أشهد أن عليا ولي الله في الأذان

أشهد أن عليا ولي الله في الأذان10%

أشهد أن عليا ولي الله في الأذان مؤلف:
الناشر: الاجتهاد
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 595

أشهد أن عليا ولي الله في الأذان
  • البداية
  • السابق
  • 595 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 156805 / تحميل: 12402
الحجم الحجم الحجم
أشهد أن عليا ولي الله في الأذان

أشهد أن عليا ولي الله في الأذان

مؤلف:
الناشر: الاجتهاد
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

 وتوهُّمُ الجاهلِ الجزئيةَ غيرُ صالح لإثبات الحرمة كما في سائر ما يتخلّل بينهما من الدعاء، بل التقصير على الجاهل حيث لم يتعلّم. بل وكذا التحريم مع اعتقاد المشروعيّة، إذ لا يتصوّر اعتقادٌ إلاّ مع دليل، ومعه لا إثم، إذ لا تكليف فوق العلم، ولو سلّم تحقّق الاعتقاد وحرمته فلا يوجب حرمة القول ولا يكون ذلك القول تشريعاً وبدعةً كما حقّقنا في موضعه.

 وأمّا القول بكراهتها: فإن أُريد بخصوصها، فلا وجه لها أيضاً. وإن أُريد من حيث دخولها في التكلّم المنهيّ عنه في خلالهما، فلها وجه لولا المعارِض، ولكن تعارضه عمومات الحثّ على الشهادة مطلقاً، والأمر بها بعد ذكر التوحيد والرسالة بخصوصه كما في المقام، رواه في (الاحتجاج) عن الصادقعليه‌السلام : قال: (فإذا قال أحدكم: لا إله إلاّ الله، محمّد رسول الله، فليقل: عليّ أمير المؤمنينعليه‌السلام )(١) بالعموم من وجه، فيبقى أصل الإِباحة سليماً عن المزيل، بل الظاهر من شهادة الشيخ والفاضل والشهيد(٢) كما صرّح به في (البحار)(٣) ورود الأخبار بها في الأذان بخصوصه أيضاً.

 قال في (المبسوط): وأمّا قول: (أشهد أنّ عليّاً أمير المؤمنين)عليه‌السلام ، على ما ورد في شواذّ الأخبار فليس بمعمول عليه.

____________________

(١) الاحتجاج ١: ٢٣١.

(٢) الشيخ في النّهاية: ٦٩، المبسوط ١: ٩٩، الفاضل في المنتهى ٣: ٣٨٠ / المسألة الخامسة، الشهيد حيث نسبه إلى الشيخ في الذكرى ٣: ٢٠٢، البيان: ١٤٤.

(٣) البحار ٨١: ١١١.

٤٠١

 وقال في (النّهاية) قريباً من ذلك.

 وعلى هذا فلا بُعْد في القول باستحبابها فيه؛ للتسامح في أدلّته. وشذوذ أخبارها لا يمنع عن إثبات السنن بها، كيف؟! وتراهم كثيراً يجيبون عن الأخبار بالشذوذ، فيحملونها على الاستحباب) (١) .

فالشيخ النراقي وبعد عرضه لأهمّ الأقوال في المسألة فَنّدَ جميع الأقوال المطروحة التي لا تتّفق مع رأيه، سواء القائلة بالحرمة، لتوهّم الجاهلين الجزئية، أو لفوت الموالاة، أو لكونها لم ترد في الأذان البياني المنقول عن الأئمّة، وهكذا الحال بالنسبة إلى القائلين بالكراهة، فإنهرحمه‌الله قرّر كلامهم وردّه في سطر واحد، ثم ختم كلامه بإعطاء وجهة نظره، فقال:(وعلى هذا فلا بعد في القول باستحبابها فيه، للتسامح في أدلّته، وشذوذُ أخبارها لا يمنع عن إثبات السنن بها، كيف؟! وتراهم كثيراً يجيبون عن الأخبار بالشذوذ، فيحملونها على الاستحباب) .

ثم جاءرحمه‌الله في كتابه(رسائل ومسائل) يستنصر لقول شيخه كاشف الغطاء(٢) اختلاف في الهامش القائل بعدم جزئية الشهادة الثالثة في الأذان، مؤيِّداً ما اقترحه في استبدال جملة (أشهد أنّ عليّاً ولي الله) ب (أشهد أنّ عليّاً أمير المؤمنين وخليفته بلا فصل وأنه أفضل الناس بعد رسول الله)، مستشكلاً على كلام المجلسي الثاني في(بحار الأنوار) الذي لم يستبعد أنّها من الأجزاء المستحبة في الأذان، فقال:

 وتحقيق ما أفاده شيخنا الأعظم ومخدومنا الأفهم (أدام الله أيّام إفاداته)، ومتّع أهل الإسلام بطول حياته: من أنّه ليس من الأذان قول (أشهد أنّ عليّاً وليّ الله) وأمثاله، فهو كذلك، والأحاديث الواردة في بيان الأذان وتعداد فصوله عن أئمّتنا الطاهرين يرشد

____________________

(١) مستند الشيعة ٤: ٤٨٦ - ٤٨٧.

(٢) لا يخفى عليك أن تقديمنا لكلام النراقي على كاشف الغطاء جاء لتقدم وفاته على وفاة شيخه، وإن كان المنهج العلمي يدعونا أن نأتي بكلام كاشف الغطاء ثم تعليق النراقي عليه، لكنا تركنا ذلك لأتباعنا سن الوفاة في هذا الفصل لا الشيخوخة.

٤٠٢

 إليه، والإجماعُ المحقّق قطعاً يدلّ عليه، وعدّ جماعة من فحول فقهائنا الأخبارَ المتضمّنة له من الشواذّ غير المعمول بها، ونسبتها إلى الوضع يؤكّده، والشواهد التي ذكرها شيخنا الفريد يؤيّده، ولم أعثر على من يجوّز كونه من الأذان.

 نعم، قال شيخنا المجلسيقدس‌سره فيالبحار بعد نقل قول الصدوق: (ولا يبعد كون الشهادة بالولاية من الأجزاء المستحبّة للأذان، لشهادة الشيخ والعلاّمة به بورود الأخبار بها)، ثمّ نقل عبارات النهاية والمبسوط والمنتهى الّتي نقلها شيخنا (أدام الله بقاءه)، وزاد في عبارةالنهاية : (ومن عمل بها كان مخطئاً)، وهو مردود بأنّه...

 كيف يسمع شهادته بوجود الخبر ولا يسمع بكونه شاذّاً غير معمول به، بل يكون العمل به خطأً، وأيّ حجّة في نقل ذلك الخبر الذي لا يُعلَمُ سنده ولا متنه لينظر في حاله ودلالته، مع كونه مخالفاً للإجماع المقطوع به وتصريح الصدوق بكونه موضوعاً ومع معارضته مع سائر الأخبار المشهورة، بل الصحيحة أيضاً الواردة في فصول الأذان، ولم يقل أَحَدٌ بحجيّة مثل ذلك الخبر.

 وإن كان نظره إلى التسامح في أدلّة السنن، ففيه أنّه إذا لم يكن لها معارض من إجماع وغيره. وأمّا معه، فلا يبقى دليل حتّى يتسامح، مع أنّه كما صرّح به جماعة أنّ التسامح فيها إنّما هو إذا كان الدليل مظنونَ الصدق أو غيرَ مظنون الكذب. ويدلّ عليه أنّ معظم دليل التسامح الأخبار المستفيضة المصرّحة بأنّه (من بلغه شيء من الثواب ففعله التماس ذلك الثواب أو رجاءه فله أجره) ولا يتحقّق التماس الثواب ولا رجاؤه مع ظنّ الكذب. ولا شكّ

٤٠٣

في حصول الظنّ بالكذب مع تصريح مثل الصدوق بالوضع، وشهادة الجماعة بالشذوذ، بل يحصل العلم بالمخالفة للواقع بملاحظة الإجماع القاطع.

 ثمّ ما أفاده شيخنا المحقّق (دام ظله) من قوله: (ومن قصد ذكر أمير المؤمنينعليه‌السلام لإظهار شأنه، أو لمجرّد رجحانه لذاته، أو مع ذكر ربّ العالمين أو ذكر سيد المرسلين، كما روي ذلك فيه وفي باقي الأئمة الطاهرين، أو الردّ على المخالفين وإرغام أنوف المعاندين، أُثيب على ذلك). فهو أيضاً مما لا ريب فيه ولا شبهة تعتريه، وبملاحظة الدليلين الأول والآخر يظهر أولويّة التبديل الذي أفاده؛ وذلك لأنّ الولاية وإن كانت من المراتب العظيمة والصفات العليّة إلاّ أنّ لفظها يستعمل في معان كثيرة أحدها المحبّ، فلا يدلّ على المطلوب إلاّ مع القرينة.

 ولو سلّمنا ظهوره في المطلوب فإنّما نسلّمه في الصدر [الأوّل] قبل ورود النصّ بولاية أمير المؤمنينعليه‌السلام . وأمّا بعده فلمّا ثقل ذلك على المخالفين المنافقين ذكروا للفظ الوليّ المعاني الكثيرة وأثبتوها في كتبهم المضلّة، وأذاعوا بين الناس، بحيث يمكن أن يقال بصيرورة المعنى المطلوب مهجوراً عندهم، بل الظاهر أنّهم في أمثال هذا الزمان سيّما عوامّهم لا يفهمون المعنى المطلوب، فلا يحصل به أمرٌ عامُّ الفهم ولا إظهار شأن مولانا أمير المؤمنينعليه‌السلام ، بل من الأخبار الواردة في ذكر مولانا مع ربّ العالمين وذكر سيّد المرسلين ما يأمر بذكر أمير المؤمنين، كما رواه الشيخ أحمد بن أبي طالب الطبرسي فيالاحتجاج عن القاسم بن معاوية، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، إنه قال: فإذا قال أحدكم:

٤٠٤

لا إله إلاّ الله محمد رسول الله، فليقل: علي أمير المؤمنين.

 بل لا يبعد أن يستفاد أولويّة التبديل في هذا الزمان ممّا ذكره بعض العلماء في وجه أمر النّبي بشهادة (أن لا إله إلاّ الله) دون (إن الله موجود)، من أنّه لم يكن أحد نافياً لوجود الصانع، بل كانوا يثبتون الشريك، فلو أمر بشهادة الوجود لكان يوهم الخلاف فيه.

 فيمكن أن يقال إنّه لمّا كان الشائع في هذا الزمان عند عوامّ المخالفين بل الكفّار من اليهود والنصارى أنّ معنى الوليّ المحبّ، فالإذعان بشهادته يمكن أن يوهم الخلاف بين المسلمين في كونه محبّاً لله.

 وبالجملة: ما أفاده شيخنا سلّمه الله تعالى موافقٌ للاعتبار، نابع من عين شدّة الخلوص والحرص على إظهار شأن إمام الأخيار، وإرغام أنوف مخالفيه عند الخواصّ والعوامّ، وقد سمعتُ استبعادَ بعض لذلك، بل الطعن فيه، وهو إمّا لعدم الاطّلاع على كلام الشيخ الأجلّ الأوحد، أو للعناد(١) ...

وهذا الكلام يدلّنا على أنّ فقهاءنا يتعاملون مع المسائل بروح علمية موضوعية بعيداً عن الطائفية، فيناقشون المشايخ من قبلهم، ولا يهابون أن يقولوا بعدم حجيّة الأخبار الشواذّ عندهم، وذلك لأنّ محبوبيّتها الذاتيّة والإتيان بها لمطلق القربة تبعاً للعمومات ما لا ينكره أحد.

فالشيخ النراقي أراد الإشارة إلى إمكان القول باستحبابها في السنن، أمّا القول بكونها جزءاً مستحباً فبعيد جداً عنده.

____________________

(١) رسائل ومسائل ٣: ١٥٥ - ١٥٧.

٤٠٥

هذا، ونحن لا نرتضي استدلال كاشف الغطاء والنراقيرحمهما‌الله في حذف كلمة (الولاية) من الأذان، لأنّ كلمة (الولاية) وردت في غالب رواياتنا، فلا يمكننا أن نتغاضى عما فيها من دلالات ومفاهيم عرفها المتشرّعة، أو نرفع اليّد عنها، لأنّ معناها معروف عندنا بل وعند العامّة بمعنى الأولى بالمؤمنين من أنفسهم، لقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله في يوم عيد الغدير عن عليعليه‌السلام : (هو أولى بكم من أنفسكم)(١) ، وإن كان الآخرون يريدون أن يتغافلوا عن معناها أو يستفيدوا منها شيئاً آخر، فهذا لا يعنينا بل يعنيهم؛ فالمؤذّن الشيعي حينما يقول هذه الجملة يريد أن يبوح بما يعتقد به في أئمته، وهي الرئاسة والزعامة والخلافة المنصوبة من قبل الله للأئمّة المعصومين عليٍّ والأَحد عشر من أولاد رسول الله، وإن كان الآخرون يحاولون التنكر لها، لكنّهم يعرفون معناها تماماً على الأقلّ من وجهة نظر الإمامية، وذلك كافٍ في إظهار شأنهعليه‌السلام ورجحاته الذاتي، وردّ المخالفين وإرغام أنوف المعاندين.

فلو أذعنّا لِما يتأوّله المعاندون ويحرّفه المحرّفون، للزمنا أن نرفع اليّد عن غالب المشتركات اللفظية الأخرى، كلفظة (الإمام) المخصوصة عندنا بالمعصومين من آل الرسول، مع أنّها لغةً يصحّ إطلاقها على كُلّ من أَمَّ جماعة قوم؛ حقّاً أو باطلاً، وحسبك قوله تعالى: ( وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا ) (٢) ، وقوله تعالى: ( وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ ) (٣) ، فهذا لا يمنع من استعمالها في خُصوص الإمام المعصوم ومعرفة غير الإمامية بذلك، بعد استقرار استعمالهم لها في ذلك، حتّى صارت مصطلحاً في الإمام المعصوم، بحيث لا يتبادر للذهن

____________________

(١) المستدرك على الصحيحين للحاكم ٣: ١٣ / ح ٦٢٧٢، قال صحيح الإسناد ولم يخرجاه، قال الذهبي في تعليقه: صحيح.

(٢) الأنبياء: ٧٣.

(٣) القصص: ٤١.

٤٠٦

عند استعمالنا لها إلاّ ذلك، ولو أردنا استعمالها في غير ذلك لزم علينا نصب قرينة مقالية أو حالية، وكذلك بالضبط لفظ المولى والوليّ.

ومن الطريف أن أنقل هنا قصّة حديث لأحد أعلامنا في القرن الأخير وهو السيّد الكلبايكانيرحمه‌الله ، حيث إنّ الاشتراك اللفظي في كلمة (الولي) قد أنقذه من الفتك به في بلد الله الحرام؛ إِذ شرح هو قصته في كتابه(نتائج الأفكار في نجاسة الكّفار) فقال: وقد وقعت في المرّة الأولى من تشرّفي لحجّ بيت الله الحرام قضية لطيفة يناسب ذكرها في المقام، وهي: إنّه عندما تشرّفنا بالمدينة الطيّبة لزيارة قبر النبيّ الأقدس وقبور الأئمةعليهم‌السلام ، فقد سمحت لنا الظروف وساعدنا الأمر فكنّا نصلّي بالناس جماعة في مسجد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأذّن مؤذّننا وأجهر بشهادة الولاية، فأفضى المخبِر الدوليّ هذه القضية إلى قاضي القضاة وأخبره أنّ مؤذّن جماعة الشيعة قال في أذانه: (أشهد أنّ عليّاً ولي الله)، ولكنّ القاضي أجابه: وأنا أيضاً أقول: (أشهد أنّ عليّاً وليّ الله) ! فهل أنت تقول: (أشهد أنّ عليّاً عدو الله)؟! فأجابه بقوله: لا والله وأنا أيضاً أقول أنّه ولي الله. وعلى الجملة: فقاضيهم أيضاً قد صَرَّح بأن نقول إنّه وليّ الله، غاية الأمر أنّا لا نقول به في الأذان، وبذلك فقد قضى على الأمر وأُطفِئت نار الفتنة(١) .

٣٠ - حجة الإسلام الشفتي (ت ١٢٦٠ هـ)

قال السيّد محمد باقر الشفتي المشهور ب (حجّة الإسلام الشفتي) في كتابه(مطالع الأنوار في شرح شرائع الإسلام) .

 فعلى هذا ظهر لك أنّ الشهادة بثبوت الولاية لمولانا الأميرعليه‌السلام ليس من جزء الأذان، نعم هو من أعظم الإيمان، قال في (الفقيه)

____________________

(١) نتائج الأفكار في نجاسة الكفّار: ٢٤٣ بقلم علي الكريمي الجهرمي.

٤٠٧

بعد أن أورد حديث الحضرمي والأسدي المتقدم: (هذا هو الأذان الصحيح لا يزاد فيه ولا ينقص منه، والمفوّضة لعنهم الله قد وضعوا أخباراً زادوا بها في الأذان (محمد وآل محمد خير البرية) مرتين، وفي بعض رواياتهم بعد (أشهد أنّ محمداً رسول الله): (أشهد أنّ عليّاً وليّ الله) مرتين، ومنهم من روى بدل ذلك (أشهد أنّ عليّاً أمير المؤمنين حقاً) مرتين، قال: ولا شكّ في أنّ عليّاً وليّ الله، وأنّه أمير المؤمنين حَقاً، وأنّ محمّداً وآل محمد صلوات الله عليهم أجمعين خير البرية، ولكن ليس ذلك في أصل الأذان).

 وعن النهاية: وأمّا ما روي في شواذّ الأخبار من قول أن عليّاً ولي الله حقاً وأنّ محمّداً وآله خير البشر فممّا لا يعمل عليه في الأذان والإقامة، فمن عمل به كان مخطئاً.

 وبالجملة: لم أجد في الأصحاب من ذهب إلى أنّ الشهادة بالولاية من الأجزاء المقوِّمة للأذان ولا المستحبّة له، عدا ما يظهر من العلاّمة المروّج السّمِيِّ المجلسي؛ قال في (البحار): لا يبعد كون الشهادة بالولاية من الأجزاءِ المستحبّة للأذان، لشهادة الشيخ والعلاّمة والشهيد وغيرهم بورود الأخبار بها، قال الشيخ في (المبسوط): (وأمّا قول (أشهد أنّ عليّاً أمير المؤمنين) و(آل محمد خير البرية) على ما ورد في شواذّ الأخبار، فليس بمعمول عليه في الأذان، ولو فعله الإنسان لم يأثم به، غير أنّه ليس من فضيلة الأذان ولا كمال فصوله).

 قال في (النهاية): (فأمّا ما روى في شواذّ الأخبار من قول (أنّ عليّاً ولي الله) و(أنّ محمّداً وآله خير البشر) فممّا لا يعمل عليه في الأذان والإقامة، فمن عمل به كان مخطئاً).

 

٤٠٨

وقال في (المنتهى): (وأمّا ما روي من الشاذّ من قول (أنّ عليّاً ولي الله) و(أنّ محمّداً وآل محمد خير البرية) فمما لا يعوّل عليه).

 قال: ويؤيّده ما رواه الشيخ أحمد بن أبي طالب الطبرسي في كتاب (الاحتجاج)، عن القاسم بن معاوية، قال: قلت لأبي عبداللهعليه‌السلام : هؤلاء يروون حديثاً في معراجهم أنّه لمّا أُسري برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله رأى على العرش لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله أبو بكر الصديق، فقال: سبحان الله ! غيّروا كلّ شيء حتى هذا؟! قلت: نعم، قال: إنّ الله عزّ وجلّ لمّا خلق العرش كتب عليه (لا إله إلاّ الله محمد رسول الله علي أمير المؤمنين)، ثم ذكرعليه‌السلام كتابة ذلك على الماءِ، والكرسيّ، واللّوح، وجبهة إسرافيل، وجناحي جبرئيل، وأكناف السماوات والأرضين، ورءوس الجبال، والشمس والقمر، ثمّ قالعليه‌السلام : (فإذا قال أحدكم: لا إله إلاّ الله، محمد رسول، الله فليقل: علي أمير المؤمنين). فيدلّ على استحباب ذلك عموماً، والأذان من تلك المواضع، انتهى كلامه أعلى الله مقامه.

 وفي التأييد ما لا يخفى؛ إذ ذكره في الأذان من حيث كونه فرداً من أفراد العموم رجحانه ممّا لا ريب فيه، وإنّما الكلام في إيراده في الأذان من حيث الخصوصيّة.

 ومما ذكر يظهر أنّ مَن جمع بين الشهادة بالإمارة والولاية فيقول: (أنّ عليّاً أمير المؤمنين ولي الله) كان أولى، ليحصل الامتثال بكلا النصيّن، فتأمل (١) .

وقال في(تحفة الأبرار) بالفارسية ما ترجمته:

____________________

(١) مطالع الأنوار في شرح شرائع الإسلام ١: ٢٤٩.

٤٠٩

وأمّا الشهادة بالولاية لعليّ فليست من الأجزاء اللاّزمة ولا الأجزاء المستحبة، وعليه إطباق الفقهاء إلاّ العلاّمة المجلسي في (بحار الأنوار)؛ حيث ادّعى أنّها من الأجزاء المستحبّة، لكنّ الإنصاف أنّ الحكم بالجزئية ضعيف، لكنّ بما أنّ في (الاحتجاج) حديثاً مضمونه: (أنّ من قال لا إله إلاّ الله محمد رسول الله، فليقل: عليّاً ولي الله)، فلو شهد أحد بالولاية لعليّ بعد الشهادة بالرسالة لمحمد بن عبدالله بقصد امتثال هذا الحديث لا بقصد أنّه جزء الأذان فقد أتى بعمل مستحبّ وراجح مطلقاً، لا بعنوان الأذان.

 لكنّ بعض الأعاظم مثل الشيخ الطوسي والعلاّمة الحليّ قالا بورود أخبار شاذّة في الشهادة بالولاية لعليّ، فلو قال المؤذّن بعد شهادته بالنبوّة لمحمد: (أشهد أنّ عليّاً أمير المؤمنين وليّ الله) جمعاً بين الخبرين المحكيَّين لكان كلامه موافقاً لتلك الأخبار، لكن لا بقصد الجزئية، بل بقصد امتثال الخبرين الآنفين (١) .

أقول: وكلامه صريح في المطلوب؛ فهوقدس‌سره جزم بأنّ الإنصاف يقضي بضعف القول بالجزئية، كما يقضي بأنّ الشهادة الثالثة ليست من فصول الأذان؛ إذ لا دليل واضح على ذلك، لكنّ هذا لا يمنع أنّ تكون الشهادة الثالثة مستحبة دائماً وراجحة مطلقاً حسبما جزم بهقدس‌سره أيضاً، بقوله: (وفي التأييد ما لا يخفي إذ ذكره في الأذان من حيث كونه فرداً من أفراد العموم رجحانه مما لا ريب فيه) والسبب في ذلك هو وجود أدلّة منها خبر القاسم ابن معاوية الذي ينفع لإثبات الاستحباب المطلق انطلاقاً من أنّ الأخذ بالحديث الضعيف برجاء الثواب أمرٌ لا يعترض عليه كلّ علماء الإسلام، سنّة وشيعة. نعم، لا يمكن التمسّك به للقول بالجزئية، وهذا

____________________

(١) تحفة الأبرار الملتقط من آثار الأئمة الأطهار ١: ٤٣٢ - ٤٣٣.

٤١٠

هو معنى كلامه. وعليه، فلو تعبّد المسلم بهذا الحديث بقصد الامتثال رجاءً للثواب فقط، لا بقصد التشريع وتأسيس الأحكام، أُثيب على ذلك.

٣١ - الميرزا إبراهيم الكرباسي (ت ١٢٦١ هـ)

قال الميرزا إبراهيم الكرباسي في(المناهج) عند ذكر كيفية الأذان: الشهادة بالولاية ليست من أجزاء الأذان والإقامة، ولكن لو شهد بها بقصد رجحانها بنفسها أو بعد ذكر الرسول كان حسناً(١) .

 وللفقيه الكرباسي رسالة عملية باسم(النخبة) علّق عليها جمع من الأعلام، كالشيخ الأنصاري، والميرزا الشيرازي، والسيّد إسماعيل الصدر، والشيخ الميرزا حسين الخليلي، ومحمد تقي الشيرازي، والآخوند ملا كاظم الخراساني، والشيخ زين العابدين الحائري، وولده الشيخ حسين وغالب هؤلاء أمضوا ما قاله الكرباسي.

٣٢ - الشيخ محمد حسن النجفي (ت ١٢٦٦ هـ)

قال الشيخ محمد حسن النجفي في(جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام) بعد أن ذكر كلام الشيخ الطوسي فيالنّهاية ، وكلام الصدوق فيالفقيه :

قلت: وتبعهما غيرهما على ذلك، ويشهد له خلوّ النصوص عن الإشارة إلى شيء من ذلك، ولعلّ المراد بالشواذّ في كلام الشيخ وغيره ما رواه المفوّضة، لكنْ ومع ذلك كلّه فعن المجلسي أنّه لا يبعد كون الشهادة بالولاية من الأجزاء المستحبّة للأذان استناداً

____________________

(١) سر الإيمان، للمقرم: ٥٢.

٤١١

إلى هذه المراسيل التي رُميت بالشذوذ وأنّه ممّا لا يجوز العمل بها، وإلى ما في خبر القاسم بن معاوية المرويّ عن احتجاج الطبرسي، عن الصادقعليه‌السلام : (إذا قال أحدكم: لا إله إلاّ الله محمد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فليقل: علي أمير المؤمنين) وهو كما ترى، إلاّ أنّه لا بأس بذكر ذلك لا على سبيل الجزئية، عملاً بالخبر المزبور، ولا يقدح مثله في الموالاة والترتيب، بل هي كالصلاة على محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله عند سماع اسمه، وإلى ذلك أشار العلاّمة الطباطبائي في منظومته عند ذكر سنن الأذان وآدابه، فقال:

صلِّ إذا ما اسمُ مُحمَّد بدا

عليهِ والآلَ فَصِلْ لِتُحْمدا

وأَكْمِلِ الشَّهادتينِ بالَّتي

قد أُكمِل الدِّينُ بها في الملَّةِ

وأنّها مثلُ الصّلاةِ خارِجَه

عن الخصوصِ بالعمومِ والِجَه

بل لولا تسالم الأصحاب لأمكن دعوى الجزئية بناءً على صلاحية العموم لمشروعية الخصوصيّة، والأمر سهل(١) .

 وفي(نجاة العباد) قال:

 يستحبُّ الصلاة على محمّد وآله عند ذكر اسمه، وإكمالُ الشهادتين بالشهادة لعليٍّ بالولاية للهِ وإِمرةِ المؤمنين في الأذان وغيره(٢) .

وقد أمضى هذه الفتوى كلُّ من علّق على(نجاة العباد) من الأعلام، كالشيخ مرتضى الأنصاري، والسيّد الميرزا حسن الشيرازي، والسيّد إسماعيل الصدر،

____________________

(١) جواهر الكلام ٩: ٨٦.

(٢) نجاة العباد نسخة خطبة برقم ١٤٧٨، الصفحة ١٠١، موجودة في مؤسسة كاشف الغطاء العامة / النجف الأشرف، وقريب منه في مجمع الرسائل (المحشَّى لصاحب الجواهر) ١: ٣٣٤، وانظر صفحة ٢٢٦ منه كذلك.

٤١٢

والسيّد محمد كاظم اليزدي، والميرزا محمّد مهدي الشهرستاني.

وذكر صاحب الجواهر عين هذه الفتوى في رسالته العملية باللغة الفارسية المطبوعة في إيران سنة ١٣١٣، والتي عليها حاشية الشيخ مرتضى الأنصاري، والميرزا الشيرازي، والحاج ميرزا حسين الجليلي، وكلّهم أمضوا الفتوى بلا تعقيب.

٣٣ - الشيخ مرتضى الأنصاري (ت ١٢٨١ هـ)

لم يتعرّض الشيخ الأنصاري في كتاب الصلاة إلى بحث الأذان، فلذلك لم نقف على نظره فيه، لكنّ الموجود في رسالته العملية باللّغة الفارسية المسماة ب(النخبة) ما ترجمته:

 الشهادة بالولاية لعليّ ليست جزءاً من الأذان، ولكن يستحب أن يؤتى بها بقصد الرجحان، أمّا في نفسه أو بعد ذكر الرسول. أمّا لو قالها بقصد الجزئية، فحرام(١) .

٣٤ - الشيخ مشكور الحَوَلَاوي (ت ١٢٨٢ هـ)

قال الشيخ مشكور في(كفاية الطالبين) :

ويستحبّ الصلاة على محمد وآله عند ذكر اسمه، وإكمال الشهادتين بالشهادة لعليعليه‌السلام بالولاية لله تعالى وإمرة المؤمنين في الأذان وغيره(٢) .

وأمضى ذلك ولده الشيخ محمد جواد المتوفّى ١٣٣٤ هـ فيما علَّقه على تلك الرسالة.

____________________

(١) النخبة: ٥٢.

(٢) كفاية الطالبين: ٨٧.

٤١٣

٣٥ - المُلاّ آقا الدربندي (ت ١٢٨٥ هـ)

قال الشيخ الملاّ آقا الدربندي، وهو من تلامذة شريف العلماء، في رسالته الفارسية المطبوعة أيّام حياته ما ترجمته: لا بأس بالشهادة لعليّ بإمرة المؤمنين وقول (أن محمداً وآله خير البرية) إذا لم يكن بقصد الجزئية. أما لو قالها بقصد الجزئية، فإنّه وإن كان حراماً إلاّ أنّه لا يبطل الأذان به.

ونحن نفهم من كلامه بأنّ جملة (أن محمداً وآله خير البرية) كانت تقال على عهده، وأنّ شعار الشيعة لم يقتصر على (أشهد أن عليّاً ولي الله)، وهو يفهمنا ويؤكّد لنا أنّهم كانوا يأتون بها لا على نحو الجزئية لاختلاف صيغها عندهم منذ تشريعها وحتى أواخر القرن الثالث عشر الهجري.

٣٦ - الشيخ علي الزنجاني (ت ١٢٩٠ هـ)

قال الشيخ الملاّ علي الزنجاني في شرحه على القواعد:

 وأمّا الشهادة على ولاية عليعليه‌السلام فليست منه [أي من الأذان] إجماعاً من المسلمين إلاّ بعض المفوّضة كما حكاه فيالفقيه . نعم، إطلاق المرويّ عنالاحتجاج : (إذا قال أحدكم: لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله، فليقل: علي أمير المؤمنين) وما يدلّ على استحبابها دائماً وكونها ذكراً لمن ذكره وزينة للمجالس حتّى باعتراف عائشة كما روي عنها عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ناهضٌ على استحبابها هنا أيضاً في أيّ موضع منه كان، وإن كان بعد الشهادة على الرسالة أولى، وكذا في الإقامة مضافاً إلى الحُسْنِ العقليّ(١) .

____________________

(١) نظام الفرائد: ٣٢٧.

٤١٤

٣٧ - السيّد محمد علي المرعشي الشهرستاني (ت ١٢٩٠ هـ)

أتى السيّد الجدّ محمد علي بن محمد حسين بن محمد إسماعيل المرعشي الحسيني الشهرستاني في كتابه(شرح التبصرة) بكلام الصدوق فيالفقيه ، وكلامَي الشيخ فيالنّهاية والمبسوط، وكلام العلاّمة فيالتذكرة ، ثمّ وقال:

 ويجوز الإتيان بالشهادة بالولاية لأمير المؤمنين في الأذان لا على نحو الجزئية، بل لما لها من المحبوبية تيمّناً وتبرّكاً.

٣٨ - السيّد علي بحر العلوم (ت ١٢٩٨ هـ)

قال السيّد علي بن السيّد رضا بن السيّد بحر العلوم في(البرهان القاطع في شرح المختصر النافع):

 وأمّا قول (أشهد أنّ عليّاً ولي الله) و(أمير المؤمنين) وما أشبه ذلك مما يفيد الشهادة بولاية الأئمّة بعد الشهادة بالرسالة، فليس من فصول الأذان والإقامة باتّفاق الفتوى، بل النصّ، ما عدا شاذّ مرويّ عن المفوّضة، واعترف بشذوذه الشيخ فيالمبسوط ، ولعلّ مراده مَن يقول بتفويض الله سبحانه إلى عليّعليه‌السلام لأنّهم الذين يروون هذا الحديث دون المفوّضة المعهودة في مقابل المجبّرة.

 لكنْ فيالبحار بعد حكايتها قال: لا يبعد كون الشهادة بالولاية من الأجزاء المستحبة للأذان؛ لشهادة الشيخ والعلاّمة والشهيد وغيرهم بورود الأخبار بها، قال: ويؤيّده ما رواه فيالاحتجاج عن القاسم بن معاوية في حديث عن الصادقعليه‌السلام في ذيله (إذا قال أحدكم: لا إله إلاّ الله محمد رسول الله، فليقل: عليٌّ أمير المؤمنين) فيدلّ ذلك على استحباب ذلك عموماً، والأذان من تلك المواضع، واستجوده فيالحدائق .

٤١٥

 ومراد المجلسيّرضي‌الله‌عنه من الاستناد بالأخبار التي اعترف بها الشيخ والعلاّمة وغيرهما أنّها وإن كانت شاذّة وهم قالوا (من عمل بها كان مخطئاً)، لكنه من اجتهادهم، وتؤخذ روايتهم وتطرح درايتهم؛ إذ لا بأس بالاستناد إلى الشاذّ في المستحبّات تسامحاً. لكنّ التسامح ممنوعٌ في مثله ممّا منعه جُلُّ الأصحاب، بل كلّهم.

 وأجود منه ما فيالجواهر من أنّه لو لا تسالم الأصحاب لأمكن دعوى الجزئية بناءً على صلاحيّة العموم لمشروعيّة الخصوص، ومراده من العموم نحو رواية القاسم لورود مثلها في أخبار أُخر كما أومأ المجلسيرضي‌الله‌عنه إليه بقوله: وقد مرّ أمثال ذلك في مناقبهعليه‌السلام . لكن فيه أيضاً أنّ العمومات غير صالحة لشرع الجزئية، بل غايتها استحباب التلفّظ بالشهادة بالولاية حيثما ذَكَرَ الشهادتين، وهو أعمّ من كونه جزءاً، بل سبيل تلك الإخبار سبيل الوارد بأنّه (كلّما ذكر اسم محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله قل: اللهمّ صلِّ على محمد وآل محمد)، و(كلما ذكر الله سبِّحه وقدِّسه) كما ورد في خصوص الأذان والإقامة، ولم يقل أحد بجزئية التسبيح المذكور أو الصلاة على محمد.

 وبالجملة: بالنظر إلى ورود تلك العمومات يستحبّ كلّما ذُكِرَ الشهادتان ذكر الشهادة بالولاية وإن لم ينصّ باستحبابه في خصوص المقام؛ إذ العمومات كافية له، ومنه الأذان والإقامة، فيستحبّ الشهادة بالولاية بعد الشهادتين فيهما لا بقصد جزئيّتها منهما لعدم الدليل على الجزئية، وفاقاًللدرّة حيث قال:

صلِّ إذا ما اسمُ محمّد بدا

عليه والآل فصلِّ تُحْمَدا

وأَكمِلِ الشَّهادتين بالّتي

قد أُكمل الدين بها في الملة

٤١٦

وإِنّها مثل الصلاة خارجه

عن الخصوصِ بالعموم والجِه

أي داخلة بالعموم المذكور وإن خرج عن خصوص حقيقته، وبملاحظة الخروج عن الحقيقة لا يثبت المرجوحية الثابتة لعموم الكلام في خلالهما، وهذه منه بعد الخروج؛ ضرورة استثنائها بتلك العمومات المشار إليها، مضافاً إلى قوّة دعوى عدم انصراف إطلاق الكلام إليها(١) .

٣٩ - السيّد حسين الكوهكري الترك (ت ١٢٩٩ هـ)

قال السيّد الجليل السيّد حسين الترك في رسالته العملية باللّغة الفارسية طبعة إيران ما ترجمته: ويستحبّ بعد الشهادة بالرسالة، الشهادة لعلي بالولاية.

وقال في رسالة أخرى له تحت عنوان(سؤال وجواب) باللّغة الفارسية ما ترجمته: هذه الكلمة الطيّبة ليست جزءً من الأذان والإقامة، ولكنّها تذكر تيمّناً وتبركاً باسمه الشريف.

وبعد هذا العرض السريع لأقوال الفقهاء الذين توفّوا في القرن الثالث عشر الهجري أريد أن أشير إلى أنّي قد تركت الإشارة إلى الكتب التي أُلّفت كشروح على الكتب التي لم تذكر فيها الشهادة بالولاية مثل(مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلاّمة) للعاملي المتوفى (١٢٢٦ هـ)، لأنّ ترك أمثال هؤلاء لموضوع الشهادة بالولاية له مبرّره الخاص.

وقد حكى الشيخ علي النمازي في(مستدرك سفينة البحار) عن السيّد محمد

____________________

(١) برهان الفقه ٣: ١١٠.

 

٤١٧

قلي خان المَعْنِيّ (ت ١٢٦٠ هـ) والد صاحب العبقات أنّ له رسالة في أنّ الشهادة بالولاية جزءٌ من الأذان(١) .

وهذا يدلّ على أنّ الشهادة بالولاية كان لها أنصارها من الفقهاء والعلماء في ذلك العصر حتّى ذهب البعض منهم إلى القول بجزئيّتها كوالد صاحب العبقات.

وقد حُكي عن جدّي السيّد محمد حسين بن محمد إسماعيل المرعشي الشهرستاني صهر الميرزا مهدي الشهرستاني أحد المهادي الأربعة أنّه لمّا سافر إلى الهند في أوائل القرن الثالث عشر سمع أذاناً وفيه الولاية لعليّ بصورة مختلفة عمّا كان يسمعها في العراق وإيران، وأَحْتَمِلُ أنّه سمع ما أنا سمعته في العام المنصرم حين سفري إلى الهند سنة ١٤٢٧ هـ وهو: (أشهد أنّ أمير المؤمنين وإمام المتّقين عليّاً وليُّ الله ووصيُّ رسول الله وخليفته بلا فصل).

إنّ اختلاف صيغ الأذان في العراق وإيران والهند وعلى مرّ العصور والأزمان والبلدان يؤكّد أنّهم كانوا لا يأتون بها على أنّها جزء، بل من باب المحبوبية وبقصد القربة المطلقة. ومن هذا القبيل ما نسمع به من أذكار ومقدمات دعائية قبل الأذان وبعده في بعض البلدان الشيعية، فالبعض يستفتح الأذان بهذه الجمل: (أعوذ بالله من شر الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم:( إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) اللهم صلّى على محمد وآل محمد، سبحان الله والحمد لله ولا إله إلاّ الله والله أكبر)، فهذه الجمل الدعائية ليست زيادات في الأذان كما يريد أن يصوره البعض، بل هي خارجة عن الأذان صورة وحكماً.

وبهذا انتهينا من بيان سير هذه المسألة في هذا القرن، ولا أرى ضرورة ملزِمة لمتابعة المسار كما تابعناه سابقاً في القرنين الرابع عشر والخامس عشر

____________________

(١) مستدرك سفينة البحار ٥: ٢٦٦ باب السين.

٤١٨

الهجريين لأنّها صارت حقيقة معروفة عند الجميع ولا يمكن تجاهلها، بل أكتفي بنقل عبارات بعض أعلام هذين القرنين غير معلِّق عليها، لأنّ فتاوى الأعلام في هذين القرنين كثيرة جداً، وأنّ وظيفتي كانت إيصال سفينة البحث إلى يومنا هذا وقد وصلتْ بحمد الله تعالى، رافعين كل العقبات التي كانت تعيق هذه الدراسة، معطين صورة توافقية بين من يقول بالمنع أو الجواز أو الاستحباب؛ لأنّ رسم أصول المصالحة بين الأطراف في مسألة كهذه تستوجب الاستقراء والاستدلال وهو ما سعينا لتطبيقه في بحثنا.

القرن الرابع عشر الهجري

٤٠ - السيّد الميرزا محمود البروجردي (ت ١٣٠٠ هـ)

قال السيّد الميرزا محمود بن الآقا الميرزا علي نقي بن السيّد جواد أخي السيّد مهدي بحر العلوم الطباطبائي البروجردي في كتابه(المواهب السنية في شرح الدرة الغروية) من نظم عمّ والده السيّد مهدي بحر العلوم:

 (وأكمل الشهادتين) شهادتي التوحيد والرسالة (بالتي) بالشهادة التي (قد أكمل الدين بها في الملة) وتمّت على أهله النعمة كالشهادة بالولاية لعليّ أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وكذا آل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله خير البرية، لا لأنّ ذلك من أجزاء الأذان وداخل في ماهيته؛ للإجماع الظاهر من كلمات الأصحاب المحكيّ عن صريح جماعة حيث حصروا فصول الأذان في غيره، وللأخبار الماضية الواردة في بيانها، مع أنّ تشريع الأذان كان قبل ظهور ولايتهعليه‌السلام وهذا ممّا لا إشكال فيه...

 وكيف كان فلا إشكال في عدم دخول ذلك في ماهية الأذان، والأقوى أنّه ليس جزءً مستحبّاً له أيضاً؛ لعدم الدليل على الجزئية

٤١٩

مطلقاً، فالإتيان به بقصدها بدعة وتشريع؛ خلافاً لما عنالبحار واستجوده فيالحدائق .

 قلتُ، والخبر (أي خبرالاحتجاج ) لا تأييد فيه لجزئية هذه الشهادة كما لا دلالة فيه، والتحقيق أن يقال: (أنّها مثل الصلاة) على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في بين الأذان والإقامة (خارجة) (عن الخصوص) ولا تدخل في ماهيتهما على وجه الجزئية أصلاً، لا وجوباً ولا ندباً، ولكن (بالعموم) المستفاد من خبر الاحتجاج وغيره ممّا لا يحصى ممّا دلّ على فضل ذكرهعليه‌السلام وإظهار ولايته وإمارته وساير مناقبه صلوات الله عليه (والجه) وداخلة، منها النبويصلى‌الله‌عليه‌وآله : (إنّ الله تبارك وتعالى جعل لأخي فضائل لا يحصي عددَها غيرُهُ، فمن ذكر فضيلة من فضائله مقرّاً بها غفر الله له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر ولو أتى في القيامة بذنوب الثقلين). وفي آخر: (زينوا مجالسكم بذكر علي بن أبي طالب).

 وخبر الاحتجاج لا يفيد أزيد من الرجحان العامّ كما في غيره من غير خصوصيّة للأذان والإقامة أصلا.

وأمّا شهادة الأجلاّء بورود الأخبار فلا تجدي مع رميهم لها بالشذوذ أو الوضع.

وفيالشوارع (١) : أنّ الأصحاب بين محرِّم وغير محرِّم، مع ردّ كلّهم الأخبار الدالّة عليه بالشذوذ والوضع، وعدم حمل أحد منهم إيّاها على الاستحباب، مع أنّ عادتهم ذلك، وذكرهم مستحبات كثيرة له ولو بأخبار ضعاف وهجرهم

____________________

(١) لعلّه شوارع الأحكام للكلباسي صاحب الإشارات (م ١٢٦١) وليست نسخته عندنا.

٤٢٠

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500
٥٠١

الباب الرابع

خلاصة وخاتمة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الفصل الأول 507 شخصية الحسنعليه‌السلام بين الافتراء والواقع

الفصل الثاني 517 القراءة السائدة للصلح والمشكلات التي امامها

الفصل الثالث 520 صلح الامام الحسنعليه‌السلام قراءة جديدة

الفصل الرابع 571 مسار ثقافة الامة المسلمة

الفصل الخامس 579 خلاصة في المقارنة بين مراحل سير مشروعين

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

٥٠٢
٥٠٣

الباب الرابع / الفصل الاول

شخصية الحسن عليه‌السلام بين الافتراء والواقع

اجمع الباحثون المستشرقون على وصف الحسنعليه‌السلام بانه كان شخصية متخاذلة ليس جديرا ان يكون ابنا لعليعليه‌السلام ، ولا رجل الساعة المطلوب سلم الحكم لقاء منحة سنوية يقدمها له معاوية ثم انصرف الى ملذاته وشهواته ثم مات بسبب اسرافه فيها ، وكانت مصادرهم في ذلك روايات مبثوثة هنا وهناك في مصادر التاريخ الاسلامي الاولى ، وضعها العباسيون لمواجهة خصومهم الحسنيين الثائرين لتجريدهم منسلاح الشعبية التي كانوا يتمتعون بها في الكوفة لمكانة ابائهم الحسن المثنى(1) والحسن السبط وامير المؤمنين عليعليه‌السلام وقد اقاما تجربتي حكم رائدتين اتسمتا بتقديم مصلحة الرسالة والامة على المصالح الشخصية.

وفيما يلي خلاصة كلماتهم فيه ، وبعض الروايات التاريخية الطاعنة في الحسن التي

__________________

(1) ذكر المؤرخون وأصحاب السير والحديث والانساب وغيرهم أن الحسن المثنى بن الحسن السبط حضر مع عمه الحسينعليه‌السلام يوم الطف وشهد المعركة ، وواسى عمه في الصبر على السيوف والرماح حتى أثخن بالجراح ووقع على الارض بين القتلى ، وكان به رمق. فأخذه اخواله من فزارة واستوهبوه من ابن زياد وعولج فبرئ (عمدة الطالب ص 100) واتفقوا على أنه برئ ولحق بالمدينة وتوفي سنة 97 هـ الذهبي ، تاريخ الاسلام ج 6 ص 330.

أقول : وقد تبنى ابو مخنف رواية خالف فيها الثابت من سيرة الحسن المثنى فقال (واستصغر الحسن بن الحسن بن علي وأمه خولة ابنة منظور بن زيان بن يسار الفزاري فترك فلم يقتل) (تاريخ الطبري 4 / 359). وهو شاهد على ان ابا مخنف كان قد الف كتابه مقتل الحسين رعاية للإعلام العباسي في بني الحسن والكوفة.

٥٠٤

وضعها الاعلام العباسي مع بعض كلمات الخليفة العباسي في الحسن وابيه عليعليه‌السلام ، ثم شواهد تاريخيه على عظمة شخصية الامام الحسنعليه‌السلام في العبادة والسلوك والمكانة الدينية والاجتماعية.

شخصية الامام الحسن عليه‌السلام عند المستشرقين

قال الدكتور فيليب حتي : «ولكن الحسن الذي كان يميل الى الترف والبذخ لا الى الحكم والارادة لم يكن رجل الموقف فانزوى عن الخلافة مكتفيا بهبة سنوية منحه اياها معاوية».(1)

وقال الراهب اليسوعي لامنس (البلجيكي) المتخصص بالتاريخ الاسلامي(2) : «الحسن اكبر ابناء علي من فاطمة بنت رسول الله ويلوح ان الصفات الجوهرية التي كان يتصف بها الحسن هي الميل الى الشهوات والافتقار الى النشاط والذكاء. ولم يكن الحسن على وفاق مع ابيه واخوته عندما ماتت فاطمة ولما تجاوز الشباب. وتوفي الحسن في المدينة بذات الرئة ولعل افراطه في الملذات هو الذي عجل بمنيته.(3)

وقال جرهارد كونسلمان : لقد باع (الحسن) المنصب الذي تركه محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله لنسله من اجل المال ويقال انه مات بالسل والهزال.(4)

وقال سايكس : في كتابه () ان الحسن غير جدير بان يكون ابنا لعلي لانه شغل بملذاته بين نسائه واكتفى بارسال اثني عشر الف جندي كطليعة لجيشه بينما احتفظ بقلب الجيش في المدائن حيث ظل يتنزه في الحدائق وخاف ان يجرب حظه في ميدان القتال.(5)

__________________

(1) حتى ، فليب ، العرب تاريخ موجز ، ص 78.

(2) قال عبد الرحمن بدوي في موسوعته عن المستشرقين ، لامنس : مستشرق بلجيكي ، وراهب يسوعي شديد التعصب ضد لا إسلام ، يفتقر إفتقاراً إلى النزاهة في البحث والأمانة في نقل النصوص وفهمها. ويعد نموذجاً سيئاً جداً للباحثين في الإسلام من بين المستشرقين.

(3)الموسوعة الاسلامية (Encyclopedia Of Islam) ج 7 / 401 4002. أشرف على تأليفها فنسنك وآخرون وكتبت باللغة الانكليزية وترجمت الى الفرنسية والالمانية ثم ترجمت الى اللغة العربية ونحن ننقل من النسخة العربية.

(4) جرهارد كونسلمان ،سطوع نجم الشيعة .

(5) الدكتور الخربوطلي ،العراق في ظل الحكم الاموي ، ص 74.

٥٠٥

وقال الكاتب العراقي هادي العلوي (1) : «ان هذا الرجل (يقصد الحسنعليه‌السلام ) يتعذر عليه ان يخوض صراعا سياسيا او عسكريا وكان من المنتظر والطبيعي ان ينسحب بمجرد ان يؤول اليه الامر ، وانه لم يمارس بعد الصلح أي نشاط معارض وقد تفرغ الحسن لحياته الشخصية وعاش كما قال عنه ابوه بين جَفنة وخِوان كأي فتى من فتيان قريش المنعمين.

ثم يستطرد العلوي قائلا : ان الدفاع عن صلح الحسن من نتائج الايديولوجيا(2)

ثم يقول : ومعاوية الذي تراجع الحسن امامه كان زعيما عظيما وقد دخل التاريخ كواحد من الاباطرة العظام بجميع لمقاييس وفي شتى العصور(3)

مصادر المستشرقين روايات الإعلام العباسي

استند الباحثون المستشرقون في تكوين الرؤية السلبية الانفة الذكر عن الحسنعليه‌السلام الى رويات اوردتها مصادر تاريخية اسلامية امثال الطبقات الكبرى لابن سعد ت 230 هـ واغاني ابي الفرج الاصبهاني ، وتاريخ محمد بن طاهر المقدسي ت 507 هـ.

روى ابن سعد عن وهب بن جرير بن حازم ت 175 هـ عن ابيه قال اخبرنا شعبة عن ابي اسحاق عن معدي كرب ان عليا مر على قوم مجتمعين ورجل يحدثهم فقال من هذا قالوا الحسن فقال طحن ابل لم تعوَّد طحنا. ان لكل قوم صداد وان صدادنا الحسن.(4)

وروى عن علي بن محمد عن سحيم بن حفص الأنصاري (ت 170 هـ). عن عيسى

__________________

(1) ادرجناه ضمن المستشرقين على الرغم من كونه ينتسب الى الاسلام والتشيع ولكنه تبنى الفكر الماركسي في الايديلولوجيا ومنهج المستشرقين في البحث.

(2) الدكتور الخربوطلي ،العراق في ظل الحكم الاموي ، ص 74.

(3) الثقافة الجديدة تسلسل 223 سنة 1990 تموز السنة 37 العدد 9. من الغريب ان العلوي هذا عرفه اصدقاؤه بالتقشف والزهد والبساطة في العيش يعتقد بمعاوية هذا المعتقد ، ولا بد انه قد قرأ عنه سفكه لدم حجر بن عدي واصحابه وتشريده العراقيين وسجنهم وقطع ايديهم لا لشيء الا لتوليهم عليا ، فهل ان زعامة تقوم على مبدأ كهذا جديرة بالاحترام!.

(4) ابن سعد ، الطبقات الكبرى القسم الناقص ج 1 ص 277 ـ 278 ورواه أيضا ابن معين عن ذر عن شعبة عن أبي اسحق عن معدي كرب (ابن معين تاريخ ابن معين ج 2 / 419).

٥٠٦

بن أبي هارون المزني. قال : تزوج الحسن بن علي حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر. وكان المنذر بن الزبير هويها. فأبلغ الحسن عنها شيئا فطلقها الحسن. فخطبها المنذر فأبت أن تزوجه وقالت : شهرني. فخطبها عاصم بن عمر بن الخطاب فتزوجها فرقي إليه المنذر أيضا شيئا ، فطلقها. ثم خطبها المنذر. فقيل لها : تزوجيه فيعلم الناس أنه كان يَعْضَهُكِ (أي بيهتك) فتزوجته فعلم الناس أنه كذب عليها. فقال الحسن لعاصم بن عمر : انطلق بنا حتى نستأذن المنذر فندخل على حفصة فستأذناه. فشاور أخاه عبد الله بن الزبير فقال دعهما يدخلان عليها. فدخلا فكانت إلى عاصم أكثر نظرا منها إلى الحسن وكانت إليه أبسط في الحديث. فقال الحسن للمنذر خذ بيدها فأخذ بيدها. وقام الحسن وعاصم فخرجا وكان الحسن يهواها وإنما طلقها لما رقا إليه المنذر. فقال الحسن يوما لابن أبي عتيق وهو عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن وحفصة عمته هل لك في العقيق؟ قال : نعم. فخرجا فمرا على منزل حفصة. فدخل إليها الحسن فتحدثا طويلا ثم خرج. ثم قال أيضا بعد ذلك بأيام لابن أبي عتيق : هل لك في العقيق؟ قال : نعم. فخرجا فمرا بمنزل حفصة. فدخل الحسن فتحدثا طويلا. ثم خرج ثم قال الحسن مرة أخرى لابن أبي عتيق : هل لك في العقيق؟ فقال : يا ابن أم ألا تقول هل لك في حفصة؟.(1)

وروى عن يحيى بن حماد قال اخبرنا أبو عوانة (176 هـ)(2) عن سليمان عن حبيب بن ابي ثابت عن ابي ادريس عن المسيب بن نجبة قال سمعت عليا يقول الا احدثكم عني وعن أهل بيتي؟ اما عبد الله بن جعفر فصاحب لهو ، واما الحسن بن علي فصاحب جفنة وخوان فتى من فتيان قريش لوقد التقتا حلقتا البطان لم يغن في الحرب عنكم شيئا ، واما انا وحسين فنحن منكم وانتم منا.(3)

__________________

(1) ابن سعد ، الطبقات الكبرى ، ج 1 ص 307 ، سحيم بن حفص الأنصاري كنيته أبو اليقظان واسمه عامر بن حفص وسحيم لقب له. ذكره ابن النديم في الفهرست ص 106.أقول : هو من شيوخ علي بن محمد المدائني.

(2) ابن سعد ،الطبقات الكبرى ، ج 7 ص 287 أبو عوانة واسمه الوضاح مولى يزيد بن عطاء كان أصله من أهل واسط ثم انتقل إلى البصرة فنزلها حتى مات بها.

(3) ابن سعد ،الطبقات الكبرى ، القسم الناقص ج 1 ص 297 ، وابن أبي الحديد ، شرح نهج البلاغة ج 16 ص 11.

٥٠٧

وروى عن محمد بن عبد الله الاسدي (203 هـ) قال حدثنا اسرائيل (160 هـ)(1) عن ابي اسحاق عن هبيرة بن يريم قال قيل لعلي هذا الحسن بن علي في المسجد يحدث الناس فقال طحن ابل لم تعوَّد طحنا ، وما طحن ابل يومئذ.(2)

وروى ابو الفرج الاسفهاني عن احمد عن عمر بن شبة عن المدائني عن قيس بن الربيع (168 هـ)(3) عن الاجلح عن الشعبي عن جندب : ان الحسن قال لابيه حين طلب ان يجلد الوليد بن عقبة : مالك ولهذا؟(4)

وروى عن عمر بن شبة وسعيد بن محمد المخزومي كلاهما عن محمد بن حاتم عن اسماعيل بن ابراهيم علية البصري (193 هـ) عن سعيد بن عروبة البصري عن عبد الله بن الداناج عن حضين بن المنذر ابي سلسان قال : لما جيء بالوليد بن عقبة الى عثمان بن عفان وقد شهدوا عليه بشرب الخمرقال لعلي دونك ابن عمك فاقم عليهالحد فأوعز علي إلى ابنه الحسن أنْ يقوم بجلد الوليد ، فرفض الحسن وقال له : مالك ولهذا؟ فقال له علي : بل ضعفت ووهنت وعجزت.(5)

وقال المقدسي في البدء والتاريخ : «أنَّهعليه‌السلام كان أرخى ستره على مأتي حرة».(6)

__________________

(1) ابن سعد ،الطبقات الكبرى ، ج 6 ص 374 قال ابن حجر في تهذيب التهذيب : قال عثمان بن أبي شيبة عن عبد الرحمن بن مهدي إسرائيل لص يسرق الحديث.

(2) ابن سعد ،الطبقات الكبرى ، القسم المفقود ، من ذخائر تراثنا ترجمة الحسن من ابن سعد غير المطبوع ص 58.

(3) العقيلي ،الضعفاء الكبير (ضعفاء العقيلي) ، ج 3 ص 469 قيس بن الربيع عن محمد بن عبيد قال كان قيس بن الربيع استعمله أبو جعفر على المدائن فكان يعلق النساء بثديهن ويرسل عليهن الزنابير قال ابن حبان : كان شعبة يروى عنه وكان معروفا بالحديث صدوقا ويقال إن ابنه أفسد عليه كتبه بأخرة فترك الناس حديثه. وفي تذكرة الحفاظ للذهبي ج 1 ص 226 قيس بن الربيع الحافظ أبو محمد الأسدي الكوفي كان من أوعية العلم وارى الأئمة تكلموا فيه لظلمه.

(4) ابو الفرج الاصفهاني ،الاغاني ، ج 5 ص 144.

(5) ابو الفرج الاصفهاني ،الاغاني ، ج 5 ص 145.

(6) المقدسي ، البدء والتاريخ / ج 5 ص 4.

٥٠٨

الروايات الطاعنة في شخصية الحسن عليه‌السلام

من وضع الامويين والعباسيين

الروايات الانفة الذكر مما وضعه الاعلام العباسي بأمر الخليفة العباسي ابي جعفر الدوانيقي لمواجهة الحسنيين الثائرين ضد العباسيين لتجريدهم من سلاح قوي بيدهم وهو التاريخ المشرق لأبيهم الحسنعليه‌السلام وجدِّهم عليعليه‌السلام انهم يقاتلون ليس لأجل السلطة بل لأجل المحرومين ، قال محمد بن عبد الله بن الحسن في رسالته الى ابي جعفر الوانيقي (وإنما ادعيتم هذا الامر بنا وخرجتم له بشيعتنا وحظيتم بفضلنا وإن أبانا عليا كان الوصي وكان الامام فكيف ورثتم ولايته وولده أحياء ثم قد علمت أنه لم يطلب هذا الامر أحد له مثل نسبنا وشرفنا وحالنا وشرف آبائنا).(1)

قال عليعليه‌السلام «اللّهم إِنّك تعلم أنّه لم يكن الذي كان منّا منافسة في سلطان ، ولا التماس شيء من فضول الحطام ، ولكن لنردّ المعالم من دينك ونظهر الإصلاح في بلادك فيأمن المظلومون من عبادك وتقام المعطّلة من حدودك.».(2)

وقد سلم الحسينعليه‌السلام ملك العراق بهدف الاصلاح وامان الناس لما عرض عليه معاوية ان يبقى عليه ويبقى هو على الشام. ولما اطلع معاوية على الشروط وقف عند شرط امان الناس وذكر قيس بن سعد انه لا بد ان يقتله وموقف الحسن كان واضحا ان الشروط ومنها الامان صفقة كاملة اما ان يقبلها معاوية كلها او يرفضها معاوية كلها.

ومن اهم الشواهد على انها تبينت من قبل العباسيين قول المنصور بعد ان سجن عبد الله بن الحسن واخوته :

(فقام فيها علي بن أبي طالبعليه‌السلام فما أفلح ، وحكَّم الحكمين ، فاختلفت عليه الأمّة وافترقت الكلمة ، ثمَّ وثب عليه شيعته وأنصاره وثقاته فقتلوه.

ثمَّ قام بعدَهُ الحسن بن عليعليه‌السلام ، فوالله ما كان برجل ، عرضت عليه الأموال فقبلها ، ودسَّ إليه معايوة إنِّي أجعلك ولي عهدي ، فخلع نفسه وانسلخ له ممَّا كان

__________________

(1) الطبري ،تاريخ الطبري ، ج 6 ص 196.

(2) نهج البلاغة ، فيض / 406 ؛ عبده 2 / 19.

٥٠٩

فيه ، وسلَّمه إليه وأقبل على النساء يتزوج اليوم واحدة ويطلق غداً أخرى ، فلم يزل كذلك حتّى مات على فراشه).(1)

وكذلك شعر مروان بن ابي حفصة ت 182 هـ : كان يتقرب الى الخليفة هارون بهجاء العلويين. انشد قصيدة يمدح بها الرشيد ويذكر فيها ولد فاطمةعليها‌السلام وينحى عليهم ويذمهم وقد بالغ حين ذم علياًعليه‌السلام ونال منه وأولها :

عليٌّ أبوكم كان أفضلَ منكم اباه(2)

ذوو الشورى كانوا ذوي الفضل

ساء رسولَ الله إذْ ساء بنتَه

بخطبته بنتَ اللعين أبي جهل

فذمَّ رسول الله صهرَ أبيكمُ

على منبر بالمنطق الصادق الفضل

وحكَّمَ فيها حاكمين أبوكمُ

هما خلعاه خلع ذي النعل للنعل

وخلَّيتموها وهي في غير أهلها

فقد أُبطلت دعواكمُ الرثة الحبلِ

وقد باعها من بعده الحسن ابنه

وطالبتموها حين صارت إلى أهل(3)

شخصية الامام الحسن عليه‌السلام في

الروايات الصحيحة

روى الشيخ الصدوق عن المفضل بن عمر قال قال الامام الصادقعليه‌السلام (ت 148 هـ) حدثني أبي عن أبيهعليهما‌السلام أن الحسن بن علي بن أبي طالبعليه‌السلام :

كان أعبد الناس في زمانه ، وأزهدهم وأفضلهم ،

وكان إذا حج حج ماشيا ، وربما مشى حافيا ،

وكان إذا ذكر الموت بكى ، وإذا ذكر القبر بكى ، وإذا ذكر البعث والنشور بكى ، وإذا ذكر الممر على الصراط بكى ، وإذا ذكر العرض على الله تعالى ذكره شهق شهقة يغشى عليه منها.

__________________

(1) المسعودي ،مروج الذهبي ج 3 ص 301.

(2) أي رفضه أهل الشورى في قصة بيعة عثمان.

(3) ابن ابي الحديد ،شرح نهج البلاغة ج 4 ص 63 ـ 64. وانظرالاغاني لابي الفرج الاصفهاني ج 23 ص 214 ـ 215. وابن خلكان ، وفيات الاعيان ج 5 ص 189 ـ 193. والدينوري ، ابن قتيبة ، الشعروالشعراء ، ج 2 ص 649.

٥١٠

وكان إذا قام في صلاته ترتعد فرائصه بين يدي ربه عز وجل ،

وكان إذا ذكر الجنة والنار اضطرب اضطراب السليم ، ويسأل الله تعالى الجنة ، ويعوذ به من النار ،

وكان لا يقرأ من كتاب الله عز وجل : (يا أيها الذين آمنوا) إلا قال : لبيك اللهم لبيك ، ولم ير في شيء من أحواله إذا ذاكرا لله سبحانه ،

وكان أصدق الناس لهجة ، وأفصحهم منطقا.(1)

وقال ابن عساكر عن عبد الله بن العباس قال : ما ندمت على شيء فاتني في شبابي إلا أني لم أحج ماشيا ، ولقد حج الحسن بن علي خمسة وعشرين حجة ماشيا وإن النجائب لتقاد معه.(2)

قال واصل بن عطاء : كان الحسن بن علي عليه سيماء الانبياء وبهاء الملوك.(3)

عن ابن عون عن عمير بن إسحاق قال ما تكلم عندي أحد كان احب الي إذا تكلم أن لا يسكت من الحسن بن علي وما سمعت منه كلمة فحش قط إلا مرة فإنه تكلم بين حسين بن علي وعمرو بن عثمان بن عفان خصومة في ارض فعرض حسين امرا لهم لم يرضه عمرو فقال الحسن فليس له عندنا إلا ما رغم انفه قال فهذا اشد كلمة فحش سمعتها منه قط.(4)

قال الواقدي : عن ثعلبة بن ابي مالك : شهدت الحسن يوم مات ودفن بالبقيع فلقد رأيت البقيع ولو طرحت فيه ابرة ما وقعت الال على راس انسان.(5)

وروى ابن عساكر ايضا قال : بكى على الحسن بن علي بمكة والمدينة سبعا النساء والصبيان والرجال.(6)

__________________

(1) الشيخ الصدوق ،الأمالي ، ص 140.

(2) ابنعساكر ،تاريخ مدينة دمشق ، ج 14 ص 72. والذهبي ،سير اعلام النبلاء ، ج 4 ص 387.

(3) المجلسي ،بحار الانوار ج 43 ص 251.

(4) ابن عساكر ،تاريخ مدينة دمشق ، ج 14 ص 80. وابن سعد ، الطبقات الكبرى القسم الناقص ج 1 ص 279. والمزي ،تهذيب الكمال ج 2 ص 591.

(5) ابن حجر ،الاصابة ج 1 ص 495. والحاكم ،المستدرك ، ج 3 ص 190. وابن سعد ، الطبقات الكبرى القسم المتمم ج 1 ص 351.

(6) ابن عساكر ،تاريخ مدينة دمشق ج 14 ص 118. وابن كثير ،البداية والنهاية ، ج 8 ص 43.

٥١١

وفي الطبقات الكبرى : عن أبي جعفر قال : مكث الناس يبكون على حسن بن علي سبعا ما تقوم الاسواق.(1)

وعن عبد الله بن عروة بن الزبير قال : رأيت عبد الله بن الزبير قعد إلى الحسن بن علي في غداة من الشتاء باردة ، قال : فوالله ما قام حتى تفسخ جبينه عرقا!. قال : فغاظني ذلك فقمت إليه فقلت : يا عم. قال : ما تشاء؟ قلت : رأيتك قعدت إلى الحسن بن علي فما قمت من عنده حتى تفسخ جبينك عرقا! قال : يا ابن أخي انه ابن فاطمة لا والله ما قامت النساء عن مثله.(2)

وفيه يقول النجاشي الشاعر وكان من شيعة علي ، يرثيه عند وفاته :

لم يُسْبِلِ السترُ على مثله

في الأرض من حافٍ ومن ناعل(3)

وقيل للحسن : فيك عظمة ، فقالعليه‌السلام : بل فيَّ عزة قال الله : «ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين».(4)

قال محمد بن اسحاق : ما بلغ احد من الشرف بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ما بلغ الحسن بن علي. كان يبسط له على باب داره فاذا خرج وجلس انقطع الطريق فما يمر احد من خلق الله الا جلس اجلالا له فاذ اعلم قام ودخل بيته فيمر الناس. ونزل عن راحلته في طريق مكة فمشى فما من خلق الله احد الا نزل ومشى حتى سعد بن ابي وقاص فقد نزل ومشى الى جنبه.(5)

وقال معاوية لعبد الله بن الزبير سنة 44 حين زار المدينة الا ترى الحسن زارني مرة واحدة قال ان مع الحسن ماة الف سيف لو شاء ضربك بها.

قال محمد بن سعد : أخبرنا علي بن محمد ، عن محمد بن عمر العبدي ، عن أبي سعيد : إن معاوية قال لرجل من أهل المدينة من قريش : أخبرني عن الحسن بن علي. قال : يا أمير المؤمنين ، إذا صلى الغداة جلس في مصلاه حتى تطلع الشمس ، ثم يساند

__________________

(1) ابن سعد ،الطبقات الكبرى ، القسم الناقص 1 ص 352. والحاكم ،المستدرك ، ج 3 ص 189.

(2) المزي ،تهذيب الكمال : ج 6 ص 233. وابن عساكر ،تاريخ مدينة دمشق ج 14 ص 69 70.

(3) المسعودي ،مروج الذهب ، ج 2 ص 428.

(4) المجلسي ،بحار الانوار ، ج 43 ص 251.

(5) المجلسي ،بحار الانوار ، ج 43 ص 254 نقل عن المناقب.

٥١٢

ظهره فلا يبقى في مسجد رسول الله ـصلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ رجل له شرف إلا أتاه فيتحدثون. حتى إذا ارتفع النهرا صلى ركعتين ، ثم نهض فيأتي أمهات المؤمنين فيسلم عليهن فربما أتحفنه. ثم ينصرف إلى منزله ثم يروح فيصنع مثل ذلك. فقال : ما نحن معه في شيء.(1)

أقول :

يتضح من هذه الروايات أي جناية جناها فنسنك وزملائه مؤلفو (ECYCLOPEDIA OF ISLAM) (الموسوعة الاسلامية) التي صدرت باللغة الانكليزية والفرنسية والالمانية حين قدموا الامام الحسنعليه‌السلام الى العالم انه رجل شهوات وملذات في قبال ما تعرضه الروايات الصحيحة انه شخصية رائدة عبادةً وسلوكاً ومكانةً في الدين وانه بلغ في الشرف ما لم يبلغه احد بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

__________________

(1) ترجمة الامام الحسنعليه‌السلام منطبقات ابن سعد ج 1 ص 297. وابن عساكر ، تاريخ مدينة دمشق ج 14 ص 71. والبلاذري ،انساب الاشراف ، ج 3 ص 274.

٥١٣

الباب الرابع / الفصل الثاني

القراءة السائدة للصلح والمشكلات امامها

يكاد يجمع الباحثون الشيعة في تعليلهم لصلح الامام الحسن وتسليمه الامر لمعاوية انه انطلق من واقع منهار للكوفيين وعدم قدرتهم على الاحتفاظ بالدولة التي انشاها في قبال معاوية بل عدم القدرة على توفير الامان للحسن نفسه اذ تعرض لمحاولة اغتيال جرح فيها جرحا بليغا ونهبمتاعه. ومن ثم كاتب معاوية في الصلح ليحقق الامان له ولشيعته وليفضح معاوية.

الروايات التي استندوا إليها

وقد اعتمدوا في هذا التحليل على روايات في مصادر التاريخ منها رواية ابن سعد عن يونس بن ابي اسحاق ت 159 هـ فشد الناس على حجرة الحسن فانتهبوها حتى انتهبت بسطه وجواريه وأخذوا رداءه من ظهره وطعنه رجل من بني أسد يقال له بن اقيصر بخنجر مسموم في أليته فتحول من مكانه الذي انتهب فيه متاعه ونزل الأبيض قصر كسرى. وقال عليكم لعنة من أهل قرية فقد علمت أن لا خير فيكم قتلتم أبي بالأمس واليوم تفعلون بي هذا. ثم دعا عمرو بن سلمة الارحبي فأرسله وكتب معه إلى معاوية بن أبي سفيان يسأله الصلح ويسلم له الأمر ...).(1)

__________________

(1) المزي ،تهذيب الكمال ، ج 6 ص 245 ، وفي تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر ترجمة الحسن قال محمد بن سعد قال ابو عبيد عن مجالد ، عن الشعبي.

٥١٤

ومنها رواية زياد بن عبد الله ، عن عوانة بن الحكم : بايع أهل العراق الحسن بن علي فسار حتى نزل المدائن ، وبعث قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري على المقدمات ، وهم اثنا عشر ألفا ، وكانوا يسمون شرطة الخميس ، قال : فبينا الحسن بالمدائن ، إذ نادى مناد في عسكر الحسن : ألا إن قيس بن سعد بن عبادة قد قتل ، فانتهب الناس سرادق الحسن حتى نازعوه بساطا تحته ، ووثب على الحسن رجل من الخوارج من بني أسد ، فطعنه بالخنجر ، ووثب الناس على الأسدي فقتلوه ، ثم خرج الحسن حتى نزل القصر الأبيض بالمدائن ، وكتب إلى معاوية في الصلح. قال : ثم قام الحسن ـ فيما بلغني ـ الناس ، فقال : يا أهل العراق إنه سخى بنفسي عنكم ثلاث : في قتلكم أبي ، وطعنكم إياي ، وانتهابكم متاعي.(1)

ومنها رواية ابن الاثير قال : قيل للحسنعليه‌السلام ما حملك على ما فعلت؟ فقال : كرهتُ الدنيا ، ورأيت اهل الكوفة قوما لا يثق بهم احد ابدا الا غُلِب ، ليس احد منهم يوافق اخر في رأي ولا هوى ، مختلفين لا نية لهم في خير ولا شر.(2) (3)

ومنها رواية احمد بن علي الطبرسي نسبت الى الحسن قوله : أرى والله ان معاوية خير لي من هؤلاء. يزعمون أنهم لي شيعة ابتغوا قتلي وانتهبوا ثقلي وأخذوا مالي ، والله لان آخذ من معاوية عهدا أحقن به دمي وآمن به في أهلي خيرا من أن يقتلوني فيضيع أهل بيتي واهلي والله لو قاتلت معاوية لأخذوا بعنقي حتى يدفعوني اليه سلما والله لأن أسالمه وأنا عزيز خير من أن يقتلني وأنا أسير أو يمن علي فتكون سبة على بني هاشم الى آخر الدهر ، ولمعاوية لا يزال يمن بها وعقبه على الحي منا والميت.(4)

__________________

(1) المزي ،تهذيب الكمال ، ج 6 ص 245.

(2) ابن الأثير ،الكامل في التاريخ ، ج 3 ص 407.

(3) قال صاحبارشاد الساري في شرح صحيح البخاري ج 4 ص 411 قال الكرماني : وقد كان الحسن يومئذ احق الناس بهذا الامر فدعاه ورعه الى ترك الملك رغبة فيما عند الله ولم يكن ذلك لعلة ولا لذلة ولا لقلة فقه بايعه على الموت اربعين الفا. انظر ايضاعمدة القاري في شرح صحيح البخاري المعيني ج 16 ص 239.

(4) المجلسي ، بحار الانوار ، ج 44 ص 21 عن الاحتجاج للطبرسي. والفضل بن الحسن الطبرسي ،إعلام الورى بأعلام الهدى ، ترجمة الحسنعليه‌السلام ص 213

٥١٥

رواية ابي الفرج في مقاتل الطالبيين :

كما اجمعوا على ان معاوية اعلن عن نقضه للشروط لما دخل الكوفة سنة 41 هـ واخذ البيعة من اهلها والحسن بينهم. قال العلامة المصلح السيد عبد الحسين شرف الدين اعلى الله مقامه : فلما تمت البيعة لمعاوية في الكوفة خطب فذكر عليا قنال منه ، ونال من الحسن ، فقام الحسين ليرد عليه ، فقال له الحسن : على رسلك يا أخي. ثم قامعليه‌السلام فقال : أيها الذاكر عليا! أنا الحسن وأبي علي ، وأنت معاوية وأبوك صخر ، وأمي فاطمة وأمك هند ، وجدي رسول الله وجدك عتبة ، وجدتي خديجة وجدتك فتيلة ، فلعن الله أخملنا ذكرا ، وألأمنا حسبا ، وشرنا قديما ، وأقدمنا كفرا ونفاقا! فقالت طوائف من أهل المسجد : آمين. ثم تتابعت سياسة معاوية ، تتفجر بكل ما يخالف الكتاب والسنة من كل منكر في الاسلام ، قتلا للأبرار ، وهتكا للإعراض ، وسلبا للأموال ، وسجنا للأحرار ، وتشريدا للمصلحين).

رواية المدايني :

ورواية أبي الحسن علي بن محمد بن أبي سيف المدايني في كتابه (الاحداث) : قال : كتب معاوية نسخة واحدة إلى عماله بعد عام الجماعة أن برئت الذمة ممن روى شيئا من فضل أبي تراب وأهل بيته فقامت الخطباء في كل كورة وعلى كل منبر يلعنون عليا ويبرؤون منه ويقعون فيه وفي أهل بيته وكان أشد الناس بلاء حينئذ أهل الكوفة لكثرة من بها من شيعة عليعليه‌السلام فاستعمل عليهم زياد بن سمية وضم إليه البصرة فكان يتتبع الشيعة وهو بهم عارف لأنه كان منهم أيام عليعليه‌السلام فقتلهم تحت كل حجر ومدر وأخافهم وقطع الأيدي والأرجل وسمل العيون وصلبهم على جذوع النخل وطرفهم وشردهم عن العراق فلم يبق بها معروف منهم فلم يزل الامر كذلك حتى مات الحسن بن عليعليه‌السلام فازداد البلاء والفتنة فلم يبق أحد من هذا القبيل الا وهو خائف على دمه أو طريق في الأرض. ثم تفاقم الامر بعد قتل الحسينعليه‌السلام وولى عبد الملك بن مروان فاشتد على الشيعة وولى عليهم الحجاج بن يوسف).(1)

__________________

(1) ابن ابي الحديد ،شرح نهج البلاغة ، ج 11 ص 46.

٥١٦

تحليل المرجع الراحل الشهيد محمد باقر الصدر

ومنذ عهد العلامة المحقق الشيخ راضي ال ياسين في كتابه صلح الامام الحسن ، والعلامة المصلح السيد عبد الحسين شرف الدين في تقديمه له سادت فكرة تحليلية حول الصلح مفادها : ان الامام الحسنعليه‌السلام بصلحه وشروطه / مع علمه ان معاوية سوف لا يفي بواحدة منها / استهدف فضحه امام المسلمين والحفاظ على الثلة الطيبة من شيعة علي ، وقد اخذت صيغتها التامة على يد المرجع الراحل الشهيد محمد باقر الصدررحمه‌الله قال (أصيب المجتمع الإسلامي إبان إمامة الحسنعليه‌السلام بمرض (الشك في القيادة) وهذا الداء ظهر في أواخر حياة أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام . حيث واجه أيام خلافته عدة حروب ذهب ضحيتها عشرات الآلاف من أبناء الأمة ، فأخذ الناس يشكون هل أن المعارك التي تخاض معارك رسالية أم أنها معارك قبلية أو شخصية؟ وقد عبر أمير المؤمنينعليه‌السلام عن ظهور هذا الداء الاجتماعي في عدة مرات منها في خطبته المعروفة بخطبة الجهاد التي ألقاها على جنوده المنهزمين في مدينة الأنبار حيث قال لهم والألم يعصر قلبه : (ألا وأني قد دعوتكم إلى قتال هؤلاء القوم ليلا ونهارا ، وسرا وعلانا ، وقلت لكم أغزوهم قبل أن يغزوكم ، فوالله ما غزي قوم في عقر دارهم إلا ذلوا ، فتواكلتم وتخاذلتم حتى شنت الغارات عليكم ، وملكت عليكم الأوطان). واستفحل (الداء) واشتد في حياة الإمام الحسنعليه‌السلام ، فلم يكن باستطاعته في مثل هذه الظروف والمجتمع المصاب بهذا الداء أن يخوض معركة مصيرية تنتهي بالنصر على خصمه المتربص به ، فإذا أضفنا إلى هذا شخصية الخصم معاوية الذيكان بإمكانه أن يبدو أمام الناس بمظهر الحاكم الملتزم بالدين وكذلك تعدد انتماءات المقاتلين مع الإمام الحسنعليه‌السلام حتى أبدى بعضهم استعداده لمعاوية أن يسلم له لا إمامعليه‌السلام حيا ، وطعنه بعضهم طعنة غادرة ، إذا جمعنا هذا وغيره من الظروف عرفنا لماذا صالح الإمام الحسنعليه‌السلام معاوية).(1)

__________________

(1) العاملي ،الانتصار ج 8 ص 137 ـ 139.

٥١٧

المشكلات امام القراءة السائدة

يرد على القراءة السائدة للصلح ان الروايات اليت اعتمدت عليها معارضة بروايات اخرى ولكن الباحثين اغفلوها عند التحليل ،

ففي قبال ما رواه ابن الاثير واعتمده الباحثون في التحليل ان الحسن قال : رأيت اهل الكوفة قوما لا يثق بهم احد ابدا الا غُلِب ، مختلفين لا نية لهم في خير ولا شر) ونظيراتها. توجد روايات تعطي رؤية اخرى عن اهل الكوفة

منها : ما رواه هشام بن محمد بن السائب الكلبي قال : أخبرني أبي وعوانة بن الحكم والشرقي بن القطامي قالوا : لما قدم معاوية المدينة أتاه وجوه الناس ، ودخل عليه عبد الله بن الزبير ، فقال له معاوية : ألا تعجب للحسن بن علي ، أنه لم يدخل علي (وفي رواية : ألا تعجب من الحسن وتثاقله عنّي :) منذ قدمت المدينة ، وأنا بها منذ ثلاث ، قال : يا أمير المؤمنين! دع عنك حسنا فإن مثلك ومثله كما قال «الشماخ» :

أجامل أقواما حياء وقد أرى

صدورهم تغلي علي مراضها

والله لو شاء الحسن أن يضربك بمئة ألف سيف لفعل ، ولأهل العراق أبر (وفي رواية ارأف وفي اخرى ارأم) به من أم الحُوار بحُوارها. قال معاوية : أردت أن تغريني به ، والله لأصلنّ رحمه ولأقبلنّ عليه.(1)

وفي رواية المدائني قال ، قال معاوية لابن الزبير : ألا تعجب من الحسن وتثاقله عنّي؟ فقال ابن الزبير : مثلك ومثل الحسن كما قال الشاعر :

أجامل أقواما حياء وقد أرى

قلوبهم تأرى عليّ مِراضها(2)

__________________

(1) ابو الفرج الاصفهاني ،الأغاني ج 9 ص 173 (قال ابو الفرج نسخت من كتاب يحيى بن حازم حدّثنا عليّ بن صالح صاحب المصلَّى قال حدّثنا ابن دأب) ، أيضا ابن حمدون ت 562 هـالتذكرة الحمدونية ج 5 ص 192. والحُوار : ولد الناقة من وقت ولادته الى ان يفطم ويفصل. وقول معاوية والله لأصلن رحمه ولأقبلن عليه : هي المجاملة حياء التي استشهد ببيت الشهر لأجلها ، هي مجاملة لأجل ان يعبر مرحلة فرضها عليه الحسن لمعالجة الانشقاق وفتح الشام لأخبار عليعليه‌السلام وقد انتقم معاوية بعد ذلك من الحسن بدس السم له. ومن شيعته بتشريدهم وقتلهم.

(2) : وفي رواية تغلي. و (مِراض) جمع مريض ، ومرض القلب او الصدرهو الشك والعداوة ، وهو هنا العداوة ، والمعنى أجامل اقواما حياء ولكني ارى قلوبهم او صدورهم تغلي عليَّ حقدا وعداواة. وفي

٥١٨

فقال معاوية : والله ما جامل ولقد أعلن ، قال : بلى والله لقد جامل ، ولو شاء أن يطلق عليك عقال حرب زبون لفعل ،(1)

فقال : أراك يا ابن الزبير تجول في ضلالتك.(2)

أقول : وقول ابن الزبير (ولأهل العراق أبر (وفي رواية ارأف وفي اخرى ارأم) بهمن أم الحوار بحوارها).

يشهد له قول الحسن حين خرج من الكوفة الى المدينة إذ تمثل بقول الشاعر :

وما عن قِلى فارقتُ دارَ معاشري

هم المانعون حوزتي وذماري

__________________

لسان العرب أَتأَر إِليه النَّظَرَ : أَحَدَّه. وأَتأَره بصره : أَتْبَعَه إِياه ، وقد اراد معاوية باستشهاده بالبيت ان يُفهم ابن الزبيران الحسنعليه‌السلام يجامله مجاملة قد اضطر اليها لحل ازمة الانشقاقفي امة جده ، والا فان قلب الحسن يغلي علي لانه لا ينسى قتلى شيعة ابيه في صفين واعلامه الكاذب فيه. وقد روى المجلسي في بحار الانوار ج 44 ص 57 ان الحسنعليه‌السلام أنشأ.

أجامل أقواما حياء وقد أرى

قلوبهم تغلي علي مراضها

قال البهبودي في / خامش 57 : أظن الصحيح هكذا :

أجامل أقواما حياء ، وقد أرى

قدورهم تغلى على مراضها

يقال : غلت القدر تغلى غليانا : جاشت وثارت بقوة الحرارة ، ومراض القدر أسفلها إذا غطى من الماء ، يقول : انهم يثورون ثورة ظاهرية كالقدر التي ثارتأعلاه ولم تغلِ

أسفلها ، فهم منافقون يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم.

أقول : لم اجد في لسان العرب ولا في تاج العروس ، ان مِراض القدر اسفلها ، ومهما يكن فان استشهاد الامام الحسن بالبيت ان صحت القصة فهوعليه‌السلام يريد انه جامل معاوية وهش في وجهه بما تقتضيه مصلحة الرسالة والامة وهو يعلم ان قلب معاوية يغلي عليه عداوة لقتلاه في بدر. اما المعنى الذي ذهب اليه البهبودي فهو بعيد.

والبيت سواء استشهد به معاوية او الامام الحسنعليه‌السلام فمعناه واحد ، مع ملاحظة ان معاوية حين استشهد به اراد بن ان الحسنعليه‌السلام حين جامله فان قلبه يغلي عليه بما قتل من شيعة ابيه في صفين وبما عرضه من اعلامه الكاذب فيه ، وان الحسن حين استشهد به لو صحت الرواية اراد انه اجبر معاوية على مجاملته مع ان قلبه يغلي عليه حقدا لقتلاه في بدر ، ولم يأخذ بثأرهم لان ثأرهم في تصوره لا يكون الا حين يقتل من بني هاشم علياءهم الامر الذي حققه ولده يزيد بعده بوصية منه. ومن هنا فان حلم معاوية ليس حلما وايضا بل هو تكتيك بلغة العصر كما كشف ذلك لعائشة بنت عثمان حين قال لها : فأظهرنا لهم حلما تحته غضب).

(1) أي حرب صعبة [زبن] : الزَّبْنُ ، كالضَّرْبِ : الدَّفْعُ ، كما في الصِّحاح. وفي المُحْكَم : دَفْعُ الشيء عن الشيء ، كالناقَةِ تَزْبِنُ ولَدَها عن ضرْعِها برِجْلِها وتَزْبِنُ الحالِبَ. زَبَنَ الشيء يَزْبِنُه زَبْناً وزَبَنَ به : دَفَعَه (تاج العروس).

(2) البلاذري ،انساب الاشراف ، ج 5 ص 38.

٥١٩

ويشهد لهايضا قول معاوية للزرقاء بنت عدي وقد استضافها وحاورها (والله لوفاؤكم له بعد موته أعجب من حبكم له في حياته!).(1)

وفي قبال الجزءالاخرمن رواية ابن الاثير وهو قوله (مختلفين لا نية لهم في خير ولا شر) :

ما رواه البلاذري عن عوانة : أن علياعليه‌السلام كتب إلى قيس ابن سعد بن عبادة وهو عامله على آذربيجان : «أما بعد فاستعمل على عملك عبيد الله بن شبيل الأحمسي وأقبل فإنه قد اجتمع ملأ المسلمين وحسنت طاعتهم ، وانقادت لي جماعتهم ولا يكن لك عرجة ولا لبث ، فإنا جادّون معدّون ، ونحن شاخصون إلى المحلين ، ولم أؤخر المسير إلا انتظارا لقدومك علينا إن شاء الله والسلام.

وعن قال عوانة : قال عمرو بن العاص ـ حين بلغه ما عليه عليّ من الشخوص إلى الشام وأن أهل الكوفة قد انقادوا له :

لا تحسبني يا عليّ غافلا

لأوردن الكوفة القبائلا

ستين ألفا فارسا وراجلا

فقال : عليّ :

لأبلغن العاصي بن العاصي

ستين ألفا عاقدي النواصي

مستحقبين حلق الدلاص.(2)

ويشهد له ايضا : ما رواه سليم قال : (ولم يبق أحد من القراء ممن كان يشك في الماضين ويكف عنهم ويدع البراءة منهم ورعا وتأثما إلا استيقن واستبصر وحسن رأيه وترك الشك يومئذ والوقوف وكثرت الشيعة(3) بعد ذلك المجلس من ذلكاليوم وتكلموا ، وقد كانوا أقل أهل عسكره وسائر الناس يقاتلون معه على غير علم بمكانه

__________________

(1) ان بكار الضبي ،اخبار الوافدات من النساء ، ص 63 ، ابن عبد ربه ،العقد الفريد ج 1 ص 220. ابن طيفور ،بلاغات النساء ص 49 ، التستري ،قاموس الرجال ج 12 ص 259 ـ 260.

(2) البلاذري ، انساب الاشراف ج 2 ص 481. والدلاص الدروع اللينة. والاحْتِقابُ شَدُّ الحَقِيبةِ من خَلْفٍ ، وكذلك ما حُمِلَ مِن شيء من خَلْف.

(3) أي الموالين له المعادين لعدوه المتبرئين منهم ..

٥٢٠

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595