رجال السنة في الميزان

رجال السنة في الميزان0%

رجال السنة في الميزان مؤلف:
تصنيف: علم الرجال والطبقات
الصفحات: 148

رجال السنة في الميزان

مؤلف: المظفر الشيخ محمد الحسن
تصنيف:

الصفحات: 148
المشاهدات: 39229
تحميل: 5351

توضيحات:

رجال السنة في الميزان
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 148 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 39229 / تحميل: 5351
الحجم الحجم الحجم
رجال السنة في الميزان

رجال السنة في الميزان

مؤلف:
العربية

وكان خير للسنيين أن يفهموا أن الشيعة يلزمون أنفسهم سنن صاحب هذه الرسالة، ويعدون الانحراف عنه زيغاً.

أما ما وقع من اختلاف فقهي أو نظري فلا يعدو أن يكون وجهات نظر لها مصادرها العلمية ونية أصحابها إلى الله وهم – أصابوا أم أخطأوا – مثابون مأجورون.

وقد يتشدد فريق من الناس فيقول عن الفريق الآخر:

إنه مخطئ يقينا! ليكن، فما صلة هذا الخطأ بالقلوب وما أودعت من إيمان.

هب خطيباً أخطأ في إعراب كلمة، أو كاتباً أخطأ في إملائها، أو حاسباً أخطأ في إثبات رقم، أو مؤرخاً أخطأ في ضبط واقعة.

هب ذلك كله وقع

فما صلة هذا الخطأ بحقيقة الدين؟ ونظم عباد الله طوراً بين المؤمنين وطوراً بين الكافرين؟

إذا كان الرجل يؤمن معي بكتاب الله وسنة رسول الله، ويصلي الخمس كل يوم ويصوم رمضان كل عام، ويحج البيت إن استطاع إليه سبيلا.

فكيف أستطيع تكفيره، لأنه أخطأ في بعض القضايا.

أو أخطأ الوزن لبعض الرجال؟

ليكن هناك خطأ حقيقي وقع فيه هذا أو ذاك، خطأ لا أقبل الاعتراف به فلماذا لا يترك البت في هذه الأمور للزمان المتطاول يحل المشكلات الفقهية

٢١

والنظرية بدل أن تحل في معارك الجدل الذي يفقد فيه المجادلون ضمائرهم وصفاءها، أو تحل معارك القتال الذي تنحل فيه عروة الإيمان ويزأر فيه صوت الشيطان.

إن الخلاف الفقهي أو النظري في كثير من الأمور ليس خبزاً نتناوله كل يوم، والقضايا التي دار فيها هذا النزاع يمكن للمسلمين إطراحها جانباً ونسيانها أمداً، يشتغلون خلاله بالبناء لا بالهدم.

بالعمل لله في المحاريب المخبتة، أو في الميادين المنتجة.

أما شغل الناس حتما بخلافات لها أصل – وما أقلها – أو بخلافات مفتعلة – وما أكثرها – فليس من الدين في قليل ولا كثير.

والذين يحرصون على ذلك ليسوا من الله في شيء(١) .

* * *

الشيخ محمد الغزالي

ويقول الشيخ محمد الغزالي:

إن كل ما بقي إلى عصرنا هذا من خلاف هو الفجوة التي افتعلت افتعالاً بين السنة والشيعة!.

وهي فجوة يعمل الاستعمار على توسيعها، أو على القليل يستبقيها لتكون قطيعة دائمة بين الفريقين، ثم ينفذ من خلالها إلى أغراضه(٢) .

____________________

(١)دفاع عن العقيدة والشريعة ص ٢٦٤ – ٢٦٥ الطبعة الرابعة عام ١٣٩٠ ١٩٧٥ م بمصر.

(٢)المصدر نفسه ص ٢٥٣.

٢٢

تَرجَمة المؤلّف

بقلم

سماحة آية الله المجاهد

الشيخ محمد طاهر الشيخ راضي

من كبار علماء النجف الأشرف

٢٣

مؤلف الكتاب

نسبه وأسرته:

هو شيخنا آية الله الكبرى أبو أحمد الشيخ محمد حسن بن الشيخ محمد بن الشيخ عبد الله بن الشيخ محمد بن الشيخ أحمد بن الشيخ مظفر.

كان والده الفقيه (الشيخ محمد(١) )المولود سنة ١٢٥٦ والمتوفى في مستهل ربيع الأول سنة ١٣٢٢ : من الفقهاء المرموقين المعروفين بسعة الاطلاع والتحقيق، ظهر كمرجع للتقليد بعد وفاة أستاذه الإمام الفقيه الشيخ محمد حسين الكاظمي (١٣٠٧) الذي لازمه كثيراً واستقل في أواخر أيامه بالبحث والتدريس.

عاصر المرحوم الفقيه الشيخ محمد طه نجف وشاركه في مرجعية التقليد، وتوفى قبله بعام، حيث توفى هو – رحمه الله – في مستهل ربيع الأول(٢) سنة ١٢٢٢، كما قلنا، في حين توفي الشيخ محمد طه سنة ١٣٢٣ هـ.

____________________

(١) راجع في ترجمته كلا من: أعيان الشيعة للسيد الأمين. ج٥ ص٢٧٩ فما بعدها، وكتاب الأعلام لخير الدين الزركلي ج٧ ص١٣٣ ط٣، ومعجم المؤلفين لعمر رضا كحالة ج١٠ ص٢٤٦ وغيرها.

(٢) وليس في الخامس من شوال كما ذكر المحقق الشيخ أغا بزرك في كتابه طبقات أعلام الشيعة (نقباء البشر) ج١ ق٢ ص٦٤٦.

٢٤

كان له مجلس بحث يحضره لفيف من أهل الفضل والتحصيل العالي، جاء ذكرهم في عدد من المصادر التي ترجمت له، أو لهم، وكان الكثير منهم ينحدر إلى جبل عامل في لبنان.

ترك لنا والده رحمه الله: كتاباً فقهياً جليلاً لا يزال مخطوطاً ، استوعب فيه الفقه – دورة كاملة – مع تركيز وإيجاز، وهو شرح لكتاب (شرائع الإسلام) للمحقق الحلي – جعفر بن الحسن – سماه بـ: (توضيح الكلام في شرح شرائع الإسلام) كذلك علق على الرسالة العملية للشيخ الكاظمي المذكور لتكون رسالة عملية ومرجعاً لمقلديه في معرفة آرائه وفتاواه، وألف أيضاً رسالة في (قراءة القرآن).

هذا وكان الشيخ محمد قدس سره يؤم مصليه في الجامع المعروف بـ (جامع المسابك ) في النجف الأشرف، والذي تعاقب على إمامة الجماعة فيه أولاده الأعلام من بعده ومن بينهم شيخنا المترجم له أعلا الله مقامه.

* * *

أما جده الشيخ عبد الله: فقد عرف كذلك بالفضيلة والتحصيل وإن لم يكن من أهل الاجتهاد.. إلى جانب معروفيته بالزهد والتقوى والصلاح.

على أن عصره، وما والاه، قد امتاز بنبوغ وظهور عدد آخر من أفراد هذه الأسرة العلمية، وبنيل بعضهم مرتبة الاجتهاد التي لا ينالها إلا ذو حظ عظيم.

كان من أبرزهم: الشيخ محمد الشيخ حسن الشيخ باقر بن الشيخ مظفر(١) .

____________________

(١) راجع عنه طبقات أعلام الشيعة (الكرام البررة) ج٢ وأعيان الشيعة ٥ ص ٤٣١. ويظهر أن سلسلة نسبه المذكورة التي أورد ذكرها صاحب طبقات أعلام الشيعة المذكور هي أقرب إلى الصواب مما ذكره صاحب الأعيان، الذي جعل الشيخ حسن وأولاده من أنجال الشيخ إبراهيم الكبير الآتي ذكره.

٢٥

حيث عرف بالفقاهة وقوة التحقيق، عاصر السيد بحر العلوم وتتلمذ عليه وتوفي في أيامه، وله إجازات من علماء عصره تشهد له بالاجتهاد.

كما اشتهر من بينهم أيضاً في تلك الفترة والد الشيخ محمد المذكور (الشيخ حسن)(١) وأخوه الشيخ أحمد الذي ذكر المحقق الشيخ أغا بزرك أنه شاهد بعض آثاره الخطية الدالة على أنه كان من العلماء والفضلاء(٢)

كذلك اشتهر من بينهم قرابة هذه الفترة الشيخ نعمة بن الشيخ جعفر جد العلامة المرحوم الشيخ عبد المهدي المظفر عالم البصرة وزعيمها المعروف.حيث عرف الشيخ نعمة هذا بتضلعه في الفقه والأصول، مضافاً إلى تخصصه في بعض فنون اللغة العربية، وقد ذكرت له عدة مؤلفات وتعليقات في هذا المجال.

ولعل من أشهر من عرف من هذه الأسرة العلمية الجليلة في تلك الآونة المتقدمة المجتهد المجاهد المعروف (الشيخ إبراهيم) الملقب عند بعض مترجميه بالجزائري نسبة إلى جزائر البصرة.. يقول الشيخ أغا بزرگ في كتابه طبقات أعلام الشيعة عنه ما نصه: (هو الشيخ إبراهيم الجزائري بن الشيخ محمد بن الشيخ عبد الحسين ابن الشيخ مظفر النجفي المجتهد المسلّم الحكم بوقفية مدرسة بالكاظمية في سنة ١٢٢٣ هـ، ونصب الشيخ حسن هادي متولياً عليها، وكتب حكمه في ورقة ثم أمضاها جماعة من أعلام الدين منهم الشيخ الأكبر الشيخ جعفر كاشف الغطاء والسيد المحقق المقدس السيد محسن الأعرجي، (صاحب المحصول) والعلامة المحقق الشيخ أسد الله (صاحب المقابس) مصرحين كلهم بأنه نافذ القضاء صادر عن حاكم الشرع، ورأى سيدنا الحسن صدر الدين هذه الورقة بعينها، ذكر تفصيلها في تكملة أمل الآمل، قال: ويظهر من الشيخ الفقيه الشيخ خضر شلال النجفي في آخر باب الخلل من كتابه (التحفة الغروية) عند ذكره فتنة (الزكرت والشمرت)

____________________

(١) طبقات أعلام الشيعة (الكرام البررة) ج١ ص ٣٨٠.

(٢) المصدر نفسه ج١ ص٨٣.

٢٦

في سنة ١٢٣١ أن هذا الشيخ يومئذ من أجل من في النجف(١) .

* * *

أما الشيخ مظفر(٢) جد الأسرة الأعلى فقد كان فقيهاً فاضلا، استوطن النجف الأشرف من أجل الدراسة والتحصيل الديني في حدود المائة الحادية عشرة للهجرة، ثم رحل منها إلى بعض ضواحي البصرة، حيث قضى فيها الشطر الأخير من حياته كمرجع ديني يقوم بواجب الإرشاد وتبليغ الأحكام، وقد أطلقت هناك على اسمه بعض البقاع وبعض الأنهر لا تزال معروفة إلى وقت متأخر بهذا الاسم كدليل على تأثيره وآثاره في تلك البقاع.

لقد استمدت هذه الأسرة شهرتها العلمية واللقبية من الشيخ مظفر هذا، الذي ذكر أن أصوله النسبية تعود إلى أهل العوالي من العرب المضرية.

يقول بعض النسابة والمؤرخين عن هذه الأصول ما يلي:

(مظفر بن أحمد بن محمد بن علي بن حسين بن محمد بن أحمد بن مظفر بن الشيخ عطاء الله بن الشيخ أحمد بن قطر بن الشيخ خالد بن عقيل، من آل مسروح، أصول آل علي، من أهل العوالي من العرب المضرية).

ومن هذا ترى أن الأسرة المظفرية تنحدر في الأصل إلى الديار الحجازية وذلك لانتسابها إلى آل علي، وهي قبيلة مضرية معروفة تسكن بعض فروعها إلى الآن في عوالي المدينة المنورة، وقد كان لأحد أفراد الأسرة الماضين وهو

____________________

(١) راجع عنه أيضاً أعيان الشيعة ج٥ ص٤٣١ فما بعدها، وكذلك ص ١١٧ وانظر أيضاً (موسوعة العتبات المقدسة) قسم الكاظمين ج٣ ص٨٤ من بحث للدكتور حسين علي محفوظ.

(٢) يراجع عنه في بحث عن الأسرة كتبه نجل المترجم له (محمود المظفر) كمقدمة لكتاب (من أعلام آل المظفر) المطبوع.

٢٧

المرحوم الشيخ يونس الشيخ أحمد مراسلات معهم واتصال وثيق بهم(١) .

مولد شيخنا المؤلف:

وإذا عدنا إلى الحديث عن شيخنا المترجم له قدس سره بعد هذه الإلمامة القصيرة بتاريخ الأسرة وأصولها.. نجد أنه – قدس الله نفسه – ولد في الثاني عشر من شهر صفر سنة ١٣٠١، وأنه كان الابن الأكبر لوالده من أمه الفاضلة بنت الشيخ عبد الحسين الطريحي التي تحدرت من بيت علم وفضل، وثاني إخوته لأبيه بعد أخيه العلامة المرحوم الشيخ عبد النبي الذي احتل مكان أبيه بعد وفاته في إقامة صلاة الجماعة بمسجد المسابك سنة ١٣٢٢، والذي تولى رعاية إخوته وتنشئتهم من بعد والدهم. لكنه رأى الشيخ عبد النبي – رحمه الله توفى في سن مبكرة لم يتجاوز فيها العقد الرابع من عمره حيث ولد سنة ١٢٩١ وتوفى سنة ١٣٣٧ فيما تذكره بعض المصادر(٢) .

دراسته الأولية وتحصيله:

بدأ شيخنا المترجم له طاب مثواه: تعليمه الأولي في بعض الكتاتيب التي كانت شائعة في عصره بالنجف الأشرف، ولما استطاع أن يتقن المبادئ الأولى فيها اتجه صوب دراسة ما يسمونه بالمقدمات أو السطوح على يد أساتذة أكفاء.. فدرس – حسب منهجها – النحو والصرف وعلوم البلاغة والمنطق، وشيئاً من العلوم الرياضية كالحساب والفلك، كما درس علم الكلام والحديث وأصوله،

____________________

(١) يراجع في ذلك كله المرجع السابق، ويراجع تفصيلا في أصول الأسرة: كتاب قلب جزيرة العرب لفؤاد حمزة ص١٤٧ – ١٥١ط٢، ومعجم قبائل العرب ج١٠ ص٢٦٠، وكتاب عشائر العراق ج١ ص٣٠٥ – ٣١٠.

(٢) ذكر صاحب طبقات أعلام الشيعة في ج١ ص٤٣١ أنه ولد سنة ١٢٦١ والصحيح أنه ١٢٩١ ولعل ذلك كان خطأ مطبعياً.

٢٨

وكذلك الفقه وأصوله ونحوها من دروس تلك المرحلة الدراسية المتقدمة.. حتى نبه بعد حين وجيز ذكره، وتطلع إليه الناس، فاحتل – وهو في تلك المرحلة المبكرة والسن المبكر – دور المدرس في الحوزة العلمية.. وذلك في نفس الوقت الذي كان يواصل فيه تحصيله لتلك المقدمات.. وقد حضر عليه في هذه الأثناء رعيل من أفاضل طلاب العلوم الدينية.

قرض في هذه الفترة المبكرة من حياته الشريفة الشعر، وشارك في كثير من المناسبات الدينية والإخوانية، كما كانت له مع العلامة المرحوم الشيخ جواد الشبيبي الذي أصهره بابنته الكبرى: مساجلات أدبية معروفة قامت بنشرها والتعليق عليها بعض المجلات الأدبية في حينه، كما عنى بجمعها غير واحد من أصحاب الموسوعات الأدبية كالأستاذ علي الخاقاني في كتابه الكبير (شعراء الغري)(١) .

تخرجه وشيوخه:

ولما إشتد ساعده وتمكن تمكناً تاماً من إتقان علوم المرحلة الدراسية المذكورة – المسماة بالسطوح – ونبغ فيها بين أقرانه: واصل دراسته العليا وحضور ما نسميه (ببحوث الخارج).. حيث اختلف – ومنذ أواسط العقد الثالث من عمره – إلى حلقات مشاهير المجتهدين وأساطين التدريس في الحوزة العلمية النجفية في حينه، وقد تسنى له أن يحضر عدة دورات فقهية وأصولية لديهم، استطاع فيها أن يسجل تقريراتهم بدقة وعناية فائقة، وكانت له مع أساتذته في هذه الدورات جولات ومناقشات يشهد له فيها كل من عاصره من أقرانه، كما كانت له في هذه الأثناء مطارحات علمية في نوادي النجف وحلقاتها المعروفة، كانت مثار إعجاب الجميع وتقديرهم.

* * *

____________________

(١) من شاء أن يطلع على نماذج من هذه المساجلات فليرجع إلى مظانها من الكتب المذكورة، حيث لا نجد مجالا لعرضها في هذه المقدمة التي راعينا فيها الاختصار والتركيز.

٢٩

وكان من أبرز شيوخه الذين اختلف إلى حلقاتهم المذكورة ولازمهم فيها: الشيخ الأصولي ملا كاظم الآخوند صاحب (الكفاية) المتوفى سنة ١٣٢٩ والذي حضر عنده دورة بحثه الأخيرة، والسيد محمد كاظم اليزدي صاحب (العروة الوثقى) المتوفى سنة ١٣٣٧، وشيخ الشريعة الأصفهاني المتوفى سنة ١٣٤٠ والشيخ علي الشيخ باقر آل صاحب الجواهر المتوفى سنة ١٣٤٠ كذلك، وكان أكثر تحصيله على هذين الأستاذين الأخيرين أعلا الله مقامهما، وله إجازة الاجتهاد من أكثر مشايخه هؤلاء، كما أجازه بالرواية شيخه شيخ الشريعة قدس الله نفسه.

مرجعيته وإمامته في صلاة الجماعة:

وبعد وفاة الإمام اليزدي رحمه الله سنة ١٣٣٧ استقل شيخنا المترجم له طيب الله مثواه في البحث والتدريس والتأليف على مستوى (بحث الخارج)، وتصدر منذ ذلك الحين مجالس البحث فتحلق حوله طلاب العلم واتجهت إليه أنظار أهل الفضيلة والاشتغال حتى أصبح مرجعاً من مراجع التقليد.. وبعد وفاة الإمام (السيد أبو الحسن الأصفهاني) قدس الله نفسه سنة ١٣٦٥ ظهر شيخنا المظفر إماماً مبرزاً ومرجعاً من مراجع المسلمين بالرغم من أنه – كما هو المعروف عن سلوكه – كان قد آثر العزلة وآثر الانصراف إلى التأليف والتدريس والابتعاد عن مظاهر الزعامة.

وعلى ذكر الإمام (السيد أبو الحسن).. فالمعروف أنه لما توسعت مسئولياته – رحمه الله – وخاصة في سنيه الأخيرة.. رغب إلى شيخنا المترجم له أن يؤم المصلين في مكانه ظهراً بالجامع الهندي أكبر مساجد النجف الأشرف وأوسطها مكاناً، لكنه رحمه الله لاذ بالاعتذار مفضلا إمامة الجماعة في مسجده المعروف (بمسجد المسابك) الذي خلف والده وأخاه الأكبر الشيخ عبد النبي بالصلاة فيه، وقد اعتبر البعض هذه الرغبة الكريمة من الإمام (السيد أبو الحسن ) قدس الله نفسه بمثابة ترشيح له لزعامة المذهب من بعده.

٣٠

كما اعتبرت أيضاً رغبة الإمام الأصفهاني الأخرى بإرجاع ما يعود من أمور القضاء إليه للبت فيها من قبل شيخنا بمثابة ترشيح آخر له بالزعامة.

وقصة هذا الترشيح للقضاء أمر معروف بين الأوساط العلمية حيث أن الإمام (السيد أبو الحسن) لما توسعت مسئولياته كما قلنا، رأى أن يقوم بتوزيع هذه المسئوليات بين أقطاب عصره مثلما حدث أيام الحجة الشيخ جعفر الكبير، فرأى أن يتولى شيخنا المترجم له كل مسئولياته المتعلقة بشئون القضاء والفصل في الخصومات بين الناس، وقد زاره لذلك مرات عديدة في داره محاولاً إقناعه بقبول هذه المهمة الكبيرة، ولكنه – رحمه الله – آثر الاعتذار أيضاً وبإصرار، معللا ذلك بحاجته للانصراف إلى البحث والتأليف والتمحض لهما.

ومما يلفت النظر أن المغفور له (السيد أبو الحسن) لم يحاول تكليف شخص آخر بعد اعتذار شيخنا عن تلك المهمة، الأمر الذي يدل على مبلغ اعتزازه وإيمانه بشخص شيخنا رحمه الله وقدس نفسه الكبيرة.

آثاره العلمية

وقد أثرى انصرافه المذكور إلى التأليف والتدريس، وعزلته المكتبة الإسلامية بما قدمه لنا من كتب وموسوعات جليلة في مجالات الفقه وأصوله والعقائد.. وكان من أبرزها.

١- كتابه الكبير(شرح القواعد) الذي تولى فيه شرح كتاب (قواعد الأحكام) للعلّامة الحلي(١) بخمس مجلدات كبار اشتملت على قسم العبادات كلها،

____________________

(١)العلّامة الحلي هو الحسن بن يوسف بن مطهر من كبار علماء الإمامية في القرن الثامن الهجري، وهو نفسه – مؤلف كتاب (نهج الحق) الذي استهدفه بالنقد المفضل ابن روزبهان وتولى الرد على الفضل شيخنا المترجم له في كتابه الخالد الذي بين أيدينا (دلائل الصدق).

٣١

طبع منها حتى الآن الجزء الأخير المخصص في (مباحث الحج)، وقد حظيت – مضافاً إلى هذا الجزء المطبوع – بقراءة بعض أجزائه المخطوطة، ووجدته فيها شيخ المحققين وعلماً من أعلام التدقيق وبعد الغور مع سلاسة في الأسلوب يجيء بالأمر الجديد على جاري طبيعته، هي تكاد تظن أنه لم يفت غيره، وبعد الفحص ترى أنه بما انفرد به ولم يشر إليه أحد قبله، وكنت أظن أنه يلاحظ عليه اختصاره فيه، ولكن بعد التأمل والتروي تحكم عليه أنه لم يفته المهم مما ينبغي أن يبحث ويقال.

٢- (دلائل الصدق) وأما كتابه هذا الذي نكتب له هذه المقدمة والذي رد فيه على الفضل بن روزبهان في مناقشة كلامية في المسائل الخلافية بين الشيعة الإمامية وأهل السنة والجماعة، فأستطيع أن أقول أنه عديم النظير جمعاً وتحقيقاً وتأسيساً، يستقصي كلام الفضل بن روزبهان نقطة نقطة، ولم يفته منه شيء أصلا، فيرفع مبناه في أساسه وشجرته من عروقها وأقنانه من أعذاقها فيعود ولا حب لحصيده ولا عدة لعديده، مع أدب كامل ومجاملة تامة، لا يشذ قلمه مع أن المخاطب ابن روزبهان الذي لم يلتزم بآداب المناظرة بما ظهر في رده على العلامة الحلي من ألوان السباب، ولو كان له بصاعه لما كان ظلماً وتعدياً من شيخنا عليه، وقد قال الله تبارك وتعالى:( ومن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ) ولكن شيخنا أعلا الله مقامه آثر الاتزان والرصانة فعفا وأعرض، فإذا وقفت على ذلك عجبت من أسلوب ابن روزبهان ونزاهة شيخنا وعلو مقامه، وأحسب أنه لا يتكلف أن يكون كذلك لأنه مجبول على ذلك ومطبوع عليه، ولم يسمع عنه مدة عمره الشريف ما ينافي المروة والكرامة.

وعلى كل حال، فإنه لما لم يترجم لشيخنا في الكتابين المذكورين، ولما عزم على إعادة طبع هذا الكتاب (دلائل الصدق) رأيت من المحتم علي – بما له من حق سابغ ضاف على معارفي لأنه أستاذي – أن أقوم بما أعرف عنه في هذه المقدمة، وإن كنت لم أحط من فضائله إلا القليل.

٣٢

٣- ومن مؤلفاته القيمة الأخرى كتاب (الإفصاح عن أحوال رجال الصحاح) وصفه السيد الأمين صاحب أعيان الشيعة، (ج٤٦ ص٢٢٣) بأنه: (وحيد في بابه)، ويقوم الكتاب على ذكر قسم من رجال كتب (الصحاح الستة)، الذين طعن فيهم علماء الجرح والتعديل عند أهل السنة، وقد حرص شيخنا المؤلف على أن يضمن كتابه (دلائل الصدق)، قسماً من مباحث ذلك الكتاب كمقدمة للدلائل، ويمكن الرجوع إليها لتعرف مقدار الجهد والعناء الذي بذله شيخنا في هذا الكتاب.

٤- شرح (كفاية الأصول) للشيخ ملا كاظم الآخوند بجزأين، وقد تم شرحها أثناء قيامه بتدريس هذه المادة في إحدى دورات بحثه (الخارج).

٥- وجيزة المسائل، وهي رسالة عملية مطبوعة تتضمن خلاصة آرائه وفتاواه في المسائل الفقهية لتكون مرجعاً لمقلديه.

٦- حاشية (على العروة الوثقى) للسيد محمد كاظم اليزدي.

٧- رسالة في فروع العلم الإجمالي.

٨- عدة حواش على عدة رسائل عملية منها حاشيته على رسالة السيد أبو الحسن الصغيرة، وأخرى على (مناسك الحج) للسيد (أبو الحسن) أيضاً (وثالثة) على الرسالة العملية للشيخ عبد الحسين مبارك.

مضافاً إلى مجموعة شعره التي نشر بعضها صاحب (شعراء الغري) وغيره.

آراؤه الفقهية

كان رحمه الله من المجتهدين القلائل الذين تلقوا حوادث تطور الزمن بنفس متفتحة بعيدة عن التزمت، فنظر بذلك إلى الحياة نظرة سمحاء، ومتى واتاه الدليل أو قامت عنده الحجة الشرعية أجاز ما يسهل على الناس أمر حياتهم، فمثلا كان

٣٣

يرى طهارة الكتابيين وجواز الزواج منهم، كما كان يرى أن الأدلة غير متوفرة على أن المتنجس ينجس.

وكان أعلى الله مقامه يرى لزوم ترتيب الأثر فيما يتعلق بإثبات الأهلة على وفق حكم الحاكم الشرعي معللا بأن الحاكم بالهلال مجتهد أهل للحكم إذا تمت الموازين، وقد رأيته نفسه: رتب الأثر على ذلك في بعض أهلة عيد رمضان عندما حكم بالهلال بعض المراجع، وخالفه الآخرون، لقد نظر شيخنا في ذلك إلى الواقع دون أن يلتفت إلى زاوية غير زاوية الحق، وفي نفس الوقت فإن هذه الحادثة تكشف عن فنائه في ذات الله وتجرده وبعده عن الأنانية، وله من أمثال ذلك الكثير يترصد الحق دائماً ولا يحيد عنه ولا تصده عنه نزوة من حب الذات وخلجاتها ولا نزعة من نزعات الكبرياء وتخيلاتها، على أنا لسنا هنا بصدد عرض آرائه ومواقفه فيها..

تلامذته وأسلوبه في التدريس:

لقد حضرت عليه طاب ثراه طبقات عديدة من أهل العلم والفضل، وبإمكاننا أن نلمح ذلك في الشخصيات العلمية المترجم لها في كتب التراجم والطبقات الأخيرة، وقد شاهدت جماعة من الذين كانوا يحضرون عنده وتخرجوا عليه، كان من بينهم جماعة من الأعلام: كالشيخ محمد جواد الحچامي،والسيد باقر الشخص، والشيخ عبد الهادي الشيخ راضي، وأخوه الشيخ محمد حسين المظفر، والشيخ قاسم محيي الدين، والشيخ محمد طه الحويزي، والشيخ عبد الكاظم الغبان، ونظائرهم، وبعد أن صارت لنا أهلية الحضور عليه حضرت أنا وأخوه العلم المرحوم الشيخ محمد رضا وجماعة كانوا معنا، وحضر عليه بعد ذلك غيرنا، وهلم جرا كانت تحضر عليه الطبقات طبقة بعد أخرى في مجلس بحثه الذي كان يعقد في فناء داره، ولو أردنا الإحاطة بأسماء من حضر عنده من سائر الطبقات لاستدعانا ذلك الطوامير الطوال، لأنه كان شيخنا من مشايخ التدريس دقيق النظر عميق التفكير والتحقيق، حسن الأسلوب في التفهيم.

٣٤

ومما حفزني للحضور عليه أني كنت أحضر بعض الدروس عند أحد تلامذته، وكان إذا ذكره خضع لعلو شأنه وسامي مقامه من ناحية غزارة علمه وبعد غوره ومتانة تحقيقه، ولما صار لي، كما قلت، أهلية الحضور عليه حضرت، فكان كما تخيلته عندما كان يطريه أستاذي، فقد وجدته يحرر المسألة بتحرير واضح يتبين فيه موضع الخلاف جلياً لئلا تلتبس الآراء من حيث تداخل بعض المصاديق ببعض ثم يبدي رأيه معتضداً بالحجة ذاباً عما اختاره في تفنيد ما قيل أو يمكن أن يقال على خلافه، مؤيداً بالذوق الصحيح العالي والفطرة السليمة الحرة غير مأخوذ مما يستدعي اتباع المشهور لكونه مشهوراً من دون أن تسانده الأدلة، وبإمكانك مراجعة كتبه الاستدلالية ومنها كتابه المطبوع في (مباحث الحج) لتجد أسلوبه بارزاً في عرض الأدلة ومناقشتها والانتهاء إلى الرأي السديد.

تقواه وعدالته

لقد كان أعلا الله مقامه مضرب المثل في ذلك عند الناس، حتى إني كنت أتصوره أنه معصوم غير واجب العصمة، والناظر إليه يحس أنه يواجه وجهاً تنطق أساريره بمعنوية الهداية ونور الهدى، وكنت أقصده للإئتمام به في الصلاة، فإنه مضافاً إلى كونه في أقصى درجات العدالة، فقد كانت له في الصلاة نغمة ولا سيما في قنوته فكأنها تأخذ بيدك فترفعك إلى نور معرفة الله، وكأنك ترى الجنة والنار ماثلتين بين عينيك بإيحاء من تأثير صوته الخاشع وعذوبة لهجته وكمال معرفته ومعراجية نفسه واتصالها به تبارك وتعالى فناء وعرفاناً.

أخلاقه وصفاته

ولا تظنه أنه لدماثة أخلاقه كان ممن تقتحمه العين، فلقد كانت له هيبة تكاد أن ترتعد لها الفرائض وتصطك لها الأخمص ويخفق لها القلب، كل ذلك فيما أعتقد سر هيبة الطاعة وعلو مكانته منها من غير ان يكون في شيء من ذلك متكلفاً أو متزمتاً، فإنه المجبول على الترسل والتبسط ولكنه مخلوق خيراً زكياً.

٣٥

وقد ذكر لي بعض ثقاة أقاربه، وكان أكبر من شيخنا سناً: أن الشيخ لما كان صبياً ما كانت له بطبعه هواية أن يلهو أو يلعب كما تلعب الصبيان، بل كان يحشر نفسه مع الصبيان، ولكنه يقف منهم على كثب فلا يشاركهم لعبهم ولهوهم، فكأنه خلق على الاتزان وطبع على الوقار.

وإني كنت أجتمع به وأعد اجتماعي به من توفيقاتي كمن يجتمع مع ملك من ملائكة الله، ولم أسمع منه مدة العمر أن تعرض لأحد إلا بالخير والإطراء إذا كان ممن يستحق ذلك، وإلا فلا يتعرض له، وربما يتعرض غيره له فتكون خطته خطة الدفاع عنه وحمله على الصحة.

وهو ميمون النقيبة مبارك الذات والفعل، أما بركة ذاته فلطهارتها بالطاعة والمعرفة والفناء في مرضاة الله مع علمه البالغ وفضله العظيم الجم، وأما بركة الفعل فقد شاهدته عقد الزواج لشاب على فتاة، وبعد العقد ابتلى الزوج بداء كان منه على أشد نواحي الخطر يكاد أن يكون ميئوساً منه ثم عافاه الله وعاد إلى الصحة الكاملة، وتزوج الزوجة التي عقدها الشيخ له، فاتفق أن اجتمعت بأحد العلماء فتذاكرنا ما جرى لهذا الشاب فقال لي أما أنا فكنت على رجاء قوي لم أيأس كما يأس الناس لأن العاقد له كان الشيخ فإنه الميمون المبارك قد جرب أنه ما عقد لشخص فخاب زواجه.

وكان طاب مثواه حليماً يسعني أن أقول إنه ما رؤي غضب لنفسه أو لأمر من أمور الدنيا، ولكنه كان يتأجج ناراً ويتميز غيظاً إذا هتكت عصمة من عصم الدين.

واترك بعد ذلك الحديث عن سيرته وصفاته إلى أخينا الحجة الشيخ محمد شيخ الشريعة الذي هو من كبار علمائنا الآن في الباكستان والمعروف بموضوعيته.

يقول حفظه الله بمناسبة الذكرى الأربعينية التي أقيمت في النجف الأشرف لشيخنا

٣٦

الفقيد سنة ١٣٧٥ هـ: (اعتدت ألا أكتب إلا ما يترجم شعوري وابتدأ بإرضاء ضميري قبل غيري فحقاً أقول: إنا فقدنا بارتحال شيخنا الأعظم آية الله المظفر أطهر وأطيب وأزكى شخص عرفته في حياتي، وأعتقد أن الهيئة العلمية الدينية النجفية والجامعة الإسلامية العامة قد انثلمت بوفاة فقيدنا الأكبر، فقد كان منهلا لرواد العلم ومقتدى المؤمنين وأباً باراً للمسلمين.

ثم قال: لا يجتمع التواضع والمرونة مع الكبرياء ولكنهما يجامعان العظمة، فقد كان رحمه الله عظيماً متواضعاً مهاب الجانب محبوباً يغمر جليسه بعظمته الروحية الأخلاقية، ويصهره حتى يصبح منطق الجليس نزيهاً عارياً من الغمز واللمز، فلم تكن ترى في مجلسه غير الأدب الديني من دون أن يحدد أحداً في منطقه، إذا ذهبت إليه بحاجة كان يتضاءل كأنه المحتاج ولم تتركه إلا وأنت راض عنه سواء أجابك أم ردك وأن قلّ الأخير. كان جواداً بذولاً في شخصيته وماله، وكل ما أوتي، فقد كان رحمه الله يعتقد أن شخصيته ملك للمسلمين يجب أن ينتفعوا بها ولم يبخل بها على أحد. وأعتقد أن التصدق بالشخصية أعظم وأصعب على الرجل من التصدق بماله، بل أشد من التصدق بنفسه بمراتب.

كل يعلم علقة آل المظفر (بجمعية منتدى النشر) وقد آزر المرحوم جميع خطوات الجمعية، لا لأن إخوانه منسوبون إليها، بل لاعتقاده أن تلك الحركة خطوة إصلاحية للدين والمجتمع.

اقسم بالله وهو علي شهيد إني مع قربي بجواره وخطوتي بمجالسته سفراً وحضراً ما وجدته نصر الجمعية أو جهات أخرى بدوافع الانتماءات الفردية والتعصبات الخاصة، بل لم يكن يفهم التعصبات القبلية أو القومية، ولم أغال إن قلت أن أخاه وأي مسلم آخر كان عنده سيّان إلا بما ميز الشارع بينهما، وكان التمايز عنده بالتقوى لا بالبياض والسواد، وكان مجبولاً على هذا الخلق الكريم لا أنه يعمل به إطاعة للشرع الحنيف فقط، وكمال الدين أن تصبح الأحكام أخلاقاً

٣٧

مزيجاً بدم الرجل ولحمه، كان فرداً عاماً محذوفاً عنه جميع الإضافات الخاصة، ولمثله الحق أن يكون على رأس أمة إسلامية عالمية.

مع أنه كان قدوة في التقوى كان بعيداً عن التقشف والرياء، يحضر على المائدة الفخمة ويشارك الفقراء في مآكلهم البسيطة لا ينكر الأول تقشفاً ولا الثاني تكبراً، يبتسم للفقير ولا يخضع لذوي الجاه والسلطان، متواضع مع الأول وعظيم مع الثاني، وكان عظيماً مع الناس أكثر من عظمته عند نفسه على حد قول إمامنا السجاد (عليه السلام)«ولا ترفعني في الناس درجة إلا حططتني عند نفسي مثلها» .

وإني لأحفظ له كلمة، وكم له من كلمات خالدة وهي: (إن الرياء في زماننا لا معنى له لأن سوء الظن بلغ بالناس حداً يتوهمون العبادة الخالصة من المؤمن رياء فلا فائدة للمرائي ورياؤه لا ينخدع به الناس).

وفاته ومدفنه

هكذا بعد هذه الحياة المثالية الحافلة بالعلم والعمل والتقى والصلاح. اطمأنت نفس شيخنا الإمام المظفر، ورجعت إلى ربها راضية مرضية وذلك ظهيرة يوم الأربعاء الثالث والعشرين من شهر ربيع الأول سنة خمس وسبعين وثلثمائة وألف من الهجرة النبوية: بمستشفى الكرخ ببغداد بعد مرض عضال فاهتزت الأوساط الشيعية في العراق وغيره لهذا النبأ المروع ونقل جثمانه الطاهر إلى النجف الأشرف بموكب قل نظيره، حيث رقد بجوار إمامه وإمامنا سيد العارفين وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وفي مقبرته الخاصة الكائنة على الشارع العام من طريق الكوفة اليوم، وقد كان يوماً مشهوداً شاركت فيه جماهير المؤمنين وتعطلت فيه الأعمال وأغلقت الأسواق وتوقفت الدراسات الدينية والبحوث الخارجية لمدة عشرة أيام، حزناً على شيخنا العظيم، وأقيمت الفواتح في النجف وفي كثير من أنحاء العراق وخارجه وامتدت إلى يوم الأربعين، كما أقيمت في ذكراه الأربعينية حفلة تأبينية كبرى في مدرسة الإمام البروجردي في النجف الأشرف يوم ٨

٣٨

جمادى الثانية سنة ١٣٧٥، وأخرى في مدينة البصرة في ٢٢ جمادى الثانية ١٣٧٥ ألقيت فيها قصائد الرثاء وكلمات التأبين من قبل علماء الأمة وأدبائها، عبرت عما لشيخنا أبي احمد رضوان الله عليه من مكانة سامية في نفوس المؤمنين.

هذا وأرخ وفاته شعراً عدد من الأفاضل كان من بينهم العلامة السيد محمد الحلي الذي قال:

كم للهدى بعد أبي أحمد * من أمل خاب ونجم خبا

فشرعة الحق بتاريخها * تنعى رجاها (الحسن ) المجتبى

١٣٧٥ هـ

النجف الأشرف محمد طاهر آل الشيخ راضي

٢٥ رجب ١٣٩٦ هـ

٣٩

مَراجِع التَرجَمة

رجعنا في ترجمة شيخنا المعظم إلى المراجع التالية مضافاً إلى معلوماتنا الخاصة:

- أعيان الشيعة للسيد محسن الأمين ج٤٦ مطبعة الإنصاف بيروت ١٩٦٠.

- طبقات أعلام الشيعة (نقباء البشر) الشيخ أغا بزرك الطهراني.

- طبقات أعلام الشيعة (الكرام البررة) الشيخ أغا بزرك الطهراني – المطبعة العلمية – النجف ١٩٥٤.

- ماضي النجف وحاضرها: الشيخ جعفر محبوبة ط٢.

- شعراء الغري: علي الخاقاني ج٧.

- الذريعة إلى تصانيف الشيعة: الشيخ الطهراني – الطبعة الأولى.

- معارف الرجال: الشيخ محمد حرز – مطبعة الآداب – النجف ١٣٨٤ هـ

- معجم المؤلفين : عمر رضا كحالة: مطبعة البرقي. دمشق ١٩٦٠

- الأعلام: خير الدين الزركلي

- أسرة آل المظفر: محمود المظفر

- موسوعة العتبات المقدسة، قسم الكاظمين

- مجلة العرفان : المجلد ٤٣.

- جريدة (نداى حق) الإيرانية

- كلمات التأبين التي قيلت في رثاء الشيخ الفقيد وغيرها..

٤٠