أئمة أهل البيت عليهم السلام في كتب أهل السنة

أئمة أهل البيت عليهم السلام في كتب أهل السنة0%

أئمة أهل البيت عليهم السلام في كتب أهل السنة مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الكوثر للمعارف الإسلاميّة
تصنيف: كتب متنوعة
الصفحات: 480

أئمة أهل البيت عليهم السلام في كتب أهل السنة

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الشيخ حكمت الرحمة
الناشر: مؤسّسة الكوثر للمعارف الإسلاميّة
تصنيف: الصفحات: 480
المشاهدات: 67742
تحميل: 6782

توضيحات:

أئمة أهل البيت عليهم السلام في كتب أهل السنة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 480 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 67742 / تحميل: 6782
الحجم الحجم الحجم
أئمة أهل البيت عليهم السلام في كتب أهل السنة

أئمة أهل البيت عليهم السلام في كتب أهل السنة

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الكوثر للمعارف الإسلاميّة
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ) (1) .

لذا نكتفي بما ذكرناه أعلاه وننوّه إلى أنّه سيأتي في ذكر الفضائل الآتية ما يدلّ على ذلك أيضاً.

* الفضيلة الثالثة عشرة: في أمر النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) بمحبّتهما عليهما السلام:

- عن عبد الله بن مسعود قال: ( كان النبي صلّى الله عليه وسلّم يصلّي والحسن والحسين يَثِبَان على ظهره فيباعدهما الناسُ، فقال صلّى الله عليه وسلّم: ( دعوهما، بأبي هما وأمّي، مَن أحبّني فليحبّ هذَين ) )، أخرجه:

النسائي في ( السنن ) (2) .

وابن أبي شيبة في ( المصنف ) (3) .

وأبو يعلى في ( مسنده ) (4) .

وابن خزيمة في ( صحيحه ) (5) .

وابن حِبَّان في ( صحيحه ) (6) .

والطبراني في ( الكبير ) (7) .

وأورده ابن حجر في ( الإصابة ) (8) ، واللفظ لابن حِبَّان.

قال ابن حجر بعد ذكر الحديث: ( وله شاهد في السنن وصحيح ابن خزيمة عن بريدة، وفي معجم البغوي نحوه بسند صحيح عن شداد بن الهاد ) (9) .

____________________

(1) تفسير الفخر الرازي: مجلّد14، ج27، ص167، دار الفكر.

(2) السنن الكبرى: 5/50، دار الكتب العلميّة.

(3) المصنّف: 7/511، دار الفكر.

(4) مسند أبي يعلى: 9/250، دار المأمون للتراث.

(5) صحيح ابن خزيمة: 2/48، حديث: (887)، المكتب الإسلامي.

(6) صحيح ابن حِبّان: 15/427، مؤسّسة الرسالة.

(7) المعجم الكبير: 3/47، دار إحياء التراث.

(8) الإصابة: 2/63، دار الكتب العلميّة.

(9) المصدر نفسه: 2/63.

١٦١

وقال الألباني في ( صحيح موارد الظمآن ): ( حَسَن ) (1) .

وقد عرفت أنّه صحيح عند ابن حِبّان، وابن خزيمة أيضاً؛ لوجوده في كتابيهما، وقد التزما بذكر ما هو صحيح فقط، كما هو جليّ واضح من مقدّمة كتابيهما.

وذكر الحديث مصطفى بن العدوي في ( الصحيح المسند من فضائل الصحابة )، وقال: ( حَسَن ) (2) .

وعن أبي هريرة، قال: ( سمعتُ رسول الله يقول للحسن والحسين: ( مَن أحبَّني فليحِبَّهما ) ).

أخرجه أبو داود الطيالسي في ( مسنده ) (3) ، بلفظ: ( فليحبَّ هذين )، وابن عساكر في ( تاريخ دمشق ) (4) ، والبزّار في ( مسنده ) على ما في ( مجمع الزوائد ) (5) ، قال الهيثمي: ( رواه البزّار، ورجاله وثّقوا، وفيهم خلاف ) (6) .

قلتُ: عرفتَ أنّ الحديث الأوّل حسن، فيكون هذا الحديث على فرض ضعفه، شاهداً على صحّته.

* الفضيلة الرابعة عشرة: في أنّ من أحبَّهما، فقد أحبّ رسول الله، ومَنْ

____________________

(1) صحيح موارد الظمآن: 2/376، دار الصميعي.

(2) الصحيح المسند من فضائل الصحابة: 260، دار ابن عفّان.

(3) مسند أبي داود، 327، دار الحديث.

(4) تاريخ دمشق: 14/154 - 155، دار الفكر.

(5) مجمع الزوائد: 9/180، دار الكتب العلميّة.

(6) المصدر نفسه: 9/180.

١٦٢

أبغضهما، أبغض رسول الله( صلّى الله عليه وآله وسلّم ):

- أخرج الحاكم بسنده إلى أبي هريرة قال: ( خرج علينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ومعه الحسن والحسين، هذا على عاتقه وهذا على عاتقه وهو يلثم (1) هذا مرّة وهذا مرّة، حتى انتهى إلينا فقال له رجل: يا رسول الله أنّك تحبّهما؟

فقال: ( نعم، مَن أحبَّهما فقد أحبَّني، ومَن أبغضهما فقد أبغضني ) ) (2) .

وأخرجه أحمد في ( مسنده ) (3) ، وابن عساكر في ( تاريخ دمشق ) (4) .

قال الحاكم: ( هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ) ووافقه الذهبي (5) . وأُخرِج الحديث عن أبي هريرة مختصراً مُقتصِراً فيه على: ( مَنْ أحبَّهما فقد أحبَّني، ومَن أبغضهما فقد أبغضني ) ).

أخرجه النسائي في ( سننه ) (6) ، وأحمد في ( مسنده ) (7) ، والطبراني في ( الكبير ) (8) ، وابن راهويه في ( مسنده ) (9) .

____________________

(1) يلثم: يُقبّل.

(2) المستدرك على الصحيحين: 3/166، دار المعرفة.

(3) مسند أحمد: 2/440، دار صادر.

(4) تاريخ دمشق: 13/199، دار الفكر.

(5) المستدرك على الصحيحين وبهامشه ( تلخيص المستدرك ): 3/166، دار المعرفة.

(6) سنن النسائي: 5/49، دار الكتب العلميّة.

(7) مسند أحمد: 2/288، دار صادر.

(8) المعجم الكبير: 3/48، دار إحياء التراث.

(9) مسند ابن راهويه: 1/248، مكتبة الإيمان، المدينة المنوّرة.

١٦٣

قال أحمد محمّد شاكر: ( إسناده صحيح ) (1) .

وأُخرج الحديث عن أبي هريرة أيضاً، قاله في يوم وفاة الحسن ( عليه السلام )، أخرجه أحمد في ( مسنده ) (2) ، وعبد الرزاق في ( المصنّف ) (3) ، والحاكم في ( المستدرك ) (4) .

قال الحاكم: ( هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ) ووافقه الذهبي (5) .

- وفي ( سنن ابن ماجة ) عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ( مَن أحبَّ الحسن والحسين فقد أحبَّني، ومَن أبغضهما فقد أبغضني ).

قال البوصيري: ( هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات ).

وقال الألباني: ( حسن ) (6) .

- وفي ( تاريخ ابن عساكر ) عن ابن عبّاس بصيغة: ( الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة، مَن أحبَّهما فقد أحبَّني، ومَن أبغضهما فقد أبغضني ) (7) .

- وفي ( مجمع الزوائد ) عن ابن مسعود بلفظ: ( اللّهمّ إنّي أُحِبُّهما فأحِبَّهما، ومَن أحبَّهما أحبَّني ).

____________________

(1) مسند أحمد بتحقيق أحمد محمّد شاكر: 7/519، حديث: (7863)، دار الحديث، القاهرة.

(2) مسند أحمد: 2/531، دار صادر.

(3) المصنّف: 3/472، المجلس العلمي.

(4) المستدرك على الصحيحَين: 3/171، دار المعرفة.

(5) المصدر نفسه: 3/171.

(6) السنن لابن ماجة وبحاشيته ( مصباح الزجاجة في زوائد ابن ماجة ) مع تعليقات للألباني: 1/85، حديث: (143)، مكتبة المعارف للنشر والتوزيع.

(7) تاريخ دمشق لابن عساكر: 14/ 132، دار الفكر.

١٦٤

قال الهيثمي: ( رواه البزّار وإسناده جيد ) (1) .

- ونختم الكلام عن هذهِ الفضيلة بذكر ما أخرجه الحاكم في ( مستدركه ) بسنده إلى سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: ( سمعتُ رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) يقول: ( الحسن والحسين ابناي، مَن أحبَّهما أحبَّني، ومَن أحبَّني أحبَّه الله، ومَن أَحَبَّه الله أدخله الجنّة، ومَن أبغضهما أبغضني، ومَنْ أبغضني أبغضه اللهُ، ومَن أبغضه اللهُ أدخله النار ) ).

قال الحاكم: ( هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ) (2) .

وأرسله القاضي عِيَاض إرسال المسلّمات مع نحو اختصار (3) .

ومن الغريب أنّ الذهبي لم يَرُقْ له الحديث، فقال: ( مُنْكَر ) (4)، مع أنّه صحَّحَ ما تقدّم ذكره عن أبي هريرة، ومعلوم عند كلّ المسلمين أنّ مبغض النبي مبغضٌ لله، وأنّ مبغض الله في النّار، والأمر واضح لا يحتاج إلى رواية، فإنّ نفس الرواية التي صحَّحها الذهبي في أنّ مبغض الحسنَين مبغضٌ للنبي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) كافيةٌ في إثبات أنّه مبغض لله، فلماذا حكم الذهبي هنا بالنّكارة وصحَّحَ تلك؟!

لا نرى مبرِّراً معقولاً سوى أنّ القارئ عندما يقرأ تلك لا يلتفت، لكنّه حينما يقرأ هذهِ الرواية الصريحة سوف ينتبه، ويدقّ عنده ناقوس الخطر

____________________

(1) مجمع الزوائد: 9/ 179، دار الكتب العلميّة.

(2) المستدرك على الصحيحين: 3/166، دار المعرفة.

(3) الشفا في حقوق المصطفى: 2/36، دار الفكر، بيروت.

(4) انظر: ( تلخيص المستدرك ) للذهبي، المطبوع في هامش المستدرك: 3/166، دار المعرفة.

١٦٥

ويتبيّن له حال معاوية، وابنه يزيد، وأتباعهما من المبغضين للحسنين؛ لذا لم يستطع الذهبي تحمّل ذلك كعادته، فلا بدّ أنْ تكون الرواية في نظره ( منكرة )!!!

* الفضيلة الخامسة عشرة: في أنّهما وَلَدا رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ):

- أخرج الترمذي بسنده إلى أسامة بن زيد، قال: ( طرقتُ النبي صلّى الله عليه وسلّم ذات ليلة في بعض الحاجة، فخرج النبي صلّى الله عليه وسلّم وهو مشتمل على شيء لا أدري ما هو، فلمّا فرغتُ من حاجتي قلتُ: ما هذا الذي أنت مشتمل عليه؟ فكشفه، فإذا حسن وحسين على ورْكَيْه، فقال: ( هذان ابناي وابنا ابنتي، اللّهم إنّي أحِبُّهما، فأحِبَّهما وأحِبَّ مَن يحبُّهما ) ) (1) .

وأخرجه ابن أبي شيبة في ( المصنف ) (2) . والنسائي في ( الخصائص ) (3) ، وابن حِبّان في ( صحيحة ) (4) ، والطبراني في ( الصغير ) (5) .

قال الترمذي: ( هذا حديث حَسَن غريب ) (6) .

قال الحافظ ابن حجر في ترجمة الحسن بن أسامة بعد نقل كلام الترمذي: ( وصحّحه ابن حِبّان والحاكم ) (7) .

____________________

(1) سنن الترمذي: 5/322، دار الفكر.

(2) المصنّف: 7/512، دار الفكر.

(3) خصائص الإمام علي: 107، المكتبة العصريّة.

(4) صحيح ابن حِبّان: 15/423، مؤسّسة الرسالة.

(5) المعجم الصغير: 1/200، دار الكتب العلميّة.

(6) سنن الترمذي: 5/322، دار الفكر.

(7) تهذيب التهذيب: 2/238، دار الفكر.

١٦٦

قال الألباني في ( صحيح الجامع الصغير ): ( حَسَن ) (1) .

- وفي ( سير أعلام النبلاء ) عن عبد الله بن مسعود: قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ( هذان ابناي، مَن أحبَّهما فقد أحبَّني ).

قال محقّق الكتاب: ( سند الحديث حسن ) (2) .

- وفي ( مجمع الزوائد ) عن أبي هريرة قال في حديث طويل: ( سمع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الحسن والحسين وهما يبكيان وهما مع أمّهما، فأسرع السير حتّى أتاهما فسمعتُه يقول: ( ما شأن ابني. .. ) ) الحديث.

قال الهيثمي: ( رواه الطبراني ورجاله ثقات ) (3) .

- وأخرج أحمد (4) ، والترمذي (5) ، والنسائي (6) ، وأبو داود (7) ، وابن ماجة (8) ، وغيرهم بسندهم إلى عبد الله بن بريدة قال: سمعتُ أبي بُريدة يقول: كان رسول الله يخطبنا فجاء الحسن والحسين عليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران، فنزل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من المنبر فحملهما فوضعهما بين يديه، ثمّ قال: ( صدق الله ورسوله، إنّما أموالكم وأولادكم فتنة، نظرتُ إلى

____________________

(1) صحيح الجامع الصغير: 2/1175، المكتب الإسلامي.

(2) سير أعلام النبلاء: 3/254، هامش (3)، مؤسّسة الرسالة.

(3) مجمع الزوائد: 9/181، دار الكتب العلميّة.

(4) مسند أحمد: 5/354، دار صادر.

(5) سنن الترمذي: 5/324، دار الفكر.

(6) سنن النسائي: 3/108، 192، دار الفكر.

(7) سنن أبي داود: 1/348، دار الفكر.

(8) سنن ابن ماجة: 2/119، دار الفكر.

١٦٧

هذين الصبيّين يمشيان ويعثران فلم أصبر حتّى قطعتُ حديثي ورفعتُهم ) ). واللفظ لأحمد.

قال الترمذي: ( هذا حديث حسن غريب ) (1) .

والحديث صحّحه ( ابن حِبَّان ) و ( ابن خزيمة )، إذ أخرجاه في صحيحيهما (2) ، وأخرجه الحاكم وقال: ( هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ) (3) .

وأخرجه في موضع آخر وقال: ( هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ) (4) .

والحديث صحَّحه الألباني أيضاً (5) .

هذا، ولا يخفى على القارئ دلالة آية المباهلة على ذلك أيضاً، وقد أشرنا إلى ذلك في محلّه، كما أنّ بعض الروايات المتقدّمة قد دلّت على ذلك أيضاً فلا نعيد.

ويعضد ذلك ما ورد عن الرسول محمّد ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) بأكثر من طريق في أنّه ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وليُّ الحسن والحسين وهو عصبتهما التي ينتمون إليها.

- فقد أخرج الحاكم بسنده إلى جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله

____________________

(1) سنن الترمذي: 5/324، دار الفكر.

(2) انظر: ( صحيح ابن حِبَّان ): 13/402، 403، مؤسّسة الرسالة. و ( صحيح ابن خزيمة ): (2/355) و (3/152)، المكتب الإسلامي.

(3) المستدرك على الصحيحَين: 1/287، دار المعرفة.

(4) المصدر نفسه: 4/190.

(5) انظر: ( صحيح سنن النسائي ): 1/455 - 456. و ( سنن ابن ماجة ) مع تعليق الألباني: 3/510، مكتبة المعارف. و ( صحيح موارد الظمآن ): 2/366 - 367، دار الصميعي.

١٦٨

صلّى الله عليه وآله وسلّم: ( لكلّ بني أمّ عصبة ينتمون إليهم، إلاّ ابني فاطمة فأنَا وليّهما وعصبتها ).

قال الحاكم: ( هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ) (1) .

- وأخرج أبو يعلى بسنده إلى فاطمة الزهراء عليها السلام، قالت: ( قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ( لكلّ بني أُمّ عصبة ينتمون إليه إلاّ وُلد فاطمة، فأنا وليّهم وأنا عصبتُهم ) ) (2) .

- وأخرجه الطبراني بلفظ: ( لكلّ بني أنثى عصبة ينتمون إليه، إلاّ وُلد فاطمة فأنا وليّهم وأنا عصبتهم ) (3) .

- وأورده السيوطي في الجامع الصغير بلفظ : ( كلّ بني آدم ينتمون إلى عصبة، إلاّ وُلد فاطمة فأنا وليُّهم وأنا عصبتهم )، وأشار إلى حسنه كما في ( فيض القدير ) للمنّاوي (4) .

- وأخرج الطبراني بسنده إلى عمر بن الخطاب، قال: ( سمعتُ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: ( كلّ بني أنثى فإنّ عصبتَهم لأبيهم، ما خلا وُلد فاطمة فإنّي أنا عصبتُهم، وأنا أبوهم ) ) (5) .

قال محمّد بن طاهر الفتني ( ت: 986 هـ ) في ( تذكرة الموضوعات ): ( ( كلّ

____________________

(1) المستدرك على الصحيحين: 3/164، دار المعرفة.

(2) مسند أبي يعلى: 12/109، دار المأمون للتراث.

(3) المعجم الكبير: 22/432، دار إحياء التراث، نشر مكتبة ابن تيمية، القاهرة.

(4) فيض القدير: 5/23، دار الكتب العلميّة، بيروت.

(5) المعجم الكبير: 3/44، حديث: (2631) دار إحياء التراث، نشر مكتبة ابن تيمية.

١٦٩

بني آدم ينتمون إلى عصبة أبيهم إلاّ ولد فاطمة فإنّي أنا أبوهم وأنا عصبتُهم ) فيه إرسال وضعف، ولكن له شاهد عن جابر رفعه: ( إنّ الله تعالى جعل ذرِّيَّة كلّ نبي في صُلْبِهِ وإنّ الله تعالى جعل ذرِّيَّتي في صُلْب علي ) وبعضهم يقوّي بعضاً، وقول ابن الجوزي أنّه لا يصح، ليس بجيّد، وفيه دليل لاختصاصه صلّى الله عليه وسلّم به ) (1) .

وذكر العجلوني الحديث، مع بعض تخريجاته وقال: إنّ له شواهد عند الطبراني عن جابر، وذكر حديث جابر المتقدّم، ثمّ ذكر كلام صاحب المقاصد فقال: ( قال في المقاصد: ويُروى أيضاً، عن ابن عبّاس كما كتبته في ارتقاء الغرف وبعضها يقوّي بعضاً، وقول ابن الجوزي في العلل لا يصح، ليس بجيّد، وفيه دليل لاختصاصه صلّى الله عليه وسلّم بذلك، كما أوضحتُه في بعض الأجوبة وفي مصنَّفي أهل البيت ) (2) .

وبهذا يتّضح أنّ الرسول الأكرم صلّى الله عليه وآله اتّخذ من الحسنَين أولاداً له وصار عصبتهم التي ينتمون إليها، وأنّ هذا من مختصّاته صلّى الله عليه وآله.

ولا مِرْيَةَ أنّ في ذلك لطف كبير، وعناية مميّزة، واهتمام خاص من الرسول ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) بالحسنَين عليهما السلام.

وهذا يكشف عن عظيم منزلتهما وكِبَر قدرهما عند الله سبحانه وتعالى، وبهذهِ الفضيلة الشريفة نختم الكلام عن الفضائل العامّة، ومَن أراد الاستزادة

____________________

(1) تذكرة الموضوعات: 299.

(2) كشف الخفاء للعجلوني: 2/119، دار الكتب العلميّة.

١٧٠

فليراجع الكتب الحديثيّة، حيث خُصصت في الكثير منها أبواب مستقلّة في ذكر فضائل الحسنَين عليهما السلام.

القسم الثاني: فضائل الإمام الحسن الخاصّة

نُورد هنا بعض فضائل الإمام الحسن ( عليه السلام ) المختصّة به، وننوّه إلى أنّ بعضها تقدّمت في الفضائل المشتركة بنفس المعاني، لكن نُوردها هنا تيمّناً وتبرّكاً:

* الفضيلة الأولى: في حبّ النبي له:

- أخرج البخاري في ( صحيحه ) باب مناقب المهاجرين، باب مناقب الحسن والحسين بسنده إلى البرّاء قال: ( رأيتُ النبي صلّى الله عليه وسلّم والحسن بن علي على عاتقه، يقول: ( اللّهمّ إنّي أحبُّهُ فأحبَّه ) ) (1) .

وأخرجه مسلم في ( صحيحه ) (2) . والترمذي في ( سننه ) (3) . وأحمد في ( المسند ) (4) .

- وأخرج الحاكم في ( المستدرك ) بسندهِ إلى أبي هريرة قال: ( لا أزال أحبُّ هذا الرجل بعد ما رأيتُ رسول الله يصنع ما يصنع، رأيتُ الحسن في حجر النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وهو يُدخل أصابعه في لحيةِ النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم والنبي صلّى الله عليه وآله وسلّم يُدخل لسانه في فمه، ثمّ قال:

____________________

(1) صحيح البخاري: 4/216، دار الفكر.

(2) صحيح مسلم: 7/129، دار الفكر.

(3) سنن الترمذي: 5/327، دار الفكر.

(4) مسند أحمد: 4/284، 292، دار صادر.

١٧١

( اللّهمّ إنّي أحبُّه فأحِبَّه ) ).

قال الحاكم: ( هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه )، ووافقه الذهبي (1) .

- وعن سعيد بن زيد بن نفيل: أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم احتضن حَسَنَاً وقال: ( اللّهمّ إنّي أحبُّه فاحبَّه ).

أورده الهيثمي في ( المجمع ) وقال: ( رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير يزيد بن حسين وهو ثقة ) (2) .

وتقدّم في الفضائل المشتركة أنّ محبّة النبي للحسنَين تواترَ بها النقل.

وفي ( سير أعلام النبلاء ) للذهبي: ( وفي ( الجعديات ) لفضيل بن مرزوق عن عدي بن ثابت، عن البراء، قال النبي صلّى الله عليه وسلّم للحسن: ( اللّهمّ إنّي أُحبّه فأحبَّه، وأحِبّ مَن يُحبُّه )، صحّحه الترمذي ) (3) .

قال الهيثمي: ( رواه الطبراني في الكبير والأوسط والبزّار وأبو يعلى ورجال الكبير رجال الصحيح ) (4) .

قال الذهبي: (وفي ذلك عدّة أحاديث فهو متواتر ) (5) .

* الفضيلة الثانية: في دعاء النبي لمحبِّ الحسن ( عليه السلام ):

- أخرج مسلم في ( صحيحه ) باب فضائل الصحابة، باب فضائل الحسن

____________________

(1) المستدرك على الصحيحين وبهامشه: ( تلخيص المستدرك ) للذهبي: 3/169، دار المعرفة.

(2) مجمع الزوائد: 9/176، دار الكتب العلميّة.

(3) سير أعلام النبلاء: 3/250، مؤسّسة الرسالة.

(4) مجمع الزوائد: 9/176، دار الكتب العلميّة.

(5) سير أعلام النبلاء: 3/251، مؤسّسة الرسالة.

١٧٢

والحسين: بسنده إلى أبي هريرة ( عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال لحسن، ( اللّهم إنّي أُحبُّه فأَحبّه، وأحبِبْ مَن يُحبُّه ) ) (1) .

- وأخرج عن أبي هريرة أيضاً في نفس الباب، قال: (خرجتُ مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في طائفة من النهار لا يكلّمني ولا أكلّمه، حتّى جاء سوق بني قينقاع ثمّ انصرف، حتّى أتى خباء فاطمة فقال: أَثَمَّ لكع (2) أَثَمَّ لكع يعني حسناً، فظنّنا أنّه إنّما تحبسه أمّه لأنْ تغسله وتلبسه سخاباً (3) ، فلم يلبث أنْ جاء يسعى حتّى اعتنق كلّ واحد منهما صاحبه، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ( اللّهم إنّي أحبّه فأحبّه وأحببْ مَن يُحبُّه ) ) (4) .

وأخرجه البخاري في ( صحيحه ) (5) ، وجمع من أئمة الحديث وقد تقدّم بعض ما يدلّ على ذلك فيما سبق أيضاً.

* الفضيلة الثالثة: في أنّه مِنْ رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ):

- في ( مسند أحمد ): حدّثنا عبد الله، حدّثني أبي، ثنا حبوة بن شريح، ثنا بقيّة، ثنا بحير بن سعد عن خالد بن معدان، قال: ( وَفَدَ المقدام بن معدي كرب

____________________

(1) صحيح مسلم: 7/129، دار الفكر.

(2) المراد هنا ( الصغير ).

(3) السِخاب: بكسر السين المهملة وبالخاء المعجمة، جمعه سخب، وهو قلادة من القرنفل والمسك، والعود ونحوهما من أخلاط الطيب، يعمل على هيئة السبحة، ويُجعل قلادة للصبيان والجواري، وقيل هو خيط فيه خرز، سُمِّي سخاباً لصوت خرزه عند حركته من السَخَب بفتح السين والخاء، يُقال الصخب بالصاد وهو اختلاط الأصوات، ( شرح صحيح مسلم للنووي: 15/193 ).

(4) صحيح مسلم: 7/130، دار الفكر.

(5) صحيح البخاري، كتاب البيوع: 3/20، دار الفكر.

١٧٣

وعمرو بن الأسود إلى معاوية، فقال معاوية للمقدام: أعلمتَ أنّ الحسن بن علي تُوفّي، فرجّع المقدام [ أي قال: إنّا لله وإنّا إليه راجعون ] فقال له معاوية: أتراها مصيبة؟

فقال: ولمَ لا أراها مصيبة وقد وضعه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في حجره وقال: ( هذا منّي وحسين مِن علي رضي الله تعالى عنهم ) ) (1) .

- وأخرجه أبو داود في ( سننه ) (2) ، والطبراني في ( الكبير ) (3) ، في أكثر من موضع وفي بعضها بلفظ: ( حَسَن منّي، وحسين من علي ) وبهذا اللفظ في ( مسند الشاميّين ) أيضاً (4) .

قال المنّاوي في ( فيض القدير ): قال الحافظ العراقي: ( سنده جيّد ) (5) .

قال الذهبي: في ( السيّر ): ( إسناده قوي ) (6) .

قال الألباني في ( صحيح الجامع الصغير ): ( حَسَن ) (7) .

قال محقّق كتاب ( السير ): بقيّة بن الوليد مدلّس، وقد عَنْعَنَ وباقي رجاله ثقات، وعلّق على تصحيح الذهبي قائلاً: هذا مُسلّم لو أنّ بقية صرّح بالتحديث، أمّا وقد عنعن فلا (8) .

____________________

(1) مسند أحمد: 4/132، دار صادر.

(2) سنن أبي داود: 2/275، دار الفكر.

(3) المعجم الكبير: (3/43) و (20/268 - 269)، دار إحياء التراث.

(4) مسند الشاميّين للطبراني: 2/170، مؤسّسة الرسالة.

(5) فيض القدير: 3/551، دار الكتب العلميّة.

(6) سير أعلام النبلاء: 3/258، مؤسّسة الرسالة.

(7) صحيح الجامع الصغير: 1/607، المكتب الإسلامي.

(8) سير أعلام النبلاء: 3/258 هامش (2) و (3)، مؤسّسة الرسالة.

١٧٤

أقول:

يظهر أنّ المحقّق قد خفي عليه وجود الرواية في ( مسند أحمد )، وفيها أنّ بقية حدّث ولم يعنعن كما أثبتناه أعلاه، وقد نوّه الألباني إلى ذلك أيضاً (1) .

فالرواية معتبرة إذن، وليلتفت إلى أنّه سيأتي في فضائل الحسين ( عليه السلام ) أنّ الرسول قال في حقّه: ( حسينٌ منّي وأنا من حسين ).

* الفضيلة الرابعة: النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) يأمر بمحبّته ( عليه السلام ):

- أخرج أحمد بسنده إلى زهير بن الأقمر قال: ( بينما الحسن بن علي يخطب بعدما قُتل علي رضي الله عنه إذ قام رجل من الأزد آدم طوال فقال: لقد رأيتُ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم واضعه في حبوته يقول: ( مَن أحبّني فليحبّه، فَلْيُبْلِغ الشاهد الغائب ) ولولا عزمة (2) رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ما حدّثتُكم ) (3) .

وأخرجه الحاكم في ( المستدرك ) (4) ، وابن أبي شيبة في ( المصنّف ) (5) ، وابن عساكر في ( تاريخ دمشق ) (6) .

قال حمزة أحمد الزين محقّق كتاب ( المسند ): ( إسناده صحيح ) (7) .

____________________

(1) سلسة الأحاديث الصحيحة: 2/451 حديث رقم: (811)، مكتبة المعارف للنشر والتوزيع، الرياض.

(2) في بعض المصادر ( كرامة )، انظر: ( مستدرك الحاكم ): 3/173 - 174، دار المعرفة.

(3) مسند أحمد: 5/366، دار صادر.

(4) المستدرك على الصحيحين 3/ 173 - 174، دار المعرفة.

(5) المصنّف: 7/513، دار الفكر.

(6) تاريخ دمشق: 13/ 197، دار الفكر.

(7) مسند أحمد بتحقيق حمزة أحمد الزين: 16/ 525، رقم: (23000)، دار الحديث، القاهرة.

١٧٥

وسكت عنه الحاكم وكذا الذهبي في ( التلخيص ) (1) .

- وفي ( مسند أبي داود الطيالسي ): حدّثنا أبو داود قال: حدّثنا شعبة عن عدي بن ثابت، قال سمعتُ البرّاء يقول: ( رأيتُ النبي صلّى لله عليه وسلّم واضعاً الحسن على عاتقه وقال: ( مَن أحبّني فليحبّه ) ) (2) .

والرواية صحيحة السند، رجالها ثقات.

وقد تقدّم في الفضائل المشتركة ما يدلّ على ذلك أيضاً.

* الفضيلة الخامسة: في أنّه سيّد بنصّ رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ):

أخرج الحاكم بسنده إلى سعيد بن أبي سعيد المقبري، قال: ( كنّا مع أبي هريرة، فجاء الحسن بن علي بن أبي طالب علينا فسلّم، فرددنا عليه السلام ولم يَعلم به أبو هريرة، فقلنا: يا أبا هريرة هذا الحسن بن علي قد سلّم علينا، فلحقه وقال: وعليك السلام يا سيّدي، ثمّ قال: سمعتُ رسول صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول: إنّه سيّد ).

قال الحاكم: ( هذا حديثٌ صحيح الإسناد، ولم يخرجاه ) ووافقه الذهبي (3) .

* الفضيلة السادسة: في رعاية النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) واهتمامه الشديد بولده الحسن ( عليه السلام ):

- أخرج الهيثمي في ( موارد الظمآن ) بسنده إلى أبي هريرة قال: ( كان رسول الله

____________________

(1) المستدرك على الصحيحين وبذيله ( تلخيص المستدرك ) للذهبي: 3/ 173 - 174، دار المعرفة.

(2) مسند أبي داود الطيالسي: 99، دار الحديث، بيروت.

(3) المستدرك على الصحيحين وبذيله ( تلخيص المستدرك ) للذهبي: 3/169، دار المعرفة.

١٧٦

صلّى الله عليه وسلّم يَدْلَعُ لسانه للحسن، فيرى الصبي حمرة لسانه فيهش إليه ) (1) .

قال الألباني: ( حَسَن ) (2) .

- وأخرج أحمد في ( مسنده ) بسنده إلى معاوية قال: ( رأيتُ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يمصّ لسانه أو قال: شفته، يعني الحسن بن علي صلوات الله عليه، وأنّه لن يُعذّب لسان أو شفتان مصّهما رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ) (3) .

ونقلها الهيثمي في ( مجمع الزوائد ) وقال: ( رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح غير عبد الرحمان بن أبي عوف وهو ثقة ) (4) .

وقال حمزة أحمد الزين محقّق كتاب ( المسند ): ( إسناده صحيح ) (5) .

ولا يفوتنا أنْ نشير هنا إلى أنّ معاوية يعلم بأنّ الحسن بن علي ( عليه السلام ) من أهل الجنّة، ومع ذلك يرفض الدخول في طاعته، بل ويجيّش الجيوش لقتاله!!!

- وأخرج الحاكم بسندهِ إلى أبي هريرة: ( أنّه لقي الحسن بن علي، فقال: رأيتُ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قبّل بطنك، فاكشف الموضع الذي قبّل رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم حتى أُقبّله، قال: وكشف له الحسن فقبّله ) (6) .

____________________

(1) موارد الظمآن: 553، دار الكتب العلميّة.

(2) صحيح موارد الظمآن: 2/ 368، دار الصميعي للنشر والتوزيع.

(3) مسند أحمد: 4/93، دار صادر.

(4) مجمع الزوائد: 9/177، دار الكتب العلميّة، بيروت.

(5) مسند أحمد: 13/180، حديث: (16791)، دار الحديث، القاهرة.

(6) مستدرك الحاكم: 3/168، دار المعرفة.

١٧٧

وأخرجه أحمد من طريق عمير بن إسحاق (1) ، وأورده الهيثمي في ( مجمع الزوائد ) وقال: ( رواه أحمد والطبراني ) (2) .

قال الحاكم: ( هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ) وأقرّه الذهبي (3) .

وقال الهيثمي في ( المجمع ): ( رجاله رجال الصحيح غير عمير بن إسحاق، وهو ثقة ) (4) .

وقال حمزة أحمد الزين محقّق كتاب ( المسند ): ( إسناده صحيح ) (5) .

- وأخرج ابن أبي شيبة في ( المصنّف ) بسنده إلى عبد الله بن شداد عن أبيه قال: ( دُعيَ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لصلاة، فخرج وهو حامل حسناً أو حسيناً فوضعه إلى جنبه، فسجد بين ظهراني صلاته سجدةً أطال فيها، قال أبي: فرفعتُ رأسي مِن بين الناس فإذا الغلام على ظهر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فأعدتُ رأسي فسجدتُ، فلمّا سلّم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال له القوم: يا رسول الله، لقد سجدت في صلاتك هذه سجدةً ما كنتَ تسجدها، أفكان يُوحى إليك، قال: ( لا، ولكن ابني ارتحلني فكرهتُ أنْ أعجّله حتّى يقضي حاجته ) ) (6) .

____________________

(1) مسند أحمد: 2/427، دار صادر.

(2) مجمع الزوائد: 9/177، دار الكتب العلميّة.

(3) المستدرك على الصحيحين وبذيله ( تلخيص المستدرك ) للذهبي: 3/168، دار المعرفة.

(4) مجمع الزوائد: 9/ 177، دار الكتب العلميّة، بيروت.

(5) مسند أحمد: 9/ 232، رقم الحديث: (9478) دار الحديث، القاهرة.

(6) المصنّف: 7/514، دار الفكر.

١٧٨

وأخرجه أحمد في ( المسند ) (1) ، والنسائي في ( السنن ) (2) ، والحاكم في ( المستدرك ) (3) ، والضحاك في ( الآحاد والمثاني ) (4) .

قال الحاكم: ( هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ) ووافقه الذهبي على ذلك (5) .

قال حمزة أحمد الزين محقّق كتاب ( المسند ): ( إسناده صحيح ) (6) .

- كما ورد: أنّ الحسن ( عليه السلام ) كان يركب على رقبة النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم )، وهو ساجد فما ينزله حتّى يكون هو الذي ينزل، وكان يجيء والنبي راكع فيفرج له بين رجليه حتّى يخرج من الجانب الآخر (7) ، وكان يحمله أحياناً على رقبته، ويخرج به إلى الناس، ويقول عنه: ( نِعْمَ الراكب هو ) (8) .

وغير ذلك من الروايات العديدة الدالّة على اهتمام الرسول الأعظم ورعايته المنقطعة النظير لولده الحسن ( عليه السلام )، والتي تكشف عن عظم مقام الحسن ( عليه السلام )، وكبر شأنه، وتبيّن بوضوح مراد النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم )، مِن أمّته في الاهتمام بريحانته المباركة وتبجيلها، والسير وِفق نهجها الشريف، خصوصاً

____________________

(1) مسند أحمد: 3/493 - 494، دار صادر.

(2) السنن الكبرى: 1/243، دار الكتب العلميّة.

(3) المستدرك على الصحيحين: 165 - 166، دار المعرفة.

(4) الآحاد والمثاني: 2/188، دار الدراية.

(5) المستدرك على الصحيحين وبذيله ( تلخيص المستدرك ): 1/166، دار المعرفة.

(6) مسند أحمد: 12/ 423، حديث رقم: (15975)، دار الحديث، القاهرة.

(7) تاريخ دمشق: 13/176، دار الفكر، والإصابة: 2/62، دار الكتب العلميّة.

(8) سنن الترمذي: 5/661، دار إحياء التراث العربي.

١٧٩

عند ضمّ هذهِ الروايات مع سابقاتها إلى الآيات القرآنيّة، والأحاديث العامّة التي وردت في حقّ أهل البيت، فإنّها لا تدع أيّ مجال للشكّ في أنّ الله اختار هذهِ الصفوة المباركة؛ ليكونوا خلفاء لرسوله الأكرم، وأمناء على رسالته المباركة، ونجزم يقيناً بأنّ كلّ باحثٍ لو أنصف البحث، لانفتحت له آفاق الحقيقة، ولرأى نورها يشعّ بولاية علي وأولاده الطاهرين، والتوفيق من عند الله العظيم.

هذا وفضائل الإمام الحسن ( عليه السلام ) عديدة شهيرة نكتفي منها بما ذكرناه، ونختم هذا القسم بما صحّ عن الصحابي عبد الله بن عمرو: بأنّ الحسن ( عليه السلام ) أحبّ أهل الأرض إلى أهل السماء، فعن رجاء بن ربيعة قال: ( كنتُ جالساً بالمدينة في مسجد الرسول صلّى الله عليه وسلّم في حلقةٍ فيها أبو سعيد، وعبد الله بن عمرو، فمرّ الحسن بن علي فسلّم فردّ عليه القومُ، وسكت عبد الله بن عمرو ثمّ أتبعه وقال: وعليك السلام ورحمة الله، ثمّ قال: هذا أحبّ أهل الأرض إلى أهل السماء والله ما كلّمته منذ ليالي صفّين .

فقال أبو سعيد: أَلاَ تنطلق إليه فتعتذر إليه؟

قال: نعم.

قال: فقام فدخل أبو سعيد فاستأذن فأَذِنَ له، ثمّ استأذن لعبد الله بن عمرو فدخل.

فقال أبو سعيد لعبد الله بن عمرو: حدّثنا بالذي حدّثتنا به حيث مرّ الحسن.

فقال: نعم، أنا أُحدّثكم، إنّه أحبّ أهل الأرض إلى أهل السماء.

قال: فقال له الحسن: إذا علمتَ أنّي أحبّ أهل الأرض إلى أهل السماء فلِمَ قاتلتنا أو كثّرت يوم صفّين.

قال: أَمَا إنّي والله ما كثّرتُ سواداً ولا ضربتُ معهم بسيف، ولكنّي حضرتُ مع أبي، أو كلمة نحوها.

قال: أَمَا علمتَ أنّه لا طاعة لمخلوق في معصية الله.

قال: بلى، ولكنّي

١٨٠