تذكرة الفقهاء الجزء ١

تذكرة الفقهاء0%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-5503-34-5
الصفحات: 403

تذكرة الفقهاء

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: العلامة الحلي
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: ISBN: 964-5503-34-5
الصفحات: 403
المشاهدات: 212197
تحميل: 7430


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 403 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 212197 / تحميل: 7430
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء 1

مؤلف:
ISBN: 964-5503-34-5
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

المأخوذ عليه إيقاع العبادة على وجهها ، وإنّما يقع عليه بواسطة القصد ، ورفع الحدث أو استباحة فعل لا يصح إلّا بالطهارة ، متقربا به إلى الله تعالى ، وذو الحدث الدائم ـ كالمبطون وصاحب السلس ، والمستحاضة ـ ينوي الاستباحة ، فإن اقتصر على رفع الحدث فالوجه البطلان.

ووقتها عند ابتداء غسل الوجه ، ويجوز أن تتقدم عند غسل اليدين المستحب لا قبله ، ولا بعد الشروع في الوجه ، ويجب استدامتها حكماً إلى الفراغ ، يعني أنّه لا يأتي بنية لبعض الافعال يخالفها.

وهل تكفي نيّة القربة؟ قال الشيخ : نعم للامتثال(1) ، والأقوى المنع لمفهوم الآية(2) .

فروع :

أ ـ لا تجب النيّة في إزالة النجاسات ، لأنّها كالترك ، فلا تعتبر فيها النيّة كترك الزنا ، وهو أحد وجهي الشافعي ، وفي الآخر : يشترط قياساً على طهارة الحدث(3) ، والفرق ظاهر.

ب ـ لا يصح وضوء الكافر ولا غسله ، لعدم صحة النيّة منه ، فإذا أسلم تلزمه الإعادة ، وهو أحد أقوال الشافعي(4) .

وثانيها : إعادة الوضوء خاصة ، لأنّ الغسل يصح من الكافر ، فإن الذمّيّة تغتسل من الحيض لحق الزوج فتحل له(5) .

__________________

1 ـ النهاية : 15.

2 ـ المائدة : 6.

3 ـ المجموع 1 : 310 ، فتح العزيز 1 : 311 ، كفاية الأخيار 1 : 12 ، الوجيز 1 : 11.

4 و 5 ـ الوجيز 1 : 11 ، فتح العزيز 1 : 312 ، المجموع 1 : 330 ، الاشباه والنظائر للسيوطي : 35 ، كفاية الأخيار 1 : 12.

١٤١

وثالثها : عدم إعادتهما كإزالة النجاسة ، وبه قال أبو حنيفة(1) .

ولو توضأ المسلم ثم ارتدّ لم يبطل وضوؤه لارتفاع الحدث أولا ، وعدم تجدد غيره ، وهو أحد وجهي الشافعي ، والثاني : يبطل ، وبه قال أحمد ، لأنّ ابتداء الوضوء لا يصح مع الردة ، فإذا طرأت في دوامه أبطلته(2) ، وليس بجيد ، لأنّه بعد الفراغ مستديم حكمه لا فعله ، فلا تؤثر فيه الردة ، كالصلاة بعد فعلها.

ولو ارتدّ المتيمم فأصح وجهي الشافعي الإعادة(3) ، لخروجه عن أهلية الاستباحة ، فصار كما لو تيمم قبل الوقت.

ج ـ لو أوقع النيّة عند أول جزء من غسل الوجه صحّ ، ولم يثب على ما تقدم من السنن ، وإن تقدمت عليها فإن استصحبها فعلا إليها صحّ ، واثيب ، وإن عزبت قبله ولم تقترن بشيء من أفعال الوضوء بطل ، وهو أقوى وجهي الشافعي(4) .

وإن اقترنت بسنة أو بعضها صحّ ، وهو أضعف وجهي الشافعي(5) ، لأنّها من جملة الوضوء وقد قارنت ، وأصحهما عنده : البطلان ، لأنّ المقصود من العبادات واجبها ، وسننها توابع.

__________________

1 ـ المجموع 1 : 330 ، فتح العزيز 1 : 312 ، المبسوط للسرخسي 1 : 116 ، شرح فتح القدير 1 : 116 ، نيل الأوطار 1 : 282.

2 ـ المجموع 2 : 5 و 300 ـ 301 ، فتح العزيز 1 : 314 ، كفاية الأخيار 1 : 38 ، المغني 1 : 200 ، الشرح الكبير 1 : 226.

3 ـ المجموع 2 : 5 و 300 ، فتح العزيز 1 : 314 ، المهذب للشيرازي 1 : 43 ، كفاية الأخيار 1 : 38 ، الوجيز 1 : 11.

4 ـ الوجيز 1 : 12 ، فتح العزيز 1 : 316 ـ 317 ، المجموع 1 : 320 ، المهذب للشيرازي 1 : 21 ، الاُم 1 : 29.

5 ـ فتح العزيز 1 : 317.

١٤٢

د ـ إنّما يستحب غسل اليدين قبل إدخالهما الآنية المنقولة في حدث النوم ، والبول والغائط ، والجنابة ، فلو اغترف من ساقية وغسل يديه لم يصح إيقاع النيّة عنده ، إلّا أن يستصحبها فعلا إلى المضمضة أو غسل الوجه ، وكذا لو غسل من آنية منقولة في حدث مسّ الميت.

هـ ـ لا يشترط استدامة النيّة فعلا بل حكماً ، نعم يشترط أن لا يحدّث نيّة اُخرى بعد عزوب الاُولى ، فلو نوى التبرد أو التنظيف بعد عزوب الاُولى بطل الوضوء ، وهو أصح وجهي الشافعي(1) ، لأنّ النيّة باقية حكماً ، وهذه حاصلة حقيقة فتكون أقوى.

و ـ لو نوى قطع الطهارة بعد فراغه لم تنقطع لارتفاع حدثه ، ولو نوى في الاثناء ، فالأقرب عدم التأثير فيما مضى ، ولا اعتبار بما يفعل ، إلّا أن يجدد النيّة ـ وهو أحد وجهي الشافعي ، والآخر : يبطل وضوؤه كالصلاة(2) ـ فإن لم يكن السابق قد جفّ كفاه البناء ، وإلّا وجب الاستئناف.

ز ـ لو ضم الرياء بطلت طهارته لاشتماله على وجه قبيح ، ويلوح من كلام المرتضى رضي الله عنه الصحة(3) .

ولو ضم التبرد أو التنظيف احتمل الصحة ، لأنّ التبرد حاصل ، وإن لم ينوه فتلغو نيته ، كما لو كبر الامام وقصد إعلام القوم مع التحريم ، أو نوى الصلاة وقصد دفع خصمه باشتغاله بالصلاة.

والبطلان ، لأنّ الاشتراك في العبادة ينافي الإخلاص.

والأول أقوى وجهي الشافعي(4) .

__________________

1 ـ المجموع 1 : 318 ، الاُم 1 : 29 ، فتح العزيز 1 : 318 ، السراج الوهاج : 15.

2 ـ المجموع 1 : 336 ، الاُم 1 : 29.

3 ـ الانتصار : 17.

4 ـ المجموع 1 : 325 ، الوجيز 1 : 12 ، السراج الوهاج : 15 ، فتح العزيز 1 : 327 ، الاُم 1 : 29.

١٤٣

ح ـ لا بدّ من نيّة رفع الحدث أو الاستباحة عند بعض علمائنا(1) ، ولو جمع كان أولى ، ولو نوى طهارة مطلقاًً ، قال بعض علمائنا : يصح ، لأنّه فعل المأمور به فيخرج عن العهدة(2) ، وللشافعي قولان(3) .

ولا يجب تعيين الحدث ولا الصلاة ، فلو عينهما لم يتعين ، وترتفع كلّ الاحداث سواء كان ما نوى رفعه آخر الاحداث أو أولها ، وهو أحد وجوه الشافعي ، لأنّ الاحداث تتداخل ، وما يرفع بعضها يرفع جميعها.

ووجه : أنّه لا يرتفع ، لأنّه لم ينو رفع جميع الاحداث ، وثالث : ارتفاع الجميع إن كان آخر الاحداث لتداخلها ، وإن كان أولها لم يرتفع ما بعده(4) .

ولو نوى استباحة فريضة ارتفع حدثه مطلقاًً وصلّى ما شاء ، وكذا لو نوى أن يصليها لا غيرها ، لأنّ المعيّنة لا تصح إلّا بعد رفع الحدث ، وهو أحد وجوه الشافعي ، وثان : بطلان الطهارة ، لأنّه لم ينو ما تقتضيه الطهارة ، وثالث : استباحة المعيّنة ، فإن الطهارة قد تصح لمعينة كالمستحاضة(5) .

ط ـ الفعل إنّ شرط فيه الطهارة صحّ أن ينوي استباحته قطعاً ، وإن استحبت فيه ـ كقراء‌ة القرآن ، ودخول المساجد ، وكتب الحديث والفقه ـ فنوى استباحته ، قال الشيخ : [ لا ](6) يرتفع حدثه ، ولا يستبيح

__________________

1 ـ ذهب إليه الشيخ في المبسوط 1 : 19 ، وابن البراج في المهذب 1 : 43 ، وابن إدريس في السرائر : 19 ، والمحقق في المعتبر : 36 ، ويحيى بن سعيد في الجامع للشرايع : 35.

2 ـ المحقق في المعتبر : 36.

3 ـ المجموع 1 : 323 ، الوجيز 1 : 12 ، فتح العزيز 1 : 320 ـ 321 ، كفاية الأخيار 1 : 12.

4 ـ المجموع 1 : 326 ، المهذب للشيرازي 1 : 22 ، فتح العزيز 1 : 319 ـ 320.

5 ـ المجموع 1 : 327 ، فتح العزيز 1 : 321.

6 ـ لم ترد في نسخة ( م ) والصحيح ما اثبتناه بقرينة ما بعده.

١٤٤

الصلاة ، لأنّه لم ينو الاستباحة ، ولا رفع الحدث ، ولا ما يتضمنها ، لأنّ هذه الافعال لا يمنع منها الحدث(1) .

ويحتمل الرفع ، لأنّ استحبابها مع الطهارة إنّما يصح مع رفع الحدث ، فقد نوى ما يتضمنه ، وللشافعي قولان(2) .

والوجه التفصيل وهو : الصحة إنّ نوى ما يستحب له الطهارة لاجل الحدث كقراء‌ة القرآن ، لأنّه قصد الفضيلة ، وهي القراء‌ة على طهر.

وعدمها إنّ نوى ما يستحب لا للحدث ، كتجديد الوضوء وغسل الجمعة ، وإن لم يجب ولم يستحب كالأكل لم يرتفع حدثه قطعاً لو نوى استباحته.

ي ـ لا يجوز أن يوضّئه غيره إلّا مع الضرورة ، وهو قول داود(3) ، وقال الشافعي : يجوز مطلقاًً(4) ، والنيّة حالة الضرورة ـ عندنا ، ومطلقاً عنده ـ يتولاها المتوضي لا الموضي(5) .

يا ـ لو فرق النيّة على الأعضاء ، بأن نوى غسل الوجه لرفع الحدث عنده ، ثم غسل اليدين لرفع الحدث عنده وهكذا ، فالأقرب الصحة لأنّه إذا صحّ غسل الوجه بنية مطلقة فالاولى صحته بنية مقصودة ، وهو أحد وجهي الشافعي.

__________________

1 ـ المبسوط للطوسي 1 : 19.

2 ـ المجموع 1 : 324 ، المهذب للشيرازي 1 : 22 ، فتح العزيز 1 : 322 ، الوجيز 1 : 12 ، السراج الوهاج : 15.

3 ـ المجموع 1 : 341.

4 ـ الاُم 1 : 28 ، المجموع 1 : 341 ، فتح العزيز 1 : 443 ـ 444.

5 ـ المجموع 1 : 341.

١٤٥

وفي الآخر : لا يصح ، لأنّها عبادة واحدة كالصلاة والصوم(1) ، وهو ممنوع لارتباط أفعال الصلاة بعضها ببعض ولهذا تبطل بالفصل ، بخلاف الطهارة.

ولو نوى بغسل الوجه رفع الحدث عنه بطل ، وكذا لو ذكر في أصل النيّة رفع الحدث عن الأعضاء الاربعة.

يب ـ نصّ أبو الصلاح منّا على وجوب النيّة في غسل الميت لأنّها عبادة(2) ، وهو أحد وجهي الشافعي ، والثاني : لا يجب(3) وهو يبتنى على أن الميت نجس أم لا.

يج ـ اذا انقطع دم المجنونة ، وشرطنا الغسل في إباحة الوطء غسلها الزوج ونوى ، فاذا عقلت لم تستبح الصلاة ، وللشافعي وجهان(4) ، وهل يكفي في إباحة الوطئ؟ عنده وجهان(5) .

ولو نوت المسلمة إباحة الوطء ، فالوجه الإباحة ، والدخول في الصلاة ، لأنّها نوت ما يتضمن رفع الحدث ، وهو أحد وجهي الشافعي ، وفي الآخر : لا يباح الوطء ولا الصلاة(6) ، لأنّ الطهارة لحق الله تعالى وحق الزوج ، فلا يتبعض الحكم. وتكلف طهارة تصلح للحقين ، بخلاف الذمّيّة لأنّها ليست من أهل حق الله.

يد ـ طهارة الصبي معتبرة لأنّ تجويز فعله ليس للحاجة كالتيمم ،

__________________

1 ـ المجموع 1 : 329 ، فتح العزيز 1 : 335 ، الوجيز 1 : 12 ، السراج الوهاج : 15.

2 ـ الكافي في الفقه : 134.

3 ـ المجموع 1 : 334.

4 ـ المجموع 1 : 331.

5 ـ المجموع 1 : 331.

6 ـ المجموع 1 : 323.

١٤٦

ووضوء المستحاضة ، فإنه لا حاجة في حقه ، إذ لا تكليف عليه ، ولا للرخصة كالمسح على الجبيرة ، لأنّ الرخصة تقتضي المشقة ، ولا مشقة ، فهي أصلية.

فلو توضأ في صغره ثم بلغ وصلّى صحت صلاته ، وكذا لو وطئت قبل البلوغ فاغتسلت ثم بلغت ، وهو قول بعض الشافعية(1) .

وقال المزني : يعيد(2) . وهو وجه عندي.

يه ـ لو نوى رفع حدث والواقع غيره عمداً لم يصح وضوؤه ، لأنّه نوى رفع ما ليس عليه ، وما عليه لم ينو رفعه ، وللشافعية وجهان(3) ، وفي الغالط إشكال ينشأ من هذا ، ومن عدم اشتراط التعرض للحدث ، فلا يضره الخطأ.

يو ـ لو نسي النقض صحّ له أن يصلّي ، فلو تطهر للاحتياط ثم ذكر لم يجزئه ، لأنّه لو ينو الوجوب ، وهو أحد وجهي الشافعي ، والثاني : يصح كما لو دفع ما يتوهمه ديناً ثم ظهر وجوبه(4) ، وليس بجيد ، لعدم اشتراط النيّة هناك.

يز ـ لو أخل بلمعة جاهلا ، ثم غسلها في التجديد لم يرتفع حدثه ، لأنّه أوقع الواجب بنية الندب ، وللشافعية وجهان(5) ، وكذا لو جدد الطهارة ثم

__________________

1 ـ المجموع 1 : 333.

2 ـ المجموع 1 : 333.

3 ـ المجموع 1 : 335 ، فتح العزيز 1 : 320 ، مغني المحتاج 1 : 47.

4 ـ المجموع 1 : 331 ، فتح العزيز 1 : 323 ، الوجيز 1 : 12 ، كفاية الأخيار 1 : 12 ، مغني المحتاج 1 : 49.

5 ـ المجموع 1 : 332 ، الوجيز 1 : 12 ، فتح العزيز 1 : 333 ، كفاية الأخيار 1 : 12 ، مغني المحتاج 1 : 49.

١٤٧

ظهر له أنّه كان محدثاً.

يح ـ لو نوى الجنب الاستيطان في المسجد ، أو مسّ كتابة القرآن صحّ ، ولو نوى الاجتياز فالأقرب الارتفاع ، خلافاً للشيخ(1) .

يط ـ لو شك في النيّة ، فإن كان بعد الإكمال لم يلتفت وإلّا استأنف.

ك ـ كلّ من عليه طهارة واجبة ينوي الوجوب ، وغيره ينوي الندب ، فإن نوى الوجوب وصلّى به أعاد ، فإن تعددتا مع تخلل الحدث أعاد الاُولى خاصة.

كا ـ لو نوى الندب قبل الوقت فدخل بعد فعل البعض فالأقوى الاستئناف لبقاء الحدث ، فيندرج تحت الأمر ، ويحتمل الاتمام لوقوعه مشروعا ، فيحتمل الاستمرار على النيّة والعدول إلى الوجوب.

مسألة 40 : لا شيء من الطهارات الثلاث بواجب في نفسه عدا غسل الجنابة على الخلاف ، وإنّما تجب بسببين ، إمّا النذر وشبهه ، أو وجوب ما لا يتمّ إلّا بها إجماعاً.

أما غسل الجنابة فقيل : إنّه كذلك للأصل ، ولقوله تعالى :( وإن كُنتم جنباً فاطّهّروا ) (2) ، والعطف يقتضي التشريك ، ولجواز الترك في غير المضيق ، وتحريمه فيه ، والدوران يقضي بالعلية.

وقيل : لنفسه ، لقولهعليه‌السلام : ( إذا التقى الختانان وجب الغسل )(3) .

فعلى الأول ينوي الوجوب في وقته ، وكذا غيره من الطهارات ،

__________________

1 ـ المبسوط للطوسي 1 : 19.

2 ـ المائدة : 6.

3 ـ سنن ابن ماجة 1 : 199 / 608 و 200 / 611 ، سنن البيهقي 1 : 163.

١٤٨

والندب في غيره.

وعلى الثاني ينوي الوجوب فيه مطلقاًً ، وفي غيره من الطهارات في وقته ، فلو نوى الوجوب مع ندب الطهارة أو بالعكس أو أهملهما ـ على رأي ـ بطلت.

فروع :

أ ـ قاضي الفرائض ينوي الوجوب دائماً ، وغيره ينوي الندب قبل الوقت اذا لم تجب عليه الطهارة ، ولو نوى الوجوب بطلت طهارته ، فإن صلّى بها بطلت صلاته ، فإن تعدّدت الطهارات والصلوات كذلك ، وتخلل الحدث بطلت الطهارة الاُولى وصلواتها خاصة.

ب ـ الشاك في دخول الوقت ينوي الندب ، وفي خروجه الوجوب ، للاستصحاب ، فإن ظهر البطلان فالوجه عدم الإعادة ، مع عدم التمكن من الظن ، وكذا الظن مع عدم التمكن من العلم ، وثبوتها مع التمكن في البابين.

ج‍ ـ المحبوس بحيث لا يتمكن من العلم ولا الظن يتوخى ، فإن صادف ولو آخر الاجزاء أو تأخر فالوجه الصحة ، وإلّا أعادهما معا.

د ـ لو ردد نيته بين الوجوب والندب ، أو هما على تقديرين ، لم يصح.

هـ ـ لو ظن وجوب الصلاة فتوضأ واجباً ، ثم ظهر البطلان ففي الصحة إشكال ، أما لو ظن البراء‌ة فنوى الندب ، ثم ظهر البطلان فالأقرب الصحة.

البحث الثاني : في غسل الوجه

وهو واجب بالنص والإجماع ، وحدّه طولاً من قصاص شعر الرأس إلى

١٤٩

محادر شعر الذقن إجماعاً ، وعرضاً ما دارت عليه الإبهام والوسطى ، وبه قال مالك(1) لأنّ الوجه ما تحصل به المواجهة ، ولقول أحدهماعليهما‌السلام : « ما دارت عليه السبابة والوسطى والإبهام من قصاص شعر الرأس إلى الذقن ، وما سوى ذلك ليس من الوجه »(2) .

وقال باقي الفقهاء : ما بين العذار والاُذن من الوجه ، فحدّه عرضاً من وتد الاُذن إلى وتد الاُذن لحصول المواجهة به من الأمرد(3) ، وهو ممنوع.

مسألة 41 : الاُذنان ليسا من الوجه ، ذهب إليه علماؤنا أجمع ، وبه قال فقهاء الامصار(4) إلّا الزهري ، فإنه قال : إنّهما من الوجه يجب غسلهما معه(5) لقولهعليه‌السلام : ( سجد وجهي للذي خلقه وشق سمعه وبصره )(6) فأضاف السمع كما أضاف البصر. وهو خطأ ، لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يغسلهما ، وروى أبو امامة الباهلي أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : ( الاُذنان من الرأس )(7) . والاضافة قد تحصل بالمجاورة.

__________________

1 ـ مقدمات ابن رشد 1 : 50 ، تفسير القرطبي 6 : 83 ، الشرح الصغير 1 : 41 ، المنتقى للباجي 1 : 35.

2 ـ الكافي 3 : 27 / 1 ، الفقيه 1 : 28 / 88 ، التهذيب 1 : 54 / 154.

3 ـ الاُم 1 : 25 ، المجموع 1 : 371 ، السراج الوهاج : 16 ، فتح العزيز 1 : 337 ، الوجيز 1 : 12 ، المبسوط للسرخسي 1 : 6 ، اللباب 1 : 6 ، المغني 1 : 126 ـ 127 ، الشرح الكبير 1 : 158 ، بداية المجتهد 1 : 11 ، تفسير القرطبي 6 : 84 ، المنتقى للباجي 1 : 36 ، مقدمات ابن رشد 1 : 50 ، تفسير الرازي 11 : 157 ، شرح الأزهار 1 : 86 ، نيل الأوطار 1 : 188.

4 ـ الاُم 1 : 27 ، مختصر المزني : 2 ، السراج الوهاج : 15 ، المغني 1 : 126 ـ 127 ، الشرح الكبير 1 : 145 ، بداية المجتهد 1 : 14 ، المبسوط للسرخسي 1 : 6 ، اللباب 1 : 6 ، نيل الأوطار 1 : 188.

5 ـ الميزان 1 : 118 ، المغني 1 : 126 ، الشرح الكبير 1 : 145 ، نيل الأوطار 1 : 188.

6 ـ صحيح مسلم 1 : 535 / 771 ، سنن الترمذي 2 : 474 / 580 ، سنن النسائي 2 : 221 ، سنن أبي داود 1 : 201 / 760 ، سنن ابن ماجة 1 : 335 / 1054 ، مستدرك الحاكم 1 : 220 ، مسند أحمد 6 : 30 و 217.

7 ـ مصنف ابن ابي شيء بة 1 : 17 ، مسند أحمد 5 : 258 و 268 ، سنن ابن ماجة 1 : 152 / 444 ،

١٥٠

ولا يجب أيضاً مسحهما عندنا إجماعاً ، لا ظاهرهما ولا باطنهما ، فمن فعل فقد أبدع ، لقول الباقرعليه‌السلام : « ليس عليهما مسح ولا غسل »(1) .

وقال الشافعي : يستحب مسح باطنهما وظاهرهما بماء جديد ، لأنّفراد حكمهما عن الرأس والوجه ، وبه قال ابن عمر ، وأبو ثور(2) .

وقال مالك : هما من الرأس ، ويستحب أن يأخذ لهما ماءً جديداً(3) . وقال أحمد : هما من الرأس يجب مسحهما على الرواية التي توجب استيعاب الرأس ، ويجزي مسحهما بماء الرأس(4) .

وروي عن ابن عباس ، وعطاء ، والحسن البصري ، والأوزاعي ، أنهما من الرأس يمسحان بمائه ، وبه قال أصحاب الرأي(5) ، واحتج الجميع بقولهعليه‌السلام : ( الاُذنان من الرأس )(6) ، ولا حجة فيه عندنا ، لأنّا

__________________

سنن ابي داود 1 : 33 / 134 ، سنن الترمذي 1 : 53 / 37 ، سنن الدارقطني 1 : 97 ، سنن البيهقي 1 : 66 ، الجامع الصغير 1 : 472 / 3046 ، معرفة السنن والآثار 1 : 236 ، جامع المسانيد للخوارزمي 1 : 231.

1 ـ الكافي 3 : 29 / 10 ، التهذيب 1 : 55 / 156 ، الاستبصار 1 : 63 / 187.

2 ـ مختصر المزني : 2 ، الاُم 1 : 26 ، المجموع 1 : 413 ، فتح العزيز 1 : 427 ، تفسير القرطبي 6 : 90.

3 ـ المدونة الكبرى 1 : 16 ، بداية المجتهد 1 : 14 ، القوانين الفقهية : 29 و 30 ، تفسير القرطبي 6 : 90.

4 ـ المغني 1 : 149 ، الشرح الكبير 1 : 168 ، الإنصاف 1 : 162.

5 ـ المجموع 1 : 413 ، المبسوط للسرخسي 1 : 7 و 64.

6 ـ مصنف ابن أبي شيء بة 1 : 17 ، سنن ابن ماجة 1 : 152 / 444 ، سنن أبي داود 1 : 33 / 134 ، سنن الترمذي 1 : 53 / 37 ، سنن الدارقطني 1 : 97 ، سنن البيهقي 1 : 66 ، الجامع الصغير 1 : 472 / 3046 ، مسند أحمد 5 : 258 و 268 ، معرفة السنن والآثار 1 : 236 ، جامع المسانيد للخوارزمي 1 : 231.

١٥١

نخص المسح بمقدمه ، وقال الشعبي ، والحسن بن صالح بن حي : إنّه يغسل ما أقبل منهما مع الوجه ويمسح ما أدبر مع الرأس(1) .

مسألة 42 : لا يجب غسل ما بين الاُذن والعذار ـ من البياض ـ عندنا ، وبه قال مالك(2) لأنّه ليس من الوجه.

وقال الشافعي : يجب على الأمرد والملتحي(3) ، وقال أبو يوسف : يجب على الأمرد خاصة(4) .

ولا ما خرج عما دارت عليه الإبهام والوسطى من العذار عرضاً ، ولا يستحب ، لتوقفه على الشرع.

ويرجع الانزع والأغم(5) وقصير الاصابع وطويلها إلى مستوي الخلقة ، فلو قصرت أصابعه عنه غسل ما يغسله مستويها ، ولو قل عرض وجهه عنه لم يتجاوز إلى العذار ، وإن نالته الاصابع.

ولا يعتبر كلّ واحد بنفسه لجواز أن يكون أغم أو أصلع ، فيغسل الأغم ما على جبهته من الشعر ، ويترك الأصلع ما بين منابت الشعر في الغالب من الرأس إلى حدّ شعره.

وأما النزعتان ـ فهما ما انحسر عنهما الشعر في جانبي مقدم الرأس ، ويسمى أيضاً الجلحة ـ لا يجب غسلهما ، وكذا موضع الصلع ، وبه قال الشافعي(6) .

__________________

1 ـ المجموع 1 : 414 ، تفسير الرازي 11 : 159 ، نيل الأوطار 1 : 188.

2 ـ تفسير القرطبي 6 : 84 ، بداية المجتهد 1 : 11 ، المنتقى للباجي 1 : 36.

3 ـ الاُم 1 : 25 ، المجموع 1 : 373 ، كفاية الأخيار 1 : 12.

4 ـ المبسوط للسرخسي 1 : 6 ، المجموع 1 : 373.

5 ـ الأغم : هو الذي سال شعره حتى ضاقت جبهته ، الصحاح 5 : 1998 غمم.

6 ـ الاُم 1 : 25 ، مختصر المزني : 2 ، المجموع 1 : 396 ، فتح العزيز 1 : 337 ، الوجيز 1 : 12 ، مغني المحتاج 1 : 51 ، السراج الوهاج : 16.

١٥٢

والصدغان من الرأس ، والعذار ـ هو ما كان على العظم الذي يحاذي وتد الاُذن ـ ليس من الوجه عندنا ، خلافاً للشافعي(1) .

والعارضان : ما نزل من العذارين من الشعر على اللحيين ، والذقن تحته : وهو مجمع اللحيين ، والعَنْفَقة : هو الشعر الذي على الشفة السفلى عاليا بين بياضين.

وموضع التحذيف ، وهو الذي ينبت عليه الشعر الخفيف بين ابتداء العذار والنزعة ـ ليس من الوجه ، لنباب الشعر عليه ، فهو من الرأس ، وللشافعي وجهان ، أحدهما : من الوجه ، ولذلك يعتاد النساء إزالة الشعر عنه ، وبه سمي موضع التحذيف(2) .

مسألة 43 : يجب أن يغسل ما تحت الشعور الخفيفة من محل العرض ، كالعنفقة الخفيفة ، والاهداب ، والحاجبين ، والسبال ، لأنّها غير ساترة فلا ينتقل اسم الوجه إليها ، ولو كانت كثيفة لم يجب غسل ما تحتها بل غسل ظاهرها.

أما الذقن فإن كان شعره كثيفاً لم يجب تخليله ، ولا إيصال الماء إلى ما تحته ، بل غَسل ظاهره أيضاً ذهب إليه علماؤنا ـ وبه قال الشافعي(3) ـ لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم توضأ فغرف غُرفة غسل وجهه(4) وقال عليعليه‌السلام في وصفهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « كان كبير الهامة ، عظيم اللحية ،

__________________

1 ـ الاُم : 1 : 25 ، المجموع 1 : 377 ، فتح العزيز 1 : 341 ، الوجيز 1 : 12 ، مغني المحتاج 1 : 51 ، تفسير الرازي 11 : 158.

2 ـ المجموع 1 : 372 ، فتح العزيز 1 : 339 ، الوجيز 1 : 12 ، مغني المحتاج 1 : 51 ، المهذب للشيرازي 1 : 23.

3 ـ الاُم 1 : 25 ، مختصر المزني 2 ، المجموع 1 : 374 ، فتح العزيز 1 : 342 ، الوجيز 1 : 12 ، مغني المحتاج 1 : 51 ، السراج الوهاج : 16 ، المهذب للشيرازي 1 : 23.

4 ـ صحيح البخاري 1 : 47 ، سنن أبي داود 1 : 34 / 137 ، سنن النسائي 1 : 74.

١٥٣

أبيض مشرب بحمرة »(1) .

ومعلوم أن الغرفة لا تأتي على ما تحت الشعر كلّه ، ولأنّه صار باطناً كداخل الفم.

وقال أبو ثور ، والمزني : يجب غسل ما تحت الكثيف ، كالجنابة وكالحاجبين(2) .

وهو غلط لكثرة الوضوء ، فيشق التخليل بخلاف الجنابة ، والحاجبان غير ساترين غالبا.

وقال أبو حنيفة ، في الشعر المحاذي لمحل الفرض : يجب مسحه ، وفي رواية اُخرى عنه : مسح ربعه ، وهي عن أبي يوسف أيضاً وعنه ثانية : سقوط الفرض عن البشرة ، ولا يتعلق بالشعر ، وهي عن أبي حنيفة أيضاً(3) .

واعتبر أبو حنيفة ذلك بشعر الرأس ، فقال : إنّ الفرض إذا تعلق بالشعر كان مسحاً(4) ، وهو خطأ لقولهعليه‌السلام : ( اكشف وجهك فإن اللحية من الوجه )(5) لرجل غطى لحيته في الصلاة ، بخلاف شعر الرأس فإن فرض البشرة تحته المسح ، وهنا الفرض تحته الغسل ، فإذا انتقل الفرض إليه انتقل على صفته.

وأما إن كان الشعر خفيفاً لا يستر البشرة ، فالأقوى عندي غسل ما تحته

__________________

1 ـ مسند أحمد 1 : 116.

2 ـ المجموع 1 : 374 ، المغني 1 : 117 ، الشرح الكبير 1 : 162 ، عمدة القارئ 3 : 222 ، نيل الأوطار 1 : 185.

3 ـ المبسوط للسرخسي 1 : 80 ، شرح فتح القدير 1 : 13 ، أحكام القرآن للجصاص 2 : 340 ، حلية العلماء 1 : 119.

4 ـ اُنظر المغني 1 : 131.

5 ـ كنز العمال 7 : 519 / 20044 ، الجامع الكبير 1 : 935 ، الفردوس 5 : 127 / 7702 و 135 / 7733.

١٥٤

وإيصال الماء إليه ، وبه قال ابن أبي عقيل(1) ، وهو مذهب الشافعي(2) ، لأنّها بشرة ظاهرة من الوجه ، وقال الشيخ : لا يجب تخليلها ، كالكثيفة(3) ، والفرق ظاهر.

فروع :

أ ـ يستحب تخليل الكثيفة لما فيه من الاستظهار ، ولأنّهعليه‌السلام كان يخللها(4) ، وليس بواجب.

ب ـ لو نبت للمرأة لحية فكالرجل ، وكذا الخنثى المشكل ، وقال الشافعي : يجب تخليلها لأنّه نادر(5) .

ج ـ لو غسل شعر وجهه أو مسح على شعر رأسه ، ثم سقط لم يؤثر في طهارته لأنّه من الخلقة كالجلد ، وبه قال الشافعي(6) ، وقال ابن جرير : تبطل طهارته كالخفين(7) . وهو غلط ، لأنّه ليس من الخلقة بل بدل.

د ـ لا يجب غسل المسترسل من اللحية عن محل الفرض طولاً وعرضاً ، وبه قال أبو حنيفة ، والمزني(8) ، لأنّ الفرض إذا تعلق بما يوازي

__________________

1 ـ حكاه المحقق في المعتبر : 37.

2 ـ المجموع 1 : 375 و 376 ، فتح العزيز 1 : 341 ، الوجيز 1 : 12 ، كفاية الأخيار 1 : 12 ، السراج الوهاج : 16 ، المهذب للشيرازي 1 : 23.

3 ـ المبسوط للطوسي 1 : 20 ، الخلاف 1 : 77 مسألة 25.

4 ـ سنن ابي داود 1 : 36 / 145 ، سنن ابن ماجة 1 : 148 ـ 149 / 429 ـ 433 ، سنن الدارمي 1 : 178 ، مستدرك الحاكم 1 : 149.

5 ـ المجموع 1 : 376 ، فتح العزيز 1 : 343 ، الوجيز 1 : 12 ، مغني المحتاج 1 : 52 ، تفسير الرازي 11 : 158.

6 ـ المجموع 1 : 393 ، المهذب للشيرازي 1 : 24.

7 ـ المغني 1 : 130 ، المبسوط للسرخسي 1 : 65.

8 ـ المجموع 1 : 380 ، فتح العزيز 1 : 345 ، بدائع الصنائع 1 : 4.

١٥٥

محل الفرض اختص بما يحاذيه ، كشعر الرأس ، وقال أحمد ومالك : يجب لدخوله في اسم الوجه ، ولأنّه ظاهر نابت على محل الفرض فأشبه ما يحاذيه(1) ، وللشافعي قولان(2) .

هـ ـ لا يستحب إدخال الماء إلى باطن العينين ، لما فيه من الاذى ، وللشافعي قولان ، هذا أحدهما ، والآخر : الاستحباب(3) ، لأنّ ابن عمر كان يفعل ذلك حتى عمي(4) ، وليس بحجة ، نعم يستحب أن يمسح مآقيه(5) بإصبعه لإزالة الرمص(6) الواصل إليهما ، وقد روي أنّهعليه‌السلام كان يفعله(7) .

و ـ يستحب أن يزيد في ماءً الوجه على باقي الأعضاء ، لما فيه من الغضون(8) والشعور والدواخل والخوارج ، وقد روى عليعليه‌السلام : « أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يكثر فيه الماء »(9) .

ز ـ لو أدخل يده وغسل بشرة اللحية لم يجزئ ، لأنّها إنّ كانت كثيفة فالغسل للظاهر ، وإن كانت خفيفة فالغسل لهما ، فلا يجزي أحدهما.

مسألة 44 : والواجب أن يغسل وجهه من القصاص إلى المحادر ، فإن

__________________

1 ـ المغني 1 : 130 ـ 131 ، الشرح الكبير 1 : 160 ـ 161 ، الإنصاف 1 : 156 ، كشاف القناع 1 : 96 ، بداية المجتهد 1 : 11 ، تفسير القرطبي 6 : 83.

2 ـ المجموع 1 : 380 ، فتح العزيز 1 : 345 ، الوجيز 1 : 13 ، كفاية الأخيار 1 : 13 ، مغني المحتاج 1 : 52 ، السراج الوهاج : 16.

3 ـ الاُم 1 : 24 ، المهذب للشيرازي 1 : 23 ، المجموع 1 : 369 ، مغني المحتاج 1 : 50.

4 ـ الموطأ 1 : 45 / 69

5 ـ مآقي : جمع ، واحده مؤق ومؤق العين طرفها مما يلي الانف. الصحاح 4 : 1553 القاموس المحيط 3 : 281 ( مأق ).

6 ـ الرمص ـ بالتحريك ـ وسخ يجتمع في المؤق. الصحاح 3 : 1042 ، القاموس المحيط 2 : 305 « رمص ».

7 ـ مسند أحمد 5 : 258 ، سنن أبي داود 1 : 33 / 134 ، سنن ابن ماجة 1 : 152 / 444.

8 ـ الغضون واحدها : الغضن وهي مكاسر الجلد. الصحاح 6 : 2174 « غضن ».

9 ـ سنن أبي داود 1 : 29 / 117 ، ونقله المصنف بالمعنى.

١٥٦

نكس ، قال الشيخ(1) وأكثر علمائنا(2) : يبطل ، وهو الوجه عندي ، لأنّهعليه‌السلام بدأ بالقصاص(3) في بيان المجمل ، فيكون واجباً ، لاستحالة الابتداء بالضد ، وقال المرتضى رضي الله عنه : يكره(4) ، والجمهور على الجواز كيف غسل(5) ، لحصول المأمور به ، وهو مطلق الغسل.

ولابد من غسل جزء من الرأس وأسفل الذقن ، لتوقف الواجب عليه ، وفي وصفه بالوجوب إشكال.

ويجب في الغسل تحصيل ما مسماه ، وهو الجريان على المغسول ، فالدهن إنّ صدق عليه الاسم أجزأ وإلّا فلا ، وكذا في غسل اليدين.

المبحث الثالث : في غسل اليدين

وهو واجب بالنص والإجماع ، ويجب إدخال المرفقين في غسلهما ، ذهب إليه علماؤنا أجمع ، وهو قول أكثر العلماء ، منهم : عطاء ، ومالك ، والشافعي ، وأحمد ، وإسحاق ، وأصحاب الرأي(6) لقوله تعالى :( إلى المرافق ) (7) والغاية تدخل غالباً ، ولقول الصادقعليه‌السلام : « إنّ المنزل

__________________

1 ـ المبسوط للطوسي 1 : 20.

2 ـ منهم سلّار في المراسم : 37 ـ 38 ، وابن حمزة في الوسيلة : 50 ، والمحقق في المعتبر : 37.

3 ـ التهذيب 1 : 55 / 157.

4 ـ حكاه عنه المحقق في المعتبر : 37.

5 ـ المجموع 1 : 380.

6 ـ الاُم 1 : 25 ، المجموع 1 : 385 ، الوجيز 1 : 13 ، فتح العزيز 1 : 347 ، بداية المجتهد 1 : 11 ، مقدمات ابن رشد 1 : 51 ، أحكام القرآن لابن العربي 2 : 566 ، تفسير القرطبي 6 : 86 ، الشرح الصغير 1 : 42 ، مغني المحتاج 1 : 52 ، تفسير الرازي 11 : 159 ، شرح فتح القدير 1 : 13 ، بدائع الصنائع 1 : 4 ، اللباب 1 : 6 ، المبسوط للسرخسي 1 : 6.

7 ـ المائدة : 6.

١٥٧

من المرافق »(1) .

وروى جابر قال : كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا توضأ أدار الماء على مرفقيه(2) ، خرج مخرج البيان ، ولأن ( إلى ) تستعمل تارة بمعنى ( مع ).

ومن طريق الخاصة ، حكاية الباقرعليه‌السلام صفة وضوء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (3) ، ولأنّه أحوط.

وقال بعض أصحاب مالك ، وأبوبكر محمد بن داود الظاهري ، وزفر ابن الهذيل : لا يجب غسل المرفقين(4) ، لأنّه تعالى جعلهما غاية وحدا للغسل ، والحد غير داخل ، لقوله تعالى :( إلى الليل ) (5) وقد بيّنا أنها بمعنى مع ، على أن الحد المجانس داخل ، مثل : بعث هذا الثوب من هذا الطرف إلى هذا الطرف.

مسألة 45 : ويجب أن يبتدأ بالمرفقين ، ولو نكس فقولان كالوجه ، والحق البطلان.

ويجب أن يبدأ باليمنى قبل اليسرى ، ذهب إليه علماؤنا أجمع ـ خلافاً للجمهور(6) ـ لأنّ المأتي به بياناً إنّ قدم فيه اليسرى وجب الابتداء بها ، وليس

__________________

1 ـ الكافي 3 : 28 / 5 ، التهذيب 1 : 57 / 159 نقلاً بالمعنى.

2 ـ سنن البيهقي 1 : 56 ، سنن الدارقطني 1 : 83 / 15.

3 ـ الكافي 3 : 25 / 4 و 5 ، الفقيه 1 : 24 / 74.

4 ـ بداية المجتهد 1 : 11 ، تفسير القرطبي 6 : 86 ، الهداية للمرغيناني 1 : 12 ، عمدة القارئ 2 : 233 ، بدائع الصنائع 1 : 4 ، المبسوط للسرخسي 1 : 6.

5 ـ البقرة : 187.

6 ـ المجموع 1 : 383 ، الاُم 1 : 26 ، كفاية الأخيار 1 : 16 ، فتح العزيز 1 : 420 ـ 421 ، السراج الوهاج : 18 ، المغني 1 : 120 ، الشرح الكبير 1 : 149 ، شرح فتح القدير 1 : 31 ، الشرح الصغير 1 : 48.

١٥٨

كذلك إجماعاً فتعين العكس.

ولو قطعت من فوق المرفق سقط غسلها ، ويستحب غسل موضع القطع بالماء ، وإن قطعت من دون المرفق وجب غسل الباقي ، وإن قطعت من المرفق فقد بقي من محل الفرض بقية ، وهو طرف عظم العضد ، لأنّه من جملة المرفق ، فإن المرفق مجمع عظم العضد وعظم الذراع.

فروع :

الأول : لو وجد الاقطع من يوضيه لزمه ، فإن تعذر إلّا بأجرة المثل وجبت ، ولو تعذر إلّا بأزيد ، فالوجه الوجوب مع عدم الضرر ، ولو لم يجد أصلا أو عجز عن الطهارة ، فالوجه عندي سقوط الصلاة أداءً وقضاءً.

وقال بعض الشافعية : يصلّي على حسب حاله ويعيد ، لأنّه بمنزلة من لم يجد ماءً ولا تراباً(1) .

الثاني : لو توضأ ثم قطعت يده لم يجب عليه غسل ما ظهر منها ، لتعلق الطهارة بما كان ظاهراً وقد غسله.

فإن أحدث بعد ذلك وجب غسل ما ظهر من يده بالقطع ، لأنّه صار ظاهراً ، وكذا لو قلم أظفاره بعد الوضوء لم يجب غسل موضع القطع إلّا بعد الحدث في طهارة اخرى.

الثالث : لو انكشطت جلدة من محل الفرض وتدلّت منه وجب غسلها ، ولو تدلت من غيره لم يجب ، ولو انكشطت من غير محل الفرض وتدلّت من محل الفرض وجب غسلها.

وإن انقلعت من أحد المحلّين ، فالتحم رأسها في الآخر ، وبقي

__________________

1 ـ المجموع 1 : 392 ، المهذب للشيرازي 1 : 24.

١٥٩

وسطها متجافياً فهي كالنابتة في المحلّين ، يجب غسل ما حاذى محل الفرض من ظاهرها وباطنها وما تحتها من محل الفرض.

مسألة 46 : لو كان له يد زائدة ، فإن لم تتميز عن الاصلية وجب غسلهما معاً لعدم الأولوية ، وللأمر بغسل الأيدي.

وان علمت الزائدة ، فإن كانت تحت المرفق وجب غسلها أيضاً ، لأنّها جزء من اليد فأشبهت اللحم الزائد ، وإن كانت فوق المرفق ، فإن كانت قصيرة لا يحاذي منها شيء محل الفرض لم يجب غسلها.

وان كان منها شيء يحاذي مرفقه أو ذراعه ، فالأقرب عدم وجوب غسلها ، وعدم غسل المحاذي أيضاً ، لأنّ أصلها في غير محل الفرض ، فهي تابعة له.

ويحتمل الوجوب لوقوع اسم اليد عليها ، وكذا في القصيرة ، وللشافعية في غير القصيرة وجهان(1) .

فروع :

أ ـ لو كان له إصبع زائدة في كفه ، أو كف زائدة في ذراعه ، أو ذراع زائد وجب غسله ، لأنّه في محل الوضوء ، فهو تابع له ، وكذا لو كان له لحم نابت أو عظم.

ب ـ لو طالت أظافره فخرجت عن حدّ يده يحتمل وجوب غسله لأنّه جزء من اليد ، والعدم كالمسترسل من اللحية ، وللشافعية وجهان(2) .

ج ـ الوسخ تحت الأظفار ، إن كان يمنع من إيصال الماء إلى البشرة

__________________

1 ـ المجموع 1 : 388 ، فتح العزيز 1 : 351 ـ 352 ، الشرح الكبير 1 : 164.

2 ـ المجموع 1 : 387 ، المهذب للشيرازي 1 : 24.

١٦٠