آل نوبخت

آل نوبخت0%

آل نوبخت مؤلف:
تصنيف: شخصيات إسلامية
الصفحات: 288

آل نوبخت

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: عباس إقبال آشتياني
تصنيف: الصفحات: 288
المشاهدات: 85540
تحميل: 8324

توضيحات:

آل نوبخت
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 288 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 85540 / تحميل: 8324
الحجم الحجم الحجم
آل نوبخت

آل نوبخت

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

بسم الله الرحمن الرحيم

١

٢

٣

٤

مقدّمة المترجم

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيّد الأنبياء والمرسلين محمّد وعلى أهل بيته المطهّرين وصحبه الصالحين.

الحضارة الإسلاميّة صنيعة الأُمّة الإسلاميّة جمعاء، فقد ساهم في تشييد صرحها العرب والفُرس والترك والكرد وغيرهم من الشعوب المسلمة - ولكلٍّ قسطه فيها قلّ أم كثر - معتمدين كتابَ الله سبحانه وسنّةَ نبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأئمّة الدين والسلف الصالح من الصحابة والتابعين والعلماء إذ تمثّل المصادر الأصليّة للحضارة الإسلاميّة، وعامدين إلى إعمار الحياة ورفد البشريّة بما يصلحها ويُسعدها، وهذه الحضارة الثريّة التي عبّر عنها جواهر لال نهرو أنّها أمّ الحضارات في العالم، آية على عظمة الإسلام ومزاياه الرفيعة. ولا مراء في أنّها مثابة لحضارات الأُمم، والنبع الأوّل الذي اغترف منه المنتمون إلى غيرها فارتقوا بفضلها.

وتمتاز هذه الحضارة بأنّها حضارة قيميّة تقطر أدباً ونبلاً وتقف زاهيةً شامخةً بطهر مفرداتها من كلّ الشوائب الجاهليّة، وعلوّ مظاهرها التي حكاها لنا التاريخ، فهي - حقّاً - في مقابل الحضارة الجاهليّة التي تتعدّد سبلها، فحريّ بكلّ طالب علمٍ أن يوفّيها حقّها من خلال تبنّيها عمليّاً، وتزكيتها من مدانس القوميّة والعِرقيّة والقطريّة وما ماثلها، والوقوف بوجه من يريد امتهانها أو الإزراء بها أو الطعن فيها وتحجيمها وتحديدها واستبدال غيرها بها، فلابدّ من رعايتها واتّخاذها المثل الأعلى في الحياة وفاءاً للعقيدة التي أنجبتها والنظام الذي أرسى دعائمها، وعرفاناً لجميلها.

٥

ومظاهرها جمّة بشمائلها وعطاءاتها؛ إذ إنّها مجموعة كريمة من الأفكار والمفاهيم والقيم الإنسانيّة، أو التصرّفات السليمة والممارسات الحكيمة في التعامل مع الحياة.

وكانت البيوتات العلميّة لَبِنَةً من لبنات هذه الحضارة العظيمة على مرّ التاريخ بفضل ما قدّمته من عطاءات علميّة، ومن هذه البيوتات آل نوبخت الذين كان لهم قسطهم المشهود في إغناء الحضارة الإسلاميّة من خلال إلمامهم بعلم النجوم وعلم الكلام وتعريب الكتب الفارسيّة المهمّة، وساعدتهم الظروف السياسيّة والاجتماعيّة على ذلك، فقد كان جدّهم الأعلى (نَوْبَخْتْ) (أي جديد الحظّ أو سعيد الحظّ) في بلاط المنصور العبّاسيّ منجّماً، وكذلك نجله أبو سهل الذي تولّى تعريب عدد من الكتب الفارسيّة، والأجواء الاجتماعيّة السائدة أنذاك متأثّرة بالجوّ السياسيّ المتمثّل بسيادة العبّاسيّين وسطوتهم لذلك تمهّدت لهم، ومدحهم شعراء البلاط العبّاسيّ، وكان رجالهم الأُوَل ذوي ميول عبّاسيّة، ثمّ تعبّد أحفادهم بمذهب أهل البيتعليهم‌السلام ، وأشهرهم أبو سهل إسماعيل بن عليّ النوبختيّ الذي كان من أكابر علماء الشيعة ومتكلّميها في عصر الغيبة الصغرى وله فضله الذائع، ومنهم أبو إسحاق إبراهيم مؤلّف كتاب (الياقوت) في أصول علم الكلام، وهو الكتاب الذي شرحه العلاّمة الحلّيّ باسم (أنوار الملكوت في شرح الياقوت).

أمّا الشيخ أبو القاسم الحسين بن روح النائب أو السفير الثالث للإمام المهديّعليه‌السلام في الغيبة الصغرى، فقد ذهب مؤلّف هذا الكتاب - على تعصّبه العِرقيّ - إلى أنّه كان منتسباً إلى آل نوبخت من جهة الأمّ، ومثله أبو محمّد الحسن بن موسى صاحب الكتاب المشهور (فرق الشيعة)، ويتبيّن ذلك من الفصل السابع من الكتاب الذي خصّصه للأخير إذ رأى فيه (أنّ أبا محمّد الحسن بن موسى مؤلّف كتاب (فرق الشيعة) وغيرها من الكتب هو الشيخ أبو القاسم الحسين بن روح كان ينتسب إلى آل نوبخت من جهة الأمّ فحسب، ولم يذكر أحد شيئاً عن انتسابه إليهم من جهة

٦

الأب حتّى لو فُرض أنّ أباه كان من أفراد الأُسرة).

وهذه النقطة من النقاط المسترعيةِ النظر في الكتاب، وإذا دلّت على شيء فإنّما تدلّ على تحرّي المؤلّف وأمانته، كما تدلّ على أنّ بعض الألقاب لا يدلّ على الانحدار القوميّ، وأنّ بعضها الآخر فيه تسامح، وأنّ قسماً منها ذاتيّ الإطلاق، أي أنّ أصحابها اتّخذوها لأنفسهم من منطلق ذاتيّ لا غيره، وقسماً قد لا يصحّ على شهرته وذيوعه، فلا يُعوَّل عليه معياراً لمعرفة الهويّة، ويُستشفّ من هذه النقطة أيضاً إنّنا ينبغي أن نتثبّت في الحكم على الأشياء، ونتروّى عند الحوار، ويتبيّن كذلك أن اللقب مقياس غير سديد في فصل الأمور، كما أنّه ليس ذا بالٍ في لغة العلم والعقل، ويستبين من النقطة المذكورة صحّة ما قيل:

(ربّ مشهور ليس له حضور).

علماً أنّ اللقب ليس معلماً على الكفاءة، كما أنّ من المظاهر الحضاريّة في الإسلام اعتناؤه بنيّة الإنسان وعمله لا بلقبه ونسبه، فالاهتمام بالألقاب مظهر غير حضاريّ فيه.

والحقّ أنّنا بحاجة إلى الألباب لا إلى الألقاب والأنساب وأحسن من قال: (الألبابَ الألباب لا الأنساب والألقاب)، بيد أنّ اللقب أو النسب القِبليّ أو القوميّ إذا كان لمعرفة النسب فحسب، فلا قدح فيه، أمّا إذا كان للتفاخر والشعور بالاستعلاء العرقيّ فهو مردود ممقوت، وأنّ عظمة البيوتات العلميّة ليست في عطائها العلميّ مجرّداً، بل في عطائها الذي لا يشوبه المنّ والاستعلاء، ولا تكدّره نزوات حبّ الظهور والجاه والإطراء، بل في عطائها المشروط بألاّ تذهب بها سمعتها شَطَطاً!

وحريّ بالذكر أنّ كثيراً من العرب الذين هاجروا إلى إيران تلقّبوا بالمدائن الفارسيّة التي سكنوها وهم من أُصول عربيّة فلم يروا في ذلك بأساً عليهم، كما أنّ تلك المدائن احتضنتم واعتزّت بهم، فلا دليل لأحد على اعتبار اللقب ولا برهان له على القياس به، إنّما المؤسف حقّاً أن نتنازع ونتناحر حول هويّة العلماء وانتمائهم القوميّ وهم مسلمون، فإسلامهم يدفع ذلك التنازع والتناحر المزعومَين، وأنّه من

٧

مساوئنا نحن المسلمين الاهتمام بشيءٍ لم يُرده ديننا منّا، والمحقّق أنّ تحضّرنا يكمن في تحكيم ديننا واتّخاذه المقياس الأعلى في كلّ مجال من مجالات حياتنا.

بل إنّ تحضّرنا في التمسّك بحضارة ديننا، ولنا أن نفخر بآل نوبخت وأمثالهم من العلماء أنّهم كانوا مسلمين، وهذا ما أراده منّا ربّنا سبحانه في كتابه الكريم ونبيّنا (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في سنّته الهادية الرشيدة، ولنتذكّر دائماً أنّ قرآننا الحكيم لا يعترف بالأنساب ويذكّرنا أنّها لا تُجدي ولا تُغني يوم يُنفخ في الصور! فما لنا نتساءل عمّا لا يُسأل منّا؟ وما بالنا نهتمّ بغُثاءٍ ليس ذي غَناءٍ؟( فَإِذَا نُفِخَ فِي الصّورِ فَلاَ أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَساءَلُونَ ) (المؤمنون: ١٠١).

أمّا هذا الكتاب فإنّ عنوانه يدلّ عليه، فهو كتاب رجاليّ تاريخيّ تناول رجال الأُسرة النوبختيّة ومن انتسب إليها ممّن تلقّب بهذا اللقب، كما ساق مؤلّفه الكلام عن علم الكلام ورجاله الأُوَل، وذكر بعض الفرق الإسلاميّة كالمعتزلة، وتحدّث عن الإمامة والإماميّة ومتكلّميهم الأوّلين، وأطال الحديث عن بعض رجال الأُسرة النوبختيّة وأوجز عن بعضهم الآخر، كما أورد المشهورين منهم وغير المشهورين.

ويُحمَد للمؤلّف جهده في البحث والتحقيق ويُلام على ما بدر منه في بعض الطريق، وفي الكتاب آراء صائبة وأُخرى قد تجانب الصواب. ولات وقت نقدٍ فيُساغ نقده، ومؤلّفه محقّق ومؤرّخ إيرانيّ ولد سنة ١٣١٤هـ وتوفّي في روما سنة ١٣٧٥هـ عندما كان مندوباً لإيران هناك، وكان أُستاذاً جامعيّاً وعضواً في مجمعِ اللغة الفارسيّة بطهران، وأسّس مجلّة (يادگار) (التذكار٩ سنة ١٣٦٥هـ، وله كتب مصنّفة ومصحّحة ومترجَمة منها: تاريخ المغول، و(وزراء السلاجقة)، وهذا الكتاب.

وفُرغ من تعريب الكتاب في مجمع البحوث الإسلاميّة التابع للآستانة الرضويّة المقدّسة في مشهد، وهو مركز علميّ بحثيّ يُعنى بتصنيف الكتب وتصحيحها وترجمتها، ثمّ طبعها ونشرها، ودعا إلى تعريب الكتاب عنوانُه الذي يدلّ على بيتٍ علميّ له نصيبه في إثراء الحضارة الإسلاميّة، أمّا محتواه فكنت غير عليمٍ به والحكم

٨

للقارئ الكريم، وكان الفراغ منه قبل بضع سنين، لكنّ مراجعته طالبت لسببٍ قال المراجع إنّه كثرة الأشغال، وكانت هناك رغبة عن كتابة مقدّمة على التعريب لعللٍ لا حاجة إلى ذكرها.

ثمّ بدا لمن رغب عن ذلك أن يكتب شيئاً يرتبط بعنوان الكتاب نوعاً ما، وينبّه على أُمور يحسن الالتفات إليها، وكان الاكتفاء بما عُرض في هذه المقدّمة مراعاةً لعنوان الكتاب فحسب، وإلاّ فقد تكون أُخرى بشأن الكتاب لا تستحضَر في هذه العجالة.

وختام القول - وهو الحقّ - إنّ أعمال البشر حليفها النقص إلاّ ما عصم الله سبحانه منها.( فَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) (البقرة: ٦٤).

وللشافعيّ بيتان يُركن إليهما، وحريّ بكلّ ذي علم وفضل وعقل أن يجعلهما نصب عينيه قال:

كلّما أدّبني الدهر

أراني ضعفَ عقلي

وإذا ما ازددتُ علما

زادني علماً بجهلي

والحمد لله ربّ العالمين. وسلام على أُولي العلم من عباده الصالحين.

المترجم  

ربيع الآخر ١٤٢٥هـ

٩

١٠

المقدّمة

لا مراء في أنّ تاريخ الأديان والمذاهب، وأحوال الملل والنحل، وشرح الآراء والمقالات التي تبنّتها الفرق الدينيّة من أعذب المباحث التاريخيّة، وهذه كانت عرضة للتغيير والتبديل على مرّ القرون المتواترة، كغيرها من شؤون الحياة الأدبيّة والاجتماعيّة، ومنها ما ارتقى في سُلّم الكمال وفقاً لمتطلّبات تاريخيّة، ومنها ما ذوى بسبب بعض العوادي الكاسحة.

ويقال - تساهلاً - إنّ العقائد الدينيّة للإنسان وليدة الخوف والرجاء، وجاء اختيار الإنسان لتلك العقائد، سواء كان مقلِّداً فيها أم مكرهاً عليها، للحؤول دون طغيان الخوف أو لتوطيد حسّ الرجاء في الحياة.

وإذا كان هذا الكلام صائباً تماماً أو أنّه بدا ناقصاً وممترىً فيه لأسباب ما، فالثّابت هو أنّه كانت للإنسان منذ عصر ما قبل التاريخ حاجة كبيرة أُخرى أيضاً إلى جانب حاجاته المادية الضروريّة، ولا تقلّ استجابته لها عن الاستجابة لحاجاته الأُخرى كإعداد الطعام والسّكَن واللِّباس ووسائل الدافع عن نفسه، بعبارة أُخرى كما كانت حياة الإنسان في خطر بسبب كوارث بيئته الطبيعيّة السكَنيّة، وتهديدات الكائنات الحيّة، التي عليه أن يبذل قصارى جهوده لمقارعتها، وإيصاد الطريق أمام تهديداتها، فإنّ حسّاسيّته وفكره العاجز وتلمّسه للحلول، كلّ ذلك كان قد مُني بالاضطراب والوهم أمام قوى الطبيعة الملغزة الّتي أحدقت به من كلّ جانب، مضافاً

١١

إلى تصوّره للموت وجهله بعالم الغيب، وهو كما يدافع عن جسمه وفقاً للوسائل والتّدابير اللازمة، فإنّ عليه أن ينقذ روحه - طوعاً أم كرها - من حالة القلق والاضطراب بتدابير يتّخذها لنفسه، ويستبدل الهدوء وفراغ البال باضطراب الفكر الناتج من التغيّرات المتوالية وآثار الطبيعة المجهولة والخوف من الموت والتفكير بما يخبّئه المستقبل، وليس أمامه إلاّ أن يسخّر ما يبعث على خوفه وتغيّر أحواله النّفسيّة ويجعل ذلك طوع أمره وإرادته، أو يتنازل مذعناً أمام القوى المتحكّمة ويعدّ نفسه خادماً مطيعاً لها، أي: إمّا أن يمزّق حجاب أسرار العالم المجهول من خلال توظيف الفكر واختدام الذكاء والذوق الفطريّ، في ضوء ما يحلمه من حسّ التنقيب والتدقيق والتحقيق الذي يتّصف به أُولو النظر البعيد، فيسخّر الطبيعة في خدمته، ويخفّف بلبلة باله ما أمكنه عبر تشخيص الأسباب الحقيقيّة لآثاره، وإمّا أن يَضرِب عن التحقيق والطلب صفحاً، ويغرق في بحر الوهم، ويتلمّس لكلّ مجهول خارجي علّة من عنده يُقنع بها نفسه، ويبني له سدّاً - ممّا تمليه عليه قواه الوهميّة - يحول بينه وبين اضطراب فكره ليجلس في مأمنه سعيداً رخيّ البال، وفي مفرق هذين الطريقين يعرف حجم اللياقة الفكريّة ودرجة الذكاء والذوق عند شتّى الأشخاص أو الجماعات، ويبرز الفرق بينهم في درجات رقيّهم المادّي والمعنويّ.

وفي هذا المقام يسير روّاد طريق البحث قُدُماً، وهم الباحثون في جواهر المعارف والحقائق، ويَدَعون المتنسّكين المقلّدين أسرى في زوايا زهوهم، ولا يصدّهم شيء عن البحث، ويبذلون قصارى جهودهم للوقوف على أسرار الخلق أكثر من الغابرين، ومن ثمّ يخفّفون عن ظهورهم وظهور غيرهم عبء المعاناة.

إنّ كلّ شخص أو قوم ممّن اتّصف بالدهاء والكفاءة قد اجتاز - طوعاً أم كرهاً - هذه المرحلة الثانية التي ينبغي أن تُسمّى المرحلة الدينيّة، وطوَوا هذا المقام قبل أن يزعموا أنّهم حلّوا ألغاز الطبيعة، ووجدوا الحقيقة، وخطَوا في المرحلة العقلانيّة والمنطقيّة، حتّى أنّ الذين أرادوا - من بين هذه الجماعة - أن يقطعوا علاقاتهم بأفكار

١٢

الماضي، ولا ينشغلوا إلاّ بما يمليه العقل ومبادئ المنطق الثابتة أقرّوا بعجزهم حيال الطبيعة اللاّمتناهية وآثارها المجهولة التي لا تُحصى، ورأوا أنّ المعلومات العلميّة ليس لها شأن ولا تصمد أمام بحر المجهولات اللاّمتناهي، وأذعنوا - في غاية الإنصاف - أنّه على الرغم من وجوب البحث عن الحقيقة، فمازلنا نحتاج إلى وقت طويل كي تستضئ عيوننا برؤية جمال الحقّ كما ينبغي، ونتخلّص من معاناة الضمير واضطراب البال، ونظفر بالسعادة الأبدية من خلال الوصول إلى حجرات القدس. وفي ضوء هذه المقدّمة، ما دامت هذه السعادة لا تتيسّر بواسطة العلم والعقل، وكانت قابليّات الناس متباينة في إدراك الحقائق، فإنّ المرحلة الدينيّة في طيّ طريق الحياة وتحمّل شدائدها ومصائبها من أسلم المراحل للاستمتاع برخاء البال والسعادة، بخاصّة للأشخاص أو الجماعات الّتي لا تتطلّب قواها الذهنيّة والنفسيّة في الوقت الحاضر طريقة فكر وحسّ آخريَن، وترى أنّ سعادتها لا تتحقّق إلاّ في هذا المجال.

وكان الأنبياء والمصلحون الدينيّون يَخبُرون الناس الذين يبلّغون في أوساطهم، ويعرفون قابليّاتهم أفضل من غيرهم، لذلك توجّهوا إليهم بقلوب طافحة بالإيمان وعزائم حافلة بالحماسة، وتعاملوا معهم بالأُسلوب الذي ألفوه، فركزوا في نفوسهم الفضائل والتّفكير بمصلحة الآخرين وحبّ الخير لهم، وقطعوا دابر الرذائل التي تسبّب بؤسهم وشقاؤهم، وذلك بالحكمة والتدبير.

وكانت تنهض في مقابل هذه الشريحة الخيّرة دائماً فئة إمّا تزعم أنّها صاحبة القيادة وأنّها تريد أن تهدي الناس إلى سبيل الحقائق والمعارف، أو أنّها ترفع عقيرتها بمناوءة الأديان من خلال الاستظهار بحفنة من المعلومات الناقصة أو المغرضة، ولمّا كان هؤلاء لا يتمتّعون بالإيمان الذي يستلزمه طيّ هذا الطريق، فإنّهم لم يفلحوا، بل دمّروا سعادة السواد الأعظم من الناس، وهم كالسّلابين

١٣

النشّالين قد خدعوا فريقاً من الناس المتّسمين ببراءة الضمير وصفاء الباطن والإيمان القلبيّ الصادق، الذين عقدوا الأمل على عقائد آمنوا بها، خدعوهم تحت عنوان: رفاء الدرب، فسلبوا أزوادهم وأمتعتهم أوّلاً، ثمّ تركوهم في حضيض البؤس والمسكنة والقنوط.

إنّ تاريخ الأديان والمذاهب، من منظارٍ ما، هو شرح لصفاء ضمير جماعة من الناس، وإيمانها القلبيّ، وعرض لِلصوصيّة جماعة أُخرى ومكرها واحتيالها، ولمّا كان الاصطدام بين هاتين الشريحتين من الناس ومناظراتهما ومحاججاتهما باعثاً على ظهور شتّى الآراء والعقائد والأهواء والنّحل من أوطئها إلى أعلاها درجة، فإنّ هذا القسم من التاريخ كالبستان الذي تجد فيه أنواعاً متفاوتة من الأعشاب والنباتات، بدءاً بالبرسيم الطبيعيّ وانتهاءاً بأجمل الأزهار وأشذاها، علماً أنّنا نستنبط من خلال الاطّلاع عليه أنّ فسيل كثيرٍ من الأفكار والآراء الدينيّة والسياسيّة والذوقيّة لأُناس عصرنا قد غُرس في هذا البستان من قِبَل الأسلاف وكانت تلك الفسائل تنمو وتنضج حيناً، وتذبل حيناً آخر على تواتر القرون التي مرّت على البستان المذكور، متحمّلة الأجواء غير المساعدة.

يبدو أنّ المسلمين كانوا أوّل أُمّة بين الأُمم القديمة اهتمّوا بتدوين الكتب في تاريخ الأديان والمذاهب والفرق الدّينيّة، إذ أنّ اليونانيّين لمّا كانوا قد فصلوا في دراساتهم قضايا الحكمة عن الدين فصلاً تامّاً، وكان مذهبهم خالياً من الجانب الأخلاقيّ والحِكَمِيّ، فإنّ الكتب التي صنّفوها في عقائد أسلافهم اتّخذت في الغالب طابع البحث في تاريخ الحكمة والحكماء، أمّا كتب النصارى فقلّما اتّسمت ببعدٍ عامّ، وهي في حكم نقض آراء أهل البدعة أو مخالفيهم غالباً.

وكان متكلّمو المعتزلة أوّل من بدأ من المسلمين في تصنيف هذا الضرب من الكتب تحت عنوان (المقالات)، أو (الآراء والديانات)، أو (الملل والنحل).

ولعلّهم صنّفوها لمعرفتهم بفلسفة اليونان وسيرة حكمائهم وآرائهم، فقلّدوهم في

١٤

الكتب التي كانت لهم في شرح مقالات الحكماء والمذاهب المتنوّعة.

وحذت سائر الفرق الإسلاميّة حذو المعتزلة في القيام بذلك العمل فصنّف علماء الشيعة، والخوارج، والسنّة، والأشاعرة، والكراميّة، والصوفيّة كتباً عديدة في باب المقالات والملل والنحل، هادفين من وراء ذلك إلى دحض الآراء التي تتبنّاها سائر الفرق، وإثبات كلامهم (الحقّ)؛ إذ يَخالون أنّ فرقتهم هي الفرقة الناجية فحسب، وكانوا يذكرون آراء الحكماء والأُمم غير الإسلاميّة في كتبهم لهذا الهدف.

ومن البيّن أنّ التعصّب الدينيّ هو الذي يُرخي العنان للقلم في هذا الضرب من تقرير الموضوعات، فيتقوّل المصنّفون في كتب المقالات على مخالفيهم ويقذفونهم بشتّى التُّهم، وقلمّا يُلحظ هذا التوجّه في كتب المعتزلة الذين كانوا من أُولي الاستدلال العقليّ غالباً، بَيْد أنّه يُلمس أكثر عند السنّة، ومتكلّمي الظاهريّة، ومتأخّري الأشاعرة والإماميّة الذين سلكوا هذا السبيل من منطلق التعصّب، وهذا ما أدّى إلى خفاء كثير من الحقائق التاريخيّة بسبب الأغراض الشخصيّة، بخاصّة أنّ المتعصّبين مذهبيّاً كانوا يخفون الحقائق ويُدلّسون ويزوّرون خدمة لمذهبهم ويحسبون ذلك خدمة للإيمان، ولم يتورّعوا عن ارتكاب أيّ ضرب من ضروب الجناية التاريخيّة أو الأدبيّة، وعندما كانوا ينقلون كلام المخالفين، لم يستهدفوا إلاّ التشنيع عليهم أو قلب الصورة الحقيقيّة لمقالاتهم وتأويلها، من هذا المنطلق قلّما تسعفنا هذه الكتب بمعرفة الهدف الأساس لرؤساء الفرق الإسلاميّة المختلفة وحوافزهم الباطنيّة وتمييز المؤمنين الخُلّص من المحتالين، والاطّلاع على المقالات الحقيقيّة لكلٍّ منها(١) .

* * *

وهذا الكتاب الذي أُقدّمه إلى القرّاء الكرام، بعد فترة من البحث والتحقيق،

____________________

(١ ) وردت بعد هذا الكلام فقرات للمؤلّف لم يُنصَح بترجمتها لما فيها من رائحةِ حَمِيّةٍ لا تُحمَد.

١٥

يتناول ترجمةً لأُسرة من الأُسَر الفارسيّة الأصلية التي سَعَت بصدقٍ في سبيل التوفيق بين الآراء الفارسيّة الخاصّة ومذهب التشيّع وبذلت قصارى جهودها في تنزيه ساحة هذا المذهب من التهم التي ألصقتها به سائر الفرق، واستطاعت أن تجعل الشيعة أصحاب شوكة واقتدار واسم واعتبار من خلال مبادئ الاعتزال، وردّ الاعتقاد بالتشبيه والتجسيم والرؤية في باب التوحيد، وإدخال الإمامة في المباحث الكلاميّة، والدفاع عن موضوع الغيبة، والحؤول دون أصحاب البدعة في هذا الدين، وتقوية المجتمع الشيعيّ في مقابل قدرة السلاطين والعنصر التركيّ المتعصّب وأصحاب الحديث والسنّة.

* * *

وعندما كنتُ أُواصل دراستي في دار الفنون بباريس قبل سبع سنين، كان تاريخ الأديان والمذاهب أحد الموضوعات التي اخترتُها للحصول على شهادة الليسانس في الأدب، ولمّا كان على الطالب في هذه المرحلة أن كتب رسالة في موضوع معيّن للحصول على الشهادة المذكورة، اخترتُ (ترجمة آل نوبخت) بإشارة العلاّمة الجليل فضيلة الميرزا محمّد خان القزوينيّ، وكتبتُ رسالة موجزة في هذا المجال باللغة الفرنسيّة وحزتُ على الشّهادة المذكورة، ولمّا وقفتُ على أهمّيّة الموضوع تدريجاً خلال إعدادي للرّسالة، لم أدّخر وسعاً في إتمامها، وصرفتُ مدّة من عمري على هذا العمل حتّى تهيّأت هذه الرسالة المزجاة.

وعندما سافرتُ إلى فرنسا في العام الماضي حثّني صديقي العلاّمة الأستاذ ماسينيون - أحد مشاهير المستشرقين الفرنسيّين المدرّس في (كولج دو فرانس)، ومدير مجلّة (دراسات حول الإسلام) - على أن أكتب هذه الرسالة بالفرنسيّة ليطبعها في مجلّته، فقمتُ بقسم من هذا العمل في باريس، وعندما عدتُ إلى إيران طبعتُ نصّها الفارسيّ بتشجيع بعض الأصدقاء الكرام، وأنجزتُ ترجمتها الفرنسيّة أيضاً وأعددتها للطّبع.

١٦

من الطبيعيّ أنّ هذه الرسالة ناقصة وموضوعها مهمّ يستحقّ دراسة واهتماماً أكثر، ولكن يؤسفني أنّي لا أستطيع استقصاءه بهذه السرعة لضيق الوقت، وعدم حصولي على جميع المخطوطات المتعلّقة بهذا المبحث، أرجو من أُولي الفضل والأدب أن ينظروا إلى هذا الكتاب بعين الإنصاف ويغضّوا الطّرف عن نقائصه، ويصلحوا ما فيه من أخطاء، ويبذلوا جهودهم في إكماله ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً. وآمل أن يبلغوا به إلى مرحلة الكمال، علماً أنّي ألّفته خدمةً لتاريخ إيران والمجتمع الشّيعيّ ولا أبتغي منه إلاّ إيضاح أحد المباحث التّاريخيّة بلا تعصّب، وقد تناولته على قلّة علمي ومعرفتي.

في ختام هذه المقدّمة أرى الواجب الأخلاقيّ يحتمّ عليَّ أن أتقدّم بالشكر الجزيل من أعماق قلبي للأصدقاء الكرام الّذين أعانونني على تأليف هذا الكتاب مادّيّاً ومعنويّاً، وبذلوا مساعيهم الحميدة في تحفيزي وحثّي وتشجيعي على إنجازه، وأخصّ منهم بالذكر فضيلة الأستاذ المعظّم الميرزا محمّد خان القزوينيّ الذي أفادني بتوجيهاته في سَفْرَتي إلى فرنسا، وأتمّ إحسانه بوضع مكتبته تحت تصرّفي، وكلّ ما عندي وعند أمثالي في هذا الميدان فهو من بركات هدايته وعلمه وفضائله.

ولا أنسى العالم الكبير سماحة آغا ميرزا فضل الله شيخ الإسلام الزنجانيّ وأخاه العالم الفاضل الميرزا أبا عبد الله إذ لم يدّخرا وسعاً في تشجيعي ومساعدتي بكلّ إخلاص، بخاصّة شيخ الإسلام فمنّته عليَّ ثابتة؛ لأنّ سماحته - مضافاً إلى أمره باستنساخ نسخة من كتاب أنوار الملكوت على نفقته الخاصّة خدمة لهذا العمل - قد أتحفني بملاحظات ثمينة في رسائل بعثها إليّ، وذكرتها في مواضعها باسمه، وأشعر هنا أنّي رهين تلطّفه وتفضّله.

وعليّ أن أشكر في هذه المقدّمة فضيلة الأستاذ الجليل ماسينيون؛ فقد كان تشجيعه إيّاي من المحفّزات الرئيسة لإتمام الكتاب.

١٧

إنّ الذين يهتمّون بالكتب والمكتبات في طهران يعلمون أنّ أنفس كنز من هذا الضرب في مدينتنا قد جُمع بهمّة الحاج حسين ملك وجهوده الصّادقة، إذ لم يدّخر وسعاً في هذا السبيل، وقد أنفق ماله وعمره وعانى كثيراً حتّى أعدّ خزانةً تضمّ الكتب العربيّة والفارسيّة، لا نظير لها في العالم من جهات عديدة، وبعلمه هذا حافظ على سمعة إيران التي لولا خزانته لأحتاج أبناؤها أُولو الذوق والفكر إلى الدراسة في إحدى العواصم الأجنبيّة، وقد استفدتُ كثيراً من مكتبته الثمينة، واستمتعتُ بذلك الكنز النفيس، يضاف إلى ذلك أنّه قد دعمني في طبع هذا الكتاب، إذ تفضّل عليَّ بمقدار من نفقات الطبع، وأختم هذه المقدّمة بشكري الجزيل له ودعائي الله تعالى أن يمنّ عليه بالتوفيق الدائم في مجال الخدمة التي اختارها.

طهران - ١٣٥٢هـ.

عبّاس إقبال (آشتيانيّ)

١٨

آل نوبخت

الأُسرة الفارسيّة الـمَحتِد - آل نوبخت - الذين نروم تجديد ذكراهم وإحياء مآثرهم في هذا الكتاب الموجز هي إحدى الأسر الفارسيّة الأصيلة الّتي أسلمت، وانتظمت في خدمة الحكّام العبّاسيّين والأمراء المسلمين وخلّدت لها ذكراً طيّباً في تاريخ الحضارة الإسلاميّة، عبر بثّ العلوم والفلسفة والآداب، والاضطلاع ببعض الأعمال الديوانيّة.

وتدلّنا إشارات المؤرّخين والشعراء والأُدباء على أنّ أفراد هذه الأسرة الكبيرة كانوا في عاصمة الحكم العبّاسي بغداد - منذ منتصف القرن الثاني حتّى أوائل القرن الخامس الهجريّ - مراجع للأعمال الحكوميّة غالباً أو كانوا ممّن يُشار إليهم بالبنان في فرع من فروع العلم والأدب. وكان فيهم ثلّة من العلماء العظام للإماميّة الاثني عشريّة. ومنهم من عانى في جمع أخبار وأشعار ثلاثة من شعراء العرب الكبار هم أبو نواس الحسن بن هانئ (١٤١-١٩٩هـ)، وأبو عبادة الوليد بن عُبَيد البُحتُريّ (٢٠٦-٢٨٣هـ)، وعليّ بن العبّاس بن الروميّ (١١٢-٢٨٣هـ)، فخلّدوا ذكر هؤلاء الشعراء الثلاثة فكراً وذوقاً.

وكان نوبخت الجَدُّ الأعلى لهذه الأسرة، وابنه أبو سهل، وعدد من أولاد أبي سهل هذا من المترجمين الذين نقلوا بعض الكتب من اللغة الفارسيّة البلهويّة إلى العربيّة، ومن المنجّمين في العهد الساسانيّ، وخدموا المسلمين بنشر هذا العلم في أوساطهم عبر تعريب بعض الكتب من لغة أجدادهم، وعلّموا المسلمين العرب كثيراً من آداب الفرس ومعلوماتهم في باب الزيج (الطالع أو رؤية الطالع) وأحكام النجوم وغيرها.

واهتدى عدد من أحفاد أبي سهل بن نوبخت إلى المذهب الجعفريّ وأصبحوا من المدافعين عنه بجدّ، ولم يدّخروا وسعاً في توطيد أُسسه وقواعده ودحض آراء مناوئيه، ونشروا أُصول عقائد الإماميّة بين الناس من خلال تصنيف رسائل وكتب كثيرة، فينبغي عدّ هذه

١٩

الثلّة من آل نوبخت - كما سيأتي شرحه - في طليعة متكلّمي الإماميّة، وشيوخهم الكبار في علم الكلام؛ ذلك أنُهم هم الذين تصدّوا للردّ على طعون المعتزلة والعامّة وسائر الفرق الإسلامية على الإماميّة بأدلّة كلاميّة متنوّعة سابقين بذلك طبقة المتكلّمين الكبار من الشيعة الاثني عشريّة، ودوّنوا المبادئ العلميّة الّتي لابدّ للمتكلّمين الآخرين من أبناء هذه الفرقة أن يواكبوها وثبّتوها على قاعدة متينة.

وكان أبو سهل إسماعيل بن عليّ بن إسحاق بن أبي سهل بن نوبخت (٢٣٧-٣١١هـ) أحد وجهاء الشيعة الإمامية وعلمائها الكبار، ومن المتكلّمين البارزين في هذه الطائفة، وله تصانيف مهمّة في تأييد المذهب الإماميّ، ويعدّ من أشهر آل نوبخت، وبسبب منزلته العلميّة ومهامّه الدنيويّة، وكان ابن أُخته أبو محمّد الحسن بن موسى النوبختيّ (المتوفّى بين سنة ٣٠٠ و٣١٠هـ) مؤلّف كتاب فرق الشيعة وكتاب الآراء والديانات أوّل من صنّف في الملل والنحل. ولهذين الرجلين فضل كبير على الطائفة الإماميّة؛ لاتّباعهما المعتزلة في بعض المسائل الأصوليّة، وتقريرهما مسألة الإمامة وتدوينها بأدلّة عقليّة وفقاً لعقائد الشيعة الإماميّة.

وكان الشيخ أبو إسحاق إبراهيم النوبختيّ من المتكلّمين في أواسط القرن الرابع، وهو - فيما أعلم - أقدم عالم إماميّ صنّف كتاباً في علم الكلام يوافق عقائد هذه الطائفة، وهذا الكتاب المعروف بالياقوت في متناول أيدينا، وقد ذاع صيته بين متكلّمي الإماميّة، وأصبح من أشهر الكتب الكلاميّة للإماميّة، بسبب شروحه الّتي استهلّها عزّ الدين أبو حامد عبد الحميد بن أبي الحديد (٥٨٦-٦٥٦هـ) شارح نهج البلاغة، وتلاه العلاّمة الحسن بن يوسف الحلّيّ (٦٤٨-٧٢٦هـ) وعنوان شرحه: أنوار الملكوت في شرح الياقوت، وأعقبه ابن أُخته السيّد عميد الدين عبد المطّلب الحسينيّ الحلّيّ (٦٨١ت٧٥٤هـ) في شرح كتاب أنوار الملكوت.

وكان عدد من آل نوبخت كتّاباً عند الحكّام العبّاسيّين وأمرائهم، ومن هؤلاء: أبو يعقوب إسحاق بن أبي سهل إسماعيل (المتوفّى سنة ٣٢٢هـ )، ونجله أبو الفضل يعقوب، وأبو طالب النوبختيّ، وأبو الحسين عليّ بن عبّاس بن إسماعيل بن أبي سهل بن نوبخت (٢٤٤-٣٢٤هـ) وولده أبو عبد الله حسين (المتوفّى سنة ٣٢٦هـ)، وعرف منهم رجال كانوا من مشاهير علماء الأخبار عند الشيعة كأبي الحسن موسى بن كبرياء، وأبي محمد حسن بن أبي عبد الله حسين (٣٢٠-٤٠٢هـ)، وكان أبو القاسم الحسين بن روح بن أبي بحر النوبختيّ (المتوفّى سنة ٣٢٦هـ) النائب الثالث للإمام المهديّعليه‌السلام وأحد سفرائه المحمودين، على ما تعتقد به الشيعة الإماميّة.

ويمكننا على نحو عامّ أن نصنّف رجالات الأُسرة النوبختيّة في ستّ طبقات، هي:

٢٠