السيد محمد كاظم اليزدي

السيد محمد كاظم اليزدي7%

السيد محمد كاظم اليزدي مؤلف:
الناشر: ذوي القربى
تصنيف: شخصيات إسلامية
الصفحات: 813

السيد محمد كاظم اليزدي
  • البداية
  • السابق
  • 813 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 288139 / تحميل: 13204
الحجم الحجم الحجم
السيد محمد كاظم اليزدي

السيد محمد كاظم اليزدي

مؤلف:
الناشر: ذوي القربى
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

٣٢٨ - الشيخ موسى بن محمد الخوانساري (١٢٩٣ - ١٣٦٣هـ). فقيه أُصولي، فاضل.

( ترجمته في: الذريعة ٤/٣٩٦، معجم المطبوعات النجفية ٣٥٢، معجم المؤلِّفين العراقيين ٣/٣٥٤، معجم رجال الفكر ٢/٥٥٢، ضياء الأبصار ٢/٥٣٤ - ٥٤١ ).

٣٢٩ - الشيخ موسى بن محمد القرملي (١٣٠١ - ١٣٣٥هـ). عالم فاضل، وأديب كامل.

( ترجمته في: أعيان الشيعة ١/١٩٥، ماضي النجف ٣/٧٣، معارف الرجال ٣/٦٧، شعراء الغري ١١/٤٨٨، معجم رجال الفكر ٣/٩٧٩ ).

٣٣٠ - الشيخ موسى بن محمد بن ناصر آل لائذ العيساوي (١٣٦٧هـ). عالم عامل، مجتهد جليل، محقِّق أُصولي، من أساتذة الفقه والأُصول.

( ترجمته في: شخصيّت أنصاري ٤٣١، ماضي النجف ٣/٥٢٤، معارف الرجال ١/٣١١، و٢/٣٧٩، ٣٨١، معجم رجال الفكر ٣/١١٢٥ ).

٣٣١ - الشيخ نور الدين خلعت بري التنكابني (ت١٣٥١هـ). عالم فاضل.

( ترجمته في: بزرگان تنكابن ص٢٨٤ ).

٣٣٢ - السيد نور الدين بن أبي طالب بن محمد هاشم الحسيني الهاشمي الشيرازي (١٣٧٦هـ).

فقيه أُصولي، عالم جليل، أديب شاعر، خطيب متكلِّم، مؤلِّف كاتب.

( ترجمته في: نقباء البشر ١/٥٠، دانشمندان فارس ٢/٢٦٨، الذريعة ٣/٤١٣، رجال إيران ٦/٢٨٧، شيراز ٤٠٣، معجم رجال الفكر ٢/٧٨٢ ).

٣٣٣ - الشيخ هادي بن عباس بن علي بن الشيخ جعفر كاشف الغطاء (١٢٨٩ - ١٣٦١هـ). عالم جليل، فقيه أُصولي، أديب فاضل، شاعر، من مراجع التقليد في النجف وأئمّة الجماعة في الصحن الحيدري.

( ترجمته في: آداب اللغة العربية ٤/٤٩٠، الأعلام ٩/٣٧، أعيان الشيعة ٥٠/٣٨، الذريعة ٢/٤٧٢، و١٠/٢٣٦، و١٣/٢٤١، و٢٠/٩٨، و٢١/٦، و٢٢/١٦ و٢٥/٢٠٣، شخصيّت أنصاري ٤٣٣، شعراء الغري ١٢/٣٥٧، الغدير ٤/١٩٨، كتابهاي چابي عربي ١٠٤، ٣٩٩، ٨٢١، ٨٤٠، ١٠٠٤، ماضي النجف ١/١٦٥، ٣/٢١٠، معجم

٨١

المطبوعات النجفية ٣١١، ٣١٨، ٣٤٢، معارف الرجال ٣/٢٤٥، معجم المؤلِّفين ١٣/١٢٦، معجم المؤلِّفين العراقيين ٣/٣٢٦، مكارم الآثار ٤/١٤٢٩، نقباء البشر ٣/١٠٠٩، معجم رجال الفكر ٣/١٠٥٤ ).

٣٣٤ - الشيخ هادي بن غدير بن مظلوم الطائي الطرفي (١٢٧٨ - ١٣٥٨هـ). عالم جليل، فقيه زاهد، ورع تقي ناسك، من أساتذة الفقه والأُصول والتحقيق، ثقة عدل.

( ترجمته في: معارف الرجال ١/٩، ٣/٢٣٥، معجم رجال الفكر ٢/٨٣١ ).

٣٣٥ - الميرزا السيد هادي بن علي بن محمد البجستاني النجفي الحائري . فقيه أُصولي، عالم متتبّع، مؤلِّف محقِّق مكثر.

( ترجمته في: أحسن الوديعة ١/٢١٦، أعيان الشيعة ٤٢/١٩٨، الذريعة ٢/٧٠، ١٩٧، و٨/٤٢، ٢٠٨، و١٥/١٤٩، و٢٤/١٩٠، كتابهاي عربي چابي ٢١، ٧٠، ٨٤، ٤٣٣، ٤٥٦، ٤٧٩، ٨٧٠، معارف الرجال ٢/٢٣٢، معجم المؤلِّفين العراقيين ٣/٤٢٣، معجم المطبوعات النجفية ٨٦، علماء معاصرين ٢٤٤، معجم رجال الفكر ٢/٤٨١ ).

٣٣٦ - السيد هاشم بن مهدي بن صالح الطباطبائي الحكيم (ت١٣٧٥هـ). فقيه أُصولي، عالم مجتهد، محقّق متتبّع، من أعلام الفقهاء والعلماء.

( ترجمته في: معارف الرجال ٢/١٩٢، معجم رجال الفكر ٢/٤٨١ ).

٣٣٧ - الشيخ المولى هداية الله ( أغا ) بن هداية الله الساوجي (ت١٣٣٣هـ). عالم جليل.

( ترجمته في: نقباء البشر: ١/١٧١ ).

٣٣٨ - الشيخ الميرزا أبو الهدى بن أبي المعالي الخراساني الكرباسي الكاخي الأصفهاني (ت١٣٥٦هـ). عالم فقيه ورجالي متبحِّر، من أساتذة الفقه والأُصول.

( ترجمته في: نقباء البشر: ١/٨١، أعيان الشيعة ٧/٣٧٩، تذكرة القبور ١٠٦، الذريعة ٣/٦٧، ٤٠٣، ٨/٦٣، و١٢/٢٢٩، و١٥/٣٤، ١٦/٣٣٧، ريحانة الأدب ٧/٢٩٨، كتابهاي چابي عربي ٤١٣، ٥٢٤، ماضي النجف ٣/٢٣٥، مصفّى المقال ٣٩، معجم المؤلِّفين ١٣/١٤٦، مكارم الآثار ٤/١٣٠٤، نجوم السماء ١/٣٧٩، معجم رجال الفكر ٣/١٠٦٧ ).

٨٢

٣٣٩ - السيد يحيى الموسوي .

( ترجمته في: نجوم السرد ٧٢٢ ).

٣٤٠ - الميرزا يوسف الصّديق الأشكوري (١٢٨٥ - ١٣٥٠هـ). عالم، مدرِّس.

( ترجمته في: بزرگان تنكابن ص٢٩٣ ).

٣٤١ - الشيخ يوسف بن علي بن محمد بن علي الحاريصي الفقيه العاملي (١٢٩٧ - ١٣٦٨هـ). مجتهد جليل، فقيه أًُصولي، عالم عامل، أديب شاعر، من أساتذة الفقه والأُصول.

( ترجمته في: الذريعة ١/٢٩٣، و٧/٣١، ٤٢ و١٣/٣٣٢ و٢١/٩٠/١١٥، شعراء الغري ١٢/٤٣٩، معارف الرجال ٢/٣٩٢، معجم المؤلِّفين العراقيين ٣/٤٨٣، ماضي النجف ٣/١٣، معجم رجال الفكر ٢/٩٤٨ ).

٣٤٢ - يوسف بن الميرزا محسن بن عبد الله بن لطف علي الغروي (١٢٧١ - ١٣٣٩هـ). عالم مجتهد، من أساتذة الفقه والأُصول.

( ترجمته في: تاريخ أردبيل ٢/٣٥٣، معجم رجال الفكر ١/١٠٣ ).

٣٤٣ - السيد يونس بن محيي الدين تقي بن فتح علي الموسوي الأردبيلي (١٢٩٦ - ١٣٧٧هـ). فقيه مجتهد، من كبار مراجع التقليد، زعيم، ورع، زاهد.

( ترجمته في: مشاهير مدفون در حرم رضوي ٦٠، علماي بزرگ شيعة ص٤١٦، دائرة معارف تشيّع ٢/٦٤، تاريخ أردبيل ٢/٣٦١، ٣٧٠، تأريخ علماي خراسان ٢٥٠، گنجينه دانشمندان ٣/٦١، تاريخ آستان قدس ٣٣٧، كتابهاي چابي عربي ١٤١، ٨٦٩، معجم رجال الفكر ١/٩٩ ).

٨٣

إجازاته العلمية والروائية

يروي السيد اليزدي عن عدد من العلماء المشاهير الذين أجازوه إجازة اجتهاد ورواية.

أ - فمن شيوخه بالرواية(١) :

السيد الميرزا محمد باقر بن زين العابدين الموسوي الخونساري، صاحب ( روضات الجنّات ) (٢) .

يروي عن والده(٣) ، عن إمام الجمعة بأصبهان الأمير محمد حسين الخاتون آبادي(٤) ، عن والده الأجل الأكمل الأمير عبد الباقي(٥) ، إمام الجمعة بأصفهان، عن والده الأفضل المتبحِّر الأمير محمد حسين الخاتون آبادي(٦) سبط العلاّمة المجلسي،

____________________

(١) الثبت الجديد في معرفة المشايخ والمسانيد - خ -: لكاظم عبود الفتلاوي.

(٢) السيد محمد باقر بن زين العابدين بن جعفر الموسوي الهزار جريبي الخوانساري الأصفهاني (١٢٢٦ - ١٣١٣هـ) فقيه متضلّع، عالم متبحّر، مؤلّف محقّق، رجالي محدّث، من أساتذة الفقه والأُصول والرجال، أديب.

( ترجمته في: أحسن الوديعة ١٢٦ - ١٣٩، أعيان الشيعة ٤٤/١٠٧، روضات الجنّات ٢/١٠٥، نقباء البشر ١/٢١١، معارف الرجال ١/٢٠، تذكرة القبور ١٧٥، ريحانة الأدب ٣/٣٦٦، علماء معاصرين ٥٣، فوائد الرضوية ٤٠٣، الكنى والألقاب ٢/٢٢٢، مصفّى المقال ٨٩، نجوم السماء ١/٣٦٢، الأعلام ٦/٤٩، معجم رجال ٢/٥٤١، ضياء الأبصار ١/٤٣٤ - ٤٨١، وغيرها ).

(٣) السيد زين العابدين بن السيد أبي القاسم جعفر الموسوي الخونساري (١١٩٠ - ١٢٧٥هـ) عالم جليل، فقيه نحرير، من أكبر رؤساء العلماء بأصفهان في عصره.

(٤) السيد محمد حسين ( الصغير ) الملقّب بسلطان العلماء ابن الأمير عبد الباقي بن محمد حسين ( الكبير ) الحسيني الخاتون آبادي (ت١٢٣٣هـ) من كبار علماء وقته.

(٥) السيد الأمير عبد الباقي بن الأمير محمد حسين بن الأمير محمد صالح الخاتون آبادي (ت١٢٠٧هـ) من كبار علماء عصره.

( ترجمته في: الكرام البررة ١/٦٩٨ - ٦٩٩ ).

(٦) السيد الأمير محمد حسين بن الأمير محمد صالح بن الأمير عبد الواسع الحسيني الخاتون آبادي (ت ١٥١١هـ).

=

٨٤

عن جدّه المجلسي(١) عن مشايخه.

ومنهم:السيد هاشم بن زين العابدين الچهارسوقي الخوانساري، ( أخ السيد محمد باقر صاحب الروضات ) .

يروي عن والده.

ومنهم:الشيخ مهدي بن علي بن جعفر آل كاشف الغطاء .

يروي عن والده، عن والده الشيخ جعفر الكبير، عن الوحيد البهبهاني، عن والده، عن الشيخ المجلسي.

ومنهم:الشيخ راضي بن محمد بن محسن المالكي (٢) ( جد أُسرة آل الشيخ راضي ) .

يروي عن خاليه علي وحسن ابنَي الشيخ جعفر الكبير كاشف الغطاء، عن مشايخه.

ومنهم:الشيخ حسين النوري .

يروي عن مشايخه المذكورين في خاتمة مستدرك وسائل الشيعة.

ب - وممّن أجازهم بالاجتهاد والرواية:

السيد ميرزا عطاء الله بن السيد محمد باقر - صاحب الروضات - الخوانساري (١٢٦٦ - ١٣٣٥هـ). عالم فاضل، فقيه ورع.

( ترجمته في: ضياء الأبصار ٢/٢٧٦ - ٢٧٧ ).

الشيخ عمران بن أحمد بن عبد الحسين بن محسن آل دعيبل الخفاجي (١٢٤٧ - ١٣٢٨هـ). فقيه بارع، وعالم ورع.

____________________

= ( ترجمته في: طبقات أعلام الشيعة ٦/١٩٨، مصفّى المقال ١٥٤ ).

(١) الشيخ محمد باقر بن محمد تقي بن مقصود علي الأصفهاني المجلسي (١٠٣٧ - ١١١١هـ) وليّ مشيخة الإسلام في أصفهان.

( ترجمته في: روضات الجنّات ١/١١٨ - ١٢٤، الذريعة ٣/١٦، الأعلام ٦/٤٨ ).

(٢) الشيخ راضي ابن الشيخ محمد ابن الشيخ محسن ابن الشيخ خضر (ت١٢٩٠هـ) من أعاظم فقهاء عصره، ومشاهير علماء النجف وزعمائها.

(ترجمته في: الكرام البررة ٢/٥٢٧، أحسن الوديعة ٢/٨٤، أعيان الشيعة ٦/٤٤٦، شخصيّت أنصاري ٣٦٧، المآثر والآثار ١٤٥، معارف الرجال ١/٣٠٨، ماضي النجف ٢/٢٨٩، نجوم السماء ١/٣٣٤، فوائد الرضوية ١٨١، الذريعة ٦/٢٢٧، معجم رجال الفكر ٢/٥٨٨ ).

٨٥

( ترجمته في: نقباء البشر ٤/١٦٣٣، أحسن الوديعة ١/٨٩، الذريعة ٤/٢٩٥، ماضي النجف ٣/٢٨٥، معارف الرجال ٣/٧٨، مكارم الآثار ٤/١٣١٤، معجم رجال الفكر ٢/٥٧٥ ).

الشيخ محمد باقر بن محمد حسن بن أسد الله الشريف البيرجندي القائني (١٢٧٦ - ١٣٥٢هـ). عالم فاضل، فقيه.

( ترجمته في: تراجم الرجال ٣/٩٤ ).

ج - وممّن أجازهم بالاجتهاد:

كان السيد اليزدي صلباً متشدّداً في منح إجازات الاجتهاد، أو إعطاء رأيه بأعلمية من دون المستوى الذي يراه هو، فقد ذكر الشيخ محمد تقي الفقيه العاملي أنّ أباه العلاّمة الجليل الشيخ يوسف الفقيه، بعد أن وصل إلى النجف الأشرف وحضر عند علمائها، وكان ذاك بين ١٣١٨ و١٣٢٥ هـ، كان ممّا حضره من البحوث بحث السيد اليزدي، فاستجاز السيد، فطلب منه البيّنة، إلاّ أنّ الشيخ أراد أن يكون ذلك بالامتحان مشافهةً فامتحنه مراراً في مجالس متعددة، ولكنّه قال هذا لا يكفي بل ائتني ببعض ما كتبت، وكان قد كتب شرحاً مفصّلاً على كتاب الطهارة من الشرائع فعرضه على السيد، وبعد أيام أرجعه، وقد كتب عليه: ( لقد أجلتُ فيما ألّفه نور بصري بصري، وسرّحتُ فيما رصّفه جلاء نظري نظري، فوجدته بحمد الله روضة فضل بالأزهار مشحونة، بل عيبة علم ولا عيب سوى أنّها يتيمة، أدام الله معالي أبيها مكنونة، فلقد بذل جهده في العلوم، ووقع من منطوقها على المفهوم، ولا زال باذلاً في العلوم مساعيه، وارداً أصفى مناهله، ومرتقٍ لأسمى مراقيه بمحمد وآله صلوات الله عليهم )(١) .

فكان ممّن منحهم إجازة اجتهاد:

الشيخ محمد رضا ابن الميرزا عبد الرحيم بن محمد رضا ( شيخ الإسلام ) الكلباسي الأصفهاني (١٢٩٥ -....). عالم جليل.

( ترجمته في: نقباء البشر ٢/٧٥٩، المنتخب ٤٩٣ ).

____________________

(١) حجر وطين: ٤/٤٣ - ٤٤.

٨٦

( ولده الأكبر ) السيد محمد بن محمد كاظم الطباطبائي اليزدي (١٢٩٩ - ١٣٣٦هـ).

انظر: بحث ( تدريسه وتلامذته ) و( أولاده وأحفاده وأعلام أُسرته ).

السيد ميرزا محمد كاظم - أبو الفضائل - بن السيد حسن بن محمد صادق بن أبي القاسم الكلبايكاني الخوانساري (١٢٧١ - ١٣٢٩هـ). عالم فقيه أُصولي.

( ترجمته في: دانشمندان گلبايگان ٢/٢٠٢ - ٣٩٤، فهرست نسخة هاي خطي گلبايگان ٢٥٣، گنجينه دانشمندان ٧/٥٠٨. ضياء الأبصار ٢/٣٨٦ - ٣٩٢ ).

الشيخ موسى بن عمران دعيبل (١٢٩٧ - ١٣٨٧هـ).

انظر: بحث ( تدريسه وتلامذته ).

د - وممّن أجازهم بالرواية:

السيد جعفر بن محمد باقر آل بحر العلوم.

انظر: بحث ( تدريسه وتلامذته ).

الميرزا حسن بن إبراهيم الأصبهاني (ت بعد ١٣٢٣هـ). عالم، جليل، مدرِّس.

( ترجمته في: تراجم الرجال ١/٢٣٠ ).

السيد أبو الحسن بن السيد محمد الموسوي الأصفهاني (١٢٨٤ - ١٣٦٥هـ). فقيه أُصولي، وعالم كبير، وشخصيّة فذّة، استقلّ بالرئاسة الدينية والمرجعيّة الكبرى من غير منازع.

( ترجمته في: نقباء البشر ١/٤١، معارف الرجال ١/٤٦، أعيان الشيعة ٥٢/٤٧، ريحانة الأدب ١/١٤٢، شخصيّت أنصاري ٤٣٦، معجم المؤلِّفين العراقيين ١/٦٠، معجم رجال الفكر ١/١٢٩ وغيرها ).

الميرزا حسين الملاذ ابن الميرزا أحمد ابن السيد محمد باقر ( صاحب الروضات ) (١٣٠٢ - ١٣٨٢هـ).

( ترجمته في: تاريخ أصفهان، تذكرة القبور، مقدّمة مناهج المعارف ٢٨٠، ضياء الأبصار ١/٦٤٩ - ٦٥٠ ).

الشيخ عبد الحسين الرشتي .

انظر: بحث ( تدريسه وتلامذته ).

٨٧

الشيخ عبد الكريم بن علي الخنيزي .

الشيخ عبد الكريم بن محمد رضا الزنجاني .

انظر: بحث ( تدريسه وتلامذته ).

السيد عبد الله بن محسن بن محمد باقر الحسيني الأعرجي الأصفهاني (١٢٨٥ - ١٣٨١هـ). عالم، فقيه أُصولي، ثقة، ورع.

( ترجمته في: نقباء البشر ٣/١٢١٠، شعراء أصفهان ٤٣٨، الذريعة ٦/٢٩٧، ٨/١٠٠، ٤/٣٦٣، ٨/٣٨٢، مصفّى المقال ٢٤٥، مصادر الدراسة عن النجف ٤٦، ١١١، هدية الرازي ١١٦ - ١١٧، معجم رجال الفكر ١/٣٢٦، المنتخب ٢٧٩ ).

الشيخ عبد الهادي شليلة البغدادي.

انظر: بحث ( تدريسه وتلامذته ).

الشيخ علي بن محمد الشاهرودي الحائري (١٢٨٨ - ١٣٥١هـ). عالم بارع، فقيه محقّق، من أساتذة الفقه والأُصول.

( ترجمته في: أعيان الشيعة ٤٢/٨٦، معجم المؤلِّفين ٧/٢٠٢، نقباء البشر ٤/١٥١٨، تاريخ الحركة العلمية في كربلاء، معجم رجال الفكر ٢/٧٠٤ ).

الشيخ علي المازندراني .

انظر: بحث ( تدريسه وتلامذته ).

الشيخ فرج الله التبريزي العبايچي.

انظر: بحث ( تدريسه وتلامذته ).

السيد ماجد ابن السيد هاشم العوامي القطيفي (١٢٧٩ - ١٣٦٧هـ). عالم فاضل، أديب، شاعر.

أجازه بتاريخ ١/٤/١٣٢٨هـ.

( ترجمته في: الأزهار الأرجية ٢/٤٨ - ٤٩ ).

الشيخ محمد إسماعيل بن محمد باقر بن محمد تقي الأصفهاني الحائري (ت١٣٧٠هـ). فاضل.

( ترجمته في: الإجازة الكبيرة للمرعشي ١٥١ ).

٨٨

السيد محمد باقر بن محمد بن علي شاه الرضوي الكشميري الهندي اللكهنوي القمّي (١٢٨٦ - ١٣٤٦هـ). مجتهد كبير، ومرجع ديني، من مشاهير عصره.

( ترجمته في: نقباء البشر ١/١٩٢، أعيان الشيعة ٤٤/٩٠ - ٩١، ١٠٢، ١٠٣، الذريعة ٢/٣٧، ١١/٣٠١، ١٥/٩٦، ١٧/٢١٤، كتابهاي عربي چابي ٤٩، المطبوعات النجفية ٧٥، معارف الرجال ٢/١٤٥، مكارم الآثار ٥/١٦٣٢، معجم المؤلِّفين ٩/٩٤، نجوم السماء ٢٤٣، معجم رجال الفكر ٢/٦١١، الإجازة الكبيرة ١٥٣ ).

السيد محمد جعفر بن عبد الصمد الموسوي التستري الجزائري (١٢٧٦ - ١٣٥٠هـ). عالم، أديب، ورع تقي.

( ترجمته في: نقباء البشر ١/٢٩١ ).

الشيخ الميرزا محمد حسين ( حاج ميرزا آغا ) بن محمد جعفر الكرماني (ت١٣٢٨هـ). عالم جليل، وفقيه بارع، ورئيس مطاع.

( ترجمته في: نقباء البشر ١/٣٩٢ ).

الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء.

انظر: بحث (تدريسه وتلامذته).

الشيخ محمد بن رجب علي الطهراني العسكري (١٢٨١ - ١٣٧١هـ). عالم، مدرّس، مؤلّف.

( ترجمته في: الإجازة الكبيرة للمرعشي ١٣٥ ).

السيد محمد رضا بن محمد باقر بن علي الحسيني المرعشي الرفسنجاني الكرماني النجفي (١٢٨٥ - ١٣٤٢هـ).

انظر: بحث ( تدريسه وتلامذته ).

( ترجمته في: الإجازة الكبيرة للمرعشي ١٨٥ ).

السيد محمد رضا بن محمد تقي المرعشي.

( ترجمته في: الإجازة الكبيرة للمرعشي ١٨٥ ).

الشيخ محمد بن علي حرز الدين النجفي . عالم جليل، مؤرّخ، مؤلّف.

( ترجمته في: معارف الرجال ٢/٣٢٨ ).

٨٩

الشيخ محمد مهدي بن محمد إسماعيل، الفاضل الخوانساري ( نحو ١٢٩٠ - ١٣٥٥هـ ). عالم مجتهد.

( ترجمته في: تراجم الرجال ٣/٤٠١، ضياء الأبصار ٢/٥٥٧ - ٥٧٧ ).

السيد مير محمد هاشم بن عبد الله بن محمد بن ملك الموسوي المرندي الخوئي (ت١٣٥٨هـ). فقيه واعظ.

تأريخها ليلة ١٠ صفر ١٣٣٢هـ.

( ترجمته في: تراجم الرجال ١/٢٣٠ ).

السيد محمود بن شرف الدين علي التبريزي المرعشي .

انظر: بحث ( تدريسه وتلامذته ).

( ترجمته في: معارف الرجال ٢/٣٢٨ ).

السيد ميرزا محمود بن محمود بن حسن بن مير جعفر الرضوي الخوانساري (١٢٨٥ - ١٣٥٦هـ). من أعاظم علماء خوانسار، فقيه محدّث مفسّر متكلّم.

( ترجمته في: ضياء الأبصار ٢/٤٥٧ - ٤٧١ ).

السيد مشكور الحسيني الطالقاني (١٢٨٢ - ١٣٥٤هـ).

انظر بحث: ( تدريسه وتلامذته ).

السيد مهدي بن علي بن محمد الموسوي الغريفي البحراني (١٢٩٩ - ١٣٤٣هـ). فاضل، مؤلّف، نسّابة.

(ترجمته في: الإجازة الكبيرة للمرعشي ٢٣٠).

الشيخ موسى ابن الشيخ عبد الله الأحسائي الهَجَري (ت حدود ١٣٥٣هـ).

انظر: بحث ( تدريسه وتلامذته ).

( ترجمته في: معارف الرجال ٢/٣٢٨ ).

السيد نجم الحسن الرضوي .

( ترجمته في: أعيان الشيعة ط/١٠/٢٠٥ ).

٩٠

نموذج من الإجازات التي منحها السيد اليزدي

( إجازة السيد علي بن أبي القاسم )

٩١

نموذج من الإجازات الروائيّة التي منحها السيد اليزدي لبعض تلامذته

( إجازة للشيخ عبد الكريم الزنجاني )

٩٢

الفصل الثاني

مرجعيّته وحياته العلمية

* مرجعيّته.

* حياته العلمية.

* جانب من أخلاقه وطباعه.

* تصانيفه ومؤلَّفاته.

* مشاريعه.

* شعره.

٩٣

٩٤

السيد محمد كاظم اليزدي

٩٥

٩٦

مرجعيّته

توفّي الميرزا المجدّد السيد محمد حسين الشيرازي في سامراء سنة ١٣١٢هـ، ونقل جثمانه إلى النجف الأشرف(١) .

وبعد وفاته وانتشار الخبر بين الأوساط، عاد المجتهدون إلى التنافس من جديد على منوال ما كانوا عليه بعد وفاة الشيخ مرتضى الأنصاري، فقد تفرّق المقلِّدون بعد وفاة الشيرازي وتوزّعوا على عدّة مجتهدين، وبهذا اشتهر بعض المجتهدين بعد ما كان مغموراً، ونال البعض الآخر منهم عدداً من المقلِّدين ولم يكن قبلئذ يقلِّده أحد، يمكن القول على أي حال: إنّ المجتهدين الذين نالوا أكبر عدد من المقلِّدين بعد وفاة الشيرازي كانوا ثلاثة، هم: الميرزا حسين الخليلي وكان أكثر مقلِّديه من الفرس، والشيخ محمد طه نجف وكان أكثر مقلِّديه من العرب، والشيخ حسن المامقاني وكان أكثر مقلِّديه من الترك. وقد توفّي المامقاني في آذار من عام ١٩٠٥م، وفي سنة ١٣٢٣هـ توفّي الشيخ محمد طه نجف، وكان مرجعاً دينياً مرموقاً، وبعد وفاته انحاز أكثر المقلِّدين إلى الخليلي، إلاّ أنّه لم يتمتّع بالمرجعية طويلاً، إذ كان حينذاك قد تجاوز التسعين من عمره وأُصيب بالعمى، ثم توفّي في ٥ تشرين الثاني ١٩٠٨م.

وكانت المرجعية في عصره منقسمة بين السيد اليزدي وزميله الشيخ محمد كاظم الآخوند الخراساني، وهما مجتهدان كبيران يشار إليهما في العلم والتدريس، وكان التنافس بينهما شديداً، وقد ظهر تنافسهما بوضوح في قضية المشروطة، كما سنأتي إليها في الفصل الخاص بها.

____________________

(١) لم يحضر السيد اليزدي تشييع جثمان أُستاذه المجدِّد الشيرازي، إذ كان في مسجد السهلة مشغولاً بكتابة تعاليقه العلمية على كتاب المكاسب للشيخ الأنصاري، ولشدّة اهتمامه بهذا البحث لم تسمح له الفرصة بالاشتراك في التشييع، كما لم يصنع مجلس فاتحة، وقد قلّدة كثير من العوام لذلك.

يذكر صاحب أعيان الشيعة ٢٣/٢٧٦ - ٢٧٧: ( وكان في النجف رجل صحّاف من العجم... اسمه الحاج باقر، فقلنا له ونحن جماعة - من باب المطايبة -: أنت يا حاج باقر لمَن قلّدت؟ فقال: قلّدتُ السيد كاظم اليزدي. فقلنا: لماذا؟ فقال: لمّا توفّي الميرزا رفع كل واحد من العلماء بيرقاً، أمّا السيد كاظم فذهب إلى مسجد السهلة وانزوى؛ ولذلك قلّدته... ).

٩٧

وكانت بعض بلاد إيران في انحصار السيّد اليزدي في التقليد، لا يشاركه فيها أحد كدزفول وشوشتر وقم وغير ذلك، إلى أن استشهد الشيخ فضل الله النوري (قُدّس سرّه) عام ١٣٢٧هـ، وتبيّن للناس خطأ المدافعين عن الدستور الحكومي الجديد المسمّى بالحكومة المشروطة، انهال الناس في جميع أنحاء إيران أو أكثرها إلى تقليد السيّد اليزدي، ولمّا اشتهر بالتقليد في العراق وإيران رجع إليه أهالي سائر البلاد الإسلامية آنذاك: كالهند والقفقاز والبحرين وسوريا ولبنان وغير ذلك، فعمّت مرجعيته معظم البلاد الإسلامية، إلى أن توفّي زميله المرحوم الآخوند الخراساني عام ١٣٢٩هـ، فاستقلّ بالمرجعية في جميع الأصقاع الإسلامية، البعيد منها والقريب، مدّة ثمان سنين إلى زمان وفاته(١) .

وكان يؤمّ المصلّين جماعةً في الصحن الحيدري الشريف، ويأتمّ به خلق كثير. وبعد وفاته صار نجله السيد علي يؤمّ الناس بمكانه(٢) .

____________________

(١) المحقّق الطباطبائي ٢/٧٥٩.

(٢) أعيان الشيعة ط ٥/١٤/٣٤٨.

٩٨

حياته العلميّة(١)

يُعدّ الفقيه الأكبر السيد محمد كاظم اليزدي واحداً من أعلام الطائفة، ممّن يدرج ضمن ما يمكن أن يُطلق عليه: (الطبقة الأُولى ) من الفقهاء طوال التاريخ، أي: منذ نشأة الفقه الاستدلالي البادئ بالقديميين، مروراً بالمفيد والمرتضى والطوسي، وامتداداً لفقهاء العصر الوسيط من أمثال: العلاّمة والمحقّق والشهيدين والأردبيلي، وأخيراً: فقهاء الأجيال الأخيرة منذ بحر العلوم، فكاشف الغطاء، فالبهبهاني، فالبحراني، فالجواهري، فالأنصاري، وانتهاءً بالجيل الحديث البادئ بالسيّد اليزدي، والسيّد الحكيم، والسيّد الخوئي،... وهكذا سائر أعلام الطائفة.

هذه الأسماء الفقهية تجسّد الطبقة الأُولى من الأعلام، الذين انتظمتهم الحوزة العلمية طوال تاريخها، ويأتي - السيّد اليزدي - كما أشرنا واحداً يندرج ضمن الطبقة المشار إليها....

طبيعيّاً، ينبغي أن نشير إلى أنّ غالبيّة الفقهاء المذكورين وسواهم، يضطلعون بممارسات أو نشاطات خاصّة، بما يسمّى بالمرجعية الحوزوية مقابل الفقهاء الذين يحملون لقب ( الفقيه ) فحسب، حيث إنّ المرجع يظلّ واحداً من عشرات فقهائنا، ممّن يضطلع بممارسة خاصّة من خلال تشريح الآخرين في الغالب: وهي: التصدّي للفتوى بحيث يرجع ( عوام الناس ) إليه في معرفة وظائفهم الدينية.

والمرجع عادةً إمّا أن يقتصر على نشاطه العلمي الصرف، وإمّا أن يضطلع بنشاط اجتماعي، والنشاط الاجتماعي يتمثّل عادةً في المستويين: الإصلاحي والسياسي، ونقصد بالنشاط الاصطلاحي أو الإصلاح الاجتماعي: ما يمارسه الفقيه من ( خوض ) في حلّ المشكلات الاجتماعية التي تهمّ الحوزة والبلد، والأُمّة... إلى آخره، وأمّا النشاط السياسي فمن الوضوح بمكان، حيث يسهم الفقيه في صياغة القرارات السياسية

____________________

(١) البحث للعلاّمة الدكتور محمود البستاني، مستل من مقدّمة كتاب ( التعليقات على العروة الوثقى ) نشر: مؤسّسة السبطين (عليهما السلام) العالمية - قم ١٤٢٧هـ.

٩٩

بقدر ما تسنح له الفرص... والمهمّ أنّ المراجع بعامّة، يتوزّع نشاطهم بين الممارسة العلمية ( وهي تطبع جميع المراجع )، وبين مَن يضيف إلى ذلك أحد النشاطين الاجتماعيين المشار إليها أو كليهما.

و(السيّد اليزدي ) هو واحد من المراجع الذي اضطلع بالمستويات الثلاثة من النشاط ( العلمي، الإصلاحي والسياسي )(١) ...

وبما أنّ المؤرّخين لدور المرجعية أو الحوزوية توفّروا على دراسة المستويين: الإصلاحي والسياسي لليزدي، حتى أنّه صدرت مؤلّفات واسعة في هذا الميدان،... لذلك، فإنّ در استنا للسيّد اليزدي سوف تقتصر على النشاط الفقهي فحسب.

ولقد مرّ على وفاته ما يقارب ثلاثة أرباع القرن، إلاّ أنّ التعليقات على فتاواه لا تزال حيّة إلى هذه السنوات، كما قلنا...

هنا، لا مناص لنا من التذكير بحقائق لا يكاد يجهلها حتى القارئ العادي، ومنها: أنّ النشاط الفقهي يتوزّع عادةً بين مستويات متنوّعة، فهناك الممارسة الاستدلالية التي تُعنى باستخلاص الحكم الفقهي من مظانّه المعروفة،... وهناك مَن يكتفي بكتابة فتاواه غير مشفوعة بالاستدلال المكتوب، كما أنّ هناك مَن يمارس ( بحث الخارج ) في نطاق الممارسة الاستدلالية، وهناك مَن تجده يتوفّر على التأليف فحسب،... وبالنسبة إلى (السيّد اليزدي ) فقد توفّر على النشاطات المتقدّمة، ومنها: النشاط المتصل بفتاواه، حيث قلنا: إنّ المرجع لا مناص له من تقديم فتاواه إلى مَن يقلّده،... وبما أنّ ( الفتوى ) من حيث مادّتها ومنهجها ولغتها تختلف من واحد إلى آخر؛ لذلك نجد من المؤلّفات ما يتخذه ( الآخرون ): إمّا مادة لمقلِّديهم مع بعض ( التغييرات ) فيها، أو ( وهذا ما نستهدف الإشارة إليه الآن فيما نعنى به عبر دراستنا لممارسات السيّد اليزدي )، حيث نعرف جميعاً - كما يقول المؤرِّخون للمؤسسة الحوزوية والمرجعية - أنّ بعض المؤلّفات الفتوائية وهي ما يُطلق عليها بـ (الرسالة العملية ) - وحتى لو لم تتخذ هذا المنحى - فإنّ مجرّد صياغة الفتاوى عبر مادة ومنهج ولغةٍ خاصّة، يحمل الآخرين من الفقهاء مطلقاً ( مراجع، أو فقهاء يباحثون خارجاً، أو

____________________

(١) انظر: الفصل الخاص بمواقفه الإصلاحية والسياسية.

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

روى أبو عبد الله الصادقعليه‌السلام :«إنّ الحسين دخل على أخيه الحسن في مرضه الذي استشهد فيه فلمّا رأى ما به بكى، فقال له الحسن: ما يبكيك يا أبا عبد الله؟ قال: أبكي لما صنع بك، فقال الحسن عليه‌السلام : إنّ الذي اُوتي إليَّ سمّ اُقتل به، ولكن لا يوم كيومك يا أبا عبد الله وقد ازدلف إليك ثلاثون ألفاً يدَّعون أنّهم من اُمّة جدّنا محمّد وينتحلون دين الإسلام فيجتمعون على قتلك وسفك دمك وانتهاك حرمتك وسبي ذراريك ونسائك وانتهاب ثقلك، فعندها تحلّ ببني اُميّة اللعنة، وتمطر السّماء رماداً ودماً، ويبكي عليك كلّ شيء حتّى الوحوش في الفلوات والحيتان في البحار» (١) .

وكتب ابن زياد إلى ابن سعد: إنّي لَم أجعل لك علّة في كثرة الخيل والرجال، فانظر لا تمسي ولا تصبح إلاّ وخبرك عندي غدوة وعشية. وكان يستحثّه على الحرب لست خلون من المحرم(٢) .

حشدت كتائبها على ابن محمّد

بـالطَّف حيث تذكَّرت آباءها

الله أكـبر يـا رواسي هذه الأ

رض البسيطة زايلي ارجاءها

يلقى ابن منتجع الصلاح كتائباً

عقد ابن منتجع السّفاح لواءها

ما كان أوقحها صبيحة قابلت

بـالبيض جبهته تريق دماءها

المشرعة

مـا بـلَّ أوجـهها الحيا ولو أنّه

قـطع الـصفا بلَّ الحيا ملساءها

مـن أيـن تـنجل أوجـهٌ اُمويّةٌ

سـكبت بـلذّات الفجور حياءها

قهرت بني الزهراء في سلطانها

واسـتأصلت بـصفاحها امراءها

مـلكت عليها الأمر حتّى حرَّمت

في الأرض مطرح جنبها وثواءها

____________________________

(١) أمالي الصدوق / ٧١ المجلس الثلاثون، وفي مطالب السؤول: إنّهم عشرون ألفاً. وفي هامش تذكرة الخواص: أنّهم مئة ألف. وفي تحفة الأزهار لابن شدقم: ثمانون ألفاً. وفي أسرار الشهادة / ٢٣٧: سنة آلاف فارس وألف ألف راجل. ولم يذكر أبو الفدا في تأريخه ٢ / ١٩٠: غير خروج ابن سعد في أربعة آلاف والحر في ألفين. وفي عمدة القارئ للعيني ٧ / ٦٥٦: كتاب المناقب كان جيش ابن زياد ألف فارس رئيسهم الحر، وعلى مقدمتهم الحصين بن نمير.

(٢) تظلّم الزهراءعليها‌السلام / ١٠١، ومقتل محمّد بن أبي طالب.

٢٠١

ضـاقت بـها الدنيا فحيث توجَّهت

رأت الـحتوف امـامها ووراءهـا

فـاستوطأت ظـهر الحِمام وحوَّلت

لـلعزِّ عـن ظـهر الهوان وطاءها

طـلعت ثـنيّات الـحتوف بعصبة

كـان الـسيوف قضاءها ومضاءها

لـقلبوبها امـتحن الإلـه بـموقف

مـحضته فـيهِ صـبرها وبـلاءها

كـانت سـواعد آل بـيت محمّد

وسـيوف نـجدتها على من ساءها

كـره الـحمام لـقاءها فـي ضنكه

لـكـنْ أحــبَّ الله فـيه لـقاءها

فـثوت بـأفئدة صـواد لـم تـجد

ريـاً يـبلُّ سـوى الردى أحشاءها

وأراك تـنشىء يا غمام على الورى

ظـلا وتـروي مـن حياك ظماءها

وقـلـوب أبـناء الـنبي تـفطَّرت

عـطشاً بـقفر ارمـضت أشلاءها

وامضّ ما جرعت من الغصص التي

قـدحت بـجانحة الـهدى ايراءها

هـتك الـطغاة عـلى بـنات محمّد

حـجب الـنبوة خـدرها وخـباءها

فـتنازعت احـشاءها حرق الجوى

وتـجاذبت أيـدي الـعدوُّ رداءهـا

عـجـباً لـحلم الله وهـي بـعينه

بـرزت تـطيل عـويلها وبـكاءها

ويـرى مـن الـزفرات تجمع قلبها

بـيـد وتـدفع فـي يـد اعـداءها

مـا كـان اوجـعها لمهجة (أحمد)

وامـضَّ في كبد (البتولة) داءها(١)

وأنزل ابن سعد الخيل على الفرات فحموا الماء وحالوا بينه وبين سيّد الشهداء، ولَم يجد أصحاب الحسين طريقاً إلى الماء حتّى أضرّ بهم العطش، فأخذ الحسين فأساً وخطا وراء خيمة النّساء تسع عشرة خطوة نحو القبلة وحفر فنبعت له عين ماء عذب، فشربوا ثمّ غارت العين ولَم يرَ لها أثر، فأرسل ابن زياد إلى ابن سعد: بلغني أنّ الحسين يحفر الآبار ويصيب الماء فيشرب هو وأصحابه فانظر إذا ورد عليك كتابي، فامنعهم من حفر الآبار ما استطعت وضيّق عليهم غاية التضيّيق. فبعث في الوقت عمرو بن الحجّاج في خمسمئة فارس ونزلوا على الشريعة(٢) ، وذلك قبل مقتل الحسين بثلاثة أيّام(٣) .

____________________________

(١) من قصيدة للسيّد حيدر الحلّي رضوان الله عليه.

(٢) نفس المهموم للمحدث القمي / ١١٦، ومقتل الخوارزمي ١ / ٢٤٤، ومقتل العوالم / ٧٨.

(٣) الطبري ٦ / ٢٣٤، وإرشاد المفيد، ومقتل الخوارزمي الجزء الأول، وكامل ابن الأثير ٤ / ٢٢.

٢٠٢

اليوم السّابع

وفي اليوم السّابع اشتدّ الحصار على سيّد الشهداء ومَن معه، وسُدّ عنهم باب الورود ونفد ما عندهم من الماء، فعاد كلّ واحد يعالج لهب العطش. وبطبع الحال كان العيال بين أنة وحنة وتضور ونشيج ومتطلّب للماء إلى متحر له بما يبلّ غلّته وكلّ ذلك بعين أبي علي والغيارى من آله والأكارم من صحبه، وماعسى أنْ يجدوا لهم شيئاً وبينهم وبين الماء رماح مشرعة وسيوف مرهفة، لكن ساقي العطاشى لَم يتطامن على تحملّ تلك الحالة.

أو تشتكي العطش الفواطم عنده

وبـصدر صعدته الفرات المفعم

ولَـو استقى نهر المجرّة لارتقى

وطـويـل ذابـله إلـيها سُـلَّم

لَـو سدَّ ذو القرنين دون وروده

نـسَفَته هـمَّته بـما هو أعظم

فـي كـفِّه اليسرى السّقاء يقلّه

وبـكفّه الـيُمنى الحسام المخذم

مـثل الـسّحابة للفواطم صوبه

فيصيب حاصبه العدو فيرجم(١)

هنا قيض أخاه العبّاس لهذه المهمّة، في حين أنّ نفسه الكريمة تنازعه إليه قبل المطلب، فأمره أنْ يستقي للحرائر والصبية، وضمّ إليه عشرين راجلاً مع عشرين قربة، وقصدوا الفرات بالليل غير مبالين بمَن وُكِّل بحفظ الشريعة؛ لأنّهم محتفون بأسد آل محمّد وتقدّم نافع بن هلال الجملي باللواء، فصاح عمرو بن الحَجّاج: مَن الرجل؟ قال: جئنا لنشرب من هذا الماء الذي حلأتمونا عنه. فقال: اشرب هنيئاً ولا تحمل إلى الحسين منه. قال نافع: لا والله، لا أشرب منه قطرة والحسين ومَن معه من آله وصحبه عطاشى.

وصاح نافع بأصحابه: املأوا أسقيتكم. فشدّ عليهم أصحاب ابن الحَجّاج فكان بعض القوم يملأ القرب وبعض يقاتل وحاميهم ابن بجدتها المتربّي في حجر البسالة الحيدريّة أبو الفضل، فجاؤا بالماء. وليس في أعدائهم من تحدثه

____________________________

(١) من قصيدة للسيّد جعفر الحلّي نوّر الله ضريحه.

٢٠٣

نفسه بالدنوّ منهم فرقاً من ذلك البطل المغوار، فبلت غلة الحرائر والصبية الطيّبة من ذلك الماء(١) .

ولكن لا يفوتنا أنّ تلك الكميّة القليلة من الماء ما عسى أن تجدي اُولئك الجمع الذي هو أكثر من مئة وخمسين رجالاً ونساءً وأطفالاً أو أنّهم ينيفون على المئتين، ومن المقطوع به أنّه لَم ترو أكبادهم إلاّ مرّة واحدة فسرعان أنْ عاد إليهم الظما، وإلى الله ورسوله المشتكى.

إذا كان ساقي الحوض في الحشر حيدر

فـساقي عـطاشي كربلاء أبو الفضل

عـلى أنّ الـناس فـي الـحشر قلبه

مـريع وهـذا بـالظلما قـلبه يـغلي

وقـفتُ عـلى مـاء الفرات ولَم أزل

أقـول لـه والـقول يـحسنه مـثلي

عـلامك تـجري لا جـريت لـوارد

وأدركـت يـوماً بعض عارك بالغسل

أمــا نـشـفت أكـبـاد آل محمّد

لـهـيباً ولا ابـتلَّت بـعلٍّ ولا نـهل

مـن الـحقّ أنْ تـذوي غصونك ذبّلا

أسـىً وحـياء مـن شـفاههِمُ الـذُبل

فـقال اسـتمع للقول إنْ كنت سامعاً

وكـنْ قـابلا عذري ولا تكثرنْ عذلي

ألا إنّ ذا دمـعي الـذي أنـت نـاظر

غـداى جـعلت الـنوح بعدهُمُ شغلي

بـرغـمي أرى مـائي يـلذ سـواهمُ

بـه وهـم صرعي على عطش حولي

جـزى الله عـنهم في المواساة عمَّهم

أبـا الفضل خيراً لو شهدت أبا الفضل

لـقـد كـان سـيفاً صـاغه بـيمينه

عـليّ فـلم يـحتج شباه إلى الصقل

إذا عــدَّ ابـنـاء الـنـبيِّ محـمّد

رآه أخـاهـم مـن رآه بـلا فـضل

ولـم أرَ ظـامٍ(٢) حـوله الـماء قبله

ولَـم يـرو مـنه وهو ذو مهجة تغلي

ومـا خـطبه إلاّ الـوفاء وقـلَّ مـا

يـرى هـكذا خـلا وفـيّاً مـع الخلِّ

يـمـيناً بـيـمناك الـقطيعة والـتي

تـسمى شـمالاً وهـي جامعة الشمل

بـصبرك دون ابـن الـنبيِّ بـكربلا

عـلى الـهَول امر لا يحيط به عقلي

و وافــاك لا يـدري افـقدك راعـه

أم الـعرش غـالته الـمقادير بـالثل

____________________________

(١) مقتل محمّد بن أبي طالب. وعلى هذه الرواية يكون طلبهم للماء في السابع، ولعلّه هو المنشأ في تخصيص ذكر العبّاس بيوم السابع. وفي أمالي الصدوق / ٩٥، المجلس الثالث: أرسل الحسين بن علي ولده علياً الأكبر في ثلاثين فارساً وعشرين راجلاً ليستقوا الماء.

(٢) كذا ورد في ديوان الشاعر أبي الحب.

٢٠٤

أخي كنتَ لي درعاً ونصلا كلاهما

فقدتُ فلا درعي لديَّ ولا نصلي(١)

غرور ابن سعد

وأرسل الحسين عمرو بن قرظة الأنصاري إلى ابن سعد يطلب الاجتماع معه ليلاً بين المعسكرين، فخرج كلّ منهما في عشرين فارساً، وأمر الحسين مَن معه أنْ يتأخّر إلاّ العبّاس وابنه علياً الأكبر، وفعل ابن سعد كذلك وبقي معه ابنه حفص وغلامه.

فقال الحسين:«يابن سعد أتقاتلني؟ أما تتقي الله الذي إليه معادك؟! فأنا ابن مَن قد علمتَ! ألا تكون معي وتدع هؤلاء فإنّه أقرب إلى الله تعالى؟» قال عمر: أخاف أنْ تهدم داري. قال الحسين:«أنا أبنيها لك». فقال: أخاف أنْ تؤخذ ضيعتي. قالعليه‌السلام :«أنا أخلف عليك خيراً منها من مالي بالحجاز» (٢) ، ويروى أنّه قال لعمر:«أعطيك البغيبغة» ، وكانت عظيمة فيها نخل وزرع كثير، دفع معاوية فيها ألف ألف دينار فلَم يبعها منه(٣) . فقال ابن سعد: إنّ لي بالكوفة عيالاً وأخاف عليهم من ابن زياد القتل. ولما أيس منه الحسين قام وهو يقول:«مالك، ذبحك الله على فراشك عاجلاً، ولا غفر لك يوم حشرك، فوالله إنّي لأرجو أنْ لا تأكل من بَرّ العراق إلا يسيراً». قال ابن سعد مستهزءاً: في الشعير كفاية(٤) .

وأول ما شاهده من غضب الله عليه ذهاب ولاية الري، فإنّه لمّا رجع من كربلاء طالبه ابن زياد بالكتاب الذي كتبه بولاية الري، فادّعى ابن سعد ضياعه، فشدّد عليه باحضاره، فقال له ابن سعد: تركته يقرأ على عجائز قريش اعتذاراً منهن، أما والله لقد نصحتك بالحسين نصيحة لَو نصحتها أبي سعداً كنت قد أديت حقّه. فقال عثمان بن زياد أخو عبيد الله: صدق، وددتُ أنّ في أنف كلّ

____________________________

(١) للشيخ محسن أبو الحب الحائريرحمه‌الله .

(٢) مقتل العوالم / ٧٨.

(٣) تظلّم الزهراءعليها‌السلام / ١٠٣.

(٤) تظلّم الزهراءعليها‌السلام / ١٠٣، ومقتل الخوارزمي ١ / ٢٤٥.

٢٠٥

رجل من بني زياد خزامة إلى يوم القيامة وإنّ الحسين لَم يُقتل(١) .

وكان من صنع المختار معه أنّه لمّا أعطاه الأمان، استأجر نساء يبكين على الحسين ويجلسن على باب دار عمر بن سعد، وكان هذا الفعل يلفت نظر المارّة إلى أنّ صاحب هذا الدار قاتل سيّد شباب أهل الجنّة، فضجر ابن سعد من ذلك وكلّم المختار في رفعهن عن باب داره، فقال المختار: ألا يستحقّ الحسين البكاء عليه(٢) .

ولمّا أراد أهل الكوفة أنْ يؤمّروا عليهم عمر بن سعد بعد موت يزيد بن معاوية؛ لينظروا في أمرهم، جاءت نساء همدان وربيعة، إلى الجامع الأعظم صارخات يقلن: ما رضي ابن سعد بقتل الحسين حتّى أراد أنْ يتأمّر. فبكى النّاس وأعرضوا عنه(٣) .

افتراء ابن سعد

وافتعل ابن سعد علي أبي الضيم ما لَم يقله، وكتب إلى ابن زياد زعماً منه أنّ فيه صلاح الاُمّة وجمال النظام فقال في كتابه:

أمّا بعد فإنّ الله أطفأ النّائرة وجمع الكلمة وأصلح أمر الاُمّة، وهذا حسين أعطاني أنْ يرجع إلى المكان الذي منه أتى، أو أنْ يسير إلى ثغر من الثغور، فيكون رجلاً من المسلمين له ما لهم وعليه ما عليهم، أو أنْ يأتي أمير المؤمنين يزيد فيضع يده في يده فيرى فيما بينه وبينه رأيه، وفي هذا رضىً لكم وللاُمّة صلاح(٤) .

وهيهات أنْ يكون ذلك الأبي ومَن علَّم النّاس الصبر على المكاره وملاقاة الحتوف - طوع ابن مرجانة ومنقاداً لابن آكلة الأكباد! أليس هو القائل لأخيه الأطرف:«والله لا أعطي الدنيّة من نفسي» . ويقول لابن الحنفيّة:«لَو لَم يكن ملجأ لما بايعت يزيد» . وقال لزرارة بن صالح:«إنّي أعلم علماً يقيناً أنّ هناك مصرعي ومصارع أصحابي، ولا ينجو منهم إلاّ ولدي علي». وقال لجعفر بن

____________________________

(١) تاريخ الطبري ٦ / ٢٦٨.

(٢) العقد الفريد، باب نهضة المختار.

(٣) مروج الذهب ٢ / ١٠٥، في أخبار يزيد.

(٤) الاتحاف بحبّ الأشراف / ١٥، وتهذيب التهذيب ٢ / ٢٥٣.

٢٠٦

سليمان الضبعي:«إنّهم لا يدعوني حتّى يستخرجوا هذه العلقة من جوفي» .

وآخر قوله يوم الطف:«ألا وإنّ الدعيّ ابن الدعيّ قد ركز بين اثنتين بين السلّة والذلّة وهيهات منّا الذلّة، يأبي الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون وحجور طابت وطهرت واُنوف حميّة ونفوس أبيّة من أنْ تؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام».

وإنّ حديث عقبة بن سمعان يفسّر الحال التي كان عليها أبو عبد اللهعليه‌السلام ، قال: صحبت الحسين من المدينة إلى مكّة ومنها إلى مكّة ومنها إلى العراق ولَم اُفارقه حتّى قُتل، وقد سمعت جميع كلامه فما سمعتُ منه ما يتذاكر فيه النّاس من أنْ يضع يده في يد يزيد ولا أنْ يسيره إلى ثغر من الثغور لا في المدينة ولا في مكّة ولا في الطريق ولا في العراق ولا في عسكره إلى حين قتله، نعم سمعته يقول:«دعوني أذهب إلى هذه الأرض العريضة» (١) .

طغيان الشمر

ولمّا قرأ ابن زياد كتاب ابن سعد قال: هذا كتاب ناصح مشفق على قومه. وأراد أن يجيبه، فقام الشمر(٢) ، وقال: أتقبل هذا منه بعد أنْ نزل بأرضك؟ والله،

____________________________

(١) الطبري ٦ / ٢٣٥.

(٢) في البداية لابن كثير ج ٨ ص ١٨٨ كان الحسين يحدث أصحابه في كربلا بما قاله جدهصلى‌الله‌عليه‌وآله : كأني انظر إلى كلب ابقع يلغ في دماء أهل بيتي ولما رأى الشمر ابرص قال هو الذي يتولى قتلي! وفي الاعلاق النفيسة لابن رسته ص ٢٢٢ كان الشمر بن ذي الجوشن قاتل الحسين ابرص. وفي ميزان الاعتدال للذهبي ج ١ ص ٤٤٩ كان شمر بن ذي الجوشن احد قتلة الحسينعليه‌السلام فليس للرواية بأصل ولما قيل له كيف اعنت على ابن فاطمة قال: ان امراءنا امرونا فلو خالفناهم كنا أشد من الحمر الشقاء قال الذهبي وهذا عذر قبيح فانما الطاعة في المعروف. وفي كتاب صفين لنصر بن مزاحم ص ٣٠٣ وما بعدها. طبع مصر: كان شمر بن ذي الجوشن مع أمير المؤمنينعليه‌السلام في صفين، وخرج من أصحاب معاوية (أدهم بن محرز) يطلب المبارزة فخرج اليه شمر بن ذي الجوشن واختلفا بضربتين، ضربه أدهم على جبينه فاسرع السيف حتى خالط العظم وضربه شمر فلم يصنع فيه شيئاً، فرجع الشمر الى عسكره يشرب الماء واخذ رمحاً وقال:

(إني زعيم لاخي بأهلة

بطعنة ان لم امت عاجلة

وضربة تحت الوغى فاصلة

شبيهة بالقتل أو قاتله)

فحمل على أدهم وهو ثابت فطعنه فوقع عن فرسه وحمله أصحابه فانصرف شمر...

وفي نفح الطيب للمقريزي ج ٢ ص ١٤٣ مطبعة ١ عيسى البابي مطبوعات دار المأمون ان الصميل بن حاتم بن الشمر بن ذي الجوشن كان رأس المضرية متحاملاً على اليمانية (وهذه العبارة واردة في طبعة بيروت ج ١ ص ٢٢٢ تحقيق محمد محيي الدين).

٢٠٧

لئن رحل من بلادك ولَم يضع يده في يدك ليكونّن أولى بالقوّة وتكون أولى بالضعف والوهن، فاستصوب رأيه وكتب إلى ابن سعد: أمّا بعد، إنّي لَم أبعثك إلى الحسين لتكفّ عنه ولا لتطاوله ولا لتمنيه السّلامة ولا لتكون له عندي شفيعاً، اُنظر فإنْ نزل حسين وأصحابه على حكمي، فابعث بهم إليَّ سِلماً. وإنْ أبوا فازحف إليهم حتّى تقتلهم وتمثّل بهم؛ فإنّهم لذلك مستحقّون، فإنْ قُتل حسين فاوطىء الخيل صدره وظهره، ولستُ أرى أنّه يُضرّ بعد الموت، ولكن على قول قلته: لَو قتلتُه لفعلتُ هذا به. فإنْ أنت مضيتَ لأمرنا فيه جزيناك جزاء السّامع المطيع، وإنْ أبيتَ فاعتزل عملنا وجندنا وخلّ بين شمر بن ذي الجوشن وبين العسكر، فإنّا قد أمرناه بذلك(١) .

فلمّا جاء الشمر بالكتاب، قال له ابن سعد: ويلك لا قرب الله دارك، وقبّح الله ما جئت به، وإنّي لأظنّ أنّك الذي نهيته وافسدت علينا أمراً رجونا أنْ يصلح، والله لا يستسلم حسين فانّ نفس أبيه بين جنبَيه.

فقال الشمر: أخبرني ما أنت صانع، أتمضي لأمر أميرك؟ وإلاّ فخلّ بيني وبين العسكر. قال له عمر: أنا أتولّي ذلك، ولا كرامة لك، ولكن كن أنت على الرجّالة(٢) .

____________________________

= وفي حاشية الكتاب، كان حاتم بن الشمر مع أبيه في الكوفة ولما قتل المختار شمر بن ذي الجوشن هرب ابنه الى قنسرين. وفي ص ١٤٥ ذكر ان الصميل كان والياً على سر قسطة ثم فارقها وتولى على طليطلة. وفي كتاب الحلة السيراء لابن الأبار ج ١ ص ٦٧ لما ظهر المختار بالكوفة فر الشمر بن ذي الجوشن قاتل الحسين بن علي الى الشام بأهله وولده، فاقام بها في عز ومنعة، وقيل قتله المختار وفر ولده إلى ان خرج كلثوم بن عياض القشيري غازياً الى المغرب، فكان الصميل ممن ضرب عليه البعث في اشراف أهل الشام ودخل الأندلس في طاعة بلج بن بشر وهو الذي قام بأمر المضرية في الاندلس عندما أظهر أبو الخطار الحسام بن ضرار الكلبي العصبية لليمانية ومات الصميل في سجن عبد الرحمن بن معاوية سنة ١٤٢ وكان شاعراً. وفي تاريخ علماء الاندلس لابن الفوطي ج ١ ص ٢٣٤ باب الشين، شمر بن ذي الجوشن الكلاعي من أهل الكوفة هو الذي قدم برأس الحسينعليه‌السلام على يزيد بن معاوية ولما ظهر المختار هرب بعياله منه ثم خرج كلثوم بن عياض غازياً المغرب ودخل الى الاندلس في طالعة بلج، وهو جد الصميل بن حاتم بن شمر القيسي صاحب الفهرى ا هـ والاصح ما ذكره الدينوري في الأخبار الطوال ٢٩٦ ان شمر بن ذي الجوشن قتله أصحاب المختار بالمذار وبعث برأسه الى محمد ابن الحنفية وفي الاعلاق النفيسة لابن رسته ص ٢٢٢ كان الشمر بن ذي الجوشن ابرص وفي تاريخ الطبري ج ٧ ص ١٢٢ وكامل ابن الاثير ج ٤ ص ٩٢ حوادث سنة ٦٥ كان الشمر ابرص يرى بياض برصه على كشحه.

(١) ابن الأثير ٤ / ٢٣.

(٢) الطبري ٦ / ٢٣٦.

٢٠٨

الأمان

وصاح الشمر بأعلى صوته: أين بنو اُختنا(١) ؟ أين العبّاس وإخوته؟، فأعرضوا عنه، فقال الحسين:«أجيبوه ولَو كان فاسقاً» ، قالوا: ما شأنك وما تريد؟ قال: يا بني اُختي أنتم آمنون، لا تقتلوا أنفسكم مع الحسين، والزموا طاعة أمير المؤمنين يزيد. فقال العبّاس: لعنك الله ولعن أمانك، أتؤمننا وابن رسول الله لا أمان له(٢) ، وتأمرنا أنْ ندخل في طاعة اللعناء وأولاد اللعناء(٣) .

أيظنّ هذا الجلف الجافي أن يستهوي رجل الغيرة والحميّة إلى الخسف والهوان، فيستبدل أبو الفضل الظلمة بالنور، ويدع عَلَم النبوّة وينضوي إلى راية ابن ميسون؟! كلاّ.

ولمّا رجع العبّاس، قام إليه زهير بن القين وقال: اُحدّثك بحديث وعيته؟ قال: بلى، فقال: لمّا أراد أبوك أن يتزوّج، طلب من أخيه عقيل - وكان عارفاً بأنساب العرب - أنْ يختار له امرأةً ولدتها الفحولة من العرب؛ ليتزوّجها فتلد غلاماً شجاعاً ينصر الحسين بكربلاء، وقد ادّخرك أبوك لمثل هذا اليوم، فلا تقصّر عن نصرة أخيك وحماية أخواتك. فقال العبّاس: أتشجّعني يا زهير في مثل هذا اليوم؟! والله لأرينّك شيئاً ما رأيتَه(٤) ، فجدّل أبطالاً ونكس رايات في حالة لَم يكن من همّه القتال ولا مجالدة الأبطال، بل همّه إيصال الماء إلى عيال أخيه.

____________________________

(١) في جمهرة أنساب العرب لابن حزم / ٢٦١ و ٢٦٥ قال: أولاد كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن حفصة بن قيس عيلان بن مضر، أحد عشر ولداً منهم؛ كعب، والضباب. فمن ولد كعب بنو الوحيد الذين منهم اُمّ البنين بنت حزام بن خالد بن ربيعة بن الوحيد كانت تحت علي بن أبي طالب فولدت له محمداً الأصغر وعثمان وجعفر والعبّاس، وفي صفحة٢٧٠ ذكر بني الضباب فقال: منهم الشمر بن ذي الجوشن قاتل الحسين واسم ذي الجوشن جميل بن الأعور عمرو بن معاوية وهو الضاب. ومن ولده الصميل بن حاتم بن شمر بن ذي الجوشن ساد بالاندس وله بها عقب ونزالتهم بالخشيل من شوذر من عمل جيّان.

وفي العقد الفريد ٢ / ٨٣ عند ذكر مذحج قال: الضباب في بني الحارث بن كعب مفتوحة الضاد وفي بني عامر بن صعصعة مسكورة وحيث أنّ الشمر من بني عامر بن صعصعة يكون الضباب بكسر الضاد.

(٢) تذكرة الخواص / ١٤٢: حكاه عن جده أبي الفرج في المنتظم وإعلام الورى / ٢٨.

(٣) ابن نما / ٢٨.

(٤) أسرار الشهادة / ٣٨٧.

٢٠٩

يـمثل الـكرّار فـي كـرّاته

بل في المعاني الغرّ من صفاته

لـيس يـد الله سـوى أبـيه

وقــدرة الله تـجـلَّت فـيه

فـهو يـد الله وهـذا سـاعده

تـغنيك عـن إثـباته مشاهده

صـولته عـند النزال صولته

لولا الغلوُّ قلت جلت قدرته(١)

بنو أسد

واستأذن حبيب بن مظاهر من الحسين أنْ يأتي بني أسد وكانوا نزولاً بالقرب منهم فأذِن له، ولمّا أتاهم وانتسب لهم عرفوه، فطلب منهم نصرة ابن بنت رسول الله فإنّ معه شرف الدنيا والآخرة، فأجابه تسعون رجلاً، وخرج من الحي رجل أخبر ابن سعد بما صاروا إليه، فضمّ إلى الأزرق أربعمئة رجل وعارضوا النّفر في الطريق واقتتلوا، فقُتل جماعة من بني أسد وفرّ مَن سلِم منهم إلى الحي فارتحلوا جميعاً في جَوف الليل خوفاً من ابن سعد أنْ يبغتهم، ورجع حبيب إلى الحسين وأخبره، فقال:«لا حول ولا قوّة إلاّ بالله العظيم» (٢) .

اليوم التاسع

ونهض ابن سعد عشيّة الخميس لتسع خلون من المحرّم، ونادى في عسكره بالزحف نحو الحسين، وكانعليه‌السلام جالساً أمام بيته محتبياً بسيفه، وخفق برأسه فرأى رسول الله يقول: انّك صائر إلينا عن قريب. وسمعت زينب أصوات الرجال وقالت لأخيها: قد اقترب العدوّ منّا.

فقال لأخيه العبّاس:«اركب بنفسي أنت (٣) حتّى تلقاهم، واسألهم عمّا

____________________________

(١) للحجّة آية الله الشيخ محمّد حسين الاصفهانيقدس‌سره .

(٢) البحار عن مقتل محمّد بن أبي طالب الحائري، ومقتل الخوارزمي ١ / ٢٤٣.

(٣) الطبري ٦ / ١٣٧، وروضة الواعظين / ١٥٧، والارشاد للمفيد، والبداية لابن كثير ٨ / ١٧٦.

غير خاف ما في هذه الكلمة الذهبية من مغزى دقيق، ترى الفكر يسف عن مداه وأنّى له أن يحلق إلى ذروة الحقيقة من ذات طاهرة تُفتدى بنفس الإمام علّة الكائنات والفيض الأقدس للممكنات. نعم، عرفها البصير الناقد بعد أنْ جربها بمحك النزاهة فوجدها مشبوبة بجنسها ثمّ أطلق عليها تلك الكلمة الغالية، ولا يعرف الفضل إلاّ أهله. ولا يذهب بك الوهم أيّها القارئ إلى القول بعدم الأهميّة في هذه الكلمة بعد قول الإمامعليه‌السلام في زيارة الشهداء من زيارة وارث: «بأبي أنتم واُمّي، طبتم وطابت الأرض التي فيها دفنتم»؛ لأنّ الإمامعليه‌السلام في هذه الزيارة لَم يكن هو المخاطب لهم وانّما هوعليه‌السلام في مقام تعليم صفوان الجمّال عند زيارتهم أنْ يخاطبهم بذلك، فإنّ الرواية تنصّ كما في مصباح المتهجّد للشيخ الطوسي أنّ صفوان استأذن الصادق في زيارة الحسين وأنْ يعرّفه ما يقوله ويعمل عليه فقال له: «يا صفوان، صم قبل خروجك ثلاثة أيّام - إلى أنْ قال -: ثمّ إذا أتيت الحائر فقُل: الله أكبر - ثمّ ساق الزيارة إلى أنْ قال -: ثمّ اخرج من الباب الذي يلي رجلَي علي بن الحسين وتوجّه إلى الشهداء وقُل: السّلام عليكم يا أولياء الله...» إلى آخرها. فالإمام الصادقعليه‌السلام في مقام تعليم صفوان أنْ يقول في السّلام على الشهداء ذلك، وليس في الرواية ما يدلّ على أنّهعليه‌السلام كيف يقول لو أراد السّلام على الشهداء.

٢١٠

جاءهم وما الذي يريدون؟» ، فركب العبّاس في عشرين فارساً فيهم زهير وحبيب، وسألهم عن ذلك قالوا: جاء أمر الأمير أنْ نعرض عليكم النّزول على حكمه، أو ننازلكم الحرب.

فانصرف العبّاسعليه‌السلام يُخبر الحسين بذلك، ووقف أصحابه يعظون القوم. فقال لهم حبيب بن مظاهر: أما والله لبئس القوم عند الله غداً، قوم يقدمون عليه وقد قتلوا ذريّة نبيّه وعترته وأهل بيته وعبّاد أهل هذا المصر المتهجدين بالأسحار الذاكرين الله كثيراً. فقال له عزرة بن قيس: إنّك لتزكّي نفسك ما استطعت. فقال زهير: يا عزرة، إنّ الله قد زكّاها وهداها فاتّق الله يا عزرة، فإنّي لك من النّاصحين، اُنشدك الله يا عزرة أنْ لا تكون ممَّن يعين أهل الضلالة على قتل النّفوس الزكيّة. ثمّ قال عزرة: يا زهير ما كنتَ عندنا من شيعة أهل هذا البيت، إنّما كنتَ على غير رأيهم. قال زهير: أفلستَ تستدلّ بموقفي هذا أنّي منهم، أما والله ما كتبتُ إليه كتاباً قطّ، ولا أرسلت إليه رسولاً، ولا وعدته نصرتي ولكنّ الطريق جمع بيني وبينه، فلمّا رأيته ذكرتُ به رسول الله ومكانه منه، وعرفتُ ما يقدم عليه عدوّه، فرأيت أنْ أنصره وأن أكون من حزبه وأجعل نفسي دون نفسه؛ لما ضيّعتم من حقّ رسوله.

وأعلم العبّاس أخاه أباعبد الله بما عليه القوم فقالعليه‌السلام :«ارجع إليهم، واستمهلهم هذه العشيّة إلى غد، لعلّنا نصلّي لربّنا الليلة وندعوه ونستغفره، فهو

٢١١

يعلم أنّي اُحبّ الصلاة له وتلاوة كتابه وكثرة الدعاء والاستغفار».

فرجع العبّاس واستمهلهم العشيّة. فتوقّف ابن سعد وسأل من النّاس فقال عمرو بن الحَجّاج: سبحان الله! لو كانوا من الديلم وسألوك هذا لكان ينبغي لك أنْ تجيبهم إليه. وقال قيس بن الأشعث: أجبهم إلى ما سألوك، فلَعمري ليستقبلك بالقتال غدوة. فقال ابن سعد: والله لو أعلم أنّه يفعل ما أخّرتهم العشية. ثمّ بعث إلى الحسين: إنّا أجّلناكم إلى غد، فإنْ استسلمتم سرحنا بكم إلى الأمير ابن زياد، وإنْ أبيتم فلسنا تاركيكم(١) .

ضـلّـت اُمـيّـة مـاتر

يـد غـداة مقترع النصول

رامـت تـسوق المصعب

الـهـدار مـستاق الـذليل

ويــروح طـوع يـمينها

قـود الـجنيب أبو الشبول

رامـت لـعمرو ابْن النبي

الـطُّهر مـمتنع الحصول

وتـيمَّمت قـصد الـمحال

فـما رعـت غير المحول

ورنـت على السغب السرا

ب بـأعين في المجد حول

وغـوى بـها جـهل بـها

والبغي من خلق الجهول(٢)

الضمائر الحرّة

وجمع الحسين أصحابه قرب المساء قبل مقتله بليلة(٣) فقال:«اُثني على الله أحسن الثناء وأحمده على السرّاء والضرّاء، اللهمّ إنّي أحمدك على أنْ أكرمتنا بالنبوّة، وعلّمتنا القرآن وفقّهتنا في الدين، وجعلت لنا أسماعاً وأبصاراً وأفئدةً، ولَم تجعلنا من المشركين. أمّا بعد، فإنّي لا أعلم أصحاباً أولى ولا خيراً من أصحابي، ولا أهل بيت أبرّ ولا أوصل من أهل بيتي، فجزاكم الله عنّي جميعاً (٤) .

____________________________

(١) الطبري ٦ / ٣٣٧.

(٢) للكعبيرحمه‌الله .

(٣) اثبات الرجعة للفضل بن شاذان، هكذا عرفه وهو بالغيبة أنسب فانّه لو يوجد فيه من أخبار الرجعة إلا حديث واحد.

(٤) الطبري ٦ / ٢٣٨ - ٢٣٩، وكامل ابن الأثير ٤ / ٣٤.

٢١٢

وقد أخبرني جدّي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بأنّي ساُساق إلى العراق فأنزلُ أرضاً يقال لها عمورا وكربلاء، وفيها اُستشهد. وقد قرب الموعد.

ألا وإنّي أظنّ يومنا من هؤلاء الأعداء غداً. وإنّي قد أذِنت لكم فأنطلقوا جميعاً في حلّ ليس عليكم منّي ذمام. وهذا الليل قد غشيكم فاتّخذوه جملاً، وليأخذ كلّ رجل منكم بيد رجل من أهل بيتي، فجزاكم الله جميعاً خيراً! وتفرّقوا في سوادكم ومدائنكم، فإنّ القوم إنّما يطلبونني، ولَو أصابوني لذهلوا عن طلب غيري» (١) .

فقال له إخوته وأبناؤه وبنو أخيه وأبناء عبد الله بن جعفر: لِمَ نفعل ذلك؟ لنبقى بعدك؟! لا أرانا الله ذلك أبداً. بدأهم بهذا القول العبّاس بن علي وتابعه الهاشميّون.

والتفت الحسين إلى بني عقيل وقال:«حسبكم من القتل بمسلم، اذهبوا قد أذِنت لكم» . فقالوا: إذاً ما يقول النّاس، وما نقول لهم؟ أنّا تركنا شيخنا وسيّدنا وبني عمومتنا خير الأعمام؟! ولَمْ نرمِ معهم بسهم ولَمْ نطعن برمح ولَمْ نضرب بسيف، ولا ندري ما صنعوا؟! لا والله لا نفعل، ولكن نفيدك بأنفسنا وأموالنا وأهلينا، نقاتل معك حتّى نرد موردك، فقبّح الله العيش بعدك(٢) .

نـفوس أبـت إلاّ تراب أبيهم

فـهم بـين موتور لذاك وواتر

لقد ألفت أرواحهم حومة الوغى

كما أنست أقدامهم بالمنابر(٣)

وقال مسلم بن عوسجة: أنحن نخلّي عنك؟ وبماذا نعتذر إلى الله في أداء حقّك؟ أما والله، لا اُفارقك حتّى أطعن في صدورهم برمحي وأضرب بسيفي ما ثبت قائمه بيدي، ولو لَمْ يكن معي سلاح اُقاتلهم به لقذفتهم بالحجارة حتّى أموت معك.

وقال سعيد بن عبدالله الحنفي: والله لا نخلّيك حتّى يعلم الله أنّا قد

____________________________

(١) إثبات الرجعة.

(٢) تاريخ الطبري ٦ / ٢٣٨، والكامل ٤ / ٢٤، والإرشاد للمفيد، وإعلام الورى / ١٤١، وسِير أعلام النبلاء للذهبي ٣ / ٢٠٢.

(٣) مثير الأحزان لابن نما / ١٧.

٢١٣

حفظنا غيبة رسوله فيك، أما و الله لو علمتُ أنّي اُقتل ثمّ اُحيا ثمّ اُحرق حيّاً ثمّ اُذرّى، يُفعل بي ذلك سبعين مرّة، لَما فارقتك حتّى ألقى حمامي دونك، وكيف لا أفعل ذلك وإنّما هي قتلة واحدة ثمّ هي الكرامة التي لا انقضاء لها أبداً؟!

وقال زهير بن القين: و الله وددتُ أنّي قُتلتُ ثمّ قُتلت حتّى اُقتل كذا ألف مرّة، و إنّ الله عزّ وجلّ يدفع بذلك القتل عن نفسك وعن أنفس هؤلاء الفتيان من أهل بيتك.

وتكلّم باقي الأصحاب بما يشبه بعضه بعضاً فجزّاهم الحسين خيراً(١) .

وفي هذا الحال قيل لمحمد بن بشير الحضرمي قد اُسِر ابنك بثغر الري فقال: ما اُحبّ أنْ يؤسر و أنا أبقى بعده حيّاً فقال له الحسين:«أنت في حلّ من بيعتي، فاعمل في فكاك ولدك»، قال: لا والله لا أفعل ذلك، أكلتني السّباع حيّاً إنْ فارقتك. فقالعليه‌السلام :«إذاً اعط ابنك هذه الأثواب الخمسة ليعمل في فكاك أخيه» - وكان قيمتها ألف دينارـ(٢) .

وتـناديت لـلذبّ عنه عصبة

ورثـوا الـمعالي اشيباً وشبابا

مـن يـنتدبهم للكريهة ينتدب

مـنهم ضراغمة الاسود غضابا

خفّوا لداعي الحرب حين دعاهم

ورسوا بعرصة كربلاء هضابا

اسـد قد اتخذوا الصوارم حلية

وتـسربلوا حـلق الدروع ثيابا

تـخذت عيونهم القساطل كحلها

واكـفُّهم فـيض النجيع خضابا

يـتمايلون كـأنّما غـنى لـهم

وقـع الـظّبي وسـقاهم اكوابا

برقت سيوفهم فأمطرت الطّلي

بـدمائها والـنقع ثـار سحابا

وكـأنّهم مـستقبلون كـواعباً

مـسـتقبلين أسـنّـة وكـعابا

وجدوا الردى من دون آل محمّد

عـذباً وبعدهم الحياة عذابا(٣)

ولما عرف الحسين منهم صدق النيّة والإخلاص في المفاداة دونه، أوقفهم على غامض القضاء فقال:«إنّي غداً اُقتل وكلّكم تقتلون معي ولا يبقى منكم أحد (٤)

____________________________

(١) إرشاد المفيد وتاريخ الطبري ج٦ ص٢٣٩.

(٢) اللهوف ص٥٣.

(٣) للعلامة السيد رضا الهنديرحمه‌الله .

(٤) نفس المهموم ص١٢٢.

٢١٤

حتّى القاسم وعبد الله الرضيع، إلاّ ولدي علياً زين العابدين؛ لأنّ الله لَمْ يقطع نسلي منه وهو أبو أئمّة ثمانية» (١) .

فقالوا بأجمعهم الحمد لله الذي أكرمنا بنصرك وشرّفنا بالقتل معك، أولا نرضى أنْ نكون معك في درجتك يابن رسول الله؟، فدعا لهم بالخير(٢) ، وكشف عن أبصارهم فرأوا ما حباهم الله من نعيم الجنان وعرّفهم منازلهم فيها(٣) ، وليس ذلك في القدرة الإلهيّة بعزيز، ولا في تصرّفات الإمام بغريب، فإنّ سحرة فرعون لمّا آمنوا بموسىعليه‌السلام وأراد فرعون قتلهم أراهم النّبي موسى منازلهم في الجنّة(٤) .

وفي حديث أبي جعفر الباقرعليه‌السلام قال لأصحابه:«أبشروا بالجنّة، فوالله إنّا نمكث ماشاء الله بعد ما يجري علينا ثمّ يخرجنا الله وإيّاكم حتّى يظهر قائمنا فينتقم من الظالمين، وأنا وأنتم نشاهدهم في السّلاسل والأغلال وأنواع العذاب» فقيل له: من قائمكم يابن رسول الله؟ قال:«السّابع من ولد ابني محمّد بن علي الباقر وهو الحُجّة ابن الحسن بن علي بن محمّد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمّد بن علي، ابني وهو الذي يغيب مدّة طويلة ثمّ يظهر ويملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت ظلماً وجوراً» (٥) .

ليلة عاشوراء

كانت ليلة عاشوراء أشدّ ليلة مرّت على أهل بيت الرسالة، حُفّت بالمكاره والمحن وأعقبت الشرّ وآذنت بالخطر وقد قطعت عنهم الحالة القاسية من بني اُميّة وأتباعهم كلّ الوسائل الحيويّة وهناك ولولة النساء وصارخ الاطفال من العطش المبرح والهم المدلهم.

إذاً فما حال رجال المجد من الأصحاب وسروات الشرف من بني هاشم

____________________________

(١) أسرار الشهادة.

(٢) نفس المهموم / ١٢٢.

(٣) الخرايج للراوندي.

(٤) أخبار الزمان للمسعودي / ٢٤٧.

(٥) إثبات الرجعة.

٢١٥

بين هذه الكوارث، فهل أبقت لهم مهجة ينهضون بها أو أنفساً تعالج الحياة والحرب في غد؟!

نعم كانت ضراغمة آل عبد المطّلب والصفوة من الأصحاب عندئذ في أبهج حالة وأثبت جأش، فرحين بما يلاقونه من نعيم وحبور، وكلّما اشتدّ المأزق الحرج أعقب فيهم انشراحاً بين ابتسامة ومداعبة إلى فرح ونشاط.

ومذ أخذت في نينوى منهم النوى

ولاح بـها لـلغدر بعض العلائم

غـدا ضـاحكا هذا وذا متبسّماً

سـروراً وما ثغر المنون بباسم

هازل برير عبد الرحمن الأنصاري، فقال له عبد الرحمن: ما هذه ساعة باطل؟ فقال برير: لقد علم قومي ما أحببت الباطل كهلاً ولا شاباً، ولكنّي مستبشر بما نحن لا قون، والله ما بيننا وبين الحور العين إلاّ أنْ يميل علينا هؤلاء بأسيافهم، ولوددتُ أنّهم مالوا علينا السّاعة(١) .

وخرج حبيب بن مظاهر يضحك، فقال له يزيد بن الحصين الهمداني: ما هذه ساعة ضحك. قال حبيب: وأي موضع أحقّ بالسرور من هذا؟ ما هو إلاّ أنْ يميل علينا هؤلاء بأسيافهم فنعانق الحور(٢) .

تجري الطلاقة في بهاء وجوههم

أنْ قـطبت فـرقاً وجوه كماتها

وتـطلّعت بـدجى الـقتام أهلَّة

لـكن ظـهور الخيل من هالاتها

فتدافعت مشي النزيف إلى الردى

حتّى كـأنَّ الموت من نشواتها

وتـعانقت هي والسّيوف وبعد ذا

ملكت عناق الحور في جنّاتها(٣)

فكأنّهم نشطوا من عقال، بين مباشرة للعبادة، وتأهّب للقتال، لهم دوي كدويّ النّحل، بين قائم وقاعد وراكع وساجد.

قال الضحّاك بن عبد الله المشرقي: مرّت علينا خيل ابن سعد فسمع رجل منهم الحسينعليه‌السلام يقرأ( وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ ِلأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ * مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حتّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنْ الطَّيِّبِ ) (٤) .

____________________________

(١) تاريخ الطبري ٦ / ٢٤١.

(٢) رجال الكشي / ٥٣، طبعة الهند.

(٣) للعلامة السيّد محمّد حسين الكيشوانرحمه‌الله .

(٤) سورة آل عمران / ١٧٨ - ١٧٩.

٢١٦

فقال الرجل نحن وربّ الكعبة الطيّبون ميّزنا منكم.

قال له برير: يا فاسق، أنت يجعلك الله في الطيّبين؟! هلمّ إلينا وتُب من ذنوبك العظام، فوالله لنحن الطيّبون وأنتم الخبيثون.

فقال الرجل مستهزئاً: وأنا على ذلك من الشاهدين(١) .

ويقال: أنّه في هذه الليلة انضاف إلى أصحاب الحسين من عسكر ابن سعد اثنان وثلاثون رجلاً(٢) حين رأوهم متبتّلين متهجدين عليهم سيماء الطاعة والخضوع لله تعالى.

قال علي بن الحسين:«سمعتُ أبي في الليلة التي قُتل في صبيحتها يقول، وهو يصلح سيفه:

يا دهر اُفٍّ لك من خليل

كم لك بالاشراق والأصيل

مِنْ صاحب وطالب قتيل

والـدهر لا يقنع بالبديل

وانّـما الأمر إلى الجليل

وكـلّ حـيٍّ سالك سبيل

فأعادها مرّتين أو ثلاثاً، ففهمتُها وعرفتُ ما أراد وخنقتني العبرة، ولزمتُ السكوت وعلمتُ أنّ البلاء قد نزل.

وأمّا عمّتي زينب لمّا سمعتْ ذلك وثبتْ تجرّ ذيلها حتّى انتهت إليه وقالت: وآثكلاه! ليتَ الموت أعدمني الحياة! اليوم ماتت اُمّي فاطمة وأبي عليٌ وأخي الحسن (٣) ، يا خليفة الماضي وثمال الباقي! فعزّاها الحسين وصبَّرها وفيما قال: يا اُختاه تعزّي بعزاء الله واعلمي أنّ أهل الأرض يموتون، وأهل السّماء لا يبقون وكلّ شيء هالك إلاّ وجهه، ولي ولكلّ مسلم برسول الله اُسوة حسنة.

فقالت عليها‌السلام : افتغصب نفسك اغتصاباً، فذاك أقرح لقلبي وأشدّ على نفسي (٤) .

____________________________

(١) تاريخ الطبري ٦ / ٢٤٠، الطبعة الاُولى.

(٢) اللهوف، وتاريخ اليعقوبي ٢ / ٢١٧، طبعة النجف، وسير أعلام النبلاء للذهبي ٣ / ٢١٠.

(٣) تايخ الطبري ٤ / ٢٤٠، وكامل ابن الأثير ٤ / ٢٤، ومقتل الخوارزمي ١ / ٢٣٨، الفصل الحادي عشر، ومقاتل الطالبيين لأبي الفرج / ٤٥، طبعة ايران.

(٤) اللهوف.

٢١٧

وبكت النّسوة معها ولطمن الخدود، وصاحت اُمّ كلثوم: وآ محمداه! وآ علياه! وآ اُمّاه! وآ حسيناه! وآ ضيعتنا بعدك!

فقال الحسين: يا اُختاه يا اُمّ كلثوم، يا فاطمة، يا رباب، انظرْنَ اذا قُتلت فلا تشققن عليَّ جيباً ولا تخمشن وجهاً ولا تقلن هجراً» (١) ثمّ إنّ الحسين أوصى اُخته زينب بأخذ الأحكام من علي بن الحسينعليه‌السلام وإلقائها إلى الشيعة ستراً عليه. وبذلك يحدِّث أحمد بن إبراهيم قال: دخلتُ على حكيمة بنت محمّد بن علي الرضا، اُخت أبي الحسن العسكريعليه‌السلام سنة ٢٨٢ بالمدينة، وكلّمتها من وراء حجاب وسألتها عن دينها، فسمّت من تأتمّ بهم، وقالت: فلان بن الحسن. قلت: معاينةً أو خبراً؟ قالت: خبر عن أبي محمّدعليه‌السلام كتب به إلى اُمّه. قلت لها: أقتدي بمَن وصيّته إلى امرأة؟! قالت: اقتداءً بالحسين بن علي بن أبي طالبعليه‌السلام فإنّه أوصى إلى اُخته زينب في الظاهر، فكان ما يخرج من علي بن الحسينعليه‌السلام من علم ينسب إلى زينب؛ ستراً على علي بن الحسينعليه‌السلام . ثمّ قالت: إنّكم قوم أخبار، أما رويتم أنّ التاسع من ولد الحسين يقسم ميراثه في الحياة « اكمال الدين للصدوق » ص ٢٧٥ باب ٤٩ طبع حجر أول.

ثمّ إنّهعليه‌السلام أمر أصحابه أنْ يقاربوا البيوت بعضها من بعض؛ ليستقبلوا القوم من وجه واحد. وأمر بحفر خندق من وراء البيوت يوضع فيه الحطب ويلقى عليه النّار إذا قاتلهم العدو؛ كيلا تقتحمه الخيل، فيكون القتال من وجه واحد(٢) .

وخرجعليه‌السلام في جوف الليل إلى خارج الخيام يتفقّد التلاع والعقبات، فتبعه نافع بن هلال الجملي، فسأله الحسين عمّا أخرجه قال: يابن رسول الله أفزعني خروجك إلى جهة معسكر هذا الطاغي، فقال الحسين:«إنّي خرجت أتفقّد التلاع والروابي؛ مخافة أنْ تكون مكمناً لهجوم الخيل يوم تحملون ويحملون» . ثمّ رجععليه‌السلام وهو قابض على يد نافع ويقول:«هي هي والله، وعد لا خلف فيه».

ثمّ قال له:«ألا تسلك بين هذين الجبلين في جوف الليل وتنجو بنفسك؟»

____________________________

(١) الإرشاد.

(٢) تاريخ الطبري ٦ / ٢٤٠.

٢١٨

فوقع نافع على قدمَيه يقبّلهما ويقول: ثكلتني اُمّي، إنّ سيفي بألف وفرسي مثله، فوالله الذي مَنّ بك عليَّ، لا فارقتك حتّى يكلاّ عن فرّي وجرّي.

ثمّ دخل الحسينعليه‌السلام خيمة زينب، ووقف نافع بإزاء الخيمة ينتظره فسمع زينب تقول له: هل استعلمت من أصحابك نيّاتهم؟ فإنّي أخشى أنْ يسلّموك عند الوثبة.

فقال لها:«والله، لقد بلوتهم فما وجدت فيهم إلاّ الأشوس الأقعس، يستأنسون بالمنيّة دوني استيناس الطفل إلى محالب اُمّه» .

قال نافع: فلمّا سمعتُ هذا منه، بكيتُ وأتيت حبيب بن مظاهر وحكيت ما سمعت منه ومن اُخته زينب.

قال حبيب: والله، لو لا انتظار أمره لعاجلتهم بسيفي هذه الليلة. قلت: إنّي خلّفته عند اُخته وأظنّ النّساء أفقن وشاركنها في الحسرة، فهل لك أنْ تجمع أصحابك وتواجهوهنّ بكلام يطيّب قلوبهن؟ فقام حبيب ونادى: يا أصحاب الحميّة وليوث الكريهة. فتطالعوا من مضاربهم كالاُسود الضارية، فقال لبني هاشم: ارجعوا إلى مقرّكم لا سهرت عيونكم.

ثمّ التفت إلى أصحابه وحكى لهم ما شاهده وسمعه نافع، فقالوا بأجمعهم: والله الذي مَنّ علينا هذا الموقف، لو لا انتظار أمره لعاجلناهم بسيوفنا السّاعة، فطب نفساً وقر عيناً. فجزّاهم خيراً.

وقال هلمّوا معي لنواجه النّسوة ونطيّب خاطرهنّ، فجاء حبيب ومعه أصحابه وصاح: يا معشر حرائر رسول الله، هذه صوارم فتيانكم آلَوا ألاّ يغمدوها إلاّ في رقاب مَن يريد السّوء فيكم، وهذه أسنّة غلمانكم أقسَموا ألاّ يركزوها إلاّ في صدور مَن يفرّق ناديكم.

فخرجن النّساء إليهم ببكاء وعويل وقلن: أيّها الطيّبون حاموا عن بنات رسول الله وحرائر أمير المؤمنين.

فضجّ القوم بالبكاء حتّى كأنّ الأرض تميد بهم(١) .

____________________________

(١) الدمعة الساكبة / ٣٢٥، وتكرّر في كلامه (هلال بن نافع) وهو اشتباه فإنّ المضبوط (نافع بن هلال) كما في زيارة الناحية، وتاريخ الطبري، وكامل ابن الأثير.

٢١٩

وفي السّحر من هذه الليلة خفق الحسين خفقة ثمّ استيقظ وأخبر أصحابه بأنّه رأى في منامه كلاباً شدّت عليه تنهشه وأشدّها عليه كلب أبقع، وإنّ الذي يتولّى قتله من هؤلاء رجل أبرص.

وإنّه رأى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بعد ذلك ومعه جماعة من أصحابه وهو يقول له:«أنت شهيد هذه الاُمّة، وقد استبشر بك أهل السّماوات وأهل الصفيح الأعلى وليكن افطارك عندي الليلة عجّل ولا تؤخّر، فهذا ملك قد نزل من السّماء ليأخذ دمك في قارورة خضراء» (١) .

وانـصاع حـامية الشريعة ظامئاً

مـا بـلَّ غـلَّته بـعذب فـراتها

أضـحى وقـد جـعلته آل اُمـيّة

شـبح الـسهام رمـيَّة لـرماتها

حتّى قضى عطشاً بمعترك الوغى

والـسمر تـصدر منه في نهلاتها

وجرت خيول الشرك فوق ضلوعه

عـدواً تـجول عـليه في حلباتها

ومـخدَّرات مـن عـقائل أحـمد

هـجمت عـليها الخيل في أبياتها

مـن ثـاكل حرّى الفؤاد مروعة

أضـحت تـجاذبها العدى حبراتها

ويـتمية فـزعت لـجسم كـفيلها

حـسرى القناع تعجُّ في أصواتها

أهـوت على جسم الحسين وقلبها

المصدوع كاد يذوب من حسراتها

وقـعت عـليه تشمُّ موضع نحره

وعـيونها تـنهلُّ فـي عـبراتها

تـرتاع من ضرب السّياط فتنثني

تـدعو سـرايا قـومها وحـماتها

أيـن الحفاظ وفي الطّفوف دماؤكم

سُـفكت بـسيف اُمـيّة وقـناتها

أيـن الـحفاظ وهـذه أشـلاؤكم

بـقيت ثـلاثاً فـي هجير فلاتها

أيــن الـحفاظ وهـذه أبـناؤكم

ذُبحت عطاشى في ثرى عرصاتها

أيــن الـحفاظ وهـذه فـتياتكم

حُـملت على الأقتاب بين عداتها

حـملت بـرغم الدين وهي ثواكل

عـبرى تـردّد بـالشّجى زفراتها

فـمَن الـمعزِّي بـعد أحمد فاطماً

فـي قـتل أبناها وسبي بناتها(٢)

____________________________

(١) نفس المهموم / ١٢٥، عن الصدوق.

(٢) للعلامة السيد محمّد حسين الكيشوان ترجمته في شعراء الغري ٨ / ٣.

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735

736

737

738

739

740

741

742

743

744

745

746

747

748

749

750

751

752

753

754

755

756

757

758

759

760

761

762

763

764

765

766

767

768

769

770

771

772

773

774

775

776

777

778

779

780

781

782

783

784

785

786

787

788

789

790

791

792

793

794

795

796

797

798

799

800

801

802

803

804

805

806

807

808

809

810

811

812

813