آل نوبخت

آل نوبخت0%

آل نوبخت مؤلف:
تصنيف: شخصيات إسلامية
الصفحات: 288

آل نوبخت

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: عباس إقبال آشتياني
تصنيف: الصفحات: 288
المشاهدات: 85757
تحميل: 8338

توضيحات:

آل نوبخت
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 288 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 85757 / تحميل: 8338
الحجم الحجم الحجم
آل نوبخت

آل نوبخت

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

٩ - الأرزاق والآجال والأسعار(١) (رجال النجاشيّ).

١٠ - الاستطاعة على مذهب هشام بن الحكم، ويتّفق أبو محمّد النوبختيّ معه في هذا الباب أيضاً(٢) ، (رجال النجاشيّ).

١١ - الاعتبار والتمييز والانتصار (رجال النجاشيّ).

١٢ - كتاب في باب الإنسان(٣) (فهرست الطوسيّ - رجال النجاشيّ).

١٣ - التنزيه وذكر متشابه القرآن (رجال النجاشيّ).

١٤ - حدث العالم(٤) (الفهرست - فهرست الطوسيّ - تاريخ الإسلام).

١٥ - التوحيد الصغير (رجال النجاشيّ).

١٦ - التوحيد الكبير (رجال النجاشيّ - الفهرست - فهرست الطوسيّ).

١٧ - كتاب كبير في باب جزء لا يتجزّأ (رجال النجاشيّ).

ألِفَ المتكلّمون البحث في باب (جزء لا يتجزّأ)(٥) منذ الوقت الذي ترجمت فيه الكتب اليونانيّة إلى العربيّة، وانتشرت بين الناس مقالات الفلاسفة القدامى كذيمقراطيس(٦) ، وابيقورس(٧) . وأوّل من أجهر برأيه في هذا المجال هو المتكلّم

____________________

١ - للتعرّف على تفصيل هذا الموضوع انظر: مقالات الإسلاميّين ٢٥٦-٢٥٨، الملل والنحل ٣٦، الفرق بين الفِرَق ٣٣٠-٣٣١، شرح نهج البلاغة ١: ٤٥٦، إرشاد الطالبين ١٤٢-١٤٦، شرح المقاصد ٢: ١٦٠-١٦٣، بحار الأنوار ج٣ وغيرها.

٢ - انظر: مقالات الإسلاميّين ٢٢٩ فما بعدها، الفصل في الملل والأهواء والنحل ٣: ٢٦-٤٢، كنز الفوائد ٤٠-٤٨، وللاطّلاع على مذهب هشام في هذا الحقل، انظر: مقالات الإسلاميّين ٤٢-٤٣، الملل والنحل: ١٤١.

٣ - ص١٣٠ من هذا الكتاب، مقالات الإسلاميّين ٤٢-٤٣، إرشاد الطالبين ١٨٦-١٩٠.

٤ - هذا الكتاب وكتاب التوحيد وردا معاً في الفهرست ١٧٧ وفهرست الطوسيّ ٩٩، (طبع كتاب حدث العالم في الفهرست: حدث العلل(؟) (سهواً)، بَيد أنّ الذي يستفاد من تاريخ الإسلام للذهبيّ (fol. ٤٥ b) أنّه كتاب مستقلّ.

٥ - Atome

٦ - Democrites

٧ - Epicures

١٦١

الشيعيّ المعروف أبو محمّد هشام بن الحكم فكان يقول تبعاً للفلاسفة القدماء: الجزء يتجزّأ أبداً، ولا جزء إلاّ وله جزء، وليس لذلك آخر إلاّ من جهة المساحة، وأنّ لمساحة الجسم آخِرَ، وليس لأجزائه آخر من باب التجزّؤ(١) .

وأقرّ النظّام المعتزليّ هذا الرأي أيضاً وتبع هشامَ بن الحكم في هذه المقالة(٢) ، بَيد أنّ متكلّمي الشيعة لم يقرّوا به جميعاً، فكان لفرقة منهم رأي يخالف هشاماً والفلاسفة القدامى والنظّام، وهو أنّ لأجزاء الجسم غاية من باب التجزّؤ، وله أجزاء معدودة لها كلٌّ وجميعٌ، ولو رفع البارئ كلّ اجتماع في الجسم لبقيت أجزاؤه لا اجتماع فيها ولا يحتمل كلّ جزء منها التجزّؤ(٣) .

ونحتمل بعامّة أنّ أبا محمّد النوبختيّ الذي كان ملمّاً بمقالات الفلاسفة ومشربهم، وكان يحذو حذو هشام في بعض العقائد قد ذكر في كتابه هذا مقالات الناس المختلفة في حقل (الجزء لا يتجزّأ)، ودافع عن عقيدة هشام في هذا السياق.

١٨ - مختصر الكلام في باب الجزء (رجال النجاشيّ).

١٩ - الخصوص والعموم(٤) (رجال النجاشيّ).

٢٠ - الردّ على أصحاب المنزلة بين المنزلتين في باب الوعيد، (رجال النجاشيّ).

٢١ - إنكار رؤية الباري تعالى والردّ على من ظنّ ذلك ممكناً(٥) ، (رجال النجاشيّ - تاريخ الإسلام).

٢٢ - كتاب في المرايا وجهة الرؤية فيها (رجال النجاشيّ).

____________________

١ - مقالات الإسلاميّين ٥٩.

٢ - الفرق بين الفِرَق ٥٠ و١١٣.

٣ - مقالات الإسلاميّين ٥٩، الفِصَل في الملل والأهواء والنحل ٥: ٩٣-١٠٨، شرح الإشارات للخواجة الطوسيّ، النمط الأوّل، شرح المقاصد ١: ٢٩٣-٣١٣، وغيرها.

٤ - مقالات الإسلاميّين ٤٤٥-٤٤٦، عدّة الأُصول للشيخ الطوسيّ ١٣١-١٥٢.

٥ - انظر: مقالات الإسلاميّين ٢١٣-٢١٧.

١٦٢

٢٣ - الردّ على أبي عيسى الورّاق ونقض كتابه الغريب المشرقيّ(١) ، (فهرست الطوسيّ).

٢٤ - الردّ على أهل التعجيز(٢) ، وهو نقض كتاب أبي عيسى الورّاق(٣) (رجال النجاشيّ).

٢٥ - الردّ على أبي الهُذيل العلاّف في باب نعيم أهل الجنّة(٤) (رجال النجاشيّ - تاريخ الإسلام).

٢٦ - نقض على أبي الهذيل العلاّف في باب المعرفة(٥) (رجال النجاشيّ).

____________________

١ - ص١١٣، من هذا الكتاب.

٢ - التعجيز نسبة العجز إلى الله تعالى، وأهل التعجيز عند المخالفين هم الذين كانوا يرون أنّ الله تعالى قادر على الجواهر فحسب لا على الجواهر والأعراض معاً، وكان أبو عمرو معمّر بن عبَّاد السُلَميّ المعاصر لإبراهيم النظّام والعلاّف وهو من المعتزلة يقول بهذه العقيدة، (مقالات الإسلاميّين ١٩٢ و٥٤٨، وكتاب التعريفات ٩٧)، وكان معمّر يزعم أيضاً أنّ الله عزّ وجلّ لم يخلق شيئاً من الألوان ولا طولاً ولا عرضاً ولا طمعاً ولا رائحة ولا خشونة ولا إملاساً ولا حسناً ولا قبيحاً ولا صوتاً ولا قوّة ولا ضعفاً ولا موتاً ولا حياة ولا نشوراً ولا مرضاً ولا صحّة ولا عافية ولا سقماً ولا عمىً ولا بكماً ولا بصراً ولا سمعاً ولا فصاحةً ولا فساداً للثمار ولا صلاحها، وأنّ كلّ ذلك فعل الأجسام التي وجدت فيها هذه الأعراض بطباعها، وتوافقه الدهريّة في قولهم بوجود أشياء لا نهاية لها (الفِصَل في الملل والأهواء والنحل ٤: ١٩٤)، ومع أنّ ابن الراونديّ كان يطعن على كثير من عقائد معمّر، لكنّه كان يوافقه في (أفعال الطبائع)، وكان مثله يقول: إنّ حركات الفلك وكلّ ما اشتمل عليه الفلك من ذي حركة أو سكون وتأليف وافتراق ومماسّة ومباينة فعل غير الله، (الانتصار ٥٤)، ونحتمل بعامّة أنّ أبا عيسى الورّاق كان كابن الراونديّ يشترك مع معمّر في بعض هذه العقائد، وألّف كتاباً في هذا المجال نقضه أبو محمّد.

٣ - انظر: ص١٠٧ من هذا الكتاب.

٤ - حول خلاف المتكلّمين في (نعيم أهل الجنّة) ورأي العلاّف في ذلك، انظر: الملل والنحل ٣٥، وتبصرة العوامّ ٤٣٠، ومقالات الإسلاميّين ٤٧٥، والفَرق بين الفِرَق ١٠٢، وغيرها.

٥ - للتعرّف على خلاف المتكلّمين في باب المعارف، يُنظَر: الفِصَل ٥: ١٠٨-١١٩، وللاطّلاع على رأي العلاّف في هذه المسألة يُنْظَر: كتاب الفَرق بين الفِرَق ١١١-١١٢، ولمعرفة رأي الحسن بن موسى النوبختيّ، انظر: مقالات الإسلاميّين ٥٢.

١٦٣

٢٧ - نصرة مذهب عمر بن عبّاد والاحتجاج فيه(١) (الفهرست - فهرست الطوسيّ).

٢٨ - كتاب في خبر الواحد والعمل به(٢) (رجال النجاشيّ).

ج - مناظراته ومسائله مع معاصريه

٢٩ - أجوبته لأبي جعفر بن قبة(٣) (رجال النجاشيّ).

٣٠ - أجوبته الأُخرى له (رجال النجاشيّ).

٣١ - ردّ على الردّ الذي كان أبو عليّ الجبّائيّ قد كتبه على المنجّمين، قال النجاشيّ: تجاهل أبو عليّ الجبّائيّ في ردّه(٤) ، وكان السيّد ابن طاووس يقتني هذا الكتاب(٥) .

٣٢ - مسائله مع الجبّائيّ في موضوعات مختلفة (رجال النجاشيّ).

____________________

١ - لم أقف على عمر بن عبّاد رغم بحثي الكثير، وأظنّ أنّ تحريفه جاء من جهل النسّاخ، والمقصود هنا هو أبو عمرو معمّر بن عبّاد السُّلّميّ المعتزليّ المعروف الذي حرّف الناسخون اسمه في بعض الكتب أيضاً كما في إرشاد الطالبين ١٨٧، وقد دار الحديث فيه حول معمّر ورأيه الخاصّ في الإنسان، لكنّ اسمه طُبع محرّفاً بالشكل الآتي: عمر بن عبادة السلميّ المعتزليّ، وذلك المذهب المذكور هو من مذاهب معمّر الذي دافع عنه النوبختيّ، ويبدو أنّه يمثّل رأيه في الإنسان، الذي كان عليه معظم متكلّمي الشيعة تبعاً له ولجمهور المعتزلة والفلاسفة، ومنهم أبو إسحاق بن نوبخت مؤلّف الياقوت، وأبو سهل النوبختيّ، والشيخ المفيد، والشريف المرتضى، والخواجه نصير الدين الطوسيّ، والعلاّمة الحلّيّ، ولعلّ احتجاج أبي محمّد النوبختيّ هذا في نصر رأي معمّر كان أحد الأسباب التي أدّت إلى عَدِّه معتزليّاً، للتعرّف على مقايسة بين رأي معمّر، ومتكلّمي الشيعة انظر: مقالات الإسلاميّين ٣٣١-٣٣٢، وأنوار الملكوت للعلاّمة الحلّيّ، وإرشاد الطالبين ١٨٧.

٢ - حول خبر الواحد انظر: الانتصار ٥٢-٥٣، والتعريفات ٤٣، ومفاتيح العلوم للخوارزميّ ٧، وحول شروط العمل به حسب عقيدة علماء الإماميّة انظر: بحار الأنوار ١: ١٩٨-١٩٩، وعدّة الأُصول ٤٠-٦٣؛ ورجال الاسترآباديّ ١-٣، وروضات الجنّات ٥٦١ و٥٩٠، وتبصرة العوامّ ٤٢٨.

٣ - انظر: ص١٢١ في هذا الكتاب.

٤ - رجال النجاشيّ ٤٧.

٥ - بحار الأنوار ١٤: ١٤٣.

١٦٤

٣٣ - ردّ على المنجّمين(١) (رجال النجاشيّ).

٣٤ - ردّ على ثابت بن قرّه(٢) (رجال النجاشيّ).

٣٥ - شرح مجالسه مع أبي عبد الله بن مُملّك(٣) (رجال النجاشيّ).

٣٦ - مجالسه مع أبي القاسم البلخيّ (رجال النجاشيّ).

د - كتبه في الملل والنحل

٣٧ - فرق الشيعة (رجال النجاشيّ - الفصول للشريف المرتضى - منهاج السنّة).

٣٨ - الآراء والديانات (فهرست الطوسيّ - الفهرست - مروج الذهب - تاريخ الإسلام - شرح نهج البلاغة - معجم الأدباء - منهاج السنّة).

٣٩ - الردّ على أصحاب التناسخ (الفهرست - فهرست الطوسيّ).

٤٠ - الردّ على الغلاة (رجال النجاشيّ - فهرست الطوسيّ(٤) - تاريخ بغداد).

____________________

١ - حول خلاف المنجّمين وردّ أقوالهم من قبل المتكلّمين، انظر: شرح نهج البلاغة ٢: ٧٢-٧٥، وبحار الأنوار ١٤: ١٣٨-١٤٠، وكتاب الياقوت لأبي إسحاق النّوبختيّ وشرحه للعلاّمة الحلّيّ.

٢ - يبدو أنّ ناصر خسرو قال في ردّ عقيدته التي ترى أنّ الأفلاك والكواكب حيّة ناطقة. وكان أبو محمّد النّوبختيّ قد ألّف كتاباً آخر في هذا المجال أيضاً: إنّ ثابت بن قرّة الحرّانيّ الذي ترجم الكتب الفلسفيّة من اللغة اليونانيّة إلى اللغة العربيّة برهن على أنّ الأفلاك والكواكب حيّة ناطقة، وقال: إنّ للنّاس حياة، وقوام الكلام أنّ جسد الإنسان أشرف الأجساد حلّت فيه أشرف الأنفس، وتلك النفس حيّة ناطقة، وهذه مقدّمة صادقة، ثمّ قال: وإنّ للأفلاك والأنجم أجساداً هي في غاية الشرف واللطافة وفي ذروة النظافة والطهارة، وهذه مقدّمة صادقة أُخرى، ونتيجة هاتين المقدّمتين أنّ للأفلاك والأنجم نفساً ناطقة، وهي حيّة ناطقة، والبرهان الذي أقامه هذا الفيلسوف هو أنّ ملائكة الأفلاك والكواكب حيّة ناطقة)، ديوان ناصر خسرو ٥٧٢، طبعة مكتبة طهران.

٣ - أبو عبد الله محمّد بن عبد الله مُملّك الأصفهانيّ أحد متكلّمي الشيعة الكبار ومن معاصري أبي عليّ الجبّائيّ كان معتزليّاً، ثمّ تشيّع، وله كتب في الإمامة والمسائل الكلاميّة الأُخرى، (الفهرست ١٧٧، فهرست الطوسيّ ٣٦٩، ورجال النجاشيّ ٢٦٩، ومقالات الإسلاميّين ٣٥٨).

٤ - ورد عنوان الكتابين الردّ على التناسخيّة والغلاة في فهرست الطوسيّ ٩٩ معاً، ولكن يستفاد من =

١٦٥

٤١ - الردّ على فرق الشيعة إلاّ الإماميّة (رجال النجاشيّ).

٤٢ - الردّ على أهل المنطق (رجال النجاشيّ - تاريخ الإسلام).

٤٣ - الردّ على المجسِّمة (رجال النجاشيّ).

كتاب الردّ على الغلاة

هذا كتاب أبي محمّد النوبختيّ في تقرير مقالات الغلاة وردّهم(١) ، نقل الخطيب البغداديّ شيئاً منه عند ترجمة أبي يعقوب إسحاق بن محمّد بن أحمد بن أبان النخعيّ الأحمر الكوفيّ (المتوفّى سنة ٢٨٦هـ) رئيس الفرقة الإسحاقيّة التي كانت من فرق الغلاة، وكان معاصراً لأبي محمّد النوبختيّ، واقتبس ابن الجوزيّ في تلبيس إبليس، وابن كثير في البداية والنّهاية خلاصة للموضوعات التي نقلها الخطيب من الكتاب المذكور.

وكان إسحاق بن محمّد النخعيّ الكوفيّ أبرص، وسمّي بالأحمر لأنّه كان يطلي البَرص بما يغيّر لونه، وكان هو وأصحابه الإسحاقيّة الذين كان يسكن جماعة منهم بالمدائن في عهد الخطيب البغداديّ يعتقدون بألوهيّة الإمام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، وألّف إسحاق الذي كان يعدّ من المتكلّمين كتباً تدور حول عقائده، منها: كتاب الصراط(٢) .

يقول الخطيب البغداديّ: (... ثمّ وقع إليّ كتاب لأبي محمّد الحسن بن يحيى

____________________

= الفهرست، ورجال النجاشيّ، وتاريخ بغداد، وتاريخ الإسلام أنّ كتاب الردّ على الغلاة كتاب مستقلّ.

١ - كان المسعوديّ يقتني هذا الكتاب، وذكر أنّ اسمه هو الردّ على الغلاة وغيرهم من الباطنيّة (التنبيه والإشراف ٣٩٦).

٢ - تاريخ بغداد ٦: ٣٧٨-٣٨١، والملل والنحل ١٤٥، والفِصَل ٤: ١٨٦، ورجال النجاشيّ ٥٣، وتلبيس إبليس ١٠٣، والبداية (وقائع سنة ٢٨٦هـ).

١٦٦

النوبختيّ(١) من تصنيفه في الردّ على الغلاة، وكان النوبختيّ هذا من متكلّمي الشيعة الإماميّة، فذكر أصناف مقالات الغلاة، إلى أن قال: (وقد كان ممّن جوّد الجنون في الغلوّ في عصرنا: إسحاق بن محمّد المعروف بالأحمر، وكان ممّن يزعم أنّ عليّاً هو الله، وأنّه يظهر في كلّ وقت، فهو الحسن في وقت الحسن، وكذلك هو الحسين، وهو واحد، وأنّه هو الذي بعث محمّداًصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقال في كتاب له: لو كانوا ألفاً لكانوا واحداً، وكان راوية للحديث، وعمل كتاباً ذكر أنّه كتاب التوحيد، فجاء فيه بجنون وتخليط لا يُتوهّمان، فضلاً من أن يدلّ عليهما، وكان ممّن يقول: باطن صلاة الظهر محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله لإظهاره الدعوى، قال: ولو كان باطنها هو هذه التي هي الركوع والسجود, لم يكن لقوله:( إِنّ الصّلاَةَ تَنْهَى‏ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ ) معنى؛ لأنّ النهي لا يكون إلاّ من حيّ قادر).

وقال الخطيب بعد نقل كلام كتاب الردّ على الغلاة: (قد أورد النوبختيّ عن إسحاق في كتابه ممّا كان يرويه احتجاجاً لمقالته أشياء أقلّ منها يوجب الخروج عن الملّة(٢) ).

كتاب الآراء والديانات

وهو من أشهر كتب أبي محمّد الحسن بن موسى النوبختيّ وأكبرها وأنفسها، ومن سوء الحظ أنّه مفقود. وموضوع هذا الكتاب شرح لمقالات الملل والنحل القديمة، وعقائد الفرق الدينيّة وآرائها، والمذاهب الفلسفيّة للمسلمين.

ونقل النجاشيّ أنّه كتاب كبيرٌ حَسَنٌ يحتوي على معلومات كثيرة، وقد قرأه على الشيخ المفيد، وأجازه الشيخ في روايته عنه(٣) . بَيْد أنّ ابن النديم، والشيخ

____________________

١ - ذكر الخطيب أنّ اسم والد أبي محمّد يحيى، في حين أجمع المؤرّخون وأصحاب كتب الرجال على أنّ اسمه موسى، ولعلّ الخطيب سها في هذا المجال، أو أنّ يحيى كان اسماً لأحد أجداد أبي محمّد.

٢ - تاريخ بغداد ٦: ٣٨٠-٣٨١.

٣ - رجال النجاشيّ ٤٦.

١٦٧

الطوسيّ، والذهبيّ نقلوا أنّ أبا محمّد لم يُتِمّه(١) .

وكان أبو محمّد النوبختيّ من رجال النصف الثاني من القرن الثالث وأوائل القرن الرابع. وعصره كان عصر غليان الأفكار والآراء المتنوّعة، ومناظرات الفِرق المختلفة واحتجاجاتها، وفي تلك الفترة جمع بعض المتكلّمين من شتّى الفرق الكتب التي تدور حول آراء المذاهب والملل ومقالاتها، وكانوا يدحضون آراء الفرق الأُخرى وينقضونها في سياق الدفاع عن عقائدهم، وكان قصب السبق يومئذٍ للمعتزلة أيضاً(٢) ، وأشهرهم:

يمان بن رباب الخارجيّ صاحب كتاب المقالات(٣) ، وزُرْقان المعتزلي(٤) تلميذ إبراهيم بن سيّار النظّام صاحب كتاب المقالات، ومحمّد بن شبيب(٥) صاحب

____________________

١ - الفهرست ١٧٧؛ وفهرست الطوسيّ ٩٩؛ وتاريخ الإسلام للذهبيّ f. ٤٥ a (نسخة المكتبة الوطنيّة بباريس).

٢ - مجموعة رسائل ابن تيميّة ١: ٣٤٩.

٣ - التنبيه والإشراف ٣٩٥؛ والفهرست ١٨٢؛ ومقالات الإسلاميّين ١١٩ و١٢٠، ونقل فقرتين من كتابه المذكور؛ والملل والنحل ١٠٣؛ وغيرها.

٤ - كان زرقان من مشاهير المعتزلة، ومن طبقة أبي جعفر الإسكافيّ، والجاحظ، وجعفر بن مبشّر. وكتابه من أشهر الكتب في الملل والنحل. ونقل منه كثيراً معظم المؤلّفين بعده كالأشعريّ،، والمقدسيّ، وأبي منصور البغداديّ، وابن حزم، والشهرستانيّ، وابن أبي الحديد. وشَرحَه المتكلّم المعتزليّ المعروف أبو القاسم عبد الله بن أحمد الكعبيّ البلخيّ. وشَرحُه هذا كان يعدّ من أهمّ الشروح في هذا المجال. ونقل معظم المؤلّفين أكثر موضوعاته في كتبهم. وكان لأحد مصنّفي غلاة الشيعة - وهو أبو القاسم عليّ بن أحمد الكوفيّ المتوفّى سنة ٣٥٢هـ - كتاب بعنوان تحقيق ما ألّفه الكعبيّ في المقالات (رجال النجاشيّ ١٨٨) ومن سوء الحظّ أنّه شاع - كما يبدو - ككثير من كتب المقالات، بَيد أنّ كتاباً آخر له بعنوان الاستغاثة في بِدَع المحدَثة أو الإغاثة - وهو في البدع المنسوبة إلى الخلفاء الثلاثة - ما زال في متناول أيدينا.

٥ - أبو بكر محمّد بن عبد الله بن شبيب البصريّ من شيوخ المعتزلة كان يقول بالإرجاء؛ لذلك عُدّ من المرجئة القدريّة (التنبيه والإشراف ٣٩٥؛ الملل والنحل ١٠٣؛ مقالات الإسلاميّين ١٣٦، ١٣٩، ١٤٣، ١٤٦، ١٤٩، الأنساب f. ٣٢٩ b وغيرها).

١٦٨

النظّام، وعبّاد بن سليمان الصيمريّ(١) صاحب هشام بن عمرو الفوطيّ، ومحمّد بن عيسى بُرغوث(٢) . وهو من تلاميذ الحسين بن محمّد النجّار، وأبو عيسى محمّد بن هارون الورّاق(٣) ، وأحمد بن الحسن بن سهل المصمعيّ(٤) المعروف بابن أخي زرقان، وأبو القاسم الكعبيّ البلخيّ الذي شرح مقالات زُرقان، وأبو العبّاس عبد الله بن محمّد الناشئ الأكبر(٥) ، وأبو محمّد عبد الله بن محمّد الخالديّ(٦) ، وأبو الحسن عليّ بن إسماعيل الأشعريّ صاحب كتاب مقالات الإسلاميّين واختلاف المصلّين(٧) ، وغيرهم. وهؤلاء إمّا أنّهم كانوا معاصرين لأبي محمّد النوبختيّ أو أنّهم سبقوه بقليل. ورأى أبو محمّد أكثر كتبهم أو طالعها، ثمّ جمع كتابه الكبير في الآراء والديانات، فاشتهر هذا الكتاب وسرعان ما غدا مرجِعاً بخاصّة أنّ مؤلّفه كان من

____________________

١ - عبّاد بن سليمان الصيمريّ من المعتزلة، من طبقة زرقان، وأبي جعفر الإسكافيّ، والجاحظ، وغيرهم (شرح نهج البلاغة ٤: ١٥٩؛ الانتصار ٩١، ٢٠٣؛ الفِصَل في الملل والأهواء والنحل ٣: ٥٤؛ التنبيه والإشراف ٣٩٥؛ الفَرق بين الفِرَق ١٤٧، ١٤٨، ٢٦١).

٢ - أبو عيسى محمّد بن عيسى الملقّب ببرغوث من أصحاب الحسين بن محمّد النجار المعروف وأتباعه. وغالباً ما كتب النسّاخ اسمه: محمّد بن عيسى بن غوث؛ وهذا سهو لأنّه كان بانياً لمذهب من فروع النجّاريّة، ويسمّى أصحابه: البرغوثيّة (انظر: الملل والنحل ١٩، ٦٣، ١٠٣، والانتصار ١٣٣-١٣٤، ومقالات الإسلاميّين ٢٣٥ و٢٨٤؛ والتنبيه والإشراف ٣٩٦؛ والفَرق بين الفِرَق ١٩٧؛ وشرح نهج البلاغة ١: ٢٩٥؛ ومنهاج السنّة ١: ٢٥٦).

٣ - انظر: ص١١٢-١١٣ من هذا الكتاب.

٤ - ورد اسم هذا الشخص بالشكل المذكور أعلاه في كتاب التنبيه والإشراف المطبوع، ص٣٩٦، ولعلّه المِسْمَعيّ المتكلّم الذي كان يعيش قبل أبي بكر محمّد بن زكريّا الرازيّ المتوفّى سنة ٣٢٠ هـ، أو كان معاصراً له. ونقض الرازيّ المذكور، بعض كتبه. (الفهرست ٣٠٠ و٣٠١؛ القفطيّ ٢٧٤ و٢٧٥).

٥ - انظر: ذيل ص١٢٧ من هذا الكتاب؛ ووفيات الأعيان ١: ٢٨٥.

٦ - أبو محمّد عبد الله بن محمّد بن الحسن الخالديّ من المرجئة القَدَريّة كمحمّد بن شبيب البصريّ. (الملل والنحل ١٠٣؛ الفَرق بين الفِرَق ١٩ و٩٦؛ التنبيه والإشراف ٣٩٦).

٧ - وكان له كتاب آخر بعنوان مقالات غير الإسلاميّين. وهو أكبر من كتابه مقالات الإسلاميّين واختلاف المصلّين. ويدور حول مقالات الفلاسفة غير المسلمين (منهاج السنّة ٣: ٧٢).

١٦٩

المتكلّمين والكتّاب الفلسفيّين على مذهب الإماميّة، في حين أنّ المؤلّفين المذكورة أسماؤهم سلفاً لم ينتسبوا إلى الإماميّة إلاّ أبا عيسى الورّاق الذي ذكر عنه الشريف المرتضى أنّه سعى كثيراً في تقرير عقائد الثنويّة؛ ولذلك نُسب إلى الزندقة أيضاً.

وكان المؤرّخ الأديب المتكلّم الكبير أبو الحسن عليّ بن الحسين المسعوديّ يقتني كتاب الآراء والديانات، ونقل منه في مروج الذهب(١) . وهو نفسه كان معاصراً لأبي محمّد النوبختيّ، وله كتاب بعنوان المقالات في أُصول الديانات.

وبلغت شهرة كتاب أبي محمّد النوبختيّ في الملل والنحل والآراء والديانات أنّه صار - مَثَله في ذلك مَثَل كتب زُرقان، والورّاق، والكعبيّ - أحد الكتب المهمّة في هذا الموضوع. وأصبح مؤلّفه قدوة تامّة في هذا العلم(٢) .

وكان المؤلّفون بعد أبي محمّد النوبختيّ يقتنون كتابه كالمسعوديّ، وابن الجوزيّ، وابن أبي الحديد، وأوردوا منه في كتبهم(٣) . ومن حسن الحظّ أنّ ابن الجوزيّ نقل أكثر من غيره. ويمكن أن نتعرّف على محتويات كتاب الآراء والديانات من خلال ما نقله ابن الجوزيّ. وفيما يأتي خلاصة للموضوعات المنقولة منه في مروج الذهب، وتلبيس إبليس، وشرح نهج البلاغة:

١ - عقائد السوفسطائيّة والدهريّة (تلبيس إبليس ٤٢، ٤٣).

٢ - عقائد الثنويّة (تلبيس إبليس ٤٧؛ شرح نهج البلاغة ١: ٢٧).

٣ - عقائد فلاسفة اليونان (تلبيس إبليس ٤٨-٤٩).

____________________

١ - مروج الذهب ٧: ١٥٧-١٥٨، الطبعة الأجنبيّة؛ التنبيه والإشراف ٣٩٦.

٢ - معجم الأُدباء ٢: ٢٧٩.

٣ - مروج الذهب ٧: ١٥٧-١٥٨، والتنبيه والإشراف ٣٩٦، وتلبيس إبليس ٤٢، ٤٣، ٤٧، ٤٩، ٦٩، ٧٤، ٧٩، ٨١، ٨٢، ٨٨، ٩١، وشرح نهج البلاغة ١: ٢٧، ٢٩٥، ٢٩٦. وذكره ابن تيميّة مراراً في منهاج السنّة (١: ١٦، ٢٠٣، ٣: ٧٢).

١٧٠

٤ - مذاهب الهند وآراؤها (مروج الذهب ٧: ١٥٧-١٥٨؛ تلبيس إبليس ٦٩، ٧٤).

٥ - مذاهب الصابئين والمجوس (تلبيس إبليس ٧٩، ٨١).

٦ - آراء المنجّمين وأصحاب الفلك (تلبيس إبليس ٨٢).

٧ - عقيدة جهم بن صفوان (تلبيس إبليس ٨٨).

٨ - مذهب هشام بن الحكم في التشبيه والتجسيم (تلبيس إبليس ٩١؛ شرح نهج البلاغة ١: ٢٩٥).

٩ - عقائد مقاتل بن سليمان، ونعيم بن حمّاد، وداود الجواربيّ من متكلّمي الشيعة (تلبيس إبليس ٩١).

١٠ - عقيدة الفلاسفة الرواقيّين (شرح نهج البلاغة ١: ٢٩٦).

ويستبين من ملاحظة هذه المعلومات الباقية من كتاب الآراء والديانات أنّ المؤلّف الفاضل اهتمّ بجميع الآراء والعقائد والأهواء والنّحل. ووصف في كتابه هذه فلاسفة اليونان، والدهريّين، والمنجّمين، والبراهمة، وعقائد المتكلّمين والملل الإسلاميّة. ونأسى عظيم الأسى حقّاً؛ إذ ضاع هذا الكتاب الثمين الذي كان من أقدم الكتب الإسلاميّة في باب الملل والنحل، ولعلّه أقدم كتاب جامع للإماميّة في هذا الباب، بخاصّة أنّ مؤلّفه كاتب ضليع ومتكلّم فلسفيّ المشرب.

كتاب فرق الشيعة

وهو أشهر كتب أبي محمّد الحسن بن موسى النوبختيّ. ويدور حول موضوع افتراق الشيعة فرقاً متعدّدة كالغلاة، والزيديّة، والإماميّة، وحول مقالاتهم المختلفة؛ ولهذا الكتاب أهمّيّة خاصّة من الوجهة التاريخيّة، ومن حيث اشتهار

١٧١

مؤلّفه الذي كان من متكلّمي الشيعة أُولي المشرب الفلسفيّ، وأفاد منه المؤلّفون بعده كثيراً.

وكان بين مصنّفي الشيعة أو المنسوبين إليهم - ممّن سبق أبا محمّد بخمسين سنة أو جاء بعده بخمسين سنة - رجال كتبوا حول فرق الشيعة أو مقالاتهم أو ما يقرب من ذلك. ويلاحظ في كتب المؤلّفين المتأخّرين ذكرهم أو ذكر بعض منقولاتهم أحياناً، وأشهر هؤلاء هم:

١ - أبو عيسى محمّد بن هارون الورّاق (المتوفّى سنة ٢٤٧هـ) المتكلّم المعروف، وقد مرّت ترجمته. وهو صاحب كتاب اختلاف الشيعة(١) .

٢ - أبو القاسم نصر بن صَبّاح البلخيّ من الغلاة، ومن شيوخ رواية أبي عمرو محمّد بن عمر بن عبد العزيز الكشّيّ صاحب كتاب الرجال، وأبي النضر محمّد بن مسعود العيّاشيّ السمرقنديّ (كلاهما من رجال النصف الأوّل من القرن الرابع). صنّف كتاباً بعنوان فرق الشيعة(٢) . ونقل الكشّيّ عنه مقالات الشيعة مراراً.

٣ - أبو طالب عبد الله بن أحمد الأنباريّ المتوفّى سنة ٣٥٦هـ، وهو صاحب كتاب يحمل نفس العنوان: فرق الشيعة(٣) .

٤ - أبو المظفّر محمّد بن أحمد النعيميّ صاحب كتاب البهجة في فرق الشيعة وأخبار آل أبي طالب(٤) .

٥ - سعد بن عبد الله بن أبي خلف النميريّ الأشعريّ القمّيّ المتوفّى سنة ٢٩٩هـ أو سنة ٣٠١هـ. كان من أخباريّي الشيعة ومحدّثيهم. وله الكتاب المشهور بصائر الدرجات. وهو من شيوخ رواية محمّد بن جعفر بن قولويه، وأبي الحسن عليّ بن الحسين بن بابَوَيه (والد الشيخ الصدوق، والمتوفّى سنة

____________________

١ - رجال النجاشيّ ٢٦٣.

٢ - نفسه ٣٠٢.

٣ - نفسه ٦٢.

٤ - نفسه ٢٨١.

١٧٢

٣٢٩هـ).

وكتاب المترجَم له مصدراً لرواية عدد من أخبار الإماميّة المهمّة، ومؤلّفاً لبعض الكتب المعتبَرة. وله كتاب في تاريخ فرق الشيعة المختلفة ومقالاتهم، و ورد ذكره في رجال النجاشيّ باسم فرق الشيعة(١) ، وفي فهرست الطوسيّ باسم مقالات الإماميّة(٢) . وكان العلاّمة المجلسيّ يقتنيه. وذكره بعنوان مقالات الإماميّة والفِرَق وأسماؤها وصنوفها وقال: نقل منه الشيخ الطوسيّ في كتاب الغيبة، والنجاشيّ في رجاله(٣) .

وقامت المطبعة الحكوميّة بأسطنبول سنة ١٩٣١م بطبع كتاب بعنوان فرق الشيعة بتصحيح المستشرق الألمانيّ هلموت ريتّر(٤) ، وعلى نفقة جمعية المستشرقين الألمان(٥) . وصُدِّر الكتاب بمقدّمة في ترجمة أبي محمّد النوبختيّ بقلم السيّد هبة الدين الشهرستانيّ أحد مشاهير علماء الشيعة في العراق. ويحتوي الكتاب الذي طبع طبعة نفيسة على ١٣٤ صفحة من القطع الوزيريّ، عشر منها دليل الموضوعات، وثلاثون تضمّ مقدّمة وجدولاً في شجرة نسب آل أبي طالب. وهذا الكتاب هو الكتاب الرابع الذي يطبع في سلسلة (نشريّات إسلاميّة)(٦) بجهود ريتّر. أمّا الثلاثة الأُولى فهي كتاب مقالات الإسلاميّين لأبي الحسن الأشعريّ بجزءيه. وقدر صدر الجزءان. والثالث هو دليل هذين الجزءين وتوضيحاتهما، ولم يطبع بعد.

وطبع هذا الكتاب اعتماداً على مخطوطتين: الأولى ناقصة تعود إلى ا.ج. إلّيس(٧) أمين مكتبة الفرع الشرقيّ في المتحف البريطانيّ. والثانية كاملة وتعود إلى

____________________

١ - رجال النجاشيّ ١٢٦.

٢ - فهرست الطوسيّ ١٥٣.

٣ - كشف الحجب والأستار ٥٤٢؛ بحار الأنوار ١: ٧، ١٣ (الطبعة الأولى).

٤ - Hellmut Ritter

٥ - Deutsche Morgenlxndishe Geselschaft

٦ - Bibliotheca Islamica

٧ - A. G. Ellis

١٧٣

مكتبة المرحوم الميرزا حسين النوري(١) . ونسب الناشر المحترم، والسيّد الشهرستانيّ هذا الكتاب إلى أبي محمّد النوبختيّ في حين أنّ اسم المؤلّف وعنوان الكتاب غير مذكورين فيه. وإنّما أورد كاتب النسخة العائدة إلى إلّيس في ظهرها ما نصّه: (فيه مذاهب فرق أهل الإمامة وأسماؤها وذكر مستقيمها من سقيمها واختلافها، تأليف أبي محمّد الحسن بن موسى النوبختيّ). وعندما استنسخ علماء العراق من مخطوطة مكتبة المرحوم الميرزا النوريّ نسخاً مختلفة ظنّوا أنّ هذا الكتاب هو فرق الشيعة للنوبختيّ، وتداولوه بينهم بهذا العنوان. فهل يكفي القاسم المشترك في الموضوع بين النسخة المطبوعة الموجودة وبين محتويات الكتاب لنعدّه للنوبختيّ مع وجود النسخ الجديدة للكتاب، ومن ثمّ نجزم بأنّ الكتاب له، وليس لمؤلّف آخر بهذا الاسم، وله كتب في هذا الموضوع؟ ولا يسعنا أن نطمئنّ إلى صحّة هذه النسخة للأسباب التي سنذكرها، بل نحتمل أنّ الكتاب الموجود هو في الأصل مخطوطة أبي القاسم سعد بن عبد الله الأشعريّ القمّيّ التي كان يقتنيها العلاّمة المجلسيّ أيضاً، وليس كتاب النوبختيّ.

زرتُ العلاّمة الفاضل الميرزا فضل الله شيخ الإسلام وأخاه العالم الميرزا أبو عبد الله في زنجان حقّاً. وأمضيت فترة قليلة في تلك المدينة، وأفدت منهما، ورأيت نسخة من كتاب فرق الشيعة عند شيخ الإسلام، وهي النسخة التي كان ريتّر مشغولاً بطبعها في أسطنبول. وقد سرّني ذلك كثيراً؛ إذ كنتُ أسعى في جمع أخبار آل نوبخت بحماسة ورغبة عظيمة عدد سنين، بَيْد أنّي تصفّحتها في فرصة أُتيحت

____________________

١ - هو المرحوم الميرزا حسين بن محمّد تقيّ النوريّ (١٢٥٤-١٣٢٠هـ) العالم المحدّث المعروف مؤلّف كتاب نَفَس الرحمن في فضائل سلمان، ومستدرك الوسائل وكتب نفيسة أُخرى (للاطّلاع على ترجمته انظر: كتاب أحسن الوديعة في تراجم أشهر مشاهير مجتهدي الشيعة لمؤلّفه محمّد مهدي الموسويّ الأصفهانيّ الكاظميّ ١: ٨٩-٩١).

١٧٤

لي عنده فلم أجد فيها وفي مقدّمتها اسماً لأبي محمّد النوبختيّ، وفرق الشيعة. فأخبرتُه بشكّي في صحّة انتسابها إليه، لكنّه لم يذهب إلى ما ذهبت إليه، وذكر أنّه يرجّح كَونها له مع عدم وجود الأدلّة القاطعة، ومع احتمال الشكّ في هذا المجال.

وزاد شكّي بعد وصول نسخة أسطنبول المطبوعة ومطالعتها بدقّة، فراسلتُ شيخ الإسلام بذلك، فكتب إليّ رسالتين ذكر فيهما منشأ الشكّ، ودعم رأيه الأوّل الذي ذهب فيه إلى أنّ النوبختيّ هو صاحب كتاب فرق الشيعة بقرائن سنشير إليها. غير أنّي لا أرى - غير معتدٍّ برأيي - هذه القرائن مُقنعة. وثمّة قرائن أُخرى تدعم نسبة الكتاب إلى الأشعريّ أكثر من نسبته إلى النوبختيّ.

هل كتاب (فرق الشيعة) المتداول من تأليف أبي محمّد النوبختي؟

لم يَبقَ من كتاب فرق الشيعة، في حدود اطّلاعي، إلاّ معلومات منقولة في كتاب الفصول المختارة من العيون والمحاسن والمجالس للشريف المرتضى، وهو منتخب من كتاب العيون والمحاسن والمجالس لأُستاذه الشيخ المفيد(١) . وكذلك نلحظ ذكراً لهذا الكتاب في منهاج السنَّة النبويّة(٢) لتقيّ الدين أبي العبّاس أحمد الدمشقّي المعروف بابن تيميّة المتوفّى سنة ٧٢٨هـ.

ونجد في كتاب الغيبة للشيخ الطوسيّ، ورجال الكشّيّ أنّ مؤلّفيهما نَقَلا من كتاب المقالات والفرق لسعد بن عبد الله الأشعريّ مصرِّحَين باسمه أو غير مصرِّحَين، كما أشار إلى ذلك العلاّمة المجلسيّ. والفارق بينهما أنّ الشيخ الطوسيّ نقل من الكتاب المذكور بصراحة، أمّا الكشّيّ فلم يذكر مصدر الموضوع المنقول وسنده كما في النسخة الموجودة من رجاله. وسبب ذلك بلا شكّ هو تصرّف

____________________

١ - استنسخ لي شيخ الإسلام هذه الفقرة من كتاب الفصول.

٢ - منهاج السنة النبويّة، ٢: ١٠٥.

١٧٥

الشيخ الطوسيّ في الكتاب. وقد اختصر (رجال الكشّيّ) - الذي ضاعت نسخته الأصليّة - على ذوقه، وسمّاه اختيار رجال الكشّيّ وإلاّ فإنّه شكّ في نقلهم من كتاب سعد بن عبد الله.

وكان الشهرستانيّ أيضاً يقتني نسخة من فرق الشيعة المتداول، واقتبس منه بدون تصريح. ونقايس فيما يأتي بين ما نقله الشيخ المفيد عن أبي محمّد النوبختيّ مصرّحاً باسمه، وما نقله الشيخ الطوسيّ والكشّيّ عن سعد بن عبد الله الأشعريّ، وما نقله الشهرستانيّ عن فرق الشيعة بلا تصريح، وبين ما ورد في كتاب فرق الشيعة المطبوع أملاً في علاج مشكلة انتساب الكتاب إلى مؤلّفه الحقيقيّ.

فرق الشيعة المطبوع (ص٧٨)

محمّد بن نصير النميريّ كان يدّعى أنّه نبيّ بعثه أبو الحسن العسكريّ، وكان يقول بالتّناسخ والغلوّ(١) في أبي الحسن ويقول فيه بالربوبيّة ويقول بالإباحة للمحارم وتحليل نكاح الرجال بعضهم بعضاً في أدبارهم، ويزعم أنّ ذلك من التّواضع والتّذلّل، وأنّه أحد الشهوات والطيّبات، وأنّ الله عزّ وجلّ لم يحرّم شيئاً من ذلك وكان يقوّي أسباب هذا النّميريّ محمّد بن موسى بن الحسن بن الفرات.

الغيبة للطوسيّ (٢٥٩)

قال سعد بن عبد الله:

كان محمّد بن نصير النّميريّ يدّعي أنّه رسول نبيّ، وإنّ عليّ بن محمّد أرسله، وكان يقول بالتّناسخ ويغلو في أبي الحسن ويقول فيه بالربوبية، ويقول بالإباحة للمحارم ويحلّل نكاح الرجال بعضهم بعضاً في أدبارهم، ويزعم أنّ ذلك من التواضع والإخبات والتّذلّل في المفعول به، وأنّه من الفاعل إحدى الشّهوات والطيّبات وأنّ الله عزّ وجلّ لا يحرّم شيئاً من ذلك، وكان محمّد بن موسى بن الحسن بن الفرات يقوّي أسبابه ويعضده.

فرق الشيعة المطبوع (٧٩)

فلمّا توفّي قيل له في علّته وقد كان اعتقل لسانه؛ لمن هذا الأمر من بعدك؟ فقال:

____________________

١- في نسخة: ويغلو.

١٧٦

لأحمد، فلم يدروا من هو، فافترقوا بعده ثلاث فرق، فرقة قالت: إنّه أحمد ابنه، وفرقة قالت: هو أحمد بن محمّد بن موسى بن الفرات، وفرقة قالت: هو أحمد بن أبي الحسين محمّد بن محمّد بن بشر بن زيد، فتفرّقوا فلا يرجعون إلى شيء.

الغيبة للطوسيّ (ص٢٦٠)

قال سعد:

فلمّا اعتلّ محمّد بن نصير العلّة التي توفّي فيها قيل له، وهو مثقل اللسان: لمن هذا الأمر من بعدك؟ فقال بلسان ضعيف ملجلج: أحمد، فلم يدروا من هو، فاقترقوا بعده ثلاث فرق، قالت فرقة: إنّه أحمد ابنه، وفرقةٌ قالت: هو أحمد بن محمّد بن موسى بن الفرات، وفرقة قالت: إنّه أحمد بن أبي الحسين بن بشر بن زيد، فتفرّقوا فلا يرجعون إلى شيء.

فرق الشيعة المطبوع (ص ٦٥-٦٦)

الفطحيّة؛ وسُمّوا بذلك لأنّ عبد الله كان أفطح الرأس. وقال بعضهم: كان أفطح الرِّجلين. وقال الرواة: نسبوا إلى رئيس من أهل الكوفة يقال له عبد الله بن فطيح.

اختيار رجال الكشّيّ (ص١٦٤-١٦٥)

الفطحيّة:؛ وسمّوا بذلك لأنّه (عبد الله) كان أفطح الرّأس. وقال بعضهم: كان أفطح الرّجلين. وقال بعضهم: إنّهم نسبوا إلى رئيس من أهل الكوفة يقول (كذا) له عبد الله بن فطيح.

فرق الشيعة المطبوع (ص ٧٠-٧١)

البشريّة(١) : أصحاب محمّد بن بشير مولى بني أسد من أهل الكوفة، قالت: إنّ موسى بن جعفر لم يمت ولم يحبس وإنّه حيّ غايب وإنّه القائم المهدي وإنّه في وقت غيبته استخلف على الأمر (كذا) محمّد بن بشير وجعله وصيّه وأعطاه خاتمه وعلّمه جميع ما يحتاج إليه رعيّته (من أمر دينهم ودنياهم)، وفوّض إليه أموره وأقامه مقام نفسه، فمحمّد بن بشير الإمام بعده.

(هذا القسم غير موجود في (فرق الشيعة) المطبوع).

وإنّ محمّد بن بشير لما توفّي أوصى إلى ابنه سميع بن محمّد بن بشير، فهو الإمام

____________________

١ - ظاهراً، البشيريّة.

١٧٧

المفترض الطّاعة على الأمّة إلى وقت خروج موسى وظهوره، فما(١) يلزم الناس من حقوقه في أموالهم وغير ذلك ممّا يتقرّبون به إلى الله عزّ وجلّ، فالفرض عليها أداؤه إلى هؤلاء إلى قيام القائم.

وزعموا أنّ عليّ بن موسى ومن ادّعى الإمامة من ولد موسى بعده فغير طيّب الولادة، ونَفَوهم عن أنسابهم وكفّروهم في دعواهم الإمامة وكفّروا القائلين بإمامتهم واستحلّوا دماءهم وأموالهم، وزعموا أنّ الفرض من الله عليهم إقامة الصّلوات الخمس وصوم شهر رمضان وأنكروا الزّكاة والحجّ وسائر الفرائض، وقالوا بإباحة المحارم من الفروج والغلمان، واعتلّوا في ذلك بقول الله عزّ وجلّ:( أَوْ يُزَوّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً ) ، وقالوا بالتّناسخ وأنّ الأئمّة عندهم واحد، إنّما هم منقلبون من بدن إلى بدن، والمواساة بينهم واجبة في كلِّ ما ملكوه من مالٍ، وكل شيء أوصى به رجل منهم في سبيل الله فهو لسميع بن محمّد وأوصيائه من بعده، ومذاهبهم مذاهب الغالية المفوّضة في التّفويض.

اختيار رجال الكشّيّ (ص٢٩٧-٢٩٨)

كان محمّد بن بشير من أهل الكوفة من موالي بني أسد وله أصحاب قالوا: إنّ موسى بن جعفر لم يمت ولم يحبس وإنّه غاب واستتر وهو القائم المهديّ، وإنّه في وقت غيبته استخلف على الأمّة محمّد بن بشير وجعله وصيّه وأعطاه خاتمه وعلّمه جميع ما يحتاج إليه رعيّته في أمر دينهم ودنياهم وفوّض إليه جميع أمره وأقامه مقام نفسه، فمحمّد بن بشير الإمام بعده.

حدّثني محمّد بن قولويه، قال: حدّثني سعد بن عبد الله القمّي، قال: حدّثني محمّد بن عيسى بن عبيد عن عثمان بن عيسى الكلاّبيّ أنّه سمع محمّد بن بشير يقول: الظاهر من الإنسان آدم والباطن أزليّ. وقال: إنّه يقول بالاثنين، وإنّ هشام بن سالم ناظره عليه فأقرّ به ولم ينكره، وإنّ ابن بشير لمّا مات أوصى إلى ابنه سميع بن محمّد، فهو إمام مفترض الطاعة على الأمّة إلى وقت خروج موسى بن جعفر وظهوره، فيما يلزم النّاس من حقوقه في أموالهم وغير ذلك ممّا يتقرّبون به إلى الله تعال، فالفرض عليه أداؤه إلى أوصياء محمّد بن بشير إلى قيام القائم.

وزعموا أنّ عليّ بن موسى وكلّ من أدّعى الإمامة من ولده وولد موسى مبطلون كاذبون غير طيّبي الولادة، فنَفَوهم عن أنسابهم وكفّروهم لدعواهم الإمامة، وكفّروا القائلين بإمامتهم، واستحلّوا دماءهم وأموالهم، وزعموا أنّ الفرض عليهم من الله تعالى

____________________

١ - في نسختين أُخريين: فيما.

١٧٨

إقامة الصلوات الخمس وصوم شهر رمضان، وأنكروا الزكاة والحجّ وسائر الفرائض، وقالوا بإباحة المحارم والفروج والغلمان، واعتلّوا في ذلك بقول الله تعالى:( أَوْ يُزَوّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً ) ، وقالوا بالتّناسخ، والأئمة عندهم واحداً واحداً إنّما هم منقلبون من قرن إلى قرنِ، والمواساة بينهم واجبة في كلّ ما ملكوه من مالٍ أو خراج أو غير ذلك، كلّ ما أوصى به رجل في سبيل الله فهو لسميع بن محمّد وأوصيائه من بعده، ومذاهبهم في التّفويض مذاهب الغلاة من الواقفة(١) .

فرق الشيعة المطبوع (ص ٢٠)

إن عبد الله بن سبأ كان يهوديّاً فأسلم ووالى عليّاًعليه‌السلام ، وكان يقول وهو على يهوديّته في يوشع بن نون بعد موسى بهذه المقالة، فقال في إسلامه بعد وفاة النّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في عليّعليه‌السلام بمثل ذلك، وهو أوّل مَن شَهرَ القولَ بفرض إمامة عليعليه‌السلام وأظهر البراءة من أعدائه وكاشف مخالفيه، فمن هناك قال من خالف الشّيعة إنّ أصل الرّفض مأخوذ من اليهوديّة.

اختيار رجال الكشّيّ (ص ٧١)

ذكر بعض أهل العلم

أنّ عبد الله بن سبأ كان يهوديّاً فأسلم ووالى عليّاًعليه‌السلام ، وكان يقول وهو على يهوديّته في يوشع بن نون وصيّ موسى بالغلوّ، فقال في إسلامه بعد وفاة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في عليّعليه‌السلام مثل ذلك. وكان أوّل من أشهر القولَ بفرض إمامة عليّ وأكفرهم وأظهر البراءة من أعدائه وكاشف مخالفيه، فمن هاهنا قال من خالف الشيعة: أصل التشيع والرّفض مأخوذ من اليهوديّة.

فرق الشيعة المطبوع (ص ٧٨)

محمّد بن نصير النّميريّ كان يدّعي إنّه نبيّ بعثه أبو الحسن العسكريّ، وكان يقول بالتّناسخ والغلوّ في أبي الحسن، ويقول فيه بالربوبيّة، ويقول: الإباحة للمحارم وتحليل نكاح الرجال بعضهم بعضاً في أدبارهم، ويزعم أنّ ذلك من التّواضع والتّذلّل وأنّه أحد

____________________

١ - نقل الكشّيّ بعد هذه الفقرة التي كان سعد بن عبد الله الأشعريّ القمّيّ صاحب فرق الشيعة أحد وسائط روايتها، شرحاً آخر في ذيلها تحدّث فيه عن عقائد أصحاب محمّد بن بشير وشبّهها بمقالات المجسّمة والعلياويّة والخطّابيّة، وشرح قتل محمّد بن بشير. وهو ما لا نجده في (فرق الشيعة) المطبوع.

١٧٩

الشهوات والطيّبات، وأنّ الله عزّ وجلّ لم يحرّم شيئاً من ذلك، وكان يقوّي أسباب هذا النميريّ محمّد بن موسى بن الحسن بن الفرات.

اختيار رجال الكشّيّ(١) (ص ٣٢٣)

محمّد بن نصير الفهريّ النّميريّ، وذلك ادّعى أنّه نبيّ رسول وأنّ عليّ بن محمّد العسكريّ أرسله، وكان يقول بالتّناسخ والغلوّ في أبي الحسن، ويقول فيه بالرّبوبيّة، ويقول بإباحة المحارم، ويحلّل نكاح الرجال بعضهم بعضاً في أدبارهم، ويقول: إنّه من الفاعل والمفعول به أحد الشّهوات والطيّبات، وإنّ الله لم يحرّم شيئاً من ذلك وكان محمّد بن موسى بن الحسن بن الفرات يقوّي أسبابه ويعضده.

فرق الشيعة المطبوع (٧٩-٩٤)

فافترق أصحابه (أي أصحاب الإمام الحسن بن عليّ) بعده أربع عشرة فرقة، ففرقة منها قالت: إنّ الحسن بن عليّ حيّ لم يَمُت وإنّما غاب وهو القائم، ولا يجوز أن يموت، ولا ولد له ظاهرٌ؛ لأنّ الأرض لا تخلو من إمام، وقد ثبتت إمامته، والرواية قائمة أنّ للقائم غيبتين؛ فهذه الغيبة إحداهما، وسيظهر ويُعرف ثمّ يغيب غيبةً أخرى(٢) . وقالت الفرقة الثانية: إنّ الحسن بن عليّ مات وعاش بعد موته، وهو القائم المهديّ؛ لأنّا روينا أنّ معنى القائم هو أن يقوم من بعد الموت ويقوم ولا ولد له، ولو كان له ولد لصحّ موته ولا رجوع؛ لأنّ الإمامة كانت تثبت لخلفه ولا أوصى لأحدٍ، فلا شكّ أنّه القائم. والحسن بن عليّ قد مات لا شكّ في موته ولا ولد له ولا خلف ولا أوصى؛ إذ لا وصيّة له ولا وصيّ

____________________

١ - هذه الفقرة هي الّتي نقلها الشيخ الطوسيّ في كتاب الغيبة عن سعد بن عبد الله بصراحة (انظر: ص ١٧٥-١٧٦ من هذا الكتاب). بعد هذا الذي نقلناه عن كتاب أبي القاسم الأشعريّ، نذكر فيما يأتي ما نقله الشيخ المفيد عن أبي محمّد النوبختيّ بصراحة مع ما يقابله من كتاب فرق الشيعة المطبوع، وكتاب الملل والنحل للشهرستانيّ. وينبغي الالتفات إلى أنّ موضوعات كتاب فرق الشيعة مفصّلة؛ لأنّ مؤلّفه صنّف كتاباً مستقلاًّ في هذا المجال، في حين أنّ ما نقله الشيخ المفيد والشهرستانيّ كان موجزاً، وكان هدفهما فقط هو ذكر عدد فرق الشيعة بعد وفاة الإمام الحادي عشرعليه‌السلام في سياق موضوعات أخرى.

٢ - نلحظ في كتاب فرق الشيعة بعد هذه المطالب شرحاً لمؤلّف الكتاب حول التشابه بين بعض مقالات هذه الفرقة ومقالات الواقفة.

١٨٠