نهاية المرام الجزء ١

نهاية المرام0%

نهاية المرام مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 484

نهاية المرام

مؤلف: صاحب المدارك السيد العاملي
تصنيف:

الصفحات: 484
المشاهدات: 47766
تحميل: 3932


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 484 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 47766 / تحميل: 3932
الحجم الحجم الحجم
نهاية المرام

نهاية المرام الجزء 1

مؤلف:
العربية

وفي الحسن: عن هشام بن سالم، وحماد بن عثمان، وحفص بن البختري كلهم عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: لا بأس بان ينظر إلى وجهها ومعاصمها اذا اراد أن يتزوجها(١) . ويستفاد من هذه الرواية جواز النظر إلى المعاصم ايضا. والمعصم كمنبر موضع السوار من اليد قاله في القاموس.

واما الرواية التي وردت بجواز النظر إلى شعرها ومحاسنها، فرواها الكليني عن عدة من اصحابه عن احمد بن محمد بن خالد، عن ابيه، عن رجل عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: قلت له: أينظر الرجل يريد تزويجها ينظر إلى شعرها ومحاسنها؟ قال: لا بأس بذلك اذا لم يكن متلذذا(٢) .

وهذه الرواية ضعيفة بالارسال، لكنها موافقة لمقتضى الاصل، ومؤيدة بالروايتين المتقدمتين، فيتجه العمل بها. ويعضدها ايضا اطلاق صحيحة الحسن بن السرى عن أبي عبداللهعليه‌السلام انه سأله عن الرجل ينظر إلى المرأة قبل ان يتزوجها؟ قال: نعم، فلم يعطي ماله؟(٣) .

ويدل على جواز النظر إلى الشعر صريحا ما رواه ابن بابويه (في الصحيح)

____________________

(١) الكافي، ج ٥ باب النظر لمن اراد التزويج، ص ٣٦٥ الحديث ٢ وفي الوسائل ج ١٤ الباب ٣٦ من ابواب مقدماته وادابه، ص ٥٩ الحديث ٢.

(٢) الكافي، ج ٥، باب النظر لمن اراد التزويج، ص ٣٦٥ الحديث ٥ وفيه بعد كلمة (عن ابيه) (عن عبدالله بن الفضل عن ابيه) وفي الوسائل، ج ١٤، الباب ٣٦ من ابواب مقدمات النكاح وادابه، ص ٥٩ الحديث ٥.

(٣) الكافي، ج ٥، باب النظر لمن اراد التزويج ص ٣٦٥ الحديث ٤ وفي الوسائل ج ١٤ الباب ٣٦ من ابواب مقدمات النكاح وادابه ص ٥٩ الحديث ٤.

٤١

[وكذا إلى امة يريد شرائها].

عن عبدالله بن سنان، انه سأل ابا عبداللهعليه‌السلام عن الرجل يريد ان يتزوج المرأة أينظر إلى شعرها؟ قال: نعم، انما يريد ان يشتريها بأغلى الثمن(١) .

ويشترط في جواز النظر اليها، العلم بصلاحيتها للتزويج، بخلوها عن البعل، والعدة، والتحريم، واحتمال اجابتها، وان لا يكون لريبة، والمراد بها خوف الوقوع بها في محرم.

قيل: ولا لتلذذ وشرط بعضهم ايضا أن يستفيد بالنظر فائدة، فلو كان عالما بحالها قبله، لم يصح، والنص مطلق، وان كان في التعليل اشعار بهذا القيد.

وان يكون الباعث على النظر ارادة التزويج دون العكس، والمستفاد من النصوص، الاكتفاء بقصد التزويج قبل النظر كيف كان.

قوله: (وكذا إلى امة يريد شرائها) أي يجوز النظر إلى وجهها وكفيها، وجزم المصنف في الشرائع: بجواز النظر إلى شعرها ومحاسنها ايضا، وهو حسن.

ولا يشترط فيه اذن المولى صريحا، بل يكفي عرضها على البيع، لان ذلك قرينة الاذن.

وصرح في التذكرة: بجواز النظر إلى باقي جسدها عدا العورة، لدعاء الحاجة إلى النظر إلى ذلك لئلا يكون بها عيب، فيحتاج إلى الاطلاع عليه.

وقيده في الدروس: بتحليل المولى، وهو اولى، حيث لا يعلم المشتري رضا المولى بذلك، ومع التحليل يجوز النظر إلى جميع جسدها حتى العورة. ويجوز للمشتري لمس ما تدعو الحاجة اليه.

وفي رواية أبي بصير قال: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام عن الرجل يعرض

____________________

(١) الفقيه، ج ٣(١٢٤) باب ما احل الله عزوجل من النكاح وما حرم منه، ص ٢٦٠ الحديث ٢٤ وفي الوسائل ج ١٤ الباب ٣٦ من ابواب مقدماته وآدابه ص ٦٠ الحديث ٧.

٤٢

[والى اهل الذمة لانهن بمنزلة الاماء ما لم يكن لتلذذ].

(يعترض خ ل) الامة ليشتريها؟ قال: لا بأس بان ينظر إلى محاسنها ويمسها ما لم ينظر إلى ما لا ينبغي النظر اليه(١) .

قوله: (والى اهل الذمة لانهن بمنزلة الاماء ما لم يكن لتلذذ) ما اختاره المصنف من جواز النظر إلى اهل الذمة من غير تلذذ، بذلك، اشهر القولين في المسألة، ذهب اليه المفيد في المقنعة، والشيخ في النهاية واتباعهما.

ويدل عليه ما رواه الكليني عن السكوني عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا حرمة لنساء أهل الذمة ان ينظر إلى شعورهن وايديهن(٢) .

وما رواه ابن بابويه (في الصحيح) عن الحسن بن محبوب، عن عباد بن صهيب قال: سمعت ابا عبداللهعليه‌السلام يقول: لا بأس بالنظر إلى نساء اهل تهامة، والاعراب، واهل البوادي من اهل الذمة، والعلوج لانهن لا ينتهين اذا نهين(٣) .

ومنع ابن ادريس من النظر إلى نساء اهل الذمة تمسكا بقوله تعالى: (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم)(٤) واستقر به العلامة في المختلف، وهو أحوط، وان كان القول بالجواز متجها لمطابقته لمقتضى الاصل السالم من المعارض صريحا، فان الاية الشريفة غير صريحة في العموم، بل ربما اشعر لفظة (من) التبعيضية بخلافه.

____________________

(١) الوسائل، ج ١٤ الباب ٢٠ من ابواب بيع الحيوان، ص ٤٧ الحديث ١.

(٢) الكافي، ج ٥، باب النظر إلى نساء اهل الذمة، ص ٥٢٤ الحديث ١ وفي الوسائل ج ١٤ الباب ١١٢ من ابواب مقدمات النكاح وادابه، ص ١٤٩، الحديث ١.

(٣) من لا يحضره الفقيه، ج ٣(١٤٤) باب النوادر، ص ٣٠٠ الحديث ٢١ وفي الوسائل ج ١٤ الباب ١١٣ من ابواب مقدمات النكاح وادابه، ص ١٤٩ نحو الحديث ١.

(٤) سورة النور / ٣٠.

٤٣

[وينظر إلى جسد زوجته باطنا وظاهرا].

هذا كله مع عدم التلذذ بالنظر وعدم الريبة، والاحرم اجماعا.

وقول المصنف: (لانهن بمنزلة الاماء) يريد به إماء غيرة.

والوجه في ذلك: ما رواه زرارة (في الحسن) عن أبي جعفرعليه‌السلام انه قال: ان اهل الكتاب مماليك الامام، ألا ترى انهم يؤدون الجزية كما يؤدي العبد، الضريبة إلى مواليه(١) .

ويفهم من هذا التعليل: ان المصنف يرى جواز النظر إلى امة الغير، كذلك قال جديقدس‌سره في المسالك، وهو المشهور مقيدا بكون النظر إلى وجهها وكفيها وشعرها خاصة.

ولم اقف على رواية تدل على ذلك صريحا، والاحتياط طريق السلامة.

قوله: (وينظر إلى جسد زوجته ظاهرا وباطنا) لا ريب في جواز نظر كل من الزوجين إلى الاخر مطلقا، والفرج من جملته ذلك، وقد تقدم الخلاف في النظر اليه حال الجماع، وان الاصح الجواز.

والمملوكة التي يجوز نكاحها في حكم الزوجة، ومن لا يجوز نكاحها في حكم امة الغير على ماقطع به الاصحاب.

وفي صحيحة عبدالرحمان بن الحجاج قال: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام عن رجل يزوج مملوكته عبده، اتقوم عليه كما كانت تقوم، فتراه منكشفا، او يراها على تلك الحال؟ فكره ذلك، وقال قد منعنى أبي ان ازوج بعض خدمي غلماني لذلك(٢) .

وسيجئ تمام الكلام في ذلك.

____________________

(١) لم نعثر عليه بهذا الاسناد وروى صدره الكليني في الكافي ح ١١ ج ٥ ص ٣٥٨.

(٢) الكافي، ج ٥ باب الرجل يزوج عبده امته، ص ٤٨٠ الحديث ٣ وفي الوسائل ج ١٤ الباب ٤٤ من ابواب نكاح العبيد والاماء، ص ٥٤٨ الحديث ١.

٤٤

[والى محارمه ما خلا العورة].

قوله: (والى محارمه ما خلا العورة) المراد بالمحارم من حرم نكاحه مؤبدا بنسب او رضاع او مصاهرة.

وقد قطع الاصحاب بجواز النظر إلى بدنهن كله الا العورة، اذا لم يكن هناك ريبة، من غير فرق فيما عدا العورة بين الوجه والكفين والثدي حال الارضاع وسائر البدن للاصل، ولقوله تعالى: (ولا يبدين زينتهن الا لبعولتهن) الآية(١) .

ومنع بعض العامة من النظر إلى ماعد الوجه والكفين من المحارم، واستثنى بعض اخر النظر إلى الثدي حال الارضاع لشدة الحاجة، وهو ضعيف.

ولم يذكر المصنف في هذا الكتاب حكم النظر إلى الاجنبية التي لا يريد نكاحها، ولا ضرورة إلى النظر اليها.

ولا خلاف بين الاصحاب ظاهرا في تحريم النظر منها إلى ما عدا الوجه والكفين.

واما الوجه والكفان فيحرم النظر اليهما بتلذذ، او خوف فتنة اجماعا.

وان لم يتلذذ بذلك ولم يخاف الفتنة، قال الشيخ: يكره ولا يحرم، لقوله تعالى (ولا يبدين زينتهن الا ما ظهر منها)(٢) وهو مفسر بالوجه والكفين.

وما رواه الكليني عن مروك بن عبيد، عن بعض اصحابنا عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: قلت له، ما يحل للرجل أن يرى من المرأة اذا لم يكن محرما؟ قال: الوجه والكفان والقدمان(٣) .

وفي الصحيح عن علي بن سويد قال: قلت لابي الحسنعليه‌السلام : اني

____________________

(١) و(٢) سورة النور / ٣١.

(٣) الكافي، ج ٥ باب يحل النظر اليه من المرأة، ص ٥٢١ الحديث ٢ وفي الوسائل ج ١٤ الباب ١٠٩ من ابواب مقدمات النكاح وادابه، ص ١٤٦ الحديث ٢.

٤٥

مبتلى بالنظر إلى المرأة الجميلة فيعجبني النظر اليها؟ فقال: ياعلي لا بأس اذا عرف الله من نيتك الصدق، واياك والزنا فانه يمحق البركة، ويهلك الدين(١) .

ويؤيده اطباق الناس في كل عصر على خروج النساء على وجه يحصل معه بدو ذلك من غير نكير.

وقيل: يحرم، واختاره العلامة في التذكرة، لعموم قوله تعالى: (ولا يبدين زينتهن الا لبعولتهن)(٢) ولاتفاق المسلمين على منع النساء من ان يخرجن سافرات، ولو حل النظر لنزلن منزلة الرجال، ولان النظر اليهن مظنة الفتنة، واللائق بمحاسن الشرع حسم الباب، والاعراض عن تفاصيل الاحوال كالخلوة بالاجنبية. وفي هذه الدلائل نظر. لان الوجه والكفين مستثنيان بقوله تعالى: (الا ما ظهر منها)(٣) ، وما ادعى من الاتفاق على منع النساء من ان يخرجن سافرات، لا يدل على المطلوب، اذ ربما كان وجهه: ان الاحتجاب من الناظر بشهوة لا يتحقق الا بالاحتجاب مطلقا. مع ان هذا الاتفاق معارض بما نقلناه من الاتفاق على خروج النساء على وجه يحصل معه بدو الوجه والكفين من غير نكير.

واما الدليل الثالث: فانما يصلح توجيها للحكم، لا دليلا مستقلا عليه.

وقال المصنف في الشرائع والعلامة في جملة من كتبه: يجوز النظر إلى الوجه والكفين مرة واحدة، من غير معاودة في الوقت الواحد عرفا، لان المعاودة مظنة الفتنة. ولا ريب ان اجتناب النظر إلى الاجنبية مطلقا طريق السلامة، وان

____________________

(١) الكافي، ج ٥ باب الزاني ص ٥٤٢ الحديث ٦ وفي الوسائل ج ١٤ الباب ١ من ابواب النكاح المحرم، ص ٢٣١ الحديث ٣.

(٢) و(٣) سورة النور / ٣١.

٤٦

[(الثانية) الوطء في الدبر، فيه روايتان، أشهرهما (اشبههما خ) الجواز على كراهة (كراهية خ ل)] كانت ادلة التحريم غير ناهضة.

قوله: ((الثانية) الوطء في الدبر، فيه روايتان، اشهرهما (اشبههما خ) الجواز على كراهة) القول بالجواز مذهب الاكثر كالشيخين والمرتضى واتباعهم.

ويدل عليه مضافا إلى الاصل، واطلاق الآية الشريفة(١) روايات كثيرة.

منها ما رواه الكليني: عن محمد بن يحيى، عن احمد بن محمد، عن علي بن الحكم، قال: سمعت صفوان بن يحيى يقول: قلت للرضا صلوات الله عليه: ان رجلا من مواليك أمرني ان اسألك عن مسألة هابك واستحيي منك أن يسألك عنها، قال: ماهو؟ (هي خ) قال: قلت: الرجل يأتي امرأته في دبرها؟ قال: ذلك له، قال: قلت: فأنت تفعل؟ (ذلك ثل) قال: انا لا نفعل ذلك(٢) .

وهذه الرواية صحيحة السند، لان علي بن الحكم الواقع في طريقها، هو الكوفي الثقة الجليل بقرينة رواية أحمد بن محمد بن عيسى عنه، وباقي رجالها ثقاة.

فما ذكره جديقدس‌سره في الشرح من الطعن في الرواية: باشتراك علي بن الحكم بين الثقة وغيره غير جيد(٣) . ويدل على هذا القول ايضا ما رواه الشيخ: عن احمد بن محمد بن عيسى،

____________________

(١) سورة البقرة / ٢٢٣ قال الله تعالى: نساؤكم حرث لكم، فاتوا حرثكم أنى شئتم.

(٢) الكافي، ج ٥ باب محاش النساء، ص ٥٤٠ الحديث ٢ وفي الوسائل، ج ١٤ الباب ٧٣ من ابواب مقدمات النكاح وادابه، ص ١٠٢ الحديث ١.

(٣) قال في المسالك ج ١ ص ٤٣٨ ما لفظه: واما الرواية الثانية فان علي بن الحكم مشترك بين ثلاثة رجال، أحدهم علي بن الحكم الكوفي، وهو ثقة، والثاني علي بن الحكم تلميذ ابن أبي عمير ذكره الكشي ولم يذكر له مدحا ولا ذما، والثالث علي بن الحكم بن زبير النخعي ذكره الشيخ في كتاب الرجال ولم يتعرض له بمدح ولا ذم ايضا.

والرجل المذكور في الرواية يحتمل كونه كل واحد من هؤلاء، فلا تكون الرواية صحيحة إلى ان قال: ومجرد الظن بانه الاول من حيث ان احمد بن محمد يروي عنه كثيرا غير كاف في الحكم به.

٤٧

[(الثالثة) العزل عن الحرة بغير اذنها، قيل: يحرم (محرم خ ل)، وتجب به دية النطفة عشرة دنانير، وقيل: مكروه، وهو اشبه، ورخص في الاماء].

عن معاوية بن حكيم، عن احمد بن محمد، عن حماد بن عثمان، عن عبدالله بن أبي يعفور قال: سألت ابا عبداللهعليه‌السلام عن الرجل يأتي المرأة في دبرها؟ قال: لا بأس به(١) .

وقد وصف العلامة في التذكرة والمختلف هذه الرواية بالصحة، وهو غير بعيد، اذ ليس في طريقها من يتوقف في حاله سوى معاوية بن حكيم، وقال النجاشي: انه ثقة جليل في اصحاب الرضاعليه‌السلام ولم يطعن فيه بشئ، لكن نقل العلامة في الخلاصة عن الكشي انه قال: انه فطحي، وهو عدل عالم.

وعلى هذا فيكون روايته من قسم الموثق لو ثبت القدح، لكنه محل التوقف، وكيف كان فهذه الرواية لا تقصر عن الصحيح.

ونقل عن ابن بابويه وابن حمزة القول بالتحريم، استنادا إلى اخبار ضعيفة(٢) .

ولو صح سندها لوجب حملها على التقية، لان اكثر العامة منعوا ذلك، مع ان مالكا نقل عنه انه قال: ما ادركت احدا اقتدى به في ديني يشك في ان وطء المرأة في دبرها حلال، ثم قرأ (نساؤكم حرث لكم)(٣) .

ويمكن حمل النهي على الكراهة أيضا، توفيقا بين الادلة.

قوله: (الثالثة، العزل عن الحرة بغير اذنها، قيل: يحرم، ويجب به دية النطفة عشرة دنانير، وقيل: مكروه، وهو أشبه، ورخص في الاماء) اختلف

____________________

(١) التهذيب: ج ٧(٣٦) باب السنة في عقود النكاح وزفاف النساء واداب الخلوة والجماع ص ٤١٥ الحديث ٣٤ وفي الوسائل ج ١٤ الباب ٧٣ من أبواب مقدمات النكاح وادابه، ص ١٠٣ الحديث ٥.

(٣) الوسائل، ج ١٤، الباب ٧٢ من ابواب مقدماته وادابه ص ١٠٠ فلاحظ.

(٣) سورة البقرة / ٢٢٣.

٤٨

الاصحاب في جواز العزل عن الزوجة الحرة الدائمة بغير اذنها، بعد اتفاقهم على جواز العزل عن الامة والمستمتع بها والدائمة مع الاذن، فذهب الاكثر ومنهم الشيخ في النهاية وابن البراج وابن ادريس إلى الكراهة، ونقل عن ابن حمزة انه عد ذلك في المحرمات، وهو ظاهر اختيار شيخنا المفيدرحمه‌الله .

والمعتمد الاول: لنا التمسك بمقتضى الاصل، وما رواه الشيخ (في الصحيح) عن محمد بن مسلم قال: سألت ابا عبداللهعليه‌السلام عن العزل؟ فقال: ذلك إلى الرجل يصرفه حيث شاء(١) .

وفي الصحيح عن محمد بن مسلم ايضا عن احدهماعليهما‌السلام انه سئل عن العزل، فقال: أما الامة فلا بأس، وأما الحرة فإني اكره ذلك الا ان يشترط عليها حين يتزوجها(٢) .

وروى أيضا في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي جعفرعليه‌السلام مثل ذلك(٣) .

قال الشيخرحمه‌الله : وقال في حديثه: الا ان ترضى، او يشترط ذلك عليها حين يتزوجها.

احتج المانعون: بان حكمة النكاح الاستيلاد، ولا يحصل غالبا مع العزل، فيكون منافيا لغرض الشارع.

____________________

(١) التهذيب، ج ٧(٣٦) باب السنة في عقود النكاح وزفاف النساء واداب الخلوة والجماع، ص ٤١٧ الحديث ٤١ وفي الوسائل ج ١٤ الباب ٧٥ من مقدمات النكاح وادابه، ص ١٠٥ الحديث ١.

(٢) التهذيب، ج ٧(٣٦) باب السنة في عقود النكاح وزفاف النساء واداب الخلوة والجماع ص ٤١٧ الحديث ٤٣ وفي الوسائل ج ١٤، الباب ٧٦ من مقدمات النكاح وادابه، ص ١٠٦ الحديث ١.

(٣) التهذيب، ج ٧(٣٦) باب السنة في عقود النكاح وزفاف النساء واداب الخلوة والجماع ص ٤١٧ الحديث ٤٠ وفي الوسائل، ج ١٤ الباب ٧٥ من ابواب مقدمات النكاح وادابه ص ١٠٥ الحديث ٤.

٤٩

[(الرابعة) لا يدخل بالمرأة حتى يمضي لها تسع سنين، ولو دخل قبل ذلك لم تحرم على الاصح].

وبما روي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : انه نهى ان يعزل عن الحرة الا باذنها(١) .

والجواب عن الاول: منع انحصار الغرض فيما ذكره.

وعن الرواية: بأنها غير ثابتة من طرق الاصحاب، ولو اتضح سندها لوجب حملها على الكراهة، توفيقا بين الادلة.

ثم لو قلنا بالتحريم، فالاظهر انه لا يجب على الزوج بذلك للمرأة شئ، لاصالة البراء‌ة، وقيل: تجب عليه دية النطفة عشرة دنانير، ولم نقف له على مستنده سوى ما روي عن عليعليه‌السلام : من وجوبها على من آفرغ مجامعا، فانزل(٢) .

وهو مع تسليمه، استدلال في غير موضع النزاع.

والعجب ان المصنفرحمه‌الله في الشرائع حكم بكراهة العزل، ومع ذلك أفتى بوجوب الدية وهو بعيد جدا.

قوله: (الرابعة) لا يدخل بالمرأة حتى يمضي لها تسع سنين، ولو دخل قبل ذلك لم تحرم على الاصح) لا خلاف في تحريم وطء الانثى قبل ان تبلغ تسعا، وقد ورد بذلك روايات.

منها: ما رواه الكليني (في الصحيح) عن الحلبي عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: قال: اذا تزوج الرجل الجارية وهي صغيرة فلا يدخل بها حتى تمضي لها تسع سنين(٣) .

____________________

(١) مسند احمد بن حنبل، ج ١، ص ٣١ س ٣٠.

(٢) الكافي، ج ٧ باب دية الجنين ص ٣٤٣ س ٨ قطعة من حديث ١ وفي الوسائل ج ١٩، الباب ١٩ من ابواب ديات الاعضاء ص ٢٣٨ س ٣ قطعة من حديث ١.

(٣) الكافي، ج ٥ باب الحد الذي يدخل بالمرأة فيه ص ٣٩٨ الحديث ٢ وفي الوسائل، ج ١٤، الباب ٤٥ من ابواب مقدماته وادابه ص ٧٠ الحديث ١.

٥٠

[(الخامسة) لا يجوز للرجل ترك وطء المرأة اكثر من اربعة اشهر].ولو دخل بها قبل التسع لم تحرم الا مع الافضاء، فانها تحرم مؤبدا.

أما التحريم مع الافضاء قال في المسالك: انه لا خلاف فيه، وسيجئ الكلام فيه.

وأما انها لا تحرم بدون الافضاء فيدل عليه التمسك بمقتضى الاصل السالم عما يصلح للمعارضة.

وذهب الشيخان إلى انها تحرم مؤبدا بذلك.

واستدل عليه في التهذيب بما رواه عن يعقوب بن يزيد عن بعض اصحابنا عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: اذا خطب الرجل المرأة فدخل بها قبل ان تبلغ تسع سنين فرق بينهما ولم تحل له ابدا(١) .

وهذه الرواية ضعيفة مرسلة فلا يمكن التعلق بها في اثبات حكم مخالف للاصل.

والمراد بالافضاء تصيير مسلك البول والحيض واحد باذهاب الحاجز بينهما.

قوله: ((الخامسة) لا يجوز للرجل ترك وطء المرأة اكثر من اربعة اشهر) هذا هو المعروف من مذهب الاصحاب (وخ) قال في المسالك انه موضع وفاق.

ويدل عليه ما رواه ابن بابويه (في الحسن) عن صفوان بن يحيى، انه سأل ابا الحسن الرضاعليه‌السلام عن الرجل يكون عنده المرأة الشابة، فيمسك عنها الاشهر والسنة لا يقربها، ليس يريد الاضرار بها، يكون لهم مصيبة، يكون في ذلك

____________________

(١) التهذيب، ج ٧(٢٦) باب من يحرم نكاحهن بالاسباب دون الانساب ص ٣١١ الحديث ٥٠ وفي الوسائل، ج ١٤، الباب ٣٤ من ابواب ما يحرم بالمصاهرة ص ٣٨١ الحديث ٢.

٥١

[(السادسة) يكره للمسافر ان يطرق اهله ليلا.

(السابعة) اذا دخل بالصبية التي لم تبلغ تسعا، فأفضاها حرم عليه وطؤها مؤبدا، ولم تخرج عن حبالته، ولو لم يفضها لم يحرم على الاصح.

الفصل الثاني: في أولياء العقد لا ولاية في النكاح لغير الاب، والجد للاب وان علا، والوصي، والمولى، والحاكم].آثما؟ قال: اذا تركها اربعة اشهر كان آثما بعد ذلك(١) .وهل يختص هذا الحكم بالدائم، او يعم المستمتع بها؟ وجهان.

قوله: ((السادسة) يكره للمسافر ان يطرق اهله ليلا) أي يدخل عليهم من السفر ليلا، بل ينبغي ان ينام في الخارج ثم يدخل نهارا.

والمستند في ذلك قولهعليه‌السلام : يكره للرجل اذا قدم من سفره ان يطرق اهله ليلا حتى يصبح(٢) .

واطلاق الخبر يشمل جميع الليل، قال في القاموس: الطرق الاتيان بالليل.ويحتمل اختصاصه بما بعد المبيت.

الفصل الثاني: في أولياء العقد

قوله: (لا ولاية في النكاح لغير الاب، والجد للاب وان علا، والوصي والمولى والحاكم) رد بهذا الحصر على ابن الجنيد على ما نقل عنه، حيث

____________________

(١) التهذيب، ج ٧(٣٦) باب السنة في عقود النكاح وزفاف النساء، ص ٤١٢ الحديث ١٩ وص ٤١٩ الحديث ٥٠ وفي الوسائل ج ١٤ الباب ٧١ من ابواب مقدمات النكاح وادابه، ص ١٠٠ الحديث ١.

(٢) الوسائل، ج ١٤ الباب ٦٥ من ابواب مقدمات النكاح وادابه، ص ٩٣ الحديث ١.

٥٢

[وولاية الاب والجد ثابتة على الصغيرة، ولو ذهبت بكارتها بزنا او غيره.

ولا يشترك في ولاية الجد بقاء الاب، وقيل: يشترط، وفي المستند ضعف].

ذهب إلى ان الام وأباها يقومون مقام الاب والجد له في ولاية النكاح، وعلى جماعة من العامة حيث اثبتوا الولاية للعصبة والمعتق، والابن بالنسبة إلى الام، وذلك باطل، وسيجئ الكلام في ولاية الام.

قوله: (وولاية الاب والجد ثابتة على الصغيرة ولو ذهبت بكارتها بزنا او غيره) المعروف من مذهب الاصحاب ثبوت ولاية الاب والجد له على الصغير والصغيرة سواء كانت بكرا او ثيبا، وادعى عليه في التذكرة الاجماع، ونقل عن ظاهر ابن أبي عقيل نفي ولاية الجد فانه قال: الولي الذي هو اولى بنكاحهن هو الاب دون غيره من الاولياء، والاخبار الصحيحة المستفيضة حجة عليه(١) .

قوله: (ولا يشترط في ولاية الجد بقاء الاب، وقيل: يشترط، وفي المستند ضعف) اختلف الاصحاب في اشتراط بقاء الاب في ولاية الجد، فذهب المفيد والمرتضى وسلار في ظاهر كلامهم إلى عدم اعتبار هذا الشرط، حيث اطلقوا الولاية للجد، وبه قطع ابن ادريس ومن تأخر عنه تمسكا باستصحاب ولايته قبل موت الاب، وبقولهعليه‌السلام في صحيحة ابن سنان، الذي بيده عقدة النكاح هو ولي أمرها(٢) .

قال في المختلف: ولا خلاف في ان الجد ولي امر الصغيرة.

وبأن (ان خ) ولاية الجد اقوى من ولاية الاب لتقديم مختار الجد على

____________________

(١) لاحظ الوسائل، ج ١٤ الباب ٦ من ابواب عقد النكاح واولياء العقد.

(٢) الوسائل، ج ١٤ الباب ٨ من ابواب عقد النكاح واولياء العقد ص ٢١٢ الحديث ٢.

٥٣

[ولا خيار للصبية مع البلوغ، وفي الصبي قولان، اظهرهما: انه كذلك].

الاب عند التعارض، فلا تؤثر فيها موت الاضعف.وفي هذا الاستدلال نظر.

وقال الشيخ في النهاية: والصدوق فيمن لا يحضره الفقيه: وجماعة ان حياة الاب شرط في ولاية الجد.

واستدل عليه في التهذيب بما رواه عن الفضل بن عبدالملك عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: ان الجد اذا زوج ابنة ابنه وكان ابوها حيا، وكان الجد مرضيا، جاز، قلت: فان هوى ابوالجارية هوا، وهوى الجد هوى، وهما سواء في العدل والرضا؟ قال: احب إلى ان ترضى بقول الجد(١) .

وفي السند ضعف باشتماله على جماعة من الواقفة، فلا يسوغ التعلق به(٢) .

ورد ايضا: بان دلالته بالمفهوم الوصفي، وهو غير معتبر عند المحققين.وهو مدفوع: بأن هذا المفهوم مفهوم شرط، وهو متجه عندهم.لكن يمكن ان يقال: ان حجة المفهوم انما تثبت اذا لم يظهر للتقييد وجه سوى نفي الحكم عن المسكوت عنه، وربما كان الوجه في هذا التقييد، التنبيه على الفرد الاخفى، وهو جاز عقد الجد مع وجود الاب، وكيف كان فهذه الرواية قاصرة عن اثبات هذا الشرط.

قوله: (ولا خيار للصبية مع البلوغ، وفي الصبي قولان اظهرهما انه كذلك) ظاهر العبارة اختصاص الخلاف بالصبي، وانه لا خلاف في سقوط خيار

____________________

(١) التهذيب، ج ٧(٣٢) باب عقد المرأة على نفسها النكاح واولياء الصبية، ص ٣٩١ الحديث ٤٠ وفي الوسائل ج ١٤، الباب ١١ من ابواب عقد النكاح واولياء العقد ص ٢١٨ الحديث ٤.

(٢) سند الحديث كما في التهذيب (محمد بن يعقوب، عن حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد، عن جعفر بن سماعة، عن ابان، عن الفضل بن عبدالملك).

٥٤

الصبية مع البلوغ.

وقد ورد بسقوط خيارها روايات كثيرة.

كصحيحة محمد بن اسماعيل بن بزيع قال: سألت الرضاعليه‌السلام عن الصبية يزوجها أبوها، ثم يموت وهي صغيرة، ثم تكبر قبل ان يدخل بها زوجها، أيجوز عليها التزويج أم الامر إليها؟ قال: يجوز عليها تزويج ابيها(١) .

وصحيحة علي بن يقطين قال: سألت ابا الحسنعليه‌السلام : اتزوج الجارية وهي بنت ثلاث سنين، أو ازوج الغلام وهو ابن ثلاث سنين، وما ادنى حد ذلك الذي يزوجان فيه؟ واذا بلغت الجارية فلم ترض به، فما حالها؟ قال: لا بأس بذلك اذا رضي ابوها او وليها(٢) .

وصحيحة عبدالله بن الصلت قال: سألت ابا الحسنعليه‌السلام عن الجارية الصغيرة يزوجها ابوها، ألها امر اذا بلغت؟ قال: لا(٣) .

واما الصبي اذا زوجه الولي قبل البلوغ فذهب الاكثر إلى مساواته للصبية في لزوم العقد الواقع من وليه، وعدم ثبوت الخيار له بعد البلوغ، لان عقد الولي عقد صدر من اهله في محله، فكان لازما كسائر عقوده المالية.

وقال الشيخ في النهاية: ومتى عقد الرجل لابنه على جارية وهو غير بالغ،

____________________

(١) الكافي، ج ٥، كتاب النكاح باب استيمار البكر، ومن يجب عليه استيمارها ومن لا يجب عليه ص ٣٩٤ الحديث ٩ وفي الوسائل ج١٤ الباب ٦ من ابواب عقد النكاح واولياء العقد ص ٢٠٧ الحديث ١.

(٢) التهذيب، ج ٧(٣٢) باب عقد المرأة على نفسها النكاح واولياء الصبية واحقهم بالعقد عليها ص ٣٨١ الحديث ١٨ وفي الوسائل ج١٤ الباب٦ من ابواب عقد النكاح واولياء العقد ص ٢٠٨ الحديث ٧.

(٣) الكافي، ج ٥ باب استيمار البكر ومن يجب عليه استيمارها ومن يجب ص ٣٩٤ الحديث ٦ وهكذا ايضا في التهذيب وفي الوسائل ج ١٤ الباب ٦ من ابواب عقد النكاح واولياء العقد ص ٢٠٧ الحديث ٣ وفيه (عبدالملك خ ل) بعد قوله (عبدالله) وايضا (سألت ابا عبدالله) بدل (ابا الحسن) وتمام الحديث (ليس لها مع ابيها امر).

٥٥

كان له الخيار اذا بلغ وحكى ذلك العلامة في المختلف عن ابن ادريس وابن البراج وابن حمزة.

ومستنده ما رواه الشيخ (في الصحيح) عن محمد بن مسلم قال: سألت ابا جعفرعليه‌السلام عن الصبي يزوج للصبية؟ قال: ان كان أبواهما اللذان زوجاها، فنعم جائز، ولكن لهما الخيار اذا أدركا، فان رضيا بعد ذلك فان المهر على الاب، قلت له: فهل يجوز طلاق الاب على ابنه في صغره؟ قال: لا(١) .

ومقتضى هذه الرواية ثبوت الخيار للصبي والصبية بعد البلوغ، وهي معارضة بما تلوناه من الاخبار المتضمنة لسقوط خيار الصبية بعد البلوغ.

وصحيحة أبي عبيدة الحذاء عن أبي جعفرعليه‌السلام ، حيث قال في اخرها: قلت: فان كان ابوها هو الذي زوجها قبل ان تدرك؟ قال: يجوز عليها تزويج الاب، ويجوز على الغلام، والمهر على الاب للجارية(٢) .

واجاب الشيخ في التهذيب عن رواية محمد بن مسلم فقال: ليس في هذا الخبر ماينافي ما قدمناه، لان قوله عليه اسلام: (لكن لهما الخيار اذا ادركا) يجوز ان يكون اراد: ان لهما ذلك بفسخ العقد، إما بالطلاق من جهة الزوج واختياره، او مطالبة المرأة له بالطلاق، وما يجري مجرى ذلك مما يفسخ العقد، ولم يرد بالخيار هاهنا امضاء العقد وان العقد موقوف على خيارهما، قال: والذي يكشف عما ذكرناه قوله في الخبر: (ان كان ابواهما اللذان زوجاهما فنعم جائز) فلو كان العقد موقوفا على رضاهما لم يكن بين الابوين وغيرهما في ذلك فرق، وكان ذلك ايضا

____________________

(١) التهذيب، ج ٧(٣٢) باب عقد المرأة على نفسها النكاح واولياء الصبية ص ٣٨٢ الحديث ١٩ وفي الوسائل ج ١٤، الباب ٦ من ابواب عقد النكاح واولياء العقد ص ٢٠٨ الحديث ٨.

(٢) الكافي، ج ٥ باب تزويج الصبيان، ص ٤٠١ الحديث ٤ وفي الوسائل الباب ١١ من ابواب ميراث الازواج الرواية ١ ج ١٧ ص ٥٢٧ قطعة من الرواية.

٥٦

[ولو زوجاها فالعقد للسابق، فان اقترنا ثبت عقد الجد].

جائزا لغير الابوين، وقد ثبت به فرق بين الموضعين، فعلمنا ان المراد ما ذكرناه(١) هذا كلامهرحمه‌الله .

ولا يخفى ما في هذا التأويل من البعد وشدة المخالفة للظاهر، وما جعله كاشفا عن ذلك لا يكشف عنه، فان الفرق بين عقد الولي وغيره على هذا التقدير يتحقق ايضا، لان عقد غير الولي يتوقف على الاجازة، وعقد الولي لا يتوقف على الاجازة للصبي، وانما يجوز للصغير فسخه على هذا التقدير، واحدهما غير الاخر، والسألة محل اشكال، وطريق الاحتياط واضح.

واعلم ان جديقدس‌سره قال في المسالك: ان هذا الحكم، وهو انتفاء خيار الصغيرين بعد البلوغ، لا يظهر فيه مخالف، وانما ورد رواية تخالف ذلك.

وهو عجيب، فان الخلاف في المسألة متحقق، وقد ذكره هوقدس‌سره بعد هذه المسألة بشئ يسير.

قوله: (ولو زوجاها فالعقد للسابق، فان اقترنا ثبت عقد الجد) قد عرفت ان الاب والجد مشتركان في الولاية على الصغير والصغيرة، فلو بادر كل منهما وعقد على شخص غير الاخر من غير علم صاحبه، او مع علمه، قدم عقد السابق منهما، سواء كان هو الاب او الجد حتى لو كان السابق الاب وعلم ان الجد مخالف له وقصد سبقه بالعقد، فقد ترك الاولى وصح عقده.

وان اتفق العقدان في وقت واحد، بأن اقترن قبولهما معا، قدم عقد الجد.

ويدل على الحكمين ما رواه الكليني (في الصحيح) عن هشام بن الحكم، ومحمد بن حكيم عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: اذا زوج الاب والجد كان

____________________

(١) التهذيب: ج ٧ ص ٣٨٢ س ٩.

٥٧

التزويج للاول، فاذا كان (فان كانا خ) جميعا في حال واحدة، فالجد أولى(١) .

وفي الصحيح عن محمد بن مسلم عن احدهماعليهما‌السلام قال: اذا زوج الرجل ابنة ابنه، فهو جائز على ابنه، ولابنه ايضا ان يزوجها، قلت: فان هوى ابوها رجلا، وجدها رجلا فقال: الجد أولى بنكاحها(٢) .

وفي الموثق عن عبيد بن زرارة قال: قلت لابي عبداللهعليه‌السلام : الجارية يريد ابوها ان يزوجها من رجل، ويريد جدها ان يزوجها من رجل آخر، فقال: الجد اولى بذلك ما لم يكن مضارا، ان لم يكن الاب زوجها قبله، ويجوز عليها تزويج الاب والجد(٣) .

وعلى هذه الرواية اقتصر جديقدس‌سره في الاستدلال في الروضة على هذا الحكم وكتب بخطهرحمه‌الله على حاشية الكتاب: ان هذه الرواية من الموثق.

فيشكل اثبات الحكم بمجردها، الا انها من المشاهير، ان لم يكن حكمها اجماعيا.

وقد عرفت ان في المسألة من الاخبار ما هو اصح طريقا واظهر دلالة، والله تعالى اعلم.

____________________

(١) الكافي، ج ٥ باب الرجل يريد ان يزوج ابنته ويريد ابوه ان يزوجها رجلا آخر، ص ٣٩٥ الحديث ٤ وفيه وفي التهذيب والوسائل (عن هشام بن سالم) بدل (عن هشام بن الحكم) وفي النسخة المعتمدة، كما اثبتناه، وفي الوسائل ج ١٤، الباب ١١ من ابواب عقد النكاح واولياء العقد ص ٢١٨ الحديث ٣.

(٢) الكافي، ج ٥ باب الرجل يريد ان يزوج ابنته ويريد ابوه ان يزوجها رجلا آخر، ص ٣٩٥ الحديث ٢ وفي الوسائل ج ١٤، الباب ١١ من ابواب عقد النكاح واولياء العقد ص ٢١٧ الحديث ١.

(٣) الكافي، ج ٥ باب الرجل يريد ان يزوج ابنته ويريد ابوه ان يزوجها رجلا اخرص٣٩٥ الحديث ١ وفي الوسائل ج ١٤، الباب ١١ من ابواب عقد النكاح واولياء العقد ص ٢١٨ الحديث ٢.

٥٨

[وتثبت ولايتهما على البالغ مع فساد عقله ذكرا كان او انثى، ولا خيار له لو افاق.والثيب تزوج نفسها، ولا ولاية عليها الاب ولا لغيره.ولو زوجها من غير اذنها وقف على اجازتها].

قوله: (وتثبت ولايتهما على البالغ مع فساد عقله ذكرا كان او انثى، ولا خيار لها لو افاق) لا خلاف في ثبوت ولايتهما على المجنون ذكرا كان او انثى، لكن الظاهر اختصاص الحكم بما اذا كان الجنون متصلا بالصغر، فلو طرأ بعد البلوغ والرشد لم يكن لهما عليه ولاية، لزوال ولايتهما بالبلوغ والرشد، فعودها يحتاج إلى دليل.

وربما قيل: بولايتهما على المجنون مطلقا، وهو المستفاد من اطلاق العبارة.

قال جديقدس‌سره في المسالك: وحيث تثبت الولاية على المجنون فلا خيار له بعد الافاقة اجماعا.

قوله: (والثيب تزوج نفسها ولا ولاية عليها لاب ولا غيره الخ) هذا مذهب الاصحاب لا نعلم فيه خلافا سوى ما نقل عن ظاهر الحسن بن أبي عقيل من ثبوت الولاية على الثيب كالبكر، ولا ريب في ضعفه.

لنا ما رواه الكليني (في الصحيح) عن الحلبي عن أبي عبداللهعليه‌السلام انه قال في المرأة الثيب تخطب إلى نفسها: قال: هي أملك بنفسها، تولى أمرها من شاء‌ت إذا كان كفوا، بعد ان تكون قد نكحت قبله(١) .وفي الصحيح عن احمد بن محمد بن أبي نصر قال: قال ابوالحسن

____________________

(١) الكافي، ج ٥ باب التزويج بغير ولي ص ٣٩٢ الحديث ٥ وفي الوسائل ج ١٤، الباب ٣ من ابواب قد النكاح واولياء العقد ص ٢٠٢ الحديث ٤.

٥٩

[وأما البكر البالغة الرشيدة، فأمرها بيدها، ولو كان ابوها حيا قيل: لها الانفراد بالعقد، دائما كان أو منقطعا، وقيل: العقد مشترك بينها وبين الاب، فلا ينفرد احدهما به، وقيل: أمرها إلى الاب، وليس لها معه أمر.

ومن الاصحاب من اذن لها في المتعة دون الدائم، ومنهم من عكس، والاول اولى].

عليه‌السلام : في المرأة البكر اذنها صماتها، والثيب أمرها اليها(١) .

وما رواه الشيخ (في الصحيح) عن عبدالله بن سنان قال: سألت ابا عبداللهعليه‌السلام عن المرأة الثيب تخطب إلى نفسها؟ قال: نعم، هي أملك بنفسها، تولى نفسها من شاء‌ت، اذا كان كفوا بعد ان تكون قدنكحت زوجا قبل ذلك(٢) .

والاخبار الواردة بذلك كثيرة جدا، ولم نقف لابن أبي عقيل في اثبات الولاية على الثيب على مستند.

ويستفاد من هذه الروايات: ان انتفاء الولاية عن الثيب مشروط بما اذا كانت البكارة قد زالت بوطء مستند إلى تزويج، فلو زالت بغيره كانت بمنزلة البكر.

قوله: (واما البكر البالغة (البالغ خ ل) الرشيدة، فأمرها بيدها، إلى قوله: اولى).

____________________

(١) الكافي، ج ٥ باب استيمار البكر ومن يجب عليه استيمارها ومن لا يجب عليه ص ٣٩٤ الحديث ٨ في الوسائل ج ١٤، الباب ٥ من ابواب عقد النكاح واولياء العقد، ص ٢٠٦ الحديث ١.

(٢) التهذيب، ج ٧(٣٢) باب عقد المرأة على نفسها النكاح واولياء الصبية واحقهم بالعقد عليها ص ٣٨٥ الحديث ٢٢ وفي الوسائل ج ١٤، الباب ٣ من ابواب عقد النكاح واولياء العقد ص ٢٠١ الحديث ٢ ورواه عن الفقيه باسناده عن عبدالحميد بن عواض عن عبدالخالق فراجع.

٦٠