الاقتصاد الهادي إلى طريق الرشاد

الاقتصاد الهادي إلى طريق الرشاد0%

الاقتصاد الهادي إلى طريق الرشاد مؤلف:
تصنيف: أصول الدين
الصفحات: 320

الاقتصاد الهادي إلى طريق الرشاد

مؤلف: أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي بن الحسن الطوسي (شيخ الطائفة)
تصنيف:

الصفحات: 320
المشاهدات: 75762
تحميل: 5820

توضيحات:

الاقتصاد الهادي إلى طريق الرشاد
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 320 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 75762 / تحميل: 5820
الحجم الحجم الحجم
الاقتصاد الهادي إلى طريق الرشاد

الاقتصاد الهادي إلى طريق الرشاد

مؤلف:
العربية

مخصوص يستباح به الدخول في الصلاة.

وله مقدمات مفروضة ومسنونة.

فمقدماته: اذا أراد الانسان قضاء حاجته ينبغي أن يتخلى بحيث لا يراه أحد فيطلع على سوء‌ته، فاذا أراد الدخول إلى الموضع الذي يتخلى فيه فليغط رأسه ويدخل رجله اليسرى قبل اليمنى ويقول « بسم الله وبالله وأعوذ بالله من الرجس النجس الخبيث المخبث الشيطان الرجيم ».

فاذا قعد لحاجته فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها ببول أو غائط الا أن يكون الموضع مبنيا على وجه لا يتمكن فيه من الانحراف، وهذا واجب.

ولا يستقبل الشمس ولا الريح ولا القمر بالبول، ولا يحدث في الماء الجاري ولا الراكد، ولا الشوارع، ولا تحت الاشجار المثمرة، ولا فئ النزال ولا أفنية الدور، ولا المشارع، ولا المواضع التي يتأذى المسلمون بحصول نجاسة فيها، ولا يبولن في حجرة الحيوان، ولا يطمح(١) ببوله في الهواء ولا يبولن في الارض الصلبة، ولا يتكلم في حال الخلاء، ولا يستاك ولا يأكل ولا يشرب.

فاذا فرغ حاجته فليستنج.

والاستنجاء فرض، ويجوز بالاحجار والماء، والجمع بينهما أفضل، والاقتصار على الماء أفضل من الاقتصار على الحجارة، والاقتصار على الحجارة مجز أيضا ولا يستنج بأقل من ثلاثة أحجار، فان نقى بواحدة استعمل الثلاثة سنة مؤكدة.

ولا يستنج بالعظم ولا الروث، ويجوز أن يستنجى بالخرق والمدر وغير ذلك، ولا يستنج باليمين الا عند الضرورة، ولا يستنج وفي يده خاتم عليه اسم من اسماء الله مكتوب بل يحوله.

واذا استنجى قال « اللهم حصن فرجى واستر عورتي ووفقنى لما يرضيك عني يا ذا الجلال والاكرام».

فاذا فرغ من الاستنجاء قام من موضعه ومسح على بطنه وقال « الحمد لله الذي أماط عنى الاذى وهنأني طعامي وعافاني من البلوى »

___________________________________

(١) اى لا يرش.

٢٤١

فاذا أراد الخروج أخرج رجله اليمنى وقال « الحمد لله الذي عرفني لذته وأبقى في جسدي قوته وأخرج عنى أذاه، يالها نعمة، يالها نعمة، يالها نعمة ».

ثم يقعد في موضع نظيف للوضوء ويجعل الاناء على يمينه ويقول اذا أراد الوضوء « الحمد لله الذي جعل الماء طهورا ولم يجعله نجسا».

ثم يغسل يده من البول أو النوم مرة قبل ادخالها الاناء سنة، ومن الغائط مرتين ومن الجنابة ثلاث مرات اذا كانت نظيفة وان كانت نجسة وجب غسلها والا فسد الماء، ثم يأخذ كفا من الماء فيتمضمض به ثلاثا سنة ويقول « اللهم لقني حجتي يوم ألقاك وأطلق لساني بذكرك » ويستنشق ثلاثا ويقول « اللهم لا تحرمني طيبات الجنان واجعلني ممن يشم ريحها وروحها وريحانها ».

ثم يأخذ كفا من الماء فيغسل به وجهه من قصاص شعر الرأس إلى محادر(١) شعر ذقنه طولا وما دارت عليه الابهام والوسطى عرضا دفعة واحدة فريضة ودفعتين سنة وفضيلة ولا يجوز الثالثة مع الاختيار(٢) ، ويقول اذا غسل وجهه « اللهم بيض وجهي يوم تسود فيه الوجوه ولا تسود وجهي يوم تبيض فيه الوجوه ».

ثم يأخذ كفا من الماء فيديره إلى يساره ويغسل به يده اليمنى من المرفق إلى أطراف الاصابع مرة فريضه ودفعتين فضيلة ولا تجوز الثالثة، ويقول « اللهم اعطني كتابى بيميني والخلد في الجنان بشمالي وحاسبني حسابا يسيرا ».

ثم يغسل يده اليسرى مثل ذلك من المرفق إلى أطراف الاصابع مرة فريضة ومرتين سنة، ولا يستقبل الشعر في غسل اليدين بل يبتدئ من المرفق إلى أطراف الاصابع، ويقول اذا غسل يده اليسرى « اللهم لا تعطني كتابى بشمالي ولا تجعلها مغلولة إلى عنقي ».

___________________________________

(١) قصاص الشعر: مكان قصه. والمحادر: الانحدار.

(٢) فان الثالثة بدعة.

٢٤٢

ثم يمسح بما يبقى في يده من النداوة رأسه من مقدم الرأس مقدار ثلاث أصابع مضمومة ويقول « اللهم غشنى رحمتك وبركاتك » ولا يستقبل بشعر الرأس أيضا في المسح عليه.

ثم يمسح بما بقي في يديه من النداوة رجليه من رؤوس الاصابع إلى الكعبين - وهما الناتئان في وسط القدم - ويقول « اللهم ثبت قدمي على الصراط يوم تزل فيه الاقدام » فاذا فرغ من ذلك قال « الحمد لله رب العالمين ».

والنية في الطهارة فرض اذا أراد الشروع في غسل الاعضاء، وهي بالقلب ينوي القربة إلى الله واستباحة الصلاة.

والترتيب أيضا واجب في الوضوء، يبدأ اولا بغسل وجهه ثم بيده اليمنى ثم اليسرى ثم يمسح برأسه ثم برجليه، فان خالفه لم يجزه.

والموالاة أيضا واجبة فيه، لا ينقضها الا لعذر، فان نقضها لعذر أو لانقطاع الماء ينظر فان نشف ما تقدم غسله أعاد وان كانت فيه نداوة بنى عليه.

فصل: (في ذكر نواقض الوضوء)

نواقض الوضوء على ثلاثة أقسام: أحدها يوجب اعادة الوضوء، وثانيها يوجب الغسل، وثالثها تارة يوجب الوضوء وأخرى يوجب الغسل.

فالذي يوجب الوضوء البول والغائط والريح والنوم الغالب على السمع والبصر وكل ما يزيل العقل من اغماء أو جنون أو سكر.

وما يوجب الغسل فالجنابة والحيض ومس الاموات من الناس بعد بردهم بالموت وقبل تطهيرهم، فان هذه الاشياء توجب الغسل على كل حال.

٢٤٣

وما يوجب الوضوء تارة وأخرى الغسل فالاستحاضة، فانها اذا كانت قليلة أوجبت الوضوء وان كانت كثيرة أوجبت الغسل، على ما نبينه انشاء الله.

فصل: (في ذكر الجنابة)

الجنابة تكون بشيئين: احدهما انزال الماء الدافق الذي هو المني على كل حال سواء كان بجماع أو غيره أو احتلام وسواء كان بشهوة أو غير شهوة وعلى كل حال، والاخر بالتقاء الختانين أنزل أو لم ينزل.

فاذا صار جنبا فلا يدخل شيئا من المساجد الا عابر سبيل الا عند الضرورة ولا يضع فيها شيئا، ولا يقرأ من القرآن سور العزائم(١) ويجوز قراء‌ة ما سواها ولا يمس كتابة المصحف، ولا بأس أن يمس أطراف الاوراق، ولا يمس أيضا شيئا فيها اسم من أسماء الله مكتوب في لوح أو فضة أو قرطاس.

ويكره له الاكل والشرب الا عند الضرورة، واذا أرادهما تمضمض ويستنشق.

ويكره له النوم والخضاب الا عند الضرورة، واذا أرادهما تمضمض ويستنشق(٢) .

فاذا أراد الاغتسال فليستبرئ نفسه بالبول، فان لم يفعل ورأى بعد الغسل بللا أعاد الغسل.

وأن يغسل جميع جسده ابتداء‌ا، أولا يغسل رأسه ثم جانبها الايمن ثم الايسر، يرتب هكذا، فان خالف لم يجزه، ويوصل الماء إلى جميع بدنه

___________________________________

(١) سورة العزائم هى السور التى فيها سجدة واجبة، وهى سورة السجدة وفصلت والنجم والعلق.

(٢) أعبد في النسختين هنا « ويكره له النوم والخضاب ».

٢٤٤

والى أصول شعره، ويميز الشعر بأنامه.

وان ارتمس في الماء ارتماسة أو وقف تحت الميزاب أو النزال(١) أو المطر اجزأه.

والنية لابد منها، ينوي بالغسل استباحة الصلاة أو استباحة مالا يجوز للجنب من دخول المساجد وقراء‌ة العزائم ومس كتابة المصحف وغير ذلك.

والمضمضة والاستنشاق سنتان فيه وليسا بفرضين.

ويقول اذا أراد الاغتسال « اللهم طهرني وطهر قلبي واشرح لي صدري وأجر الخير على لساني يا ذا الجلال والاكرام يا أرحم الراحمين ».

فصل: (في ذكر الحيض والاستحاضة والنفاس)

الحيض عبارة عن الدم الخارج من فرج المرأة بحرارة على وجه يتعلق به أحكام مخصوصة، ولقليله حد.

فاذا رأت هذا الدم حرم عليها جميع ما يحرم على الجنب ويحل لها ما يحل له سواء.

ويحرم عليه وطؤها في الفرج، ومتى وطئها وجب عليه التعزير ولزمه الكفارة: دينارا ان كان في أوله، وان كان في وسطه نصف دينار، وان كان في آخره ربع دينار.

ويسقط عنها فرض الصلاة، ولا يصح منها الصوم، ويلزمها قضاء الصوم دون الصلاة، ولا يصح طلاقها ولا اعتكافها.

وأقل الحيض ثلاثة أيام، واكثره عشرة ايام، وفيما بين ذلك بحسب العادة.

___________________________________

(١) هو الماء الذى ينزل من الاعلى إلى الاسفل.

٢٤٥

فاذا انقطع عنها الدم ورأت نقاء‌ا صحيحا وجب عليها الغسل، وكيفيته مثل كيفية غسل الجنابة، الا أن غسل الجنابة يسقط فيه الوضوء وهذه لابد لها من وضوء اذا ارادت الصلاة.

وينبغي ان تستبرئ نفسها قبل الغسل، فان رأت دما يسيرا فليست تعد طاهرا.

هذا اذا كان انقطاع الدم دون العشرة، فان استوفت العشرة فما زاد يكون دم استحاضة على كل حال.

والمستحاضة هي التي ترى الدم الاصفر البارد ولا تحس بخروجه منها، أو تراه بعد العشرة ايام من الحيض أو النفاس، فانه يكون أيضا دم استحاضة على أي وصف كان.

وحكم المستحاضة حكم الطاهر، ولا يحرم عليها شئ مما يحرم على الحائض ويصح منها الصوم والصلاة، ويحل لزوجها وطؤها اذا فعلت ما تفعله المستحاضة.

ولها ثلاثة احوال: « احدها » ترى الدم القليل، فعليها تجديد الوضوء عند كل صلاة وتغيير القطنة والخرقة، وحد القليل اذا لم يظهر على القطنة.

[ « والثاني » أن يظهر على القطنة ولا يسيل ](١) ، فعليها غسل لصلاة الفجر وتجديد الوضوء لباقي الصلوات مع تغيير القطنة والخرقة.

« والثالث » أن ترى الدم اكثر من ذلك، وهو ان يظهر ويسيل، فعليها ثلاثة أغسال في اليوم والليلة: غسل لصلاة الظهر والعصر، وغسل للمغرب والعشاء الاخرة، وغسل لصلاة الفجر.

ولا تخلو المستحاضة من أن تكون مبتدأة اولها عادة، فان كانت لها عادة فلترجع إلى عادتها وتعمل عليه، فان تغيرت عادتها واضطربت رجعت إلى صفة الدم، فاذا رأته بصفة دم الحيض كانت حائضا، واذا رأته بصفة دم الاستحاضة

___________________________________

(١) الزيادة ليست في ر.

٢٤٦

كانت مستحاضة، فان لم يتميز لها الدم تركت الصلاة والصوم في كل شهر سبعة أيام، أو تترك في الشهر الاول اكثر أيام الحيض عشرة أيام وفي الثاني ثلاثة أيام أقل أيام الحيض إلى أن يزول عنها ذلك.

وان كانت مبتدأة تعود إلى صفة الدم، فان لم يتميز لها بالصفة رجعت إلى نساء أهلها، فان لم يكن لها نساء رجعت إلى أقرانها، فان لم يكن هناك نساء او كن مختلفات تركت الصلاة والصوم في كل شهر سبعة أيام مثل الاول سواء.

والنفساء هي التي ترى الدم عند الولادة، فاذا كانت كذلك فحكمها حكم الحائض سواء في جميع الاحكام في اكثر أيام النفاس وغيره من الاحكام، وتفارقها في اقل النفاس، فانه ليس لقليله حد، ويجوز ان يكون ساعة واحدة.

فصل: (في ذكر غسل الاموات)

غسل الاموات فرض واجب، وهو فرض على الكفاية.

وينبغى اذا حضر الانسان الوفاة أن يوجه إلى القبلة ويلقن الشهادتين والاقرار بالنبى والائمة عليهم السلام، ويلقن أيضا كلمات الفرج « لا اله الا الله الحليم الكريم، لا اله الا الله العلي العظيم، سبحان الله رب السماوات السبع ورب الارضين السبع وما فيهن وما بينهن وما تحتهن ورب العرش العظيم، والحمد لله رب العالمين ».

فاذا قضى نحبه غمض عيناه ويطبق فوه ويمد يداه ورجلاه ويكون عنده من يذكر الله تعالى ويقرأ القرآن.

ويؤخذ في أمره، فيحصل أولا اكفانه، والمفروض منها ثلاثة أثواب

٢٤٧

مئزر وقميص وأزار، والمسنون خمسة يزاد لفافة أخرى اما حبرة(١) أو ما يقوم مقامها، وخرقة يشد بها فخذاه.

ويستحب أن يزاد أيضا عمامة، وان كان امرأة زيدت لفافة أخرى، وروي أيضا نمط(٢) .

ويحصل الكافور وزن ثلاثة عشر درهما وثلث مما لم تمسه النار، فان لم يمكن فأربعة مثاقيل، فان لم يمكن فمثقال أو ما يتمكن منه.

ويحصل أيضا شيئا من السدر للغسلة الاولى وقليل كافور للغسلة الثانية.

وشئ من القطن ليحشى به دبره والمواضع التي يخاف خروج شئ منها، وشئ من الذريرة المعروفة بالقمحة فينثر بين الاكفان.

ويكتب على الاكفان « فلان يشهد أن لا اله الا الله وان محمدا رسول الله وأن عليا امير المؤمنين والحسن والحسين وعلي بن الحسين - ويذكر الائمة إلى آخرهم - أئمته أئمة الهدى الابرار » بتربة الحسين أو بالاصبع، ولا يكتب بالسواد.

ويستحب أن يكون الكفن قطنا محضا، والكتان مكروه، والابريسم أو ما خالطه الابريسم لا يجوز.

واذا أراد غسله ترك على سرير متوجها إلى القبلة، فيغسله ثلاث غسلات: الاولى بماء السدر، والثاني بماء حلال الكافور(٣) ، والثالث بالماء القراح.

وكيفية غسله مثل غسل الجنابة سواء، يغسل الغاسل يدي الميت ثلاث مرات، ثم ينجيه بقليل اشنان وآخر يقلب عليه الماء، واذا نجاه بدأ فغسل رأسه ولحيته ثلاث مرات، ثم يغسل جانبه الايمن ثلاث مرات، ثم الايسر ثلاث

___________________________________

(١) نوع خاص من الاثواب اليمنية.

(٢) ثوب من صوف فيه خطط تخالف لونه شامل لجميع البدن.

(٣) أى بماء يحل ويجعل فيه الكافور.

٢٤٨

مرات.

وآخر يقلب عليه الماء، ثم يقلب بقية ماء السدر ويغسل الاواني ويطرح ماء‌ا آخر ويطرح القليل من الكافور ويضربه ثم يغسله الغسلة الثانية مثل ذلك، ثم يقلب بقية ماء الكافور ويغسل الاواني ويطرح فيها الماء القراح، ويغسله الغسلة الثالثة مثل ذلك بالماء القراح.

ويمسح الغاسل يده على بطنه في الغسلتين الاوليين، ولا يمسح في الغسلة الثالثة، وكلما قلبه استغفر الله وسأله العفو ثم ينشفه بثوب نظيف.

ويغتسل الغاسل فرضا واجبا، اما في الحال أو فيما بعد.

ثم يكفنه، فيأخذ الخرقة التي هي الخامسة ويترك عليها شيئا من القطن وينثر عليها شيئا من الذريرة ويشد بها فخذيه ويضمها ضما شديدا، ويحشو القطن في دبره ويستوثق من الخرقة، ثم يؤزره ويلبسه القميص وفوق القميص الازار.

ويترك معه جريدتين اما من النخل أو شجر آخر رطب، ويكتب عليهما ما كتب على الاكفان، ويضع احداهما عند حقوه من جانبه الايمن يلصقها بجلده والاخرى من الجانب الايسر بين القميص والازار.

ويضع الكافور على مساجده جبهته ويديه وعيني ركبتيه وطرف أصابع الرجلين، فان فضل منه شئ تركه على صدره، ولا يجعل في عينيه ولا في أنفه شيئا من الكافور.

ثم يحمل إلى المصلى فيصلى عليه على ما نذكره في كتاب الصلاة.

وأفضل ما يمشي المشيع للجنازة خلفها وعن جنبيها، ولا يتقدمها مع الاختيار.

فاذا صلي عليه حمل إلى قبره، فيترك عند رجلي القبر ان كان رجلا وقدام القبر ان كانت امرأة، ثم ينزل إلى القبر من يأمره الولي بحسب الحاجة، فيؤخذ الميت من عند رجلي القبر والمرأة من قدامه فيسل سلا ويوضع في لحده ويحل عنه عقد كفنه، ويلقنه الذي يدفنه الشهادتين والاقرار بالنبي والائمة

٢٤٩

عليهم السلام ثلاث مرات، ثم يضع معه شيئا من تربة الحسين عليه السلام في وجهه ويضع خده على التراب، ثم يشرج اللبن عليه(١) ويخرج من عند رجلي القبر ويطم القبر ويرفع من الارض مقدار أربع أصابع مفرجات ولا يعلي أكثر من ذلك ولا يطرح فيه من غير ترابه.

ويستحب لمن حضره أن يطرح بظهر كفه ثلاث مرات التراب ويترحم عليه، فاذا فرغ من تسوية القبر رش الماء على القبر من جوانبه ويترحم عليه من حضر وينصرف ويتأخر الولي أو من يأمره الولي فيعيد عليه التلقين فانه يكفى مسألة القبر انشاء الله.

فصل: (في ذكر الاغسال المسنونة)

المسنونات من الاغسال يوم الجمعة، وليلة النصف من رجب، ويوم السابع والعشرين منه، وليلة النصف من شعبان، وأول ليلة من شهر رمضان، وليلة النصف وليلة سبع عشرة وليلة تسع عشرة وليلة احدى وعشرين وليلة ثلاث وعشرين وليلة الفطر، ويوم الفطر، ويوم الاضحى.

وغسل الاحرام، وعند دخول الحرم، وعند دخول مسجد النبي عليه وآله السلام، وعند زيارة النبي، وعند زيارة الائمة عليهم السلام، ويوم الغدير ويوم المباهلة، وغسل التوبة، وغسل المولود، وغسل قاضي صلاة الكسوف اذا احترق القرص كله وتركها متعمدا، وعند صلاة الحاجة، وعند صلاة الاستخارة.

___________________________________

(١) أى ينضد اللبن تنضيدا حتى لا يصل التراب اليه لو أهالوه عليه.

٢٥٠

فصل: (في ذكر التيمم وأحكامه)

التيمم طهارة ضرورة ولا يجوز فعله الا عند عدم الماء أو عدم ما يتوصل به إلى الماء من آلة ذلك أو ثمنه أو المرض المانع من استعماله أو عند الخوف من استعماله من البرد أو العدو، اما على النفس أو المال.

فاذا حصل شئ من هذه الاشياء جاز التيمم، غير أنه لا يجوز التيمم قبل دخول الوقت ولا بعد دخول الوقت الا في آخر الوقت، وحين الخوف من فوت الصلاة.

ولا بد من طلب الماء يمينا وشمالا وحيث يغلب في الظن وجود الماء فيه مع زوال الخوف ويصح التمكن.

ولا يصح التيمم الا بما يسمى أرضا بالاطلاق من الحجر والمدر والتراب.

واذا أراد التيمم فليضرب بيده جميعا على الارض، سواء كان عليها تراب أو لم يكن، مفرجا أصابعه، وينفضهما ويمسح بهما وجهه من قصاص شعر الرأس إلى طرف أنفه، ويمسح بباطن كفه اليسرى ظهر يده اليمنى من الزند إلى أطراف الاصابع.

هذا اذا كان عليه وضوء، واذا كان عليه غسل فليضرب بيديه دفعتين، دفعة يمسح بهما وجهه على ما قلناه، وثانية يمسح بهما يديه على ما وصفناه.

والترتيب واجب فيه أيضا، وكذلك النية، غير أنه لا ينوي رفع الحدث فان الحدث باق وانما ينوي استباحة الدخول في الصلاة.

ويستبيح بالتيمم كلما يستبيح بالوضوء أو الغسل من صلوات الليل والنهار

٢٥١

ما لم يحدث، وكلما ينقض الوضوء ينقض التيمم، وينقضه زائدا عليه التمكن من استعمال الماء.

فصل: (في ذكر المياه وأحكامها)

الماء على ضربين: مطلق، ومضاف.

فالمضاف كلما استخرج من جسم أو كان مرقة، نحو ماء الباقلى وماء الاس وماء الخلاف وغير ذلك.

وما كان مرقة - نحو ماء الباقلى - فالمضاف لا يجوز استعماله في ازالة حدث ولا ازالة خبث ويجوز استعماله فيما عدا ذلك ما لم ينجس، فاذا نجس فلا يجوز استعماله قليلا كان أو كثيرا.

والمطلق هو ما يسمى ماء‌ا بالاطلاق، سواء كان عذبا أو ملحا وعلى كل حال.

وهو على ضربين: جار، وراكد.

فالجاري بنفسه طاهر مطهر لا ينجسه شئ الا نجاسة تغير لونه أو طعمه أو رائحته، فاذا تغير شئ من ذلك فلا يجوز استعماله.

والواقف على ضربين: ماء البئر المعينة، وماء غير البئر.

فماء غير البئر على ضربين: قليل وكثير.

فالقليل ما نقص عن كر، والكثير ما بلغه أو زاد عليه.

والقليل ينجس بأي نجاسة تحصل فيه، ولا يجوز استعماله بحال، سواء تغير أحد أوصافه أو لم يتغير.

والكثير لا ينجس بنجاسة تحصل فيه الا اذا غيرت أحد أوصافه، فاذا تغير أحد أوصافه فلا يجوز استعماله بحال.

٢٥٢

والكر ألف ومأتا رطل بالعراقي(١) ، أو ما كان قدره ثلاثة أشبار ونصف طولا في عرض في عمق.

وفى أصحابنا من اعتبر أرطال المدينة، وبالاول تشهد الروايات.

وماء البئر المعينة فانها تنجس بما يحصل من النجاسة فيها تغير ماؤها أو لم يتغير، غير أنه يمكن تطهيرها بنزح بعضها.

وما يقع فيها على ضربين: أحدهما يوجب نزح جميعها، نحو الخمر وكل شراب مسكر والفقاع والمني ودم الحيض والاستحاضة والنفاس والبعير اذا مات فيه وكل نجاسة تغير أحد أوصاف الماء.

وما يوجب نزح بعضه.

وكل شئ له مقدار معين قد ذكرناه في النهاية وغير ذلك من كتبنا لا نطول بذكره ههنا.

فصل: (في ذكر النجاسات ووجوب ازالتها عن الثياب والابدان)

النجاسة على ثلاثة أضرب: أحدها يجب ازالة قليلها وكثيرها، والثاني لا يجب ازالة قليلها ولا كثيرها، والثالث يجب ازالتها على وجه دون وجه.

فما يجب ازالة القليل والكثير فالبول والغائط والمني من كل حيوان وكل شراب مسكر خمرا كان أو نبيذا والفقاع ودم الحيض والنفاس والاستحاضة.

ومالا يجب ازالة قليله ولا كثيره نحو دم السمك ودم البق والبراغيث ودم القروح الدامية والجراح اللازمة.

___________________________________

(١) ثلاثمائة وثلاث وثمانين كيلو وتسعمائة وست غرامات.

٢٥٣

وما يجب ازالته على وجه دون وجه هو باقي الدماء من الرعاف والفصد وسائر دماء الحيوان.

وكل مالا يؤكل لحمه وما أكل لحمه من البهائم والطيور، لا بأس ببوله وذرقه الاذرق الدجاجة خاصة فانه يجب ازالته.

ويجب غسل الاناء من سائر النجاسات ثلاث مرات، ومن ولوغ الكلب مثل ذلك، غير أن احداها - وهي الاولى - بالتراب.

وتغسل أواني الخمر سبع مرات، وروي مثل ذلك في الفأرة اذا ماتت في الاناء، وما لا نفس له سائلة لا ينجس الماء اذا مات فيه.

والحيوان على ضربين: ابن آدم، وغير ابن آدم.

فابن آدم طاهر السؤر الا من كان محكوما بكفره فانه نجس السؤر، سواء كان كافر أصل أو كافر ملة.

وغير ابن آدم على ضربين: طير، وغير طير.

فسؤر الطير كله طاهر الا ما أكل الجيف أو كان في منقاره أثر دم.

وغير الطير على ضربين: نجس العين، ونجس الحكم.

فنجس العين هو الكلب والخنزير، فانه نجس العين نجس السؤر نجس اللعاب.

وما عداه على ضربين: مأكول، وغير مأكول.

فما ليس بمأكول كالسباع وغيرها من المسوخات مباح السؤر وهو نجس الحكم، وهو مباح الاكل فهو طاهر مباح السؤر مباح اللعاب طاهر الروث والبول، وما هو مكروه الاكل فهو مكروه السؤر مكروه البول والروث.

وتفصيل ذلك ذكرناه في كتبنا.

٢٥٤

كتاب الصلاة: فصل (في ذكر أعداد الصلاة)

الصلوات المفروضات في اليوم والليلة خمس صلوات سبع عشرة ركعة في الحضر وفى السفر احدى عشرة ركعة: الظهر أربع ركعات بتشهدين وتسليمة في الرابعة، وفى السفر ركعتان بتشهد وتسليم بعده، وكذلك العصر والعشاء الاخرة، والمغرب ثلاث ركعات بتشهدين وتسليم في الثالثة، والغداة ركعتان بتشهد وتسليمة بعده في السفر والحضر لا يقصران على الحال.

والنوافل في الحضر أربع وثلاثون ركعة، وفي السفر سبع عشرة ركعة فنوافل الظهر والعصر ست عشرة ركعة ثمان قبل الفرض وثمان بعد الفرض كل ركعتين بتشهد وتسليم بعده، ويسقط جميعه في السفر.

ونوافل المغرب أربع ركعات بتشهدين بعده في السفر والحضر، وركعتان من جلوس بعد

٢٥٥

العشاء الاخرة تعدان بركعة يسقطان في السفر، واحدى عشرة ركعة صلاة الليل كل ركعتين بتشهد بعده، والمفردة من الوتر بتشهد وتسليم بعده، وركعتان نوافل الفجر يثبت جميع ذلك في الحضر والسفر.

فصل: (في ذكر المواقيت)

لكل صلاة من الفرائض الخمس وقتان أول وآخر: فأول الوقت هو الافضل، وهو وقت من لا عذر له. والاخر وقت من له عذر.

فأول وقت الظهر اذا زالت الشمس، وآخره اذا زاد الفئ أربعة أسباع الشخص أو يصير ظل كل شئ مثله.

وأول وقت العصر عند الفراغ من فريضة الظهر، وآخره اذا صار ظل كل شئ مثليه، وعند العذر إلى أن يبقى من النهار مقدار ما يصلي أربع ركعات.

وأول وقت المغرب اذا غابت الشمس، وعلامة غروبها زوال الحمرة من ناحية المشرق، وآخره اذا غاب الشفق، وهو زوال الحمرة من المغرب وعند الضرورة إلى ربع الليل.

وأول وقت العشاء الاخرة ذهاب الشفق الذي وصفناه، وآخره ثلث الليل وروي نصف الليل.

وأول وقت فريضة الغداة عند طلوع الفجر الثاني، وآخره طلوع الشمس.

خمس صلوات تصلى على كل حال مالم يتضيق وقت فريضة حاضرة، ومن فاتته صلاة فريضة فوقتها حين يذكرها ما لم يدخل وقت فريضة والصلاة الكسوف وصلاة الجنازة وركعتا الاحرام وركعتا الطواف.

ويكره ابتداء النافلة في خمسة أوقات: بعد فريضة الغذاة عند طلوع

٢٥٦

الشمس، وعند وقوف الشمس في وسط السماء الا يوم الجمعة، وبعد العصر وعند غروب الشمس.

وأما صلاة لها سبب كتحية المسجد أو زيارة مسجد أو قضاء نافلة فلا بأس بها في هذه الاوقات.

فصل: (في ذكر القبلة وأحكامها)

الكعبة قبلة من كان في المسجد الحرام، والمسجد قبلة من كان في الحرم، والحرم قبلة من كان في الافاق.

فأهل العراق ومن يصلي إلى قبلتهم يتوجهون إلى الركن العراقي، وعليهم التياسير قليلا، وليس على من يتوجه إلى غير هذا الركن ذلك، فان أهل اليمن يتوجهون إلى الركن اليماني، واهل المغرب إلى الركن المغربي، وأهل الشام إلى الركن الشامي.

ويمكن أهل العراق أن يعرفوا قبلتهم بكون الجدي خلف منكبهم الايمن أو كون الشفق محاذيا للمنكب الايمن، أو الفجر محاذيا للمنكب الايسر، أو عين الشمس عند الزوال بلا فصل على حاجبه الايمن.

فاذا فقدت هذه الامارات صلى صلاة واحدة أربع مرات إلى أربع جهات فان لم يقدر صلى إلى أي جهة شاء.

ومن صلى على الراحلة نافلة استقبل بتكبيرة الاحرام القبلة. ثم يصلي إلى رأس الراحلة.

ومن صلى في السفينة ودارت صلى مثل ذلك، ومن صلى صلاة شدة الخوف صلى مثل ذلك.

٢٥٧

فصل: (في ستر العورة)

العورة عورتان: مغلظة، ومخففة.

فالمغلظة السوء‌تان، فمن شرط صحة الصلاة سترهما على الرجال.

والمخففة ما بين السرة إلى الركبة فانه مستحب ستر جميع ذلك.

وأما المرأه الحرة فان جميع بدنها عورة يجب عليها ستره في الصلاة، ولا تكشف غير الوجه فقط.

فان كانت مملوكة جاز أن تصلي مكشوفة الرأس.

وان صلى الرجل في ثوب صفيق(١) فهو أفضل.

فصل: (في ذكر ما تجوز الصلاة فيه من المكان واللباس)

ألارض كلها مسجد تجوز الصلاة فيها الا ما كان مغصوبا أو نجسا، فان كان موضع السجود طاهرا جازت الصلاة فيها مالم تتعد النجاسة إلى بدنه لكونه رطبة.

وتكره الصلاة بين المقابر وفى أرض الرمل والسبخة(٢) ومعاطن الابل(٣) وقرى النمل وجوف الوادي وجواد الطريق(٤) والحمامات، وفى طريق مكة بوادي ضجنان ووادي الشقرة والبيداء وذات الصلاصل.

___________________________________

(١) هو خلاف السخيف.

(٢) التى يعلوها الملح وامثال ذلك مما لم يستقر عليه مسجد الانسان.

(٣) من العطن، بمعنى محل بروك الابل.

(٤) جمع الجادة، الشارع العام

٢٥٨

وتكره الفريضة جوف الكعبة، والنوافل تستحب فيها.

وينبغي أن يجعل الانسان بينه وبين ما يمر به ساترا ولو عنزة(١) .

ولا يجوز السجود الا على الارض أو ما أنبتته الارض مما ليس بمأكول ولا ملبوس لبني آدم بمجرى العادة.

ومن شرطه أن يكون مباح التصرف فيه، وان يكون خاليا من نجاسة.

وتجوز الصلاة في اللباس ما كان من قطن أو كتان وجميع ما ينبت في الارض، وفي الخز الخالص وفي الصوف والشعر والوبر مما يؤكل لحمه.

وفي جلد ما يؤكل لحمه اذا كان مذكى، وان كان ميتا فلا يجوز، وان دبغ فانه لا يطهر بالدباغ.

وينبغي أن يكون ملكا أو في حكم الملك، ويكون خاليا من نجاسة مانعة من الصلاة فيها مما قدمنا ذكره.

وما لا تتم الصلاة فيه منفردا كالتكة والجوراب والقلنسوة والخف جاز أن يكون فيها نجاسة، والتنزه عن ذلك أفضل.

فصل: (في الاذان والاقامة)

هما مسنونان مؤكدان في الصلوات الخمس، واجبان في صلاة الجماعة لا تنعقد الجماعة الا بهما، ولا يفعلان لشئ من النوافل.

وهما خمس وثلاثون فصلا: الاذان ثمانية عشر فصلا، والاقامة سبعة عشر فصلا.

فالاذان أربع تكبيرات في أوله، والاقرار بالتوحيد مرتين، والاقرار بالنبى مرتين، والدعاء إلى الصلاة مرتين، والى الفلاح مرتين، والى خير العمل مرتين، وتكبيرتان في آخره، والتهليل مرتين.

والاقامة مثل ذلك،

___________________________________

(١) العصا التى يأخذها الانسان بيده.

٢٥٩

وتسقط تكبيرتان من أوله، ويردد بدلهما « قد قامت الصلاة » مرتين، ويسقط التهليل مرة.

والترتيب فيهما واجب.

ويستحب أن يكون المؤذن على طهارة، ويستقبل القبلة، ولا يتكلم في خلاله مع الاختيار، ولا يكون ماشيا ولا راكبا، ويرتل الاذان ويحدر الاقامة(١) ، ولا يعرب أواخر الفصول، ويفصل بين الاذان والاقامة بجلسة أو سجدة أو خطوة.

وكل هذه سنة غير واجبة، وأشدها تأكيدا في الاقامة. ومن شرط صحتها دخول الوقت.

فصل: (فيما يقارن حال الصلاة)

أول ما يجب من أفعال الصلاة المقارنة لها النية، ووقتها حين يريد استفتاح الصلاة.

وكيفيتها أن ينوي الصلاة التي يريد أن يصليها - فرضا كان أو نفلا - ويعين الفرض أيضا فرض الوقت أو القضاء.

مثاله: أن يريد صلاة الظهر فينبغي أن ينوي صلاة الظهر على وجه الاداء دون القضاء متقربا بها إلى الله، وكذلك باقي الصلوات.

وينبغي ان يستديم حكم هذه النية إلى وقت الفراغ من الصلاة، ولا يعقد في خلال الصلاة نية تخالفها فانه يفسد ذلك صلاته.

ويستفتح الصلاة بقوله « الله اكبر »، ولا تنعقد الصلاة الا بهذا اللفظ المخصوص، ولا تنعقد بغيره من الالفاظ وان كان بمعناه.

وتكبيرة الاحرام فريضة بها تنعقد الصلاة، فان أراد السنة في الفضيلة كبر ثلاث مرات، ويرفع عند كل تكبيرة

___________________________________

(١) الترتيل: اطالة الوقوف على أواخر الفصول.

والتحدير: الاسراع وتقصير الوقوف على الفصول.

٢٦٠