تذكرة الفقهاء الجزء ٤

تذكرة الفقهاء0%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لاحياء التراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-5503-44-2
الصفحات: 473

تذكرة الفقهاء

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: العلامة الحلي
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لاحياء التراث
تصنيف: ISBN: 964-5503-44-2
الصفحات: 473
المشاهدات: 166531
تحميل: 4891


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 473 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 166531 / تحميل: 4891
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء 4

مؤلف:
ISBN: 964-5503-44-2
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

والخبر قد روي فيه ( وأنصت إذا خطب إليه )(١) .

مسألة ٤١٠ : لا ينبغي التنفّل والإِمام يخطب ، سواء كانت التحية للداخل حال الخطبة أو غيرها ، بل ينبغي أن ينصت لها - وبه قال الثوري والليث بن سعد وأبو حنيفة ومالك(٢) - لقوله تعالى( وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا ) (٣) .

قال المفسّرون : المراد بالقرآن هنا الخطبة(٤) .

ولأنّ رجلاً جاء يتخطّى رقاب الناس ، فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( اجلس فقد آذيت وآنيت(٥) )(٦) .

ومن طريق الخاصة : قول أحدهماعليهما‌السلام : « إذا صعد الإِمام المنبر فخطب فلا يصلّي الناس ما دام الإِمام على المنبر »(٧) .

ولأنه مُنافٍ لمشروعية الخطبة.

وقال الشافعي : يستحب أن يصلّي تحية المسجد ركعتين - وبه قال الحسن ومكحول وأحمد وإسحاق وابن المنذر(٨) - لأنّ سُليكاً الغطفاني جاء يوم الجمعة والنبيعليه‌السلام يخطب ، فجلس فقال له : ( يا سُليك قُمْ فاركع‌

____________________

(١) صحيح البخاري ٢ : ٤ نحوه.

(٢) المبسوط للسرخسي ٢ : ٢٩ ، اللباب ١ : ١١٣ ، شرح فتح القدير ٢ : ٣٧ ، الهداية للمرغيناني ١ : ٨٤ - ٨٥ ، المدونة الكبرى ١ : ١٤٨ ، القوانين الفقهية : ٨٠ ، المجموع ٤ : ٥٥٢.

(٣) الأعراف : ٢٠٤.

(٤) تفسير القرطبي ٧ : ٣٥٣ ، أحكام القرآن لابن العربي ٢ : ٨٢٨ ، أحكام القرآن للجصاص ٣ : ٣٩.

(٥) آناه يؤنيه ايناءً ، أي : أخّره وحبسه وأبطأه. والمعنى : أخّرت المجي‌ء وأبطأت. الصحاح ٦ : ٢٢٧٣ « أنا » وانظر النهاية لابن الأثير ١ : ٧٨.

(٦) سنن ابن ماجة ١ : ٣٥٤ / ١١١٥ ، سنن النسائي ٣ : ١٠٣.

(٧) الكافي ٣ : ٤٢٤ / ٧ ، التهذيب ٣ : ٢٤١ / ٦٤٨ وفيهما مضمرة.

(٨) المهذب للشيرازي ١ : ١٢٢ ، المجموع ٤ : ٥٥١ و ٥٥٢ ، الوجيز ١ : ٦٤ ، فتح العزيز ٤ : ٥٩٣ ، كفاية الأخيار ١ : ٩٤ ، المغني ٢ : ١٦٤ ، الشرح الكبير ٢ : ٢١٤.

٨١

ركعتين وتجوّز(١) فيهما ) ثم قال : ( إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإِمام يخطب فليركع ركعتين وليتجوّز فيهما )(٢) .

وتمام الرواية : أنّه قال لسُليك : ( لا تعودنّ لمثل هذا )(٣) .

إذا عرفت هذا ، فالكراهة تتعلّق بالشروع في الخطبة لا بالجلوس على المنبر ، لقول الصادقعليه‌السلام : « فخطب ، فلا يصلّي الناس »(٤) .

ولأنّه المقتضي للمنع.

ولا خلاف أنّه لو دخل والإِمام في آخر الخطبة وخاف فوت تكبيرة الإِحرام ، لم يصلّ التحية ، لأنّ إدراك الفريضة من أولها أولى.

مسألة ٤١١ : يستحب حال الخطبة اُمور :

أ : أن يصعد الإِمام حال الخطبة على المنبر‌ ، لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لمـّا دخل المدينة خطب مستنداً إلى جذع ، فلمـّا بني له المنبر صعد عليه(٥) . ولأنّ فيه إبلاغاً للبعيد.

ب : ينبغي وضع المنبر على يمين القبلة‌ ، وهو : الموضع الذي على يمين الإِمام إذا توجّه إلى القبلة ، اقتداءً بالنبيعليه‌السلام .

ج : أن يعتمد على شي‌ء حال الخطبة‌ من سيف أو عكاز أو قضيب أو عنزة(٦) ، اقتداءً بالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فإنّه كان يعتمد على عنزته‌

____________________

(١) تجوّز في صلاته ، أي : خفّف. الصحاح ٣ : ٨٧١ ، القاموس المحيط ٢ : ١٧٠ « جوز ».

(٢) صحيح مسلم ٢ : ٥٩٧ / ٥٩ ، سنن أبي داود ١ : ٢٩١ / ١١١٦ و ١١١٧ ، سنن الدار قطني ٢ : ١٣ / ١ - ٣.

(٣) سنن الدار قطني ٢ : ١٦ / ١١.

(٤) الكافي ٣ : ٤٢٤ / ٧ ، التهذيب ٣ : ٢٤١ / ٦٤٨.

(٥) سنن النسائي ٣ : ١٠٢ ، سنن البيهقي ٣ : ١٩٥.

(٦) عنَزَة - بالتحريك - : أطول من العصا وأقصر من الرمح. الصحاح ٣ : ٨٨٧ ، القاموس المحيط ٢ : ١٨٤ « عنز».

٨٢

اعتماداً(١) .

وقول الصادقعليه‌السلام : « ويتوكّأ على قوس أو عصا »(٢) .

د : أن يكون متعمّماً شتاءً وصيفاً ، مرتدياً ببرد يمنية ، لأنّ النبيعليه‌السلام كان يعتمّ ، ويرتدي ، ويخرج في الجمعة والعيدين على أحسن هيئة(٣) ، لأنّه أدخل في الوقار.

ه- : أن يسلّم على مَنْ عند المنبر إذا انتهى إليه‌ ، لعموم استحباب التسليم(٤) ، فإذا صعد المنبر ، وبلغ دون الدرجة - دون درجة المستراح - واستقبل الناس بوجهه سلّم ثم جلس(٥) - واختاره السيد المرتضى(٦) رضي‌الله‌عنه ، وبه قال الشافعي(٧) - لأنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كان إذا دنا من منبره يوم الجمعة سلَّم على من عند منبره من الجلوس ، ثم صعد ، وإذا استقبل الناس بوجهه سلَّم ثم قعد(٨) .

ومن طريق الخاصة : رواية عمرو بن جميع رفعه عن عليعليه‌السلام قال : « من السنّة إذا صعد الإِمام المنبر أن يسلّم إذا استقبل الناس »(٩) .

وقال أبو حنيفة ومالك : يكره السلام ، لأنّه إذا خرج سلَّم فلا يعيد ،

____________________

(١) سنن ابن ماجة ١ : ٣٥٢ / ١١٠٧ ، سنن أبي داود ١ : ٢٨٧ / ١٠٩٦ ، سنن البيهقي ٣ : ٣٠٠.

(٢) التهذيب ٣ : ٢٤٥ / ٦٦٤.

(٣) سنن ابن ماجة ١ : ٣٥١ / ١١٠٤ ، سنن البيهقي ٣ : ٢٤٦ و ٢٤٧.

(٤) اُنظر على سبيل المثال : الكافي ٢ : ٤٧١ باب التسليم ، صحيح البخاري ٨ : ٦٥ ، صحيح مسلم ٤ : ١٧٠٥ حديث (٥) من كتاب السلام.

(٥) في « م ، ش » والطبعة الحجرية : ثم سلّم وجلس. وما أثبتناه يقتضيه السياق.

(٦) حكاه عنه المحقق في المعتبر : ٢٠٤.

(٧) المهذب للشيرازي ١ : ١١٩ ، المجموع ٤ : ٥٢٧ ، المغني ٢ : ١٤٤.

(٨) سنن البيهقي ٣ : ٢٠٥.

(٩) التهذيب ٣ : ٢٤٤ / ٦٦٢.

٨٣

كالمؤذّن إذا قام إلى الأذان ، لأنّ الإِمام استدبرهم لمـّا صعد ثم أقبل عليهم(١) .

وقد كان أصحاب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يحول بين بعضهم وبعض شجرة فيسلّم بعضهم على بعض(٢) .

وبالأذان لا يغيب عنهم. نعم لو صعد المنارة ثم نزل سلّم.

إذا عرفت هذا ، فإذا سلّم وجب على السامعين الردّ على الكفاية.

و : أن يجلس بعد السلام على المستراح‌ حتى يفرغ المؤذّن فيستريح بقعوده عن تعب صعوده.

ولأنّه لا فائدة بقيامه حالة الأذان ، وقد كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يخطب خطبتين ، ويجلس جلستين(٣) .

ومن طريق الخاصة : قول الباقرعليه‌السلام : « كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، إذا خرج إلى الجمعة قعد على المنبر حتى يفرغ المؤذّنون »(٤) .

مسألة ٤١٢ : يستحب أن يكون الخطيب بليغاً ليأتي بالألفاظ الناصّة على التخويف والإِنذار‌ ، مواظباً على الصلوات ليكون وعظه أبلغ في القلب ، حافظاً لمواقيت الفرائض ، واستقبال الناس بوجهه ، فلا يلتفت يميناً ولا شمالاً - وبه قال الشافعي(٥) - لأنّ النبيعليه‌السلام كان يفعل ذلك(٦) ، ولئلّا يخصّ قوماً دون آخرين ، بل يخطب تلقاء وجهه.

____________________

(١) عمدة القاري ٦ : ٢٢١ ، المنتقى للباجي ١ : ١٨٩ ، المجموع ٤ : ٥٢٧ ، الميزان للشعراني ١ : ١٩١ ، المغني ٢ : ١٤٤.

(٢) الترغيب والترهيب ٣ : ٤٢٨ / ١٦.

(٣) سنن أبي داود ١ : ٢٨٦ / ١٠٩٢.

(٤) التهذيب ٣ : ٢٤٤ / ٦٦٣.

(٥) المهذب للشيرازي ١ : ١١٩ ، المجموع ٤ : ٥٢٨.

(٦) أورد أبو إسحاق الشيرازي في المهذب ١ : ١١٩ رواية عن سمرة بن جندب ، أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كان إذا خطبنا استقبلناه بوجوهنا واستقبلنا بوجهه.

٨٤

وقال أبو حنيفة : يلتفت يميناً وشمالاً كالمؤذّن(١) .

والأصل ممنوع. ولأنّه خطاب مع الغيّاب والخطبة مع الحاضرين ، فلا يخصّص بها البعض دون غيرهم.

قال الشيخرحمه‌الله : ولا يضع يمينه على شماله(٢) .

وهو جيّد كالصلاة ، بل يشتغل بما يعتمد عليه يسراه ، ويقبض باليمين حرف المنبر.

وينبغي أن يكون صادق اللهجة لا يلحن في الخطبة ، ولا يأتي بألفاظ غريبة أو وحشية ، لبُعْدها عن الأفهام ، ولا يقول في خطبته ما تستنكره عقول الحاضرين ، لقول عليعليه‌السلام : «كلّموا الناس على قدر عقولهم ، أتحبّون أن يكذّبوا الله ورسوله؟! »(٣) .

وأن يأتي بالكلمات على تأنٍّ وترسّلٍ وسكون ، ولا يمدّها مدّاً يشبه الغناء ، ولا يدرجها بحيث لا يفهم ، ولا يطوّل الخطبة بل يقصّرها ، لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أمر بذلك ، بل يطوّل الصلاة ، وقالعليه‌السلام : ( إنّه من فقه الرجل )(٤) .

مسألة ٤١٣ : يستحب أن تكون السورة التي يقرؤها في الخطبة خفيفةً.

واجتزأ بعض علمائنا بالآية(٥) .

ونقل الجمهور أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كان يقرأ كثيراً سورة « ق » في الخطبة(٦) .

____________________

(١) عمدة القارئ ٦ : ٢٢١ ، المجموع ٤ : ٥٢٨.

(٢) المبسوط للطوسي ١ : ١٤٨.

(٣) صحيح البخاري ١ : ٤٤ بتفاوت.

(٤) صحيح مسلم ٢ : ٥٩٤ / ٨٦٩.

(٥) حكى المصنف في المختلف : ١٠٥ عن ابن الجنيد ، الاجتزاء بالآية الواحدة في الخطبة الثانية.

(٦) صحيح مسلم ٢ : ٥٩٥ / ٨٧٣ ، سنن أبي داود ١ : ٢٨٨ / ١١٠٠ ، سنن النسائي ٣ : ١٠٧.

٨٥

ولو قرأ إحدى العزائم ، جاز ، إذ السجود ليس بمبطل لها.

قال الشيخ : ثم ينزل ، ويسجد ويسجد المأمومون معه(١) .

والوجه : أنّه إن كان في المنبر سعة يمكنه السجود عليها ، سجد قبل نزوله ، وإلّا نزل وسجد.

ولو كانت السجدة من غير العزائم ، جاز تركها ، وله أن يسجد ، والاشتغال بالخطبة أولى.

فإن نزل وسجد ، عاد إلى الخطبة إن لم يطل الفصل ، وكذا إن طال على الأقوى.

وللشافعي في الطول وجهان(٢) .

المطلب الثاني : فيمن تجب عليه‌

مسألة ٤١٤ : شرائط الوجوب عشرة :

البلوغ ، والعقل ، والذكورة ، والحرّية ، والسلامة من المرض والعمى والعرج والشيخوخة المانعة من الحركة ، والسفر ، والزيادة على فرسخين.

وليس الإِسلام شرطاً للوجوب ، لأنّ الكفّار عندنا مخاطبون بالفروع ، وبه قال الشافعي(٣) ، خلافاً لأبي حنيفة(٤) .

والعقل شرط في الوجوب والجواز معاً ، وباقي الشروط شرط في الوجوب لا الجواز.

____________________

(١) المبسوط للطوسي ١ : ١٤٨.

(٢) المهذب للشيرازي ١ : ١١٩ ، المجموع ٤ : ٥٢١.

(٣) المجموع ٣ : ٤ و ٤ : ٤٨٤ ، حاشية اعانة الطالبين ١ : ٢١ - ٢٢ ، شرح البدخشي ١ : ٢٠٧ ، شرح الاسنوي بهامش شرح البدخشي ١ : ٢٠٣ - ٢٠٤.

(٤) اُصول السرخسي ١ : ٧٤ - ٧٥ ، شرح الاسنوي بهامش شرح البدخشي ١ : ٢٠٤.

٨٦

والصبي وإن لم تجب عليه ، ولا المجنون ، لانتفاء التكليف عنهما ، إلّا أنّه يستحب إحضار الصبي الجمعة للتمرين ، كما يمرّن بالعبادات ، خصوصاً المراهق.

مسألة ٤١٥ : الذكورة شرط في الوجوب ، فلا تجب على المرأة‌ إجماعاً ، لقولهعليه‌السلام : ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فعليه الجمعة إلّا على امرأة ، أو مسافر ، أو عبد ، أو صبي ، أو مريض )(١) .

ومن طريق الخاصة : قول الصادقعليه‌السلام : « إن الله فرض في كلّ سبعة أيام خمساً وثلاثين صلاة ، منها صلاة واجبة على كلّ مسلم أن يشهدها إلّا خمسة : المريض والمملوك والمسافر والمرأة والصبي »(٢) .

ولأنّ شرطها الاجتماع ، وفي وجوبه على النساء مشقّة وافتتان.

أمّا العجائز فإنّهنّ كالشواب ، لعموم الأمر بالستر لهنّ(٣) .

وقال الشافعي : يستحب لهنّ الحضور مع إذن أزواجهنّ ، لانتفاء الفتنة فيهنّ(٤) .

مسألة ٤١٦ : الحرّية شرط في الوجوب‌ ، فلا تجب على العبد عند علمائنا أجمع - وبه قال عامة العلماء(٥) - لما تقدّم في الحديثين. ولأنّه محبوس على السيد ، فأشبه المحبوس في الدَّيْن.

____________________

(١) سنن الدار قطني ٢ : ٣ / ١ ، مصنف ابن أبي شيبة ٢ : ١٠٩ ، سنن البيهقي ٣ : ١٨٤.

(٢) الكافي ٣ : ٤١٨ / ١ ، التهذيب ٣ : ١٩ / ٦٩.

(٣) إشارة الى الآية ٣١ من سورة النور.

(٤) الاُم ١ : ١٨٩ ، المجموع ٤ : ٤٨٤ ، مغني المحتاج ١ : ٢٧٧.

(٥) الاُم ١ : ١٨٩ ، المجموع ٤ : ٤٨٥ ، فتح العزيز ٤ : ٦٠٣ ، المغني ٢ : ١٩٤ ، الشرح الكبير ٢ : ١٥٢ ، بداية المجتهد ١ : ١٥٧ ، الميزان ١ : ١٨٥.

٨٧

وقال داود : تجب(١) . وعن أحمد روايتان(٢) .

وقال الحسن البصري وقتادة : تجب على العبد المخارج(٣) - وهو الذي يؤدّي الضريبة - لعموم الآية(٤) .

والخاص مقدّم.

ولو أذن له السيد ، استحبّ له الحضور ولا يجب عليه ، لأنّ الحقوق الشرعية تتعلّق بخطاب الشرع لا بإذن السيد.

ولا فرق بين القنّ ، والمدبّر ، والمكاتب المطلق والمشروط ، واُمّ الولد ، لبقاء الرقّ فيهم.

وقال الحسن البصري وقتادة : يجب على المكاتب ، لأنّ منفعته له فأشبه الحر(٥) ، وهو ممنوع.

فروع :

أ : من بعضه حرّ وبعضه رقّ لا تجب عليه الجمعة ، سواء تساويا ، أو كانت الحرّية أكثر ، لأنّ رقّ البعض يمنع من الكمال والاستقلال ، كرِقّ الجميع.

ب : لو هاياه(٦) مولاه واتّفقت الجمعة لنصيب الحرية لم تجب عليه أيضاً‌ ، لقيام المانع ، وهو الظاهر من قول الشافعية.

____________________

(١) المحلّى ٥ : ٤٩ ، المجموع ٤ : ٤٨٥ ، الميزان ١ : ١٨٥ ، رحمة الاُمة ١ : ٧٩ ، بداية المجتهد ١ : ١٥٧ ، حلية العلماء ٢ : ٢٢٣.

(٢) المغني ٢ : ١٩٤ ، الشرح الكبير ٢ : ١٥٢ ، الإِنصاف ٢ : ٣٦٩ ، المحرر في الفقه ١ : ١٤٢ ، المجموع ٤ : ٤٨٥ ، فتح العزيز ٤ : ٦٠٣ - ٦٠٤ ، الميزان ١ : ١٨٥ ، رحمة الأمة ١ : ٧٩.

(٣) المجموع ٤ : ٤٨٥ ، المغني ٢ : ١٩٤ ، الشرح الكبير ٢ : ١٥٣ ، حلية العلماء ٢ : ٢٢٣.

(٤) الآية ٩ من سورة الجمعة.

(٥) المغني ٢ : ١٩٤ ، الشرح الكبير ٢ : ١٥٣.

(٦) المهاياة في كسب العبد : أنهما ( المولى والعبد ) يقسمان الزمان بحسب ما يتفقان عليه ويكون كسبه في كل وقت لمن ظهر له بالقسمة ، مجمع البحرين ١ : ٤٨٥ « هيا ».

٨٨

ولهم وجه : أنّها تجب ، لانقطاع سلطنة السيد عن استخدامه(١) .

واختاره الشيخ في المبسوط(٢) .

ج : لو ألزمه مولاه بالحضور ، احتمل وجوبه‌ ، لوجوب طاعته فيما ليس بعبادة ففيها أولى ، والعدم ، لما تقدّم.

مسألة ٤١٧ : لا تجب على المريض الجمعة‌ ، لما تقدّم من الأحاديث ، وللمشقّة ، سواء خاف زيادة المرض أو المشقّة غير المحتملة ، أو لا.

وقال الشافعي : المرض المسقط هو ما يخاف فيه أحدهما ، وليس شرطاً(٣) ، للعموم.

ولو كان المريض قريبه أو ضيفه أو زوجته أو مملوكه ، جاز له ترك الجمعة لأجل تمريضه ، وكذا تترك لصلاة الميت وتجهيزه ، لأنّ ابن عمر كان يستجمر للجمعة فاستصرخ(٤) على سعيد بن زيد فترك الجمعة ومضى إليه بالعقيق(٥) .

ولو كان المريض لا قرابة له به ولا صحبة ، فإن كان له مَنْ يُمرّضه ، لم يترك الجمعة له ، وإن لم يكن من يقوم ، جاز له تركها للقيام بأمره.

وكذا لو اشتغل فيه بأخذ الكفن وحفر القبر أو غيرهما ، سواء كان مشرفاً أو لا - خلافاً للشافعي(٦) - وسواء اندفع بحضوره ضرر عن غير المشرف أو لا ، خلافاً له(٧) .

____________________

(١) المجموع ٤ : ٤٨٥ ، الوجيز ١ : ٦٥ ، فتح العزيز ٤ : ٦٠٧.

(٢) المبسوط للطوسي ١ : ١٤٥.

(٣) الْاُم ١ : ١٨٩ ، المجموع ٤ : ٤٨٦.

(٤) استصرخ مبنياً للمجهول : أستغيث. والمستصرخ : المستغيث. الصحاح ٢ : ٤٢٦ « صرخ ».

(٥) مصنف ابن أبي شيبة ٢ : ١٥٣ ، سنن البيهقي ٣ : ١٨٥.

(٦) المهذب للشيرازي ١ : ١١٦ ، المجموع ٤ : ٤٩٠ ، الوجيز ١ : ٦٥ ، فتح العزيز ٤ : ٦٠٦.

(٧) الوجيز ١ : ٦٥ ، فتح العزيز ٤ : ٦٠٦.

٨٩

وكذا لو كان عليه حقّ قصاص يرجو بالاستتار الصلح فيه ، جاز ، ولو كان عليه حدّ قذف لم يجز له الاستتار عن الإِمام لأجله وترك الجمعة ، لأنّه حق واجبٌ ولا بدل له ، ولا يجوز له القصد إلى إسقاطه. وكذا غيره من الحدود لله تعالى بعد ثبوتها بالبيّنة.

والمديون المعسر يجوز له الاختفاء ، وكذا الخائف من ظالم على مال أو نفس أو ضرب أو شتم.

مسألة ٤١٨ : الأعمى لا تجب عليه الجمعة عند علمائنا ، سواء كان قريباً من الجامع يتمكّن من الحضور إليه من غير قائد ، أو بعيداً يحتاج إلى القائد أو لا - وبه قال أبو حنيفة(١) - للمشقّة بالحضور.

ولقول الباقرعليه‌السلام : « فرض الله الجمعة ووضعها عن تسعة : عن الصغير والكبير والمجنون والمسافر والعبد والمرأة والمريض والأعمى ومن كان على رأس أزيد من فرسخين »(٢) .

وقال الشافعي وأحمد : تجب عليه مع المكنة(٣) ، لأنّ عتبان بن مالك قال : يا رسول الله إنّي رجل محجوب البصر وإن السيول تحول بيني وبين المسجد ، فهل لي من عذر؟ فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( أتسمع النداء؟ ) قال : نعم. قال : ( ما أجد لك عذراً إذا سمعت النداء )(٤) .

والمراد نفي العذر في الحضور مطلقاً الشامل للاستحباب والوجوب ، لا‌

____________________

(١) المبسوط للسرخسي ٢ : ٢٢ ، الهداية في شرح البداية : ١٥٢ ، المجموع ٤ : ٤٨٦ ، فتح العزيز ٤ : ٦٠٧ ، المغني ٢ : ١٩٥ ، الشرح الكبير ٢ : ١٥٠.

(٢) الكافي ٣ : ٤١٩ / ٦ ، الفقيه ١ : ٢٦٦ / ١٢١٧ ، التهذيب ٣ : ٢١ / ٧٧ ، أمالي الصدوق : ٣١٩ / ١٧ ، الخصال : ٤٢٢ / ٢١ وفيها : ومن كان على رأس فرسخين.

(٣) المجموع ٤ : ٤٨٦ ، فتح العزيز ٤ : ٦٠٧ ، مغني المحتاج ١ : ٢٧٧ ، السراج الوهاج : ٨٤ ، المغني ٢ : ١٩٥ ، الشرح الكبير ٢ : ١٥٠.

(٤) مسند أحمد ٤ : ٤٣.

٩٠

الحضور الواجب.

فلو لم يجد قائداً سقطت عنه إجماعاً ، فإن وجد لكن باُجرة يتمكّن منها لم يجب بذلها عندنا ، خلافاً للشافعي(١) .

مسألة ٤١٩ : الأعرج والشيخ الذي لا حراك به لا جمعة عليهما‌ عند علمائنا أجمع إن بلغ العرج الإِقعاد ، للمشقّة.

ولقول الباقرعليه‌السلام : « والكبير »(٢) .

ولأنّ المشقّة هنا أعظم من المشقّة في المريض ، فثبتت الرخصة هنا كما ثبتت هناك.

أمّا لو لم يكن العرج بالغا حدّ الإِقعاد ، فالوجه : السقوط مع مشقّة الحضور ، وعدمه مع عدمها.

والشيخ أطلق الإِسقاط(٣) . ولم يذكره المفيد في المسقطات ، ولا الجمهور.

أمّا الحَرّ الشديد فإن خاف معه الضرر ، سقط عنه.

وكذا البرد الشديد والمطر المانع من السعي ، لقول الصادقعليه‌السلام : « لا بأس أن تدع الجمعة في المطر »(٤) . ولا خلاف فيه.

والوحل كذلك ، للمشاركة في المعنى.

مسألة ٤٢٠ : الإِقامة أو حكمها شرط في الجمعة‌ ، فلا تجب على المسافر عند عامة العلماء ، لقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( الجمعة واجبة‌

____________________

(١) المجموع ٤ : ٤٨٦ ، فتح العزيز ٤ : ٦٠٧ ، مغني المحتاج ١ : ٢٧٧.

(٢) الكافي ٣ : ٤١٩ / ٦ ، الفقيه ١ : ٢٦٦ / ١٢١٧ ، التهذيب ٣ : ٢١ / ٧٧ ، أمالي الصدوق : ٣١٩ / ١٧ ، الخصال : ٤٢٢ - ٢١.

(٣) المبسوط للطوسي ١ : ١٤٣.

(٤) الفقيه ١ : ٢٦٧ / ١٢٢١ ، التهذيب ٣ : ٢٤١ / ٦٤٥.

٩١

إلّا على خمسة : امرأة أو صبي أو مريض أو مسافر أو عبد )(١) .

ومن طريق الخاصة قول الباقرعليه‌السلام : « ووضعها عن تسعة » وعدَّ منهم « المسافر »(٢) .

ولم ينقل عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ولا أحد من الأئمّةعليهم‌السلام أنّهم صلّوها في أسفارهم.

ولأنّ الجمعة ظهر مقصورة بشرائط ، والمسافر يباح له القصر دون تلك الشرائط ، فلم يكن لاعتبار تلك الشرائط في حقّه وإيجاب الجمعة عليه معنى.

ولأنّه خفّف عنه العبادات الراتبة فغيرها أولى.

وقال الزهري والنخعي : تجب عليه الجمعة إن سمع النداء(٣) ، للآية(٤) .

ولقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( الجمعة على مَنْ سمع النداء )(٥) .

والخاص مقدّم.

فروع :

أ : إنّما تسقط الجمعة في السفر المباح ، أمّا المحرَّم فلا ، لمنافاته الترخّص.

ب : إنّما تسقط في السفر المبيح للقصر‌ فلو لم يوجبه كمن كان سفره أكثر من حضره ، فإنّ الجمعة لا تسقط عنه ، وكذا لو لم يكن القصر واجباً بل‌

____________________

(١) كنز العمال ٧ : ٧٢٢ / ٢١٠٩٥ نقلاً عن الطبراني في المعجم الكبير ٢ : ٥١ - ٥٢ / ١٢٥٧.

(٢) الكافي ٣ : ٤١٩ / ٦ ، الفقيه ١ : ٢٦٦ / ١٢١٧ ، التهذيب ٣ : ٢١ / ٧٧ ، أمالي الصدوق : ٣١٩ / ١٧ ، الخصال : ٤٢٢ / ٢١.

(٣) المجموع ٤ : ٤٨٥ ، المغني ٢ : ١٩٣.

(٤) الجمعة : ٩.

(٥) سنن أبي داود ١ : ٢٧٨ / ١٠٥٦ ، سنن الدار قطني ٢ : ٦ / ٣ ، سنن البيهقي ٣ : ١٧٣.

٩٢

جائزاً ، كالمواضع التي يستحب الإِتمام فيها.

ج : لو نوى المسافر إقامة عشرة أيام ، صار بحكم المقيم ، ووجب عليه الجمعة ، وعند الشافعي أربعة(١) .

وهل تنعقد به؟ عندنا أنّها تنعقد وإن لم يَنْو المقام على أحد القولين ، أمّا لو نواه فإنّها تنعقد به عندنا قولاً واحداً - وهو أحد وجهي الشافعية(٢) - لأنه من أهل وجوب الجمعة فانعقدت به كالمستوطن ، والآخر : لا تنعقد به ، لأنّ الاستيطان شرط(٣) . فمن أقام في بلد للتفقه أو التجارة مدة طويلة لا تنعقد به الجمعة عنده(٤) وإن وجبت عليه ، لأنّ له عزمَ الرجوع.

مسألة ٤٢١ : وتسقط عمّن كان بينه وبين الجمعة أزيد من فرسخين ، إلّا إذا جمع الشرائط عنده. وتجب على من بينه وبين الجامع فرسخان فما دون عند أكثر علمائنا(٥) - وبه قال الزهري(٦) - لقول الصادقعليه‌السلام : « الجمعة تجب على من كان منها على فرسخين ، فإن زاد فليس عليه شي‌ء »(٧) .

وقول الباقرعليه‌السلام : « تجب الجمعة على مَنْ كان منها على فرسخين »(٨) .

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١١٠ ، المجموع ٤ : ٤٨٥ ، الميزان ١ : ١٨٢ ، المغني ٢ : ١٣٣ ، عمدة القارئ ٧ : ١١٧.

(٢و ٣ ) المجموع ٤ : ٥٠٣ ، فتح العزيز ٤ : ٦٠٧.

(٤) اُنظر : المجموع ٤ : ٥٠٣ ،

(٥) منهم : الشيخ الطوسي في المبسوط ١ : ١٤٣ ، وأبو الصلاح الحلبي في الكافي في الفقه : ١٥١.

والمحقق في المعتبر : ٢٠٥ كما أنّ فيه أيضاً قول السيد المرتضى عن المصباح.

(٦) المجموع ٤ : ٤٨٨ ، عمدة القارئ ٦ : ١٩٨.

(٧) الكافي ٣ : ٤١٩ / ٣ ، التهذيب ٣ : ٢٤٠ / ٦٤١ ، الاستبصار ١ : ٤٢١ / ١٦١٩.

(٨) الكافي ٣ : ٤١٩ / ٢ ، التهذيب ٣ : ٢٤٠ / ٦٤٣ ، الاستبصار ١ : ٤٢١ / ١٦٢٠.

٩٣

وقال ابن أبي عقيل مِنّا : تجب على مَنْ إذا صلّى الغداة في أهله أدرك الجمعة(١) - ونحوه قال عبد الله بن عمر وأنس بن مالك ، وأبو هريرة ، والأوزاعي ، وأبو ثور فإنّهم قالوا : تجب على من كان يؤوي الليل(٢) (٣) . وهو قريب ممّا قال - لعموم الأمر.

ولقول الباقرعليه‌السلام : « الجمعة واجبة على مَنْ إذا صلّى الغداة في أهله أدرك الجمعة »(٤) .

والمشهور عندنا : الأول ، للمشقّة ، ولأنّ شغل النهار بالسعي إليها والرجوع إلى أهله يوجب القصر ، ويلحقه بالمسافرين ، فيكون مُسقطاً للجمعة.

وقال الشافعي : كلّ مَنْ كان من أهل المصر وجبت عليه الجمعة فيه ، سواء سمع النداء أو لا ، وسواء اتّسعت أقطاره وتعدّدت محالّه أو لا.

وأمّا الخارج عن المصر من أهل القرى ، فإن لم يسمعوا النداء ، وكانوا أقلّ من أربعين ، لم تجب عليهم الجمعة ، وإن بلغوا أربعين وكانوا مستوطنين في القرية ، وجبت عليهم الجمعة سواء سمعوا النداء أو لا ، وهُمْ بالخيار بين الصلاة في قريتهم ، والحضور إلى المصر لإِقامة الجمعة معهم.

وإن كانوا أقلّ من أربعين وسمعوا النداء ، وجب عليهم الحضور - وبه قال عبد الله بن عمرو بن العاص وسعيد بن المسيب وإسحاق(٥) - لقوله عليه‌

____________________

(١) حكاه عنه المحقق في المعتبر : ٢٠٥.

(٢) كذا ، وفي المصادر : تجب على من أواه الليل إلى أهله.

(٣) المجموع ٤ : ٤٨٨ ، المغني ٢ : ٢١٤ - ٢١٥ ، الشرح الكبير ٢ : ١٤٦ ، عمدة القارئ ٦ : ١٩٨.

(٤) التهذيب ٣ : ٢٣٨ / ٦٣١ ، الاستبصار ١ : ٤٢١ / ١٦٢١.

(٥) المجموع ٤ : ٤٨٨ ، المحلى ٥ : ٥٥ - ٥٦.

٩٤

السلام : ( الجمعة على مَنْ سمع النداء )(١) .

وهو يدلّ من حيث المفهوم فالمنطوق أولى مع انتشار النداء وعدم ضبطه ، فلا يجوز أن يجعله الشارع مناطاً للأحكام.

وقال أبو حنيفة وأصحابه : لا تجب الجمعة على مَنْ هو خارج المصر وإن سمع النداء - وقال محمّد : قلت لأبي حنيفة : تجب الجمعة على أهل زبارا(٢) بأهل الكوفة؟ فقال : لا(٣) - وبين زبارا والكوفة الخندق ، وهي قرية بقرب الكوفة - لأنّ عثمان لمـّا وافق الجمعة العيد ، قال لأهل العوالي : من أراد منكم أن ينصرف فلينصرف ، ومن أراد أن يقيم حتى يصلّي الجمعة فليقم.

ولأنّهم خارجون عن المصر ، فلا جمعة عليهم ، كأصحاب الحلل(٤) (٥) .

والحديث نقول بموجبه ، للتخيير عندنا ، أمّا مَنْ يوجب الحضور كالشافعي ، فإنّه أنكر الحديث وقال : لم يذكره أحد من أصحاب الحديث.

وأهل الحلل إن كانوا مستوطنين ، وجبت الجمعة ، وإلّا فلا.

وقال مالك واحمد والليث بن سعد : تجب على أهل المصر مطلقاً ، وأمّا الخارج فإن كان بينه وبين الجامع فرسخ ، وجب عليه الحضور وإلّا فلا ، لغلبة السماع منه(٦) . وقد بينا بطلان هذا المناط.

____________________

(١) المجموع ٤ : ٤٨٧ ، فتح العزيز ٤ : ٦٠٨ - ٦٠٩ ، المحلّى ٥ : ٥٦.

(٢) في المصدر : « زرارة ». وهي محلّة في الكوفة. و « زبارا » من نواحي الكوفة ، والظاهر صحة « زبارا » لكون أهلها من خارج المصر. اُنظر : معجم البلدان ٣ : ١٢٩ و ١٣٥.

(٣) الْأَصل للشيباني ١ : ٣٦٦.

(٤) الحلل جمع حلّة : القوم النزول. لسان العرب ١١ : ١٦٤ « حلل ».

(٥) المغني ٢ : ٢١٥ ، الشرح الكبير ٢ : ١٤٦ ، وراجع : المبسوط للسرخسي ٢ : ٢٣ ، وبدائع الصنائع ١ : ٢٥٩ ، وفتح العزيز ٤ : ٦٠٩ ، والمحلّى ٥ : ٥٦.

(٦) المدونة الكبرى ١ : ١٥٣ ، بداية المجتهد ١ : ١٦٥ ، المغني ٢ : ٢١٤ و ٢١٦ ، المجموع ٤ : ٤٨٨.

٩٥

وقال عطاء : إن كانوا على عشرة أميال ، وجب عليهم الحضور ، وإلّا فلا(١) .

وقال ربيعة : إن كانوا على أربعة أميال حضروا ، وإلّا فلا(٢) .

فروع :

أ : من كان بينه وبين الجمعة أزيد من فرسخ يتخيّر بين الحضور وبين إقامة الجمعة عنده‌ إن حصلت الشرائط ، وإن فقد أحدها وجب عليه الحضور ، ولا يسوغ له ترك الجمعة.

ومن كان بينه وبينها أزيد من فرسخين ، فإن حصلت الشرائط فيه ، تخيّر بين إقامتها عنده وبين الحضور ، ولا يسوغ له تركها ، وإن فقدت الشرائط ، سقطت عنه ، ولم يجب عليه الحضور.

ب : تشترط الزيادة على الفرسخين بين منزله والجامع الذي تقام فيه الجمعة‌ ، لا بين البلدين ، فلو كان بين البلدين أقلّ من فرسخين ، وبين منزله والجامع أزيد من فرسخين ، فالأقرب : السقوط ، لأنّه المفهوم من كلام الباقر والصادقعليهما‌السلام .

ج : قد بيّنّا عدم اعتبار النداء.

وقال الشافعي : النداء الذي تجب به الجمعة أن يكون المنادي صيّتاً ، وتكون الرياح ساكنةً ، والأصوات هادئةً ، وكان من ليس بأصمّ مُصغياً مستمعاً ، غير لاهٍ ولا ساهٍ ، وأن لا تكون البلدة بين آجام وأشجار تمنع من بلوغ الصوت ، فإن كان ، اعتبر أن يصعد على شي‌ء يعلو به على الأشجار كسور البلد والمنارة ، ولا يعتبر في غيره ، وأن تكون الأرض مستويةً ، فلو كانت

قرية في وادٍ لا يسمع أهلها لهبوطها ولو كانت في استواء الأرض سمعت ، وجبت ،

____________________

(١ و ٢ ) المجموع ٤ : ٤٨٨ ، عمدة القارئ ٦ : ١٩٨ ، نيل الأوطار ٣ : ٢٧٨.

٩٦

ولو كانت على قلّة جبل يسمع لعلّوها ، لم يجب عند بعضهم ، ولا اعتبار بأذان الجمعة(١) .

واختلفت الشافعية في الموضع الذي يعتبر فيه سماع النداء ، فقال بعضهم : من الموضع الذي يصلّى فيه الجمعة ، إذ الغرض الحضور في ذلك الموضع.

وقال بعضهم : من وسط البلد ، لاستواء الجوانب وعدم أولوية بقعة على اُخرى.

وقال آخرون : يعتبر من آخر موضع تجوز إقامة الجمعة فيه من الجانب الذي يلي تلك القرية ، فإنّه ربما يكون البلد كبيراً ، وإذا نودي من الجانب الآخر ربما لا يسمع أهل هذا الجانب من البلد(٢) .

ولو كان طرف القرية يسمعون النداء ، وباقي القرية لا يسمعون ، قال : يجب على الجميع الحضور ، لأنّ حكم القرية لا يختلف في الجمعة.

ولو سمعوا النداء من قريتين فأيّتهما حضروا جاز. والأولى أن يحضروا الموضع الذي تكثر فيه الجماعة(٣) .

ولو كانت قريتان على جبلين يصلّى في إحداهما الجمعة ، والْاُخرى يسمعون النداء وبينهما قرية لا يسمعون ، وجب على المستمعين الحضور للسماع. وفي الْاُخرى وجهان : العدم ، لانتفاء موجبه ، والوجوب ، لأنّ إيجاب الحضور على الأبعد يستلزم أولوية إيجابه على الأقرب(٤) .

وهذا كلّه عندنا ساقط ، فإنّ من الناس الأصمّ وثقيل السمع ، وقد يكون‌

____________________

(١) المجموع ٤ : ٤٨٧ ، المهذب للشيرازي ١ : ١١٦ ، الوجيز ١ : ٦٥ ، فتح العزيز ٤ : ٦٠٨ - ٦٠٩ ، حلية العلماء ٢ : ٢٢٤.

(٢) المجموع ٤ : ٤٨٧ ، فتح العزيز ٤ : ٦٠٨ ، حلية العلماء ٢ : ٢٢٤ - ٢٢٥.

(٣) المجموع ٤ : ٤٨٧ و ٤٨٨.

(٤) حلية العلماء ٢ : ٢٢٥.

٩٧

النداء بين يدي المنبر فلا يسمعه إلّا مَنْ في الجامع ، وقد يكون المؤذّن خفي الصوت أو في يوم ذي ريح ، وقد يكون المستمع نائماً أو مشغولاً بما يمنع السماع ويسمع من هو أبعد ، فيفضي ذلك إلى إيجابها على البعيد دون القريب ، وهو باطل بالإِجماع.

مسألة ٤٢٢ : قد بيّنّا وجوب الجمعة على مَنْ سقطت عنه للعذر‌ لو حضر ، لانتفاء المشقّة.

ولقول حفص بن غياث عن بعض مواليه : « إنّ الله فرض الجمعة على المؤمنين والمؤمنات ، ورخّص للمرأة والمسافر والعبد أن لا يأتوها فإذا حضروها سقطت الرخصة ولزمهم الفرض الأول » فقلت : عمّن هذا؟ فقال : عن مولانا الصادقعليه‌السلام (١) .

وفي المرأة نظر ، وإطلاق الشيخ(٢) يقتضيه.

تذنيب : إذا صلّى مَنْ سقطت عنه ، الظهر ، ثم زال المانع قبل أداء الجمعة ، لم تجب عليه‌ ، كالعبد يصلّي ثم يعتق والوقت باقٍ ، وكذا المسافر إذا صلّى ثم نوى الإِقامة.

أمّا الصبي إذا صلّى ثم بلغ ، فالوجه عندي : وجوب الحضور عليه ، لأنّ مبدأ التكليف الآن ، وما فعله أوّلاً لم يكن واجباً ، فلم يسقط به فرضاً عنه.

وقال الشافعي : لا يجب عليه ، لأنّ الصبي إذا صلّى في الوقت ثم بلغ ، لم تجب عليه الإِعادة كذا هنا(٣) .

والأصل ممنوع.

____________________

(١) التهذيب ٣ : ٢١ - ٢٢ / ٧٨.

(٢) المبسوط للطوسي ١ : ١٤٣.

(٣) المهذب للشيرازي ١ : ١١٦ و ١١٧ ، المجموع ٤ : ٤٩٥ ، الوجيز ١ : ٦٥ ، فتح العزيز ٤ : ٦١٢ ، حلية العلماء ٢ : ٢٢٦.

٩٨

المطلب الثالث : في ماهيتها وآدابها ولواحقها‌

مسألة ٤٢٣ : الجمعة ركعتان كسائر الصلوات ، وتتميّز بما تقدّم من الشرائط ، والآداب الآتية ، وتسقط معها الظهر بالإِجماع.

ويستحب أن يقرأ في الْاُولى بعد الحمد سورة الجمعة ، وفي الثانية بعد الحمد سورة المنافقين عند علمائنا - وبه قال الشافعي(١) - لأنّ عبد الله بن أبي رافع - وكان كاتباً لعليعليه‌السلام - قال : كان مروان يستخلف أبا هريرة على المدينة ، فاستخلفه مرّة فصلّى الجمعة ، فقرأ في الأوّلة الجمعة ، وفي الثانية المنافقين ، فلمـّا انصرف مضيت إلى جنبه ، فقلت : يا أبا هريرة لقد قرأت بسورتين قرأهما عليعليه‌السلام ، فقال : إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كان يقرأ بهما(٢) .

ومن طريق الخاصة : قول الصادقعليه‌السلام : « وإذا كان صلاة الجمعة فاقرأ بسورة الجمعة والمنافقين »(٣) .

وقال الشافعي في القديم : يقرأ في الْاُولى « سبّح اسم » وفي الثانية « الغاشية »(٤) . وينسب إلى رواية النعمان بن بشير(٥) .

وقال أبو حنيفة : يكره تعيين سورة في الصلاة(٦) .

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٢٠ ، المجموع ٤ : ٥٣٠ ، الوجيز ١ : ٦٦ ، حلية العلماء ٢ : ٢٣٨ ، المغني ٢ : ١٥٧.

(٢) صحيح مسلم ٢ : ٥٩٧ - ٥٩٨ / ٨٧٧ ، سنن أبي داود ١ : ٢٩٣ / ١١٢٤ ، سنن ابن ماجة ١ : ٣٥٥ / ١١١٨ ، سنن الترمذي ٢ : ٣٩٦ - ٣٩٧ / ٥١٩ ، سنن البيهقي ٣ : ٢٠٠.

(٣) التهذيب ٣ : ٥ - ٦ / ١٣.

(٤) المجموع ٤ : ٥٣٠ - ٥٣١ ، فتح العزيز ٤ : ٦٢٢.

(٥) الناسب هو الصيدلاني كما في فتح العزيز ٤ : ٦٢٢ ، وراجع : صحيح مسلم ٢ : ٥٩٨ / ٨٧٨.

(٦) اللباب ١ : ١١١ ، المجموع ٤ : ٥٣١ ، فتح العزيز ٤ : ٦٢٢ ، الميزان ١ : ١٩١.

٩٩

وقال مالك : يقرأ في الْاُولى الجمعة ، وفي الثانية الغاشية(١) .

فروع :

أ : لو قرأ غير هاتين السورتين عمداً ، لم تبطل جمعته : عملاً بالأصل.

ولقول الكاظمعليه‌السلام وقد سأله علي بن يقطين عن الرجل يقرأ في صلاة الجمعة بغير سورة الجمعة متعمّداً ، قال : « لا بأس بذلك »(٢) .

ب : لو نسي فقرأ في الْاُولى غير الجمعة ، احتمل قراءتها في الثانية ، لتدارك فضلها ، وقراءة المنافقين ، لأنّه محلّها.

وقال الشافعي : يقرأهما معاً في الثانية(٣) ، وقد بيّنّا(٤) بطلان القِران.

ولو قرأ المنافقين في الْاُولى قرأ في الثانية الجمعة ، تحصيلاً لفضيلة السورتين.

ج : يستحب الجهر بالجمعة إجماعاً ، وفي الظهر يوم الجمعة قولان : فالشيخ على استحبابه جماعةً وفرادى(٥) ، لقول الصادقعليه‌السلام : « نعم » وقد سأله الحلبي عن القراءة يوم الجمعة إذا صلّيت وحدي أربعاً أجهر بالقراءة؟(٦) .

والمرتضى على استحبابه جماعة لا فرادى(٧) ، لقول الصادقعليه‌السلام : « صلّوا في السفر صلاة جمعة جماعة بغير خطبة ، واجهروا‌

____________________

(١) المدونة الكبرى ١ : ١٥٨ ، بداية المجتهد ١ : ١٦٤ ، المجموع ٤ : ٥٣١ ، فتح العزيز ٤ : ٦٢٢ - ٦٢٣.

(٢) التهذيب ٣ : ٧ / ١٩ ، الاستبصار ١ : ٤١٤ / ١٥٨٦.

(٣) المجموع ٤ : ٥٣١ ، الوجيز ١ : ٦٦ ، فتح العزيز ٤ : ٦٢٢.

(٤) تقدم في المسألة ٢٣٢.

(٥) المبسوط للطوسي ١ : ١٥١.

(٦) الكافي ٣ : ٤٢٥ / ٥ ، التهذيب ٣ : ١٤ / ٤٩ ، الاستبصار ١ : ٤١٦ / ١٥٩٣.

(٧) حكاه عنه المحقق في المعتبر : ٢٠٨.

١٠٠