نهاية المرام الجزء ١

نهاية المرام0%

نهاية المرام مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 484

نهاية المرام

مؤلف: صاحب المدارك السيد العاملي
تصنيف:

الصفحات: 484
المشاهدات: 47773
تحميل: 3932


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 484 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 47773 / تحميل: 3932
الحجم الحجم الحجم
نهاية المرام

نهاية المرام الجزء 1

مؤلف:
العربية

(السادس) التجويز مطلقا، وهو اختيار ابن بابويه، وابن أبي عقيل.

ويدل عليه قوله تعالى: واحل لكم ما ورآء ذلكم(١) ، وقوله عزوجل: والمحصنات من الذين اوتوا الكتاب من قبلكم(٢) .

ودعوى نسخها بقوله تعالى: ولا تمسكوا بعصم الكوافر لم يثبت، فان النسخ، لا يثبت بخبر الواحد.

ويدل عليه ايضا ما رواه الكليني في الصحيح عن معاوية بن وهب وغيره، عن أبي عبداللهعليه‌السلام في الرجل المؤمن يتزوج اليهودية والنصرانية، قال: اذا اصاب المسلمة فما يصنع باليهودية والنصرانية، فقلت له: يكون له فيها الهوى، فقال: ان فعل فليمنعها من شرب الخمر واكل لحم الخنزير واعلم ان عليه في دينه غضاضة(٣) .

ومقتضى هذه الرواية جواز نكاح اليهودية والنصرانية على كراهة وفي الحسن، عن عبدالله بن سنان، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: سأله أبي وأنا اسمع، عن نكاح اليهودية والنصرانية، فقال: نكاحهما أحب الي من نكاح الناصبية، وما احب للرجل المسلم ان يتزوج اليهودية والنصرانية مخافة ان يتهود الولد او يتنصر(٤) .

ولفظ (ما أحب) ظاهر في الكراهة، وكذا التعليل المستفاد من قوله: (مخافة ان يتهود الولد أو يتنصر).

____________________

(١) النساء / ٢٤.

(٢) المائدة / ٥.

(٣) الوسائل باب ٢ حديث ١ من ابواب ما يحرم بالكفر ج ١٤ ص ٤١٢.

(٤) اورد صدره في الوسائل باب ١٠ حديث ١٠ وذيله في باب ١ حديث ٥ من ابواب ما يحرم بالكفر ج ١٤ ص ٤٢٤ و ٤١١.

*

١٨١

[وفي المجوسية قولان اشبههما الجواز].

وفي الصحيح، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: لا يتزوج اليهودية والنصرانية على المسلمة(١) .

خص النهي بتزويجهما على المسلمة، ولو حرم تزويجهما مطلقا لكان التخصيص لغوا.

وفي الصحيح، عن زرارة، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: سألته عن نصرانية كانت تحت نصراني فطلقها هل عليها عدة مثل عدة المسلمة؟ فقال: لا، لان أهل الكتاب (بين خ يب) مماليك الامام (للامام خ) ألا ترى انهم يؤدون الجزية كما يؤدي العبد الضريبة ثم قال: قلت: فان مات عنها وهي نصرانية وهو نصراني فاراد رجل من المسلمين تزويجها (ان يتزوجها خ)؟ قال: لا يتزوجها المسلم حتى تعتد من النصراني اربعة اشهر وعشرا الحديث(٢) .

وبالجملة فالروايات الواردة بالجواز مستفيضة، وهي مطابقة للاصل، وقوله تعالى: والمحصنات من الذين اوتوا الكتاب من قبلكم(٣) ، ولا ينافيها قوله تعالى: ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن(٤) ، فان الخاص مقدم، وتخصيص هذه الروايات بالمتعة أو بحال الضرورة يحتاج إلى دليل.

وقد ظهر من ذلك ان القول بالجواز مطلقا لا يخلو من رجحان وان كان الاولى والاحوط التنزه عنه.

قوله: (وفي المجوسية قولان اشبههما الجواز) بل الاجود تحريم نكاحها بالعقد دون الملك، لما رواه ابن بابويه في الصحيح عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: سألته عن الرجل يتزوج المجوسية؟ فقال: لا، ولكن ان

____________________

(١) الوسائل باب ٧ حديث ١ من ابواب ما يحرم بالكفر ج ١٤ ص ٤١٨.

(٢) الوسائل باب ٤٥ حديث ١ من ابواب العدد من كتاب الطلاق ج ١٥ ص ٤٧٧.

(٣) المائدة / ٥.

(٤) البقرة / ٢٢١.

*

١٨٢

[ولو ارتد احد الزوجين قبل الدخول وقع الفسخ في الحال. ولو كان بعد الدخول وقف على انقضاء العدة].

(إذا خ) كانت له أمة مجوسية فلا بأس أن يطأها ويعزل عنها ولا يطلب ولدها(١) .

ويمكن ان يستخرج من هذه الرواية جواز التمتع بالمجوسية، لما روى من ان المتمتع بها بمنزلة الامة(٢) ، ولان المتبادر من التزويج الذي تعلق به النهي، الدوام فيبقى ما عداه على الاصل.

قوله: (ولو ارتد احد الزوجين قبل الدخول الخ) إذا ارتد احد الزوجين عن الاسلام، فان كان قبل الدخول انفسخ العقد في الحال عند عامة اهل العلم، سواء كان الارتداد عن ملة او عن فطرة، ثم ان كان المرتد هو الزوجة فلا شئ لها، لانه فسخ جاء من قبلها قبل الدخول بها.

ويدل عليه فحوى ما دل على ان النصرانية إذا أسلمت قبل الدخول ينفسخ نكاحها ولا مهر لها(٣) ، فان ذلك يقتضي سقوط المهر هنا بطريق أولى.

وان كان المرتد هو الرجل، قيل: وجب عليه نصف المهر ان كانت التسمية صحيحة، لان الفسخ جاء من قبله، فاشبه الطلاق، وقيل: يلزمه جميع المهر، لوجوبه بالعقد ولم يثبت تشطيره الا بالطلاق أو الموت على قول، وهو اقوى.

ولو وقع الارتداد منهما دفعة انفسخ النكاح اجماعا قاله في التذكرة، وفي سقوط المهر وجهان والاصل يقتضى العدم.

وإن كان الارتداد بعد الدخول وقف انفساخ النكاح على انقضاء العدة إذا كان الارتداد من الزوجة مطلقا او من الزوج وكان عن ملة، فان رجع المرتد قبل

____________________

(١) الوسائل باب ٦ حديث ١ من ابواب ما يحرم بالكفر ج ١٤ ص ٤١٨.

(٢) لم نعثر في الروايات على خبر يدل على ان التمتع بالمجوسية بمنزلة الاماء، نعم قد وردت روايات في حكم التمتع بالكتابية فراجع الوسائل باب ١٣ من ابواب المتعة ج ١٤ ص ٤٦١.

(٣) راجع الوسائل باب ٩ حديث ٦ من ابواب ما يحرم بالكفر ج ١٤ ص ٤٢٢.

*

١٨٣

[الا ان يكون الزوج مولودا على الفطرة فانه لا يقبل عوده وتعتد زوجته عدة الوفاة. واذا اسلم زوج الكتابية فهو على نكاحه، سواء كان قبل الدخول أو بعده] انقضاء‌ها ثبت النكاح والا تبين انفساخه من حين الارتداد بغير خلاف في ذلك عندنا وعند اكثر العامة، وقال بعضهم: ينفسخ العقد في الحال قبل الدخول وبعده وهو ضعيف، ولا يسقط من المهر والحال هذه شئ، لاستقراره بالدخول.

ولو كان ارتداده عن فطرة بانت الزوجة في الحال فانه لا تقبل توبته بل يقتل وتخرج عنه أمواله بنفس الارتداد، وتبين زوجته منه، وتعتد عدة الوفاة.

وقد ورد بحكم المرتد عن فطرة روايات: (منها) ما رواه الكليني في الصحيح، عن محمد بن مسلم، قال: سألت ابا جعفرعليه‌السلام عن المرتد، فقال: من رغب عن الاسلام وكفر بما انزل على محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله بعد اسلامه فلا توبة له وقد وجب قتله، وبانت منه امرأته، ويقسم ما ترك على ولده(١) .

وفي معنى هذه الرواية روايات كثيرة(٢) .

قوله: (واذا اسلم زوج الكتابية الخ) هذا موضع وفاق من العلماء المجوزين نكاح الكتابية والمانعين، والخلاف انما وقع في ابتداء نكاح المسلم، الكتابية لا في استدامته، ولا فرق في هذا الحكم بين أن يكون الزوج كتابيا أو وثنيا.

____________________

(١) الوسائل باب ١ حديث ٢ من ابواب حد المرتد ج ١٨ ص ٥٤٤.

(٢) لاحظ بقية اخبار الباب المذكور.

*

١٨٤

[ولو اسلمت زوجته دونه، انفسخ في الحال ان كان قبل الدخول. ووقف على انقضاء العدة ان كان بعده].

قوله: (ولو اسلمت زوجته(١) دونه انفسخ في الحال الخ) إذا اسلمت زوجة الكافر دونه فان كان قبل الدخول انفسخ النكاح في الحال، لعدم العدة وامتناع كون الكافر زوجا للمسلمة ولا مهر، لان الفرقة جائت من قبلها.

ويدل عليه ما رواه الكليني في الصحيح عن عبدالرحمان بن الحجاج، عن أبي الحسنعليه‌السلام في نصراني تزوج نصرانية فاسلمت قبل أن يدخل بها، قال: قد انقطعت عصمتها منه ولا مهر لها ولا عدة عليها منه(٢) .

وإن كان بعد الدخول وقف الفسخ على انقضاء العدة وهي عدة الطلاق من حين اسلامها، فان انقضت وهو على كفرهتبين انها بانت منه حين الاسلام.

وان أسلم قبل انقضائها تبين بقاء النكاح، ويدل عليه ما رواه الكليني، عن منصور بن حازم، قال: سألت ابا عبداللهعليه‌السلام عن رجل مجوسي أو مشرك من غير أهل الكتاب كان تحته امرأة، فأسلم أو أسلمت، قال: ينتظر بذلك انقضاء عدتها، فان هو أسلم أو أسلمت قبل أن تنقضي عدتها فهما على نكاحهما الاول، وان هو لم يسلم حتى تنقضي العدة فقد بانت منه(٣) .

ولا فرق في ذلك بين ان يكون الزوج كتابيا او وثنيا، اما اذا كان وثنيا فهو موضع وفاق، واما اذا كان كتابيا، فهو اشهر القولين في المسألة واجودهما.

____________________

(١) كذا في المتن ولكن في النسخ التي عندنا من الشرح: ولو اسلمت هي الخ.

(٢) الوسائل باب ٩ حديث ٦ من ابواب ما يحرم بالكفر ج ١٤ ص ٤٢٢.

(٣) الوسائل باب ٩ حديث ٣ من ابواب ما يحرم بالكفر بالسند الثاني ص ٤٢١ وفي هامش بعض النسخ ما هذه عبارته: هذه الرواية محمولة على ما اذا اسلمت قبل الدخول او بعده ولم يسلم الزوج قبل انقضاء العدة (منه).

*

١٨٥

[وقيل: ان كان بشرائط الذمة كان نكاحه باقيا، ولا يمكن من الدخول عليها ليلا ولا من الخلوة بها نهارا].

ويدل عليه مضافا إلى ما سبق ما رواه الشيخ في الصحيح عن احمد بن محمد بن أبي نصر قال: سألت الرضاعليه‌السلام عن الرجل يكون له الزوجة النصرانية فتسلم هل يحل لها ان تقيم معه؟ قال: اذا اسلمت لم تحل له، قلت: جعلت فداك فان الزوج اسلم بعد ذلك أيكونان على النكاح؟ قال: لا، يتزوج بتزويج جديد(١) .

والقول ببقاء النكاح اذا كان الزوج بشرائط الذمة وانه لا يمكن من الدخول عليها ليلا ولا من الخلوة بها نهارا للشيخ في النهاية وكتابي الاخبار.

واستدل بما رواه، عن جميل بن دراج، عن بعض اصحابنا، عن احدهماعليهما‌السلام انه قال في اليهودي والنصراني، والمجوسي اذا اسلمت امرأته ولم يسلم قال: هما على نكاحهما ولا يفرق بينهما ولا يترك ان يخرج بها من دار الاسلام إلى دار الهجرة(٢) .

وعن محمد بن مسلم، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: ان أهل الكتاب وجميع من له ذمة اذا أسلم أحد الزوجين فهما على نكاحهما وليس له ان يخرجها من دار الاسلام إلى غيرها، ولا يبيت معها، ولكنه يأتيها بالنهار(٣) .

وفي الروايتين ضعف من حيث السند، اما الاولى فبالارسال واشتمال سندها على علي بن حديد(٤) وهو مطعون فيه.

____________________

(١) الوسائل باب ٥ حديث ٥ من ابواب ما يحرم بالكفر ج ١٤ ص ٤١٧.

(٢) الوسائل باب ٩ حديث ١ من ابواب ما يحرم بالكفر ج ١٤ ص ٤٢٠.

(٣) الوسائل باب ٩ حديث ٥ من ابواب ما يحرم بالكفر ج ١٤ ص ٤٢١. وللحديث ذيل فلاحظ.

(٤) وسندها كما في التهذيب هكذا: محمد بن علي بن محبوب، عن احمد بن محمد، عن علي بن حديد، عن جميل بن دراج.

*

١٨٦

[وغير الكتابيين يقف على انقضاء العدة باسلام ايهما اتفق. ولو اسلم الذمي وعنده اربع فما دون لم يتخير. ولو كان عنده اكثر من اربع تخير أربعا].

واما الثانية فبالارسال ايضا، فان ابن أبي عمير رواها، عن بعض اصحابه عن محمد بن مسلم، وارسال الرواية يمنع من العمل بها خصوصا مع وجود المعارض.

والعجب ان الشيخرحمه‌الله في الخلاف وافق الجماعة على انفساخ النكاح بخروجها من العدة محتجا باجماع الفرقة مع اختياره لهذا القول في النهاية وكتابي الاخبار.

قوله: (وغير الكتابيين يقف على انقضاء العدة باسلام أيهما اتفق) الوجه في ذلك ان المسلم ان كان هي الزوجة فلا سبيل للكافر عليها مطلقا، وان كان هو الزوج فانما يجوز له نكاح الكتابية ابتداء واستدامة، اما غيرها فلا يجوز اجماعا.

ولو انتفت العدة بان أسلم احدهما قبل الدخول انفسخ العقد في الحال.

والمراد بقول المصنف: (وغير الكتابيين) ما إذا كان معا غير كتابيين، اما إذا كان احدهما كتابيا والآخر غير كتابي، فلا يتم الحكم فيه، لان النكاح يبقى المسلم (للمسلم خ) على الكتابية على تقدير كون الزوج وثنيا، والزوجة كتابية.

ولو كانت الزوجة وثنية والزوج كتابيا واسلمت الزوجة جاء فيها الخلاف المتقدم.

قوله: (وإذا اسلم الذمي الخ) لابد من تقييد الزوجات بكونهن كتابيات مثله ليصح استدامة حكم نكاح العدد المعتبر، فلو كن كافرات غير كتابيات انفسخ نكاحهن باسلامه إذا لم يسلمن معه في العدة ان كان بعد الدخول، ومطلقا ان كان قبله.

ويجب تقييدهن ايضا بكونهن ممن يجوز نكاحهن في دين الاسلام كما هو

١٨٧

واضح.

وفي حكم الكتابي، الوثني إذا كان نسائه كتابيات او وثنيات واسلمن معه.

ويجب تقييد الحكم المذكور ايضا بما إذا كان الكتابي حرا وكن حرائر، والا لم يتم اطلاق التخيير، إذ ليس للحر اختيار ما زاد على الامتين ولا للعبد اختيار ما زاد على الحرتين.

ولو شرطنا في جواز نكاح الامة الشرطين احتمل انفساخ نكاحها هنا إذا جامعت حرة لفوات الشرط، وعدمه، لان ذلك انما يعتبر ابتداء لااستدامة. ولا فرق في جواز اختياره لمن شاء منهن على تقدير زيادتهن على العدد الشرعي بين من ترتب عقدهن واقترن، ولا بين الاوائل والاواخر، ولا بين من دخل بهن وغيرهن.

وظاهر العلامة في التذكرة أن ذلك موضع وفاق بين علمائنا، فانه انما نقل الخلاف في ذلك عن بعض العامة. واستدل على هذا الحكم بان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لغيلان: أمسك أربعا وفارق سائرهن(١) ، من غير استفصال وهو يفيد العموم. وفي السند والدلالة نظر.

ولو أسلم مع الكتابي أربع من ثمان، قيل: جاز له اختيار الكتابيات، لانه الاسلام لا يمنع الاستمرار على نكاح الكتابية ولا يوجب نكاح المسلمة، ويحتمل تعيين المسلمات للاختيار لشرف المسلمة على الكفارة، فلا يناسب ذلك اختيار

____________________

(١) مسند احمد بن حنبل ج ٢ ص ٨٣ مسندا عن ابن عمر قال: اسلم غيلان بن سلمة الثقفي وتخته عشر نسوة في الجاهلية واسلمن معه فأمر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ان يختار منهن اربعا.

*

١٨٨

[وروى عمار، عن أبي عبداللهعليه‌السلام : أن إباق العبد بمنزلة الارتداد، فان رجع والزوجة في العدة فهو أحق بها. وان خرجت من العدة فلا سبيل له عليها، وفي الرواية ضعف.

مسائل سبع: (الاولى) التساوي في الاسلام شرط في صحة العقد

الكتابيات على المسلمات، ولا ريب ان اختيار المسلمات أولى.

قوله: (وروى عمار عن أبي عبداللهعليه‌السلام الخ) هذه الرواية رواها ابن بابويه في الحسن (الصحيح خ ل) عن حكم الاعمى وهشام بن سالم، عن عمار الساباطي، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: سألته عن رجل أذن لغلامه (لعبد خ) في (تزويج خ) امرأة فتزوجها ثم ان العبد أبق من مواليه فجاء‌ت امرأة العبد تطلب نفقتها من مولى العبد فقال: ليس لها على مولى العبد نفقة وقد بانت عصمتها منه، لان إباق العبد طلاق امرأته وهو بمنزلة المرتد عن الاسلام، قلت: فان هو رجع إلى مولاه أترجع امرأته اليه؟ قال: ان كان (قد خ) انقضت عدتها منه ثم تزوجت زوجا غيره فلا سبيل له عليها وان كانت لم تتزوج (ولم تنقض العدة خ) فهي امرأته على النكاح الاول(١) .

وبمضمون هذه الرواية افتى الشيخ في النهاية وتبعه ابن حمزة الا انه خص الحكم بكون العبد قد تزوج بأمة غير سيده.

والمعتمد بقاء الزوجية إلى ان تقع البينونة بطلاق أو غيره، لان هذه الرواية لا تبلغ حجة في اثبات هذا الحكم.

قوله: (مسائل سبع (الاولى) الخ) أما انه لا يجوز للمسلمة، التزويج

____________________

(١) الوسائل باب ٣٥ حديث ١ من ابواب اقسام الطلاق ج ١٥ ص ٤٠٢.

*

١٨٩

[وهل يشترط التساوي في الايمان؟ الاظهر: لا، لكنه يستحب ويتأكد في المؤمنة].

بالكافر مطلقا، فهو موضع نص ووفاق.

واما انه لا يجوز للمسلم، التزويج بالكافرة فقد تقدم الكلام فيه، وانه يجوز نكاح الكتابية استدامة اجماعا، وابتداء على ما سبق من الخلاف.

واما اعتبار الايمان بالمعنى الاخص وهو الاسلام مع الاقرار بإمامة الائمة الاثنى عشرعليهم‌السلام ، فذهب الاكثر إلى اعتباره في جانب الزوج دون الزوجة بمعنى أنه لا يجوز للمؤمنة التزويج بالمخالف دون العكس.

وحكى جديقدس‌سره في الروضة عن بعضهم انه ادعى الاجماع على ذلك.

وذهب المصنف وقبله ابن حمزة إلى الاكتفاء بالاسلام مطلقا.

واطلق ابن ادريس في موضع من السرائر أن المؤمن ليس له ان يتزوج مخالفة في الاعتقاد.

والمعتمد الاول، (لنا) الاخبار المستفيضة الدالة على ذلك كصحيحة زرارة، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: تزوجوا في الشكاك ولا تزوجوهم، لان المرأة تأخذ من أدب زوجها ويقهرها على دينه(١) .

وجه الدلالة ان المنع من تزويج الشكاك يقتضي المنع من تزويج غيرهم من المعتقدين لمذهب اهل الخلاف بطريق أولى.

ويؤيده (يوكده خ ل) التعليل المستفاد من قولهعليه‌السلام (٢) : المرأة تأخذ من أدب زوجها ويقهرها على دينه.

____________________

(١) الوسائل باب ١١ حديث ٢ من ابواب ما يحرم بالكفر ج ١٤ ص ٤٢٨.

(٢) يعنى في صحيحة زرارة المذكورة]

١٩٠

وصحيحة عبدالله بن سنان، قال: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام عن الناصب الذي عرف نصبه وعداوته هل يزوجه المؤمن وهو قادر على رده وهو لا يعلم برده قال: لا يتزوج المؤمن الناصبية (الناصبة خ ل)، ولا يتزوج الناصب مؤمنة (المؤمنة خ ل) ولا يتزوج المستضعف مؤمنة(١) .

ورواية الفضيل بن يسار، قال: قلت لابي عبداللهعليه‌السلام ان لامرأتي اختا عارفة على رأينا وليس على رأينا بالبصرة الا قليل فازوجها ممن لا يرى رأينا؟ قال: لا ولا نعمة ان الله عزوجل يقول: فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن(٢) .

وفي رواية اخرى للفضيل انه سأل ابا عبداللهعليه‌السلام عن نكاح الناصبية (الناصبة خ ل) فقال: لا والله لا يحل، قال فضيل: ثم سألته مرة أخرى فقلت: جعلت فداك، ما تقول في نكاحهم والمرأة عارفة؟ قال: ان العارفة لا توضع الا عند عارف(٣) .

ورواية أبي بصير، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: تزوجوا في الشكاك ولا تزوجوهم لان المرأة تأخذ من دين زوجها ويقهرها على دينه(٤) .

وحسنة الحلبي، عن أبي عبداللهعليه‌السلام انه اتاه قوم من أهل خراسان من وراء النهر فقال لهم: تصافحون أهل بلادكم وتناكحونهم أما إنكم إذا صافحتموهم انقطعت عروة من عرى الاسلام، وإذا ناكحتموهم انهتك الحجاب

____________________

(١) الوسائل باب ١٠ حديث ٣ من ابواب ما يحرم بالكفر ج ١٤ ص ٤٢٤.

(٢) الوسائل باب ١٠ حديث ٤ من ابواب ما يحرم بالكفر ج ١٤ ص ٤٢٤.

(٣) الوسائل باب ١٠ حديث ٥ من ابواب ما يحرم بالكفر ج ١٤ ص ٤٢٤ وفيه: كما في الكافي ايضا عن نكاح الناصب.

(٤) الوسائل باب ١١ مثل حديث ٢ من ابواب ما يحرم بالكفر ج ١٤ ص ٤٢٨.

*

١٩١

بينكم وبين الله عزوجل(١) . وفي معنى هذه الروايات اخرى(٢) .

ووجه الدلالة أنها تضمنت النهي عن تزويج المستضعف والمخالف والنهي حقيقة في التحريم.

والظاهر فساد العقد مع النهي وان لم يدل النهي بمجرده على الفساد لانتفاء ما يدل على صحة العقد الذي تعلق به النهي من نص أو اجماع.

ويدل على جواز نكاح المؤمن للمخالفة مضافا إلى فحوى ما دل على جواز نكاح الكتابية(٣) صحيحة زرارة، قال: قال ابوجعفرعليه‌السلام : عليك بالبله من النساء اللاتي لا ينصبن (التي لا تنصب خ ل) والمستضعفات(٤) .

ورواية أبي بصير، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: تزوجوا في الشكاك ولا تزوجوهم لان المرأة تأخذ من ادب زوجها ويقهرها على دينه(٥) .

وما رواه الشيخ في الصحيح عن عبدالله بن سنان، قال: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام : بم يكون الرجل مسلما تحل مناكحته وموارثته وبم يحرم دمه؟ فقال: يحرم دمه بالاسلام إذا اظهر ويحل مناكحته وموارثته(٦) .

والجواب عن الاول أنا قد بينا الدليل على اعتبار الايمان، وهو الاخبار الكثيرة المعتضدة بعمل الاصحاب، بل باجماعهم المنقول على ذلك.

____________________

(١) الوسائل باب ١٠ حديث ١٢ من ابواب ما يحرم بالكفر ج ١٤ ص ٤٢٦.

(٢) راجع باب ١٠ و ١١ و ١٢ من ابواب ما يحرم بالكفر ج ١٤.

(٣) راجع باب ٢ و ٣ و ٤ و ٥ و ٧ من ابواب ما يحرم بالكفر ج ١٤.

(٤) الوسائل باب ١١ حديث ١٠ من ابواب ما يحرم بالكفر ج ١٤ ص ٤٣١.

(٥) الوسائل باب ١١ مثل حديث ٢ من ابواب ما يحرم بالكفر ج ١٤ ص ٤٢٨.

(٦) الوسائل باب ١٠ حديث ١٧ من ابواب ما يحرم بالكفر ج ١٤ ص ٤٢٧.

*

١٩٢

[نعم لا يصح نكاح الناصب، ولا الناصبة بالعداوة لاهل البيتعليهم‌السلام .

ولا يشترط تمكن الزوج من النفقة].

وعن الرواية بمنع الدلالة، إذا الظاهر ان المراد من حل المناكحة والموارثة، الحكم بصحة نكاحهم وموارثتهم، لا جواز تزويجهم.

وأوضح منها دلالة على هذا المعنى ما رواه ابن بابويه في الصحيح عن العلا بن رزين أنه سأل أبا جعفرعليه‌السلام عن جمهور الناس؟ فقال: هم اليوم اهل هدنة يرد ضالتهم وتؤدى أمانتهم وتحقن دمائهم وتجوز مناكحتهم وموارثتهم في هذه الحالة(١) .

قوله: (نعم لا يصح نكاح الناصب الخ) هذا الحكم لا شبهة فيه، لان الناصب كافر، بل ورد أنه شر من عبدة الاوثان، فيكون نكاحه محرما كسائر الكفار، وقد تقدم من الاخبار ما يدل على ذلك.

ويزيده بيانا ما رواه الكليني في الصحيح عن فضيل بن يسار، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: لا يتزوج المؤمن الناصبة (الناصبية خ ل) المعروفة بذلك(٢) .

وفي الصحيح، عن ربعي عن الفضيل بن يسار أيضا، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: قال له الفضيل: أزوج الناصب؟ قال: لا، ولا كرامة، قلت: جعلت فداك والله إني لاقول لك هذا، ولو جائني ببيت ملآن دراهم ما فعلت(٣) .

قوله: (ولا يشترط تمكن الزوج من النفقة) أي لا يشترط في صحة

____________________

(١) الوسائل باب ١٢ حديث ١ من ابواب ما يحرم بالكفر ج ١٤ ص ٤٣٣.

(٢) الوسائل باب ١٠ حديث ١ من ابواب ما يحرم بالكفر ج ١٤ ص ٤٢٣ وفيه (الناصبة).

(٣) الوسائل باب ١٠ حديث ٢ من ابواب ما يحرم بالكفر ج ١٤ ص ٤٢٣ وفيه (الناصبة).

*

١٩٣

العقد تمكن الزوج من النفقة على الزوجة، وحكى المصنف في الشرائع قولا باشتراط ذلك، وظاهره أنه شرط في صحة النكاح(١) .

وربما افهمه ظاهر عبارة الشيخ في المبسوط، فانه قال: الكفائة معتبرة في النكاح، وهي عندنا شيئان، الايمن وامكان القيام بالنفقة واليسار المراعي، ما يمكنه القيام بمؤنة المرأة وكفائتها، لا اكثر من ذلك.

وهذا القول ان أخذ على ظاهره كان بعيدا جدا.

وقال ابن ادريس في سرائره: الاولى ان يقال: ان اليسار ليس شرطا في صحة العقد وانما للمرأة الخيار إذا لم يكن موسرا بنفقتها ولا يكون العقد باطلا، بل لها الخيار وليس كذلك خلاف الايمان الذي هو الكفر إذا بان كافرا، فان العقد باطل ولا يكون للمرأة الخيار كما كان لها في اليسار، ثم أمر بأن يلحظ ذلك وبتأمل.

واستوجه كلامه العلامة في المختلف، وقال: ان المرأة لو نكحت ابتداء بفقير عالمة بذلك صح نكاحها اجماعا، ولو كانت الكفائة شرطا لم يصح، واذا صح مع العلم وجب ان يصح مع الجهل لوجود المقتضى السالم عن معارضة كون الفقر مانعا، نعم اثبتنا لها الخيار دفعا للضرر عنها، ورفعا للمشقة اللاحقة بها (لها خ) هذا كلامهرحمه‌الله .

وما ذكره من صحة النكاح الواقع على هذا الوجه جيد، ويدل عليه قوله تعالى: ان يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله(٢) .

اما ثبوت الخيار فمشكل، ومنشأ الاشكال، من التمسك بلزوم العقد إلى ان

____________________

(١) قال في الشرائع: الكفائة شرط في صحة النكاح (إلى ان قال): وهل يشترط تمكنه من النفقة؟ قيل: نعم، وقيل: لا وهو الاشبه (انتهى) وجه الظهور انهقدس‌سره ذكره في سياق شرط صحة النكاح.

(٢) النور / ٣٢.

*

١٩٤

[ولا يتخير الزوجة لو تجدد العجز عن الانفاق].

يثبت ما يزيله، ومن لزوم الضرر ببقائها معه كذلك، المنفي بالآية(١) والرواية(٢) ، والمسألة محل تردد.

نعم الظاهر اشتراط ذلك في وجوب الاجابة منها او من وليها وان رجحت مع كمال دينه كما أمر به النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في نكاح جويبر(٣) وغيره.

قوله: (ولا تتخير الزوجة لو تجدد العجز عن الانفاق) هذا احد القولين في المسألة وأشهرهما، لان النكاح عقد لازم فيستصحب، وظاهر قوله تعالى: وان كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة(٤) .

ونقل عن ابن الجنيد انه اثبت لها الخيار بذلك، وحكى المحقق الشيخ فخر الدين عن المصنف أنه نقل عن بعض علمائنا قولا بأن الحاكم يبينها.

وربما كان مستنده ما رواه ابن بابويه في الصحيح عن ربعي بن عبدالله والفضيل بن يسار، عن أبي عبداللهعليه‌السلام في قوله تعالى: ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله؟(٥) قال: ان انفق عليها ما يقيم ظهرها مع كسوة والا فرق بينهما(٦) .

____________________

(١) يمكن ارادة قوله تعالى: لا تضار والدة بولدها البقرة / ٢٣٣ وقوله تعالى: ولا يضار كاتب ولا شهيد البقرة / ٢٨٢ وقوله تعالى: ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن الطلاق / ٦ وقوله تعالى: ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا البقرة / ٢٣١ وقوله تعالى: من بعد وصية يوصى بها او دين غير مضار النساء / ١٢.

(٢) اشاره إلى قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا ضرر ولا اضرار (او) ولاضرار في الاسلام وقد رواها الفريقان ونحن نشير اجمالا إلى بعض مواضعه فراجع عوالي اللآلي ج ١ ص ٣٨٣ وج ٢ ص ٧٤ وج ٣ ص ٢١٠ وج ١ ايضا ص ٢٢٠ فراجع ما علق على العوالي وقد جمع اكثر أخبار هذه القاعدة الشيخ الشريعة الاصبهانيقدس‌سره في رسالة مستقلة فراجع.

(٣) حديث جويبر حديث طويل راجع فروع الكافي كتاب النكاح باب ٢١ ان المؤمن كفو المؤمنة.

والوسائل باب ٢٥ من ابواب مقدمات النكاح ج ١٤ ص ٤٣.

(٤) البقرة / ٢٨٠.

(٥) الطلاق / ٧.

(٦) الوسائل باب ١ حديث ١ من ابواب النفقات ج ١٥ ص ٢٢٣.

*

١٩٥

[ويجوز نكاح الحرة للعبد والهاشمية لغير (غير خ) الهاشمي، والعربية للعجمي (العجمي خ) وبالعكس].

وفي الصحيح، عن عاصم بن حميد، عن أبي بصير والظاهر انه ليث المرادي قال: سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول: من كانت عنده امرأة فلم يكسها ما يواري عورتها ويطعمها ما يقيم صلبها، كان حقا على الامام أن يفرق بينهما(١) .

والروايتان صحيحتا السند فيتجه العمل بهما، مضافا إلى ما يلزم في كثير من الموارد من الحرج العظيم المنفي بقوله تعالى: وما جعل عليكم في الدين من حرج(٢) والعسر الزائد الذي هو غير مراد لله عزوجل(٣) ، والله تعالى اعلم بحقائق احكامه.

قوله: (ويجوز انكاح (نكاح خ) الحرة الخ) يدل على ذلك ما روي في الصحيح، عن أبي جعفرعليه‌السلام انه قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا جائكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه الا تفعلوه تكن فتنة في الارض وفساد كبير(٤) .

وما رواه الكليني في الصحيح، عن هشام بن سالم، عن رجل، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله زوج المقداد بن الاسود ضباعة بنت الزبير بن عبدالمطلب، ثم قال: انما زوجها المقداد لتتضع المناكح وليتأسوا برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولتعلموا أن اكرمكم عند الله اتقاكم، وكان الزبير اخا عبدالله وأبي طالب لابيهما وامهما(٥) .

____________________

(١) الوسائل باب ١ حديث ٢ من ابواب النفقات ج ١٥ ص ٣٢٣.

(٢) الحج / ٧٨.

(٣) في هامش بعض النسخ ما لفظه: ذكر فخر المحققين ان الخلاف هنا مبني على ان اليسار بالنفقة ليس شرطا في لزوم العقد، إذ لو جعلناه شرطا لسلطت بتجدد العجز بغير اشكال، وهو غير واضح، اذ من المحتمل أنه يخص اعتبار اليسار بابتداء النكاح دون استدامته منه (انتهى).

(٤) الوسائل باب ٢٨ حديث ٢ من ابواب مقدمات النكاح ج ١٤ ص ٥١ وللحديث صدر فلاحظ.

(٥) الوسائل باب ٢٦ حديث ٢ من أبواب مقدمات النكاح ج ١٤ ص ٤٥.

*

١٩٦

[وإذا خطب المؤمن القادر على النفقة وجب اجابته وان كان] ونقل عن ابن الجنيد انه اعتبر فيمن يحرم عليهم الصدقة الا يتزج فيهم الا منهم، لئلا يستحل بذلك الصدقة من حرمت عليه إذا كان الولد منسوبا إلى من تحل له الصدقة. ولا يخفى ضعف هذا التعليل.

وروى الكليني بسند مشتمل على عدة من الضعفاء، والمجهولين عن علي بن بلال، قال: لقى هشام بن الحكم بعض الخوارج، فقال: يا هشام ما تقول في العجم يجوز أنم يتزوجوا في العرب؟ قال: نعم، قال: فالعرب يتزوجوا من قريش؟ قال: نعم، قال: فقريش يتزوج من بني هاشم؟ قال: نعم، قال: عمن أخذت هذا؟ قال: عن جعفر بن محمد، سمعته يقول: أتتكافؤ دمائكم ولا تتكافؤ فروجكم؟ قال: فخرج الخارجي حتى أتى ابا عبداللهعليه‌السلام فقال: اني لقيت هشاما فسألته عن كذا فاخبرني بكذا، وذكر انه سمعه منك، قال: نعم قد قلت ذلك، فقال الخارجي: فها انا قد جئتك خاطبا فقال له ابوعبداللهعليه‌السلام : انك لكفو في دمك وحسبك في قومك، ولكن الله عزوجل صاننا عن الصدقة، وهي أوساخ أيدي الناس فنكره ان يشرك فيما فضلنا الله به من لم يجعل الله له مثل ما جعل لنا، فقام الخارجي وهو يقول: تالله ما رأيت رجلا قط ردني والله أقبح رد وما خرج من قول صاحبه(١) .

ونقل عن ابن الجنيد انه احتج بهذه الرواية وهي دالة على خلاف ما ذكره، مع ان التعليل الذي رد به الامامعليه‌السلام الخارجي غير ما ذكره ابن الجنيد، وكيف كان فلا ريب في ضعف هذا القول.

قوله: (وإذا خطب المؤمن القادر الخ) هذا الحكم مشهور بين

____________________

(١) الوسائل باب ٢٦ حديث ٣ من ابواب مقدمات النكاح إلى قوله فروجكم واورد باقي الحديث في ذيل الباب فلاحظ.

*

١٩٧

[اخفض نسبا وان منعه الولي كان عاصيا].

الاصحاب، ومستنده ما رواه الكليني في الصحيح عن علي بن مهزيار، قال: كتب علي بن اسباط إلى أبي جعفرعليه‌السلام في أمر بناته وانه لا يجد أحدا مثله، فكتب اليه ابوجعفرعليه‌السلام : فهمت ما ذكرت من امر بناتك وانك لاتجد أحدا مثلك فلا ننظر (في ئل كا) ذلك رحمك الله، فان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: إذا جائكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه الا تفعلوه تكن فتنة في الارض وفساد كبير(١) .

ونحوه روى الكليني ايضا في الصحيح عن إبراهيم بن محمد الهمداني، عن أبي جعفرعليه‌السلام (٢) .

ويمكن ان يناقش في دلالة الامر هنا على الوجوب، فان الظاهر من السياق كونه للاباحة ولا ينافي ذلك قوله: (الا تفعلوه تكن فتنة في الارض وفساد كبير) إذ الظاهر ان المراد منه انه إذا حصل الامتناع من الاجابة لكون الخاطب حقيرا في نسبه لا لغيره من الاغراض، يترتب على ذلك، الفساد والفتنة من نحو التفاخر والمباهاة وما يترتب عليهما من الافعال القبيحة.

ولقد احسن ابن ادريس في سرائره، حيث قال: وروي انه إذا خطب المؤمن إلى غيره بنته وكان عنده يسار بقدر نفقتها وكان ممن يرضى فعاله وامانته ولا يكون مرتكبا لشئ يدخل به في جملة الفساق وان كان حقيرا في نسبه قليل المال فلا يزوجه اياها، كان عاصيا لله تعالى مخالفا لسنة نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله (٣) ووجه الحديث في ذلك انه انما يكون عاصيا إذا رده ولم يزوجه وغرض غير ذلك من

____________________

(١) الوسائل باب ٢٨ حديث ١ من ابواب مقدمات النكاح ج ١٤ ص ٥٠.

(٢) الوسائل باب ٢٨ حديث ٢ من ابواب مقدمات النكاح ج ١٤ ص ٥٠.

(٣) فكانهرحمه‌الله جمع بين احاديث هذا الباب لا ان العبارة بعينها رواية فراجع باب ٢٨ المذكور.

*

١٩٨

[ويكره ان يزوج (يتزوج خ) الفاسق، ويتأكد في شارب الخمر. وان يتزوج المؤمنة المخالف، ولا بأس بالمستضعف والمستضعفة ومن لا يعرف بعناد]. مصالح دنياه، فلا حرج عليه ولا يكون عاصيا، فهذا فقه الحديث (انتهى كلامهرحمه‌الله )، وهو في محله.

ومن هنا يعلم ابن الولي لو ترك الاجابة قاصدا العدول إلى الاعلى لا يكون عاصيا.

ولو لم يتعلق الحكم بالولي بان كانت المخطوبة ثيبا او بكرا لا اب لها ففي وجوب الاجابة عليها ان قلنا بوجوبها على الولي نظر، لاختصاص الامر بالولي فلا يتعلق الوجوب بغيره.

قوله: (ويكره أن يزوج الفاسق ويتاكد في شارب الخمر) لا ريب في كراهة تزويج الفاسق ويدل عليه مفهوم قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا جائكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه(١) .

واما تاكد الكراهة في شارب الخمر، فيدل عليه ما رواه الكليني في الحسن عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : شارب الخمر لا يزوج إذا خطب(٢) واقل مراتب النهي الكراهة.

قوله: (وان يزوج المؤمنة المخالف الخ) قد تقدم الكلام في ذلك وأن الاظهر انه لا يجوز تزويج المؤمنة المخالف، ولا للمستضعف، اما المرأة المستضعفة فيجوز للمؤمن تزويجها وكذا المخالفة.

____________________

(١) لاحظ الوسائل باب ٢٨ حديث ٣٢١ من ابواب مقدمات النكاح ج ١٤ ص ٥١.

(٢) الوسائل باب ٢٩ حديث ٢ من ابواب مقدمات النكاح ج ١٤ ص ٥٣.

*

١٩٩

(الثانية) اذا انتسب إلى قبيلة فبان من غيرها،

ففي رواية الحلبي تفسخ (ينفسخ خ ل) النكاح]

قوله: (الثانية إذا انتسب إلى قبيلة الخ) اختلف الاصحاب في حكم هذه المسألة، فقال الشيخ في النهاية، إذا انتهى الرجل إلى قبيلة وتزوج فبان على خلاف ذلك بطل التزويج واختاره ابن الجنيد، وابن حمزة.

وقال في المبسوط: الاقوى انه لاخيار لها، ومن الناس من قال: لها الخيار، وقد ورد ذلك في اخبارنا، واختار ابن ادريس أن لها الخيار إذا شرط ذلك في نفس العقد وخرج بخلافه.

وقال في المختلف: إذا انتسب إلى قبيلة فبان من أدنى منها بحيث لا يلائم شرف المرأة كان لها الخيار في الفسخ.

والاصل في هذه المسألة ما رواه الشيخ في الصحيح، عن الحلبي، قال: سألته عن رجلين نكحا امرأتين فأتى هذا بامرأة ذا واوتي هذا بامرأة ذا، قال: تعتد هذه من هذا، وهذه من هذا، ثم ترجع كل واحدة منهما إلى زوجها، قال: وفي رجل يتزوج المرأة فيقول لها: أنا من بني فلان، فلا يكون كذلك؟ قال: تفسخ النكاح أو قال: ترد(١) .

كذا فيما وقفت عليه من نسخ التهذيب، وقد نقله كذلك العلامة وغيره، والمصنف نقله بلفظ (ينفسخ) ولا يخفى ما بينهما من الفرق.

وهذه الرواية صحيحة السند، ولكن ردها المتأخرون بالاضمار حيث ان المسؤول فيها غير مذكور.

____________________

(١) اورد صدره في الوسائل في باب ٩ حديث ٢ من ابواب العيوب والتدليس ج ١٤ ص ٦٠٥ وذيله في باب ١٦ حديث ١ منها ص ٦١٤ واوردها في اواخر باب التدليس في النكاح من كتاب النكاح وفيه: يفسخ النكاح او قال: ترد النكاح.

*

٢٠٠