إشارة السبق الى معرفة الحق الجزء ١

إشارة السبق الى معرفة الحق0%

إشارة السبق الى معرفة الحق مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 151

  • البداية
  • السابق
  • 151 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 19863 / تحميل: 4239
الحجم الحجم الحجم
إشارة السبق الى معرفة الحق

إشارة السبق الى معرفة الحق الجزء 1

مؤلف:
العربية

الساعة، فإنها أكثر من أن تحصى، وأعظم من أن تستقصى، لظهورها وشياعها في نقل كل مؤالف ومخالف، فتواتر نقلها واتفاق الفريقين على روايتها أشهر من كل مشهور، وأظهر من كل ظهور، وليس غرضنا هاهنا ذكر الاحاديث، كراهية التطويل بإيرادها، واكتفاء بالاشارة إليها، رغبة في الاختصار، وإلا أوردنا منها جملا من الطرفين تحقق ما اشرنا إليه(١) وعولنا عليه، من أرادها أخذها من مظانها، وفي كل نص منها ظهور المحجة وقيام الحجة، لان مع تضمنها لهذا العدد المخصوص المعين الذي لم يقع ادعاؤه ولا أشير به إلى ماسوى المعنيين فيها، وتصريحا بأسمائهم وسماتهم ونعوتهم وصفاتهم وأنسابهم وأسبابهم، ليستحيل(٢) تعلقها بغيرهم وأن يكون المراد بها سواهم.وإذا صحت هذه الجملة فما به ثبتت إمامه أميرالمؤمنين - عليه السلام - من النص الجلي الذي هو من بعض براهينها الكاشف عنها كشفا لا يحتمل سواها، والمختص به اختصاصا يستحيل تعلقه بغيره به بعينه من جهة النصوص التي أشرنا إلهيا تثبت إمامة الائمة الاحدى عشر من ولده - عليهم السلام -، لانها واضحة جلية في تصريحها بثبوت الامامة التي لا يحتمل شيئا سواه، وإن كانت إمامتهم ثابتة بغير ذلك، ويكفي في ثبوتها نص كل واحد منهم على الذي يليه بالامامة والاشارة إليه بالوصية، وايداعه من الذخائر النبوية والعلوم الباهرة الحقية ما لا يقوم به إلا المخصوص بالعصمة، وتميزه(٣) بالعهد إليه والتعويل عليه عن باقي الاهل والاولاد والذرية.

____________________

١ - في " أ ": محقق ما أشرنا إليه.

٢ - في " أ ": يستحيل.

٣ - في " ج ": وتمييزه.

٦١

وهذه وإن كانت حجة قاطعة وطريقة معتمدة في إثبات إمامتهم - عليهم السلام - إلا أنها تختص بنقل الطائفة المحقة، فهم متدينون بروايتها، متواترون بنقلها، مجمعون على صحتها، وفي بعضهم ما تقوم بنقله الحجة فكيف في جميعهم؟ ولو كان في هذا الضرب من النص ما هو من خبر الآحاد كان بكثرته وإتفاق دلالته على المدلول الواحد مع انضمام بعضه إلى بعض ما يبلغ درجة المتواتر ويقتضي مقتضاه.

كيف واجماع الفرقة الناجية منعقد عليه، مع كون المعصوم في جملة إجماعهم، لاستحالة كونه في غيره، فإن كل من خالفهم موافق لهم على أنه(١) لا معصوم فيمن عداهم من جميع الفرق على اختلافها فلابد من كونه فيهم، لاستحالة خلو زمان التكليف ممن هذه صفته.ومما اختصوا به - عليهم السلام - ظهور المعجزات مطابقة لادعائهم الامامة، فلولا أنهم صادقون في إدعائها لم يكن لظهورها وجه، لاستحالة منافات الحكمة الالهية.

وحكم معجزاتهم في ظهور النقل والرواية لها بين الشيعة وبين مخالفيها أيضا حكم نصوصهم، من أراد الجميع أخذه من مواضعه المختصة بذكره(٢) .وإذا تمهدت هذه الاصول، وتقررت قواعدها، علم بثبوتها وجود إمام الزمان القائم المهدي - صلوات الله عليه -، وأن زمان التكليف لايخلو من

____________________

١ - في " أ ": على أنهم.

٢ - مثل مدينة المعاجز، واثبات الهداة وبحار الانوار - أبواب معجزاتهم - عليهم السلام - وقد ذكر المحدث الجليل الحر العاملي في اثبات الهداة(٧٢٠) معجزة للرسول صلى الله عليه وآله و(١٩٠٧) معجزة للائمة الاثني عشر - عليهم السلام -، واكتفى السيد هاشم البحراني في كتاب مدينة المعاجز بذكر(٢٠٦٦) معجزة للائمة الاثنى عشر - عليهم السلام -، فلاحظ.

٦٢

وجوده، وكان الكلام في غيبته مترتبا عليها ومتفرعا عنها.

وجملته أن(١) مع ثبوت عصمته لابد له من وجه حكمة فيها، للقطع، اليقيني على حسن جميع أفعال المعصوم واختصاصها بالثواب الذي لايقدر له سواه، ولو قدح في العصمة مالا يظهر فيه وجه المصلحة، أو يظهر جملة لا تفصيلا، لقدح مثل ذلك في حكمة الله تعالى.

فكما أن كل ما لا يتبين فيه وجه المصلحة من الامور التي يكثر عددها(٢) يجب حمله على ما يناسب الحكمة ويطابقها، ولا يليق القدح بمثله فيها، لكونه فرعا محتملا يبنى على أصل غير محتمل، فكذلك يجب حمل الغيبة لاشتمالها على العصمة التي لا مدخل للاحتمال منها، ويكفى هذا في معرفة الحق واعتقاده.

والزيادة عليه: أن العلم بوجوب التحرز من الضرر - ولو كان مظنونا فكيف إذا كان معلوما - مركوز في غريزة عقل كل عاقل، فهو من العلوم الضرورية التي بها كمال العقل، وإمام الزمان - عليه السلام - لما لم يكن له بدل يقوم مقامه فيما وجوده لطف فيه تعين عليه من فرض الاحتزاز، دفعا للضرر عن النفس ما لا تعين على آبائه - عليهم السلام -.

ولا غاية في التحرز أبلغ من الغيبة، فيجب تجويزه - صلوات الله عليه - الخوف، أو قطعه عليه إن لم يتوقاه حصل الحترازه وتوقيه منه، فكانت(٣) غيبته إما حسنة، لحسن ما لامدفع للضرر إلا به، أو واجبة لوجوبه.

____________________

١ - في " أ ": انه.

٢ - في " ج ": يكثر عدها.

٣ - في " أ ": وكانت.

٦٣

ثم إذا لم يكن من قبل الله للقطع على أنه سبحانه قد أزاح العلة بإيجاد الامام وتمكينه والاعلام والابانة له عن غيره بالمعجز المطابق، وبالنص عليه، وكان تكليفه - عليه السلام - القيام بما فوض إليه(١) إنما هو مع التمكن من ذلك، لكونه بمعرفة الامة له وانقيادهم إليه وتعويلهم عليه، لكونهم مكلفين بذلك، قادرين عليه، مرتهنين به، وكانت الامة(٢) بين محق أو مبطل، فالمحق بالنسبة إلى المبطل قليل من كثير، وجزء من كل، والمبطل عكسه، فأي حرج على الامام في غيبته؟ إذا كان مخافا على نفسه، مدفوعا عما يجب له من طاعة وغيرها، ممنوعا من حقه، ومرتبته لا بأمر من قبل الله أو قبله، بل بما(٣) هو معلوم، من جهل أكثر الامة وعنادها وزيغها عن الحق وتشبثها باتباع أهوائها المضلة وآرائها المزلة وهل هو فيها إلا محتاط لنفسه وشيعته غاية الاحتياط، مرتبط بما يجب له وعليه أحسن الارتباط.

ففوات اللطف العام بظهوره متمكنا(٤) لا يعدو اثمه من سببها وأحوج إليها، وإن كان اللطف الخاص بوجوده ومعرفته وترقبه حاصلا لاوليائه.

هذا مع ماثبت من أنه تعالى كما لا يجلئ إلى طاعة، لا يمنع من معصية، إذ الالجاء والمنع منافيان للتكليف الذي بشرطه الاختيار فسبب الغيبة وإن كان قبيحا إلا أن مسببه في غاية الحسن، وليس المراد بها أكثر من أنه - عليه السلام - لايميز

____________________

١ - في " أ ": بما فرض إليه.

٢ - في " أ ": فكانت الامة.

٣ - في " أ ": بل مما.

٤ - في " أ ": بظهوره مسكنا.

٦٤

عن غيره ولا يعرف بعينه، مع تجويز كونه مخالط الاولياء والاعداء.

وعلى هذا لا يمتنع ظهوره لكثير من أوليائه إذا دعت المصلحة إلى ذلك، ومن لا يظهر له منهم لابد فيه من وجه حكمة تغني(١) جملة القطع عليه عن تفصيل(٢) ولا يعجب، أو إنكار لطول عمره بعد القطع على إثبات الفاعل المختار سبحانه، لاستناده إليه، أو اقتداره عليه، كما لا معنى للتعجب من ذلك، مع إنكار الفاعل المختار، إذ الكلام في الفروع لا مع تسليم الاصل والوفاق عليه لا معنى له ولا فائدة فيه.

ولو كان عمره - عليه السلام - خارقا لا معتادا، لجاز بالنسبة إلى حسن الاختيار، ولوجب(٣) بالنسبة إلى ما لا يتم إلا به، وفاتت(٤) الحدود وما يتبعها من الاحكام والحقوق المعطلة لا إثم في تعطيلها إلا على من أحوج إليه(٥) مع بقائها في ذمم من تعلقت به، الله ولي التوفيق.

____________________

١ - في " ج ": يغني.

٢ - في " ج ": عن تفصيله.

٣ - في " ج ": ولو وجب.

٤ - هذا ما أثبتناه ولكن في " ج " وفاية، وفي " أ ": وفايت.

٥ - في " أ ": أحوج عليه.

٦٥

في تكليف الشرعي وإذا تقدم الكلام(١) في أركان التكليف العقلي، فسنشير بعده إلى أركان التكليف الشرعي، وهي خمسة(٢) .الصلاة، والزكاة، والصوم، والحج، والجهاد.

فأما ركن الصلاة: فمن شرائط صحة أدائها الاسلام والبلوغ وكمال العقل، وهما شرطا وجوبها أيضا(٣) ، ولها مع ذلك شروط وهي مقدماتها، وهي فرض وسنة على وجه.

فالفرض منها: الطهارة، وستر العورة، والوقت، والقبلة، وعدد الركعات، ومكان الصلاة، وموضع السجود بالجبهة.

____________________

١ - في " ج " و " م ": وإذا قد تقدم الكلام.

٢ - في " م ": إلى التكليف الشرعي وهو خمسة.

٣ - في " م ": فمن شرط صحة ادائها الاسلام والبلوغ وكمال العقل فمن شرط وجوبها أيضا ".

٦٦

أما الطهارة:

فهي إما من حدث أو من نجس.

والاولى: إما صغرى أو كبرى، وكلاهما إما اختيارية أو اضطرارية.

فالطهارة من الحدث الاصغر اختيارا: هي الوضوء، والموجب له(٤) خاصة إما البول، أو الغائط، أو الريح، أو النوم الغالب، أو ما به يرتفع التحصيل من سكر أو جنون أو إغماء، أو الاستحاضة القليلة للنساء.

ومن الحدث الاكبر اختيارا أيضا: هي الغسل، والموجب له خاصة - أي

_________________________

٤ - في " م ": الوضوء الموجب له.

٦٧

وحده - الجناية، وهي إما خروج الماء الدافق، على أي حال كان، من نوم أو يقظة أو شهوة أو غيرها.

وإما التقاء الختانين قبلا كان أحدهما أو دبرا.

ويوجب الطهارتين معا: الحيض، وهو مايحدث بالنساء من خروج الدم ابتداء إلى حيث يتميز لهن بصفته لمخصوصة، أو بعادة مألوفة، وأكثره عشرة أيام وأقله ثلاثة متوالية، ومابين الثلاثة إلى العشرة بحسب العادة.فإن نقص عما هو أقله أو زاد على ماهو أكثره، لم يك حيضا، وأكثر أيامه هي أقل أيام الطهر بين الحيضتين، ولاحد لاكثره، فتعتبر المبتدئة بين حيضتيها أقل أيام طهرها إن كان خروج الدم مستمرا بها، وتعمل على أن ماتراه منه فيها ليس حيضا، سواء استمر بها أو لا، أكثر أيامه أو أقلها.ومتى تميز لها عملت على التميز إلى أن تستمر عادتها به، فتعمل عليها.ومتى تعذر عملت على المروي(١) : أما أن تترك الصلاة كما لزم(٢) الحائض في الشهر الاول ثلاثة أيام، وفي الثاني عشرة، أو في كل شهر سبعة أيام إلى حيث يتميز لها أو يستقر لها عادة.

والاستحاضة المخصوصة، وهي ما تراه من الدم في أيام طهرها من الحيض فإن كانت كثيرة لزمها في كل يوم من أيامها تغيير حشوها وتجديد الوضوء لكل صلاة، وثلاثة أغسال: للفجر غسل، وللظهر والعصر مثله، وكذا للمغرب والعشاء الآخرة(٣) وإن كانت متوسطة لم يلزمها ليومها إلا غسل واحد للفجر مع

____________________

١ - لاحظ وسائل الشيعة ٢ / ٥٤٦، الباب ٨ من أبواب الحيض.

٢ - في " أ ": " كما يلزم ".وفي " م ": " كما أن يلزم ".

٣ - في " س ": والعشاء الآخر.

٦٨

تجديد وضوئها وتغيير الحشو، كما ذكرناه.ومتى فعلت مايجب عليها من ذلك، كان حكمها حكم الطاهر وإلا فلا.

والنفاس: وهو ما يحصل من الدم عند الولادة، وحكمه حكم الحيض إلا في أقله، فإنه لاحد له.

وكل مايحرم على الجنب - من قراء‌ة العزائم ومس كتابة المصحف أو الاسماء الشريفة، أو دخول المساجد الخارجين عن المسجدين الشريفين الالهي والنبوي إلا عابر سبيل(١) وعبورهما مطلقا.

أو اللبث فيها، أو وضع شئ فيها(٢) يحرم أيضا على الحائض والمستحاضة التي لا تحترز بفعل مايلزمها(٣) والنفساء.وكل مايكره له، من الاكل أو الشرب لا عن مضمضة واستنشاق، أو نوم وخضاب لا عن وضوء يكره لهن.

ولا يلزم الحائض قضاء صلاتها أيام حيضها، بل(يلزم)(٤) الصوم.ولا يصح طلاقها فيها إلا أن يكون غير مدخول بها، أو غائبا عنها زوجها شهرا فما زاد.فيحرم وطؤها فيها، ويلزم فيه الكفارة(٥) .

____________________

١ - كذا في " م " ولكن في " أ " و " ج " و " س ": " لا عباري سبيل ".

٢ - الضميران يرجعان إلى المساجد وفي نسخة " م " تثنية الضمير في الموضعين وهو تصحيف.

٣ - كذا في " م " ولكن في غيرها: لا تحترز مايلزمها.

٤ - مابين القوسين موجود في " م ".

٥ - في " م ": " ويلزم فيها الكفارة ".

٦٩

[غسل مس الميت ]:

ومس الميت من البشر قبل غسله، كل واحد من هذه الاحداث الاربعة يلزم

٧٠

فيه الوضوء والغسل جميعا.

فالوضوء يتقدمه أمور مفروضة، وهي السترة عند الخلوة للحاجة، وتوقي استقبال القبلة واستدبارها بكل واحد من الحدثين، وعند المجامعة أيضا، والاستبراء بنتر(١) مخرج البول ثلاثا، وخرطه كذلك على وجه الاجتهاد فيه تحرزا من البلة، فإنها إن حصلت مع ماذكرناه، لم يكن لها حكم كالمذي والوذي(٢) ، وإلا وجب منها الوضوء إذا لم يتقدمها جنابة، والغسل إن تقدمتها، تعبد شرعي.

وغسل المخرج بالماء ومسح مخرج الغائط إذا لم يتعداه بالاحجار الطاهرة أو بما يقوم مقامها من الطهارات عدا المطعومات والعظام، إما ثلاثة أو واحد مقرن(٣) بحسب غلبة الظن بالنقاء.

ولا يكون الاستجمار بها إلا إذا لم يكن تعد(٤) وإلا متى حصل وجب الاستنجاء بالماء، ولو جمع بينهما كان أتم فضلا.

ومسنونه وهي: تقديم رجله اليسرى دخولا متعوذا، واليمنى خروجا داعيا، مغطى الرأس، وتجنب(٥) استقبال الشمس والقمر والافنية والشطوط والشوارع،

____________________

١ - النتر: جذب الشئ بجفوة، ومنه تتر الذكر في الاستبراء مجمع البحرين.

٢ - قال الطريحي في مجمع البحرين: المذي: هو الماء الرقيق الخارج عند الملاعبة والتقبيل والنظر بلا دفق وفتور، وفيه لغات: سكون الذال وكسرها مع التثقيل، والكسر مع التخفيف.وأشهر لغاته: فتح فسكون ثم كسر ذال وشدة ياء.

والوذي: بالذال المعجمة الساكنة والياء المخففة: ماء يخرج عقيب انزال المني.

٣ - والمراد منه أن الحجر الواحد إذا كانت له ثلاثة قرون يجزي عن ثلاثة أحجار والمسألة اختلافية.أنظر المبسوط ١ / ١٧.

٤ - في " م ": إذا لم تعد.

٥ - في " ج ": فتجنب.

وفي " أ " و " م " متجنب.

٧١

ومساقط الثمر، ومواضع اللعن، وأفناء النزال، ومساكن الحيوان، وتلقي الريح بالبول.والارض الصلبة، مع الامساك عن الاكل والشرب والسواك والحديثق إلا الدعاء عند الاستنجاء والذكر سرا.

ويقارنه مافروضه: النية: وهي القصد إليه لرفع حكم الحدث، واستباحة ما يستباح به، من صلاة أو غيرها، إما لوجوبه أو لوجهه إن كان المتوضئ عارفا بوزجه الوجوب أو بكونه مندوبا إذا لم يكن واجبا، طاعة لله وقربة إليه، مع مقارنة آخر جزء منها واستصحابها حكما إلى آخره.

وهذا حكم كل نية من نيات العبادات، تعين العبادة وكونها إما واجبة أو مندوبة، أداء أو قضاء، إن كانت مما يحتملها.

على الوجه المعتبر من الطاعة والقربة مع مقارنتها واستدامة حكمها.

وغسل الوجه من قصاص شعر الرأس إلى محادر شعر الذقن(١) مرة وغسل اليد اليمنى، وبعدها اليسرى، مرة مرة، من المرافق(٢) إلى أطراف الاصابع.والمسح من مقدم الرأس مقدار ما يقع عليه اسمه، أقله اصبع واحدة، ببقية النداوة، لا بماء مستأنف.ومسح ظاهر القدمين كذلك من رؤوس أصابعهما إلى موضع معقد الشراك

____________________

١ - محادر شعر الذقن - بالدال المهلمة -: أول انحدار الشعر عن الذقن وهو طرفه.

مجمع البحرين وفي " أ " و " م ": إلى محادي شعر الذقن.

٢ - في " أ ": " من الفرق " وهو تصحيف.وفي " م ": " من المرفق ".

٧٢

أقله باصبعين، اليمنى باليمنى واليسرى باليسرى.ولو مسح من الكعبين إلى رؤوس الاصابع لجاز، وترتيبه على الوجه المذكور، فلو قدم وأخر فيه بطل، وكذلك إن لم يتابع بعضه ببعض بحيث يجف غسل عضو قبل موالاته بغسل العضو الآخر.وكذا إن شك في شئ من واجباته قبل الفراغ منه.فأما إن كان شه بعد استيفاء جملته والقيام عنه، فلا عبرة به.

ومتى كان الشك في الحدث مع تيقن الطهارة كان الحكم لها فلا يحتاج تجددها، وبالعكس من ذلك، يجب تجديدها، وكذا في تيقنهما معا والشك في السابق والمسبوق منهما، وكذا في استواء الشك فيهما وفقد الترجيح.

وأما سننه: غسل كفيه من نوم أو بول مرة، ومن غائط مرتين.والمضمضة والاستنشاق، كل منهما بكف ثلاثا.وتثنية غسل الوجه واليدين، فإن زاد بطل وضوء‌ه، ولا يكسر الشعر في غسل ذراعيه.وبدأة الرجل بظاهرهما والتثنية بباطنهما، وعكسه المرأة(١) ، وجمع أصابع الكف المتوسطة الثلاثة لمسح الرأس بها، ومسح الرجلين بجملة الكفين مفرجا أصابعهما.والدعاء في كل موضع من ذلك، وعند انتهائه.والتسويك وترك التمندل.

____________________

١ - قال في المدارك - بعد نقل كلام المحقق: "...وأن يبدأ الرجل بغسل ظاهر ذراعيه وفي الثانية بباطنهما، والمرأة بالعكس " - ماهذا نصه: ما اختاره المصنف - رحمه الله - من الفرق بين الغسلة الاولى والثانية، لم أق له على مستند، ومقتضى كلام أكثر القدماء أن الثانية كالاولى، وهو خيرة المنتهى، وعليه العمل...مدارك الاحكام ١ / ٢٤٩.

٧٣

والاغسال المفروضة،

منها الخمسة المذكورة(١) وسادسها تغسيل الميت.والمسنونة تختص منها بالجمعة غسلان ليومها وليلتها، وكذا ليوم الفطر وليلته،.

وستة لشهر رمضان: أول ليلة منه، وليلة نصفه، وليلة سبعة عشر، وليالي الافراد الثلاثة: ليلة تسعة عشر وإحدى وعشرين وثلاث وعشرين.

وسبعة: لاحرامي العمرة والحج ودخول الحرم ومكة ومسجد الحرام وزيارة الكعبة ويوم عرفه وزيارة البيت من منى.

وأربعة: لدخول مدينة الرسول صلى الله عليه وآله ومسجده وزيارة قبره وزيارة قبر كل إمام من ولده.

وخمسة: ليوم المبعث والاضحى والغدير والمباهلة وليلة نصف شعبان.

وثمانية: للاستسقاء والاستخارة والحاجة والشكر والتوبة من كبائر الذنوب والمولود حين وضعه، ولقضاء صلاة الكسوف مع احتراق القرص وتعمد تركها، ولقصد رؤية مصلوب مسلم بعد ثلاثة أيام.

جملتها أربعة وثلاثون غسلا.

ويقارن غسل الجنابة مافروضه: النية(٢) ومقارنتها واستدامتها، وغسل الرأس إلى أن يبلغ الماء أصول شعره، وغسل الجانب الايمن من رأس العنق إلى تحت القدم، وكذا الجانب الايسر، وترتبه.

فإن لم يعم الماء صدره وظهره غسلهما، وإن كان عليه خاتم أو ما لم يدخل الماء تحته حركه، وتحركه إن اغتسل تحت ميزاب.

____________________

١ - وهي: غسل الجنابة والحيض والنفاس والاستحاضة ومس الميت.

التي تقدم ذكرها.

٢ - في " س ": والنية.

٧٤

وتخلل الشعر.ولا يحتاج إلى ترتيبه إن ارتمس في كر أو ماء جار، بل يكون ارتماسه بجملته.وحكم الشك فيه حكمه في الوضوء والحدث الاصغر في أثنائه يتوضأ بعده احتياطا، وقيل: يتمه ولا شئ عليه(١) .

وما سننه متقدما غسل اليدين ثلاثا، وكذا الاستنشاق والمضمضة ومقارنا صب الماء على الرأس ثلاثا، وكذا على كل واحد من الجانبين، والدعاء والموالاة وكونه بصاع من ماء فمازاد.ولا يحتاج معه إلى وضوء لا قبله ولا بعده، بل بمجرده تستباح الصلاة.ومما يتقدمه فرضا استبراء الرجل(٢) خاصة بالبول، ونظيف ما أصاب البدن من نجاسة يغسلها.وهل يعتبر في وجوبه دخول وقت فريضة لمن لا قضاء عليه أم لا؟ فيه خلاف.وكما يعتبر طهارة الماء في(كل)(٣) وضوء وغسل يعتبر أيضا أن لا يكون مغصوبا.والتحري(٤) في الاواني غير جائز.

____________________

١ - قال العلامة - قده - في المختلف ١ / ٣٣٨: إذا اغتسل مرتبا وتخلل الحدث الاصغر قبل إكمال غسله في أثنائه، أفتى الشيخ - ره - في النهاية والمبسوط بوجوب الاعادة من رأس، وهو مذهب ابن بابويه، وقال ابن البراج: يتم الغسل ولا شئ عليه، وهو اختيار ابن إدريس.وقال السيد المرتضى - ره -: يتم الغسل ويتوضأ إذا أراد الدخول في الصلاة.والحق الاول.

٢ - في " أ ": استبراء الرجال.

٣ - ما بين القوسين من " أ ".

٤ - قال الطريحي: التحري يجزي عند الضرورة أعني طلب ما هو الاحرى في الاستعمال في غالب الظن، ومنه التحري في الاناء‌ين.مجمع البحرين.

٧٥

وصفة جميع الاغسال الواجبة والمندوبة كصفة غسل الجنابة إلا في تعينها بالنية.

والطهارة الاضطرارية هي التيمم المستعمل بدلا من كل واحدة منهما، ولا يكون إلا بتراب طاهر، مع وجوده، أو ما ينوب منابه(١) ، من حجر أو مدر أو رمل عند فقده مع تضيق وقت الفرض، وفقد الماء جملة، ويندرج فيه عدم ما به يحصل من الآلة والثمن أو الخوف من استعماله، أو من القصد إلى الموضع الذي هو فيه، أو لكونه نجسا، أو لغلبة الظن بفوت الصلاة قبل ادراكه.بعد الضرب طلبا له في الجهات الاربع، رمية سهم في حزن الارض وسهمين في سهلها في كل جهة ذلك، فإن كان التيمم بسبب مانع من استعمال الماء، كمرض وشبهه، فلا يعتبر فيه الضرب لطلب الماء.ويجب فيه ضرب كفيه جميعا على ما يتيمم به بعد القصد إليه بنية، ونفضهما، ومسح الوجه بهما من قصاص شعر الرأس إلى طرف الانف ممايلي الحاجب(٢) لا المارن(٣) ومسح ظاهر الكفين من الزند إلى طرف الاصابع اليمنى بباطن الكف الايسر، وبالعكس، وترتيبه.فإن كان حدثه أكبر ضرب لوجهه ضربة، وليده أخرى.

____________________

١ - في " م ": " ينوب عنه " بدل " ينوب منابه ".

٢ - في " م ": مايلي الحاجب.

٣ - المارن: ما لان من الانف منحدرا عن العظم وفضل عن القصبة.

والمارنان: المنخران.

لسان العرب.

٧٦

الكلام في غسل الميت

وغسل الميت يتقدمه استحبابا توجيهه إلى القبلة عند الاحتضار، والتلاوة عنده، وتلقينه، ولا يحضره جنب ولا حائض، ولا يوضع على صدره حديدة، ولا يمتد على شئ من أعضائه(١) ولا يناح عليه بالباطل ولا بالحق مع رفع الصوت.

ويكون تغسيله تحت ظل، من سقف أو غيره، موجها على سرير أو ما يرفعه، وإعداد حفرة لماء غسله، ولا تخطاه(٢) غاسله، بل يقف على يمينه.وكل مايتعلق به، من غسل وتكفين وصلاة ودفن، فرض على الكفاية.ويقارن غسله افرضه البداء‌ة، أولا بالغسل بالسدر الذي لا يسلبه بإضافته إليه(٣) إطلاق إسم الماء عليه، على هيئة(٤) غسل الجنابة.ثم جانبه الايمن وهو مدار على الايسر، ثم الايسر وهو مدار على الايمن.وثانيها بماء الكافور الخالص.وثالثها بالماء القراح على الهيئة المذكورة.ويجدد النية(٥) في تغسيلاته الثلاثة، ويغسله بماء بارد مع الاختيار.مستور(٦) العورة في كل ذلك.

____________________

١ - في " م ": ولا يمسك على شئ من أعضائه.

٢ - من الخطوة - بالضم - وهي: بعد ما بين القدمين في المشي.مجمع البحرين.وهو كناية عن عدم ركوب الميت حال الغسل.

٣ - في " م ": بالاضافة إليه.

٤ - في " ج ": في هيئة.

٥ - في " ج ": وتجدد النية.

٦ - في " أ ": ومستور.

٧٧

وما سننه تنجيته بالاشنان(١) والماء، وتنظيف ما على بدنه بهما، وتليين أصابعه برفق، وتوضيته، ولا يمضمض ولا يستنشق، ومسح بطنه بلين أولا وثانيا، وإكثار ذكر العفو، وصب الماء على رأسه وجانبيه ثلاثا في كل مرة، وغسل رأسه أولا برغوة السدر(٢) وغسل صدره وظهره بالماء، وتخليل رأسه وجسده بإدارة اليد عليه في حال تغسيله عليه.

ومتى خرج من بعض منافذه شئ غسله.

ولا يجوز ختنه، ولا تقليم أظفاره ولا مشط شعره ولا إزالة شئ منه، ولا ينبغي دلك رجليه بالحجر ولا غسله بالصابون، ولا التدخين عنده ببخور ولا غيره، ولا تطيبه بماسوى الكافور، فإن كان محرما فلا به أيضا.

وكل مقتول يغسل(٣) إلا قتيل الجهاد الحق، فإنه يصلى عليه ويدفن، ولا ينزع عنه إلا الخف وما لم يصبه شئ من دمه، كالفروة(٤) والسراويل ولا ينزع إذا أصابه الدم.ومتاى مات بعد حمله عن موضع القتال غسل وكفن.

وكل ما وجد من أعضاء الانسان إذا كان فيه عظم أو كان من صدره يغسل ويكفن ويصلى عليه، ولا يلزم هذا فيما عدا ذلك، ولا في السقط أيضا لدون أربعة أشهر أما إن

____________________

١ - من النجو وهو الجزء، واستنجيت: غسلت موضع النجو أو مسحته.والاشنان - بضم الهمزة والكسر - لغة، معرب ويقال له بالعربية: الحرض، وتأشن: غسل يده بالاشنان.المصباح المنير.

٢ - الرغوة: الزبد يعلو الشئ عند غليانه.المصباح المنير.

٣ - في " أ ": يغتسل.

٤ - الفروة التي تلبس.

٧٨

بلغها أو مازاد عليها(١) فلابد من تغسيله وتكفينه.ويجوز أن يتولى الزوج تغسيل الزوجة عند فقد النساء، وكذا حكمها معه إذا لم يوجد من يغسله من الرجال.وقد روي جواز ذلك في الاقارب من كل واحد من الرجال وكل واحدة من النساء(٢) .

وقيل: إذا لم يوجد أحد منهم يجوز للاجانب من الرجال إذا لم يوجد سواهم تغسيل الاجنبيات من النساء في ثيابهن، وعيونهم مغمضة(٣) وكذا النساء في تغسيلهن الرجال(٤) .

وقيل: يدفن كل منهم من غير غسل(٥) .

ويكفن في أثواب ثلاثة واجبا: إزار ودرع ومئزر، وأفضله أبيض القطن أو الكتان(٦) ، ويعتبر طهارته، ولا يعدل مع وجود القطن إلى غيره.ويزاد فيه ندبا لفافة أخرى وحبرة(٧) وعمامة يحنك بها، ويرخى طرفاها، وخرقة تشد فخذيه.

ويكتب على الازرار والدرع بالتربة الحسينية مايلقن به، وتجعل فيه

____________________

١ - هكذا في " م " وفي " أ " و " ج " و " س ": ولكن يلف ومازاد عليها.

٢ - أنظر الوسائل: ٢ / ٧٠٥ باب ٢٠ من أبواب غسل الميت.

٣ - ذهب إليه التقي على مانقله عنه في مفتاح الكرامة ج ١ ص ٤٢٥.

٤ - وهو خيرة أبي الصلاح الحلبي على ماحكاه عنه في مفتاح الكرامة ج ١ ص ٤٢٤.

٥ - ذهب إليه الشيخ في المبسوط ج ١ ص ١٧٥.

٦ - في " ج ": والقطن والكتان.

٧ - والحبرة: وزان عنبة: ثوب يماني من قطن أو كتان مخطط.

المصباح المنير.

٧٩

جريدتا نخل أو غيره من رطب الشجر عند تعذره، على قدر عظم الذراع، كل منهما مكتوب عليه ذلك، ملفوفتان بالقطن.وتحنط بالكافور مساجده السبعة، وسائغه ثلاثة عشر درهما وثلث، وأقله وثقال أو درهم أو ماتيسر منه.

ويدفن على جانبه الايمن موجها إلى القبلة واجبا.وتشييع الجنازة ندبا، ولا يفاجأ به القبر بل ينقل إليه في ثلاث مرات.

والرجل يوضع فيه سنة، من قبل رجليه يسبق برأسه(إليه)(١) والمرأة من قبل وسطها بالعرض.ويكون طويلا إما قامة أو إلى الترقوة، واسعا قدر جلوس الجالس، متخذا فيه إما لحدا وشق مهيأ له الصفيح أو اللبن أو مايقوم مقامهما، وإذا وضع حلت عقد أكفانه، وجعل خده على التراب أو التربة الحسينية، ولقن حينئذ.

وجمله مايستحب من تلقينه، الاقرار بشاهدتي الاخلاص الوحدانية والنبوة وبالائمة والبعث والنشور والجنة والنار، وينضد ويحثى عليه التراب، ويرفع قبره من الارض(٢) مسطحا لا مسنما، قدر شبر أو دونه، ويبدأ برش الماء عليه من عند رأسه، مدارا حتى ينتهى إليه ويلقن برفع الصوت بعد الانصراف عنه.ومما يزيد إليه في الكفن الذريرة المعروفة بالقمحة(٣) مع وجودها.والصلاة عليه تذكر في موضعها.

____________________

١ - مابين القوسين موجود في " م ".

٢ - في " أ " و " ج " و " س ": ويرفع قبره على الارض.

٣ - في المبسوط: القميحة.قال في مجمع البحرين: وفي حديث التكفين: قدر على كل ثوب شيئا من ذريرة وكافور، وكان المراد مطلق الطيب المسحوق.

٨٠