ويقطع الانف الشام بعادم الشمم، والاذن الصحيحة بالصماء. ولا يقطع ذكر الصحيح بالعنين.] (الثاني) في قصاص الطرف.

قال طاب ثراه: وفي جواز الاقتصاص قبل الاندمال تردد، اشبهه الجواز.

أقول: اختلف قولا الشيخ في الاقتصاص قبل الاندمال، فجوزه في الخلاف مع استحباب الصبر(١) واختاره المصنف(٢) والعلامة(٣) . ومنع منه في المبسوط لتجويز السراية في المجني عليه(٤) وذلك موجب لدخول قصاص الطرف في النفس.

قال طاب ثراه: ولو قطع شحمة اذن فاقتص منه، فألصقها المجني عليه كان للجاني ازالتها ليتساويا في الشين.

____________________

(١)كتاب الخلاف، كتاب الجنايات، مسألة ٦٥ قال: اذا قطع يد رجل كان المجني عليه ان يقتص من الجاني في الحال والدم جار، ولكنه يستحب له ان يصبر لينظر ما يكون منها من اند مال او سراية.

(٢)لاحظ عبارة النافع.

(٣)القواعد: ج ٢ في القصاص في الجراح، ص ٣٠٩ س ١١ قال: ولا يثبت القصاص قبل الاندمال إلى قوله: والاقرب الجواز.

(٤)المبسوط: ج ٧ في القصاص والشجاج ص ٧٥ س ١٨ قال: وقال قوم: لا يجوز إلا بعد الاندمال، وهو الاحوط عندنا، وفي ص ٨١ س ١٩ قال: اذا قطع يد رجل كان للمجني عليه ان يقتص من الجاني في الحال والدم جار، إلى قوله: ويقتضي مذهبنا التوقف، لانه ان سرى إلى النفس دخل قصاص الطرف في النفس عندنا.

[*]

٢٣٠

أقول: اذا قطع شحمة اذن، او اذنان، فاقتص، فالصقها المجني عليه فالتصقت بالدم الحار، وثبتت، قال المصنف: كان للجاني ازالتها ليتساويا في الشين(١) ، وقال العلامة: بل الامر فيها إلى الحاكم(٢) ، لانها نجسة، فيزيلها الحاكم حسبة ان امن الضرر بازالتها، وعلى قول المصنف: لولم يتعرض الجاني اقرت، لان الحق له. اما الجانى بعد الاقتصاص منه، لو الصقها، لم يكن للمجني عليه الاعتراض، لان الواجب الا بانة وقد حصلت، ويجئ على قول العلامة وجوب ازالتها على الحاكم. اما لو كان المجني [عليه] قد الصقها قبل الاستيفاء، وثبتت، فهل يجب القصاص؟ نظر، ينشأ من وجوبه بالابانه، والاصل بقائه، ومن عدم الا بانة على الدوام، فلا يستحق ابانة اذن الجاني على الدوام. فعلى هذا يكون له الارش، فلو سقطت بعد ذلك كان له القصاص بعد رد ما اخذ.

وقال ابوعلي: لو قطع رجل اذن رجل فاقيد فاخذ المستقاد منه اذنه فالصقها، فالتصقت كان للمجني عليه ان يقطعها ثانية، فان كان الاول اعاد اذنه فالتصقت، ثم طلب القود لم يكن له اولا ولا ثانيا(٣) .

____________________

(١)لاحظ عبارة النافع حيث يقول: كان للجاني ازالتها ليتساوي في الشين.

(٢)القواعد: ج ٢ في الاعضاء الخالية من العظام ص ٣٠٧ س ٢٠ قال: ولن ابان الاذن فالصقها المجني عليه إلى قوله: والامر في ازالتها إلى الحاكم.

(٣)المختلف: ج ٢ كتاب القصاص والديات، في اللواحق ص ٢٦٩ س ٢٣ قال: مسألة، قال ابن الجنيد: لو قطع رجل اذن رجل فاقيد إلى قوله: لم يكن له اولا ولا ثانيا ثم قال بعد نقل قول ابن الجنيد: والوجه ان له القصاص إلى قوله: فلا يسقط القصاص بما لا استقرار له في نظر الشرع.

[*]

٢٣١

[ويقلع عين الاعور الصحيحة بعين ذي العينين وان عمي. وكذا يقتص له منه بعين واحدة. وفي رد نصف الدية قولان، اشببههما الرد. وسن الصبي ينتظر به، فان عادت ففيها الارش، والا كان فيها القصاص. ولو جنى بما اذهب النظر مع سلامة الحدقة، اقتص منه: بان يوضع لى اجفانها القطن المبلول ويفتح العين ويقابل بمرآة محماة مقابلة الشمس حتى يذهب النظر.] قال في المختلف: والوجه ان له القصاص، لان هذا الالتصاق لا يقر عليه، بل يجب ازالته، فلا يسقط القصاص بما لااستقرار له في نظر الشارع(١) . قال طاب ثراه: وتقلع عين الاعور بعين ذي العينين وان عمي. وكذا يقتص له منه بعين واحدة وفي رد نصف الدية قولان.

أقول: اذا قل ذو العينين صحيحة الاعور، وكان العور خلقة، او ذهبت عينه بآفة كمرض، فله ان يقلع عينا واحدة، لا اكثر، لكن هل له مع ذلك ان يسترد نصف الدية؟ للشيخ قولان: احدهما: لا، قاله في الخلاف(٢) واختاره ابن ادريس(٣) وقواه في التحرير(٤) .

____________________

(١)المختلف: ج ٢ كتاب القصاص والديات، في اللواحق ص ٢٦٩ س ٢٣ قال: مسألة، قال ابن الجنيد: لو قطع رجل اذن رجل فاقيد إلى قوله: لم يكن له اولا ولا ثانيا ثم قال بعد نقل قول ابن الجنيد: والوجه ان له القصاص إلى قوله: فلا يسقط القصاص بما لا استقرار له في نظر الشرع.

(٢)كتاب الخلاف، كتاب الديات، مسألة ٢٢ قال: في العين العوراء اذا كانت خلقة إلى قوله: الدية كاملة وخالف جميع الفقهاء، وقالوا: فيها نصف الدية.

(٣)السرائر: باب ديات الاعضاء والجوارح ص ٤٣١ س ١٢ قال: والاعور اذا فقأ عين صحيح قلعت عينه وان عمى، وان قلعت عينه كان بالخيار بين ان يقتص من احدى عينيه او ياخذ تمام دية كاملة الخ.

(٤)التحرير: ج ٢ في قصاص الطرف، ص ٢٥٨ س ٣٣ قال: (ط) يثبت القصاص في العين إلى قوله: ولو قلع الصحيح عينه الصحيحة تخير بين اخذ الدية وبين قطع عين واحدة من الجاني، ثم قال بعد نقل قوله ابن ادريس: وفيه قوه.

[*]

٢٣٢

والاخر: نعم، قاله في النهاية(١) والمبسوط(٢) وهو مذهب أبي علي(٣) واختاره فخر المحققين(٤) .

احتج الاولون بقوله: تعالى: (العين بالعين)(٥) فلا يجب معها شئ آخر، لاصالة البراء‌ة، وتحقيقا للعمل بالآية. واجيب: بان اللام للجنس(٦) .

واحتج الاخرون: بان عين الاعور فيها الدية كاملة، فاذا اقتص بما فيه نصف الدية كان له الباقي، والا لزم الظلم. وبما رواه عبدالله بن الحكم عن الصادقعليه‌السلام قال: سألته عن رجل صحيح فقأ عين اعور؟ قال: عليه الدية كاملة، فان شاء الذي فقئت عينه ان يقتص. من صاحبه ويأخذ خمسة آلاف درهم، فعل، لان له الدية كاملة، وقد اخذ

____________________

(١)النهاية: باب ديات الاعضاء والجوارح ص ٧٦٥ س ٢٠ قال: فان قلعت عينه كان مخيرا بين ان ياخذ الدية كاملة، او يقلع احدى عينى صاحبه وياخذ نصف الدية.

(٢)المبسوط: ج ٧ دية عين الاعور ص ١٤٦ س ١٤ قال: في عين الاعور اذا كان خلقة الدية كاملة، او ياخذ احدى عيني الجاني ونصف الدية.

(٣)المختلف: ج ٢ في ديات الاعضاء ص ٢٥٠ س ٣قال: وقال ابن الجنيد: والاعور ولادة اذا فقئت عينيه كانت له الدية كاملة.

(٤)الايضاح: ج ٤ في الاعضاء الخالية من العظام ص ٦٤٤ س ١٣ قال: والاصح عندي قول الشيخ في المبسوط.

(٥)المائدة / ٤٥.

(٦)الايضاح: ج ٤ في الاعضاء الخالية من العظام ص ٦٤٤ س ١٢ قال: والجواب: ان اللام في قوله (العين بالعين) للجنس.

[*]

٢٣٣

[ولو قطع كفا مقطوعة الاصابع، ففي رواية يقطع كف القاطع ويرد عليه دية الاصابع. ولا يقتص ممن لجأ إلى الحرم ويضيق عليه في المأكل والمشرب حتى يخرج فيقتص منه، ويقتص ممن جنى في الحرم، فيه.] نصفها بالقصاص(١) .

قال طاب ثراه: ولو قطع كفا مقطوعة الاصابع، ففي رواية يقطع كف القاطع وترد عليه دية الاصابع.

أقول: الرواية اشارة إلى ما رواه الحسن بن العباس بن الحريش(٢) عن أبي جعفر الثانيعليه‌السلام قال: قال ابوجعفر الاولعليه‌السلام ، لعبد الله بن العباس: يابن عباس أنشدك الله هل في حكم الله اختلاف؟ قال: فقال: لا، قال: فما ترى في رجل ضربت اصابعه بالسيف حتى سقطت، فذهبت، فأتى رجل آخر فاطار كف يده فاتى به اليك وانت قاض كيف انت صانع؟ قال: اقول لهذا القاطع: اعطه دية كف، واقول لهذا المقطوع: صالحه على ما شئت، أو أبعث لهما ذوي عدل، قال: فقال له: جاء اختلاف في حكم الله، ونقضت القول الاول، أبى الله ان يحدث في خلقه شيئا من الحدود وليس تفسيره في الارض، اقطع يد قاطع الكف أصلا، ثم أعطه دية الاصابع، هذا حكم الله عزوجل(٣) .

____________________

(١)التهذيب ج ١٠(٢٣) باب دية عين الاعور ص ٢٦٩ الحديث ٣.

(٢)الضبط: حريش بالحاء المهملة المفتوحة والراء المهملة المكسورة والياء المثناة من تحت الساكنة، والشين المعجمة، وقيل: هو مصغر على وزن زبير، عد الشيخ الحسن بن عباس بن حريش الرازي من اصحاب الجوادعليه‌السلام (تنقيح المقال ج ١ ص ٢٨٦) تحت رقم ٢٤٨٦.

(٣)التهذيب: ج ١٠(٢٤) باب القصاص، ص ٢٧٦ الحديث ٨.

[*]

٢٣٤

وعليها فتوى الشيخ في النهاية(١) وتبعه القاضي(٢) . ويحتمل عدم القصاص، لعدم امكان الوصول اليه الا بقطع الاصابع، وهي غير مستحقة للقطع، فينتقل إلى الحكومة في الكف، ولضعف السند، وهو مذهب ابن ادريس(٣) قال العلامة: ولا بأس به، ثم توقف(٤) .

____________________

(١)النهاية: باب القصاص وديات الشجاج ص ٧٧٤ س ٢ قال: ومن قطعت اصابعه فجاء رجل فأطار كفه واراد القصاص من قاطع الكف، فليقطع يده من اصله ويرد عليه دية الاصابع.

(٢)المهذب: ج ٢ باب القصاص والشجاج ص ٤٧٤ س ١٧ قال: فان قطع يدا كاملة الاصابع ويده ناقصة الاصبع الخ.

(٣)السرائر: باب القصاص وديات الشجاج ص ٤٣٦ س ٢٦ قال: ومن قطعت اصابعه إلى قوله: والاولى الحكومة في ذلك.

(٤)المختلف: ج ٢ في الجراحات ص ٢٥٨ س ٣٨ قال: وقول ابن ادريس لا باس به، فنحن في هذه المسألة من المتوقفين.

[*]

٢٣٥

٢٣٦

٢٣٧

٢٣٨

كتاب الديات

والنظر في امور اربعة (الاول) اقسام القتل، ومقادير الديات.

واقسامه ثلاثة: عمد محض، وخطأ محض، وشبيه بالعمد.

فالعمد: ان يقصد إلى الفعل والقتل، وقد سلف مقاله.

والشبيه بالعمد: ان يقصد إلى الفعل دون القتل، مثل ان يضرب للتأديب، او يعالج للاصلاح فيموت.

والخطأ المحض: ان يخطئ فيهما، مثل ان يرمي للصيد فيخطئه السهم إلى انسان فيقتله.]

مقدمة

الدية مقدار اوجبه الشارع في جناية مضمونة، ويشمل النفس والطرف، واستعما لها في دية النفس اظهر عند الاطلاق في العرف، ويستعمل الارش في الطرف.

والحاصل: ان ما يجب بالجناية المضمونة يعبر عنه بثلاثة الفاظ: دية، وارش،

٢٣٩

[فدية العمد: مائة من مسان الابل، او ما ئتا بقرة، أو مائتا حله، كل حله ثوبان من برود اليمن، او الف دينار، او الف شاة، او عشرة الاف درهم، وتستأدى في سنة واحدة من مال الجاني، ولا تثبت الا بالتراضي.] وحكومة. فالدية: للجناية على النفس والطرف واستعمالها في الاول اظهر عند الاطلاق.

والارش: لما وجب بالجناية على الطرف، ولا يستعمل في النفس، فالدية اعم موردا، والارش يستعمل فيما دون النفس، قدر له الشارع مقدرا أولم يقدر. والحكومة لا تستعمل الا فيما ليس له مقدر، فالارش أعم موردا من الحكومة، فلا تستعمل الحكومة الا في جناية لا مقدر لها.

والاصل فيها: الكتاب، والسنة، والاجماع.

أما الكتاب: فقوله تعالى: (فدية مسلمة إلى اهله وتحرير رقبة مؤمنة)(١) .

واما السنة: فقولهعليه‌السلام في كتابه إلى اهل اليمن: وفي النفس المؤمنة مائة من الابل(٢) .

واجماع الامة عليه لا يختلف احد منهم فيه.

قال طاب ثراه: فدية العمد مائة من مسان الابل إلى اخره.

أقول: البحث هنا يقع في ثلاثة فصول. (الاول) في دية العمد: والاكثر انها مائة من مسان الابل، بتشديد النون. وهي جمع مسنة، وهي من الابل ما دخل في السادسة، ويسمى الثنية ايضا فان

____________________

(١)النساء / ٩٢.

(٢)السنن الكبرى للبيهقي: ج ٨، جماع ابواب الديات فيما دون النفس ص ٨١ س ٨ قال: اخبرنا ابو عبدالله الحافظ إلى قوله: وفيه: وان في النفس الدية مائة من الابل الخ.

[*]

٢٤٠