العلويون بين الاسطورة والحقيقة

العلويون بين الاسطورة والحقيقة0%

العلويون بين الاسطورة والحقيقة مؤلف:
تصنيف: أديان وفرق
الصفحات: 368

  • البداية
  • السابق
  • 368 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 100515 / تحميل: 11182
الحجم الحجم الحجم
العلويون بين الاسطورة والحقيقة

العلويون بين الاسطورة والحقيقة

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

- محمّد منتجب الدين العاني.

وغيرهم... وغيرهم...

وفي عام 1972 أصدرَ الشيخ علي عزيز آل إبراهيم كرّاساً صغيراً بعنوان(العلويون فدائيو الشيعة المجهولون) تحدّث فيه بإيجاز شديد عن المواضيع التالية: مَن هم العلويون، العلويون في التاريخ، ما هي عقيدة العلويين، العلويون والعالم الشيعي.

وفي عام 1976 أُعيد طبع هذا الكرّاس مرّة ثانية، بعد أن أضاف إليه مؤلّفه فصولاً جديدة هي: الطريقة الجنبلانية، العقيدة في الإمام المعصوم، العقيدة في كمال الإيمان، علم الباطن، التناسخ، الجبر والاختيار والتفويض، وقفة مع كتاب "إسلام بلا مذاهب"، بيان العلويون شيعة أهل البيت.

لكنّ هذا الكتيب لا يضيف جديداً إلى ما كتبهُ الطويل في (تاريخ العلويين).

وهكذا يتبيّن أنّ(تاريخ العلويين) هو الباب الواسع الذي خرجت منه جميع الدراسات والبحوث والمقالات، التي نُشرت منذ عام 1930، وإلى يومنا هذا.

2 - الشِعر:

وعقائد العلويين أوضح ما تكون في شعر شعرائهم القدامى من أمثال: الخصيبي، ومنتجب الدين العاني، والمكزون السنجاري، وغيرهم.

ويُعد المكزون أبرز الشعراء العلويين على الإطلاق، ونستطيع أن نقول بكل ثقة: إنّ مَن أراد أن يتعرّف إلى حقيقة عقائد العلويين بكلّ دقائقها عليه بالمكزون ؛ لأنّه صاغَ هذه العقائد وفصّلها تفصيلاً دقيقاً

٢٤١

شاملاً في أشعاره. مع الاعتراف بأنّ ثمّة صعوبات جمّة تَحول دون فهم الكثير من هذه العقائد من خلال شعر المكزون ؛ ذلك لأنّه سَكبها بلغة فلسفية، وفي أسلوب رمزي كعادة الشعراء الصوفيين، تتخلّله إشارات ورموز عرفانية صوفية، يدقّ فهمها على غير المتعمّق في علم الباطن.

وقد ظلّ ديوان المكزون مئات السنين طي الكتمان، بعيداً عن متناول اليد، إلى أن قام الدكتور أسعد علي بتحقيقه ونشره في جزئين، بعنوان(معرفة الله والمكزون السنجاري) سنة 1972م.

وأول ما يلاحَظ في شعر المكزون: أنّ قصائده - جميعها تقريباً - ذات طبيعة واحدة، تكلّم فيها عن: المعنى والصورة، الاسم، دوائر الوجود، المعنى أو الذات، التجلّي، طبقات المؤمنين، ذات الله، أسماء الله وصفاته.

هذا من جهة.

ومن جهة أخرى فإنّ أشعاره ليست على وتيرة واحدة، منها المطوّلات، ومنها المقطوعات الصغيرة، والرباعيات، وقد اخترنا منها ما وجدناه أكثر تمثيلاً لدراستنا.

اللبسُ الجديد

أَنا في فَقدي وُجودي

وَمَغيبي في شُهودي

وَاِنتِباهي في مَنامي

وَاِعتِرافي في جُحودي

وَحَياتي في مَماتي

وَقُصوري في لُحودي

وَقُيودي في سَراحي

وَسَراحي في قُيودي

وَصُعودي في هُبوطي

وَهُبوطي في صُعودي

وَنَعيمي في جَحيمي

نَضَجَت فيهِ جُلودي

وَبَخَلعي لِخَليعٍ

فُزتَ بِاللُبسِ الجَديدِ

* * *

الاِسمُ لِلوَصفِ غَدا باطِناً

وَهوَ لِمَعنى كَونِهِ ظاهِرُ

كَالشَمسِ يُبدي عَينَها نورُها

وَهوَ لَنا عَن كَنهِها ساتِرُ

* * *

٢٤٢

مَعنى الـمَعاني اِسمُهُ ظاهِرٌ

وَظاهِرُ الاِسمِ لَهُ رَسولُ

دَلَّ عَلَيهِ نورُهُ بِنورِهِ

وَهوَ إِلى دَليلِهِ دَليلُ

* * *

ولاية

قَولُ الإِلَهِ جَلَّ في كِتابِهِ

عَلى عَلِيٍّ جاءَ نَصّاً قاطِعا

أَنا الوالي وَرَسولي وَالَّذي

أَتى الزَكاةَ في الصَلاةِ راكِعا

فَخَصَّهُ مِنهُ بِوصَفٍ لَم يَكُن

بِغَيرِهِ فيما رَوَوهُ واقِعا

فَأَوجَبَ اللَهُ لَهُ وِلايَةً عَلى

الَّذي لِلذِكرى أَضحى تابِعا

* * *

قوم

قَومٌ بِهِم شَفَعَ الإِلَهُ رَسولَهُ

وَكِتابهُ بِهِمُ الرَسولَ لَقَد شَفَع

أَيَرومُ في الإِسلامِ حَظّاً مِن عَدا

أَبوابِهِم وَإِلى مُعاديهِم رَجَع

لا وَالهُدى لَم يُهدَ مَن ناواهُم

يَوماً وَلا ضَلَّ الَّذي لَهُم اِتبَع

* * *

آل محمّد

قالوا: الجَماعَةُ، قُلتُ: آلَ مُحَمَّدٍ

قَومٌ بِهِم شَفعُ الإِلَهِ رَسولَهُ

وَبِهِم عَلى تَوحيدِهِ في عُصبَةِ ال

إِسلامِ إِذ جَحَدوا أَقامَ دَليلَهُ

أَفَغَيرِهِم أَبغي السَبيلَ إِلى الهُدى

وَهُمُ الَّذينَ بِهِم أَبانَ سَبيلَهُ

* * *

٢٤٣

إِذا كانَتِ الآياتُ مِن عِندِ خالِقٍ

وَلَيسَ بِها يَأتي سِواهُ مِنَ الخَلقِ

فَوَحِّد بِرُؤياها وُلاةَ ظُهورِها

كَتَوحيدِكَ الأَشخاصَ في النَوعِ وَالنُطقِ

* * *

تَعالَت ذاتُ مَولايَ

عَنِ الإِدراكِ بَالعَينِ

وَعَن دائِرَةِ الأَينِ

وَإِن شوهِدَ في الأَينِ

* * *

إنَّ الَّذي عايَنتْهُ

عَيني بِمِرآةِ وَقتي

هو هي وجوداً وما هي

هو في حدودٍ ونَعْتِ

* * *

واحدةُ الحُسْنِ

بدتْ لعيني بالسُتورِ والكِلَل

ثمّ اختفت برفعها عن الـمُقَل

غزالةٌ بين الصَريمِ واللَوى

علَّمني الوجدُ بها نَظْمَ الغَزَل

بذلتُ فيها مُهجتي وَلَيْتَها

تَقَبَّلتْ من الـمُحِبِّ ما بَذَل

تلكَ الَّتي ما حَدُثَتْ صبابتي

بحُبِّها لكنَّها من الأزل

واحدةُ الحُسنِ الَّتي عن حُسْنِها

سارتْ تفاصيلُ الجَمالِ والجُمَل

محجوبةٌ يُظِهرُها حِجابُها

كالشمسِ يجْلُوها على الطَرفِ الطَفَل

ليس لها بالحُسنِ مِثلٌ إنَّما

تمثَّلت عند الظُهورِ بالمـَثَل

موصوفةٌ بين الوَرى وحُسنُها

تحت النُعوتِ والصِفاتُ ما دَخَل

ملحوظةُ الذاتِ بعينِ ذاتِها

وباطنُ الملحوظِ منها قد جُهِل

٢٤٤

وظاهرُ الحُسنِ الذي باطُنُه

ظاهرُهُ باطنُ حُسنٍ قد كَمَل

وهي وإنْ بانَ لنا جَمالُها

عن الكَيانِ بالعَيانِ لم تَزْل

بَدت بخَمسٍ واختفتْ بخمسةٍ

وأظهرتْ خمساً بها الـمُرتابُ ضَل

هامَ بها بَيْنَ الظَلامِ والضيا

وصَدَّ عنها إذ دَعَتْهُ في الظَلَل

وما دَرَى بأن عَينَ حُسنِها

بِالضالِ عَينُ حُسنها بذي الأثَل

خَلَّفها مِن خَلفِه سافرةً

وأمُّ معنىً من معانيها عَطِل

وفرَّ عنها إذ دَعته وانثنى

بجهلِه يطلُبُها عند الطَلَل

فاعجَب به مِن عاشقٍ مُغفَّلٍ

يجهلُ من ذاتِ الخمارِ ما عَقَل

فابعُد به وانْحُ سبيلي واطَّرِح

عنك الـمَراءَ في الشُكوكِ والجَدَل

واسلم كإسلامي لها تسلَمْ بها

في قصدها من العَناءِ والكَلَل

وإن عراكَ خَبَلٌ في قصدِها

فَاتْلُ أساميها يَزُل عنكَ الخَبَل

وعُذْ بها من غفلةٍ من أمرِها

في سَتْرِها تُعْقِبُ في الكشفِ الخَجَل

واعْمَل بمسنونِ الهُدى في مِلَّتي

وارفُض فُروضَ غيرِها من المِلَل

واسلُك سبيلي في هَواها نَحوَها

ولا تَمِل دون الحِمى إلى الطَلَل

وَاِتَّخِذِ القَبْلَةَ شَطرَ وَجهِها

فَهيَ لِأَهلِ العِشقِ مِن أَسنى القِبَل

وَقُل إِذا قُمتَ إِلى صَلاتِها

حَيَّ عَلى خَيرِ الصَلاةِ وَالعَمَل

حَيَّ عَلى مَعرِفَةِ الحُسنِ الَّذي

قَد وَهَبَ الحُسنَ لِرَبّاتِ الكِلَل

وَجَهتُ وَجهي لِلَّتي جَمالُها

عَن جِهَةِ الأَوصافِ بِالتَحديدِ جَل

مُستَسلِماً مُسَلِّماً لِأَمرِها

مُعتَصِماً بِحَبلِها مِنَ الزَلَل

وَاِتلُ ثَناها راكِعاً وَساجِداً

عَساكَ تَحظى بِالقُبولِ وَلَعَل

وَدُم عَلى فِعلِ الصَلاةِ تَتَّصِل

بِمَن إِلَيها بِالصَلاةِ قَد وَصَل

لِأَنَّها مَعرِفَةُ السِرِّ الَّذي

باطِنُهُ اِسمٌ عَلى مَعناهُ دَل

وَصُم لَها بِالصَونِ لِلسِرِّ الَّذي

حُمِّلتَ مِنها عَن جَهولٍ ما حَمَل

وَقَنِّعِ النَفسَ وَكُن مُذكِياً

عَلى مَواليها بِما عَنكَ فَضَل

تَزْكو بإخراجِ الزكاةِ فَتَجِدْ

معنى الزكاةِ سينَ ميمٍ ما انفَصَل

وزُر حِمىً حلَّ به جَمالُها

تَسْتَغْنِ عن حثِّ السَرى إلى الجَبَل

٢٤٥

ولا تزُر معهدَ رَبْعٍ قد خلا

وزُر حِمىً عنه سنَاهَا ما انتَقَل

فذلك الحجّ الذي إنْ نِلته

نلتَ حجّاً لم تنلهُ بالإبِل

واجهد على مرضاتها النفس وكُن

مجاهداً بالسيف فيها من عَدَل

ولا يُخِيْفَنَّك في طِلاَبها

بيضُ ظُبى الهِندِ ولا سُمْرُ الأسَل

ولا يَصُدَّنك عن موردِها الـ

عذبَ النميرَ مَصَّةٌ من الوَشَل

وكُنْ لِما شرَعتَهُ في حبِّها

متّبعاً مُطَّرِحاً عنكَ الكَسَل

ترقَ إلى الباطنِ من ظاهرِ ما

شرَعْتُه فعندها اصمُتْ واعتزِل

واقطعْ أخا الجهلِ وصِلْ كلّ فتى

شَبّ على دينِ الغرامِ واكْتَهَل

* * *

رشد الطريقة

سَرَتْ موْهِناً نحوي فأبدتْ مسرّتي

وحَيّت فأحيتني بحسن التحيةِ

ومَنَّت فمنَّت في مآبي إلى الحِمى

فؤادي بوصِل الوَصلِ بعدَ القطيعةِ

فآيسني بُعدُ المسافةِ بيننا

وتقصيرُ نضوُ السعي من قربِ أوبتي

وأطمعني في وصلِها بَعدَ هجرِها

تفضُّلُها المحجوبُ عن عينِ مُنْيَتي

وإن حَملتني ناقتي نحو دارها

وصَلتُ وإلاّ مُت في دارِ غُربتي

عزيزةُ وصلٍ عزَّني الصبرُ بعدَها

فقابلت عِزَّ الوصلِ منها بذِلَّتي

عَلَقتُ هواها في الظلال فعلَّقتُ

أمانيَّ في إعراضها بمنيَّتي

وما أعرضتْ عني وحقِ وصالِها

لغير اجترامي في الهوى وخطيئتي

ولو لم ترَ الإضلال منّي بحقّها

لـمَا مَنعتني الوصل وهي خليلتي

وكنتُ بها والقلبُ في قبضِ بسْطِها

أرى سائر الأكوان في قبضِ بسطتي

فأمسيتُ في ليلِ الجَفا بَعدَ وصلِها

أُردِّدُ في نار الجوى بَعدَ جنّتي

إذا أخرَجتني من لظاها مطامعي

أُعادُ بيأسي وارداً نار خيفتي

فكم جسدِ أنضَجْتُ في نارِ هجْرِها

وتُبْدِلُني منه جديداً لشَقْوتي

وكم كرّةٍ كرَّت عليَّ بُكورِها

تردِّدني في دورةٍ بَعدَ دورة

وحُزْني على ما فات من زمني بها

يُقطِّر أجفاني بتصعيدِ زفرتي

٢٤٦

ألـمّتْ فلمَّتْ بالأسى شَعَثَ الأسى

فأخْلَقَ تجديدُ الأسى ثوبَ جِدَّتي

وأشفت بما شفّت به الجسمَ من ضنى

عذولي على وجْدِي ولم تشفِ غِلّتي

وأهَدَتْ لعيني في المنام خيالَها

يُعاتب جَفني بالكرى بعد هَجْعتي

وقالوا: سلوت الحبّ، قلت: أعوذ

بالغرام من السلوان إلاّ لسلوتي

فساء فؤادي بالتودّع ساعةً

وردَّ سروري بالوعود الجميلة

ولولا اعتلاقي في الهوى بوعودِها

لـمَا سَلمَتْ من لوعةِ البَيْنِ مُهجتي

دَنت في عُلاها من حضيضِ مقاميَ الـ

لَذي هبطت نفسي به بعد رِفْعَتي

وأبدا عتابي لطفَها بي على الرضى

بوعْرِ القلا من بعد ظلّ الأظلّة

ولاحت بمعناها لعينيَ صورةً

وما اقترنت عند الظهورِ بصورةِ

وما انتقلت عن كونِ تجريدِ ذاتِها

وإنْ شُوهِدت في حِلْيةٍ مِثلَ حِليتي

تُقلّب أبصار الورى وقلوبَهم

إذا استترتْ بعدَ الظهورِ بغيبةِ

ليعْرِفَها في البدوِ مَن كان عارفاً

وينكرُها ذو الجهل أوَّلَ مرّة

وتُظهر في حال المكافاةِ فضلَها

على عَدْلِها في مستحِقِّ العقوبة

حَكاني على طور التجلّي صفاؤها

فكانت لعيني في جلا العينِ جَلوتي

فما شهدته العينُ معنىً فذاتُها

ومن هيئةٍ فهي المثالُ لهيئتي

حَميتُ حِمى سمعي بها عن عواذلي

بصدق موالاتي لها وحميّتي

وعاصيتُ فيها العاذلاتِ وَلَيْتَها

على بعضِ ما أمّلتُ منها مُطِيَعتي

ووِقْفاً غَدا قلبي لجامعِ حُسنِها

فأضحى لها مني تفاصيلَ جملتي

فصُنتُ صباباتي بها عن أقاربي

وأخفيتُ أمراضي بها عن أحبّتي

وما بُحتُ بالمستورِ تحتَ خِمارَها

إلى مائلٍ في الحبِّ عن نَهجِ ملّتي

وما الصوم في شرع الهوى غير صونِ ما

تَحمَّل حيُ الحبّ عن كلّ ميت

وباعدتُ بين الأقربين مقارِباً

على حبِّها أهلَ الشعوبِ البعيدة

وهاجرتُ فيها الهاجرِين لحُسنِها

وواصلتُ فيها المولعِينَ بلوعتي

وجاهدتُ فيها النفسَ حقّ جهادِها

بصبري على ما سرَّها مِن بليتي

وفي الصوم أدّيتُ الزكاةَ لأهلِها

وفي شعبِهم أخرجتُ في الفطرِ فطرتي

٢٤٧

وقمتُ بأحكام الفرائضِ ظاهراً

وأتبَعْتُها بالنفلِ بعدَ الفريضةِ

ووَاليتُ مَن والى ذويها معادياً

على الحبّ مَن عادى وليّ وليتي

ودُنتُ كما دان الدعاةُ لحُسنِها

بخلع التُقى فيها ولِبْس التقية

ولـمّا تمادت بيننا مدّةُ النَوى

وضاقتْ بحالي في التباعدِ حِيلتي

جَعلتُ صلاتي في الغرامِ بذكرِها

إلى وَصْلِها بعدَ القطيعةِ وَصْلَتي

وطهّرتُ أعضائي بعرفانِ مَن على

مراتبهم في عالمِ العشقِ دَلْت

ووجّهتُ وجهي في اتجاهي لوجهها

فمِن حيثُ ما استقبلْتُها فهي قبلتي

إليها أُصلّي قانتاً لمفيضها

بأسمائها الحسنى بحسنِ التثبّت

وحين رأى عشّاقُ سلمى تَسنُّنِي

بسُنَّتها صاروا كما شئتُ شيعتي

تجلّت فجَلّت ظلمةَ السخطِ بالرضى

وحلّت فحلّت مرّ عيشٍ أمَرَّت

فأقبلَ إقبالي بها حين أقبلت

وأدبرَ لـمَّا أدبرت وجه لذّتي

وأبدتْ لعيني في دجى الستر نارها

ليكشف عنّي نورُها حُجْبَ غفلتي

فصحتُ بأصحابي: امكثوا ؛ علَّنا نرى

هدانا على الأنوار من نارِ عَلْوة

ولـمّا نزلنا وادي القدس أشرَقت

علينا شموسُ الأنسِ من بَعدِ وحشة

فبشّرني بالبِشْرِ قلبي وعندها

دعتني بعبدٍ صرتُ مولىً لرفْقَتي

فلبّيت داعيها وأسرعت نحوها

وجئتُ صحابي من سَناها بجَذوة

وما كنتُ لو لم تهدني لسبيلها

بمهديِّ الهدى للناسِ من بعدِ ضَلة

ولـمّا وردنا ماءَ مَدينَ حبِّها

وجدنا عليه للهدى خيرَ أُمَّة

يذودون عنه كلّ سالٍ عن الهوى

ويسقون منه كل صبٍ بصبوة

فنلتُ بهم علَّاً على نَهْلِ الهوى

وقد كنتُ أرجو أن أفوز بنهلة

ومِلْتُ على ريٍّ إلى الظلِّ أبتغي

غنىَ الفقرِ من ذاتِ العطايا السَنيَّة

مُحَجَّبةٍ لـمّا اختفتْ بجلالها

عن الوهم أبداها الجمال لمقلتي

فأُثْبِتُ في محوِ العَيان عيانَها

بنفي حدودِ الأينِ في حالِ رُؤيتي

وأُشهدني عَيْبي حضوراً وغيبةً

وحاشا لها من غيبةٍ بَعدَ حَضْرَة

ولكن كِلال الطرفِ بالسَّقمِ في الهوى

أراني مغيبي في شهادتِيَ التي

وإنَّ ضياءَ الشمسِ عندَ طلوعِها

لمحتجِبٌ عن كلِ عينٍ عَمِيَّة

وشاهد عيني في عياني لذاتها

كَذَاتي شهيدٌ في حضورٍ وغَيبتي

٢٤٨

وإن كَذَبَ النفسَ العيانُ لعينِها

تبصّرتُ في رؤيا الكرى برويَّتي

وأيقنتُ أنّ اللطف منها دنا بها

خيالاً لعيني بالكرى بعد هجعتي

فجرَّدتُ معناها المصوَّرَ إذ بدا

كصورة حد الأين من كلّ صورة

ونزّهتُ عن كون المكان كِيانَها

وأوصافَها عن رؤيةِ الحديثة

وأعطيت معناها التقدّم في الهوى

على نورِها الموصوفِ بالأزليَّة

وأفردتهُ من غير فصلٍ ولم أقُلْ

مع الوصل إنّ النورَ غيرَ المنيرة

أُقيم لها وجهَ الزمان مصلِّياً

بتوحيدها في ذاتها الصمدَّية

وأُثبت في المِثلِ الظهور إذا اختفى

المثال وأنفي مَزْجَهُ بالهوية

وأنكر من ليلى الحلولَ بحُلّة

ترحِّلها عنّا مطايا المنية

ولستُ كمَن أمسى على الحبّ كاذباً

مضرّاً لأصحاب العقول السخيفة

يمين على الجهّال من عُصبة الهوى

بنسبته في الحبّ من غير نسبة

ويوهِمُ وصلاً من سليمى وقد رمى

به التيه عنها مُبعَداً بالرمية

ويزعم طوراً أنّه عينُ عينها

ويُنكر طوراً أنّها فيه حلّت

فيجمع ما بين النقيضين جَهْلَةً

وذاكَ محالٌ في العقولِ الصحيحة

ويَعْدِلُ عن عدل الهوى بادِّعائه

اتّحاداً لأعيان الوجود الكثيرة

وكيف يصحُ الاتّحاد وشاهدُ الـ

عيان على الأضداد بعض الأدلّة

وما الحقّ إلاّ ما أقول فإنْ تُرِدْ

زوال الصدى رُدْ في الغرامِ شريعتي

وخُذْ في الهوى عنّي حديث هوى التي

محاسنها عن ألسُنِ الوصفِ جَلّت

بديعةُ حُسنٍ دَقّ معنى جمالِها

وعنها بدتْ كلُّ المعاني الدقيقة

قضى جودُها فيضَ الوجود فأظهرت

مشيئتها قِدماً حجابَ المشيئة

فقام له من نورِه بابُ رحمةٍ

بَدَتْ عنه ذاتُ الرتبةِ الألفية

فكان به كونُ النقيبِ وعن سنا

نقيب الهدى صارَ انتجاب النجيبة

وعنه بدا مختصُّ عالَمِ قُدسها

وعنه تَبدّى مخلّصٌ في المحبّة

وممتحَنٌ في الحبّ الذي كونه بدا

بمخلصها أبدى الفطور لفطرتي

وأتقنَ بالأقدار من ربّة الخبا

صنائعَ ما شاءت بغير روية

بُدورً بدَت من غير نقصٍ لِهَدينا

إلى عود أعياد اللقا كالأهِلَّة

وأبدت سِراراً في العيون ولم تزلْ

على الأوج في أُفق البروج العَلِيَّة

٢٤٩

ولم تسكنِ الأجسامَ عند ظهورها

لأبصارنا بالصورةِ البشرية

ولا خُذِلتْ بالقهر بعد انتصارها

ولا عَجَزتْ في ذاتها بَعدَ قُدرة

أدلةُ قلبي في هوى مَن بحُسنها

على حسنها كلّ الأدلّة دلّت

ولو لم تكن عينَ الدليلِ لعينِها

وحجَّتها لم تُبدَ فيها محجّتي

ولستُ دعيَّاً بانتسابي إلى الهوى

وقد ثبتت عند المحبّين نِسْبَتي

فإنْ شئت أن تحظى بحلّ رموزها

عقدتُ عليه في الغرام عقيدتي

فلُذْ بأمينٍ لا يميل عن الهوى

يُبِنْ لك بَعدَ الغيِّ رُشْدَ طريقتي

فإنْ تَغْدُ مولوداً له رُحتَ والداً

لنفسٍ بمفهوم الغرامِ تزّكت

ومَن قَطعَ الأميال في حبّ عَلوةٍ

تناهى إلى ميقاتِ أهل المحبّة

ولـمّا ينَلْ عند الوصالِ وصالها

مُيمّمها إلاّ بعقر المطيّة

وما الحجّ في شَرع الهوى غيرَ صورةٍ

تُعبِّرُ عن كونِ المعاني الخفيّة

سبيل الهدى للسالكين سبيلُه

وأميالُه أقمارُ شمسِ الأبوّة

وخيرُ دليلٍ للرشادِ دليلُه

وصحبتُه للمهتدي خيرَ صحبة

وزاد التقى عند المحبّين زاده

ومركوبهم فيها مطايا العزيمة

ومشعره المستور عن غير شاعر

بما اقترضته بالغرام قريحتي

وفي حجره حَجْر على كلّ لائذٍ

به أن يوالي عصبةَ العصبية

صفاه صفاءُ القلبِ من كدرٍ به

ومروته فيها كمال المروءة

وزمزمهُ ميم طميس بمائها

يزول الصدى عن كلّ نفس زكية

وكعبته ميم بنار بياضها استَعدّت

لإبصار الجمال بصيرتي

وغايته من غاية الحسن ظاهر

لباطنه المحجوب عن كلّ مقلة

وإنّي لممّن حجّ كعبة حُسنها

وأكملتُ حَجّي في هواها بعُمرتي

وفي عرفاتِ الوصلِ عرّفني الهوى

مقام ازدلافي في الغرام بزُلفتي

وإنّي لفي أوجِ الغرامِ بحبّها

وإنْ سفّه الجهّال بي نقصَ رتبة

٢٥٠

الرائية الكبرى أو الشمسية

ومغرب الشمس ومشرق القمر

وكوكبِ الصبحِ إذا الليل دَبرْ

والفتْقِ بعد الرتقِ والسكونِ والت

حريك والمقدور فيه والقدر

والخنّس الكنّس في أفلاكها

وما طوى منها الضحى وما نَشر

والمدّ في العيان للظل الذي

على الصفاء دونه العقل قَصر

وسرِّ إعلان الهدى في ستره

لـمّا بَدا وكشفه لـمّا ستر

وعود عيد العهد في أسبوعه الد

ائر في شهوره التي شهر

والكرّة البيضاء في رجعتها الز

هراء والداعي إلى شيء نكر

لقد شهدتُ عالَم الغيب ومَن

حلّ به مشاهِداً على النظر

لم يغوِ فيما قد روى فؤاده

وما رآه عنه ما زاغَ البصر

وزار بي مشاهد الغيب الذي

غيّبني بي عنه فيه إذ حضر

فَلَاحَ لي صبُح فلاحي في دجى الـ

ستر بنور وجهه قبل السحر

وراحَ بي مؤيّداً بجنده الـ

خميس يوم جمعة السبت الأغر

مراتبٌ سبع وفيها ضربها

منازل والهاء في الغين نفر

أسماءُ حجب آي أنوار السما

شموسُ أفلاك الغمام المعتصر

مشارق مغارب أقمارها

أهلّة نجوم رعد للمطر

بروقها صلاتها زكاتها

صوم وحجّ هجرة لِـمن هجر

جهادها دعاؤها جبالها

والمعصرات والبحار والنهر

رياحها سحابها صواعق

ليل نهار بالغداة قد سفر

عشيها غدوّها آصالها

سبلها أنعامها فيها زمر

دوابّها إبلها ونحلها

والطير في صامع لا من مدر

بِيعها بيوتها مساجد

والنخل والأعتاب رزق وسكر

رمّانها وحَبّها وتينها

زيتونها ظل ظليل وثمر

هنّ السماوات العلى لسبع أر

ضين بهنّ ماء غاديها انهمر

مقرّب به الكروبي غَدَا

مروّحاً مقدّساً براً وبر

وسائحٌ مستمعٌ ولاحق

هُم الـمَقَرُّ لفتىً بهم أقر

٢٥١

عديدهم بضرب ما للغين في الـ

قاف وفي الياء وفي الطاء انحصر

جنّات عدن فُتحت أبوابها

لِـمن غَدت أركانها له وزر

فيها بإسلامي غدوتُ مؤمناً

وصار مستودعُ علمي مُستقِر

ورحتُ مستودع أسراري بها

مستحفظاً فازَ بخير الـمُختبر

ورحتُ بالفرقان والإيقان والـ

وجدان مستحفظ خبر المختبر

معنى قديم بالحديث مشهد

لناظري مغيّبٍ عن الفِكر

فمنهُ ما عنه غدوتُ سامعاً

والعين أغنتني به عن الأثر

منفرداً منزّهاً مجرّداً

عن الأسامي والصفاتِ والصور

لم يجرِ ما أجرى عليه لا ولا

ساواه في الرتبة ما عنه صدر

جلّ عن التحويل والحلول في

الأين وعن هجر مقال مَن هجر

ليس بمسبوق الوجود جوده

لذاك لا ينفدهُ مرّ الدهر

شاء فأبدى للبدا مشيئةً

فاطرةً بأمره أصلَ الفِطر

القلمُ الجاري الذي مِداده

لأحرف التنزيل في اللوح سطر

وحل من تركيبها بسائطاً

في قبضها البسط لأرواح البشر

له بهم فيّ عَليّ شاهد

غادرني في مأمني على حذر

ومكرُ فكري في خفي مكرِه

من خاطري فيه أنا على خطر

قدّرهم بجوده أودية

فسالَ منها كلّ وادٍ بقدر

فاحتملَ الآخر منها ماكثاً

بنفعه ينفي عن الناس الضرر

أهبَطَهُ من راحة الظلال في

دار الفنا اختيارُه عند النظر

ملّ السكون فغدا محرِّكاً

عن عَلمي نجدٍ إلى غَور الغير

لو ارتضى ظِلّ الغَمَام لم يبت

من بعد حيّ الأنس في القفر الوعر

وإنّما باللطف إذ عاوده

مذكّراً من بعد نسيان ذكر

معراجه في كوره ودوره

إخلاصه وبرّه لكلّ بر

والصدق والتصديق والإسلام والـ

إيمان والإحسان من غير ضجر

والزبد الرابي الجفاء ذاهباً

عن مذهب الرشد إلى الغي نفر

أورده العدل بسوء ظنّه

من الردى ما صدّه عن الصدر

هَديَ سبيلي رشده وغيّه

مخيّراً فيما يرى وما يَذر

٢٥٢

حتى إذا جَاز بظُلم نفسه

قال على الجور إلى العدل جَبَر

بالظل ذي الثلاث مركوساً إذا

علا به التكوير في الدار انحدر

بالسبع في السبعين مسلوكاً إذا

أُخرج من غمٍ أُعيد في أشر

أدبر واستكبر ظلماً فإلى

صغاره آل صغيراً إذ كبر

وعن مواليه تولى ولدى

إعطائه أكدى عبوساً وبسر

شرى بما استحسن عوناً حاملاً

لوزره فضَّل عنه وخسر

علا بتيهِ التيهِ عن طاعةِ مو

لاه فما أخفرَه تلك الخفر

بدَّل بعد العز ذُلاً فغدا

من بعد ما كان مهاباً محتقر

أسلمه المال إلى مالك في

قعرِ جحيمٍ نحوه تُرمى الشرر

وظنَّ أنَّ ماله أخلده

فكان ما ظن ولكن في سقر

دار متى دارت بحيٍ لم يجد

من الردى عمر المدى عنها مفر

فحرُّها مستعرٌ ببردها

وبردُها للأبحُر السبعِ سجر

فيها الجمادات مذابات إذا

التفت بها في ظل أفنان الشجر

محل من عن طاعة الله أبى

مستكبراً فباء منها بالصغر

عيونها السبع حميمٌ ماؤُها

والظلُّ ذو اليحموم طاويها الأشر

جهنم هاوية جحيمها

لظى سعير زمهرير وسقر

نعوذ بالإقرار من قرارها

وشر تقرين ذويها في الزبر

حميت إلاَّ مِن حمى أنفاسها

وذاك ما ألقاه من برد وحر

جاورتُها بذلتي لتوبتي

فأصبحتْ لي جنَّةً ذاتَ خُضَر

أنعمُ فيها بشقاء أهلِها

وسجرُها بهم لحرِّيْ قد أقر

لأنني في حالة الظاهر والـ

باطن للمشهد بالغيب مُقِر

رأيتُ في عين اليقين رؤيةً

عن زين عينيَّ نفت شَيْنَ العور

لم يطغَ فيها بصري مجاوزاً

عن رتبتي وإن تناهى بي السدر

فما رأى ما قد رأيت غير من

من وحشة الأنس إلى الجن فر

وصار جنّياً وليّاً لشيا

طين سليمان الأُلى غاصوا البحر

سعى لسمع الذكر وانقاد إلى

دعوة عبد الله منهم في نفر

أبوهم جدي وهم لي رحمٌ

موصولة بالنار ليس تنبسر

٢٥٣

عدمت أُنس الإنسِ لافتخارهم

على الصفا النير بالطين الكدر

تباً لـمَن أصبح في تقصيره

عن العُلى يفخر بالعظم النخِر

هيهات أن يفهمني غير فتىً

حج كحجي وبعُمرتي اعتمر

والحج قصدٌ ظاهرٌ بباطنٍ

له معانٍ بالرسوم تُعتبَر

يا حبّذا الحجُّ الذي استمتعتُ بالـ

عمرة فيه وقضتْ نفسي الوطر

وحبَّذا به وضوئي لادا

فريضة جلَّ عليها المصطبر

والصلوات الخمس في أوقاتها الـ

خمسة، والخمسة عَوْنُ من صبر

نعم ، صلاة أجزلت صلاتها

لـمَن على قيامها الدهر اصطبر

لا يفسح التقصير فيها لسوى

مَن لم ينل شأو ذويها للقصر

أقمتها والغير ساه للصدى

بسمعه عن دعوة الحق وقر

ومذ شهدتُ الشهر صرت صائمَ الـ

دهر وإفطاري إخراج الفطر

مستشرق الشموس من أيامه الـ

غر وأقمار لياليه الغرر

هذي إشاراتي اللواتي استغمضت

فلا ترى من غير باب معتبر

كل لبيب عارف بسرها

وإنما ينكر معناها الغمر

طوبى لـمَن زار رياضَ طيبة

تلك البيوت وهو عارٍ متزر

واستلم الأركان بالتسليم للـ

ثاوي بها وفي الصلاة ما قصر

ومنح الخمس من النصاب من

آل إليهم فتزكّى وطهر

ودان بالتوحيد في تثليثه

بأحدٍ وواحدٍ وما فطر

فوحّد المعنى وقدَّس اسمه الـ

أعلى وللوصف تلا كما أمر

وعرف الأيام والذكرى بها

وما تجلى في ضحاها واعتكر

للشيء تعريفاً ومنه نسبة

وعنه تمييزاً به اسماً شهر

كهو بيان العدل في تكليفه

فيه بفضل غامر الكون عمر

تجلياتٌ واؤه عَبَرَتُها

وهاؤه جهاتها للمعتبر

لم، كيف، ما، كم، أين والخَمسُ لمـَن

بالست إذ حاد عن الحد أسر

حم تنزيل الكتاب رقّه الـ

منشور في طي الدجى الذي انتشر

اسم لمعنى فعله بحرفه

مبتدأي كون الورى له خبر

صبت إذا استصبى القلوب نحوه

حنيفة هاد إليها من نصر

٢٥٤

وفي لؤي لويت أنواره

من دار سابور فقرَّت في مضر

بها أرسطو في ذرى أفلاطونه

بنجمه للزاهريين زهر

وفي قباب الصين أي قبة

شيدها لبهمن منوشهر

موبذ نار قدسها المعنى الذي

لقبة الحكمة بالهند اعتمر

بُدّي الذي ما عنه لي بدٌ ويز

داني الذي بناره قلبي استعر

وسائل عن خِرقتي فإنها

بكرية راجعة إلى عمر

فيها بعثمان غدت ولايتي

لحيدر بريئة من الهذر

طلحتها القصد وعن حدودها

حد الزبير الملحدين وزبر

وعبدها بحبه تعبدي

وإن قلاه من عن الحق انبتر

وسعدها فوز سعيد لأبي

عبيدة الأمين والى ونصر

ورافضٌ لسنتي بجهله

يذم من لسعيه اللهُ شكر

مهاجر المهاجرين خاذل الـ

أنصار للعدل على الجور أحر

قد ألبس الإيمان ظلماً ظاهراً

بقطع ما بوصله الله أمر

فيها غدت مسكنتي مُسكنتي

غضي الرضى والفقر سنّى لي الفقر

يا حسنها من خرقة بلبسها

خرقتُ ثوب اللبس عني فانحسر

وأصبحت طريقتي حقيقة

سارت بها في فِرَق الجمع السير

ألبسها محمد مفضَّلاً

وهو إلى محمّد بها أسر

جاء بها جابر عن يحيى وفي

كنكر ألقى رحلها فتى هجر

وفي اقتراب ساعة الشمس بشخـ

ص سينها بقيسها انشق القمر

وقيل فصل الامتزاج جاء جبر

يل بها وبيت ياييل عمر

ومن حمى حام إلى دان دنت

ونجل سمعان بها منه اِتَّزر

دحية والليل من عنعنها

عن آدمٍ إلى الإمام المنتظر

يا بأبي غرابها القاتل والـ

مقتول والقبر الذي له احتفر

مقرها أنجى المقر مُهِلكاً

لعقر الباغي الذي له عقر

قدوم إبراهيم صاع يوسف

سارقه العصا وصفراء البقر

والهدهد المرسل والخاتم والـ

نملة والكالي لمَن بالكهف قر

ما هَانَ مَن ماهانُ فيها شيخُه

ومن بني بشار وافته البشر

٢٥٥

فيها غدا معروفُ معروفاً وكم

فيها السري مطلق البال أسر

وأصبح الجنيد من جنودها

وشبله الشبلي بالنار اختبر

جِنانها جَنانها أخصبها

بابن الخصيبي فَزَها بها الزهر

وبالولي مَن توالى قومها

أخمد من نار الضلال ما استعر

كل جهات قصدها واحدة

لخاطر فيها بسلطان خطر

حيّ على تصوفٍ بمثله

فليطل العجب لأرباب القصر

حيّ على مورد عين عذبت

ما دونها ريّ ولا عنها صدر

حيّ على معرفتي لأنها

عصا هدى تلقف ما الجبت سحر

فيها بتقليدي غدوت عارفاً

بمضمر المظهر في آي السور

تبصّرتْ لمبصرٍ محجّتي

وحُجّتي عِبرة مَن لها اعتبر

لا مفخرٌ لِابنِ أبٍ ولا اِبـ

نِ الأبوينِ فهي نِعمَ المفتخر

لا يستطاع قرع أبكار لها

لغير من بنفسه القصد مهر

كل لبيب رام كشف سترها

بحدسه أصبح مفضوح الحصر

لأنني كفرت أعمالي فأو

ردت سراباً عنده الله حضر

وإذ رأيت الكفر للإيمان إتما

ماً غدا المؤمنُ عندي مَن كفر

عدلي عن العدل الذي صيّرني

موالياً في الناس جبّاراً قهر

رغبت في النار فرحت زاهداً

في جنةٍ بوعدها غيري يغر

أمنت طاغي الماء في أظلة

منها غدت ألواح فلكي والدسر

على الخليل ظاهر سلامها

لَمَّا لَظاها بمعاديه استعر

شهدت فيها ذَبحه وذِبْحه

وما به في رؤية الذبح ظفر

ورؤية الصديق والأخوة والـ

جب ومن فهم له فيه طمر

والوارد المدلي إليه دلوه

حتى رأى بهاءه الذي بهر

والثمن البخس الذي بيع به

ولم غدا عبداً ولم يبرح حر

ومن به هام وما النسوة

والأيدي التي منهنَّ مراه بسر

وقمصه والدم والقد وما

رد ليعقوب به نور البصر

ومصر والأبواب واختلافها

ومن إلى عزيزها فيها عبر

٢٥٦

وما الذي أسجد يعقوب العُلى

ليوسف وهو النبي المعتبر

وأم موسى إذ رمت تابوته

ورده وعينها التي أقر

ووكزه المصري والخوف الذي

أظهر عند موته حالة فر

ومدين والظل إذ آوى به

ومَن إلى استنزاله الرزق ابتدر

والأجل المقضي والسير وما

آنس فوق الطور من عليا الشجر

وكيد فرعون و ما السحر الذي

جاء به ومَن به البحر عبر

والتيه والغمام والـمَنُّ به

وباطن السلوى وأعين الحجر

وقبة الزمان والصرح وما

غادر في الصندوق موسى مدخر

وآية التابوت والألواح إذ

جاءت وفي الإلقاء ما منها انكسر

والسامري وخوار عجله

ونسفه في اليم لـمّا صار ذر

وقتل داوود لجالوت وطا

لوت وما النهر الذي عنه نهر

وما الذي أوّب من جبالها

والطير والعود وكم فيه وتر

وصاحب الملك الذي لا ينبغي

إلاَّ له أين ثوى حالة خر

وما الذي غادره في طلب الـ

عرش وقد كان غنياً مفتقر

وغسل أيُّوب وظِل يونسٍ

وشيخ يحيى إذ شكى وَهْنَ الكبر

وحمْل عيسى وصيام أمه

ومهده ونطقه عند الصغر

وباطن الصليب والملقى على

ظاهره بالصلب لـمَّا أن كفر

والكهف والرقيم والفتية والكالي

وما أظهر منهم وستر

وسير ذي القرنين واَتِّباعه إلا

سباب والسد الـمُشاد والزبر

ونورُ نارِ بيّن في محوه الأذى الَّـ

ذي لا دجن به بهر

ومن أتى من طور سيناء إلى

جبال ساعير وفي فاران قر

والصحف الأُولى وتوراة الرضى

موسى وإنجيل المسيح والزبر

وباطن القرآن والفرقان والتنـ

زيل والتأويل سر مستسر

وناسخ الآيات والمنسوخ والـ

محكم والمشبَّهات بأُخر

وأحرف النور التي إعجامها

معرَّب الحكم بآخر الزمر

ولم غدت أسماء الاسم دون ما

اختص به المعنى إماماً للسور

وما غدا في رمضان منزلاً

وما الذي أُنزل قبل في صفر

٢٥٧

وكل أيام الكتاب لمعا

د الخلق مثل القمطرير والعسر

ويوم ضرب النون في الغين وما

يعرج فيه وبغين ما حصر

وما السموات التي تعدّدت

وما لها الفطر وما لا ينفطر

وما طوى السجّل بالنظرة في

الليل البهيم من كتاب منتشر

والسائرت الدائرات والأولى

عند انفطار ما حواها تنكدر

وموقف الأعراف والقرآن واللوا

ء والحوض وماؤه الخضر

والمؤمنون والخلود فيهما

من أجل إيمانٍ تبدّى فكفر

والقسط والصراط والميزان والنْ

نَاكب والنافخ إثر من نقر

رويت عن زيد حديثاً ظاهراً

رأيته فصدّق الخُبر الخَبر

عدول قومي شاهدون مشهدي

إن غاب عنه الفاسقون لا ضرر

على العيان ما شهدت لم يكن

وهماً وتقليداً وحَذَر من حَذر

وكلُّ ما رويته شاهدُه

آيُ الكتاب أو حديث أو أثر

لم ألبس الباطل بالحق كمَن

يستاك بالطيب وفي فيه بخر

ما صدني عن صوت داعيه الصدى

ولم يُؤخّر قدمي عنه الخور

دخلتُ بابَ حِطّةٍ في خُطّة

مسجد سمعي وفؤادي والبصر

بسُّنةٍ لا تقبل النسخ وآ

يات كتاب طيُّها فيّ انتشر

صدق يقيني خصني بعلمه

وعينه وحقه لـمّا استمر

وسائلٌ أجبته إن كنت مَن

يعرفُ ما أجْنِحَةُ الرسلِ فَطِر

أو فسِّر الإسراء والحرام والأقـ

صى إلى أسِرَّة الخُلدِ فسِر

وإن عرفت الموت مُت تحيى به

وأمسِ له عبداً به تصبح حر

وبالنعيم أنعم وجانب الشقا

وَوَزرُ زوَّارِ القبور لا تزر

أو إفقه الإفراج والمزاج والمثـ

ال والمثل عن الغر فغر

أو فزت بالعدل والإحسان والقر

بى فعن قصد السبيل لا تجر

وإنه عن الفحشاء والمنكر والإنكـ

ار والبغي وبالمعروف مر

وإن ترد دار البقاء بسوى

بني نمير الفائزين لا تدر

فإن غدوت رائداً لوردهم

فَأَلُ إلى الآلِ وللبرّ فبر

لو سمع السامر بعض فضلهم

بغيرهم بين البرايا ما سمر

٢٥٨

أو شعَر الشاعر بالمجد الذي

خصوا به بمَن عداهم ما شعر

أهل الوفا والرفق إخوان الصفا

والصدق غيث الجدب أرواح البشر

يا طالب الري إلى آلهم أَ

لُ تلق بحراً بالفرات قد زخر

وكن برفض الشحِّ مستنَ السخا

بالنفس تلق فيه ربح المتجر

وتنثني حلاً بأحلى بلد

حرامه لناظر العيش أقر

ومِلْ إلى بابهم بلا مرا

ومن عدا نهج أبي ذر فذر

وبائن الميل ومل عن مللٍ

واصحب إليه بالرواح من بكر

وارق إلى سطح سطيح تجد الـ

جنّات والولدان فيها والسرر

وخض ببحر لبُحيرا تلق في

قراره من اليواقيت بدر

وقِسْ على قِسٍ ورح مواسياً

أويس بالنفس ولله فقُر

معتقلاً رمح عقيل طالباً

لطالبٍ وجعفراً من البحر

فما قضى للحق حقاً من قضى

نحباً بحب غيره والنفس غر

رقيت في الأسباب حتى صرت مِن

فوق السحاب طرت عن كون القمر

وجبت بالآفاق آفاق السما

وات العُلى مراجِعاً فيها النظر

ففُتُّ مِن فيها رأى تفاوتاً

وهل يرى كيوان أعشى ذو سدر

يظن بيْ الجامدُ أني جامدٌ

ولو رأى رأى السحاب في الممر

تطرب سمعي نغمات مسمعي

وناظري يرتع في الروض النضر

ببدر بدر جليت غياهب الأحـ

زانَ عن عيني ومرّ العيش قر

فهل إلى قصيدتي من قاصد

فنظمها بكل معنى قد نثر

ذات بيان معجم إعرابها

عبرت فيها عن تصانيف العبر

فراستي فريسة لدورتي

في دستبندى تحت إكليل الخُضُر

فاعل على أرجوحتي مكللاً

تصبح في بيضاء حيني مبتكر

وأْت بيوتي من لدى أبوابها

فإنها مفتوحة لمن عبر

بكل بيت شدتُ قصراً آهلاً

بقاصرات دونها الطرف قصر

وفي فراتي كل بئر عُطِّلت

فيها اليواقيت وأيتام الدرر

يتيمة الدهر التي كافلها

وَلِيُّ ذي الكفل وصاحب الخضر

بكر على الأيام لا يقرعها

غير خبيرٍ بالذي لها اختبر

٢٥٩

جرت معانيها الصعاب سهلة

إلى معانيها كميل منحدر

هل شافع في زمني بمثلها

فإنها وتر المدى الذي غبر

إيرادها عند اللبيب ساخر

ممّن لفا فيها ومن فيها سخر

ظاهرها يسرُّ كلَّ سامعٍ

ولو وعى باطنها كان أُسر

ختامها مسك فهل منافس

وإنما المزكوم يجهل العطر

أبرزتها لحرب من ناصبني

في نصرة الحق فولَّاني الدبر

جيش قريض ضمُّه بفتحِ تو

حيد العليِّ راية الشرك كسر

* * *

وإذا انتقلنا إلى أشعار العلويين المعاصرين، رأيناها تدور في أغلبها حول النقاط التالية:

1 - موالاة آل البيت والاستنان بسننهم الطاهرة.

2 - مدائح نبوية للنبي (صلّى الله عليه وسلّم) ولآل البيت الأطهارعليهم‌السلام .

3 - الحض على ذكر الله، والتقوى، والعمل الصالح، ومكارم الأخلاق.

4 - محاولات تقليد الفلاسفة المسلمين، في الحديث عن النفس شعراً.

5 - الزهد.

6 - توسلات وابتهالات دينية.

7 - التقية.

وتطالعنا من خلال هذه المواضيع، شذرات من آرائهم التي تدل على حقيقة معتقدهم، ممّا يؤكد إسلاميتهم وتمذهبهم بمذهب آل البيت.

وفي ما يلي بعض الشواهد الشعرية التي تمثِّل حقيقتهم خير تمثيل:

٢٦٠