أشهد أن عليا ولي الله في الأذان

أشهد أن عليا ولي الله في الأذان10%

أشهد أن عليا ولي الله في الأذان مؤلف:
الناشر: الاجتهاد
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 595

أشهد أن عليا ولي الله في الأذان
  • البداية
  • السابق
  • 595 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 156844 / تحميل: 12405
الحجم الحجم الحجم
أشهد أن عليا ولي الله في الأذان

أشهد أن عليا ولي الله في الأذان

مؤلف:
الناشر: الاجتهاد
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

أنحاء العالم الإسلامي بإحضار كبار العلماء من المتمرّسين في مختلف أنواع العلوم بالحضور إلى خراسان ليسألوا الإمام عن أعقد المسائل العلمية، ولمّا حضروا عنده عرض عليهم الأمر، ووعد بالثراء العريض كل مَن يسأل الإمامعليه‌السلام سؤالاً يعجز عن إجابته، والسبب في ذلك - فيما نحسب - يعود إلى ما يلي:

أوّلاً: إنّ المأمون أراد أن ينسف عقيدة الشيعة ويقضي على جميع معالمها فيما إذا عجز الإمام الرضاعليه‌السلام فإنّه يتخذ من ذلك وسيلة لنقض ما تذهب إليه الشيعة من أنّ الإمام أعلم أهل عصره، وأدراهم بجميع أنواع العلوم، ومن الطبيعي أنّ ذلك يؤدّي إلى زعزعة كيان التشيّع، وبطلان عقيدتهم في أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام .

ثانياً: إنّ الإمام لو عجز عن أجوبة المسائل التي يقدمها العلماء له فإنّ المأمون يكون في سعة من عزله عن ولاية العهد بعد أن استنفذت أغراضه السياسية منها، فقد أظهر للناس في بداية الأمر أنّه إنّما رشّح الإمام لهذا المنصب الخطير لأنّه أعلم الأمّة، ولكن لما ظهر له خلاف ذلك قام بعزله، وفي نفس الوقت تقوم وسائل إعلامه بإذاعة ذلك، والحط من شأن الإمام، وفي ذلك استجابة لعواطف الأسرة العباسية التي غاظها ترشيح المأمون للإمام لولاية العهد.

فعمدت إلى عزله، ومبايعة المغني إبراهيم - كما سنتحدث عن ذلك - وعلى إي حال فقد قام العلماء بالتفتيش عن أعقد المسائل وأكثرها صعوبة وعمقاً في جميع أنواع العلوم، وعرضوها على الإمام فأجاب عنها جواب العالم الخبير المتمرّس فيها، ويقول الرواة: إنّه سُئل عن أكثر من عشرين ألف مسألة في نوب مفرقة عاد فيها بلاط المأمون إلى مركز علمي، وخرجت الوفود العلمية، وهي مليئة بالإعجاب والإكبار بمواهب الإمام وعبقرياته، وأخذت تذيع على الناس ما يملكه الإمام من طاقات هائلة من العلم والفضل كما ذهب معظمهم إلى القول بإمامته، ممّا اضطر المأمون إلى حجب الإمام عن العلماء خوفاً أن يفتتنوا له ولم يذكر الرواة إلا كوكبة يسيرة منها، نعرض لها ولبعض ما أثر عنه هذا الموضوع، وفيما يلي ذلك:

1 - أسئلة عمران الصابئ:

وكان عمران الصابئ من كبار فلاسفة عصر الإمامعليه‌السلام كما كان الزعيم الروحي لطائفة الصابئة، وقد انتدبه المأمون لامتحان الإمام، فاختار له أعمق المسائل الفلسفية وأكثرها تعقيداً وغموضاً. وقد شرحها وعلّق عليها المحقّق الشيخ

١٠١

محمد تقي الجعفري، قال: وقد اشتمل هذا الاحتجاج على أهم المسائل الإلهية وأغمضها، وهي على إطلاقها عويصات في الحكمة المتعالية، قد أتعبت أفكار الباحثين الناظرين في ذلك الفن، ولم يأت هؤلاء الأساطين بأجوبة كافية لتلك المسائل بل تعقبها أسئلة أخرى ربّما تكون أغمض من نفس الأسئلة، وقد وقعت تلك الغوامض موارد لأسئلة عمران في هذه الرواية، وأجاب عنها الإمام علي بن موسى الرضاعليه‌السلام ثامن حجج الله على عباده وأُمنائه في أرضه، وما بيّنه الإمام في هذا الاحتجاج مناهج واضحة لم يطمسها غبار الحجب المادية التي تثيرها العقول المحدودة في معقل المحسوسات المظلمة، هكذا ينكشف عند المتمسّكين بأذيال أهل بيت النبوّة، ومعدن الرسالة، ومختلف الملائكة، ومهبط الوحي حقائق ضل في سبيل الوصول إليها الأفكار الناقصة.

( ونعرض للنص الكامل من أسئلة الصابئ وجواب الإمام عنها حسبما ذكره الشيخ الصدوق في (عيون أخبار الرضا) مع مقتطفات من تعليقات الشيخ الجعفري عليها... لقد قدم الوفد الذي كان مع عمران جملة من المسائل، وبعدما أجاب الإمامعليه‌السلام عن أسئلة الوفد الذي هو من كبار علماء النصارى، واليهود والصابئة، قال لهم: ( يا قوم إن كان فيكم أحد يخالف الإسلام، وأراد أن يسأل، فليسأل غير محتشم... )

فانبرى إليه عمران الصابئ، وكان متطلّعاً بصيراً في علم الكلام فخاطب الإمام بأدب وإكبار قائلا: ( يا عالم الناس لولا أنّك دعوت إلى مسألتك، لم أقدم عليك بالمسائل، فلقد دخلت الكوفة والبصرة، والشام، والجزيرة ولقيت المتكلّمين، فلم أقع على أحد يثبت لي واحداً - يعني أنّ الله تعالى واحد لا ثاني له - ليس غيره قائماً بوحدانيته أفتأذن لي أن أسألك... )

عرض الصابئ إلى عمق مسألته، وأنّه لم يهتد لحلها علماء الكوفة والبصرة والشام والجزيرة، ويطلب من الإمامعليه‌السلام حلها، فقابله الإمام ببسمات فيّاضة بالبشر قائلاً: ( إن كان في الجماعة عمران الصابئ فأنت هو... ).

( أنا هو )

١٠٢

سل يا عمران، وعليك بالنصفة، وإيّاك والخطل(1) والجور... ).

وأطرق الصابئ بوجهه إلى الأرض، وقال بنبرات تقطر أدباً وإجلالاً للإمام: ( والله يا سيدي ما أريد إلاّ أن تثبت لي شيئاً أتعلق به فلا أجوزه... )

لقد أعرب الصابئ عن نواياه الحسنة وأنّه يريد الحقيقة، والوصول إلى الواقع، ولا صلة له بغير ذلك، فقالعليه‌السلام : ( سل عمّا بدا لك... ).

وكان المجلس مكتظاً بالعلماء والقادة، وفي طليعتهم المأمون فانضم بعضهم إلى بعض، وانقطعوا عن الكلام ليسمعوا أسئلة الصابئ وجواب الإمام عنها، وتقدّم الصابئ بأسئلته.

س1: ( أخبرني عن الكائن الأوّل، وعمّا خلق... ) أمّا المسؤول عنه في هذه الكلمات فهو الشيء الأوّل والمادة الأُولى التي خلق الله تعالى الأشياء منها، وليس المسؤول عنه وجود الله المبدع العظيم فإنّه من الأمور الواضحة التي لا يشك فيها من يملك وعيه وإرادته، فإنّ جميع ما في الكون تدلّل على وجود خالقها فإنّه من المستحيل أن يوجد المعلول من دون علّته... ولنستمع إلى جواب الإمامعليه‌السلام عن هذه المسألة.

ج 1: ( أمّا الواحد فلم يزل واحداً كائنا، بلا حدود، ولا أعراض، ولا يزال كذلك، ثم خلق خلقاً مبتدعاً مختلفاً بأعراض وحدود مختلفة، لا في شيء أقامه، ولا في شيء حده، ولا على شيء حذاه، ومثله له، فجعل الخلق من بعد ذلك صفوة، وغير صفوة، واختلافاً وائتلافاً، وألواناً وذوقاً وطعماً لا لحاجة كانت منه إلى ذلك، ولا لفضل منزلة لم يبلغها إلاّ به ولا رأي لنفسه فيما خلق زيادة ولا نقصاناً... ).

وحكى هذا المقطع من جواب الإمامعليه‌السلام ما يلي:

أوّلاً: إنّ الله تعالى واحد لا شيء معه، وهو مجرّد من الحدود والأعراض التي هي من صفات الممكن، فهو كائن واحد، ما زال ولا يزال، وليست وحدته عددية أو نوعية أو جنسية، وإنّما بمعنى عدم ارتباطه بأي شيء مادي أو غير مادي، فهو بمرتبة من الكمال لا يشابهه أي شيء من الممكنات التي نسبتها إليه نسبة الصانع إلى المصنوع، فتبارك الله.

ثانياً: إنّ النظرة البدوية في الأشياء أنّ كل صورة لا بد لها من مادة تقوم وتحل

___________________________

(1) الخطل: المنطق الفاسد.

١٠٣

بها، ولكن هذا بالنسبة إلى غير الواجب تعالى أمّا هو فإنّه يخلق الأشياء لا من شيء كان، ولا من شيء خلق، وإنّما يقول للشيء كن فيكون، فقد ابتدع خلق الأشياء لا على شيء حذاه، ومثله له، فهو القوّة الكبرى المبدعة لخلق الأشياء لا لحاجة منه إليها، فهو المصدر الوحيد للفيض على جميع الكائنات.

والتفت الإمامعليه‌السلام إلى عمران فقال له: ( تعقل هذا يا عمران...؟ ).

( نعم والله يا سيدي... ).

( اعلم يا عمران أنّه لو كان خلق ما خلق لحاجة، لم يخلق إلاّ مَن يستعين به على حاجته، ولكان ينبغي أن يخلق أضعاف ما خلق لأنّ الأعوان كلّما كثروا كان صاحبهم أقوى، والحاجة يا عمران لا يسعها لأنّه كان لم يحدث من الخلق شيئاً إلاّ حدثت فيه حاجة أخرى؛ ولذلك أقول: لم يخلق الخلق لحاجة ولكن تقل بالخلق الحوائج بعضهم إلى بعض، وفضل بعضهم على بعض بلا حاجة منه إلى من فضل، ولا نقمة منه على من أذل... ).

وهذا الكلام متمّم لما قبله من أنّ الله تعالى خلق الخلق في غنى عنهم فهم المحتاجون إلى فيضه ورحمته وعطائه، فهو الجواد المطلق الذي بسط الرحمة والإحسان على جميع الموجودات والكائنات، وكان من فضله أنّه فضّل بعض مخلوقاته على بعض بلا حاجة منه إلى من فضل، ولا نقمة منه على من أذل.

س 2: ( يا سيدي هل كان الكائن معلوماً في نفسه عند نفسه..؟ ).

وهذا السؤال عميق للغاية، وتوضيحه - حسبما ذكره الشيخ الجعفري - أن تحصل شيء وتحققه في الانكشاف العلمي كواقع ذلك الشيء ينحل إلى هوية نفسه، وطارديته لغيره، وبذلك يكون محدوداً، فإنّ الحجر ما لم يضف إلى هويته عدم جميع أضداده لا يتحصّل تحصلاً علمياً... فإنّ النفس المعلومة ما لم يلاحظ طرد جميع ما سواها عنها لا تكون معلومة ومحصلة عند العالم وكأنّ هذا هو الموجب لسؤال عمران عن كونه تعالى معلوماً عند نفسه، فحينئذٍ لو أجاب الإمام بثبوته لاستشكل عمران هل كان تحصيل نفسه عند نفسه ملازماً لطرد غيره من المعقولات أم لا؟.

ج 2: قالعليه‌السلام : ( إنّما يكون المعلمة بالشيء لنفي خلافه، وليكن الشيء نفسه، بما نفى عنه موجوداً، ولم يكن هناك شيء يخالفه، فتدعوه الحاجة إلى

١٠٤

نفي ذلك الشيء عن نفسه بتحديد ما علم منها... والتفت الإمام إلى عمران فقال له: ( أفهمت يا عمران؟... ).

( نعم والله يا سيدي... ).

وحاصل ما أجاب به الإمامعليه‌السلام أنّ ما ذكره الصابئ إنّما يصح فيما لو كان المعلوم مقارناً بعدّة أشياء تخالفه فيلزم حينئذٍ نفي تلك الأشياء لتحصيل المعلوم إلاّ أنّ الله تعالى خالق الكون وواهب الحياة ما لم يكن هناك شيء يقارنه فلا حاجة إلى نفيه ليقرّر إرادته بذلك النفي.

س 3: أخبرني بأيّ شيء علم ما علم أبضمير أم بغير ضمير؟

أراد الصابئ بهذا السؤال إلزام الإمام بالقول بالتركيب في ذاته تعالى، من جهة أنّه ذو ضمير.

ج 3: أرأيت إذا علم بضمير هل يجد بداً من أن يجعل لذلك الضمير حداً تنتهي إليه المعرفة؟ أراد الإمام أنّ ذلك الضمير لا بد أن يعرف حقيقته وماهيته، وقد وجّه الإمام إليه السؤال التالي: ( فما ذلك الضمير؟... ).

فانقطع الصابئ عن الكلام ولم يستطع أن يقول شيئاً، فقد سد الإمام عليه كل نافذة يسلك فيها لإثبات ما يذهب إليه، والتفت الإمام إليه قائلاً: ( لا بأس إن سألتك عن الضمير نفسه فتعرفه بضمير آخر؟ فإن قلت: نعم، أفسدت عليك قولك... ).

وأقام الإمام الحجّة الكاملة والبرهان القاطع على بطلان ما التزم به الصابئ من أنّه تعالى يعلم بواسطة الضمير، وعلى هذا فلا بد من ضمير آخر يقع به الإدراك لذاته تعالى، وهذا الضمير الآخر يتوقّف على ضمير غيره، وهكذا فيلزم التسلسل، وهو ما لا نهاية له، وإن توقف الضمير الثاني على الضمير الأول فيلزم منه الدور والأمران ممّا أجمع على فسادهما، لترتب الأمور الفاسدة عليها حسبما ذكره الفلاسفة والمنطقيون وتمم الإمامعليه‌السلام حجته وبرهانه بقوله: ( يا عمران أليس ينبغي أن تعلم أنّ الواحد ليس يوصف بضمير، وليس يقال له: أكثر من فعل وعمل وصنع، وليس يتوهّم منه مذاهب وتجزية كمذاهب المخلوقين وتجزيتهم، فاعقل ذلك، وابن عليه ما علمت صواباً... ).

١٠٥

أراد لإمامعليه‌السلام أنّ صدور الأفعال والأعمال المختلفة من الله تعالى ليست على غرار غيره من الممكنات التي تحتاج إلى العلل والأسباب كالعقل، وغيره من سائر الجوارح الظاهرية، فإنّه تعالى يستحيل عليه ذلك.

س 4: ( يا سيدي ألا تخبرني عن حدود خلقه كيف هي؟ وما معانيها؟ وعلى كم نوع يكون؟... ).

واستفسر عمران عن حدود المخلوقات التي تميز بعضها عن بعض فأجابه الإمام:

ج 4: ( قد سألت فاعلم أنّ حدود خلقه على ستة أنواع: ملموس، وموزون، ومنظور إليه، وما لا ذوق له، وهو الروح، ومنها منظور إليه، وليس له وزن، ولا لمس، ولا حس، ولا لون، ولا ذوق، والتقدير والأعراض، والصور، والطول، والعرض، ومنها العمل والحركات التي تصنع الأشياء وتعملها، وتغيّرها من حال إلى حال وتزيدها، وتنقصها، فأمّا الأعمال والحركات فإنّها تنطلق؛ لأنّه لا وقت لها أكثر من قدر ما يحتاج إليه، فإذا فرغ من الشيء انطلق بالحركة، وبقي الأثر، ويجري مجرى الكلام الذي يذهب ويبقى أثره... ).

وحفل جواب الإمامعليه‌السلام بذكر الخواص والصفات التي تتميّز بها الأشياء سواء أكانت من الكائنات الحيّة أم من غيرها.

س 5: يا سيدي: ألا تخبرني عن الخالق إذا كان واحداً لا شيء غيره، ولا شيء معه، أليس قد تغيّر بخلقه الخلق... ).

ومعنى هذا السؤال أنّ الحقائق الطبيعية، التي أوجدها الله تعالى، أنّها توجب تغير الخالق العظيم بتغييرها، وهذا إنّما يلزم على القول باتحادها معه تعالى ذاتاً، وهذا مستحيل.

ج 5: ( قديم لم يتغيّر عزّ وجل بخلقه الخلق، ولكن الخلق يتغيّر، بتغييره... ).

وحاصل جواب الإمامعليه‌السلام أنّ الخالق العظيم لما كان هو الصانع والموجد للأشياء، وهو قديم فلا يلزم منه التغيير بتغيير الممكنات والكائنات.

س 6: ( يا سيدي فبأي شيء عرفناه؟... ).

ج 6: ( بغيره... إنّ جميع ما في الكون ممّا يرى، وممّا لا يرى يدلل على وجود الخالق العظيم،

١٠٦

لقد عرفناه بمخلوقاته، وآمنا به بما نشاهده من بدائع صنعته، وقد استبان بصورة واضحة لا غموض فيها في هذه العصور التي غزا الإنسان فيها الفضاء الخارجي، فقد ظهر للبشرية عظيم صنعته تعالى بما أودعه في هذا الفضاء من الكواكب التي لا تحصى ولا تعد، وكلّها تسير بانتظام، ودقّة، ولو اختلفت في مسيرها لحظة لتصادمت، وتلاشت، ولم يبق لها اثر، فسبحان الله المبدع الحكيم.

س 7: أي شيء غيره؟

ج 7: ( مشيئته، واسمه وصفته، وما أشبه ذلك، وكل ذلك محدث، مخلوق، مدبّر... ).

لقد عرفنا الله بمشيئته واسمه وصفاته التي دلّت عليه سبحانه، ففي دعاء الصباح: ( يا مَن دلّ على ذاته بذاته ).

وكل ما في الكون من موجودات تستند إليه استناد المصنوع إلى الصناع.

س 8: يا سيدي أي شيء هو؟

ج 8: ( هو نور، بمعنى أنّه هادٍ خلقه من أهل السماء، وأهل الأرض، وليس لك عليّ أكثر من توحيدي إيّاه... ).

لقد أراد عمران بسؤاله معرفة حقيقة الله تعالى، متوهّماً أنّه تعالى كسائر الممكنات والموجودات، ولمّا كان ذلك مستحيلاً، إذ كيف يحيط الإنسان الذي لا يعرف ذاته وما فيها من الأجهزة الدقيقة، كيف يعرف حقيقة الخالق العظيم المصور والمبدع للأكوان، وقد أجاب الإمامعليه‌السلام أنّه يعرف بأوصافه الظاهرية من هدايته لخلقه وغير ذلك من الأدلة الصريحة الواضحة التي تنادي بوجود خالقها العظيم.

س 9: يا سيدي: أليس قد كان ساكتاً قبل الخلق لا ينطق، ثم نطق...

ج 9: ( لا يكون السكوت إلاّ عن نطق قبله، والمثل في ذلك أنّه لا يقال للسراج: هو ساكت لا ينطق، ولا يقال: إنّ السراج ليضيء، فما يريد أن يفعل بنا لأنّ الضوء من السراج ليس بفعل منه، ولا كون، وإنّما هو ليس شيء غيره، فلمّا استضاء لنا، قلنا: قد أضاء لنا، حتى استضأنا به، فبهذا تستبصر أمرك... ).

ومعنى جواب الإمامعليه‌السلام أنّ السكوت والنطق إنّما يعرضان موضوع قابل لهما، توارد العدم والملكة وحيث إنّ نطق الله تعالى ليس على غرار ما يتصف به الناطقون من الممكنات، فيصح عليه النطق، كما يصح عليه السكوت وقد ذهبت

١٠٧

الشيعة إلى أنّ التكلّم من صفات الأفعال، لا يقوم بذاته تعالى قوام الأوصاف الذاتية، فإنّه تعالى هو الذي خلق النطق والكلام إذا أراده، وقد مثّل الإمامعليه‌السلام لذلك بالسراج فإنّه لا يقال له إنّه ساكت لا ينطق، كما أنّ إسناد الإضافة إلى السراج ليس اختياريا له، هذه بعض الاحتمالات في تفسير كلام الإمامعليه‌السلام .

س 10: ( يا سيدي: فإنّ الذي كان عندي أنّ الكائن قد تغيّر في فعله عن حاله بخلقه الخلق... ).

ج 10: ( يا عمران في قولك إنّ الكائن يتغيّر في وجه من الوجوه، حتى يصيب الذات منه ما يغيره، هل تجد النار تغيرها تغير نفسها، وهل تجد الحرارة تحرق نفسها؟ أو هل رأيت بصيراً قط رأى بصره؟... ).

إنّ هذا السؤال من عمران قد تقدّم، وقد أجابه الإمامعليه‌السلام وقد زادهعليه‌السلام توضيحاً، فقال له إنّ الكائن لا يتغيّر بوجه من الوجوه، فأفعال النفس - مثلاً - التي تصدر منها لا توجب زيادة فيها ولا نقصاناً، وهناك مثال آخر وهو البصر، فإن صدر الرؤية منه لا توجب زيادة فيه ولا نقصانا.

س 11: ( ألا تخبرني يا سيدي أهو في الخلق، أم الخلق فيه؟... )

ج 11: ( أجل هو يا عمران عن ذلك، ليس هو في الخلق، ولا الخلق فيه تعالى عن ذلك، وسأعلمك ما تعرفه، ولا قوّة إلاّ بالله، أخبرني عن المرآة أنت فيها، أم هي فيك؟ فإن كان ليس واحد منكما في صاحبه، فبأي شيء استدللت بها على نفسك يا عمران...؟ ).

لقد أحال الإمامعليه‌السلام حلول الله تعالى في خلقه، وحلولهم فيه، ومثّل لذلك بالصورة التي تنعكس في المرآة فإنّها لا تحل فيها، وكذلك المرآة لا تحل في الصورة، وإنّما النور هو الذي أوجب رؤية الصورة في المرآة، وهو غير حال في شيء منهما، يقول ابن الفارض:

بوحدته دامت لها كل كثرة

فصحت وقد آنت لها كل علة

فقد صار عين الكل فردا لذاته

وإن دخلت أفراده تحت عدة

نظرت فلم أبصر سوى محض وحدة

بغير شريك فد تغطّت بكثرة

وهنا بحوث فلسفية عميقة أعرضنا عن ذكرها إيثاراً للإيجاز.

س 12: ( بضوء بيني وبينها... ).

١٠٨

وهذا السؤال مرتبط بما قبله، وقد أوضحناه.

ج 12: هل ترى من ذلك الضوء أكثر ممّا تراه في عينك؟

عمران: نعم.

الإمام: فأرناه.

وسكت عمران، ولم يدر ما يقول، فقد سدّ الإمام عليه كل نافذة يسلك منها، وواصل الإمام حديثه قائلاً: ( فلا أرى النور إلاّ وقد دلّك، ودلّ المرآة على أنفسكما من غير أن يكون في واحد منكما، ولهذا أمثال كثيرة غير هذا لا يجد الجاهل فيها مقالاً ولله المثل الأعلى ).

تأجيل المناظرة:

وحضر وقت الصلاة، ولم يجد الإمام بدّاً من تأجيل المناظرة فالتفت إلى المأمون، فقال له: الصلاة حضرت، وخاف عمران من عدم استئناف الحوار بينه وبين الإمام، فقال له: ( يا سيدي لا تقطع عليّ مسألتي، فقد رقّ قلبي... ).

فأوعده الإمامعليه‌السلام بالعودة إلى مناظرته، ونهض الإمام فأدّى فريضة الصلاة.

استئناف المناظرة:

وعادت الجلسة، وقد حضرها المأمون، وكبار العلماء والقادة، والتفت الإمامعليه‌السلام إلى عمران فقال له: ( سل يا عمران... ).

س 13: ( يا سيدي ألا تخبرني عن الله عزّ وجل، هل يوحد بحقيقة أو يوحد بوصف؟... ).

ج 13: إنّ الله المبدأ، الواحد الكائن الأول، لم يزل واحداً لا شيء معه، فرداً لا ثاني معه، لا معلوماً - يعني بحقيقته - ولا مجهولاً، ولا محكماً، ولا متشابهاً، ولا مذكوراً، ولا منسياً، ولا شيئاً يقع عليه اسم شيء من الأشياء، ولا من وقت كان ولا إلى وقت يكون، ولا بشيء قام، ولا إلى شيء يقوم ولا إلى شيء استند، ولا في شيء استكن، وذلك كلّه قبل لخلق(1) إذ لا شيء غيره، وما أوقعت عليه من الكل

____________________

(1) في نسخة قبل خلقه الخلق.

١٠٩

فهي صفات محدثة، وترجمة يفهم بها مَن فهم. واعلم أنّ الإبداع والمشيئة والإرادة معناها واحد، وأسماؤها ثلاثة، وكان أوّل إبداعه ومشيئته وإرادته التي جعلها أصلاً لكل شيء، ودليلاً على كل شيء مدرك، وفاصلاً لكل مشكل، وبتلك الحروف تفريق كل شيء من اسم حق وباطل أو فعل أو مفعول، أو معنى أو غير معنى، وعليها اجتمعت الأمور كلّها ولم يجعل للحروف في إبداعه لها معنى غير أنفسها، تتناهى ولا وجود لها؛ لأنّها مبدعة بالإبداع. والنور في هذا الموضع أوّل فعل الله الذي هو نور السماوات والأرض، والحروف هي المفعول التي عليها مدار الكلام، والعبادات كلّها من الله عزّ وجل علّمها خلقه، وهي ثلاثة وثلاثون حرفاً، فمنها ثمانية وعشرون حرفاً تدل على لغات العربية، ومن الثمانية والعشرين اثنان وعشرون حرفا تدل على لغات السريانية والعبرانية، ومنها خمسة أحرف متحرفة في ساير اللغات من العجم والأقاليم، واللغات كلها، وهي خمسة أحرف تحرفت من الثمانية والعشرين حرفاً من اللغات فصارت الحروف ثلاثة وثلاثين حرفاً، فأمّا الخمسة المختلفة ( فيتجنح ) لا يجوز ذكرها أكثر ممّا ذكرناه ثم جعل الحروف بعد إحصائها، وأحكام عدتها فعلامته كقوله عزّ وجل:( كن فيكون ) وكن منه صنع، وما يكون به المصنوع، فالخلق الأوّل من الله عزّ وجلّ الإبداع لا بوزن له، ولا حركة، ولا سمع، ولا لون، ولا حس، والخلق الثاني الحروف، لا وزن لها، ولا لون، وهي مسموعة موصوفة، غير منظور إليها، والخلق الثالث ما كان من الأنواع كلها محسوساً، ملموساً، ذا ذوق منظور إليه والله تبارك وتعالى سابقاً للحروف، والحروف لا تدل على غير نفسها. وبهر المأمون، ولم يفهم أكثر محتويات هذه الكلمات العميقة التي تحتاج إلى وقت طويل لبيانها، وقال للإمام: ( كيف لا تدل - أي الحروف - على غير أنفسها؟... ). فأجابه الإمام موضحاً له الأمر قائلاً:

( إنّ الله تبارك وتعالى لا يجمع منها شيئاً لغير معنى أبداً، فإذا ألف منها أحرفاً أربعة أو خمسة، أو ستة، أو أكثر من ذلك، أو أقل لم يؤلّفها بغير معنى ولم يكن إلاّ لمعنى محدث لم يكن قبل ذلك شيئاً... ).

س 14: كيف لنا بمعرفة ذلك؟...

ج 14: أمّا المعرفة فوجه ذلك وبيانه: إنّك تذكر الحروف إذا لم ترد بها غير

١١٠

نفسها ذكرتها فرداً، فقلت: ا ب ت ث ج ح خ حتى تأتي على آخرها، فلم تجد لها معنى غير أنفسها، وإذا ألفتها وجعلت منها أحرفاً، وجعلتها اسماً وصفة لمعنى، ما طلبت، ووجه ما عنيت، كانت دليلة على معانيها داعية إلى الموصوف بها، أفهمته؟

( نعم ).

وواصل الإمام حديثه في بيان معاني الحروف عند تركيبها قائلاً: ( واعلم أنّه لا يكون صفة لغير موصوف، ولا حد لغير محدود، والصفات والأسماء كلها تدل على الكمال، والوجود ولا مثال على الإحاطة، كما تدل الحدود التي هي التربيع والتثليث، والتسديس؛ لأنّ الله عزّ وجل تدرك معرفته بالصفات والأسماء، ولا تدرك بالتحديد، بالطول والعرض، والقلّة والكثرة، واللون والوزن، وما أشبه ذلك، وليس يحل بالله، وتقدس شيء من ذلك حتى يعرفه خلقه بمعرفتهم أنفسهم بالضرورة التي ذكرنا. ولكن يدل على الله عزّ وجل بصفاته، ويدرك بأسمائه، ويستدل عليه بخلقه حتى لا يحتاج في ذلك الطالب المرتاد إلى رؤية عين، ولا استماع أذن، ولا لمس كف، ولا إحاطة بقلب، ولو كانت صفاته جلّ ثناؤه لا تدل عليه، وأسماؤه لا تدعو إليه، والمعلمة من الخلق لا تدركه لمعناه كانت العبادة من الخلق لأسمائه وصفاته دون معناه، فلولا أنّ ذلك كذلك لكان المعبود الموحد غير الله لأنّ صفاته وأسماءه غيره... أفهمت يا عمران؟ )

( نعم يا سيدي زدني... )

وواصل الإمام حديثه الممتع، وقد استولى على مَن حضر من العلماء والقادة، قائلاً: ( إيّاك وقول الجهّال من أهل العمى والضلال الذين يزعمون أن الله جل وتقدس موجود في الآخرة للحساب في الثواب والعقاب، وليس بموجود في الدنيا للطاعة والرجاء ولو كان في الوجود لله عزّ وجل نقص واهتضام لم يوجد في الآخرة أبداً، ولكن القوم تاهوا وعموا، وصموا عن الحق من حيث لا يعلمون، وذلك قوله عزّ وجل:( وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً ) (1) .

يعني أعمى عن الحقائق الموجودة، وقد علم ذوو الألباب أنّ الاستدلال على ما هناك لا

____________________

(1) سورة الإسراء: آية 72.

١١١

يكون إلاّ بما ها هنا، ومَن أخذ علم ذلك برأيه، وطلب وجوده وإدراكه عن نفسه دون غيرها لم يزدد من علم ذلك إلاّ بعداً؛ لأنّ الله عزّ وجل جعل علم ذلك خاصة عند قوم يعقلون ويعلمون ويفهمون... ).

س 15: ( يا سيدي ألا تخبرني عن الإبداع أخلق هو أم غير خلق؟... ).

علّق الشيخ الجعفري على هذه المسألة بقوله: إنّ هذه المسألة أيضاً ممّا أعيى الأذهان والعقول البشرية؛ لأنّها التي أوجبت افتراق المسالك والفرق المختلفة فمنهم مَن قال: باستحالة الإبداع مطلقاً أكان من الواجب، أم من الممكن، ومن قبيل المواد والصور أو العقول والنفوس وغيرها، ومنهم من جوزه مطلقاً، ومنهم من حصر إمكان الإبداع على الله تعالى على نحو العموم أي إنّه تعالى قادر على أن يبدع أي موجود شاء دون مادة سابقة له، وقع التغير عليه، وقد قالوا: إنّه مقتضى قدرته المطلقة وقابلية الموضوع ومنهم من ذهب مذاهب أخرى(1) .

ج 15: بل خلق ساكن، لا يدرك بالسكون، وإنّما صار خلقاً لأنّه شيء محدث، والله تعالى الذي أحدثه فصار خلقاً له، وإنّما هو الله عزّ وجل خلقه لا ثالث بينهما ولا ثالث غيرهما، فيما خلق الله عزّ وجل لم يعد أن يكون خلقه، وقد يكون الخلق ساكناً ومتحركاً ومختلفاً ومؤتلفاً ومعلوماً ومتشابهاً، وكل ما وقع عليه حد فهو خلق الله عزّ وجل، واعلم أنّ كل ما أوجدتك الحواس فهو معنى مدرك للحواس، وكل حاسة تدل عل ما جعل الله عزّ وجل لها في إدراكها، والفهم من القلب بجميع ذلك كله، واعلم أنّ الواحد الذي هو قائم بغير تقدير ولا تحديد خلق خلقاً مقدراً بتحديد وتقدير، وكان الذي خلق خلقين اثنين: التقدير والمقدر، وليس في كل واحد منهما لون ولا وزن، ولا ذوق، فجعل أحدهما يدرك بالآخر وجعلهما مدركين بنفسهما، ولم يخلق شيئاً فرداً قائماً بنفسه دون غيره للذي أراد من الدلالة على نفسه واثبات وجوده فالله تبارك وتعالى فرد واحد لا ثاني معه يقيمه، ولا يعضده، ولا يكنه، والخلق ممّا يمسك بعضه بعضاً بإذن الله تعالى ومشيئته، وإنّما اختلف الناس في هذا الباب حتى تاهوا وتحيّروا وطلبوا الخلاص من الظلمة بالظلمة في وصفهم الله تعالى بصفة أنفسهم، فازدادوا من الحق بعداً، ولو وصفوا الله عزّ وجل بصفاته،

____________________

(1) تحف العقول (ص 527).

١١٢

ووصفوا المخلوقين بصفاتهم لقالوا بالفهم واليقين، ولما اختلفوا، فلمّا طلبوا من ذلك ما تحيروا فيه، ارتبكوا، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم... )

س 16: ( أشهد أنّه كما وصفت، ولكن بقيت لي مسألة... ).

( سل عمّا أردت... ).

( أسألك عن الحكيم في أي شيء هو؟ وهل يحيط به شيء؟ وهل يتحوّل من شيء إلى شيء؟ أو به حاجة إلى شيء...؟ ).

ج 16: أخبرك يا عمران فاعقل ما سألت عنه، فإنّه مَن أغمض ما يرد على الخلق في مسائلهم، وليس يفهم المتفاوت عقله، العازب حلمه، ولا معجز عن فهمه أولو العقل المنصفون، أمّا أول ذلك فلو كان خلق ما خلق لحاجة منه لجاز لقائل أن يقول: يتحول إلى ما خلق لحاجة إلى ذلك، ولكنّه عزّ وجل لم يخلق شيئاً لحاجة ولم يزل ثابتا لا في شيء، ولا على شيء إلاّ أنّ الخلق يمسك بعضه بعضاً، ويدخل بعضه في بعض، ويخرج منه،

والله جلّ وتقدّس بقدرته يمسك ذلك كله، وليس يدخل في شيء ولا يخرج منه، ولا يؤوده حفظه، ولا يعجز عن إمساكه، ولا يعرف أحد من الخلق كيف ذلك؟ إلاّ الله عزّ وجل، ومن أطلعه عليه من رسله، وأهل سره، والمستحفظين لأمره وخزانه، القائمين بشريعته، وإنّما أمره كلمح البصر أو هو أقرب، إذا شاء شيئا فإنّما يقول له( كن فيكون ) بمشيئته وإرادته وليس شيء أقرب إليه من شيء، ولا شيء أبعد منه من شيء... أفهمت يا عمران؟... ).

( نعم يا سيدي... ).

إنّ الإنسان مهما أوتي من علم فهو عاجز عن معرفة نفسه وما فيها من الأجهزة الدقيقة المذهلة، فكيف ليعرف أو يحيط علماً بالخالق العظيم، مبدع الأكوان، وواهب الحياة، يقول ابن أبي الحديد:

فيك يا أعجوبة الكون غدا الفكر عليلا

فكري كلّما دان شبراً منك راح ميلا

أنت حيّرت ذوي اللب، وبلبلت العقولا

إنّ فكر الإنسان محدود فكيف يعرف حقيقة الله تعالى، نعم عرفناه وآمنّا به بمخلوقاته، فكل ذرّة في هذا الوجود تنادي بوجود الخالق العظيم الذي لا يعزب عنه مثقال ذرّة في السماء والأرض.

١١٣

إسلام الصابئ:

ولمّا رأى عمران الصابئ الطاقات الهائلة من العلم التي يتمتع بها الإمامعليه‌السلام ، والتي منها أجوبته الحاسمة من أعمق المسائل الفلسفية التي لا يهتدي لحلّها إلاّ أوصياء الأنبياء الذين منحهم الله العلم وفصل الخطاب، أعلن عمران إسلامه وطفق يقول: ( أشهد أنّ الله تعالى على ما وصفت، ووحدت، وأشهد أنّ محمداًصلى‌الله‌عليه‌وآله عبده المبعوث بالهدى، ودين الحق... ). ثم خرّ ساجداً لله تعالى وأسلم، وبهر العلماء والمتكلمون من علوم الإمام، ومواهبه وعبقرياته، وراحوا يحدثون الناس عن فضل الإمام وسعة علومه، وانصرف المأمون وهو غارق بالألم، قد أترعت نفسه بالحقد والحسد للإمام:

خوف محمد على الإمام:

وخاف عمّ الإمام محمد بن جعفر عليه من المأمون، وكان حاضرا في المجلس، ورأى كيف تغلب على عمران الصابئ الذي هو في طليعة فلاسفة العصر، فاستدعى الحسن بن محمد النوفلي، وكان من أصحاب الإمام فقال له: ( يا نوفلي أما رأيت ما جاء به صديقك - يعني الإمام -؟

لا والله ما ظننت أنّ علي بن موسى الرضا خاض في شيءٍ قط، ولا عرفناه به، إنّه كان يتكلّم بالمدينة، أو يجتمع إليه أصحاب الكلام؟...

( وراح النوفلي يعرفه بعلم الإمام وفضله قائلاً: ( قد كان الحجاج يأتونه فيسألونه عن أشياء من حلالهم وحرامهم فيجيبهم، وربّما كلم مَن يأتيه يحاججه... ).

وراح محمد يبدي مخاوفه من المأمون على ابن أخيه قائلاً: ( إنّي أخاف عليه أن يحسده هذا الرجل فيسمّه أو يفعل به بليّة، فأشر عليه بالإمساك عن هذه الأشياء... ).

وكان النوفلي يظن خيراً بالمأمون، ولا يخاف منه على الامام، فقال لمحمد: ) ما أراد الرجل - يعني المأمون - إلاّ امتحانه ليعلم هل عنده شيء من علوم آبائه؟... ).

ولم يقنع محمد بكلام النوفلي، فقد كان يظن السوء بالمأمون وراح يقول له: ( قل له: إنّ عمّك قد كره هذا الباب، وأحب أن تمسك عن هذه الأشياء

١١٤

لخصال شتّى... ).

وكان عمّ الإمام مصيباً في حدسه، عالماً بما تكنّه الأسرة العباسية من العداء والحقد لأهل البيتعليهم‌السلام ، وقد أثارت أسئلة الصابئ وإسلامه على يد الإمام أحقاد المأمون فقدم اغتيال الإمام كما سنوضّح ذلك في غضون هذا الكتاب.

ونقل النوفلي كلمات محمد إلى الإمامعليه‌السلام فشكره على ذلك، ودعا له بالخير.

تكريم الإمام لعمران:

وكسب الإمامعليه‌السلام في مناظرته إسلام عمران الذي هو في طليعة علماء عصره، فقد بعث خلفه، فلمّا مثل عنده رحّب به وقابله بمزيد من الحفاوة والتكريم، ودعا له بكسوة فخلعها عليه وأعطاه عشرة آلاف درهم، ففرح عمران بذلك وأخذ يدعو للإمام ويشكره على ذلك قائلاً: ( جُعلت فداك حكيت فعل جدّك أمير المؤمنين عليه السلام ).

وجعل عمران يتردد على الإمام ويكتسب من فيض علومه وصار بعد ذلك فيما يقول المؤرّخون داعية من دعاة الإسلام، وجعل المتكلمون من أصحاب المقالات والبدع يفدون عليه، ويسألونه عن مهام المسائل وهو يجيبهم عنها، حتى اجتنبوه، وأوصله المأمون بعشرة آلاف درهم، كما أعطاه الفضل بن سهل مالاً، وولاه الإمام على صدقات بلخ فأصاب الرغائب(1) .

أسئلة سليمان المروزي:

أمّا سليمان المروزي فكان متضلّعاً بالفلسفة، ومتمرسا في البحوث الكلامية وكان يعد في طليعة علماء خراسان، وقد انتدبه المأمون لامتحان الإمام الرضاعليه‌السلام وقد قابله بحفاوة وتكريم، وقال له: إنّ ابن عمي علي بن موسى الرضا، قدم علي من الحجاز، وهو يحب الكلام وأصحابه، فلا عليك أن تصير إلينا يوم التروية لمناظرته... ).

وخاف سليمان من ذلك، فقد ظن أنّ الإمام سوف يعجز عن أجوبة مسائله فيحقد عليه العلويون، وراح يعتذر من المأمون قائلاً:

____________________

(1) عيون أخبار الرضا 1 / 168 - 178، وذكر الطبرسي ما يقرب من ذلك في الاحتجاج، والمجلسي في البحار، والحسن بن شعبة في تحف العقول.

١١٥

( إنّي أكره أن أسأل مثله في مجلسك في جماعة من بني هاشم، فينتقص عند القوم إذا كلّمني، ولا يجوز الانتقاص عليه... ).

وتعهّد له المأمون، ووعده أن لا يصيبه أي أذى أو مكروه قائلاً: ( إنّما وجهت إليه لمعرفتي بقوتك، وليس مرادي إلاّ تقطعه عن حجّة واحدة فقط... ).

وهذا الكلام يدلل على سوء ما يضمره المأمون للإمام، وما يكنّه له من الحقد والعداء، واطمأن سليمان، من أي اعتداء عليه، وراح يقول للمأمون: ( حسبك يا أمير المؤمنين، اجمع بيني وبينه، وخلّني والذم... ).

ووجّه المأمون في الوقت رسوله إلى الإمام يطلب منه الحضور لمناظرة سليمان فأجابه الإمام إلى ذلك، وحضر معه وفد من أعلام أصحابه ضم عمران الصابئ الذي أسلم على يده وجرى حديث بينه وبين سليمان حول البداء، فأنكره سليمان، وأثبته عمران، وطلب سليمان رأي الإمام فيه فأقره، واستدل عليه بآيات من الذكر الحكيم، والتفت المأمون إلى سليمان فقال له: سل أبا الحسن عما بدا لك وعليك بحسن الاستماع والإنصاف، ووجه سليمان الأسئلة التالية للإمامعليه‌السلام :

س 1: ( ما تقول فيمَن جعل الإرادة اسماً وصفة مثل حي، وسميع، وبصير وقدير؟... ).

ج 1: إنّما تقول: حدثت الأشياء واختلفت لأنّه شاء وأراد، ولم تقولوا: حدثت الأشياء واختلفت لأنّه سميع بصير، فهذا دليل على أنّهما - أي الإرادة والمشيئة - ليستا مثل سميع، ولا بصير، ولا قدير.

وانبرى سليمان قائلاً: ( فإنّه لم يزل مريداً... ).

ورد عليه الإمام: ( يا سليمان فإرادته غيره؟... ).

( نعم... ).

وذهب سليمان إلى التعدد مع أنّ الله تعالى متحد مع إرادته، وأبطل الإمام شبهته قائلاً: ( قد أثبت معه شيئاً غيره لم يزل؟... ).

( ما أثبت... ).

١١٦

( أهي - أي الإرادة - محدثة؟... ).

( لا ما هي محدثة... ).

وضيق الإمام على سليمان الخناق، وراحت أقواله تتناقض فتارة يقول بقدم الإرادة، وأخرى يقول بحدوثها، فصاح به المأمون، وطلب منه عدم المكابرة، والإنصاف في حديثه قائلاً: ( عليك بالإنصاف، أما ترى من حولك من أهل النظر؟. )

والتفت المأمون إلى الإمام قائلاً: ( كلّمه يا أبا الحسن، فإنّه متكلّم خراسان ).

وسأله الإمام قائلاً: ( أهي محدثة؟... ).

فأنكر سليمان حدوث الإرادة، فردّ عليه الإمام: ( يا سليمان هي محدثة، فإنّ الشيء إذا لم يكن أزلياً كان محدثاً، وإذا لم يكن محدثاً كان أزلياً... ).

وانبرى سليمان قائلاً:

( إرادته - أي الله - منه؟ كما أنّ سمعه وبصره وعلمه منه ).

وأبطل الإمام عليه قوله، وقائلاً: ( فأراد نفسه؟... ).

( لا... ).

وأخذ الإمام يفند مقالته قائلاً له: ( فليس المريد مثل السميع والبصير ).

وراح سليمان يتخبّط خبط عشواء فقد ضيّق الإمام عليه، وسد كل نافذة يسلك منها، قائلاً: ( إنّما أراد نفسه، كما سمع نفسه، وأبصر نفسه، وعلم نفسه... ).

وانبرى الإمام فأبطل مقالته، قائلاً له: ( ما معنى أراد نفسه؟ أراد أن يكون شيئاً، وأراد أن يكون حياً، أو سميعاً، أو بصيرا أو قديراً؟... ).

ولم يدر سليمان ماذا يقول، فأجاب: ( نعم... ).

١١٧

فقال له الإمام: ( أفبإرادته كان ذلك؟... ).

( نعم... )

وطفق الإمام يبطل مقالته، ويبدي ما فيها من التناقض قائلاً: ( فليس لقولك: أراد أن يكون حياً سميعاً، بصيراً معنى، إذا لم يكن ذلك بإرادته؟... ).

والتبس الأمر على سليمان، وراح يقول: ( بلى قد كان ذلك بإرادته... ). وعجّ المجلس بالضحك، وضحك المأمون والرضاعليه‌السلام من تناقض كلام سليمان، والتفت الإمام إلى الجماعة، وطلب منهم الرفق بسليمان، ثم قال له: ) يا سليمان، فقد حال - أي الله تعالى - عندكم عن حاله وتغير عنها، وهذا ما لا يوصف الله به... ).

وبان العجز على سليمان، وانقطع الكلام، والتفت الإمام إليه ليقيم عليه الحجة قائلاً: ( يا سليمان أسألك عن مسألة...؟ ).

( سل جعلت فداك... ).

( اخبرني عنك وعن أصحابك تكلمون الناس بما تفقهون وتعرفون؟ أو بما لا تفقهون، ولا تعرفون... ).

( بل بما نفقه ونعلم... ).

وأخذ الإمام يقيم الحجّة والبرهان على خطأ ما ذهب إليه سليمان قائلاً: ( فالذي يعلم الناس أنّ المريد غير الإرادة، وأنّ المريد قبل الإرادة، وأنّ الفاعل قبل المفعول، وهذا يبطل قولكم: إنّ الإرادة والمريد شيء واحد... ).

وطفق سليمان قائلاً: ( جعلت فداك، ليس ذلك منه على ما يعرف الناس، ولا على ما يفقهون؟ ).

واندفع الإمام يبطل ما ذهب إليه قائلاً: ( فأراكم ادعيتم علم ذلك بلا معرفة، وقلتم: الإرادة كالسمع والبصر إذا كان ذلك عندكم على ما لا يعرف، ولا يعقل... ).

وحار سليمان ولم يطق جواباً أمام هذه الطاقات الهائلة من العلم التي يملكها

١١٨

الإمامعليه‌السلام ، واستأنف الإمام حديثه ليتم عليه الحجة قائلاً: ( يا سليمان هل يعلم الله جميع ما في الجنة والنار؟... ).

وأسرع سليمان قائلاً: ( نعم ).

وانبرى الإمام قائلاً: ( أفيكون ما علم الله تعالى أنه يكون من ذلك؟... ).

( نعم... ).

( فإذا كان حتى لا يبقى منه شيء، إلاّ كان يزيدهم أو يطويه عنهم؟... )

فأجاب سليمان: ( بل يزيدهم... ).

وأبطل الإمام قوله: ( فأراه في قولك: قد زادهم ما لم يكن في علمه، أنّه يكون... ).

وطفق سليمان يقول: ( جعلت فداك فالمريد لا غاية له... ).

ومضى الإمام يفنّد شبه سليمان قائلاً:

( فليس يحيط علمه عندكم بما يكون فيهما إذا لم يعرف غاية ذلك وإذا لم يحط علمه بما يكون فيهما، لم يعلم ما يكون فيهما قبل أن يكون، تعالى الله عزّ وجل عن ذلك علواً كبيراً... ).

وراح سليمان يعتذر ويوجه ما قاله: ( إنّما قلت: لا يعلمه، لأنه لا غاية لهذا، لان الله عزّ وجل وصفهما بالخلود، وكرهنا أن نجعل لهما انقطاعاً... ).

وراح الإمامعليه‌السلام يفنّد شبهه وأوصافه قائلاً: ( ليس علمه بذلك بموجب لانقطاعه عنهم؛ لأنّه قد يعلم ذلك، ثم يزيدهم ثم لا يقطعه عنهم، وكذلك قال الله عزّ وجل في كتابه:( كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ ) (1) وقال لأهل الجنّة:( عَطَاءً غَيْرَ

____________________

(1) سورة النساء / آية 56.

١١٩

مجذوذ ) (1) وقال عزّ وجل:( وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ * لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ ) (2) فهو عزّ وجل يعلم ذلك لا يقطع عنهم الزيادة... أرأيت ما أكل أهل الجنة، وما شربوا يخلف مكانه؟... ).

( بلى... ).

( أفيكون يقطع ذلك عنهم، وقد أخلف مكانه؟... ).

( لا... ).

ومضى الإمامعليه‌السلام يقرّر ما ذهب إليه قائلاً: ( فكذلك كلما يكون فيها إذا أخلف مكانه فليس بمقطوع عنهم... ).

وراح سليمان يتمسك بالشبه والأوهام ثم يزيله عنها هذه الحجج البالغة التي أقامها الإمام قائلاً: ( بلى يقطعه عنهم، ولا يزيدهم... ).

وانبرى الإمام فأبطل ذلك بقوله: ( إذا يبيد فيها، وهذا يا سليمان إبطال الخلود، وخلاف الكتاب؛ لأنّ الله عزّ وجل يقول:( لهم ما يشاؤون فيها ولدينا مزيد ) (3) .

ويقول عزّ وجل: (عطاء غير مجذوذ) ويقول عزّ وجل:( وما هم عنها بمخرجين ) (4).

ويقول عزّ وجل:( خالدين فيها أبداً ) (5)

ويقول عزّ وجل:( وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ * لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ ) .

ووجم سليمان، وحار في الجواب، وراح يسد عليه كل نافذة يسلك فيها لإثبات شبهة قائلاً له: ( يا سليمان ألا تخبرني عن الإرادة أفعل هي أم غير فعل...؟ ).

( بل هي فعل... ).

ورد الإمام عليه: ( فهي محدثة لأنّ الفعل كله محدث... ). إنّ كل ممكن معلول ومصنوع وحادث إمّا واجب الوجود تعالى فهو عارٍ عن

____________________

(1) سورة هود / آية 108

(2) سورة الواقعة / آية 33.

(3) سورة ق / آية 35.

(4) سورة الحجر / آية 48.

(5) سورة البينة / آية 8.

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

 ذلك رأساً بحيث يظهر إجماعهم على خلافه.

 فما في كلام بعض محدّثي الأواخر من أنّه لا يبعد أن يكون من الأجزاء المستحبّة له، فيه ما فيه. ثمّ نفى البعد عن اختيار ما اخترناه لخبرالاحتجاج وغيره. وربّما يلوح من آخر كلامالبحار ما رجّحناه، ويمكن التأويل على بُعْد في صدر كلامه، وهذا مستثنى من كراهة الكلام في الأثناء، وفي(الشوارع) ما سبق من الحكم بكراهة الكلام في خلال الأذان، فقد عرفت عدم الدليل عليه إلاّ التسامح مع عدم شموله لمثله، انتهى. واعلم: أنّه ينبغي للآتي بهذه الشهادة أن يأتي بها بحيث لا يوهم الجزئية ولا يوقع الناس في وهمها، فيأتي بها تارة ويتركها أُخرى، ولا يكررها كالأُخريين مرتين، ويسقط لفظة (أشهد)، وفي جعلها في خلال الصلاة على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وإدراجها فيها كما نبّه عليه فيكشف الغطاء جمعٌ بين الحقّين والوظيفتين(١) .

٤١ - الشيخ جعفر التُّستري (ت ١٣٠٣ هـ)

قال الشيخ جعفر التُّستري في رسالته باللغة الفارسية(منهج الرشاد) ما تعربيه:

إنّ الشهادة بالولاية ليست جزءً من الأذان، ولكن يستحبّ الإتيان بها تيمّناً وتبرّكاً للرجحان المطلق(٢) .

____________________

(١) المواهب السنية ٣: ٣٢٨ - ٣٢٩.

(٢) منهج الرشاد: ١٧٥، ط بمبي، سنة ١٣١٨ هـ، وعليه حاشية السيّد إسماعيل الصدر. وقد أمضى السيّد الصدر ما أفتى به الشيخ التستري، انظر: سرّ الإيمان للمقرم: ٥٥. وعبارة الشيخ تدل على أن الاستحباب ليس لأصل الأذان بل هو للرجحان المطلق مطلوباً وذكراً محبوباً.

٤٢١

٤٢ - الميرزا محمد حسن القمي (ت ١٣٠٤ هـ)

قال الميرزا محمد حسن القمي وهو من تلامذة الشيخ الأنصاري في كتابه(مصباح الفقاهة) بعد أن نقل كلام الشيخ الصدوقرحمه‌الله :

وعن المجلسيقدس‌سره : أنّه لا يبعد كون الشهادة بالولاية من الأجزاء المستحبّة استناداً إلى ما عرفت، وإلى خبر القاسم بن معاوية المرويّ عن احتجاج الطبرسي عن الصادق... وفيه ما لا يخفى، إلاّ أنّه لا باس بذكر اسمه الشريف لا على سبيل الجزئية(١) .

٤٣ - الشيخ محمد الإيرواني (ت ١٣٠٦ هـ)

قال الشيخ الإيرواني في رسالته باللغة الفارسية(نجاة المقلّدين) ما تعريبه:

من الجائز القول ب (أشهد أن عليّاً ولي الله) و(أن آل محمد خير البرية) في الأذان والإقامة، لكن بدون قصد الجزئية، والأحوط الاكتفاء بمرّة واحدة في هذه الشهادة(٢) .

٤٤ - الشيخ زين العابدين الحائري المازندراني (ت ١٣٠٩ هـ)

أجاب الشيخ في رسالته باللغة الفارسية(ذخيرة المعاد) بعد أن سئل هل الشهادة بالولاية في الأذان والإقامة جائز الإتيان بها أم يجب تركها؟ قالرحمه‌الله :

لا بأس بالشهادة بالولاية بقصد الاستحباب لا بقصد الجزئية(٣) .

____________________

(١) مصباح الفقاهة ٣: ٧٦، وانظر (كلمات الأعلام حول الشهادة الثالثة) ضمن الرسائل العشر للشيخ الأستادي: ٤٠٠، وسر الإيمان للمقرم كذلك: ٥٦.

(٢) سر الإيمان، للمقرم: ٥٦.

(٣) انظر (كلمات الأعلام حول الشهادة الثالثة): ٤٠٠ وسر الإيمان للمقرم: ٥٦ وقال بمثل هذا

٤٢٢

٤٥ - الميرزا محمد حسن الشيرازي (ت ١٣١٢ هـ)

قال الميرزا الشيرازي في رسالته(مجمع الرسائل) باللغة الفارسية والتي عليها حاشية للسيّد إسماعيل الصدر العاملي، ما تعريبه:

الشهادة بالولاية لعليّ ليست جزءاً من الأذان، ولكن يؤتى بها إمّا بقصد الرجحان في نفسه، وإمّا بعد ذكر الرسالة، فإنه حَسَنٌ ولا بأس به(١) .

٤٦ - ملا محمد بن محمد مهدي الأشرفي البارفروشي (ت ١٣١٥ هـ)

قال الشيخ البارفروشي في(شعائر الإسلام) ما تعريبه:

الشهادة بالولاية كأن يقول بعد (أشهد أن محمداً رسول الله): (أشهد أن عليّاً ولي الله)، والشهادة بالإِمْرَةِ كأن يقول: (أشهد أن عليّاً أمير المؤمنين)، وكلاهما ليسا بجزء واجب ولا مندوب، لكن إذا قالهما أحد مجتمعاً (أشهد أن عليّاً أمير المؤمنين ولي الله) بدون واو العطف وبقصد القربة المطلقة والرجحان النفسي للأمر كان مثاباً ومأجوراً وقد أُعطى ثواب الشهادة بالإِمرة والولاية(٢) .

____________________

في رسالته الأخرى المسماة ب (مختصر زينة العباد): ١٢٤ طبع إيران سنة ١٢٨١ هـ.

(١) مجمع الرسائل المحشّاة: ٩٨ طبع بمبي سنة ١٣١٥ هـ من قبل السيّد إسماعيل الصدر، والآخوند الخراساني، والميرزا حسين الخليلي، والسيّد كاظم اليزدي، والشيخ محمد تقي الإصفهاني المعروف ب (آغا نجفي) وغيرهم، انظر كلمات الأعلام، وسر الإيمان.

(١) شعائر الإسلام المعروف بالسؤال والجواب: ١٨٢، وانظر كلمات الأعلام للأستادي: ٤٠٠، وسر الإيمان للمقرم: ٥٧، كذلك عن رسالته بالفارسية: ٦٣، طبع بمبي سنة ١٢٨٣ هـ.

٤٢٣

٤٧ - السيّد محمد حسين الشهرستاني (ت ١٣١٥ هـ)

إنّ لجدي السيّد محمد حسين المرعشي الشهرستاني كتاب(شوارع الأعلام في شرح شرائع الإسلام) لا أدري هل أنّه تعرّض للشهادة بالولاية فيه أم تركها تبعاً للمحقّق، لكنّ السيّد عبد الرزاق المقرّم نقل عن حاشية لهرحمه‌الله على(نجاة العباد) لصاحب الجواهر امضياءه فتوى صاحب الجواهر بالاستحباب(١) .

٤٨ - الشيخ محمد علي بن محمد باقر (صاحب الحاشية على المعالم) (ت ١٣١٨ هـ)

أمضى الشيخ في حاشيته على(مجمع الرسائل) للسيّد الميرزا حسن الشيرازي الكبير ما قاله المجدّد الشيرازي في رجحان الشهادة بإمرة المؤمنين لعلي(٢) .

٤٩ - السيّد إسماعيل الطبرسي النوري (ت ١٣٢١ هـ)

قال السيّد في(شرح نجاة العباد) :

أقول: من تصفّح وتتبّع ما ورد في الروايات في فضائله ومناقبهعليه‌السلام يحصل له القطع بمحبوبية اقتران اسمه المبارك والشهادة بولايته وإمارته باسم الله سبحانه وتعالى ورسوله كلما يذكران نطقاً وذكراً وكتابة، ولا معنى للاستحباب إلاّ رجحانه الذاتي ومطلوبيته النفس الأمري، إلاّ أن يقال بأنّ غاية ذلك استحبابه العقلي وهو غير الاستحباب التعبدي، فتأمّل(٣) .

____________________

(١) سر الإيمان للمقرم: ٥٧.

(٢) سر الإيمان للمقرم: ٥٨.

(٣) وسيلة المعاد في شرح نجاة العباد: ٢٣١، وانظر (كلمات الأعلام حول الشهادة الثالثة

٤٢٤

٥٠ - الشيخ محمد الشربياني (ت ١٣٢٢ هـ)

له حاشية على رسالة السيّد حسين الترك، وله حاشية أُخرى على رسالة الشيخ محمد الأشرفي، وقد أمضى ما أفتى به العلمان الآنفان من رجحان الشهادة بالولاية واستحبابها.

٥١ - آغا رضا الهمداني (ت ١٣٢٢ هـ)

حكى الشيخ الهمداني في كتابه(مصباح الفقيه) كلام الشيخ الصدوق في(الفقيه) والشيخ في(النهاية) والعلاّمة في(المنتهى) وقال:

أقول: ولولا رمي الشيخ والعلاّمة لهذه الأخبار بالشذوذ وادّعاء الصدوق وضعها، لأمكن الالتزام بكون ما تضمّنته هذه المراسيل من الشهادة بالولاية والإمارة وأنّ محمّداً وآله خير البريّة من الأجزاء المستحبّة للأذان والإقامة، لقاعدة التسامح، كما نفى عنه البُعْدَ المحدّثُ المجلسي في محكيّ البحار تعويلاً على هذه المراسيل، وأيّده بما في خبر القاسم بن معاوية المرويّ عن احتجاج الطبرسي عن أبي عبداللهعليه‌السلام : (إذا قال أحدكم: لا إله إلاّ الله، محمّد رسول الله، فليقل: علي أمير المؤمنين)(١) وغيره من العمومات الدالّة عليه(٢) .

 ولكنّ التعويل على قاعدة التسامح في مثل المقام الذي أخبر مَنْ نقل إلينا الخبر الضعيف بوضعه أو شذوذه مشكل، فالأولى أن

____________________

للأستادي): ٤٠١، و(سر الإيمان) للمقرم: ٥٨.

(١) الاحتجاج: ١٥٨.

(٢) بحار الأنوار ٨٤: ١١١ - ١١٢، وحكاه عنه البحراني في الحدائق الناضرة ٧: ٤٠٣ - ٤٠٤.

٤٢٥

 يشهد لعليّعليه‌السلام بالولاية وإمرة المؤمنين بعد الشهادتين قاصداً به امتثال العمومات الدالّة على استحبابه، كالخبر المتقدّم(١) ، لا الجزئيّة من الأذان أو الإقامة، كما أنّ الأولى والأحوط الصلاة على محمّد وآله بعد الشهادة له بالرسالة بهذا القصد، والله العالم(٢) .

٥٢ - الشيخ محمد طه نجف (ت ١٣٢٣ هـ)

للشيخ حاشية على(نجاة العباد) لم يعلّق فيها على ما أفتى به صاحب الجواهر، ومعناه أنّه أمضى ما أفتى به صاحب الجواهر(٣) .

٥٣ - الشيخ حسن المامقاني (ت ١٣٢٣ هـ)

أفتى الشيخ المامقاني في رسالته العملية باللغة الفارسية باستحباب الصلاة على محمد وآله والشهادة بالولاية لعلي بإمرة المؤمنين بعد ذكر الشهادة بالرسالة لكن لا بقصد الجزئية(٤) .

٥٤ - السيّد محمد بحر العلوم (ت ١٣٢٦ هـ)

قال صاحب(بلغة الفقيه) في رسالته(الوجيزة) عند ذكر فصول الأذان والإقامة:

ويستحبّ فيهما إكمال الشهادتين بالشهادة بالولاية لعليّ وإن

____________________

(١) أي: خبر القاسم بن معاوية.

(٢) مصباح الفقيه ١١: ٣١٣ - ٣١٤ وانظر كلامهرحمه‌الله عن كراهة الترجيع في صفحة ٣٤٢ كذلك.

(٣) سر الإيمان، للمقرم: ٥٩.

(٤) سر الإيمان للمقرم: ٥٩، وانظر رسالته كذلك: ١٥٥، المطبوع في إيران سنة ١٣٠٧ هـ.

٤٢٦

كانت خارجة عن فصولهما(١) .

٥٥ - الميرزا حسين الخليلي (ت ١٣٢٦ هـ)

للشيخ الخليلي حواش وتعليقات على رسائل مَنْ قَبْلَهُ مثل(نجاة العباد) لصاحب الجواهر، و(مجمع الرسائل) للميرزا المجدد الشيرازي، و(النخبة) للميرزا الكرباسي، فقد أمضى فتاوى من سبقه باستحباب الشهادة بالولاية لعلي في الأذان(٢) .

٥٦ - الآخوند محمد كاظم الخراساني (صاحب كفاية الأصول) (ت ١٣٢٩)

قال الآخوند في(ذخيرة العباد) ما تعريبه:

الشهادة بالولاية لأمير المؤمنين ليست جزءاً من الأذان، ولكن لا بأس بذكرها بقصد القربة المطلقة بعد ذكر الشهادة لرسول الله(٣) .

٥٧ - الشيخ عبدالله المازندراني (ت ١٣٣٠ هـ)

لم يعلّق الشيخ بالخلاف على ما أفتى به الملاّ محمد الأشرفي من استحباب الشهادة بالولاية لعليعليه‌السلام (٤) .

____________________

(١) سر الإيمان، للمقرم: ٥٩، عن الوجيزة: ٨٩، طبع سنة ١٣٢٤ هـ.

(٢) سر الإيمان، للمقرم: ٥٩.

(٣) ذخيرة العباد: ٥٣ طبع بمبي، سنة ١٣٢٧ وانظر سر الإيمان للمقرم: ٦٠.

(٤) سر الإيمان، للمقرم: ٦٠.

٤٢٧

٥٨ - الشيخ محمد تقي (حفيد صاحب الحاشية على المعالم) المعروف بآقا نجفي (ت ١٣٣٢ هـ)

قال الشيخ في رسالته العملية له باللغة الفارسية، ما تعريبه:

الشهادة بالولاية لعلي ليست جزءاً من الأذان، ولكن يستحبّ أن يؤتى بها بقصد الرجحان، أما في نفسه أو بعد ذكر الرسول(١) .

٥٩ - الملا محمد علي الخونساري الإمامي (ت ١٣٣٢ هـ)

قالرحمه‌الله في رسالته باللغة الفارسية:

 الشهادة لعلي ليست جزءاً، بل يؤتى بها بقصد الرجحان، إمّا في نفسه، أو لما ورد بعد ذكر الرسول(٢) .

٦٠ - الميرزا أبو القاسم الأُوردبادي (ت ١٣٣٣ هـ)

قال الشيخ الأَوردبادي في كتابه الاستدلالي في الفقه مخطوط وكان من تلامذة النهاوندي والفاضل الإيرواني:

 لقد ورد الإقرار بأنّ علياً أمير المؤمنين كلّما أُقِرَّ بالتوحيد والرسالة، وهو بعمومه يقتضي الاستحباب في الأذان والإقامة(٣) .

٦١ - الشيخ محمد علي المدرس الجهاردهي (ت ١٣٣٤ هـ)

قال الشيخ في رسالته(زبدة العبادات) باللغة الفارسية، ما تعريبه:

____________________

(١) سر الإيمان، للمقرم: ٥٩.

(٢) سر الإيمان، للمقرم: ٩.

(٣) سر الإيمان، للمقرم: ٦١.

٤٢٨

 الشهادة بالولاية ليست جزءاً من الأذان والإقامة، بل يؤتى بها بعد الشهادة بالرسالة بعنوان الرجحان المطلق لدلالة الروايات عليها بعد الرسالة في كل وقت(١) .

٦٢ - الشيخ محمد جواد الشيخ مشكور الحولاوي (ت ١٣٣٤ هـ)

له حاشية على رسالة والده المسماة ب(كفاية الطالبين) ، وقد أمضى فيها ما أفتى به والده(٢) . وكان والده المتوفّى سنة ١٢٨٢ هـ قد قال في رسالته المذكورة: ويُستحب الصلاة على محمد وآله عند ذكر اسمه، وإكمال الشهادتين بالشهادة لعليّعليه‌السلام بالولاية لله تعالى وإمرة المؤمنين في الأذان وغيره(٣) .

٦٣ - السيّد محمد مهدي بن أحمد بن حيدر الكاظمي (ت ١٣٣٦ هـ)

له رسالة عملية طبعت في بمبي الهند سنة ١٣٢٧ هـ مع حاشية الميرزا النائيني قال فيها:

 ويستحبّ الشهادة لعلي بالولاية لله وإمرة المؤمنين بعد الشهادتين لا بعنوان الجزئية(٤) .

٦٤ - السيّد محمد كاظم اليزدي (ت ١٣٣٧ هـ)

قال السيّد اليزدي في (العروة الوثقى):

 ويستحبّ الصلاة على محمد وآله عند ذكر اسمه، وأمّا الشهادة

____________________

(١) سر الإيمان، للمقرم: ٦١.

(٢) سر الإيمان، للمقرم: ٦١.

(٣) سرّ الإيمان، للمقرم: ٥٤.

(٤) سر الإيمان، للمقرم: ٦١.

٤٢٩

لعلي بالولاية وإمرة المؤمنين فليست جزءاً منهما(١) .

وقد علَّق الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء (ت ١٣٧٣ هـ) عليها بقوله: ويمكن استفادة كون الشهادة بالولاية والصلاة على النبي أجزاء مستحبة في الأذان والإقامة من العمومات.

وقال السيّد اليزدي في(طريق النجاة) (٢) : الشهادة لعليّ بالولاية لم تكن جزءاً من الأذان، وبعنوان القربة حَسَنٌ.

وقد عرفت موافقته على الاستحباب في حواشيه على(نجاة العباد) وغيرها.

٦٥ - السيّد إسماعيل الصدر (ت ١٣٣٨ هـ)

قال السيّد في رسالته(أنيس المقلّدين) :

الشهادة لعلي بالولاية وإمرة المؤمنين في الأذان والإقامة بقصد القربة لا بقصد الجزئية لا إشكال فيه.

وقال أعلى الله مقامه في رسالته(مختصر نجاة العباد) :

 وإكمال الشهادتين بالشهادة لعليّ بالولاية لله وإمرة المؤمنين لا بأس به(٣) .

٦٦ - الميرزا محمد تقي الشيرازي (ت ١٣٣٨ هـ)

قال الشيخ في رسالته العملية:

ويستحبّ الصلاةُ على محمد وآله عند ذكر اسمه الشريف،

____________________

(١) العروة الوثقى ٢: ٤١٢.

(٢) طريق النجاة: ٢٨، طبع بغداد سنة ١٣٣٠ هـ، وانظر سر الإيمان للمقرم: ٦١.

(٣) أنيس المقلدين: ١٥، طبع بمبي سنة ١٣٢٩، ومختصر نجاة العباد: ٤٤ طبع بمبي سنة ١٣١٨ هـ. وانظر سر الإيمان للمقرم: ٦٢.

٤٣٠

وإكمالُ الشهادتين بالشهادة لعلي بالولاية وإمرة المؤمنين في الأذان وغيره(١) .

٦٧ - شيخ الشريعة الإصفهاني (ت ١٣٣٩ هـ)

قال الشيخ في(الوسيلة) بالفارسية ما تعريبه:

والشهادة بالولاية لعليّ ليست جزءاً من الأذان، وبقصد القربة بعد الشهادة بالرسالة حَسَنٌ جيّدٌ(٢) .

٦٨ - الشيخ أحمد كاشف الغطاء (ت ١٣٤٤ هـ)

قال الشيخ في(سفينة النجاة) :

ويستحبّ في الأذان والإقامة إكمال الشهادتين بالشهادة بالولاية لعليّ مرتين وإن كانت خارجةً عن فصولهما(٣) .

٦٩ - الشيخ عبدالله النوري (ت ١٣٤٤ هـ)

وهو من تلامذة الميرزا المجدّد الشيرازي، له تعليقة على رسالة أستاذه(مجمع الرسائل)، وافق فيها أستاذه على الفتوى بالاستحباب(٤) .

____________________

(١) رسالته العملية: ٦٠، المطبوعة في مطبعة الآداب بغداد سنة ١٣٢٨ هـ. وانظر تعليقته على ذخيرة المعاد للشيخ زين العابدين المازندراني وذخيرة العباد ليوم المعاد كذلك (سر الإيمان: ٦٢).

(٢) الوسيلة: ٦٨، طبع تبريز سنة ١٣٣٧ هـ. وانظر سر الإيمان: ٦٣.

(٣) سفينة النجاة ١: ٢٠٦، المطبعة الحيدرية سنة ١٣٣٨ هـ، وانظر كلمات الأعلام للأستادي، وسر الإيمان للمقرم كذلك.

(٤) سر الإيمان، للمقرم: ٦٣.

٤٣١

٧٠ - السيّد الميرزا محمد علي الشهرستاني (ت ١٣٤٤ هـ)

ذهب عمّ والدي السيّد الميرزا محمد علي الشهرستاني في كتابيه(التذكرة في شرح التبصرة) و(نصرة الشريعة في الاستنصار لمذهب الشيعة) إلى استحباب القول بالشهادة الثالثة في الأذان والإقامة.

٧١ - الشيخ البارفروشي (ت ١٣٤٥ هـ)

قال الشيخ في(سراج الأمّة):

ولا يجوز اعتقاد شرعيّة غير هذه الفصول في الأذان والإقامة، كالتشهد بالولاية لعليعليه‌السلام ، وأنّ محمداً وآله خير البرية، أو خير البشر، أو نحو ذلك وإن كان الواقع كذلك، وليس كل ما هو حق مطابق للواقع ونفس الأمر يجوز إدخاله في العبادات التوقيفيّة المحدودة من الله بحدود لا يزيد ولا ينقص.

نعم، ورد في بعض الأخبار الشهادة [بالولاية]، ولكن قد قيل إنّها من وضع المفوّضة.

ثم ذكر الشيخ البارفروشي كلام العلاّمة فيالمنتهى والصدوق فيالفقيه ، ثم قال:

وبالجملة: أنّ ذلك من أحكام الإيمان لا من فصول الأذان. نعم، قد عرفت سابقاً عن المجلسي أنّه نفى البعد عن كون الشهادة بالولاية من الأجزاء المستحبّة للأذان؛ استناداً إلى هذه المراسيل التي رميت بالشذوذ وأنّه مما لا يجوز العمل بها، وإلى ما في خبر القاسم بن معاوية... وتبعه فيجواهر الكلام ونفى البأس بذكر ذلك لا على سبيل الجزئية عملاً بالخبر المزبور.

وأنت خبير بأنّ العمل بالخبر يقتضي الجزئية وإلاّ فليس عملاً

٤٣٢

بالخبر، ثمّ إنّه لو فعل هذه الزيادة أو أحدها بنيّة أنه منه على تقدير أنّه ليس منه أثم في اعتقاده ولكن لا يبطل الأذان بفعله، ولا يقدح مثل ذلك في الترتيب والموالاة كما ذكر فيجواهر الكلام تبعاً للطباطبائي فيالمنظومة ، لكونه حينئذٍ كالصلاة على محمّد عند سماع اسمه(١) .

٧٢ - السيّد محمد الفيروزابادي (ت ١٣٤٦ هـ)

قال السيّد في(ذخيرة العباد) بالفارسية، ما تعريبه:

الشهادة بالولاية لعليّ ليست جزءاً من الأذان، والإتيان بها بعد الشهادة بالرسالة بقصد القربة جيد(٢) .

٧٣ - الشيخ شعبان الرشتي (ت ١٣٤٧ هـ)

قال الشيخ في رسالته(وسيلة النجاة) الفارسية ما تعريبه:

الشهادة بالولاية لم تكن جزءاً من الأذان، ولكن يؤتى بها بقصد القربة المطلقة بعد الشهادة لرسول الله(٣) .

٧٤ - الشيخ عبدالله المامقاني (ت ١٣٥١ هـ)

قال الشيخ في(مناهج المتقين في فقه أئمّة الحقّ واليقين):

ولو أتى بالشهادة بولاية علي (صلوات الله عليه) مرتين بعد الشهادة بالرسالة تيمّناً بقصد القربة المطلقة لا بقصد الجزئية لم يكن به

____________________

(١) سراج الأمة ٢: ٣٥٥، كما في كلمات الأعلام للأستادي: ٤١٥.

(٢) ذخيرة العباد: ٦٢، المطبعة الحيدرية سنة ١٣٤٢ هـ، كما في سر الإيمان للمقرم: ٦٣.

(٣) وسيلة النجاة: ٧٨، المطبعة الحيدرية سنة ١٣٤٦ هـ، كما في سر الإيمان: ٦٣.

٤٣٣

 بأس، بل كان حسناً(١) .

٧٥ - الشيخ محمد رضا الدزفولي (ت ١٣٥٢ هـ)

قال الشيخ في كتابه(كلمة التقوى):

وليست الشهادة بالولاية جزءاً لأحدهما، نعم لا بأس بها(٢) تبركاً، بل أداءً للاستحباب المطلق(٣) .

٧٦ - السيّد حسن الصدر الكاظمي (ت ١٣٥٤ هـ)

قال السيّد في(المسائل المهمة) :

 ويستحبّ الصلاة على محمد وآله عند ذكر اسمه الشريف، وإكمالُ الشهادتين بالشهادة لعلي بالولاية وإمرة المؤمنين في الأذان وغيره(٤) .

٧٧ - الميرزا محمد حسين النائيني (ت ١٣٥٥ هـ)

قال الشيخ النائيني في(وسيلة النجاة) :

يستحبّ الصلاة على محمد وآله عند ذكر اسمه الشريف، وإكمال الشهادتين بالشهادة لعليعليه‌السلام بالولاية وإمرة المؤمنين في الأذان وغيره(٥) .

____________________

(١) مناهج المتقين: ٦٢، ط مؤسسة آل البيت للطباعة والنشر (حجري).

(٢) أي بالإتيان بها.

(٣) كلمة التقوى: ١٧٠، كما في كلمات الأعلام: ٤٠٢.

(٤) المسائل المهمة: ٢٢، طبع صيدا سنة ١٣٣٩ هـ، كما في سر الإيمان: ٦٤.

(٥) وسيلة النجاة: ٥٦، المطبعة الحيدرية سنة ١٣٤٠ هـ، وانظر كلمات الأعلام: ٤٠٣ وسر الإيمان: ٦٤ كذلك.

٤٣٤

٧٨ - الشيخ محمد حسين الإصفهاني (المعروف بالكمپاني) (ت ١٣٦١ هـ)

أدخل الشيخ الكمپاني حواشيه في أصل كتاب(وسيلة النجاة) وقال بنفس ما قاله الشيخ النائينيرحمه‌الله (١) .

٧٩ - السيّد أبو الحسن الإصفهاني (ت ١٣٦٥ هـ)

قال السيّد في(ذخيرة العباد) بالفارسية ما هذا تعريبه:

 والشهادة بالولاية لعليعليه‌السلام ليست جزءاً من الأذان، ولكن إذا أتي بها بعد الشهادة بالرسالة بقصد القربة كان حَسَناً(٢) .

٨٠ - السيّد حسين القمّي (ت ١٣٦٦ هـ)

قال السيّد في(مختصر الأحكام) بالفارسية ما تعريبه:

 ويستحبّ الصلاة على محمد وآله بعد الشهادة بالرسالة في الأذان والإقامة، ومن كمال الشهادتين الشهادة بالولاية وإمرة المؤمنين لعلي(٣) .

٨١ - الشيخ محمد رضا آل ياسين (ت ١٣٧٠ هـ)

لهرحمه‌الله حاشية على(بغية المقلدين) للسيّد محمد مهدي الصدر (خطِّية) وافق فيها السيّد على ما أفتى به من الاستحباب(٤) .

____________________

(١) سر الإيمان، للمقرم: ٦٥.

(٢) سر الإيمان، للمقرم: ٦٥، وانظر ذخيرة العباد: ١١٢، مطبعة الراعي في النجف سنة ١٣٦٦ هـ.

(٣) مختصر الأحكام: ٢٦، المطبعة العلمية سنة ١٣٥٥ هـ، ومثله في رسالته ذخيرة العباد: ١٠٧، طبع المطبعة العلمية سنة ١٣٦٦ هـ. وانظر سر الإيمان: ٦٥.

(٤) سر الإيمان للمقرم: ٦٥.

٤٣٥

٨٢ - السيّد صدر الدين الصدر (ت ١٣٧٣ هـ)

لهرحمه‌الله حاشية على(منتخب المسائل) للسيّد حسين القمّي وافق، فيها السيّد على قوله: وأمّا الشهادة بالولاية لعليّ فليست جزءً من الأذان، ولو أتى بها بقصد القربة بعد الرسالة كان حسناً(١) .

٨٣ - الشيخ مرتضى آل ياسين :

كتب الشيخ في جواب من سأله عن هذه المسالة بما هذا نصه:

 لا ينبغي الإشكال في استحباب الشهادة لعليعليه‌السلام بالولاية عقيب ذكر الشهادتين في كلّ من الأذان والإقامة إذا لم يقصد بها الجزئية كما عليه سيرة المؤذّنين من أبناء الشيعة الإمامية في كلّ زمان وكلّ مكان، وذلك للأخبار الدالّة بكلّ صراحة على استحباب القِران بين الشهادتين: الشهادة للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بالرسالة والشهادة لعلي أمير المؤمنينعليه‌السلام بالولاية.

 ودعوى لزوم التشريع مِن ذكرها زيادة على الفصول المعتبرة في الأذان والإقامة مدفوعةٌ بعدم لزومه قطعاً مع عدم قصد الجزئية فيهما كما هو المفروض.

 وأمّا الأخبار الدالّة على كراهة التكلّم في الأذان والإقامة فلا تصلح معارضاً لتلك الأخبار الدالّة على استحباب القران بين الشهادتين مطلقاً، لأنّ مورد الكراهة حسبما هو المستفاد من أدلّتها مختصّ بالتكلم بعد إقامة الصلاة، أي بعد قول المقيم: (قد قامت

____________________

(١) منتخب المسائل: ٧٢، طبع دار النشر والتأليف سنة ١٣٦٥ هـ، وانظر سر الإيمان، للمقرم: ٦٥.

٤٣٦

الصلاة)، أو فيما بين الأذان والإقامة في خصوص صلاة الغداة، وليس فيها ما يدلّ على كراهته في الإقامة قبل إقامة الصلاة، كما ليس فيها ما يدل على كراهته في الأذان مطلقاً كما لا يخفى ذلك على من راجع أخبار الباب، هذا بعد تسليم كون الشهادة الثالثة من الكلام الخارج عن عنوان الكلام المرخّص فيه شرعاً في مثل الصلاة فضلا عن غيرها من الوظائف الشرعية كالتكلّم بذكر الله جل شأنه وذكر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، مع أنّ للمنع من خروجه عن هذا العنوان مجالاً واسعاً.

 أمّاأولاً: فلإِمكان دعوى انصراف الكلام المحكوم عليه بالكراهة أو الحرمة عن مثل الشهادة بالولاية لعليّعليه‌السلام كما اعترف به غير واحد من أهل العلم.

 وأمّاثانياً: فلما دلّ على أنّ ذكره وذكر الأئمة من ولده (عليهم أفضل الصلاة والسلام) من ذكر الله تعالى، وذلك ما رواه فيالكافي عن أبي بصير، عن أبي عبداللهعليه‌السلام : (ما اجتمع قوم في مجلس لم يذكروا الله ولم يذكرونا إلاّ كان ذلك المجلس حسرة عليهم يوم القيامة)، ثم قال: قال أبو جعفرعليه‌السلام : (ذكرُنا من ذكر الله، وذكر عدونا من ذكر الشيطان). وهذا التنزيل المستفاد صريحاً من هذه الرواية الشريفة يقضي بخروج ذكرهم (صلوات الله عليهم) عن دائرة الكلام المكروه والمحرّم ولحوقه بذكر الله سبحانه وتعالى في جميع ما رُتِّب عليه من الأحكام، وقد جاء في رواية الحلبي عن أبي عبداللهعليه‌السلام : (كل ما ذكرت الله عزّ وجلّ به والنبي فهو من

٤٣٧

الصلاة) ومن هنا يظهر لك وجه القول بجواز ذكر الشهادة الثالثة في الصلاة فضلاً عن الأذان والإقامة والله العالم(١) .

٨٤ - السيّد عبد الحسين شرف الدين (ت ١٣٧٧ هـ)

قال السيّد في(النص والاجتهاد) :

 ويستحبّ الصلاة على محمد وآل محمد بعد ذكرهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كما يستحبّ إكمال الشهادتين بالشهادة لعلي بالولاية لله تعالى وإمرة المؤمنين في الأذان والإقامة، وقد أخطأ وشذّ من حرّم ذلك، وقال بأنّه بدعة، فإنّ كلّ مؤذّن في الإسلام يقدّم كلمة للأذان يوصلها به، كقوله: الحمد لله الذي لم يتّخذ ولداً... الآية أو نحوها، ويلحق به كلمة يوصلها بها كقوله: الصلاة والسلام عليك يا رسول الله أو نحوها، وهذا ليس من المأثور عن الشارع في الأذان، وليس ببدعة، ولا هو محرّم قطعاً، لأنّ المؤذّنين كلّهم لا يرونه من فصول الأذان، وإنّما يأتون به عملاً بأدلّة عامّة تشمله، وكذلك الشهادة لعليّ بعد الشهادتين في الأذان، فإنّما هي عمل بأدلّة عامّة تشملها، على أن الكلام القليل من ساير كلام الآدميين لا يبطل به الأذان ولا الإقامة ولا هو حرام في أثنائهما، فمن أين جاءت البدعة والحرام...(٢) .

____________________

(١) سر الإيمان للمقرم: ٧٨.

(٢) النص والاجتهاد: ١٤٣.

٤٣٨

٨٥ - الشيخ محمد صالح السمناني :

قال الشيخ ما ترجمته:

 يجوز الشهادة بالولاية لأمير المؤمنين بعد الشهادة بالرسالة بقصد استجابة النداء بالولاية، وبقصد قبول الشهادتين وصحّة الأعمال، لا بقصد الجزئية وورودها في الأذان التوقيفي من قبل الله، فلا يجوز إدخال شيء في فصول الأذان، كأن يقول: أشهد أنّ أشرف الأنبياء محمّداً رسول الله، أو: أشهد أنّ الله أجلّ وأكبر. نعم، يجوز أن يأتي بها بعد إكمال الفصل، كأن يقول: الله أكبر جلَّ جلاله ربّي، أو: أشهد أنّ محمداً رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (١) .

وله في كتابه(توضيح المسائل) كلام طويل آخر في هذه المسألة جدير بمراجعتها لما فيها من بعض الغرائب.

٨٦ - السيّد حسين البروجردي (ت ١٣٨٠ هـ)

قال السيّد في رسالته(توضيح المسائل) الفارسية:

(أشهد أنّ علياً وليّ الله) ليست جزءاً من الأذان، ولكن من المحبّذ أن يؤتى بها بعد (أشهد أنّ محمداً رسول الله) بقصد القربة(٢) .

وقالرحمه‌الله في(أنيس المقلّدين) في جواب من سأله عن حكم من شهد بالولاية وإمرة المؤمنين لعليّ في الأذان؟

قالرحمه‌الله : إذا قالها بقصد القربة لا بقصد الجزئية لا إشكال فيه(٣) .

____________________

(١) ذخير العباد: ٧٧، وانظر كلمات الأعلام، للأستادي: ٤٠٥.

(٢) توضيح المسائل للسيّد البروجردي: المسالة ٩٢٨.

(٣) أنيس المقلدين: ٢٢.

٤٣٩

وما أفتى به السيّد البروجردي في رسائله العملية لا يتّفق مع ما ادّعاه الشيخ محمد واعظ زاده الخراساني على السيّد البروجردي.

٨٧ - السيّد علي مدد القائني (ت ١٣٨٤ هـ)

قال السيّد في جواب من استفتاه عن الشهادة الثالثة:

لا ريب ولا إشكال في رجحان الشهادة بالولاية لعلي بن أبي طالب في الأذان والإقامة لا بقصد الجزئية؛ للأصل وعدم المانع، والأخبارِ المطلقة الآمرة بذكر الآل بعد ذكر الرسالة، وما رواه فيالاحتجاج من اقتران الشهادة بإمرة المؤمنين لعليّعليه‌السلام بعد الشهادتين، والأخبارِ الخاصةِ التي شهد بها الصدوق والشيخ الطوسي، ولأجلها ذهب المجلسيّ وبعض من تأخّر عنه إلى استحباب الشهادة الثالثة في الأذان ولو بقصد الجزئية، وبعد اعتراف هذين العلمين الصدوق والطوسي بوجود الأخبار الآمرة بالشهادة الثالثة في الأذان لا وجه لرفع اليد عنها.

 وأمّا رميهم لها بالشذوذ فيردّه ما تسالم عليه العلماء من جبر الخبر الضعيف بالتسامح في أدلة السنن، مع أنّ مسألة الولاية من كمال الدين، كما نص عليه الكتاب:( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ) ، ومما بُني عليها الإسلام، فقد ورد في الحديث: (بني الإسلام على خمس...) وعد منها (الولاية) [ثم قالعليه‌السلام :] (ولم يناد بشيء كما نودي بالولاية).

 أمّا رواية الاحتجاج: (إذا قال أحدكم: لا إله إلاّ الله محمد رسول الله، فليقل: علي أمير المؤمنين) وإن كان لسانها العموم فتشمل حتى الأذان، إلاّ أنّ العارف بأساليب كلام المعصومين لا يفوته الجزم بأنّ غرض الإمامعليه‌السلام الإشارة إلى جزئية الشهادة الثالثة في

٤٤٠

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595