الحسين نبراس الإصلاح العالمي

الحسين نبراس الإصلاح العالمي0%

الحسين نبراس الإصلاح العالمي مؤلف:
المحقق: السيد علي جلال الشرخات
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 114

الحسين نبراس الإصلاح العالمي

مؤلف: آية الله الشيخ محمد سند (حفظه الله)
المحقق: السيد علي جلال الشرخات
تصنيف:

الصفحات: 114
المشاهدات: 44958
تحميل: 4731

توضيحات:

الحسين نبراس الإصلاح العالمي
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 114 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 44958 / تحميل: 4731
الحجم الحجم الحجم
الحسين نبراس الإصلاح العالمي

الحسين نبراس الإصلاح العالمي

مؤلف:
العربية

هجوم على الشيعة:

أُطالع لكم بعض الكلمات التي أطلقها البعض، ندَّد فيها بالجمهوريَّة الإسلاميَّة وبحزب الله - فضلاً عن استهدافه الأوَّل للمرجعيَّة الشيعيَّة والشيعة في العراق - لاحظ الكلمات في تحليله، كنموذج على أنَّنا إذا لم نُشخِّص الدواء، فالداء ليس أهميَّة تشخيصه بذي أهميَّة حاسمة. شخَّصنا داء العدوُّ الأمريكي، الذي يُهاجم العراق، والذي أغراه بهذا الطريق هو نفسه النظام الطاغية، في هذه المِحنة والفتنة والدوَّامة، الكثير رأى في نفسه ذا بصيرة سياسيَّة وبصيرة قانونيَّة وبصيرة واعية بالمنطقة، وشخَّص حينئذٍ الوقوف أمام العدوان الأمريكي، هذا أمر مُسلَّم به بالطبع، إنَّما القول - عندما أقف أنا هذا الموقف -: أليس له تداعيات أُخرى؟ ألا يصبُّ في مجرى آخر؟ وما شرعيَّة هذا الموقف؟

٤١

لاحظوا بعض التعبيرات التي أقرأها لكم مِن مقالة نُشرت في أماكن كثيرة، يقول - مُخاطباً الشيعة -: (هل كان الحسين مُستعدَّاً للاستعانة بالروم لتحرير بلاد الإسلام مِن ظلم يزيد؟!). ذهب بنا إلى نفس نهج الحسينعليه‌السلام ، فقال: هل يضع الحسينعليه‌السلام هل يضع يده مع الروم لقلع نظام يزيد؟ في الواقع، هذا أحد التساؤلات أو الطعون، التي يُريدون إثارتها حول عليٍّعليه‌السلام أو حول الحسينعليه‌السلام ، فكيف يذهب أمير المؤمنين أو سيِّد الشهداء إلى إصلاح الوضع الداخلي والحال أنَّ الحدود الإسلاميَّة مُهدَّدة؟!

أحد الأُمور التي يُسجِّلونها كمأخذ أو كتساؤل حول أمير المؤمنين وحول سيِّد الشهداء، عن عكوف عليعليه‌السلام على الإصلاح الداخلي، ولم يتوجَّه إلى التوسُّع في الدولة الإسلاميَّة، وإنْ كان كلُّ تخطيط الفتوحات مِن أمير المؤمنينعليه‌السلام في ملفَّات تاريخيَّة وُقِف عليها أخيراً، إلاَّ أنَّ الكلام تَركَّز على نهج أمير المؤمنين في إصلاح الداخل، فلم يعبأ بذريعة التهديد الموجود عند الثغور والحدود الإسلاميَّة، واتَّخذ لها موازنةً أُخرى، تحت هذه الذريعة، حتَّى إنّ البعض مِمَّن حول أمير المؤمنين أشاروا عليه بإبقاء مُعاوية، وبعد ذلك يتَّخذ تدبيراً آخر، مثل هذه الإدارة ومثل هذا التدبير، يراه أمير المؤمنين موجباً نهجاً عَفناً في سُنَّة هذه الأُمَّة الإسلاميَّة؛ لأنَّ أفعالهم سُنَّة (سلام الله عليهم)، فإذا سَنَّ مثل هذه السُّنَّة، ستكون سُنَّة إلى يوم القيامة للتفريط بالمبادئ، ولعدم التشدُّد بمبدئيَّة المبادئ، ولتبرير الغاية نمط الوسيلة.

٤٢

٤٣

الإصلاح الداخلي أوَّلاً:

فعكف مِن ثَمَّ على الإصلاح الداخلي، كما هو الحال في نهج الحسين (سلام الله عليه)؛ لأنَّه بالخروج كان سيُدافع عن هيكل قشري لا جسم، أمَّا الفتوحات فكانت فتوحات إزالة الكفر، بلا بديل، فلا يبقى مِن الإسلام شيء إلاَّ رسمه. هلْ البديل هو ما انتهجه الخُلفاء الأوائل مِن التفرقة في العطاء بين العربي وبين غير العربي(١) ، ومنع غير العرب مِن التزوُّج بالعرب، كانت هذه سُنَن الخُلفاء المتقدِّمين، ما هو البديل؟

____________________

١ - راجع مِن حياة الخليفة عمر بن الخطَّاب ص ١٨٠ – ١٨٢.

٤٤

منع الخليفة الثاني غير العرب مِن الدخول للمدينة المنوَّرة؟! والتفرقة في الضمان الاجتماعي والكفالة الاجتماعيَّة بين القرشي وغير القرشي، وبين المهاجر وغير المهاجر؟! كانت الطبقيَّة على قَدمٍ وساق، وهي الطبقيَّة ذاتها التي كانت في الجاهليَّة، عادت مَرَّة أُخرى تحت راية التشهُّد بالشهادتين، وهي خاوية مِن بنود الشهادتين وبرنامجها. لم يُفكِّروا في البديل: (لماذا ندعو الأُمَم؟ وللدخول في ماذا؟ وما هو البديل؟)، بلْ نظروا إلى القِشر فقط! ليست الخُطوة التي تخطوها هي المهمَّة فقط، إنَّما المهمُّ ما يترتَّب على هذه الخُطوة، وإنْ كانت خُطوة إصلاحيَّة، فما الذي يترتَّب عليها؟ ولدى أهل البيت تحسُّس شديد مِن ذلك. لذا نُجيب هذا المهاجم بهذا الجواب.

٤٥

دمج مصير الإسلام بالسُّلطان:

مِن ضمن تعبيراته: (نحروا العراق مِن أجل أنْ ينحروا صدام.. ورفضوا كون العراق هو صدام وصدام هو العراق). هذا دمج بين مصير الإسلام والسلطان، وهو الداء الأعظم الذي وقعت فيه المذاهب الإسلاميَّة الأُخرى، وتميزت به مدرسة أهل البيتعليهم‌السلام ، بعدم ربط مصير السلطان بمصير الإسلام، وكذلك نقول: بعدم ربط مصير السِّلم البشري بمصير الأُمَم المتَّحدة، أو مصير السِّلم والتطوُّر البشري بمصير القوى العُظمى في العالم، فالتفكيك بين هذه المغالطات في الفكر الإصلاحي القانوني البشري أمر ضروري، وهذا ما لا يكاد يعيه غير مذهب أهل البيت، ببصيرة نافذة طبعاً، فسيِّد الشهداء قام للتفكيك بين مصير الإسلام ومصير السلطة القائمة.

٤٦

المشكلة في النُّخبة المثقَّفة الإسلاميَّة:

مُشكلة الأُمَّة الإسلاميَّة ليست مُشكلة فساد الحُكم فحسب، إنَّما المشكلة في وجود البديل عنهم. هي إحدى المشاكل المهمَّة بالطبع، وليس هذا تبريراً لبقاء الفساد في إدارة الحُكم، لكنَّنا إنْ كنَّا نُريد أنْ نستبدل بما هو أدهى، فهي مُشكلة.

وليست هذه دعوة لدعم لليأس عن الإصلاح، وإنَّما يجب أنْ يكون تفكيرنا مُنصبَّاً في بديل، بدرجات فائقة عميقة علميَّة، أكثر مِن تفكيرنا في الداء فقط. فمثل هذا القائل الذي يتصدَّر، تنظيم إسلامي عريق، مِن تنشئة الشيعة طبعاً، فتنشئة إخوان المسلمين شيعيَّة الأصل، لأنَّهم مِن حسن البنَّا، مِن رعيل محمد رشيد رضا، ومحمد رشيد رضا مِن رعيل محمد عبده، ومحمد عبده مِن تلاميذ أسد الدين جمال الدين الأفغاني، وكذلك الحال في حزب التحرير الذي تأسَّس في الدول العربيَّة. هذه الحركات الإصلاحيَّة هي في الواقع مِن إشعاع الشيعة، وإشعاع مدرسة أهل البيتعليهم‌السلام ، حتَّى الحَجر الفلسطيني الذي يُرمى على إسرائيل لا يخلو مِن تأثُّر مِن إشعاعات شيعة جنوب لبنان، وشيعة إيران.

٤٧

الإشعاعات الإصلاحيَّة هي دوماً مِن مدرسة أهل البيتعليهم‌السلام ، لكنْ لننظُر إلى البديل، هذا يقود تيَّاراً إصلاحيَّاً وله تداعياته على الدول الأُخرى، له هذا التفكير، الذي يربط مصير السلطة بمصير الإسلام، ومصير البلاد بمصير السلطة. أحقٌّ هذا التعبير الذي يُعبِّر به؟ ولسنا في محلِّ نبزٍ بالألقاب، فنحن بعيدون عن هذا، لكنْ أيُّ سُنَّة هذه؟ هل هي السُّنَّة النبويَّة أم سُنَّة السلطان أم سُنَّة الخلافة؟ وأيُّ جماعة؟ فالمجتمع الدولي الآن جماعة! إنَّ الجماعة هُمْ مَن كانوا مع الحَقِّ، وإنْ قلُّوا، وليست الجماعة هي الكثرة، وإلا فالعُرف الدولي السائد الآن هو الكَثرة الكاثرة، وأكثر مِن المسلمين.

ليست السُّنَّة هي الجماعة والإجماع، إنَّما السُّنَّة سُنَّة الحَقِّ، سُنَّة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله و أهل بيتهعليهم‌السلام ، و بعبارة أُخرى، البرنامج الصحيح البديل، لا التعارف الموجود والرضى بالوضع السائد، ومعنى هذا، إنْ قلنا: (سُنَّة الجماعة)، فيعني ذلك الإقرار بالوضع السائد!

فالمشكلة عندهم - إلى الآن - أنَّهم يخلطون في وعيهم وتفكيرهم السياسي، بين مصير الدين والأُمَّة ومصير السلطان، ويعتقدون أنَّ مصير الأُمَّة ونجاتها حلقة في عُنق السلطان. هذا خطأ، إلى الآن، مع أنَّ هذه حركات تحرُّريَّة تُنادي بالإصلاح.

٤٨

نُصرة السُّلطان عندهم مِن نُصرة الإسلام:

تعبير آخر للقائل المعترض يقول: (ولو كان العراق أعزَّ عليهم مِن أحقادهم على صدام...)، ويوظف بهذا الدفاع عن الإسلام والوطن لنُصرة السلطان الجائر، ولا يُفكِّك بين الأوراق! هذا الذي يتحسَّس منه في نهج الحسينعليه‌السلام . أنت تُريد تُصلح، وتُريد أنْ تصدَّ العدوَّ الأمريكي بما يصبُّ في بقاء هذا الوحش الكاسر الجاثم على صدر الأُمَّة؛ ليخلق لها مقابر جماعيَّة كثيرة؟! وما الفرق بينهما إذاً؟ أهو فرق بالاسم والرسوم فقط؟ أنَّ الحكومة الإسلاميَّة الجديدة مدعومة مِن هؤلاء المسيحيُّون وبينما البعثيُّون يتشدَّقون باسم الإسلام، والنحر ونهر الدماء على قدم ٍ وساقٍ جارٍ! ما الفرق؟!

٤٩

هو يتبنَّى التفرقة فرق، وهو رائد خَطٍّ إصلاحي في الأُمَّة الإسلاميَّة، ويتشدَّق بأنَّه مِن مُنظِّري الإصلاح في الأُمَّة الإسلاميَّة وللبشر، يقول: (لو كان الإسلام أعزَّ عليهم مِن أحقادهم على صدام، لدافعوا عن صدام!)، فربط مصير الإسلام والأُمَّة بالوضع السائد! والوضع السائد: لا تُحرِّك ساكناً.

كيف تتبنَّون ريادة والدعوة إلى الإصلاح البشري في النظام القائم؟! إنْ كان منطقكم هو هذا؟! فلتتبنُّوا - إذاً - أنَّ الوضع الدولي لا يُمكن تغييره! وليس التغيير بالأُسلوب الهمجي الذي يستخدمه مِن في نهج الخوارج – كما مَرَّ بنا –، وإنَّما هو بالنهج السليم.

٥٠

مِن ضمن عباراته الأُخرى، وأُحاول ذِكرها؛ لأنَّ عِدَّة فضائيَّات ومجلاَّت تشدَّقت بها، لنُبيِّن كيف أنَّهم لا يتحسَّسون تِجاه الشرعيَّة في كلِّ بنودها، وذكرنا أنَّ سيِّد الشهداء سَنَّ للبشريَّة ولأتباع الديانات السماويَّة، أنَّ التحسُّس في شرعيَّة البديل يجب أنْ يكون أكثر مِن التحسُّس حول شرعيَّة الوضع القائم السائد، الغير شرعي فرضاً. تعبيره: (فليَحيَ العراق ولينجُ شعبه وأرضه مِن المعاهدات المكبَّلة، حتَّى لو عاش صدام!)، هل حياة الإسلام بحياة صدام والبعثيِّين والأنظمة السائدة؟! ثمَّ لماذا تخصيص التحسُّس الآن بالوجود الأمريكي في العراق، وهو نفسه موجود في بُلدان عربيَّة أُخرى بنفس الكثافة؟! أم أنَّ التحسُّس هو مِن جانب العراق فقط؟! بغضِّ النظر عن هذه النوازع الطائفيَّة الموجودة. مع أنَّه لا حياة للإسلام مع عيش السلطان الجائر، وهذا ما لا يستطيعون هُمْ أنْ يُفكِّكوه، وهذا ما يُركِّز عليه سيِّد الشهداء، حياة الوضع البشري حتَّى السائد، ليس بحياة هذه القوى العُظمى، فالقوى العُظمى هي مصدر السرطان البشري.

٥١

الإسلام عندهم هو صدام:

ومِن تعبيراته: (تمريغ شعار الإسلام العظيم في الوحل المشين، وإنَّ الإسلام عملاق، لا يليق أنْ يحمله إلاَّ عمالقة!)، فيجعل هذا الوسام لصدام! ويتشدَّق بعبارات غير مُلتفت إلى أوسمتها، لمن يُقلِّدها وفي عُنق مَن يضعها. يقول: إنَّ الإسلام عظيم، فكيف نُمرِّغه في الوحل المشين؟! ثمَّ يدعو لإبقاء كيان صدام ليحمل عَملقة الإسلام! مُشكلتهم أنَّهم لا يُفكِّكون هذه الأفكار! ينظرون بعين واحدة لا بعينين، وإلى زاوية واحدة لا إلى زاويتين، وينظرون إلى الداء دون الدواء، كالخطأ الذي وقع فيه الخوارج. فالمؤاخذة على النهج الإصلاحي عند الخوارج هو أنَّهم ينظرون إلى فقرة ويتركون بقيَّة الفَقرات، وهذا الخطر، وهذا الإفراط، وهذه الحِدَّة في منهج التفكير هو الخطأ، أنْ ننظر إلى جانب ونترك الجوانب الأُخرى.

يقول أيضاً: (لماذا لا تُدين المراجع الدينيَّة والسلطة المنبثقة عن الثورة في إيران دخول إسلاميِّين إلى الفِراش الأميركي في العراق، وأنَّ هذا مسيرة الضلال البيِّن، وأنَّ الأُمَّة لن تجتمع على ضلال، وسيسقط كلُّ ضالٍّ مُضلٍّ لا هادٍ ولا مهدي)، إذا كان الأمر هكذا، فالفِرش والبُسط موجودة في دول عربيَّة كثيرة، لماذا لا يُدينها هذا القائل؟ أمْ أنَّ لها مُبرِّراً لوجود سلطان هناك، وليس لها ذلك في العراق؟!!

٥٢

موقف مُشرِّف آخر للمرجعيَّة الشيعيّة في العراق:

هناك تجربة أُخرى مُهمَّة مَرَّت بها المرجعيَّة الشيعيَّة والشيعة في العراق، وقد خرجوا مِن هذين الامتحانين الصعبين، بنموذج وخطوات مِن مدرسة أهل البيتعليهم‌السلام ، فائقة - إنصافاً -، ومصيريَّة. قضيَّة مواجهة الاحتلال الآن، لا بما يصبُّ مع تسلُّط هذه الفئة القليلة العاتية البعثيَّة، إنَّما أُسلوب مُعالجة الدواء لهذا الداء هو آخر، عندما تتَّخذ أُسلوب الدواء لمعالجة داءٍ ما. يجب أنْ تعرف ما إنْ كان هذا الدواء لك أمْ هو لغيرك، وما إنْ كان هذا الدواء دواءً أم أنَّه فيه زيادةً للمرض. أوَ ليس الذي جلب الأمريكيِّين إلى العراق هو النظام العراقي السابق؟ ليُعيدوا أفراد وبُنية النظام السابق مَرَّة أُخرى؛ كي يكون على العراق - بلْ على الأُمَّة الإسلاميَّة - وبالاً أشدَّ وأعظم! كذلك قضيَّة عدم الانزلاق إلى الفتنة الطائفيَّة، ورباطة الجأش والصفح عند الانتقام رغم الجراح الدامية المستمرَّة.

٥٣

إنَّ رشادة خُطوات المرجعيَّة الشيعيَّة والشيعة في العراق - إنصافاً، ولا أقول: العصمة إلاّ للمهدي (عجَّل الله فرجه)، في بنودها وفي خطواتها وحركاتها - وهذا درس مُصغَّر استفادته المرجعيَّة الشيعيَّة والشيعة في العراق مِن تعاليم أهل البيتعليهم‌السلام بذكاء وبصيرة فائقة نافذة، وهذا هو المهمُّ.

أنْ أُندِّد بإسرائيل أمرٌ، وأنْ أعضد كياناً آخرَ كبديل هو أمرٌ آخر.

٥٤

كيف نكون مُبشِّرين لنهج سيِّد الشهداء:

مُلخَّص الحديث، هو أنَّنا إذا أردنا أنْ نكون دُعاةً مُبشرين لنهج سيِّد الشهداء، ولمدرسة أهل البيت، طبعاً نهج سيِّد الشهداءعليه‌السلام ونهج أهل البيتعليهم‌السلام فيه عطاء عظيم للبشريَّة، لكنْ مَن الذي يوصل هذا العطاء وهذه الثروة التي صارت البشريَّة في أمسِّ الحاجة لها، ومَن الذي يوصل هذه المحاسن؟.

٥٥

عهد أمير المؤمنين لمالك الأشتر والأُمَم المتَّحدة:

يخطر في الذهن مِن باب المِثال، عهد أمير المؤمنينعليه‌السلام لمالك الأشتر في نهج البلاغة. (كوفي عنان) مسيحيٌّ غير عربيٍّ - و لست بصدد مدحه - قبل ثلاث سنين، وأمام مجلس الأُمم المتَّحدة العامِّ والجمعيَّة العامَّة، قال: (أنا أقترح أنْ يكون عهد علي بن أبي طالب لمالك الأشتر أحد مصادر التشريع الدولي؛ لأنَّ فيه فقرة هزَّتني إلى الأعماق:(الناس... إِمَّا أَخٌ لَكَ فِي الدِّينِ، وَإمَّا نَظِيرٌ لَكَ فِي الْخَلْقِ) ، يجب أنْ تضع كلُّ مُنظَّمة حقوقيَّة هذا الشعار كيافطة.)، ما الذي ربط كوفي عنان بعليِّ بن أبي طالبعليه‌السلام ؟! ليس الدين ولا العرق ولا اللون... ما الذي ربطه بعليٍّ؟! إنَّما ربطه بأمير المؤمنين إعجاز تشريع أهل البيتعليهم‌السلام ، ولم نوصِل له نحن هذا المطلب.

٥٦

ومِن باب الشيء بالشيء يُذكر أقول: إنَّ أهل البيتعليهم‌السلام لا يقتصرون على جُهد الشيعة، ولا على جُهد المسلمين في نشر نورهم، فلهم أساليبهم الخاصَّة، لكنَّ كلامنا هذا هو حول مسؤوليَّتنا نحن تِجاه هذا المنهج العظيم، وهذه المدرسة العظيمة. وبعد مضي سنة، يُصرُّ كوفي عنان على التصويت في الأروقة الحقوقيَّة للأُمم المتَّحدة على هذا العهد بعد مدارسة في لجان الأُمم المتَّحدة الحقوقيَّة والقانونيَّة. وقد صوَّتت أكثريَّة الدول على أنْ يكون عهد أمير المؤمنين هو أحد مصادر التشريع الدولي، وتمَّ التصويت بعد ذلك على جُملة مِن العهود في نهج البلاغة، لتكون كمصدر في التشريع الدولي.

٥٧

الفاتيكان والصحيفة السجاديَّة:

إحدى المؤسَّسات القديمة جِدَّاً في قُمْ المقدَّسة، يرأسها(السيِّد مُجتبى لاري) ، معروف في مدينة لار، ومؤسَّسته مؤسَّسة تبليغيَّة شيعيَّة مُنذ ثلاثين أو أربعين سنة. أرسل إلى بابا الفاتيكان، الصحيفة السجاديَّة باللُّغة الإيطاليَّة، ليس هذا البابا الموجود، ولا الذي قبله، بلْ الثالث الذي قبله، وقد شاهدتُ بنفسي جواب الفاتيكان على هذه الرسالة، وعاتبت السيِّد، بقولي له: إنَّ عليك مسؤوليَّة أنْ تنشر هذه الرسالة على أوسع نطاق مُمكن. مختومة مِن قِبَل مكتب الفاتيكان، ويعترف فيها البابا بقوله: (إنْ الزخَّ الروحي والمعنوي و العرفاني الذي عند إمامكم السجاد، هو أكثر مِمَّا نَجده عند نبيِّنا النبي عيسى)، و قلتُ لهذا السيِّد: أنت مسؤول في قِبال السجادعليه‌السلام يوم القيامة، وأمام أئمَّة أهل البيتعليهم‌السلام ، عن نشر هذه الرسالة بسُرعة. هذه الرسالة عنده مُنذ سنين، وهي مختومة وموثَّقة رسميَّاً.

٥٨

الفاتيكان و الإمام الحسينعليه‌السلام :

أحد الأُخوة ينقل عن سفير الجمهوريَّة الإسلاميَّة في الفاتيكان(السيِّد هادي خسرو شاهي) ، عندما كان سفيراً في الفاتيكان، دخل مكتبة الفاتيكان، بأجنحتها المتعدِّدة، فرأى جناحاً حول الحسين، وفيه كلُّ الكتب التي كُتبت حول سيِّد الشهداء بكلِّ اللُّغات، فاستغرب!

فتساءل مُتعجِّباً لمدير المكتبة، فأجابه: (إننا رأينا في الحسين عنصراً تبشيريَّاً عجيباً وجذَّاباً، غير موجود لدينا في طريقة التبشير، فحاولنا دراسة شخصيَّة الحسين، والدراسات قائمة عليها). يؤكِّد أنَّ هذا الجناح موجود، ومَن أراد التأكُّد فليزُر مكتبة الفاتيكان بأجنحتها المختلفة.

٥٩

انتشار الثقافة المهدويَّة:

الثقافة المهدويَّة أيضاً آخذة في الانتشار والتشبُّع في العالم، وأستحضر الآن ما يذكره الخبير الأمني الاستراتيجي(فرانسوا توال) الذي ألَّف كتاباً باسم (الجغرافيا السياسيَّة للشيعة Shia Geo-Political)، لم يتجاوز السنة تقريباً، وهو مِن الخُبراء الكبار في الأمن الاستراتيجي الفرنسي. يتحدَّث عن الشيعة ويقول:

(إنَّ مُرادهم مِن الغيبة هي خَفاء الإمام المهدي، في كيفيَّة حركته السياسيَّة؛ لأنَّ الخفاء أكبر عامل قوَّة يؤمِّن حيويَّة النشاط وحيويَّة الحركة وحيويَّة التدبير).

هذا الخبير الأمني يفهم معنى شفرة الغيبة في علم الأمن، ويقول عن العدالة المهدويَّة التي يُنادي بها الشيعة:(أنا أُهيب بالساسة العالميِّين والمراقبين الدوليِّين، بأنَّ هذه النظريَّة وهذه العقيدة مُرشَّحة أنْ تنتشر بين شعوب العالم بين ليلة وضُحاها، وتعتنقها المجتمعات المختلفة، وبأشدِّ مِمَّا انتشرت الشيوعيَّة والاشتراكيَّة؛ لأنَّ هذه النظريَّة مُتكاملة، لا تضع مِيَزاً للعِرق ولا القوميَّة...، وهي أنشودة الأمل البشري الآن؛ فمِن اللازم على هؤلاء المراقبين والساسة أنْ يتعرَّفوا على هذه النظريَّة وهذه العقيدة بعُمق، وأنْ يتعاملوا معها بحَذر؛ لأنَّها مُرشَّحة لذلك).

٦٠