نهاية المرام الجزء ١

نهاية المرام0%

نهاية المرام مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 484

نهاية المرام

مؤلف: صاحب المدارك السيد العاملي
تصنيف:

الصفحات: 484
المشاهدات: 47772
تحميل: 3932


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 484 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 47772 / تحميل: 3932
الحجم الحجم الحجم
نهاية المرام

نهاية المرام الجزء 1

مؤلف:
العربية

قدمناها في وجوب جميع المهر، فانها تتضمن اذا مات الزوج وليس في شئ منها أنها اذا ماتت هي كان لاوليائها المهر كاملا وأنا لا أتعدي الاخبار، فاما ما عارضها من الاخبار في التسوية بين موت كل واحد منهما في وجوب نصف المهر، فمحمول على الاستحباب الذي قدمناه واما الاخبار التي تتضمن انه اذا تلف كان لاولياء‌ها نصف المهر، فمحمول على ظاهرها ولست احتاج إلى تأويلها، وهذا المذهب اسلم لتأويل الاخبار، والله الموفق (انتهى كلامهرحمه‌الله ).

وما ذكره من تنصيف المهر بموت الزوجة جيد لاستفاضة الروايات بذلك وسلامتها من العارض.

اما حمل ما تضمن بالتنصيف بموت الزوج على الاستحباب فقد تقدم الكلام فيه وانه بعيد جدا، والله تعالى أعلم بحقائق احكامه.

(الرابعة) ان المهر لا يسقط بالدخول لو لم تقبضه، بل يكون دينا عليه سواء طالت المدة ام قصرت، طالبت به ام لم تطالب وهذا قول معظم الاصحاب.

ويدل عليه قوله تعالى: وآتو النسآء صدقاتهن نحلة(١) .

وما رواه الكليني في الحسن، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، قال: قلت لابي الحسنعليه‌السلام : الرجل يتزوج المرأة على الصداق المعلوم فيدخل بها قبل ان يعطيها، قال: يقدم اليها ما قل أو كثر إلا ان يكون له وفاء من عرض ان حدث به حدث ادى عنه، فلا بأس(٢) .

وفي الموثق، عن عبدالحميد بن عواض، قال: قلت لابي عبداللهعليه‌السلام : أتزوج المرأة أيصلح لي أن أواقعها ولم انقدها من مهرها شيئا؟ قال:

____________________

(١) النساء: ٤.

(٢) الوسائل باب ٨ حديث ١ من ابواب المهور ج ١٥ ص ١٤.

*

٣٨١

نعم انما هو دين عليك(١) .

وحكى الشيخ في التهذيب عن بعض الاصحاب قولا بأن الدخول بالمرأة يهدم الصداق.

واستدل له بما رواه الكليني، عن عبيد بن زرارة، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: دخول الرجل على المرأة يهدم العاجل(٢) .

وعن محمد بن مسلم، عن أبي جعفرعليه‌السلام في الرجل يتزوج المرأة ويدخل بها ثم تدعي عليه مهرها، قال: اذا دخل عليها فقد هدم العاجل(٣) .

وفي الصحيح، عن الفضيل بن يسار عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: في رجل تزوج امرأة ودخل بها وأولدها ثم مات عنها فادعت شيئا من صداقها على ورثة الزوج (زوجها خ ل) فجاء‌ت تطلبه منهم وتطلب الميراث، قال: فقال: اما الميراث فلها ان تطلبه واما الصداق فان الذي أخذت من الزوج قبل ان يدخل بها فهو الذي حل للزوج به فرجها قليلا كان أو كثيرا اذا هي قبضته منه وقبلته ودخلت عليه ولا (فلا خ يب) شئ بعد ذلك(٤) .

وفي الصحيح، عن عبدالرحمان بن الحجاج قال: سألت ابا عبداللهعليه‌السلام عن الرجل والمرأة يهلكان جميعا فتأتي ورثة المرأة فيدعون على ورثة الرجل الصداق، فقال: وقد هلكا وقسم الميراث؟ فقلت: نعم، فقال: ليس لهم شئ (إلى ان قال)، قلت: فان طلقها فجاء‌ت تطلب صداقها؟ قال: وقد اقامت لا تطلبه حتى طلقها، قال: لا شئ لها، قلت: ومتى حد ذلك الذي اذا طلبته لم

____________________

(١) الوسائل باب ٨ حديث ١٠ من ابواب المهور ج ١٥ ص ١٦.

(٢) الوسائل باب ٨ حديث ٤ من ابواب المهور ج ١٥ ص ١٤.

(٣) الوسائل باب ٨ حديث ٦ من ابواب المهور ج ١٥ ص ١٤.

(٤) الوسائل باب ٨ حديث ١٣ من ابواب المهور ج ١٥ ص ١٧.

*

٣٨٢

يكن لها؟ قال: اذا اهديت اليه ودخلت بيته ثم طلبت بعد ذلك فلا شئ لها، انه كثير لها ان يستحلف بالله مالها قبله من صداقها قليل ولا كثير(١) .

والجواب، ان الروايتين الاولتين ضعيفتا السند، ومقتضاهما ان الدخول يهدم العاجل خاصة.

ويمكن حملهما على التقية، فان العاجل عند العامة، يقدم قبل الدخول.

واما الرواية الثالثة فمقتضاها ان الزوجة اذا قبضت من الزوج قبل الدخول شيئا وقبلت به ودخلت عليه على ان يكون هو المهر المستحق لها لم يكن لها مطالبته بعد ذلك بشئ، وربما يكون (كان خ) وجهه ان رضاها بالمقبوض على هذا الوجه في قوة إبرائه من الزائد.

واما الرواية الاخيرة فاقصى ما تدل عليه، ان الزوجة لا تسمع دعواها بعد الدخول في المهر بغير بينة، والاصحاب قائلون بذلك، وقولهعليه‌السلام فيها: (انه كثير هلا ان يستحلف بالله مالها قبله من صداقها قليل ولا كثير(٢) ) صريح في عدم الهدم والا لم يكن لتحليفه على ذلك وجه.

(الخامسة) ان المهر لا يستقر بمجرد الخلوة، وهو اشهر القولين في المسألة وأطهرهما وحكى الشيخ في المبسوط، عن بعض اصحابنا قولا بأن الخلوة كالدخول يستقر بها المسمى ويجب لها العدة.

والاصح الاول، (لنا) قولهعليه‌السلام في حسنتي الحلبي وحفص بن البختري: (اذ التقى الختانان وجب المهر والعدة)(٣) والمشروط عدم عند عدم شرطه.

وصحيحة عبدالله بن سنان، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: سأله أبي

____________________

(١) الوسائل باب ٨ حديث ٨ من ابواب المهور ج ١٥ ص ١٥.

(٢) الوسائل باب ٨ قطعة من حديث ٨ من ابواب المهور ج ١٥ ص ١٦.

(٣) راجع الوسائل باب ٥٤ حديث ٣ ٤ من ابواب المهور ج ١٥ ص ٦٥.

*

٣٨٣

[(الثاني) قيل: اذا لم يسم مهرا وقدم شيئا قبل الدخول كان ذلك مهرها ما لم يشترط غيره].

وانا حاضر على رجل تزوج امرأة فادخلت عليه فلم يمسها ولم يصل اليها حتى طلقها، هل عليها عدة منه؟ فقال: انما العدة من الماء، قيل له: فان كان واقعها في الفرج ولم ينزل؟ فقال: اذا ادخله وجب الغسل والمهر والعدة(١) .

وموثقة يونس بن يعقوب، قال: سألت ابا عبداللهعليه‌السلام عن رجل تزوج امرأة فأغلق بابا، وأرخى سترا ولمس وقبل ثم طلقها أيوجب عليه الصداق؟ قال: لا يوجب الصداق إلا الوقاع(٢) .

وفي مقابل هذه الروايات اخبار أخر دالة على استقرار المهر بالخلوة كحسنة الحلبي، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: سألته عن الرجل يطلق المرأة وقد مس كل شئ منها الا انه لم يجامعها ألها عدة، فقال: ابتلى أبوجعفرعليه‌السلام بذلك، فقال له أبوه علي بن الحسينعليهما‌السلام : اذا أغلق بابا وأرخى سترا وجب المهر والعدة(٣) .

ونقل الكليني والطوسيرضي‌الله‌عنه ما، عن ابن أبي عميررضي‌الله‌عنه أنه كان يقول: إن الاحاديث قد اختلفت في ذلك، والوجه في الجمع بينها أن على الحاكم ان يحكم بالظاهر، ويلزم الرجل المهر كله اذا أرخى الستر غير ان المرأة لا يحل لها فيما بينها وبين الله عزوجل ان تأخذ الا نصف المهر واستحسن الشيخرحمه‌الله هذا الوجه من الجمع، ولا بأس به.

قوله: (الثاني قيل: اذا لم يسم مهرا وقدم شيئا قبل الدخول كان ذلك مهرها ما لم يشترط غيره) هذا القول مشهور بين الاصحاب حتى قال ابن

____________________

(١) الوسائل باب ٥٤ حديث ١ من ابواب المهور ج ١٥ ص ٦٥.

(٢) الوسائل باب ٥٥ حديث ١ من ابواب المهور ج ١٥ ص ٦٧.

(٣) الوسائل باب ٥٥ حديث ٢ من ابواب المهور ج ١٥ ص ٦٧.

*

٣٨٤

[(الثالث) اذا طلق قبل الدخول رجع (يرجع خ ل) بالنصف ان كان اقبضها او طالبت بالنصف اذا لم يكن اقبضها].

إدريس في سرائره: ومن سمى المهر حال العقد ودخل بها كان في ذمته وان لم يكن سمى مهرا واعطاها شيئا قبل دخوله بها (عليها خ ل) ثم دخل بها بعد ذلك لم تستحق عليه شيئا سوى ما أخذته منه قبل الدخول، سواء كان ذلك قليلا أو كثيرا على ما رواه أصحابنا وأجمعوا عليه، فان دليل هذه المسألة، هو الاجماع المنعقد منهم بغير خلاف وفيه الحجة، لا وجه لذلك الا الاجماع.

واستدل الشيخ في التهذيب على هذا القول، برواية الفضيل بن يسار المتقدمة(١) في المسألة السابقة، فانه حملها على ما اذا لم يكن قد سمى مهرا معينا وساق اليها شيئا ودخل ولم تعرض فيكون ذلك مهرها.

وقد بينا أن الرواية انما تدل على أن الزوجة اذا قبضت من الزوج شيئا قبل الدخول وقبلت به ودخلت عليه على ان يكون ذلك هو المهر المستحق لها خاصة، فليس لها مطالبته بعد ذلك بشئ، لان ذلك في قوة ابرائه من الزائد.

وعلى هذا فلا دلالة لها على المطلوب.

والاجماع الذي ادعاه ابن ادريس بمجرده غير كاف في اثبات الحكم.

والمستفاد من الاخبار الصحيحة(٢) أن المفوضة تستحق بالدخول مهر المثل فما قدم اليها قبل الدخول من المهر يحسب منه ويبقى الباقي في ذمته.

قوله: (الثالث اذا طلق قبل الدخول رجع (يرجع خ ل) بالنصف الخ) قد عرفت ان الزوج اذا طلق زوجته قبل الدخول وكان قد سمى لها مهرا يرجع إليه نصف المهر فان لم يكن دفع اليها شيئا من المهر دفع اليها النصف.

____________________

(١) راجع الوسائل باب ٧ حديث ١٢ من ابواب المهور ج ١٥ ص ١٧.

(٢) راجع الوسائل باب ١٢ من ابواب المهور ج ١٥ ص ٢٤.

*

٣٨٥

[ولا يستعيد الزوج ما تجدد من النماء بين العقد والطلاق، متصلا كان كاللبن او منفصلا كالولد].

وان كان قد دفع اليها الجميع، رجع عليها بنصفه وأخذه بعينه ان وجده باقيا على ملكها، وان وجده تالفا أو منتقلا عن ملكها، فنصف مثله أو قيمته.

وان وجده معيبا رجع بنصف العين مع الارش.

ولو نقصت القيمة للسوق، فله نصف العين خاصة، وكذا لو زادت، اذ لا التفات إلى القيمة مع بقاء العين.

وليس للزوج ان يستعيد ما تجدد من النماء بين العقد والطلاق اذا كان منفصلا كالولد وثمرة الشجرة، لانه نماء ملكها بناء على ان المرأة تملك المهر بأجمعه بالعقد.

ويدل عليه موثقة عبيد الله بن زرارة، عن الصادقعليه‌السلام (١) و مقتضى رواية أبي بصير(٢) ، انه يرجع بنصف النماء أيضا، لكنها ضعيفة السند.

ولو كانت الزيادة متصلة كالسمن، وكبر الحيوان، فقد قطع المصنف وجماعة بأنه يكون للزوج نصف قيمته من دون الزيادة.

وان المرأة لا تجبر على دفع العين، لان الزيادة ليست مما فرض، فلا يكون للزوج، الرجوع فيها.

ولما رواه الشيخ عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر، عن أبيه ان علياعليه‌السلام قال في الرجل يتزوج المرأة على وصيف فيكبر عندها ويريد أن يطلقها قبل ان يدخل بها؟ قال: عليها (عليه خ ل يب) نصف قيمته يوم دفعه اليها

____________________

(١) الوسائل باب ٣٤ حديث ١ من ابواب المهور ج ١٥ ص ٤٣.

(٢) يمكن أن يكون نظر الشارحقدس‌سره إلى ما رواه في الوسائل باب ٣٠ حديث ١ من ابواب المهور ج ١٥ ص ٤١.

*

٣٨٦

[ولو كان النماء موجودا وقت (حال خ ل) العقد رجع بنصفه كالحمل].

لا ينظر في زيادة ولا نقصان(١) ، كذا في التهذيب.

ولعل المراد بقوله: (عليه نصف قيمته) انه يتعلق بالوصيف نصف القيمة لمولاه، اذ لا وجه لالزام المولى بدفع نصف قيمة الوصيف إلى المرأة، ولو كان بدل (عليه) (عليها) او (له) كان اوضح ولو ارادت المرأة دفع نصف العين اجبر الزوج على القبول، لان حقه في العين، وانما منع من ذلك تعلق حق المرأة، الذي لا يمكن فصله بها، فاذا سمحت ببذله زال المانع.

وقال الشيخ في المبسوط بعد ان قوى تخيرها بين دفع نصف العين ونصف قيمتها من دون الزيادة: ويقوى في نفسي أن له الرجوع بنصفه من الزيادة التي لا تتميز، لقوله تعالى: فنصف ما فرضتم(٢) .

وأورد عليه ان الزيادة ليست مما فرض فلا تدخل في مدلول الآية.

ويمكن دفعه بان العين مع الزيادة التي لا تتميز يصدق عليها عرفا انها المهر المفروض فتتناوله الآية الشريفة، وبالجملة فما قوى في نفس الشيخرحمه‌الله لا يخلو من قوة.

قوله: (ولو كان النماء موجودا وقت (حال خ ل) العقد رجع بنصفه كالحمل) لا ريب في رجوعه بنصفه على هذا التقدير، لانه من جملة الصداق، فيتناوله قوله تعالى: فنصف ما فرضتم، وقول الصادقعليه‌السلام في موثقة عبيد بن زرارة: (ان كان ساق اليها ما ساق) وقد حملت عنده فله نصفها ونصف ولدها،

____________________

(١) الوسائل باب ٣٤ حديث ٢ من ابواب المهور ج ١٥ ص ٤٤.

(٢) البقرة: ٢٣٧.

*

٣٨٧

[ولو كان تعليم صنعة او علم، فعلمها رجع بنصف اجرته. ولو أبرأته من الصداق رجع بنصفه].

وان حملته (حملت خ ل) عندها فلا شئ له من الاولاد(١) .

قوله: (ولو كان تعليم صنعة أو علم فعلمها رجع بنصف اجرته) أي ولو كان المهر تعليم صنعة أو علم فعلمها ذلك ثم طلقها قبل الدخول رجع عليها بنصف اجرة التعليم لتعذر رجوعه بعين ما فرض، فيكون المهر بمنزلة التالف في يدها، فيرجع عليها بنصف اجرته المثلية.

ولو كان الطلاق قبل التعليم فالاصح انه يعلمها نصف السورة ان امكن ويكون لها نصف اجرة تعليم الصنعة لتعذر تعليم نصفها، اذ ليس للنصف حد يوقف عليه فينزل ذلك منزلة مالو تلف الصداق في يده فترجع عليه بنصف الاجرة.

ولو لم يمكن تعليم نصف السورة لاستلزامه الخلوة المحرمة أو نحو ذلك رجعت عليه بنصف الاجرة كالصنعة، لتعذر الرجوع إلى نصف المفروض بمانع شرعي فكان كالمانع العقلي.

قوله: (ولو ابرأته من الصداق رجع بنصفه) المراد أن المرأة اذا أبرأت الزوج من الصداق ثم طلقها قبل الدخول رجع عليها بنصفه. وذلك لان الزوجة قد تصرفت في المهر قبل الطلاق تصرفا ناقلا له عن ملكها بوجه لازم، فيلزمها عوض النصف كما لو أوهبته لغيره أو أتلفته. وفي معنى الابراء هبته له اذا كان عينا او تعين بالقبض. وهذا الحكم مقطوع به في كلام الاصحاب. ويدل عليه مضافا إلى ما ذكرناه ما رواه الشيخ في الصحيح عن شهاب

____________________

(١) راجع الوسائل باب ٣٤ حديث ١ من ابواب المهور ج ١٥ ص ٤٣ نقلا بالعمنى فراجع الوسائل والكافي والتهذيب.

*

٣٨٨

[(الرابع) لو أمهرها مدبرة ثم طلق صارت بينهما نصفين].

بن عبد ربه، قال: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام عن رجل تزوج امرأة على ألف درهم فبعث بها اليها فردتها عليه (ووهبتها له كا يب) وقالت: أنا فيك أرغب مني في هذه الالف هي لك فقبلها (تقبلها خ ل) منها ثم طلقها قبل ان يدخل بها، قال: لا شئ لها وترد عليه خمسمائة درهم(١) .

وفي الموثق، عن محمد بن مسلم، قال: سألت ابا عبداللهعليه‌السلام عن رجل تزوج امرأة فأمهرها ألف درهم ودفعها اليها فوهبت له خمسمائة درهم وردتها عليه (ثم خ ل) فطلقها قبل أن يدخل بها، قال: ترد عليه الخمسمائة الباقية، لانها نما كانت لها خمسمائة درهم فوهبتها له، وهبتها له اياها ولغيره سواء(٢) .

ونحوه روى الشيخ في الموثق، عن سماعة ايضا(٣) .

وحكى العلامة في القواعد وقبله الشيخ في المبسوط وجهابعدم الرجوع، وهو قول لبعض العامة، لانها لم تأخذ منه مالا ولا نقلت اليه الصداق ولا اتلفته عليه فلا تضمن. وضعفه ظاهر فان المهر كان مستحقا لها في ذمة الزوج، فلما أبرأته منه انتقل عن ملكها اليه فيتحقق النقل.

او يقال: إنها بإسقاط المهر من ذمته بعد ان كان ثابتا فيها قد اتلفته، اذ لا شبهة في انه كان ملكها ثم خرج عنه فتغرم له البدل.

قوله: (الرابع لو أمهرها مدبرة ثم طلق صارت بينهما نصفين الخ) اذا دبر مملوكا، ذكرا كان او انثى، جاز لمن دبره ان يجعله مهرا لزوجته كما يجوز له

____________________

(١) الوسائل باب ٤١ حديث ١ من ابواب المهور ج ١٥ ص ٥٠.

(٢) الوسائل باب ٣٥ حديث ١ من ابواب المهور ج ١٥ ص ٤٤.

(٣) راجع الوسائل باب ٤١ حديث ٢ من ابواب المهور ج ١٥ ص ٥٠ وباب ٣٠ حديث ١ من ابواب المتعة ج ١٤ ص ٤٨٣.

*

٣٨٩

[وقيل يبطل التدبير بجعلها مهرا وهو اشبه].

التصرف فيه بغير ذلك لان التدبير يجوز للمولى، الرجوع فيه متى شاء كالوصية، بل الظاهر انه وصية بالعتق كما سيجئ بيانه. ولو طلقها قبل الدخول صار ذلك المدبر بينهما نصفين لتنصف المهر مطلقا بالطلاق، ولا خلاف في ذلك كله. وإنما الخلاف في بطلان التدبير بجعله مهرا، فذهب الاكثر ومنهم ابن إدريس والمصنف إلى انه يبطل، وهو الاظهر.

قال ابن إدريس: الذي يقتضيه اصول المذهب أن العقد على هذه المدبرة صحيح وتخرج عن كونها مدبرة وتستحقها المرأة، لان التدبير وصية، ولو أوصى ببعض أملاكه ثم أخرجه عن ملكه قبل موته بطلت وصيته، والمدبرة ههنا قد اخرجها بجعلها مهرا.

وقال الشيخ في النهاية: اذا عقد لها على جارية له مدبرة ورضيت المرأة به ثم طلقها قبل الدخول بها، كان لها يوم من خدمتها وله يوم، فاذا مات المدبر صارت حرة ولم يكن لها عليها سبيل.

واستدل بما رواه عن المعلى بن خنيس، قال: سئل ابوعبداللهعليه‌السلام وأنا حاضر عن رجل تزوج امرأة على جارية له مدبرة قد عرفتها المرأة وتقدمت على ذلك و (ثم خ) طلقها قبل ان يدخل بها؟ قال: فقال: أرى للمرأة نصف خدمة المدبرة، يكون للمرأة (المدبرة خ ل) يوم في (من خ ل) الخدمة، ويكون لسيدها الذي كان دبرها يوم في الخدمة، قيل: فان ماتت المدبرة قبل المرأة والسيد، لمن يكون الميراث؟ قال: يكون نصف ما تركت للمرأة والنصف الآخر لسيدها الذي دبرها(١) وهذه الرواية ضعيفة جدا باشتمال سندها على عدة من الضعفاء(٢) .

____________________

(١) الوسائل باب ٢٣ حديث ١ من ابواب المهور ج ١٥ ص ٣٤.

(٢) سندها كما في التهذيب هكذا: الحسن بن محبوب، عن أبي جميلة، عن معلى بن خنيس اورده في

٣٩٠

(الخامس) لو أعطاها عوض المهر متاعا او عبدا آبقا او شيئا غيره ثم طلق

رجع بنصف المسمى دون العوض ومع ذلك فهي غير صريحة في المطلوب وان كانت دالة بظاهرها على ذلك.

واعلم أن تعبير المصنف بالمدبرة تبع فيه الرواية، والا فلا فرق بين المدبرة والمدبر.

وكان الاولى التصريح في القول الاول بعدم بطلان التدبير بذلك كما فعل في الشرائع(١) ليحسن مقابلته بالقول بالبطلان.

قوله: (الخامس لو اعطاها عوض المهر متاعا أو عبدا آبقا الخ) الوجه في ذلك ان الزوج انما يستحق بالطلاق نصف المفروض لا غيره وعوض المسمى خلافه فلم يكن له الرجوع به.

ويدل على ذلك صريحا ما رواه الكليني في الصحيح عن الفضيل، قال: سألت ابا عبداللهعليه‌السلام عن رجل تزوج امرأة بألف درهم فاعطاها عبدا له آبقا، وبردا حبرة بألف درهم التي اصدقها؟ قال: إذا رضيت بالعبد وكانت قد عرفته فلا بأس اذا هي قبضت الثوب ورضيت بالعبد، قلت: فان طلقها قبل ان يدخل بها؟ قال: لا مهر لها وترد عليه خمسمائة درهم ويكون العبد لها(٢) .

ولا يخفى ان المهر ينتقل إلى الزوج بدفع عوضه إلى الزوجة فيكون له الرجوع بنصف المثل او قيمته لا بنصف المسمى كما لو وجده قد انتقل عنها إلى غيره.

____________________

= التهذيب باب المهور والاجور الخ حديث ٤٩ ولا يخفى عدم اشتمالها إلا على أبي جميلة المجهول واما الحسن بن محبوب فهو من اصحاب الاجماع واما المعلى فقد وثقه جمع وضعفه آخرون فراجع تنقيح المقال ج ٣ ص ٢٣٠ للمحقق المامقاني (ره).

(١) في الشرائع: السادسة اذا امهرها مدبرة (إلى ان قال): وقيل يبطل التدبير بجعلها مهرا كما لو كانت موصى بها وهو اشبه (انتهى)

(٢) الوسائل باب ٢٤ حديث ١ من ابواب المهور ج ١٥ ص ٣٥.

٣٩١

[(السادس) اذا شرط في العقد ما يخالف المشروع فسد الشرط دون العقد والمهر

كما لو شرطت أن لا يتزوج أو لا يتسرى، وكذا لو شرطت تسليم المهر في أجل، فان تأخر عنه فلا عقد].

ولا فرق في ذلك بين انتقاله بعوض يساوي قيمته او ينقص أو يزيد، لاشتراك الجميع في المقتضي.

قوله: (والسادس اذا شرط في العقد ما يخالف المشروع فسد الشرط الخ) لا إشكال في فساد الشرط المخالف للمشروع، وانما الكلام في صحة العقد بدون الشرط، فقال جديقدس‌سره في المسالك: ان ظاهر الاصحاب هنا الاتفاق على صحة العقد، لانهم لم ينقلوا فيه خلافا.

وهو غير جيد فانه العلامةرحمه‌الله حكى في المختلف عن الشيخ في المبسوط انه قال: ان كان الشرط يعود بفساد العقد، مثل ان تشترط الزوجة عليه ان لا يطأها فان النكاح باطل، لانه شرط يمنع المقصود بالعقد.

ثم قال في المختلف: والوجه عندي ما قاله الشيخ في المبسوط من بطلان العقد والشرط معا، اما الشرط فلانه مناف لمقتضى العقد، واما العقد فلعدم الرضا به بدون الشرط.

وما ذكرهرحمه‌الله متجه كما في غير النكاح من العقود المتضمنة للشروط الفاسدة.

لكن ورد في هذا الباب روايات تتضمن صحة النكاح المشتمل على بعض الشروط الفاسدة كصحيحة محمد بن قيس، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: قضى عليعليه‌السلام في رجل تزوج امرأة وأصدقها واشترطت أن بيدها الجماع والطلاق، قال: خالفت السنة فوليت الحق من ليس بأهله، قال: فقضى أن على الرجل، النفقة وبيده الجماع والطلاق وذلك السنة(١) .

____________________

(١) الوسائل باب ٢٩ حديث ١ من ابواب المهور ج ١٥ ص ٤١.

*

٣٩٢

وروى محمد بن قيس أيضا في الصحيح، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: (قضى عليعليه‌السلام )(١) في رجل تزوج المرأة إلى اجل مسمى، فان جاء بصداقها إلى اجل مسمى، فهي امرأته وان لم يجئ بالصداق فليس له عليها سبيل شرطوا بينهم حيث أنكحوا فقضى أن بيد الرجل بضع امرأته وأحبط شرطهم(٢) .

وطعن جديقدس‌سره في المسالك في الروايتين بضعف السند، وكأنه باشتراك محمد بن قيس بين الثقة والضعيف.

وهو مدفوع بأن المستفاد من كتب الرجال أن محمد بن قيس هذا هو البجلي الثقة بقرينة رواية عاصم بن حميد عنه.

لكن مرجع الروايتين إلى رواية واحدة، وهو خير محمد بن قيس، وفي صلاحيته بمجرده، لاثبات الحكم نظر.

ولو ثبت العمل به لوجب قصر الحكم بالصحة على مورد الرواية، والحكم في غيره بالبطلان لما ذكر من الدليل.

وفي المسألة وجه بصحة العقد دون المهر، لان الشرط كالجزء من احد العوضين، وبفساده يفوت بعض العوض او المعوض وقيمته مجهولة فيجهل الصداق ويثبت مهر المثل الا ان يزيد المسمى عنه والشرط لها، او ينقص والشرط عليها فيجب المسمى، لانه في الاول رضى ببذله مع الزام حق، فمع انتفاء اللزوم وكون الرضا به أولى، وفي الثاني قد رضيت به مع ترك حق لها فبدونه أولى.

وهذا الاحتمال لا يخلو من ضعف، لانه ان اعتبر عدم حصول الرضا بالعقد بدون الشرط اتجه الحكم بفساد العقد وان عول على الرواية وجب المصير إلى القول

____________________

(١) ليس لفظة (علي) في الفقيه.

(٢) الوسائل باب ١٠ حديث ٢ من ابواب المهور ج ١٥ ص ٢٠.

وفي الكافي: وذلك شرطهم بينهم حيث انكحوا فقض للرجل ان بيده بضع إلى آخره.

*

٣٩٣

[اما لو شرطت ان لا يفتضها صح].

بالصحة في موردها، والله أعلم.

قوله: (اما لو شرطت ان لا يفتضها صح الخ) القول باختصاص لزوم الشرط بالنكاح المنقطع وبطلان العقد لو كان دائما، للشيخ في المبسوط وجماعة منهم العلامة في المختلف وولده في الشرح، وهو المعتمد.

(اما الجواز) في المتعة، فلما رواه الشيخ في الحسن عن عمار بن مروان، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: قلت له: رجل جاء إلى امرأة فسألها ان تزوجه نفسها متعة فقالت أزوجك نفسي على ان تلتمس مني ما شئت من نظر والتماس وتنال مني ما ينال الرجل من أهله الا أنك (انه خ ل) لا تدخل فرجك في فرجي وتتلذذ بما شئت فاني اخاف الفضيحة، قال: (لا بأس يب) ليس له إلا ما اشترط(١) .

دلت الرواية على جواز اشتراط عدم الوطء، واذا جاز ذلك، جاز اشتراط عدم الافتضاض بطريق أولى.

ويعضده عموم قولهعليه‌السلام : المؤمنون عند شروطهم(٢) ، وان المقصود الاصلي من التمتع، التلذذ وكسر الشهوة دون التولد والتناسل المقصود من الدائم، وذلك لا يستدعي الوطء.

(واما البطلان) في الدائم، فلمنافاة هذا الشرط لمقتضى العقد، اذ من أهم مقتضياته حصول التناسل، وهو يستدعي الوطئ، واذا فسد الشرط فسد العقد لعدم الرضا به بدون الشرط.

ومما قررناه يظهر أن ما ذكره المصنف في الشرائع من نسبة هذا القول إلى

____________________

(١) الوسائل باب ٣٦ حديث ١ من أبواب المتعة ج ١٤ ص ٤٩١.

(٢) الوسائل باب ٢٠ حديث ٥ من ابواب المهور ج ١٥ ص ٣٠.

*

٣٩٤

[ولو أذنت بعده جاز، ومنهم من خص جواز الشرط بالمتعة].

التحكم، غير جيد.

والقول بلزوم الشرط وصحة العقد في الدائم والمنقطع، للشيخ وجماعة منهم المصنفرحمه‌الله .

واستدلوا عليه بما رواه الشيخ، عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: قلت له: رجل تزوج بجارية عاتق على أن لا يفتضها (يقتضها خ) ثم أذنت له بعد ذلك، قال: اذا اذنت له فلا بأس(١) .

والعاتق الجارية أول ما ادركت، قاله في القاموس.

وعن سماعة، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: قلت له: رجل جاء إلى امرأة فسألها ان تزوجه نفسها، فقال: أزوجك نفسي على ان تلتمس مني ما شئت من نظر والتماس وتنال مني ما ينال الرجل من أهله الا انك لا تدخل فرجك في فرجي وتتلذذ بما شئت فاني اخاف الفضيحة، فقال: ليس له منها الا ما اشترط(٢) .

وهاتان الروايتان مع ضعف سندهما وان كان موردهما مطلق التزويج الا أن الظاهر منه إرادة المتعة، فإنه الذي يحصل معه خوف الفضيحة المقتضية لاشتراط هذا الشرط غالبا.

اذا عرفت ذلك فاعلم انها اذا اشترطت عدم الافتضاض حيث يصح الشرط لزم ولم يجز له فعله، فاذا اذنت بعد ذلك، ففي جوازه قولان (احدهما) الجواز، وبه قطع المصنفرحمه‌الله ، لان المنع حق لها فيزول بإذنها، اذ الزوجية متحققة ولرواية اسحاق بن عمار المتقدمة.

والثاني، العدم، لان الفروج لا تحل بالاذن بل بالعقد، ولما لم يكن العقد.

____________________

(١) الوسائل باب ٣٦ حديث ٢ من ابواب المهور ج ١٥ ص ٤٥.

(٢) الوسائل باب ٣٦ حديث ١ من ابواب المهور ج ١٥ ص ٤٥.

*

٣٩٥

[(السابع) لو شرط ان لا يخرجها من بلدها لزم]

مثمرا للحل لم يكن للاذن اعتبار.

وجوابه ان السبب في الحل، للعقد المتقدم لا مجرد الاذن، غاية الامر أن الشرط كان مانعا من عمل السبب عمله وبالاذن يرتفع المانع.

والمسألة محل تردد وان كان القول بالجواز لا يخلو من قرب.

قوله: (السابع لو شرط ان لا يخرجها من بلدها لزم) ما اختاره المصنف من هذا الشرط اشهر القولين في المسألة.

فذهب اليه الشيخ في النهاية، وابن البراج، وابن حمزة، والعلامة في المختلف والارشاد، والشهيد في اللمعة والشرح، لانه شرط لا يخالف المشروع، لان خصوصيات البلدان امر مطلوب للعقلاء بواسطة الاهل والانس والنشو وغيرها فجاز شرطه توصلا إلى الغرض الصحيح.

ويدل عليه صريحا ما رواه الشيخ في الصحيح عن أبي العباس، عن أبي عبداللهعليه‌السلام في الرجل يتزوج امرأة ويشرط لها ألا يخرجها من بلدها، قال: يفي لها بذلك أو قال: يلزمه ذلك(١) .

وصرح ابن ادريس ببطلان الشرط مع صحة العقد وتبعه جماعة من المتأخرين وهو ظاهر اختيار الشيخ في المبسوط والخلاف، لان الاستمتاع بالزوجة في جميع الازمنة والامكنة حق للزوج بأصل الشرع، فاذا شرط ما يخالفه وجب ان يكون باطلا.

واجابوا عن الرواية بالحمل على الاستحباب.

ويتوجه على هذا الاستدلال (أولا) منع كون الاستمتاع بالزوجة في جميع الامكنة حقا للزوج مطلقا، فان ذلك انما هومع دم الشرط، اما معه فلا، فانه عين المتنازع.

____________________

(١) الوسائل باب ٤٠ من أبواب المهر حديث ١ ج ١٥ ص ٤٩.

*

٣٩٦

[ولو شرط لها مائة إن خرجت معه وخمسين ان لم تخرج، فان أخرجها إلى بلد الشرك فلا شرط له ولزمته المائة، وان أرادها إلى بلاد الاسلام فله الشرط].

(وثانيا) ان اشتراط ما يخالف الثابت بأصل الشرع لو كان باطلا للزم بطلان جميع الشروط التي لا تكون من مقتضيات العقد كتأجيل المهر واسقاط الخيار في البيع، وانتفاع البائع بالمبيع، والمشتري بالثمن مدة معينة، وهو معلوم البطلان.

والحق أن الشرط انما يبطل إذا كان مخالفا للكتاب او السنة، اما بدون ذلك فيجب الحكم بلزومه عملا بالعموم.

وحيث ثبت جواز اشتراط هذا الشرط، فهل يتعدى الجواز إلى اشتراط ان لا يخرجها من محلتها أو من منزلها؟ وجهان (اجودهما) ذلك عملا بالعموم، وبه قطع الشهيد في اللمعة.

وهل يسقط هذا الشرط بإسقاطه بعد العقد؟ قيل: لا، لان الذي يعقل سقوطه هو الحق الثابت واستحقاق السكنى يتجدد بتجدد الزمان فلا يسقط بالاسقاط كالنفقة.

ويحتمل السقوط كما في اسقاط الخيار وهبة المدة للمستمتع بها، والمسألة محل توقف.

قوله: (ولو شرط لها (مائة) ان خرجت معه وخمسين ان لم تخرج الخ) الاصل في هذه المسألة ما رواه الكليني في الحسن عن علي بن رئاب، عن أبي الحسنعليه‌السلام ، قال: سئل وانا حاضر، عن رجل تزوج امرأة على مائة دينار على ان تخرج معه إلى بلاده، فان لم تخرج معه فمهرها (فان خ ئل) خمسون دينارا، ان أبت ان تخرج معه إلى بلاده؟ قال: فقال: ان اراد ان يخرج بها إلى بلاد الشرك فلا

٣٩٧

شرط له عليها في ذلك، ولها مائة دينار التي اصدقها اياها، وان اراد ان يخرج بها إلى بلاد المسلمين ودار الاسلام فله ما اشترط عليها، والمسلمون عند شروطهم وليس له ان يخرج بها إلى بلاده حتى يؤدي اليها صداقها او ترضى منه من ذلك بما رضيت وهو جائز له(١) .

والظاهر أن المراد بقوله: (ان اراد ان يخرج بها إلى بلاد الشرك) أن بلاده كانت بلاد الشرك ولا يجب عليها اتباعه في ذلك لما في الاقامة في بلاد الشرك من الضرر في الدين.

وبقوله: (وان اراد ان يخرج بها إلى بلاد المسلمين) ان بلاده كانت بلاد الاسلام وطلبها إلى بلاده لا إلى مطلق بلاد الاسلام بقرينة قوله: (فله ما اشترط عليها) لانه لم يشترط عليها الا الخروج إلى بلاده لا إلى مطلق بلاد الاسلام.

وفي هذه الرواية مخالفة لاصول المذهب من وجوه: (احدها) ان الصداق غير معين، فإنه خمسون على تقدير، ومائة على تقدير آخر.

(وثانيها) وجوب المائة دينار على تقدير ارادة الخروج بها إلى بلاد الشرك، وانه لا شرط له عليه، وذلك خلاف الشرط، لان استحقاقها للمائة انما هو على تقدير الخروج بها لى بلاده على ما عين في العقد.

(وثالثها) الحكم بعدم جواز اخراجها إلى بلاده مع كونها دار الاسلام الا بعد ان يعطيها مهرها الشامل لما لو كان ذلك قبل الدخول وبعده، مع أنها بعد الدخول لا يجوز لها الامتناع عند اكثر الاصحاب.

والحق انه ان بلغت الرواية من حيث السند حدا يجب معه العمل بها، وجب المصير إلى ما تضمنته من الاحكام، اذ ليس فيها ما يخالف دليلا قطعيا، والا

____________________

(١) الوسائل باب ٤٠ حديث ٢ من ابواب المهور ج ١٥ ص ٤٩.

*

٣٩٨

[(الثامن) لو اختلفا في أصل المهر، فالقول قول الزوج مع يمينه (بيمينه خ ل) ولو كان بعد الدخول].

وجب ردها والرجوع إلى مقتضى الاصول المقررة، وهو بطلان المسمى ان قدح فيه مثل هذه الجهالة، والرجوع إلى مهر المثل او بطلان العقد من رأس، لعدم الرضا به بدون الشرط.

قوله: (الثامن لو اختلفا في أصل المهر فالقول قول الزوج الخ) اذا اختلف الزوج والزوجة في أصل المهر بأن ادعته المرأة وأنكر الزوج، فان كان قبل الدخول فالقول قول الزوج بيمينه، لانه منكر لما تدعيه المرأة، والعقد بمجرده لا يقتضي اشتغال ذمة الزوج بالصداق، لاحتمال تجرده عن ذكر المهر او تسميته ما لم يثبت في ذمة الزوج.

وان كان بعد الدخول فقد اطلق المصنف والاكثر أن القول قول الزوج أيضا.

وهو جيد ان ثبت انتفاء التفويض إما باتفاقهما على ذلك او بالبينة او ما في معناها، لجواز ان يكون المهر المسمى دينا في ذمة المرأة او عينا في يدها فلا يكون العقد المشتمل على التسمية بمجرده مقتضيا لاشتغاله ذمة الزوج بشئ من المهر.

ولو اعترف بكون المهر شيئا يسيرا وادعت تسمية ما زاد عليه كان القول قوله في نفي الزائد (مازاد خ ل) من غير اشكال، وترجع المسألة إلى الاختلاف في القدر.

ويدل على ان القول قول الزوج في نفي الزائد مضافا إلى ما ذكرناه ما رواه الشيخ في الصحيح، عن أبي عبيدة، عن أبي جعفرعليه‌السلام في رجل تزوج امرأة ولم يدخل بها فادعت ان صداقها مائة دينار، وذكر الرجل (الزوج ئل) انه اقل مما قالت وليس لها بينة على ذلك؟ قال: القول قول الزوج مع يمينه(١) .

____________________

(١) الوسائل باب ١٨ حديث ١ من ابواب المهور ج ١٥ ص ٢٨ وفيه: وذكر الزوج ان صداقها خمسون دينارا.

*

٣٩٩

[وكذا لو خلا فادعت المواقعة].

هذا كله مع انتفاء التفويض، اما مع احتماله واطلاق الدعوى بالمهر فيمكن القول بثبوت مهر المثل بعد الدخول لاصالة عدم التسمية فيحكم بكونها مفوضة ويجب لها بالدخول مهر المثل.

لكن هذه الاصالة معارضة بأصالة براء‌ة الذمة من ثبوت مهر المثل الامع تيقن السبب المقتضي له، وهو الوطء بعقد غير مشتمل على التسمية.

ولا يبعد ترجيح التمسك بأصالة البراء‌ة، فانه أقوى من التمسك باستصحاب عدم التسمية، فيكون القول قول الزوج مع احتمال التفويض أيضا.

ولو اتفقا على التفويض ترتب عليه حكمه، من ثبوت مهر المثل مع الدخول والمتعة مع الطلاق من غير اشكال.

ولو ادعى احد الزوجين التفويض، والآخر التسمية، فالاظهر ان القول قول مدعي التفويض لاصالة عدم التسمية، لكن ليس للمرأة، المطالبة بزيادة على ما تدعيه من مهر المثل او التسمية.

ولو ثبت تسمية قدر معين إما بإقراه او بالبينة او الشياع او ما في معناه مما يفيد العلم ثم ادعى تسليمه ولا بينة، فالقول قول الزوجة مع يمينها، لانه يدعي التسليم وهي منكرة فيقدم قولها فيه.

وفي المسألة اقوال منتشرة وذكرها مع ما يتوجه عليها من الكلام لا يحتمله هذا التعليق، والملخص ما حررناه، والله تعالى أعلم بحقائق احكامه.

قوله: (وكذا لو خلا فادعت المواقعة) أي يكون القول قول الزوج في عدم المواقعة، لانه منكر لما تدعيه المرأة.

وقيل: ان القول قول المرأة عملا بظاهر حال الصحيح في خلوته بالحليلة، وعليه ننزل الاخبار الدالة على استقرار المهر بالخلوة التامة وقد تقدم الكلام في ذلك.

٤٠٠