السيد محمد كاظم اليزدي

السيد محمد كاظم اليزدي0%

السيد محمد كاظم اليزدي مؤلف:
الناشر: ذوي القربى
تصنيف: شخصيات إسلامية
الصفحات: 813

السيد محمد كاظم اليزدي

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: كامل سلمان الجبوري
الناشر: ذوي القربى
تصنيف: الصفحات: 813
المشاهدات: 277564
تحميل: 10728

توضيحات:

السيد محمد كاظم اليزدي
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 813 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 277564 / تحميل: 10728
الحجم الحجم الحجم
السيد محمد كاظم اليزدي

السيد محمد كاظم اليزدي

مؤلف:
الناشر: ذوي القربى
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

معاصيك وقوفي، ودام على ارتكاب مناهيك عكوفي، إلاّ أني لم أرد بمخالفتك إذ عصيتك - يا إلهي - إطاعة الشّيطان، ولم أكن في مقام الغي والطغيان، بل إنمّا أوقفني مواقفة الهوى موقف الهوان والخسران، فصدر منّي ما صدر وكان منّي ما كان، وقد وقفت بين يديك للاعتذار إليك وقمت لديك للاستغفار متوكّلاً، فعد عليّ بطولك وجد عليّ بعطفك، يا الله المنّان، ويا ذا الطول والإحسان، والعفو والرضوان.

إلهي قمت مقام المستقيل المنيب، فاغفر لي ما سلف مني يا الله يا مجيب، صلّ على محمّد وآله وارحم ضعفي واستكانتي، وعجزي وضراعتي، وتضرّعي وإنابتي وابتهالي ومهانتي، إلهي أتيتك ضارعاً ذليلاً، متّضرعا مستقيلاً، فاغفر لي واعف عني وتب عليّ، إنك أنت التّواب الرّحيم، المنان الكريم.

دعاؤه في التضرع والاستكانة

إلهي قد علمت إنّ مفتاح الفلاح التّوكل عليك، ومصباح النّجاح التّوسل إليك، وأيقنت أنّ أعلى طرق الهداية الاستهداء منك، وأوضح سبل النّجاة الاستعانة بك، وفهمت أنّ الاعتماد عليك في جميع الأمور أقرب أنحاء الوصول إليها، والاستناد إليك في جميع المقاصد أيسر أنواع العثور عليها، فعليك معتمدي وأنت مستندي، وإليك توسّلي وعليك توكّلي، ومنك أستهدي وبك أستعين، يا مَن الّذي من استهداه هداه، ومَن استكفاه كفاه، ومَن استنصره نصره، ومَن استصرخه آواه، ومَن استعانة أعانه، ومَن استغناه أغناه، ولا يقطع رجاء مَن رجاه، ويسمع نداء من ناداه، ويجيب المضطرّ إذا دعاه، ويغيث من استغاث به ويرعى من استرعاه.

إلهي كيف الحيلة لي في تيسير أموري مع أنّها بمشيّتك مرهونة، وكيف الوصلة إلى مقاصدى مع أنّها بإرادتك مقرونة، فلا أصل إليها لولا مشيّتك وإن بذلت مقدوري، ولا أقدر عليها لولا أمرك وإن بالغت في إعمالي ميسوري، كيف والعجز من لوازم ذاتي، والحاجة لا تنفكّ عنّي فإنّها من أوقم صفاتي. إلهي إن أنا صبرت على البعد عن جنانك، فلا طاقة لي على الصّبر على هجرانك، وإن أوليتني الحرمان عن إحسانك، فلا تمنعني عن الفوز

٧٤١

برضوانك. إلهي إن كنت تمنعني نداك، وتحرمني قراك، فلا تبعدني عن رضاك، ولا تكلني إلى سواك. إلهي لا أبالي ما صنعت بي ما دمت ناظراً إليّ بعين العناية، وسالكاً بي مسالك الهداية، أعوذ بك من أن تقابل طغياني بالخذلان، وتعاملني معاملة أهل العصيان. إلهي نفسي ميّالة إلى الآمال فأملها عنها، وطبيعتي روّاغة إلى المعاصي فأزلها عنها. إلهي لا وسيلة لي إليك سوى الدّعاء مرفوعاً إلى عنايتك، ولا ذريعة لي لديك مع كثرة موجابت الأياس إلاّ الرّجاء مشفوعاً بسعة رحمتك، ويصدّق دعائي ويحقّق رجائي - مع ما معي من موانع الإجابة - عظيم جودك ورأفتك.

إلهي لولا يكونُ الرّجاءُ في شغاف قلبي لانقطع نياطه، ولولا بروز رحمتك وظهور رأفتك لدى فؤادي لا نعدم انبساطه، فبرجائك يطمئن قلبي، وبسعة رحمتك ينشرح صدري وينبسط فؤادي. إلهي وإن كانت العين ناظرة إلى غيرك في ظاهر الحال وبعض الأحوال إلاّ أنّ بصر بصيرتي شاخص نحوك، وذكرك كامن في سريرتي لم يزل ولا يزال. إلهي إن كانت تكذبني في إدّعاء محبّتك قباح أعمالي، فقد صدّقني حسن ظنّي بك في صراح آمالي، إلهي لولا جودك لا نعدم وجودي، ولولا لطفك ومشيّتك لما نلت مقصودي، برحمتك يا أرحم الراحمين.

ومن دعائه في التفك ّ ر بآلائه وقدرته

إلهي كلّت الألسن عن ذكر نعوت جمالك، وضلّت الأفكار دون الوصول إلى مبلغ عظمتك وجلالك، وتاهت العقول فيك فعادت حائرة، وتحيّرت الأوهام فرجعت حاسرة، صارت الألباب فيك متحيّرة متبلبلة، وأندام الأفهام الرّاسخة في المسير إليك متردّدة متزلزلة؛ وذلك لأنّ الطريق مسدود، وليس لكُنْه أوصافك حد محدد، أيعجز من أول الحدّ غاية السّير إليك، والحيرة في الابتداء نهاية التّفكّر فيك، فاجعلني من الّذين شرحت صدورهم بأنوار معرفتك، وملأتها من محبتّك ومودّتك، وطهّرت أفئدتهم من أدناس الشكوك وأرجاس الشّبهات ونوّرتها بأنوار هدايتك، وأجريت في قلوبهم ينابيع حكمتك وصارت عامرة باليقين بك، وزكّيت أنفسهم من الرّذائل، وحلّيتها بالفضائل، فصارت محلاّ

٧٤٢

لرحمتك، راضية بك مرضية لحضرتك، وروّيت ضمائرهم من معين لطفك وجعلتها مغرساً لأشجار الاشتياق إليك، وغذّيت سرّهم بخالص مودّتك، وسيَّرته مملوءاً من الرّجاء بك والتوكّل عليك، فصرت أنت مقصودهم ومقصدهم، ومعبودهم ومعتمدهم، والمعوّل لهم ومستندهم، وأنيسهم في الوحشة، وجليسهم في الوحدة، وصاحبهم في الخلوة، وغوثهم في الشّدّة، وعونهم في الغربة، ومفزعم في الكربة، وصلّ يا ربّ على الشّجرة الطيّبة أصولها وفروعها وأغصائها وأثمارها محمّد وآله الطّاهرين.

دعاؤه في طلب المغفرة

إلهي شوّهتني ذنوبي فاغسل دَرَنها عنّي بمياه مغفرتك، وقبّحتني جرائمي فأزل وسخها عنّي بغيث عفوك ورحمتك، وأسقطتني خطاياي عن عينك فانظر إليّ بنظر عطفك ورأفتك، ومخالفات أوآمرك أبعدتني عن ساحة قربك، فاعطف عليّ بحسن توفيقك للتقرّب إليك، وشهوة نفسي أقامتني مقام الزّلّة عن طاعتك، وأوقفتني موقف المذلّة عندك، فألقي في قلبي خشيتك، ودلّني على الرّجوع إليك، والتّوبة والإنابة لديك، ووفّقني فيما بقي من عمري لترك معصيتك، والجدّ في عبادتك، إنّك قابل التّوبة، ووليّ التّوفيق، وأنت أرحم الرّاحمين، وصلىّ الله على سيّدنا محمّد وآله المعصومين المرضيين.

دعاؤه في الرضا بقضائه

إلهي رضيت بك ربّا ومدبّراً لأموري، وفوّضت إليك ميسوري ومعسوري، فإنّي لا أهتدي إلى ما هو خير لي وإن بذلت جهدي ومقدوري، ولا حول ولا قوّة إلاّ بك، ولا طول ولا خير إلاّ منك، ولا مفرّ ولا مهرب إلاّ إليك، ولا ملجأ ولا مفزع إلاّ لديك، ولا فلاح ولا نجاح إلاّ بك، ولا اتكال ولا اعتماد إلاّ عليك، وأزمّة الأمور كلّها بيدك، ولك ملكوت كلّ شيء وأنت على كل شيء قدير، وبالإعانة لمن استعان بك جدير.

اللَّهُمَّ إنّي ألقيت زمام أمري إليك، وطرحت نفسي بين يديك، فاصنع بي كما تريد وعلى ما تريد، إلهي أسألك أن تجعلني

٧٤٣

صنيع يد تربيتك، ورضيع درّ تغذيتك، وغذيّ شهد تهذيبك، وربيب مهد تأديبك، وحليف حجر تأييدك، وأليف حضن تسديدك.

إلهي نوّر بصيرتي بضياء هدايتك وحسّن سيرتي بحسن رعايتك، وزكّ سريرتي بفضل عنايتك، وأجْر في قلبي ينابيع حكمتك، واشرح صدري بنور معرفتك، وسيّرني في طريق يوصلني إلى رضاك، وصيّرني مستحقّا لرحمتك كاملاً في عبوديتك، قابلاً للعمل بمقتضى ربوبيتك، سالكاً مسالك رضاك، سائراً في سبيل هداك، راقياً معارج القرب إليك، عارجاً مراقي الزلفى لديك، إنّك القادر على ما تشاء كما تشاء، كيف تشاء وأنت العليم الحكيم، والرءوف الرّحيم.

إلهي أعنّي على التّحلّي (الالتزام) بمكارم الأخلاق، وقطع العلقة عن جميع الأخلاق، والتّوكّل في جميع أموري عليك، وصرف النّظر إلاّ إلى ما لديك، والتّسليم لأمرك، والرضا بقضائك، ووفّقني لمراقبتك في جميع الأوقات والحالات، وتحصيل رضاك في كافّة الحركات والسّكنات، يا ذا المنّ الجسيم، والفضل العظيم، وصلّ على محمّد وآله الميامين.

دعاؤه في الاستعاذة

إلهي أعوذ برضاك من سخطك، وبصفحك من غضبك، وأعوذ بعفوك من عذابك، وبفضلك من عقابك، وأعوذ بلطفك من عتابك، وبفضلك من المناقشة في حسابك، وأعوذ بعطفك ورأفتك ورحمتك من قهرك وسطوتك وهيبتك. إلهي أعوذ بك من شرّ نفسي ومن شرّ كلّ شيطان مارد، وشرّ كلّ عدو معاند، ومن شرّ الوسواس الخنّاس، الّذي يوسوس في صدور النّاس، ومن شرّ النّفاثات في العقد، ومن شر حاسد إذا حسد، وأعوذ بك من شر الجنّ والإنس، وشرّ كلّ ذي شر من جميع خلقك.

ثمّ يا إلهي أعوذ بغناك من فقري، وبقوتك من ضعفي، وبقدرتك من عجزي، وبعزّتك من ذلّتي، وبرأفتك من مسكنتي، وبأنواع كمالاتك من فنون منقصتي. إلهي إني أدعوك وأرجوك، أملي فيك طويل، وطمعي منك كثير، لا غاية لفقري وحاجتي، ولا نهاية لعجزي ومسكنتي، أسألك إصلاح حالاتي، وإنجاح طلباتي، وإعطاء سؤلي ورغباتي، وكشف

٧٤٤

كربتي وقضاء مهمّاتي. أريد منك سعادة الدّنيا والأخرة يا من لا يخيب آمله، ولا يرد سائله، يا أرحم الراحمين، وأكرم الأكرمين، وصلّى الله على أشرف بريّته محمّد وآله الطّاهرين.

دعاؤه في الشكر

إلهي خلقتني في أحسن تقويم، وكرّمتني بأفضل تكريم، خلقتني بقدرتك سويّاً، وربّيتني بلطفك القديم صبيّاً، وكبرتني بكرمك العميم مليّا قويّاً، ومكّنتي مكانا عليّاً، حيث شرّفتني بتشريف التّكليف والخدمة وامتثال أوامرك واتباع مراضيك، واجتناب مساخطك ومناهيك، ثمّ تغمّدتني بالآئك المتضافرة، ومنحتني نعماءك المتكاثرة، فكان اللاّزم عليّ أن أجتهد في شكرك طول عمري، وألتزم ذكرك مدّ دهري، ولو أنيّ عمّرت إلى الأبد وكنت ملازماً شكرك وذكرك، لم أخرج من أداء شكر أدنى نعمة من نعمك، فلم أشكرك بل قابلتك بالطّغيان والعصيان، ومع ذلك لم تصرف عنّي نظر رحمتك، ولم تعطف عنّي عنان رأفتك، وما عجّلت فيها استحققت من عقوبتك، بل أمهلتني بمنّك، وفتحت عليّ باب التّوبة بلطفك، وناديتني لعلّي أرجع عمّا كنت عليه وأتوب وأعتذر إليك من ذنوبي وأؤب، كلّ ذلك رحمة بي وفضلاً منك، فها أنا يا إلهي تنبّهت من جهلي وبطالتي وتيقّضت من غفلتي وجهالتي، فتبت إليك نادماً، وقمت بين يديك متضرّعاً، متوسّلاً إليك بمحمّد وآله صلواتك عليهم، فتب عليّ وارحم ذلّي ومسكنتي، وعجزي وضراعتي، وكما عوّدتني بالإكرام والجميل أوّلاً، فعد عليّ بالإحسان والغفران آخراً، يا أول يا آخر، يا غنيّ يا قادر، يا أرحم الرّاحمين ويا أكرم الأكرمين، يا حنّان يا منّان.

من مناجاته (دام ظله)

هب أنّي يا إلهي لم أزل كنت مقيماً على العصيان، وواقفاً على الطّغيان، لكن جلالك وكبريائك أعزّ من أن يتكدّر بعصيان العاصين، وساحة عزّك ومجدك أمنع من أن تتغيّر بذنوب المذنبين المذنبين، وشموخ عظمتك وسلطانك أعلى من

٧٤٥

أن تناله يد الطّاغين، وسموّ قدرك وعلوّ مكانك أرفع من أن ينتقص بإساءة المسيئين، أو أن يحتاج إلى طاعة المطيعين. ومع ذلك يا إلهي لا يزيدك العفو عن المجرمين إلاّ جوداً وكرماً، ولا الغفران عن العاصين إلاّ فضلاً وإحساناً، اللَّهُمَّ إنّي تبت إليك نادماً ما فرط منّي وتب علّيّ، وأُبتُ إليك معتذراً مستقيلاً، فاصفح عنّي وانظر برأفتك إليّ.

إلهي أتشفّع إليك في غفران ذنوبي بمحمّد وأهل بيته صلواتك عليهم فشفّعهم فيّ وتجاوز عنّي، وأتوسّل إليك بغناك وقدرتك وعطفك ورحمتك فاقبل وسيلتي وتقبّل منّي، فإنّ عقابي لا يزيد في سلطانك، والتّجاوز عنّي لا يضرّ بعلوّ مكانك، يا أرحم الراحمين، ويا أكرم الأكرمين، ويا عافياً عن المجرمين، ويا إله العاصين والمذنبين.

أيضاً في المناجات

إلهي وإن كانت خطاياي تمنعني عن بسط السّؤال ونشر المقال، إلاّ أنّ سعة رحمتك تولعني على ذلك، وإن كان لساني قاصراً عن الاعتذار إليك والاسترحام منك، إلاّ أن قِدم رأفتك يحرّضني، وإن كان تقصيري عمّا كان عليّ من الجهد في طاعتك يوحشني، إلاّ أنّ غناك عن عقوبتي يؤنسني، فأنا بين اليأس والرّجاء في ترديد، وبين الإحجام والإقدام في تقريب وتبعيد، لكن حيث أنّ رحمتك سبقت غضبك، ورأفتك غلبت نقمتك، أسألك أن تغفر زلّتي وتقبل توبتي، وترحم ذلّتي، وتشفي علّتي، تبرّد غلّتي، فإنّك الكريم المنّان، العطوف الحنّان، ذو الفضل والإحسان. وأتضرعّ إليك أن تَمُنَّ عليّ بالغفران والرضوان، وأن توفّقني فيما بقي من عمري للزوم طاعتك، والتّجنّب عمّا يسخطك، يا رءوف يا رحيم، يا عطوف يا كريم، يا أرحم الراحمين.

٧٤٦

الملحق رقم - 4 -

الكلم الجامعة والحكم النافعة

من إنشاء

السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي

عنى بجمعها وتهذيبها، وحسن وضعها وترتيبها، وعلّق عليها:

الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء

٧٤٧

[ تمهيد ]

لبعض العلماء الأدباء

(أعلى الله قدره)

هذه الكلم الجوامع، التي هي ملءُ الأبصار والمسامع، كلم لقلوب المعاندين، وجوامع ولكن في رقاب الحاسدين، وصفها يعيي اللَّسِن المصقّع، ويُخرس المُدْرَه المُبْدِع. وأحسن ما يقال في حدّه: إنه أشبهَ الكلامَ بما يُؤثر عن جَدِّه، يُستاف منه عبقُ الكلام النبوي، ويُلمَح عليه ديباج المقال العلوي، وكيف لا تطيب نفحات دوح أصله ريحانتا الرسول، ولا تزهو زهرات غصن روضتها الزهراء البتول، وكيف لا يروى بعذب البلاغة كل ظَأْمٍ وصاد، وهو ابن أفصح من نطق بالضاد، آية الله وهذه إحدى آياته، ليس بنبي وهذه إحدى معجزاته، فقل لمَن يساجله من العالمين، هذا كلامه فأتوا بمثله إن كنتم صادقين، ولو قستها بأطباق الذهب، عرفت الدر من المختلب، هيهات!! تلك رطانة الأعجمين، وهذا لسان عربي مبين.

[بحر الكامل الأحذ]

قرآنُ فضلٍ فيه مجتمِعٌ

ما شئتَ من حُكْمٍ ومن حِكَمِ

يابن النبي وفرع دوحته

والحجة العظمى على الأُممِ

بالنار هم أولى ومعبدها

وأنت بالبطحاء والحرم

كان النبي أباك دونهم

فورثت منه جوامع الكلمِ

٧٤٨

[ مقدِّمة ]

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله كفاء الآئه، ووزان نعمائه، وعيار أرضه وسمائه، وأفضل صلواته على سيد أنبيائه، الذي خصّه بجوامع الحكم، وقصار الكلم، والآيات المعجزة، والكلمات الموجزة، محمد (ص) وعترته وأوصيائه.

وبعد:

فقد تشرّفت نواظري، وتصرّفت بالتدبر خواطري، في منثور كلمات سمح بها قلم حجة الإسلام والمسلمين، وآية الله في الأرضين، خليفة أجداده الطاهرين في العالمين، الذي حفظ الله به دعائم الشرع وشيك انحطاطها، وأمسك به رمق حشا الدين أزيف انقطاع نياطها، وطي أنماطها، وألقي له إقليد التقليد، وخلصت إليه مرجعية الفرقة الإمامية من قريب وبعيد، علاّمة العلماء الأعاظم، بحر العلم المتلاطم، سيدنا وأستاذنا الشريف السيد (محمد كاظم) الطباطبائي، حفظ الله بحفظه شريعة جده وآبائه، وأبقاه بقياً عليها بطول بقائه، فإنه أدام الله ظله، كما أسبغ فضله، حرصاً على الكمال وشغفاً بالعلم، وشوقاً إلى الفضائل، كان وإلى الآن لا يدع آناء من آنائه، ولا خطرة فكر ولا نظرة بصرٍ من عينه ورآئه، إلاّ وهي مشغولةٌ في كسب السعادة، وطلب الحسنى من الله وزيادة. ومن ثمّ لم يزل منذ نعومة أظفاره، إلى هذا اليوم الذي ملأ سمع الدهر بصوت صيته واشتهاره، لا يزال عند الفراغ من فرائضه الدينية، وما يحتم من استيفاء حظوظه القلبية والقالبية، من عمل برٍ وتقوى أو إصلاح بين الناس أو فتوى، أو تصنيف ومراجعة، أو تدريس ومطالعة، أو غير ذلك من كل حادثة شرعية، وقضية دينية، فإنه اليوم أعزّه الله مدار ذلك كله، ومالك عقده وحلّه، من كل طالب دين أو علم في العالم، أو متمسك بشريعة جدّه سيد ولد آدم، ومحلّي أنامل يده بعروة ذلك الخاتم، ونحن نبث ذرايع الشرك وروايع الحمد الله جلّ شأنه على رجوع الحق فيه الى نصابه، فإنه (أيّده الله) أولى بشريعة جَدِّه وشريعة جَدِّه أولى به، وليست الثكلى كالمستأجرة، ولا الوالدة العطوف كالمستظأرة، فهو على قلة فراغه، حتى في طريقه

٧٤٩

وضيق مساغه، حتى عن ابتلاع ريقه إذا انتهز فرصة، أو احرز لنفسه من وقته حصة، ومال فيها إلى ترويح خاطره من الملال، أو تسريح بدنه من أثقال التعب والكلال، لم يجد أنساً ولا راحة، ولا يمد يداً ولا راحة، إلاّ إلى الأقلام والمهارق، فكان قلمه ظبيٌ والمها رق، فاذا ملّ من أذى ألمه، أملى على قلمه، بدايع حِكمه، وإذا استام المراح من سأمه، فزع إلى روايع كلمه، من إنشاء مناجات رفيعة، أو أدعية بدعية، أو نصايح أخلاقية، أو عظات أنفسية أو آفاقية، أو تعاليم سياسية، أو تناسيق أدبية، معادية أو معاشية، من حكمة عقلية وشرعية، علمية أو عملية، ولكن لاستغراقه بحضانة الملّة، وحصانة المعضلات المصمئلة، وقضا مهمات الشرع والشريعة، وسدانة كعبتها المنيعة، كانت لا تزال فوضى غير ملتئمة، وشتى غير مجتمعة ولا منتظمة، وفي غضون ذلك أسمت لحظي، فأسعدني حظي، بكلمات له قصيرة، تطاول الشهب المنيرة، بأفصح اللُغَى وأبلغ اللغات، وأرصن العبر وأرصف العبارات، وما هي بكلمات، بل مضامين آيات محكمات.

آيٌ بها جبريل إن لم ينزلِ

فصاعداً يرفعها الى عَلِ

فلمّا تدبّرتها، واستقبلتها واستدبرتها، وجدتها كمرآة غريبة، تحكي أتم الحكاية عن ملكاته القدسية وأخلاقه العجيبة، فأني بحمد الله من أحظى خدَّامه، بفوز التزامه، والحضور في حوزته والوقوف على سامي مقامه، فما وجدتُ الخبر عنه أصدق من خبرته، ولا تلك الزواهر من حكمته، بأروى ولا أورى عنه زنداً من روية رؤيته، ولا لسان مقاله بأصدق من خلاله وأحواله، من لسان حاله وفعاله.

ولله سرٌ في علاه وإنما

كلام العدى ضرب من الهذيان

ولا غرو فهو لمع ذلك الألق، والصبح من شمس ذيالك الفلق، كيف لا وإنه لابن جلا وهم.

آلٌ جلا جلى النبيُ نورَهم

فعرفوا بالنور لا العمايم

بين نبي ووصي ضربت

أعراقهم في دوحة المكارم

مَن يرتضع درّ العُلى من فاطمٍ

فماله عن العُلى من فاطمِ

كاظم غيظ صادقٌ لأنه

وارث علم صادقٍ و(كاظم)

شادوا دِعَام الحق فاحفظ نجْلَهم

يا ربنا لهذه الدعائم

٧٥٠

ولو ذهبت إلى ذكر ألطاف الله جلَّ شأنه في حقه، وتعداد عناياته تعالى في شأنه وعظيم بلائه، وأليم عنائه، وما تحمّله في خدمة الدين، ورقابة شريعة سيد المرسلين، وما منحه الله من لطايف التسديد، وطرايف العزّ والتأييد، لأريتك العجب، وأشهدتك الألطاف الإلهية من كثب، ولأحوجني ذلك إلى إفراد مؤلَّف فيه، وإن كانت العبارات تضيق عن سعة معاليه.

مَن كان فوقَ محلِ الشمسِ رتبتُه

فليس يرفعه شيءٌ ولا يضعُ

ويشهدُ الإنصاف وأهله، واللبيب وعقله، أن الله سبحانه حين ماصه ببلائه، وأمتحنه بمثل محن أجداده وآبائه، وتلك سنته (جلّت حكمته) بأصفيائه وأوليائه، لم يكن منه إلاّ صبر كصبرهم وثباتٌ مثل ثباتهم، وعزيمة صدق من عزماتهم، صبرٌ حكى لك عنهم، وعزم تستيقن أن نفس حامله منهم، وأنه نبع دوحهم، وخالص مُحُّهم، لا بل هو مرآتهم بلا مراء، وسجنجل صفاتهم على الصفاء، ثم مذ شكر الله له مقامه، وعلم توطينه وإقدامه، أجرى له مثل كراماتهم، وأخذ بضبعه الى شأو مقاماتهم، فالألطاف تتضاعف، والعنايات تترادف، والمزايدات تتزاحم وتتزاحف، كل ذلك بأسباب غيبية، واتجاهات خارقة غير عادية، بلا سببٍ ظاهر، ولا أمرٍ مكشوف، بل إمدادٌ من عالم الغيب، وعنايةٌ من الرب بلا ريب.

وإذا أراد الله نصرة عبده

كانت له أعداؤه أنصارا

وكل ذلك قد اتضح بحمد الله حتى صار كالعيان، ووجده بالضرورة كل ذي وجدان.

فهبني قلت هذا الصبح ليلٌ

أيعمى العالمون عن الضياء

وأمّا مجده وعلاؤه، وجَدّه بل وشرف جدّه وآبائه، إني ما قصدت بذلك إطراءه، ولا أردت مدحه وثناءه؛ فإن بمدح الله له ولآبائه، غنىً عن مدح مادح، وجنوح جانح، وهو بفضل الله تعالى وحسن صنيعه، وكما شاء الله له قد:

تجاوز قدر المدح حتى كأنَّه

بأحسن ما يثني عليه يعاب

ولعل الأقدار تقدرني وتسعفني، والعناية بعد هذا تسعدني، فأوفي من ترجمة أحواله ما هو من وسعي، فإن جميعه مما يضيق به ذرعي، (والغرض) هنا أنه كان أنار الله به منار الهدى، ولا زال بألطافه الخفية والجلية مؤيداً، يلقى عند فراغته وطلب

٧٥١

استراحته، زهرات الحكم، ومقصورات الكلم، من غير إتعاب روية، ولا مراجعة فكرية، بل على ترسّل الطبع وجري القلم، وحركة البنان بمثل البديهة والارتجال، وعلى فورة الحال، ثم يميحني بها التشريف، بعد سؤالي الحثيث، فيدفعها إليّ في قطع قراطيس، لو تأملتها وجدتها خلع فراديس، لا بل هي حياةٌ للعقول ونواميس، وحيث شهدتها تشهد بعظمة منشيها وملاءة ممليها، لا بل رأيت منتبذات أوراقه، تحكي عن منتخبات أخلاقه، وطيبات أعراقه، ووجدت موجز كلماته يطابق معجز كمالاته، وأبصرت سور نصائحه وعظاته، تدل على ملكي سيرته وملكي سريرته وملكاته.

فلذلك رغبتُ في جمعها وتفريقها، بحسن ترتيبها وتنسيقها، لتكون مجمل عنوانٍ لترجمته، ومختصر بيان لحليته وصفته، وأنموذجاً يدل على خلائقه، وبرنامجاً لجميل عاداته وطرائقه، فيكون الناظر فيها مع ما استفاده من طرائف العلم، وظرائف الحكم، قد وقف على سيرة هذا الإمام، وأحرز حظَّاً من العروج إلى أوج معرفة ذلك المقام، (فإن كلام المرء عنوان فضله وترجمان عقله).

وأما ومن هذبّه وكمّله وأحلّه بتلك المنزلة، فإنه ما ذكر شيئاً فيما سيرد عليك إنشاء من كلماته إلاّ وقد تحلّى به في عمل نفسه أولاً بادياً، ثم عطف في القول به نصيحة للناس ثانياً، كذلك شأن أولياء الله وخلّص عباده حين تكون عظاتهم بأحوالهم أنجح من عظاتهم بمقالهم، وشهود مقامهم أنفع من سماع كلامهم، وإرشاداهم بحسن خلقهم، أبلغ من بليغ نطقهم.

لعمرُك ما حسنُ المقالِ بنافعٍ

إذا لم تزنْ حسنَ المقالِ فعالُ

بل لعمر الحق أن الحق جل شأنه قد جعله بحيث قال جدُّه أمير المؤمنين وإمام الموحدين (صلوات الله عليه) في"نهج البلاغة" ، بل منهج العلم والعمل، حيث يقول (عليه السلام): (من نصب نفسه للناس إماماً فليبدأ بتعليم نفسه قبل تعليم غيره، وليكن تأديبه بسيرته قبل تأديبه بلسانه. ومعلِّم نفسه ومؤدبها أحق بالإجلال من معلم الناس ومؤدبهم).

ويشهد الله أنه ما حداني على التقاط تلك الكلمات، وجمع هاتيك المتفرِّقات، إلاّ أني رأيت بعيني أنها صدرت من قائل عامل بها، واجدٍ لها، متَّصفٍ بحقائقها، آخذٍ بطرائقها، وإلاّ فالكلمات في الأخلاق كثيرة، ومجال الكلام واسع، وتنسيق الألفاظ خفيف المؤنة، وتزويق القول لا يحتاج إلى كلفة، وإنما الشأن كله في مطابقة الأقوال للأعمال، وموافقة الكلام للأفعال، وتصديق المقال بشهادة الحال.

٧٥٢

(الكلم الجامعة والحكم النافعة)

وبالله المستعان وعليه التكلان.

(حرف الألف)

قال أدام الله ظلاله وفضله وأفضاله:

1 - الإيجاز في الكلام، أنجح في تحصيل المرام.

2 - ازدد خبراً، تزدد خيراً.

3 - إذا كذب الرائد أهله، هلكوا من غير مهلة.

4 - أقل فوائد السكوت الراحة.

5 - الإغراق في المدح يعكسه ذماً.

6 - اربح البضائع في سوق الآخرة: الزهد في الدنيا الداخرة.

8 - إذا استهان بك مَن دونك، فلا عليك، فقد استهان بنفسه دونك.

لله قائلها من مواقف مشهودة، ومقامات غير معدودة، مرقت إليه أسهم الجسارة، واستهدفته بوجه نبال الشتم والحقارة، فما تحرّكت ذرة من طود حلمه، ولا أجاب إلاّ بالسكوت والصفح عن جرمه، (فأمر ثم أقول ما يعنيني)، ولا بدع! فتلك سجيّة آبائه، وشنشنة أشياخه.

9 - أعظِم المصائب في الدين، وأربح المكاسب كسب المتَّقين.

10 - أتحسب أنك تركتَ سُدى؟! كلا، فشمِّر لعلَّك تجد على النار هدى.

11 - أعمالُ السداد، سدادٌ لأبواب الفساد.

12 - أين المناص إذا بلغ السيل الزُّبى، وكيف الخلاص إذا وصل الحزام الطبى.

13 - إطلاق اللسان، تقييدٌ للجنان.

(يفسر هذه الجملة قوله).

14 - إطلاق النفس في ارتكاب الشهوات، تقييد للعقل عن أعمال المدركات.

فإن المراد بإطلاق اللسان تركه بلا لجام وبغير زمام، يقول ما شاء ويتناول مَن شاء، كإطلاق النفس في شهواتها وسائر عمَّالها وأدواتها كالعين والأذن

٧٥٣

وغيرها.

15 - امتن التدابير إيكال الأمر إلى اللطيف الخبير.

16 - إنما يعمل العقل عمله إذا عقلت النفس بعقاله عند نزعاتها، وقيّدتها بزمامه عند شهواتها.

17 - اختبر ثم اخبر.

ما أحسنها وأزينها وأقواها وأمنتها، وهي تنظر إلى قول جده (عليه والسلام): (كفى بالمرء جهلاً أن يحدّث بكلّما سمع) أو ما هو بمعناه. ومن كمال متانة المرء أن لا يرسل في غير سدد، ولا يقول عن غير سداد، هدانا الله إلى سبل الكمال، والأخذ بصالح الأعمال والأقوال.

18 - الالتزام بالشريعة الطاهرة، صلاح الدنيا وفلاح الآخرة.

19 - في الإقدام على المبهمات خطر عظيم.

هذه هي الحكمة العلية، والقبسة العلوية، التي كلّما ازددت بها فكراً، استعظمت لها أمراً واستكبرت لها قدراً، ولسان القلم في بيانها كليل، كما إن مجال العبرة بها عريض طويل.

20 - الأنانية تذهب شرف الإنسانية.

21 - إيّاك والمجارات مع دونك، وعليك بالإعراض عمَّن لا تأمَن أن يخونك.

22 - أهم المطالب للمراقبين حسن العاقبة.

23 - إضاعة السر إذاعة الشر.

24 - إذا لم تدرك ما فات فاستدرك فيما هو آت.

25 - إطلاق المال تقييد الرجال.

26 - إذا لم تؤد حقوق إخوانك ذهبوا عباديد.

27 - الاستغناء خيرٌ من الغنى، إذ ليس في الغنى كل المُنى.

ما أجلّ هذه الجملة وأجملها، وأملكها لأعنّة الفضل وأكملها، ولعمر الحصافة والتدبر أنها لممَّا تشهد بصحتها القرائح القارحة، والألباب المتقادحة، وتسمعها آذان العقول، وتبصرها عيون البصائر وتراها على اليقين والبتة، والبداهة والضرورة. نعم، وبعد! فلها شرف المضمون، وسلامة

٧٥٤

اللفظ، وبراعة المعنى، وجزالة البيان، أحلتُ شرح كل ذلك إلى فطانتك أيها السامع، ونباهتك أيها المتدبر المنصت، فاعرفها، واحتفظ عليها، ومما يقرب منها ما وجدته لبعض فصحاء الصلحاء حيث يقول: (يا ابن آدم، إن كان يغنيك من الدنيا ما يكفيك، فكل شيء منها يغنيك، وإن كان لا يغنيك ما يكفيك، فكل ما فيها لا يغنيك) وأمثالها كثير عن معادن الحكمة، وأهل بيت الوحي والعصمة، صلوات الله عليهم وعلى ذراريهم وسابقهم وتاليهم.

قال سدَّد الله قوله، ومدّ ظله وطوله:

28 - من أنفس الأخلاق، قطع العلقة عن الأعلاق.

29 - إدرار الإحسان، إكثار الأعوان.

30 - إذا كان الذئب راعي القطيع، فالخطب فظيع والموت ذريع.

31 - اكسر سورة الشهوة بفورة الجوع، وامنع جماح الحرص بزمام القنوع.

32 - اقنع بالزهيد من القوت، وقم لله بالقنوت، فإن فاتك شيء في الدنيا ففي الآخرة لا بفوت.

33 - إياك والاقتحام في الأمور العظام، قبل الاستشارة من ذوى الأحلام، والاستخارة من الملك العلاّم.

34 - أعلى مقامات العارفين التسليم لأمر الله، ثم الرضا بقضاء الله، ثم التوكّل على الله.

35 - أسّ العبادة ثلاثة: خلوص النية، وحضور القلب، والاعتراف بالقصور في العبودية.

36 - إذا طال الكلام، خفي المرام.

37 - أفٍ لزمان سَحاب الباطل فيه هاطل، وغمام الغم هامل، ومزن الحزن ماطر، وغيم الهم قاطر، سبل الفساد خرب البلاد، ونار الفتنة أحرقت العباد، وانمحى فيه اسم الدين فضلاً عن رسمه، وانقطع فرع الشرع فضلاً عن أصله، الباطل فيه مشيع، والحق مضيع.

٧٥٥

(حرف الباء)

1 - البداية أنموذج النهاية (وغاية الشيء تدرى من مبادئه).

2 - بسط الموائد، يقرّب الأباعد، وينشر المحامد.

3 - بلوغ الآمال، بركوب الأهوال.

4 - بئست المأكلة، ما تحصل بالمسألة.

5 - بئس النوال، ما سبق بالسؤال.

6 - بروق المطامع مصارع.

7 - البطنة تعفي الفطنة.

(حرف التاء)

1 - التوكّل: أعظم أنحاء التوسل.

2 - التحبّب حبالة المودة، والتزاور لدوامها معدّ وعدة.

3 - تشقيق المسألة عون على جوابها.

4 - التفكّر مفتاح الفلاح، ومصباح النجاح.

5 - التعب، ولا العَتَب.

6 - توجيه الغلط غلط آخر.

7 - تذكُّر الموت عقال النفس عن شهواتها، والتفكّر في حقيقته ملةٍ لها عن لهواتها.

8 - تسكين فورة الخصم بمبادرة السلام.

9 - التواضع سُلَّم الرفعة.

10 - تسخير الخَلق، بحسن الخُلق.

11 - تعمير الدنيا تخريب الآخرة.

12 - تذكّر جلال الله عون على حضور القلب.

13 - تفحّص في موارد الأمور عن مصادرها.

14 - توزيع الوقت توسيعه.

15 - تشتيت الوقت تفويته.

16 - تقييد النفس بالجوع والسهر، إطلاق للعقل في إعمال النظر.

17 - تذكُّر المنيّة، منسٍ لكل أمنية.

٧٥٦

18 - التفكّر قبل العمل عون على سرعة انقضائه.

19 - تذليل الصعاب، بتثقيل الركاب.

20 - التجاهل يمنع التجاسر، والتغافل يرفع التنافر.

(قد مر نظير هاتين الفقرتين وهما بمنتهى الحسن والبلاغة، وشرف المعنى ونافع الحكمة، فتدبّر إنشاء الله تعالى).

21 - في تفريغ البال وتقصير الآمال، توسيع الحال وتأخير الآجال.

22 - التنافس في غير الخير لا خير فيه.

23 - تباً لزمان سوق الآخرة فيه كساد، وبضاعة تجَّاره إلى نفاد.

(حرف الثاء)

1 - ثمر المعرفة خشية الله، وثمر الخشية رضوان الله.

2 - ثقْ بالواحد الأحد، ولا تثق من الناس بأحد.

(حرف الجيم)

1 - جُماع الخير كله الثقة بالله.

2 - الجفاء من الأحبّاء أشد مضاضة، والخيانة من الأصدقاء أكثر غضاضة.

3 - الجمال محاسن الأخلاق لا بياض الوجه وسواد الأحداق.

(الحماسي) [بحر الكامل]:

ليس الجمال بمئزرٍ

فاعلم وإن رديتَ بردا

إن الجمال مفاخر

ومحاسن أورثن مجدا

(وأطيب منه قول أبي الطيّب) [بحر الطويل]:

وما الحسن في وجه الفتى شرفاً له

إذا لم يكن في فعله والخلائق

4 - الجهل بالجهل داء لا دواء له.

5 - الجفاء من الأحباء أكظ، والشقاء من الأقرباء أمض.

(حرف الحاء)

1 - حبّ السلامة، يزرع حبّ الملامة.

2 - بالحباء، تكثر الأحباء.

٧٥٧

3 - حسن التوسط في الأمور غير مخصص.

4 - حسن المودة في انعكاسها.

5 - الحر مملوكُ عقلِه، لا مَن ملك الأحرار بجهله.

6 - الحرّ لا يتحمّل المَنّ.

7 - حال الصديق شاهد صدق على الحال.

8 - الحازم، يرى اللوازم.

9 - حياة المؤمن في مماته.

نظر أحسن الله نظره إليه في نسخة الأصل التي جمعنا فيها هذه المحكمات من حكمه فكتب على الحاشية بقلمه ما نصه:

10 - حسن العاقبة من أهم المطالب وأكملها، وأتم المأرب وأفضلها، وأربع المقاصد وأعلاها، وأفخر الفوائد وأولاها.

(حرف الخاء)

1 - خير التواضع ما كان في الأمراء.

2 - خير الإخوان مَن وقاك، وشرهم مَن أشقاك.

3 - خذ حذرك، تأمن وزرك.

4 - الخيانة مع الخائن في ظلمه أمانة، واستيمانه عليه خيانة.

5 - الخداع من أسوء الطباع.

6 - خير المودة ما كانت معكوسة.

يمكن أن يراد بانعكاس المودة هنا كونها من الطرفين ويكون المراد بها فيما تقدم قريباً كونها تدوم فلا تكون الفقرتان بمعنى واحد، بل يكون محصلهما أن حسن المودة كونها دائمة، وخيرها ما كان من الطرفين، ولقد أبدع الأرجاني بقوله:

مودته تدوم لكل هول

وهل كل مودته تدوم

7 - خير المغاني ما بني على كسب لا اللهو بالأغاني.

8 - خير الناس مَن سعى في خير الناس.

هذا موضع ما يقال في الأمثال: (أنجد من رأى حضناً). وهذه الكلمة تدل على

٧٥٨

شرف النفس وعلو الهمة ونفاس الجوهر والحنان العام والتمحض في خيرية الذات وجوهرية الصفات، فجزى الله قائلها عن كرم الأخلاق ومحاسنها خير جزاء المحسنين، ومثلها أو قريب منها قوله دامت خيراته:

9 - خاتمة الخير خاتمة الخيرات.

وقفت عند البلوغ إلى هذا الموضع من الجمع والتحرير على فقرة من جوامع الكلم لسيد المرسلين (صلوات الله عليه وعلى أبنائه الطاهرين) مما جمعه القضاعي في الشهاب، وهي قوله (صلوات الله عليه): (خير الناس أنفعهم للناس) وهذا من الاتفاق الغريب، فإني أعلم على البت واليقين أن سيدنا الشريف (مد الله ظله) ما وقف على هذا الكتاب ولا بلغه مدة عمره، وحسن هذا الاتفاق مما يدل على معنى باهر، ولا جرم فإنه دوح تلك الشجرة، وزيت هاتيك الثمرة، فهو يحتاج من ذلك القليب، ويشقى من تلك الشآبيب، متعنا الله ببقائه إنشاء الله تعالى.

(حرف الدال)

1 - دليل عقل المرء كلامه، وعن جوهر حكمته تنبؤك أحكامه.

صدق أيَّده الله وأصاب المحل وطبق المفصل، ومن هنا تعرف علو مقامه، وشرف ذاته بشرف حكمته وأحكامه، فتدبّر في كلماته فإنها مرآة ذاته.

2 - الدنيا نوم نائم، ومسراتها أحلام حالم.

3 - من الداء العياء، إخفاء المرض عن الأطباء.

(حرف الذال)

1 - ذكر الله جلاء القلوب عن درن الذنوب.

2 - ذلاقة اللسان تعمل عمل السنان.

3 - الذلة والطمع توأمان، والعزة والقناعة رضيعا لبان، والجود والسؤدد فرسا رهان.

4 - ذلة السؤال قصيرة الأمد، ولذّة العلم إلى الأبد.

5 - ذلل صعاب الأمور بالتوطين على ركوبها.

٧٥٩

(حرف الراء)

1 - رضوان الله لذة لا تدركها العقول، ورحمته غاية كل مأمول.

2 - رُبَّ منع أحسن من عطاء، ورُبَّ بُخلٍ خير من سخاء.

3 - رُبَّ فائدة تمنع فوائد، ورُبَّ مائدة تدفع موائد.

4 - رُبَّ خير يعقب شراً، ورُبَّ نفع يجلب ضراً.

5 - راع سربك تملأ غربك.

6 - الرضا بالقضاء يهون كل ملمة، والهمة تكفي كل مهمة.

7 - رحم العدى أشد من شماتتهم.

8 - رُبَّ مرارة تؤل إلى حلاوة، ورُبَّ محبة مغبتها عداوة.

9 - رُبَّ منادمة تعقب ندامة، وكم من مجالسة تورث ملامة، ورُبَّ مزاورة توجب منافرة، ورُبَّ محاورة تنجر إلى مشاجرة، فكن حبيس بيتك، وجليس دارك، وهيِّئ العدَّة والزاد لمحل قرارك.

10 - في الرضا بالقسمة راحة القلب، الرقيب عتيد والأمر شديد، رُبَّ إقدام تزل فيه الأقدام، رُبَّ كلام كلام ورُبَّ سلام سلام.

(حرف الزاء)

1 - زينوا محاسن الأقوال، بمحاسن الأفعال.

2 - الزمان بأهله، وكل شيء لاحق بأصله.

3 - الزهادة، مجمع كل سعادة.

4 - الزهادة واسطة قلادة الفضائل، والحرص والطمع من أرذل الخصائل.

5 - زم نفسك بزمام الهدى، ولا تحسب أنك تركت سدى.

6 - زيارة الإخوان زيادة الأعوان.

7 - زكاة العلم نشره.

(حرف السين)

1 - السكوت سلم السلامة، والكلام معرض الندامة.

(ولقد أحسن الحسن بن هاني في قوله):

إِنَّما السالِمُ مَن أَلجَمَ فاهُ بِلِجامِ

مُت بِداءِ الصَمتِ خَيرٌ لَكَ مِن داءِ الكَلامِ

٧٦٠