المهذب البارع في شرح المختصر النافع الجزء ٥

المهذب البارع في شرح المختصر النافع0%

المهذب البارع في شرح المختصر النافع مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 430

المهذب البارع في شرح المختصر النافع

مؤلف: العلامة جمال الدين ابي العباس احمد بن محمد بن فهد الحلي
تصنيف:

الصفحات: 430
المشاهدات: 46211
تحميل: 5780


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 430 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 46211 / تحميل: 5780
الحجم الحجم الحجم
المهذب البارع في شرح المختصر النافع

المهذب البارع في شرح المختصر النافع الجزء 5

مؤلف:
العربية

[(الثانية) لو وطئ زوجته فسا حقت بكرا فحملت من مائه فالولد له، وعلى زوجته الحد والمهر، وعلى الصبية الجلد. وأما القيادة: فهي الجمع بين الرجال والنساء للزنا، او الرجال والصبيان للواط.

ويثبت بشاهدين، او الاقرار مرتين. والحد فيه خمس وسبعون جلدة. وقيل: يحلق رأسه ويشهر.] فعلى هذا: لو تخلل التعزير في الثالثة مرتين حدتا في السادسة، ثم يعزران في السابعة وهكذا واختاره الشهيد(١) .

قال طاب ثراه: والحد فيه (اي في القيادة) خمس وسبعون جلدة، وقيل: يحلق رأسه ويشهر إلى آخره.

أقول: في حد القيادة ثلاث عقوبات.

(الاولى) الجلد خمس وسبعون سوطا، وهو اجماع.

(الثانية) حلق الرأس والشهرة: بان يدار به في محافل الناس ومجتمعاتهم كالاسواق، خزيا ونكالا، وليحذر الناس مخالطته، كيلا يفسد نسائهم وصبيانهم. وانما قال المصنف: (قيل يحلق رأسه ويشهر)؟ لعدم الدليل على ذلك في نصوص اهل البيتعليهم‌السلام ، وانما هو شئ ذكره الشيخان(٢) (٣) واتبعهما

____________________

(١)شرح اللمعة: ج ٩ حد السحق ص ١٦٠ س ٥ قال: وتعزر الاجنبيتان اذا تجردتا تحت ازار واحد إلى قوله: فان عادتا عزرتا مرتين، ثم حدتا في الثالثة.

(٢)المقنعة: باب الحد في القيادة ص ١٢٦ س ٦ قال: ويحلق راسه ويشهره في البلد الذي يفعل ذلك فيه.

(٣)النهاية: باب الحد في القيادة ص ٧١٠ س ٦ قال: ويحلق رأسه، ويشهر في البلد، ثم ينفى عن البلد الذي فعل ذلك فيه.

[*]

٦١

[ويستوي فيه الحر والعبد، والمسلم والكافر، وينفى باول مرة. وقال المفيد: في الثانية، والاول مروي، ولا نفي على المرأة ولا جز.] المتأخرون(١) .

(الثالثة) النفي: وفي موجبه قولان: فالشيخ المرة الاولى(٢) ، وهو الاشهر والانسب بعموم الخبر، وتبعه القاضي(٣) وابن ادريس(٤) واختاره العلامة(٥) . والمفيد: المرة الثانية(٦) وتبعه التقي(٧) وسلار(٨) . واصل الفتوى ما رواه عبدالله بن سنان عن الصادقعليه‌السلام قال: يضرب ثلاثة ارباع حد الزاني خمسة وسبعين سوطا، وينفى عن المصر الذي هو فيه(٩) .

____________________

(١)لاحظ الكافي: ص ٤١٠ س ١١ قال: ويحلق راس الرجل ويشهر في المصر. والوسيلة: ص ٤١٤ س ١٩ قال: حلق الرأس والاشهار في البلد. والمهذب: ج ٢ ص ٥٣٣ س ١٠ قال: ويحلق رأسه ويشهر في البلد، وينفى منه إلى بلد آخر إلى غير ذلك.

(٢)و(٣) تقدما انفا.

(٤)السرائر: باب الحد في الجامع بين النساء والرجال ص ٤٥١ س ٣٦ قال: ويحلق رأسه ويشهر في البلد وينفى عنه إلى غيره من الانصار.

(٥)المختلف: ج ٢ في اللواحق والسحق ص ٢١٥ س ١٤ قال: والمشهور الاول، اي قول الشيخ في النهاية.

(٦)المقنعة: باب الحد في القيادة ص ١٢٦ س ٨ قال: فان عاد، جلد كما جلد اول مرة، ونفي عن المصر الذي هو فيه إلى غيره.

(٧)الكافي: فصل في القيادة وحدها ص ٤١٠ س ١٤ قال: فان عاد ثانية جلد ونفي عن المصر.

(٨)المراسم: ذكر ما هو دون الثمانين، وهو حد القيادة ص ٢٥٧ س ١٣ قال: فان عادوا نفوا عن المصر بعد فعل ما استحقوه.

(٩)التهذيب: ج ١٠(٥) باب الحد في القيادة ص ٦٤ قطعة من حديث ١.

[*]

٦٢

تذنيبان

(أ) ان عادتا منه جلد ونفي عن المصر، فان عاد ثالثة جلد، فان عاد رابعة استتيب، فان تاب قبلت توبته وجلد، وان أبا التوبة قتل، فان تاب ثم احدث بعد التوبة خامسة، قتل على كل حال قاله التقي(١) وقال العلامة في المختلف: ونحن في ذلك من المتوقفين(٢) ولم يذكره في القواعد والتحرير.

(ب) الشهرة، يجب في ثلاث مواضع. في القيادة وقد بيناها.

وفي شهادة التزوير: وكان علياعليه‌السلام اذا اخذ شاهد الزور، فان كان غريبا بعث به إلى حيه، وان كان سوقيا بعث به إلى سوقهم، ثم يطيف به، ثم يحبسه اياما، ثم يخلى سبيله(٣) . وعن الصادقعليه‌السلام : شهود الزور يجلدون حدا ليس له وقت، ذلك إلى الامام، ويطاف بهم حتى يعرفوا ولا تعودوا، واذا طيف به ينادى عليه: ان فلانا، او هذا فلان قد شهد زورا فاجتنبوه، ولا تثقوا بقوله(٤) .

وفي القذف بعد استيفاء الحد: بان ينادى عليه: ان فلانا قذف محصنا فلا تثقوا بقوله، لتجتنب شهادته.

____________________

(١)الكافي: فصل في القيادة وحدها ص ٤١٠ س ١٤ قال: فان عاد ثالثة جلد إلى قوله: قتل على كل حال.

(٢)المختلف: ج ٢ في اللواط والسحق ص ٢١٥ س ١٧ قال بعد نقل قول الكافي: ونحن في ذلك من المتوقفين.

(٣)عوالي اللئالي: ج ٣ ص ٥٦٠ الحديث ٥٥ ولم نقف عليه في غيره.

(٤)عوالي اللئالي: ج ٣ ص ٥٦١ الحديث ٥٦ ولم نقف عليه في غيره.

[*]

٦٣

الفصل الثالث: في حدالقذف

ومقاصده أربعة:

والنفي يجب في ثلاث مواضع قدمناها. زنا البكر، وحده عام. وفي القيادة ولا حد لمدته الا ان يتوب، ولو افتقر في التغريب إلى مؤنة كانت عليه في ماله، وان لم يكن له فمن بيت المال. وفي المحارب، ويؤخذ عليه اقطار الارض تضيقا عليه حتى يتوب.

(مقدمة)

الاصل في تحريم القذف: الكتاب والسنة والاجماع.

اما الكتاب: فقوله تعالى: (ان الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم)(١) وقال تعالى: (والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا باربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة ابدا واولئك هم الفاسقون)(٢). فغلظ سبحانه تحريم القذف بخمسة اشياء:

(أ) وجوب الحد بقوله: (فاجلدوهم).

(ب) رد الشهادة بقوله: (ولا تقبلوا لهم شهادة ابدا).

(ج) التفسيق بقوله: (واولئك هم الفاسقون).

(د) اللعنة بقوله: (لعنوا في الدنيا والآخرة).

____________________

(١)النور: ٢٣(٢) النور: ٤.

[*]

٦٤

(ه‍) استحقاق العذاب بقوله: (ولهم عذاب عظيم).

وأما السنة: فروى حذيفة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال: قذف محصنة يحبط عبادة سنة(١) .

وعنهعليه‌السلام : من اقام الصلوات الخمس، واجتنب الكبائر السبع نودي يوم القيامة يدخل الجنة من اي باب شاء، فقال رجل للراوي: الكبائر السبع سمعتهن من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ قال: نعم: الشرك بالله، وعقوق الوالدين، وقذف المحصنات، والقتل، والفرار من الزحف، واكل مال اليتيم، والزنا(٢) .

واما الاجماع: فمن سائر الامة لا يختلفون فيه.

تنبيه

حق القذف مشترك بين الله وبين الآدمي، والاغلب فيه حق الآدمي. وهنا وجوه شابه حقوق الله تعالى، وهي امور.

(أ) عدم تسويغه باباحة القذف، ولا يسقط بذلك الحد، بمعنى: انه لوقال انسان لغيره: اقذفني، او ابحتك قذفي، اي في المستقبل، لم يبح للمخاطب القذف، وللمقذوف بعد ذلك مرافعته ومطا لبته بالحد.

____________________

(١)عوالي اللئالي: ج ٣ ص ٥٦١ الحديث ٥٧ ورواه في المبسوط: ج ٨ في حد القذف ص ١٥ س ٤ وفيه (يحبط عمل مائة سنة) ونقله في السرائر: ص ٤٦٣ س ٥ فلاحظ.

(٢)عوالي اللئالي: ج ٣ ص ٥٦١ الحديث ٥٨ ورواه ابن حجر العسقلاني في تلخيص الحبير ج ٢(٦٤) كتاب حد القذف ورواه في المبسوط: ج ٨ في حد القذف ص ١٥ س ٥ فلاحظ ص ٦٢ الحديث ١٧٦٩ وفيه: (ليدخل الجنة) إلى قوله: فقال رجل من اصحابه: وكم الكبائر يا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ قال: هي سبع إلى آخره.

[*]

٦٥

النظر الاول في الموجب

وهو الرمي بالزنا أو اللواط. وكذا لو قال: يا منكوحا في دبره، بأي لغة اتفق اذا كانت مفيدة للقذف في عرف القائل، ولا يحد مع جهالته فائدتها. وكذا لو قال لمن اقر بنوته: لست ولدي. ولو قال: زنى بك ابوك، فالقذف لابيه، او زنت بك امك، فالقذف لامه. ولو قال: يابن الزانيين فالقذف لهما.] ويحتمل ضعيفا سقوط الحد من حيث تظاهر المقذوف وعدم مبالاته بما يقال فيه، فلم يكن محصنا.

(ب) لو استوفى المقذوف حده بنفسه، لم يقع موقعه، وله المطالبة ثانيا، لانه منوط بنظر الحاكم، وموكول إلى اجتهاده، فحينئذ يعزر الفاعل، ويضمن جناية ما يحصل من فعله، ويستوفى ثانيا. ويحتمل سقوطه، لا عتقاد المستوفي برائة القاذف، ورضاه بما استوفاه، فلا تقصر عن العفو.

(ج) تنصيف الحد في حق العبد يدل على كونه لله تعالى لان حقوق الآدميين لا تخفف عن العبد.

(د) لو عفا بعض الورثة كان لمن لم يعف ان يستوفي الجميع، ولو كان حق آدمي لسقط بعفوه. ووجوه شابه فيها حقوق الآدمي: وهي أمور:

(أ) سقوطه بعفوه.

(ب) انتقاله بالارث.

(ج) توقفه على مطالبته، فلا يرفعه الحاكم قبلها وان علمه.

٦٦

[ويثبت الحد اذا كانا مسلمين، ولو كان المواجه كافرا. ولو قال للمسلم: يا بن الزانية وامه كافرة، فالاشبه التعزير، وفي النهاية: يحد. ولو قال: يا زوج الزانية فالحد لها. ولو قال: يا ابا الزانية، او يا اخا الزانية، فالحد للمنسوبة إلى الزنا دون المواجه.]

(د) جواز اسقاطه بعد اثباته عند الحاكم، ولا اعتراض له معه.

قال طاب ثراه: ولو قال للمسلم يابن الزانية وامه كافرة، فالاشبه التعزير، وفي النهاية: يحد.

أقول: الاول هو الاصل لان المقذوف انما هو الام وهي الكافرة، فلا يجب بقذفها الحد، لا صالة البرائة، واختاره المصنف(١) وابن ادريس(٢) والعلامة في التحرير(٣) . والثاني مذهب الشيخ في النهاية(٤) وتبعه القاضي(٥) وهو قول أبي علي(٦) .

____________________

(١)لاحظ عبارة النافع.

(٢)السرائر: باب الحد في الفرية.. ص ٤٦٤ س ١٢ قال: وروي ان من قال لمسلم امك زانية إلى قوله: والاصل مراعات التكافئ للقاذف او علو المقذوف كما قدمناه اولا في صدر الباب.

(٣)التحرير: ج ٢ في حد القذف ص ٢٣٧ س ٢٩ قال: ولو قال للمسلم يابن الزانية وكانت الام كافرة إلى قوله: والاشبه التعزير.

(٤)النهاية: باب الحد في الفرية وما يوجب التعزير ص ٧٢٥ س ١٤ قال: وكذلك ان قال لمسلم إلى قوله: وكانت امه كافرة، كان عليه الحد تاما.

(٥)المهذب: ج ٢ باب الحد في الفرية وما يوجب التعزير ص ٥٤٨ س ١٨ قال: واذا قال لمسلم إلى قوله: وكانت الام كافرة كان عليه الحد الخ.

(٦)المختلف: ج ٢ في حد الفرية ص ٢٢٨ س ٢٢ قال بعد نقل قول الشيخ والقاضي: وهو قول ابن الجنيد إلى قوله بعد نقل حديث عبدالرحمان: ولا بأس بالعمل بهذه الرواية فانها واضحة الطريق.

[*]

٦٧

[ولو قال: زنيت بفلانة، فللمواجه حد، وفي ثبوته للمرأة تردد.] احتج الشيخ: بما رواه عبدالرحمان بن أبي عبدالله عن الصادقعليه‌السلام قال: اليهودية والنصرانية تكون تحت المسلم فيقذف ابنها؟ قال: يضرب حدا لان المسلم حصنها(١) .

قال العلامة في المختلف: ولا بأس بالعمل بهذه الرواية، فانها واضحة الطريق(٢)(٣) .

قال طاب ثراه: ولو قال: زنيت بفلانة فللمواجه حد، وفي ثبوته للمرأة تردد.

أقول: بثبوت الحدين قال الشيخان(٤)(٥) والتقي(٦) والقاضي(٧) وابن زهرة(٨) والكيدري(٩) .

____________________

(١)التهذيب: ج ١٠(٦) باب الحد في الفرية والسب.. ص ٦٧ الحديث ١٣.

(٢)سند الحديث كما في التهذيب: محمد بن يعقوب، عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشا، عن ابان، عن عبدالرحمان بن أبي عبدالله.

(٣)المختلف: ج ٢ في حد الفرية ص ٢٢٨ س ٢٢ قال بعد نقل قول الشيخ والقاضي: وهو قول بن الجنيد، إلى قوله بعد نقل حديث عبدالرحمان: ولا بأس بالعمل بهذه الرواية فانها واضحة الطريق.

(٤)النهاية: باب الحد في الفرية وما يوجب التعزير ص ٧٢٥ س ١٩ قال: واذا قال لغيره: إلى قوله: وجب عليه حدان حد للرجل وحد للمرأة.

(٥)المقنعة: باب الحد في الفرية والسب ص ١٢٦ س ١٨ قال: واذا قال الانسان للحر المسلم إلى قوله: وجب عليه حدان.

(٦)الكافي: فصل في القذف وحده ص ٤١٤ س ١٣ قال: فان قال: زنيت بفلانة إلى قوله: فهو قاذف للاثنين يحدلكل منهما حدا.

(٧)المهذب: ج ٢ باب الحد في الفرية ص ٥٤٨ س ٨ قال: واذا قال لغيره قد زنيت بفلانة إلى قوله: كان عليه حدان حد للرجل وحد للمرأة.

(٨)الغنية (في الجوامع الفقهية) فصل في حد القذف ص ٦٢٣ س ١ قال: ومن قال لغيره زنيت بفلانة فهو قاذف باثنين.

(٩)اصباح الشيعة للكيدري: كتاب الحدود ص ١٢٣ س ١٨ قال: ومن قال لغيره: زنيت بفلانة، فهو قاذف لاثنين، وعليه لهما حدان.

[*]

٦٨

وقال ابن ادريس: الذي تقتضيه الادلة: انه لا يجب على قائل ذلك سوى حد واحد وان كان المقول لهما بالغين حرين، لانه اذا قال له: زنيت بفلانة، او بفلان فقد قذفه بلاخلاف. اما المرأة والرجل فليس بقاذف لهما، لانه قد لا تكون المرأة زانية، بان تكون مكرهة، وكذلك الرجل، فالشبهة حينئذ حاصلة، وهي مسقطة للحد(١) . وهو ظاهر المصنف(٢) واختار العلامة في المختلف(٣) وفخر المحققين الاول(٤) . احتجوا بوجوه

(أ) اشتماله على هتك المرأة وفضيحتها، فلا يسامح به الشارع.

(ب) ان ما ذكره من الشبهة لم يعتد به الشارع ولم يلفت اليه، لايجابه الحد بقوله: يا منكوحا في دبره، مع تطرق الاحتمال التي ذكر فيه.

(ج) ان الاصل المطاوعة.

(د) ان الزنا واللواط اذا تحققا مع حصول الكراهة من احدهما، تحققا مع الحصول منهما، فان المكره لغيره على فعل اللواط ومكره الصبي على الانفعال، يتحقق اللواط مع حصول الكراهة، وكما يتطرق الاحتمال إلى المنسوب اليه كذا يتطرق إلى المقذوف، فلاوجه للفرق بينهما، بل يحتمل ان يكون المنسوب اليه مختارا والمقذوف مكرها.

____________________

(١)السرائر: باب الحد في الفرية ص ٤٦٤ س ١٤ قال: واذا قال لغيره: إلى قوله: والذي يقتضيه الادلة: انه لا يجب على قابل هذا سوى حدوا حد الخ.

(٢)لاحظ عبارة النافع.

(٣)المختلف: ج ٢ في حد القدوف ص ٢٢٨ س ٣٢ قال بعد نقل قول الشيخ وابن ادريس: والوجه ما قاله الشيخ.

(٤)الايضاح: ج ٤ كتاب الحدود ص ٥٠٤ س ٢٣ قال: والاقوى ما اختاره المصنف في المختلف.

[*]

٦٩

[والتعريض يوجب التعزير. وكذا لو قال لا مرأته: لم اجدك عذراء. ولو قال لغيره ما يوجب اذى، كالخسيس والوضيع. وكذا لو قال: يا فاسق، ويا شارب الخمر مالم يكن متظاهرا. ويثبت القذف بالاقرار مرتين من المكلف الحر المختار، او بشهادة عدلين. ويشترط في القاذف البلوغ والعقل، فالصبي لا يحد بالقذف ويعزر، وكذا المجنون.] قال طاب ثراه: والتعريض يوجب التعزير.

أقول: المراد بالتعريض، التعريض بالقذف كقوله: لست بزان ولا لائط ولا امي زانية، وكقوله: يا حلال بن الحلال، او لست بشارب الخمر ولا ولد الزنا، او لا يعرفك الناس بالزنا ونحو هذا، وكله لا يوجب الحد بل التعزير. وكذا كل تعريض يكرهه المواجه، كقوله: يا أعور.

فروع

(الاول) لو قال: ياقحبه، او يا مخنث، فان اراد كونها مستعدة لذلك، او فيه طباع التأنيث والتشبه بالنساء عزر، وان اراد الرمى بالزنا حد. وكذا التفصيل لو قال: يا علق، فان اراد الموضع اللغوي فلاحد ولا تعزير وان اراد العرفي وقصده احتمل قويا الحد، واطلق اكثر الاصحاب: التعزير في الكنايات. وقال التقي: والكناية المقيدة ياقحبه، او يافاجره، او ياعاهرة، او يافاجر، او يافاسق، او يافاسقه، او يامواجرة(١) او يا علق، او يا مأبون، او ياقرنان(٢) او يا

____________________

(١)كذا في النسخ والظاهر ان المراد منه الديوث.

(٢)القرنان: الذي يشارك في امرأته كانه يقرن به غيره، عربي صحيح حكاه كراع. التهذيب: القرنان نعت سوء في الرجل الذي لا غيرة له، قال الازهري: هذا من كلام الحاضرة ولم ار البوادي لفظوا به ولا عرفوه (لسان العرب: ج ١٣ ص ٣٣٨ لغة قرن).

[*]

٧٠

كشخان(١) او يا ديوث إلى غير ذلك من الالفاظ الموضوعة لكون الموصوف بها زانيا، او لا ئطا، متلوطا به(٢) يجب به الحد.

(الثاني) لو قال: يا كشحان، أو ياقرنان، او ياقرطبان فان كان عارفا بموضوعها، وهو مفيد للقذف في عرف مستعملها، حد. وان لم يعرف عزران قصد بها الاهانة. وقيل: الديوث الذي يدخل الرجال على امرأته، وقال تغلب: القرطبان الذي يرضى ان تدخل الرجال على نسائه، وقال: القرنان والكشحان لم ارهما في كلام العرب ومعناها عند العامة مثل الديوث، او قريب منه وقيل: القرنان من له بنات والكشحان من له اخوات(٣) .

(الثالث) لو قال: ياقواد، او ياقلس(٤) وجب التعزيز.

(الرابع) لوقذفه بوطئ البهيمة كقوله: اتيت بهيمة، او لطت بحمار وجب التعزير، قاله التقي: وهو المختار(٥) وقال ابوعلي: يجب الحد(٦) .

____________________

(١)سيجئ بيان معناه.

(٢)الكافي: الحدود، فصل في القذف وحده ص ٤١٤ س ٨ قال: والكناية المفيدة، إلى قوله: او متلوطا به.

(٣)المسالك: ج ٢ كتاب الحدود ص ٤٣٦ س ١٣ قال: وقال تغلب: إلى قوله: وقيل: القرذان يدخلهم على بناته، والكشحان على اخواته.

(٤)القلس الشرب الكثير من النبيذ، والقلس الغناء الجيد، والقلس الرقص في غناء، والقلس والتقليس: الضرب بالدف والغناء، والمقلس: الذي يلعب بين يدي الامير اذا قدم المصر (لسان العرب: ج ٦ ص ١٨٠ لغة قلس).

(٥)الكافي: الحدود فصل فيما يوجب التعزيز ص ٤١٨ س ٢ قال: ويعزر من استمنى بكفه او اتى بهيمة إلى قوله: ويعزر من عرض بغيره إلى قوله: او اتيت بهيمة الخ.

(٦)المختلف: ج ٢ في حد القذف، ص ٢٣١ س ١٩ قال: اوجب ابن الجنيد الحد إلى قوله: او قال لرجل آخر: زنيت بشئ من الحيوان، او يالوطي بحمار.

[*]

٧١

(الخامس) لو قذفه بالمباشرة دون الفرجين، لم يحد، بخلاف ما لو قذفه بوطئ الصبية، او المجنونة، او الميتة.

(السادس) لو قذفها بالسحق كقوله: يا سحاقة، او يا مساحقة فالحد عند أبي علي(١) والتعزير عند التقي(٢) وبه قال العلامة في المختلف(٣) والتحرير() واختاره فخر المحققين(٥) لاصالة البرائة.

(السابع) لو قذفه بالتفخيذ للصبيان عزر، ويحتمل الحد لوجوب الحد به.

(الثامن) لو قذفه قاذف، فاجاب الآخر بقوله: صدقت لم يحد المصدق وعزر. وكذا لو قذف فحد، ثم قال: الذي قلت كان صحيحا، لانه ليس صريحا.

(التاسع) لوتشاجر اثنان، فقال احدهما: الكاذب ابن زانية، او هو ابن الزانية، فلا حد لانه لم يعين احدا. وكذا لو قال: من رماني فهو ابن الزانية، فرماه رجل.

(العاشر) لو قال: اخبرني فلان انك زنيت لم يكن قاذفا، وعزر، صدقه المخبر عنه او كذبه، ويحد المصدق لا عترافه بالقذف.

____________________

(١)المختلف: ج ٢ في حد القذف ص ٢٣١ س ١٩ قال: اوجب ابن الجنيد الحد في قول الرجل للمرأة يا سحاقه الخ وقد تقدم نقله.

(٢)الكافي: الحدود فصل فيما يوجب التعزير ص ٤١٨ س ٤ قال: ويعزر من عرض بغيره إلى قوله: وللمرأة يا ساحقة.

(٣)المختلف: ج ٢ في حد القذف ص ٢٣١ س ٢٠ قال بعد نقل قول الكافي: وهو الاقرب لاصالة البرائة.

(٤)التحرير: ج ٢ احكام القذف ص ٢٣٩ س ١٣ قال: او قذف امرأة بالمساحقة، إلى قوله: فلاحد.

(٥)الايضاح: ج ٤ كتاب الحدود ص ٥١٠ س ١٠ قال: والاقوى عندي اختيار المصنف في المختلف وهو التعزير.

[*]

٧٢

(الحادي عشر) لو قال: احتلمت بك البارحة، او بامك لم يحد وعزر.

(الثاني عشر) لو قال: انت ولد حرام وجب الحد عند ابن ادريس(١) وكان كقوله: انت ولد زنا لانه مثله في العرف، ولم يوجبه الباقون، ومنعوا المماثلة، واوجبوا التعزير خاصة.

(الثالث عشر) التعزير موكول إلى نظر الامام، ولا يبلغ الحد، وليس لاقله قدر معين، لان اكثره مقدر، فلو قدر اقله كان حدا، وهو يكون بالضرب، وبالحبس، وبالتوبيخ من غير حرج، ولا قطع، ولا تخسير. وقال ابن حمزة: التعزير ما بين العشرة إلى العشرين(٢) وقال التقي: التعزير لما يناسب القذف من التعريض والنبز والتلقب من ثلاثة اسواط إلى تسعة وسبعين سوطا(٣)(٤) . وهذا مدخول من وجهين:

(أ) انه قدر طرفيه بالقلة والكثرة، فيكون حدا.

(ب) انه جوزان يبلغ به إلى تسعة وتسعين، وحد القذف لا يبلغ به ذلك فضلا عن التعريض.

وقال الشيخ: التعزير من كل صنف من موجبات الحد اقل من حد ذلك الصنف(٥)

____________________

(١)السرائر: باب الحد في الفرية.. ص ٤٦٦ س ٣٥ قال: واذا قال له: انت ولد حرام فهو كقوله انت ولد زنا الخ.

(٢)الوسيلة: فصل في بيان الحد في الفرية وما يوجب التعزير ص ٤٢٣ س ٤ قال: التعزير ما بين العشرة إلى العشرين.

(٣)في (گل): إلى تسعة وتسعين سوطا.

(٤)الكافي: الحدود، فصل فيما يوجب التعزير ص ٤٢٠ س ١٠ قال: والتعزير لما يناسب القذف الخ.

(٥)لم اعثر عليه بتلك العبارة، وفي الخلاف، كتاب الاشربة، مسألة ١٤ قال: لا يبلغ بالتعزيز حدا كاملا، بل يكون دونه، وادنى الحدود في جنب الاحرار ثمانون، فالتعزير فيهم تسعة وسبعون جلدة إلى آخره، ونحوه في المبسوط: ج ٨ ص ٦٩ س ٢٤ فلاحظ.

[*]

٧٣

(الثاني) في المقذوف

ويشترط فيه: البلوغ، وكمال العقل، والحرية، والاسلام، والستر. فمن قذف صبيا، أو مجنونا، أو مملوكا، أو كافرا، أو متظاهرا بالزنى لم يحد بل يعزر، وكذا الاب لو قذف ولده. ويحد الولد لو قذفه. وكذا الاقارب.

(الثالث) في الاحكام

فلو قذف جماعة بلفظ واحد، فعليه حدان جاؤا وطالبوا مجتمعين، فان افترقوا فلكل واحد حد. وحد القذف يورث كما يورث المال، ولا يرثه الزوج ولا الزوجة. ولو قال: ابنك زان، أو بنتك زانية، فالحد لهما، وقال في النهاية: له المطالبة أو العفو. ولو ورث الحد جماعة فعفا احدهم، كان لمن بقي الاستيفاء على التمام.] واختاره العلامة(١) . وهو حسن، لو رود النص: انه لا يبلغ بالتعزير الحد. وروى اسحاق بن عمار قال: سألت ابا ابراهيمعليه‌السلام عن التعزير كم هو؟ قال: بضعة عشر سوطا من العشرة إلى العشرين(٢) .

قال طاب ثراه: ولو قال: ابنك زان، او بنتك زانية، فالحد لهما، وقال في النهاية: له المطالبة أو العفو.

____________________

(١)المختلف: ج ٢ في حد القذف ص ٢٣١ س ٢٢ قال: والوجه ما قاله الشيخرحمه‌الله من ان التعزير كل صنف من موجبات الحد، اقل الخ.

(٢)التهذيب: ج ١٠(١٠) باب من الزيادات ص ١٤٤ الحديث ١.

[*]

٧٤

[ويقتل القاذف في الرابعة اذا حد ثلاثا، وقيل: في الثالثة. والحد ثمانون جلدة حرا كان القاذف أو عبدا. ويجلد بثيابه، ولا يجرد، ويضرب متوسطا، ولا يعزر الكفار مع التنابز.

(الرابع) في اللواحق

وهي مسائل:

(الاولى) يقتل من سب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكذا من سب احد الائمةعليهم‌السلام ويحل دمه لكل سامع اذا أمن.

(الثانية) يقتل مدعي النبوة، وكذا من قال: لا ادرى محمد عليه الصلاة والسلام صادق أولا، اذا كان على ظاهر الاسلام.] أقول: الاول مذهب ابن ادريس(١) واختاره المصنف(٢) والعلامة(٣) وفخر المحققين(٤) لانتفاء الولاية عنهما. والثاني مذهب الشيخ في النهاية(٥) وتبعه القاضي(٦) لان العار حق للاب فله المطالبة بالحد، والثانية ممنوعة.

قال طاب ثراه: ويقتل القاذف في الرابعة اذاحد ثلاثا، وقيل: في الثالثة.

____________________

(١)السرائر: باب الحد في الفرية.. ص ٤٦٣ س ٣٦ قال: فان قال له ابنك زان إلى قوله: والذي يقتضيه المذهب: انهما ان كانا حيين فالحق لهما.

(٢)لاحظ عبارة النافع.

(٣)المختلف: ج ٢ في حد الفرية ص ٢٢٨ س ١٨ قال: والوجه ما قاله ابن ادريس.

(٤)الايضاح: ج ٤ كتاب الحدود، في المقذوف ص ٥٠٦ س ١٨ قال: الاصح عندي اختيار المصنف هنا وهو اختيار ابن ادريس.

(٥)النهاية: باب الحد في القرية وما يوجب التعزير ص ٧٢٤ س ١٣ قال: فان قال: ابنك زان إلى قوله: وللمقذوف المطالبة باقامة الحد الخ.

(٦)المهذب: ج ٢، باب الحد في الفرية وما يوجب التعزير: ص ٥٤٧ س ١٩ قال: واذا قال: ابنتك زانية إلى قوله: وللمقذوف المطالبة او العفو.

[*]

٧٥

[(الثالثة) يقتل الساحر اذا كان مسلما، ويعزران كان كافرا. (الرابعة) يكره ان يزاد في تأديب الصبي عن عشرة اسواط. وكذا العبد، ولو فعل استحب عتقه. (الخامسة) يعزر من قذف عبده، أو أمته.

وكذا كل من فعل محرما، أو ترك واجبا بما دون الحد.

الفصل الرابع: في حد المسكر

والنظر في امور ثلاثة: أقول: الاول اختيار الشيخ في النهاية(١) ومذهب المصنف(٢) والعلامة(٣) .

والثاني مذهب ابن ادريس(٤) .

(مقدمة)

الخمر لغة: التغطية، ومنه الخمار لسترة الرأس، وانا مخمور اي مغطا. وسمي الخمر بذلك، لتغطيتها العقل. وتحريمها ثابت بالكتاب، والسنة، والاجماع. اما الكتاب فنزل في تحريمها اربع آيات:

(الاول) يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما اثم كبير ومنافع للناس واثمهما اكبر من نفعهما(١) فاخبر أن فيهما اثما كبيرا.

____________________

(١)النهاية: باب الحد في الفرية وما يوجب التعزير ص ٧٢٥ س ٤ قال: ومن اقيم عليه الحد في القذف ثلاث دفعات قتل في الرابعة.

(٢)لاحظ عبارة النافع.

(٣)المختلف: ج ٢ في حد القذف ص ٢٢٨ س ٢٠ قال: والوجه الاول، اي قول النهاية.

(٤)السرائر: باب الحد في الفرية.. ص ٤٦٤ س ٥ قال: ومن اقيم عليه الحد في القذف ثلاث مرات إلى قوله: ان اصحاب الكبائر يقتلون في الثوالث، وهو الصحيح.

[*]

٧٦

(الثاني) قوله تعالى: (يا ايها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وانتم سكارى)(٢) فبين منافات السكر للصلاة، وهي واجبة، ووجوب احد المتنافيين يستلزم تحريم الآخر، اذ الامر بالشئ يستلزم النهي عن ضده.

(الثالث) قوله تعالى: (انما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والاثم والبغي بغير الحق)(٣) والاثم الخمر. قال الشاعر: شربت الاثم حتى ضل عقلي كذاك الاثم يذهب بالعقول(٤)

(الرابع) قوله تعالى: (يا ايها الذين آمنوا انما الخمر والميسر والانصاب والازلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون، انما يريد الشيطان ان يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل انتم منتهون)(٥) وفي هاتين الآيتين دلالة من ثمانية اوجه:

(أ) انه تعالى افتتح المحرمات بذكر الخمر والميسر، وهو القمار والانصاب، وهي الاصنام، والازلام وهي القداح التي كانوا يجعلونها بين يدي الاصنام، فلما ذكرها مع المحرمات، وافتتح بها دل ذلك على انها اكد المحرمات.

(ب) قوله: (رجس) والرجس يقال بالاشتراك على الحرام والخبيث، وأيا ما اريد منهما دل على حرمتها، لقوله تعالى: (ويحرم عليهم الخبائث)(٦) .

____________________

(١)البقرة: ٢١٩.

(٢)النساء: ٤٣.

(٣)الاعراف: ٣٣.

(٤)وانشد ابن الانباري في ان الاثم هو الخمر: شربت الاثم الخ، التبيان: ج ٤ ص ٣٩٠ وفي لسان العرب: ج ١٢ ص ٦ قال: والاثم عند بعضهم الخمر، قال الشاعر: شربت الاثم الخ.

(٥)المائدة: ٩٠ ٩١.

(٦)الاعراف: ١٥٧.

[*]

٧٧

(ج) قوله: (من عمل الشيطان) وعمل الشيطان حرام.

(د) قوله: (فاجتنبوه) امر باجتنابه، والامر للوجوب، فيكون حراما.

(ه‍) قوله: (لعلكم تفلحون) يعني باجتنابها، وضد الفلاح الفساد.

(و) قوله: (انما يريد الشيطان ان يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر) وما يوقع العداوة حرام لوجوب اللطف.

(ز) قوله تعالى: (ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة) وما يصد عنهما او عن احدهما حرام.

(ح) قوله تعالى: (فهل انتم منتهون) وهذا نهى ومنع منها، ويقال: ابلغ كلمة في النهي ان يقول: أهل أنت منته؟ لانه يتضمن معنى التهديد.

واما السنة فكثير. مثل ما روى عنهعليه‌السلام : كل شراب اسكر فهو حرام(١) وعنهعليه‌السلام : الخمر من الخبائث من شربها لم يقبل الله له صلاة اربعين يوما، وان مات وهي في بطنه مات ميتة جاهلية(٢) . وعنهعليه‌السلام : لعن الله الخمر وعاصرها، ومعتصرها، وبائعها، ومشتريها، وحاملها، والمحمولة اليه، وساقيها، وشاربها، وآكل ثمنها(٣) .

____________________

(١)السنن الكبرى للبيهقي: ج ٨ كتاب الاشربة والحد فيها ص ٢٩١ س ٨ و ١٢ ورواه في المبسوط: ج ٨ كتاب الاشربة ص ٥٨ س ٥.

(٢)سنن الدار قطني: ج ٤ كتاب الاشربة وغيرها ص ٢٤٧ الحديث ١ وفيه: الخمرام الخبائث الخ ورواه في المبسوط: ج ٨ كتاب الاشربة ص ٥٨ س ٦ كمافي المتن.

(٣)مسند احمد بن حنبل: ج ٢ ص ٩٧ س ٣ ورواه الحاكم في المستدرك ج ٢ كتاب البيوع ص ٣١ س ١٤ وص ٣٢ س ٢ ورواه البيهقي في السنن الكبرى: ج ٨ كتاب الاشربة والحد فيها ص ٢٨٧ س ١٨ ورواه في المبسوط: ج ٨ كتاب الاشربة ص ٥٨ س ٨ ورواه في الفقيه: ج ٤ ص ٤٠ في ذيل حديث ٣ س ١٨.

[*]

٧٨

وعنهعليه‌السلام : ان الله عزوجل جعل الذنوب في بيت وجعل مفتاحها الخمر(١) .

واما الاجماع: فمن سائر المسلمين لا يخالف احد منهم فيه.

اذا عرفت هذا فاعلم: ان اسم الخمر حقيقة في عصير العنب بالاجماع. واما غيره من الانبذة المسكرة، فهل يطلق عليها اسم الخمر بالحقيقة؟ قيل: نعم، لان الاشتراك في الصفة يوجب الاشتراك في الاسلام، وقيل: بالمجاز، فقيل: المراد في هذه الآيات مجموع الحقيقة والمجاز مجازا.

ونبه على ذلك قولهعليه‌السلام : كل مسكر حرام(٢) . وقيل: البواقي انما حرم بهذا النص، ونفس الخمر بالآيات.

وقال فخر المحققين: والاقوى ان تحريمها معلوم من الآية الثانية في سورة النساء(٣) ومن نصهصلى‌الله‌عليه‌وآله . وتحريم الفقاع بالنصوص المتواترة عن أهل البيتعليهم‌السلام (٤) واجماع علماء الامامية عليه، وليس مسكرا. وكذا الحشيشة لقولهعليه‌السلام : كل مسكر حرام، وهي مسكرة.

____________________

(١)الفقيه: ج ٤(١٧٦) باب النوادر وهواخر ابواب الكتاب ص ٢٥٥ س ١٢.

(٢)سنن ابن ماجة: ج ٢ كتاب الاشربة ص ١١٢٣(٩) باب كل مسكر حرام، الحديث ٣٣٨٧ و ٣٣٨٨ و ٣٣٨٩ و ٣٣٩١ وباب ١٠ الحديث ٣٣٩٢ وعوالي اللئالي: ج ٣ ص ٥٦٢ الحديث ٦٤ ولاحظ ما علق عليه.

(٣)الايضاح: ج ٤ في حد الشرب ص ٥١٢ س ١٢ قال: والاقوى ان تحريمها معلوم من الآية الثانية من سورة النساء، ومراده قوله تعالى: (ولا تقربوا الصلاة وانتم سكارى) سورة النساء: ٤٣ وهي الآية الثانية من استدلاله.

(٤)الوسائل: ج ١٧ ص ٢٨٧ الباب ٢٧ من ابواب الاشربة المحرمة، وباب ٢٨ باب تحريم بيع الفقاع وكل مسكر، فلاحظ.

[*]

٧٩

[(الاول) في الموجب: وهو تناول المسكر والفقاع اختيارا، مع العلم بالتحريم. ويشترط البلوغ والعقل. فالتناول يعم الشارب والمستعمل فر الادوية، والاغذية، ويتعلق الحكم ولو بالقطرة. وكذا العصير اذا غلا مالم يذهب ثلثاه، وكل ما حصلت فيه الشدة المسكرة.] ونعني بالاسكار: ما غطى العقل وغيب الذهن.

وقيل: السكران الذي لايفرق بين الطول والعرض، والسماء والارض، فما كان هذا شأنه من الاشربة والادوية في غالب الامزجة، كان حراما، ولا عبرة بالنادر، فما لا يغير الابعض الاذهان، او في بعض الازمان، لا يحرم. وكذا ما كان الغالب فيه الاسكار لا عبرة لمن لايسكره ذلك لادمانه، او لقلة ما يتناول منه، او لخروج مزاجه عن حد الاعتدال، بل يتناوله التحريم، ويثبت في حقه الحد تاما، ويتعلق الحكم ولو بالقطرة، وان استعمل فيما يوجب استهلاكه بان جعل في طعام، او عجن به دقيق.

وكذا يتعلق الحكم بعصير العنب، وثبت له حكم الخمر اذا غلا. ومعنى الغليان ان يصير اسفله اعلاه من نفسه، او بالنار، وان لم يقذف بالزبد، ويحل اذا ذهب ثلثاه سواء كان ذلك بالنار او بالشمس او بغير هما وبقى دبسا. اما عصير التمر والرطب فلا يحرم وان ازبد مالم يسكر. وكذا لو القى الزبيب في طبيخ وغلا، لم يحرم حتى يعلم حصول الاسكار فيه. وقد سموا ما اتخذ من التمر نبيذا، ومن البسر فضيخا، ومن الدخن او الذرة مرزا، ومن الزبيب نقيعا، ومن العسل تبعا.

٨٠