قراءات في بيانات الثورة الحسينية وابعادها الرئيسة

قراءات في بيانات الثورة الحسينية وابعادها الرئيسة0%

قراءات في بيانات الثورة الحسينية وابعادها الرئيسة مؤلف:
الناشر: المؤسّسة الإسلاميّة للبحوث والمعلومات
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 276

قراءات في بيانات الثورة الحسينية وابعادها الرئيسة

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: حبيب إبراهيم الهديبي
الناشر: المؤسّسة الإسلاميّة للبحوث والمعلومات
تصنيف: الصفحات: 276
المشاهدات: 45017
تحميل: 4187

توضيحات:

قراءات في بيانات الثورة الحسينية وابعادها الرئيسة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 276 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 45017 / تحميل: 4187
الحجم الحجم الحجم
قراءات في بيانات الثورة الحسينية وابعادها الرئيسة

قراءات في بيانات الثورة الحسينية وابعادها الرئيسة

مؤلف:
الناشر: المؤسّسة الإسلاميّة للبحوث والمعلومات
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

قراءاتٌ في بياناتِ

الثورة الحُسينيَّة

وأبعادِها الرئيسَة

١

٢

قراءات في بيانات

الثورة الحسينية

وأبعادها الرئيسة

العقيديِّ، السياسيِّ، الاجتماعيِّ، الروحيِّ، الإعلاميِّ

حبيب إبراهيم الهُدَيْبِي

نشرُ

المؤسسَّة الإسلاميَّة للبحوث والمعلومات

٣

٤

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

٥

٦

الإهداء

إلى روح مَن وضعتْ قَدميَّ على طريق خدمة أبي الأحرار، وزودتني بدعائها وتشجيعه، إلى روح والدتي أُهدي ثواب هذا المجهود، سائلاً المولى تعالى، أنْ يتغمَّدها برحمته، وأنْ يحشرها في رحاب سيِّد الشهداء.

ابنكِ حبيب

٧

٨

تقديم

الدكتور عبد الهادي الفَضلي

لا أخال أنَّ هناك وقعة حَربيَّة، كُتب فيها وعنها، وبلُغات شتَّى عربيَّة وغيرها، كوقعة كربلاء.

ويرجع هذا إلى أنَّها مأساة فاجعة؛ ولأنَّها ذات هدف إنساني أسمى.

وقد اصطبغت أنماط الكتابة فيها، أو قُلْ: تأثَّرت بالجو الثقافي للعصر الذي ولِدت فيه.

ففي البدايات الأُولى والـمُبكِّرة، اعتمدت الكتابة الرواية والسَّرْد التاريخيَّين؛ لأنَّها الطريقة التي كانت مألوفة آنذاك، وقد جاءت مُتأثِّرة بالجوِّ الفكري الإسلامي في حينها؛ حيث انتشار الحديث الشريف؛ والتعامل معه عن طريق الرواية والنقل.

وفي عصرنا هذا، ونحن نسير في هدي مناهج البحث التاريخي الحديث، حيث التوثيق، والأمانة في النقل، والموضوعيَّة في التأمُّل مع الموضوع، والتعليل لمعرفة العوامل والأهداف، والتحليل لتعَرُّف الأبعاد والنتائج، والنقد لـمُحاكمة آراء الآخرين بُغية الوصول إلى الحَقِّ منها، ثمَّ وأخيراً مُحاولة الوقوف عند الحقيقة المنشودة، التزم الكثير مِن الـمُؤلِّفين والكُتَّاب، الطريقة الحديثة الـمُشار إليها.

ومع وِفْرة ما كُتب في واقعة كربلاء، فموضوع ثورة الإمام الحسينعليه‌السلام لا يزال بحاجة إلى استمراريَّة الكتابة فيه، واستمراريَّة البحث عن أبعاده وقضاياه.

ويعود هذا - فيما أُقدِّر - إلى الأمرين التاليين:

٩

1 - عدم إثراء البحث بالتحليل الوافي، عند دراسة حوادث وأحداث القَرن الأوَّل الهِجري مِن تاريخ المسلمين؛ وذلك لاستخلاص الحقائق مِن رِكام التناقضات، والادِّعاءات الفارغة، والتزوير التاريخي، والتضليل الإعلامي، التي كبست على الواقع الحَقِّ، وصِبغته بألوان داكنة لطمسه.

2 - عدم وضوح الكثير مِن المفاهيم الإسلاميَّة، في موضوع الدولة والحُكم، والتي منها مفهوم(الإمامة) ؛ فقد تلاعبت فيه الذهنيَّات ذات التوجُّهات، التي لا تلتقي وخَطِّ العدالة الاجتماعيَّة الإسلاميَّة، حتَّى عاد يضطرب في دوائر غير مُستقرَّة مِن التغييم والتغييب.

ولمواصلة الاستمراريَّة في بحث موضوع وقعة كربلاء، الكثيرة العوامل، والضخمة الأهداف؛ لكي يُزاد في التعليل والتحليل انبرى الأخ العزيز، العلاَّمة الخطيب، الشيخ الهُدَيْبي لذلك، فكانت هذه القراءات، وهي دراسة لوثائق هذه الوقعة، بعضها مُباشر لها، وآخر مُلابِس، وتتمثَّل وِفْرتها في خُطب، ووصايا، ورسائل الإمام الحسينعليه‌السلام ، التي ركَّز فيها على بيان عوامل ثورته، وأهدافها، ونتائجها الـمُستقبليَّة.

وقرنها الـمُؤلِّف الكريم بوثائق أُخرى، مِن أقوال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأقوال الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام ، ترتبط بشخص الإمام الحسين مِن جانب، وبثورته مِن جانب آخر.

وفي الـمُقابل - وعلى الخَطِّ الـمُقابِل - استعرض وثائق مِن أقوال مُعاوية بن أبي سفيان، مؤسِّس الـمَملكة الأُمويَّة، ومِن أقوال ابنه الـمَلك الثاني مِن مُلوك أُميَّة، يزيد بن مُعاوية، لها دور إسهام في الإبانة عن أبعاد الموضوع ومُلابساته.

وانطلق في دراسته لهذه الوثائق، مِن أنَّ الواقع الشرعي، وكذلك الواقع التاريخي لأهل البيتعليهم‌السلام يُمثِّل الامتداد الطبيعي لرسالة الإسلام، ودعوة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لتبليغها

١٠

وتطبيقها، ومِن أنَّ الواقع القائم لآل أُميَّة آنذاك، يُمثِّل الانحراف عن الخَطِّ الإسلامي، والـمُخالفة لمبادئه في العقيدة والتشريع.

فذهب يشرح نصوص الثورة شرحاً سياسياً، في إطار نظرته للواقع التاريخي، عن طريق التحليل والتعليل، والتحرُّك داخل دائرة المبادئ والمقاصد الإسلاميَّة، مُعزِّزاً ذلك بالشواهد والأمثلة مِن النصوص والحوادث، فاستطاع بهذا أنْ يُلقي الأضواء الكاشفة على الكثير مِن الحوادث والوقائع.

ولأنَّ هذه الأضواء الكاشفة، كانت قراءات لنصوص الثورة، كانت تتَّسم بالاختصار، ومع هذا الاختصار فهي - كما قُلت: - اقتدرتْ أنْ تُجلِّي الكثير مِن معالم الوقعة؛ فتكشف عن حقائقها.

وفي تقديري أنَّ حركة التأليف الـمُعاصر في وقعة كربلاء، والتي تنتهج طريقة الدراسة التاريخيَّة التحليليَّة، وإعداد الموسوعات الشاملة، والـمُستوعبة لكلِّ أطراف ومُلابسات الوقعة، سوف نَنتهي مِن خلالها إلى نتائج حَيَّة، تقوم بدور الكشف عن الحقيقة؛ ليتَّضح للتاريخ والأجيال القادمة، واقع الانحرافات عن خَطِّ الرسالة الإسلاميَّة الذي تَمثَّل في آل أُميَّة وأعوانهم، وواقع الـمُقاومة لهذه الانحرافات، والـمُعارضة لشخوصها ورموزها مِن قبل أئمَّة أهل البيت وأتباعهم؛ فنكون بهذا قد خرجنا مِن عُهدة المسؤوليَّة أمام الله تعالى، التي تفرض علينا مِن باب الأمر بالمعروف والنهي عن الـمُنكر بيان ما هو الحَقُّ، والكشف عن الباطل فيما التبس منها، وفيما اختلطا فيه مِمَّا يتطلَّب التفريق.

وللكتاب الذي بين يدينا، دَورُ مُساهمَة بهذا، جَزى الله مؤلِّفه الكريم جزاء العاملين في سبيله تعالى، ووفَّقه لاستمراريَّة السير في خدمة أهل البيت: فكرهم، وتاريخهم، إنَّه سبحانه وليُّ التوفيق وهو الغاية.

١١

١٢

مُقدِّمة

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على نبيِّ الرحمة، محمّدٍ وآله الطاهرين

وبعد:

فإنَّ مِن خصائص الثورة الحسينيَّة الـمُقدَّسة، خِصِّيصة الشموليَّة، بمعنى: أنَّ هذه الثورة قد حملت جميع أبعاد الرسالة الإسلاميَّة، وما تحمله مِن أهداف ربانيَّة؛ وذلك لأنَّ القائم بهذه الثورة الخالدة(الإمام الحسين) هو الذي تمثَّلت في شخصيَّته الرسالة، وتجسَّدت فيه قيمها ومبادئها السماويَّة، وكان هو الامتداد الطبيعي لجَدِّه الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم)؛ فما مِن خُطوة يَخطوها هذا الثائر، وما مِن تصريح يَصدر منه، وما مِن خطاب أو بيان يوجِّهه، إلاَّ ويُمثِّل ذلك بُعداً أو هدفاً إسلاميَّاً مُقدَّساً.

وإنَّ البيانات والتصريحات، التي أدلى بها أبو الأحرار، في مسيرته الاستشهاديَّة، بحاجة إلى الدراسة الشاملة، الـمُستوعبة لاستجلاء أبعادها وأهدافها، وتقديمها للأجيال الإسلاميَّة والإنسانيَّة.

وبين يديك - عزيزي القارئ - مُحاولة مُتواضعة لاستجلاء شيءٍ مِن مضامين تلك البيانات الحسينيَّة أسميتها بـ(قراءات) ؛ لأنَّها لا تعدو كونها قراءات ومُحاولات لفهم بعض الجوانب لتلك البيانات.

١٣

أرجو مِن الله تعالى، مُتوسِّلاً بتلك الدماء الـمُقدَّسة، التي سُقيت بها شجرة الرسالة، أنْ يتقبَّل هذا الجُهد اليسير مِن عبده، وخادم أهل بيت نبيِّه، إنَّه وليُّ التوفيق، وهو الرحيم الوَدود.

كما لا يفوتني أنْ أتقدَّم بجزيل الشكر، وعظيم الامتنان لكلٍّ مِن: سماحة الحُجَّة الباحث الإسلامي الكبير، الشيخ عبد الهادي الفضلي (دامت إفاضاته) على مُراجعته لهذه القراءات وكتابة التقديم.

وسَماحة الحُجَّة الأخ المِفضال، الشيخ حسين الراضي، على إبداء مُلاحظاته، وإعطاء إفاداته، فيما يتعلَّق بتحقيق المصادر.

أسأل الله تعالى لهذين العَلمين طول البقاء والعَطاء، إنَّه على كلِّ شيء قدير، والحمد لله أوَّلاً وآخر.

حبيب إبراهيم الهُدَيْبي

7 / 6 / 1422 هـ ق

١٤

القراءة الأُولى

في البُعد العَقيدي

أ - التوحيد

ب - النبوَّة

ج - الـمَعاد

د - أهل البيتعليهم‌السلام في بيانات الثورة

١٥

١٦

تمهيد:

كلُّ ثورة أو حركة تغييريَّة في العالم، لا بُدَّ لها مِن قاعدة فِكريَّة، تبني عليها منهجها ومسيرتها في الحياة، وتُحدِّد أهدافها التي تُريد الوصول إليها، وهذه القاعدة تتمثَّل في الرؤية الكونيَّة، التي تتبنَّاها تلك الثورة، أو تلك الحركة.

ومِن هذا الـمُنطلَق، اختلفت المناهج والأهداف عند الثورات والحركات في العالم.. (إنَّ البُنْية الفِكريَّة تُعتبر هي الأساس، الذي تتقوَّم به الخصائص المنهجيَّة بشكلٍ عامٍّ، حيث المناهج محكومة - في الأعمِّ الأغلب - بمُبتنيات القاعدة الـمُفاهميَّة، التي ترتكز عليها، ومِن خلالها تتحدَّد طريقة التعامُل مع الأشياء والأحداث، كما ترسم أبعاد المواقف، وتوضِّح حقيقة الأهداف)(1) .

فالمادِّيُّون تتَّسم مناهجهم باللون المادِّيِّ، وهو اللون الذي يحدِّد جُملة الخصائص، والمعالم، والأبعاد، والأهداف، ويُميِّزها عن غيرها؛ (لذا فإنَّا نُلاحظ الصِبغة والأبعاد المادِّيَّة، في الأساليب كما هي في الـمُرتكزات، وفي المواقف كما هي في الأهداف والغايات؛ لأنَّها جميعاً مُرتكزة على القاعدة (الفكر المادِّيِّ)... والنهج الإسلامي، الذي يستمدُّ خصائصه مِن القاعدة الفِكريَّة الإلهيَّة، يَصبغ هو الآخر جميع مُفردات مناهجه بلونه الـمُتميِّز، وبمعالمه ذات الهندسة الرَّبَّانيَّة)(2) .

____________________

(1) المنهج الحركي في القرآن الكريم: ص20.

(2) المنهج الحركي في القرآن الكريم: ص20.

١٧

ومِن هذا الـمُنطلق، تحرَّك سيِّد الشهداء، لـمَّا صمَّم على القيام بثورته الـمُقدَّسة، فبدأ بتوضيح القاعدة التي انطلقت منها ثورته، وحدَّد منهجه وأهدافه. قالعليه‌السلام في وصيَّته لأخيه محمد بن الحنفيَّة:

(هذا ما أوصى به الحسين بن علي بن أبي طالب، إلى أخيه محمد المعروف بابن الحنفية: إنَّ الحسين يَشهد أنْ لا إله إلاَّ الله، وحده لا شريك له، وأنَّ محمداً عبده ورسوله، جاء بالحَقِّ مِن عند الحَقِّ، وأنَّ الجَنَّة حَقٌّ، والنار حَقُّ، وأنَّ الساعة آتية لا ريب فيها، وأنَّ الله يبعث مَنْ في القبور)(1) .

فهذه الـمُقدِّمة لوصيَّتهعليه‌السلام أخيه، توضِّح القاعدة الفِكريَّة، والرؤية الكَوْنيَّة للثورة الحسينيَّة؛ فإنَّها - أيْ الـمُقدِّمة - تضمَّنت أُصول الاعتقاد في الإسلام: التوحيد، النبوَّة، الـمَعاد. فقد أرادعليه‌السلام أنْ يقول للأُمَّة: إنَّ انطلاقته الثوريَّة، إنَّما كانت مِن هذه القاعدة، وإنَّ إيمانه هو الذي حتَّم عليه القيام بهذه الثورة الإصلاحيَّة؛ حفاظاً على هذه القاعدة؛ لتبقى فاعلة في حياة الأُمَّة - فرداً وجماعة -؛ ولكي لا تفقد هذه العقيدة معناها الصحيح، فتُصبح مُجرَّد شعار يحمله الإنسان المسلم، خالياً مِن أيِّ روح، مُؤثِّر في سلوكه ومواقفه، كما كان عليه الوضع العامّ للمسلمين، في عصر الإمام الحسينعليه‌السلام .

فقرَّرعليه‌السلام أنْ يستعيد للعقدية الإسلاميَّة حَرارتها وتأثيرها.

ولا بُدَّ لنا مِن وَقفة - ولو قصيرة - أمام هذه الأُصول الثلاثة؛ لنستبين شيئاً مِن حقيقة الاعتقاد، الذي يُريده الإسلام مِن الإنسان المسلم والأُمَّة المسلمة، ولا بُدَّ لنا أيضاً أنْ

____________________

(1) بحار الأنوار: ج 44: ص329. والعوالم ترجمة الإمام الحسينعليه‌السلام : ص179. ومقتل الحسين للخوارزمي: ج1: ص188. والفتوح لابن أعثم: ج5: ص21، واللفظ للأوَّل.

١٨

نُشير إلى أنَّ البحث ليس في صَدد البرهنة على هذه الأُصول؛ لأنَّ الـمُتكفِّل بهذا كُتب علم الكلام والفلسفة الإسلاميَّة، وإنَّما نُريد الإشارة إلى ما تعرَّض له الفكر الإسلامي، والعقيدة الإسلاميَّة - في عهد الثورة الحسينيَّة - مِن تحريف مُتعمَّد، ومُحاولة لطمس معالم ذلك الفِكر والقضاء عليه.

١٩

أ - التوحيد

(إنَّ الحسين يشهد أنْ لا إله إلاَّ الله وحده لا شريك له)(1) .

إنَّ الفِكر التوحيدي في الإسلام، هو المحور لجميع المسائل الفِكريَّة، وكافَّة الأبعاد التشريعيَّة، وإنَّما هدف الرسالة الإسلاميَّة، هو أنْ تبني الحضارة الإنسانيَّة على قاعدة التوحيد، وتُقيم حياة الإنسان في كلِّ أبعادها: الفرديَّة والاجتماعيَّة، والسياسيَّة والاقتصادية، والأخلاقيَّة على قاعدة التوحيد الإلهي.

وقد اختصر الإسلام هذا الفِكر في كلمة التوحيد، وهي:(لا إله إلاَّ الله) ، هذه الكلمة القصيرة في لفظها، البعيدة الغور والواسعة المعنى في دلالتها، فهي تتكوَّن مِن جانبين جانب النفي(لا إله) ، وجانب الإثبات(إلاَّ الله) ، فحينما يَقرُّ بها الإنسان المسلم، ويعتقد بها؛ فإنَّه أوَّلاً ينفي كافَّة الآلهة الـمُصطنعة ويرفضها، سواء كان ذلك الإله الـمُصطنع، يتمثَّل في وَثَنٍ مِن الحَجر أم صَنم مِن البشر وطاغوت مِن الطواغيت، أو يتمثَّل في صنم النفس وهواها، فكلُّ ذلك مرفوض عند الإنسان المسلم.

وحينما ترفعها الأُمَّة شعاراً في حياتها، وتجعلها قاعدة لحضارتها، فهي ترفض أوَّلاً أيَّ مخلوق يُجعل، أو يجعل نفسه في مقام الإله، على أيِّ مُستوى مِن الـمُستويات.

بعد هذا النفي الـمُطلَق، والرفض التامِّ، يأتي جانب الإثبات(إلاَّ الله) .

فهي تعني: لا

____________________

(1) تقدَّمت مصادره في: ص18: هامش 1.

٢٠