• البداية
  • السابق
  • 29 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 6296 / تحميل: 3540
الحجم الحجم الحجم
مناهج خمسة في الاستدلال على إمامة أهل البيت (عليهم السلام)

مناهج خمسة في الاستدلال على إمامة أهل البيت (عليهم السلام)

مؤلف:
العربية

طريق آبائهم، ثمّ صارت من بعدهم إرثاً لأبنائهم: الكاظمعليه‌السلام ، ثمّ الرضاعليه‌السلام .

وأخبار هذا التراث العلمي المكتوب مفصّلة في كتب الشيعة، التي تذكر أنّها صارت إلى المهدي، الذي سوف يخرجه في جملة ما يخرجه من الوثائق الإلهية يومذاك.

ومن قبيل دعواهم الإمامة الإلهية، وأنّ القرآن أشار إليهم، وجملة من أحاديث عليٍّعليه‌السلام ، وكلماته في نهج البلاغة والدرّ المنثور تشير إلى ذلك. أمّا دعوى بقيّة الأئمّة، فينفرد الشيعة برواية ذلك عنهمعليهم‌السلام .

إنّ السيرة التاريخية للأئمّة الاثني عشر، تُفردهم بجهدٍ خاص بذلوه من أجل سنّة النبي على مستوى: النشر، والحفظ، والتدوين، والتطبيق. مضافاً إلى ذلك، فإنّ سيرتهم التاريخية لهؤلاء الاثني عشر تتميّز بخصائص تجعل منهم المصداق الوحيد لأهل البيت المذكورين في القرآن، الذين وصفهم: بأنّهم وارثون لعلم الكتاب وأنّهم مكلّفون بحفظ الرسالة، وغير ذلك من الصفات التي شخّصها لهم القرآن، وهكذا الصفات التي شخّصها لهم النبي بقوله: إنّهم عدل الكتاب، وإنّ التمسّك بهما معاً يعصم من الضلالة.

فمن هذه الخصائص:

1 - حالة تبعيّة عليّ للنبي، وتقيّده الحرفي بأوامره ونواهيه.

2 - الحالة الأسباطية المنتسبة إلى الرسول من جهة فاطمةعليها‌السلام ، وإلى عليٍّ من جهة الولد وهم أحد عشر: الحسن والحسين وتسعة من ذريّة

٢١

الحسين.

3 - دعوى وراثة التراث العلمي النبوي المكتوب.

4 - وحدة السيرة العملية، والخط الفكري والفقهي، فاللاحق منهم يصدّق السابق منهم، ويواصل السَيْر على منهاجه.

5 - الحرص الخاص على سنّة النبي، نشراً وتدويناً وتطبيقاً.

والخلاصة أنّ المنهج التاريخي يُثبت ثلاثة أمور أساسية:

الأوّل: إنّ الأئمّة الإثني عشر كانوا يدَّعون مقام الإمامة الإلهية بعد الرسول، وإنَّ الذي يأخذ عنهم ويواليهم يُقبل منه عمله في الآخرة و ينجو، وإنَّ الذي لا يأخذ عنهم لا يقبل منه في الآخرة ويهلك.

الثاني: إنّ المواصفات التي طرحها القرآن حول الشهداء على الناس بعد النبي، تنطبق عليهم خاصّة دون غيرهم.

الثالث: إنّ الأئمّة التسعة من ذرية الحسين، هم امتداد المطهّرين من أهل البيت المذكورين في حديث الكساء، وهم تكملة الاثني عشر المذكورين في حديث النبي: (الأئمّة بعدي اثنا عشر)، والأئمّة الاثنا عشر هم الذين ينطبق عليهم حديث الثقلين دون غيرهم من ذريّة عليعليه‌السلام من فاطمةعليها‌السلام .

خامساً: التراث الفقهي والفكري للأئمّة الاثني عشرعليهم‌السلام

خلَّف أهل البيت تاريخيّاً تراثاً رواه عنهم أصحابهم، وحفلت به

٢٢

المصادر الشيعيّة، وروت بعضه المصادر السنّية.

ومَن يُنعم النظر في هذا التراث بشكلٍ عام يلمح فيه خصائص معيّنة، هي عين الخصائص التي يتميّز بها المضمون القرآني أو حديث النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله :

1 - كالإخبار بالمغيَّبات.

2 - الانسجام مع حقائق العلوم التجريبية والمكتشفات الحديثة.

3 - الانسجام التام مع القرآن، بحيث يُشكّل معه وحدة فكرية ونظرية واحدة.

هذا مع الاستقلال الفكري التام عن علماء العصر.

وكما يعتمد علماء المسلمين هذه الخصائص؛ لإثبات أنّ القرآن وحيٌ، وأنّ الحديث النبوي وحيٌ كذلك.

تصلح هذه الخصائص لتراث أهل البيت برواية الشيعة في تصديق دعوى الشيعة، بأنّ الذي ينفردون به من روايةٍ عن أهل البيت، إنّما هو من مشكاة النبوّة نفسها، وأنّه ممّا كتبه عليٌّ عن النبي، وتوارثه أهل البيت عنه بأمره وبوصيّةٍ منهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

نماذج من إخبارهم بالمغيّبات:

قال ابن أبي الحديد في شرح قول عليّعليه‌السلام :

(فوالذي نفسي بيده لا تسألونني عن شيءٍ فيما بينكم وبين الساعة، ولا عن فئةٍ تهدي مائة وتضل مائة، إلاّ أنبأتكم بناعقها،

٢٣

وقائدها، وسائقها، ومناخ ركابها، ومحطّ رحالها، ومن يُقتل من أهلها قتلاً، ومن يموت منهم موتاً).

قال ابن أبي الحديد: واعلم أنّه عليه السلام قد أقسم في هذا الفصل بالله الذى نفسه بيده، أنّهم لا يسألونه عن أمرٍ يحدث بينهم وبين القيامة إلاّ أخبرهم به، وأنّه ما صحّ من طائفة من الناس يهتدي بها مائه وتضلُّ بها مائة، إلاّ وهو مُخبر لهم - إنْ سألوه - برعاتها، وقائدها، وسائقها، ومواضع نزول ركابها وخيولها، ومن يُقتل منها قتلاً، ومن يموت منها موتاً.

وهذه الدعوى ليست منه عليه السلام ادّعاءَ الربوبية، ولا ادّعاءَ النبوّة، ولكنّه كان يقول: إنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله أخبره بذلك.

ولقد امتحنّا إخباره، فوجدناه موافقاً؛ فاستدللنا بذلك على صدق الدعوى المذكورة:

كإخباره عن الضربة التي يُضرب بها في رأسه فتخضب لحيته.

وإخباره عن قَتْل الحسين ابنه عليهما السلام، وما قاله في كربلاء حيث مرّ بها ….

وما أخبر به من أمر الخوارج بالنهروان.

ما قدّمه إلى أصحابه من إخباره بقتل من يُقتل منهم، وصلب من يُصلب.

٢٤

إخباره بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين.

وإخباره بعدّة الجيش الوارد إليه من الكوفة، لمّا شخص عليه السلام إلى البصرة لحرب أهلها.

وإخباره عن عبد الله بن الزبير، وقوله فيه: (خبّ ضبّ، يروم أمراً ولا يُدركه، ينصب حبالة الدين لاصطياد الدنيا، وهو بعدُ مصلوبُ قريش).

وكإخباره عن هلاك البصرة، بالغرق وهلاكها تارةً أخرى بالزنج، وهو الذي صحّفه قوم فقالوا: بالريح.

وكإخباره عن ظهور الرايات السود من خراسان، وتنصيصه على قوم من أهلها يُعرفون ببني رزيق - بتقديم المهملة - وهم آل مصعب، الذين منهم طاهر بن الحسين وولده، وإسحاق بن إبراهيم، وكانوا هم وسلفهم دعاة الدولة العباسية.

وكإخباره عن الأئمّة الذين ظهروا من ولده بطبرستان، كالناصر والداعي وغيرهما، في قوله عليه السلام: (وإنّ لآل محمّد بالطالقان لكنزاً سيُظهره الله إذا شاء، دعاؤه حقّ يقوم بإذن الله فيدعو إلى دين الله).

وكأخباره عن مقتل النفس الزكية بالمدينة، وقوله: (إنّه يُقتل عند أحجار الزيت).

وكقوله عن أخيه إبراهيم المقتول بباب حمزة: (يُقتل بعد أن يظهر، ويُقهر بعد أن يَقهر)، وقوله فيه أيضاً: (يأتيه سهم غرب

٢٥

- أى لا يُدرى راميْه - يكون فيه منيّته فيا بؤساً للرامي! شُلّت يده، ووهن عضده).

وكإخباره عن بني بويه، وقوله فيهم: (ويخرج من ديلمان بنو الصيّاد)، إشارةً إليهم. وكان أبوهم صيّاد السمك يصيد منه بيده ما يتقوّت هو وعياله بثمنه، فأخرج الله تعالى من ولده لصلبه ملوكاً ثلاثةً، ونشر ذريّتهم حتى ضُربت الأمثال بملكهم.

وكقوله عليه السلام فيهم: (ثمّ يستشري أمرهم حتى يملكوا الزوراء، ويخلعوا الخلفاء). فقال له قائل: فكم مدّتهم يا أمير المؤمنين؟ فقال: (مائة أو تزيد قليلاً). وكقوله فيهم: (المترف ابن الأجذم، يقتله ابن عمّه على دجلة)، وهو إشارة إلى عزّ الدولة بختيار بن معزّ الدولة أبي الحسين، وكان معزّ الدولة أقطع اليد، قُطعت يده للنكوص في الحرب، وكان ابنه عزّ الدولة بختيار مترفاً، صاحب لهوٍ وشُرب، وقتَله عضد الدولة فناخسرو ابن عمّه بقصرٍ على دجلة في الحرب، وسلبه ملكه، فأمّا خلعهم للخلفاء فإن معزّ الدولة خلع المستكفي، ورتّب عوضه المطيع، وبهاء الدولة أبا نصر بن عضد الدولة، خلع الطائع ورتّب عوضه القادر، وكانت مدّة ملكهم كمّا أخبر به عليه السلام.

وكإخباره عليه السلام لعبد الله بن العبّاس (رحمه الله تعالى) عن انتقال الأمر إلى أولاده، فإنّ علي بن عبد الله لمّا وُلد، أخرجه أبوه عبد الله إلى علي عليه السلام، فأخذه وتفل في فيه، وحنّكه بتمرةٍ قد لاكها،

٢٦

ودفعه إليه، وقال: خذ إليك أبا الأملاك، هكذا الرواية الصحيحة، وهى التى ذكرها أبو العبّاس المبرّد في (الكتاب الكامل وليست الرواية التي يذكر فيها العدد، بصحيحة ولا منقولة من كتاب معتمد عليه).

وكم له من الإخبار عن الغيوب الجارية هذا المجرى، ممّا لو أردنا استقصاءه، لكرّسنا له كراريس كثيرة، وكُتب السِيَر تشتمل عليها مشروحة.

نماذج من انسجام فتاواهم وروايتهم مع العلم الحديث:

- الروايات المأثورة عنهم في الإشارة إلى (ظاهرة الموت الظاهري) (clinical death phaenomina )، وحكم الميّت بالسكتة والصعقة، ووجوب تأخير تجهيزهما، وانسجامها مع قرارات مؤتمر الطب العدلي منتصف القرن العشرين في الموضوع نفسه(1) .

- روايات الإشارة إلى الباقلاّء،وكونها تولّد الدم، حيث رُوي عن الإمام الصادق و الكاظم والرضاعليه‌السلام ، أنّ أكل الباقلاّء؛ يُمخّخ الساقين؛ ويولّد الدم الطري، وقد أثبت الطب الحديث، أنّ مركز تكوين الدم هو مخّ العظام(2) .

- روايات تشخيص الجوديّ الوارد ذكره في القرآن في قوله تعالى:

____________________

(1) فصّلنا ذلك في مقال كتبناه، نُشر في مجلّة أخبار الكُلية الطبية، في بغداد، سنة 1969م.

(2) الحرّ العاملي، وسائل الشيعة، آل البيت، ج 25، ص 129، عن الكافي للكليني. أوّل من انتبه إلى ذلك فيما اعلم هو الدكتور سعد سلمان تاج الدين.

٢٧

( وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ ) هود/44، بـ (فرات الكوفة)، وانسجامه مع ما وُجد في الآثار المسمارية، التي بقيت مطمورةً تحت التراب آلاف السنين، قبل الصادق وبعده، حتّى كُشفت في القرن العشرين والقرن التاسع عشر(1) .

____________________

(1) بحثْنا هذه الرواية، ونظائرها في نشرة القرآن وعلم الآثار، الكرّاسة الأولى.

٢٨

الفهرس

إمامة أهل البيت الاثني عشر عليهم‌السلام 5

أخطر مسألة في الفكر الإسلامي 5

المعسكر الأوّل:5

المعسكر الثاني:5

مناهج خمسة وليس منهجاً واحداً5

أوّلاً: القرآن الكريم 6

ثانياً: الكتب المقدّسة المعتبرة عند اليهود والنصارى 15

ثالثاً: الحديث النبويّ الشريف المعتبر لدى أهل السنّة18

رابعاً: السيرة التاريخية للأئمّة الإثني عشر عليهم‌السلام 20

خامساً: التراث الفقهي والفكري للأئمّة الاثني عشر عليهم‌السلام 22

٢٩