نبوة ابي طالب عبد مناف (عليه السلام)

نبوة ابي طالب عبد مناف (عليه السلام)0%

نبوة ابي طالب عبد مناف (عليه السلام) مؤلف:
تصنيف: النفوس الفاخرة
الصفحات: 168

نبوة ابي طالب عبد مناف (عليه السلام)

مؤلف: مزمل حسين الميثمي الغديري
تصنيف:

الصفحات: 168
المشاهدات: 122403
تحميل: 4923

توضيحات:

نبوة ابي طالب عبد مناف (عليه السلام)
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 168 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 122403 / تحميل: 4923
الحجم الحجم الحجم
نبوة ابي طالب عبد مناف (عليه السلام)

نبوة ابي طالب عبد مناف (عليه السلام)

مؤلف:
العربية

أهل بيت جعلنا الله غير شاكّين فيه ودينه أبداً ومطهّرين تطهيراً.

وقوله: (وطهّرنا مِن كلّ أَفن وغيّة)، تقريره:

إنّا نحن الخمسة النجباء وآبائنا - من أبي طالب وعبد الله إلى آدم (عليه السلام) - أهل بيت، جعلنا الله معصومين من الأخلاق الفضيحة والعادات القبيحة.

وقوله: (مخلصين إلى آدم (عليه السلام) نعمة منه)، تقريره:

إنّا نحن الخمسة النجباء وآبائنا - من أبي طالب وعبد الله إلى آدم (عليه السلام) - أهل بيت جعلنا الله مخلصين ومنعَمِين منه.

وقوله: (لم يفترق الناس فرقتين إلاّ جعلنا الله في خيرها)، تقريره:

إنّا نحن الخمسة النجباء وآبائنا - من أبي طالب وعبد الله - أهل بيت لم يجعلنا الله إلاّ في خير قبائل الناس، فقد ظهر من ادّعاء الإمام الحسن (عليه السلام) أنّ الله جعل الخمسة النجباء وآبائهم - من لدن آدم إلى عبد الله وأبي طالب - عباده المسلمين ومجتبين ومصطفين ومختارين، وموقنين به غير شاكين فيه ودينه الحق، ومطهّرين ومعصومين ومخلصين، خير الناس أجمعين، وأنّ الله لم يجعل دون الخمسة النجباء وأوصياءهم (عليهم السلام) عباده المخلصين إلاّ الأنبياء، مرسلين وغير مرسلين (عليهم السلام).

فظهر أنّ الله جعل آباء النبي (صلَّى الله عليه وآله) والولي (عليه السلام) - من لدن آدم إلى عبد الله وأبي طالب - أنبياء مرسلين وغير مرسلين (عليهم السلام).

١٤١

آباء النبي (صلَّى الله عليه وآله) والولي (عليه السلام) كانوا

أنبياء محفوظين

قال الله تعالى:

( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) .

(سورة الأحزاب: آية: ٣٣)

فقد ظهر من هذه الآية أنّ إرادة الله فيها محصورة لأمرَين:

-فالأوّل: لإذهاب الله الرجس عن أهل البيت.

-والثاني: لتطهيره أهل البيت تطهيراً.

* عن صفوان بن يحيى قال:

قلتُ لأبي الحسن (عليه السلام): أخبرني عن إرادة الله وإرادة الخلق؟

فقال: (الإرادة من المخلوق الضمير ويبدو له بعد ذلك الفعل، وأمّا مِن الله فإرادته إحداثه لا غير ذلك؛ لأنّه لا يروى، ولا يهم، ولا يتفكّر، وهذه الصفات منفيّة عنه، وهي صفات الخلق، فإرادة الله هي الفعل لا غير ذلك، يقول: كن فيكون: بلا لفظ، ولا نطق، ولا همّة، ولا تفكّر، ولا كيف لذلك، كما أنّه بلا كيف).

(البحار: ج١ في التوحيد)

فظهر من هذا الحديث:

أنّ إرادة الله إحداثه وفعله أنْ يقول: كن فيكون - آناً فآناً -فيكون تقرير الآية: لمّا أراد الله أنْ يخلق أهل البيت فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً، فلا معنى إرادة الله المحصورة إلاّ ذلك.

* قال إمامنا محمّد الباقر (عليه السلام):

(ليس شيء أبعد من عقول

١٤٢

الرجال من تفسير القرآن، إنّ الآية أوّلها في شيء، وأوسطها في شيء، وآخرها في شيء.

ثمّ قال: إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً من ميلاد الجاهليّة).

(العيّاشي / الصافي)

فقد ظهر من هذا الحديث:

أنّ إذهاب الله الرجس عن أهل البيت وتطهيره أهل البيت تطهيراً يختصّان بولادتهم، يعنى إنّ الله يدفع عن أهل البيت الرجس ويحفظهم عن ولادة الجاهليّة حفاظةً تكويناً، فالرجس وولادة الجاهليّة من الشيطان.

* قال إمامنا الحسن (عليه السلام):

(فأذهب عنّا الرجس وطهّرنا تطهيراً، والرجس هو الشك، فلا نشكّ في الله الحق ودينه أبداً). فإنّ الشكّ في الله الحق ودينه لا يتولّد إلاّ مِن تسلّط الشيطان، وإنّ عباد الله المخلصين محفوظون مِن تسلّط الشيطان عن الله تكويناً، وأهل البيت عباد الله المخلصون فإنّهم محفوظون مِن تسلّط الشيطان عن الله تعالى تكويناً.

فظهر أنّ معنى إذهاب الله الرجس عن أهل البيت حفاظتُهم عن الله مِن تسلّط الشيطان عليهم تكويناً، فقال الإمام (عليه السلام): فلا نشكّ في الله الحق ودينه أبداً، وولادة الجاهليّة لا تكون إلاّ مِن تسلّط الشيطان على الوالدين، فإنْ كان الوالدان محفوظين عن الله مِن تسلّط الشيطان تكويناً، فيكون المولود منهما محفوظاً عن الله مِن تسلّط الشيطان تكويناً، وإلاّ فلا يكون المولود محفوظاً عن الله مِن تسلّط الشيطان تكويناً.

فيلزم أنْ يكون آباء أهل البيت محفوظين عن الله مِن تسلّط الشيطان تكويناً حتّى يكون أهل البيت محفوظين عن الله

١٤٣

مِن تسلّط الشيطان.

* حرف إنّما: كلمة الحصر للإذهاب والتطهير:

فلا يتمّ الحصر في إرادة الله لإذهاب الله الرجس عن أهل البيت في ولادتهم إلاّ أنْ يُذهب الله الرجس عن ولادة آبائهم وأمّهاتهم حتّى يتم الحصر في إرادة الله الرجس عن أهل البيت تكويناً، وإلاّ فلا يتصوّر إذهاب الله الرجس عنهم، ولا يتمّ الحصر في إرادة الله لتطهير أهل البيت في ولادتهم من ولادة الجاهليّة تطهيراً، يعني حفاظتهم في ولادتهم عن الله من ولادة الجاهليّة تحفّظاً، إلاّ أنْ يحفظ الله آبائهم وأمّهاتهم في ولادتهم من ولادة الجاهليّة حتّى يتمّ الحصر في إرادة الله لتطهير أهل البيت في ولادتهم تطهيراً من ولادة الجاهليّة تكويناً، وإلاّ لم يتصوّر تطهير الله أهل البيت في ولادتهم تطهيراً من ولادة الجاهليّة تكويناً.

* عن جابر بن عبد الله الأنصاري حديث في كيفيّة خلقة الإنسان قال فيه:

قلتُ: يا رسول الله هذا حالنا فكيف حالك وحال الأوصياء بعدك في الولادة؟ فسكت رسول الله مليّاً،ثمّ قال:

(يا جابر، لقد سألتَ عن أمر جسيم لا يحتمله إلاّ ذو حظّ عظيم، إنّ الأنبياء والأوصياء يعني أنا وأوصيائي مخلوقون من نور عظمة الله، يودع الله تعالى أنوارهم أصلاباً طيّبة وأرحاماً طاهرة، ويحفظها بملائكته، ويربّيها بحكمته، ويغذوها بعلمه، فأمرهم يجلّ عن أنْ يوصف، وأحوالهم تدقّ عن أنْ تعلم) - الحديث -.

(مواعظ الصدوق - ره - / مَن لا يحضره الفقيه ج٤ / منهاج البراعة ج٧)

فقد ظهر من هذا الحديث:

أنّ الله كان يحفظ أنوار محمّد (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) وآل محمّد (صلَّى الله عليه وآله) في أصلاب آبائهم الطيّبة صلباً صلباً - وفي أرحام أمّهاتهم

١٤٤

الطاهرة رحماً رحماً بملائكته ويطهّرهم تطهيراً من ولادة الجاهليّة مِن لدن آدم إلى عبد الله وأبي طالب (عليه السلام)، ومن لدن حوّاء إلى آمنة بنت وهب وفاطمة بنت أسد (ع)، حتّى يتم الحصر في إرادة الله تعالى لتطهير أهل البيت من ولادة الجاهليّة تطهيراً - فقال:( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) .

فقد ظهر أيضا من هذا الحديث:

أنّ الله كما كان يحفظ محمّداً وآل محمّد (صلَّى الله عليه وآله) بملائكته من ولادة الجاهليّة في أصلاب آبائهم الطيّبة صلباً صلباً وأرحام أمّهاتهم رحماً رحماً، كذلك كان يحفظ آبائهم الطيّبين وأمّهاتهم الطاهرات في ولادتهم بملائكته من ولادة الجاهليّة من لدن آدم إلى عبد الله وأبي طالب، ومن حوّاء إلى آمنة بنت وهب وفاطمة بنت أسد (ع)، حتّى يتمّ الحصر في إرادة الله تعالى لتطهير أهل البيت من ولادة الجاهليّة تطهيراً - فقال:( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) .

فقد ظهر أيضاً من هذا الحديث:

أنّ الله كما كان يحفظ محمّداً وآل محمّد (صلَّى الله عليه وآله) بملائكته من ولادة الجاهليّة في أصلاب آبائهم الطيّبة صلباً صلباً وأرحام أمّهاتهم رحماً رحماً، كذلك كان يحفظ آبائهم الطيّبين وأمّهاتهم الطاهرات في ولادتهم بملائكته من ولادة الجاهليّة من لدن آدم إلى عبد الله وأبي طالب، ومن حوّاء إلى آمنة بنت وهب وفاطمة بنت أسد (ع).

وظهر أنّ ولادة الجاهليّة تكون من تسلّط الشيطان، وأنّ عبّاد الله المخلصين محفوظون عن الله مِن تسلّط الشيطان.

فظهر أنّ محمّداً وآل محمّد (صلَّى الله عليه وآله) وآبائهم وأمّهاتهم كانوا عبّاد الله المخلصين، وأنّ الله لم يجعل عباده المخلصين إلاّ محمّداً وآل محمّد (صلَّى الله عليه وآله) والأنبياء مرسلين وغير مرسلين (عليهم السلام).

فظهر أنّ آباء النبي (صلَّى الله عليه وآله) والولي (عليه السلام) من لدن آدم إلى عبد الله وأبي طالب كانوا أنبياء مرسلين وغير مرسلين (عليهم السلام).

١٤٥

آباء النبي (صلَّى الله عليه وآله) والولي (عليه السلام) كانوا

أفضل الناس

قال الله تعالى:

( وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً ) .

(سورة الإسراء: آية: ٥٥)

فقد ظهر من هذا الآية:

أنّ الله جعل بعض النبيّين أفضل من بعضهم، وبعضهم مفضولين من بعضهم.

* اعلم أنّ التفضيل على ثلاثة أقسام: تخليقي، استحقاقي، ابتلائي.

١ - فأمّا التخليقي:

فقال الله فيه:( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ ) .

(سورة النساء: آية: ٣٤)

٢ - وأمّا الاستحقاقي:

فقال الله فيه:( لاَ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً ) .

(سورة النساء: آية: ٩٥)

٣ - وأمّا الابتلائي:

فقال الله فيه:( وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ ) .

(سورة النحل: آية: ٧١)

وقال الله:( وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً ) .

* عن عبد السلام بن صالح الهروي، عن علي بن موسى الرضا، عن آبائه مرفوعاً، عن علي بن أبي طالب قال:

(قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم): ما خلق الله خَلْقاً أفضل منّي، ولا أكرم عليه منّي.

قال علي:

١٤٦

قلتُ: يا رسول الله أَفأَنتَ أفضل أَمْ جبرئيل؟

فقال: يا علي، إنّ الله فضّل أنبياءه والمرسلين على الملائكة المقرّبين، وفضّلني على جميع النبيِّين والمرسلين، والفضل بعدي لك يا علي وللأئمّة من بعدك، وإنّ الملائكة لخدّامنا وخدّام محبِّينا، يا علي الذين يحملون العرش ومَن حوله يسبّحون بحمد ربّهم ويستغفرون للذين آمنوا بولايتنا) - الحديث -.

(علل الشرائع: ص٥)

فقد ظهر من هذا الحديث:

- أنّ الله خَلَق محمّداً وآل محمّد (صلَّى الله عليه وآله) أفضل من الأنبياء والمرسلين.

- وخلق الأنبياء والمرسلين أفضل من المؤمنين.

- وخَلَق المؤمنين أفضل من الملائكة المقرّبين.

- وجعل الملائكة المقرّبين خدّام محمّد وآل محمّد، وخدّام محبّيهم إلى يوم القيامة.

* عن جابر الجعفي عن الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) قال:

(إنّ الله تعالى خلق نور محمّد (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) مِن نورٍ اخترعه مِن عظمته وجلاله، وهو نور لاهوتيته، الذي تبدى إلاه، وتجلّى لموسى بن عمران (عليه السلام) لطلب رؤيته، فما ثبت ولا استقرّ ولا طاقة له لرؤيته حتّى خرّ مغشيّاً عليه، وكان ذلك نور محمّد (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)، فلمّا أراد الله تعالى أنْ يخلق محمّداً منه قَسَمَ ذلك النور شطرَين، فخلق من الشطر الأوّل محمّداً (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)، ومِن الشطر الثاني علي بن أبي طالب (عليه السلام)، ولم يخلق من ذلك النور غيرهما.

إلى أنْ قال:

ثمّ اقتبس من نور محمّد (صلَّى الله عليه وآله) فاطمة ابنته (عليه السلام)، كما اقتبس نورَه مِن نوره تعالى، واقتبس من نور فاطمة الحسن والحسين (عليه السلام) كاقتباس المصابيح، هم خلقوا من الأنوار وانتقلوا مِن ظَهْرٍ إلى ظهر ومِن صُلْب إلى صلب في الطبقة العليا من غير نحاسة، بل نقلاً بعد نقل لا من ماءٍ مهين ولا من نطفة جشرة كسائر خلقه، بل أنوار انتقلوا من أصلاب

١٤٧

الرجال الطاهرين إلى أرحام النساء الطاهرات) - الحديث -.

(البرهان: سورة الشعراء)

فقد ظهر من هذا الحديث:

أنّ الله جعل حَمَلَةَ أنوار محمّد وآل محمّد (صلَّى الله عليه وآله) أصلاب الطبقة العليا (أصلاب الأنبياء)، فكان آباء النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) والولي (عليه السلام) - من لدن آدم إلى عبد الله وأبي طالب - أنبياء (عليهم السلام).

* عن إسماعيل بن الفيض الهاشمي قال:

سألتُ أبا عبد الله (عليه السلام) عن موسى بن عمران (عليه السلام) لمّا رأى حبالهم وعصيّهم أوجس في نفسه خِيْفَة، ولم يوجس إبراهيم (عليه السلام) حين وُضع في المنجنيق وقُذف في النار؟

فقال: (إنّ إبراهيم عليه السلام حين وُضع في المنجنيق كان مستنداً إلى ما في صلبه من أنوار حجج الله تعالى، ولم يكن موسى عليه السلام كذلك، فلهذا أوجس في نفسه ولم يوجس إبراهيم عليه السلام).

(أمالي الصدوق: ب ٩٤، ص٦٥٥)

فقد ظهر من هذا الحديث:

- أنّ الله جعل إبراهيم الخليل (عليه السلام) حامل أنوار محمّد وآل محمّد (صلَّى الله عليه وآله).

- ولم يجعل موسى الكليم (عليه السلام) حامل أنوارهم.

- فكان إبراهيم الخليل (عليه السلام) أقوى طاقة من موسى الكليم (عليه السلام).

- وظهر أنّ الله جعل إبراهيم الخليل (عليه السلام) أفضل من موسى الكليم (عليه السلام)، استحقاقاً له.

فظهر:

أنّ مَن جعله اللهُ من الطبقة العليا - يعني من الأنبياء (عليهم السلام) - حامل أنوار محمّد وآل محمّد (صلَّى الله عليه وآله)، جعله أقوى طاقة وأفضل مِن الذي لم يجعله حامل أنوارهم من الأنبياء (عليهم السلام).

* عن أبي سعيد الخدري قال:

كنّا جلوساً عند رسول الله (صلَّى الله عليه وآله)،الى أنْ قال: قال

١٤٨

النبي (صلَّى الله عليه وآله):

(وقد علمتم جميعاً أنّ الله خلقني وعليّاً مِن نور واحد، إنّا كنّا في صُلْب آدم نسبح الله عزّ وجل، ثمّ نقلنا إلى أصلاب الرجال وأرحام النساء (عليهم السلام)، يُسمع تسبيحنا في الظهور والبطون في كلّ عصر وعهد إلى عبد المطّلب (عليه السلام)، وإنّ نورنا كان يظهر في وجوه آبائنا وأمّهاتنا حتّى تبيّن أسماؤنا مخطوطة بالنور على جباههم، وافترق نورنا فصار نصفه في عبد الله أبي (عليه السلام)، ونصفه في أبي طالب عمّي (عليه السلام)، فكان يُسمع تسبيحنا من ظهورهما، وكان أبي وعمّي إذا جلسا في ملأ قريش يتلألأ نورنا ووجوههما دونهم، حتّى أنّ الهوام والسباع يسلِّمان عليهما لأجل نورهما، إلى أنْ خرجنا من أصلاب آبائنا وبطون أمّهاتنا).

(كتاب الروضة للحفيني)

فقد ظهر من هذا الحديث:

أنّ الله جعل آباء النبي (ص) والولي عليه السلام حملة نورهما من الطبقة العليا من الأنبياء، من لدن آدم (عليه السلام) إلى عبد الله وأبي طالب عليه السلام، وجعلهم أقوى طاقة وأفضل من الطبقة العليا من الأنبياء، الذين لم يجعلهم حملة نورهما (ص)، كما قال:( وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ ) .

آباء النبي والولي كانوا محال نورهما

* قال الله تعالى:

( قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ ) .

(سورة المائدة: آية: ١٥)

* قال الشيخ الطبرسي ره: يعني بالنور محمّداً (ص).

(مجمع البيان)

١٤٩

* وقال تعالى:

( وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ ) .

(سورة الأعراف: آية: ١٥٧)

* عن أبي عبد الله في قوله تعالى: ( وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ ) قال: (النور في هذا الموضع أمير المؤمنين والأئمّة).

(الكافي: كتاب الحجّة: ب١٣)

* وقال:

( فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا ) .

(سورة التغابن: آية: ٨)

* عن الإمام موسى الكاظم قال: (النور هو الإمام وذلك قول الله:( فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا ) ).

(الصافي من الكافي)

فظهر أنّ الله أنزل محمّداً (صلَّى الله عليه وآله) وعليّاً وأولاده المعصومين نوراً إلى الناس، أنْ يؤمنوا بهم ويتّبعوهم إلى يوم القيامة.

نزول نور النبي والولي في أصلاب آبائه ما

* قال الشيخ أبو الحسن البكري أُستاذ الشهيد الثاني (ره):

روي عن أمير المؤمنين حديث طويل قال فيه:

(وكانت الملائكة يقفون من وراء آدم، قال آدم: لأيّ شيء يا رب تقف الملائكة من ورائي؟

فقال الله تعالى: لينظروا إلى نور ولدك محمّد (صلَّى الله عليه وآله).

قال: يا رب اجعله أمامي حتّى تستقبلني الملائكة، فجعله الله في جبهته، فكانت الملائكة يقفون قدّامه صفوفاً، ثمّ سأل آدمُ ربَّه أنْ يجعله في مكان يراه آدم فجعله الله في الإصبع السبّابة، فكان نور محمّد (صلَّى الله عليه وآله) فيها، ونور علي في الإصبع الوسطى، ونور فاطمة في الإصبع التي تليها، ونور

١٥٠

الحسن في الخنصر، ونور الحسين في الإبهام، وكانت أنوارهم كغرّة الشمس في قبّة الفلك، أو كالقمر في ليلة البدر.

إلى أنْ قال:

فلم يزل نور رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) في غرّة آدم حتّى حملتْ حوّاء بشيث، وكانت الملائكة يأتون حوّاء يهنّئونها، فلمّا وضعتْه نظرتْ بين عينيه إلى نور رسول (صلَّى الله عليه وآله) حتّى بلغ شيث مبالغ الرجال والنور يشرق في غُرّته، فلمّا علم آدم أنّ ولده شيث بلغ مبالغ الرجال قال له: يا بني، إنّي مفارقك عن قريب فادْنُ مِنِّي حتّى آخذ عليك العهد والميثاق كما أخذه الله علي مِن قَبْلِك.

إلى أنْ قال:

وقبل شيث العهد والميثاق، وأَلزمه نفسه ولم يزل ذلك النور بين عينيه حتّى تزوج الحوريّة المحاولة البيضاء وكانت بطول حوّاء، واقترن إليها بخطبة جبرئيل، فلمّا وطأها حملت بانوش، فلمّا حملتْ به سمعتْ منادياً ينادي هناك يا بيضاء لقد استودعك الله تعالى نور سيّد المرسلين وخاتم النبيّين وسيّد الأوّلين والآخرين.

فلمّا ولدتْه أخذ عليه شيث العهد كما أُخذ عليه، وانتقل النور إلى ولده قينان، ومنه إلى مهلائيل، ومنه إلى أدد(وهو يارد) ، ومنه إلى أخنوخ وهو إدريس عليه السلام، ثمّ أودعه إدريس ولدَه متوشلخ وأخذ عليه العهد، ثمّ انتقل النور إلى لمك، ثمّ إلى نوح، ومِن نوح إلى سام، ومنه إلى ولدِه أَرْفَخَشِد، ثمّ إلى ولده غابر(وهو هود) ، ثمّ إلى قالع، ثمّ إلى شالخ، ثمّ إلى أَرْغُو، ومنه إلى شاروع، ومنه إلى تاحور، ثمّ انتقل إلى تَارَخ، ومنه إلى إبراهيم، ثمّ إلى إسماعيل، ثمّ إلى قيدار، ومنه إلى حمل، ومنه إلى نبت، ثمّ إلى يشحب، ومنه إلى الهميسع، ثمّ إلى اليسع، ثمّ إلى الأود، ثمّ إلى أدد، ثمّ إلى عدنان، ثمّ إلى معد، ومنه إلى نزار، ومنه إلى

١٥١

مضر، ومنه إلى إلياس، ومنه إلى مدركة، ومنه إلى خزيمة، ومنه إلى كنانة، ومنه إلى نضر، ومنه إلى مالك، ومنه إلى فهر، ومنه إلى غالب، ومنه إلى لؤي، ومنه إلى كعب، ومنه إلى مرّة، ومنه إلى كلاب، ومنه إلى قصي، ومنه إلى عبد مناف، ومن عبد مناف (عليه السلام) إلى هاشم (عليه السلام).

إلى أنْ قال:

فلمّا حضرت عبد مناف الوفاة أخد العهد على هاشم (عليه السلام) أنْ يودع نور رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) في الأرحام الزكيّة من النساء الزكيّة، فقبل هاشم (عليه السلام) العهد وأَلْزَمَه نفسه.

وإلى أنْ قال الشيخ أبو الحسن البكري: حدّثنا أشياخنا وأسلافنا الرواة لهذا الحديث:

أنّه لمّا تزوّج هاشم بن عبد مناف بسلمى بنت عمرو النجاريّة ودخل بها، حملت بعبد المطّلب (عليه السلام) جدّ رسول الله (صلَّى الله عليه وآله)، وانتقل النور الذي كان في وجهه إلى سلمى (عليها السلام)، زادها حسناً وجمالاً وبهجةً وكمالاً، حتّى شاع حسنها في الآفاق واشتهر حمل سلمى (عليها السلام)، فقال لها هاشم (عليه السلام) يا سلمى، إنّي أودعك الوديعة التي أودعها الله تعالى آدم (عليه السلام) وأودعها آدم (عليه السلام) ولده شيث (عليه السلام)، ولم يزالوا يتوارثونها من واحد إلى واحد إلى أنْ وصلتْ إلينا، وشرّفنا الله تعالى بهذا النور وقد أودعتك إيّاك، وما أنا آخذ عليك العهد والميثاق بأنْ تَقِيْه وتَحْفَظِيْهِ.

إلى أنْ قال:

فلمّا اشتدّ لسلمى الحمل وجاءها المخاض وهي لم تجد ألماً، إذ سمعت هاتفاً يقول:

يَا زِيْنَةَ النِسَاءِ مِنْ بَنِي النَجَّارِ * بَاللهِ أَسْدِلِي عَلَيْهِ بَالأَسْتَارِ

واحْجُبِيْهِ عَنْ أَعْيُنِ النُظَّارِ * كَيْ تَسْعَدِي فِي جُمْلَةِ الأَقْطَارِ

إلى أنْ قال:

فولدت شيبة الحمد، وقامت وتولّت أمرها، فلمّا وضعتْه سطع مِن غُرَّته نور شعشعاني، وكان نور رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) فضحك وتبسّم.

إلى أنْ قال:

وقال علي (عليه السلام): تزوّج عبد المطّلب (عليه السلام) بستِّ نساء، فَرُزِقَ مِنْهُنَّ

١٥٢

عشرة أولاد.

إلى أنْ قال:

وأمّا فاطمة (عليه السلام) فولدتْ له ولدَين:

أحدهما: عبد مناف، ويُقال له أبو طالب.

والآخر: عبد الله أبو رسول الله (صلَّى الله عليه وآله)، وكان عبد الله أصغر أولاده، وكان في وجهه نور رسول الله (صلَّى الله عليه وآله)، وكان عبد الله يشب في اليوم مثل ما يشب أولاد الناس في السَنَة، وكان الناس يزورونه ويتعجّبون مِن حسنه وجماله وأنواره.

إلى أنْ قال:

فتزوّج أبوه آمنة فضل عندها يوماً وليلة فحملتْ بالنبي (صلَّى الله عليه وآله)).

(البحار: ج١٥، الطبع الجديد)

* عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال:

قال النبي (صلَّى الله عليه وآله): (إنّ الله عزّ وجل أنزل قطعة من نور - فأسكنها في صلب آدم (عليه السلام)، فساقها حتّى قسمها جزءين، جرأ في صلب عبد الله وجزأ في صلب أبي طالب (عليه السلام)، فأخرجني نبيّاً وأخرج عليّاً وصيّاً).

(المناقب لابن المغازلي: ص٣٢)

فقد ظهر من هذه الأحاديث:

- أنّ الله أنزل نور النبي (صلَّى الله عليه وآله) والولي (عليه السلام) في أصلاب آبائهما صُلْبَاً صُلْبَاً بالعهد والميثاق.

- توارثا من لدن آدم (عليه السلام).

- حتّى جاء نور النبي محمّد (صلَّى الله عليه وآله) من صلب عبد الله إلى الناس.

- وجاء نور الولي علي (عليه السلام) من صلب أبي طالب إلى الناس.

فقال الله تعالى: ( قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ ) .وقال: ( فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا ) .

١٥٣

كان هؤلاء آباء النبي (صلَّى الله عليه وآله) والولي (عليه السلام)

أنبياء الله (عليهم السلام)

عن أبي حمزة عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: (فكان بين آدم ونوح عشرة آباء):

كلّهم أنبياء اللّه (عليهم السلام)

١ - آدم (عليه السلام)، ٢ - شيث، ٣ - انوش، ٤ - قينان، ٥ - مهلائيل، ٦ - يارد، ٧ - إدريس، ٨ - متوشلخ، ٩ - لمك، ١٠ - نوح (عليه السلام).

***

وقال: (وليس بعد سام(رسولاً) إلاّ هود، وكان بين هود (عليه السلام) وإبراهيم (عليه السلام) من الأنبياء (عليهم السلام) عشرة آباء):

١ - سام، ٢ - أَرْفَخَشِد، ٣ - هود، ٤ - قانع، ٥ - شالَخ، ٦ - أرغو، ٧ - تاحور، ٨ - شاروع، ٩ - تارَخ، ١٠ - إبراهيم (عليه السلام).

***

وقال: (فجرى بين كلّ نبي ونبي - يعني بين نبيَّين - عشرة أنبياء):

إسماعيل نبي اللّه

١ - قيدار، ٢ - حمل، ٣ - نبت، ٤ - يشحب، ٥ - الهميسع، ٦ - إليسع، ٧ - أود، ٨ - أدد، ٩ - عدنان، ١٠ - معد.

***

وقال: (تسعة

١٥٤

آباء - يعني بين نبيّين تسعة آباء - كلّهم أنبياء لله):

نزار نبي اللّه

١ - مضر، ٢ - إلياس، ٣ - مدركة، ٤ - خزيمة، ٥ - كنانة، ٦ - نضر، ٧ - مالك، ٨ - فهر، ٩ - غالب.

***

وقال: (وثمانية آباء - يعني بين نبيّين ثمانية آباء - كلّهم أنبياء الله):

لؤي نبيّ اللّه

١ - كعب، ٢ - مرّة، ٣ - كلاب، ٤ - قصي، ٥ - عبد مناف، ٦ - هاشم، ٧ - عبد المطّلب، ٨ - عبد الله - أبو طالب نبي الله.

آباء النبي (صلَّى الله عليه وآله) والولي (عليه السلام) كانوا

أنبياء مصطفين (عليهم السلام)

قال الله تعالى:

( اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلاَئِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ) .

(سورة الحج: آية: ٧٥)

فقد ظهر من هذه الآية:

أنّ الله تعالى اصطفى يعنى جعل بعض الناس مرسلين (عليهم السلام).

* قال علي بن إبراهيم القمّي (ره): ( مِنَ الْمَلاَئِكَةِ رُسُلاً ) : وهم جبرئيل،

١٥٥

وميكائيل، وإسرافيل، وعزرائيل (عليه السلام)،( وَمِنَ النَّاسِ ) : أي رسلاً، هم الأنبياء والأوصياء.

(تفسير القمّي / الصافي)

فظهر أنّ الله مَن اصطفاه مِن الناس جعله رسولاً، نبيّاً كان أو وصيّاً.

امتياز الأنبياء عن الناس في الخلق

١ - عن الأصبغ بن نباتة، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال:

(سمعتُ رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) يقول: خلق الله الناس على ثلاث طبقات، وأنزلهم ثلاث منازل، فذلك قول الله في الكتاب:

- أصحاب الميمنة.

- وأصحاب المشأمة.

- والسابقون السابقون

فهم أنبياء ومرسلون، وجعل الله فيهم خمسة أرواح:

روح القدس / وروح الإيمان / وروح القوّة / وروح الشهوة / وروح البدن.

فبروح القدس: بعثوا أنبياء، مرسلين وغير مرسلين، وبها علموا الأشياء.

وبروح الإيمان: عبدوا الله ولم يشركوا به شيئاً.

وبروح القوّة: جاهدوا عدوّهم، وعالجوا معاشهم.

وبروح الشهوة: أصابوا لذيذ الطعام، ونكحوا الحلال من شباب النساء.

وبروح البدن: دبوا ودرجوا.

إلى أنْ قال:

ثمّ ذكر أصحاب الميمنة وهم المؤمنون حقّاً بأعيانهم جعل الله فيهم أربعة أرواح:

روح الإيمان / وروح القوّة / وروح الشهوة / وروح البدن.

إلى أنْ قال:

فأمّا أصحاب المشأمة فهم اليهود والنصارى).

فقال السائل:

أحييت قلبي بإذن الله يا أمير المؤمنين.

(نور الثقلين: ج٥، ص٢٠٥، الواقعة)

٢ - عن جابر الجعفي عن أبي عبد الله حديث قد سبق كذلك.

(الصافي من الكافي: كتاب الحجّة)

١٥٦

٣ - عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله قال للزنديق الذي سأله: مِن أين أثبت الأنبياء والرسل؟

قال:

(لمّا أثبتنا أنّ لنا خالقاً صانعاً متعالياً عنّا وعن جميع ما خلق، وكان ذلك الصانع حكيما متعالياً، لم يجز أنْ يشاهده خلقه ولا يلامسوه فيباشرهم ويباشرونه ويحاجّهم ويحاجّونه، فثبت أنّ له سفراء في خَلْقه يعبرون عنه إلى خلقه وعباده، ويدلّونهم على مصالحهم ومنافعهم وما به بقاؤهم وفي تركه فناؤهم.

فثبت الآمرون والناهون عن الحكيم العليم في خلقه والمعبّرون عنه عزّ وجل، وهم الأنبياء وصفوته من خلقه، حكماء مؤدّبين بالحكمة، مبعوثين بها، غير مشاركين للناس - على مشاركتهم لهم في الخلق والتركيب - في شيء من أحوالهم، مؤيّدين عن الحكيم العليم بالحكمة).

(الكافي: كتاب الحجّة: ب١، ص١)

فقد ظهر من هذه الأحاديث:

أنّ الله تعالى لمّا خلق الأنبياء، مرسلين وغير مرسلين، فجعل فيهم روح القدس، وجعلهم به علماء الأشياء وعرفاء بها، حتّى يتميّزوا عن الناس كلّهم أجمعين ولا يحتاجوا إلى غير الله في شيء، بل الناس يحتاجون إليهم، وجعلهم صفوته: أي اصطفاهم من الناس مرسلين.

***

١ - عن واثلة بن الأسقع، قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله):

(إنّ الله اصطفى مِن وُلد آدم إبراهيم واتّخذه خليلاً، واصطفى من وُلد إبراهيم إسماعيل، واصطفى من ولد إسماعيل نزاراً، ثمّ اصطفى من نزار مضراً، ثمّ اصطفى من مضر كنانة، ثمّ اصطفى من كنانة قريشاً (النضر)، ثمّ اصطفى من قريش (من النضر) بني هاشم (أي هاشماً)، ثمّ اصطفى عبد المطّلب، ثمّ اصطفاني من بني عبد المطّلب (عليه السلام)).

(صحيح المسلم /

١٥٧

والترمذي / وأبو حاتم / وأبو القاسم السهمي / وذخائر العقبى)

٢ - عن علي بن الحسين قال: قال الحسن بن علي:

(....... إنّا أهل بيت أكرمنا الله بالإسلام، واختارنا واصطفانا واجتبانا.

إلى أنْ قال:

مخلصين إلى آدم (عليه السلام)).

(وقد سبق الحديث من البرهان: ج٣)

٣ - قال ابن شهرآشوب: قال أبو طالب:

الحمد لله ربّ العالمين الذي اصطفانا أعلاماً .

إلى أنْ قال:

وفضّلنا على العشائر نخب آل إبراهيم وصفوته، وزرع إسماعيل (عليه السلام) .

(وقد سبق الخطبة من البحار: ج٣٥، ب ص٩٣)

فقد ظهر من ادّعاء الرسول (صلَّى الله عليه وآله) والإمام الحسن وأبي طالب:

- أنّ الله اصطفى آباء النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) والولي (عليه السلام) من أبي طالب وعبد الله إلى آدم (عليه السلام).

- وأنّ الله لم يصطفِ من الناس إلاّ جَعَلَهُم أنبياء، مرسلين وغير مرسلين (عليه السلام).

فظهر أنّ الله جعل آباء النبي (صلَّى الله عليه وآله) والولي (عليه السلام) من لدن آدم إلى عبد الله وأبي طالب أنبياء مرسلين(عليهم السلام).

كان آباء النبي والولي مسلمين حقيقيّين

قال الله تعالى:

( وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً ) .

(سورة البقرة: آية: ١٢٥)

* إنّ الناس كانوا قسمين: حقيقي، ومجازي.

١ - فأمّا الحقيقي:

فهم الذين لا يسلب عنهم الإنسانيّة، فهم ناس حقيقيّون.

١٥٨

قال الله تعالى:( إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً ) .

(سورة النصر: آية: ١ - ٢)

وقال تعالى:( أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ) .

(سورة القلم: آية: ٣٥ - ٣٦)

وقال تعالى:( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ ) .

(سورة آل عمران: آية: ٩٧)

( وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً ) .

(سورة البقرة: آية: ١٢٥)

٢ - وأمّا المجازي:

فهم الذي يسلب عنهم الإنسانيّة فهم ناس مجازيّون.

قال الله تعالى:( أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلاَّ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً ) .

(سورة الفرقان: آية: ٤٤)

وقال تعالى:( وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَ يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ) .

(سورة الأعراف: آية: ١٧٩)

وقال تعالى:( فَلاَ يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا ) - الآية -.

(سورة التوبة: آية: ٢٨)

وقال تعالى:( مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ ) - الآية -.

(سورة التوبة: آية: ١٧)

فقد ظهر أنّ الله جعل الناس قسمين حقيقيّين ومجازيّين:

- فأمّا الحقيقيّون فهم المسلمون.

- وأمّا المجازيّون فهم المشركون.

* وإنّ المسلمين على ثلاثة أقسام: حقيقي، وتحقيقي، وتقليدي.

١ - فأمّا الحقيقي: فهم المسلمون الذين جعلهم الله داعين إلى الإنسانيّة الحقيقيّة، فهي الإسلام وهم الأنبياء والمرسلون، فهم المسلمون الحقيقيّون.

٢ - وأمّا التحقيقي: فهم المسلمون الذين جعلهم الله مدعوّين إلى الإنسانيّة الحقّة، فلمّا قبلوها فصاروا مسلمين تحقيقيّين، فهم المسلمون

١٥٩

التحقيقيّون.

٣ - وأمّا التقليدي:

فهم المسلمون الذين صاروا مسلمين تقليداً لآبائهم المسلمين الحقيقيّين أَمْ التحقيقيّين، فهم المسلمون التقليديّون.

فظهر أنّ الله جعل البيت للأنبياء والمرسلين خاصّاً وللمسلمين عامّاً، مثابة وأمناً.

فادّعى أبو طالب في خطبته التي خطبها عند تزويج النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) له ولآبائه النبوّة، قال:

وجعل لنا بيتاً محجوجاً، وحرماً آمنا.

فإنّ ضمير المتكلّم مع الغير يجمعهم كلّهم من لدن آدم إلى أبي طالب، فظهر أنّ الله جعل البيت خاصّاً لآباء النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) والولي الأنبياء، من لدن آدم إلى أبي طالب وللمسلمين عامّاً، مثابة وآمناً.

فظهر أنّ آباء النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) والولي - من لدن آدم إلى عبد الله وأبي طالب - كانوا أنبياء (عليهم السلام).

(قد تمّ الكتاب في رجب المرجّب ١٤٠٠ هـ ق)

١٦٠