الدروس الشرعية في فقه الامامية الجزء ٣

الدروس الشرعية في فقه الامامية0%

الدروس الشرعية في فقه الامامية مؤلف:
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 416

الدروس الشرعية في فقه الامامية

مؤلف: محمد بن جمال الدين مكي العاملي
تصنيف:

الصفحات: 416
المشاهدات: 81661
تحميل: 2974


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 416 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 81661 / تحميل: 2974
الحجم الحجم الحجم
الدروس الشرعية في فقه الامامية

الدروس الشرعية في فقه الامامية الجزء 3

مؤلف:
العربية

حريم الطريق باق.

الثاني: لا فرق بين الطريق العام أو ما يختص به أهل قرى أو قرية في ذلك.

نعم لو انحصر أهل الطريق فاتفقوا على اختصاره أو تغييره أمكن الجواز، والوجه المنع، لانه لا ينفك من مرور غيرهم عليه ولو نادرا.

الثالث: لا يزول حرمة الطريق باستيجامها وانقطاع المرور عليها، لانه يتوقع عوده.

نعم لو استطرق المارة غيرها وأدى ذلك إلى الاعراض عنها بالكلية أمكن جواز إحياء الاولى، وخصوصا إذا كانت الثانية أحضر أو أسهل.

وثامنها: أن لا تكون الموات مقطعا من النبي أو الامام، كما أقطع رسول الله صلى الله عليه وآله(١) بلال بن الحرث العقيق، وأقطع الزبير(٢) حضر فرسه - بضم الحاء - وهو عدوه فاجراه حتى قام فرمى بسوطه فقال: اعطوه من حيث وقع السوط، وأقطع الدور(٣) ، وأقطع وائل بن حجر(٤) أرضا بحضرموت، وهذا الاقطاع غير ملك، بل هو كالتحجير في إفادة الاختصاص.

وتاسعها: قصد التملك، فلو فعل أسباب الملك بقصد غير(٥) التملك فالظاهر أنه لا يملك.

وكذا لو خلا عن قصد، وكذا سائر المباحات، كالاصطياد والاحتطاب والاحتشاش، فلو أتبع ظبيا يمتحن قوته فأثبت يده عليه لا بقصد التملك لم يملك، وإن اكتفينا بإثبات اليد ملك.

وربما فرق بين فعل لا تردد فيه، كبناء الجدران في القرية والتسقيف مع البناء في البيت، وبين فعل محتمل كإصلاح الارض للزراعة فإنه محتمل لغير

____________________

(١) سنن البيهقي: ج ٦ ص ١٤٩.

(٢) سنن البيهقي: ج ٦ ص ١٤٤.

(٣) نيل الاوطار: ج ٦ ص ٥٩.

(٤) سنن البيهقي: ج ٦ ص ١٤٤.

(٥) في (م) و (ز): بغير قصد التملك.

٦١

ذلك، كالنزول عليها وإجراء الخيل فيها فتعتبر فيه النية، بخلاف غير المحتمل.

ويكون وزان كوزان صريح اللفظ وكنايته، ويضعف بأن الاحتمال لا يندفع ويمنع استغناء الصريح عن النية.

تتمة: روي(١) أنه إذا كان بيده أرض تلقاها عن أبيه وجده ويعلم أنها للغير ولا يعرفه أنه يتبع تصرفه فيها، وحملها ابن إدريس(٢) على غير المغصوبة فتكون كاللقطة فيملك التصرف فيها بعد التعريف، وقال بعضهم: تحمل على أنها كانت مع أبيه وجده مستأجرة أو مستعارة، وقد أحدث فيها بناء وغرس، فيباع البناء والغرس، لانه في(٣) آثار التصرف فيطلق عليه الاسم، والشيخ في النهاية(٤) على الرواية.

____________________

(١) وسائل الشيعة: باب ١ من أبواب عقد البيع وشروطه ح ٥ ج ١٢ ص ٢٥٠.

(٢) السرائر: ج ٢ ص ٣٨٠.

(٣) في (م) و (ز): من.

(٤) النهاية: ص ٤٢٣.

٦٢

كتاب المشتركات

٦٣

٦٤

وهي ثلاثة المياه والمعادن والمنافع.

أما الماء فأصله الاباحة، ويملك بالاحراز في إناء أو حوض وشبهه، وبإستنباط بئر أو عين أو إجراء نهر من المباح على الاقوى.

ولو كانوا جماعة ملكوه على نسبة عملهم لا على نسبة خرجهم، إلا أن يكون تابعا للعمل.

ويجوز الوضوء والغسل وتطهير الثوب منه عملا بشاهد الحال، إلا مع النهي.

ولا تجوز الطهارة من المحرز في الاناء، ومما يظن الكراهة فيه.

ولو لم ينته الحفر في العين أو النهر إلى الماء فهو تحجير.

ولو ضاق ماء النهر المملوك عن أربابه، قسم بينهم إما بالمهاياة أو بالاجراء، فيوضع صخرة مستوية أو خشبة صلبة مستوية في مكان مستو، ويجعل فيها ثقب مستوية على سهامهم، وليس لاحدهم عمل جسر ولا قنطرة إلا بإذن الباقين إذا كان الحريم مشتركا.

ولو اختص أحدهم بالحريم من الجانبين وكان الجسر غير ضار بالنهر ولا بأهله لم يمنع منهما، ولو كان النهر حائلا بينهم وبين عدوهم فلهم المنع.

٦٥

ولا يشترط في ملك النهر ومائه المنتزع من المباح وجود مايصلح لسده وفتحه، خلافا لابن الجنيد(١) .

ويقسم سيل الوادي المباح والعين المباحة على الضياع، فإن ضاق عن ذلك وتشاحوا بدئ بمن أحيا أولا، فإن جهل فمن يلي فوهته - بضم الفاء وتشديد الواو - فللزرع إلى الشراك وللشجر إلى القدم وللنخل إلى الساق، ثم يرسل إلى المحيي ثانيا، أو إلى(٢) الذي يلي الفوهة مع جهل السابق، ولو لم يفضل عن صاحب النوبة شئ فلا شئ للآخر، بذلك قضى النبي صلى الله عليه وآله(٣) في سيل وادي مهزور - بالزاء أولا ثم الراء - وهو بالمدينة الشريفة. ولو تساوى إثنان فصاعدا في القرب قسم بينهم، فإن ضاق عن ذلك تهايوا، فإن تعاسروا اقرع بينهم، فإن كان الماء لا يفضل عن أحدهم سقى الخارج بالقرعة بنسبة نصيبه منه. ولو تفاوتت اروضهم قسم بينهم بحسبها.

ولو احتاج النهر المملوك إلى حفر أو سد بثق، فعلى الملاك بنسبة الملك فيشترك الجميع في الخرج إلى أن ينتهي إلى الاول، ثم لا يشاركهم، وكذا الثاني وما بعده. أما مفيضه لو احتاج إلى إصلاحه(٤) فعلى الجميع. ويجوز بيع الماء المملوك وإن فضل عن حاجة صاحبه، ولكنه يكره وفاقا للقاضي(٥) والفاضلين(٦) ، وقال الشيخ في المبسوط(٧) والخلاف(٨) : في ماء البئر

____________________

(١) المختلف: ج ٢ ص ٤٧٤.

(٢) هذا الكلمة غير موجودة في (م) و (ق).

(٣) وسائل الشيعة: باب ٨ من أبواب إحياء الموات ح ١ ج ١٧ ص ٣٣٤.

(٤) في (م): اصلاح.

(٥) المهذب: ج ٢ ص ٣٨.

(٦) الشرائع: ص ٢٨٩ والقواعد: ص ٢٢٥.

(٧) المبسوط: ج ٣ ص ٢٨١.

(٨) الخلاف: ج ٢ ص ٢٢٤.

٦٦

إن فضل عنه شئ وجب بذله لشرب السابلة والماشية لا لسقي الزرع وهو قول ابن الجنيد(١) ، لقوله عليه السلام(٢) : الناس شركاء في ثلاث الماء والنار والكلا.

ونهيه عن بيع الماء في خبر جابر(٣) ، ويحمل على الكراهية، فيباع كيلا ووزنا ومشاهدة إذا كان محصورا، أما ماء البئر والعين فلا، إلا أن يريد به على الدوام فالاقرب الصحة، سواء كان منفردا أو تابعا للارض. ولو حفر بئرا لا للتملك فهو أولى بها مدة بقائه عليها، فإذا تركها حل لغيره الانتفاع بمائها، فلو عاد الاول بعد الاعراض فالاقرب أنه يساوي غيره.

ومياه العيون في المباح والآبار المباحة والغيوث والانهار الكبار، كالفرات ودجلة والنيل الناس فيها شرع.

(٢١٢) درس

المعادن الظاهرة وهي التي لا يحتاج تحصيلها إلى طلب، كالياقوت والبرام والقير والنفظ والملح والكبريت والموميا وأحجار الرحى.

وطين الغسل من سبق إليها فهو أولى ولو أخذ زيادة عما يحتاج إليه، ولو سبق إثنان أو جماعة وتعذرت القسمة اقرع.

ولا يملكها أحد بالاحياء، ولا يصير أولى بالتحجير، ولا بإقطاع السلطان.

والمعادن الباطنة، كالذهب والفضة تملك بالاحياء، وهو بلوغ نيلها ومادونه تحجير.

ويجوز إقطاعها فيختص بها، وقيل: ينبغي الاقتصار في الاقطاع على ما يقدر

____________________

(١) المختلف: ج ٢ ص ٤٧٣.

(٢) وسائل الشيعة: باب ٥ من أبواب إحياء الموات ح ١ ج ١٧ ص ٣٣١.

(٣) سنن البيهقي: ج ٦ ص ١٥.

٦٧

المقطع على عمله، ولو أهملها المحجر كلف أحد الامرين إما الاتمام او التخلية.

ولو أحيا أرضا مواتا فظهر فيها معدن ملكه وإن كان من المعادن الظاهرة، إلا أن يكون ظهوره سابقا على أحيائه. ولو كان إلى جانب المملحة أرض موات فاحتفر فيها بئرا وساق المآء إليه ملكه. ومن ملك معدنا ملك حريمه، وهو في منتهى عروقه عادة ومطرح ترابه وطريقه. ويصح الاستيجار على حفر ترابه، والجعالة عليه. وتصح الجعالة على تتبع العرق لا الاجارة للجهالة. ولو قال اعمل ولك نصف حاصله لم يصح إجارة، قيل: ولا جعالة، بل له اجرة المثل. ويحتمل الصحة في الجعالة، بناء على أن الجهالة التي لا تمنع من التسليم للعوض غير مانعة من الصحة.

ولو قال اعمل وما أخرجته فهو لك قال الشيخ(١) : لا يصح، لانها هبة لمجهول فالمخرج للمالك ولا اجرة للعامل، لانه عمل لنفسه.

ويشكل مع جهالة العامل بالحكم، وقيل: يكون ذلك إباحة للاخراج(٢) والتملك، وأن للمالك الرجوع في العين مع بقائها. ولو قال أعمل فيه لنفسك شهرا وعليك ألف فالاشبه البطلان، للجهالة.

وبعض علمائنا يخص المعادن بالامام عليه السلام، سواء كانت ظاهرة أو باطنة، فتتوقف الاصابة منها على إذنه مع حضوره لا مع غيبته.

وقيل: باختصاصه في الارض المملوكة له، والاول يوافق فتواهم بأن موات

____________________

(١) المبسوط: ج ٣ ص ٢٧٩.

(٢) في (م): في الاخراج.

٦٨

الارض للامام، فإنه يلزم من ملكها ملك مافيها.

والمتأخرون على ان المعادن للناس شرع، إما لاصالة الاباحة، وإما لطعنهم في أن الموات للامام، وإما لاعترافهم به، وتخصيص المعادن بالخروج عن ملكه، والكل ضعيف.

(٢١٣) درس في المنافع

وهي المساجد والمشاهد والمدارس والربط والطرق ومقاعد الاسواق.

فمن سبق إلى مكان من المسجد أو المشهد فهو أولى به، فإذا فارق بطل حقه، إلا أن يكون رحله باقيا.

ولا فرق بين قيامه لحاجة أو غيرها.

ولو توافي إثنان وتعذر اجتماعهما اقرع، ويتساوى المعتاد لبقعة معينة وغيره، وإن كان اعتياد جلوسه لدرس أو تدريس.

فرع:

لو رعف المصلي في أثناء صلاته أو أحدث ففارق ففي أولويته بعوده إذا كان للاتمام نظر، من أنها صلاة واحدة فلا يمنع من إتمامها، ومن تبعية الحق للاستقرار، والاول أقرب، إلا أن يجد مكانا مساويا للاول أو اولى منه أما لو فعل المنافي للاتمام فهو وغيره سواء إلا مع بقاء رحله.

وأما المدارس والربط فالسابق إلي بيت منها لا يزعج بإخراج ولا مزاحمة شريك وإن طالت المدة، إلا أن يشترط الواقف أمدا فيخرج عند إنتهائه، ويحتمل في المدرسة ودار القرآن الازعاج إذا تم غرضه من ذلك، ويقوي الاحتمال إذا ترك التشاغل بالعلم والقرآن، وإن لم يشرطهما الواقف، لان موضوع المدرسة ذلك.

٦٩

أما الرباط فلا غرض فيه فيستتم(١) فيجوز الدوام فيه.

ولو فارق ساكن المدرسة والرباط ففيه أوجه، الاول زوال حقه كالمسجد، وبقاؤه مطلقا، لانه بإستيلائه جرى مجرى المالك، وبقاؤه إن قصرت المدة دون ما إذا طالت، لئلا يضر بالمستحقين، وبقاؤه إن خرج لضرورة، كطلب مأربة مهمة وإن طالت المدة، وبقاؤه إن بقي رحله أو خادمه، والاقرب تفويض ذلك إلى مايراه الناظر صلاحا.

وأما الطرق، ففائدتها في الاصل الاستطراق، ولا يمنع من الوقوف فيها إذا لم يضر بالمارة، وكذا القعود.

ولو كان للبيع والشراء فليس للمار أن يخص بالممر موضع الجلوس إذا كان له عنه مندوحة، لثبوت الاشتراك بين المار والقاعد، فإن فارق ورحله باق فهو أحق به، وإلا فلا وإن تضرر بتفريق معامليه قاله جماعة، ويحتمل بقاء حقه، لان أظهر المقاصد أن يعرف مكانه ليقصده المعاملون.

نعم لو طالت المفارقة زال حقه، لان الاضرار استند إليه.

وله أن يظلل لنفسه(٢) بما لا يضر بالمارة، وليس له تسقيف المكان، ولا بناء دكة ولا غيرها فيه.

وكذا الحكم في مقاعد الاسواق المباحة.

وروى الصدوق(٣) عن علي عليه السلام سوق المسلمين كمسجدهم فمن سبق إلى مكان فهو أحق به إلى الليل، وهذا حسن.

وليس للامام إقطاعها، ولا يتوقف الانتفاع بها على إذنه.

____________________

(١) في خ ل الاصل: فيستمر.

(٢) في باقي النسخ: على نفسه.

(٣) وسائل الشيعة: باب ١٧ من أبواب آداب التجارة ح ١ ج ١٣ ص ٣٠٠.

٧٠

كتاب اللقطة

٧١

٧٢

اللقيط كل صبي أو صبية أو مجنون ضائع لا كافل له، ويسمى ملقوطا ومنبوذا.

واختلاف إسميه باعتبار حاليه فإنه ينبذ أولا ويلتقط أخيرا، فلا يلتقط البالغ العاقل.

وفي التقاط المميز قول بالمنع، لامتناعه على(١) الضياع، والاقرب الجواز، لعدم استقلاله بمصالحه.

ولو كان له أب وإن علا أو ام وإن تصاعدت أو ملتقط سابق، اجبر على أخذه.

ولو التقطاه دفعة اقرع، والتشريك بينهما في الحضانة بعيد، لانهما إن كلفا الاجتماع تعسر، وإن تهايا قطعا الفة الطفل فيشق عليه. نعم يجوز ترك أحدهما للآخر، فيجب على الآخر الاستبداد به.

وإنما تتحقق القرعة مع تساويهما في الصلاحية، فيرجح المسلم على الكافر، ولو كان الملقوط محكوما بكفره في إحتمال، والحر على العبد والعدل على الفاسق على الاقوى.

ويشكل ترجيح الموسر على المعسر والبلدي على القروي والقروي على

____________________

(١) في (ق) وفي (ز)، عن.

٧٣

البدوي والقار على المسافر، والظاهر العدالة على المستور والاعدل على الانقص، نظرا إلى مصلحة اللقيط في إيثار الاكمل.

نعم لا يقدم الغني على المتوسط إذ لا ضبط لمراتب اليسار، ولا المرأة على الرجل، ولا من تخيره اللقيط وإن كان مميزا.

ولو علم كون اللقيط مملوكا وجب دفعه إلى مولاه وإن كان كبيرا، فإن تلف في يده أو أبق بغير(١) تفريط فلا ضمان في الصغير والمجنون، قيل، ولا في الكبير، لانه مال يخشى تلفه، فالملتقط حافظ له على مالكه، وهو مبني على جواز التقاط الكبير، ومنعه الشيخ(٢) ومنع أيضا من أخذ المراهق، لانهما كالضالة الممتنعة.

وينفق على اللقيط من ماله، وهو ما يوجد معه أو في دار هو فيها أو على دابة يركبها أو في مهده أو تابوته أو يوقف على اللقطاء أو يوصي لهم به أو يوهب.

ويقبله الحاكم، ولا يقضي بما قاربه مما لا يدله عليه، ولا هو بحكم يده، إلا أن يكون هناك أمارة قوية كالكتابة عليه، فإن العمل بها قوي.

ويجب في الانفاق من ماله إذن الحاكم، إلا أن يتعذر، ولو لم يكن له مال انفق عليه من بيت المال، فإن لم يكن وجب على المسلمين الانفاق عليه، إما من الزكاة الواجبة أو من غيرها، وهو فرض كفاية على الاقرب، وتوقف المحقق(٣) هنا ضعيف.

فإن تعذر أنفق الملتقط، ورجع مع نيته، ومنع ابن إدريس(٤) من الرجوع لتبرعه، وهو بعيد، لوجوبه.

____________________

(١) في (م): من غير.

(٢) المبسوط: ج ٣ ص ٣٢٨.

(٣) الشرائع: ج ٣ ص ٢٨٥.

(٤) السرائر: ج ٢ ص ١٠٧.

٧٤

ولو كان اللقيط عبدا وتعذر استيفاء النفقة بيع فيها. ولا يجوز بيعه لغير ذلك، إلا مع المصلحة فيبيعه الحاكم. فلو اعترف السيد بعتقه قبل البيع، قيل: لا يقبل لانه إقرار في حق غيره، وفي المبسوط(١) يقبل لاصالة صحة أخبار المسلم، ولانه غير متهم إذ(٢) يقول لا اريد الثمن. وحينئذ ليس له المطالبة بثمنه على التقديرين، إلا أن ينكر العتق بعد ذلك. ولو ادعى رقه فصدق اللقيط المدعي، فالاقرب القبول إذا كان أهلا للتصديق. ولا يملك اللقيط بالتعريف وإن كان صغيرا.

ويشترط في الملتقط البلوغ والعقل والحرية والاسلام، فلو التقط الصبي أو المجنون فلا حكم له، ولو التقط العبد فكذلك، لعدم تفرغه للحضانة، إلا أن يكون بإذن المولى فيتعلق به أحكام الالتقاط دون العبد.

نعم لو خيف على الطفل التلف بالابقاء، ولم يوجد سوى العبد وجب عليه التقاطه، وإن لم يأذن المولى.

والمكاتب والمبعض كالقن، لاشتغاله بالتكسب.

وأما الاسلام فهو شرط في التقاط المحكوم بإسلامه، كلقيط دار الاسلام أو دار الحرب وفيها مسلم، فينتزع من يد الكافر لو التقطه فيهما حفظا لدينه، ومنعا من سبيل الكافر عليه، وكلام المحقق(٣) مشعر بالتوقف في ذلك، ووجهه أن الغرض الاهم حضانته وتربيته وقد يحصل من الكافر.

وفي اعتبار عدالته قولان: من أن الاسلام مظنة الامانة، ومن بعد الفاسق

____________________

(١) المبسوط: ج ٣ ص ٣٢٨ يمكن ان يستفاد منه وان كان كلامه غير صريح في ذلك.

(٢) في (م) و (ق): لانه.

(٣) شرائع الاسلام: ج ٣ ص ٢٨٤.

٧٥

عنها، فربما ادعى رقه، والاول أقرب، وأولى منه بالجواز المستور الذي لا يعرف بعدالة ولا فسق.

ولو رأى القاضي مراقبته ليعرف أمانته فله ذلك، بحيث لا يخالطه الرقيب ولا يداخله فيؤذيه.

وفي اشتراط كونه حضريا قارا قول، حفظا لنسبه من الضياع، فينتزع من البدوي ومريد السفر به على هذا، ويضعف انتزاعه من مريد السفر إذا كان عدلا، ولو لم يوجد غيرهما لم ينتزع قطعا، وكذا لو كان الموجود كواحد منهما.

وفي اشتراط رشده نظر، من أن السفه لم يسلبه الامانة، ومن أنه إذا لم يأتمنه الشرع على ماله فعلى الطفل وماله أولى بالمنع، وهو الاقرب، لان الالتقاط إيتمان شرعي، والشرع لم يأتمنه.

ولا يشترط في الملتقط الغنى فيقر في يد الفقير، إذ نفقته ليست عليه.

ويجب الالتقاط على الاصح، لانه تعاون ودفع ضرر، وقال المحقق(١) : يستحب تمسكا بالاصل، وحمل الآية(٢) على الندب، وهو بعيد إذا خيف عليه التلف.

ووجوبه فرض كفاية، فلو تركه أهل ذلك البلد لحقهم أجمع الاثم.

ويستحب الاشهاد عند أخذه، ويتأكد في جانب الفاسق، وخصوصا المعسر دفعا لادعاء رقه.

(٢١٤) درس في أحكام اللقيط

وفيه مسائل:

يجب حضانته بالمعروف، وهو القيام بتعهده على وجه المصلحة بنفسه أو

____________________

(١) شرائع الاسلام: ج ٣ ص ٢٨٥.

(٢) المائدة: ٢.

٧٦

زوجته أو غيرهما.

والاولى ترك إخراجه من البلد إلى القرى، ومن القرية إلى البادية، لضيق المعيشة في تينك، بالاضافة إلى مافوقها، ولانه أحفظ لنسبه، وأيسر لمداواته.

الثانية، لو احتاج الملتقط إلى الاستعانة بالمسلمين في الانفاق عليه رفع أمره إلى الحاكم، ليعين من يراه، إذ التوزيع غير ممكن، والقرعة إنما تكون في المنحصر.

ولا رجوع لمن تعين عليه الانفاق، لانه يؤدي فرضا، وربما احتمل ذلك جمعا بين صلاحه في الحال وحفظ مال الغير في المال، وقد اومي إليه الشيخ في المبسوط(١) ، ويتجه على قول المحقق(٢) بالاستحباب الرجوع، ويؤيده أن مطعم الغير في المخمصة يرجع عليه إذا أيسر.

ولو قلنا بالرجوع، فمحله بيت المال، أو مال المنفق عليه أيهما سبق أخذ منه.

الثالثة: لو تنازع اللقيط والملتقط بعد بلوغه في الانفاق، حلف الملتقط في أصله وقدر المعروف. ولو تنازعا في تسليم ماله، حلف اللقيط مع عدم البينة. ولو تنازعا في تلفه حلف الملتقط. وكذا في التفريط والتعدي.

الرابعة: حكم اللقيط في الاسلام تابع للدار كما مر، فلو بلغ وأعرب عن نفسه بالكفر لم يحكم بردته على الاقرب، لضعف تبعية الدار، بخلاف من تبع أبويه أو أحدهما في الاسلام ثم أعرب بالكفر بعد بلوغه فإنه مرتد، سواء انخلق حال الاسلام، أو تجدد إسلام أحدهما بعد علوقه.

____________________

(١) المبسوط: ج ٣ ص ٣٣٨ - ٣٣٩.

(٢) شرائع الاسلام: ج ٣ ص ٢٨٥.

٧٧

وربما فرق بينه وبين الاول، بأنه جزء من المسلم في الاول فيكون مسلما، فبالكفر يصير مرتدا، بخلاف الثاني فإنه إنما حكم بإسلامه تبعا، والاستقلال أقوى من التبع، لانه انخلق من ماء كافر فإذا أعرب بالكفر لا يكون مرتدا، ولهذا افترقا في قبول التوبة وعدمها.

والذي رواه الصدوق(١) عن علي عليه السلام إذا أسلم الاب جر الوالد إلى الاسلام، فمن أدرك من ولده دعي إلى الاسلام فإن أبى قتل، وهذا نص في الباب.

الخامسة: المراد بدار الاسلام ما ينفذ فيه حكم الاسلام، فلا يكون بها كافر إلا معاهدا، فلقيطها حر مسلم. وحكم دار الكفر التي ينفذ فيها أحكام الاسلام كذلك إذا كان فيها مسلم ولو واحدا.

أما دار كانت للمسلمين فاستولى عليها الكفار، فإن علم فيها مسلم فهي كدار الاسلام وإلا فلا.

وتجويز كون المسلم فيها مخيفا نفسه غير كاف في إسلام اللقيط.

وأما دار الكفر فهي ماينفذ فيها أحكام الكفار، فلا يسكن فيها مسلم إلا مسالما ولقيطها محكوم بكفره ورقه، إلا أن يكون فيها مسلم ولو تاجرا إذا كان مقيما.

وكذا لو كان أسيرا أو محبوسا، ولا يكفي المارة من المسلمين.

السادسة: لو أقام كافر البينة ببنوته ثبتت.

وكذا لو انفرد بدعواه ولا بينة، وفي ثبوت كفره بذينك أوجه، ثالثها قول المبسوط(٢) بثبوت كفره مع البينة لا مع مجرد الدعوى، لان البينة أقوى من تبعية الدار، ومجرد الدعوى مكافية للدار

____________________

(١) من لا يحضره الفقيه: ج ٣ ص ١٥٢.

(٢) المبسوط: ج ٣ ص ٣٤٤.

٧٨

فيستمر كل منهما على حاله، ولا يكون دعوى الكافر مغيرة لحكم الشرع بإسلامه.

ولو انفرد المسلم بدعوى لقيط دار الحرب حكم بنسبه وإسلامه وحريته، وإن لم يكن بها مسلم.

وأولى منه إذا ادعى بنوة المحكوم بإسلامه، فإن التحاق نسبه مؤكد للحكم بالحرية والاسلام.

فرع: لو وصف ولد الكافرين الاسلام لم يحكم بإسلامه عند الشيخ في المبسوط(١) ، ولكن يفرق بينه وبينهما، وقال في الخلاف(٢) : يحكم بإسلامه إذا بلغ عشرا، فلو أعرب بالكفر حكم بردته، للرواية(٣) بإقامة الحد عليه، ولقول النبي صلى الله عليه وآله(٤) كل مولود يولد على الفطرة حتى يكون أبواه هما اللذان يهودانه وينصرانه ويمجسانه حتى يعرب عن لسانه فإما شاكرا وإما كفورا، وهو قريب.

السابعة: لو تنازع بنوته إثنان فصاعدا ولا بينة أو كان لكل بينة فالمحكم(٥) القرعة إذا تساويا في الاسلام أو الكفر والحرية أو الرقية، ولو تفاوتا قوى الشيخ في المبسوط(٦) ترجيح دعوى المسلم والحر على الكافر والعبد، لتأيدهما بما سبق من الحكم بهما، وفي الخلاف(٧) لا ترجيح لعموم الاخبار فيمن تداعوا نسبا،

____________________

(١) المبسوط: ج ٣ ص ٣٤٤.

(٢) الخلاف: ج ٢ ص ٢٤٨.

(٣) الخلاف: ج ٢ ص ٢٤٨.

(٤) الخلاف: ج ٢ ص ٢٤٨.

(٥) في (م): فالحكم.

(٦) المبسوط: ج ٢ ص ٣٥٠.

(٧) الخلاف: ج ٢ ص ٢٤٩.

٧٩

وتوقف فيه الفاضلان(١) ، لتكافؤهما في الدعوى.

قلنا: قد بينا المزية. نعم لو كان اللقيط محكوما بكفره ورقه اتجه فيه التوقف.

الثامنة: لو كان المدعي الملتقط فكغيره، لانه يجوز أن يكون قد سقط منه أو نبذه ثم عاد إلى أخذه.

ولا فرق بين ان يكون ممن يعيش له الاولاد وبين غيره، وتخيل أن غيره قد نبذه تفاؤلا ثم يلتقطه، بخلاف من يعيش له فإنه لا حامل له على النبذ، فاسد، لان القوانين الشرعية لا تغير بمثل هذه الخيالات الوهمية. ولو نازعه غيره فهما سواء إذ لا ترجيح لليد الطارئة في الانساب.

نعم لو لم يعلم كونه ملتقطا، ولا صرح ببنوته فادعاه غيره فنازعه، فإن قال هو لقيط وهو إبني فهما سواء، وإن قال هو إبني واقتصر ولم يكن هناك بينة على أنه التقطه فالاقرب ترجيح دعواه، عملا بظاهر اليد.

التاسعة: اللقيط حر تبعا لدار الاسلام، وأصالة الحرية في بني آدم، ولصحيحة حريز(٢) عن الصادق عليه السلام المنبوذ حر، وعنه عليه السلام(٣) اللقيطة حرة فيجري عليه أحكام الاحرار في القصاص له من الاحرار، وحد القذف الكامل، وعليه اليمين لو ادعى الغريم رقه لا على الغريم في الاقرب، ودية جنايته خطأ على الامام.

ولو جني عليه فله القصاص مع بلوغه أو الدية، ولو كانت نفسا فللامام ذلك، ولو كان طرفا وهو طفل قال الشيخ(٤) : لا يجوز للامام الاستيفاء قصاصا

____________________

(١) شرائع الاسلام: ج ٣ ص ٢٨٨، وتذكرة الفقهاء: ج ٢ ص ٢٨٠.

(٢) وسائل الشيعة: باب ٢٢ من أبواب اللقطة ح ٥ ج ١٧ ص ٣٧٢.

(٣) وسائل الشيعة: باب ٢٢ من أبواب اللقطة ج ١٧ ص ٣٧٢، في ذيل حديث ٤.

(٤) المبسوط: ج ٣ ص ٣٤٦.

٨٠