تاريخ الشيعة السياسي الثقافي الديني الجزء ١

تاريخ الشيعة السياسي الثقافي الديني15%

تاريخ الشيعة السياسي الثقافي الديني مؤلف:
الناشر: مؤسسة الأعلمي
تصنيف: تاريخ التشيع
الصفحات: 391

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣
  • البداية
  • السابق
  • 391 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 131108 / تحميل: 11533
الحجم الحجم الحجم
تاريخ الشيعة السياسي الثقافي الديني

تاريخ الشيعة السياسي الثقافي الديني الجزء ١

مؤلف:
الناشر: مؤسسة الأعلمي
العربية

تاريخ الشّيعة

السّياسي الثقافي الدّيني

١

٢

تاريخ الشّيعة

السّياسي الثقافي الدّيني

تأليف

العلاّمة الشّيخ سليمان ظاهر

عضو المجمع العلمي العربي بدمشق

حقّقه وضبطه

عبد الله سليمان ظاهر

المجلّد الأوّل

منشورات

مؤسسة الأعلمي للمطبوعات

بيروت - لبنان

ص. ب ٧١٢٠

٣

٤

العلاّمة الشيخ سليمان ظاهر

٥

٦

بِسْمِ اللّهِ الرّحْمنِ الرّحِيمِ

مقدمة

بقلم: الأستاذ الكبير

المؤرِّخ السيد حسن الأمين

الشيخ سليمان ظاهر علم من أعلام العرب في القرن العشرين تجمع فيه من الفضائل ما قلَّ أن يتجمع في نظرائه، فكان فقيهاً بين الفقهاء، مؤرخاً بين المؤرخين، شاعراً بين الشعراء، مناضلاً للحرية والاستقلال بين المناضلين.

وكان في كل ذلك متفوقاً يمشي في الصفوف الأولى مرفوع الرأس قوي البأس ثابت العزم. ولو قدّر له أن يعيش في غير الوسط الذي عاش فيه، وأن ينشأ في غير البلدة التي نشأ فيها لكان له من شيوع الذكر وانبساط الأمر ورغد العيش ما لا يقل عن أشهر المشاهير!.

ولكنه عاش في وسط ضيق محدود لا يخرج عن كونه وسطاً قروياً محضاً لا يستطيع فيه أن يخطو الخطوات التي تؤهله لها مواهبه، ونشأ في بلدة لا تعدو يوم نشأ فيها عن أنها قرية لا تحوي ما يشجِّع على العمل وتحقيق المطامح.

ومع ذلك فقد عرفه المجمع العلمي العربي في دمشق فاختاره عضواً من أعضائه، وعرفته الندوات فكان فيها عالي الصوت عميق الأثر.

ولكن ذلك كله ظل ضمن نطاق محدود لا يتفق في شيء مع مواهب

٧

هذا الرجل الموهوب، ولا مع كفاءاته المتعددة الجوانب.

لقد كانت قصيدة الشيخ سليمان ظاهر أول قصيدة ترثي شهداء العرب الذين أعدمهم السفاح جمال باشا، فنظم رائعته على لسان الشهيد عبد الكريم الخليل...

وكانت بعد ذلك قصيدته أول قصيدة بعد يوم (ميسلون) الذي هدم فيه الطاغية الجنرال غورو الاستقلال العربي السوري الناشئ.

لقد كانت القصيدتان فاتحة النضال الشعري العربي الاستقلالي في مجاهدة السفاحين والمستعمرين، ولكن من يعرف في العالم العربي أن الشيخ سليمان ظاهر كان رائد الشعر النضالي في بلاد الشام، وأنه فاتح باب ديوان العرب الوطني فيها بهذا العصر.

ومن هو بين شيوخ العرب وناشئتهم من يستظهر بيتاً واحداً من ذلك الشعر الذي يتدفق بلاغة وحماسة واستنفاراً؟

ذلك أن الوسط الذي عاش فيه الشيخ سليمان ليس وسطاً للنشر والذيوع، فقد كانت القصيدة تنظم ثم تطوى بين الأوراق لا يطلع عليها إلا نفر من أقرب المقرّبين.

وعدا قصيدتيه في رثاء ضحايا السفاح جمال باشا، وفي يوم ميسلون، فقد كان أول من نظم في نكبة دمشق يوم ضربها الفرنسيون بمدافعهم وطائراتهم في الثورة السورية سنة ١٩٢٥.

وإذا كانت قصيدة شوقي وقصيدة الزركلي في الموضوع نفسه قد ذاعتا وشاعتا وغدتا موضع الترنم والاستشهاد؛ فلأنهما ألقيتا في حفل حافل في القاهرة، ثم نشرتا في جرائد القاهرة، عنها تناقلتهما جرائد العرب في كل بلاد العرب.

أما قصيدة الشيخ سليمان ظاهر فأين تلقى وأين تنشر؟!..

وما نقوله عن الشعر نقوله عن غيره من مواهب الشيخ سليمان ظاهر.

فإن هذا الشاعر المبدع كان في الوقت نفسه مؤرخاً كتب بحوثاً تاريخية كان مجال نشرها مجلة (العرفان) التي كانت تصدر في مدينة صيدا. ومن يعود إلى مجلدات العرفان ويتتبع في أجزائها ما كتبه الشيخ سليمان في شتى

٨

المواضيع التاريخية لا سيما عن تاريخ جبل عامل يرى ما انطوى عليه هذا الرجل من الجَلَد على التتبع والعمق في البحث وقوة الاستنتاج مما هو الأداة الواجبة للمؤرخ الناجح.

وكان مما عني به من مواضيع التاريخ تاريخ الشيعة. وليس مبعث هذه العناية نزعة مذهبية كما قد يتبادر إلى الذهن لأول وهلة، بل كان مبعثها الحرص على تاريخ الإسلام وتاريخ العرب بإبراز جانب مشرق من هذا التاريخ عملت في القديم عوامل شتى على طمسه، فكان في هذا الطمس خسارة كبرى للحقيقة وللعلم وللإنسانية.

بهذا الحافز وحده - حافز الحرص على نصاعة التاريخ الإسلامي والتاريخ العربي - انصرف الشيخ سليمان ظاهر إلى التحقيق في جانب ثريٍ من جوانب تاريخ هذه الأمة، فكان له ما أراد من كشف كنوز كان في سترها خسارة أية خسارة...

لقد كان من أكبر العوامل في التفرق بين المسلمين أن كل فريق يجهل حقيقة الفريق الآخر، فيبني أحكامه عليه مستنداً إلى أضاليل بثتها أيادٍ ذات أغراض منوعة فانطلت على المسلمين، فنظر كل فريق إلى الفريق الآخر نظرة سوء كان من عواقبها ما عانته الأمة من شرور التشتت والتمزق.

والشيخ سليمان ظاهر حين يكتب تاريخ الشيعة إنما يحاول أن يبرز الوجه الصحيح لهذا الفريق من المسلمين؛ ليرى الفريق الآخر أن ليس هناك ما يبعث على الفرقة والتباعد، فيكون بذلك عاملاً من أقوى عوامل جمع الشمل ولمِّ التشتت، وداعياً من أنجح دعاة التوحيد والتُوفِّيق.

فهو يقول في مقدمة كتابه موضحاً هدفه: (وفي احتدام تلك المعمعة الجدلية وفيما جال حول الشيعة من الظنون وما عزي إلى الإمامية منهم ما لم يعتقدوه دار في خُلْدي أن أفرد كتاباً بالتأليف في تاريخ الشيعة الديني والسياسي تاركاً تدوين تاريخها الأدبي).

فهو في هذا الكتاب يريد أن يجلو الحقائق وأن يزيل من الأذهان ما عَلَقَ بها من غير الحقائق لتصفو النفوس وتطيب القلوب.

٩

ثم هو حين يشرح طريقته في التأليف يشير إلى ما سيختمه به قائلاً: (.... خاتمة تتضمن دعوة المسلمين كافة إلى التحرر من التعصب الممقوت للمذهب والعقيدة الذي أدى إلى ذهاب ريحهم وتفرقهم قِدداً...).

إن في هذا الكتاب مما يثير الاهتمام جمعه لأخبار الدولة الإدريسية في المغرب التي ظلت معظم أخبارها ضائعة، وظل الكثير منها مطموساً مع ما كان لها من الفضل العميم في نشر الإسلام في بقاع ظلت أمداً طويلاً على غير الإسلام حتى جاء الحكم الإدريسي الصالح فتجرد فيما تجرد له، لدعوة النافرين من الإسلام إلى الأخذ به فاستجابوا بعدما رأوا صلاح الحكم وحسن سيرة الحكام، فكان أن عمَّ الإسلام شمال إفريقيا كله، وقد كان تاريخ الأدارسة كما وصفه الدكتور حسن مؤنس: (ما زالت الدولة الإدريسية تنتظر من يكتب تاريخها ويحدد دورها في بناء المغرب العربي).

وها هو الشيخ سليمان ظاهر قد فعل - فيما فعل - في هذا الكتاب أن وضع الأساس لمن يريد الإفاضة في تاريخ الأدارسة الذين لم يكن الدكتور حسين مؤنس وحده قد شكا من ضياع تاريخهم، بل شاركه في ذلك كثيرون.

والأمر نفسه فيما يتعلق بتاريخ الحَمْدانيين وبطلهم، بل بطل العرب في عصره (سيف الدولة)، وما كان منه من مناضلة البيزنطيين النضال الطويل المرير، ودفعهم عن بلاد الشام وحماية العروبة والإسلام فيها.

فقد كان تاريخ تلك الفترة المجيدة مبعثراً لا يكاد يُهتدى إليه، وها هو اليوم في هذا الكتاب واضح المعالم مجموع الأحداث.

ونحن هنا لا نريد أن نستقصي كل حسنات الكتاب، بل نريد أن نشير إشارات عابرة إلى ملامح من تلك الحسنات، ونترك للقارئ أن يعكف على مطالعته لتستبين له صور من التاريخ ما كانت لتستبين مجموعة لو لا الجهد الذي بذله المؤلف.

ومن حسنات الكتاب أنه أبرز للقراء تاريخ إمارات عربيّة طمس الإهمال تاريخها مع ما في هذا التاريخ من مفاخر ومآثر في السياسية والأدب والشعر بخاصة، من أمثال العقيليين والخفاجيين وبني شاهين وغيرهم.

١٠

وحين نذكر هذا فإنه لابد لنا من أن نشير إلى أنه كان لتاريخ لبنان النصيب الوافر في هذا الكتاب، ففي تاريخ لبنان صفحات مطوية لم تجد من يكشف عنها حتى جاء الشيخ سليمان ظاهر يتحدث - فيما يتحدث عنه - عن الحرافشة الذين كان لهم في تاريخ لبنان العسكري والأدبي ما كان يجب أن يطول الحديث عنه، ولكن أحداً لم يتحدث عنه حتى همْساً.

ومن مزاياه أنه تجاوز تاريخ الدول والإمارات إلى تاريخ أسر علمية تأصل فيها العلم وتسلسل في أزمنة متباعدة فكان من حقها أن يُجلى تاريخها وأن يُعرف فضلها في النهضات العلمية الإسلامية، ونذكر مثالاً لذلك (بني زُهرة) الحَلبيين الذين وفاهم حقهم وأبرز دورهم بعدما كان من العسير على المتتبع أن يهتدي إلى ما يجب أن يهتدي إليه.

لا يمكن في هذه المقدمة الموجزة أن أستوعب كل ما في الكتاب من حسنات، والقارئ وحده سيستطيع أن يتعرف على الشيخ سليمان ظاهر مؤرخاً باحثاً بعيد الغور.

وإذا كان في هذا الكتاب تعريف بالشيخ سليمان المؤرخ، فمتى يحين الوقت الذي يتعرف فيه العرب على الشيخ سليمان شاعر العرب؟

ومتى يطبع ديوانه الذي يعرّفهم عليه شاعراً عربياً أصيلاً بلغ بالشعر العربي في عصره المدى القصير في الإجادة والموضوعية والنضال...

بيروت في ١/١/٢٠٠٠

حسن الأمين

١١

١٢

نبذة عَن حيَاة المؤلف

نسبه ومولده ونشأته:

هو سليمان بن محمد بن علي بن إبراهيم بن حمود بن ظاهر زين الدين العاملي النبطي(١) ، ولد في النبطيّة من أبوين صالحين في العاشر من المحرم الحرام سنة ١٢٩٠هـ ١٨٧٣م، وتُوفِّيت والدته وهو في الثالثة من عمره، فكفلته خالته زوجة أبيه، فأحسنت كفالته وتربيته.

ولما بلغ العاشرة قرأ القرآن المجيد وتعلم شيئاً من الخط والإملاء، وهو كل ما كان يظفر به بعض أترابه في ذلك العهد في الكتاتيب العاملية التي لم تكن لِتُخرِّجَ إلا أنصاف الأميين الذين لم تبلغ نسبتهم المئوية من مجموع سكان جبل عامل أكثر من اثنين في المائة عهد ذاك؛ إذ لم تكن الدولة العثمانية في ذلك الحين لتعنى في نشر العلم ومحاربة الأُمية والجهل وخاصة في القرى والرساتيق البعيدة عن المدائن والحواضر، ولو لا قيام رهط صالح من العلماء في القطر العاملي بإشادة بعض المدارس الخاصة الدينية وتعليمهم المجّاني للناشئين، وإنفاقهم على الفقراء منهم وجلّهم من الفقراء لانقطعت سلسلة العلم من البلاد ولطغى عليها الجهل المطبق، على أن كل ما يستهدفه ذلك الرهط من التعليم في مدارسهم ولا سيما في المائة الثالثة عشرة وأوائل المائة الرابعة عشرة كاد يتمحض لتعليم علوم الفقه وأصوله والتوحيد والنحو والصرف والبيان والمنطق، وما عدا ذلك من

____________________

(١) ينتمي إلى الإمام فقيد الإمامية زين الدين الشهيد الثاني المتوفّى قتيلاً وهو في طريق الاعتقال إلى القِسْطَنْطِينيّة في قونيّة سنة ٩٦٥هـ.

١٣

العلوم الأخرى المثقِّفة ولمهذّبة للنفوس ولو بأساليبها القديمة فلم تكن منها لا في العِيِر ولا في النَفير.

خرج المترَجْم له من كتّابه وهو لم يتزود منه غير بلغة يسيرة لا تسمن ولا تغني من جوع، وفي نفسه نزوع إلى ارتشاف مناهل العلم التي غرسها فيه والده الذي كان على جانب من التقى والصلاح ومحبة العلم والعلماء، ولم يمنعه سن الأربعين أن يتلقى القرآن الكريم في صفوف الناشئين في كتّابهم، وأن يسعى لاكتساب ما ينفقه على أسرته.

لاحظ الوالد ميل ولده سليمان للتعليم الذي وجّهه إليه وهو يرى وسائله مفقودة في بلده، والرحلة إلى غيره خارجة عن حدود طاقته، والمدارس الدينية الخاصة قد أقفل أكثرها، ولم يبق منها في البلاد سوى مدرستين أو ثلاث، والرحلة إليها شاقة متعذرة على ناشئ في الحادية عشرة من عمره، فلم يجد وسيلة لقضاء حاجة ولده الملحّة في طلب العلم أقرب من أن يلتمس من صديقه السيد محمد نور الدين الموسوي وهو من العلماء الأجلّة المقيم في قرية النبطية الفوقا على بعد ميل وبعض الميل من بلده منحه جزءاً من وقته يلقنه به مبادئ النحو، فأجابه إلى ما التمسه، فأخذ يتردُّد عليه صباح كل يوم ويقرأ عليه بعض المتون في علم النحو، وثابر على ذلك مدة من الزمن إلى أن تهيأت له الرحلة مع رفيق له إلى مدرسة العلامة السيد حسن آل إبراهيم الحسيني التي أنشأها في قرية النميرية في أعمال مقاطعة الشومر على بعد سبعة أميال من النبطية.

مكث سليمان في هذه القرية بضعة أشهر يدرس في مدرستها مبادئ علمي النحو والصرف، ثم أقفلت تلك المدرسة لأسباب لا مجال لذكرها، فعاد إلى بلده وعاود الدرس على أستاذه الأول مع بعض رفاقه حتى سنة ١٣٠٣هـ. التي قدم فيها النبطية تلبية لدعوة من أهلها السيد محمد آل إبراهيم للتعليم والإرشاد، فلازمه وقرأ عليه شطراً من العلوم العربية وآدابها وطرفاً من رسائل ابن سينا وشيئاً من الإلهيات وعلوم الكلام وقسماً من أمالي الشريف المرتضى، وكان لهذا الأُستاذ الفضل الكبير في إذكاء قريحة سليمان لنظم القريض وممارسة الكتابة وتوجيهه للتجديد وقبول الجديد، وفي تلك الأيام علا شأن مدرسة بنت جبيل في القسم الجنوبي من جبل عامل لمؤسسها المصلح الكبير الشيخ موسى شرارة، فارتحل إليها وأقام بها

١٤

بضعة أشهر، وعاد في أيام عطلتها، وكان ذلك آخر عهده بها لوفاة مؤسسها.

وفي سنة ١٣٠٦هـ. جدّد أول أساتذته السيد محمد نور الدين مدرسة في النبطية الفوقا، فأقبل عليها الطلاب من كل حدب وصوب، وانتقل سليمان إليها ودرس فيها على الأستاذ الفاضل الشيخ جواد آل السبيتي بعض شروح الشمسيات للقطب الرازي في المنطق وشرح التلخيص للسعد التفتزاني في المعاني والبيان إلى سنة ١٣٠٩هـ. التي قدم فيها النبطية من النجف الأشرف لدعوة من سكانها العلامة الكبير السيد حسن يوسف مكي، وأنشأ فيها مدرسة حفلت بالطلاب من مختلف الأنحاء العاملية واللبنانية ومن بعض قرى بعلبك، فكانت من خيرة المدارس العاملية، بل كانت فتح عهد جديد بعد التراجع العلمي وبعد الفترة التي كادت تندثر فيها البقية الباقية من المدارس العاملية التي لم تنقطع لها صلة في البلاد منذ المائة الثامنة للهجرة.

وبعد تأسيس هذه المدرسة بثلاث سنوات افتتحت عدة مدارس في شقراء وعيثا وعيناثا وجباع وغيرها. وقد أمَّ مدرسة النبطية فريق من الفضلاء الذين تخرجوا من مدرسة حنويه ومدرسة بنت جبيل، وكان من جملة الوافدين على مدرسة النبطية الأستاذ الشيخ أحمد مروّة المحقّق، فدرس سليمان عليه تتمة شرحي الشمسية والتلخيص ومقدمة معالم الدين في أصول الفقه والشرائع في الفقه وبعض كتب الكلام، ودرس كتب العلامة الأصولي المجدّد الشيخ مرتضى الأنصاري في الأصول وكتابيه الطهارة والمكاسب في الفقه، والقوانين في الأصول للميرزا القمي، وشرح اللمعة الدمشقية للشهيد الثاني على رئيس المدرسة، وكان مع تلقيه هذه الدروس يُلقي على الطلاب دروس المنطق والمعاني والبيان والأصول والفقه والكلام والتوحيد إلى سنة ١٣٢٤هـ. وهي السنة التي تُوفِّي فيها آخر أساتذته، فتفرق شمل الطلاب وكان ذلك آخر عهده بالطلب، ولكنه عكف على المراجعة والمطالعة ودرس على نفسه من مبادئ العلوم التي لم تكن تدرّس في مدارس ذلك العهد ما كان له به بعض المشاركة لدارسيها، وأولع بمطالعة الكتب العصرية والمجلات العلمية والأدبية التي كانت تصدر في ذلك الزمن في مصر وبيروت كمجلة المقتطف ومجلة الهلال ومجلة

١٥

المنار وغيرها، فكانت له في ذلك قدم صالحة وفتحت له آفاق جديدة لم يكن للعامليين عهد بها.

نشأته الأدبية:

نما فيه الميل إلى مزاولة الأدب وممارسة الكتابة والتمرن على أساليبها العصرية نابذاً الطريقة القديمة العقيمة التي كانت مُتَّبَعَةً في جبل عامل، فلم ينتقص حظه من ثمرة اجتهاده، وتحرى طريقة الكرام الكاتبين من أبناء عصره، وراسل بعض الصحف البيروتيّة خاصة واللبنانية والدمشقية عامة، وتولّى كتابة المقالات الافتتاحية في جريدة المرج التي أصدرها في أوائل الانقلاب العثماني في جديدة مرجعيون صديقه الطبيب أسعد رحّال إلى أن حجبتها الحرب العامة.

وكتب في جريدة القبس المحتجبة وفي مجلة العرفان لصديقه الأستاذ الشيخ أحمد عارف الزين، وفي جريدته جبل عامل المحتجبة، أبحاثاً في السياسة والاجتماع والأخلاق والتاريخ، وكتب في غيرها من الصحف والمجلات.

أولع بنظم الشعر وهو ابن خمس عشرة سنة، ولكنه نهج فيه منهجاً وسطاً بين القديم والجديد، وجُلُّ منظوماته في الأخلاق والاجتماع والوصف وذم مساوئ المدنية الحاضرة.

مؤلفاته:

أحب التأليف وهو في عهد الطلب والتحصيل، وكلما خطا في مراحل التعليم خطوة نما فيه ذلك الحب، ولكن كان يعترض طريقه حب التجدّد والتزيّد في الموضوع الذي يحاول التأليف فيه، وهو يتطلب المصادر الكثيرة وهي غير متوفرة لديه، فكان هذا السبب هو الذي صرفه عن عزمه على التأليف مقتنعاً بما كان يكتبه من المقالات في مختلف الموضوعات في الصحف إلى أن تستكمل له مواد التأليف، حتى إذا جمع مكتبة تحتوي على زهاء ألف كتاب بعد أن أدرك سن الكهولة انصرف إلى التأليف،

فكان مما ألّفه من المطبوع:

١٦

١ - تاريخ قلعة الشقيف، وقد استأذنه بعض الأدباء في نقله إلى اللغة الإنكليزية.

٢ - بنو زهرة الحَلبيون.

٣ - معجم قرى جبل عامل نشر في مقالات.

٤ - الذخيرة وقد طبع على حدة.

٥ - الإلهيات: أحد أجزاء ديوان شعره.

٦ - الفلسطينيات: أحد أجزاء ديوان شعره.

ومما ألّفه من غير المطبوع:

٧ - تاريخ الشيعة السياسي.

٨ - الرحلة العراقية: وهي قصيدة تبلغ زهاء ٥٠٠ بيت وصف فيها مشاهداته في العراق يوم سافر إليه مع الوفد العاملي لحضور حفلة أربعين المرحوم الملك فيصل بن الحسين سنة ١٣٥٢هـ.

٩ - الحسين بن علي: يبحث فيه عن أسباب شهادته.

١٠ - الرحلة الإيرانية.

١١ - الملحمة الإسلامية الكبرى. (شعر)

١٢ - الشعر والنثر العامليان المنسيان.

١٣ - مجموع ما دار بينه وبين رهط من أعاظم العلماء وأكابر الأدباء من المراجعات الشعرية.

١٤ - عدة مجامع أدبية.

١٥ - ديوان شعره وهو ينيف على عشرين ألف بيت.

١٦ - القصائد النبوية.

١٧ - نقض مذهب داروين.

١٨ - رسالة في أحوال أبي الأسود الدؤلي وهو أحد جامعي العراقيات.

١٩ - تاريخ جبل عامل القديم والحديث.

١٧

حياته السياسية:

عني بالسياسة منذ الصغر ولا سيما ما يتعلق منها بوطنه، ونُكب في سبيلها نكبات في الحرب العالمية الأولى، وكان في القافلة الأولى بين مسجوني عاليه سنة ١٣٣٣هـ. وبعد سجنه ثلاثة وخمسين يوماً خرج مع رهط من إخوانه مبرّءاً من التهم السياسية، ولم يسلم بعد تلك الحرب من أذاها.

في الجمعيات والمؤتمرات:

دخل عضواً في جمعية التعاون الخيري العام سنة ١٣١٦هـ. وهو أحد مؤسسي المحفل العلمي العاملي في العهد الحميدي، ولكنه لم يُكتب له أسّس في بلدة النبطية في أوائل الانقلاب العثماني، وكان عضواً في الجمعية الخيرية العاملية التي أُسست في النبطية سنة ١٣٣١هـ. وعضواً في جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية التي أسسها هو ورهط من فضلاء بلده لنشر العلم وإنشاء وقوف ثابتة لها من التبرعات ومن شتى الوجوه، وكان للمرحوم تُوفِّيق بك الميداني من وجهاء دمشق أيام كان مديراً في ناحية الشقيف يد بيضاء في مساعدتها وتنمية وارداتها، ثم انتخب سليمان رئيساً للجمعية المذكورة التي أصبح لها من الأملاك المبنية ما يقوم ريعها في الإنفاق على مدرستها التي أقامتها على أنقاض المدرسة الحميدية التي أسسها العلامة الكبير المرحوم السيد حسن يوسف مكي، وجدّد داثرها الأخوان المحسنان الحاج حسين الزين ويوسف بك الزين، وكان عدد تلامذتها في ذلك الحين زهاء المائتين، وتولى المترَجْم له رئاسة جمعية نشر العلم في صيداء بعد الحرب العالمية الأولى، وكان أحد أعضاء المؤتمر الإسلامي العام الذي عُقد في القدس الشريف سنة ١٣٥١هـ. وكان عضواً في مؤتمر بلودان، وعضواً في أكثر المؤتمرات الوطنية التي عُقدت في بيروت وغيرها، وكان أحد أعضاء جمعية العلماء العاملية، وعضو شرف في جمعية الرابطة الأدبية النجفيّة، وعضو المجمع العلمي العربي بدمشق.

١٨

رحلاته:

كان في سنة ١٣٥٢هـ. في الوفد العاملي الذي سافر إلى بغداد مع وفود الأقطار السورية واللبنانية والفلسطينية لحضور حفلة التأبين الكبرى بعد مرور أربعين يوماً على وفاة الملك فيصل الأول، وقد أحاط نجله الملك غازي الأول هذا الوفد برعايته الخاصة، كما لقي كثيراً من الاحتفاء والتكريم في مدن الفرات الأوسط كربلاء والنجف والكوفة والحلَّة.

وفي سنة ١٣٥٣هـ. قام برحلة إلى العراق وإيران استغرقت ستة أشهر، وكان محاطاً بعطف العراقيين والإيرانيين، ووضع مذكرات في هذه الرحلة، ووصف البلاد التي طاف فيها وصفاً جامعاً. ودُعي لحفلة تأبين ياسين باشا الهاشمي في بغداد، وكان من المتكلمين فيها، ودُعي لحفلة تأبين الملك غازي الأول، وإلى عدة مؤتمرات وحفلات لا مجال لذكرها.

في التجارة والوظائف:

مارس التجارة مع اشتغاله بالعلم والكتابة فلم يفلح، ونُدب إلى الوظائف العدلية، فكان قاضي تحقيق في صيدا في بدء الاحتلال الفرنسي، ثم اضطر إلى التخلي عن الوظيفة بسبب نزعته الاستقلالية ونصرته القضية العربية، ثم اعتقل عام ١٩٢٢م، وعُيّن بعدها مستشاراً في محكمة بداية كسروان، ثم حاكم صلح في الهرمل والنبطية، ولكنه ما عتم أن فُصل من الوظيفة لأسباب سياسية، وهو نفسه لم يكن راغباً في الوظيفة التي حمل عليها مكرهاً، فحمد ذلك الإخراج منها؛ لأنه كان سبباً لانصرافه إلى ما هو أهم منها، وإلى ما هو ميسّر له من المطالعة والتأليف.

أعماله:

عمل كثيراً مع رهط صالح من بلاده وخاصة بلدته النبطية، فكانوا هم أساس النهضة العلمية العاملية الجديدة التي آتت أُكلها، وباعثين روح التجديد فيها. وقد أنفق معظم أوقاته في هذه الناحية، وفي ناحية الكتابة وفي تأليف كتابه تاريخ الشيعة، والملحمة الإسلامية الكبرى وغيرها، وفيما يفيد وطنه مما يبلغه وسعه.

١٩

وفاته:

وقضى باقي سني حياته منكباً على المطالعة والكتابة ونظم الشعر، مهتماً بتثقيف أبناء منطقته وخدمتهم، وإذكاء الروح الوطنية في النشء، متعاوناً في ذلك مع رهط من العامليين المجاهدين، ومضى في ذلك قدماً إلى أن أقعده المرض وقد بلغ السابعة والثمانين، وتوفاه الله نهار الاثنين الواقع في السادس عشر من شهر جمادى الآخرة سنة ١٣٨٠هـ الموافق للخامس من شهر كانون الأول سنة ١٩٦٠م.

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

يخصها من الدين (2)

___________________________________________________________

وفي الثانية الميت اذا مات فان لابنه السيف والرحل والثياب ثياب جلده وفي الثالثة والرابعه، الرجل اذا ترك سيفاً او سلاحاً فهو لابنه فح لا مجال لتفصيل صاحب الجواهر قدس سره بين ما كان بلفظ الجمع كالثياب فالجميع وبلفظ الواحد فواحد يغلب نسبته اليه ومع التساوي يكون الوارث مخيراً مع احتمال القرعة.

(2) اختلف كلام الاصحاب في انتقال المال في الدين المستغرق للتركة وفي ما يقابل الدين في غير المستغرق الى ورثة الميت بعد عدم المانع من الانتقال في الزائد عما يقابله بل نقل عليه الاجماع فجماعة على الانتقال وفريق آخر على بقائه على ملك الميت وهناك بعض التفصيلات، وكل استند في مختاره الى وجوه وادلة بعد الاجماع بقسميه كما في الجواهر على تعلق الديون بامواله في الجملة وعدم انتقالها الى الديان.

وعمدة مستند الاولين اطلاق بعض آيات الارث كقوله تعالى ان امرؤ هلك ليس له ولد وله اخت فلها نصف ما ترك وقوله تعالى للرجال نصيب مما ترك الوالدان والاقربون، واولوا الارحام بعضهم اولى ببعض، وما عن التذكرة من عدم بقاء المال بلا مالك وعدم كونه للغرماء ولا الميت لكون الملك صفة وجودية لا تقوم بالمعدوم كالمملوكية كما لا يدخل في ملكه جديداً، واما قضاء الدين من ديته وما يقع في شبكته بعد موته اعم من ملكيته والاجماع على عدم دخوله في ملك غير الوارث فلا ينتقل الى الله ايضاً بالملكية المتعارفة.

١٢١

وما استند اليه الفريق الثاني ما ذكر من عدم دخوله في ملك الغرماء، والميت قد انقطع ملكه وزال وظاهر الاية المباركه من بعد وصية يوصي بها او دين فملك الوارث انما هو بعد قضاء الدين وصحيحة او موثقة 1 - عباد بن صهيب عن ابي عبد الله عليه السلام في رجل فرط في اخراج زكاته في حياته فلما حضرته الوفاة حسب جميع ما فرط فيه مما يلزمه (لزمه) من الزكاة ثم اوصى به ان يخرج ذلك، فيدفع الى من يجب له، قال جائز يخرج ذلك من جميع المال، انما هو بمنزلة دين لو كان عليه ليس للورثة شيء حتى يؤدوا ما اوصى به من الزكاة وصحيح 2 - سليمان بن خالد عنه عليه السلام قضى اميرالمؤمنين عليه السلام في دية المقتول انه يرثها الورثة على كتاب الله وسهامهم اذا لم يكن على المقتول دين.

وموثقة 3 - زرارة في العبد المأذون للتجارة فاستدان فمات فاختصم الغرماء وورثة الميت في العبد وما في يده قال عليه السلام ارى ان ليس للورثة سبيل على رقبة العبد ولا على ما في يده من المتاع والمال الا ان يضمنوا دين الغرماء جميعاً.

فيكون العبد وما في يده من المال للورثة فان ابوا كان العبد وما في يده من المال ثم يقسم ذلك بينهم بالحصص، فان عجز قيمة العبد وما في يده عن دين (اموال)

____________________

1 - ئل 6 الباب 21 ابواب المستحقين للزكاة الحديث 1.

2 - ئل 17 الباب 10 ابواب موانع الارث الحديث 1.

3 - ئل 13 الباب 31 ابواب الدين الحديث 5.

١٢٢

الغرماء رجعوا الى (على) الورثة فيما بقي سهم ان كان الميت ترك ثلثاً (شيئاً) قال وان فضل (من) قيمة العبد وما (كان) في يده عن دين الغرماء رد على الورثة كما استند ايضاً الى السيرة المستمرة على تبعية النماء للتركة في وفاء دين الميت، وليس الا لعدم دخوله في ملك الورثة وكونه على حكم مال الميت.

ونوقش في ادلة الطرفين، ففي مستند الاولين بتقييد الايات بالايات الاخر ومنع عدم قابلية الميت للملك والا بقي الكفن ومؤنة التجهيز بلا مالك وهكذا دية الجناية بعد الموت والعين الموصى بدفعها اجرة للعبادة، ويمكن الخدشة كما عن مع صد والتزمه في الثلث الموصى به بانتقالها الى الوارث لازم الصرف الى الجهة الخاصة ولا يتأتى في تركة الحر الذي لا وارث له غير مملوك فيشتري ويعتق ويعطى الباقي واحتمل في الاخير انتقاله الى الامام ثم الشراء والعتق تفضل منه عليه السلام.

وقرر الدليل الشيخ الانصاري قدس سره في ما كتبه والحق ملحقاً ببيعه في الطبع بوجه آخر، ملخصه انه لا ريب في تحقق الوراثة لجميع التركة بعد اداء الدين من الخارج او ابراء الديان او تبرع الاجنبي وليست الوراثة الا انتقال المال من الموروث الى الوارث بلا واسطة، فلو كان المال خارجاً بموت الموروث عن الملكية لم تتحقق الوراثة.

وفي مستند الاخرين باحتمال ظهور الايات في دفع المزاحمة للدين والوصية بالتقسيط بان اللازم تأخر قسمة الارث عنهما وان تقدير السهام بعد الدين والوصية فالمأخذ للارث انما هو بعدهما ولا تعرض

١٢٣

لمالك مقدار الوصية ومقابل الدين فمرجعها ومساقها مساق ما ورد في انه يبدء بالكفن ثم الدين والوصية ثالثاً ثم سهام الارث، وفي الروايات مع الفض عما فيها من اطلاقها لما اذا لم يكن الدين مستوعباً وهو خلاف ما هو المعروف المشهور فاللازم تقييدها اما بالدين المستوعب او تقييد جواز التصرف او استقرار الملك باداء الدين.

كما ان السيرة لو ثبتت فيمكن الالتزام بكون الاصل للوارث ولزوم اداء الدين من ثمرته وكيف كان فالّذي يمكن ان يقال بعد ملاحظة آيات الارث المتقدمة هو انتقال مازاد على الدين والوصية الى الوارث بلا شبهة، واما ما قابلي الدين والوصية في غير المستغرق وفي جميع المال فيه فآيات استثناء الدين والوصية لو ناقشنا في دلالتها وصارت مجملة بلحاظ البعدية فلا اقل من عدم جواز تصرف الوارث قبل الاداء والضمان وتبرع الاجنبي.

واما عدم الانتقال رأساً فلا مقيد للايات المطلقة مثل قولى تعالى ان امرؤ هلك ليس له ولد وله اخت فلها نصف ما ترك بل في بعض الروايات دلالة واضحة على الانتقال كصحيحة الحلبي 1 - عن ابي عبد الله عليه السلام قال من مات وترك ديناً فعلينا دينه والينا عياله ومن مات وترك مالاً فلورثته ومن مات وليس له موالي فماله من الانفال واما الروايات فدلالة موثقة عباد وصحيحة سليمان وموثقة زرارة على عدم انتقال ما قابل الدين والوصية الى الوارث واضحة، نعم اذا ادوا كما في رواية عباد اوضمنوا كما في رواية زرارة فلهم الحق، غاية الامر تقييدها بالمستغرق

____________________

1 - ئل 17 الباب 2 ابواب ضمان الجريرة والامامة الحديث 4.

١٢٤

ونظيرها ما 1 - ورد من ان اول شيء يبدء به من المال الكفن ثم الدين ثم الوصية ثم الميراث وما رواه محمد بن 2 - قيس قال اميرالمؤمنين عليه السلام ان الدين قبل الوصية ثم الوصية على اثر الدين ثم الميراث بعد الوصية فان اول القضاء كتاب الله تعالى وح فسواء قلنا بانتقال التركة الى الوارث في المستغرق وغيره ام قلنا ببقائها على ملك الميت فلا يجوز للورثة التصرف في ما قابل الدين والوصية في كلا الموردين.

نعم على الاول يكون المال متعلقاً لحق الديان فلا يجوز التصرف المتلف مطلقاً وغير المتلف مع عدم الاداء والضمان فيكون نظير حق الرهانة وان استشكل استفادة كون حق الغرماء نظيره بعض الاعاظم من اساتيدنا ومما يدل على جواز التصرف في غير المستغرق صحيح البزنطي وموثقة عبدالرحمن بن الحجاج حيث سئل في الأول 3 - عزوجل يموت ويترك عيالا وعليه دين اينفق عليهم من ماله؟ قال عليه السلام ان استيقن ان الذي عليه يحيط بجميع المال فلا ينفق وان لم يستيقن فلينفق عليهم من وسط المال وفي الثاني ان كان 4 - يستيقن ان الذي ترك يحيط بجميع دينه فلا ينفق عليهم وان لم يكن يستيقن فلينفق عليهم من وسط المال، فتلخص مما ذكرنا انه على كلا القولين في الدين المستغرق لا يجوز التصرف قبل الاداء اوما هو بمنزلته وظهر وجه ما قاله الماتن قدس سره من قوله فكها المحبو بما يخصها من الدين فان الدين قبل الارث والحبوة من الارث

____________________

1 الى 3 - ئل 13 الباب 28 - 29 كتاب الوصايا الاحاديث 1 - 2.

4 - ئل 13 الباب 29 كتاب الوصايا الحديث 2.

١٢٥

واذا كان مستغرقاً لبعضها (1) كما اذا كان دينه عشرة دراهم وكان مازاد عليها من التركة يساوي ثمانية وقيمة الحبوة اربعة فكها المحبو بدرهمين (2) واذا لم يزاحمها الدين بان كان الدين في الفرض المذكور ثمانية دراهم

___________________________________________________________

لكن لا يخفى انه بناء على الانتقال واما بناء على عدمه قبل اداء الدين فلا يتم كما اختاره المحقق القمي في جامع شتاته بلا فرق بين المستغرق وغيره، بل لوفكها المحبولا ينتقل اليه الا ما يخصه من السهم لووزع على الكل.

(1) قد تقدم الكلام في مقابل الدين والوصية، واما الزائد فلا اشكال في انه ينتقل الى الورثة وهل يجوز لهم التصرف قبل اداء الدين والوصية قيل نعم وقيل لا، ولكن الحق مع المجوزين سواء قلنا بشركة الديان مع الورثة ام لم نقل.

وفي الصورة الأولى وان كانت القاعدة تقتضي منع الوارث من التصرف ولكن روايتا البزنطى وابن الحجاج المتقدمتان تدلان على الجواز، كما ان عدم جواز التصرف في المستغرق اذا لم يكن لاداء الدين والا فلا مانع منه كما يقتضيه مناسبة الحكم والموضوع.

(2) مبني ما اختاره هنا وما تعرض له في الفرض الاتي من قوله بان كان الدين ثمانية او اقل خلصت الحبوة الخ ما اشار اليه في ذيل المسئلة انه مع المزاحمة يقدم الكفن وغيره عليها ومع عدمها تقدم عليه، وفي قباله قول آخر بتقسيط الدين والكفن ومؤنة التجهيز عليها وعلى غيرها بالنسبة وتوزيعها كما اختاره السيد الخوئي والاستاد

١٢٦

العلامة الشاهرودي قدس سره وهو مختار المحقق القمي وارتضاه صاحب الجواهر اواخر كلامه في منع الزوجة من ارث الارض مع اعترافه بكون عمل من عاصرهم على خلافه ولكنه قدس سره قوى في باب الحبوة مختار المصنف واستوجه خروج الدين غير المستغرق والوصية بالمأته مثلا والكفن من غير اعيان الحبوة ترجيحاً لاطلاق ادلتها، ولان تنفيذها من غيرها مشترك ايضاً بين المحبو وغيره من الورثة بخلاف تنفيذها منها فانه خاص بالمحبو وفي المستغرق استظهر تقديمه عليها ترجيحاً لاطلاق ادلته عليها.

وكيف كان فمبنى القولين على تقديم احد الدليلين على الاخر ولا يبعد ما اختاره الماتن لعدم خلو الميت غالباً عن دين غير مستغرق واحتياجه الى الكفن ومؤنة التجهيز فلا بعد في تقديم ادلة الحبوة على ادلتها واختصاص ساير التركة بخروجها منه دون اعيان الحبوة لقوة هذا الظهور بالنسبة الى ظهور التوزيع، فالمال في رواية السكوني ساير التركة غير الحبوة ولا ينافي ذلك جعل الميراث ومنه الحبوة على اثر الوصية التي هي اثر الدين فيها وفي رواية ابن قيس.

لكن مع ذلك لا اطمينان بهذا الظهور بل يمكن ان يقال ان ظاهر قوله في الروايتين ان الميراث بعدها كون الحبوة ايضاً شريكة في توزيع الدين ومؤنة التجهيز عليها، ويدفع هذا الظهور ان النسبة بين ادلة الحبوة ودليل تقديم الكفن والدين والوصية على الميراث عموماً من وجه اذ قد يكون على الميت دين او يحتاج الى الكفن ولا ولد له او يكون انثى اولم يخلف مادة حبوة كما انه قد يكون حبوة

١٢٧

او اقل خلصت الحبوة للمحبو مجاناً وكذا الحكم (1) في الكفن وغيره من مؤنة التجهير فمع مزاحمته لها او لبعضها يقدم عليها ومع عدم المزاحمة تقدم عليه فيجهز الميت من غيرها.

(مسئلة 10) اذا اوصى الميت بها او ببعضها لغير المحبو نفذت وصيته وحرم المحبو منها (2)

___________________________________________________________

بلاكفن مثل ما اذا غرق في البحر او ذهب به السيل او حرق اوصار اكيل السبع ولا دين عليه ولا وصية.

وفي مادة الاجتماع يكون دليل الحبوة اظهر لنصوصيتها بالنسبة الى الثياب والمصحف والخاتم والسيف واطلاقها لما اذا كان دين او احتاج الى الكفن او اوصى بمال بخلاف ادلة تقديم الكفن والدين والوصية فشمولها لمواد الحبوة بالاطلاق ولا نصوصية فيها لشيء خاص وانما يقدم على الميراث بعنوان عام كقوله عليه السلام اول ما يبدء به من المال الكفن.

فح نأخذ بنص دليل الحبوة ونقدمه على تلك الا في صورة المزاحمة، وعليهذا فدليلها بمنزلة الاستثناء من ما يقدم عليه الكفن والدين، وخلاصة الامر ان مقالة المصنف قدس سره اظهر وعلى القول الاخر الذي هو مختار القمي والشاهرودي قدس سرهما والخوئي فكها المحبو بثلاثة دراهم وثلث وهكذا في قوله قدس سره خلصت الحبوة يكون على مختارهم فكها بدرهمين وثلثي درهم.

(1) قد ظهر وجهه مما مرّ مفصلا.

(2) لما دل على نفوذ الوصية ولا يبقى معه موضوع للحبوة،

١٢٨

واذا اوصى بثلث ماله اخرج الثلث من غيرها (1) واذا اوصى بمائة دينار فان كانت تساوى ثلث الباقي او تنقص عنه نفذت الوصية

___________________________________________________________

نعم ينبغي تقييده بما اذا لم تزد على الثلث والا توقف على اجازة المحبو، ويحتمل عدم توقفه على الاجازة ونفوذها مطلقاً بناء على ما سيجيء الاشارة اليه من كون الحبوة للميت مع ثلث امواله الاخر ولكن المبنى ضعيف وما في الجواهر وكذا النجاة من اعطاء المحبو خاصة ما قابل ثلثيها من الثلث ضعيف كضعف ما علله به في الأول من ان الوصية انما كانت بماله دون باقي الورثة.

(1) لاستظهار الثلث من المال الذي فيه ثلثه واما اعيان الحبوة فجميعها له فله اعيانها والثلث من غيرها فلا ينصرف اليها وان حبي بها ولده الأكبر، وفيه كما في الجواهر ان المتجه ح انه لو اوصي بعين من اعيانها لغير المحبو نفذت وصيته بها من غير الثلث لان الفرض كونها له مع الثلث وهو خلاف ما صرح به بعضهم، اقول تصريح بعضهم بخلافه لا يكون دليلا على الضعف بل اللازم حمل الكلام على ما هو ظاهره والظاهر ان الوصية بثلث المال لا يخرج منه الحبوة الا بالتصريح كما استظهر قدس سره في جواهره اعتبار الثلث منها مع فرض اطلاق الوصية به لتوقف تنفيذ تمام الوصية على ذلك.

نعم ما استدركه بقوله نعم الاولى بل الاحوط اخذ ثمن ثلثها من المحبو ودفع نفس الاعيان اليه جمعاً بين الحقين ومراعاة الدليلين الا انه كما ترى، ثم انه قد ظهر من مطاوى ما ذكر ان على قول الاخرين يخرج الثلث من الحبوة وغيرها بالنسبة للاطلاق كما لو صرح بذلك

١٢٩

من غيرها (1) وان كانت تزيد على ثلث الباقي اخرجت الزيادة من الحبوة الا ان يدفعها المحبو ولو كانت اعيانها او بعضها مرهوناً ففي وجوب فكها على الوارث وجهان (2) اوجههما الاول، نعم لو لم يفكها لم يكن للمحبو اخذها لان حق الرهانة مقدم على الحباء، نعم للمحبوفكها فتكون له وفي رجوعه على الورثة بالدين اشكال.

___________________________________________________________

والحباء انما يزاحم الوارث لا الوصية.

(1) لما ذكرنا سابقاً بالنسبة للدين والكفن كما ظهر الوجه لقوله اخرجت الزيادة من الحبوة وكذا قوله الا ان يدفعها المحبو على ما تقدم في الدين، واما على القول الاخر فتخرج المأته من مجموع التركة سواء الحبوة وغيرها بالنسبة.

(2) ينشأن من تقدم الدين على الميراث والحبوة منه وان اختص بها الولد الاكبر ومن كون الوارث اجنبياً بالنسبة اليها لعدم نصيب لهم منها اذا لم تكن مرهونة وانما المخاطب بالفك هو الولد الاكبر الذكر ولعله لذلك استشكل قدس سره في رجوع الاكبر الى الورثة بالدين، ولكن لا مجال للاشكال بعد تقدم الدين على الميراث ولو فرضنا عدم توزيعه على الحيوة في صورة عدم المزاحمة، الا ان يقال بانصراف آيات استثناء الدين الواردة في الميراث الى دين غير الحبوة ففيها لا اطلاق لها وحيث انها له فلا رجوع على الوارث.

وفيه انه نقض لا وجهية الوجه الاول وهو وجوب الفك على الوارث، ويمكن كون نظره قدس سره في اشكال الرجوع انه ح يكون بمنزلة المتبرع باداء الدين فلا يرجع على الوارث وهو في محله

١٣٠

(مسئلة 11) لا فرق (1) بين الكسوة الشتائية والصيفية ولا بين القطن والجلد وغيرهما ولا بين الصغيرة والكبيرة فيدخل فيها مثل القلنسوة (2) وفي مثل الجورب والحزام والنعل تردد (3) ولا يتوقف (4) صدق الثياب ونحوها على اللبس بل يكفى اعدادها لذلك، نعم اذا اعدها للتجارة او لكسوة غيره من اهل بيته واولاده وخدامه لم تكن من الحبوة (5) وفي دخول مثل الدرع والطاس والمغفر ونحوها من معدات

___________________________________________________________

لكنه لا يخ من كلام فتدبر جيداً ولقد اجاد السيد الخوئي حيث اوجب فكها من مجموع التركة.

(1) للاطلاق.

(2) قد يستشكل فيها وفي المنطقة والخف وما في معناها مما يتخذ للرجلين واليدين احياناً للاصل او خروجها عن الثياب والكسوة في باب الكفارات وفيه ان نظر الاصحاب عدم الاكتفاء بالقلنسوة بل لابد من ثوب او ثوبين ساترين للبدن ولا ينافي ذلك عد مثل القلنسوة جزءاً من الكسوة الكاملة.

(3) من عدم صدق الثياب عليها ومن قوة احتمال اندراجها في الكسوة.

(4) لصدق كسوته وثياب جلده على ما اعد للبس ولم يلبس بخلافاً للجواهر والنجاة ووافقه عليه السيد الطباطبائي قدس سره فاستظهر عدم الاندراج.

(5) لعدم الصدق بلا اشكال.

١٣١

الحرب اشكال (1) بل الاظهر العدم (2) ولا يدخل (3) مثل الساعة ولا البندقية والخنجر ونحوهما من آلات السلاح، نعم لا يبعد تبعية (4) غمد السيف وقبضته وبيت المصحف وحمائلهما لهما، وفي دخول ما يحرم لبسه مثل خاتم الذهب وثوب الحرير اشكال (5) وان كان الدخول اظهر (6) واذا كان مقطوع اليدين فالسيف لا يكون من الحبوة (7) ولو كان اعمى فالمصحف ليس

___________________________________________________________

(1) من انصراف الكسوة والثياب الى ما يلبسه وقاية للحر والبرد وستراً للعورة جرياً على ما هو المتعارف، ومن كونها لباساً وكسوة ولو لضرورة الحرب كما اذا احتاج الى لبس شيء مرتين في السنة او مرات كملابس السلام بالنسبة للوزراء.

(2) لمساعدة العرف على عدم كونها كسوة ونياباً.

(3) لعدم كون الاول ثوباً ولا يصدق عليها الكسوة وعدم دخول الباقي في الاربعة وان اشتمل بعض الروايات على السلاح ومن هنا يظهر وجه الاحتياط.

(4) لمساعدة العرف على ذلك.

(5) ينشأ من انصراف الكسوة والثياب الى ما يحل لبسه للاب والولد ومن الاطلاق وحرمة اللبس لا تكون قرينة على العدم ولا مقيدة للاطلاق ولا موجبة للانصراف.

(6) لما عرفت.

(7) لانصراف السيف الى ما يفيد صاحبه باستعماله بنفسه لا ما يكون بالنسبة اليه كمال التجارة.

١٣٢

منها (1) نعم لوطرء ذلك اتفاقاً وكان قد اعدهما قبل ذلك لنفسه كانا منها.

(مسئلة 12) اذا اختلف الذكر الاكبر وساير الورثة في ثبوت الحبوة اوفى اعيانها اوفى غير ذلك من مسائلها لاختلافهم في الاجتهاد اوفى التقليد رجعوا الى الحاكم الشرعي في فصل خصومتهم (2)

___________________________________________________________

(1) لما عرفت في السيف من الانصراف، نعم قد يقع الاشكال في خروج المصحف الذي اتخذه الاعمى للحفظ والحرز والبركة والاستصحاب في السفر لكونها غايات تقصد من اتخاذه كما قد يشكل خروج المصحف الذي اتخذه لنفسه وقرء منه او كان بصدد القرائة ثم عمى وهكذا السيف ثم قطع يداه ولا يبعد الدخول في الجميع ولو شككنا فيجرى الاستصحاب التعليقي او التنجيزي.

(2) لا اشكال في جواز الرجوع ونفوذ حكم الحاكم ولو كان مخالفاً لاجتهاد احد المتخاصمين او مجتهده الذي يقلده في الشبهة الحكمية لاطلاق دليل نفوذ القضاء، بل لا ينفذ قضاؤه لنفسه للاجماع المدعى في كلام صاحب العروة 1 - ولما ذكره وحاصله انصراف اخبار الرجوع الى غير المتحاكمين فاللازم كون الحاكم غيرهما، نعم هل له العمل بفتواه لو كان هو الولد الاكبر ويرى لنفسه الحبوة مجاناً او قبل الثلث اذا يرى من منازعيه المخالفة اجتهاداً او تقليداً ام لا؟ بل اللازم الترافع، الظاهر العدم.

____________________

1 - كتاب القضاء مسئلة 13 فصل شرايط القاضي.

١٣٣

(مسئلة 13) اذا تعدد الذكر مع التساوي في السن فالمشهور الاشتراك فيها (1) ولا يخلو من وجه وان كان لا يخ من اشكال (2).

(مسئلة 14) المراد بالاكبر الاكبر ولادة (3) لا علوقاً (4)

___________________________________________________________

(1) لصدق افعل التفضيل على الواحد والمتعدد وان انسبق اولا الواحد.

(2) حكى عن ابن حمزة في ثبوتها للاكبر اشتراط فقد آخر في سنه فمع وجوده لا حبوة لتبادر الواحد من الاكبر دون المتعدد ولان مع التعدد لا يصدق على كل واحد استحقاق ما حكم باستحقاق واحد منه كالسيف والمصحف لان بعض الواحد ليس عينه واجيب بان الاشتراك في السيف الواحد والمصحف غير مانع كما لو لم يكن للميت الواحد الا نصف مصحف او نصف سيف مثلا وكان الاكبر واحداً، لكن مناسبة الحكم والموضوع ربما تكون قرينة القول المشهور فتامل جيداً.

(3) كما هو الظاهر المتبادر منه ولا مخالف يظهر في المسئلة

(4) لرواية وردت بذلك ولكنها مهجورة لم يعمل بها رواها 1 - على ابن احمد بن اشيم عن بعض اصحابه قال اصاب رجل غلامين في بطن فهناه ابو عبد الله عليه السلام ثم قال ايهما الاكبر؟ فقال الذي خرج اولا فقال ابو عبد الله عليه السلام الذي خرج اخيراً هو اكبر، اما تعلم انها حملت بذاك اولا، وان هذا دخل على ذاك فلم يمكنه ان يخرج حتى خرج هذا، فالذي خرج اخيراً هو اكبرهما.

____________________

1 - ئل 15 الباب 99 احكام الاولاد الحديث 1.

١٣٤

واذا اشتبه فالمراجع في تعيينة القرعة (1) والظاهر اختصاصها بالولد الصلبي (2) فلا تكون لولد الولد ولا يشترط انفصاله بالولادة (3) فضلا عن اشتراط بلوغه (4) حين الوفاة والقول (5) بالاشتراط ضعيف (6).

___________________________________________________________

(1) لعموم دليلها لكل امر مشتبه او مشكل والقدر المسلم من دليلها ما اذا كان هناك واقع متعين لولاها واما اذا لم يكن تعين في الواقع فيشكل العمل بها لعدم تعيينها غير المعين وليس عمل الاصحاب بها جابراً لضعف دلالتها لمنعه اللهم الا نادراً.

(2) لتبادره منه وعدم انسباق ولد الولد منه خصوصاً على قول من يجعل الحبوة في قبال قضاء الصلاة والصوم فلا يجبان على غير ولد الصلب فلا حبوة له.

(3) للاطلاق وعدم ما يصلح للتقييد عداما يتوهم من الانصراف الى المنفصل وهو مردود وح فلا فرق بين كونه مضغة او علقة وبين كونه جنيناً تاماً لصدق الولدية في جميعها ولو بعد الولادة كشفاً، وما عن الروضة من امكان الفرق بين كونه جنيناً تاماً وبين كونه مضغة وعلقة لتحقق الذكورية في الواقع حين الموت في الاول وعدمها في غيره ضعيف لما عرفت والا فالولد لا يتحقق له مصداق الا بالولادة اياً ما كان.

(4) لما اشرنا اليه من الاطلاق وعدم المقيد.

(5) حكى عن صريح ابن حمزة وظاهر بن ادريس احتجاجاً بكون الحبوة عوض القضاء وهو منتف في الصبي.

(6) لمنع المبني اولا وعلى فرض التسليم فيكلف به الصبي

١٣٥

(مسئلة 15) قيل (1) يشترط في المحبو ان لا يكون سفيها وفيه اشكال (2) بل الاظهر (3) عدمه وقيل (4) يشترط ان يخلف الميت ما لا غيرها وفيه تأمل (5).

___________________________________________________________

بعد البلوغ.

(1) القائل هو ابن حمزة وابن ادريس على ما حكى عنهما.

(2) لعدم اشارة اليه في روايات المقام.

(3) كما سبق في اوائل بحث الحبوة.

(4) كما عن صريح جماعة بل عن المشهور كما عن لك واختاره المحقق القمي مستدلا عليه بظهور الحبوة لما اذا كان لغير صاحب الحبوة شيء وكذلك له ويكون ذلك مزية له على غيره مع اعترافه قدس سره بعدم وقوفه على لفظ الحبوة والحباء في النصوص لكنه لما كان مظنة الاجماع على هذا اللفظ فناسب الاستدلال ثم اضاف اليه التبادر من الاطلاقات وان الغالب ان للميت مالا سوى الحبوة مع انه يصيرح كالاستثناء المستغرق اذ هو تخصيص لايات الارث الى ان لا يبقى شيء.

(5) لما عرفت سابقاً ولما يرد على ما ذكره القمي قدس سره بعدم كون الظن حجة وعلى فرضه ليس الاجماع يحتج به الا اذا كان كاشفاً عن رأي المعصوم الممنوع في المقام، كما ان التبادر ممنوع صغرى وكبرى في ما اذا كان منشأه غلبة الوجود ويدفع ما ذكره اخيراً انه لا مانع من التخصيص اذا قام الدليل ولا يكون كالاستثناء المستغرق اذ هو اخراج بعض الافراد عن العام كما اعترف بكون الغالب ان

١٣٦

(مسئلة 16) يستحب (1) لكل من الابوين اطعام الجد

___________________________________________________________

يخلف مالا سوى الحبوة وح ففي غير الغالب لا مانع من التخصيص ولا يكون من المستهجن فتأمل جيداً.

(1) الظاهر ان القول بالاستحباب مبتن على عدم ايراثهما مع وجود ولديهما كما هو مذهب الاكثر لو لا الكل وانما المخالف ابن الجنيد في ظاهر بعض عبائره وربما نسب الى الصدوق والكليني قدس سرهما، واحتج لابن الجنيد بمشاركتهما (اي الجد والجدة) للابوين في النسبة التي اخذوا بها الميراث وهي الابوة مؤيداً ذلك ببعض الروايات كما في جامع الشتات كحسنة 1 - عبدالرحمن بن ابي عبد الله قال دخلت على ابي عبد الله عليه السلام وعنده ابان بن تغلب قلت اصلحك الله ان ابنتي هلكت وامي حية فقال ابان ليس لامك شيء.

فقال ابو عبد الله عليه السلام سبحان الله اعطها السدس وما رواه 2 - اسحاق بن عمار عنه عليه السلام في ابوين وجدة لام قال للام السدس وللجدة السدس وما بقي وهو الثلثان للاب واستشكل عليه بعدم مطابقة دليله لمذهبه ان اراد المساواة في السهم الا في النادر كما اذا ترك ثلاثة اجداد وبنتاً فسهم كل يساوى السدس (اقول) في هذه الصورة ايضاً لا يتم لكون السدس للاب ومع عدمه فلاطعمة كما سيجيء الا ان لا يشترط ذلك ابن الجنيد.

كما انه اشكل بعدم مطابقته للشرع في كون ميراثهما (اي الابوين) على سبيل الفرض غالباً لواراد مجرد المشاركة في الارث

____________________

1 - 2 - ئل 17 الباب 20 من ابواب ميراث الابوين والاولاد، الحديث 6 - 10

١٣٧

وشفع الاشكال بمنع المشاركة في الاسم لصحة السلب عرفاً وتحمل الروايتان على الطعمة المستحبة واما حجة الصدوق فيمكن ان يكون صحيح 1 - سعد بن ابي خلف سئلت ابا الحسن موسى عليه السلام عن بنات بنت وجد قال عليه السلام للجد السدس والباقي لبنات البنت وهذه الرواية مع ما نقل عن الشيخ وابن فضال انها مما اجتمعت الطائفة على العمل بخلافها (يعني ان الجد لا يرث مع ولد الولد ولذلك حملت على التقية على فرض ارادة الجد للميت مع البنات للبنت والا فيمكن حملها على جد البنات وهو ابو البنت فلا تخالف شيئاً من الاصول لا تدل على تمام مدعى الصدوق فما نقل عنه وعن ابن الجنيد والكليني قدس اسرارهم ضعيف مخالف للمشهور بل للاجماع المحكى عن غير واحد.

فالاصح الاقوى ما عليه المعظم من استحباب الطعمة ويدل عليه بالنسبة الى عدم ارثهما مع الاب والام ومن في مرتبتهما آية اولى الارحام اذ لا اشكال في اقربية الوالدين منهما وآيات ارث الوالدين مع الولد وبدونه على نحو الاختصاص بهما معه او بدونه مع عدم كونهما ابوى الميت ولو بقرينة ما ورد من روايات عدم فرض الله للجد والجدة شيئاً كما يدل عليه طوائف متعددة من الروايات عامة وخاصة.

فمن الاولى ما دل على عدم اجتماع غير الزوج والزوجة مع الوالدين والولد وهي عديدة منها معتبرة الكليني قدس سره 2 - عن ابي ايوب الخزاز وغيره عن ابن مسلم عن ابي جعفر عليه السلام قال لا يرث

____________________

1 - ئل 17 الباب 20 ميراث الابوين والاولاد الحديث 15.

2 - ئل 17 الباب 1 - من ابواب ميراث الابوين والاولاد الحديث 1

١٣٨

مع الام ولا مع الاب ولا مع الابن ولا مع الابنة الا الزوج والزوجة ومنها ما رواه 1 - هو ايضاً عنه عليه السلام اذا ترك الرجل اباه او امه او ابنه او ابنته، اذا ترك واحداً من هؤلاء الاربعة فليس هم الذين عنى الله عزوجل يستفتونك في الكلالة بضميمة ما دل على كون الجدين في مرتبة الكلالة.

ومنها ما في احتجاج موسى بن جعفر عليه السلام على الرشيد بقول 2 - علي بن ابي طالب عليه السلام انه ليس مع ولد الصلب ذكراً كان او انثى لاحد سهم الا للابوين والزوج والزوجة ومنها ما في حديث 3 - زرارة المفصل عنهما عليهما السلام ولا يرث احد من خلق الله مع الولد الا الابوان والزوج والزوجة.

ومن الثانية معتبرة 4 - حسن بن صالح عن ابي عبد الله عليه السلام عن امرأة مملكة لم يدخل بها زوجها ماتت وتركت امها واخوين لها من امها وابيها وجدها ابا امها وزوجها قال يعطى الزوج النصف وتعطى الام الباقي ولا يعطي الجد شيئاً لان بنته حجبته ولا يعطي الاخوة شيئاً وما رواه ابو بصير 5 - عنه عليه السلام عن رجل مات وترك اباه وعمه وجده قال فقال حجب الاب الجد عن الميراث وليس للعم ولا للجد شيء وصحيح الحميري 6 - حيث كتب الى ابي محمد العسكري عليه السلام امرأة ماتت وتركت زوجها وابويها وجدها او جدتها كيف يقسم ميراثها؟ فوقع عليه السلام للزوج النصف

____________________

1 - ئل 17 الباب 1 من ابواب ميراث الابوين والاولاد الحديث - 2

2 - 3 - 4 - ئل 17 الباب 5 - 8 - 19 ابواب ميراث الابوين والاولاد الاحاديث 14 - 2 - 3

5 - 6 - ئل 17 الباب 19 ابواب ميراث الابوين والاولاد الحديث 3 - 4

١٣٩

ومابقي للابوين.

فظهر بما ذكرنا وجه الامر في غير واحد من الروايات الامرة او الحاكية لامر المعصوم او فعله باعطائه او اعطائها السدس وانه على الاستحباب مثل ما رواه محمد بن يعقوب قدس سره في معتبرة جميل 1 - عن ابي عبد الله عليه السلام ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اطعم الجدة ام الام السدس وابنتها حية ومعتبرته الثانية 2 - عنه عليه السلام ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اطعم الجدة السدس.

وما رواه زرارة 3 - عن ابي جعفر عليه السلام ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اطعم الجدة السدس ولم يفرض لها شيئاً وروايته الثانية 4 - ان نبي الله اطعم الجدة السدس طعمة وما رواه 5 - اسحاق بن عمار في حديث ان لله فرض الفرائض فلم يقسم للجد شيئاً وان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اطعمه السدس فاجاز الله له ذلك وما رواه ايضاً 6 - جميل عن ابي عبد الله عليه السلام ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اطعم الجدة ام الاب السدس وابنها حي واطعم الجدة ام الام السدس وابنتها حية وما رواه 7 - ابن ابي عمير عن جميل فيما يعلم اذا ترك الميت جدتين ام ابيه وام امه فالسدس بينهما (لو جعل من روايات الباب والا فتحمل على التقية) وروى 8 - قاسم بن الوليد عن ابي عبد الله عليه السلام في حديث حرم الله الخمر بعينها وحرم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كل مسكر فاجاز الله ذلك له وفرض الفرائض فلم يذكر الجد فجعل له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سهماً فاجاز الله ذلك له وقريباً منه روى 9 - قاسم بن محمد الى غير ذلك من الروايات.

____________________

1 الى 6 ئل 17 الباب 20 ابواب ميراث الابوين والاولاد الاحاديث 1 - 2 - 3

7 الى 9 ئل 17 الباب 20 ميراث الابوين والاولاد الاحاديث 12 - 13 - 16.

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391