نهاية المرام الجزء ٢

نهاية المرام0%

نهاية المرام مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 368

نهاية المرام

مؤلف: صاحب المدارك السيد العاملي
تصنيف:

الصفحات: 368
المشاهدات: 39715
تحميل: 3845


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 368 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 39715 / تحميل: 3845
الحجم الحجم الحجم
نهاية المرام

نهاية المرام الجزء 2

مؤلف:
العربية

[اعجبته جارية عمته، فخاف الاثم فحلف بالايمان ان لا يمسها أبدا فورث الجارية أعليه جناح أن يطأها؟ فقال انما حلف على الحرام، ولعل الله رحمه فورثه إياها لما علم من عفته(١) ].

الرواية رواها الشيخ، عن أبي بصير، عن أبي عبداللهعليه‌السلام بطريق ضعيف جدا، لكن لا يبعد المصير إلى ما تضمنته، اذ الظاهر أن الحلف انما وقع على الوطء المحرم ولو قصد التعميم حرم الوطء مطلقا الا اذا صار راجحا فتنحل اليمين حينئذ ويباح الوطء.

____________________

(١) الوسائل باب ٤٩ حديث ١ من كتاب الايمان ج ٦ ص ١٨٠.

*

٣٤١

٣٤٢

كتاب النذور والعهود والنظر في امور أربعة: الاول: الناذر

ويعتبر فيه التكليف والاسلام والقصد].

قوله: (كتاب النذور والعهود والنظر في امور اربعة) النذر لغة قيل: انه الوعد بخير، وقال في القاموس: نذر على نفسه بنذر وينذر نذرا ونذورا، أوجبه كالنذر، ونذر ماله، ولله سبحانه كذا، والنذر ما كان وعدا على شرط كعلي ان شفاء الله مريضي، كذا نذر، وعلي ان اتصدق بدينار.

والاجود في تعريفه شرعا، انه التزام قربة بقوله: لله علي.

وقد اجمع العلماء كافة على وجوب الوفاء بالنذر، والاصل فيه، الكتاب والسنة واما الكتاب فقوله تعالى: اوفوا بالعقود(١) وقوله عزوجل: وليوفوا نذورهم(٢) يوفون بالنذر(٣) .

واما السنة فمتواترة، وسيجئ طرف منها في غصون(٤) هذا الباب.

قوله: (الاول الناذر ويعتبر فيه التكليف والاسلام والقصد) اما

____________________

(١) المائدة: ١.

(٢) الحج: ٢٩.

(٣) الانسان: ٧.

(٤) وفي بعض النسخ (غضون) بالضاد المعجمة والصواب ما اثبتناه.

*

٣٤٣

[ويشترط في نذر المرأة اذن الزوج، وكذا لو نذر المملوك، فلو بادر احدهما كان للزوج والمالك فسخه ما لم يكن فعل واجب أو ترك محرم، ولا ينعقد في سكر يرفع القصد، ولا غضب كذلك].

اعتبار التكليف والقصد، فلا ريب فيه، لما عرفت من ان غير المكلف، والقاصد لا اعتداد بشئ من أقوالهما. واما الاسلام فقد صرح الاكثر باعتباره، واستدل عليه في الشرائع بأن نية القربة معتبرة في النذر وهي متعذرة في حقه. وهو استدلال ضعيف، فان المعتبر من القربة ارادة التقرب لا حصوله، وهذه الارادة كما تتحقق من المسلم تتحقق من الكافر المقر بالله تعالى، ولهذا صح العتق منه مع اشتراطه بالقربة، ولو قيل: بصحة نذره لكان حسنا.

قوله: (ويشترط في نذر المرأة اذن الزوج، وكذا لو نذر المملوك الخ) ما اختاره المصنفرحمه‌الله من مساوات نذر الزوجة والمملوك كيمينهما في الوقف على اذن الزوج، هو المشهور بين الاصحاب خصوصا، المتأخرين.

والحق بهما العلامة في جملة من كتبه، الولد فجعل نذره موقوفا على اذن الاب.

ولا نص على ذلك كله، وانما ورد النص بتوقف اليمين خاصة، وهو خلاف النذر.

وربما استدل على ذلك بما رواه الشيخ، عن الحسن بن علي، عن أبي الحسنعليه‌السلام ، قال: قلت له: ان لي جارية ليس لها مني مكان ولا ناحية وهي تحتمل الثمن الا أني كنت حلفت فيها بيمين فقلت: (لله علي أن لا أبيعها أبدا) ولي إلى ثمنها حاجة مع تخفيف المؤنة، فقال: ف لله بقولك له(١) .

____________________

(١) الوسائل باب ١٧ حديث ١١ من كتاب النذر ج ١٦ ص ٢٠١.

*

٣٤٤

الثاني: الصيغة

وهي ان تكون شكرا كقوله: (إن رزقت ولدا فلله علي كذا او استدفاعا كقوله: (ان برئ المريض فلله علي كذا) أو زجرا كقوله: (ان فعلت كذا من المحرمات أو ان لم افعل كذا من الطاعات فلله علي كذا) أو تبرعا كقوله: (لله علي كذا) ولا ريب في انعقاده مع الشرط، وفي انعقاد التبرع قولان أشبههما، الانعقاد].

وجه الدلالة ان الراوي أطلق على النذر اسم اليمين واقره الامامعليه‌السلام ، ومتى ثبت كونه يمينا، تناوله النص المتضمن لتوقف اليمين على الاذن.

وهو استدلال ضعيف، اما الاول فلانها ضعيفة السند(١) ، فان من جملة رجالها أبا عبدالله الرازي وهو مطعون فيه فلا تنهض حجة على اثبات هذا الحكم، واما ثانيا فلان المطلوب انما يتم اذا ثبت كون النذر يمينا حقيقة، واثباته مشكل، فان الاطلاق اعم من الحقيقة.

والمسألة محل إشكال، والمطابق لمقتضى الاصل عدم اعتبار الاذن في الزوجة والولد، اما المملوك فلا يبعد توقف نذره على اذن مولاه لاطلاق ما تضمن الحجر عليه.

قوله: (الثاني الصيغة، وهي تكون شكرا الخ) اجمع العلماء كافة على انعقاد النذر مع الشرط، سواء كان شكرا أو زجرا، أو استدفاعا وانما الكلام في انعقاد نذر التبرع، وهو الخالي عن الشرط، فقال السيد المرتضىرضي‌الله‌عنه انه غير منعقد واحتج عليه باجماع الطائفة، وبما نقل عن ثعلب ان النذر عند العرب وعد

____________________

(١) سندها كما في التهذيب هكذا: محمد بن احمد، عن أبي عبدالله الرازي عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن الحسن بن عبدالله.

*

٣٤٥

[ويشترط النطق بلفظ الجلالة، فلو قال: (علي كذا) لم يلزم].

بشرط والشرع ورد بلسانهم.

وذهب الاكثر ومنهم الشيخرحمه‌الله إلى انعقاد النذر المطلق كالمشروط واحتج عليه في الخلاف بالاجماع أيضا.

ويدل عليه مضافا إلى الاطلاقات ما رواه ابن بابويه في الصحيح عن الحلبي، عن أبي عبداللهعليه‌السلام انه قال: فان قلت: (لله علي) فكفارة يمين(١) .

رتب الكفارة على قوله: (لله) فلا يكون غيره معتبرا، خرج من ذلك ذكر المنذور لعدم تحقق النذر بدونه، فيبقى ما عداه مندرجا في الاطلاق.

وما رواه الشيخ في الصحيح عن منصور بن حازم، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: اذا قال الرجل: علي المشي إلى بيت الله وهو محرم بحجة، أو (علي هدي كذا وكذا) فليس بشئ حتى يقول: (لله علي المشي إلى بيته) أو يقول: لله على ان احرم بحجة أو يقول: لله علي هدي كذا وكذا ان لم أفعل كذا وكذا)(٢) .

والظاهر ان الشرط متعلق بالجملة الثانية خاصة ويكون المراد من الرواية بيان نوعي النذر اعني المشروط والتبرع.

وفي الصحيح، عن أبي الصباح الكناني، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: ليس من شئ هو لله طاعة يجعل الرجل عليه إلا ينبغي له ان يفي به(٣) .

والمسألة محل تردد، وان كان القول بالانعقاد لا يخلو من قوة.

قوله: (ويشترط النطق بلفظ الجلالة فلو قال: علي كذا لم يلزم) هذا موضع وفاق ويدل عليه قولهعليه‌السلام في صحيحة الحلبي: فان قلت: (لله

____________________

(١) الوسائل باب ٣ قطعة من حديث ٥ من كتاب النذور والعهد ج ١٦ ص ١٨٥ وأورده في الفقيه بقوله: وقال الحلبي وسألته وأورده في الكافي أيضا باب النذور.

(٢) الوسائل باب ١ حديث ١ من كتاب النذور والعهد ج ١٦ ص ١٨٢.

(٣) الوسائل باب ١٧ حديث ٦ من كتاب النذور والعهد ج ١٦ ص ٢٠٠. وله ذيل فراجع.

*

٣٤٦

[ولو اعتقد انه ان كان كذا فلله علي (عليه خ) كذا ولم يتلفظ بالجلالة فقولان اشبههما انه لا ينعقد وان كان الاتيان به افضل].

علي فكفارة يمين)(١) وفي صحيحة منصور بن حازم: فليس بشئ حتى يقول: لله علي المشي إلى بيته(٢) .

وفي رواية أبي الصباح: ليس النذر بشئ حتى يسمي لله شيئا(٣) .

ومقتضى عبارة المصنف واكثر الاصحاب انه لابد في انعقاد النذر من النطق بلفظ الجلالة، واكتفى الشهيد في الدروس باحد الاسماء الخاصة، وهو محل إشكال.

وكذا الاشكال في انعقاد النذر مع ابدال لفظ الجلالة بمرادفه من الالفاظ الغير العربية.

ويشترط في صحة النذر قصد الناذر إلى معنى قوله: (لله) وهو المعبر عنه بنية القربة، وانما لم يذكره المصنف صريحا، لان الظاهر من حال المتلفظ بقوله: (لله) ان يكون قاصدا إلى معناه حتى لو ادعى عدم القصد لم يقبل قوله فيه الا في اليمين كما بيناه فيما سبق.

قوله: (ولو اعتقد انه ان كان كذا فلله علي كذا الخ) الاصح ما اختاره المصنفرحمه‌الله ، اما انه لا ينعقد فلقولهعليه‌السلام في صحيحة الحلبي(٤) : (فان قلت لله علي فكفارة يمين، وفي صحيحة منصور بن حازم ليس بشئ حتى يقول: (لله علي)(٥) ونحوه من الاخبار المتضمنة لاعتبار النطق بلفظ الجلالة.

واما ان الاتيان به افضل، فلان المنذور لابد ان يكون طاعة كما سيجئ بيانه، وفعل الطاعة حسن على كل حال، والقول بانعقاد النذر بمجرد النية للشيخ

____________________

(١) و(٢) و(٣) و(٤) و(٥) تقدمت هذه الاخبار آنفا فراجع مواضعها.

*

٣٤٧

[وصيغة العهد أن يقول: عاهدت الله متى كان كذا فعلي كذا.وينعقد نطقا، وفي انعقاده اعتقادا قولان اشبههما أنه لا ينعقد.ويشترط فيه القصد كالنذر].

وجماعة، لم نقف لهم في ذلك على دليل يعتد به.

قوله: (وصيغة العهد ان يقول: عاهدت الله متى كان كذا فعلي كذا) مقتضى العبارة ان العهد لا يقع الا مشروطا.

وصرح العلامة في جملة من كتبه بأنه يقع مشروطا ومطلقا كالنذر ولم أقف في هذا الباب على رواية يعتد بها نعم روى الشيخ بطريق ضعيف عن علي بن جعفر انه سأل أخاه موسىعليه‌السلام عن رجل عاهد الله في غير معصية، ما عليه ان لم يف بعهده؟ قال: يعتق رقبة أو يتصدق بصدقة أو يصوم شهرين متتابعين(١) .

وعن أبي بصير، عن أحدهماعليهما‌السلام ، قال: من جعل عليه عهدا لله وميثاقه في امر الله طاعة فحنث فعليه عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو اطعام ستين مسكينا(٢) .

ومقتضى الروايتين عدم اعتبار الشرط في العهد لكنهما ضعيفتا السند(٣) .

قوله: (وينعقد نطقا الخ) الاصح ما اختاره المصنفرحمه‌الله ، لان المتبادر من المعاهدة ما وقع باللفظ، ولان الاصل عدم الانعقاد بدونه.

قوله: (ويشترط فيه القصد كالنذر) لا ريب في اعتبار هذا الشرط،

____________________

(١) الوسائل باب ٢٤ حديث ١ من ابواب الكفارات ج ١٥ ص ٥٧٦.

(٢) الوسائل باب ٢٤ حديث ٢ من ابواب الكفارات ج ١٥ ص ٥٧٦.

(٣) سند الاولى كما في التهذيب هكذا: محمد بن أحمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد العلوي (الكوكبي خ ل) عن العمركي البونكي عن علي بن جعفر.

وسند الثانية كما فيه أيضا هكذا: الحسين بن سعيد، عن اسماعيل، عن حفص بن عمر، عن أبيه، عن أبي بصير.

*

٣٤٨

الثالث: في متعلق النذر

وضابطه ما كان طاعة لله مقدورا للناذر.

ولا ينعقد مع العجز، ويسقط لو تجدد العجز والسبب اذا كان طاعة لله وكان النذر شكرا لزم، ولو كان] لان الاقول الصادرة من دون القصد لا حكم لها في شئ من العقود والايقاعات اجماعا.

قوله: (الثالث في متعلق النذر وضابطه ما كان طاعة لله مقدورا للناذر) المراد بالطاعة ما تعلق به الامر واجبا كان أو مندوبا، وبالمقدور ما امكن فعله عادة وان لم يكن مقدورا حال النذر.

ولا ريب في اعتبار هذا الشرط لاستحالة التكليف بالممتنع عقلا وامتناعه شرعا.

اما اعتبار كونه طاعة، فيدل عليه ان النذر مشروط بالقربة على ما سبق بيانه والمباح لا يحصل به التقرب.

استقرب الشهيد في الدروس انعقاد نذر المباح المتساوي الطرفين دينا ودنيا، لرواية الحسن بن علي الوشاء المتضمنة لانعقاد نذر عدم بيع الجارية(١) ، فان ترك البيع مباح اذا لم يقترن بعوارض مرجحة، وضعف الرواية يمنع من العمل بها.

قوله: (ولا ينعقد مع العجز الخ) لا ريب في هذين الحكمين بالاستحالة التكليف بالممتنع وانما يسقط النذر بالعجز عنه اذا استوعب العجز وقت الوجوب، سواء كان موقتا أو مطلقا كما هو واضح.

قوله: (والسبب اذا كان طاعة وكان النذر شكرا لزم الخ) الوجه في

____________________

(١) لعله أراد ما أورده في الوسائل باب ٢٤ حديث ٥ من كتاب الايمان ج ١٦ ص ١٥٤ فتأمل.

*

٣٤٩

[زجرا لم يلزم وبالعكس لو كان السبب معصية. ولا ينعقد لو قال: لله علي نذر، واقتصر. وينعقد لو قال: علي قربة، ويبر بفعل قربة ولو صوم يوم او صلاة ركعتين].

ذلك ان الشكر على الطاعة حسن، والزجر عنها قبيح، كما ان الزجر عن المعصية حسن، والشكر عليها قبيح فلو قال: (ان حججت فلله علي كذا) وقصد الشكر انعقد، ولو قصد الزجر بطل.

وبالعكس لو قال: (ان زنيت فلله علي كذا) ويعلم من ذلك ان صيغة الشكر والزجر واحدة وانما يتميز احدهما عن الآخر بالقصد.

ولا يخفى ان سبب النذر قد لا يكون طاعة كالشفاء من المرض وحصول الولد مثلا، والمعتبر فيه صلاحيته لتعلق الشكر به.

قوله: (ولا ينعقد لو قال: لله علي نذر واقتصر) انما لم ينعقد النذر بذلك لعدم ذكر متعلقه، ويدل قولهعليه‌السلام : ليس النذر بشئ حتى يسمي لله شيئا صياما أو صدقة أو هديا أو حجا(١) .

قوله: (وينعقد لو قال علي قربة الخ) المراد انه اذا قال: (لله علي ان افعل قربة) انعقد النذر، لاجتماع شرائطه التي من جملتها ذكر متعلقه، وهو فعل القربة، ويبر بفعل كل قربة من صدقة أو صيام أو صلاة ركعتين أو غير ذلك من الطاعات.

ومقتضى العبارة انه لا يبر بصلاة الركعة الواحدة، وقيل: يبر بفعل مفردة الوتر، وهو مشكل، اذ المستفاد من النصوص الصحيحة(٢) ان الوتر اسم للركعات

____________________

(١) راجع الوسائل باب ١ حديث ٢ من كتاب النذر والعهد ج ١٦ ص ١٨٢.

(٢) راجع الوسائل باب ١٥ حديث ٧ ٩ ١١ ١٥ ١٦ ١٧ من ابواب اعداد الفرائض ج ٣ ص ٤٨٤٦ قوله لو نذر.

*

٣٥٠

[ولو نذر صوم حين صام ستة أشهر، ولو قال: زمانا صام خمسة اشهر. ولو نذر الصدقة بمال كثير كان ثمانين درهما].

الثلاث لا للمفردة خاصة، فلا يكون فعلها على الانفراد مشروعا.

قوله: (ولو نذر صوم حين صام ستة اشهر الخ) لفظ الحين، والزمان، والوقت ونحوهما من الاوقات المبهمة، يصدق بحسب اللغة والعرف على القليل والكثير.

ومقتضى ذلك ان من نذر صوم احدها بر بصوم يوم لتحقق الحين والزمان والوقت به.

لكن روى الشيخ، عن السكوني عن أبي عبداللهعليه‌السلام عن آبائهعليهم‌السلام ان علياعليه‌السلام قال في رجل نذر أن يصوم زمانا؟ قال: الزمان خمسة أشهر، والحين ستة أشهر، لان الله عزوجل يقول: تؤتي اكلها كل حين بإذن ربها(١) .

وعن أبي الربيع الشامي، عن أبي عبداللهعليه‌السلام انه سئل عن رجل قال: لله علي أن اصوم حينا وذلك في شكر فقال ابوعبداللهعليه‌السلام : قد اتي عليعليه‌السلام في مثل هذا فقال: صم ستة أشهر فان الله تعالى (عزوجل ئل) يقول: تؤتي اكلها كل حين بإذن ربها يعني ستة أشهر(٢) .

وبمضمون هاتين الروايتين أفتى الاصحاب، وللتوقف فيه مجال لضعف الروايتين، المانع من التمسك بهما. ولو نوى الناذر بالحين والزمان شيئا معينا وجب ما نواه بغير إشكال.

قوله: (ولو نذر الصدقة بمال كثير كان ثمانين درهما) المستند في ذلك

____________________

(١) الوسائل باب ١٤ حديث ٢ من ابواب بقية الصوم الواجب ج ٧ ص ٢٨٤.

(٢) الوسائل باب ١٤ حديث ١ من ابواب بقية الصوم الواجب ج ٧ ص ٢٨٤.

*

٣٥١

[ولو نذر عتق كل عبد قديم اعتق من كان له في ملكه ستة أشهر فصاعدا اذا لم ينو شيئا. ومن نذر في سبيل الله صرفه في البر].

ما رواه الشيخ عن أبي بكر الحضرمي قال: كنت عند أبي عبداللهعليه‌السلام فسأله رجل عن رجل مرض فنذر لله شكرا ان عافاه الله، ان يتصدق من ماله بشئ كثير ولم يسم شيئا فما تقول؟ قال: يتصدق بثمانين درهما فانه يجزيه وذلك بين في كتاب الله اذ يقول (الله خ) لنبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لقدم نصركم الله في مواطن كثيرة، والكثيرة في كتاب الله ثمانون(١) .

ومقتضى الرواية ان الكثير شرعا ثمانون فيتناول النذر بالمال الكثير والوصية به ونحو ذلك، لكن الرواية ضعيفة جدا(٢) ، ولو اطرحناها لذلك وجب الرجوع في الكثرة إلى العرف، والاكتفاء بما يصدق عليه هذا اللفظ.

قوله: (ولو نذر عتق كل عبد قديم اعتق كل من له في ملكه ستة اشهر الخ) هذا الحكم مشهور بين الاصحاب، ومستنده ضعيف جدا، وقد تقدم الكلام فيه في كتاب العتق والحكم بتقدير تسليمه يختص بعتق المملوك، فلو نذر الصدقة بالمال القديم وجب الرجوع فيه إلى العرف.

قوله: (ومن نذر في سبيل الله صرفه في البر) نما في وجوه البر والقربات، وذلك لان السبيل لغة، الطريق، فمعنى سبيل الله طريق ثوابه فيتناول كل ما كان طريقا اليه من الصدقة ومعونة الحاج، والزائرين، وطلبة العلم، وعمارة المساجد ونحو ذلك.

____________________

(١) الوسائل باب ٣ حديث ٢ من كتاب النذر والعهد ج ١٦ ص ١٨٦.

(٢) والسند كما في التهذيب هكذا: محمد بن علي بن محبوب، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن خالد عن سيف بن عميرة عن أبي بكر الحضرمي.

*

٣٥٢

[ولو نذر الصدقة بما يملك لزم، فان شق قومه واخرج شيئا فشيئا حتى يوفي] قوله: (ولو نذر الصدقة بما يملك لزم الخ) اذا نذر ان يتصدق بجميع ما يملك، فان كان ذلك مما لا يضر بحاله في الدين والدنيا انعقد نذره قطعا، لان الصدقة راجحة اذا لم يطرأ عليها ما يقتضي المرجوحية، وان كان ذلك مضرا بحاله، فمقتضى القواعد المتقدمة عدم انعقاد هذا النذر، لان من شرط المنذور كونه طاعة.

لكن قال في المسالك إن اللازم من عدم انعقاد نذر المرجوح أنه يلزم فيما لا يضر بحاله، وما اضر بحاله أو كان ترك الصدقة به أولى، لم ينعقد نذره.

وهو مشكل لان الواقع نذر واحد والمنذور مرجوح فلا وجه لانعقاده في البعض وصحته في البعض.

وذكر المصنف وغيره أن من هذا شأنه اذا شق عليه الصدقة: ماله قومه وتصرف فيه وضمن قيمته في ذمته وتصدق بها شيئا فشيئا حتى يوفي.

ومستندهم في ذلك ما رواه الشيخ، عن محمد بن يحيى الخثعمي، قال: كنا عند أبي عبداللهعليه‌السلام جماعة، اذ دخل عليه رجل من موالي أبي جعفرعليه‌السلام فسلم عليه ثم جلس وبكى؟ ثم قال له: جعلت فداك: اني كنت اعطيت الله عهدا ان عافاني الله من شئ كنت أخافه على نفسي، أن اتصدق بجميع ما املك، وان الله عزوجل قد عافاني منه وقد حولت عيالي من منزلي إلى قبة في خراب الانصار، وقد حملت كل ما املك وانا (فانا ئل) بايع داري وجميع ما املك، فاتصدق به؟ فقال له ابوعبداللهعليه‌السلام : انطلق وقوم منزلك وجميع متاعك وما تملك بقيمة عادلة فاعرف ذلك ثم اعمد إلى صحيفة بيضاء فاكتب فيها جملة ما قومته (قومت ئل) ثم انطلق (انظر ئل) إلى أوثق الناس في نفسك وادفع (فادفع ئل) إليه الصحيفة وأوصه ومره ان حدث بك حدث الموت ان يبيع منزلك وجميع ما تملك فيتصدق به عنك ثم ارجع إلى منزلك وقم في مالك على

٣٥٣

الرابع: في اللواحق وهي مسائل:

(الاولى) لو نذر يوما معينا فاتفق له السفر افطر وقضاه، وكذا لو مرض أو حاضت المرأة أو نفست].

ما كنت فيه فكل انت وعيالك مثل ما كنت تأكل ثم انظر كل شئ يتصدق به في ما تستقبله من صدقة أو صلة أو قرابة أو في وجوه البر فاكتب ذلك كله واحصه، فاذا كان رأس السنة فانطلق إلى الرجل الذي أوصيت إليه فمره ان يخرج اليك الصحيفة ثم اكتب جملة، ما تصدقت به واخرجت من صلة قرابة (صدقة ئل) أو بر في تلك السنة، ثم افعل مثل ذلك حتى تفي لله بجميع ما نذرت فيه ويبقى لك منزلك ومالك ان شاء الله، قال: فقال الرجل: فزجت عني يابن رسول الله جعلني الله فداك(١) .

وهذه الرواية معتبرة الاسناد، لان طريقها إلى محمد بن يحيى الخثعمي صحيح، واما محمد بن يحيى فقد وثقه النجاشي، لكن قال الشيخ في موضع من الاستبصار: انه عامي فشكل التعويل على روايته اذا كانت مخالفة للقواعد الشرعية.

ولو كان المقصود، التصدق بما يملك عينا أو قيمة، وقلنا: ان النذر المطلق لا يقتضي التعجيل كما هو الظاهر لم تكن مخالفة للقواعد واتجه العمل بها.

قوله: (الرابع في اللواحق وهي مسائل الاولى الخ) اما وجوب الافطار مع عروض احد هذه الاشياء فلا ريب فيه لقولهعليه‌السلام في صحيحة صفوان بن يحيى: ليس من البر الصيام في السفر(٢) .

____________________

(١) الوسائل باب ١٤ حديث ١ من كتاب النذر والعهد ج ١٦ ص ١٩٧.

(٢) الوسائل باب ١ حديث ١٠ من ابواب من يصح منه الصوم ج ٧ ص ١٢٥.

*

٣٥٤

[ولو شرط صومه سفرا وحضرا صام وان اتفق في السفر].

وفي صحيحة حريز: كل ما أضر به الصوم فالافطار له واجب(١) .

وفي حسنة الحلبي وقد سأله اصبحت صائمة فلما ارتفع النهار أو كان المساء (العشاء ئل) حاضت اتفطر؟ قال: نعم، وان كان وقت المغرب فلتفطر(٢) .

واما وجوب القضاء، فمقطوع به في كلام الاصحاب ولم نقف له على مستند سوى ما رواه الكليني، عن محمد بن جعفر الرزاز، عن محمد بن عيسى، عن علي بن مهزيار انه كتب اليه: يا سيدي، رجل نذر ان يصوم يوما من الجمعة دائما ما بقى فوافق ذلك اليوم يوم جمعة أو يوم عيد فطر، أو اضحى، أو ايام التشريق أو سفر أو مرض، هل عليه صوم ذلك اليوم أو قضائه وكيف يصنع يا سيدي؟ فكتب إليه: وقد وضع الله عنه الصيام في هذه الايام كلها ويصوم يوما بدل يوم ان شاء الله(٣) .

وهذه الرواية قاصرة من حيث السند، فان محمد بن جعفر الرزاز غير موثق، ومع ذلك فهي مشتملة على ما اجمع الاصحاب على بطلانه من سقوط الصوم في يوم الجمعة فيشكل التعويل عليها في اثبات حكم مخالف للاصل.

والمتجه عدم وجوب القضاء في جميع ذلك ان لم يكن الوجوب اجماعيا، لان القضاء فرض مستأنف فيتوقف على الدليل، وبدونه يكون منفيا بالاصل.

قوله: (ولو شرط صومه سفرا وحضرا صام وان اتفق في السفر) هذا الحكم مشهور بين الاصحاب، والمستند فيه ما رواه الشيخ في الصحيح عن علي بن مهزيار، قال: كتب إليه بندار مولى إدريس: يا سيدي نذرت ان اصوم كل يوم سبت فان انا لم اصمه ما يلزمني من الكفارة؟ فكتب وقرأته: لا تتركه الا من علة

____________________

(١) الوسائل باب ٢٠ حديث ٢ من ابواب من يصح منه الصوم ج ٧ ص ١٥٦.

(٢) الوسائل باب ٢٥ قطعة من حديث ١ من ابواب من يصح منه الصوم ج ٧ ص ١٦٢.

(٣) الوسائل باب ١٠ حديث ١ من كتاب النذر والعهد ج ١٦ ص ١٩٤ ويظهر فيه ان له صدرا.

*

٣٥٥

[ولو اتفق يوم عيد افطر، وفي القضاء تردد].

وليس عليك صومه في سفر ولا مرض الا ان تكون نويت ذلك وان كنت افطرت (منه خ) من غير علة فتصدق بقدر كل يوم لسبعة (على ئل) مساكين نسأل الله التوفيق لما يحب ويرضى(١) .

ويظهر من المصنفرحمه‌الله في كتاب الصوم من هذا الكتاب التوقف في هذا الحكم حيث اسنده إلى قول مشهور، وقال في المعتبر: ولمكان ضعف هذه الرواية جعلناه قولا مشهورا.

وكأن وجه ضعفها الاضمار واشتمالها على ما لم يقل به احد من وجوب الصوم في المرض اذا نوى ذلك، والا فهي صحيحة السند بحسب الظاهر، لكنها باعتبار ما ذكرناه تضعف عن صلاحيتها لاثبات هذا الحكم، وتخصيص الاخبار المستفيضة المتضمنة لتحريم الصوم في السفر، والمسألة قوية الاشكال والاحتياط يقتضي عدم ايقاع النذر على هذا الوجه.

قوله: (ولو اتفق يوم عيد افطر وفي القضاء تردد) اما وجوب الافطار فلا ريب فيه لتحريم صوم العيدين بالنص والاجماع، وانما الكلام في وجوب القضاء فذهب الاكثر إلى انه غير واجب لان النذر لم يتناول صوم العيدين فلا يجب اداء ولا قضاء.

وللشيخ قول بوجوب القضاء استنادا إلى رواية علي بن مهزيار المتقدمة وقد عرفت انها قاصرة سندا ومتنا(٢) .

وأجاب عنها المحقق الشيخ فخر الدين بالجمل على الاستحباب(٣) ، لان

____________________

(١) الوسائل باب ١٠ حديث ١ من ابواب من يصح منه الصوم ج ٧ ص ١٣٩.

(٢) لقد تقدم من الشارحقدس‌سره الحكم بصحتها بقولهقدس‌سره فهي صحيحة السند بحسب الظاهر والله العالم.

(٣) راجع ايضا ح الفوائد ج ٤ ص ٥٨ ولا يخفى ان ما اجاب به الشارحقدس‌سره قد تنبه به الفخر وأجاب فراجع.

*

٣٥٦

[ولو عجز عن صومه أصلا، قيل: يسقط (سقط خ) وفي رواية، يتصدق عنه بمد].

القضاء لو كان واجبا لم يعلقه بالمشية بلفظ (ان) لان (ان) تختص بالمحتمل لا المتحقق.

وضعفه ظاهر، اذ من المعلوم ان هذا التعليق للتبرك، لا للشك، مع أن المندوب مساو للواجب في تعلق مشية الله تعالى له.

قوله: (ولو عجز عن صومه اصلا قيل يسقط (سقط خ) وفي رواية يتصدق عنه بمد) لا ريب في سقوط الصوم مع العجز عنه، لامتناع التكليف بالممتنع، وانما الكلام في وجوب التصدق بدلا منه، فنفاه الاكثر للاصل.

واثبته الشيخرحمه‌الله ، لورود الامر به في عدة روايات كصحيحة احمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام في رجل نذر على نفسه ان هو سلم من مرض أو تخلص من حبس، ان يصوم كل يوم اربعاء، وهو اليوم الذي تخلص فيه فعجز عن ذلك لعلة اصابته أو غير ذلك فمد الله تعالى للرجل في عمره واجتمع عليه صوم كثير، ما كفارة ذلك؟ قال: يتصدق لكل يوم مدا من حنطة أو تمر(١) .

قال ابن بابويهرحمه‌الله بعد ان أورد هذه الرواية: وفي رواية ابن إدريس بن زيد، وعلي بن إدريس عن الرضاعليه‌السلام ، قال: تصدق (يكفر ئل) عن كل يوم بمد حنطة أو شعير(٢) .

ورواية محمد بن منصور انه سأل أبا الحسن موسى بن جعفرعليهما‌السلام ، عن رجل نذر صياما فثقل الصوم عليه، قال: تصدق (يتصدق ئل) عن كل يوم بمد من حنطة(٣) .

____________________

(١) الوسائل باب ١٥ مثل حديث ٣ من ابواب بقية الصوم الواجب ج ٧ ص ٢٨٦. منقول بالمعنى.

(٢) الوسائل باب ١٥ حديث ١ منها.

(٣) الوسائل باب ١٢ حديث ٢ من كتاب النذور والعهد ج ١٦ ص ١٩٥.

*

٣٥٧

[(الثانية) ما لم يعين بوقت يلزم الذمة مطلقا، وما قيد بوقت، يلزم فيه، ولو اخل لزمته الكفارة، وما علقه بشرط ولم يقرنه بزمان فقولان، احدهما: يتضيق فعله عند الشرط، والآخر: لا يتضيق، وهو أشبه.

(الثالثة) من نذر الصدقة في مكان معين او الصوم او الصلاة في وقت معين لزم، فان فعل ذلك في غيره اعاد].

واجيب عن هذه الروايات بالحمل على الاستحباب، وهو يتوقف على وجود المعارض وبدونه يجب المصير إلى القول بالوجوب، لانه حقيقة اللفظ.

قوله: (الثانية ما لم يعين بوقت يلزم الذمة مطلقا الخ) الاصح ما اختاره المصنفرحمه‌الله من انه لا يتضيق الا بظن الوفاة، كالنذر الذي لم يعين بوقت وسائر الواجبات الموسعة، لان الامر بمجرده لا يفيد الفور، ولا دليل على ان هذا الامر بخصوصه يفيده والقول يتضيق فعله عند الشرط، لابن حمزة، وهو غير واضح المأخذ.

قوله: (الثالثة من نذر الصدقة في مكان معين الخ) اطلاق العبارة يقتضي عدم الفرق في الزمان والمكان بين المشتمل على المزية وغيره. والوجه في ذلك أن المنذور هو العبادة الواقعة على الوجه المخصوص فيجب الاتيان بها على هذا الوجه، لعدم تحقق الامتثال بدونه.

وفي المسألة قولان آخران (احدهما) ان من نذر الصوم في بلد معين كان له الصوم اين شاء، واختاره الشيخرحمه‌الله في بعض كتبه نظرا إلى أن الصوم لا يحصل له بايقاعه في مكان دون آخر صفة زائدة على كماله في نفسه، فاذا نذر الصوم في مكان معين، انعقد الصوم خاصة لرجحانه دون الوصف بخلوه عن المزية. وجوابه بعد تسليم خلو المكان من المزية ان المنذور ليس مطلق الصوم نطقا ولا قصدا، وانما هو الصوم المخصوص الواقع في المكان المعين، فمتى قلنا بانعقاد

٣٥٨

[(الرابعة) لو نذر ان برئ مريضه أو قدم مسافره فبان البرء والقدوم قبل النذر لم يلزم وان كان بعده لزم.

(الخامسة) من نذر ان رزق ولدا حج به او حج عنه ثم مات، حج به أو عنه من اصل التركة].

نذره لم يحصل الامتثال بدون الاتيان به على ذلك الوجه والا لم يجب الوفاء به مطلقا اما صحة النذر وجواز الاتيان بالمنذور في غير ذلك المكان، فلا وجه له أصلا.

(وثانيهما) تعين الزمان مطلقا وعدم تعين المكان الا مع اشتماله على المزية. ووجهه، وجوابه معلوم مما سبق.

قوله: (الرابعة لو نذر ان برئ مريضه أو قدم مسافره الخ) الوجه في ذلك أن المفهو من هذا اللفظ، الالتزام بالمنذور ان حصل الشرط بعد النذر، فلا يجب بدونه.

ويدل عليه مضافا إلى ما ذكرناه ما رواه الشيخ في الصحيح، عن محمد بن مسلم، عن أحدهماعليهما‌السلام قال: سألته عن رجل وقع على جارية له، فارتفع حيضها وخاف ان تكون قد حملت، فجعل الله عتق رقبة وصوما، وصدقة ان هي حاضت وقد كانت الجارية طمثت قبل ان يحلف بيوم أو يومين وهو لا يعلم؟ قال: ليس عليه شئ(١) .

قوله: (الخامسة من نذر ان رزق ولدا حج به أو حج عنه الخ) اذا نذر المكلف انه ان رزق ولدا حج به أو حج عنه، انعقد نذره، لان الحج من اعظم الطاعات فينعقد نذره شكرا، واذا وقع النذر على هذا الوجه تخير الناذر بين ان يحج

____________________

(١) الوسائل باب ٥ حديث ٢ من كتاب النذر والعهد ج ١٦ ص ١٨٨.

*

٣٥٩

بالولد، وبين ان يحج عنه، فان اختار الثاني نوى الحج عن الولد، وان اختار الاول نوى الولد الحج عن نفسه ان كان مميزا والا أجرأ الاب ايقاع صورة الحجكما لو حج به تبرعا. ولو بلغ الولد قبل حج الاب به فحج بعد البلوغ اجزأه عن حج الاسلام، لان ذلك بمنزلة الاستطاعة بالبدل المنذور. ولو مات الاب قبل ان يفعل احد الامرين فقد اطلق الاكثر ومنهم المصنفرحمه‌الله إنه يحج بالولد أو عنه من صلب ماله. وقيده بعضهم بما اذا كان موته بعد التمكن من فعل المنذور، والا سقط.

والاصل في هذه المسألة ما رواه الشيخ، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن مسمع، قال: قلت لابي عبداللهعليه‌السلام كانت لي جارية حبلى فنذرت لله عزوجل ان ولدت غلاما ان أحجه أو احج عنه، فقال: ان رجلا نذر لله عزوجل في ابن له ان هو أدرك ان يحجه أو يحج عنه فمات الاب وأدرك الغلام بعد، فاتى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (ذلك خ) الغلام فسأله عن ذلك فامر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ان يحج عن مما ترك ابوه(١) .

وهذه الرواية معتبرة الاسناد، لان طريقها إلى مسمع صحيح، ومسمع، قال النجاشي: انه كان شيخ بكر بن وائل بالبصرة ووجهها وسيد المسامعة، وانه روى عن أبي جعفرعليه‌السلام رواية يسيرة، وروى، عن أبي عبداللهعليه‌السلام واكثر واختص به وقال له أبوعبداللهعليه‌السلام اني لاعدك لامر عظيم يا أبا السيار.

وهذا المدح لا يقصر عن التوثيق، فلا يبعد العمل بروايته خصوصا مع تلقي

____________________

(١) الوسائل باب ١٦ حديث ١ من كتاب النذر والعهد ج ١٦ ص ١٩٨.

*

٣٦٠