الشيعة وفنون الاسلام

الشيعة وفنون الاسلام0%

الشيعة وفنون الاسلام مؤلف:
الناشر: دار المعلم للطباعة
تصنيف: تاريخ التشيع
الصفحات: 184

الشيعة وفنون الاسلام

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: السيد حسن الصدر
الناشر: دار المعلم للطباعة
تصنيف: الصفحات: 184
المشاهدات: 58391
تحميل: 5292

توضيحات:

الشيعة وفنون الاسلام
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 184 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 58391 / تحميل: 5292
الحجم الحجم الحجم
الشيعة وفنون الاسلام

الشيعة وفنون الاسلام

مؤلف:
الناشر: دار المعلم للطباعة
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

النجاشي، وسلمة ابن الخطاب أبو الفضل القمّي صاحب ( التفسير ) عن أهل البيت، كان في عصر الرضا والجواد.

وبعد هؤلاء من المصنّفين في التفسير: محمد بن إبراهيم بن جعفر أبو عبد الله الكاتب النعماني، ويعرف كتابه بتفسير النعماني، وهو الراوي لما أملاه أمير المؤمنين عليه السلام في أنواع علوم القرآن، نوع فيه القرآن إلى ستين نوعاً، ومثّل لكل نوع مثالاً يخصّه، وعندنا منه نسخة، وهو الراوي للكافي عن الكليني. ومحمد بن العباس بن علي بن مروان، المعروف بابن الحجام، يكنّى أبو عبد الله، له كتب منها: ( تأويل ما نزل في النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم )، وكتاب ( تأويل ما نزل في أهل البيت وما نزل في شيعتهم )، وكتاب ( تأويل ما نزل في أعدائهم )، وكتاب ( التفسير الكبير )، وكتاب ( الناسخ والمنسوخ )، وكتاب ( قراءة أمير المؤمنين )، وكتاب ( قراءة أهل البيت ) سمع منه أبو محمد هارون بن موسى التلعكبري سنة ثمان وعشرين وثلاثمئة، وله منه إجازة.

والذين صنّفوا في أنواع علوم القرآن جماعة، منهم: محمد بن الحسن الشيبان شيخ الشيخ المفيد، صنّف ( نهج البيان عن كشف معاني القرآن )، ونوع علوم القرآن إلى ستين نوعاً صنّفه باسم المستنصر الخليفة العباسي، وينقل عنه السيد المرتضى في كتاب المحكم والمتشابه.

والشيخ المفيد بن محمد بن النعمان المعروف في عصره بابن المعلم، كان شيخ الشيعة، صاحب كرسي، له كتب مذكورة في فهرست مصنّفاته، منها: كتاب ( البيان في أنواع علوم القرآن ) مات في محرم سنة تسع وأربعمئة هـ، ذكره الخطيب في ( تاريخ بغداد ).

٤١

ولمحمد بن أحمد بن إبراهيم بن سليم أبي الفضل الصولي الجعفي الكوفي، المعروف بالصابوني، صاحب ( الفاخر في اللغة ) كتاب ( تفسير معاني تفسير القرآن وتسمية أصناف كلامه المجيد ) من شيوخ أصحابنا، سكن بمصر ومات فيها سنة ثلاثمائة هـ.

الصحيفة السابعة

في أوّل التفاسير الجامعة لكل علوم القرآن

فاعلم أنّ أوّل تفسير جمع فيه كل علوم القرآن هو كتاب ( الرغيب في علوم القرآن ) لأبي عبد الله محمد بن عمر الواقدي، ذكره ابن النديم في كتابه ( الفهرست ) ونصّ على تشيّعه، ثم كتاب ( التبيان الجامع لكل علوم القرآن ) في عشر مجلّدات كبار، لشيخ الطائفة أبي جعفر محمد بن الحسن بن علي الطوسي شيخ الشيعة، كان تولّده سنة ٣٨٥ هـ، وتوفّي في الغري سنة ستين وأربعمئة هـ، ذكر في أوّله أنّه أوّل مَن جمع ذلك، وكتاب ( حقائق التنزيل ودقائق التأويل )(١) وهو في كبر ( تفسير التبيان ) للسيد الشريف الرضي، أخي المرتضى، كشف فيه عن غرائب القرآن وعجائبه وخفاياه وغوامضه، وأبان غوامض أسراره، ودقائق أخباره وتكلّم في تحقيق حقائقه، وتدقيق تأويله، بما لم يسبقه أحد إليه، ولا حام فكر أحد عليه، لكنّه ليس بجامع لكل علوم القرآن، وله كتاب ( المتشابه في القرآن )، وكتاب ( مجازات القرآن )، هذا ولم يزد عمره على سبع وأربعين سنة، وله في الأصل ترجمة حسنة، مات سنة ست وأربعمئة هـ و( روض

____________________

(١) قامت بنشر الجزء الخامس منه ( جمعية منتدى النشر ) في النجف الأشرف ( العراق ).

٤٢

الجنان في تفسير القرآن ) في عشرين جزءاً، للشيخ الإمام القدوة أبي الفتوح الرازي الحسين بن علي بن محمد بن أحمد الخزاعي الرازي النيسابوري، مات بعد المئة الخامسة، جامع متأخّر عن الشيخ الطوسي، وكتاب ( مجمع البيان في علوم القرآن ) في عشرة أجزاء، للشيخ أمين الدين أبي علي الفضل بن الحسن بن الفضل الطبرسي، المتوفّي سنة أربعين وخمسمئة، جامع لكل ذلك، لكنّه صرّح في أوله أنّه عيال فيه على تبيان الشيخ الطوسي قُدّس سرّه.

وخلاصة التفاسير في عشرين مجلّداً، للشيخ قطب الدين الراوندي، وهو مشحون بالحقائق والدقائق، من أحسن التفاسير المتأخّرة، عن الشيخ أبي جعفر الطوسي.

٤٣

الفصل الثاني

في تقدّم الشيعة في علوم الحديث

وفيه صحائف

وقبل الشروع في الصحائف نشير إلى وجه تقدّم الشيعة في ذلك فنقول:

كان بين السلف من الصحابة والتابعين، اختلاف كثير في كتابة العلم، فكرهها كثيرون منهم، وأباحها طائفة، وفعلوها منهم علي وابنه الحسن، كما في ( تدريب الراوي ) للسيوطي، وأملا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم على علي عليه السلام ما جمعه في كتاب مدرج عظيم.

وقد رآه الحكم بن عيينة عند الإمام الباقر عليه السلام، لمّا اختلفا في شيء، فأخرجه، وأخرج المسألة، وقال للحكم هذا خط علي وإملاء رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، وهو أوّل كتاب جمع فيه العلم على عهد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فعلمت الشيعة حسن تدوين العلم وترتيبه، فبادروا إلى ذلك اقتداء بإمامهم، وزعم غيرهم النهي عن ذلك فتأخّروا.

قال الحافظ السيوطي في ( التدريب ): وكانت الآثار في عصر الصحابة وكبار التابعين غير مدوّنة ولا مرتّبة، لسيلان أذهانهم، وسعة حفظهم، ولأنّهم كانوا نهوا أوّلاًَ عن كتابتها - كما ثبت في صحيح مسلم - خشية اختلاطها بالقرآن، ولأنّ أكثرهم كان لا يحسن الكتابة، قلت: هذا في غير الشيعة من الصحابة وكبار التابعين، فإنّهم دوّنوا ذلك ورتّبوه اقتداءً بأمير المؤمنين عليه السلام، فنقول وبالله التوفيق.

٤٤

الصحيفة الأولى

في أوّل مَن جمع الحديث ورتّبه بالأبواب

من الصحابة الشيعة هو أبو رافع مولى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)

قال النجاشي في كتاب ( فهرس أسماء المصنّفين من الشيعة ) ما لفظه: ولأبي رافع مولى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم كتاب ( السنن والأحكام والقضايا )، ثم ذكر النجاشي إسناده إلى رواية الكتاب باباً باباً، للصلاة، والصيام، والحج، والزكاة، والقضايا، وذكر أنّه أسلم قديماً بمكة، وهاجر إلى المدينة، وشهد مع النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم مشاهده، ولزم أمير المؤمنين عليه السلام من بعده، وكان من خيار الشيعة، وشهد معه حروبه، وكان صاحب بيت ماله بالكوفة، إلى آخر كلامه. ومات أبو رافع سنة خمس وثلاثين بنص ابن حجر في ( التقريب ) حيث صحّح وفاته في أول خلافة علي، فلا أقدم منه في ترتيب الحديث وجمعه بالأبواب بالاتفاق؛ لأنّ المذكورين في أوّل مَن جمع، كلهم في أثناء المائة الثانية، كما في ( التدريب ) للسيوطي.

وحكى فيه عن ابن حجر في ( فتح الباري ) أنّ أوّل مَن دوّنه بأمر عمر بن عبد العزيز: ابن شهاب الزهري، فيكون في ابتداء رأس المئة؛ لأنّ خلافة عمر كانت سنة ثمان أو تسع وتسعين، ومات سنة إحدى ومئة، ولنا فيما أفاده ابن حجر إشكال ذكرناه في الأصل.

الصحيفة الثانية

في أوّل مَن جمع حديثاً إلى مثله في باب واحد وعنوان واحد من الصحابة الشيعة

وهو أبو عبد الله سلمان الفارسي، وأبو ذر الغفاري رضي الله عنه،

٤٥

وقد نصّ على ذلك رشيد الدين ابن شهرآشوب في كتابه ( معالم علماء الشيعة )، وذكر الشيخ أبو جعفر الطوسي شيخ الشيعة، والشيخ أبو العباس النجاشي في كتابيهما، في ( فهرست أسماء المصنفين من الشيعة ) مصنفاً لأبي عبد الله سلمان الفارسي، ومصنفاً لأبي ذر الغفاري، وأوصلا إسنادهما إلى رواية كتاب سلمان، وكتاب أبي ذر، وكتاب سلمان: كتاب ( حديث الجاثيليق )، وكتاب أبي ذر كتاب كالخطبة، يشرح فيه الأمور بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم.

وحكى السيد الخونساري في كتاب ( الروضات في أحوال العلماء والسادات ) عن كتاب الزينة لأبي حاتم في الجزء الثالث منه: إنّ لفظ الشيعة على عهد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم كان لقب أربعة من الصحابة: سلمان الفارسي، وأبي ذر الغفاري، والمقداد بن الأسود الكندي، وعمار بن ياسر، وقد ذكر في ( كشف الظنون ) كتاب ( الزينة ) لأبي حاتم سهل بن محمد السجستاني المتوفّي سنة خمس ومئتين هـ.

الصحيفة الثالثة

في أوّل مَن صنّف الآثار من كبار التابعين من الشيعة

صنّف هؤلاء في عصر واحد، لا ندري أيّهم السابق في ذلك، وهم علي بن أبي رافع صاحب أمير المؤمنين عليه السلام، وخازن بيت ماله، وكاتبه.

قال النجاشي في كتابه في أسماء الطبقة الأولى من المصنّفين من أصحابنا عند ذكره: تابعي من خيار الشيعة، كانت له صحبة من أمير المؤمنين،

٤٦

وكان كاتباً له، وحفظ كثيراً، وجمع كتاباً في فنون من الفقه: الوضوء والصلاة، وسائر الأبواب، ثم أوصل إسناده إلى روايته.

ولأخيه عبيد الله بن أبي رافع كاتب أمير المؤمنين عليه السلام كتاب ( قضايا أمير المؤمنين عليه السلام )، وكتاب ( تسمية مَن شهد مع أمير المؤمنين عليه السلام الجمل وصفّين والنهروان من الصحابة ) كما في فهرست الشيخ أبي جعفر الطوسي قدّس سرّه.

وفي تقريب ابن حجر، كان كاتب علي وهو ثقة من الثالثة.

وأصبغ بن نباتة المجاشعي من خاصة أمير المؤمنين عليه السلام، وعمّر بعده، روى عنه عهده للأشتر، قال النجاشي: وهو كتاب معروف ووصيّته إلى ابنه محمد ابن الحنفية، وزاد الشيخ أبو جعفر الطوسي في ( الفهرست ): إنّ له كتاب مقتل الحسين بن علي عليهما السلام، رواه عنه الدوري.

وسليم بن قيس الهلالي أبو صادق، صاحب أمير المؤمنين عليه السلام له كتاب جليل عظيم، روى فيه عن علي، وسلمان الفارسي، وأبي ذر الغفاري، والمقداد، وعمار بن ياسر، وجماعة من كبار الصحابة.

قال الشيخ الإمام أبو عبد الله النعماني المتقدّم ذكره في أئمّة التفسير في كتابه في الغيبه، بعد نقل حديث من كتاب سليم بن قيس، ما نصّه: وليس بين جميع الشيعة ممّن حمل العلم ورواه عن الأئمة خلاف في أنّ كتاب سليم بن قيس الهلالي أصل من كتب الأصول التي رواها أهل العلم وحملة حديث أهل البيت وأقدمها - إلى أن قال: وهو من الأصول التي ترجع الشيعة

٤٧

إليها، وتعوّل عليها، انتهى. ومات سليم بن قيس في أول إمارة الحجّاج ابن يوسف بالكوفة.

وميثم بن يحيى أبو صالح التمّار من خواص أمير المؤمنين عليه السلام، وصاحب سرّه، له كتاب في الحديث جليل، أكثر النقل عنه الشيخ أبو جعفر الطوسي، والشييخ أبو عمرو الكشي، والطبري في ( بشارة المصطفى ) مات ميثم بالكوفة، قتله عبيد الله بن زياد على التشيّع.

ومحمد بن قيس البجلي، له كتاب يرويه عن أمير المؤمنين عليه السلام، ذكره الشيوخ في التابعين من الشيعة، ورووا كتابه، وأستند الشيخ أبو جعفر الطوسي في ( الفهرست ) عن عبيد بن محمد بن قيس، قال: عرضنا هذا الكتاب على أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين عليه السلام فقال: هذا قول علي بن أبي طالب عليه السلام، وأول الكتاب كان يقول: إذا صلّى قال في أول الصلاة إلى آخر الكتاب.

ويعلى بن مرة له نسخة يرويها عن أمير المؤمنين عليه السلام، والنجاشي في الفهرست أوصل إسناده إلى رواية النسخة عنه، وعبيد الله بن الحر، الجعفي، التابعي، الكوفي، الشاعر، الفارس، الفاتك، له نسخة يرويها عن أمير المؤمنين عليه السلام، ومات أيام المختار، ذكره النجاشي في الطبقة الأولى من المصنّفين في الشيعة.

ربيعة بن سميع له كتاب في زكاة النعم، ذكره النجاشي في الطبقة الأولى من الشيعة المصنّفين، وأنّه من كبار التابعين.

والحرث بن عبد الله الأعور الهمداني أبو زهير، صاحب أمير المؤمنين

٤٨

عليه السلام، له كتاب يروي فيه المسائل التي أخبر بها أمير المؤمنين - عليه السلام - اليهودي، يرويها عمرو بن أبي المقدام عن أبي إسحاق السبيعي، عن الحرث الهمداني، عن أمير المؤمنين عليه السلام، كما في فهرست الشيخ أبي جعفر الطوسي، مات في خلافة ابن الزبير هذا.

ولكن قد ذكر الشيخ رشيد الدين ابن شهرآشوب في أول كتابه ( معالم العلماء ) ترتيباً في جواب ما حكاه عن الغزالي: أول كتاب صنّف في الإسلام كتاب ابن جريج ( في الآثار وحروف التفاسير ) عن مجاهد وعطاء بمكة، ثم كتاب معمر بن راشد الصنعاني باليمن، ثم كتاب ( الموطأ ) لمالك بن أنس، ثم جامع سفيان الثوري، ما لفظه بحروفه.

بل الصحيح أنّ أول مَن صنّف في الإسلام أمير المؤمنين عليه السلام، ثم سلمان الفارسي رضي الله عنه، ثم أبو ذر الغفاري رضي الله عنه، ثم أصبغ ابن نباتة، ثم عبيد الله بن أبي رافع، ثم الصحيفة الكاملة عن زين العابدين عليه السلام، إلى آخر كلامه، والشيخ أبو العباس النجاشي ذكر الطبقة الأولى من المصنفين - كما ذكرنا - ولم يعيّن السابق ولا ذكر ترتيباً بينهم.

وكذلك الشيخ أبو جعفر الطوسي ذكرهم بلا ترتيب، فلعلّ الشيخ ابن شهرآشوب عثر على ما لم يعثرا عليه. والله سبحانه ولي التوفيق.

تنبيه: نصّ الحافظ الذهبي في ترجمة أبان بن تغلب على أنّ التشيّع في التابعين وتابعيهم كثير، مع الدين والورع والصدق، ثم قال: فلو ردّ حديث هؤلاء لذهب جملة من الآثار النبوية، وهذا مفسدة بيّنة، انتهى.

٤٩

قلت: تدبّر هذا الكلام من هذا الحافظ الكبير، واعرف شرف تقدّم الذين ذكرناهم ونذكرهم بعد ذلك من التابعين وتابعيهم من الشيعة.

الصحيفة الرابعة

فيمَن جمع الحديث في أثناء المئة الثانية من الشيعة

وصنّفوا الكتب والأُصول والأجزاء من طريق أهل البيت

كانوا في عصر مَن ذكر في أول من جمع الآثار من أهل السنّة، رووا عن الإمام زين العابدين، وابنه الإمام الباقر عليهما السلام، كأبان بن تغلب، فإنّه روى عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام ثلاثين ألف حديث، وجابر بن يزيد الجعفي، روى عن أبي جعفر الباقر سبعين ألف حديث عنه، عن آبائه، عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم.

وعن جابر أنّه قال: عندي خمسون ألف حديث ما حدّثت منها بشيء كلّها عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم من طريق أهل البيت. ومثلهما في كثرة الجمع وكثرة الرواية: أبو حمزة الثمالي، وزرارة بن أعين، ومحمد بن مسلم الطائفي، وأبو بصير يحيى بن القاسم الأسدي، وعبد المؤمن بن القاسم ابن قيس بن محمد الأنصاري، وبسام بن عبد الله الصيرفي، وأبي عبيدة الحذاء، وزياد بن عيسى وأبو الرجاء الكوفي، وزكريا بن عبد الله الفياض أبو يحيى، وثور بن أبي فاختة أبو جهم، روى عن جماعة من الصحابة، وله عن الباقر عليه السلام كتاب مفرد، وجحدر بن المغيرة الطائي، وحجر بن زائدة الحضرمي أبو عبد الله، ومعاوية بن عمار بن أبي معاوية خباب بن عبد الله، والمطلب الزهري القرشي المدني، وعبد الله بن ميمون بن الأسود القداح، وقد ذكرت كتبهم وتواريخهم في الأصل.

٥٠

الصحيفة الخامسة

فيمَن صنّف الحديث بعد أُولئك من الشيعة

من أصحاب أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق ورووها عنه في أربعمئة كتاب تُسمّى ( الأصول ).

قال الشيخ الإمام أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي في كتابه ( أعلام الورى ) ما نصّه: قد تظافر النقل بأنّ الذين رووا عن أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليه السلام من مشهوري أهل العلم أربعة آلاف إنسان، وصنّف عنه أربعمئة كتاب معروفة عند الشيعة تُسمّى الأصول، رواها أصحابه وأصحاب ابنه موسى عليه السلام، وقد أفرد أبو العباس أحمد بن عقدة كتاباً في الآخذين عن الصادق عليه السلام، وسمّاه كتاب ( رجال مَن روى عن أبي عبد الله الصادق ) وذكر مصنّفاتهم وأحصاهم أيضاً الشيخ أبو جعفر الطوسي في باب أصحاب أبي عبد الله الصادق من كتابه في الرجال، المبوّب على أصحاب كل إمام من الأئمّة الاثنى عشر.

الصحيفة السادسة

في عدد ما صنّفه الشيعة الإمامية في الحديث من طريق أهل البيت

من عهد أمير المؤمنين عليه السلام إلى عهد أبي محمد الحسن العسكري عليه السلام

فاعلم أنّها تزيد على ستة آلاف وستمئة كتاب، على ما ضبطها الشيخ الحافظ محمد بن الحسن الحر صاحب ( الوسائل ) ونصّ على ذلك في آخر الفائدة الرابعة من كتابه ( الجامع الكبير في الحديث ) المسمّى ( بوسائل

٥١

الشيعة إلى أحكام الشريعة ) وقد ذكرت أنا في كتابي ( نهاية الدراية في أصول علم الحديث ) ما يؤيّد هذا العدد.

الصحيفة السابعة

في ذكر بعض المتأخّرين عنهم من أئمّة علم الحديث وأرباب الجوامع

الكبار التي إليها اليوم مرجع الشيعة في أحكام الشريعة

فاعلم أنّ المحمّدين الثلاث الأوائل، هم أرباب الجوامع الأربع، وهم: أبو جعفر محمد بن يعقوب الكليني صاحب ( الكافي ) المتوفّي سنة ثمان وعشرين وثلثمائة هـ، أخرج فيه ستة عشر ألف وتسع وتسعين حديثاً بأسنادها. ومحمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمّي، المتوفّي سنة ٣٨١ هـ وهو المعروف بأبي جعفر الصدوق، ألّف أربعمئة كتاب في علم الحديث، أجلّها كتاب مَن لا يحضره الفقيه، وأحاديثه تسعة آلاف وأربعة وأربعون حديثاً في الأحكام والسنن، ومحمد بن الحسن الطوسي شيخ الطائفة صاحب كتاب ( تهذيب الأحكام ) بوّبه على ثلاثمئة وثلاثة وتسعين باباً، وأخرج فيه ثلاثة عشر ألف وخمسمئة وتسعين حديثاً، وكتابه الآخر هو ( الاستبصار ) وأبوابه تسعمئة وعشرون باباً، أخرج في خمسة آلاف وخمسمئة وأحد عشر حديثاً، وهذه هي الكتب الأربعة التي عليها المعوّل، وإليها المرجع للشيعة، ثم المحمّدين الثلاث الأواخر، أرباب الجوامع الكبار، وهم: الإمام محمد الباقر بن محمد التقي المعروف بالمجلسي، مؤلّف ( بحار الأنوار في الأحاديث المروية عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم والأئمّة من آله الأطهار ) في ستة وعشرون مجلداً ضخما، وعليه تدور رحى الشيعة؛ لأنّه لا أجمع منه في جوامع الحديث.

٥٢

وقد أفرد ثقة الإسلام العلاّمة النوري كتاباً في أحوال هذا العلاّمة سمّاه ( الفيض القدسي في أحوال المجلسي ) وقد طبع مع البحار بإيران.

والشيخ المحدّث العلاّمة المتبحّر في المعقول والمنقول محمد بن مرتضى بن محمود، المدعو بمحسن الكاشاني، الملقّب بالفيض، له ( الوافي في علم الحديث ) في أربعة عشر جزءاً كل جزء كتاب على حدة، يجمع الأحاديث المذكورة في الكتب الأربعة المتقدّم ذكرها، في الأصول والفروع والسنن والأحكام، وله نحو مئتي مصنّف في فنون العلم، عمّر أربعاً وثمانين سنة وتوفى سنة ١٠٩١ هـ.

والشيخ المحدّث شيخ الشيوخ في الحديث محمد بن الحسن الحر الشامي العاملي المشغري، صاحب ( تفصيل وسائل الشيعة إلى تحصيل أحاديث الشريعة ) على ترتيب كتب الفقه، من أنفع الجوامع في الحديث، أخرجه من ثمانين كتاباً من الجوامع كانت عنده، وسبعين نقل عنها بالواسطة، وقد طبع مراراً بإيران، وعليه تدور رحى الشيعة اليوم، ولد في رجب سنة ١٠٣٣ هـ، وتوفّي بطوس من بلاد خراسان في السنة الرابعة بعد المائة والألف.

وقد ألف الشيخ العلاّمة ثقة الإسلام الحسين بن العلاّمة النوري ما فات من صاحب ( الوسائل ) وجمعه على أبواب الوسائل، وسمّاه ( مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل ) وهو نحو كتاب ( الوسائل ) فكان أعظم مصنّف في أحاديث المذهب، وفرغ منه سنة ١٣١٩ هـ وتوفّي في الغري ثامن وعشرين جمادى الآخرة سنة عشرين وثلثمئة بعد الألف.

وهناك جوامع كبار الأعلام المحدّثين الأخيار، منها ( العوالم ) وهو مئة مجلّد في الحديث، للشيخ المحدّث المتبحّر البارع المولى عبد الله بن

٥٣

نور الله البحراني، المعاصر للعلاّمة المجلسي صاحب ( البحار ) المتقدّم ذكره آنفاً.

ومنها كتاب ( شرح الاستبصار في أحاديث الأئمّة الأطهار ) في عدّة مجلّدات كبار، نحو ( البحار ) للشيخ المحقّق الشيخ قاسم بن محمد بن جواد المعروف بابن الوندي، وبالفقيه الكاظمي المعاصر للشيخ محمد بن الحسن الحر صاحب ( الوسائل ) المتقدّم ذكره، كان ممّن تخرّج على جدّنا العلامّة السيد نور الدين أخي السيد محمد صاحب ( المدارك ).

ومنها ( جامع الأخبار في إيضاح الاستبصار ) وهو جامع كبير يشتمل على مجلّدات كثيرة، للشيخ العلاّمة الفقيه عبد الطيف بن علي بن أحمد بن أبي جامع الحارثي الهمداني الشامي العاملي، تخرّج على الشيخ المحقق المؤسّس المتقن الحسن أبي منصور بن الشهيد الشيخ زين الدين العاملي صاحب ( المعالم ) و ( المنتقى ) من علماء المئة العاشرة.

ومنها الجامع الكبير المسمّى بـ ( الشفا في حديث آل المصطفى ) يشتمل على مجلّدات عديدة للشيخ المتضلّع في الحديث محمد الرضا ابن الشيخ الفقيه عبد اللطيف التبريزي فرغ منه سنة ١١٥٨ هـ.

ومنها جامع الأحكام في خمسة وعشرين مجلداً كباراً للسيد العلاّمة عبد الله بن السيد محمد الرضا الشبري الكاظمي، كان شيخ الشيعة في عصره وواحد المصنّفين في دهره، لم يكن أكثر منه تأليفاً في المتأخّرين عن العلاّمة المجلسي، مات سنة ١٢٤٢ هـ، في بلد الكاظمين.

٥٤

الصحيفة الثامنة

في تقدّم الشيعة في تأسيس علم دراية الحديث

وتنويعه إلى الأنواع المعروفة

فأوّل مَن تصدّى له أبو عبد الله الحاكم النيشابوري، وهو محمد بن عبد الله المشهور، المتوفّي سنة خمس وأربع مئة هـ، صنّف فيه كتاباً سمّاه ( معرفة علوم الحديث ) في خمسة أجزاء، ونوّع فيه الحديث إلى خمسين نوعاً، وقد نصّ على تقدّمه في ذلك في ( كشف الظنون ) قال: أول مَن تصدّى له الحاكم، وتبعه في ذلك ابن الصلاح.

وما ذكره الحافظ السيوطي في ( الوسائل في الأوائل ) أنّ أوّل مَن رتّب أنواعه ونوّع الأنواع المشهورة الآن: ابن الصلاح، المتوفّي سنة ثلاث وأربعين وستمئة في مختصره المشهور، لا ينافي ما ذكرناه؛ لأنّه يريد: أوّل مَن فعل ذلك من أهل السنة - والحاكم من الشيعة - باتفاق الفريقين، فقد نصّ السمعاني في ( الأنساب ) والشيخ أحمد بن تيمية، والحافظ الذهبي في ( تذكرة الحفّاظ ) على تشيّعه، بل حكى الذهبي في ( تذكرة الحفّاظ ) عن ابن طاهر أنّه قال: سألت أبا إسماعيل الأنصاري عن الحاكم فقال: ثقة في الحديث، رافضي خبيث.

قال الذهبي: ثم قال ابن طاهر: كان الحاكم شديد التعصّب للشيعة في الباطن، وكان يظهر التسنّن في التقديم والخلافة، وكان منحرفاً عن معاوية وآله، متظاهراً بذلك ولا يعتذر منه.

قلت: وقد نصّ أصحابنا على تشيّعه، كالشيخ محمد بن الحسن الحر في آخر الوسائل، وحكى عن ابن شهرآشوب، في معالم العلماء في باب الكنى،

٥٥

أنّه عدّه في مصنّفي الشيعة، وأنّ له ( الأمالي ) وكتاباً في ( مناقب الرضا )، وذكروا له كتاب ( فضائل فاطمة الزهراء عليها السلام ) وقد عقد له المولى عبد الله أفندي في كتابه ( رياض العلماء ) ترجمة مفصّلة في القسم الأوّل من كتابه المختص بذكر الشيعة الإمامية، وذكره في باب الألقاب، وباب الكنى، ونصّ عليه وذكر له كتاب أصول علم الحديث، وكتاب المدخل إلى علم الصحيح، قال: واستدرك على البخاري في صحيحه أحاديث منها في أهل البيت حديث ( الطير المشوي ) وحديث ( مَن كنت مولاه ).

وصنّف بعد أبي عبد الله الحاكم في علم دراية الحديث، جماعة من شيوخ علم الحديث من الشيعة، كالسيد جمال الدين أحمد بن طاوس أبو الفضايل، وهو واضع الاصطلاح الجديد للإمامة، في تقسيم أصل الحديث إلى الأقسام الأربعة: الصحيح، والحسن، والموثّق، والضعيف، كانت وفاته سنة ٦٧٣ هـ.

ثم صنّف السيد العلاّمة علي بن عبد الحميد الحسني شرح أصول دراية الحديث، يروي عن الشيخ العلاّمة الحلّي بن المطهّر وللشيخ زين الدين، المعروف بالشهيد الثاني ( البداية في علم الدراية ) وشرحها المسمّى بالدراية، وللشيخ الحسين بن عبد الصمد الحارثي الهمداني ( وصول الأخيار إلى أصول الأخبار )، وللشيخ أبي منصور الحسن بن زين الدين العاملي مقدّمة المنتقى، ذكر أصول علم الحديث، وللشيخ بهاء الدين العاملي كتاب ( الوجيزة ) في علم دراية الحديث، وقد شرحتها أنا، وسمّيت الشرح ( نهاية الدراية ) وقد طُبعت بالهند ودخلت المدارس.

٥٦

الصحيفة التاسعة

في أوّل مَن دوّن علم رجال الحديث وأحوال الرواة

فاعلم أنّه أبو عبد الله محمد بن خالد البرقي القمّي، كان من أصحاب الإمام موسى بن جعفر الكاظم، كما في كتاب الرجال للشيخ أبي جعفر الطوسي وذكر تصنيفه في الرجال الرواة أبو الفرج ابن النديم في الفهرست، في أول الفن الخامس في أخبار فقهاء الشيعة من المقالة السادسة.

قال: وله من الكتب كتاب ( العويص )، كتاب ( التبصرة )، كتاب ( الرجال ) فيه ذكر مَن روى عن أمير المؤمنين رضي الله عنه، انتهى.

ثم صنّف بعده أبو محمد عبد الله بن جبلة بن حيان بن أبحر الكناني، صنّف كتاب ( الرجال )، ومات سنة تسع عشرة ومئتين عن عمر طويل.

وقال السيوطي في كتاب الأوائل: أوّل مَن تكلّم في الرجال شعبة وهو متأخّر عن ابن جبلة، فإنّ شعبة مات سنة ستين ومئتين، بل تقدّمه منّا بعد ابن جبلة أبو جعفر اليقطيني صاحب الإمام الجواد محمد بن علي الرضا؛ فإنّه صنّف كتاب ( الرجال ) كما في فهرست النجاشي، وفهرست ابن النديم.

وكذلك الشيخ محمد بن خالد البرقي، كان من أصحاب الإمام موسى بن جعفر والرضا، وبقي حتى أدرك الإمام أبا جعفر محمد بن الرضا عليه السلام وكتابه موجود بأيدينا. فيه ذكر مَن روى عن أمير المؤمنين عليه السلام، ومَن بعده، وفيه الجرح والتعديل كسائر الكتب المذكورة.

ثم صنّف أبو جعفر أحمد بن خالد البرقي كتاب ( الرجال ) وكتاب

٥٧

( الطبقات ) وتوفّي سنة ٢٧٤ هـ. والشيخ أبو الحسن محمد بن أحمد داود بن علي القمّي المعروف بابن داود شيخ الشيعة، له ( كتاب الممدوحين والمذمومين من الرواة ) مات سنة ثمان وستين وثلاثمئة هـ.

وللشيخ أبي جعفر محمد بن بابويه الصدوق كتاب ( معرفة الرجال ) وكتاب ( الرجال المختارين من أصحاب النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم )، توفّي سنة ٣٨١ هـ، وللشيخ أبي بكر الجعاني - قال ابن النديم: كان من أفاضل الشيعة - كتاب ( الشيعة من أصحاب الحديث وطبقاتهم )، قال النجاشي: وهو كتاب كبير، وللشيخ محمد بن بطة كتاب ( أسماء مصنّفي الشيعة ) وتوفّي سنة أربع وسبعين ومئتين، وللشيخ نصر بن الصباح أبي القاسم البلخي شيخ الشيخ أبي عمرو الكشي، له كتاب ( معرفة الناقلين من أهل المئة الثالثة ) مات فيها، ولعلي بن الحسن بن فضال كتاب ( الرجال ) وهو في طبقة الذي قبله، وللسيد أبي يعلى حمزة بن القاسم بن علي بن حمزة بن الحسن بن عبيد الله بن العباسابن علي بن أبي طالب عليه السلام كتاب ( مَن روى عن جعفر بن محمد من الرجال ) قال النجاشي: وهو كتاب حسن، روى عنه التلعكبري إجازة، فهو من علماء المئة الثالثة، وللشيخ محمد بن الحسن ابن علي أبي عبد الله المحاربي كتاب ( الرجال من علماء الثالثة ) وللمستعطف عيسى بن مهران كتاب ( المحدّثين ) وهو من المتقدّمين، ذكره الطوسي في الفهرست، وقد ذكرت الأصل في مصنّفات الشيخ الطوسي والنجاشي والكشي والعلاّمة أبن المطهّر الحلّي وابن داود وطبقات ممّن صنّفوا في الرجال، وكتبهم عليها المعوّل في الجرح والتعديل إلى اليوم فراجع، ولأبي الفرج القناني الكوفي أُستاذ النجاشي كتاب ( معجم رجال المفضل ) رتّبه على حروف المعجم.

٥٨

الصحيفة العاشرة

في أوّل مَن صنّف في طبقات الرواة

فاعلم أنّ أوّل مَن صنّف الطبقات أبو عبد الله محمد بن عمر الواقدي، المتولّد سنة ثلاث ومئة، عمّر ٧٨، ونصّ على تصنيفه الطبقات ابن النديم في فهرست كتبه، كما سيأتي تفصيلها في الصحيفة الرابعة من الفصل الثامن في ترجمته، ولابن الجعابي القاضي أبي بكر عمرو بن محمد بن سلام بن البراء المعروف بابن الجعابي كتاب ( الشيعة من أصحاب الحديث وطبقاتهم ) وهو كتاب كبير، وكتاب المولى والأشراف وطبقاتهم، كتاب مَن روى الحديث من بني هاشم ومواليهم، كتاب ( أخبار آل أبي طالب )، كتاب ( أخبار بغداد وطبقاتهم وأصحاب الحديث بها ) قال ابن النديم في الفهرست: وكان من أفاضل الشيعة، وخرج إلى سيف الدولة فقرّبه وخصّ به، قلت، روى عنه الشيوخ كالشيخ المفيد وأمثاله، توفّي بعد المئة الثالثة سنة ٣٥٥ هـ، وللشيخ أبي جعفر البرقي أحمد أبن محمد بن خالد - صاحب المحاسن - كتاب ( الطبقات )، وكتاب ( التاريخ ) وكتاب ( الرجال )، مات سنة أربع وسبعين ومئتين، وقيل سنة ثمانين ومئتين.

٥٩

الفصل الثالث

في تقدّم الشيعة في علم الفقه

وفيه صحائف

الصحيفة الأولى

في أوّل مَن صنّف فيه ودوّنه ورتّبه على الأبواب

فاعلم أنّ أوّل مَن صنّف في علم الفقه ودوّنه هو علي بن أبي رافع مولى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، قال النجاشي في ذكر الطبقة الأولى من المصنّفين من شيعة أمير المؤمنين عليه السلام: علي بن أبي رافع مولى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، هو تابعي من خيار الشيعة، كانت له صحبة من أمير المؤمنين عليه السلام، وكان كاتباً له وحفظ كثيراً، وجمع كتاباً في فنون الفقه: الوضوء والصلاة وسائر الأبواب، تفقّه على أمير المؤمنين عليه السلام، وجمعه في أيّامه، أوله ( باب الوضوء ) إذا توضّأ أحدكم فليبدأ باليمين قبل الشمال من جسده، قال: وكانوا يعظّمون هذا الكتاب ( فهو أوّل مَن صنّف فيه من الشيعة ).

وذكر الجلال السيوطي أنّ أوّل مَن صنّف - يعني من أهل السنّة - في الفقه الإمام أبو حنيفة؛ لأنّ تصنيف علي بن أبي رافع في ذلك أيام أمير المؤمنين عليه السلام قبل تولّد الإمام أبي حنيفة بزمان طويل، بل صنّف في الفقه قبل أبي حنيفة جماعة من فقهاء الشيعة، كالقاسم بن محمد بن أبي بكر التابعي، وسعيد بن المسيّب الفقيه القرشي المدني، أحد الفقهاء الستّة المتوفّي سنة أربع وتسعين، وكانت ولادته أيام خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، والقاسم بن محمد بن أبي بكر رضي الله عنه، مات سنة

٦٠