السيد محمد كاظم اليزدي

السيد محمد كاظم اليزدي0%

السيد محمد كاظم اليزدي مؤلف:
الناشر: ذوي القربى
تصنيف: شخصيات إسلامية
الصفحات: 813

السيد محمد كاظم اليزدي

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: كامل سلمان الجبوري
الناشر: ذوي القربى
تصنيف: الصفحات: 813
المشاهدات: 277566
تحميل: 10728

توضيحات:

السيد محمد كاظم اليزدي
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 813 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 277566 / تحميل: 10728
الحجم الحجم الحجم
السيد محمد كاظم اليزدي

السيد محمد كاظم اليزدي

مؤلف:
الناشر: ذوي القربى
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

انضمام آل كاشف الغطاء حفّز أسرتين خطيرتين آنذاك وهما آل الجواهري وآل بحر العلوم فانضمّا إلى الإمام الخراساني وتعصّبا له ولجماعته، وتطوّرت الخصومة بصورة خطرة بين العلماء والعوّام ولرؤساء الشمرت والزگرت لِمَا عرف من سطوة رجال الدين وإجماعهم ضده.

وكانت جريدة (حبل المتين) تأخذ هذه الأخبار وتنشرها بصورة مكبرة ضد السيد اليزدي وجماعته مما أثارت العواصم الإسلامية وأحرار الهند من جماعة غاندي في أول الأمر، واتصلوا بالإمام الخراساني وجماعته ومنّوهم بالإمدادات والنصرة، وصارت النجف لها صدى عظيم في مختلف العواصم وخاصة طهران واستانبول، كما أنها أصبحت قبلة تتبع في اتخاذ الآراء والاستهداء بها.

وفي عام 1326هـ قامت قيامة الأحرار على السلطان عبد الحميد فانتعشت فكرة الأحرار في النجف ونفوسهم، وصاروا يتنفسون الصعداء بعد الابتلاء الذي غمرهم من عوام النجف ومن جماعة اليزدي، كما أحسّ فريق اليزدي بانقلاب الجو ضدّهم وتطور الوضع في تركيا فانعكس الصدى على النجف، وزار النجف (ثريا بك) واجتمع في مدرسة الميرزا حسين ميرزا خليل بحضور أعلام النجف وزعماء الدين، وتضاءل شخص اليزدي وحاشيته، وتقارب أحرار الأتراك وأحرار النجف لتجاوب الفكرة، وصادف القدر بإنزال (مظفر الدين شاه) إلى رمسه، فكان لأحرار إيران أن أخذوا يوسّعون الهدف، وكان لأحرار الأتراك أن أعلنوا الدستور العثماني وقيّدوا السلطان عبد الحميد بالعهود والخضوع للدستور.

أما الذوات الذين كنا نجتمع معهم بتدبير الأعمال ورسم الخطط بصورة سرية في سراديب النجف، خشية العوام وحاشية السيد اليزدي، فهم فريق من الأحرار المخلصين، أذكر أسماء المعظم منهم، وهم:

1 - الحاج أغا الشيرازي.

2 - الشيخ محمد باقر الإصفهاني.

3 - ميرزا عبد الرحيم بادكوپي.

4 - ميرزا علي هيئت تبريزي.

5 - أغا ميرزا رضا إيرواني.

٧٢١

6 - السيد عبدالله إصفهاني المعروف أخيراً بثقة الإسلام.

7 - ميرزا حسن رشتي.

8 - حاج أغا شريف رشتي.

9 - شيخ أسد الله المامغاني.

10 - الشيخ عبد علي لطفي.

11 - السيد مهدي لاهيجي.

12 - شيخ إسحق الرشتي.

13 - السيد أبو القاسم الكاشاني.

14 - ميرزا علي نقي طباطبائي طهراني.

15 - ميرزا حسن رنكوني.

16 - أغا محمد محلاتي.

17 - الشيخ إسماعيل محلاتي.

18 - ميرزا مهدي الآخوند.

19 - الشيخ جواد الجواهري.

20 - السيد محمد علي بحر العلوم.

21 - السيد محمد علي حبل المتين الكاشاني.

22 - السيد محمد إمام الجمعة.

23 - الشيخ موسى النوري.

24 - الشيخ محمد تقي بن الحاج ميرزا حسين خليل.

25 - ميرزا حسين النائيني.

26 - الشيخ محمد رضا الشبيبي.

27 - السيد سعيد كمال الدين.

28 - السيد سعيد كمال الدين.

29 - الشيخ عبد الكريم الجزائري.

30 - الشيخ هادي كاشف الغطاء.

31 - الشيخ حسين الإصفهاني.

٧٢٢

32 - السيد مسلم زوين.

وكان هذا الأخير عضواً مهماً في تحصن الكثير من إخواننا بسبب سطوة أسرته وقوتها.

وفي عام 1326هـ تحسن الجو لفكرتنا المقدسة وجاءت الأوامر بالانتخابات فانتخبنا الأديب المعروف عبد المهدي الحافظ الحائري عن مدينتي كربلاء والنجف، وكان هذا الرجل من المخلصين للدعوة، خاصة في كربلاء التي كانت تعارض فكرتنا بوضوح، وكان معه في الهمة والشعور السيد حسين القزويني وهيئة المدرسة الحسينية الإيرانية، في الوقت الذي تجاوبها المؤسستان المدرسة العلوية الإيرانية في النجف، ومدرسة الأخوة في الكاظمية التي أسسها الحاج علي أكبر الإهرابي.

وكان الذي ألهب شعور الكربلائيين ضدنا هو السيد أكبر شاه الذي هاجر من طهران وسكن كربلاء وكان من مشاهير الوعّاظ الذين يحسنون الهيمنة على شعور العوام، فكان كلّما يوقد النار يطفيها عبد المهدي الحافظ والقزويني.

وساند الحركة المقدسة ظهور جمعية (أنجم سعادة) في الأستانة، فقد كانت هي الرابطة الوحيدة، والواسطة التي تربط بين إستانبول وطهران وأحرار النجف، وتواصل بسط الفكر وبعثها إلى أحرار العالم والمتطلّعين، كما تمد النفوس الحرة بالقوى، وقد مثّل أحرار النجف الشيخ أسد الله المامقاني فيها عندما التحق بإستانبول لدراسة الحقوق هناك.

وبذلك أصبحت النجف في هذا العهد مركزاً سياسياً مهماً وشبحاً مخيفاً بين عواصم الأمم الإسلامية، مما دعى أن يستنجد بها أحرار تركيا عندما أحسوا بأن السلطان عبد الحميد سيفتك بهم ويغتالهم، فطلبوا من أحرار النجف وزعيمهم الإمام الخراساني أن يبرقوا إلى عبد الحميد ببرقية ينصحونه فيها ويؤنّبونه، وإجابة إلى تدعيم الفكرة فقد بادر أبو الأحرار الخراساني ببرقية مطوّلة ملأت صحيفة كاملة، وفيها إنذارات وتهديدات ونصائح للرضوخ إلى فكرة الأحرار، وتسلمناها منه وذهبنا تواً إلى مأمور البرق (زينل أفندي) فامتنع عن بعثها، وكلما أصررنا عليه لم يجد ذلك نفعاً؛ غير أن الإمام الخراساني بعث عليه وطمَّنه ووثّقه بالعهود والأقوال من أنه يدفع عنه كل خطر يأتيه من جرّاء ذلك، وأخيراً رضخ إلى رأيه بعد أن أستكتبه كطلب شخصي من

٧٢٣

الخراساني ليرتكز عليه، وبعث بالبرقية، ولكن من الصدف قبل وصولها كان أحرار الأتراك قد أجهزوا على عبد الحميد فأقصوه عن العرش وجعلوا مكانه السلطان محمد رشاد، وكان القائم مقام في النجف في هذا العهد هو السيد ناجي السويدي فقد كان من الأحرار العقلاء الذين ساندونا بقدر الإمكان.

٧٢٤

الملحق رقم - 2 -

الصحيفة الكاظمية

من إنشاء:

السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي

قدّم لها تلميذه:

الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء

٧٢٥

فهرست الصحيفة الكاظمية وفصولها

* في تمجيد الله بآثار أفعاله

* دعاؤه في تحميد الله عز وجل

* دعاؤه في التحميد أيضاً

* دعاؤه في التحميد أيضاً

* دعاؤه في التحميد أيضاً

* دعاؤه في تسبيحه وتقديسه تعالى

* دعاؤه في طلب العفو

* دعاؤه في التذلل وطلب التوفيق

* دعاؤه في الرغبة والرهبة

* في التضرع والاستكانة

* ومن دعائه في التفكر بآلائه وقدرته والاعتذار والإنابة

* دعاؤه في طلب المغفرة

* دعاؤه في الرضا بقضائه

* دعاؤه في الاستعاذة

* دعاؤه في الشكر

* من مناجاته (دام ظله)

* أيضاً في المناجاة

٧٢٦

الصحيفة الكاظمية

إنشاء الإمام العلامة دعامة عرش الدين

حجة الإسلام والمسلمين آية الله في العالمين

سيد الأعاظم السيد محمد كاظم الطباطبائي

صان الله تعالى به حوزة الإسلام

وأدام ظله على الأنام

وآله الكرام.

بغداد

طُبعت في مطبعة دار السلام

سنة 1337

٧٢٧

[المقدمة]

سبحانك اللَّهُمَّ يا مَن أذاق أولياءه حلاوة حُبّه، فقاموا بعد أن هاموا يتململون بين يديه بلذيذ المناجاة، وانتجب محمداً نجيّه، وأصطفى عترته بأسراره، حتى جعلهم باب مدينة العلم وسفينة النجاة، أحمدك على أن أنطقت لساني بذكرك، وفتقت رتق بياني بحمدك وشكرك، اللَّهُمَّ فكما روعتني بمعايب آياتك، وأطمعتني على القنوط من أعمالي بجوانب ألطافك ونفحاتك، مُنّ عليّ بالانتظام في سلك أرباب القلوب، الذين لا ينطفئ سعير لوعتهم إلا بنمير مناجاتك.

وبعد:

فإنّه لا نعمة لله جلّ شأنه على العباد، بعد الإيمان به، أفضل ولا أكمل ولا أسمى ولا أسنى ولا أربع ولا أنفع من محمد وأهل بيته صلوات الله عليه وعليهم، فإنّهم الرحمة على العالمين، ومصابيح الهدى في الدنيا والدين، فما من مكرمة ولا مَنقبة ولا فضيلة إلاّ ومنهم تبتدئ وإليهم تنتهي، وعنهم تُؤثر وبهم تُذكر ومنهم تنبع وإليهم ترجع، وكانت أعمارهم الشريفة موزّعة شطراً منها للتعليم والإرشاد، والدلالة على سبل مرمة المعايش والمعاد، وشطراً للانقطاع إلى الله سبحانه والمثول بين يديه، والأُنس بالضراعة لديه، والاستغراق في تقديسه وتمجيده، والتلذّذ بمناجاته والثناء عليه بقدسيّ أسمائه وصفاته، حتى جاء إلينا عنهم من ذلك، واجتمع على قصر المُدّة وعظيم البلاء والشدّة، ما لم يجيء ولم يجتمع للأنبياء السابقين والأولياء السالفين والحكماء الغابرين، على مرور الدهور وكرور الأحقاب والعصور، فجزى الله محمداً وآله عنا أفضل ما جزى نبياً عن أُمّته، ورسولاً عمّن أُرسل إليه.

وحيث أن سيدنا الإستاد الأعظم حجة الإسلام والمسلمين آية الله في العالمين السيد محمد كاظم الطباطبائي - أدام الله ظلّه - جذوة ذلك المقباس، ونبعة ذلك الغراس، وشرافة ذلك الشرف، وخلف ذاك السَلَف، لذلك تجده - أدام الله أيّامه - لم يتخطّ عن جادّتهم، ولم يملّ عن طريقتهم، وهو بهم - سلام الله عليهم - أشبه من غيره من

٧٢٨

الشخص بظلاله، والشيء بمثاله، فلم تزل أوقاته الشريفة ولا تزال، في جميع الأحوال، منذ أوّل عمره إلى اليوم، لا يصرف شيئاً من وقته إلا في العلم والتعليم والمطالعة والتدريس والفكر والتأليف، وكان أيّده الله في مبادئ أمره عند الخلوة والفراغ وطلب الاستراحة، لا يجد راحة لقلبه إلاّ بمناجاة ربّه والضراعة إليه والخلوة به، وكان ربّما يُنشىء بعض العبارات، ويجري على لسانه ما يمليه عليه خاطره من الأدعية والمناجاة، وربّما رسم بعضها على قطع الورق، غير مُعتدّ بها ولا صارف إليها نظر الرعاية، ولا جاعلاً لها محلاً من التكلّف والعناية. ولكن أحبّ بعض الصالحين أن يجمع شمل شتاتها، وينظم عقد مُتفرّقاتها، فجاءت كما ترى كالمرآة المجلوّة والصحيفة المتلوّة، تحكي لك وتحاكي الأدعية العالية المأثورة عن أبائه وأجداده - سلام الله عليهم -، وإذا قستها إلى أدعية الصحيفة ومناجاتها تنشد قائلاً غير مبالغ ولا مرتاب:

فهذا السَنا الوَضّاح من ذلك السَنا * * * وهذا الشَذا الفيّاح من ذلك الوادي

فاغتنمها خفيفة على اللسان، ثقيلة في الميزان، مشحونة بالمعارف الإلهية، والأسرار القدسية، ودقائق التحميد والتمجيد، ورقائق التنزيه والتوحيد.

وأسأل الله سبحانه أن يحفظ الدين بحفظ مُنشيها، ويُسلّم قواعد الإسلام بسلامة بانيها، إنّه الكريم المنّان، وبه المستعان، وعليه التكلان.

٧٢٩

الصحيفة الكاظمية

٧٣٠

في تمجيد الله بآثار أفعاله

بسم الله الرّحمن الرّحيم

اللَّهُمَّ يا ذا السّلطان الشامخ، والبرهان الباذخ، والقدرة الكاملة، والعزّة الباهرة، والآلاء الطاهرة والنّعماء الزّاهرة، والمَنّ الجسيم، والرّحمة الواسعة، والنّعمة الجامعة. يا مَن اختفى بشعاع نوره عن نواظر الناظرين، واحتجب بأنوار قدسه عن خواطر العارفين، تسربل بالعظمة والجلال، وتردّد بالكبرياء والجمال. يا مَن تجبّر بالعزّة في ملكوت سلطانه، وتعالى بالعظمة في جبروت شأنه. يا مَن توحّد بالعزّة والبهاء، وتفرّد بالمجد والسَّناء واستوجب الحمد والثّناء. يا مَن انقادت له الأمور بأزمَّتِها، واستسلمت له المخلوقات بأعْنتها. يا مَن حارت الأوهام في إدراك كُنه ذاته، وتحيّرت الأفهام دون بلوغ غاية صفاته.

صارت فيه العقول حيارى، وذوو الألباب سكارى. لا تحصى آلاؤه، ولا تعدّ نعماؤه، ولا يُحاط جلاله، ولا يُدرَك كماله. هو الحيّ الّذي لا إله إلاّ هو الله الأحد القيوم الصّمد، لا بتأويل عدد، والقادر بلا مَدَد، والموجود بلا أمد، الّذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحدٌ. يا ذا الملك والملكوت، والعزّ والجبروت.

يا مَن هو الحيّ الّذي لا يموت، ارحم عُبيدَك الفقير إليك، واعطف على مسكينك المُعوِّل عليك، الفقير إلى ما لديك، سبحانك وحنانَيك، تباركت وتعاليت، لا مفرّ منك إلاّ إليك، ولا مفزع إلاّ أنت ولا ملجأ إلا فنائك، ولا مهرب إلاّ إليك، مُنّ عليّ يا سيدي بما تمنّ به على عبادك الصّالحين، واجعلني من أوليائك المقرّبين، يا أرحم الراحمين، وصلّى الله على محمّد وآله الطاهرين.

دعاؤه في تحميد الله عزّ وجل

إلهي لك الحمد كما أنت أهله، وكم يحقّ لك لأنك أنت الله الّذي لا إله إلاّ هو الحّيّ الدّائم الدّيمُوم، الواحد الأحد الفرد الصّمد، ذو الجلال والكبرياء، والفخر والبهاء، والمجد والسناء. إلهي لك الشكر لآلائك المتضافرة، ونعمائك الكثيرة

٧٣١

المتواترة، الّتي لا يمكن إحصائها، ولا يتيسّر استقصائها. كيف ومن أعظم النعماء التوفيق لشكرك، ومن أفخم الآلاء التّعرّض لذكرك، وهذا مقام مَن اعترف بالعجز عن أداء ما يجب عليه، وأقرّ بالقصور عن تأدية ما تستحقّه.

إلهي لك الحمد على أن وفّقتني لتحميدك، وصيّرتني من المتعرّضين لتمجيدك. ولك الشّكر على ما رزقتني من الاعتراف بربوبيتك، والإقرار بإلوهيّتك، والتّصديق بك، والإيمان بأنبيائك ورسلك، والاهتداء إلى سبيل طاعتك. ولك المِنّة على ما ألهمتني من ذكرك، وأفهمتني من شكرك، وأنعمت عليّ من عطائك الّذي لا يُحصى.

اللَّهُمَّ أنت الرّبّ وأنا المربوب، وأنت الطالب وأنا المطلوب، وأنا المُحبّ وأنت المَحبُوب، أنت الّذي بذكرك تطمئنّ القلوب، وتنكشف الكروب، استر علىّ فاضحات العيوب، واغفر لي موبقات الذنوب، إنّك أنت أرحم الراحمين، وأكرم الأكرمين، وإله الخلق أجمعين، وصلّى الله على خاتم النّبيّين، محمّد وأهل بيته الغرّ الميامين.

دعاؤه في التحميد أيضاً

اللَّهُمَّ لك الحمد كما حمدت به نفسك، وأضعاف ما حمدك به الحامدون، ولك المجد فوق ما مَجَّدك به المُمجدّون، ولك العظمة والكبرياء على ما عظّمك به المعظّمون، وأرفع ما كبّرك به المتكّبرون، ولك التسبيح والتّقديس أسنى ما سبّحك به المسبّحون، وأشرف ما قدّسك به المقدّسون.

اللَّهُمَّ لك الحمد في اللّيل إذا أدبر، ولك الحمد في الصّبح إذا أسفر، ولك الحمد في الظَّهائر والأسحار، ولك الحمد بالعشيّ والأبكار. اللَّهُمَّ لك الحمد حمداً متوالياً، متواتراً متّسقاً متتالياً، حمداً يدوم ولا يبيد، حمداً يبقى ولا ينفد. إلهي لك الحمد على تتابع نعمائك، ولك الحمد على توالي آلائك، ولك الحمد، ولك الشّكر، ولك المنّة، وإليك المُشتكى، وأنت المُستعان، وعليك المعوَّل، وأنت المُعتمد، وأنت الثّقة والعدّة، وأنت كاشف الكربة، ومؤنس الغربة، وأنت وليّ النعمة، ودافع النّقمة.

إلهي أحمدك وحمدي لا يليق بجلالك، وأثني عليك وثنائي بمثل ذلك، أنت كما أثنيت على نفسك، وكما حمدت به ذاتك، كيف

٧٣٢

أحمدك ولا علم لي بما أنت مُستحقّه، وكيف أشكرك ولا أعرف ما أنت أهله، ليس لي إلاّ أن أقول: لك الحمد فوق حمد الحامدين، ولك الشّكر على ما ألهمتني شكرك، يا ربّ أشكرك على نعمك المتواترة، وآلائك المتضافرة، ومِننك الجسيمة، وأياديك العظيمة، وصلّى الله على سيدنا محمّد خاتم النّبيين، وأهل بيته المنتجبين.

دعاؤه في التحميد أيضاً

إلهي كيف الوصول إلى مِدحَتك، ولا علم لي بكيفيّة صفاتك، وأين البلوغ إلى محمَدَتِك، وقد سددت عليّ باب معرفتك، لك الحمد كما بك يليق، ولك الشّكر كما أنت به حقيق، لك الحمد عدد ما أحاط به علمك، وما أحصى عليه كتابك، لك الحمد حمداً دائماً أبداً، ولك الشّكر بما لا يحصى عدداً، لك الحمد على ما وفَّقتَني من حمدك، ولك الشّأن بما استحققت في علوّ مجدك.

يا مَن لا يفي بما يليق بجلال كبريائه حمد الحامدين، من الأوّلين والآخرين، ويا مَن لا يقدر على ثنائه بما يحقّ له أحد حتّى من الأنبياء والمرسلين، غاية مقدورهم الإقرار بالقصور، ومنتهى ميسورهم الاعتراف بالعجز والفتور. إلهي أحمدك بما حمدتَ به نفسك، وأُعظّمك بما عظّمك به أنبياؤك، وأُمجّدك بما تُمجّدك به أولياؤك، وأُسبّحك بما سبّحك به ملائكتك، وأُقدّسك بما قدّسك به حَمَلَة عرشك، وأُقرّ لك بجميع ما ينبغي لك، وأُنزّهك عن كلّ ما لا يليق بك.

يا مَن لا يقدر على إحصاء ثنائه إلاّ هو، يا مَن لا يعرف مبلغ كبريائه غيره، هو المعروف بالعزّة والبهاء، والموصوف بالكبرياء والآلاء، والمستحقّ للحمد والثّناء، والمستوجب للشّكر على النّعماء. يا مَن كلّ ما سواه قطرةٌ من قطرات سحاب جوده، وجُلّ ما عداه رشحةٌ من رشحات فيض وجوده. يا مَن الكائنات جملتها لمعةٌ من لَمَعات نوره، والممكنات برُمّتها من أشعّة ظهوره.

إلهي كيف أُطيق حمدك بما يحقّ لك ومسالك الوصول إلى معرفة صفات كمالك مجهولةٌ، ومتى أقدر على إحصاء شأنك وطرق البلوغ إلى نعوت جمالك مسدودةٌ، ومن

٧٣٣

أين لي التّعرّض لمدائِحك وأبواب العروج إلى ذروة أوصاف جلالك مُغلَقة، وأنّى لي التَّنَطُّق بذكر محامدك، ومناهج الاطلاع على معالي أسمائك مُنسَدّةٌ، منتهى حمدي الاعتراف بالعجز والقصور، وغايةً ثنائي الإقرار بالعيِّ والفتور، بلى الأولى أن أقول لك: الحمد كما حمدت به نفسك، وكما حمدك به أولو العلم من خلقك، لك الحمد منتهى عُلاك، لا مُنتهَى لعزِّ جلالك، ولك الحمد غاية مجدك ولا غايةَ، لك الحمد حمداً ينبغي، لك الحمد على ما أنت عليه من العظمة والقدرة، لك الحمد على ما أنت عليه من الفخر والبهاء، ولك الحمد على ما أنت عليه من النور والسَّناء، أحمدك بما أنت أهله، وبما يعادل عِظم قدرك، ويقابل شرف مَحلّك، أحمدك على أسمائك الحسنى، وعلى صفاتك العليا.

اللَّهُمَّ لك الحمد على ما ألهمتني من حمدك، اللَّهُمَّ لك الحمد على ما عرّفتني من حمدك، اللَّهُمَّ لك الحمد على حُسن توفيقك، اللَّهُمَّ لك الحمد على تمام نعمتك، الحمد لله والمنّة، الحمد لله ربّ العالمين، وصلّى الله على محمّد واله الطّاهرين.

دعاؤه في التحميد أيضاً

إلهي لا يبلغ الواصفون صفتك، ولا يحصي الحامدون مِدحَتك، ويعجز عن كُنهِ جلالك عقل كلّ عاقل، ويكلّ عن ذكر أوصاف جمالك لسان كلّ قائل، أنت أعلى وأجلّ وأعظم من أن يحمدك كما ينبغي لك حامدٌ، وإن كان مُجدًّاً مبالغاً، وأرفع وأعزّ وأعزّ وأكبر من أن يذكرك ذاكرٌ، وإن كان عارفاً كاملاً، أنت كما أثنيت على نفسك وكما أثنى عليك ملائكتك وأنبياؤك، وفوق حَمد الحامدين.

أنت الله لا إله إلاّ أنت العليّ العظيم، ذو الجلال والإكرام، وأنت الله لا إله إلاّ أنت الحيّ القديم، ذو المَنِّ والإنعام، وأنت الله لا إله إلاّ أنت الرّحمن الرّحيم، ذو النّعمة والطول، وأنت الله لا إله إلاّ أنت التّواب الكريم، ذو الرّحمة والفضل. لك الحمد على ما عليه من العزِّ والسلطان، ولك الحمد على ما لك من علوِّ الشأن وارتفاع المكان، لك الحمد بديع السّماوات والأرضين، ولك الحمد بارئ الخلائق أجمعين، لك الحمد حمداً يدوم بدوامك، ولك الحمد حمداً يبقى

٧٣٤

ببقائك.

الحمد لله عدد الجِنَّة والنّاس، والحمد لله عدد الأنفس والأنفاس، الحمد لله عدد أوراق الأشجار، ألحمد لله عدد قطرات الأمطار، الحمد لله عدد الرّمل والحصى في القِفار، الحمد لله ربّ العالمين، فاطر الخلائق أجمعين، الحمد لله حقّ حمده، الحمد لله منتهى الحمد.

إلهي جلّت نعماؤك من أن تنالها يدا شُكري، وعظُمَت آلاؤك من أن يفي بحقّها مبلغ ثنائي، كيف ونِعمُك أكثر من أن تعدّ وتُحصى، وآلاؤك أوفر من أن تُحَدّ وتُستقصى، فلك الحمد حمداً يملأ السّماوات والأرضين، ولك الحمد حمداً يوافق مُرادك، حمداً يكون أفضل الحمد عندك وأحبّه وأرضاه إليك، وأرفع الحمد وأسناه لديك، لك الحمد حمداً لا ينقطع عدده، ولا يفنى مَدَده، لك الحمد حمداً يكون لشكرك أداءً ولحقّك قضاءً، حمداً يعادل حمد ملائكتك المقرّبين ويقابل حمد أنبيائك المرسلين، لك الحمد حمداً يليق بك ويحقّ لك، يا مَن لا إله إلاّ هو العلي الأعلى، لك الحمد حمداً يناسب ما أنت عليه من العظمة والكبرياء، والرفعة والسَّناء، لك الحمد حمداً فوق حمد الحامدين، وأعلى من حمد الخلائق أجمعين، لك الحمد يا إلهي، تعاليت من معبودٍ قادرٍ حكيم، ومن إلهٍ غنيٍ كريمٍ، ومن ربّ رءوف رحيم.

دعاؤه في تسبيحه وتقديسه تعالى

إلهي سبحانك سبحانك، ما أعظم شأنك، وأجلّ سلطانك، وأوضح برهانك، سبحانك من عظيمٍ ما أعظمك، سبحانك من كريمٍ ما أكرمك، سبحانك أنت السُّبوح، سبحانك أنت القدّوس، سبحانك أنت ربّ الملائكة والرّوح، سبحان مَن لا إله إلاّ هو، سبحان مَن لا ربّ إلاّ هو، سبحان مَن هو هو، سبحان مَن كلّ ما سواه قطرةٌ من قطرات جودِه، سبحان مَن جُلَّ ما عداه رشحةٌ من رَشَحات فيض وجوده، سبحان مَن شهد بوَحدانيَّته آحاد المخلوقات، ودلّ على فَردانيَّته أفراد الموجودات، سبحان مَن الكائنات لمعةٌ من لَمَعات نوره، والمُمكنات برُمّتها من أشعّة ظهوره، سبحان مَن دلّ على ذاته بذاته، وتنزَّه عن مجانسة مخلوقاته.

أنت أنت أنت الملك الحيّ القيّوم، المُطلَق الواحد الأحد،

٧٣٥

الفرد الصّمد، أنت الواحد بلا عدد، والفاطر بلا مَدد، والقائم بلا عَمَد، والمُدبِّر بلا أحد. سبحانك مِن حيٍّ لم يزل، ومن قُيّوم لا يزال، سبحانك يا ذا العزّ والجبروت، سبحانك يا مَن هو الحيّ الّذي لا يموت، سبحانك يا إلهي أنت الرّبّ وأنا المربوب، سبحانك أنت الغالب وأنا المغلوب، سبحانك يا كاشف الكروب، سبحانك اللَّهُمَّ تعلم ضعفي وعجزي وفقري وفاقتي، فافعل بي ما أنت أهله.

يا مَن لا إله إلاّ هو، سبحانك اللَّهُمَّ من جليلٍ ما أجلّ سلطانك، ومن عظيم ما أعظم شأنك، سبحانك اللَّهُمَّ من قدّوس ما أقدس ذاتك، ومن سُبُّوح ما أشرف صفاتك، وتَرَدَّيْت بالكبرياء والجلال، وتسَربَلت بالبهاء والجمال، أنت الله لا إله إلاّ أنت الحيّ القيّوم، وأنت الله لا إله إلا أنت القادر القاهر العليّ العظيم، وأنت الله لا إله إلاّ أنت الغنيّ المُغني الوهّاب الكريم، سبحانك اللَّهُمَّ من عليٍّ ما أعلى مكانك، ومن حكيم ما أحكم برهانك، سبحانك أللّهم من قدير ما أنفذ قدرتك، ومن قويّ ما أشدّ قوّتك، تعاظمتَ بالقهر والغلبة، وتكبّرت بالعظمة والرّفعة، أنت الله لا إله إلاّ أنت الكبير المتكبِّر العليّ المتعالي، سبحانك من بديعٍ ما أحسن صُنعك، ومن مبتدئٍ ما أتقن شغلك، سبحانك اللَّهُمَّ من رفيعٍ ما أرفع قَدرك، ومن مُقتدرٍ ما أنفذ أمرك، تعطّفت بالجود والكرم، وتكرّمت بالمَنّ والطَّول.

أنت الله لا إله إلاّ أنت الواحد الأحد، الفرد الصّمد، وأنت الله لا إله إلاّ أنت العليّ الحكيم، الغنيّ الكريم، وأنت الله لا إله إلاّ أنت الرءوف الرّحيم، العطوف المنّان، سبحان اللَّهُمَّ من معبود ما أظهر سبيلك، ومن مقصود ما أ وضح دليلك، سبحانك اللَّهُمَّ من مليكٍ ما أتمّ حُجَّتك، ومن إلهٍ ما أبين مَحجتّك، أنت الله لا إله إلاّ أنت الجواد الكريم، الرءوف الرّحيم، وأنت الله لا إله إلاّ أنت السميع البصير الحكيم الخبير، سبحانك من كبير ما أكبرك، ومن حكيم ما أعرفك، سبحانك اللَّهُمَّ من عزيز ما أمنعك، ومن جواد ما أوسعك، تَردَّيت بالعزّة والوقار، وتأزَّرت بالمجد والرفعة، أنت الله لا إله إلاّ أنت ذو الجلال والإكرام، والفضل والإنعام، وأنت الله لا إله إلاّ أنت ذو الفخر والبهاء، ذو المجد والسّناء، وأنت الله لا إله إلاّ أنت ذو الآلاء والنّعماء، صلّ على محمّد

٧٣٦

خاتم الأنبياء، وأهل بيته المعصومين الأمناء، وتفضّل علينا، بحقّهم في الدّنيا والآخرة إنّك سميع الدّعاء.

دعاؤه في طلب العفو

إلهي إن كنتُ خالفت أوامرك ونواهيك، وتركت طاعتك وارتكبت معاصيك، فأنت أغنى الأغنياء عن طاعتي، وعن عذابي وعقابي، فإنّه لا تنفعك طاعة المطيعين، ولا تضرّك معصية العاصين، لا تزيد في ملكك عبادتهم، ولا ينثلم سلطانك بمعصيتهم، بل اللائق بك وبغناك وبعلوّ شأنك وارتفاع مكانك، العفو والتّجاوز. فاغفر لي وتجاوز عني، وتب عليّ، ووفّقني فيما بقي من عمري، وأصلح بلطفك مفاسد أموري.

إلهي فقري أوقفني بين يديك، لمسألة ما لديك، وضعفي أقامني لديك، وحاجتي دعتني إلى التّضرّع إليك، وفاقتي حملتني على الاستكانة لديك، ومسألتي دلّتني عليك، ولُطفك وكرمك وجودك شفيعي إليك، إلهي أوردْني شريعة مَحبّتك، واسقني من شراب مودَّتك، وادخلني في رياض قربك، واغمسني في حياض الخلوص لك، فما أسعد مَن ذاق طعم محبّتك، وما أحسن مسير من سلك منهاج مودّتك، إلهي هَب لي الجِدّ في طاعتك، والخلوص في عبادتك، ودوام الأُنس بك، واسلك بي سبيل الاتصال بخدمتك، ووفّقني لتحصيل مرضاتك، وأوقفني موقف الأذلاّء بين يديك، وأوصلني مقام المتوكّلين عليك.

اللَّهُمَّ اشرح صدري بأنوار معرفتك، وطهّر قلبي من أدناس الهواجس، وأرجاس الوساوس، وزَكِّ فؤادي لإدراك ما يُبلِغُني إلى محلِّ كرامتك، وامنُن بالنّظر إليّ والعطف عليّ، يا مَن يجيب مَن دعاه، ولا يُخيِّب مَن رجاه، إلهي أتيتك ذليلاً خاضعاً، وجئتك خائفاً خاشعاً، إلهي لا حيلة لي أتوسّل بها لأهتدي إليك سبيلاً، ولا وسيلة لي أجعلها عليك دليلاً، إلاّ أن يكون لُطفك هو الآخذ بيدي، وكرمك هو الدّليل والمُعيّن لي حُجّتي.

يا إلهي في سؤالي منك غناك وقدرتك، ووسيلتي في تمنّي بلوغ آمالي جودك ورحمتك، إلهي إن كنت تحرم مَن قطعك ولا تعطي إلاّ مَن وصلك، فوا سوأتاه، وإن كان عفوك لا يسع إلاّ مَن هو أهلٌ لذلك فوا لهفتاه. إلهي أعوذ بغناك من فقري، وأعوذ

٧٣٧

بقدرتك من عجزي.

يا جابر كسري، ويا جامع شتات أمري، عليك معوّلي في جميع أموري، وأنت معتمَدي في ورودي وصدوري، ولا معوّل لي غيرك، ولا إله إلاّ أنت الرّبّ الودود، وأنت الملك المعبود، صلِّ على محمد وآله المعصومين، وأصلح بلطفك مفاسد أعمالي، وامنُن عليّ بالنّظر إليّ في جميع أحوالي، يا ذا المنّ القديم.

دعاؤه في التذلّل وطلب التوفيق

إلهي وربّي وسيّدي ومعبوي ومقصودي ومعتمدي ومعوّلي ومتّكلي ومستندي، أنا عبدك الفقير، المسكين المستكين المستجير، وها أنا مقبلٌ إليك، متوكّل عليك، أسألك بجلال مجدك، وبأنوار قدسك وبعظيم منّك، وجليل فضلت، أن تمنّ عليّ بلطائف رحمتك، وجلال نعمتك، وأن تدفع عنّي عظائم عقوبتك، وأوآئل نقمتك.

إلهي أيّد جوارحي في تحصيل مراضيك، ونوّر قلبي بالإطّلاع على مناهج مساعيك، إلهي كيف أصدر عن بابك بخيبة منك وقد وردته على ثقة بك، أو كيف تؤيسني من عطائك وقد أمرتني بدعائك، إلهي وفّقني لما يرضيك عنّي حتّى لا أتوجّه إلاّ إليك، ولا أعتمد إلاّ عليك، ولا أستعين إلاّ بك، ولا أرجو إلاّ ما لديك، أسألك يا إلهي أن تشرح صدري، وتيسّر أمري، وتفرّج همّي، وتكشف غمّي، وتزيل كربي، وتغفر ذنبي.

إلهي لجأت إليك ولذت بفنائك، فمنّ عليّ من عظيم عطائك، وجسيم نعمائك، وعميم كرمك، وجليل آلآئك، يا من لا أرجو إلاّ فضله، ولا آمل إلاّ طوله، ولا أخشى إلاّ سخطه، ولا أخاف إلاّ عدله، يا خير مدعوّ ويا أكرم مرجو، يا من لا تزيده كثرة العطاء إلاّ جوداً، ولا أطلب سواط معبوداً، ولا أرى غيرك مقصوداً. إلهي أتخيّبني وأنا أرجوك، أو تويسني من رحمتك وأنا أدعوك، أو تعذّبني وأنا أستغفرك وأتوب إليك، أو تعاقبني وأنا أستعطفك وأتضرّع إليك، حاشاك يا سيّدي أن تحرمني مع مالك من الكرم والجود، وتبعّدني مع ما منك من العطف والرّحمة.

إلهي لا تقطعني منك وأنا يا رب لا أطلب إلاّ وصلك، ولا تسلّمني وأنا يا سيدي لا ربّ لي غيرك، ولا تخذلني يا إلهي وأنا النّازل ببابك، ولا تهملني يا مولاي وأنا الحالّ

٧٣٨

بفنائك. إلهي هل أبقى ذليلاً وأنا أعوذ بعزّتك، أو أبقى عاجزاً وأنا اللاّئذ بقدرتك. إلهي قد فزعت إليك فلا تكلني إلى نفسي، ولجأت إليك فآوني، وعذت برحمتك فلا تحرمني، ولذت بلطفك فلا تدعني، إلهي لولا الإستيناس بك لذاب قلبي قلقاً، ولو لا تعلّق هوى نفسي بك لفاتت فرقاً، يا أنس كل متوحش فريد، ويا عون كلّ مستضعف وحيد.

إلهي بنور هدايتك أهتدي الطريق في المسير إليك، وبمصباح دلالتك أقطع مراحل الوفود عليك، دلّني يا إلهي على سبيل طاعتك، واهدني يا ربّ طرق عبادتك، ووفّقني لمراضيك، وجنّبني عن معاصيك. إلهي إن أقمت على مخالفتك طول عمري فقد قمت الآن متضرعاً بين يديك مستقيلاً، فأصلح لي أمري، إلهي تبت إليك مستغفراً منيباً فتب عليّ متكرّماً، وأبت إليك متسعطفاً مستجيراً فانظر إليّ مترحّماً.

إلهي كلّما تفكّرت في نفسي إزداد علمي بافتقارها، ومهما تأمّلت في ذاتي إنفتح لي بابٌ من المعرفة بعجزها وانكسارها. إلهي وجودي ضعيف، فارحمني بلطفك الشّريف، إلهي وجودي عين الفقر والحاجة، ونفسي إلى كرمك محتاجةٌ. إلهي لولا جودك أنعدم وجودي، ولولا فضلك ما بلغت مقصودي، وإن بذلت مجهودي، كيف والممكن شأنه الافتقار، والمخلوق مطبوع على العجز والانكسار.

إلهي أغنني بغناك، وأعنّي على تحصيل رضاك، إلهي لا تطردني عن فنائك، ومنّ عليّ بالآئك، إلهي كيف توجعني بأليم عقابك، ولا طاقة لي بعتابك، إلهي مسكينك قصد جنابك، وطرق بابك، هارب من سخطك وعقابك، راج ما لديك من جزيل ثوابك. إلهي لا أقرع إلاّ بابك، ولا أطلب إلاّ جنابك. إلهي إن طلبني سخطك فبمن أعوذ، وإن خذلني نصرك فبمن ألوذ، إلهي على من أتّكل إن منعتني كرمك، وإلى من أتوسّل إن حرمتني حرمك. إلهي وسيلتي إليك رحمتك وعطفك، وذريعتي لديك فضلك ولطفك، إلهي أوردني حياض رضوانك، وأدخلني مدخل صدق من مقام غفرانك. إلهي اغمسني في بحار رحمتك، وارمسني في تيّار مغفرتك، وطهّرني عن دنس الآثام، ونظّفني عن كثافات المعاصي بكرمك ومنّك يا عافياً عن المذنبين.

إلهي أتيتك تآئباً، فلا تردّني

٧٣٩

خاسراً خائباً، وجئتك مستغفراً مستقيلاً منيباً، فعد عليّ بطَولك وكن لدعوتي مجيباً، يا من لا تنفعه طاعة المطيعين، ولا تضرّه معصية العاصين، وارحمني بفضلك يا أرحم الرّاحمين، وصلى الله على محمّد وأهل بيته المعصومين، الأوصياء المقرّبين.

دعاؤه في الرغبة والرهبة

إلهي ما لي تعلّلني عن التّفكّر في ما لي كثرة آمالي، ويبعدني عن جناب لطفك وساحة قربك قبايح أفعالي وفضائح أعمالي، إلهي أشكو إليك نفسي وهواها، لم تزل ترتع في غيّها ومُناها، وتغفل عمّن إليه منتهاها، وتذهل عمّا أراد منها مولاها. إلهي اجعلني ممّن أفلح وزكّاها، وأزال عنها تنمّرها وطغواها، واجعلها خاضعة للعقل تحت سلطانه، سامعة لبيّناته وبرهانه، وألهمها فجورها وتقواها، بإطاعة أوامر مولاها، جاعلة للعقل أمامها وإمامها، معطية له خطامها وزمامها، آخذة بما يروم تاركة مرامها، راضية مرضيّة داخلة في عبادك، لازمة من جنّتك مستقرّها ومقامها.

اللَّهُمَّ إني أعوذ بك من كيد الشّيطان وسلطانه، من شرّه وشرّ جنده وأعوانه، إلهي أعنّي على طرد الشّيطان عنّي، وآمني من وساوسه إذا دنى منّى. إلهي هما عدوّان اثنان: النّفس والشّيطان، وأنا أسير عدوانهما، وحيدٌ وذليل سلطانهما، فريد لا قدرة لي على دفعهما لولا عونك، ولا نجاة لي من شرّهما لولا صونك. إلهي فأعذني منهما بلطفك وعنايتك، وجنّبني عنهما بإرشادك وهدايتك.

إلهي أصلح نيتي قبل حلول منيّتي. إلهي إنيّ ألقيت رحلي في حمى حمايتك، وجعلت نفسي في حريم لطفك ورعايتك، فاحفظني من شرهما في درعك الحصين، واجعلني من ضرّهما في فناء عزّك المنيع المتين، يا قويّ يا قادر، يا عزيز يا قاهر، يا من حرزه حريز، ونصره عزيز.

ثمّ المشتكى إليك يا إلهي من سوء حالي، وتشتّت بالي، وتفرّق خيالي، واختلال أحوالي. إلهي إن كان سوء حالي أخرس لساني عن المقال، وقبح أعمالي منعني عن السّؤال، ولم يبق لي موضعٌ للاعتذار إليك، ولا محلّ لي للاعتبار لديك، لكنّي أتشفّع إليك بجودك ولطفك، وأتوسّل لديك بكرمك وعطفك.

إلهي وإن طال على

٧٤٠