الاقتصاد الهادي إلى طريق الرشاد

الاقتصاد الهادي إلى طريق الرشاد0%

الاقتصاد الهادي إلى طريق الرشاد مؤلف:
تصنيف: أصول الدين
الصفحات: 320

الاقتصاد الهادي إلى طريق الرشاد

مؤلف: أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي بن الحسن الطوسي (شيخ الطائفة)
تصنيف:

الصفحات: 320
المشاهدات: 75831
تحميل: 5823

توضيحات:

الاقتصاد الهادي إلى طريق الرشاد
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 320 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 75831 / تحميل: 5823
الحجم الحجم الحجم
الاقتصاد الهادي إلى طريق الرشاد

الاقتصاد الهادي إلى طريق الرشاد

مؤلف:
العربية

ثم يحرم عقيب الصلاة فيقول « اللهم اني أريد ما أمرت به من التمتع بالعمرة إلى الحج على لسان نبيك ».

وان كان مفردا أو قارنا ذكر ذلك في دعائه « أحرم لك شعري وبشري وجلدي وعظامي من النساء والطيب وجميع ما نهيتني عنه في حال الاحرام ابتغي بذلك وجهك والدار الاخرة، اللهم ان لم تكن حجة فعمرة ».

وإن أضاف إلى ذلك غيره من الدعاء كان أفضل.

ثم يلبي فرضا واجبا، فيقول « لبيك اللهم لبيك، لبيك ان الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك لبيك، لبيك بحجة وعمرة أو حجة مفردة تمامها عليك لبيك ».

وان أضاف إلى ذلك ألفاظا مروية من التلبيات كان أفضل.

والتلبية بها ينعقد الاحرام، ويقوم مقامها اشعار الهدي وتقليدها لمن كان معه هدي، وهو أن يشعر سنامها ويلطخه بالدم ويعلق في رقبتها نعلا كان يصلي فيه.

والاخرس ينعقد احرامه بالايماء.

واذا عقد احرامه ومشى خطوات رفع صوته بالتلبية، ويكون على التلبية في كل وقت إلى أن يشاهد بيوت مكة ان كان متمتعا فعند ذلك يقطع التلبية وان كان معتمرا عمرة مفردة فحين تضع الابل أخفافها في الحرم.

وينبغي أن يجتنب في احرامه الطيب كله، وأكل طعام يكون فيه طيب، ولا يلبس مخيطا، وان يكشف رأسه ومحمله، ولا يتزين بزينة، ولا يصيد ولا يأكل لحم صيد، ولا يقتل صيدا، ولا يدل على صيد، ولا يدهن بشئ من الادهان طيبا وغير طيب، ولا يتزوج ولا يزوج ولا يجامع ولا يباشر النساء بشهوة ولا يلمسهن ولا يقبلهن، ويكون ثيابه مما تجوز الصلاة فيها وأفضلها القطن المحض ولا يقتل الجراد، ولا يرتمس في الماء.

والمرأة تسفر عن وجهها، ويجوز لها لبس المخيط.

٣٠١

ولا يقطع شجرا نبت في الحرم، ولا يكسر بيض صيد، ولا يأكل منه، ولا يذبح فرخا، ولا يلبس الخفين، ولا ما يستر القدم، ويجتنب الفسوق وهو الكذب، والجدال وهو قول « لا والله » و « بلى والله »، والرفث وهو الجماع، ولا ينحي عن نفسه شيئا من القمل، ولا يقبض على أنفه من رائحة كريهة، ولا يقص شيئا من شعره ولا أظفاره، ولا يلبس سلاحا الا عند الضرورة.

ويكره له لبس الثياب المصبوغة المشبعة والنوم عليها، ولبس الثياب المعلمة ولبس حلي لم تجر عادته بلبسه، ولا للمرأة لبسه.

ويكره استعمال الحلي والكحل، ولا تلتفت المرأة، ولا ينظر في المرآة، ولا يحك جسمه حكا يدميه ويكره له دخول الحمام.

وما يلزم من الكفارة لمخالفة ذلك قد بيناه في النهاية وغيره من كتبنا لا نطول بذكره.

فما يلزمه من الكفارات في احرامه بالحج على اختلاف ضروبه فلا ينحره الا بمنى، وما يلزمه في احرام العمرة المفردة لا ينحره الا بمكة قبالة البيت بالحزورة.

ويلزم المحل في الحرم القيمة، والمحرم في الحل الجزاء، والمحرم في الحرم الجزاء والقيمة، حسب ما بيناه في النهاية.

والجماع ان كان بالفرج قبل الوقوف بالمشعر فانه يفسد الحج ويجب عليه اتمامه والحج من قابل، وان كان بعد الوقوف بالمشعر أو كان فيما دون الفرج كان عليه الكفارة ولا يلزمه الحج من قابل.

ومن فعل ذلك في العمرة المفردة تممها وكان عليه قضاؤها من الشهر الداخل.

٣٠٢

فصل: (في دخول مكة والطواف بالبيت)

يستحب الغسل عند دخول الحرم، وتطييب الفم بمضغ شئ من الاذخر أو غيره.

واذا أراد دخول مكة اغتسل أيضا منه، ويكون دخوله من أعلاها، ويمشي حافيا على سكينة ووقار.

ويستحب أيضا الغسل عند دخول المسجد الحرام، وأن يدخل من باب بني شيبة، ويصلي على النبي عليه السلام عند الباب ويدعو بما أراد، وان دعا بما روي فيه كان أفضل، ويكون حافيا.

فاذا أراد الطواف فينبغي أن يبتدئ أولا بالحجر الاسود، ويطوف سبعة أشواط ويكون على طهر، ويستحب أن يستلم الحجر في كل شوط ويقبله ان أمكنه، والا مسه بيده وقبل يده، وان لم يمكنه أومأ بيده اليه، ويدعو عند الاستلام، ويدعو عند الطواف، ويقرأ القرآن، ويلزم المستجار، ويضع خده وبطنه عليه ويدعو عنده.

ويستحب أيضا استلام الاركان كلها وخاصة الركن اليماني.

ومتى فرغ من الطواف على ما قدمناه صلى عند المقام ركعتين أو حيث يقرب منه.

ومن زاد في طواف الفريضة عامدا أعاد، واذا شك فلا يدري كم طاف أعاد، وان شك بين الستة والسبعة والثمانية أعاد، ومن نقص طوافه ثم ذكر أتمه ولا شئ عليه، فان رجع إلى بلده أمر من يطوف عنه ذلك، ومن شك بين السبعة والثمانية قطع الطواف ولا شئ عليه، ومن شك فيما دون السبعة في النافلة بنى على الاقل، ومن زاد في النافلة أتم أسبوعين.

٣٠٣

ويكره الجمع بين طوافين في الفريضة، ويجوز ذلك في النوافل.

والافضل كلما طاف سبعا أن يصلي عند المقام ركعتين ثم يطوف كذلك على ما شاء على هذا الترتيب.

فصل: (في السعى وأحكامه)

اذا فرغ من طوافه ينبغي أن يخرج إلى الصفا.

فاذا اراد الخروج إلى السعي بين الصفا والمروة فينبغي أولا أن يستلم الحجر ويقبله وينصرف فيأتي زمزم ويشرب من مائه ويصب شيئا منه على بدنه ويجتهد أن يكون ذلك من الدلو المقابل للحجر، وليخرج من الباب المقابل للحجر، ثم ليصعد إلى الصفا ويستقبل الكعبة ويقول « لااله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيى ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شئ قدير »، ويدعو الله ويحمده ويصلي على النبي صلى الله عليه وآله.

ثم يطوف بين الصفا والمروة سبع مرات، يبدأ بالصفا ويختم بالمروة، فاذا بلغ إلى المسعى فليسع فيه مهرولا راكبا كان أو ماشيا، وذلك على الرجال دون النساء، والمشي أفضل من الركوب.

وكلما جاء إلى المروة وقف عندها ويدعو الله، وكذلك اذا عاد إلى الصفا مثل ذلك، ويدعو فيما بينهما ويقرأ القرآن، والافضل أن يكون على طهر وليس ذلك من شرطه.

ومن زاد في السعي شوطا متعمدا أعاد، ومن سعى ثمان مرات ناسيا وهو عند المروة أعاد لانه بدأ بالمروة، ومن لا يدري كم سعى أعاد، ومن زاد شوطا

٣٠٤

وقد بدأ بالصفا طرح الزيادة، وان أتم أسبوعين كان جائزا، ومن سعى تسع مرات وهو عند المروة لم يعد، ومن نقص شوطا أو ما زاد عليه ثم ذكر تمم ولم يعد.

فاذا فرغ من السعي قصر من شعر رأسه ولحيته أو يقص أظفاره ولا يحلق رأسه في هذا الاحلال فان حلقه كان عليه دم ويمر الموسى على رأسه يوم النحر، وان نسي التقصير حتى يحرم بالحج كان عليه دم.

فاذا فعل ذلك فقد أحل من كل شيئ أحرم منه الا الصيد لكونه في الحرم ويستحب له أن يتشبه بالمحرمين ولا يلبس المخيط.

فصل: (في ذكر الاحرام بالحج)

اذا أراد الاحرام بالحج فينبغي أن يكون ذلك يوم التروية عند الزوال، فان لم يمكنه أحرم في الوقت الذي يعلم أنه يلحق الوقوف بعرفات.

وكيفية الاحرام وشروطه وأفعاله مثل ما قدمناه في احرام العمرة سواء، غير أنه يذكر في دعائه الحج فقط فان العمرة قد مضت.

ويقطع التلبية يوم عرفة عند الزوال، فان سها أحرم بالعمرة أجزأه ذلك بالنية اذا أتى بأفعال الحج، فان نسي الاحرام حتى يحصل بعرفات أحرم بها، فان لم يذكر حتى يقضي المناسك كلها لم يكن عليه شئ.

فصل: (في نزول منى وعرفات والمشعر)

يستحب للامام أن يصلي الظهر والعصر يوم التروية بمنى، ومن عداه لا

٣٠٥

يخرج من مكة حتى يصلي الظهر والعصر بها.

وينبغي للامام أن لا يخرج من منى الا بعد طلوع الشمس من يوم عرفة، وغير الامام يجوز له الخروج بعد طلوع الفجر، ويجوز للعليل والكبير الخروج قبل ذلك.

ويستحب الدعاء في طريق عرفات، وينبغي أن يصلي الظهر والعصر بعرفات يجمع بينهما بأذان واحد واقامتين، ويقف إلى غروب الشمس يدعو الله ويثني عليه و يصلي على النبي صلى الله عليه وآله ويدعو لنفسه ولاخوانه المؤمنين.

وينبغي أن يكون نزوله ببطن عرفة ولا يقف تحت الاراك.

فاذا غابت الشمس أفاض منها إلى المشعر، فان أفاض قبل ذلك متعمدا لزمه دم بدنة، ولا يصلي المغرب والعشاء الاخرة الا بالمشعر الحرام، ويبيت بها تلك الليلة في الدعاء وقراء‌ة القرآن.

ويستحب للصرورة أن يطأ المشعر.

ولا يجوز للامام أن يخرج من المشعر الحرام الا بعد طلوع الشمس، وغير الامام يجوز له بعد طلوع الفجر، غير أنه لا يجوز وادي محسر الا بعد طلوع الشمس.

ومن خرج قبل طلوع الفجر مختارا لزمه دم شاة، ورخص في ذلك للمرأة والخائف والمضطر الخروج قبل طلوع الفجر.

ويستحب السعي في وادي محسر.

فصل: (في نزول منى والمناسك بها)

أول ما يبدأ الحاج بمنى يوم النحر أن يرمي جمرة العليا بسبع حصيات،

٣٠٦

يرميهن حذفا يضع كل حصاة على باطن ابهامه ويدفعها بظفر سبابته.

وينبغي أن يلتقط الحصى ولا يكسرها، ويستحب أن تكون برشا، ولا يرمي بغير حصاة، وان كان على طهارة فهو أفضل، ويجوز الرمي على غير وضوء.

ويرمي الجمرة من قبل وجهها، وينبغي أن يكون بينه وبين الجمرة عشرة أذرع إلى خمسة عشر ذراعا، ويدعو عند الرمي فيقول « اللهم هذه حصياتي فاحصهن لي وزدهن في عملي »، ولا يجوز أقل من سبع.

فاذا فرغ من ذلك ذبح الهدي ان كان متمتعا وهو واجب عليه، وان كان قارنا أو مفردا استحب له أن يضحي.

ومن شرط الهدي ان كان من البدن ان يكون اناثا، ويكون ثنيا فما فوقه، وهو ما تم له خمس سنين ودخل في السادسة، وان كان من البقر يكون أنثى ويكون ثنيا وهو الذي دخل في السنة الثانية، وان كان من الغنم يكون فحلا من الضأن يمشي في سواد وينظر في سواد ويبرك في سواد، فان لم يجد من الضأن جاز التيس من المعزى.

ولا يجوز ناقص الخلقة، ومع الاختيار لا يجزي واحد الا عن واحد، وعند الضرورة يجزي واحد عن خمسة وعن سبعة وعن سبعين، وينبغي أن يكون مما قد عرف به.

ولا يجوز ذبحه الا بمنى، ويستحب أن يتولى ذبحه بيده، والا جعل يده مع يد الذابح ويقول( وَجَّهْتُ وَجْهِيَ ) (١) إلى آخر الاية، ويقسمه ثلاثة أقسام: قسم يأكله، وقسم يهديه، وقسم يتصدق به.

وان كان نائبا عن غيره ذكره عند الذبح، وان نوى عنه ولم يذكره أجزأه.

وان لم يجد الهدي ووجد ثمنه خلف ثمنه عند الثقات ليشتريه ويذبح عنه

___________________________________

(١) سورة الانعام: ٧٩.

٣٠٧

في بقية ذي الحجة، ومتى عجز عن ثمنه صام بدله ثلاث أيام [ في الحج يوم التروية ويوم عرفة، فان فاته صام ثلاثة أيام ](١) بعد انقضاء أيام التشريق، وان خرج من مكة صام ثلاثة أيام في الطريق في ذي الحجة والسبعة اذا وصل إلى أهله، فان أقام بمكة صبر شهرا ثم صام السبعة أيام.

والاضحية قد ذكرنا أنه مسنونة شديدة الاستحباب، وشروطها شروط الهدي سواء.

ويجوز ذبح الهدي طول ذي الحجة، والاضحية يجوز ذبحها بمنى يوم النحر وثلاثة أيام بعده، فاذا مضت فقد فات وقت الاضحية، وفي الامصار يوم النحر ويومان بعده فاذا خرجت فقد فات وقتها.

وان كان وجب عليه هدي في كفارة أونذر وكان حاجا ذبحه بمنى وان كان معتمرا ذبحه بمكة، ولا يأكل من هدي الكفارة ولا يخرجه من مكة ولا يدخره الا أن يقيم عوضه فيتصدق به، ويجوز ذلك في هدي التمتع والاضحية.

فاذا فرغ من الذبح حلق رأسه، وان كان صرورة لا يجوز غير الحلق، وغير الصرورة يجزيه التقصير والحلق افضل، فان نسي حتى خرج من منى رجع اليها وحلق بها، فان لم يمكنه حلق موضعه وبعث شعره إلى منى ليدفن هناك فان لم يمكنه دفن مكانه.

وليس على النساء حلق ويجزيهن التقصير.

ويأمر الحلاق ليبدأ بناصيته فيحلق رأسه إلى الاذنين، ويدعو عند الحلق فيقول « اللهم اعطني بكل شعرة نورا يوم القيامة ».

فاذا فرغ من الحلق مضى من يومه إلى مكة لزيارة البيت وطواف الحج.

فان لم يفعل مضى من الغد ولا يؤخر اكثر من ذلك مع الاختيار، وان كان مفردا أو قارنا جاز له تأخيره إلى بعد انقضاء ايام التشريق.

فاذا جاء إلى مكة فعل عند دخول المسجد والطواف مثل مافعله يوم قدم مكة سواء، ويطوف أسبوعا ويصلي ركعتين عند المقام، ثم يخرج إلى الصفا

___________________________________

(١) الزيادة ليست في ر.

٣٠٨

فيسعى بينه وبين المروة سبع مرات كما فعل أول مرة سواء، فاذا فعل ذلك فقد أحل من كل شئ أحرم منه الا النساء، ثم يطوف طواف النساء أسبوعا آخر ويصلي ركعتين عند المقام، وقد حلت له أيضا النساء.

فاذا فرغ من ذلك عاد إلى منى وأقام بها ايام التشريق ولا يبيت ليالي منى الابها، فان بات بغيرها كان عليه عن كل ليلة شاة، ويرمي كل يوم من أيام التشريق ثلاث جمار باحدى وعشرين حصاة كل جمرة بسبع حصيات على ما وصفناه سواء، يبدأ بالجمرة الاولى ويرميها عن يسارها ويكبر ويدعو عندها، ثم الجمرة الثانية ثم الثالثة مثل ذلك سواء، ولا يقف عندها.

ويجوز أن ينفر في النفر الاول وهو اليوم الثاني من أيام التشريق، فاذا أراد ذلك دفن حصاه يوم الثالث، ومن فاته رمي يوم قضاه من الغد بكرة ويرمي ما لذلك اليوم عند الزوال.

ومن نسي رمي الجمار حتى جاء إلى مكة عاد إلى منى ورماها، فان لم يذكر فلا شئ عليه.

وينبغي أن يرتب الرمي، يبدأ بالجمرة العظمى أولا ثم بالوسطى ثم بجمرة العقبة، فان رماها منكوسة أعاد.

ويجوز الرمي عن العليل وعن المغمى عليه عن الصبي.

وينبغي أن يكبر عقيب خمس عشرة صلاة بمنى، أولها صلاة الظهر يوم النحر وآخرها الفجر من اليوم الثالث من أيام التشريق، وفي الامصار عقيب عشر صلوات، أولها الظهر من يوم النحر وآخرها صلاة الفجر من اليوم الثاني من أيام التشريق.

ولا ينفر في النفر الاول الا بعد الزوال، وفى الثانية يجوز قبل الزوال، ولا يجوز للامام أن ينفر في النفر الاول.

ويستحب أن يعود إلى مكة لوداع البيت وطواف الوداع، ويدخل في

٣٠٩

طريقه مسجد الحصبة ويستلقي فيه على قفاه ويصلي فيه، وكذلك مسجد الخيف وهو مسجد منى.

ويستحب للصرورة(١) دخول الكعبة، والصلاة في أربع زواياها وبين الاسطوانتين وعلى الرخامة الحمراء، وغير الصرورة يجوز له أن لا يدخلها.

ولا يبصق ولا يتمخط اذا دخلها.

فاذا أراد الخروج من مكة ودع البيت وخرج من باب الحناطين، ويسجد في باب المسجد، ويدعو مستقبل الكعبة.

وينبغي أن يشتري بدرهم تمرا ويتصدق به ليكون جبرانا لما لعله دخل عليه من تقصير في احرامه.

فصل: (في العمرة المفردة)

العمرة فريضة مثل الحج، وشرائط وجوب الحج.

وعمرة الاسلام مرة واحدة، وما يجب بالنذر والعهد فبحسبهما.

ومتى تمتع بالحج سقط عنه فرضها، وان حج قارنا أو مفردان أتى بالعمرة بعد الفراغ من مناسك الحج إلى التنعيم أو مسجد علي بن الحسين أو مسجد عائشة، يحرم من هناك ويعود إلى مكة فيطوف بالبيت ويصلي عند المقام ويسعى بين الصفا والمروة ويقصر من شعر رأسه ثم يطوف طواف النساء، وقد أحل من كل شئ أحرم منه.

وتجوز العمرة في كل شهر، وأقله في كل عشرة أيام.

___________________________________

(١) وهو الذى يحج لاول مرة.

٣١٠

فصل: (في ذكر مناسك النساء)

الحج واجب على النساء كوجوبه على الرجال، وشروط وجوبه عليهن مثل شروط وجوبه على الرجال سواء بلا زيادة ولا نقصان.

وليس من شرط وجوبه عليهن وجود محرم، ولا طاعة للزوج على المرأة في حجة الاسلام، ويجوز لها خلافه.

ولا يجوز لها حج التطوع الا باذنه.

وكلما يلزم الرجال بالنذر من الحج والعمرة يلزم مثله النساء.

ويستحب أن لا تخرج الا مع محرم أو زوج، فان لم تجد خرجت مع ثقات المؤمنين.

وان حاضت وقت الاحرام فعلت ما يفعله المحرم وتؤخر الصلاة والغسل ومتى حاضت قبل طواف العمرة وفاتها ذلك بطلت متعتها وجعلت حجة مفردة وتقضي العمرة فيما بعد، فان حاضت في حال الطواف وكانت طافت أربعة أشواط تركت بقية الطواف وقضتها بعد ذلك وتسعى وتقصر وقد تم متعتها، وان طافت ثلاثة أشواط أو أقل فقد بطلت متعتها فتجعلها حجة مفردة.

ومتى خافت من الحيض عند عودها جاز لها تقديم طواف الحج وطواف النساء قبل الخروج إلى عرفات.

والمستحاضة يجوز لها الطواف بالبيت اذا فعلت ما تفعله المستحاضة وتصلي عند المقام.

والحائض اذا أرادت وداع البيت ودعت من باب المسجد ولا تدخله على حال.

٣١١

كتاب الجهاد

جهاد الكفار فرض في شرع الاسلام، وهو فرض على الكفاية اذا قام من في قيامه كفاية سقط عن الباقين.

ولوجوبه شروط: أولها وجود امام عادل أو من نصبه امام عادل للجهاد ويكون من وجب عليه ذكرا بالغا كامل العقل صحيح الجسم حرا، ولا يجوز أن يكون شيخا ليس به نهضة ولا له قدر للجهاد.

ومتى اختل شرط من ذلك سقط فرضه، الا ما كان على وجه دفع العدو عن النفس أو الاسلام.

والمرابطة مستحبة، وحدها ثلاثة أيام إلى أربعين يوما، فاذا زاد على ذلك كان جهادا.

وتصير المرابطة واجبة بالنذر.

فصل: (فيمن يجاهد من الكفار)

كل من خالف الاسلام وأنكر الشهادتين وجب جهاده وقتاله.

٣١٢

ثم هم ينقسمون قسمين: أحدهما لا يرجع عنهم الا أن يسلموا أو يقبلوا الجزية ويلتزموا شرائط الذمة، وهم اليهود والنصارى والمجوس، واذا قبلوا الجزية وضعها الامام على حسب ما يراه مصلحة في الحال ويراه أيضا في حالهم من الغني والفقير، وليس لها حد محدود لا تجوز الزيادة عليه ولا النقصان منه.

وهو مخير بين أن يضعها على رؤوسهم أو على أرضيهم، فان وضعها على رؤوسهم لم يتعرض لارضيهم، وان وضعها على أرضيهم لم يتعرض لرؤوسهم الا أن يقع الشرط أن يضع بعضها على أرضهم وبعضها على رؤوسهم.

ومتى وضعها على أرضهم فأسلموا سقطت عنهم الجزية وكانوا مثل المسلمين لزمهم العشر أو نصف العشر وتكون أملاكا في أيديهم.

ومن وجبت عليه الجزية فأسلم سقطت عنه.

ولا تؤخذ الجزية من الصبيان والمجانين والبله والنساء وتؤخذ من الباقين.

وشرائط الذمة قبول الجزية، وترك التظاهر بأكل لحم الخنزير وشرب الخمر والزنا ونكاح المحرمات، ومتى خالفوا شيئا من ذلك فقد خرجوا من الذمة.

ومن عدا الثلاث فرق يجب قتالهم إلى أن يسلموا أو يقتلوا وتسبى ذراريهم وتؤخذ أموالهم، ولا تؤخذ منهم الجزية بحال.

ولا يبدأ الكفار بالقتال حتى يدعوا إلى الاسلام من التوحيد والعدل واظهار الشهادتين والقيام بأركان الشريعة، فان أبوا ذلك كله أو بعضه وجب قتالهم.

وينبغي أن يكون الداعي الامام أو من يأمره الامام.

ويجوز قتال الكفار بسائر أنواع القتال الا القاء السم في بلادهم فان ذلك

٣١٣

مكروه لان فيه هلاك من لا يجوز قتله من الصبيان والنساء والمجانين.

ومن أسلم في دار الحرب كان اسلامه حقنا لدمه وجميع ماله الذي يمكن نقله إلى دار الاسلام، فأما مالا يمكن نقله إلى دار الاسلام من العقارات والارضين فهو فئ للمسلمين.

ويحكم على أولاده الصغار بالاسلام ولا يسترقون، فأما البالغون فلهم حكم نفوسهم.

فصل: (في ذكر قسمة الغنيمة والفئ وكيفيتها وحكم الاسرى)

كلما يؤخذ في دار الحرب يخرج منه الخمس فيكون لاربابه، والباقي على ضربين: ما يمكن نقله إلى دار الاسلام فهو للقائم خاصة، ومالا يمكن نقله فهو لجميع المسلمين.

والذراري والسبايا للمقاتلة أيضا خاصة، ويلحق بالذراري من لم ينبت، ومن أنبت أو علم بلوغه ألحق بالرجال، والاربعة أخماس بين المقاتلة وكل من حضر القتال قاتل أو لم يقاتل.

ويقسم الصبيان معهم، ومن يولد في تلك الحال قبل القسمة ومن لحق بهم معينا لهم قسم لهم، فان لحقوهم بعد القسمة فلا شئ لهم.

وليس للاعراب والعبيد شئ من الغنيمة.

وتقسم الغنيمة بين المقاتلة بالسوية لايفضل بعضهم على بعض للشرف أو العلم أو الزهد الا الفارس على الراجل، فان للفارس سهمين وللراجل سهما، فان كان معه أفراس جماعة فلم يسهم الا لفرسين فقط.

وما يغنم منهم في المراكب قسم أيضا مثل ذلك للفارس سهمان وللراجل سهم.

٣١٤

والاسارى على ضربين: أحدهما يؤخذون والحرب قائمة، فهؤلاء الامام مخير فيهم بين أن يضرب رقابهم أو يقطع أيديهم وأرجلهم ويتركهم حتى ينزفوا.

والقسم الثاني يؤخذون بعد تقضي القتال، فالامام مخير فيهم بين أن يمن عليهم فيطلقهم أو يفاديهم اما بمال أو نفس أو يستعبدهم.

ومن أسلم من الفريقين كان حكمهم حكم المسلمين، غير أن من استرق منهم لا يصير حرا.

فصل: (في أحكام البغى)

الباغي هو كل من خرج على امام عادل وشق عصاه، فان على الامام أن يقاتلهم.

ويجب على كل من يستنهضه الامام أن ينهض معه ويعاونه على قتالهم، ولا يجوز لغير الامام قتالهم بغير اذنه.

فاذا قوتلوا لايرجع عنهم الا أن يفيئوا إلى الحق أو يقتلوا، ولا يقبل منهم عوض ولا جزية.

والبغاة على ضربين: أحدهما من له رئيس يرجعون اليه، فهؤلاء يجوز أن يجتاز على جراحاتهم ويتبع مدبرهم ويقتل أسيرهم.

والاخر لا يكون لهم فيه رئيس، فهولاء لا يجاز على جريحهم ولا يقتل أسيرهم.

ولا يجوز سبي ذراري الفريقين، ويغنم من أموالهم ماحواه العسكر، وما لم يحوه فلا يتعرض له بحال.

والمحارب كل من أظهر السلاح وأخاف الناس، سواء كانوا في بر أو بحر أو سفر أو حضر، فهؤلاء يجب قتالهم على وجه الدفع عن النفس والمال فان أدى إلى قتلهم لم يكن على القاتل شئ.

٣١٥

واللص محارب، وتفصيل ذلك بيناه في النهاية والمبسوط لا نطول بذكره ههنا.

قد امتثلت ما رسمه الشيخ الاجل أطال الله بقاه من ذكر جل في كل باب ولم أطول القول فيه فيمله ويشق عليه، ولا قصرت في الاتيان بما يجب معرفته.

وذكرت جملة من العبادات لابد معرفتها ليقع العمل بحسبها، ولم أطنب القول فيه، فان كتبي في الفقه مشروحة كالنهاية وغيرها، ومتى وقع نشاط لما زاد على القدر رجع اليها.

وأرجو أن يكون ذلك موافقا لغرضه ملائما لايثاره، والله تعالى المشكور على ما وفق من خدمته والمسارعة على امتثال مرسومه، وهو حسبي ونعم الوكيل.

والحمد لله رب العالمين، وصلاته على محمد وآله الطاهرين.

٣١٦

الفهرس

فصل: (فيما يلزم المكلف) ٥

القسم الاول: الاصول الاعتقادية ٧

فصل: (في ذكر بيان ما يتوصل به إلى ما ذكرناه) ٩

فصل: (في ذكر بيان ما يؤدى النظر فيه إلى معرفة الله تعالى) ٢٠

فصل: (في اثبات صانع العالم وبيان صفاته) ٢٥

فصل: (في كيفية استحقاقه لهذه الصفات) ٣٣

فصل: (فيما يجوز عليه تعالى ومالا يجوز) ٣٧

فصل: (في أنه تعالى واحد لا ثانى له في القدم) ٤٤

(الكلام في العدل) ٤٧

فصل:(في ذكر الكلام في الاستطاعة وبيان أحكامها) ٥٩

فصل: (في الكلام في التكليف وجمل من احكامه) ٦١

الكلام في اللطف: (فيحتاج أن نبين أولا ما اللطف وما حقيقته) ٧٧

وأما الواجبات الشرعية ٩٨

فصل: (في الكلام في الاجال والارزاق والاسعار) ١٠١

فصل: (في الكلام في الوعد والوعيد وما يتصل بهما) ١٠٧

فصل: (في ذكر أحكام المكلفين في القبر والموقف والحساب وغير ذلك مما يتعلق بالوعيد) ١٣٥

فصل: (في الايمان والاحكام) ١٤٠

فصل: (في الامر بالمعروف والنهى عن المنكر) ١٤٦

فصل: (في الكلام في النبوة) ١٥١

(الكلام في الامامة) ١٨٢

فصل: (في الكلام في وجوب الامامة) ١٨٣

فصل: (في صفات الامام) ١٨٩

(طريقة اخرى) ٢٢٠

٣١٧

(دليل آخر على امامته عليه السلام) ٢٢٢

فصل: (في أحكام البغاة على أمير المؤمنين عليه السلام) ٢٢٦

فصل: (في تثبيت امامة الاثنى عشر عليهم السلام) ٢٣١

القسم الثانى: العبادات الشرعية ٢٣٧

(الكلام في العبادات الشرعية) ٢٣٩

فصل: (في ذكر أفعال الصلاة) ٢٣٩

فصل: (في ذكر حقيقة الطهارة وبيان أفعالها) ٢٤٠

فصل: (في ذكر الوضوء وأحكامه) ٢٤٠

فصل: (في ذكر نواقض الوضوء) ٢٤٣

فصل: (في ذكر الجنابة) ٢٤٤

فصل: (في ذكر الحيض والاستحاضة والنفاس) ٢٤٥

فصل: (في ذكر غسل الاموات) ٢٤٧

فصل: (في ذكر الاغسال المسنونة) ٢٥٠

فصل: (في ذكر التيمم وأحكامه) ٢٥١

فصل: (في ذكر المياه وأحكامها) ٢٥٢

فصل: (في ذكر النجاسات ووجوب ازالتها عن الثياب والابدان) ٢٥٣

كتاب الصلاة: فصل (في ذكر أعداد الصلاة) ٢٥٥

فصل: (في ذكر المواقيت) ٢٥٦

فصل: (في ذكر القبلة وأحكامها) ٢٥٧

فصل: (في ستر العورة) ٢٥٨

فصل: (في ذكر ما تجوز الصلاة فيه من المكان واللباس) ٢٥٨

فصل: (في الاذان والاقامة) ٢٥٩

فصل: (فيما يقارن حال الصلاة) ٢٦٠

فصل: (في ذكر قواطع الصلاة) ٢٦٤

فصل: (في حكم السهو) ٢٦٥

فصل: (في حكم الجمعة) ٢٦٧

٣١٨

فصل: (في ذكر الجماعة) ٢٦٨

فصل: (في صلاة الخوف) ٢٦٩

فصل: (في ذكر صلاة العيد والاستسقاء) ٢٧٠

فصل: (في صلاة الكسوف) ٢٧٢

فصل: (في ذكر نوافل شهر رمضان وجملة من الصلوات المرغبة فيها) ٢٧٣

فصل: (في ذكر الصلاة على الميت) ٢٧٥

كتاب الزكاة ٢٧٧

فصل: (في زكاة الذهب والفضة) ٢٧٨

فصل: (في زكاة الابل والبقر والغنم) ٢٧٩

فصل: (في زكاة الغلات) ٢٨١

فصل: (في مستحق الزكاة ومقدار ما يعطى منه) ٢٨٢

فصل: (في ذكر ما يجب فيه الخمس وبيان مستحقه وقسمته) ٢٨٣

فصل: (في ذكر الانفال) ٢٨٤

فصل: (في ذكر زكاة الفطرة) ٢٨٤

كتاب الصوم ٢٨٦

فصل: (فيما يجب على الصائم اجتنابه) ٢٨٧

فصل: (في ذكر أقسام الصوم) ٢٨٩

فصل: (في حكم المريض والعاجز عن الصيام) ٢٩٣

فصل: (في حكم المسافر في الصوم والصلاة) ٢٩٤

فصل: (في حكم الاعتكاف) ٢٩٥

كتاب الحج. ٢٩٧

فصل: (في ذكر أقسام الحج) ٢٩٨

فصل: (في ذكر المواقيت) ٢٩٩

فصل: (في الاحرام وكيفيته وشروطه) ٣٠٠

فصل: (في دخول مكة والطواف بالبيت) ٣٠٣

فصل: (في السعى وأحكامه) ٣٠٤

٣١٩

فصل: (في ذكر الاحرام بالحج) ٣٠٥

فصل: (في نزول منى وعرفات والمشعر) ٣٠٥

فصل: (في نزول منى والمناسك بها) ٣٠٦

فصل: (في العمرة المفردة) ٣١٠

فصل: (في ذكر مناسك النساء) ٣١١

كتاب الجهاد ٣١٢

فصل: (فيمن يجاهد من الكفار) ٣١٢

فصل: (في ذكر قسمة الغنيمة والفئ وكيفيتها وحكم الاسرى) ٣١٤

فصل: (في أحكام البغى) ٣١٥

٣٢٠