نهاية المرام الجزء ٢

نهاية المرام0%

نهاية المرام مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 368

نهاية المرام

مؤلف: صاحب المدارك السيد العاملي
تصنيف:

الصفحات: 368
المشاهدات: 39744
تحميل: 3847


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 368 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 39744 / تحميل: 3847
الحجم الحجم الحجم
نهاية المرام

نهاية المرام الجزء 2

مؤلف:
العربية

بالعدة الرجعية كما يدل عليه قوله عزوجل في آخر الآية: (لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا)(١) يعني الرجعة.

وما رواه الكليني في الصحيح عن سعد بن أبي خلف، قال: سألت أبا الحسن موسىعليه‌السلام عن شئ من الطلاق؟ فقال: إذا طلق الرجل امرأته طلاقا لا يملك فيه الرجعة فقد بانت منه ساعة طلقها وملكت نفسها ولا سبيل له عليها وتعتد حيث شاء ولا نفقة لها، قال: قلت: أليس الله عزوجل يقول: لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن؟ قال: فقال: انما عنى بذلك التي تطلق تطليقة بعد تطليقة فتلك التي لا تخرج ولا تخرج حتى تطلق الثالثة، فاذا طلقت الثالثة فقد بانت منه ولا نفقة لها(٢) .

وعن عبدالله بن سنان ومعاوية بن عمار، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: سألته عن المرأة المتوفى عنها زوجها تعتد في بيتها أو حيث شاء‌ت؟ قال: بل حيث شاء‌ت ان علياعليه‌السلام لما توفى عمر أتى ام كلثوم فانطلق بها إلى بيته(٣) .

وفي الصحيح، عن سليمان بن خالد، قال: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام عن امرأة توفي عنها زوجها اين تعتد، في بيت زوجها (تعتد كا) أو حيث شاء‌ت؟ قال (بلى كا): حيث شاء‌ت ثم قال: إن علياعليه‌السلام لما مات عمر أتى ام كلثوم فاخذ بيدها فانطلق بها إلى بيته(٤) .

وقد ورد في بعض الروايات ان المتوفى عنها لا تبيت في غير بيتها(٥) ، ويجب

____________________

(١) الطلاق: ١.

(٢) الوسائل باب ٢٠ حديث ١ من ابواب العدد ج ١٥ ص ٤٣٦.

(٣) الوسائل باب ٣٢ حديث ٣ من ابواب العدد ج ١٥ ص ٤٥٨.

(٤) الوسائل باب ٣٢ حديث ١ من ابواب العدد ج ١٥ ص ٤٥٧.

(٥) وهو صحيح محمد بن مسلم عن احدهماعليهما‌السلام قال: سألته عن المتوفى عنها زوجها اين تعتد؟ *

١٢١

[وتعتد المطلقة من حين الطلاق، حاضرا كان المطلق أو غائبا اذا عرفت الوقت، وفي الوفاة من حين يبلغها الخبر].

حملها على الكراهة جمعا بين الادلة.

قوله: (وتعتد المطلقة من حين الطلاق الخ) ما اختاره المصنف من الفرق بين المطلق والمتوفى بالنسبة إلى وقت اعتداد الزوجة، قول معظم الاصحاب، وعليه دلت الاخبار الصحيحة.

اما ان المطلقة تعتد من حين الطلاق، فيدل عليه روايات كثيرة (منها) ما رواه الكليني في الصحيح عن محمد بن مسلم، قال: قال لي أبوجعفرعليه‌السلام : إذا طلق الرجل وهو غائب فليشهد على ذلك، فاذا مضى ثلاثة أقراء من ذلك اليوم فقد انقضت عدتها(١) .

وفي الحسن، عن زرارة ومحمد بن مسلم وبريد بن معاوية، عن أبي جعفرعليه‌السلام انه قال في الغائب اذا طلق امرأته فأنها تعتد من اليوم الذي طلقها(٢) .

وفي الحسن عن الحلبي، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: سألته عن رجل يطلق امرأته وهو غائب عنها من أي يوم تعتد به؟ فقال: ان قامت لها بينة عدل انها طلقت في يوم معلوم وتيقنت، فلتعتد من يوم طلقت(٣) .

واما ان المتوفى عنها زوجها تعتد من حين يبلغها الخبر، فيدل عليه روايات.

(منها) ما رواه الكليني في الصحيح عن محمد بن مسلم، عن احدهماعليهما‌السلام

____________________

(١) قال: حيث شاء‌ت ولا تبيت عن بيتها قال في الوسائل: اقول حمله الشيخ على الاستحباب الوسائل باب ٣٢ حديث ٢ من ابواب العدد ج ١٥ ص ٤٤٣.

(٢) الوسائل باب ٢٦ حديث ٣ من ابواب العدد ج ١٥ ص ٤٤٤.

(٣) الوسائل باب ٢٦ حديث ٢ من ابواب العدد ج ١٥ ص ٤٤٤ وتمامه: وان لم تحفظ في أي يوم وفي أي شهر فلتعتد من يوم يبلغها.

*

١٢٢

في الرجل يموت وتحته امرأة وهو غائب، قال: تعتد من يوم يبلغها وفاته (موته خ ل)(١) وفي الحسن عن زرارة، ومحمد بن مسلم، وبريد بن معاوية، عن أبي جعفرعليه‌السلام انه قال: في الغائب عنها زوجها اذا توفي؟ قال: المتوفى عنها (زوجها خ) تعتد من يوم يأتيها الخبر، لانها تحد عليه(٢) (له خ ل).

وفي الحسن، عن ابن أبي نصر، عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام ، قال: المتوفى عنها زوجها تعتد حين يبلغها، لانها تريد ان تحد عليه (له خ ل ئل)(٣) .

وفي المسألة اقوال اخر (منها) التسوية بينهما في الاعتداد من حين الموت والطلاق اذا علمت الوقت، والا حين يبلغها وهو قول ابن الجنيد.

ويدل عليه ما رواه الشيخ في الصحيح، عن الحلبي، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: قلت له: إن امرأة بلغت نعي زوجها بعد سنة أو نحو ذلك، قال: فقال: ان كانت حبلى فاجلها ان تضع حملها، فلو (وان خ ل) كانت ليس حبلى فقد مضت عدتها اذا قامت لها البينة انه مات يوم كذا وكذا، وان لم يكن لها بينة فلتعتد من يوم سمعت(٤) .

وفي المسألة قول ثالث، وهو ان المتوفى عنها تعتد من يوم وفاة الزوج ان كانت المسافة قريبة كيوم أو يومين أو ثلاثة، والا فمن يوم يبلغها الخبر اختاره الشيخ في التهذيب.

واستدل عليه بما رواه في الصحيح عن منصور بن حازم، قال: سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام يقول: في المرأة يموت زوجها أو يطلقها وهو غائب، قال: ان

____________________

(١) الوسائل باب ٢٨ حديث ١ من ابواب العدد ج ١٥ ص ٤٤٦.

(٢) الوسائل باب ٢٨ حديث ٣ من ابواب العدد ج ١٥ ص ٤٤٦.

(٣) الوسائل باب ٢٨ حديث ٤ من ابواب العدد ج ١٥ ص ٤٤٧.

(٤) الوسائل باب ٢٨ حديث ١٠ من ابواب العدد ج ١٥ ص ٤٤٨.

*

١٢٣

كانت مسيرة أيام، فمن يوم يموت زوجها تعتد، وان كان من بعد، فمن يوم يأتيها الخبر، لانها لابد من ان تحد له(١) .

وقال جديقدس‌سره في المسالك إلى العمل بكل من هذه الروايات وحمل الزائد عما يتحقق به الاجزاء، على الاستحباب. وهو متجه وان كان العمل بما تضمنته الاخبار الكثيرة أولى واحوط.

وفي المسألة قول رابع، لابي الصلاح، وهو التسوية بينهما في الاعتداد من حين بلوغ الخبر مطلقا ولا ريب في ضعفه.

وأعلم أن اطلاق النص وكلام الاصحاب يقتضي عدم الفرق في اعتداد المتوفى عنها من حين بلوغها خبر وفاة زوجها، بين ان يكون المخبر ممن يثبت الوفاة بخبره ام لا، وبالتعميم صرح جماعة.

وعلى هذا فاذا اعتدت مع بلوغها الخبر ممن لا يثبت الموت باخباره، توقف جواز تزويجها على ثبوت موته بالبينة او الشياع وان تاخر عن العدة زمانا طويلا، فلو بادرت فنكحت بمجرد الخبر قبل ثبوت الوفاة وقع العقد باطلا، ظاهرا.

ثم ان تبين بعد ذلك موته وانقضاء عدتها قبل العقد، لم يبعد الحكم بصحته اذا كان جاهلين بالتحريم، لقصدهما على هذا التقدير إلى ايقاع العقد الصحيح واجتماع شرائط الصحة فيه.

وأما مع العلم بالتحريم فينبغي القطع بالفساد لانتفاء القصد إلى العقد الصحيح.

ولو فرض دخول الزوج الثاني قبل العلم بالحال ثم انكشف وقوعه بعد الموت او الطلاق وتمام العدة لم تحرم عليه بذلك وان كان قد سبق الحكم به ظاهرا لتبين انتفاء السبب المقتضي للتحريم، والله تعالى أعلم بحقائق أحكامه.

____________________

(١) الوسائل باب ٢٨ حديث ١٢ من ابواب العدد ج ١٥ ص ٤٤٩.

١٢٤

كتاب الخلع والمباراة

١٢٥

كتاب الخلع والمباراة

قوله: (كتاب الخلع والمباراة) قال في القاموس: الخلع كالمنع، النزع الا ان في الخلع مهلة ثم قال: وبالضم طلاق المرأة ببذل منها أو من غيرها كالمخالعة والتخالع، ونحوه قال الجوهري في الصحاح.

ومقتضى كلامهما أنه يطلق لغة على المعنى الشرعي.

والظاهر ان هذا المعنى كان معروفا قبل ورود الشرع.

والمبارأة بالهمز وقد يخفف الفها، المفارقة، قال في القاموس: يقال: بارأ امرأته صالحها في الفراق.

وعرف العلامة في التحرير الخلع بانه بذل المرأة لزوجها مالا فدية لنفسها.

وهو غير جيد، لان البذل اما امر خارج عن حقيقة الخلع او جزء منه، وعلى التقديرين فلا يصح تعريفه به.

وعرفه في القواعد بانه ازالة قيد النكاح بفدية، وهو منقوض بالمباراة، قال فخر المحققين: والمراد فدية لازمة لماهيته فلا يرد النقض بالطلاق بعوض.

وأقول: إن الطلاق بعوض من أقسام الخلع كما صرح به المتقدمون والمتأخرون من الاصحاب، فلا يرد نقضا عليه، وسيجئ تحقيق ذلك ان شاء الله تعالى.

١٢٦

[والكلام في العقد والشرائط واللواحق. وصيغة الخلع أن يقول: خلعتك أو فلانة مختلعة على كذا].

قوله: (والكلام في الصيغة والشرائط واللواحق الخ) لما كان الخلع من العقود المفيدة لابانة الزوجة بعوض مخصوص، فلابد له من صيغة دالة عليه كنظائره.

وقد ذكر الاصحاب انه يقع بلفظ خلعتك وخالعتك على كذا، او انت مختلعة، أو فلانة مختلعة على كذا، مع انه قد تقدم في الطلاق أن المصنف لا يقول بوقوعه بقوله: انت مطلقة، لانه بعيد عن شبه الانشاء.

واقتصروا في اكثر العقود على اللفظ الماضي معللين له بأن الماضي صريح في الانشاء وحكموا بانعقاد بعضها بالجملة الاسمية كانعقاد الضمان بقوله: انا ضامن، والهبة بقوله: هذا لك مع القصد إلى الهبة بذلك، وليس لهم في هذه الاحكام اصل يتعين الرجوع إليه، ولا مستند صالح يعول عليه.

قال جديقدس‌سره في المسالك بعد ان أورد نحو ذلك، ونعم ما قال: ولو جوزوا في جميع الابواب الالفاظ المفيدة للمطلوب صريحا من غير حصر كان اولى.

وكما يقع الخلع بهذه الالفاظ، كذا يقع قوله: انت طالق على كذا، وممن صرح بذلك، الشيخ في المبسوط، فانه قال: فاما ان كان الخلع بصريح الطلاق كان طلاقا بلا خلاف وكذلك العلامة، فانه قال في الارشاد: والصيغة، وهي خلعتك على كذا او انت أو فلانة مختلعة على كذا أو انت طالق على كذا، ونحوه قال في التحرير والقواعد.

وفي ذلك أوضح شهادة واقوى دلالة على ان الطلاق بعوض، من اقسام الخلع فيترتب عليه أحكامه، مضافا إلى ما سنورده ان شاء الله تعالى من الادلة على ذلك.

١٢٧

[وهل يقع بمجرده؟ قال علم الهدى نعم، وقال الشيخ: لا حتى يتبع بالطلاق].

وحيث قد عرفت ان الخلع من قبيل المعاوضات، فلا بد فيه من القبول من المرأة ان لم يسبق سؤالها ذلك.

ويعتبر وقوعهما متعاقبين بحيث يكون احدهما جوابا عن الآخر فان تقدم التماسها فقالت: (طلقني بألف) مثلا، اعتبر كون جوابه على الفور بحيث لا تخللهما زمان طويل يوجب عدم ارتباط الجواب بالسؤال.

وان تقدم لفظه، فقال: خالعتك على كذا، اعتبر قبولها عقيب كلامه كذلك.

ولو استدعت الطلاق بعوض فتراخى ثم قال: انت طالق، ولم يذكر العوض حكم بوقوعه مجردا عن العوض، اما لو قال: طلقتك بكذا ولم يتعقبه قبولها على الفور، فالاظهر بطلان الطلاق، لان الطلاق (بالعوض خ) لم يقع، لانتفاء شرطه، والطلاق المجرد غير مقصود، بل ولا مدلول عليه باللفظ، لان الكلام انما يتم بآخره.

قوله: (وهل يقع بمجرده؟ قال علم الهدى نعم وقال الشيخ لا حتى يتبع بالطلاق) اختلف الاصحاب في الخلع اذا وقع بغير لفظ الطلاق، هل يقع بمجرده؟ ام يشترط اتباعه بالطلاق؟ فقال المرتضىرضي‌الله‌عنه في المسائل الناصريات: عندنا ان الخلع اذا تجرد عن لفظ الطلاق بانت به المرأة وجرى مجرى الطلاق، ونحوه قال ابن الجنيد، فانه قال: وليس عليه ان يقول: قد طلقتك اذا قال لها قد خلعتك، وحكى ذلك، العلامة في المختلف عن ظاهر المفيد، والصدوق، وابن أبي عقيل، وسلار، وابن حمزة.

وقال الشيخ في كتاب الاخبار: قال محمد بن الحسن: الذي اعتمده في هذا الباب وافتي به، ان المختلعة لابد لها من ان تتبع بالطلاق، وهو مذهب جعفر

١٢٨

بن سماعة من المتقدمين، ومذهب علي بن الحسين من المتأخرين.

والمعتمد، الاول (لنا) ما رواه ابن بابويه في الصحيح عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: عدة المختلعة عدة المطلقة، وخلعها طلاقها، وهي تجزي من غير ان يسمى طلاقا(١) .

وما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، قال: سألت أبا الحسن الرضاعليه‌السلام عن المرأة تباري زوجها أو تختلع منه بشهادة شاهدين على طهر من غير جماع، هل تبين منه بذلك أو هي (تكون خ ل) امرأته ما لم يتبعها بطلاق؟ فقال: تبين منه وان شاء‌ت ان يرد اليها ما اخذ منها وتكون امرأته، فقلت: انه قد روي لنا انها لا تبين منه حتى يتبعها بالطلاق، قال: ليس ذلك اذن خلع، فقلت: تبين منه؟ قال: نعم(٢) .

كذا وقفت عليه من نسخ الكافي، والتهذيب، والصواب (خلعا) باثبات الالف ليكون خبر ليس.

وذكر الشهيد في شرح الارشاد انه وجده مضبوطا في خط بعض الافاضل: (اذا خلع) بفتح الخاء واللام، وفي بعض نسخ التهذيب خلعا على القانون اللغوي، قال: وهو الاصح.

وفي الحسن، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: المختلعة هي (التي ئل) ان تقول لزوجها: اخعلني وانا اعطيك ما اخذت منك، قال: لا يحل له ان يأخذ منها شيئا حتى تقول: لا أبر لك قسما ولا اطيع لك امرا ولآذنن في بيتك بغير اذنك، ولاوطئن فراشك غيرك فاذا فعلت ذلك من غير ان

____________________

(١) الوسائل باب ٣ حديث ٤ من كتاب الخلع ج ١٥ ص ٤٩١.

(٢) الوسائل باب ٣ حديث ٩ من كتاب الخلع ج ١٥ ص ٤٩٢.

*

١٢٩

[ولو تجرد كان طلاقا عن المرتضى، وفسخا عند الشيخ ولو قال بوقوعه مجردا].

يعلمها، حل له ما أخذ منها وكانت تطليقة بغير طلاق يتبعها وكانت بائنا بذلك وكان خاطبا من الخطاب(١) وفي معنى هذه الروايات أخبار كثيرة(٢) .

احتج الشيخ في التهذيب بما رواه علي بن الحسن بن فضال، عن علي بن الحكم، عن إبراهيم بن أبي سماك، عن موسى بن بكيرر (بكر خ ل)، عن أبي الحسن الاولعليه‌السلام ، قال: المختلعة يتبعها بالطلاق ما دامت في عدة(٣) .

واجاب عن الاخبار المتقدمة بالحمل على التقية، لانها موافقة لمذاهب العامة.

وهذا الحمل انما يتم مع تعارض الروايات وتكافئها من حيث السند، والامر هنا ليس كذلك، فان الاخبار المتقدمة مع صحتها وسلامة اسانيدها مستفيضة جدا وما احتج به الشيخ رواية واحدة راويها، موسى بن بكير، وهو واقفي غير موثق فكيف يعمل بروايته ويترك الاخبار الصحيحة الدالة على خلافه؟ ما هذا الا عجيب من الشيخرحمه‌الله ؟ ومع ذلك كله فهذه الرواية متروكة الظاهر لتضمنها ان المختلعة بالطلاق ما دامت في العدة والشيخ لا يقول بذلك، بل يعتبر وقوع الطلاق بعد تلك الصيغة بغير فصل، فما تدل عليه الرواية لا يقول به، وما يقول به لا تدل عليه الرواية.

قوله: (ولو تجرد كان طلاقا عند المرتضى وفسخا عن الشيخ لو قال بوقوعه مجردا) الاصح ما ذهب إليه المرتضىرضي‌الله‌عنه والاكثر من كونه

____________________

(١) أورد قطعة منها في باب ١ حديث ٤ وقطعة في باب ٣ حديث ٣ من كتاب الخلع ج ١٥ ص ٤٨٨ ٤٩١.

وقولهعليه‌السلام : (من غير ان يعلمها) يعني من غير ان يعلمها زوجها اياها ذلك، وفي الموضع الثاني: فاذا قالت ذلك.

(٢) راجع الوسائل باب ١ وباب ٢ من كتاب الخلع ج ١٥ ص ٤٨٧ ٤٨٩.

(٣) الوسائل باب ٣ حديث ٥ من كتاب الخلع ج ١٥ ص ٤٩٢.

*

١٣٠

[وما صح ان يكون مهرا، صح فدية في الخلع، ولا تقدير فيه، بل يجوز أن يأخذ منها زائدا عما وصل إليها منه].

طلاقا، للنصوص الصحيحة الدالة عليه كقولهعليه‌السلام في صحيحة الحلبي: (وخلعها طلاقها)(١) .

وفي حسنة اخرى له: (فاذا قالت المرأة لزوجها ذلك حل له ما اخذ منها وكانت عنده على تطليقتين باقيتين وكان الخلع تطليقة)(٢) .

وفي حسنة ابن مسلم: (وكان تطليقة بغير طلاق يتبعها)(٣) .

وفي حسنة اخرى لابن مسلم: (الخلع والمباراة تطليقة بائن، وهو خاطب من الخطاب)(٤) ، إلى غير ذلك من الاخبار الكثيرة.

وقال الشيخ تفريعا على القول بوقوعه مجردا: الاولى أنه فسخ، لا طلاق واحتج له في المختلف بانها فرقة عريت عن صريح الطلاق ونيته، فكانت فسخا كسائر الفسوخ.

ثم اجاب عنه بانه لا استبعاد في مساواته للطلاق وقد دل الحديث عليه فيجب المصير إليه وهو كذلك، ولا ريب في ضعف هذا القول.

ويتفرع على هذا الخلاف عدة في الطلقات الثلاثة المحرمة، فعلى القول بانه فسخ، لا يعد فيها ويجوز تجديد النكاح والخلع من غير حصر ولا احتياج إلى محلل في الثالث وعلى القول بانه طلاق، يترتب عليه أحكام الطلاق.

قوله: (وما صح أن يكون مهرا صح أن يكون فدية الخ) قد تقدم في المهور ان كل ما يملكه المسلم من عين أو دين أو منفعة، يصح كونه مهرا بعد ان

____________________

(١) راجع الوسائل باب ٣ حديث ٤.

(٢) راجع الوسائل باب ٣ حديث ٢.

(٣) راجع الوسائل باب ٣ حديث ٣.

(٤) راجع الوسائل باب ٥ حديث ٢ كل ذلك من كتاب الخلع ج ١٥.

*

١٣١

[ولابد من تعيين الفدية وصفا أو اشارة].

يكون متمولا، فيصح أن يكون فدية في الخلع، والا فقدر الفدية في جانب الكثرة بما وصل اليها من مهر وغيره، بخلاف عوض المباراة فانه لا يجوز زيادته عما وصل اليها منه على ما سيجئ بيانه.

ويدل على عدم التقدير في عوض الخلع مضافا إلى الاطلاقات والعمومات ما رواه الكليني في الحسن عن زرارة، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: المبارأة يؤخذ منها دون الصداق، والمختلعة يؤخذ منها ما شئت أو ما تراضيا عليه من صداق أو أكثر، وانما صارت المبارأة يؤخذ منها دون المهر، والمختلعة يؤخذ منها ما شاء، لان المختلعة تعتدي في الكلام وتتكلم بما لا يحل لها(١) .

قوله: (ولابد من تعيين الفدية وصفا أو اشارة) المراد انه لابد من تعيين الفدية بالاشارة كهذا الثوب، وهذا العبد، وهذه الصبرة من الحنطة، أو بالوصف الذي يحصلبه التعيين، سواء كان عينا شخصية أو كلية.

واطلاق العبارة وغيرها، يقتضي أنه لا يعتبر في الوصف كونه رافعا للجهالة، بل يكفي منه ما يحصل به التعيين، وعلى هذا، فلو بذلت له ما، لها في ذمته، من المهر جاز وان لم يعلما قدره، لان ذلك متعين في نفسه وان لم يكن معلوما لهما واعتبر المصنف في الشرايع، في الغائب ذكر جنسه ووصفه وقدره، مع انه اكتفى في الحاضر بالمشاهدة وان لم يكن معلوم القدر وما اطلقه هنا أجود.

ويتفرع على اعتبار هذا الشرط انه لو خالعها على الف واطلق ولم يذكر المراد منها جنسا ووصفا، ولا قصده (قصده خ ل) نية، لم يصح، لعدم التعيين المانع من حملها على بعض دون بعض، ولو قصدا الفا معينة صح ولزمهما ما قصداه وبه قطع في المسالك.

____________________

(١) الوسائل باب ٤ حديث ١ من كتاب الخلع ج ١٥ ص ٤٩٤.

*

١٣٢

لكنه قال: ان ذلك غير جائز في غير الخلع كالبيع وعلل الصحة هنا بان المقصود أن يكون العوض معلوما عند المتعاقدين، فاذا توافقا على شئ بالنية كان كما لو اتفقا بالنطق، ثم قال: ويحتمل فساد الخلع باهمال ذكر الجنس والوصف وان قصداه كما لا يصح ذلك في غيره من عقود المعاوضات على المشهور، فلو قالت: بذلك لك مالي في ذمتك أو ما عندي أو اعطيتني من الاشياء ونحو ذلك مع علمهما بقدره ووصفه يصح، ولو وقع البيع على مثل ذلك لم يصح، بل لابد فيه من التلفظ بما يعتبر تعيينه من الجنس والوصف والقدر، هذا كلامهرحمه‌الله .

وما ذكره من عدم صحة البيع على مثل ذلك غير واضح، والمتجه الصحة في الموضعين.

واعلم انه لا خلاف في صحة بذل الفدية من المرأة، ومن وكيلها الباذل له من مالها لنسبة البذل اليها في قوله تعالى: ولا جناح عليهما فيما افتدت به(١) ، وبذل وكيلها من مالها في معنى بذلها.

وفي صحته من المتبرع بالبذل من ماله، قولان اشهرهما وأظهرهما المنع لان الاصل بقاء النكاح إلى ان يثبت المزيل له ولم يثبت كون الخلع الواقع على هذا الوجه مزيلا له فينتفي بالاصل.

والقول بالصحة غير معلوم القائل من الاصحاب، لكنه قول اكثر العامة.

وربما وجه بان البذل افتداء وهو جائز من الاجنبي كما يقع الجعالة منه على الفعل لغيره وان كان طلاقا.

وهو توجيه ضعيف، فان البذل المتنازع في صحته ما اقتضى جعل الطلاق الواقع معه خلعا ليترتب عليه احكامه المخصوصة، لا مجرد بذل المال مع مقابلة الفعل

____________________

(١) البقرة: ٢٢٩.

*

١٣٣

[اما الشرائط، فيعتبر في الخالع، البلوع، وكمال العقل، والاختيار، والقصد، وفي المختلعة مع الدخول، الطهر الذي لم يجامعها فيه، اذا كان زوجها حاضرا وكان مثلها تحيض].

على وجه الجعالة، كأن يقول: طلق زوجتك وعلي الف من مالي مثلا، فان الغرض هنا وقوع الطلاق، ولا مانع من صحته، ولا من صحة الجعالة عليه.

لكن لا يشترط هنا في اجابته المقارنة لسؤاله، ولا الفورية ويكون الطلاق رجعيا من هذه الجهة.

ولو قلنا بصحة الخلع الواقع مع بذل الاجنبي، فهل للاجنبي ان يرجع في البذل ما دامت في العدة لم يحتمل ذلك كما في بذل الزوجة، ويحتمل قويا عدم جواز الرجوع هنا مطلق اقتصارا فيما خالف الاصل على موضع اليقين وهو رجوع الزوجة فيما بذلته خاصة.

وقد عرفت ان الاظهر بطلان الخلع الواقع مع بذل الاجنبي فيسقط هذا التفريع قوله: (واما الشرائط فيعتبر في الخالع، البلوغ الخ) الوجه في ذلك ان الخلع طلاق على ما بيناه فيما سبق، فيشترط في الخالع والمختلعة ما يشترط في المطلق والمطلقة وقد تقدم الكلام في هذه الشرائط في كتاب الطلاق مفصلا فليطلب من هناك.

ويدل على ذلك مضافا إلى ما ذكرناه ما رواه الكليني في الصحيح عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: قال: لا طلاق، ولا خلع، ولا مباراة، ولا خيار الا على طهر من غير جماع(١) .

وفي الصحيح، عن محمد بن اسماعيل، قال: سألت أبا الحسن الرضاعليه‌السلام عن المرأة تبارئ زوجها او تختلع منه بشهادة شاهدين (بشاهدين كا ئل) على طهر من غير جماع هل تبين عنه (منه ئل)؟ فقال: اذا

____________________

(١) الوسائل باب ٦ حديث ٣ من كتاب الخلع ج ١٥ ص ٤٩٧.

*

١٣٤

[وان يكون الكراهية منها خاصة صريحا].

كان ذلك على ما ذكرت فنعم(١) .

قوله: (وان يكون الكراهة منها خاصة صريحا) مذهب الاصحاب أن الخلع مشروط بكراهة المرأة للزوج، فلو خالعها من دون كراهتها له وقع باطلا.

ويدل على ذلك مضافا إلى ظاهر قوله تعالى: ولا يحل لكم ان تأخذوا مما آتيتموهن شيئا إلا أن يخافا الا يقيما حدود الله(٢) ، الاخبار الكثيرة.

كصحيحة الحلبي، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: المختلعة لا يحل خلعها حتى تقول لزوجها: والله لا ابر لك قسما، ولا اطيع لك امرا، ولا اغتسل لك من جنابة، ولاوطئن فراشك، ولآذنن عليك بغير اذنك، وقد كان الناس يرخصون فيما دون هذا، فاذا قالت المرأة ذلك لزوجها حل له ما اخذ منها وكانت عنده على تطليقتين باقيتين وكان الخلع تطليقة، وقال: يكون الكلام من عندها يعني من غير أن تعلم(٣) .

وحسنة محمد بن مسلم عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: المختلعة (التي ئل) أن تقول لزوجها: اخلعني وانا اعطيك ما اخذت منك، فقال: لا يحل له ان يأخذ منها شيئا حتى تقول: والله لا ابر لك قسما، ولا اطيع لك امرا، ولآذنن في بيتك بغير اذنك ولاوطئن فراشك غيرك، فاذا فعلت ذلك من غير ان يعلمها حل له ما اخذ منها وكانت تطليقة بغير طلاق يتبعها وكانت باينا بذلك وكان خاطبا من الخطاب(٤) .

____________________

(١) الوسائل باب ٣ حديث ٩ من كتاب الخلع ج ١٥ ص ٤٩٢ وللحديث ذيل فلاحظه ولاحظ ذيل الباب من الوسائل.

(٢) البقرة: ٢٢٩.

(٣) الوسائل باب ١ حديث ٣ من كتاب الخلع ج ١٥ ص ٤٨٧ وأورد ذيله في باب ٣ حديث ٢ منها.

(٤) الوسائل باب ١ حديث ٤ من كتاب الخلع ج ١٥ ص ٤٨٨ وللحديث ذيل فلاحظ الكافي والتهذيب والفقيه.

*

١٣٥

[ولا يجب لو قالت: لادخلن عليك من تكره، بل يستحب].

وفي رواية اخرى حسنة محمد بن مسلم عن أبي جعفرعليه‌السلام إذا قالت المرأة لزوجها جملة لا اطيع لك امرا مفسرا، أو غير مفسر حل له ما اخذ منها وليس له عليها رجعة(١) .

ويستفاد من هذه الروايات وما في معناها أنه لا يكفي في صحة الخلع مجرد تحقق الكراهة من جهتها بل لابد من انتهائها إلى هذا الحد.

وبمضمونها افتى الشيخ وغيره حتى قال ابن إدريس في سرائره: ان اجماع اصحابنا منعقد على انه لا يجوز الخلع الا بعد ان يسمع منها ما لا يحل ذكره من قولها: (لا اغتسل لك من جنابة ولا اقيم لك حدا ولاوطين فراشك من يكره أو يعلم ذلك منها فعلا) (قصدا خ ل).

وعلى هذا فيشكل وقوع الخلع في كثير من الموارد اذا لم يعلم وصول الكراهة من الزوجة إلى هذا الحد.

لكن مقتضى حسنة زرارة، عن أبي جعفرعليه‌السلام ان المباراة لا يعتبر فيها ذلك حيث قال فيها: (وانما صارت المبارأة يؤخذ منها دون المهر (الصداق ئل) والمختلعة يؤخذ منها ما شاء، لان المختلعة تعتدي في الكلام، وتتكلم بما لا يحل لها)(٢) وعلى هذا فاذا كان المأخوذ من الزوجة دون المهر ولم يعلم حصول الكراهة من الزوجة على هذا الوجه، فالاولى ابانتها بالمباراة دون الخلع وسيجئ تمام الكلام في ذلك.

قوله: (ولا يجب لو قالت: لادخلن عليك من تكره بل يستحب) رد بذلك على الشيخرحمه‌الله في النهاية فانه قال: وانما يجب الخلع اذا قالت المرأة

____________________

(١) الوسائل باب ١ حديث ١ من كتاب الخلع ج ١٥ ص ٤٨٧ وذيل في باب ٣ حديث ٣ منها.

(٢) الوسائل باب ٤ قطعة من حديث ١ من كتاب الخلع ج ١٥ ص ٤٩٤.

*

١٣٦

[ويصح خلع الحامل مع الدم (وخ) لو قيل انها تحيض. ويعتبر في العقد حضور شاهدين عدلين تجريده عن الشرط، ولا بأس بشرط يقتضيه العقد كما لو شرط الرجوع ان رجعت].

لزوجها: اني لا اطيع لك امرا ولا أقبح لك حدا ولا اغتسل لك من جنابة ولاوطين فراشك من تكرهه ان لم تطلقني، فمتى سمع منها هذا القول وعلم من حالها عصيانه في شئ من ذلك وان لم تنطق به وجب عليه خلعها وتبعه ابوالصلاح، وابن البراج، وابن زهرة.

واحتج له في المختلف بان النهي عن المنكر واجب وانما يتم هذا الخلع فيجب.

ثم اجاب عنه بالمنع من المقدمة الثانية وهو كذلك.

ثم قال: والظاهر ان مراد الشيخ بذلك شدة الاستحباب هذا كلامهرحمه‌الله وهو جيد، واجود من الحكم باباحة الخلع حينئذ لا استحبابه، اذ ليس في الاخبار دلالة على ازيد من الاباحة.

قوله: (ويصح خلع الحامل مع الدم ولو قيل: انها تحيض) الوجه في ذلك صحة طلاقها مع الدم اجماعا لقولهعليه‌السلام في عدة روايات صحيحة: خمس يطلقن على كل حال (وعد منها الحامل والمستبين حملها)(١) والخلع طلاق فيتعلق به احكام الطلاق.

ونقل عن بعض علمائنا قول بعدم جواز خلع الحامل ان قلنا: انها تحيض الا في طهر آخر غير طهر المواقعة، بخلاف الطلاق، وهو مجهول القائل والمأخذ.

قوله: (ويعتبر في العقد حضور شاهدين عدلين الخ) اما اعتبار حضور شاهدين عدلين يشهدان بالعقد فموضع وفاق، وقد تقدم من الاخبار ما يدل عليه.

____________________

(١) راجع الوسائل باب ٢٥ من ابواب مقدمات الطلاق ج ١٥ ص ٣٠٥.

*

١٣٧

[أما اللواحق فمسائل: (الاولى) لو خالعها والاخلاق ملتئمة لم يصح ولم يملك الفدية]

واما انه يعتبر فيه تجريده من الشرط الذي لا يقتضيه العقد، فمقطوع به في كلام الاصحاب، وظاهرهم انه موضع وفاق.

ويدل عليه اصالة عدم البينونة مع الخلع المعلق على الشرط السالم عما يخرج عنه.

اما الشرط الذي يقتضيه العقد كما لو شرط المختلع، الرجوع في الخلع ان رجعت المختلعة في البذل، فلا مانع منه، لان ما يترتب على العقد ثابت شرط أو لم يشرط فيكون اشتراطه كلا اشتراطه.

قوله: (الاولى لو خالعها والاخلاق ملتئمة الخ) المراد بالتيام الاخلاق عدم كراهتها له، ولا ريب في بطلان الخلع على هذا التقدير لفوات شرطه، وهو وفاق وقد نص المصنف في الشرايع(١) على أنه لو طلقها والحال هذه بعوض، لم يملك العوض (الفدية خ ل) وصح الطلاق وله الرجعة وتبعه العلامةرحمه‌الله في ذلك، فانه قال في القواعد: ولو خالعها والاخلاق ملتمة لم يصح الخلع ولا يملك الفدية، ولو طلقها حينئذ بعوض لم يملكه ووقع رجعيا، ونحوه قال في التحرير.

وما ذكراه من عدم تملك العوض مع التيام الاخلاق ظاهر، لاطلاق الآية والاخبار المتضمنة لانه لا يحل للزوج ان يأخذ من الزوجة شيئا الا ان تعتدي عليه في الكلام(٢) ، ولاتفاق الاصحاب ظاهرا على ان الطلاق بالعوض يتعلق به

____________________

(١) قال في الشرايع: الثانية لو خالعها والاخلاق ملتئمة لم يصح الخلع ولا يملك الفدية ولو طلقها والحال هذه بعوض لم يملك العين وصح الطلاق وله الرجعة (انتهى).

(٢) راجع باب ١ من كتاب الخلع من الوسائل ج ١٥ ص ٤٨٧ والآية مثل قوله تعالى ولا يحل لكم ان تأخذوا مما آتيتموهن شيئا الخ.

*

١٣٨

(الثانية) لا رجعة للخالع، نعم لو رجعت في البذل رجع ان شاء ويشترط رجوعها، في العدة، ثم لا رجوع (بعدها خ)

أحكام الخلع، ولولا انه خلع لم يتعلق به شئ من أحكامه لانتفاء نص فيه على الخصوص كما لا يخفى على المتتبع. اما الحكم بوقوع الطلاق رجعيا على هذا التقدير فمشكل، لان الطلاق الرجعي غير مقصود ولا مدلول عليه باللفظ، لان الكلام انما يتم بآخره، والمتجه على هذا التقدير وقوع الطلاق باطلا من اصله. ومما حررناه يعلم ان ما ذكره جديقدس‌سره في الروضة والمسالك من ان الطلاق بالعوض لا يعتبر فيه كراهة الزوجة بخلاف الخلع، غير جيد، لانه مخالف لمقتضى الادلة وفتوى الاصحاب، فانا لا نعلم له في ذلك موافقا.

قوله: (الثانية لا رجعة للخالع نعم لو رجعت في البذل رجع الخ) تضمنت هذه العبارة مسألتين (احداهما) أن الخلع فرقة بائنة، فلا رجعة فيه للخالع اذا لم ترجع المرأة في البذل، وهو موضع وفاق. ويدل عليه روايات منها قولهعليه‌السلام في حسنة محمد بن مسلم: الخلع والمباراة تطليقة بائن، وهو خاطب من الخطاب(١) . وقد أوردنا طرفا من هذه الروايات فيما سبق، فلا وجه لاعادتها.

(الثانية) انه يجوز للمرأة ان ترجع في البذل ما دامت في العدة، ومع رجوعها يرجع في الخلع ان شاء، وهذا الحكم ذكره الشيخ وجمع من الاصحاب ولم يذكر المفيدرحمه‌الله جواز رجوعها (رجوعهما خ) في ذلك الا مع اشتراطه في الخلع.

وحكى العلامة في المختلف، عن ابن حمزة انه قال: يجوز ان يطلقا الخلع

____________________

(١) الوسائل باب ٥ حديث ٢ من كتاب الخلع ج ١٥ ص ٤٩٥.

*

١٣٩

وان تقيد المرأة بالرجوع فيما افتدت به، والرجل بالرجوع في بضعها، فان اطلق لم يكن لاحدهما الرجل بحال الا ان يرضى الآخر، وان قيدا لم يخل اما لزمتها العدة أو لم تلزم، فان لزمتها جاز الرجوع ما لم تخرج من العدة وان خرجت منها أو لم يلزم العدة لم يكن لهما الرجوع بحال الا بعقد جديد ومهر مستأنف ثم قال ونفى العلامة في آخر كلامه: انه لا بأس بهذا القول وهو جيد.

اما جواز رجوعهما مع الاطلاق اذا تراضيا على ذلك، فيدل عليه قول أبي الحسن الرضاعليه‌السلام (في صحيحة محمد بن اسماعيل في المختلعة تبين منه): وان شاء‌ت ان يرد إليها ما أخذ منها وتكون إمرأته، فعلت(١) .

واما أن لها الرجوع في العدة مطلقا مع اشتراط ذلك في العقد، فيدل عليه ما رواه ابن بابويه في الصحيح عن الحلبي، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: المباراة أن تقول المرأة لزوجها: لك ما عليك واتركني فتركها الا انه يقول لها: فان ارتجعت في شئ منه فانا املك ببضعك(٢) .

وهذه الرواية وان كانت واردة في المباراة الا ان الظاهر تساوي المباراة والخلع في هذا الحكم، ومع ذلك فهو محل إشكال. ولم اقف في هذا الباب على رواية يعتد بها سوى هاتين الروايتين فاثبات ما زاد على ما تضمناه مشكل. وينبغي القطع بعدم جواز رجوعها في البذل اذا كان الطلاق مما لا يجوز فيه الرجوع كما لو كانت الطلقة ثالثة أو كانت المرأة غير مدخول بها بل الاجود قصر الجواز على ما اذا اتفقا على ذلك وتراضيا عليه كما تضمنته صحيحة محمد بن

____________________

(١) الوسائل باب ٧ حديث ٢ من كتاب الخلع ج ١٥ ص ٤٩٩.

(٢) الوسائل باب ٨ حديث ١ من كتاب الخلع ج ١٥ ص ٥٠٠.

*

١٤٠