رسالة المحقق الكركي الجزء ٢

رسالة المحقق الكركي0%

رسالة المحقق الكركي مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 271

رسالة المحقق الكركي

مؤلف: الشيخ علي بن الحسين الكركي
تصنيف:

الصفحات: 271
المشاهدات: 26237
تحميل: 3627


توضيحات:

بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 271 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 26237 / تحميل: 3627
الحجم الحجم الحجم
رسالة المحقق الكركي

رسالة المحقق الكركي الجزء 2

مؤلف:
العربية

وسنده ان معين الاشتباه لايمكن تعقله في المحل الملاقي، لما بينا من أن شرطه تكافؤ الاحتمالين على وجه يكون احتمال النجاسة ناقلا عن حكم الاصل بالقطع بوقوع النجاسة في الشيئين اللذين هذا أحدهما كما عرفت، والشرط منتف هاهنا فينتقي الاشتباه، وهذا بحمد الله واضح عند من له ادنى بصيرة.وأما ما ذكره شيخنا العلامة في المنتهى، فان كان الحجة مجرد ذكره فهو من الطائف، لان العاجز عن الدليل شأنه أن يتمسك بما ليس بدليل.وان كان الحجة في دليله، فأنت اذا نظرت إلى دليله في قوله: وكذا لو استعمل أحدهما وصلى به لم تصح صلاته ووجب عليه غسل ما أصابه المشتبه بماء متيقن الطهارة كالنجس(١) .فان هذا في قوة ما ذكره أولا في المسألة التي قبل هذه من قوله: لانه ما يجب اجتنابه فكان كالنجس(٢) .فانه ان أراد بهذا التشبيه القياس، بأن يكون الفرع هو المشتبه، والاصل هو النجس، والجامع الذي هو المشترك وجوب الاجتناب، والحكم هو وجو ب غسل ما أصابه، رددناه أولا: بأنه قياس، وبعد تسليم قبوله يمنع تعليل الحكم في الاصل بما ادعى عليه، ويمنع وجود العلة بعينها في الفرع، لان الموجود فيه ليس هو مطلق وجوب الاجتناب، بل وجوب الاجتناب في الامر المشروط بالطهارة، فلا يصلى في الثوب المشتبه، ولا يسجد على الارض المشتبهة.وان أراد به بأن الشارع ساوى بين الشتبه والنجس، فلاصحة فيه، لان المساواة لا تقتضي العموم كما هو مبين في الاصول، وببعض الوجوه لا تفيد، اذ تكفي حينئذ المساواة في حكم من الاحكام، ولا يتعين ما ذكره.وان كان المراد الاستيناس لذلك بقولهرحمه‌الله ، فناهيك به جلالة وعظما،

____________________

١ - منتهى المطلب ١: ٣٠.

٢ - منتهى المطلب ١: ٣٠.

(*)

٢١

الا أن أنظار الفقهاء والعلماء تزيد وتنقص، فقد تجد أفحل الفحول يتمسك بأضعف ما يتمسك به ضعفاء العقول، ليتضح أن الجميع في مقام النقص والحاجة، فكيف يمكن الركون إلى كلام أحد لمن يزعم انه مستضئ بنور بصيرته من دون أن يعلم خلو ذلك من مرة.على أن لنا أن نجعل لكلامه مخرجا "، وهو أن الماء الذي في الاناء‌ين المشتبه نجسهما بالطاهرهما(١) الغلظ من غيرهما في نظر الشارع، حيث أمر باراقتهما، وبين أنهما باستحقاقهما للاراقة بمنزلة المراق، فان ذلك يشعر بسد الباب في مباشرة شئ منهما.أو لان الماء لرقنه اجزاؤه قابلة للتفرق والشيوع، فلو جوزنا للمكلف مباشرته لجاز دخوله في الصلاة وهو معه.وقد عرفت ثبوت المنع من ذلك.وهذا بخلاف الثوب الذي يلاقيه محل طاهر برطوبة طاهرة، فان المشتبه بحاله ما لم تنفصل منه اجزاء صلا ورأسا.ولا يبعد أن يكون قولهرحمه‌الله آخرا في الجواب: لا فرق بين الطهارة أو شكها هنا بخلاف غيره، اشارة إلى ما قلناه.واذا أمكن حمل كلام مثله على المعنى القديم، من غير احتياج إلى العدول عن الظاهر تعين المصير اليه، بل اذا احتمل كلامه أمرين سقط احتجاج من جعله حجة له، والله المرشد والهادي إلى صوب الصواب.

____________________

١ - في نسخة " ش ": أوهما.

(*)

٢٢

(١٠) رس الة في العصير العنبى

٢٣

٢٤

أطلق المتأخرون من أصحابنا أن العصير العنبي اذا غلى بالنار أو بالشمس يصير نجسا، ولا يطهر حتى يذهب ثلثاه واعتبر بعضهم في طهارته أحد الامرين: اما ذهاب ثلثيه، أو صيرورته دبسا، وهو صحيح.فان المطهر حينئذ هو صيرورته حقيقة حقيقة اخرى غير الاولى، اقتضت أن يعلق عليه اسم آخر.ومتى حكم بطهره حكم بطهر آلات طبخه، وأيدي مزاوليه وثيابهم، دفعا للمشقة وتخلصا من الحرج، وقد صرح بعض الاصحاب بذلك.وكذا صرحوا بطهارة اناء الخمر اذا انقلب خلا، وكذا بدن نازح البئر وثيابه والدلو والرشا وحافات البئر وجوانبها والسرفيه انه لولا ذلك لكان الحكم بطهارة هذه الصور اما متعذرا، او متوقفا على تحمل مشقة عظيمة، وكلا الامرين باطل.

فرعان:

الاول: لو أصاب العصير العنبي بعد غليانه شيئا نجسه، فلوجف بالنار أو الشمس بحيث ذهب ثلثاه فالظاهر الحكم بطهره، لا محالة لوجود مقتضى، وهو ذهاب الثلثين، فانه مطهر اجماعا، وانتفاء المانع اذ ليس الا كون النقص

٢٥

لا على وجه الطبخ، وهو لا يصلح للمانعية، للاصل، ولان نقص الثلثين علة لطهره، فيجب أن لايتخلف عنه المعلول حيث وجد.فان القصد إلى الطبخ غير شرط قطعا، حتى لو أوقد موقد نارا بقرب العصير العنبي وهو لايعلم به فغلى بحيث صار نجسا، ثم نقص فذهب ثلثاه، طهر قطعا.ومتى لم يكن القصد إلى الطبخ شرطا تعين الحكم بطهره بالنقص المذكور.

الثاني: ما يعمل من العصير العنبي بعد غليانه في البلاد الشامية وغيرها يعرف بين عامتهم بالملبن، ربما توهم بعض الناس نجاسته، وعدم حل أكله وبيعه بعد أن مضى عليه اعصر طويلة لا يعده فقهاء تلك الاعصر نجسا، ولا ينهون على أكله ولا بيعه.وكأن هؤلاء توهموا كونه بعد تنجيسه واختلاطه بالاجزاء الباقية التي بها يصير حلوا قد سد باب طهارته.وهذا غلط فاحش، وتصرف في الدين قبيح، مستند إلى ضعف وقصور عن الاستدلال، فان المقتضي لطهارته وهو نقص الثلثين موجود.

وتخيل أن اختلاطه بأجسام اخرى وهو نجس يمنع من طهره بالنقص، لتنجسها به باطل، فان الدليل الدال على طهره بالنقص المذكور مطلق، فيثبت الحكم في كل فرد تمسكا بمقتضى الاطلاق، ولان الاعتراف بطهر العصير النجس بالنقص المذكور.

فان قيل: قد خرج العصير في محل النزاع عن كونه عصيرا مع نجاسته فيستصحب حكم النجاسة.

قلنا: نمنع الخروج المقتضي لصيرورته ماهية اخرى، ولو سلم لزم القول بطهره من وجه آخر، وهو الاستحالة، فكان كما لو انقلب خلا.والعجب تأثير هذا الوهم الفاسد في نظر هذا المتخيل، وغفلته عن اناء الخمر

٢٦

لو طرح فيه أجسام طاهرة فانقلب لم يكن مانعة من طهره بالانقلاب، فلو كان خلط الاشياء المذكورة في محل النزاع مانعا من الطهارة بالنقص لوجب أن يكون طرح الاجسام مانعا من طهارة الخمر بالانقلاب، لاشتراكهما في المقتضي، هو معلوم البطلان.

٢٧

(١١) رس الة في الحيض

٢٨

٢٩

الحيض: هو الدم الاسود أو الاحمر الحار العبيط الغليظ المنتن، الذي يخرج بدفع وحرقة من الايسر غالبا، اذا بلغت المرأة تسع سنين كاملة هلالية، ولم تبلغ سن اليأس وهو ستون سنة ان كانت قرشية أو نبطية، والا فخمسون كاملة.ويعتادها في كل شهر هلالي مرة غالبا، وأقله ثلاثة أيام وثلاث ليالي متوالية ولا يكفي كونها في جملة عشرة، ولو قصر عنها فليس بحيض.وأكثره عشرة أيام.وأقل الطهر بين الحيضتين عشرة أيام، وكذا بين النفاس والحيض ولاحد لاكثره وما بين الثلاثة والعشرة بحسب العادة المستندة إلى قرب المزاج من الحرارة وبعده عنها.وتستقر العادة عددا ووقتا برؤية الدم في شهرين هلاليين مرتين متواليتين متفقتين عددا ووقتا، وربما استقر العدد خاصة، كما لو رأت ثلاثة أول الشهر، ثم ثلاثة في آخره.أو الوقت خاصة كما لو رأت أول الشهر أربعة، ثم رأت أول الاخر مثله ولم ينقطع الافي اليوم الخامس.ومتى رأت ذات العادة المستقرة الدم في زمان عادتها تحيضت، بخلاف ما لو

٣٠

رأته في غير العادة، الا أن يتأخر عنها، فان أرجح الاحتمالين الحكم بكونه حيضا نظرا إلى أن العادة تقتضي الحيض، فاذا تأخر عن زمانها كان ذلك أدخل في كونه حيضا.ومثله ما لولم يكن لها وقت معلوم، فانها تتربص ثلاثة أيام حتى يستقر الحيض فتعمل فيها أعمال المستحاضة.

فرع:

لو استقرت العادة وقتا، بأن رأت أول الشهر وانقطع على الخامس، ثم رأت في الشهر الذي بعده اليوم الثاني وانقطع كالاول، فانها ذات عادة وقتا لاعددا الا أنها لا تجلس لرؤية الدم، بل في اليوم الثاني على وجه قريب.

وكذا المبتدأة: وهي التي لم يستقر لها عادة أصلا.

والمضطربة: وهي التي نسيت عادتها كذلك ان نسيت العدد والوقت، أو الوقت خاصة.

ولو نسيت العدد خاصة فالزمان الذي تحقق الحيض فيه يلزمها حكمه بمجرد رؤيته فيه، دون ما عداه إلى ثلاثة أيام.وكل دم يمكن أن يكون حيضا فهو حيض اتفاقا، والمراد به: الدم الذي استجمع شرائط الحيض ولم يوجد ما ينافي كونه حيضا سابقا أو لاحقا، فمتى حكم بالحيض وانقطع على العشرة فما دون فالكل حيض، سواء كانت المرأة ذات عادة أو لا.

وان عبرها: فان كانت ذات عادة مستقرة فحيضها زمان عادتها، والزائد استحاضة.

فان تركت في غير زمان العادة صوما أو صلاة واجبتين قضتهما.

وان لم تكن ذات عادة: فان كان لها تمييز عملت به، ويشترط فيه أمور:

أحدها: اختلاف صفات الدم بحيث يكون بعضه أقرب إلى كونه حيضا.

الثاني: أن يكون ماشابه دم الحيض لا ينقص عن ثلاثة ولا يزيد على عشرة.

٣١

الثالث: أن لا ينقص ما شابه دم الاستحاضة عن أقل الطهر على أقرب القولين واعتبار هذا في الشهر الثاني مع استمرار الدم ظاهر لها مع تجدد طروء‌ه، ففيه اشكال ينشأ من سبق الحكم بالحيض، وظاهر قولهعليه‌السلام : " دم الحيض أسود يعرف(١) ، فمتى اجتمعت شروط التمييز حكمت بأن ما اشبه دم الحيض حيض، وما عداه استحاضة، ومع عدمه فالمتبدأة ترجع إلى عادة نسائها، والمراد بهن: الاقارب من قبل الابوين أو أحدهما، فتتحيض بقدر عادتهن.وهل يشترط كونهن من بلدها؟ اشترطه في الذكرى(٢) .والمفهوم منه البلد الذي نشأت فيه، للتعليل بأن للبلدان أثرا بينا في تخالف الامزجة.وفيه نظر، لخلو الرواية الواردة بذلك منه.ولو اختلفت عادتهن رجعت إلى الاغلب، ومع انتفائه ترجع إلى عادة اقرانها على المشهور بين الاصحاب.والمراد بهن: من يقرب سنهن من سنها.واعتبر في الذكرى اتحاد البلد(٣) ، وللنظر فيه مجال، فان اختلفت فاعتبار الاغلب محتمل، ومع انتفائه ترجع إلى الروايات، فتحيض بستة أيام، أو بسبعة، أو بثلاثة من شهر وعشرة من آخر.والمضطربة ترجع إلى الروايات مع عدم التمييز دون النساء والاقران ان نسيت العدد معا.ولو نسيت الوقت خاصة تحيضت بالعدد الذي ذكرته ولا اعتبار للتمييز لو عارض.ولو ذكرت الوقت خاصة فالمذكور وما يسيل منه حيض بيقين، فان ذكرت الاول خاصة فهو حيض إلى ثلاثة أيام، وان ذكرت الاخر خاصة فهو نهاية الثلاثة

____________________

١ - انظر التهذيب: ١: ١٥١ اب الحيض والاستحاضة والنفاس.

٢ - الذكر ى: ٣١.

٣ - الذكري: ٣١.

(*)

٣٢

وان ذكرت اليوم المتوسط فمعه يوم قبله ويوم بعده، ولو ذكرت يوما في الجملة فهو الحيض.

ثم نقول في الصورة الاولى: ان طابق عروض الدم أول الحيض الذي ذكرته فبعد الثالث يحتمل أن تجمع بين أعمال المستحاضة وتروك الحائض وأعمال منقطعة الحيض، بأن تفعل لاحتمال الانقطاع عند كل صلاة إلى العاشران لم يحصل لها بالتمييز عدد يطابق ما ذكرته.وان لم يطابق عروض الدم أول الحيض فما قبله يتبين بالتجاوز انه استحاضة قطعا، وما بعده إلى العاشر فيه ما سبق وفي الصورة الثانية يحكم لها بالحيض من حين رؤيته إلى أن يبلغ الاخير الذي ذكرته، ثم هي مستحاضة.

وفي الصورة الثالثة يحتمل في ما قبل اليوم الذي حكم لها فيه بالحيض أن تكون حائضا وأن تكون مستحاضة، فتجمع بين تكليفهما وكذا في ما بعد الثالث إلى العاشر، وتضم إلى ذلك الغسل عند كل صلاة، لاحتمال الانقطاع.وفي الصورة الرابعة يحتمل في ما قبل اليوم الذي ذكرته أن تكون حائضا من حين رؤية الدم وأن تكون مستحاضة، فتجمع بين تكليفهما اليه، وكذا في مابعده إلى عاشره، وتغسل لاجتماع الانقطاع بعده عند كل صلاة ان كمل به مع ما قبله ثلاثة، والافمن حين استكمالها.هذا كله اذا كان الوقت الذي علمته واقعا في المدة التي رأت الدم فيها بحيث يحتمل ما قلناه، والا اعتبرت حال الصورة الواقعة والحقت بها أحكامها فلو انها ذكرت آخره مثلا، ورأت الدم قبله بيوم فقط فقد تأخرت عادتها، فالعمل بما ذكرته غير ممكن، بل تتحيض بثلاثة أيام، ثم هي كالتي لم تذكر شيئا على الاقرب.

وجميع ما سبق من الجمع بين التكليفين أو التكليفات مبني على وجوب

٣٣

أخذها بمجامع الاحتياط، وأصح ذلك رجوعها إلى الروايات فتضم إلى ما عملته بقية احداها.وهذا الذي ذكر جميعه انما هو في الشهر الاول، فأما اذا استمر الدم إلى الشهر الثاني فان أحكامه تتبين باستيفاء أحكام المستحاضات.والاقسام ثمانية، لان المبتدئة اما أن يكون لها تمييز أولا، وكذا المعتادة والمضطربة بأقسامها الثلاثة:

القسم الاول: المبتدئة التي لها تمييز وفرضها الرجوع اليه، اذا اجتمعت شرائطه التي ذكرناها سابقا، وقد علم منها أن بعض الدم لابد أن يكون أقرب إلى كونه حيضا من البعض الاخر، بأن توجد فيه من الصفات ما يكون به أقوى من الاخر.فمن ذلك اللون فالاسود قوي بالنسية إلى الاحمر، والاحمر قوي بالنسبة إلى الاشقر، والاشقر قوي بالنسبة إلى الاصفر والاكدر.ومنه الرائحة، فالمنتن قوي بالاضافة إلى ما ليس كذلك.ومنه الثخانة، فالثخين قوي بالنسبة إلى الرقيق.ولا يشترط اجتماع جميع الصفات، بل تكفي واحدة منها في كونه قويا اذا خلا الاخر عن الجميع.ومثله ما لو كان في أحدهما صفتان وفي الاخر صفة واحده فان ذا الصفتين أقوي.ولو كان في كل منهما صفة واحدة احتمل الحكم بأن السابق أقوى، كما في أول الدم الحادث في زمان أحكامه واحتمل عد م التمييز.

القسم الثانى: المبتدئة التي لا تمييز لها، وفرضها الرجوع إلى نسائها ثم أقرانها، ثم الروايات.وقد سبق تحقيق ذلك، ولا يخفى انها من وقت حدوث الدم تترك الصلاة والصوم إلى العاشر، فاذا عبر العشرة ولزمها الرجوع إلى بعضها قضت ما تركته في

٣٤

البعض الاخير من صلاة وصوم، لظهور كونه طاهرا فيه.ومتى رجعت إلى الروايات فتخيرت عددا منها تخيرت في تخصيصه بأول الشهر.وينبغي أن يكون هذا مع الاستمرار في أول طروء‌ه، فان الحكم بالحيض أول حدوث الدم اقوى.

القسم الثالث: المعتادة عادة مضبوطة ولها تمييز، فان طابق تمييزها العادة مع استمرار الدم فالعادة هي الحيض خاصة، وان عارضها ففي ترجيح العادة على التمييز قولان، أصحهما ترجيح العادة.ولو اجتمع التمييز مع العادة من غير تعارض، كما لو كانت عادتها خمسة أول الشهر فرأتها بصفة الحيض، ثم رأت عشرة بصفة الاستحاضة، ثم خمسة أخرى بصفة الحيض، فالخمسة الاولى حيض بحكم العادة، وكذا الخمسة الثانية بحكم التمييز.

القسم الرابع: ذات العادة المضبوطة ولا تمييز لها، وحكمها الرجوع إلى عادتها، فيحكم بكونها الحيض دون ما عداها.ولو تركت العادة كما لو كان الدم يأتيها أول الشهر خمسة مثلا، ثم ينقطع عشرة، ثم يأتيها خمسة، ثم تستقر عادتها وقتا وعددا الا بتكرر الرؤية كذلك في شهرين، فاذا استقرت كذلك حصل الاستمرار.

٣٥

(١٢) رسالة في حكم الحائض والنفساء

٣٦

٣٧

الحائض والنفساء اذا طهرتا قبل الفجر بمقدار زمان الغسل، هل يجب عليهما الغسل للصوم ويفسد بدونه كالجنب أم لا؟ صرح العلامة في المنتهى والمختلف بأنه كذلك، ونقله عن ابن أبي عقيل بعد أن قال: انه لم يجد للاصحاب في ذلك نصا صريحا(١) ، الدروس(٢) ، وهو الاصح لوجوه:

الاول: ان الحيض النفاس مانعان من الصوم اجماعا، فيستصحب حكم المنع إلى أن يحصل المنافي له شرعا، وهو منتف قبل الغسل، لعدم الدليل الدال على ذلك.

فان قيل: المنافي هو عموم الاوامر بالصوم خرج من ذلك ما اخرجه الدليل فيبقى الباقي على أصله، وليس موضع النزاع ما أخرجه الدليل اتفاقا.

قلنا: الحائض والنفساء قد خرجت من عموم الاوامر بالصوم بالنص والاجماع المقتضيين للتخصيص، فلا يبقى للاوامر المذكورة عموم، وأيضا فان عموم الاوامر يقتضي زوال مانعية المانع شرعا فيتوقف على حصول المزيل وهو الغسل، فيبقى الحكم على ماكان.

____________________

١ - المنتهى ١: ١١٢، المختلف: ٣٧.

٢ - الدروس: ٧ (*)

٣٨

الثاني: ان الصوم من الحائض والنفساء غير صحيح، والوصفان ثابتان بعد النقاء، لما تقرر من أن المشتق يصدق وان انقضى أصله، خرج من ذلك ما أخرجه الدليل، وهوما اذا فعلتا الطهارة، للاجماع عليه، فيبقى على الاصل.

الثالث: ان المستحاضة الكثيرة الدم لا يصح صومها بدون الغسل، وهي أخف حدثا منهما، فلئن لا يصح صومهما بدونه أولى، ومفهوم الموافقة حجة اتفاقا.

الرابع: ان القول بصحة الصوم من دون الغسل يتوقف على وجود المصحح وهو وجود الموافق، حذرا من مخالفة الاجماع، وليس بموجود.

فان قيل: قد قال به العلامة في النهاية(١) ، وناهيك به.

قلنا: النهاية قبل المختلف فقد رجع عنه، فلا يعدقولا.وبتقدير عدم العلم بتقدمها فالجهالة بكيفية الحال كافية لوجوب التساقط، والتمسك بما خلا من المعارض.

فان قيل: قول النهاية لابد له من مصحح فهو كاف.

قلنا: جاز أن يكون المصحح عدم انعقاد الاجماع حينئذ، لكون تمام أهل العصر لم يطبقوا ثم اطبقوا فانتفى المصحح.

____________________

١ - نهاية الاحكام ١: ١١٩.

(*)

٣٩

(١٣) رسالة في صلاة وصوم المسافر

٤٠