نهاية المرام الجزء ١

نهاية المرام0%

نهاية المرام مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 484

نهاية المرام

مؤلف: صاحب المدارك السيد العاملي
تصنيف:

الصفحات: 484
المشاهدات: 47774
تحميل: 3932


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 484 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 47774 / تحميل: 3932
الحجم الحجم الحجم
نهاية المرام

نهاية المرام الجزء 1

مؤلف:
العربية

اجمع الاصحاب على جواز انفراد البالغة الرشيدة بالعقد اذا لم يكن لها اب، او كان ولم يكن بشرائط الولاية. وانما الخلاف مع وجود الاب الجامع لشرائط الولاية.

وقد نقل المصنف وغيره في المسألة اقوالا خمسة، واطنب المتأخرون في الاستدلال لهذه الاقوال، وجمعوا منها الغث والسمين والقوي والضعيف، مع ان في الاخبار المعتمدة ما يغني عن تكلف ما عداها من التمسك باية لا تدل على المطلوب، او التعويل على اعتبار قاصر، او خبر ضعيف.

ولنقتصر في هذا التعليق على ما يمكن الاستدلال به لكل من هذه الاقوال من الاخبار المعتبرة الداخلة في قسمي الصحيح والحسن.

فنقول: احتج القائلون بان لها الانفراد بالعقد بروايتين.

(الاولى) رواها الكليني والشيخ في الحسن، وابن بابويه في الصحيح عن الفضيل بن يسار، ومحمد بن مسلم، وزرارة، وبريد بن معاوية عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: المرأة التي قد ملكت نفسها، غير السفيهة، ولا المولى عليها، تزويجها بغير ولي جائز(١)(٢)(٣) .

____________________

(١) الكافي، ج ٥، باب التزويج بغير ولي ص ٣٩١ الحديث ١.

(٢) التهذيب، ج ٧(٣٢) باب عقد المرأة على نفسها النكاح، واولياء الصبية واحقهم بالعقد عليها ص ٣٧٧ الحديث ١. وسند الحديث في الكافي والتهذيب هكذا (علي بن ابراهيم، عن ابيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن اذينة، عن الفضيل بن يسار، ومحمد بن مسلم، وزرارة بن اعين، وبريد بن معاوية عن أبي جعفرعليه‌السلام ).

(٣) من لا يحضره الفقيه، ج ٣(١١٧) باب الولي والشهود والخطبة والصداق ص ٢٥١ الحديث ٨.

وسند الحديث كما في الفقيه هكذا (وروى الفضيل بن يسار، ومحمد بن مسلم، وزرارة وبريد بن معاوية عن أبي جعفرعليه‌السلام ).

وفي الوسائل، ج ١٤، الباب ٣ من ابواب عقد النكاح واولياء العقدص ٢٠١ الحديث ١.

٦١

ويتوجه على الاستدلال بهذه الرواية: ان الحكم فيها بسقوط الولاية وقع منوطا بمن ملكت نفسها، فادخال البكر فيها عين المتنازع فيه، وهكذا قوله (غير المولى عليها) فان الخصم يدعي كون البكر مولى عليها، فكيف يستدل به على زوال الولاية.

وما قيل: من ان البكر الرشيدة لما كانت غير مولى عليها في المال، صدق سلب الولاية عليها في الجملة، فيصدق عليها انها غير مولى عليها.

فضعيف، لان الولاية في المال اخص من مطلق الولاية، ونفي الاخص لا يستلزم نفي الاعم.

والذي يظهر لي: ان المراد بالمالكة نفسها غير المولى عليها، البكر التي لا أب لها والثيب كما يدل عليه قولهعليه‌السلام في رواية أبي مريم: الجارية البكر التي لها أب (الاب ثل) لا تتزوج الا بإذن أبيها، وقال: اذا كانت مالكة أمرها تزوجت متى (ما خ) شاء‌ت(١) .

وفي صحيحة الحلبي: في المرأة الثيب تخطب إلى نفسها، هي أملك بنفسها(٢) .

وعلى هذا فلا دلالة في هذه الرواية على المطلوب، وانما المراد منها الرد على ما تقوله العامة من ان من لا اب لها يزوجها الحاكم، لان عبارتها مسلوبة في النكاح.

(الثانية) صحيحة منصور بن حازم عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال:

____________________

(١) الكافي، ج ٥ باب التزويج بغير ولي ص ٣٩١ الحديث ٢ وفي الوسائل ج ١٤، الباب ٣ من ابواب قد النكاح واولياء العقد ص ٢٠٢ الحديث ٧.

(٢) الكافي، ج ٥ باب التزويج بغير ولي ص ٣٩٢ الحديث ٥ وفي الوسائل ج ١٤، الباب ٣ من ابواب عقد النكاح واولياء العقد ص ٢٠٢ الحديث ٤.

٦٢

تستأمر البكر وغيرها ولا تنكح الا بأمرها(١) .

وهذه الرواية صحيحة السند، لان الشيخ رواها: عن محمد بن علي بن محبوب، عن العباس، عن صفوان، عن منصور بن حازم، والعباس هذا هو ابن معروف، وصفوان هو ابن يحيى، والجميع ثقات.

لكن اقصى ما يدل عليه عدم استقلال الاب بالولاية، لا جواز انفرادها بالعقد، فلا ينفي اشتراك الولاية بينهما كما هو احد الاقوال في المسألة. احتج القائلون بانه ليس لها الانفراد بالعقد بروايات.

(الاولى) صحيحة عبدالله بن أبي يعفور عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: لا تنكح ذوات الآباء من الابكار الا بإذن آبائهن(٢) .

واعترضها جديقدس‌سره في المسالك من حيث السند: بان في طريقها علي بن الحكم وهو مشترك بين الثقة وغيره(٣) ، وذلك يمنع من الحكم بصحته.

ومن حيث الدلالة، فان قوله: (لا تزوج ذوات الاباء من الابكار الا باذن آبائهن) كما يمكن حمل (من) على البيانية، فتعم الصغيرة والكبيرة، يمكن حملها على التبعيضية، فلا تدل على موضع النزاع، لان بعض الابكار من الصفار لا تزوج الا باذن ابيها اجماعا.

والجواب عن الاول: ما بيناه غير مرة، من أن علي بن الحكم وان كان

____________________

(١) التهذيب، ج ٧(٣٢) باب عقد المرأة على نفسها النكاح واولياء الصبية واحقهم بالعقد عليها ص ٣٨٠ الحديث ١١ وفي الوسائل ج ١٤، الباب ٣ من ابواب عقد النكاح واولياء العقد ص ٢٠٣ الحديث١٠.

(٢) الكافي، ج ٥ ص ٣٩٣ باب استيمار البكر ومن يجب عليه استيمارها ومن لا يجب عليه، الحديث ١ وفي الوسائل ج ١٤، الباب ٦ من ابواب عقد النكاح واولياء العقد، ص ٢٠٨ الحديث ٥.

(٣) سند الحديث كما في الكافي هكذا (محمد بن يحيى، عن احمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن علاء بن زرين، عن ابن أبي يعفور).

٦٣

مشتركا بين الثقة وغيره، إلا أن الواقع في طريق الرواية في الكافي والتهذيب هو الكوفي الثقة الجليل بقرينة رواية احمد بن محمد بن عيسى عنه، مع أن ابن بابويهرحمه‌الله قد اوردها في كتابه من لا يحضره الفقيه عن العلا عن ابن أبي يعفور، وله إلى العلاء عدة طرق صحيحة، وبعضها غير مشتمل على علي بن الحكم(١)(٢) .

وعن الثاني: ان حمل (من) على التبعيضية بعيد جدا، مع ان ذلك يقتضي عدم الفائدة في التقييد بالابكار اصلا، لان الصغيرة الثيب حكمها كذلك.

(الثانية) صحيحة عبدالله بن الصلت قال: سألت أبا الحسنعليه‌السلام عن الجارية الصغيرة يزوجها ابوها، لها أمر اذا بلغت؟ قال: لا، وسألته عن البكر اذا بلغت مبلغ النساء ألها مع أبيها أمر؟ فقال: ليس لها مع أبيها أمر ما لم تثيب(٣) .

(الثالثة) صحيحة محمد بن مسلم عن احدهماعليهما‌السلام قال: لا تستأمر الجارية اذا كانت بين ابويها، ليس لها مع الاب أمر، وقال: يستأمرها كل احد ما عدى الاب(٤) .

والظاهر ان المراد: يستأمر الجارية كل أحد الا اذا كان لها اب، فانها لا تستأمر، كما يدل عليه أول الخبر.

____________________

(١) من لا يحضره الفقيه ج ٣(١١٧) باب الولي والشهود والخطبة والصداق ص ٣٥٠ الحديث ١.

(٢) لاحظ من لا يحضره الفقيه، ج ٤ ص ٥٧ س ٦ وراجع مشيخة الفقيه تحت رقم ١٣٧.

(٣) الكافي، ج ٥ ص ٣٩٤ باب استيمار البكر ومن يجب عليه استيمارها ومن لا يجب عليه الحديث ٦ وفيه ابا الحسن الرضاعليه‌السلام كما اثبتناه، وفيه ايضا بعد قوله: (قال: لا) (ليس لها مع ابيها أمر) وفي الوسائل ج ١٤، الباب ٦ من ابواب عقد النكاح واولياء العقد ص ٢٠٧ الحديث ٣ وفيه (سألت ابا عبداللهعليه‌السلام ) مع اختلاف يسير ايضا.

(٤) الكافي، ج ٥ ص ٣٩٣ باب استيمار البكر ومن يجب عليه استيمارها ومن لا يجب الحديث ٢ وفي الوسائل ج ١٤، الباب ٤ من ابواب عقد النكاح واولياء العقد ص ٢٠٥ الحديث ٣.

٦٤

(الرابعة) صحيحة زرارة بن اعين قال: سمعت ابا جعفرعليه‌السلام يقول: لا ينقض النكاح الا الاب(١) .

وهذه الرواية رواها الكليني بطريق صحيح، لانه رواها عن احمد بن محمد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن علي بن رئاب، عن زرارة بن اعين، فلا يقدح ضعفها في التهذيب(٢) .

ولو كان للبكر الاستقلال بالعقد لما كان للاب نقضه.

(الخامسة) حسنة الحلبي عن أبي عبداللهعليه‌السلام في الجارية يزوجها أبوها بغير رضا منها، قال: ليس لها مع ابيها أمر، اذا انكحها جاز نكاحه، وان كانت كارهة، قال: وسئل عن رجل يريد ان يزوج اخته؟ قال: يؤامرها، فان سكتت فهو اقراراها، وان أبت لا يزوجها(٣) .

وهذه الرواية وان كانت حسنة لكنها لا تقصر عن الصحيح، لان دخولها في قسم الحسن بابراهيم بن هاشم حيث لم يوثق صريحا، لكن مدحه لا يقصر عن التوثيق(٤) .

(السادسة) صحيحة أبي مريم عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: العذراء

____________________

(١) الكافي، ج ٥ ص ٣٩٢ باب التزويج بغير ولي الحديث ٨ وفي الوسائل ج ١٤، الباب ٤ من ابواب عقد النكاح واولياء العقد ص ٢٠٥ الحديث ٥.

(٢) سند الحديث كما في التهذيب (ج ٧ ص ٣٧٩ الحديث ٩) هكذا (علي بن الحسن بن فضال، عن محمد بن علي عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن زرارة).

(٣) الكافي، ج ٥ باب استيمار البكر ومن يجب عليه استيمارها ومن لا يجب عليه، ص ٣٩٣ الحديث ٤ وفي الوسائل اورد قطعة منه في باب ٨ ص ٢١٥ الحديث ٧ وقطعة منه في باب ٤ ص ٢٠٥ الحديث ٤ من ابواب عقد النكاح واولياء العقد.

(٤) سند الحديث كما في الكافي هكذا (علي بن ابراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد بن عثمان، عن الحلبي).

٦٥

التي لها اب لا تزوج متعة الا باذن ابيها(١) .

وهذه الرواية رواها ابن بابويه في كتابه عن أبان عن أبي مريم، وأبان هذا هو ابن عثمان، وقد نقل الكشي: الاجماع على تصحيح ما يصح عنه(٢) وفي ذلك توثيق وزيادة.

وما قيل: من أنه ناووسي، فغير ثابت، لانه لم يرو الا من علي بن الحسين بن فضال، وحاله معلوم، وطريق ابن بابويه إلى أبان صحيح(٣) . وربما كانت هذه الرواية مستند القائلين بثبوت الولاية عليها في المنقطع دون الدائم لكنها لا تنفي ثبوت الولاية في الدائم.

هذا اقصى ما وقفت عليه من الاخبار المعتبرة في هذه المسألة، وهي مع استفاضتها وسلامة اسانيدها دالة على انه ليس لها الانفراد بالعقد، واكثرها دال على استقلال الاب بالولاية على البكر، وانها ليس لها معه أمر، وهو ينفي استقلالها بالعقد والتشريك.

لكن تبقى المعارضة بينها وبين صحيحة منصور بن حازم الدالة بظاهرها على وجوب استيمار البكر.

واجاب الشيخ عنها في التهذيب: بالحمل على الافضل فيما يختص الاب من

____________________

(١) التهذيب، ج ٧(٢٤) باب تفصيل احكام النكاح، ص ٢٥٤ الحديث ٢٤ وفي الوسائل ج ١٤ ص ٣٥٩ الباب ١١ من ابواب المتعة، الحديث ١٢.

(٢) من لا يحضره الفقيه ج ٣(١٤٣) باب المتعة، ص ٢٩٣ الحديث ١١ وسند الحديث (روى ابان عن أبي مريم).

(٣) طريق ابن بابويه إلى ابان كما في المشيخة، ج ٤ ص ٨٣ هكذا (وما كان فيه عن ابان بن عثمان فقد رويته عن محمد بن الحسنرضي‌الله‌عنه ، عن محمد بن الحسن الصفار، عن يعقوب بن يزيد وايوب بن نوح وابراهيم بن هاشم ومحمد بن عبدالجبار كلهم عن محمد بن أبي عمير وصفوان بن يحيى عن ابان بن عثمان الاحمر).

٦٦

[ولو عضلها الولي سقط اعتبار رضاه اجماعا].

أمر البكر، قال: وما يختص غيره محمول على ظاهره من الوجوب، وانه لا يجوز العقد عليها الا بأمرها(١) . وهو حسن لان القول بالتشريك لا يتحقق معه الجمع، للتصريح في صحيحة محمد بن مسلم بعد استيمارها(٢) . وفي حسنة الحلبي بجواز النكاح (نكاح خ) الاب لها وان كانت كارهة(٣) .

ويمكن حملها ايضا على البكر التي لا اب لها. وقد ظهر من ذلك: ان القول باستقلال الاب بالولاية قوي متين. والجمع بين اذنها واذن الاب طريق الاحتياط، والله تعالى اعلم بحقائق احكامه.

قوله: (ولو عضلها الولي سقط اعتبار رضاه اجماعا) العضل لغة المنع، والمراد به هنا منعها من التزويج من كفو مع رغبتها في ذلك.

وفي معناه الغيبة المنقطعة التى يحصل معها المشقة الشديدة من اعتبار استيذان الولي، على ما ذكره الشيخ في الخلاف.

وقد نقل المصنف وغيره الاجماع على ان البكر اذا عضلها الولي سقط اعتبار رضاه، وكان لها الاستقلال بالتزويج من غير مراجعة الحاكم، (ولابأس به خ).

____________________

(١) التهذيب، ج ٧(٣٢) باب عقد المرأة على نفسها النكاح واولياء الصبية واحقهم بالعقد عليها ص ٣٨٠ س ٥.

(٢) الوسائل، ج ١٤، الباب ٤ من ابواب عقد النكاح واولياء العقد، ص ٢٠٥ الحديث ٣.

(٣) الوسائل، ج ١٤، اورد قطعة منه في باب ٩ ص ٢١٥ وقطعة منه في باب ٤ ص ٢٠٥ الحديث ٤ من ابواب عقد النكاح واولياء العقد.

٦٧

[ولو زوج الصغيرة غير الاب والجد، وقف على رضاها عند البلوغ، وكذا الصغير. وللمولى ان يزوج المملوكة، صغيرة او كبيرة، بكرا او ثيبا، عاقلة او مجنونة، ولا خيرة لها، وكذا العبد].

ولا فرق في تحقق العضل اذا منع الولي تزويجها من الكفو بين ان يكون النكاح بمهر المثل ام لا، لان المهر حقها، فلا اعتراض عليها فيه. ولو فرض ارادتها زوجا، واراد (ارادة خ) الولي غيره، ففي تقديم مختارها اذا كان كفوا، او مختار الولي وجهان. ولو منع الولي من غير الكفو لم يكن عضلا.

قوله: (ولو زوج الصغيرة غير الاب والجد، وقف على رضاها عند البلوغ، وكذا الصغير).

هذه المسألة جزئية من جزئيات عقد الفضولي وسيجئ الكلام فيه ان شاء الله.

قوله: (وللمولى ان يزوج المملوكة الخ).

لا خلاف في جواز تزويج المولى أمته، وأن له اجبارها على النكاح مطلقا، لان منافعها مملوكة له، والناس مسلطون على اموالهم(١) . وكذا العبد صغيرا كان او كبيرا.

وقال بعض العامة: ان المولى لا يملك اجبار الكبير، وهو باطل.

ولا فرق بين تولى مولى الصيغة عن المملوك، والزامه بها، ولا يقدح فيه الاكراه، لانه بحق.

____________________

(١) لاحظ عوالي اللئالى، ج ١ ص ٢٢٢ الحديث ٩٩ وص ٤٥٧ الحديث ١٩٨ وج ٢ وص ١٣٨ الحديث ٣٨٣ وج ٣ ص ٢٠٨ الحديث ٤٩.

٦٨

[ولا يزوج الوصي الا من بلغ فاسد العقل، مع اعتبار المصلحة].

ولو تحرر بعض العبد اوالامة انتفى الاجبار قطعا، لان البعض غير مملوك له فلا يتسلط عليه.

قوله: (ولا يزوج الوصي الا من بلغ فاسد العقل مع اعتبار المصلحة) اختلف كلام الاصحاب في ان وصي الاب والجد هل تثبت له ولاية التزويج؟ فنقل عن الشيخ في موضع من المبسوط انه قال: لا يستفاد ولاية النكاح بالوصية، لاصالة العدم وللتهمة.

وجزم في موضع آخر منه: بان للوصي ولاية النكاح على الصغيرة.

وقال في الخلاف: اذا أوصى إلى غيره بان يزوج بنته الصغيرة، صحت الوصية، وكان له تزويجها، واختاره العلامة في المختلف.

وقال في التذكرة: انما تثبت ولاية الوصي في صورة واحدة عند بعض علمائنا، وهي ان يبلغ الصبي فاسد العقل، ويكون له حاجة إلى النكاح وضرورة اليه، وهو اختيار المصنفرحمه‌الله .

والاقرب ثبوت ولايته على الصغير والصغيرة، ومن بلغ فاسد العقل، لان الحاجة قد تدعو إلى ذلك، ولعموم (فمن بدله)(١) .

ولما رواه الشيخ في الصحيح عن أبي بصير ومحمد بن مسلم كلاهما عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: سألته عن الذي بيده عقدة النكاح، فقال: هو الاب والاخ والموصى اليه(٢) .

وفي رواية اخرى لابي بصير عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: سألته عن

____________________

(١) سورة البقرة / ١٨١.

(٢) التهذيب، ج ٧(٤١) باب من الزيادات في فقه النكاح ص ٤٨٤ قطعة من حديث ١٥٤ وفي الوسائل ج ١٤، الباب ٨ من ابواب عقد النكاح واولياء العقد ص ٢١٣ الحديث ٥.

٦٩

[وكذا ال ح اكم].

الذي بيده عقدة النكاح؟ قال: هو الاب والاخ والرجل يوصى اليه(١) .

واعترض في المختلف: بان الاخ لاولاية له عندنا، ثم اجاب بالحمل على ماذا اوصي اليه وهو بعيد.

ويمكن حمله على ما اذا كان وكيلا للاخت. ولم نقف للقائلين باختصاص ولايته بمن بلغ فاسد العقل على مستند. والمتجه إما ثبوت ولايته على الجميع، او نفيها رأسا.

وعلى القول بثبوت ولايته، فهل يثبت بتعميم الوصية، ام لابد من التصريح بالوصية في النكاح؟ الاظهر الثاني، لان النكاح ليس من التصرفات التي ينتقل اليها الذهن عند الاطلاق، فيتوقف على التصريح به.

وفي كلام القائلين بثبوت ولاية الوصي دلالة عليه، حيث فرضوا المسألة فيما اذا اوصى اليه بان يزوج بنته، او ولده الصغير.

قوله: (وكذا الحاكم) أي ليس له ولاية الا على من بلغ فاسد العقل مع اعتبار المصلحة.

والمراد بالحاكم عندنا، الامام العادل، او من اذن له الامام، ويدخل فيه الفقيه الجامع لشرائط الافتاء والحكم.

وهذا الحكم: اعني اختصاص ولايته بمن بلغ فاسد العقل، هو المعروف من مذهب الاصحاب، ولم نقف لهم في هذا التفصيل على مستند.

والحق: انه ان اعتبرت الاطلاقات، والعمومات المتضمنة لثبوت ولاية الحاكم، وجب القول بثبوت ولايته في النكاح على الصغير والمجنون مطلقا، كما في

____________________

(١) التهذيب، ج ٧(٤١) باب من الزيادات في فقه النكاح ص ٤٨٤ قطعة من حديث ١٥٤ وفي الوسائل، ج ١٤، الباب ٨ من ابواب عقد النكاح واولياء العقد ص ٢١٣ الحديث ٤.

٧٠

[يلحق بهذا الباب مسائل (الاولى) الوكيل في النكاح لا يزوجها من نفسه]

ولاية المال والا وجب نفيها كذلك.

أما التفصيل فلا وجه له، ولعلهم نظروا في ذلك إلى ان الصغير لا حاجة له إلى النكاح، بخلاف من بلغ فاسد العقل.

وهو غير واضح، فان الحاجة إلى الكبير(١) وان كانت اوضح لكنها ليست منتفية في حق الصغير، خصوصا الانثى.

والمسألة محل اشكال، وللنظر فيها مجال.

ويستفاد من نفي ولاية الحاكم في النكاح على غير من بلغ فاسد العقل، ان البكر البالغة الرشيدة لو لم يكن لها اب كان امرها بيدها، ولا حاجة إلى استيذان الحاكم، وقد نبه على ذلك الاصحاب فيما لو عضلها الولي، حيث حكموا بتوليتها (بتوليها خ) حينئذ العقد من غير توقف على امر الحاكم.

قوله: ((الاولى) الوكيل في النكاح لا يزوجها من نفسه) مقتضى العبارة أنه ليس لوكيل المرأة في النكاح أن يزوجها من نفسه سواء أطلقت الاذن، أو عممته على وجه يتناوله العموم، لان المتبادر من توكيله في التزويج كون الزوج غيره.

واحتمل في التذكرة جواز تزويجها من نفسه مع الاطلاق، معللا باطلاق الاذن ومساواته لغيره.

وقيل: انه يجوز له تزويجها من نفسه مع التعميم، دون الاطلاق، لان العموم ماض على جزئياته بخلاف المطلق.

____________________

(١) هكذا في النسخ، ولعل الصواب في الكبير.

٧١

[ولو اذنت في ذلك فالاشبه الجواز، وقيل: لا، وهي رواية عمار.

(الثانية) النكاح يقف على الاجازة في الحر والعبد]

والفرق غير واضح لتناول المطلق لكل واحد من افراده، وان كان تناول العام أقوى.

ولو دلت القرائن مع الاطلاق او التعميم على تناول الوكيل، جاز له تزويجها من نسفه من هذه الجهة قطعا، بل يحتمل قويا الجواز اذا لم تدل القرائن على خروجه من اللفظ.

قوله: (ولو اذنت في ذلك فالاشبه الجواز، وقيل: لا، وهي رواية عمار الاظهر جواز تزويجها من نفسه حينئذ).

ولو قلنا بالمنع من تولى الطرفين، وكل غيره في الايجاب، ان كانت الوكالة متناولة كذلك او في القبول.

والرواية التي اشار اليها المنصف، رواها الشيخ عن عمار الساباطي قال: سألت ابا الحسنعليه‌السلام عن امرأة تكون في اهل بيت، فتكره ان يعلم بها اهل بيتها، أيحل لها ان توكل رجلا يريد ان يتزوجها؟ تقول له: قد وكلتك فاشهد على تزويجي، قال: لا، قلت له: جعلت فداك وان كانت أيما؟ قال: وان كانت أيما، قلت: فان وكلت غيره يزوجها (فتزويجها ثل) منه؟ قال: نعم(١) والرواية ضعيفة السند، قاصرة الدلالة، لجواز ان يكون المنفي هو قوله: (وكلتك فاشهد) فإن مجرد الاشهاد غير كاف.

قوله: ((الثانية) النكاح يقف على الاجازة في الحر والعبد) هذا هو المشهور بين الاصحاب، وادعى عليه المرتضىرضي‌الله‌عنه الاجماع، وقال ابن

____________________

(١) التهذيب، ج ٧(٣٢) باب عقد المرأة على نفسها النكاح واولياء الصبية واحقهم بالعقد عليها ص٣٧٨ الحديث ٥ وفي الوسائل ج ١٤، الباب ١٠ من ابواب عقد النكاح واولياء العقد ص ٢١٧ الحديث٤.

٧٢

ادريس في سرائره: انه لا خلاف في ان النكاح يقف على الاجازة الا في العبد والامة، فان بعضهم يوقف العقد على اجازة الموليين وبعضهم يبطله.

وقال الشيخ في الخلاف: ان العقد الواقع من الفضولي يقع باطلا.

والمعتمد الاول لنا ما رواه الشيخ في الحسن عن زرارة عن إبي جعفرعليه‌السلام قال: سألته عن مملوك تزوج بغير اذن سيده؟ فقال: ذلك (ذاك ثل) إلى سيده ان شاء اجازه وان شاء فرق بينهما، فقلت: إصلحك الله ان الحكم بن عيينة وابراهيم النخعي واصحابهم (بهما خ ل) يقولون: ان أصل النكاح باطل، فلا يحل اجازة السيد له، فقال ابوجعفرعليه‌السلام : انه لم يعص الله وانما عصى سيده فاذا أجازه فهو له جائز(١) .

وفي الصحيح عن أبي عبيدة الحذاء قال: سألت ابا جعفرعليه‌السلام عن غلام وجارية زوجهما وليان لهما وهما غير مدركين؟ قال: فقال: النكاح جائز، وايهما ادرك كان له الخيار، ثم قال في اخر الرواية: قلت: فان كان ابوها هو الذي زوجها قبل ان تدرك، قال: يجوز عليها تزويج الاب، ويجوز على الغلام والمهر على الاب للجارية(٢) .

ويستفاد من قوله (قلت: فان كان ابوها هو الذي زوجها): ان المراد بالوليين الذين زوجا الغلام والجارية، غير الاب والجد، كالاخ والعم، فان كلا

____________________

(١) التهذيب، ج ٧(٣٠) باب العقود على الاماء وما يحل من النكاح بملك اليمين، ص ٣٥١ الحديث٦٣. وفي الوسائل ج ١٤ الباب ٢٤ من ابواب نكاح العبيد والاماء، ص ٥٢٣ الحديث ١.

(٢) الكافي، ج ٥ باب تزويج الصبيان ص ٤٠١ قطعة من حديث ٤ وفي التهذيب ج ٧(٣٢) باب عقد المرأة على نفسها النكاح واولياء الصبية واحقهم بالعقد عليها ص ٣٨٨ قطعة من حديث ٣١ وفي الوسائل ج ١٧ الباب ١١ من ابواب ميراث الازواج ص ٥٢٧ قطعة من حديث ١.

٧٣

[ويكفي في الاجازة سكوت البكر، ويعتبر في الثيب النطق].

منهما يطلق عليه اسم الولي.

وفي بعض عبارات الشيخ في المبسوط: البكر ان كان لها ولي الاجبار مثل الاب والجد لا يفتقر نكاحها إلى اذنها، وان لم يكن له الاجبار كالاخ وابن الاخ والعم فلابد من اذنها فاطلق الولي على من ذكره من الاقارب، وان لم يكن له ولاية النكاح.

وكان هذا الاطلاق متعارف وعلى هذا فتكون الرواية صريحة في المطلوب.

ويشهد لهذا القول ايضا ما رواه الشيخ عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفرعليه‌السلام انه سأله عن رجل زوجته امه وهو غائب؟ قال: النكاح جائز، ان شاء المتزوج قبل وان شاء ترك الحديث(١) .

احتج القائلون بالبطلان بوجوه.

اقواها: ان العقود الشرعية تتوقف على الادلة الشرعية، ولا دليل على صحة هذا العقد مع الاجازة.

والجواب: ان الدليل على الصحة قائم، كما بيناه.

قوله: (ويكفي في الاجازة سكوت البكر ويعتبر في الثيب النطق) المشهور بين الاصحاب: انه يكفي في اذن البكر سكوتها، ولا يعتبر النطق، بل لا نعلم فيه مخالفا سوى ابن ادريس، فانه قال: السكوت لا يدل في موضع من المواضع على الرضا.

لنا ما رواه الكليني (في الصحيح) عن احمد بن محمد بن أبي نصر قال: قال ابوالحسنعليه‌السلام في المرأة البكر: اذنها صماتها(٢) .

____________________

(١) التهذيب، ج ٧(٣١) باب المهور والاجور وما ينعقد من النكاح من ذلك ومالا ينعقد ص ٣٧٦ قطعة من حديث ٨٦ وفي الوسائل ج ١٤ الباب ٧ من ابواب عقد النكاح ص ٢١١ الحديث ٣.

(٢) الكافي، ج ٥ باب استيمار البكر ومن يجب عليه استيمارها ومن لا يجب عليه ص ٣٤٩ الحديث ٨ وفي الوسائل ج ١٤ الباب ٥ من ابواب عقد النكاح ص ٢٠٦ الحديث ١.

٧٤

وفي الصحيح عن الحلبي عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: وسئل عن رجل يريد ان يزوج اخته، قال: يؤامرها فان سكتت فهو اقرارها، وان أبت لا يزوجها(١) .

وعن داود بن سرحان عن أبي عبداللهعليه‌السلام في رجل يريد ان يزوج اخته؟ قال: يؤامرها، فان سكتت فهو اقرارها(٢) .

دلت الروايات على الاكتفاء في اذن البكر بالسكوت، ومتى ثبت الاكتفاء بالسكوت في الاذن كفى في الاجازة، لانها في معنى الاذن. ولا يخفى ان الاكتفاء بالسكوت انما يتم حيث لا يكون معه قرينة دالة على عدم الرضا، والا لم تقد الاذن قطعا. ولو ضحكت عند استيذانها فهو اذن، لانه ادل على الرضا من السكوت، ونقل عن ابن البراج: انه ألحق بالسكوت والضحك، البكاء، وهو مشكل، لانه ربما كان قرينة الكراهة. هذا كله في البكر. اما الثيب فيعتبر نطقها بلا خلاف.

ويتحقق الثيبوبة بزوال البكارة بوطء او غيره، وألحق العلامة في التذكرة بالبكر من زالت بكارتها بطفرة أو وثبة أو سقطة ونحو ذلك، لان حكم الابكار انما يزول بمخالطة الرجال ولم يتحصل.

وهو غير بعيد، وان كان الاولى اعتبار النطق في غير البكر مطلقا.

____________________

(١) الكافي، ج ٥ باب استيمار البكر ومن يجب عليه استيمارها ومن لا يجب عليه ص ٣٩٤ قطعة من حديث ٤ ورواه في حديث ٣ عن داود بن سرحان فلاحظ، وفي الوسائل ج ١٤، الباب ٤ من ابواب عقد النكاح واولياء العقد ص ٢٠٥ الحديث ٤.

(٢) الوسائل، ج ١٤ من ابواب عقد النكاح، ص ٢٠١ الحديث ٣.

٧٥

[(الثالثة) لا تنكح الامة الا باذن المولى

رجلا كان المولى او امرأة، وفي رواية سيف: يجوز نكاح امة المرأة من غير اذنها متعة، وهي منافية للاصل].

قوله: ((الثالثة) لا تنكح الامة الا باذن المولى، رجلا كان أو امرأة، وفي رواية سيف: يجوز نكاح أمة المرأة من غير اذنها متعة، وهي منافية للاصل) اجمع العلماء كافة على توقف نكاح الامة على اذن مالكها اذا كان ذكرا.

واختلفوا في حكم امة المرأة، فذهب الاكثر إلى انها كأمة الرجل، بل قال ابن ادريس: انه لا خلاف في ذلك الا رواية شاذة رواها سيف بن عميرة اوردها شيخنا في نهايته(١) ورجع عنها في جواب المسائل الحائريات.

ويدل على ذلك: ان وطء الامة تصرف في مال الغير، فيتوقف على اذن المالك، كسائر التصرفات.

وما رواه الكليني (في الحسن) عن ابن أبي نصر عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام قال: لا يتمتع بالامة الا باذن اهلها(٢) .

وما رواه الشيخ عن إبي بصير قال: سألت ابا عبداللهعليه‌السلام عن نكاح الامة؟ قال: لا يصلح نكاح الامة الا باذن مولاها(٣) .

وعن أبي العباس قال: قلت لابي عبداللهعليه‌السلام : الرجل يتزوج الامة بغير (يتزوج الرجل بالامة ثل) اذن أهلها؟ قال: هو زنا، ان الله تعالى يقول:

____________________

(١) النهاية، باب المتعة واحكامها، ص ٤٩٠ س ١٧ وفي السرائر، باب العقد على الاماء والعبيد وما في ذلك من الاحكام، ص ٣٠٤ س ٣٥ ورواية سيف بن عميرة تأتي عن قريب.

(٢) الكافي، ج ٥، باب تزويج الاماء ص ٤٦٣ الحديث ١ وفي الوسائل ج ١٤، الباب ٥ من ابواب المتعة ص ٤٦٣ الحديث ١.

(٣) التهذيب، ج ٧(٣٠) باب العقود على الاماء وما يحل من النكاح بملك اليمين، ص ٣٣٥ الحديث ٤ وفي الوسائل، ج ١٤، الباب ٢٩ من ابواب نكاح العبيد ص ٥٢٨ الحديث ٤.

٧٦

(فانكحوهن باذن اهلهن)(١)(٢) .

وقال الشيخ في النهاية والتهذيب: يجوز التمتع بامة المرأة من غير اذنها.

واستدل بما رواه سيف بن عميرة، عن علي بن المغيرة قال: سألت ابا عبداللهعليه‌السلام عن الرجل يتمتع بأمة المرأة بغير اذنها؟ قا ل: لا بأس(٣) .

وعن سيف بن عميرة عن داود بن فرقد عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: سألته عن الرجل يتزوج بامة بغير اذن مواليها؟ فقال: ان كانت لامرأة فنعم، وان كانت لرجل فلا(٤) .

وعن سيف بن عميرة عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: لا بأس بان يتمتع الرجل بامة المرأة، فأما أمة الرجل فلا يتمتع بها الا بأمره(٥) .

واجاب جديقدس‌سره عن الرواية: بانها ضعيفة باضطراب السند، فان سيف بن عميرة تارة يرويها عن الصادقعليه‌السلام بغير واسطة، وتارة بواسطة علي بن المغيرة، وتارة بواسطة داود بن فرقد، قال: واضطراب السند مما يضعف الرواية.

واقول: ان في تسمية الاختلاف الواقع في السند على هذا الوجه اضطرابا نظرا، لكن الاصل في هذه الروايات سيف بن عميرة، ولا يبلغ روايته حجة في تخصيص الادلة المعلومة، فان الشهيدرحمه‌الله حكى عن بعض تضعيفه، وان اختار هو توثيقه، ووثقه الشيخ ايضا.

____________________

(١) سورة النساء / ٢٥.

(٢) من لا يحضره الفقيه، ج ٣(١٣٤) باب احكام المماليك والاماء، ص ٢٨٦ الحديث ٥ وفي الوسائل، ج ١٤، الباب ٢٩ من ابواب نكاح العبيد والاماء ص ٥٢٧ الحديث ١.

(٣) و(٤) و(٥) التهذيب، ج ٧(٢٤) باب تفصيل احكام النكاح، ص ٢٥٧ الحديث ٣٩ و ٤٠ و ٤١ وفي الوسائل، ج ١٤ الباب ١٤ من ابواب المتعة الحديث ٢ و ٣ و ١.

٧٧

[(الرابعة) اذا زوج الابوان الصغيرين صح وتوارثا ولا خيار لاحدهما عند البلوغ]

وذكر المصنف ان هذه الرواية مخالفة للاصل.

والظاهر ان المراد به القاعدة الكلية من تحريم التصرف في مال الغير بغير اذنه.

ويمكن حمل الرواية الاولى والثالثة على ان المراد بالتمتع بامة المرأة بغير اذنها، الانتفاع بها بالوطء بعد انتقالها اليه من المرأة من غير توقف على اخبار المرأة باستبرائها، ويكون ذلك هو المراد من الاذن.

واما الرواية الثانية فمتروكة الظاهر، لاقتضائها جواز التزويج بها مطلقا، ولاقائل به.

وكيف كان فلا يمكن الخروج عن الادلة المعلومة بهذه الرواية الواحدة، والله اعلم.

قوله: ((الرابعة) اذا زوج الابوان الصغيرين صح وتوارثا، ولاخيار لاحدهما عند البلوغ) اما صحة عقد الصغيرين اذا وقع من الابوين، وتوارثهما، فالظاهر انه لا خلاف فيه بين الاصحاب.

ويدل عليه مضافا إلى ما سبق ما رواه الشيخ (في الصحيح) عن محمد بن مسلم عن أبي جعفرعليه‌السلام في الصبي يتزوج الصبية يتوارثان؟ قال: اذا كان ابواهما اللذان زوجاهما، فنعم، قلت: فهل يجوز طلاق الاب؟ قال: لا(١) .

واما انه لا خيار لاحدهما بعد البلوغ، فهو قول معظم الاصحاب، وخالف فيه جماعة فاثبتوا الخيار للصبي اذا بلغ، وقد تقدم الكلام في ذلك.

____________________

(١) التهذيب، ج ٧(٢) باب عقد المرأة على نفسها النكاح واولياء الصبية واحقهم بالعقد عليها، ص ٣٨٨ الحديث ٣٢ وفي الوسائل ج ١٤، الباب ١٢ من ابواب عقد النكاح واولياء العقد ص ٢٢٠ الحديث ١.

٧٨

ولم يعتبر المصنف في هذا الكتاب في صحة عقد الصغيرة وقوعه بمهر المثل، وقد اعتبره جماعة، منهم العلامة في جملة من كتبه، والشهيد في اللمعة.

وقال المصنف في الشرائع: اذا زوجها الولي بدون مهر المثل، هل لها أن تعترض؟ فيه تردد، والاظهر أن لها الاعتراض، هذا كلامهرحمه‌الله ، وهو محتمل للاعتراض في المهر خاصة، او في العقد، وصرح العلامة في التحرير: بان الولي ليس له ان يزوج الصغيرة بدون مهر المثل، ثم قال: فان فعل كان لها فسخ (المهر خ ل) المسمى، وهل لها فسخ النكاح؟ فيه نظر.

والمعتمد: انه ان زوجها بدون مهر المثل مع المصلحة، بان وجد لها كفوا صالحا، ولم يبذل مقدار مهر المثل، وخاف من فواته عدم حصول مثله فلا اعتراض لها اصلا، والا كان لها فسخ النكاح، لان العقد الذي جرى عليه التراضي، هو المشتمل على المسمى، وقد وقع على خلاف المصلحة، فلا يكون لازما، بل يحتمل قويا بطلانه من رأس، لانه عقد جرى على خلاف المصلحة، فلا يكون صحيحا، لان تصرف الولي منوط بالمصلحة.

وقيل: لها الخيار في المهر خاصة، لعدم مدخلية المهر في صحة العقد وفساده.

وقيل: ليس لها خيار مطلقا، لان العقد على ما دون مهر المثل اولى من العفو، وهو جائز للذي بيده عقدة النكاح فيما قطع به الاصحاب، واذا لم يكن لها خيار في المهر ففي العقد اولى.

وهما ضعيفان.

وعلى القول بتخيرها في المهر يثبت لها مهر المثل، وفي ثبوته بمجرد العقد، او توقفه على الدخول؟ وجهان.

وهل يثبت للزوج الخيار لو فسخت المسمى؟ يحتمل قويا ذلك، لدخوله

٧٩

[ولو زوجهما غير الابوين، وقف على اجازتهما.

فلو ماتا او مات احدهما بطل العقد.

ولو بلغ احدهما فاجاز ثم مات عزل من تركته نصيب الباقي، فاذا بلغ (واجاز خ)، احلف انه لم يجز للرغبة، واعطى نصيبه].

على المهر القليل، فلا يلزمه الرضا بالزائد جبرا، ويحتمل العدم، لالتزامه بحكم العقد وهذا من جملة احكامه.

والمعتمد ما اخترناه اولا.

قوله: (ولو زوجهما غير الابوين، وقف على اجازتهما، فلو ماتا او مات احدهما بطل العقد الخ) اذا عقد على الصغيرين غير ابويهما كان فضوليا، فيقف على الاجازة، فان لم يكن هناك ولي، او كان ولم يجزه ولم يرده، وقف على اجازتهما بعد البلوغ، فان ماتا او احدهما قبله، فلا ارث لبطلان العقد بتعذر الاجازة، وان بلغ احدهما مع كون الاخر حيا، فاجاز العقد لزم من جهته وبقي من جهته الاخر موقوفا على اجازته اذا بلغ، فان اتفق بلوغه والاخر حي، واجاز العقد، لزم وان فرض موت المجيز اولا قبل ان يبلغ الاخر، او بعد بلوغه وقبل إجازته، فاجاز بعدذلك، احلف انه لم يجز طمعا في الميراث، بل لو كان الاخر حيا لرضي بتزويجه، وورث حصته منه.

والاصل في هذه المسألة ما رواه الكليني (في الصحيح) عن أبي عبيدة الحذاء، قال: سألت ابا جعفرعليه‌السلام عن غلام وجارية زوجهما وليان لهما وهما غير مدركين، قال: فقال: النكاح جائز، ايهما ادرك كان له الخيار، فان ماتا قبل ان يدركا فلا ميراث بينهما ولا مهر، الا ان يكونا قد أدركا ورضيا قلت: فان ادرك احدهما قبل الاخر، قال: يجوز ذلك عليه ان هو رضى، قلت: فان كان الرجل الذي أدرك قبل الجارية، ورضى النكاح ثم مات قبل ان تدرك الجارية، أترثه؟

٨٠