الأجوبة الوافية في رد شبهات الوهابية الجزء ٢

الأجوبة الوافية في رد شبهات الوهابية0%

الأجوبة الوافية في رد شبهات الوهابية مؤلف:
الناشر: دهكده جهاني آل محمّد (صلّى الله عليه وآله)
تصنيف: مناظرات وردود
الصفحات: 343

الأجوبة الوافية في رد شبهات الوهابية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: مؤسسة الكوثر للمعارف الإسلامية
الناشر: دهكده جهاني آل محمّد (صلّى الله عليه وآله)
تصنيف: الصفحات: 343
المشاهدات: 202633
تحميل: 6665


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 343 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 202633 / تحميل: 6665
الحجم الحجم الحجم
الأجوبة الوافية في رد شبهات الوهابية

الأجوبة الوافية في رد شبهات الوهابية الجزء 2

مؤلف:
الناشر: دهكده جهاني آل محمّد (صلّى الله عليه وآله)
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أجل )(١) .

ثم إنّ التوسّل بالصغار في الاستسقاء أمر ندب إليه الشارع ، وقد ذكر الشافعي(٢) في آداب صلاة الاستسقاء استحباب خروج الصبيان وكبار السن .

ولا شك أنّ الهدف من وراء ذلك هو أنّ هؤلاء الأبرياء والصلحاء مفاتيح استنزال الرحمة ، وكأنّ المتوسّل يقول ربّي وسيّدي ومولاي إنّ الصغير معصوم من الذنب والكبير الطاعن في السن أسير الله في أرضك ، وهما أحق بالرحمة عندك ، فلأجلهم أنزل رحمتك إليهم حتى تعمّنا ، كالساقي للشجرة الواحدة يسقي مساحة واسعة لأجل تلك الشجرة ، وفي ظلّها تسقى سائر الأشجار والأعشاب الأخرى .

ب) رجل يطلب الإغاثة من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

ورد في الصحيحين ، عن أنس بن مالك : ( إنّ رجلاً دخل المسجد يوم جمعة من باب كان نحو دار القضاء ورسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قائم يخطب ، فاستقبل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قائماً ، ثم قال : يا رسول الله ، هلكت الأموال وانقطعت السُبل ، فادع الله يغيثنا فرفع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يديه ، ثم قال : ( اللّهمّ أغثنا اللّهمّ أغثنا اللّهمّ أغثنا ) قال أنس : ولا والله ما نرى في السماء من سحاب ولا قزعة وما بيننا وبين سلع من بيت ولا دار ، قال: فطلعت من ورائه سحابة مثل الترس فلمّا توسطت السماء انتشرت ثم أمطرت ، فلا والله ما رأينا الشمس ستاً ، ثم دخل رجل من ذلك الباب في الجمعة ورسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قائم يخطب ، فاستقبله قائماً ، فقال : يا رسول الله ، هلكت الأموال وانقطعت السبل فادع الله يمسكها عنا ، قال : فرفع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يديه ، ثم قال : ( اللّهمّ حوالينا ولا علينا ، اللّهمّ على الآكام والضراب وبطون الأودية ومنابت الشجر ) قال : فأقلعت وخرجنا نمشي في الشمس )(٢) ، فكان المرتكز لدى المسلمين أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هو المفزع والوسيلة والواسطة بينهم وبين الله تعالى في قضاء الحوائج واستجابة الدعاء ، ثم إنّ إطلاقها شامل لما بعد وفاة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فهو الوسيلة ، خصوصاً وأنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حيّ يرزق يسمع كلامنا ويردّ سلامنا كما سيأتي .

ــــــــــــــ

(١) التمهيد ، ابن عبد البر : ج٢٢ ص٦٣ ـ ٦٥ ؛ الأحاديث الطوال ، الطبراني : ص٧٢ ؛ دلائل النبوة ، البيهقي : ج٦ ص١٤٠ ؛ البداية والنهاية ، ابن كثير : ج٦ ص٩٩ .

(٢) الأم ، الشافعي : ج١ ص٢٨٤ .

١٠١

ج) النبي هو الشفيع عند ربّه في الدنيا

روى البيهقي في دلائله ، وغيره عن أبي وجزة السلمي قال : ( لمّا قفل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من غزوة تبوك أتاه وفد بني فزارة ـ إلى أن قال ـ فقالوا : يا رسول الله ، أسنتت بلادنا وأجدبَ جنابُنا وحَرَبت عيالنا وهلكت مواشينا ، فادعُ ربّك أن يغيثنا ، واشفع لنا إلى ربّك ويشفع ربّك إليك ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( سبحان الله ، ويلك ، أنا شفعت إلى ربّي فمن ذا الذي يشفع ربّنا إليه ، لا إله إلاّ هو العظيم وسع كرسيّه السموات والأرض ) ـ إلى أن قال ـ فقام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فصعد المنبر وكان مما حفظ من دعائه : ( اللّهمّ اسق بلدك وبهيمتك وانشر رحمتك وأحي بلدك الميت )(١) وذكر دعاءً وحديثاً طويلاً .

ــــــــــــــ

(١) صحيح البخاري: ج٢ ص١٧، كتاب الاستسقاء، باب الاستسقاء يوم الجمعة؛ صحيح مسلم: ج٣ ص٢٤، كتاب صلاة الاستسقاء.

١٠٢

وفي سنن أبي داود : ( أتى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أعرابي ، فقال : يا رسول الله ، جهدت الأنفس ، وضاعت العيال ، ونهكت الأموال ، وهلكت الأنعام ، فاستسق الله لنا فإنّا نستشفع بك على الله ونستشفع بالله عليك ، قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( ويحك ! أتدري ما تقول ؟ ) وسبّح رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فما زال يسبّح حتى عرف ذلك في وجوه أصحابه ، ثم قال : ( ويحك ! إنّه لا يستشفع بالله على أحد من خلقه ، شأن الله أعظم من ذلك )(١) .

ومن الواضح أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قرّر الأعرابي على قوله : ( فإنّا نستشفع بك على الله ) ، فلم ينكرصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الاستشفاع به على الله ، وإنّما أنكر بقوله : ويحك قول الأعرابي : ( ونستشفع بالله عليك ) فبيّن له الرسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه لا يصلح الاستشفاع بالله على أحد من خلقة ، أي لا يصح أن يجعل الله واسطة لخلقه ؛ لأنّ الله تعالى أعظم شأناً ، وإنّ الواسطة لا تملك من أمرها شيء ، وإنّما كل شيء بيد المالك ، وهو الله تعالى ، فلا يصح جعله واسطة وشفيع .(٢)

د) توسّل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بحقّه وحق مَن سبقه من الأنبياء

عن أنس بن مالك قال : ( لمّا ماتت فاطمة بنت أسد بن هاشم أم عليعليه‌السلام دخل عليها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فجلس عند رأسها ، فقال :رحمك الله يا أُمّي ، كنت

ــــــــــــــ

(١) دلائل النبوة ، للبيهقي : ج٦ ص١٤٣ ، باب استسقاء النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؛ شفاء السقام في زيارة خير الأنام ، السبكي : ص٣٠٦ ؛ الدر المنثور ، السيوطي : ج١ ص٣٢٤ ؛ البداية والنهاية ، ابن كثير : ج٦ ص١٠٠ .

(٢) سنن أبي داود : ج ٢ ص ٤١٨ ؛ كتاب السنة ، عمرو بن أبي عاصم : ص٢٥٢ ؛ تهذيب الكمال ، المزي : ج٤ ص٥٠٥ ؛ البداية والنهاية : ج١ ص١١ ؛ شفاء السقام ، السبكي : ص٣٠٦ .

١٠٣

أمّي بعد أمّي ، تجوعين وتشبعيني ، وتعرين وتكسيني ، وتمنعين نفسك طيّب الطعام وتطعميني ، تريدين بذلك وجه الله والدار الآخرة ، ثم أمر أن تغسّل ثلاثاً وثلاثاً ، فلما بلغ الماء الذي فيه الكافور سكبه عليها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بيده ، ثم خلع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قميصه فألبسها إيّاه ، وكُفّنت فوقه ، ثم دعا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أسامة بن زيد وأبا أيوب الأنصاري وعمر بن الخطاب وغلاماً أسود ليحفروا ، فحفروا قبرها فلمّا بلغوا الّلحد حفره رسول الله بيده ، وأخرج ترابه بيده ، فلمّا فرغ دخل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فاضطجع فيه ، وقال :الله الذي يحيي ويميت وهو حي لا يموت ، اغفر لأُمّي فاطمة بنت أسد ولقّنها حجّتها ، ووسّع عليها مدخلها ، بحقّ نبيّك والأنبياء الذين من قبلي فإنّك أرحم الراحمين )(١) .

هـ) توسّل الضرير بالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

عن عثمان بن حنيف ، قال : ( إنّ رجلاً ضريراً أتى إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : ادع الله أن يعافيني ، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إن شئت دعوت ، وإن شئت صبرت وهو خير ؟ قال : فادعه : فأمَرهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يتوضأ فيُحسن وضوءه ويصلي ركعتين ويدعو بهذا الدعاء :( اللّهمّ إنّي أسألك وأتوجّه إليك بنبيّك محمد نبي الرحمة ، يا محمد إنّي توجّهت بك إلى ربّي في حاجتي فتقض ، اللّهم شفّعه فيّ ) ، قال ابن حنيف : ( فو الله ما تفرّقنا وطال بنا الحديث حتى دخل علينا كأن لم تكن به ضر )(٢) والرفاعي ـ الكاتب الوهّابي المعاصر الذي يسعى دائماً إلى

ــــــــــــــ

(١) المعجم الأوسط ، الطبراني : ج١ ص٦٧ ـ ٦٨ ؛ المعجم الكبير ، الطبراني : ج٢٤ ص٣٥٢ ؛ مجمع الزوائد ، الهيثمي : ج٩ ص٢٥٧ ، ورجال هذا الحديث رجال الصحيح ولم يقع الإشكال في روح بن صلاح ، وقد وثّقه ابن حبان والحاكم نص على ذلك الهيثمي في المصدر المذكور .

(٢) مسند أحمد ، أحمد بن حنبل : ج٤ ص١٣٨ ؛ المستدرك ، الحاكم : ج١ ص٥٢٧ ، وقال الحاكم : ( هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه ) ؛ صحيح ابن خزيمة ، ابن خزيمة : ج٢ ص٢٢٦ .

١٠٤

تضعيف الأحاديث الخاصة بالتوسّل ـ يقول حول هذا الحديث : ( لا شك أنّ هذا الحديث صحيح ومشهور ولا ريب أنّ ارتداد بصر الأعمى بدعاء رسول الله )(١) .

وقال الحاكم هذا حديث صحيح على شرط البخاري(٢) .

أمّا دلالة الحديث : فهو واضح الدلالة على أنّ الأعمى توسّل بذات النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بتعليم منهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فهو وإن طلب من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الدعاء له ، إلاّ أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم علّمه دعاء تضمّن التوسّل بذات النبي ، فهذا الحديث من أمتن الأدلة وأصرحها على جواز التوسّل بذات النبي ، ومن أبرز الجمل الصريحة فيه هي :

أ ـ ( اللّهمّ إنّي أسألك وأتوجّه إليك بنبيّك ) ، فإنّ التوجّه بالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الوارد في هذا الدعاء معناه التوجه بذات النبي المقدسة وشخصيته الكريمة ، ولا يمكن تقدير كلمة ( دعاء ) لتكون الجملة أتوجه إليك بدعاء نبيك ؛ خلاف الظاهر وتحكم بلا دليل ، بل إنّ هذا الدعاء الذي علّمه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للرجل الضرير( اللّهمّ إنّي أسألك وأتوجّه إليك بنبيّك ) ، هو نفس مضمون الآية المباركة( وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ ) .

ب ـ ( محمد نبي الرحمة ) وهذه الجملة تؤكّد أنّ المقصود من السؤال من الله بواسطة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وشخصيته ، حيث جاءت هذه الجملة ( محمد نبي الرحمة ) بعد كلمة نبيك .

ج ـ جملة ( يا محمد إنّي أتوجّه بك إلى ربّي ) وهذه الجملة تدل على أنّ الرجل حسب تعليم الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اتخذ النبي نفسه وسيلة لدعائه أي أنّه توسّل بذات النبي لا بدعائه .

د ـ ( وشفّعه فيّ ) : أي يا رب ، اجعل النبي شفيعي وتقبل شفاعته في حقّي ، وليس معناه تقبل دعاءه في حقّي .

٤ ـ التوسّل بالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعد وفاته

هناك موارد عديدة ذكر فيها توسّل الصحابة وغيرهم بالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم منها الموارد التالية :

الأوّل : تعليم عثمان بن حنيف رجلاً التوسّل بالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعد وفاته

روى الطبراني في معجمه الكبير عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف ، عن عمّه عثمان بن حنيف : ( أنّ رجلاً كان يختلف إلى عثمان بن عفان في حاجة له ، فكان عثمان لا يلتفت إليه ولا ينظر في

ــــــــــــــ

(١) الوهابية في الميزان ، السبحاني : ص١٦٥ .

(٢) المستدرك ، الحاكم : ج١ ص٥٢٧ .

١٠٥

حاجته ، فلقي بن حنيف فشكى ذلك إليه ، فقال له عثمان بن حنيف : ائت الميضأة فتوضأ ، ثم ائت المسجد فصلِّ فيه ركعتين ، ثم قل : اللّهمّ إنّي أسألك وأتوجّه إليك بنبينا محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نبي الرحمة ، يا محمد إنّي أتوجّه بك إلى ربي فتقضي لي حاجتي ، وتذكر حاجتك ورح حتى أروح معك ، فانطلق الرجل فصنع ما قال له ، ثم أتى باب عثمان بن عفان ، فجاء البواب حتى أخذ بيده فأدخله على عثمان بن عفان ، فأجلسه معه على الطنفسة ، فقال : حاجتك ، فذكر حاجته وقضاها له ، ثم قال له : ما ذكرت حاجتك حتى كان الساعة ، وقال : ما كانت لك من حاجة فأذكرها ، ثم إنّ الرجل خرج من عنده فلقي عثمان بن حنيف ، فقال له : جزاك الله خيراً ، ما كان ينظر في حاجتي ولا يلتفت إلي حتى كلمته فيَّ ، فقال عثمان بن حنيف : والله ما كلمته ولكنّي شهدت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأتاه ضرير فشكى إليه ذهاب بصره ، فقال له النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : فتصبر ، فقال : يا رسول الله ، ليس لي قائد ، وقد شق علي ، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ائت الميضأة فتوضأ ، ثم صل ركعتين ، ثم ادع بهذه الدعوات ، قال ابن حنيف : فو الله ، ما تفرّقنا وطال بنا الحديث حتى دخل علينا الرجل كأنّه لم يكن به ضر قط )(١) ، ودلالة الحديث على فهم ابن حنيف جواز التوسّل بالنبي بعد وفاته واضحة لا لبس فيها ؛ لأنّه أمر ذلك الرجل أن يتوجّه إلى الله تعالى بالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعد وفاته

وفي مورد آخر ، عن ابن أبي الدنيا في كتاب ( مجابو الدعاء ) عن ابن كثير ابن رفاعة يقول : ( جاء رجل إلى عبد الملك بن سعيد بن أبجر فجس بطنه ، فقال : بك داء لا يبرأ ، قال : ما هو ؟ قال : الدبيلة ، قال : فتحول الرجل ، فقال : الله ، الله ، الله ربي ، لا أشرك به شيئاً ، اللّهمّ إنّي أتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمةصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تسليماً يا محمد ، إنّي أتوجه بك إلى ربك وربي يرحمني ممّا بي ، قال : فحس بطنه ، فقال : قد برئت ما بك علّة )(٢) .

الثاني : توسّل الأعرابي بالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

وهي حكاية العتبي المشهورة ، حيث قال : ( كنت جالساً عند قبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فجاء أعرابي ، فقال : السلام عليك يا رسول الله ، إنّي سمعت الله يقول :( وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللهَ

ــــــــــــــ

(١) المعجم الكبير ، الطبراني : ج٩ ص٣١ ، المعجم الصغير ، الطبراني : ج١ ص١٨٣ .

(٢) مجموع الفتاوى ، ابن تيمية : ج١ ص١٨٨ ، الناشر دار الوفاء ـ الثانية ـ ١٤٢١ه .

١٠٦

تَوَّابًا رَّحِيمًا ) وقد جئتك مستغفراً لذنبي ، مستشفعاً بك إلى ربّي ؛ ثم بكى ، وأنشأ يقول :

يا خير مَن دفنت بالقاع أعظمه

فطاب من طيبهن القاع والأكمُ

نفسي الفداء لقبـر أنت ساكنه

فيه العفاف وفيه الجود والكرمُ

ثم انصرف الأعرابي ، فغلبتني عيني فرأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال : يا عتبي ، الحق الأعرابي ، فبشره أنّ الله قد غفر له )(١)

الثالث : رجل يستسقي بالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عند قبره

روى البيهقي : ( إنّه جاء رجل إلى قبر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال : يا رسول الله ، استسق لأمتك ، فجاءه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في المنام وأخبره أنّهم يسقون )(٢) .

الرابع : رجل آخر يأتي إلى قبر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

أخرج القرطبي في تفسيره عن الإمام عليعليه‌السلام ، أنّه قال : ( قدم علينا أعرابي بعد ما دفنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بثلاثة أيام ، فرمى بنفسه على قبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وحثا على رأسه من ترابه ، فقال : قلت : يا رسول الله ، فسمعنا قولك ، ووعيت عن الله فوعينا عنك ، وكان فيما أنزل الله عليك( وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظلَمُواْ أَنفُسَهُمْ ) الآية ، وقد ظلمت نفسي وجئتك تستغفر لي ، فنودي من القبر أنّه قد غُفر لك )(٣)

ــــــــــــــ

(١) تفسير ابن كثير ، ابن كثير : ج١ ص٥٣٢ ؛ المجموع ، محيي الدين النووي : ج٨ ص٢٧٤ ؛ الشرح الكبير ، عبد الرحمان بن قدامة : ج٣ ص٤٩٤ ؛ تفسير الثعلبي : ج٢ ص٢٥٧ ؛ الدر المنثور ، السيوطي : ج١ ص٢٣٨ .

(٢) فتح الباري ، ابن حجر : ج٢ ص٤١٢ ؛ وفاء الوفا ، السمهودي : ج٢ ص١٣٧٤ .

(٣) تفسير القرطبي ، القرطبي : ج ٥ ص ٢٦٥ .

١٠٧

الخامس : مالك يأمر المنصور بالاستشفاع برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

فقد ورد أنّ المنصور الدوانيقي لمّا ناظر مالكاً في مسجد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال له مالك : ( يا أمير المؤمنين ، لا ترفع صوتك في هذا المسجد ، فإنّ الله أدّب قوماً فقال :( لاَ تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ ) (١) وذمّ آخرين ، فقال :( إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَاء الْحُجُرَاتِ ) (٢) ، وأنّ حرمته ميتاً كحرمته حيّاً ، فاستكان لها أبو جعفر وقال : يا أبا عبد الله ، أستقبل القبلة وأدعو أم أستقبل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ فقال له : ولم تصرف وجهك عنه ، وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدمعليه‌السلام إلى الله تعالى يوم القيامة ، بل استقبله واستشفع به )(٣) .

السادس : عائشة علّمت المسلمين أن يتوسّلوا بقبر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

أخرج الدارمي في سننه عن أوس بن عبد الله ، قال : ( قحط أهل المدينة قحطاً شديداً ، فشكوا إلى عائشة ، فقالت : انظروا قبر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فاجعلوا منه كوى(٤) إلى السماء حتى لا يكون بينه وبين السماء سقف ، ففعلوا فمطرنا مطراً حتى نبت العشب وسمنت الإبل ، حتى تفتقت من الشحم ، فسمّي عام الفتق )(٥) .

السابع : العلماء يحثّون الزائرين على التوسّل بقبر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

إنّ من السنن المؤكّدة التي حثّ عليها العلماء والفقهاء من الفريقين هي سنّة التوسّل بالنبي الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عند زيارة قبره الشريف في المدينة المنورة ، وإليك بعض أقوال علماء السنّة في هذا المجال :

ــــــــــــــ

(١) الحجرات : ٢ .

(٢) الحجرات :٤ .

(٣) الشفا بتعريف حقوق المصطفى ، القاضي عياض : ج٢ ص٤١؛ سبل الهدى والرشاد ، الصالحي الشامي : ج١١ ص٤٣٩ ؛ دفع الشبه عن الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، الحصني الدمشقي : ص١٤٠ .

(٤) الكوة : الخرق في الحائط والثقب في البيت ، لسان العرب ، ابن منظور : ج١٥ ص٢٣٦ .

(٥) سنن الدارمي : ج١ ص٤٤ .

١٠٨

١ـ قال أحمد في منسكه الذي كتبه للمروزي : ( إنّه يتوسّل بالنبي في دعائه )(١) .

٢ـ ما ذكره محيي الدين النووي بعد أن تعرّض لزيارة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكيفيتها مُفصلاً ، حيث قال : ( ثم يرجع ـ أي الزائر ـ إلى موقفه الأول قبالة وجه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويتوسّل به في حق نفسه ، ويستشفع به إلى ربّه سبحانه وتعالى ، ومن أحسن ما يقوله ما حكاه المارودي والقاضي وأبو الطيب وسائر أصحابنا عن العتبي مستحسنين له ، قال : ( كنت جالساً ) )(٢) ثم يتعرّض إلى قصة الأعرابي الذي توسّل بقبر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقد تقدم ذكرها مفصّلاً .

٣ـ ما قاله ابن قدامة في المغني ، في كيفية زيارة الرسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( اللّهم صلِّ على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنّك حميد مجيد ، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنّك حميد مجيد ، اللّهمّ إنّك قلت وقولك الحق :( وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا ) وقد أتيتك مستغفراً من ذنوبي ، مستشفعاً بك إلى ربي ، فأسألك يا رب أن توجب لي المغفرة كما أوجبتها لمَن أتاه في حياته ، اللّهمّ اجعله أوّل الشافعين ، وأنجح السائلين وأكرم الآخرين والأولين ،

ــــــــــــــ

(١) كشف القناع ، البهوتي : ج٢ ص٧٩ .

(٢) المجموع ، النووي : ج٨ ص ٢٧٤ ؛ مغني المحتاج ، محمد الشربيني : ج١ ص٥١٢ ؛ تطهير الفؤاد ، محمد بخيت الحنفي : ص١٢٧ .

١٠٩

برحمتك يا أرحم الراحمين )(١)

٤ـ وقال قاضي القضاة تقي الدين السبكي المصري الشافعي في معرض ردّه على ابن تيمية لمنعه التوسّل بالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (فسعيه [أي ابن تيمية] في منع الناس من زيارتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يدل على ضغينة كامنة فيه نحو الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكيف يتصور الإشراك بسبب الزيارة والتوسل في المسلمين الذين يعتقدون في حقّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه عبده ورسوله ، وينطقون بذلك في صلواتهم نحو عشرين مرة في كل يوم على أقل تقدير ، إدامة لذكرى ذلك ، ولم يزل أهل العلم ينهون العوام عن البدع في كل شؤونهم ، ويرشدونهم إلى السنّة في الزيارة وغيرها إذا صدرت منهم بدعة في شيء ، ولم يعدّوهم في يوم من الأيام مشركين بسبب الزيارة أو التوسل ، كيف وقد أنقذهم الله من الشرك وأدخل في قلوبهم الإيمان ، وأوّل مَن رماهم بالإشراك بتلك الوسيلة هو ابن تيمية ، وجرى خلفه مَن أراد استباحة أموال المسلمين ودماءهم ؛ لحاجة في النفس ولم يخف ابن تيمية من الله )(٢) .

وقال الشيخ محمد زاهد الكوثري في ( تكملة السيف الصقيل ) : ( والأحاديث في زيارته صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الغاية من الكثرة ، وقد جمع طرقها الحافظ صلاح الدين العلائي في جزء كما سبق ، وعلى العمل بموجبها استمرت الأمّة ، إلى أن شذّ ابن تيمية عن جماعة المسلمين في ذلك ، قال علي القاري في شرح الشفاء : وقد فرّط ابن تيمية من الحنابلة ، حيث حرّم السفر لزيارة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم )(٣) .

ــــــــــــــ

(١) المغني ، ابن قدامة : ج٣ ص٥٩٠ ؛ وكشف القناع ، البهوتي : ج٢ ص٥٩٩ .

(٢) تكملة السيف الصقيل ، الشيخ زاهد الكوثري : ص ١٧٩ .

(٣) تكملة السيف الصقيل ، الشيخ زاهد الكوثري : ص١٧٩ .

١١٠

٥ـ وقال الحصني الدمشقي : ( وإذا كان رحمة للعالمين فكيف لا يتوسّل ويستشفع به ـ إلى أن قال ـ : ومَن أنكر التوسّل به والتشفّع به بعد موته وأنّ حرمته زالت بموته فقد أعلم الناس ونادى على نفسه أنّه أسوأ حالاً من اليهود ، الذين يتوسّلون به قبل بروزه إلى الوجود ، وأنّ في قلبه نزغة هي أخبث النزغات ) ثم قال بعد نقله لقصة مالك مع المنصور في مسجد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( ولم نعلم أنّ أحداً طعن في قصة مالك إلاّ هذا الفاجر ابن تيمية )(١) .

٦ـ قال الشوكاني في تحفة الذاكرين : ( ويتوسّل إلى الله سبحانه بأنبيائه والصالحين )(٢) .

٧ـ قال شيخ الإسلام زكريا بن محمد الأنصاري في كتابه ( فتح الوهاب ) : ( ثم يرجع [أي الزائر] إلى موقفه الأول قبالة وجه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويتوسّل به في حقّ نفسه ويستشفع به إلى ربّه )(٣) .

٨ـ ما قاله يحيى بن شرف الدين النووي في الأذكار النووية عند تعرضه لزيارة النبي الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، حيث قال : ( ثم يرجع إلى موقفه قبالة وجه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيتوسّل به في حقّ نفسه ، ويستشفع به إلى ربّه سبحانه وتعالى ، ويدعو لنفسه ولوالديه وأصحابه وأحبابه ومن أحسن إليه وسائر المسلمين )(٤) .

ــــــــــــــ

(١) دفع الشبه عن الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، الدمشقي : ص١٣٧ ص١٤١ .

(٢) تحفة الذاكرين ، الشوكاني : ج٢ ص٣٧ ؛ البشارة والإتحاف ، حسن علي السقاف : ص٥١ .

(٣) فتح الوهاب ، شيخ الإسلام زكريا بن محمد الأنصاري : ج١ ص٢٥٧ ؛ الإقناع ، الحجاوي : ج١ ص٢٣٧ ؛ مغني المحتاج ، الشربيني : ج١ ص٥١٢ ؛ حواشي الشرواني ، الشرواني والعبادي : ج٤ ص١٤٥ ؛ إعانة الطالبين ، الدمياطي : ج٢ ص٣٥٧ ؛ الإغاثة في جواز الاستغاثة ، حسن علي السقاف : ص٢٨ .

(٤) الأذكار النووية ، يحيى بن شرف الدين النووي : ص٢٠٥ .

١١١

٩ـ وقال الفقيه الرعيني : ( أمّا التوسّل فالظاهر أنّه جائز والله أعلم )(١) .

١٠ـ وفي فيض القدير قال : ( قال السبكي : ويحسن التوسّل والاستعانة والتشفّع بالنبي إلى ربّه ، ولم ينكر ذلك أحد من السلف ولا من الخلف حتى جاء ابن تيمية ، فأنكر ذلك وعدل عن الصراط المستقيم ، وابتدع ما لم يقله عالم قبله وصار بين أهل الإسلام مُثلة )(٢) .

١١ـ قال القيرواني المالكي في المدخل ، في فصل زيارة القبور : ( وأمّا عظيم جناب الأنبياء والرسل ـ صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ـ فيأتي الزائر ويتعيّن عليه قصدهم من الأماكن البعيدة ثم يتوسّل إلى الله تعالى بهم في قضاء مآربه ومغفرة ذنوبه ، ويستغيث بهم ، ويطلب حوائجه منهم ، ويجزم بالإجابة ببركتهم ويقوي حسن ظنّه في ذلك ، فإنّهم باب الله المفتوح ، وجرت سنّته سبحانه وتعالى بقضاء الحوائج على أيديهم وبسببهم ، ومَن عجز عن الوصول فليرسل بالسلام عليهم ، ويذكر ما يحتاج إليه من حوائجه ومغفرة ذنوبه وستر عيوبه إلى غير ذلك ، فإنّهم السادات الكرام ، والكرام لا يردون مَن سألهم ولا مَن توسّل بهم ولا مَن قصدهم ولا مَن لجأ إليهم وأمّا في زيارة سيّد الأوّلين والآخرين ـ صلوات الله عليه وسلامه ـ فكل ما ذكر يزيد عليه أضعافه ، أعني في الانكسار والذلّ والمسكنة ؛ لأنّه الشافع المشفّع ، الذي لا ترد شفاعته ، ولا يخيب مَن قصده ، ولا مَن نزل بساحته ، ولا مَن استعان أو استغاث به فمَن توسّل به ، أو استغاث به ، أو طلب حوائجه منه ، فلا يرد ولا يخيب لما شهدت به المعاينة والآثار فالتوسّل به ـ عليه الصلاة والسلام ـ هو محل حط أحمال الأوزار ، وأثقال الذنوب والخطايا ؛ لأنّ بركة شفاعته ـ عليه الصلاة والسلام ـ وعظمها عند ربّه لا يتعاظمها ذنب ؛ إذ أنّها أعظم من الجميع ، فليستبشر

ــــــــــــــ

(١) مواهب الجليل ، الحطاب الرعيني : ج٤ ص٤٠٦ .

(٢) فيض القدير ، المناوي : ج٢ ص١٧٠ .

١١٢

مَن زاره ، وليلجأ إلى الله تعالى بشفاعة نبيّه ـ عليه الصلاة والسلام ـ مَن لم يزره ومَن اعتقد خلاف هذا فهو المحروم ، ألم يسمع قول الله عزّ وجل :( وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ ) (١) ، فمَن جاءه ووقف ببابه وتوسّل به وجد الله تواباً رحيماً ؛ لأنّ الله منزّه عن خلف الميعاد ، وقد وعد سبحانه وتعالى بالتوبة لمَن جاءه ووقف ببابه وسأله واستغفر ربّه ، فهذا لا يشك فيه ولا يرتاب إلاّ جاحد للدين ، معاند لله ولرسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، نعوذ بالله من الحرمان )(٢) .

١٢ـ قول الشيخ محمد البيروتي في تعليق حسن الأثر : ( زيارة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مطلوبة ؛ لأنّه واسطة الخلق )(٣) .

الثامن : التوسّل بالنبي الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في زيارته

١ـ الزيارة التي ذكرها الشرنبلالي الحنفي في كتابه ( مراقي الفلاح ) ، وقد جاء فيها : ( يا رسول الله ، نحن وفدك وزوّار حرمك تشرفنا بالحلول بين يديك لنفوز بشفاعتك والنظر إلى مآثرك ومعاهدك ، والقيام بقضاء بعض حقّك والاستشفاع بك إلى ربنا ؛ فإنّ الخطايا قد قصمت ظهورنا ، والأوزار قد أثقلت كواهلنا ، وأنت الشافع المشفّع ، الموعود بالشفاعة العظمى ، والمقام المحمود ، وقد قال الله تعالى :( وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللهَ

ــــــــــــــ

(١) النساء : ٦٤ .

(٢) المدخل ، القيرواني : ج١ ص٢٥٧ .

(٣) تعليق حسن الأثر ، محمد درويش الحوت البيروتي : ص ٢٤٦ .

١١٣

وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللهَ تَوَّاباً رحِيماً ) (١) وقد جئناك ظالمين لأنفسنا مستغفرين لذنوبنا فاشفع لنا إلى ربك ، واسأله أن يميتنا على سنّتك ، وأن يحشرنا في زمرتك ، وأن يوردنا حوضك وأن يسقينا بكأسك غير خزايا ولا نادمين ، الشفاعة الشفاعة يا رسول الله )(٢) .

٢ـ الزيارة التي ذكرها صاحب كتاب ( مجمع الأنهر ) ، جاء فيها : ( السلام عليك يا رسول الله ، أسألك الشفاعة الكبرى ، وأتوسّل بك إلى الله تعالى في أن أموت مسلماً على ملّتك وسنّتك وأن أُحشر في زمرة عباد الله الصالحين )(٣) .

٣ـ الزيارة التي ذكرها الغزالي في ( إحياء العلوم ) ، وقد جاء فيها : ( اللّهمّ إنّك قلت وقولك الحق :( وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللهَ تَوَّاباً رحِيماً ) اللّهمّ إنّا سمعنا قولك وأطعنا أمرك ، وقصدنا نبيّك ، مستشفعين به إليك في ذنوبنا ، وما أثقل ظهورنا من أوزارنا ، تائبين من زللنا معترفين بخطايانا وتقصيرنا ، فتب اللّهمّ علينا ، وشفّع نبيك هذا فينا ، وارفعنا بمنزلته عندك وحقّه عليك )(٤) .

٤ـ ما ذكره العدوي الحمزاوي من الزيارة في كتابه ( كنز المطالب ) ، حيث قال : ( ومن أحسن ما يقول بعد تجديد التوبة في ذلك الموقف الشريف ، وتلاوة :( وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللهَ تَوَّاباً رحِيماً ) ، نحن وفدك يا رسول الله وزوّارك ، جئناك

ــــــــــــــ

(١) النساء : ٦٤ .

(٢) الغدير : ج٥ ص١٣٩ .

(٣) الغدير ، الأميني : ج٥ ص١٣٩ .

(٤) الغدير ، الأميني : ج٥ ص١٤١ .

١١٤

لقضاء حقّك وللتبرّك بزيارتك والاستشفاع بك ممّا أثقل ظهورنا وأظلم قلوبنا ، فليس لنا شفيع غيرك نؤمله ، ولا رجاء غير بابك نصله ، فاستغفر لنا واشفع لنا إلى ربّك يا شفيع المذنبين )(١) .

٥ـ ما ذكره القسطلاني في ( المواهب اللدنية ) ، حيث قال : ( وينبغي للزائر لهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يكثر من الدعاء والتضرّع والاستغاثة والتشفع والتوسّل بهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فجدير بمَن استشفع به أن يشفعه الله فيه ـ إلى أن قال ـ : ثم إنّ كلاًّ من الاستغاثة والتوسّل والتشفّع والتوجّه بالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كما ذكره في تحقيق النظرة ومصباح الظلام واقع في كل حال : قبل خلقه وبعد خلقه في مدة حياته في الدنيا وبعد موته في البرزخ وبعد البعث في عرصات القيامة )(٢) .

٦ـ وقال الزرقاني في ( شرح المواهب ) : ( وليتوسّل بهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويسأل الله تعالى بجاهه في التوسّل به إذ هو محط جبال الأوزار وأثقال الذنوب ؛ لأنّ بركة شفاعته وعظمها عند ربّه لا يتعاظمها ذنب )(٣) .

إشكال ابن تيمية

وقد أشكل ابن تيمية على التوسّل بالأنبياء والأولياء ، لا سيّما بعد الموت ؛ لأنّ الميت لا ينفع ولا يضر ، وأنّ التوسّل بالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعد موته بدعة حرام

مع أنّنا نجد تواتر الأحاديث الشريفة ، الصحيحة والصريحة في أنّ النبي الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حي يرزق ، وأنّ سلامنا يبلغه ، وأنّه يرد الجواب على مَن سلّم عليه ، وأنّ صلاتنا وأعمالنا تعرض عليه ، بل إنّ الاعتقاد بحياة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعد موته والتوسّل به كان سيرة متّبعة من قِبل المسلمين كافة إلى أن جاء ابن تيمية ، فأحدث في الإسلام ما لم يبتدعه أحد قبله ، وقال :( إنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعد موته انقطع عن الدنيا ) .

ــــــــــــــ

(١) كنز المطالب ، حسن العردي الحمزاوي الشافعي : ص ٢١٦ .

(٢) المواهب اللدنية ، القسطلاني : ج٤ : ص٥٩٣ .

(٣) شرح المواهب ، الزرقاني : ج٨ : ص ٣١٧ .

١١٥

وللإجابة على ذلك نقول :

١ـ القرآن يشهد على حياة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

قال تعالى :( وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللهَ تَوَّاباً رَّحِيماً ) (١) ، ومن الواضح أنّ هذه الدعوة عامة لجميع المسلمين في كل زمان ، فإطلاق الآية شامل لحياة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قبل وفاته وبعدها ، وتخصيصها بحياتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قبل الموت ، تحكم بلا دليل .

والشاهد على عموم الآية هو وقوع الفعل( جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ ) في سياق الشرط يفيد العموم ؛ لأنّ الفعل في معنى النكرة لتضمّنه مصدراً منكراً ، والنكرة الواقعة في سياق النفي والشرط تفيد العموم .

وقال تعالى :( لتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً ) (٢) فالآية المباركة صريحة في أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يشهد أعمال أُمّته في الدنيا قبل وبعد وفاته .

وقال تعالى :( وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ) (٣) ، فالآية مطلقة ، فلا تختص بحياة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والمؤمنين ، بل شاملة لرؤيا أعمال أُمّته

ــــــــــــــ

(١) النساء :٦٤ .

(٢) البقرة : ١٤٣ .

(٣) التوبة : ١٠٥ .

١١٦

في حياته وبعد رحيلهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، كما أنّ ذلك يتناسب مع مضمون الآية :( هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ ) (١)

وقال تعالى : ( فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاء شَهِيداً ) (٢) .

أخرج القرطبي في تفسيره في ذيل هذه الآية المباركة عن المنهال بن عمرو ، أنّه سمع سعيد بن المسيّب يقول : ( ليس من يوم إلاّ تعرض على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أُمّته غدوةً وعشيةً فيعرفهم بسيماهم وأعمالهم ، فلذلك يشهد عليهم ، يقول الله تبارك وتعالى :( فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاء شَهِيداً ) )(٣) .

وقال في التذكرة : ( إنّ الأعمال تُعرض على الله تعالى يوم الخميس ويوم الاثنين ، وعلى الأنبياء والآباء والأُمّهات يوم الجمعة ولا تعارض ، فإنّه يحتمل أن يخص نبيناصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بما يعرض كل يوم ، ويوم الجمعة مع الأنبياء )(٤) .

ولا شك أنّ الشهادة على الأعمال تقتضي أن يكون الشاهد حيّاً ، حاضراً ، عالماً ، شاعراً ، مطّلعاً على ظاهر أعمال الأُمّة وبواطنها .

٢ـ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يسمع الصلاة عليه

لقد احتار ابن تيمية وأتباعه في توجيه الصلاة والتسليم على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

ــــــــــــــ

(١) الحج : ٧٨ .

(٢) النساء : ٤١ .

(٣) تفسير القرطبي : ج٥ ص١٩٨ .

(٤) التذكرة ، القرطبي : ص٢٩٤ .

١١٧

في الصلاة ، فإنّ المصلّي المسلم يصلّي ويسلّم على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في كل يوم أكثر من خمس مرات ، فيقول :( اللّهمّ صلِّ على محمد وآل محمد ، السلام عليك أيّها النبي ورحمة الله وبركاته ) ، فإن كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعد وفاته لا يسمع توسّل المتوسّلين ومخاطبة الناس له وتسليمهم عليه ، فإنّ ذلك يترتّب عليه لغوية وعبثية مخاطبة المسلمين لهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في صلاتهم بقولهم :( السلام عليك أيّها النبي ورحمة الله وبركاته ) ، الذي تواتر عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في تعليم كيفية التشهد في الصلاة(١) .

ومن غرائب وعجائب جهلهم ما نقله الشيخ أحمد زيني دحلان شيخ الشافعية في الدرر السنيّة في حديثه عن محمد بن عبد الوهاب ، قال : ( حتى أنّ بعض أتباعه كان يقول : عصاي هذه خير من محمد ؛ لأنّها ينتفع بها في قتل الحيّة ونحوها ، ومحمد قد مات ولم يبق فيه نفع )(٢) ونقله أيضاً الشيخ الزهاوي شيخ الأحناف في العراق في كتابه ( الفجر الصادق )(٣) ، وهذه العقيدة هي الركن الأساس في تحريمهم التوسّل بالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبكل الأموات .

٣ـ الأعمال تُعرض على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعد وفاته

وفي هذا المقام نواجه كمّاً واسعاً من الروايات الصحيحة ، نذكر بعضها إجمالاً :

ــــــــــــــ

(١) صحيح البخاري : ج٢ ص٦٠ ؛ صحيح ابن حبان : ج٥ ص٢٧٥ .

(٢) الدرر السنية ، أحمد زيني دحلان : ص٤٢, مكتبة أيشيق ـ إستانبول ـ تركية ، ١٣٩٦ .

(٣) الفجر الصادق ، الزهاوي : ١٨ .

١١٨

أولاً : روايات عرض الأعمال

عن عبد الله بن مسعود ، قال : ( قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : حياتي خير لكم تحدثون وتحدث لكم ، ووفاتي خير لكم تُعرض عليّ أعمالكم ، فما رأيت من خير حمدت الله عليه ، وما رأيت من شر استغفرت الله لكم )(١) .

وقد تقدّم عن القرطبي في التذكرة أنّ : ( الأعمال تعرض على الله تعالى يوم الخميس ويوم الاثنين ، وعلى الأنبياء والآباء والأمّهات يوم الجمعة ولا تعارض ، فإنّه يحتمل أن يخص نبيناعليه‌السلام العرض كل يوم ، ويوم الجمعة مع الأنبياء )(٢) .

وورد عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( أكثروا الصلاة عليّ يوم الجمعة وليلة الجمعة ؛ فمَن صلّى عليَّ صلاة صلّى الله عليه عشراً ) (٣) .

وورد عنه أيضاً أنّه قال :( أكثروا الصلاة عليّ في يوم الجمعة ، فإنّه مشهود تشهده الملائكة ، وإنّ أحداً لن يصلّي عليّ إلاّ عرضت عليّ صلاته ) (٤) ، وفي لفظ آخر :( أكثروا عليّ من الصلاة في كل يوم جمعة ، فإنّ صلاة أُمّتي تعرض عليّ في كل يوم جمعة ، فمَن كان أكثرهم عليّ صلاة كان أقربهم منّي منزلة ) (٥) ، وفي لفظ ثالث :( أكثروا الصلاة علي يوم الجمعة

ــــــــــــــ

(١) مجمع الزوائد ، الهيثمي : ج٩ ص٢٤ ، قال الهيثمي : رواه البزار ورجاله رجال الصحيح .

(٢) التذكرة ، القرطبي : ص٢٩٤ .

(٣) السنن الكبرى ، البيهقي : ج٣ ص٢٤٩ .

(٤) سنن ابن ماجه ، ابن ماجه : ج١ ص٥٢٤ ؛ تفسير ابن كثير ، ابن كثير : ج٣ ص٥٢٢ ؛ البداية والنهاية ، ابن كثير : ج٥ ص٢٩٧ ؛ الجامع الصغير ، السيوطي : ج١ ص٢٠٩ ؛ صحيح الجامع الصغير ، الألباني : ج١ ص٢٦٣ ؛ نيل الأوطار ، الشوكاني : ج٣ ص٣٠٤ .

(٥) الجامع الصغير ، السيوطي : ج١ ص٢٠٩ ؛ سنن البيهقي : ج٣ ص٢٤٩ .

١١٩

فإنّي أبلغ وأسمع ) (١) ؛ وفي لفظ رابع :( أكثروا الصلاة عليّ فإنّ الله وكّل بي ملكاً عند قبري فإذا صلّى عليّ رجل من أُمّتي قال لي ذلك الملك : يا محمد ، إنّ فلان بن فلان صلّى عليك الساعة ) ، أخرجها السيوطي في الجامع الصغير ، وصحّحها الألباني(٢)

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( مَن صلّى عليّ عند قبري سمعته ، ومَن صلّى عليّ نائياً بلغته ) (٣)

وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( أكثروا عليّ من الصلاة يوم الجمعة ، فإنّه يوم مشهود ، تشهده الملائكة ، وإنّ أحداً لا يصلّي عليّ إلاّ عرضت عليّ صلاته حتى يفرغ ، قال : قلت : وبعد الموت ؟ قال :إنّ الله حرّم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء فنبي الله حي يرزق ) (٤) قال المزي : ( رواه عن عمرو بن سواد السرحي ، عن ابن وهب ، فوقع لنا بدلاً عالياً )(٥)

والروايات بهذا المضمون كثيرة جداً ، ودلالتها واضحة على حياة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعد وفاته .

ثانياً : النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يرد السلام

فقد ورد عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال :( ما من أحد يسلّم عليّ إلاّ ردّ الله

ــــــــــــــ

(١) كتاب الأم ، الشافعي : ج١ ص٢٣٩ .

(٢) صحيح الجامع الصغير ، الألباني ج١ ص٢٦٣ ؛ كنز العمال ، المتقي الهندي : ج١ ص٤٩٤ ؛ ونحوه تاريخ مدينة دمشق ، ابن عساكر : ج٥٦ ص٣٠٢ .

(٣) شرح سنن النسائي ، السيوطي : ج٤ ص١١٠ .

(٤) تهذيب التهذيب ، ابن حجر : ج٣ ص٣٤٤ ؛ سبل الهدى والرشاد ، الصالحي الشامي : ج١٢ ص٣٥٧ ؛ البداية والنهاية ، ابن كثير : ج٥ ص٢٩٧ ؛ السيرة النبوية ، ابن كثير : ج٤ ص٥٤٨ .

(٥) تهذيب الكمال ، المزي : ج١٠ ص٢٤ .

١٢٠