نهاية المرام الجزء ١

نهاية المرام0%

نهاية المرام مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 484

نهاية المرام

مؤلف: صاحب المدارك السيد العاملي
تصنيف:

الصفحات: 484
المشاهدات: 47764
تحميل: 3932


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 484 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 47764 / تحميل: 3932
الحجم الحجم الحجم
نهاية المرام

نهاية المرام الجزء 1

مؤلف:
العربية

[ويكفي فيه المشاهدة، ويتقدر بالتراضي ولو بكف من بر].

والفارق بين نكاح المتعة والدائم حيث اعتبر ذكر المهر في الاول دون الثاني النص(١) ، ووجه بعده بان الغرض الاصلي من نكاح المتعة هو الاستمتاع واعفاف النفس فاشتد شبهه بعقود المعاوضات، بخلاف عقد الدوام، فان الغرض الاصلي منه بقاء النسل، وغيره من الاغراض المترتبة عليه التي لا تقصد من المتعة فكان شبهه بالمعاوضات اقل، فمن ثم جاز تجريد العقد عنه، ولم يكن ذكره شرطا.

قوله: (ويكفي فيه المشاهدة الخ) هنا مسألتان (الاول) انه يشترط في صحة العقد، العلم بالمهر، ويكفي فيه المشاهدة مطلقا حتى في المكيل والموزون ولا حاجة إلى اعتبارهما بالكيل او الوزن، فلو عقدا على الصبرة(٢) من طعام مشاهد صح لاندفاع معظم الغرر بالمشاهدة، واصالة عدم اعتبار ما زاد على ذلك.

هذا إذا كان المهر حاضرا.

ولو كان غائبا اعتبر وصفه بما يرفع الجهالة فيما قطع به الاصحاب وللنظر فيه مجال.

(الثانية) انه لا تقدير للمهر قلة وكثرة الا بما وقع عليه التراضي فيجوز العقد على كل ما يعد مالا في العادة كما يصح جعله عوضا في البيع والاجارة.

ويدل عليه ما رواه الكليني، عن محمد بن مسلم، قال: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام : كم المهر يعني في المتعة؟ قال: ما تراضيا عليه إلى ما شاء‌ا من الاجل(٣) .

وعن أبي بصير، قال: سألت ابا عبداللهعليه‌السلام عن ادنى مهر المتعة

____________________

(١) راجع الوسائل باب ١٢ و ٥٩ من ابواب المهور ج ١٥ ص ٢٤ ٧٨.

(٢) الصبرة واحدة صبر، الطعام يقال: اشتريت الشئ صبرة أي بلا وزن وكيل، كذا في هامش بعض النسخ.

(٣) الوسائل باب ٢١ حديث ٣ من ابواب المتعة ج ١٤ ص ٤٧١.

*

٢٢١

[ولو لم يدخل ووهبها المدة فلها النصف ويرجع بالنصف (عليها خ) لو كان دفع المهر].

ماهو؟ قال: كف من طعام دقيق، او سويق او تمر(١) .

وما رواه ابن بابويه في الحسن عن محمد بن النعمان الاحول انه سأل أبا عبداللهعليه‌السلام فقال: أدنى ما يتزوج به الرجل متعة؟ قال: كفين (كفان خ ل) من بر(٢) .

وقال ابن بابويه أدنى ما يجزي في المتعة درهم فما فوقه.

وربما كان مستنده رواية أبي بصير، قال: سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن متعة النساء؟ قال: حلال وانه (انما خ ل) يجزي الدرهم فما فوقه(٣) .

وهي مع ضعف سندها معارضة بما دل على الاجتزاء بكف من طعام.

ويمكن حملها على ان الادنى في العادة ذلك وان كان الادنى منه جائزا شرعا.

قوله: (ولو لم يدخل ووهبها المدة الخ) مذهب الاصحاب انه يصح للمتمتع أن يهب الزوجة جميع المدة وبعضها، قبل الدخول وبعده.

ويدل عليه روايات كثيرة: (منها) ما رواه ابن بابويه في الصحيح، عن علي بن رئاب قال: كتبت اليه اسأله: عن رجل تمتع بامرأة ثم وهب لها أيامها قبل ان يفضي اليها او وهب لها أيامها بعد ما افضى اليها، هل له ان يرجع فيما وهب لها من ذلك؟ فوقععليه‌السلام : لا يرجع(٤) .

وعن يونس بن عبدالرحمان، قال: سألت الرضاعليه‌السلام عن رجل

____________________

(١) الوسائل باب ٢١ حديث ٥ من ابواب المتعة ج ١٤ ص ٤٧١.

(٢) الوسائل باب ٢١ حديث ٢ من ابواب المتعة ج ١٤ ص ٤٧١.

(٣) الوسائل باب ٢١ حديث ١ من ابواب المتعة ج ١٤ ص ٤٧٠.

(٤) الوسائل باب ٢٩ حديث ١ من ابواب المتعة ج ١٤ ص ٤٨٣.

*

٢٢٢

تزوج امرأة متعة فعلم (وثب ئل كا) بها أهلها فزوجوها من رجل في العلانية وهي امرأة صدق، قال: لا تمكن زوجها من نفسها حتى تنقضي عدتها وشرطها، قلت: ان كان شرطها سنة ولا يصبر لها زوجها؟ قال: فليتق الله زوجها وليتصدق عليها بما يقوله الحديث(١) .

وقد روى الكليني نحو ذلك عن اسحاق بن عمار، عن أبي الحسن موسىعليه‌السلام (٢) .

وروى أيضا، عن ابان بن تغلب، قال: قلت لابي عبداللهعليه‌السلام : جعلت فداك، الرجل يتزوج المرأة متعة فيتزوجها على شهر، ثم انها تقع في قلبه، فيحب أن يكون شرطه اكثر من شهر، فهل يجوز ان يزيدها في أجرها، ويزداد في الايام قبل ان تنقضي أيامه التي شرط عليها؟ فقال: لا يجوز شرطان في شرط، قلت: كيف يصنع قال: يتصدق عليها بما بقي من الايام ثم يستأنف شرطا جديدا(٣) .

وهذه الروايات مع استفاضتها(٤) ، واعتبار أسانيدها وسلامتها من المعارض مؤيدة بعلم الاصحاب بمضمونها، بل باجماعهم المنقول على ذلك فيتعين العمل بها.

وبذلك يندفع ما ذكره الشارحقدس‌سره من أنه قد يشك في جواز هذه الهبة من حيث تجدد الحق شيئا فشيئا، والثابت في الذمة حال البراء‌ة ليس هو الحق المتجدد.

____________________

(١) الوسائل باب ٤١ نحو حديث ١ بالسند الثاني من ابواب المتعة ج ١٤ ص ٤٩٤ وللحديث ذيل فراجع.

(٢) الوسائل باب ٤١ نحو حديث ١ من ابواب المتعة ج ١٤ ص ٤٩٣.

(٣) الوسائل باب ٢٤ حديث ١ من ابواب المتعة ج ١٤ ص ٤٧٨.

(٤) فانه قد رواها الكليني بسندين عن أبان بن تغلب فلاحظ باب ١٨ من ابواب المتعة من الوسائل ج ١٤ ص ٤٦٦ باب ١٨ الحديث ١.

*

٢٢٣

فان ذلك اجتهاد، في مقابلة النص، غير مسموع.

ثم ان كانت الهبة بعد الدخول صح، ولا يسقط من المهر شئ لاقتضاء العقد وجود الجميع، وسقوط شئ منه بذلك يتوقف على الدليل ولم يثبت.

وان كان قبل الدخول وجب لها نصف المهر وسقط النصف الآخر كما لو طلق الزوجة الدائمة قبل الدخول فيما قطع به الاصحاب، وادعى عليه المحقق الشيخ علي، الاجماع.

واستدل عليه الشيخ في التهذيب بما رواه، عن سماعة بطريقين احدهما ضعيف(١) والآخر موثق(٢) قال: سألته عن رجل تزوج جارية او تمتع بها ثم جعلته في حل من صداقها، يجوز ان يدخل بها قبل ان يعطيها شيئا؟ قال: نعم إذا جعلته في حل فقد قبضته منه، وإن خلاها قبل ان يدخل به ردت المرأة على الرجل نصف الصداق(٣) .

وجه الدلالة انه لولا تنصف (تنصيف خ ل) المهر بذلك لوجب أن ترد الجميع أولا ترد اليه شيئا كما هو واضح. لكن الرواية قاصرة من حيث السند، ولعل الاجماع المنقول على هذا الحكم وعدم الظفر فيه بمخالف، جابر لو هنها. هذا إذا تعلقت الهبة بجميع المدة الباقية وقت الهبة. اما لو وهبها البعض خاصة ان قلنا بجوازه وانقضت المدة ولم يدخل،

____________________

(١) والسند كما في باب تفصيل أحكام النكاح من التهذيب هكذا: محمد بن أحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن سنان (في الوسائل محمد بن سنان) عن زرعة، عن سماعة.

(٢) والسند كما في زيادات التهذيب من كتاب النكاح ١١٦ هكذا: الحسين بن سعيد، عن الحسن عن زرعة، عن سماعة.

(٣) الوسائل باب ٣٠ حديث ١ من ابواب المتعة ج ١٤ ص ٤٨٣.

*

٢٢٤

[واذا دخل استقر المهر، ولو اخلت بشئ من المدة قاصها].

فالاضهر أنه لا يسقط من المهرشئ اقتصارا فيما خالف الاصل على مورد النص والوفاق.

ويحتمل السقوط لصدق التفرق قبل الدخول، وهو ضعيف.

والظاهر ان هذه الهبة في معنى الابراء فلا يتوقف على القبول.

قوله: (وإذا دخل استقر المهر ولو أخلت بشئ من المدة قاصها) انما يستقر المهر بالدخول بشرط الوفاء بالمدة كما ذكره في الشرائع، وهو مستفاد من قوله: (ولو اخلت بشئ من المدة قاصها) والمراد انها إذا اخلت بشئ من المدة وضع عنه من المهر بنسبة ما اخلت به من المدة إلى مجموعها، فان كان نصفها فنصف المهر، او ربعها فربعه، وهكذا فان كان الزوج قد وضع اليها المهر أجمع استعاد منها ذلك، وإن لم يكن قد دفعه اليها اسقط ذلك منه.

واطلق عليه المصنف لفظ المقاصة، لان المرأة لما منعت الزوج حقه، كان له أن ياخذ في مقابلة حقه ما قابله من العوض الذي استحقه بالعقد وذلك معنى المقاصة.

فما ذكره المحقق الشيخ علي، من ان ذلك لا يعتد مقاصة، غير واضح، وهذا الحكم مقطوع به في كلام الاصحاب، وظاهرهم انه موضع وفاق.

ويدل عليه روايات: (منها) ما رواه ابن بابويه في الصحيح عن صفوان بن يحيى عن عمر بن حنظلة، قال: قلت لابي عبداللهعليه‌السلام : أتزوج المرأة شهرا بشئ مسمى، فتأتي ببعض الشهر ولا تفي ببعض، قال: تحبس عنها من صداقها بقدر ما احتبست عنك الا ايام حيضها فانها لها(١) .

وما رواه الكليني في الصحيح عن عمر بن ابان عن عمر بن حنظلة،

____________________

(١) الوسائل باب ٢٧ حديث ٤ من ابواب المتعة ج ١٤ ص ٤٨٢.

*

٢٢٥

[ولو بان فساد العقد فلا مهر ان لم يدخل. ولو دخل فلها ما أخذت وتمنع ما بقي].

قال: قلت لابي عبداللهعليه‌السلام : اتزوج المرأة شهرا فتريد مني المهر كملا وأتخوف ان تخلفني، فقال: يجوز ان تحبس ما قدرت عليه، فان هي اخلفتك فخذ منها بقدر ما تخلفك(١) .

وفي الموثق، عن إسحاق بن عمار، قال: قلت لابي الحسنعليه‌السلام : الرجل يتزوج المرأة متعة فتشترط له ان تأتيه كل يوم حتى توفيه شرطه، اوتشترط اياما معلومة تأتيه فيها فتغدر به فلا تأتيه على ماشرطه عليها، فهل يصلح له ان يحاسبها على ما لم تأته من الايام فيحبس عنها من مهرها بحساب ذلك؟ قال: نعم ينظر ما قطعت من الشرط فيحبس عنها من مهرها بمقدار ما لم تف له به ما خلا أيام الطمث فانها لها ولا يكون عليها الا ما حل لزوجها(٢) (ما احل له فرجها ئل كا) ويستفاد من روايتي عمر بن حنظلة وإسحاق بن عمار استثناء ايام الطمث.

وفي استثناء غيرها من ايام الاعذار كأيام المرض والحبس وجهان من المشاركة في المعنى، وكون ذلك على خلاف الاصل فيقتصر فيه على مورد النص، اما الموت فلا يسقط بسببه شئ.

قوله: (ولو بان فساد العقد فلا مهر الخ) إذا تبين فساد عقد المتعة، فان كان قبل الدخول فلا شئ لها، فان كان قد دفع اليها المهر او بعضه استعاده منها، وهذا موضع وفاق.

وان كان بعد الدخول فقد اختلف الاصحاب في حكمه على أقوال.

(احدها) أن لها ما أخذت ولا يلزمه ان يعطيها ما بقي، اختاره المفيد في المقنعة

____________________

(١) الوسائل باب ٢٧ حديث ١ من ابواب المتعة ج ١٤ ص ٤٨١.

(٢) الوسائل باب ٢٧ حديث ٣ من ابواب المتعة ج ١٤ ص ٤٨١.

*

٢٢٦

[والوجه انها تستوفي مع جهالتها، ويستعاد منها مع علمها].

والشيخ في النهاية ولم يفرق بين ان تكون عالمة أو جاهلة.

واستدل عليه في التهذيب بما رواه في الحسن عن حفص بن البختري عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: إذا بقي عليه شئ من المهر وعلم ان لها زوجا، فما أخذته فلها بما استحل من فرجها ويحبس عنها (عليها ئل) ما بقي عنده(١) .

واطلاق الرواية يقتضي عدم الفرق بين ان تكون المرأة عالمة أو جاهلة بان تعتقد خلوها من الزوج بطلاق أو موت ثم يظهر خلافه، ولا بين ان يكون المدفوع اليها قليلا أو كثيرا، بقدر ما مضى من المدة او أقل واكثر.

ويشكل بانها إذا كانت عالمة تكون بغيا، ولا مهر لبغي(٢) .

وفي رواية علي بن أحمد بن اشيم، قال: كتب إليه الريان بن شبيب يعني ابا الحسنعليه‌السلام : الرجل يتزوج المرأة متعة بمهر إلى أجل معلوم واعطاها بعض مهرها وأخرته بالباقي ثم دخل بها وعلم بعد دخوله بها قبل ان يوفيها باقي مهرها أنها (انما كا) زوجته نفسها ولها زوج مقيم معها أيجوز له حبس باقي مهرها ام لا يجوز؟ فكتب: لا يعطيها شيئا لانها عصت الله عزوجل(٣) .

والاجود حمل الرواية الاولى على حالة الجهل ويرجع في غير مورد الرواية إلى القواعد المقررة، ومقتضاها عدم إستحقاق شئ مع العلم واستحقاق مهر المثل مع الجهل، ولو أطرحت الرواية لعدم وصولها إلى حد الصحة لتعين المصير إلى ذلك مطلق.

(وثانيها) انها ان كانت عالمة فلا شئ لها، وان كانت جاهلة فلها مجموع المسمى اختاره المصنف وجماعة.

____________________

(١) الوسائل باب ٢٨ حديث ١ من ابواب المتعة ج ١٤ ص ٤٨٢.

(٢) راجع الجواهر ج ٤١ ص ٢٦٧ مع ذيله، والخلاف م ٣٦ روي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه نهى عن مهر البغي.

(٣) الوسائل باب ٢٨ حديث ٢ من ابواب المتعة ج ١٤ ص ٤٨٢.

*

٢٢٧

[ولو قيل بمهر المثل مع الدخول وجهلها كان حسنا].

ويشكل بان المسمى انما يلزم بالعقد الصحيح لا بالفاسد، ومجرد التراضي بذلك لا يقتضي لزومه.

(وثالثها) أنه لا شئ لها مع العلم ولها مهر المثل مع الجهل، وهو جيد بتقدير إطراح الرواية.

وهل المراد بمهر المثل مهر المثل لتلك المدة أو مهر المثل لنكاح الدائم؟ قولان اظهرهما الاول، وقيل بالثاني لان ذلك قيمة البضع عند وطء الشبهة، وسيجئ الكلام في ذلك ان شاء الله تعالى.

(ورابعها) انه لا شئ لها مع العلم، ومع الجهل يلزمه اقل الامرين من المسمى ومهر المثل، لان مهر المثل ان كان اقل فهو عوض البضع حيث تبين بطلان العقد وان كان المسمى هو الاقل فقد قدمت على ان تستحق غيره.

ويشكل بان المسمى انما رضيت به على وجه مخصوص وهو كونها زوجة فلا يلزم الرضا به على تقدير فساد العقد.

قال جديقدس‌سره في المسالك: ولا بأس بهذا القول لو قال به احد ممن يعتد به من الفقهاء بحيث لا يخرق الاجماع ان اعتبر في الاقوال الحادثة مثل هذا كما هو المشهور.

واقول: إن إحداث القول في المسألة انما يمنع منه إذا كان قد انعقد الاجماع البسيط او المركب على خلافه لاقتضائه الخروج عن قول الامامعليه‌السلام لدخول قوله في اقوال المجمعين كما هو المقرر، وهذا انما يتحقق اذا نقل الاجماع في المسألة.

اما اذا وجد منا فيها قول او أقوال ولم ينقل عليها الاجماع، ولا ظهر المخالف، فان ذلك لا يكون اجماعا ولا يقتضي المنع من إحداث قول مخالف له وان لم يعلم وجود قائل به.

هذا كله بعد تسليم كون الاجماع المنقول في كتب الاصحاب، هو الاجماع

٢٢٨

[(الرابع) الاجل وهو شرط في العقد يتقدر بتراضيهما كاليوم والسنة والشهر ولابد من تعيينه]

الذي علم فيه دخول قول المعصومعليه‌السلام في اقوال المجمعين.

ومن تتبع كلام الاصحاب وما وقع لهم في نقل الاجماع من الاختلاف والاضطراب خصوصا ما وقع في كلام الشيخ والمرتضى من دعوى كل منهما للاجماع على نقيض ما ادعاه عليه الآخر في عدة مسائل، ودعوى الشيخ الاجماع في مسائل كثيرة وافتائه بخلاف ذلك في موضع آخر، ظهر له انهم لا يريدون بالاجماع ذلك المعنى، وانما يريدون به المشهور بين الطائفة او غير ذلك مما لم تثبت حجيته، والله أعلم.

قوله: (الرابع، الاجل وهو شرط في العقد) اجمع الاصحاب على أن ذكر الاجل شرط في صحة نكاح المتعة، وقد تقدم من الاخبار ما يدل عليه(١) .

ولا يتقدر في القلة والكثرة بقدر، بل بما تراضيا عليه وان بلغ في جانب الكثرة إلى حد يقضي العادة بعدم بلوغها اليه وفي جانب القلة إلى حد لا يمكن الجماع فيه، لان غاية العقد لا تنحصر في ذلك.

ونقل عن ابن حمزة انه قدر الاقل بما بين طلوع الشمس ونصف النهار.

ولعله اراد التمثيل لا الحصر.

ولابد ان يكون محروسا من الزيادة والنقصان كغيره من الاجل (الاجال خ) ويدل عليه ما رواه الكليني في الصحيح عن محمد بن اسماعيل، عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام ، قال: قلت له: الرجل يتزوج المرأة متعة سنة أو اقل واكثر؟ قال: إذا كان شئ معلوم (شيئا معلوما ئل) إلى اجل معلوم، قلت: وتبين بغير طلاق؟ قال: نعم(٢) .

____________________

(١) راجع الوسائل باب ١٨ من ابواب المتعة ج ١٤ ص ٤٦٦.

(٢) الوسائل باب ٢٥ حديث ١ من ابواب المتعه ج ١٤ ص ٤٧٨.

*

٢٢٩

[ولا يصح ذكر المرة والمرات مجردة عن زمان مقدر].

ويجوز جعل المدة بعض يوم إذا كان مضبوطا إما بغاية معروفة كالزوال او بمقدار معين كنصف يوم.

ثم ان اتفق معرفتهما بذلك عملا بما يعملاه، والا رجعا فيه إلى اهل الخبرة به.

وهل يعتبر في المدة، الاتصال ام يجوز جعلهما منفصلة عن العقد؟ قولان اظهرهما الاول، لان الوظائف الشرعية انما تثبت بالتوقيف ولم ينقل تجويز ذلك، وانما المنقول ما تضمن اتصال المدة بالعقد فيجب القول بنفي ما عداه إلى ان يثبت دليل الجواز.

وقيل بالثاني لوجود المقتضى، وهو العقد المشتمل على الاجل المضبوط، وهو ضعيف.

ثم ان قلنا بالصحة فهل يجوز العقد عليها في المدة المتخللة بين العقد ومبدء المدة المشروطة؟ قيل: لا، لانه يصدق عليها انها زوجة وذات بعل، لانعقاد النكاح من حين العقد وان امتنع (انتفى خ ل) الاستمتاع حينئذ لتأخر المدة المشروطة، ومتى صدق عليها ذلك امتنع العقد عليها لاندراجها في اطلاقات النصوص المانعة من العقد على ذات البعل.

ويحتمل الجواز إذا وقت المدة المتخللة بين العقد والاجل، بالاجل المعقود عليه ثانيا والعدة، لانها بالنسبة إلى تلك المدة خلية، اذ لا حق له عليها في ذلك الوقت، وعلى ما اخترناه من اعتبار الاتصال يسقط هذا التفريع.

قوله: (ولا يصح ذكر المرة والمرات الخ) ما اختاره المصنف من عدم جواز التأجيل بذكر المرة والمرات مجردة عن الزمان المقدر، مذهب الاكثر، وهو الاظهر لقولهعليه‌السلام (١) : (إلى اجل معلوم) والاجل الواقع على هذا الوجه غير

____________________

(١) يعني في الصحيح عن محمد بن اسماعيل المتقدم انفا.

*

٢٣٠

[وفيه رواية بالجواز، فيها ضعف].

معلوم، اذ يمكن وقوع المرة والمرات في الزمن الطويل والقصير.

وقال الشيخ في النهاية والتهذيب: يصح العقد الواقع على هذا الوجه وينقلب دائما واستدل عليه في التهذيب بما رواه، عن هشام بن سالم الجواليقى، قال: قلت لابي عبداللهعليه‌السلام : أتزوج المرأة متعة مرة مبهمة؟ قال: فقال: ذلك أشد عليك، ترثها وترثك ولا يجوز لك ان تطلقها الا على طهر وشاهدين، قلت: اصلحك الله فكيف اتزوجها؟ فقال: اياما معدودة بشئ مسمى مقدار ما تراضيتم به الحديث(١) وهذه الرواية ضعيفة السند(٢) ، باشتماله على موسى بن سعدان، وعبدالله بن القاسم وهما ضعيفان.

ويمكن حملها على ان المراد بالمرة المبهمة، العقد عليها من غير ذكر الاجل فانه يكون عقد دوام بحسب الظاهر.

والرواية التي اشار اليها المصنف رواها الشيخ بسند(٣) مشتمل على عدة من الفطحية عن زرارة، قال: قلت له: هل يجوز ان يتمتع الرجل من المرأة ساعة او ساعتين؟ فقال: الساعة والساعتان لا توقف على حدهما، ولكن العرد والعردين(٤) واليوم واليومين، والليلة، واشباه ذلك(٥) .

____________________

(١) الوسائل باب ٢٠ حديث ٣ من ابواب المتعة ج ١٤ ص ٤٧٠.

(٢) والسند كما في التهذيب هكذا: محمد بن احمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن موسى بن سعدان، عن عبدالله بن القاسم عن هشام بن سالم الجواليقى.

(٣) السند كما في الكافي هكذا: محمد بن يحيى، عن احمد، عن ابن فضال، عن ابن بكير، عن زرارة، فان احمد وابن فضال وابن بكير فطحيون.

(٤) في الحديث: الرجل يتزوج المرأة على عرد واحد؟ قال: لا بأس. المراد بالعرد المرة الواحدة من المواقعة (مجمع البحرين).

(٥) الوسائل باب ٢٥ حديث ٢ من ابواب المتعة ج ١٤ ص ٤٧٩.

*

٢٣١

وأما الاحكام فمسائل

(الاولى) الاخلال بذكر المهر مع ذكر الاجل يبطل العقد].

وفي معنى هذه الرواية ما رواه الشيخ بسند(١) مشتمل على عدة من الضعفاء عن القاسم بن محمد، عن رجل سماه، قال: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام عن الرجل يتزوج المرأة على عرد واحد، قال: لا بأس ولكن إذا فرغ فليحول وجهه ولا ينظر(٢) . وضعف هاتين الروايتين يمنع من التمسك بها.

نعم لو ذكرت المرة والمرات مع تعين الاجل صح، لعموم (المؤمنون عند شروطهم)(٣) فلا يجوز له الزيادة عن العدد المشروط بغير اذنها، ولا يتعين عليه فعل المشروط، اذ الوطء غير واجب، ولا يخرج عن الزوجية الا بانقضاء المدة فيجوز له الاستمتاع منها بعد فعل المشروط بغير الوطء، لانها زوجة.

وهل يجوز له الوطء باذنها؟ قيل: نعم، لان ذلك حقها، فاذا اذنت جاز، لانها زوجة، وقيل: لا، لان العقد لم يتضمن سوى ذلك العدد وله يتشخص الا بذلك، ولعل الاول أقرب.

واما الاحكام فمسائل

قوله: (الاولى الاخلال بذكر المهر مع ذكر الاجل يبطل الخ) اما بطلان العقد إذا ذكرا الاجل وأخلا بذكر المهر، فقال العلامة في المختلف والشهيد

____________________

(١) والسند كما في الكافي هكذا: عدة من اصحابنا، عن سهل، عن ابن فضال، عن القاسم بن محمد، عن رجل سماه.

(٢) الوسائل باب ٢٥ حديث ٤ من ابواب المتعة ج ١٤ ص ٤٧٩.

(٣) الوسائل باب ٢٠ حديث ٤ من ابواب المهور ج ١٥ ص ٣٠.

*

٢٣٢

[وذكر المهر من دون الاجل يقلبه دائما].

في الشرح: انه موضع وفاق، وفد تقدم من الاخبار ما يدل عليه(١) .

وأما اذا قصدا المتعة وذكرا المهر وأخلا بذكر الاجل ففيه أقوال.

(احدها) انه ذهب الاكثر أنه ينقلب دائما، لان لفظ الايجاب صالح لكل منهما، وانما يتمحض للمتعة بذكر الاجل، وللدوام بعدمه، وبما رواه الكليني، عن عبدالله بن بكير، عن أبي عبداللهعليه‌السلام انه قال: ان سمى الاجل فهو متعة، وان لم يسم الاجل فهو نكاح بات(٢) .

وعن ابان بن تغلب، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: قلت له: كيف أقول لها إذا خلوت بها؟ (إلى ان قال): قلت: فاني استحيى ان أذكر شرط الايام، قال: هو اضر عليك، قلت: وكيف؟ قال: انك ان لم تشترط كان تزويج مقام ولزمتك النفقة والعدة وكانت وارثه (وارثا خ) ولم تقدر على ان تطلقها الاطلاق السنة(٣) .

ويشكل بان المقصود انما هو المتعة، وقد أخل بشرطه وهو الاجل وفوات الشرط يستلزم فوات المشروط، وصلاحية العبارة للعقد الدائم، غير كاف في انعقاده مع مخالفة القصد له فان المعتبر توافقهما على امر واحد.

واما الروايتان فمع قصورهما من حيث السند(٤) لا دلالة لهما على انهما إذا

____________________

(١) راجع الوسائل باب ١٧ من ابواب المتعة ج ١٤ ص ٤٦٥.

(٢) الوسائل باب ٢٠ حديث ١ من ابواب المتعة ج ١٤ ص ٤٦٩.

(٣) اورد قطعة منها في باب ١٨ حديث ١ وقطعة منها في باب ٢٠ حديث ٢ من ابواب المتعة ج ١٤ ص ٤٦٦ وص ٤٧٠.

(٤) فان السند الاولى كما في الكافي هكذا: علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبدالله بن بكر والثانية: علي بن إبراهيم عن أبيه عن عمرو بن عثمان، عن ابراهيم بن الفضل، عن ابان بن تغلب علي بن محمد، عن سهل بن زياد عن اسماعيل بن مهران ومحمد بن اسلم عن إبراهيم بن الفضل عن ابان بن تغلب.

*

٢٣٣

قصد المتعة ولم يذكرا الاجل ينعقد دائما، وانما المستفاد منهما أن الدوام لا يذكر فيه الاجل، وهو كذلك. ويمكن أن يكون المراد انه إذا ذكر العقد معرى عن قيد الاجل ينعقد دائما بحسب الظاهر ولا يقبل قول الزوج في ارادة المتعة.

(وثانيها) أن ذلك مبطل للعقد، فلا ينعقد متعة ولا دواما، اختاره العلامة (ووالده خ) وولده وجمع من الاصحاب، وهو الاظهر.

وأما انه لا ينعقد متعة فلفوات شرطه الذي هو ذكر الاجل وهو موضع وفاق.

واما انه لا ينعقد دائما فلان الدوام غير مقصود، بل المقصود خلافه، والعقود تابعة للقصود.

وأورد عليه منع تبعية العقد للقصد، والسند اجماعنا على أن عقد النكاح إذا تضمن شروطا فاسدة، صحيح مع بطلان الشروط المقصودة.

ومنع كون الدائم غير مقصود، فان قصد المنقطع يستلزم قصده لمطلق النكاح الصالح للدائم.

والجواب عن الاول ان كون العقود تابعة للقصود مسلم عند الجميع، فكأنه من قبيل المجمع عليه.

على ان الحكم بصحة العقد إذا لم يكن مقصودا أو كان المقصود خلاف ما تضمنه اللفظ، يحتاج إلى الدليل، وهو منتف، بل الدليل قائم على خلافه.

وما ذكر من صحة العقد المشتمل على الشرط الفاسد في محل النظر ان لم يقم على الصحة دليل ينهض حجة على اثبات الحكم، ومع قيام الدليل عليه لا يلحق به غيره، لانه قياس.

وعن الثاني ان قصد المنقطع لا يستلزم قصد مطلق النكاح قطعا، إذ الموجود

٢٣٤

في ضمن المقيد حصة من المطلق مقومة له، لاتمام الماهية.

ثم ان اللازم مما ذكره، أن من وكل غيره في شراء عبد ابيض مثلا يجوز للوكيل شراء غيره كالاسود، لان الاذن في شراء العبد الابيض يقتضي الاذن في شراء مطلق العبد، وهو معلوم البطلان.

(وثالثها) وهو اختيار ابن ادريس انه ان كان الايجاب بلفظ التزوج (التزويج خ ل) او النكاح انقلب دائما، وان كان بلفظ التمتع بطل العقد لان اللفظين الاولين صالحان لهما، بخلاف الثالث فانه يختص بالمتعة فاذا فات شرطها بطل.

وفيه ان عقد المتعة كما بطل لفوات شرطه وهو الاجل، فكذلك الدوام يبطل لفوات شرطه، وهو القصد اليه وان وجد اللفظ الصالح له.

(ورابعها) ان الاخلال بالاجل ان وقع على وجه الجهل اوالنسيان بطل، وان وقع عمدا انقلب دائما.

وضعفه معلوم بما سبق فانه مع التعمد وقصد المتعة يكون قد أخل بركن من أركان عقدها عمدا ولم يقصد غيرها.

والاصح البطلان مع قصد التمتع مطلقا.

فرع لو اختلف الزوجان بعد اتفاقهما على وقوع العقد فادعى احدهما انه متعة وادعى الآخر الدوام، فان قلنا: إن اهمال الاجل مطلقا يقتضي الدوام كان القول قول مدعي الدوام، لان الآخر يدعي زيادة والقول قول منكرها، وان قلنا إن الاهمال يقتضي الابطال مالم يقصد الدوام كما اخترناه، فالوجه أنهما يتحالفان وينفسخ النكاح لان كلا منهما مدع والقول قول المنكر مع يمينه.

٢٣٥

[(الثانية) لا حكم للشروط قبل العقد، ويلزم لو ذكرت فيه].

ولو اشتبه الحال بموت (لموت خ) ونحوه لم يحكم بالتوارث ونحوه الا مع ثبوت الدوام.

قوله: (الثانية لا حكم للشروط قبل العقد وتلزم لو ذكرت فيه) اتفق علمائنا على ان كل شرط من الشروط السائغة وهي التي لا تخالف الكتاب والسنة يجوز اشتراطه في عقد النكاح لقولهعليه‌السلام في صحيحة ابن سنان وغيرها: المؤمنون عند شروطهم(١) ، وقد قطع الاصحاب بان الشرط انما يعتد به ويلزم الوفاء به إذا وقع بين الايجاب والقبول ليكون من جملة العقد اللازم، فلو تقدم على العقد أو تاخر عنه لم يقع معتدا به، لانه والحال هذه لا يكون محسوبا من جملة العقد.

ويشكل بأن ما دل على لزوم الوفاء بالشرط يتناول الشرط المذكور في العقد وقبله وبعده، اللهم الا ان يمنع صدق اسم الشرط على غير المذكور في العقد.

وفي رواية عبدالله بن بكير، عن الصادقعليه‌السلام : ما كان من شرط قبل النكاح هدمه النكاح، وما كان بعد النكاح فهو جائز(٢) .

ومقتضى الرواية عدم اعتبار ما وقع قبل النكاح من الشروط لكنها ضعيفة السند.

والظاهر ان المراد بقوله فيها: (وما كان بعد النكاح فهو جائز) ما وقع بعد الايجاب سماه نكاحا مجازا(٣) .

____________________

(١) لم نعثر على صحيحة عبدالله بن سنان المشتملة على قوله: (المؤمنون) وانما فيها: المسلمون الخ لاحظ الوسائل باب ٦ حديث ١ و ٢ من ابواب الخيار ج ١٢ ص ٣٥٣ نعم في خبر منصور بررج عن عبد صالحعليه‌السلام المؤمنون لاحظ الوسائل باب ٢٠ حديث ٤ من ابواب المهور ج١٥ص٣٠.

(٢) الوسائل باب ١٩ حديث ٢ من ابواب المتعة ج ١٤ ص ٤٦٨.

(٣) يعني تسميته بعد الايجاب وقيل القبول نكاح مجاز، فان حقيقة النكاح هو ما أن تحقق الايجاب والقبول معا.

*

٢٣٦

[(الثالثة) يجوز اشتراط اتيانها ليلا أو نهارا وأن لا يطأها في الفرج].

والظاهر أن ذلك مراد الشيخ في النهاية حيث اعتبر فيها وقوع الشرط بعد العقد، فلا يتحقق الخلاف في المسألة.

ولو اتفق المتعاقدان على شئ من الشروط قبل العقد ثم عقدا ولم يذكراه لاعتقادهما ان ذكره سابقا كاف عن اعادته في العقد فالمتجه بطلان العقد ان لم نقل بلزوم الشرط المتقدم لعدم القصد إلى العقد الخالي من الشرط.

ولو كان ترك الشرط المتفق عليه قبل العقد في نفس العقد، وقع على وجه النسيان، فاشكال، اقربه الصحة لتعلق القصد في حال العقد إلى ايقاع العقد الخالي من الشرط وان كان المطلوب لهما او لا خلاف ذلك.

قوله: (الثالثة يجوز اشتراط اتيانها ليلا الخ) لا خلاف في جواز اشتراط ذلك في عقد المتعة، لانه شرط لم يرد فيه نهي من الشارع فيتناوله قولهعليه‌السلام : (المؤمنون عند شروطهم)(١) .

وما يقال من ان مقتضى العقد اباحة الاستمتاع في كل وقت فتخصيصه ببعض الاوقات ينافيه، يندفع بان ذلك انما يقتضيه العقد المطلق أي المجرد عن الشرط لا مطلق العقد، على ان ذلك لو تم لاقتضى عدم جواز اشتراط انتفاع البائع بالمبيع مدة معينة واسقاط الخيار وما شاكل ذلك مما اجمع الاصحاب على صحة اشتراطه.

ويدل على جواز اشتراط ذلك على الخصوص ما رواه الشيخ في الحسن عن عمار بن مروان، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: قلت له: رجل جاء إلى امرأة فسألها ان تزوجه نفسها (متعة)(٢) ، فقالت: ازوجك نفسي على أن تلتمس

____________________

(١) تقدم آنفا موضع ذكره.

(٢) هكذا في النسخ كلها ولكن ليس في الكافي والتهذيب والوسائل لفظة متعة.

*

٢٣٧

[ولو رضيت به بعد العقد جاز. والعزل من دون إذنها].

مني ما شئت من نظر والتماس وتنال مني ما ينال الرجل من اهله الا أنك لا تدخل فرجك في فرجي وتتلذذ بما شئت، فاني أخاف الفضيحة، قال: (لا بأس يب) ليس له الا ما اشترط(١) .

نحوه روى سماعة بن مهران عن الصادقعليه‌السلام (٢) .

وقد قطع المصنف بانها لو رضيت بعد العقد بفعل ما اشترطت خلافه، جاز للزوج فعله.

ووجه بان وجوب القيام بالشرط انما كان لحق الزوجة، فاذا اسقطته جاز الاستمتاع بها مطلقا لانها زوجة.

ويؤيده ما رواه الشيخ، عن اسحاق بن عمار، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: قلت له: رجل تزوج بجارية عاتق على ان لا يفتضها ثم أذنت له بعد ذلك؟ قال: إذا اذنت له فلا بأس(٣) .

ويظهر من العلامة في المختلف عدم جواز مخالفة الشرط وان رضيت بذلك.

وربما كان وجهه أن العقد لم يتضمن سوا ذلك المشروط فلا يكون خلافه مندرجا في العدة والمسألة محل اشكال وان كان الجواز لا يخلو من رجحان.

قوله: (والعزل من دون إذنها الخ) اما جواز العزل عن المرأة المستمتع بها وان لم تأذن في ذلك فهو موضع وفاق، بل قد تقدم أن الاصح جواز العزل عن الزوجة الدائمة ايضا على كراهة.

____________________

(١) الوسائل باب ٣٦ حديث ١ من ابواب المتعة ج ١٤ ص ٤٩١.

(٢) لم نعثر إلى الآن عليه فتتبع.

(٣) الوسائل باب ١١ حديث ٣ من ابواب المتعة ج ١٤ ص ٤٥٨.

*

٢٣٨

[ويلحق به الولد وان عزل، لكن لو نفاه لم يحتج إلى اللعان.

(الرابعة) لا يقع بالمتعة طلاق اجماعا].

واما ان الولد يلحق به وان عزل، فلا ريب فيه ايضا، ولا يختص هذا الحكم بالمتعة بل يتعلق بكل وطء صحيح فليس للواطئ كذلك نفي الولد بمجرد العزل ولا التهمة، بل مع العلم بانتفائه عنه.

لكن لو نفى الولد هنا انتفى ظاهرا ولم يتوقف على اللعان بخلاف الدوام (الدائم خ).

وذكر جديقدس‌سره في المسالك ان هذا الحكم موضع وفاق، ويدل عليه صحيحة ابن سنان المتضمنة(١) لان المستمتع (المتمتع خ) بها لا يقع بها لعان، إذ مقتضى سقوط اللعان مطلقا انتفاء الولد بغير لعان، والا لا نسد باب نفيه، ولزم كونه اقوى من ولد الزوجة الدائمة، وهو معلوم البطلان.

قوله: (الرابعة لا يقع بالمتعة طلاق الخ) تضمنت هذه العبارة مسائل (الاولى) ان المتعة لا يقع بها طلاق اجماعا ويدل عليه صحيحة محمد بن اسماعيل بن بزيع عن الرضاعليه‌السلام حيث قال فيها: قلت: وتبين بغير طلاق؟ قال: نعم(٢) .

وفي حسنة اسماعيل بن الفضل: فاذا انقضى الاجل بانت منه بغير طلاق(٣) .

وكما تبين بانقضاء الاجل، كذا تبين بهبة الزوج لها المدة كما تقدم.

____________________

(١) تأتي عن قريب ان شاء الله.

(٢) الوسائل باب ٢٥ قطعة من حديث ١ من ابواب المتعة ج ١٤ ص ٤٧٩.

(٣) الوسائل باب ٤٣ قطعة حديث ٢ من ابواب المتعة ج ١٤ ص ٤٩٥ واورد تمامها في باب ٤ حديث ٨ من ابواب المتعة ج ١٤ ص ٣٤٧ والصحيح كما في الكافي عمر بن اذينة عن إسماعيل بن الفضل كما نبه ليه من ذيل باب ٣٤ في الوسائل.

*

٢٣٩

[ولا لعان على الاظهر].

(الثانية) انها لا يقع بها لعان، أما لنفي الولد، فظاهر، لانه ينتفي بغير لعان، قال جديقدس‌سره : وهو موضع وفاق.

واما مع القذف، فهو قول الاكثر ويدل عليه ما رواه الشيخ في الصحيح، عن عبدالله بن أبي يعفور، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: لا يلاعن الرجل المرأة التي يتمتع بها (منها خ)(١) .

وفي الصحيح، عن ابن سنان، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: لا يلاعن الحر الامة، ولا الذمية، ولا التي يتمتع بها(٢) .

وناقش جديقدس‌سره في المسالك في صحة هذه الرواية، بان ابن سنان مشترك بين عبدالله وهو ثقة، ومحمد وهو ضعيف، والاشتراك يمنع الوصف بالصحة.

وهو مدفوع بان ابن سنان الذي يروي عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، هو عبدالله الثقة الجليل قطعا، لان محمدا لم يرو عن الصادقعليه‌السلام اصلا(٣) ، وانما يروي عن اصحابه، وقد يروي محمد عن عبدالله وذلك معلوم من كتاب الرجال.

وقال المفيد والمرتضى: يقع اللعان بالمتعة، لانها زوجة، فتدخل في عموم: والذين يرمون أزواجهم(٤) .

وجوابه أن ما أوردناه من الاحاديث يصلح مخصصا لعموم القرآن، لكن

____________________

(١) الوسائل باب ١٠ حديث ١ من كتاب اللعان ج ١٥ ص ٦٠٥.

(٢) الوسائل باب ١٠ حديث ٢ من كتاب اللعان ج ١٥ ص ٦٠٥.

(٣) في تنقيح المقال للمتتبع المحقق الممقانيقدس‌سره ج ٣ ص ١٢٩ ما لفظه: ان له (يعني محمد بن سنان) روايتين عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، في باب تلقين المحتضر، وباب القضاء في الديات والقصاص من التهذيب، واستظهر في جامع الرواة ارسالهما قال: لبعد زمانه عن زمانهعليه‌السلام (انتهى موضع الحاجة).

(٤) النور / ٦.

*

٢٤٠