اختيار معرفة الرجال

اختيار معرفة الرجال6%

اختيار معرفة الرجال مؤلف:
تصنيف: علم الرجال والطبقات
الصفحات: 904

اختيار معرفة الرجال المقدمة
  • البداية
  • السابق
  • 904 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 70849 / تحميل: 12302
الحجم الحجم الحجم
اختيار معرفة الرجال

اختيار معرفة الرجال

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

شرائطها التي منها الاعتماد على الحسّ دون الحدس. وهو شرط اتّفق عليه العلماء ، ومن المعلوم عدم تحقّق هذا الشَّرط ، لعدم تعاصر المعدِّل ( بالكسر ) والمعدَّل ( بالفتح ) غالباً.

والجواب أنَّه يشترط في الشهادة ، أن يكون المشهود به أمراً حسّياً أو تكون مبادئه قريبة من الحسّ وإن لم يكن بنفسه حسّياً ، وذلك مثل العدالة والشّجاعة فإنَّهما من الأُمور غير الحسيّة ، لكن مبادئها حسّية من قبيل الالتزام بالفرائض والنوافل ، والاجتناب عن اقتراف الكبائر في العدالة ، وقرع الأبطال في ميادين الحرب ، والاقدام على الأُمور الخطيرة بلا تريُّث واكتراث في الشجاعة.

وعلى ذلك فكما يمكن إحراز عدالة المعاصر بالمعاشرة ، اوبقيام القرائن والشَّواهد على عدالته ، أو شهرته وشياعه بين الناس ، على نحو يفيد الاطمئنان ، فكذلك يمكن إحراز عدالة الراوي غير المعاصر من الاشتهار والشياع والأمارات والقرائن المنقولة متواترة عصراً بعد عصر ، المفيدة للقطع واليقين أو الاطمئنان.

ولا شكَّ أنَّ الكشّي والنجاشي والشيخ ، بما أنَّهم كانوا يمارسون المحدِّثين والعلماء ـ بطبع الحال ـ كانوا واقفين على أحوال الرواة وخصوصيّاتهم ومكانتهم من حيث الوثاقة والضبط ، فلأجل تلك القرائن الواصلة اليهم من مشايخهم وأكابر عصرهم ، إلى أن تنتهي إلى عصر الرواة ، شهدوا بوثاقة هؤلاء.

وهناك جواب آخر ؛ وهو أنَّ من المحتمل قويّاً أن تكون شهاداتهم في حق الرواة ، مستندة إلى السَّماع من شيوخهم ، إلى أن تنتهي إلى عصر الرواة ، وكانت الطّبقة النهائيَّة معاشرة لهم ومخالطة إيّاهم.

وعلى ذلك ، لم يكن التَّعديل أو الجرح أمراً ارتجاليّاً ، بل كان مستنداً ، إمّا إلى القرائن المتواترة والشواهد القطعية المفيدة للعلم بعدالة الراوي أو

٤١

ضعفه ، أو إلى السَّماع من شيخ إلى شيخ آخر.

وهناك وجه ثالث ؛ وهو رجوعهم إلى الكتب المؤلفة في العصور المتقدّمة عليهم ، التي كان أصحابها معاصرين للرواة ومعاشرين لهم ، فإنَّ قسماً مهمّاً من مضامين الأصول الخمسة الرجاليّة ، وليدة تلك الكتب المؤلّفة في العصور المتقدّمة.

فتبيَّن أنَّ الأعلام المتقدّمين كانوا يعتمدون في تصريحاتهم بوثاقة الرَّجل ، على الحسّ دون الحدس وذلك بوجوه ثلاثة :

1 ـ الرجوع إلى الكتب التي كانت بأيديهم من علم الرجال التي ثبتت نسبتها إلى مؤلّفيها بالطّرق الصحيحة.

2 ـ السَّماع من كابر عن كابر ومن ثقة عن ثقة.

3 ـ الاعتماد على الاستفاضة والاشتهار بين الأصحاب وهذا من أحسن الطّرق وأمتنها ، نظير علمنا بعدالة صاحب الحدائق وصاحب الجواهر والشيخ الأنصاري وغيرهم من المشايخ عن طريق الاستفاضة والاشتهار في كل جيل وعصر ، إلى أن يصل إلى زمان حياتهم وحينئذ نذعن بوثاقتهم وإن لم تصل الينا بسند خاصّ.

ويدلّ على ذلك ( أي استنادهم إلى الحسّ في التوثيق ) مانقلناه سالفاً عن الشيخ ، من أنّا وجدنا الطائفة ميَّزت الرجال الناقلة ، فوثّقت الثّقات وضعَّفت الضعفاء ، وفرَّقوا بين من يعتمد على حديثه وروايته ، ومن لا يعتمد على خبره ـ إلى آخر ما ذكره.(1)

ولاجل أن يقف القارئ على أنَّ أكثر ما في الأُصول الخمسة الرجالية ـ لا جميعها ـ مستندة إلى شهادة من قبلهم من الاثبات في كتبهم في حق الرواة ،

__________________

1 ـ لاحظ عدة الأُصول : 1 / 366.

٤٢

نذكر في المقام أسامي ثلّة من القدماء ، قد ألَّفوا في هذا المضمار ، ليقف القارئ على نماذج من الكتب الرجاليَّة المؤلَّفة قبل الأُصول الخمسة أو معها ولنكتف بالقليل عن الكثير.

1 ـ الشيخ الصدوق أبو جعفر محمَّد بن عليّ بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي ( المتوفّى 381 هـ ) ، ترجمه النجاشي ( الرقم 1049 ) وعدَّ من تصانيفه كتاب « المصابيح » في من روى عن النبي والأئمةعليهم‌السلام وله ايضاكتاب « المشيخة » ذكر فيه مشايخه في الرجال وهم يزيدون عن مائتي شيخ ، طبع في آخر « من لايحضره الفقيه »(1) .

2 ـ الشيخ أبو عبد الله أحمد بن عبد الواحد البزاز المعروف بـ « ابن عبدون » ( بضم العين المهملة وسكون الباء الموحدة ) ، كما في رجال النجاشي ( الرقم 211 ) وبـ « ابن الحاشر » كما في رجال الشيخ(2) ، والمتوفّى سنة 423 هـ وهو من مشايخ الشيخ الطوسي والنجاشي وله كتاب « الفهرس ». أشار إليه الشيخ الطوسي في الفهرس في ترجمة إبراهيم بن محمد بن سعيد الثقفي(3) .

3 ـ الشيخ أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد المعروف بـ « ابن عقدة » ( بضم العين المهملة وسكون القاف ، المولود سنة 249 هـ والمتوفّى سنة 333 هـ ) له كتاب « الرجال » وهو كتاب جمع فيه أسامي من روى عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام وله كتاب آخر في هذا المضمار جمع فيه أسماء الرواة عمن تقدم على الإمام الصّادق من الأئمّة الطاهرينعليهم‌السلام .(4)

__________________

1 ـ ترجمة الشيخ في الرجال ، في الصفحة 495 ، الرقم 25 وفي الفهرس « الطبعة الأولى » الصفحة 156 ، تحت الرقم 695 ، وفي « الطبعة الثانية » الصفحة 184 ، تحت الرقم 709.

2 ـ رجال الشيخ : 450 ، ترجمه الشيخ بـ « أحمد بن حمدون ».

3 ـ الفهرس : 4 ـ 6 ، « الطبعة الأولى » ، تحت الرقم 7 و « الطبعة الثانية » : 27 ـ 29.

4 ـ ذكره الشيخ في الرجال : 44 ، الرقم 30 وفي الفهرس « الطبعة الأولى » ص 28 ،

٤٣

4 ـ أحمد بن علي العلويّ العقيقيّ ( المتوفى عام 280 هـ ) له كتاب « تاريخ الرجال » وهو يروي عن أبيه ، عن إبراهيم بن هاشم القمي.(1)

5 ـ أحمد بن محمّد الجوهري البغدادي ، ترجمه النجاشي ( الرقم 207 ) والشيخ الطوسي(2) وتوفّي سنة 401 هـ ، ومن تصانيفه « الاشتمال في معرفة الرجال ».

6 ـ الشيخ أبو العباس أحمد بن محمّد بن نوح ، ساكن البصرة له كتاب « الرجال الذين رووا عن أبي عبد اللهعليه‌السلام »(3) .

7 ـ أحمد بن محمَّد القمي ( المتوفى سنة 350 هـ ) ترجمه النجاشي ( الرقم 223 ) ، له كتاب « الطبقات ».

8 ـ أحمد بن محمَّد الكوفي ، ترجمه النجاشي ( الرقم 236 ) وعدَّ من كتبه كتاب « الممدوحين والمذمومين »(4) .

9 ـ الحسن بن محبوب السرّاد ( بفتح السين المهملة وتشديد الراء ) أو الزرّاد ( المولود عام 149 هـ ، والمتوفّى عام 224 هـ ) روى عن ستّين رجلاً من

__________________

تحت الرقم 76 ، وفي « الطبعة الثانية » ص 52 ، تحت الرقم 86 ، وذكر في رجال النجاشي تحت الرقم 233.

1 ـ ترجمه النجاشي في رجاله ، تحت الرقم 196 ، والشيخ في الفهرس « الطبعة الأولى » الصفحة 24 ، تحت الرقم 63 ، وفي « الطبعة الثانية » الصفحة 48 ، تحت الرقم 73 ، وفي الرجال في الصفحة 453 ، الرقم 90.

2 ـ رجال الشيخ : 449 ، الرقم 64 ، والفهرس « الطبعة الأولى » الصفحة 33 ، تحت الرقم 89 ، وفي « الطبعة الثانية » الصفحة 57 ، تحت الرقم 99.

3 ـ ترجمه الشيخ في رجاله : 456 ، الرقم 108 وفي الفهرس « الطبعة الأولى » الصفحة 37 ، تحت الرقم 107 ، وفي « الطبعة الثانية » الصفحة 61 ، تحت الرقم 117.

4 ـ ذكره الشيخ في الرجال : 454 ، وقال في الفهرس « الطبعة الأولى » بعد ترجمته في الصفحة 29 ، تحت الرقم 78 : « توفي سنة 346 هـ » ويكون في « الطبعة الثانية » من الفهرس في الصفحة 53 ، تحت الرقم 88.

٤٤

اصحاب الصادقعليه‌السلام وله كتاب « المشيخة » وكتاب « معرفة رواة الأخبار »(1) .

10 ـ الفضل بن شاذان ، الّذي يُعدُّ من أئمّة علم الرجال وقد توفّي بعد سنة 254 هـ ، وقيل 260 هـ ، وكان من أصحاب الرضا والجواد والهاديعليهم‌السلام وتوفّي في أيام العسكريعليه‌السلام (2) ينقل عنه العلاّمة في الخلاصة في القسم الّثاني في ترجمة « محمد بن سنان » ـ بعد قوله : والوجه عندي التوقّف فيما يرويه ـ « فإنَّ الفضل بن شاذان ـ رحمهما الله ـ قال في بعض كتبه : إنَّ من الكذّابين المشهورين ابن سنان »(3) .

إلى غير ذلك من التآليف للقدماء في علم الرِّجال وقد جمع أسماءها وما يرجع اليها من الخصوصيّات ، المتتبع الشيخ آغا بزرگ الطهراني في كتاب أسماه « مصفى المقال في مصنّفي علم الرجال »(4) .

والحاصل ، أنّ التتبّع في أحوال العلماء المتقدّمين ، يشرف الإنسان على الاذعان واليقين بأنَّ التوثيقات والتضعيفات الواردة في كتب الأعلام الخمسة وغيرها ، يستند إمّا إلى الوجدان في الكتاب الثّابتة نسبته إلى مؤلّفه ، أو إلى النّقل والسّماع ، أو إلى الاستفاضة والاشتهار ، أو إلى طريق يقرب منها.

__________________

1 ـ راجع رجال الشيخ الطوسي : 347 ، الرقم 9 والصفحة 372 ، الرقم 11 والفهرس « الطبعة الأولى » الصفحة 46 ، تحت الرقم 151 ، وفي « الطبعة الثانية » الصفحة 72 ، تحت الرقم 162.

2 ـ ذكره النجاشي في رجاله تحت الرقم 840 والشيخ في الفهرس « الطبعة الأولى » الصفحة 124 ، تحت الرقم 552 ، وفي « الطبعة الثانية » الصفحة 150 ، تحت الرقم 564 ، وفي الرجال في الصفحة 420 ، الرقم 1 ، والصفحة 434 ، الرقم 2.

3 ـ الخلاصة : 251 ، طبع النجف.

4 ـ طبع الكتاب عام 1378.

٤٥

السابع : التوثيق الإجمالي

إنَّ الغاية المُتوخّاة من علم الرجال ، هو تمييز الثِّقة عن غيره ، فلو كانت هذه هي الغاية منه ، فقد قام مؤلّف الكتب الأربعة بهذا العمل ، فوثَّقوا رجال أحاديثهم واسناد رواياتهم على وجه الاجمال دون التَّفصيل ، فلو كان التَّوثيق التفصيلي من نظراء النَّجاشي والشَّيخ وأضرابهما حجَّة ، فالتَّوثيق الاجمالي من الكليني والصَّدوق والشيخ أيضاً حجَّة ، فهؤلاء الأقطاب الثَّلاثة ، صحَّحوا رجال أحاديث كتبهم وصرَّحوا في ديباجتها بصحّة رواياتها.

يقول المحقّق الكاشاني في المقدّمة الثانية من مقدّمات كتابه « الوافي » في هذا الصَّدد ، ما هذا خلاصته(1) : « إنَّ أرباب الكتب الأربعة قد شهدوا على صحَّة الروايات الواردة فيها. قال الكليني في أوَّل كتابه في جواب من التمس منه التَّصنيف : « وقلت : إنَّك تحبُّ أن يكون عندك كتاب كاف يجمع من جميع فنون علم الدّين ما يكتفي به المتعلم ، ويرجع إليه المسترشد ، ويأخذ منه مَنْ يُريد علم الدين والعمل به بالآثار الصحيحة عن الصادقين ، والسنن القائمة التي عليها العمل وبها يؤدّي فرض الله وسنّة نبيّه إلى أن قالقدس‌سره : وقد يسَّر الله له الحمد تأليف ما سألت ، وأرجو أن يكون بحيث توخَّيت ». وقال الصَّدوق في ديباجة « الفقيه » : « إنّي لم أقصد فيه قصد المصنّفين في إيراد جميع ما رووه ، بل قصدت إلى إيراد ما أفتي به وأحكم بصحّته ، وأعتقد فيه أنَّه حجَّة فيما بيني وبين ربي ـ تقدَّس ذكره ـ ، وجميع ما فيه مستخرج من كتب مشهورة عليها المُعوَّل وإليها المرجع ». وذكر الشيخ في « العدّة » أنَّ جميع ما أورده في كتابيه ( التهذيب والاستبصار ) ، إنَّما أخذه من الأُصول المعتمد عليها.

والجواب : أنَّ هذه التَّصريحات أجنبيَّة عمّا نحن بصدده ، أعني وثاقة

__________________

1 ـ الوافي : 1 / 11 ، المقدمة الثانية.

٤٦

رواة الكتب الأربعة.

أَمّا أوّلاً : فلأن المشايخ شهدوا بصحَّة روايات كتبهم ، لا بوثاقة رجال رواياتهم ، وبين الأمرين بون بعيد ، وتصحيح الروايات كما يمكن أن يكون مستنداً إلى إحراز وثاقة رواتها ، يمكن أن يكون مستنداً إلى القرائن المنفصلة التي صرّح بها المحقّق البهائي في « مشرق الشمسين » والفيض الكاشاني في « الوافي » ومع هذا كيف يمكن القول بأنَّ المشايخ شهدوا بوثاقة رواة أحاديث كتبهم؟ والظّاهر كما هو صريح كلام العَلَمين ، أنَّهم استندوا في التَّصحيح على القرائن لا على وثاقة الرواة ، ويدلّ على ذلك ما ذكره الفيض حول هذه الكلمات ، قالقدس‌سره بعد بيان اصطلاح المتأخّرين في تنويع الحديث المعتبر : « وسلك هذا المسلك العلاّمة الحلّيرحمه‌الله وهذا الاصطلاح لم يكن معروفاً بين قدمائنا ـ قدس الله أرواحهم ـ كما هو ظاهر لمن مارس كلامهم ، بل كان المتعارف بينهم إطلاق الصحيح على كلِّ حديث اعتضد بما يقتضي الاعتماد عليه ، واقترن بما يوجب الوثوق به ، والركون إليه (1) كوجوده في كثير من الأُصول الأربعمائة المشهورة المتداولة بينهم التي نقلوها عن مشايخهم بطرقهم المتّصلة بأصحاب العصمةعليهم‌السلام (2) وكتكرّره في أصل أو أصلين منها فصاعداً بطرق مختلفة ـ وأسانيد عديدة معتبرة (3) وكوجوده في أصل معروف الانتساب إلى أحد الجماعة الّذين أجمعوا على تصديقهم ، كزرارة ومحمَّد بن مسلم والفضيل بن يسار (4) ، أو على تصحيح مايصحّ عنهم ، كصفوان بن يحيى ، ويونس بن عبد الرّحمن ، وأحمد بن محمَّد بن أبي نصر البزنطي (5) ، أو العمل بروايتهم ، كعمار الساباطي ونظرائه (6) وكاندراجه في أحد الكتب التي عرضت على أحد الأئمّة المعصومينعليهم‌السلام فأثنوا على مؤلّفيها ، ككتاب عبيد الله الحلبي الّذي عرض على الصّادقعليه‌السلام وكتابي يونس بن عبد الرحمن والفضل بن شاذان المعروضين على العسكريعليه‌السلام (7) وكأخذه من أحد الكتب التي شاع

٤٧

بين سلفهم الوثوق بها والاعتماد عليها ، سواء كان مؤلّفوها من الإماميّة ، ككتاب الصَّلاة لحريز بن عبد الله السجستاني وكتب ابني سعيد ، وعليّ بن مهزيار ، أو من غير الإماميّة ، ككتاب حفص بن غياث القاضي ، والحسين بن عبيد الله السعدي ، وكتاب القبلة لعلي بن الحسن الطاطري إلى أن قال : فحكموا بصحَّة حديث بعض الرواة من غير الإماميّة كعليّ بن محمد بن رياح وغيره لما لاح لهم من القرائن المقتضية للوثوق بهم والاعتماد عليهم ، وإن لم يكونوا في عداد الجماعة الَّذين انعقد الاجماع على تصحيح ما يصحّ عنهم إلى أن قال : فإن كانوا لا يعتمدون على شهادتهم بصحَّة كتبهم فلا يعتمدوا على شهادتهم وشهادة أمثالهم من الجرح والتعديل إلى أن قال : نعم ، إذا تعارض الخبران المعتمد عليهما على طريقة القدماء فاحتجنا إلى الترَّجيح بينهما ، فعلينا أن نرجع إلى حال رواتهما في الجرح والتعَّديل المنقولين عن المشايخ فيهم ونبني الحكم على ذلك كما اُشير إليه في الأخبار الواردة في التراجيح بقولهمعليهم‌السلام « فالحكم ما حكم به أعدلهما وأورعهما واصدقهما في الحديث » وهو أحد وجوه التّراجيح المنصوص عليها ، وهذا هو عمدة الأسباب الباعثة لنا على ذكر الأسانيد في هذا الكتاب »(1) .

وثانياً : سلَّمنا أنَّ منشأ حكمهم بصحَّتها هو الحكم بوثاقة رواتها ، لكن من أين نعلم أنَّهم استندوا في توثيقهم إلى الحسِّ ، إذ من البعيد أن يستندوا في توثيق هذا العدد الهائل من الرواة الواردة في هذه الكتب إلى الحسّ ، بل من المحتمل قويّاً ، أنَّهم استندوا إلى القرائن التي يستنبط وثاقتهم منها ، ومثله يكون حجَّة للمستنبط ولمن يكون مثله في حصول القرائن.

وثالثاً : نفترض كونهم مستندين في توثيق الرُّواة إلى الحسِّ ، ولكنَّ الأخذ بقولهم إنَّما يصحّ لو لم تظهر كثرة أخطائهم ، فإنَّ كثرتها تسقط قول

__________________

1 ـ الوافي : 1 / 11 ـ 12 ، المقدمة الثانية.

٤٨

المخبر عن الحجّية في الإخبار عن حسٍّ أيضاً ، فكيف في الاخبار عن حدس. مثلاً إنَّ كثيراً من رواة الكافي ضعّفهم النجاشي والشيخ ، فمع هذه المعارضة الكثيرة يسقط قوله عن الحجّية. نعم ، إن كانت قليلة لكان لاعتبار قوله وجه. وإنَّ الشيخ قد ضعَّف كثيراً من رجال « التهذيب والاستبصار » في رجاله وفهرسه ، فكيف يمكن أن يعتمد على ذلك التَّصحيح.

فظهر أنَّه لا مناص عن القول بالحاجة إلى علم الرجال وملاحظة أسناد الروايات ، وأنَّ مثل هذه الشهادات لا تقوم مكان توثيق رواة تلك الكتب.

الثامن : شهادة المشايخ الثلاثة

إذا شهد المشايخ الثلاثة على صحَّة روايات كتبهم ، وأنَّها صادرة عن الأئمّة بالقرائن التي أشار إليه المحقّق الفيض ، فهل يمكن الاعتماد في هذا المورد على خبر العدل أو لا؟

الجواب : أنَّ خبر العدل وشهادته إنَّما يكون حجَّة إذا أخبر عن الشَّيء عن حسٍّ لا عن حدس ، والاخبار عنه بالحدس لا يكون حجَّة إلا على نفس المخبر ، ولا يعدو غيره إلا في موارد نادرة ، كالمفتي بالنّسبة إلى المستفتي. وإخبار هؤلاء عن الصُّدور إخبار عن حدس لا عن حسٍّ.

توضيح ذلك ؛ أنَّ احتمال الخلاف والوهم في كلام العادل ينشأ من أحد أمرين :

الأوّل : التعمُّد في الكذب وهو مرتفع بعدالته.

الثاني : احتمال الخطأ والاشتباه وهو مرتفع بالأصل العقلائي المسلَّم بينهم من أصالة عدم الخطأ والاشتباه ، لكن ذاك الأصل عند العقلاء مختصٌّ بما إذا أخبر بالشيء عن حسٍّ ، كما إذا أبصر وسمع ، لا ما إذا أخبر عنه عن حدس ، واحتمال الخطأ في الإبصار والسَّمع مرتفع بالأصل المسلَّم بين العقلاء ، وأمّا احتمال الخطأ في الحدس والانتقال من المقدّمة إلى النتيجة ،

٤٩

فليس هنا أصل يرفعه ، ولأجل ذلك لا يكون قول المحدس حجَّة الا لنفسه.

والمقام من هذا القبيل ، فإنَّ المشايخ لم يروا بأعينهم ولم يسمعوا بآذانهم صدور روايات كتبهم ، وتنطّق أئمّتهم بها ، وإنَّما انتقلوا إليه عن قرائن وشواهد جرَّتهم إلى الاطمئنان بالصّدور ، وهو إخبار عن الشيء بالحدس ، ولا يجري في مثله أصالة عدم الخطأ ولايكون حجَّة في حق الغير.

وإن شئت قلت : ليس الانتقال من تلك القرائن إلى صحَّة الروايات وصدورها أمراً يشترك فيه الجميع أو الأغلب من النّاس ، بل هو أمر تختلف فيه الأنظار بكثير ، فرُبَّ إنسان تورثه تلك القرائن اطمئناناً في مقابل إنسان آخر ، لا تفيده إلا الظنَّ الضعيف بالصحَّة والصدور ، فإذن كيف يمكن حصول الاطمئنان لأغلب النّاس بصدور جميع روايات الكتب الأربعة التي يناهز عددها ثلاثين ألف حديث ، وليس الإخبار عن صحَّتها كالاخبار عن عدالة إنسان أو شجاعته ، فإنَّ لهما مبادئ خاصَّة معلومة ، يشترك في الانتقال عنها إلى ذينك الوصفين أغلب الناس أو جميعهم ، فيكون قول المخبر عنهما حجَّة وإن كان الإخبار عن حدس ، لأنَّه ينتهي إلى مبادئ محسوسة ، وهي ملموسة لكلّ من أراد أن يتفحَّص عن أحوال الإنسان. ولا يلحق به الإخبار عن صحِّة تلك الروايات ، مستنداً إلى تلك القرائن التي يختلف الناس في الانتقال عنها إلى الصحَّة إلى حدٍّ ربَّما لا تفيد لبعض الناس إلا الظّنَّ الضَّعيف. وليس كلُّ القرائن من قبيل وجود الحديث في كتاب عرض على الإمام ونظيره ، حتّى يقال إنَّها من القرائن الحسيّة ، بل أكثرها قرائن حدسية.

فان قلت : فلو كان إخبارهم عن صحَّة كتبهم حجَّة لأنفسهم دون غيرهم ، فما هو الوجه في ذكر هذه الشهادات في ديباجتها؟

قلت : إنَّ الفائدة لا تنحصر في العمل بها ، بل يكفي فيها كون هذا الإخبار باعثاً وحافزاً إلى تحريك الغير لتحصيل القرائن والشواهد ، لعلَّه يقف

٥٠

أيضاً على مثل ما وقف عليه المؤلِّف وهو جزء علَّة لتحصيل الرُّكون لا تمامها.

ويشهد بذلك أنَّهم مع ذاك التَّصديق ، نقلوا الروايات بإسنادها حتّى يتدبَّر الآخرون في ما ينقلونه ويعملوا بما صحَّ لديهم ، ولو كانت شهادتهم على الصحَّة حجَّة على الكلّ ، لما كان وجه لتحمّل ذاك العبء الثقيل ، أعني نقل الروايات بإسنادها. كلّ ذلك يعرب عن أنَّ المرمى الوحيد في نقل تلك التصحيحات ، هو إقناع أنفسهم وإلفات الغير إليها حتّى يقوم بنفس ما قام به المؤلّفون ولعلَّه يحصِّل ما حصَّلوه.

٥١
٥٢

الفصل الثالث

المصادر الاولية لعلم الرجال

1 ـ الاصول الرجالية الثمانية.

2 ـ رجال ابن الغضائري.

٥٣
٥٤

الاصول الرجالية الثمانية

* رجال الكشي.

* فهرس النجاشي.

* رجال الشيخ وفهرسه.

* رجال البرقي.

* رسالة أبي غالب الزراري.

* مشيخة الصدوق.

* مشيخة الشيخ الطوسي.

٥٥
٥٦

اهتم علماء الشيعة من عصر التابعين الى يومنا هذا بعلم الرجال ، فألفوا معاجم تتكفل لبيان أحوال الرواة وبيان وثاقتهم أو ضعفهم ، وأول تأليف ظهر لهم في أوائل النصف الثاني من القرن الاول هو كتاب « عبيد الله بن أبي رافع » كاتب أمير المؤمنينعليه‌السلام ، حيث دون أسماء الصحابة الذين شايعوا علياً وحضروا حروبه وقاتلوا معه في البصرة وصفين والنهروان ، وهو مع ذلك كتاب تاريخ ووقائع.

وألف عبدالله بن جبلة الكناني ( المتوفى عام 219 هـ ) وابن فضّال وابن محبوب وغيرهم في القرن الثاني الى أوائل القرن الثالث ، كتباً في هذا المضمار ، واستمر تدوين الرجال الى أواخر القرن الرابع.

ومن المأسوف عليه ، أنه لم تصل هذه الكتب الينا ، وانما الموجود عندنا ـ وهو الذي يعد اليوم اصول الكتب الرجالية(1) ـ ما دوّن في القرنين الرابع والخامس ، واليك بيان تلك الكتب والاصول التي عليها مدار علم الرجال ، واليك اسماؤها وأسماء مؤلفيها وبيان خصوصيات مؤلفاتهم.

__________________

1 ـ المعروف أن الاصول الرجالية اربعة أو خمسة بزيادة رجال البرقي ، لكن عدها ثمانية بلحاظ أن الجميع من تراث القدماء ، وان كان بينها تفاوت في الوزن والقيمة ، فلاحظ.

٥٧

1 ـ رجال الكشّي

هو تأليف محمد بن عمر بن عبد العزيز المعروف بالكشّي ، والكشّ ـ بالفتح والتشديد ـ بلد معروف على مراحل من سمرقند ، خرج منه كثير من مشايخنا وعلمائنا ، غير أن النجاشي ضبطه بضم الكاف ، ولكن الفاضل المهندس البرجندي ضبطه في كتابه المعروف « مساحة الارض والبلدان والاقاليم » بفتح الكاف وتشديد الشين ، وقال : « بلد من بلاد ما وراء النهر وهو ثلاثة فراسخ في ثلاثة فراسخ ».

وعلى كل تقدير ; فالكشي من عيون الثقات والعلماء والاثبات. قال النجاشي : « محمد بن عمر بن عبد العزيز الكشي أبو عمرو ، كان ثقة عيناً وروى عن الضعفاء كثيراً ، وصحب العياشي وأخذ عنه وتخرج عليه وفي داره التي كانت مرتعاً للشيعة وأهل العلم. له كتاب الرجال ، كثير العلم وفيه أغلاط كثيرة »(1) .

وقال الشيخ في الفهرست : « ثقة بصير بالاخبار والرجال ، حسن الاعتقاد ، له كتاب الرجال »(2) .

وقال في رجاله : « ثقة بصير بالرجال والأخبار ، مستقيم المذهب »(3) .

وأما اُستاذه العيّاشي أبو النَّضر محمّد بن مسعود بن محمّد بن عيّاش السلمي السمرقندي المعروف بالعيّاشي ، فهو ثقة صدوق عين من عيون هذه الطائفة قال لنا أبو جعفر الزاهد : أنفق أبو النَّضر على العلم والحديث تركة أبيه وسائرها وكانت ثلاثمائة ألف دينار وكانت داره كالمسجد بين ناسخ أو

__________________

1 ـ رجال النجاشي : الرقم 1018.

2 ـ فهرس الشيخ « الطبعة الاولى » الصفحة 141 ، الرقم 604 ، و : « الطبعة الثانية » ، الصفحة 167 الرقم 615.

3 ـ رجال الشيخ : 497.

٥٨

مقابل أو قارئ أو معلِّق ، مملوءة من الناس(1) وله كتب تتجاوز على مائتين.

قد أسمى الكشّي كتابه الرجال بـ « معرفة الرجال » كما يظهر من الشّيخ في ترجمة أحمد بن داود بن سعيد الفزاري(2) .

وربَّما يقال بأنه أسماه بـ « معرفة الناقلين عن الأئمة الصادقين » أو « معرفة الناقلين » فقط ، وقد كان هذا الكتاب موجوداً عند السيد ابن طاووس ، لأنه تصدّى بترتيب هذا الكتاب وتبويبه وضمِّه الى كتب أُخرى من الكتب الرجاليَّة وأسماه بـ « حلّ الاشكال في معرفة الرجال » وكان موجوداً عند الشهيد الثاني ، ولكن الموجود من كتاب الكشّي في هذه الاعصار ، هو الذي اختصره الشيخ مسقطاً منه الزوائد ، واسماه بـ « اختيار الرجال » ، وقد عدَّه الشيخ من جملة كتبه ، وعلى كل تقدير فهذا الكتاب طبع في الهند وغيره ، وطبع في النجف الاشرف وقد فهرس الناشر أسماء الرواة على ترتيب حروف المعجم. وقام اخيراً المتتبع المحقق الشيخ حسن المصطفوي بتحقيقه تحقيقاً رائعاً وفهرس له فهارس قيّمة ـ شكر الله مساعيه ـ.

كيفية تهذيب رجال الكشي

قال القهبائي : « إن الاصل كان في رجال العامة والخاصة فاختار منه الشيخ ، الخاصة »(3) .

والّظاهر عدم تماميّته ، لأنه ذكر فيه جمعاً من العامة رووا عن ائمّتنا

__________________

1 ـ راجع رجال النجاشي : الرقم 944.

2 ـ ذكره في « ترتيب رجال الكشي » الذي رتب فيه « اختيار معرفة الرجال » للشيخ على حروف التهجي ، والكتاب غير مطبوع بعد ، والنسخة الموجودة بخط المؤلف عند المحقق التستري دام ظله.

3 ـ راجع فهرس الشيخ : « الطبعة الاولى » الصفحة 34 ، الرقم 90 ، و : « الطبعة الثانية » الصفحة 58 ، الرقم 100.

٥٩

كمحمد بن اسحاق ، ومحمد بن المنكدر ، وعمرو بن خالد ، وعمرو بن جميع ، وعمرو بن قيس ، وحفص بن غياث ، والحسين بن علوان ، وعبد الملك بن جريج ، وقيس بن الربيع ، ومسعدة بن صدقة ، وعباد بن صهيب ، وأبي المقدام ، وكثير النوا ، ويوسف بن الحرث ، وعبد الله البرقي(1) .

والظاهر أن تنقيحه كان بصورة تجريده عن الهفوات والاشتباهات التي يظهر من النجاشي وجودها فيه.

ان الخصوصية التي تميز هذا الكتاب عن سائر ما ألف في هذا المضمار عبارة عن التركيز على نقل الروايات المربوطة بالرواة التي يقدر القارئ بالامعان فيها على تمييز الثقة عن الضعيف وقد ألفه على نهج الطبقات مبتدءاً بأصحاب الرسول والوصي الى أن يصل الى أصحاب الهادي والعسكريعليهما‌السلام ثم الى الذين يلونهم وهو بين الشيعة كطبقات ابن سعد بين السنة.

2 ـ رجال النجاشي

هو تأليف الثبت البصير الشيخ أبي العباس(2) أحمد بن علي بن أحمد بن العباس ، الشهير بالنجاسي ، وقد ترجم نفسه في نفس الكتاب وقال : « أحمد بن علي بن أحمد بن العباس بن محمد بن عبد الله بن إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن النجاشي ، الذي ولي الاهواز وكتب الى أبي عبد اللهعليه‌السلام يسأله وكتب اليه رسالة عبد الله بن النجاشي المعروفة(3) ولم ير لأبي عبداللهعليه‌السلام مصنَّف غيره.

__________________

1 ـ قاموس الرجال : 1 / 17.

2 ـ يكنى بـ « أبي العباس » تارة وبـ « أبي الحسين » اخرى.

3 ـ هذه الرسالة مروية في كشف الريبة ونقلها في الوسائل في كتاب التجارة ، لاحظ : الجزء 12 ، الباب 49 من أبواب ما يكتسب به.

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

بأبي أنت وأمي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقرئك السلام ويقول لك، ويقول لك، قال، فرجع محمد بن عليعليه‌السلام الى أبيه علي بن الحسين وهو ذعر، فأخبره الخبر، فقال له: يا بني قد فعلها جابر؟ قال: نعم. قال: يا بني ألزم بيتك.

___________________________________________________________

قولهعليه‌السلام : بأبى أنت وأمي رسول الله (ص) يقرئك السلام ويقول لك ويقول لك‌

على التكرير يعني يقول لك كذا، وفي الكافي يقول لك(١) . مرة واحدة من من غير تكرير أي يقول لك كذا وكذا.

و « يقرئك السلام » بضم حرف المضارعة من باب الافعال أي يبلغك سلامه، فيحملك ان تقرأ السلام وترده عليه.

قال ابن الاثير في النهاية: وفي الحديث: ان الرب عز وجل يقرئك السلام. يقال: اقرأ فلانا السلام وأقرأعليه‌السلام ، كأنه حين يبلغه سلامه يحمله على أن يقرأ السلام ويرده، واذا قرأ الرجل القرآن أو الحديث على الشيخ يقول، أقر أني فلان أي حملني على أن أقرأ عليه، وقد تكرر في الحديث(٢) .

وقال الجوهري: قرأعليه‌السلام وأقرأ السلام بمعنى(٣) .

وفي القاموس قرأعليه‌السلام أبلغه كأقرأه، ولا يقال اقرأه الا اذا كان السلام مكتوبا(٤) .

فأما صاحب المغرب فقد قال: وأقرأ سلامي على فلان وأقرأه سلامي عامي.

قلت عليه: كلا اقرأه سلامي ليس بعامي، بل عربي صميم، متكرر في الحديث وكذلك اقرأ عليه سلامي، وانما العامي المولد اقراه مني السلام.

__________________

(١) أصول الكافى: ١ / ٣٩١ وفيه يقرئك السلام ويقول ذلك‌

(٢) نهاية ابن الاثير: ٤ / ٣١‌

(٣) الصحاح: ١ / ٦٥‌

(٤) القاموس: ١ / ٢٤‌

٢٢١

قال: فكان جابر يأتيه طرفي النهار فكان أهل المدينة يقولون وا عجباه لجابر يأتي هذا الغلام طرفي النهار وهو آخر من بقي من أصحاب رسول الله، فلم يلبث أن مضى علي بن الحسينعليهما‌السلام فكان محمد بن علي يأتيه على وجه الكرامة لصحبته لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال، فجلس يحدثهم عن الله فقال أهل المدينة: ما رأينا أحدا قط أجرأ من ذا قال: فلما رأى ما يقولون حدثهم عن رسول الله، قال أهل المدينة: ما رأينا أحدا قط أكذب من هذا يحدث عمن لم يره، قال: فلما رأى ما يقولون حدثهم عن جابر بن عبد الله فصدقوه، وكان جابر والله يأتيه يتعلم منه.

___________________________________________________________

كما قال علامة زمخشر، وهو شيخ صاحب المغرب في أساس البلاغة: واقرأ سلامي على فلان، واقرأه سلامي، ويقال: اقرأه مني السلام(١) .

هذا قوله ولكن قد تكرر في الحديث اقرأه السلام أيضا فليتثبت.

قولهعليه‌السلام : فجلس يحدثهم عن الله فقال أهل المدينة: ما رأينا أحدا قط أجرأ من ذا‌

بالهمزة على أفعل التفضيل من الجرأة، حسب أنهعليه‌السلام كان يحدث عن الله سبحانه فيقول: قال الله عز وجل، لأنه كان قد أخذ عن آبائه الطاهرين عن رسول الله ورسول الله عن جبرئيل عن الله عز وجل.

وفي الكافي قال: فجلس يحدثهم عن الله تبارك وتعالى، فقال أهل المدينة:

ما رأينا أحدا أجرأ من هذا(٢) ، بزيادة « تبارك وتعالى » واسقاط « قط » وابدال « هذا » من « ذا ».

ومن أغلاط القاصرين الناظرين في كتاب الكشي لم يهتدوا في المرام فسقموا على زعم الصحيح وصحفوا عن الله بعن أبيه(٣) ، أعاذنا الله من الجهل بعد العلم،

__________________

(١) أساس البلاغة: ٤٩٩ وفيه ولا يقال أقرئه منى السلام انتهى. ولعل كلمة « لا » محذوفة من نسخة الاساس عند السيد، فلا يرد عليه ما أورده.

(٢) أصول الكافى: ١ / ٣٩١‌

(٣) كما في المطبوع من رجال الكشى بجامعة مشهد‌

٢٢٢

٨٩ - حدثني أبو محمد جعفر بن معروف، قال حدثنا الحسن بن علي بن النعمان، عن أبيه، عن عاصم الحناط، عن محمد بن مسلم، قال قال لي أبو عبد اللهعليه‌السلام : ان لأبي مناقب ما هن لآبائي ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لجابر بن عبد الله الانصاري انك تدرك محمد بن علي فأقرئه مني السلام، قال: فأتى جابر منزل علي بن الحسينعليهما‌السلام فطلب محمد بن علي، فقال له عليعليه‌السلام هو في الكتاب أرسل لك اليه، قال:

___________________________________________________________

ومن الحور بعد الكور، ومن الضلال بعد الهدى.

قولهرحمه‌الله : حدثنى أبو محمد جعفر بن معروف‌

قد علمت فيما سبق أن أبا محمد جعفر بن معروف الذي يروي عنه أبو عمرو الكشي هو الذي من أهل كش، وكان وكيلا مكاتبا لا مطعن(١) فيه.

فهذا الطريق من عاصم بن الحناط - بالنون المشددة بعد المهملة المفتوحة - عن محمد بن مسلم بن رباح بالباء الموحدة، وقيل: بالياء المثناة من تحت الثقفي صحيح.

وفي نسخة: حدثني أبو محمد جعفر بن معروف، عن محمد بن مسلمة قال: قال لي أبو عبد اللهعليه‌السلام . وذلك من غلط الناسخ.

« محمد بن مسلمة » بفتح الميم واسكان السين على اسم المكان.

قال أبو العباس النجاشيرحمه‌الله : كوفي ثقة، له كتاب يرويه علي بن الحسن الطاطري وغيره(٢) .

ولم يذكر أحد أنه روى عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، وأيضا لقاء أبي محمد جعفر بن معروف اياه لا يخلو من بعد.

قولهعليه‌السلام : فأقرئه منى السلام‌

ما يقال: اقرأه مني السلام عامي مولد وليس بعربي صميم، لا تعويل عليه،

__________________

(١) وفي « ن » لا يطعن فيه‌

(٢) رجال النجاشى: ٢٨٦‌

٢٢٣

لا ولكني أذهب اليه، فذهب في طلبه فقال للمعلم: أين محمد بن علي؟ قال: هو في تلك الرفقة أرسل لك اليه؟ قال: لا ولكني أذهب اليه، قال: فجائه فألتزمه وقبّل رأسه وقال ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أرسلني إليك برسالة أن اقرئك السلام! قال: عليه وعليك السلام، ثم قال له جابر: بأبي أنت وأمي اضمن لي أنت الشفاعة يوم القيمة، قال: فقد فعلت ذلك يا جابر.

٩٠ - أحمد بن علي القمّي السلولي، قال حدثني ادريس بن أيوب القمي، عن الحسين بن سعيد، عن ابن محبوب، عن عبد العزيز العبدي، عن زرارة، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: جابر يعلم، وأثنى عليه خيرا، قال، فقلت له: وكان من أصحاب‌

___________________________________________________________

لتكرره في الحديث.

قولهعليه‌السلام : قال هو في تلك الرفقة‌

الرفقة بضم الراء واسكان الفاء الجماعة المترافقون، والجمع رفاق بالكسر قاله في المغرب.

وفي الصحاح: الرفقة بالضم الجماعة، ترافقهم في سفرك، والرفقة بالكسر مثله، والجمع رفاق، تقول منه: رافقته وترافقنا في السفر(١) .

قولهرحمه‌الله : أحمد بن على القمى السلولى‌

هو المعروف بشقران المقيم بكش، وقد تقدم غير مرة.

قوله رحمه الله تعالى: عن ابن محبوب عن عبد العزيز العبدى‌

يعني به الحسن بن محبوب. وعبد العزيز العبدي قال النجاشي كوفي روى عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ضعيف ذكره ابن نوح(٢) .

وأما أن رواية الحسن بن محبوب عنه ضرب توثيق له، على ما قاله شيخنا‌

__________________

(١) الصحاح: ٤ / ١٤٨٢‌

(٢) رجال النجاشى: ١٨٤‌

٢٢٤

عليعليه‌السلام قال: كان جابر يعلم قول الله عز وجل( إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ ) .

___________________________________________________________

الشهيد قدس الله تعالى نفسه في شرح الارشاد في رواية الحسن بن محبوب عن أبي الربيع الشامي، فيكون الطريق صحيا للإجماع على تصحيح ما يصح عن الحسن ابن محبوب، فانما كان يستقيم لو لم يكن عبد العزيز العبدي محكوما عليه بالضعف، كما الامر في أبي الربيع الشامي، فليعرف.

قولهعليه‌السلام : كان جابر يعلم قول الله جل وعز( إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ ) (١)

الاية الكريمة منطوية في مطاوي بطونها الاشارة الى سلسلتي البدو والعود في نظام الوجود ومراتب الموجودات، والموازات العقلية بين المراتب في الموجودات، والموازات العقلية بين المراتب في السلسلتين، وأن الله سبحانه هو المبدأ في سلسلة البدو، والمعاد في سلسلة العود، فهو مبتدء الوجود ومنتهاه، ومبدء كل موجود ومعاده.

والاشارة الى برهان التناسب من السبيل اللمي على اثبات العقل في سلسلة البدو، والى برهان التوازي من السبيل اللمي على تجرد النفس الناطقة العاقلة الانسانية في سلسلة العود، وأن منزلة خاتم الانبياء في سلسلة العود منزلة العقل الاول في سلسلة البدو، وأن وصي خاتم النبوة يتلوه في منزلته في السلسلة العودية، كما العقل الاول يتلوه العقل الثانى في منزلته في السلسلة البدوية.

فلنشر الى هذه الاسرار اشارة اجمالية ثم نكرّ فنبين معنى الحديث ومغزاه‌

__________________

(١) لا يخفى جواز أن يكون المراد بذلك المعاد هو الرجعة في أوان ظهور قائم أهل البيتعليهم‌السلام ، وأنه (ص) يعاد أيضا، كما نطق به الاخبار، فالبارى الحق تعالى مجده قد وعده (ص) بأن الذى يعنى البارى جل مجده فرض عليك القرآن يردك الى معاد، وأن جابر كان يعلم تفسير ذلك فتدبر « سيد أحمد صهر المؤلف » ‌

٢٢٥

___________________________________________________________

فنقول اذن: ان هناك مسائل:

المسألة الاولى: قال المفسرون: الذي فرض عليك أحكامه وفرائضه، وأوجب عليك تلاوته وتبليغه والعمل بما فيه، لرادك بعد الموت الى معاد، وتنكيره لتعظيمه، كأنه قال الى معاد وأي معاد، وهو المقام المحمود الذي وعدك أن يبعثك فيه ليس لا حد من البشر غيرك مثله.

أو الذي فرض عليك التخلق بخلق القرآن، وأوجب لك في بداية الامر بحسب قضائه الاول، ولوح الاستعداد التام الكامل المفطور الفطري الذي هو العقل القرآني الفرقاني، الجامع لقوة استجماع جميع كمالات النظر والعمل، وجوامع الكلم والحكم في الفطرة الاولى، لرادك في نهاية استتمام عقلك المستفاد واستكمال كمالك الممكن المكسوب الموهوب الالهي في الفطرة الثانية، الى معاد عظيم بهي ما أعظمه وأبهاه، لا يبلغ كنهه ولا يقدر قدره، وهو الفناء المحض في الله في أحدية الذات والبقاء الحق به على التحقيق في جميع الاخلاق والصفات.

وقيل: المعاد مكة زادها الله شرفا وتعظيما، والمراد ردهصلى‌الله‌عليه‌وآله اليها يوم الفتح.

المسألة الثانية: من المنصرح لدى العقل الصراح أنه ما لم تكن بين ذات العلة التامة وخصوصية ذات معلولها المنبعث عن نفس ذاتها بذاتها، مناسبة ذاتية، لا تكون بينها وبين غيره من سائر الاشياء تلك المناسبة، لم يكن يتعين ذلك المعلول بخصوصه من بين جملة الاشياء بالترتب(١) عليها، والانبعاث عنها دون غيره من الاشياء بالضرورة الفطرية.

واذ الباري الاول جل سلطانه ذاته الاحدية الحقة الواجبة بالذات من كل جهة كمالية تامة وفوق التمام، في أعلى مراتب المجد والكمال والعز والجلال والقدس والبهاء والعلو والكبرياء، فيجب أن يكون مجعوله الاول الصادر عن نفس ذاته بذاته‌

__________________

(١) في « س »: بالترتيب‌

٢٢٦

___________________________________________________________

والمنبجس عن علمه وعنايته وارادته واختياره التي هي عين مرتبة ذاته قبل سائر المجعولات، قبلية بالذات بحسب المرتبة العقلية، أفضل ما يبلغه ادراك العقول والاذهان، وأشرف ما وسعه طباع عالم الامكان، وأن تكون أولى من مراتب مجعولاته ومعلولاته التي هي من جملة الموجودات في نظام الوجود، أشرف المراتب وأفضلها وأكملها وأجملها، فاذن وجب أن يكون أولى مراتب نظام الوجود عالم الأنوار العقلية وأن يكون العقل الاول من بينها بخصوصية جوهر ذاته هو المجعول الاول لا غير.

المسألة الثالثة: انما ملاك الشرف والكمال في مراتب الموجودات وجواهر الهويات القرب من جناب الباري الحق، وميزان الخسة والنقص البعد عن جنابه الاعلى تعالى عزة، فالوجود يبتدأ منه عز وجل متنازلا في المراتب المترتبة، من الشرف الى الخسة، ومن الكمال الى النقص، ومن المستحيل أن يتمادي الى نهاية.

فيجب أن ينتهي التنازل الى حد محدود هو منتهى الخسة والنقصان لا يتعداه وان هو الا مرتبة الهيولى الاولى الحاملة لطباع ما بالقوة، وهي لا محالة أخيرة مراتب البداءة، وهى مشتملة على قوة قبول جميع الصور اشتمالا انفعاليا، كما الجواهر العقلية التي هي أولى المراتب مشتملة عليها جميعا اشتمالا فعليا.

ثم يعود فيتدرج فيضان نظم الوجود من افاضة الباري الفعال على الانعكاس متصاعدا من الخسة الى الشرف، ومن النقص الى الكمال، واذ يستحيل أن يتمادى الى ما لا نهاية، فينتهي لا محالة الى حد أخير لا يتعداه، وهو منتهى المراتب في الشرف والكمال.

فهذه المرتبة في العود التي هي أخيرة مراتب نظام الوجود في ازاء المرتبة الاولى في البدو، والله سبحانه هو المبدأ والمعاد، ومنه البدو واليه العود، وهو ولي الامر في الاولى والآخرة، له الخلق والامر والملك والملكوت، منه البداءة‌

٢٢٧

___________________________________________________________

واليه النهاية.

المسألة الرابعة: أخيرة المراتب العودية في ازاء أولى المراتب البدوية، وهي مرتبة نوع الانسان، فوجوب التوازي بين مراتب البدو ومراتب العود برهان تجرد النفس الناطقة الانسانية من طريق اللم، وتقريره من سبيلين:

الاول: أليس من المستبين أنه يجب أن يكون مبدأ المبادي تعالى كبريائه أولا في ترتيب البدو وآخرا في ترتيب العود؟ فكما المرتبة الاولى في ترتيب البدو تبتدأ في جهة التنازل من الجناب الحق القيومي الوجوبي، ولا شي‌ء فوقها في مرتبة الكمال إلا ذاته الواجبة الاحدية الحقة، اذ كان من المستحيل انبجاس الناقص النذل من الكامل الحق المتعال في أقصى الكمال قريبا، وانبعاثه عنه ابتداء لا بواسطة ما هو أكمل منه في المرتبة، الا فيما يكون ذاته تحت الكون ووجوده مرهونا بالامكان الاستعدادي بتة.

فكذلك المرتبه الاخيرة في ترتيب العود الموازية للمرتبة المبتدئة في ترتيب البدو، تنتهى في جهة التصاعد الى جنابه الاعلى الربوبي، ولا شي‌ء ورائها في مرتبة الكمال إلا ذاته التامة القيومية، اذ كان يستحيل الناقص الجراح(١) ، وانتهاؤه في ترتيب الشرف والكمال الى الكامل التام الحق من كل جهة، واتصاله بجنابه من دون توسط ما هو أشرف مرتبة وأتم كمالا في البين.

فاذن وجب في الاصول البرهانية بالضرورة العقلية، ان يكون النفوس الانسانية التي هي آخر ترتيب في التصاعد جواهر مجردة عاقلة، صائرة في استكمال مرتبة العقل المستفاد على أعلى النصاب الممكن، عالما عقليا مطابقا لنظام الوجود كله من الصدر الى الساقة مضاهيا وموازيا لعالم الأنوار المفارقة العقلية التي هي أول ترتيب البدو في التنازل، فليتعرف.

الثاني: مقتضى الحكمة البالغة التامة الربوبية، والعناية الاولى السابغة الكاملة‌

__________________

(١) في « ن »: الحذاح‌

٢٢٨

___________________________________________________________

الالهية تنسيق المراتب واتساق النظام على الوجه الاكمل، ووجوب الموازاة من مراتب البدو ومراتب العود في السلسلتين على التعاكس بالتنازل والتصاعد، فذلك مبدأ استيجاب هذه المرتبة العقلية الاخيرة العودية في نظام الوجود على أقصى النصاب الممكن في الكمال والشرف ازاءا لتلك المرتبة العقلية الاولى البدوية.

فاذن يجب لا محالة وجود النفس الناطقة المجردة العاقلة الانسانية واستكمال قصوى الغاية واستتمام نصاب الشرف والكمال في مرتبة عقلها المستفاد في آخر ترتيب العود بازاء مرتبة العقول النورية المفارقة في أول ترتيب البدو، والا لانتقصت تمامية الحكمة التامة وانتقصت كمالية العناية الكاملة فليثبت.

المسألة الخامسة: مراتب سلسلة البدو في التنازل في البسائط وهي خمس والمتقدمة فيها أكمل وأشرف من المتأخرة، ومراتب سلسلة العود بالتصاعد في المركبات، وهي أيضا خمس والمتأخرة فيها أشرف وأكمل من المتقدمة.

أما مراتب السلسلة الطولية البدوية فأولها: مرتبة عالم العقول النورية المفارقة ولها عرض عريض في الكمال(١) من العقل الاول الى العقل الاخير، وهذا العالم أتم ضربي عالم الامر، وأفضل ضروب ملائكة الله المقربين، ولهذا العالم من الحروف حرف « ب ».

وثانيتها: مرتبة عالم النفوس المجردة السماوية، ولها أيضا في الشرف والكمال عرض عريض من نفس الفلك الاقصى الى نفس فلك القمر، وهذا العالم ضرب آخر من عالم الامر من الملائكة الفاضلة المجردة والأنوار العاقلة المدبرة، وحرفا هذا العلم « ج - ز ».

وثالثتها: مرتبة عالم النفوس المنطبعة السماوية على عرض عريض باختلاف درجات الكمال، وهذا العلم أتم ضروب الملائكة الجسمانية وأعلاها.

__________________

(١) وفي « س » في اكمال‌

٢٢٩

___________________________________________________________

ورابعتها: مرتبة عالم الصورة الجرمية من صورة جرم الكرة الاقصى الى صورة جرم كرة الارض.

وخامستها: مرتبة عالم الهيوليات من هيولى الفلك الاقصى الى هيولى عالم العناصر المشتركة الواحدة بالهوية الشخصية، وهي مركز النقصان والخسة ومحل الامكان الاستعدادي وحامل القوة الانفعالية، وحرف هذا العلم « ط ».

وأما مراتب السلسلة الطولية العودية فالاولى منها: مرتبة الاجسام النوعية البسيطة من الفلك الاعلى الى جرم الارض، وصورها المنوعة الجوهرية، وطبائعها المنطبعة الجسمانية.

والثانية: مرتبة الصور الاولى الحادثة بعد التركيب المزاجي من البسائط التي هي الاسطقسات العنصرية، كالصور الجوهر المعدنية وغيرها على اختلاف مراتبها.

والثالثة: مرتبة النفوس الجوهرية المنطبعة النباتية على اختلاف أنواعها بأسرها.

والرابعة: مرتبة النفوس الجوهرية الحيوانية بأنواعها المختلفة بأسرها.

والخامسة: مرتبة العالم الاصغر الذي هو نسخة العالم الاكبر المطابقة له الجامعة لما فيه من رطب نظام الوجود ويابسه، أي النفوس الناطقة الانسانية بأخيرة مراتبها في استتمام القسط واستكمال النصاب.

وهي مرتبة العقل المستفاد المشتمل على صور جميع الموجودات بالفعل اشتمالا انفعاليا، كما كانت العقول المفارقة في المرتبة الاولى البدوية مشتملة عليها اشتمالا فعليا بحرف هذا العالم العقلي، الذي هو آخر نظام الكل من الحروف الثمانية والعشرين « س »، كما بينه شريكنا السالف في النيروزية.

ونحن حققناها في شرحها وفي الجذوات والمواقيت وفي نبراس الضياء.

٢٣٠

___________________________________________________________

ولقد قلنا في نبراس الضياء: أن من رموز القرآن الحكيم واسراره أن مبتدأه من الحروف « ب » حرف أول سلسلة البدو، ومختتمه « س » حرف آخر سلسلة العود، ليكون كتاب الله المبين الايجابي التدويني مطابقا لكتاب الله الابداعي التكويني، فيكونا متطابقين في الفاتحة والخاتمة في البداية والنهاية.

فاذن فليتدبر كيف استدار نظام الوجود فعاد في آخر سلسلة العود الى عالم العقول المستفاد، كما كان ابتداء في أول سلسلة البدو من عالم العقول الفعالة، فنظام الكل دائرة عقلية وجودية نصف قطرها الهبوطي من العقل المحض بالفعل الى الهيولى الاولى، ونصف قطرها الصعودي من الجسم البسيط بالحقيقة النوعية الى العقل المستفاد.

والمحيط في الاول والاخر هو الله سبحانه، والله بكل شي‌ء محيط، ولجناب كبريائه المتعال بحسب اضافته الى نظام الوجود بالابداع والافاضة والعناية والاحاطة والفيض والرحمة حرفا « ١ - ٥ » وحق تحقيق هذه المعارف الربوبية على ذمة قبسات حق اليقين ونبراس الضياء.

المسألة السادسة: كما أفضل هويات الجواهر العقلية في عرض المرتبة الاولى البدوية، أشرفها وأقربها الى جنات المبدأ الفياض المحيط الحق تعالى سلطانه، هو العقل الاول الذي هو العقل العرش الاعظم، وأول مجعولات الباري الفعال، وأتم كلماته التامات وأجمعها.

فكذلك أكمل مراتب العقول المستفادة لجواهر النفوس القدسية الانسانية في عرض المرتبة العودية، وأفضلها وأشرفها وأتمها على الاطلاق، وأقربها من المعاد الحق والمحيط المطلق علا كبريائه، مرتبة العقل المستفاد لجوهر نفس خاتم النبوة عليه وآله الطاهرين أفضل صلوات المصلين.

فمنزلة خاتم النبوة في عرض المرتبة الاخيرة من مراتب طول السلسلة العودية‌

٢٣١

___________________________________________________________

منزلة العقل الاولى في عرض المرتبة الاولى من مراتب طول السلسلة البدوية، كما هناك ليس تتصور درجة رتبة كمالية نزولية تتوسط بين المبدأ الحق جل عزه وبين درجة العقل الاول، كذلك هاهنا لا يتصور درجة رتبة كمالية صعودية تتوسط بين درجة خاتم النبوة وبين معاد الحق علا كبريائه.

ومن ثم كان العقل الاول نور نفس خاتم النبوة، لما بينهما من أتم المناسبة والموازاة، وأشد المشابهة والمضاهاة بحسب الدرجة. فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله في حديث: أول ما خلق الله العقل، وفي حديث آخر: أول ما خلق الله نوري.

المسألة السابعة: براهين وجوب بعث النبي وارسال الرسول والسنة الالهية والعناية الربوبية، ناهضة الحكم على وجوب اثبات وصي للرسول يقوم مقامه، وينوب عنه منابه، يكون خليفته وبمنزلة نفسه، بواسطته يفيض الفيض، وينبث الدين ويقوم العدل، وينبسط النور، ويستوي الهدى، كما النفس خليفة العقل في ايصال الفيض الى عوالم الوجود: والقلب خليفة النفس، والدماغ خليفة القلب في انبثاث القوى المدركة والقوى المحركة على جوانب البدن، والنخاع خليفة الدماغ على سائر الاعضاء.

فكذلك النبي الرسول كالقلب في بدن العالم، ووصيه وخليفته كالدماغ والنخاع فاذن وصي خاتم الانبياء والمرسلين خليفته على جميع الخلق، وفي منزلة نفسه بحسب الدرجة، فيكون لا محالة مساهمة في رتبة درجته في عرض المرتبة الاخيرة في طول السلسلة العودية، فيشبه أن يكون درجته في عرض هذه المرتبة درجة العقل الثاني في عرض المرتبة الاولى البدوية.

فالعقل الاول نور خاتم الانبياء، والعقل الثاني نور سيد الاوصياء، بل العقل الاول نور هما معا، لا نهما كنفس واحدة.

قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : أنا وعلي من نور واحد(١) .

__________________

(١) رواه ابن الجوزى في تذكرة الخواص: ٥٢ والقندوزى في ينابيع المودة ٢٥٦ ط اسلامبول.

٢٣٢

___________________________________________________________

وقال عليه وآله الصلاة والتسليم: أنا وعلي من شجرة واحدة والناس من أشجار شتى(١) .

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ان الله جعل ذرية كل نبي في صلبه وجعل ذريتي في صلب علي بن أبي طالب(٢) .

وقال عليه وآله صلوات الله تسليماته: يا علي أنا وأنت أبوا هذه الامة ولعن الله من عق أباه.

واذا تحققت ما تلوناه عليك: فاعلمن أن قوله سبحانه( إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ ) اشارة الى المبدأ الباري الاول عز سلطانه، اذ كل حقيقة وكمال حقيقة وكل وجود وكمال وجود من صنعة وجوده، وكل علم وحكمة وحياة وبهاء من فيضه ونوره، والى ترتيب البدو النازل في نظام الوجود من لدنه ودرجة العقل في أول مراتب السلسلة البدوية.

اذ العقل الفعال الذي هو واهب الصور باذن ربه واسطة افاضة الفيض، وتنزيل الوحي على النفس نسبة اشراقه الى ادراك البصيرة العقلية نسبة اشراق الشمس الى أبصار الباصرة الحسية، كما قال في القرآن الكريم( نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ ) (٣) وقال( فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا قالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا قالَ إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيًّا ) (٤) ، وقوله تعالى( لَرادُّكَ ) اشارة الى المعاد الحق لكل وجود موجود والى ترتيب العود الصاعد في انسياق النظام العائد اليه، ودرجة خاتم النبيين وسيد‌

__________________

(١) رواه الحاكم في المستدرك ٢ / ٢٤١ والخوارزمى في المناقب: ٨٦ وابن حجر في الصواعق المحرقة ١٢١ والذهبى في ميزان الاعتدال ١ / ٤٦٢‌

(٢) رواه الهيثمى في مجمع الزوائد ٩ / ١٧٢‌

(٣) سورة الشعراء: ١٩٤‌

(٤) سورة مريم: ١٧‌

٢٣٣

٩١ - أحمد بن علي، قال حدثني ادريس، عن الحسين بن بشير، قال حدثني هشام بن سالم، عن محمد بن مسلم وزرارة، قالا: سألنا أبا جعفرعليه‌السلام عن أحاديث فرواها عن جابر، فقلنا: ما لنا ولجابر؟ فقال: بلغ من ايمان جابر أنه كان يقرء هذه الاية - ان الذي فرض عليك القرآن لرادك الى معاد.

___________________________________________________________

الوصيين في أخيرة مراتب السلسلة العودية.

والى رجوع النفس الصائرة بكمالها عالما فعليا في آخر منازل سفر الاستكمال في درجات العرفان ومقامات خلع البدن بالارادة في هذه النشأة، ومصيرها في أول أطوار طعن الروح ورفض الجسد بالطبيعة في النشأة الآخرة الى جنابه البهي الاحدي الحق.

فاذن فقد استبان سبيل قول أبي جعفر الباقرعليه‌السلام في هذا الحديث وهو أن جابرا كيف لا يكون من أصحاب عليعليه‌السلام وقد كان يقرأ قول الله عز وجل( إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ ) (١) ويعرف معناه ومغزاه ويعرف تفسيره وتأويله.

قولهرحمه‌الله : عن الحسين بن بشير‌

ذكر الشيخ رحمه الله تعالى في كتاب الرجال في أصحاب أبي الحسن الرضاعليه‌السلام الحسن بن بشير مكبرا وقال: مجهول(٢) .

وقال العلامة في الخلاصة: انه من أصحاب أبي الحسن الكاظمعليه‌السلام (٣) .

وأما الحسين بن بشير بالتصغير، ففي كتاب أبي عمرو الكشي رحمه الله تعالى في عامة النسخ.

قولهعليه‌السلام : بلغ من ايمان جابر أنه يقرأ هذه الاية‌

أي يقرأها ويتدبرها ويعرف سرها ويعلم باطنها.

__________________

(١) سورة القصص: ٨٥‌

(٢) رجال الشيخ: ٣٧٤‌

(٣) الخلاصة: ٢١٢‌

٢٣٤

٩٢ - أحمد بن علي القمي شقران السلولي، قال حدثني ادريس، عن الحسين ابن سعيد، عن محمد بن اسماعيل، عن منصور بن أذينة، عن زرارة، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال؟ قلت ما لنا ولجابر تروي عنه؟ فقال: يا زرارة ان جابرا كان يعلم تأويل هذه الاية - ان الذي فرض عليك القرآن لرادك الى معاد.

٩٣ - محمد بن مسعود، قال حدثني علي بن محمد، قال حدثني محمد بن أحمد بن يحيى، عن محمد بن الشقري، عن علي بن الحكم،

___________________________________________________________

قوله رحمه الله تعالى: شقراق السلولى‌

الشقران بضم الشين المعجمة واسكان القاف لقب أحمد بن علي القمي.

قال في القاموس: الشقران كعثمان وشقران مولى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله (١) .

يروي عنه عبيد الله بن أبي رافع وكان حبشيا، يقال: شهد بدرا قاله الذهبي وغيره.

و « سلول » باهمال السين وفتحها، وربما قيل: بالضم، فخذ من قيس، وهم بنو مرة بن صعصعة، وسلول اسم أمهم منهم عبد الله بن همام الشاعر السلولي، وأم عبد الله بن أبي المنافق، قاله في القاموس(٢) .

وفي الصحاح: سلول قبيلة من هوازن، وهم بنو مرة بن صعصعة بن معاوية ابن بكر بن هوازن(٣) .

قولهعليه‌السلام : ان جابرا كان يعلم تأويل هذه الاية‌

قد تلونا عليك باذن الله سبحانه ظاهر هذه الاية وباطنها وتفسيرها وتأويلها، يعنيعليه‌السلام : أن جابرا رضي الله تعالى عنه قد كان يعلم ويستيقن ذلك كله.

قولهرحمه‌الله : قال حدثنى محمد بن أحمد بن يحيى عن محمد بن الشقرى‌

في أكثر النسخ « الشقري » باعجام الشين قبل القاف محركة نسبة الى قبيلة في‌

__________________

(١) القاموس: ٢ / ٦٢‌

(٢) القاموس: ٣ / ٣٩٧‌

(٣) الصحاح: ٥ / ١٧٣١‌

٢٣٥

عن فضيل بن عثمان عن أبي الزبير، قال: رأيت جابرا متوكأ على عصاه وهو يدور‌

___________________________________________________________

بني ضبة.

قال في القاموس: شقرة بن الحارث بن تميم، أبو قبيلة من ضبة، والنسبة شقري بالتحريك(١) .

وقال في جامع الاصول: الشقري بفتح الشين وفتح القاف وبالراء، منسوب الى شقرة بكسر القاف وبالراء، منسوب الى شقرة - بكسر القاف - ابن الحارث بن تميم بن مرة، وقيل: شقرة اسمه الحارث بن تميم، وقيل: هو معاوية بن الحارث ابن تميم، قلبت كسرة القاف في النسبة فتحة على القياس.

وفي بعض النسخ « السفري »(٢) بالسين المهملة والفاء، اما بالتحريك نسبة الى عبد الله بن أبي السفر الهمداني من أصحاب أمير المؤمنينعليه‌السلام أو باسكان نسبة الى سفر ابن نسير بضم النون واهمال السين المفتوحة التابعي.

قال في القاموس: الاسماء بالسكون والكنى بالحركة. وقال: أبو السفر محركة سعيد بن محمد كيعلم من التابعين، وعبد الله بن أبي السفر من أتباعهم(٣) .

وفي نسخة عتيقة « محمد بن المنقري » بكسر الميم واسكان النون وفتح القاف نسبة الى منقر بن عبيد، وهو أبو بطن من تميم، منهم سليمان بن داود المنقري.

وبالجملة فحيث أن أبا جعفر محمد بن الحسن بن الوليدرحمه‌الله ، لم يذكر محمدا هذا في عداد من استثناه من رجال نوادر الحكمة، فيكون رواية محمد بن أحمد بن يحيى عنه مما يركن اليه ويعتمد عليه، فليعلم.

قولهرحمه‌الله : عن فضيل بن عثمان، عن أبى الزبير‌

وهو أبو الزبير المكي، وقد أسلفنا نقلا عن الذهبي أن معاوية بن عمار وفضيل‌

__________________

(١) القاموس: ٢ / ٦١‌

(٢) كما في المطبوع من الكشى في جامعة مشهد.

(٣) القاموس: ٢ / ٤٩‌

٢٣٦

في سكك المدينة ومجالسهم وهو يقول: علي خير البشر فمن أبى فقد كفر، يا معشر الانصار أدبوا أولادكم على حبّ علي فمن أبي فلينظر في شأن أمّه.

___________________________________________________________

ابن عثمان يرويان عنه.

قوله رضى الله تعالى عنه: على خير البشر فمن أبى فقد كفر‌

وروى الصدوق أبو جعفر بن بابويه رضوان الله تعالى عليه في أماليه بأسناده عن أبي الزبير المكي قال: رأيت جابرا متوكأ على عصاه وهو يدور في سكك الانصار ومجالسهم، وهو يقول عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : علي خير البشر فمن أبى فقد كفر، يا معشر الانصار أدبوا أولادكم على حب علي بن أبي طالب، فمن أبى فانظروا في شأن أمه(١) .

وروى بسنده عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: من وجد برد حبنا أهل البيت على قلبه فليشكر أمّه فانها لم تخن أباه(٢) .

عن طريق العامة بأسانيدهم المعتبرة عن أبي الزبير المكي وعتبة العوفي، قال كل منهما: رأيت جابر بن عبد الله الانصاري يتوكأ على عصاه وهو يدور في سكك المدينة ومجالسهم، ويقول: قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : علي خير البشر، من أبى فقد كفر، ومن رضي فقد شكر، ثم يقول: معاشر الانصار أدبوا أولادكم على حب علي بن أبي طالب فمن أبى فلينظر في شأن أمه(٣) .

وعن وكيع ويوسف القطان والاعمش بأسانيدهم أنه سئل جابر وحذيفة عن علي بن أبي طالب، فقالا: علي خير البشر لا يشك فيه الا كافر(٤) .

__________________

(١) أمالى الصدوق: ٦٨ ط نجف الاشرف‌

(٢) أمالى الصدوق: ٥٤٦‌

(٣) رواه المتقى الهندى في كنز العمال ١٢ / ٢٢١ والعسقلانى في لسان الميزان ٢ / ٢٥٢‌

(٤) رواه محب الدين الطبرى في ذخائر العقبى ٩٦ والقندوزى في ينابيع المودة ٢٤٦‌

٢٣٧

___________________________________________________________

وعن عائشة مثله(١) ، ورواه الطبرى وسالم عن جابر من احدى عشرة طريقة.

وعن جابر رضي الله تعالى عنه قال: وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله اذا أقبل علي يقول: جاء خير البرية(٢) .

قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من لم يقل علي خير البشر فقد كفر(٣) .

وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من لم يقل علي خير الناس فقد كفر(٤) .

وفي حديث آخر: وكان أصحاب محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله اذا أقبل علي قالوا: جاء خير البرية(٥) .

وروى الدارمي باسناده عن عائشة، وكذلك الديلمي في الفردوس في الولاية وأحمد بن حنبل في الفضائل وفي المسند، والاعمش عن أبي وائل وعن عطيه العوفي عن عائشة، وعطاء أيضا عن عائشة جميعا عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: علي خير البشر من أبى فقد كفر، ومن رضي فقد شكر(٦) .

وأورده امامهم العلامة فخر الدين الرازي في نهاية العقول وفي كتاب الاربعين عن ابن مسعود قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : علي خير البشر من أبى فقد كفر(٧) .

وفي مسانيدهم بأسانيدهم المعول عليها عن أبي سعيد الخدري قال: قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : علي خير البرية(٨) .

__________________

(١) رواه ابن عساكر في ترجمة الامام على ٢ / ٤٤٨، وابن شهاب الدين الهمدانى في مودة القربى ٤٠‌

(٢) رواه الخوارزمى في المناقب: ٦٦‌

(٣) رواه المتقى الحنفى في منتخب كنز العمال المطبوع على هامش المسند ٥ / ٣٥‌

(٤) رواه الخطيب في تاريخ بغداد ٣ / ١٩٢‌

(٥) رواه العسقلانى في لسان الميزان: ١ / ١٧٥‌

(٦) راجع في جميع ذلك احقاق الحق ٤ / ٢٤٩‌

(٧) أورده عنه في احقاق الحق ٤ / ٢٥٥‌

(٨) رواه الخوارزمى في المناقب: ٦٦ والعسقلانى في لسان الميزان ١ / ١٧٥‌

٢٣٨

___________________________________________________________

ومن المتفق عليه لدى الجميع أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال في المخدج ذي الثدية يقتله خير الخلق والخليقة، وفي رواية يقتله خير هذه الامة(١) .

وفي روايات جمة عن عائشة قالت: سمعت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: هم - أي المخدج وأصحابه - شر الخلق والخليقة، يقتله خير الخلق والخليقة، وأقربهم الى الله وسيلة(٢) .

ومن طرق عديدة عنها عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله : هم شر الخلق والخليقة يقتلهم سيد الخلق والخليقة، وفي أخبار كثيرة أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لعليعليه‌السلام : وانك أنت قاتله يا علي(٣) .

ثم قد أطبقت الامة على أن علياعليه‌السلام قد قتله يوم النهروان وأخبر الناس بذلك وقد كانعليه‌السلام يخبر به وبصفته من قبل، ثم استخرجه من تحت القتلى فوجدوه على ما كان يذكر فيه من صفته، فكبر الله وقال: صدق الله ورسوله وبلغ رسوله.

وفي صحيحي البخاري ومسلم وغيرهما من صحاحهم(٤) أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال فيه: ان له أصحابا يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، يقرءون الكتاب لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية يخرجون على خير فرقة من الناس.

وكان أبو سعيد الخدري يقول، أشهد اني سمعت هذا الحديث من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأشهد أن علي بن أبي طالب قاتلهم وقتلهم وأنا معه، ثم من بعد القتال استخرجوا من بين القتلى من هذه صفته فجاءوا به اليه، فشاهدت فيه تلك الصفات‌

__________________

(١) رواه القاضى عضد الدين الايجى في المواقف ٢ / ٦١٥‌

(٢) رواه الحافظ نور الدين في مجمع الزوائد ٦ / ٢٣٩‌

(٣) راجع في ذلك احقاق الحق: ٨ / ٤٧٥ - ٥٢٢‌

(٤) مسلم في صحيحه ٣ / ١١٢ ط محمد على وأحمد بن حنبل في مسنده ٣ / ٥٦ والبخارى في صحيحه ٤ / ٢٠٠ ط الاميرية. والنسائى في الخصائص: ٤٣ ط مصر‌

٢٣٩

___________________________________________________________

التي قد كان بخبرنا بها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

وروى أبو بكر بن مردويه في كتابه مرفوعا الى حذيفة قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : علي خير البشر فمن أبى فقد كفر.

ورواه أيضا مسندا عن حذيفة بن اليمان قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : علي خير البشر ومن أبى فقد كفر(١) .

وروى أبو بكر البيهقي أن الانصار كانت تقول: انا كنا نعرف الرجل لغير أبيه ببغضه علي بن أبي طالب(٢) .

وعن جابر بن عبد الله الانصاريرضي‌الله‌عنه قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : بوروا أولادكم بحب علي بن أبي طالب، فمن أحبه فاعلموا أنه لرشدة، ومن أبغضه فاعلموا أنه لغية(٣) .

رشدة بكسر الراء وبفتحها أي نكاح صحيح، وغية أيضا بكسر الغين المعجمة وفتحها وتشديد الياء المثناة من تحت، أي لزنية وطي من غير نكاح صحيح.

ولبعض المتوهمين القاصرين من المعاصرين في ضبط هذه اللفظة عثرة، تستعاذ بالله من خذيها وفضيحتها، أوردناها في الرواشح السماوية(٤) .

وروى الهروي في الغريبين عن عبادة: كنا نبور أولادنا بحب علي بن أبي طالب، فاذا رأينا أحدهم لا يحبه علمنا أنه لغير رشدة(٥) .

وقال ابن الاثير في النهاية: في الحديث أن داود سأل سليمانعليهما‌السلام وهو يتبار‌

__________________

(١) المناقب لا بن مردويه غير مطبوع‌

(٢) رواه الصفورى في نزهة المجالس ٣ / ٢٠٨ والحكم في المستدرك: ٣ / ١٢٩‌

(٣) راجع احقاق الحق: ٧ / ٢٦٦‌

(٤) الرواشح السماوية: ٨١‌

(٥) روى احقاق الحق عنه: ٧ / ٢٦٦‌

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735

736

737

738

739

740

741

742

743

744

745

746

747

748

749

750

751

752

753

754

755

756

757

758

759

760

761

762

763

764

765

766

767

768

769

770

771

772

773

774

775

776

777

778

779

780

781

782

783

784

785

786

787

788

789

790

791

792

793

794

795

796

797

798

799

800

801

802

803

804

805

806

807

808

809

810

811

812

813

814

815

816

817

818

819

820

821

822

823

824

825

826

827

828

829

830

831

832

833

834

835

836

837

838

839

840

841

842

843

844

845

846

847

848

849

850

851

852

853

854

855

856

857

858

859

860

861

862

863

864

865

866

867

868

869

870

871

872

873

874

875

876

877

878

879

880

881

882

883

884

885

886

887

888

889

890

891

892

893

894

895

896

897

898

899

900

901

902

903

904