شرح البداية في علم الدراية

شرح البداية في علم الدراية  0%

شرح البداية في علم الدراية  مؤلف:
الناشر: مكتبة چهل ستون العامة
تصنيف: علم الدراية
الصفحات: 170

شرح البداية في علم الدراية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الشيخ زين الدين علي بن محمد الجبعي العاملي (الشهيد الثاني)
الناشر: مكتبة چهل ستون العامة
تصنيف: الصفحات: 170
المشاهدات: 55324
تحميل: 6961

توضيحات:

شرح البداية في علم الدراية
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 170 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 55324 / تحميل: 6961
الحجم الحجم الحجم
شرح البداية في علم الدراية

شرح البداية في علم الدراية

مؤلف:
الناشر: مكتبة چهل ستون العامة
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

٤١

٤٢

الجهدُ الثاني:

شرحُ البِداية

في

علِم الدِّراية

تأليف:

الفقيه المحدِّث الشهيد الثاني

زينُ الدِّين بن عليِّ بن أحمد العاملي

٩١١ه- ٩٦٥ه-

٤٣

٤٤

بسم الله الرحمن الرحيم

نحمدُك اللَّهُم على حسن توفيق البداية، في علم الدراية والرواية، ونسألك حسن الرعاية، في جميع الأحوال إلى النهاية، ونصلِّي على نبيِّك وحبيبك محمَّد المنقذ للخلق من الغواية، المرشد لهم إلى الحقِّ وسبيل الهداية، وعلى آله الأطهار، وأصحابه الأخيار، صلاةً دائمةً متصلةً لا يُبلغ لها غاية، ونسلِّم تسليما.

وبعد الحمد لله بما هو أهله، والصلاة على مستحقِّها ؛ فهذا كتاب مختصر وضعناه في علم دراية الحديث، وهو علميبحث فيه عن: متن

الحديث، وطرقه من صحيحها وسقيمها وعللها، وما يحتاج إليه(١) ليعرف المقبول منه والمردود.

وموضوعه : الراوي، والمروي من حيث ذلك(٢) .

وغايته : معرفة ما يقبل من ذلك ليعمل به، وما يرد منه ليُتجنَّب.

ومسائله : ما يُذكر في كتبه من المقاصد ؛ ويذكر بيان مصطلحاتهم في هذا العلم ؛ من المفهومات المنقولة عن معانيها اللغوية، أو المخصصة لها، كما سيرد عليكم إنْ شاء الله تعالى.

جعلنا وضعه على وجه الإيجاز والاختصار، دون الإطناب والإكثار ؛ ليسهل حفظه،

____________________

(١) أي ما يحتاج إليه من شرائط القبول والرد.

(٢) علَّق الأخ الفاضل الحجة السيد أحمد محمد علي المددي هنا بقوله: أي من حيثُ معرفةُ الصحيح والسقيم، والمقبول والمردود، من الحديث والرواية.

٤٥

ويكثُر نفعه، فإنَّ طباع أهل الزمان لا تحمل أعباء الكثير من العلم ؛ خصوصاً في هذا الشّأن.

وهو مرتَّب على:مقدِّمة ، وأربعةأبواب .

سائلين من الله تعالى إلهام الحقَّ، والدلالة على صوب الصواب.

٤٦

المقدِّمة

ومدارُهاعلى:الحديثِ، والمتنِ، والسندِ، ونحوها

٤٧

٤٨

الحقلُ الأول:

في

الخبر، والحديثِ، والأثر

النّظر الأول(١) :

الخبرُ والحديثُ مترادفان ؛ بمعنىً واحد(٢)

- ١ -

وهو اصطلاحاً: كلامٌ لنسبته خارجٌ في أحد الأزمنة الثّلاثة ؛ أي يكون له في الخارج نسبة ثبوتية أو سلبية، تطابق ؛ أي تطابق تلك النسبة ذلك الخارج بأن يكونا سلبيَّين أو ثبوتيّين ؛ أو لاتطابقه ؛ بأن يكون أحدهما ثبوتيَّاً والآخر سلبيَّاً(٣) .

و(الكلامُ) في التعريف: بمنزلة الجنس.

وخرجَ بقوله: (لنسبته خارج) الإنشاء(٤) ؛ فإنَّه وإنْ اشتمل على النسبة إلاّ أنَّه لا خارج له منها، بل لفظه سبب لنسبة غير مسبوقة بأخرى.

- ٢ -

وتوضيحُ ذلك: أنَّ الكلام إمَّا أن تكون نسبته بحيث تحصل من اللفظ، ويكون اللّفظ موجداً لها، من غير قصدٍ إلى كونها دالَّة على نسبة حاصلةٍ في الواقع بين الشيئين ؛ وهو الإنشاء. أو تكون نسبته بحيث يقصد أنَّ لها نسبةً خارجيّةً ؛ أي ثابتة في نفس الأمر، تطابقه أو لا تطابقه ؛ وهو الخبر(٥) .

____________________

(١) الذي في النسخة الخظِّيَّة (ورقة ٢، لوحة ب، سطر ٨): (الخبر والحديث مترادفان) فقط ؛ بدون: (الحقل الأول: في الخبر والحديث و

الأثر. النظر الأول:).

(٢) ينظر: كليَّات أبي البقاء، ص١٥.

(٣) ينظر: شرح المختصر للتفتازاني، ص١٦.

(٤) الذي في النسخة الخطية (ورقة ٣، لوحة ١، سطر ١): الإنشا ؛ بدون ما يُسمَّى بالهمزة المتطرِّفة، كما أنَّها وردت هكذا بعد ذلك مراراً.

(٥) ينظر: شرح المختصر للتفتازاني، ص١٦.

٤٩

- ٣ -

فإذا قلت مثلاً: زيدٌ قائمٌ، فقد أثبتَّ لزيد في اللفظ نسبة القيام إليه ؛ ثم في نفس الأمر لابدَّ أن يكون بينه وبين القيام نسبةٌ بالإيجاب أو السلب ؛ فإنَّه في نفس الأمر لا يخلو مِنْ أن يكون قائماً أو غير قائم.

بخلاف قولنا: قمْ ؛ فإنَّه وإن اشتمل على نسبة القيام إليه(١) ، لكنَّها نسبة حدثتْ من اللفظِ، لا تدلُّ على ثبوت أمرٍ آخر خارج عنها يطابق أولاً ؛ ومن ثَمَّ لم يحتمل الصدق والكذب، بخلاف الخبر.

[النظر الثاني:]

وهو ؛ أي الخبر المرادف للحديث، أعمُّ من أن يكون قول الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والإمامعليه‌السلام ، والصحابي، والتابعي، وغيرهم من العلماء والصلحاء ونحوهم. وفي معناه: فعلهم وتقريرهم.

هذا هو إلا شهر في الاستعمال، والأوفق لعموم معناه اللُّغوي.

- ١ -

وقد يُخصَّ الثاني - وهو الحديث - بما جاء عن المعصوم ؛ من النبي والإمام.

ويُخصُّ الأول - وهو الخبر - بما جاء عن غيره.

ومن ثَمَّ، قيل لمَن يشتغل بالتواريخ وما شاكلها: الأخباري، ولمَن يشتغل بالسُّ-نَّة النبويّة: المحدِّث ؛ وما جاء عن الإمام عندنا: في معناه.

- ٢ -

أو يُجعلُ الثاني - وهو الحديثُ - أعمُّ من الخبر مطلقاً ؛ فيقال لكلِّ خبرٍ: حديث، من غير عكس.

وبكلِّ واحدٍ من هذه الترديدات قائل.

[النظر الثالث:]

والأثر: أعمُّ منهما مطلقاً ؛ فيقال لكل منهما: أثر، بأيّ معنى اعتُبِر.

وقيل: إنَّ الأثر مساوٍ للخبر.

____________________

(١) أي إلى زيدٍ، على تقدير كونه مخاطباً. خظِّيَّة الدكتور حسين علي محفوظ، ص٢.

٥٠

وقيل: الأثر ما جاء عن الصحابي، والحديث ما جاء عن النبي، والخبر أعمُّ منهما(١) .

والأعرف: ما اخترناه(٢) .

____________________

(١) قال المددي: يبدو لي - بعد مراجعة المصادر الموثوق بها في هذا العلم - : أنَّ هذه الاحتمالات والأقوال إنَّما حَدَثت عند المتأخِّرين، خصوصاً بعد شيوع المنطق الأرسطي في الأوساط العلمية الدينية. وأمَّا كتب المتقدِّمين ؛ فهي خاليةٌ عن هذه الاحتمالات والأقوال، إن صحَّ التعبير بأنَّها أقوال.

كما أنَّه لا فائدة مهمَّة في تحقيق ذلك، وأنَّه متى ما دلَّ الدليل على حُجِّية الخبر وتحديدها، فهو عامٌ بدلالتهٍ ؛ وبالتالي يشمل: الخبر، و

الحديثَ، والأثرَ، سواءٌ تطابقت مفاهيمها أم تخالفت.

(٢) قال محمد جمال الدين القاسمي: والحديث: نقيض القديم، كأنَّه لوحظ فيه مقابلةُ القرآن ؛ والحديث: ما جاء عن النبي ؛ والخبر: ما جاء عن غيره.

وقيل: بينهما عموم وخصوص مطلق ؛ فكل حديث خبر من غير عكس.

والأثر: ما رُوي عن الصحابة، ويجوز إطلاقه على كلام النبي أيضاً.

قواعدُ التحديث من فنون مصطلح الحديث، ص٦١.

٥١

الحقلُ الثاني:

في

مَتْنِ الحديث(١)

والمتنُ لغةً: ما اكتنف الصُّلبَ من الحيوان، وبه شُبِّه المتن من الأرض. ومَ-تُنَ الشيء: قوِيَ متنُه(٢) ، ومنه: حبل متين. فمتن كل شيء: ما يتقوَّم به ذلك الشيء، ويتقوَّى به ؛ كما أنَّ الإنسان يتقوَّم بالظَّهر، ويتقوَّى به. فمتن الحديث: لفظ الحديث الذي يتقوَّم به المعنى(٣) ؛ وهو: مقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وما في معناه(٤) .

____________________

(١) الذي في النسخة الخطِّيَّة (ورقة ٣، لوحة ب، سطر ١٠): (والمتن لغة) فقط ؛ بدون: (الحقل الثاني: في متن الحديث).

(٢) ينظر: تهذيب اللغة، ١٤/ ٣٠٦.

(٣) ينظر: قواعد التحديث، ص٢٠٢.

(٤) أي: قول الأئمَّة. خطِّيَّة الدكتور حسين علي محفوظ، ص٣.

٥٢

الحقلُ الثالث:

في

السَّند والإسناد(١)

- ١ -

والسَّند: طريقُ المتن ؛ وهو: جملةُ مَنْ رواه ؛ من قولهم: فلانٌ سندٌ؛ أي: معتمدٌ. فسُمّي الطريقُ سنداً ؛ لاعتماد العلماء في صحة الحديث وضعفهعليه(٢) . وقيل: إنَّ السَّند هو الإخبار عن طريقه ؛ أي طريق المتن(٣) . والأوّل: أظهر ؛ لأنَّ الصحة والضعف إنَّما ينسبان إلى الطريق باعتبار رواته، لا باعتبار الإخبار، بل قد يكون الإخبار بالطريق الضعيف صحيحاً ؛ بأنْ رواه الثقة الضابط بطريق ضعيف ؛ بمعنى: صحة الإخبار بكون تلك الرواة طريقه، مع الحكم بضعفه.

- ٢ -

والإسناد: رفع الحديث إلى قائله(٤) ؛ من: نبيٍّ، أو إمام، أو ما في معناهما(٥) .

والأولى: ردُّ المعنى الثاني للسَّند ؛ وهو الإخبار عن طريق المتن، إليه ؛ أي: إلى الإسناد أيضاً، لا أن يُجعل تعريفاً للسَّند ؛ لأنَّ الإخبار عن الطريق في الحقيقة هو الإسناد، كما يظهر من تعريفه.

- ٣ -

وعليه(٦) فالسَّند والإسناد بمعنى(٧) ؛ وعلى الأوَّل: هما غيران.

____________________

(١) الذي في النسخة الخطِّيَّة (ورقة ٤، لوحة ١، سطر ١): (والسَّند طريق المتن) فقط ؛ بدون: (الحقل الثالث: في السَّند والإسناد).

(٢) ينظر: تدريب الراوي، ص٥ - ٦، وشرح الزرقاني على البيقونيَّة، ص٩، وحاشية لقط الدُّرر، ص٤.

(٣) ينظر: قواعد التحديث، ص٢٠٢. وقال المددي: الظاهر أنَّه تعريف ل- (الإسناد) دون (السَّند) ؛ ولعلَّ وحدة المادة الأصليَّة هي التي سبَّبت الوقوع في مثل هذا الخطأ، بل قصد الإسناد هو مرادُ المؤلِّف (قدِّس) ممَّا سيأتي.

(٤) ينظر: قواعد التحديث، ص٢٠٢.

(٥) كالصحابي والتابعي. خطِّيَّة الدكتور محفوظ، ص٣.

(٦) قال المددي: أي على صحَّة المعنى الثاني للسَّند ؛ فالسند والإسناد متّحدان معنى. وأمَّا لو فسَّرنا السَّند بالمعنى الأوَّل، فإنَّه على هذا يختلف معناه عن معنى الإسناد ؛ إذ هو بذلك يكون بمعنى الإخبار عن السَّند.

(٧) ينظر: قواعد التحديث، ص٢٠٢.

٥٣

الحقل الرابع:

في

صدق الخبر وكذبه(١)

ثم الخبر - بأيِّ معنىً اعتُبر - منحصرٌ في الصِّدقِ والكذب، على وجه منع الجمع والخلو، في الأصح من الأقوال.

وإنَّما قلنا: إنَّه منحصرٌ فيهما ؛ لأنَّه - كما قد عرفتَ - يقتضي نسبةً في اللفظ، ونسبةً في الواقع.

ثُمَّ إنْ طابق الواقعُ المحكيَّ باللفظ، فالأوّلُ ؛ وهو الصِّدقُ، وإلاّ يطابقه، فالثاني ؛ وهو الكذب، وبذلك ظهر وجه الحصر.

ولا يرد على الأوَّل مِثلُ قول مَن قال: محمد(٢) ومُسيلمة(٣) صادقان ؛ فإنَّه صادقٌ من إحدى الجهتين، وكاذب من أُخرى ؛ لأنَّا إنْ جعلناه خبراً واحداً، فهو كاذبُ، وإنْ جعلناه خبرين، كما هو الظاهر، فهو صادقٌ في أحدهما كاذبٌ في الآخر.

____________________

(١) الذي في النسخة الخطِّيَّة (ورقة ٤، لوحة ١، سطر ١٣): (ثم الخبر بأيِّ معنى) فقط، بدون: (الحقل الرابع: في صِدقِ الخبرِ وكِذبه).

(٢) هو رسولُنا رسولُ السلام ؛ محمدُ بن عبدالله بن عبد المطَّلب، الصادقُ الأمين. وُلِدَ صباحَ الجمعة في مكَّة المكرَّمة، عامَ الفيل، ١٧ ربيع الأوَّل. بُعِثَ للنبوَّة وعمرُهُ الشريف أربعون عاماً. هاجر إلى المدينة يوم الاثنين، ١٢ربيع الأوَّل، على رأس سنة ٥٤ من ولادته. كانت آخر حجَّة له سنة ١٠ من الهجرة ؛ وتُسمَّى بحجَّة الوَداع. بعد إتمام حجِّهِ قَفَلَ راجِعاً إلى المدينة، وفي غدير خُم - أثناء الطريق - عقد بأمرٍ من الله تعالى لعلي بن أبي طالبعليه‌السلام بالخلافة من بعده، وبايعه على ذلك عموم الحاضرين ؛ من شيوخ المهاجرين والأنصار. مَرض في أوَّل صفر سنة ١١ ه-، وتوفِّي يوم الاثنين ٢٨ منه. ودُفن في حجرته بعد أن غسَّله عليِّعليه‌السلام . كان على جانبٍ عظيمٍ من الخُلُق الإنسانيّ الرفيع كما مدحه القرآن بذلك بقوله:( وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) . من أحاديثه الشريفة: (كلّكم راعٍ وكلّكم مسؤولٌ عن رعيَّته)، و(كلّكم من آدمَ وآدمُ من تراب) و(أطلب العلمَ مِن المهدِ إلى اللّحد))؛ ينظر: لمحاتٌ من تاريخ أهل البيت: ص١١ - ١٥.

(٣) مُسيلمة بن ثمامة بن كبير بن حبيب الحنفيّ الوائلي، من المعمّرين ؛ وُلِدَ ونشأ باليمامة، نعتَهُ النبيُّ محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله بالكذّاب.

قُتِلَ سنة ١٢ه- في خلافة أبي بكر، على يدِ خالدِ بن الوليد.

ينظر: الأعلام للزركلي، ٨/ ١٢٥ - ١٢٦.

والمشهور: أنَّ الذي قتله وحشي، نفس قاتلِ حمزةَ عمِّ النبيِّعليه‌السلام ؛ حيثُ نُقِل عن وحشي شعرٌ مضمونُه: قتلتُ خيرَ البشر، وقتلتُ شرَّ البَشر.

٥٤

[ونبَّهَ] بقوله: في الأصحِّ، على خلاف الجاحظ(١) حيث أثبت فيه واسطةً بينهما. وشَرَط في صدق الخبر، مع مطابقته للواقع، اعتقادَ المُخبر أنَّه مطابقٌ ؛ وفي كذبه، مع عدم مطابقته له، اعتقادَ أنَّه غير مطابق ؛ وما خَرَجَ عنهما فليس بصدقٍ ولا كِذب(٢) .

وتحريرُ كلامِهِ : أنَّ الخبر إمَّا مطابقٌ للواقع أو لا، وكُل منهما إمَّا مع اعتقاد أنَّه مُطابقٌ، أو اعتقادِ أنّه غير مطابقٍ، أو بدونِ الاعتقاد ؛ فهذه ستَّةُ أقسام: واحدٌ منها صادقٌ ؛ وهو المُطابق للواقع مع اعتقاد أنَّه مطابق ؛ وواحدٌ كاذبٌ ؛ وهو غيرُ المُطابق مع اعتقاد أنَّه غير مطابق. والأربعةُ الباقيةُ، وهي: المطابقةُ مع اعتقاد أن لا مُطابقة أو بدون الاعتقاد، وعدم المطابقة مع اعتقادها أو بدونِ الاعتقاد ؛ ليستْ بصدقٍ ولا كِذب. فكُلٌّ مِن الصِّدق والكذب بتفسيره، أخصُّ منه بتفسيرِ الجمهور.

واستند الجاحِظُ - في قوله - إلى قوله تعالى:( أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَم بِهِ جِنَّةٌ ) ؟(٣) حيثُ حَصَرَ الكُفّار إخبارَ النبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله في الافتراء والإخبار حال الجنّة ؛ على سبيل منع الخُلُو(٤) . ولا شُبْهَةَ في أنَّ المرادَ بالثاني غيرُ الكذب ؛ لأنَّهم جعلوه قسيمه ؛ وهو يقتضي أن يكون غيره، وغير الصدق أيضاً ؛ لأنَّهم لا يعتقدون صِدقه(ص).(٥)

____________________

(١) عمرو بن بحر بن محبوب، الكِناني بالولاء، الليثي، أبو عثمان، الشَّهير بالجاحظ، كبيرُ أئمَّة الأدب، ورئيسُ الفرقة الجاحظيّة من

المعتزلة. مولده ووفاته في البصرة، ١٦٣ - ٢٥٥ه-. فُلِجَ في آخر عمره، وكان مُشوَّه الخلقة. ومات والكتابُ على صدره ؛ قتلتهُ مُجَلَّداتٌ من الكُتُب وقعت عليه. له تصانيفُ كثيرةٌ ؛ منها: الحيوان، والبيان والتبيين... يُنظر: الأعلام للزركلي: ٥/ ٢٣٩.

(٢) يُنظر: شرح المختصر، ص١٨.

(٣) سورة سبأ، الآية ٩.

(٤) يُنظر: شرح المختصر، ص١٨ - ١٩.

(٥) يُنظر: المصدر نفسه، ص١٩.

٥٥

ولمَّا كانوا من أهلِ اللِّسان، عارِفين باللُّغة، وقد أثبتوا الواسطةَ، لَزِمَ أنْ يكونَ من الخبَر ما ليسَ بصادقٍ ولا كاذبٍ ؛ ليكونَ هذا

منه، بزعمِهم(١) ، وإنْ كانَ صادقاً في نفسِ الأمر.

وأُجيب: بأنَّ الواسطةَ التي أثبتوها إنَّما هي بين افتراء الكذِبِ والصِّدقِ ؛ وهو غيرُ الكذب ؛ لأنَّه تعمُّدُ الكذب. وحيثُ لا عَمْدَ للمجنون، كانَ خبرُه قَسيماً للافتراء، الذي هو أخصُّ من الكذب، وإنْ لم يكن قسيماً للأعمِّ ؛ ومرجعه إلى حصر الخبرِ الكاذب في نوعيه، وهما: الكذبُ عَنْ عمدٍ، والكذبُ لا عن عمد(٢) .

[ونبَّه] بقوله: سواءٌ وافق اعتقادَ المُخبر، أم لا ؛ على خلافِ النِّظام(٣) ؛ حيثُ جعلَ صِدقَ الخبر مطابقته لاعتقاد المُخبر مُطلقاً، وكذبه عدم المطابقة كذلك. فجعل قول القائل: السماءُ تحتَنا، معتقداً

ذلك ؛ صدقاً. وقوله: السماء فوقنا، غير معتقد ذلك ؛ كذباً(٤) . مُحتجّاً بقوله تعالى:( إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ ) ؛ إلى قوله:( وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ

____________________

(١) يُنظر: شرح المختصر، ص١٩.

(٢) يُنظر: المصدر نفسه.

(٣) الحسن بن محمَّد بن الحُسين القُمِّي النيسابوري، نظام الدين، مفسِّر، له اشتغالٌ بالحكمة والرَّياضيات. أصله من بلدة (قُم)، ومنشأه وسكنه في نيسابور. له كُتبٌ، منها: غرائبُ القرآن ورغائبُ الفرقان - ط في ثلاث مجلَّدات - يُعرف بتفسير النيسابوري، ألَّفه سنة ٨٢٨ه-، وأوقاف القرآن - ط، ولُبُّ التأويل - ط، و شرح الشافية في الصَّرف، يُعرَف بشرح النظام - ط، توفِّي بعد ٨٥٠ه-. يُنظر: الأعلام للزركلي: ٢/ ٢٣٤.

(٤) يُنظر: شرح المختصر، ص١٧.

(٥) سورة المنافقون، آية ١.

٥٦

لَكَاذِبُونَ ) (١) ؛ حيثُ شهِدَ اللهُ تعالى عليهم بأنَّهم كاذبون في قولهم:( إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ ) (٢) ، مع أنَّه مطابق للواقع، حيثُ لم يكن موافقاً لاعتقادهم فيه ذلك(٣) . فلو كانَ الصِّدقُ عبارةً عن مُطابقةِ الواقع مُطلقاً، لَمَا صحَّ ذلك.

وأُجيب : بأنَّ المعنى: لكاذبون فيالشَّهادة وادِّعائهم فيها مواطاةَ قلوبهم لألسنتهم. فالتكذيبُ راجعٌ إلى قولهم: نشهدُ ؛ باعتبار تضمُّنه خبراً كاذباً ؛ وهو أنَّ شهادتهم صادرةٌ عن صميم القلبِ وخلوصٍ الاعتقاد ؛ بشاهدٍ تأكيدهم الجملةَ ب-: إنَّ، و(اللاّم)، والجملة الاسميَّة(٤) . أوْ أنَّ المعنى: لكاذبون في تسمية هذا الإخبار: شهادةً، أوفي المشهود به ؛ أعني قولهم: إنَّك لرسول الله - في زعمهم - ؛ لأنِهم يعتقدون أنَّه غيرُ مطابق للواقع، فيكون كذباً عندهم، وإنْ كانَ صِدقاً في نفس الأمر ؛ لوجود مطابقته فيه(٥) . أوفي حَلْفِهم : أنَّهم لم يقولوا:( ... لَا تُنفِقُوا عَلَى مَنْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنفَضُّوا... ) (٦) إلخ ؛ لِمَا رُويَ عن زيد بن أرقم(٧) أنَّه سمع عبدَ الله بن أُبي(٨) يقول ذلك، فأخبر النبي(صلَّى الله

____________________

(١) سورة المنافقون، آية ١.

(٢) المصدر نفسه.

(٣) أي قول:( إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ ) . خطِّيَّة الدكتور محفوظ، ص ٥. ويرى المددي أنَّ التعليقة المناسبة هنا هي: أي لاعتقادهم في النبيّ (ص) الرسالةَ الإلهيَّة.

(٤) يُنظر: شرح المختصر، ص١٨.

(٥) يُنظر: المصدر نفسه. والمقصودُ بلفظةٍ (فيه) أي: في نفسِ الأمر، كما في خطِّيَّة الدكتور محفوظ، ص٥.

(٦) سورة المنافقون، آية ٧.

(٧) زيدُ بنُ أرقم الخزرجيِّ الأنصاري، صحابي، غزا مع النبي(ص) سبع عشرة غزوة، وشهد صِفِّين مع علي، ومات بالكوفة. روى له البُخاري ومُسلم ٧٠ حديثاً، توفِّي سنة ٦٨ه-. يُنظر: الأعلام للزركلي: ٤/ ١٨٨.

(٨) عبدالله بن أُبيّ بن مالك الخزرجي، أبو الحُباب، المشهور بابن سلول ؛ رأس المنافقين في الإسلام ؛ من أهل المدينة. كان سيِّدَ الخزرج في آخر جاهليَّتهم، وأظهر الإسلام بعد وقعة بدر تقيّةً. ولمَّا تهيَّأ النبيُّ(ص) لوقعة أُحد، انعزل أبيُّ وكان معه ثلاثمائةُ رجلٍ، فعادَ بهم إلى المدينة، وفعل ذلك يوم التهيُّؤ لغزوة تبوك. وكان كُلَّما حلَّت بالمسلمين نازِلةٌ شَمُتَ بِهِم، وكُلَّما سَمِعَ سيِّئةً نشرها، وله في ذلك أخبار. ينظر: الأعلام للزركلي: ٤/ ١٨٨.

٥٧

عليه وآله) به، فحلَفَ عبدُ الله أنَّه ما قال ؛ فنزلت(١) .

[ونبَّهَ] بقوله: وسواء قُصِد الخبر أم لا ؛ على خلاف: المُرتضى(٢) ، حيثُ ذهب إلى أنَّ الخبر لا يتحقَّق إلاّ مع قصد المُخبر ؛ استناداً إلى وجوده من: السَّاهي، والحاكي، والنائم ؛ ومثل ذلك لا يُسمَّى خبراً.

[وأُجيب:] والمحقِّقون على عدم اشتراطه ؛ لأنَّه لفظٌ وُضِعَ للخبريَّة، فلا يتوقّف على الإرادة كغيره من الألفاظ(٣) .

____________________

(١) أخرجَ البُخاري وغيرهُ عن زيد بن أرقم، قال: سمعتُ عبدَ الله بن أُبيّ يقول لأصحابه: (... لا تُنفقوا على مَنْ عندَ رسول الله حتّى ينفضّوا، فلئن رجعنا إلى المدينة ليخرجنّ الأعزُّ منها الأذلّ)، فذكرتُ ذلك لعمّي ؛ فذكر ذلك عمّي للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فدعاني النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فحدّثته ؛ فأرسل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى عبدِ الله بن أُبي وأصحابه، فحلفوا ما قالوا ؛ فكذّبني وصدّقه ؛ فأصابني شيء لم يصبني قطّ مثله، فجلستُ في البيت ؛ فقال عمّي: ما أردتَ إلا أن أكذبك رسولُ اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومقتَكَ. فأنزلَ اللهُ:( إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ ) ، فبعث إليَّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقرأها؛ ثم قال: (إنَّ الله قد صدَّقكَ). له طرقٌ كثيرةٌ عن زيدٍ ؛ وفي بعضها: أنَّ ذلك في غزوة تبوك، وأنّ نزولَ السورة ليلاً ؛ لُباب النقول في أسبابِ النّزول، ص٢١٤. ويُنظر: صحيح البخاري: ٣/ ١٢٥ - ١٢٦، ط الميمُنيّة، ورقم الحديث فيه: ٢٠٥٨، كما في فهارس صحيح مسلم: م٥/ ص٢٩٧، رقم الحديث: ٢٧٧٢، كما في صحيحه: م٤/ ص٢١٤٠ ؛ وينظر كذلك: مجمع البيان في تفسير القرآن: م٥/ ٢٩٣ - ٢٩٤، والدرّ المنثور: ٦/ ٢٢٢ - ٢٢٣، والبرهان: ٤/ ٣٣٧ - ٣٣٨، وجامع البيان في تفسير القرآن: ج٢٦/ ص٨٢، ولباب النقول في أسباب النزول، ص١٩٧ - ١٩٨.

(٢) عليُّ بنُ الحُسين الموسويّ، الملقَّب ذا المجدين علمَ الهدى ؛ ينتهي نسبُهُ من جهةِ أبيه بالإمام موسى بن جعفرعليه‌السلام ؛ ومن جهة أمِّه بالإمام زين العابدين. كان أوحد أهل زمانه فضلاً وعلماً وكلاماً وحديثاً وشِعراً وخطابةً وجاهاً وكرماً. وُلِدَ في رجب سنة ٣٥٥ه-، له مُصنّفات كثيرةٌٌ، وديوانٌ يزيدُ على عشرين ألف بيت. وكانتْ وفاتُه (قدّس الله روحه) لخمسٍ بقين من شهر ربيع الأوّل/ سنة ٤٣٦ه-، يُنظر: روضات الجنَّات/ ٤/ ٢٩٤ - ٣١٢.

(٣) وعلَّق المددي هنا بقوله: أقول: لعلّ نظرَ المُرتضىرحمه‌الله في ذلك إلى أنَّ الدلالةَ التصديقيَّة تابعةٌ للإرادة، كما نُسِبَ ذلك إلى الشيخ الرئيس أبي علي سينا، والمحقِّق نصير الدين الطوسي، وجَمْع ممَّن تأخَّر عنهما.

٥٨

الحقلُ الخامسُ:

في

القطع وخفائهِ(١)

ثُمّ الخبر: إمَّا أن يُعلَم صِدقُه قطعاً، أَو كذبُه كذلك، أو يخفَى الأمران(٢) . والعِلمُ بهما: قد يكون ضروريّاً، وقد يكون نظريّاً. فهذهِ خمسةُ

أقسامٍ، أشارَ إلى تفصيلها بقوله: إنَّ الخبرَ:

قد يُعلَمُ صِدقُهُ قَطعاً

أ - ضرورةً

١ - كالمتواتر لفظاً، وسيأتي تفسيرُهُ.

والحُكمُ بكونِ العلمِ به ضروريّاً مذهبُ الأكثر. ومستندُهُ: أنَّه لو كانَ نظريَّاً، لَمَا حَصَلَ لِمَن لا يكونُ من أهلِه كالصِّبيانِ والبلَّه(٣) ، ولافتَقَر إلى الدَّليل، فلا يحصلُ لِلعوامّ(٤) ؛ لكنَّه حاصِلٌ لهم، فيكونُ ضروريّاً.

____________________

(١) الذي في النسخةِ الخطِّيَّة (ورقة ٦، لوحة ١، سطر ١٢): (ثم الخبر) فقط ؛ بدون: (الحقل الخامس: في القطع وخفائه).

(٢) ينظر: كتابُ الكفاية في علمِ الرواية، للخطيب البغدادي، ص١٧.

(٣) في الخبر: (أكثرُ أهل الجنّة البُلَّه). البُلّه: جمع الأبله، وهو الذي فيه البَلَه (بفتحتين) ؛ يعني الغفلة. والمُراد: الغافِل عن الشّر، المطبوع على الخير. وقيل: البُلَّه - هنا - : هم الذين غلَبَتْ عليهم سلامةُ الصدور، وحُسنُ الظنِّ بالناس ؛ لأنَّهم غفلوا عن دُنياهم، فجهلوا حِذق التصرُّف فيها، وأقبلوا على آخرتهم فشغلوا أنفسهم بها، واستحقّوا أن يكونوا أكثر أهل الجنّة. فأمَّا الأبله الذي لا عقل له، فليس بمُراد. مجمع البحرين: ٦/ ٣٤٣.

(٤) العامّة: خَلافُ الخاصّة، والجمع: عوامّ ؛ مثل: دابّة ودوابّ، ومنه: (نتوب إليك من عوامّ خطايانا). والنسبةُ إلى العامّة: عاميّ ؛ والهاء في: عامّة، للتأكيد. وقوله: (لا يُعذّبُ اللهُ العامّةَ بعمل الخاصّة) ؛ أي لا يُعذّبُ الأكثر بعمل الأقلّ. وفي الحديث: (خُذ ما خالف العامّة) يعني: أهل

الخلاف، وقد ذهب عامّة النهار ؛ أي جميعه. مجمع البحرين: ٦/ ١٢٤.

وأقولُ: العوام كذلك: مَنْ لم يبلغوا مرتبة الاجتهاد كما في قولهعليه‌السلام : (.... وأمَّا مَن كان من الفقهاء صائناً لنفسه، حافظاً لدينه، مخالفاً على هواه، مطيعاً لأمرِ مولاه ؛ فلِلعوام أن يقلِّدوه ؛ وذلك لا يكون إلاّ بعض فقهاء الشيعة لا كلّهم). ينظر: الاحتجاج للطبرسي: ٢/ ٢٦٣ - ٢٦٤، ووسائل الشيعة: ١٨/ ٩٤، وتفسير العسكري، ص١٤١.

والنتيجة - فيما يبدو - أنَّ العوامّ: مَنْ هُم دون المستوى المطلوب ؛ إنْ في عمق ثقافتهم، وإنْ في حذق تصرُّفهم. وبتعبير آخر: مَن هم في مهامِّ الحياة في مرحلةِ التقليد، لا التحقيق.

٥٩

وذهب أبو الحسين البصري(١) والغزالي(٢) وجماعةٌ إلى أنَّه: نظريّ ؛ لتوقُّفه على مقدِّماتٍ نظريّةٍ ك-: انتفاء المواطاة، ودواعي الكذب، وكون المُخبر عنه محسوساً(٣) . وهو لا يستلزمُ المدّعى ؛ لأنَّ الاحتياج إلى النظر في المقدّمات البعيدة لا يُوجبُ كونَ الحُكم نظريّاً كلازم النتيجة. ولأنَّ المقتضى لحصول هذه، العلمُ بالمُخبر عنه، دون العكس.

٢ - وما عُلِمَ وجودُ مُخبَره (بفتح الباء) كذلك؛ أي بالضرورة، كوجود مكّة.

ب. لا ضرورة

بمعنى(٤) : أو يُعلَم صِدقه قطعاً ؛ لكن كسباً، لا ضرورةً ؛ ك-: خبر الله تعالى، لقُبح الكذب عليه بالاستدلال، وخبر الرَّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ؛ أعمّ من خبر نبيِّناصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وخبر الإمام عندنا كذلك ؛ للعصمة المعتبرة فيهم(٥) ، بالدليل أيضاً. وخبر جميع الأُمّة ؛ باعتبار الإجماع الثابت حقيقةُ مدلوله بالاستدلال.

____________________

(١) محمّد بن عليّ الطبيب، أبو الحسين، البصري ؛ أحدُ أئمّة المعتزلة، وُلِدَ في البصرة وسكَنَ بغدادَ، وتُوفِّي بها سنةَ ٣٤٦ه-. قال الخطيب البغدادي: (له تصانيف وشُهرة بالذّكاء والدّيانة على بدعته). من كتبه: المعتمد في أصول الفقه - خ. ينظر: الأعلام: ٧/ ١٦١.

(٢) محمّد بن محمد بن محمّد الغزاليّ الطوسيّ، أبو حامد، حجّة الإسلام. له نحو مئتي مصنّفٍ. مولده ووفاته في الطابران ٤٥٠ه- - ٥٠٥ه-. رحل إلى نيسابور، ثُمَّ إلى بغداد، فالحجاز، فبلاد الشّام، فمصر، وعاد إلى بلدته. نسبته إلى صناعة الغزل ؛ عند مَن يقوله بتشديد الزّاي، أو إلى غزالة من قُرى طوس، لمَن قال بالتخفيف. من كتبه في أُصول الفقه: شفاء الغليل - خ، والمستصفى - ط، والمنخول - خ. ينظر: الأعلام: ٧/ ٢٤٧ - ٢٤٨.

(٣) وقال المدديّ: للاطّلاع على مذهب الغزالي في ذلك، يُراجع: المستصفى: ١/ ١٣٢ - ١٣٤، ١٤٠، فقد أعترف فيه بأنَّ حصولَ العلم بالمتواتر ضروريّ بمعنى، وإن كان غير ضروريّ بمعنىً آخر ؛ وفي الحقيقة يُفَصِّل بين معاني الضروريّ.

(٤) في النسخة الخطِّيَّة (ورقة ٦، لوحة ب، سطر ١١): (أو يُعلم صِدقه) فقط ؛ بدون: (ب. لا ضرورة، بمعنى).

(٥) مرجع الضمير: الأنبياء والأئمة. خطِّيَّة الدكتور محفوظ، ص٦.

٦٠