تاريخ الشيعة السياسي الثقافي الديني الجزء ١

تاريخ الشيعة السياسي الثقافي الديني20%

تاريخ الشيعة السياسي الثقافي الديني مؤلف:
الناشر: مؤسسة الأعلمي
تصنيف: تاريخ التشيع
الصفحات: 391

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣
  • البداية
  • السابق
  • 391 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 131109 / تحميل: 11533
الحجم الحجم الحجم
تاريخ الشيعة السياسي الثقافي الديني

تاريخ الشيعة السياسي الثقافي الديني الجزء ١

مؤلف:
الناشر: مؤسسة الأعلمي
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

يخصها من الدين (2)

___________________________________________________________

وفي الثانية الميت اذا مات فان لابنه السيف والرحل والثياب ثياب جلده وفي الثالثة والرابعه، الرجل اذا ترك سيفاً او سلاحاً فهو لابنه فح لا مجال لتفصيل صاحب الجواهر قدس سره بين ما كان بلفظ الجمع كالثياب فالجميع وبلفظ الواحد فواحد يغلب نسبته اليه ومع التساوي يكون الوارث مخيراً مع احتمال القرعة.

(2) اختلف كلام الاصحاب في انتقال المال في الدين المستغرق للتركة وفي ما يقابل الدين في غير المستغرق الى ورثة الميت بعد عدم المانع من الانتقال في الزائد عما يقابله بل نقل عليه الاجماع فجماعة على الانتقال وفريق آخر على بقائه على ملك الميت وهناك بعض التفصيلات، وكل استند في مختاره الى وجوه وادلة بعد الاجماع بقسميه كما في الجواهر على تعلق الديون بامواله في الجملة وعدم انتقالها الى الديان.

وعمدة مستند الاولين اطلاق بعض آيات الارث كقوله تعالى ان امرؤ هلك ليس له ولد وله اخت فلها نصف ما ترك وقوله تعالى للرجال نصيب مما ترك الوالدان والاقربون، واولوا الارحام بعضهم اولى ببعض، وما عن التذكرة من عدم بقاء المال بلا مالك وعدم كونه للغرماء ولا الميت لكون الملك صفة وجودية لا تقوم بالمعدوم كالمملوكية كما لا يدخل في ملكه جديداً، واما قضاء الدين من ديته وما يقع في شبكته بعد موته اعم من ملكيته والاجماع على عدم دخوله في ملك غير الوارث فلا ينتقل الى الله ايضاً بالملكية المتعارفة.

١٢١

وما استند اليه الفريق الثاني ما ذكر من عدم دخوله في ملك الغرماء، والميت قد انقطع ملكه وزال وظاهر الاية المباركه من بعد وصية يوصي بها او دين فملك الوارث انما هو بعد قضاء الدين وصحيحة او موثقة 1 - عباد بن صهيب عن ابي عبد الله عليه السلام في رجل فرط في اخراج زكاته في حياته فلما حضرته الوفاة حسب جميع ما فرط فيه مما يلزمه (لزمه) من الزكاة ثم اوصى به ان يخرج ذلك، فيدفع الى من يجب له، قال جائز يخرج ذلك من جميع المال، انما هو بمنزلة دين لو كان عليه ليس للورثة شيء حتى يؤدوا ما اوصى به من الزكاة وصحيح 2 - سليمان بن خالد عنه عليه السلام قضى اميرالمؤمنين عليه السلام في دية المقتول انه يرثها الورثة على كتاب الله وسهامهم اذا لم يكن على المقتول دين.

وموثقة 3 - زرارة في العبد المأذون للتجارة فاستدان فمات فاختصم الغرماء وورثة الميت في العبد وما في يده قال عليه السلام ارى ان ليس للورثة سبيل على رقبة العبد ولا على ما في يده من المتاع والمال الا ان يضمنوا دين الغرماء جميعاً.

فيكون العبد وما في يده من المال للورثة فان ابوا كان العبد وما في يده من المال ثم يقسم ذلك بينهم بالحصص، فان عجز قيمة العبد وما في يده عن دين (اموال)

____________________

1 - ئل 6 الباب 21 ابواب المستحقين للزكاة الحديث 1.

2 - ئل 17 الباب 10 ابواب موانع الارث الحديث 1.

3 - ئل 13 الباب 31 ابواب الدين الحديث 5.

١٢٢

الغرماء رجعوا الى (على) الورثة فيما بقي سهم ان كان الميت ترك ثلثاً (شيئاً) قال وان فضل (من) قيمة العبد وما (كان) في يده عن دين الغرماء رد على الورثة كما استند ايضاً الى السيرة المستمرة على تبعية النماء للتركة في وفاء دين الميت، وليس الا لعدم دخوله في ملك الورثة وكونه على حكم مال الميت.

ونوقش في ادلة الطرفين، ففي مستند الاولين بتقييد الايات بالايات الاخر ومنع عدم قابلية الميت للملك والا بقي الكفن ومؤنة التجهيز بلا مالك وهكذا دية الجناية بعد الموت والعين الموصى بدفعها اجرة للعبادة، ويمكن الخدشة كما عن مع صد والتزمه في الثلث الموصى به بانتقالها الى الوارث لازم الصرف الى الجهة الخاصة ولا يتأتى في تركة الحر الذي لا وارث له غير مملوك فيشتري ويعتق ويعطى الباقي واحتمل في الاخير انتقاله الى الامام ثم الشراء والعتق تفضل منه عليه السلام.

وقرر الدليل الشيخ الانصاري قدس سره في ما كتبه والحق ملحقاً ببيعه في الطبع بوجه آخر، ملخصه انه لا ريب في تحقق الوراثة لجميع التركة بعد اداء الدين من الخارج او ابراء الديان او تبرع الاجنبي وليست الوراثة الا انتقال المال من الموروث الى الوارث بلا واسطة، فلو كان المال خارجاً بموت الموروث عن الملكية لم تتحقق الوراثة.

وفي مستند الاخرين باحتمال ظهور الايات في دفع المزاحمة للدين والوصية بالتقسيط بان اللازم تأخر قسمة الارث عنهما وان تقدير السهام بعد الدين والوصية فالمأخذ للارث انما هو بعدهما ولا تعرض

١٢٣

لمالك مقدار الوصية ومقابل الدين فمرجعها ومساقها مساق ما ورد في انه يبدء بالكفن ثم الدين والوصية ثالثاً ثم سهام الارث، وفي الروايات مع الفض عما فيها من اطلاقها لما اذا لم يكن الدين مستوعباً وهو خلاف ما هو المعروف المشهور فاللازم تقييدها اما بالدين المستوعب او تقييد جواز التصرف او استقرار الملك باداء الدين.

كما ان السيرة لو ثبتت فيمكن الالتزام بكون الاصل للوارث ولزوم اداء الدين من ثمرته وكيف كان فالّذي يمكن ان يقال بعد ملاحظة آيات الارث المتقدمة هو انتقال مازاد على الدين والوصية الى الوارث بلا شبهة، واما ما قابلي الدين والوصية في غير المستغرق وفي جميع المال فيه فآيات استثناء الدين والوصية لو ناقشنا في دلالتها وصارت مجملة بلحاظ البعدية فلا اقل من عدم جواز تصرف الوارث قبل الاداء والضمان وتبرع الاجنبي.

واما عدم الانتقال رأساً فلا مقيد للايات المطلقة مثل قولى تعالى ان امرؤ هلك ليس له ولد وله اخت فلها نصف ما ترك بل في بعض الروايات دلالة واضحة على الانتقال كصحيحة الحلبي 1 - عن ابي عبد الله عليه السلام قال من مات وترك ديناً فعلينا دينه والينا عياله ومن مات وترك مالاً فلورثته ومن مات وليس له موالي فماله من الانفال واما الروايات فدلالة موثقة عباد وصحيحة سليمان وموثقة زرارة على عدم انتقال ما قابل الدين والوصية الى الوارث واضحة، نعم اذا ادوا كما في رواية عباد اوضمنوا كما في رواية زرارة فلهم الحق، غاية الامر تقييدها بالمستغرق

____________________

1 - ئل 17 الباب 2 ابواب ضمان الجريرة والامامة الحديث 4.

١٢٤

ونظيرها ما 1 - ورد من ان اول شيء يبدء به من المال الكفن ثم الدين ثم الوصية ثم الميراث وما رواه محمد بن 2 - قيس قال اميرالمؤمنين عليه السلام ان الدين قبل الوصية ثم الوصية على اثر الدين ثم الميراث بعد الوصية فان اول القضاء كتاب الله تعالى وح فسواء قلنا بانتقال التركة الى الوارث في المستغرق وغيره ام قلنا ببقائها على ملك الميت فلا يجوز للورثة التصرف في ما قابل الدين والوصية في كلا الموردين.

نعم على الاول يكون المال متعلقاً لحق الديان فلا يجوز التصرف المتلف مطلقاً وغير المتلف مع عدم الاداء والضمان فيكون نظير حق الرهانة وان استشكل استفادة كون حق الغرماء نظيره بعض الاعاظم من اساتيدنا ومما يدل على جواز التصرف في غير المستغرق صحيح البزنطي وموثقة عبدالرحمن بن الحجاج حيث سئل في الأول 3 - عزوجل يموت ويترك عيالا وعليه دين اينفق عليهم من ماله؟ قال عليه السلام ان استيقن ان الذي عليه يحيط بجميع المال فلا ينفق وان لم يستيقن فلينفق عليهم من وسط المال وفي الثاني ان كان 4 - يستيقن ان الذي ترك يحيط بجميع دينه فلا ينفق عليهم وان لم يكن يستيقن فلينفق عليهم من وسط المال، فتلخص مما ذكرنا انه على كلا القولين في الدين المستغرق لا يجوز التصرف قبل الاداء اوما هو بمنزلته وظهر وجه ما قاله الماتن قدس سره من قوله فكها المحبو بما يخصها من الدين فان الدين قبل الارث والحبوة من الارث

____________________

1 الى 3 - ئل 13 الباب 28 - 29 كتاب الوصايا الاحاديث 1 - 2.

4 - ئل 13 الباب 29 كتاب الوصايا الحديث 2.

١٢٥

واذا كان مستغرقاً لبعضها (1) كما اذا كان دينه عشرة دراهم وكان مازاد عليها من التركة يساوي ثمانية وقيمة الحبوة اربعة فكها المحبو بدرهمين (2) واذا لم يزاحمها الدين بان كان الدين في الفرض المذكور ثمانية دراهم

___________________________________________________________

لكن لا يخفى انه بناء على الانتقال واما بناء على عدمه قبل اداء الدين فلا يتم كما اختاره المحقق القمي في جامع شتاته بلا فرق بين المستغرق وغيره، بل لوفكها المحبولا ينتقل اليه الا ما يخصه من السهم لووزع على الكل.

(1) قد تقدم الكلام في مقابل الدين والوصية، واما الزائد فلا اشكال في انه ينتقل الى الورثة وهل يجوز لهم التصرف قبل اداء الدين والوصية قيل نعم وقيل لا، ولكن الحق مع المجوزين سواء قلنا بشركة الديان مع الورثة ام لم نقل.

وفي الصورة الأولى وان كانت القاعدة تقتضي منع الوارث من التصرف ولكن روايتا البزنطى وابن الحجاج المتقدمتان تدلان على الجواز، كما ان عدم جواز التصرف في المستغرق اذا لم يكن لاداء الدين والا فلا مانع منه كما يقتضيه مناسبة الحكم والموضوع.

(2) مبني ما اختاره هنا وما تعرض له في الفرض الاتي من قوله بان كان الدين ثمانية او اقل خلصت الحبوة الخ ما اشار اليه في ذيل المسئلة انه مع المزاحمة يقدم الكفن وغيره عليها ومع عدمها تقدم عليه، وفي قباله قول آخر بتقسيط الدين والكفن ومؤنة التجهيز عليها وعلى غيرها بالنسبة وتوزيعها كما اختاره السيد الخوئي والاستاد

١٢٦

العلامة الشاهرودي قدس سره وهو مختار المحقق القمي وارتضاه صاحب الجواهر اواخر كلامه في منع الزوجة من ارث الارض مع اعترافه بكون عمل من عاصرهم على خلافه ولكنه قدس سره قوى في باب الحبوة مختار المصنف واستوجه خروج الدين غير المستغرق والوصية بالمأته مثلا والكفن من غير اعيان الحبوة ترجيحاً لاطلاق ادلتها، ولان تنفيذها من غيرها مشترك ايضاً بين المحبو وغيره من الورثة بخلاف تنفيذها منها فانه خاص بالمحبو وفي المستغرق استظهر تقديمه عليها ترجيحاً لاطلاق ادلته عليها.

وكيف كان فمبنى القولين على تقديم احد الدليلين على الاخر ولا يبعد ما اختاره الماتن لعدم خلو الميت غالباً عن دين غير مستغرق واحتياجه الى الكفن ومؤنة التجهيز فلا بعد في تقديم ادلة الحبوة على ادلتها واختصاص ساير التركة بخروجها منه دون اعيان الحبوة لقوة هذا الظهور بالنسبة الى ظهور التوزيع، فالمال في رواية السكوني ساير التركة غير الحبوة ولا ينافي ذلك جعل الميراث ومنه الحبوة على اثر الوصية التي هي اثر الدين فيها وفي رواية ابن قيس.

لكن مع ذلك لا اطمينان بهذا الظهور بل يمكن ان يقال ان ظاهر قوله في الروايتين ان الميراث بعدها كون الحبوة ايضاً شريكة في توزيع الدين ومؤنة التجهيز عليها، ويدفع هذا الظهور ان النسبة بين ادلة الحبوة ودليل تقديم الكفن والدين والوصية على الميراث عموماً من وجه اذ قد يكون على الميت دين او يحتاج الى الكفن ولا ولد له او يكون انثى اولم يخلف مادة حبوة كما انه قد يكون حبوة

١٢٧

او اقل خلصت الحبوة للمحبو مجاناً وكذا الحكم (1) في الكفن وغيره من مؤنة التجهير فمع مزاحمته لها او لبعضها يقدم عليها ومع عدم المزاحمة تقدم عليه فيجهز الميت من غيرها.

(مسئلة 10) اذا اوصى الميت بها او ببعضها لغير المحبو نفذت وصيته وحرم المحبو منها (2)

___________________________________________________________

بلاكفن مثل ما اذا غرق في البحر او ذهب به السيل او حرق اوصار اكيل السبع ولا دين عليه ولا وصية.

وفي مادة الاجتماع يكون دليل الحبوة اظهر لنصوصيتها بالنسبة الى الثياب والمصحف والخاتم والسيف واطلاقها لما اذا كان دين او احتاج الى الكفن او اوصى بمال بخلاف ادلة تقديم الكفن والدين والوصية فشمولها لمواد الحبوة بالاطلاق ولا نصوصية فيها لشيء خاص وانما يقدم على الميراث بعنوان عام كقوله عليه السلام اول ما يبدء به من المال الكفن.

فح نأخذ بنص دليل الحبوة ونقدمه على تلك الا في صورة المزاحمة، وعليهذا فدليلها بمنزلة الاستثناء من ما يقدم عليه الكفن والدين، وخلاصة الامر ان مقالة المصنف قدس سره اظهر وعلى القول الاخر الذي هو مختار القمي والشاهرودي قدس سرهما والخوئي فكها المحبو بثلاثة دراهم وثلث وهكذا في قوله قدس سره خلصت الحبوة يكون على مختارهم فكها بدرهمين وثلثي درهم.

(1) قد ظهر وجهه مما مرّ مفصلا.

(2) لما دل على نفوذ الوصية ولا يبقى معه موضوع للحبوة،

١٢٨

واذا اوصى بثلث ماله اخرج الثلث من غيرها (1) واذا اوصى بمائة دينار فان كانت تساوى ثلث الباقي او تنقص عنه نفذت الوصية

___________________________________________________________

نعم ينبغي تقييده بما اذا لم تزد على الثلث والا توقف على اجازة المحبو، ويحتمل عدم توقفه على الاجازة ونفوذها مطلقاً بناء على ما سيجيء الاشارة اليه من كون الحبوة للميت مع ثلث امواله الاخر ولكن المبنى ضعيف وما في الجواهر وكذا النجاة من اعطاء المحبو خاصة ما قابل ثلثيها من الثلث ضعيف كضعف ما علله به في الأول من ان الوصية انما كانت بماله دون باقي الورثة.

(1) لاستظهار الثلث من المال الذي فيه ثلثه واما اعيان الحبوة فجميعها له فله اعيانها والثلث من غيرها فلا ينصرف اليها وان حبي بها ولده الأكبر، وفيه كما في الجواهر ان المتجه ح انه لو اوصي بعين من اعيانها لغير المحبو نفذت وصيته بها من غير الثلث لان الفرض كونها له مع الثلث وهو خلاف ما صرح به بعضهم، اقول تصريح بعضهم بخلافه لا يكون دليلا على الضعف بل اللازم حمل الكلام على ما هو ظاهره والظاهر ان الوصية بثلث المال لا يخرج منه الحبوة الا بالتصريح كما استظهر قدس سره في جواهره اعتبار الثلث منها مع فرض اطلاق الوصية به لتوقف تنفيذ تمام الوصية على ذلك.

نعم ما استدركه بقوله نعم الاولى بل الاحوط اخذ ثمن ثلثها من المحبو ودفع نفس الاعيان اليه جمعاً بين الحقين ومراعاة الدليلين الا انه كما ترى، ثم انه قد ظهر من مطاوى ما ذكر ان على قول الاخرين يخرج الثلث من الحبوة وغيرها بالنسبة للاطلاق كما لو صرح بذلك

١٢٩

من غيرها (1) وان كانت تزيد على ثلث الباقي اخرجت الزيادة من الحبوة الا ان يدفعها المحبو ولو كانت اعيانها او بعضها مرهوناً ففي وجوب فكها على الوارث وجهان (2) اوجههما الاول، نعم لو لم يفكها لم يكن للمحبو اخذها لان حق الرهانة مقدم على الحباء، نعم للمحبوفكها فتكون له وفي رجوعه على الورثة بالدين اشكال.

___________________________________________________________

والحباء انما يزاحم الوارث لا الوصية.

(1) لما ذكرنا سابقاً بالنسبة للدين والكفن كما ظهر الوجه لقوله اخرجت الزيادة من الحبوة وكذا قوله الا ان يدفعها المحبو على ما تقدم في الدين، واما على القول الاخر فتخرج المأته من مجموع التركة سواء الحبوة وغيرها بالنسبة.

(2) ينشأن من تقدم الدين على الميراث والحبوة منه وان اختص بها الولد الاكبر ومن كون الوارث اجنبياً بالنسبة اليها لعدم نصيب لهم منها اذا لم تكن مرهونة وانما المخاطب بالفك هو الولد الاكبر الذكر ولعله لذلك استشكل قدس سره في رجوع الاكبر الى الورثة بالدين، ولكن لا مجال للاشكال بعد تقدم الدين على الميراث ولو فرضنا عدم توزيعه على الحيوة في صورة عدم المزاحمة، الا ان يقال بانصراف آيات استثناء الدين الواردة في الميراث الى دين غير الحبوة ففيها لا اطلاق لها وحيث انها له فلا رجوع على الوارث.

وفيه انه نقض لا وجهية الوجه الاول وهو وجوب الفك على الوارث، ويمكن كون نظره قدس سره في اشكال الرجوع انه ح يكون بمنزلة المتبرع باداء الدين فلا يرجع على الوارث وهو في محله

١٣٠

(مسئلة 11) لا فرق (1) بين الكسوة الشتائية والصيفية ولا بين القطن والجلد وغيرهما ولا بين الصغيرة والكبيرة فيدخل فيها مثل القلنسوة (2) وفي مثل الجورب والحزام والنعل تردد (3) ولا يتوقف (4) صدق الثياب ونحوها على اللبس بل يكفى اعدادها لذلك، نعم اذا اعدها للتجارة او لكسوة غيره من اهل بيته واولاده وخدامه لم تكن من الحبوة (5) وفي دخول مثل الدرع والطاس والمغفر ونحوها من معدات

___________________________________________________________

لكنه لا يخ من كلام فتدبر جيداً ولقد اجاد السيد الخوئي حيث اوجب فكها من مجموع التركة.

(1) للاطلاق.

(2) قد يستشكل فيها وفي المنطقة والخف وما في معناها مما يتخذ للرجلين واليدين احياناً للاصل او خروجها عن الثياب والكسوة في باب الكفارات وفيه ان نظر الاصحاب عدم الاكتفاء بالقلنسوة بل لابد من ثوب او ثوبين ساترين للبدن ولا ينافي ذلك عد مثل القلنسوة جزءاً من الكسوة الكاملة.

(3) من عدم صدق الثياب عليها ومن قوة احتمال اندراجها في الكسوة.

(4) لصدق كسوته وثياب جلده على ما اعد للبس ولم يلبس بخلافاً للجواهر والنجاة ووافقه عليه السيد الطباطبائي قدس سره فاستظهر عدم الاندراج.

(5) لعدم الصدق بلا اشكال.

١٣١

الحرب اشكال (1) بل الاظهر العدم (2) ولا يدخل (3) مثل الساعة ولا البندقية والخنجر ونحوهما من آلات السلاح، نعم لا يبعد تبعية (4) غمد السيف وقبضته وبيت المصحف وحمائلهما لهما، وفي دخول ما يحرم لبسه مثل خاتم الذهب وثوب الحرير اشكال (5) وان كان الدخول اظهر (6) واذا كان مقطوع اليدين فالسيف لا يكون من الحبوة (7) ولو كان اعمى فالمصحف ليس

___________________________________________________________

(1) من انصراف الكسوة والثياب الى ما يلبسه وقاية للحر والبرد وستراً للعورة جرياً على ما هو المتعارف، ومن كونها لباساً وكسوة ولو لضرورة الحرب كما اذا احتاج الى لبس شيء مرتين في السنة او مرات كملابس السلام بالنسبة للوزراء.

(2) لمساعدة العرف على عدم كونها كسوة ونياباً.

(3) لعدم كون الاول ثوباً ولا يصدق عليها الكسوة وعدم دخول الباقي في الاربعة وان اشتمل بعض الروايات على السلاح ومن هنا يظهر وجه الاحتياط.

(4) لمساعدة العرف على ذلك.

(5) ينشأ من انصراف الكسوة والثياب الى ما يحل لبسه للاب والولد ومن الاطلاق وحرمة اللبس لا تكون قرينة على العدم ولا مقيدة للاطلاق ولا موجبة للانصراف.

(6) لما عرفت.

(7) لانصراف السيف الى ما يفيد صاحبه باستعماله بنفسه لا ما يكون بالنسبة اليه كمال التجارة.

١٣٢

منها (1) نعم لوطرء ذلك اتفاقاً وكان قد اعدهما قبل ذلك لنفسه كانا منها.

(مسئلة 12) اذا اختلف الذكر الاكبر وساير الورثة في ثبوت الحبوة اوفى اعيانها اوفى غير ذلك من مسائلها لاختلافهم في الاجتهاد اوفى التقليد رجعوا الى الحاكم الشرعي في فصل خصومتهم (2)

___________________________________________________________

(1) لما عرفت في السيف من الانصراف، نعم قد يقع الاشكال في خروج المصحف الذي اتخذه الاعمى للحفظ والحرز والبركة والاستصحاب في السفر لكونها غايات تقصد من اتخاذه كما قد يشكل خروج المصحف الذي اتخذه لنفسه وقرء منه او كان بصدد القرائة ثم عمى وهكذا السيف ثم قطع يداه ولا يبعد الدخول في الجميع ولو شككنا فيجرى الاستصحاب التعليقي او التنجيزي.

(2) لا اشكال في جواز الرجوع ونفوذ حكم الحاكم ولو كان مخالفاً لاجتهاد احد المتخاصمين او مجتهده الذي يقلده في الشبهة الحكمية لاطلاق دليل نفوذ القضاء، بل لا ينفذ قضاؤه لنفسه للاجماع المدعى في كلام صاحب العروة 1 - ولما ذكره وحاصله انصراف اخبار الرجوع الى غير المتحاكمين فاللازم كون الحاكم غيرهما، نعم هل له العمل بفتواه لو كان هو الولد الاكبر ويرى لنفسه الحبوة مجاناً او قبل الثلث اذا يرى من منازعيه المخالفة اجتهاداً او تقليداً ام لا؟ بل اللازم الترافع، الظاهر العدم.

____________________

1 - كتاب القضاء مسئلة 13 فصل شرايط القاضي.

١٣٣

(مسئلة 13) اذا تعدد الذكر مع التساوي في السن فالمشهور الاشتراك فيها (1) ولا يخلو من وجه وان كان لا يخ من اشكال (2).

(مسئلة 14) المراد بالاكبر الاكبر ولادة (3) لا علوقاً (4)

___________________________________________________________

(1) لصدق افعل التفضيل على الواحد والمتعدد وان انسبق اولا الواحد.

(2) حكى عن ابن حمزة في ثبوتها للاكبر اشتراط فقد آخر في سنه فمع وجوده لا حبوة لتبادر الواحد من الاكبر دون المتعدد ولان مع التعدد لا يصدق على كل واحد استحقاق ما حكم باستحقاق واحد منه كالسيف والمصحف لان بعض الواحد ليس عينه واجيب بان الاشتراك في السيف الواحد والمصحف غير مانع كما لو لم يكن للميت الواحد الا نصف مصحف او نصف سيف مثلا وكان الاكبر واحداً، لكن مناسبة الحكم والموضوع ربما تكون قرينة القول المشهور فتامل جيداً.

(3) كما هو الظاهر المتبادر منه ولا مخالف يظهر في المسئلة

(4) لرواية وردت بذلك ولكنها مهجورة لم يعمل بها رواها 1 - على ابن احمد بن اشيم عن بعض اصحابه قال اصاب رجل غلامين في بطن فهناه ابو عبد الله عليه السلام ثم قال ايهما الاكبر؟ فقال الذي خرج اولا فقال ابو عبد الله عليه السلام الذي خرج اخيراً هو اكبر، اما تعلم انها حملت بذاك اولا، وان هذا دخل على ذاك فلم يمكنه ان يخرج حتى خرج هذا، فالذي خرج اخيراً هو اكبرهما.

____________________

1 - ئل 15 الباب 99 احكام الاولاد الحديث 1.

١٣٤

واذا اشتبه فالمراجع في تعيينة القرعة (1) والظاهر اختصاصها بالولد الصلبي (2) فلا تكون لولد الولد ولا يشترط انفصاله بالولادة (3) فضلا عن اشتراط بلوغه (4) حين الوفاة والقول (5) بالاشتراط ضعيف (6).

___________________________________________________________

(1) لعموم دليلها لكل امر مشتبه او مشكل والقدر المسلم من دليلها ما اذا كان هناك واقع متعين لولاها واما اذا لم يكن تعين في الواقع فيشكل العمل بها لعدم تعيينها غير المعين وليس عمل الاصحاب بها جابراً لضعف دلالتها لمنعه اللهم الا نادراً.

(2) لتبادره منه وعدم انسباق ولد الولد منه خصوصاً على قول من يجعل الحبوة في قبال قضاء الصلاة والصوم فلا يجبان على غير ولد الصلب فلا حبوة له.

(3) للاطلاق وعدم ما يصلح للتقييد عداما يتوهم من الانصراف الى المنفصل وهو مردود وح فلا فرق بين كونه مضغة او علقة وبين كونه جنيناً تاماً لصدق الولدية في جميعها ولو بعد الولادة كشفاً، وما عن الروضة من امكان الفرق بين كونه جنيناً تاماً وبين كونه مضغة وعلقة لتحقق الذكورية في الواقع حين الموت في الاول وعدمها في غيره ضعيف لما عرفت والا فالولد لا يتحقق له مصداق الا بالولادة اياً ما كان.

(4) لما اشرنا اليه من الاطلاق وعدم المقيد.

(5) حكى عن صريح ابن حمزة وظاهر بن ادريس احتجاجاً بكون الحبوة عوض القضاء وهو منتف في الصبي.

(6) لمنع المبني اولا وعلى فرض التسليم فيكلف به الصبي

١٣٥

(مسئلة 15) قيل (1) يشترط في المحبو ان لا يكون سفيها وفيه اشكال (2) بل الاظهر (3) عدمه وقيل (4) يشترط ان يخلف الميت ما لا غيرها وفيه تأمل (5).

___________________________________________________________

بعد البلوغ.

(1) القائل هو ابن حمزة وابن ادريس على ما حكى عنهما.

(2) لعدم اشارة اليه في روايات المقام.

(3) كما سبق في اوائل بحث الحبوة.

(4) كما عن صريح جماعة بل عن المشهور كما عن لك واختاره المحقق القمي مستدلا عليه بظهور الحبوة لما اذا كان لغير صاحب الحبوة شيء وكذلك له ويكون ذلك مزية له على غيره مع اعترافه قدس سره بعدم وقوفه على لفظ الحبوة والحباء في النصوص لكنه لما كان مظنة الاجماع على هذا اللفظ فناسب الاستدلال ثم اضاف اليه التبادر من الاطلاقات وان الغالب ان للميت مالا سوى الحبوة مع انه يصيرح كالاستثناء المستغرق اذ هو تخصيص لايات الارث الى ان لا يبقى شيء.

(5) لما عرفت سابقاً ولما يرد على ما ذكره القمي قدس سره بعدم كون الظن حجة وعلى فرضه ليس الاجماع يحتج به الا اذا كان كاشفاً عن رأي المعصوم الممنوع في المقام، كما ان التبادر ممنوع صغرى وكبرى في ما اذا كان منشأه غلبة الوجود ويدفع ما ذكره اخيراً انه لا مانع من التخصيص اذا قام الدليل ولا يكون كالاستثناء المستغرق اذ هو اخراج بعض الافراد عن العام كما اعترف بكون الغالب ان

١٣٦

(مسئلة 16) يستحب (1) لكل من الابوين اطعام الجد

___________________________________________________________

يخلف مالا سوى الحبوة وح ففي غير الغالب لا مانع من التخصيص ولا يكون من المستهجن فتأمل جيداً.

(1) الظاهر ان القول بالاستحباب مبتن على عدم ايراثهما مع وجود ولديهما كما هو مذهب الاكثر لو لا الكل وانما المخالف ابن الجنيد في ظاهر بعض عبائره وربما نسب الى الصدوق والكليني قدس سرهما، واحتج لابن الجنيد بمشاركتهما (اي الجد والجدة) للابوين في النسبة التي اخذوا بها الميراث وهي الابوة مؤيداً ذلك ببعض الروايات كما في جامع الشتات كحسنة 1 - عبدالرحمن بن ابي عبد الله قال دخلت على ابي عبد الله عليه السلام وعنده ابان بن تغلب قلت اصلحك الله ان ابنتي هلكت وامي حية فقال ابان ليس لامك شيء.

فقال ابو عبد الله عليه السلام سبحان الله اعطها السدس وما رواه 2 - اسحاق بن عمار عنه عليه السلام في ابوين وجدة لام قال للام السدس وللجدة السدس وما بقي وهو الثلثان للاب واستشكل عليه بعدم مطابقة دليله لمذهبه ان اراد المساواة في السهم الا في النادر كما اذا ترك ثلاثة اجداد وبنتاً فسهم كل يساوى السدس (اقول) في هذه الصورة ايضاً لا يتم لكون السدس للاب ومع عدمه فلاطعمة كما سيجيء الا ان لا يشترط ذلك ابن الجنيد.

كما انه اشكل بعدم مطابقته للشرع في كون ميراثهما (اي الابوين) على سبيل الفرض غالباً لواراد مجرد المشاركة في الارث

____________________

1 - 2 - ئل 17 الباب 20 من ابواب ميراث الابوين والاولاد، الحديث 6 - 10

١٣٧

وشفع الاشكال بمنع المشاركة في الاسم لصحة السلب عرفاً وتحمل الروايتان على الطعمة المستحبة واما حجة الصدوق فيمكن ان يكون صحيح 1 - سعد بن ابي خلف سئلت ابا الحسن موسى عليه السلام عن بنات بنت وجد قال عليه السلام للجد السدس والباقي لبنات البنت وهذه الرواية مع ما نقل عن الشيخ وابن فضال انها مما اجتمعت الطائفة على العمل بخلافها (يعني ان الجد لا يرث مع ولد الولد ولذلك حملت على التقية على فرض ارادة الجد للميت مع البنات للبنت والا فيمكن حملها على جد البنات وهو ابو البنت فلا تخالف شيئاً من الاصول لا تدل على تمام مدعى الصدوق فما نقل عنه وعن ابن الجنيد والكليني قدس اسرارهم ضعيف مخالف للمشهور بل للاجماع المحكى عن غير واحد.

فالاصح الاقوى ما عليه المعظم من استحباب الطعمة ويدل عليه بالنسبة الى عدم ارثهما مع الاب والام ومن في مرتبتهما آية اولى الارحام اذ لا اشكال في اقربية الوالدين منهما وآيات ارث الوالدين مع الولد وبدونه على نحو الاختصاص بهما معه او بدونه مع عدم كونهما ابوى الميت ولو بقرينة ما ورد من روايات عدم فرض الله للجد والجدة شيئاً كما يدل عليه طوائف متعددة من الروايات عامة وخاصة.

فمن الاولى ما دل على عدم اجتماع غير الزوج والزوجة مع الوالدين والولد وهي عديدة منها معتبرة الكليني قدس سره 2 - عن ابي ايوب الخزاز وغيره عن ابن مسلم عن ابي جعفر عليه السلام قال لا يرث

____________________

1 - ئل 17 الباب 20 ميراث الابوين والاولاد الحديث 15.

2 - ئل 17 الباب 1 - من ابواب ميراث الابوين والاولاد الحديث 1

١٣٨

مع الام ولا مع الاب ولا مع الابن ولا مع الابنة الا الزوج والزوجة ومنها ما رواه 1 - هو ايضاً عنه عليه السلام اذا ترك الرجل اباه او امه او ابنه او ابنته، اذا ترك واحداً من هؤلاء الاربعة فليس هم الذين عنى الله عزوجل يستفتونك في الكلالة بضميمة ما دل على كون الجدين في مرتبة الكلالة.

ومنها ما في احتجاج موسى بن جعفر عليه السلام على الرشيد بقول 2 - علي بن ابي طالب عليه السلام انه ليس مع ولد الصلب ذكراً كان او انثى لاحد سهم الا للابوين والزوج والزوجة ومنها ما في حديث 3 - زرارة المفصل عنهما عليهما السلام ولا يرث احد من خلق الله مع الولد الا الابوان والزوج والزوجة.

ومن الثانية معتبرة 4 - حسن بن صالح عن ابي عبد الله عليه السلام عن امرأة مملكة لم يدخل بها زوجها ماتت وتركت امها واخوين لها من امها وابيها وجدها ابا امها وزوجها قال يعطى الزوج النصف وتعطى الام الباقي ولا يعطي الجد شيئاً لان بنته حجبته ولا يعطي الاخوة شيئاً وما رواه ابو بصير 5 - عنه عليه السلام عن رجل مات وترك اباه وعمه وجده قال فقال حجب الاب الجد عن الميراث وليس للعم ولا للجد شيء وصحيح الحميري 6 - حيث كتب الى ابي محمد العسكري عليه السلام امرأة ماتت وتركت زوجها وابويها وجدها او جدتها كيف يقسم ميراثها؟ فوقع عليه السلام للزوج النصف

____________________

1 - ئل 17 الباب 1 من ابواب ميراث الابوين والاولاد الحديث - 2

2 - 3 - 4 - ئل 17 الباب 5 - 8 - 19 ابواب ميراث الابوين والاولاد الاحاديث 14 - 2 - 3

5 - 6 - ئل 17 الباب 19 ابواب ميراث الابوين والاولاد الحديث 3 - 4

١٣٩

ومابقي للابوين.

فظهر بما ذكرنا وجه الامر في غير واحد من الروايات الامرة او الحاكية لامر المعصوم او فعله باعطائه او اعطائها السدس وانه على الاستحباب مثل ما رواه محمد بن يعقوب قدس سره في معتبرة جميل 1 - عن ابي عبد الله عليه السلام ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اطعم الجدة ام الام السدس وابنتها حية ومعتبرته الثانية 2 - عنه عليه السلام ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اطعم الجدة السدس.

وما رواه زرارة 3 - عن ابي جعفر عليه السلام ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اطعم الجدة السدس ولم يفرض لها شيئاً وروايته الثانية 4 - ان نبي الله اطعم الجدة السدس طعمة وما رواه 5 - اسحاق بن عمار في حديث ان لله فرض الفرائض فلم يقسم للجد شيئاً وان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اطعمه السدس فاجاز الله له ذلك وما رواه ايضاً 6 - جميل عن ابي عبد الله عليه السلام ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اطعم الجدة ام الاب السدس وابنها حي واطعم الجدة ام الام السدس وابنتها حية وما رواه 7 - ابن ابي عمير عن جميل فيما يعلم اذا ترك الميت جدتين ام ابيه وام امه فالسدس بينهما (لو جعل من روايات الباب والا فتحمل على التقية) وروى 8 - قاسم بن الوليد عن ابي عبد الله عليه السلام في حديث حرم الله الخمر بعينها وحرم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كل مسكر فاجاز الله ذلك له وفرض الفرائض فلم يذكر الجد فجعل له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سهماً فاجاز الله ذلك له وقريباً منه روى 9 - قاسم بن محمد الى غير ذلك من الروايات.

____________________

1 الى 6 ئل 17 الباب 20 ابواب ميراث الابوين والاولاد الاحاديث 1 - 2 - 3

7 الى 9 ئل 17 الباب 20 ميراث الابوين والاولاد الاحاديث 12 - 13 - 16.

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

عديدة وأنباء كثيرة آلت إلى غلب أبي عبد الله، وانتشار أصحابه من كتامة في البلاد، فصار يقول: المهدي يخرج في هذه الأيام ويملك الأرض فيا طوبى لمن هاجر إلي وأطاعني.

وأخذ يغري الناس بابن الأغلب، ويذكر كرامات المهدي وما يفتح الله له، ويعدهم بأنهم يملكون الأرض كلها. وسيّر إلى عبيد الله بن محمد رجالاً من كتامة ليخبروه بما فتح الله له، وأنه ينتظره.

فوافوا عبيد الله بسلمية من أرض حمص، وكان قد اشتهر بها، وطلبه الخليفة المكتفي، ففرّ منه بابنه أبي القاسم، وسارا إلى مصر، وكان لهما قصص مع النوشزي عامل مصر حتى خلصا منه ولحقا ببلاد المغرب.

وبلغ ابن الأغلب زيادة الله مسير عبيد الله، فأذكى له العيون وأقام له الأعوان حتى قبض عليه بسلجماسة، وكان عليها اليسع بن مدرار، وحُبس بها هو وابنه أبو القاسم.

وبلغ ذلك أبا عبد الله وقد عظم أمره فسار وضايق زيادة الله بن الأغلب وأخذ مدائنه شيئاً بعد شيء. وسار فيما ينيف على مائتي ألف، وألح على القيروان حتى فرّ زيادة الله إلى مصر وملكها أبو عبد الله.

ثم سار إلى رقادة فدخلها أول رجب سنة ست وتسعين ومائتين. وفرق الدور على كتامة، وبعث العمّال إلى البلاد، وجمع الأموال، ولم يخطب باسم أحد. فلما دخل شهر رمضان سار من رقادة، فاهتز لرحيله المغرب بأسره، وخافته زناتة وغيرها، وبعثوا إليه بطاعتهم.

وسار إلى سلجماسة ففرَّ منه اليسع بن مدرار واليها. ودخل البلد فأخرج عبيد الله وابنه من السجن، وقال: هذا المهدي الذي كنت أدعوكم إليه. وأركبه هو وابنه ومشى بسائر رؤساء القبائل بين أيديهما، وهو يقول: هذا مولاكم، ويبكي من شدة الفرح، حتى وصل إلى فسطاط ضرب له فأنزل فيه، وبعث في طلب اليسع فأدركه، وحمل إليه فضربه بالسياط وقتله.

ثم سار المهدي إلى رقادة، فصار بها في آخر ربيع الآخر سنة سبع وتسعين ومائتين، ولما تمكَّن قتل أبا عبد الله وأخاه في يوم الاثنين للنصف

٢٠١

من جمادى الآخرة سنة ثمان وتسعين ومائتين، فكان هذا ابتداء أمر الخلفاء الفاطميين.

وما زالت كتامة هي أهل الدولة مدة خلافة المهدي عبيد الله وخلافة ابنه أبي القاسم القائم بأمر الله، وخلافة المنصور بنصر الله إسماعيل بن القاسم وخلافة المُعزّ لدين الله بن المنصور، وبهم أخذ ديار مصر لما سيرهم إليها مع القائد جوهر في سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة، وهم أيضاً كانوا أكابر من قدم معه من المغرب في سنة اثنتين وستين وثلاثمائة.

فلما كان في أيام ولده العزيز بالله نزار اصطنع الديلم والتُّرك وقدَّمهم وجعلهم خاصته، فتنافسوا وصار بينهم وبين كتامة تحاسد إلى أن مات العزيز بالله، وقام من بعده أبو علي المنصور الملقّب بالحاكم بأمر الله، فقدم ابن عمّار الكتامي وولاّه الوساط، وهي في معنى رتبة الوزارة، فاستبد بأمور الدولة وقدم كتامة وأعطاهم، وحط من الغلمان التُّرك والديلم الذين اصطنعهم العزيز، فاجتمعوا إلى برجوان وكان صقلبياً وقد تاقت نفسه إلى الولاية، فأغرى المصطنعة بابن عمّار حتى وضعوا منه واعتزل عن الأمر.

وتقلّد برجوان الوساطة، فاستخدم الغلمان المصطنعين في القصر وزاد في عطاياهم وقوّاهم، ثم قتل الحاكم ابن عمّار وكثيراً من رجال دولة أبيه وجدّه، فضعفت كتامة وقويت الغلمان.

فلما مات الحاكم وقام من بعده ابنه الظاهر لإعزاز دين الله علي أكثر من اللهو ومال إلى التُّرك والمشارقة، فانحط جانب كتامة وما زال ينقص قدرهم ويتلاشى أمرهم حتى ملك المستنصر بعد أبيه الظاهر، فاستكثرت أمه من العبيد، حتى يقال: إنهم بلغوا نحواً من خمسين ألف أسود، واستكثر هو من التُّرك، وتنافس كل منهما مع الآخر فكانت الحرب التي آلت إلى خراب مصر وزوال بهجتها، إلى أن قدم أمير الجيوش بدر الجمالي من عكا وقتل رجال الدولة، وأقام له جنداً وعسكراً من الأرمن، فصار من حينئذ معظم الجيش الأرمن. وذهبت كتامة وصاروا من جملة الرعية بعدما كانوا وجوه الدولة وأكابر أهلها.

٢٠٢

تاريخ بني المصيّب

دولة بني عقيل

بسم الله الرحمن الرحيم

نحمده تعالى ونستعينه ونصلي ونسلم على خيرة رسله والنخبة المختارة من سلالة نبيّه، وبعد فإنا ذاكرون في هذا الجزء من أجزاء تاريخ الشيعة السياسي أخبار دولة بني عقيل، الناشئة في الموصل، ويطلق عليها أسماء ثلاثة: بنو عقيل، بنو المسيب، بنو المقلَّد.

ابتداء أمرها:

قال المؤرخ الكبير ابن خلدون في الجزء الرابع ص٢٥٤ في تاريخه الكبير: كان بنو عقيل وبنو نُمَيْر وبنو خفاجة وكلهم من عامر بن صعصعة، وبنو طيَ من كهلان قد انتشروا ما بين الجزيرة والشام في عدوة الفرات، وكانوا كالرعايا لبني حمدان يؤدون إليهم الإتاوات وينفرون معهم في الحروب. ثم استفحل أمرهم عند فشل دولة بني حمدان وساروا إلى ملك البلاد، ولما انهزم أبو طاهر بن حمدان أمام علي بن مروان بديار بكر سنة ثمانين ولحق بنصيبين، وقد استولى عليها أبو الذوّاد محمد بن المسيب بن رافع بن المقلَّد بن جعفر بن عمر بن مهند أمير بني عقيل بن كعب بن ربيعة ابن عامر، فقتل أبا طاهر وأصحابه وسار إلى الموصل فملكها وبعث إلى بهاء الدولة بن بويه المستبد على الخليفة بالعراق في أن يبعث عاملاً من قبله، والحكم راجع لابن الذوّاد، وأقام على ذلك سنتين وبعث بهاء الدولة سنة اثنتين وثمانين عساكره إلى الموصل مع أبي جعفر الحجاج بن هرمز، فغلب عليها أبا الذوّاد وملكها وزحف لحربه أبو الذوّاد في قومه ومن اجتمع إليه من العرب فكانت بينهم حروب ووقائع.

٢٠٣

مهلك أبي الذوّاد وولاية أخيه المقلَّد:

ثم مات أبو الذوّاد سنة ست وثمانين، وولي إمارة بني عقيل مكانه أخوه علي بعد أن تطاول إليها أخوهما المقلَّد(١) بن المسيب وامتنع بنو عقيل؛ لأن علياً كان أسن منه فصرف المقلَّد وجهه إلى ملك الموصل. واستمال الديلم الذين فيها مع أبي جعفر بن هرمز، فمالوا إليه وكتب إلى بهاء الدولة أن يضمنه الموصل بألفي ألف درهم كل سنة، ثم أظهر لأخيه علي وقومه أن بهاء الدولة قد ولاّه واستمدهم فساروا معه ونزلوا على الموصل وخرج إلى المقلَّد من كان استماله من الديلم، واستأمن إليهم أبو جعفر قائد الديلم، فأمنوه وركب السفن إلى بغداد واتبعوه فلم يظفروا منه بشيء. وتملك المقلَّد ملك الموصل.

فتنة المقلَّد مع بهاء الدولة:

كان المقلَّد يتولّى حماية غربي الفرات، وكان له ببغداد نائب فيه تهوّر، وجرى بينه وبين أصحاب بهاء الدولة مشاجرة وكان بهاء الدولة مشغولاً بفتنة أخيه فكتب نائب المقلَّد إليه يشكو من أصحاب بهاء الدولة فجاء في العساكر وأوقع بهم ومدَّ يده إلى جباية الأموال. وخرج نائب بهاء الدولة

____________________

(١) هو أبو حسَّان المقلَّد بن المسيب بن رافع بن المقلَّد بن جعفر بن عمرو بن المهنى عبد الرحمان بن يُزيد بالتصغير بن عبد الله بن زيد بن قيس بن حوشة بن طهفة بن حزن بن عقيل بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن العقيلي الملقَّب حسام الدولة صاحب الموصل، كان أخوه أبو الذوّاد محمد بن المسيب أول من تغلب على الموصل، وملكها من أهل هذا البيت وذلك في سنة ثمانين وثلاثمائة وتزوج بهاء الدولة أبو نصر ابن عضد الدولة بن بويه ابنته فلما مات أبو الذوّاد في سنة سبع وثمانين قام أخوه المقلَّد المذكور بالملك من بعده وكان أعور، قال ابن الأثير في الكامل: إنه كان فيه عقل وسياسة وحسن تدبير فغلب على سقي الفرات واتسعت مملكته، ولقّبه الإمام القادر بالله وكنّاه وأنفذ إليه اللواء والخلع فلبسها بالأنبار واستخدم من الديلم والتُّرك ثلاثة آلاف رجل وأطاعته خفاجة، وكان فيه فضل ومحبة لأهل الأدب وينظم الشعر. حكى أبو الهيجاء أن عمران بن شاهين قال: كنت أساير معتمد الدولة أبا المنيع قرواش بن المقلَّد المذكور ما بين سنجار ونصيبين، فنزلنا ثم استدعاني بعد الزوال وقد نزل بقصر هناك يعرف بقصر العباس بن عمرو الغنوي وكان مطلاًّ على بساتين ومياه كثيرة فدخلت عليه فوجدته قائماً يتأمل كتابة على الحائط فقرأتها فإذا هي (الخ).

٢٠٤

ببغداد وهو أبو علي بن إسماعيل عن ضمان القصر وغيره، فغالط بهاء الدولة وأنفذ أبا جعفر الحجاج بن هرمز للقبض على أبي علي بن إسماعيل ومصالحة المقلَّد بن المسيب، فصالحه على أن يحمل إلى بهاء الدولة عشرة آلاف دينار ويخطب له ولأبي جعفر بعده، ويأخذ من البلاد رسم الحماية وأن يخلع على المقلَّد الخلع السلطانية، ويلُقَّب حسام الدولة ويقطع الموصل والكوفة والقصر والجامعين، وجلس له ولأبي جعفر القادر بالله. فاستولى على البلاد وقصده الأعيان والأماثل وعظم قدره. وقبض أبو جعفر على أبي علي بن إسماعيل ثم هرب ولحق بمهذّب الدولة.

القبض على علي بن المسيب:

كان المقلَّد بن المسيب قد وقعت المشاجرة بين أصحابه وأصحاب أخيه في الموصل قبل مسيره إلى العراق. فلما عاد إلى الموصل أجمع الانتقام من أصحاب أخيه. ثم نوى أنه لا يمكنه ذلك مع أخيه فأعمل الحيلة في قبض أخيه وأحضر عسكره من الديلم والأكراد وورى بقصر دقوقا واستحلفهم على الطاعة، ثم نقب دار أخيه وكانت ملاصقة له ودخل إليه، فقبض عليه وبعث زوجته وولديه قرواش وبدران إلى تكريت، واستدعى رؤساء العرب وخلع عليهم وأقام فيهم العطاء، فاجتمعت له زهاء ألفي فارس، وخرجت زوجة أخيه بولديها إلى أخيها الحسن بن المسيب، وكانت أحياؤه قريباً من تكريت، فاستجاش العرب على المقلَّد وسار إليه في عشرة آلاف فخرج المقلَّد عن الموصل واستشار العرب على المقلَّد وسار إليه في عشرة آلاف، فخرج المقلَّد عن الموصل واستشار الناس في محاربة أخيه فأشار رافع بن محمد بن مُعزّ بالحرب، وأشار أخوه غريب بن محمد بالموادعة وصلة الرحم. وبينما هو في ذلك إذ جاءت أخته رميلة بنت المسيب شافعة في أخيها علي، فأطلقه ورد عليه ماله وتوادع الناس وعاد المقلَّد إلى الموصل، وتجهَّز لقتال علي بن مزيد الأسدي بواسط؛ لأنه كان مغضباً لأخيه الحسن، فلما قصد الحلَّة خالفه علي إلى الموصل فدخلها. وعاد إليه المقلَّد وتقدمه أخوه الحسن مشفقاً عليه من كثرة جموع المقلَّد فأصلح ما بينهما. ودخل المقلَّد إلى الموصل وأخواه معه ثم خاف علي فهرب، ثم وقع الصلح بينهما على أن يكون أحدهما بالبلد. ثم هرب علي فقصده المقلَّد ومعه بنو خفاجة فهرب إلى العراق واتبعه المقلَّد فلم يدركه

٢٠٥

ورجع عنه. ثم سار المقلَّد إلى بلد علي بن مزيد فدخله ثانية، ولحق ابن مزيد بمهذّب الدولة صاحب البطيحة فأصلح ما بينهما.

استيلاء المقلَّد على دقوقا:

ولما فرغ المقلَّد من شأن أخويه وابن مزيد سار إلى دقوقا فملكها وكانت لنصرانيّين قد استعبدا أهلها. وملكها من أيديهما جبريل بن محمد من شجعان بغداد أعانه عليها مهذّب الدولة صاحب البطيحة وكان مجاهداً يحب الغزو فملكها وقبض على النصرانيين وعدل في البلد. ثم ملكها المقلَّد من يده وملكها بعده محمد بن نحبان، ثم بعده قرواش بن المقلَّد، ثم انتقلت إلى فخر الملك أبي غالب فعاد جبريل واستجاش بموشك بن حكويه من أمراء الأكراد. وغلب عليها عمال فخر الدولة ثم جاء بدران بن المقلَّد فغلب جبريل وموشك عليها وملكها.

مقتل المقلَّد وولاية ابنه قرواش:

كان للمقلَّد مَوالٍ من التُّرك فهربوا منه واتبعهم، فظفر بهم وقتل وقطع وأفحش في المثلة فخاف إخوانهم منه، واغتنموا غفلته فقتلوه فيها بالأنبار سنة إحدى وسبعين، وكان قد عظم شأنه وطمع في ملك بغداد. ولما قتل كان ولده الأكبر قرواش غائباً وكانت أمواله بالأنبار، فخاف نائبه فيها عبد الله بن إبراهيم بن شارويه بادرة عمه الحسن، وراسل أبا منصور بن قراد وكان بالسندية وقاسمه في مخلف المقلَّد على أن يدافع الحسن إن قصده، فأجابه إلى ذلك وأرسل عبد الله إلى قرواش يستحثُّه، فوصل ووفى لابن قراد بما عاهده عليه نائبه عبد الله، وأقام ابن قراد عنده، ثم إن الحسن بن المسيب جاء إلى مشايخ بني عقيل شاكياً مما فعله قرواش وابن قراد عنده، فسعوا بينهم في الصلح، واتفق الحسن وقرواش على الغدر بابن قراد وأن يسير أحدهما إلى الآخر متحاربين فإذا تلاقيا قبضا على ابن قراد ففعلا ذلك. فلما تراءى الجمعان نُمي الخبر إلى ابن قراد، فهرب واتبعه قرواش والحسن ولم يدركاه، ورجع قرواش إلى بيوته فأخذها بما فيها من الأموال، فوجه الأموال إلى أن أخذها أبو جعفر الحجاج بن هُرمز.

٢٠٦

فتنة قرواش مع بهاء الدولة بن بويه

ولما كانت سنة اثنتين وتسعين بعث قرواش بن المقلَّد جمعاً من بني عقيل إلى المدائن فحصروها. فبعث أبو جعفر بن الحجا بن هرمز نائب بهاء الدولة ببغداد عسكراً إليهم فدفعوهم عنها. فاجتمعت بنو عقيل وبنو أسد وأميرهم علي بن مزيد. وخرج أبو جعفر إليهم واستجاش بخفاجة وأحضرهم من الشام، فانهزم واستبيح عسكره وقُتل وأُسر من الديلم والتُّرك كثير. ثم جمع العساكر ثانياً ولقيهم بنواحي الكوفة فهزمهم وقتل وأسر، وسار إلى أحياء بني مزيد ونهب منها ما لا يقدر قدره. ثم سار قرواش إلى الكوفة سنة سبع وتسعين، وكانت لأبي علي بن ثُمال الخفاجي وكان غائباً عنها، فدخل قرواش الكوفة وصادرهم ثم قتل أبو علي سنة تسع وتسعين، وكان الحاكم صاحب مصر قد ولاّه الرحبة فسار إليها، وخرج إليه عيسى بن خلاط العقيلي، فقتله وملكها بعده غيره إلى أن ولي أمرها صالح بن مرداس الكِلابي صاحب حَلب.

قبض قرواش على وزرائه:

كان معتمد الدولة قرواش بن المقلَّد قد استوزر أبا القاسم الحسين بن علي بن الحسين المغربي. وكان من خبره أن أباه من أصحاب سيف الدولة بن حمدان، فذهب عنه إلى مصر وولي بها الأعمال. ووُلِدَ ابنه أبا القاسم ونشأ هنالك ثم قتله الحاكم، فلحق أبو القاسم بحسَّان بن مُفرج بن الجراح الطائي بالشام، وأغراه بالانتقاض والبيعة لأبي الفتوح الحسن بن جعفر صاحب مكة، ففعل ذلك ولم يتم أمر أبي الفتوح، ورجع إلى مكة ولحق أبو القاسم المغربي بالعراق واتصل بفخر الملك فارتاب به القادر؛ لانتسابه إلى العلوية فأبعده فخر الملك، فقصد قرواش بالموصل فاستوزره، ثم قبض عليه سنة إحدى عشرة وأربعمائة وصادره على مال زعم أنه ببغداد والكوفة، فأحضره وترك سبيله فعاد إلى بغداد ووزر لشرف الدولة بن بويه بعد وزيره مؤيد الملك الرجيحي، وكان مداخلاً لعنبر الخادم الملَّقب بالأثير المستولي على الدولة يومئذ. ثم سخطه التُّرك وسخطوا الأبهر فأشار عليه بالخروج عن بغداد، فخرج الوزير وأبو القاسم معه إلى السندية وبها قرواش فأنزلهم وساروا إلى أوانا، وبعث التُّرك إلى الأثير عنبر

٢٠٧

بالاستعتاب فاستعتب ورجع وهرب أبو القاسم المغربي إلى قرواش سنة خمس عشرة لعشرة أشهر من وزارته. ثم وقعت فتنة بالكوفة كان منشؤها من صهره ابن أبي طالب فأرسل الخليفة إلى قرواش في إبعاده عنه فأبعده، وسار إلى ابن مروان إلى ديار بكر، ثم قبض معتمد الدولة قرواش على أبي القاسم سليمان بن فهر عامل الموصل له ولأبيه، وكان من خبره أنه كان يكتب في حداثته بين يدي أبي إسحاق الصابي، ثم اتصل بالمقلَّد بن المسيّب وأصعد معه إلى الموصل. واقتنى بها الضياع ثم استعمله قرواش على الجبايات فظلم أهلها وصادرهم فحبسه وطالبه بالمال فعجز وقُتِل.

حروب قرواش مع العرب وعساكر بغداد:

وفي سنة إحدى عشرة اجتمع العرب على فتن قرواش، وسار إليه دُبيس بن علي بن مزيد الأسَدِي وغريب بن معن، وجاءهم العسكر من بغداد. فقاتلوه عند سُرَّ من رأى، ومعه رافع بن الحسين فانهزم ونهبت أثقاله وخزائنه وحصل في أسرهم، وفتحوا تكريت عنوة من أعماله. ورجعت عساكر بغداد إليها واستجار قرواش بغريب بن معن فأطلقه، ولحق بسلطان بن الحسن من عمال أمير خفاجة، واتبعه عسكر من التُّرك وقاتلهم غربي الفرات وانهزم هو وسلطان. وعاث العسكر في أعماله فبعث إلى بغداد بمراجعة الطاعة وقبل. ثم كانت الفتنة بينه وبين أبي أسد وخفاجة سنة سبع عشرة؛ لأن خفاجة تعرضوا لأعماله بالسواد فسار إليهم من الموصل وأميرهم أبو الفتيان منيع بن حسَّان فاستجاش بدُبيس بن علي بن مزيد فجاءه في قومه بني أسد وعسكر من بغداد والتقوا بظاهر الكوفة وهو يومئذ لقرواش. فخام قرواش عن لقائهم وأجفل ليلاً للأنبار واتبعوه فرحل عنها إلى حلله واستولى القوم على الأنبار، وملكوها ثم فارقوها وافترقوا فاستعادها قرواش. ثم كانت الحرب بينه وبين بني عقيل في هذه السنة، وكان سببها أن الأثير عنبر الخادم حاكم دولة بني بويه انتقض عليه الجند وخافهم على نفسه فلحق بقرواش فجاء قرواش وأخذ له أقطاعه وأملاكه بالقيروان، فجمع مجد الدولة بن قراد ورافع بن الحسين جمعاً كبيراً من بني عقيل وانضم إليهم بدران أخو قرواش وساروا لحربه. وقد اجتمع هو وغريب بن معن والأثير عنبر، وأمدهم ابن مروان فكانوا في ثلاثة عشر ألفاً، والتقوا

٢٠٨

عند بلدهم فلما تصافوا والتحم القتال خرج بدران بن المقلَّد إلى أخيه قرواش، فصالحه وسط المصاف، وفعل ثوران بن قراد كذلك مع غريب بن معن، فتوادعوا جميعاً واصطلحوا. وأعاد قرواش إلى أخيه بدران الموصل، ثم وقعت الحرب بين قرواش وبين خفاجة ثانياً؛ وكان سببها أن منيع بن حسَّان أمير خفاجة وصاحب الكوفة سار إلى الجامعين بلد دُبيس ونهبها، فخرج دُبيس في طلبه إلى الكوفة فقصد الأنبار ونهبها هو وقومه فسار قرواش إليهم ومعه غريب بن معن إلى الأنبار، ثم مضى في اتِّباعهم إلى القصر فخالفوه إلى الأنبار ونهبوها وأحرقوها، واجتمع قرواش ودُبيس في عشرة آلاف وخاموا عن لقاء خفاجة، فلم يكن من قرواش إلاّ بناء السور على الأنبار ثم سار منيع بن حسَّان الخفاجي إلى الملك كليجار والتزم الطاعة وخطب له بالكوفة وأزال حكم بني عقيل عن سقي الفرات. ثم سار بدران بن المقلَّد في جموع من العرب إلى نصيبين، وحاصرها وهي لنصر الدولة بن مروان، فجهَّز لهم الجند وبعثهم إليها، فقاتلوا بدران فانهزم أولاً، ثم عطف عليهم فانهزموا وأثخن فيهم، وبلغه الخبر أن أخاه قرواش قد وصل إلى الموصل فأجفل خوفاً منه.

استيلاء الغز على الموصل:

كان هؤلاء الغز من شعوب التُّرك بمفازة بخارى وكثر فسادهم في جهاتها. فأجاز إليهم محمود بن سبكتكين وهرب صاحب بخارى، وحضر عنده أميرهم ارسلان بن سلجوق، فقبض عليه وحبسه بالهند ونهب أحياءهم وقتل كثيراً منهم، فهربوا إلى خراسان وأفسدوا ونهبوا، فبعث إليهم العساكر فأثخنوا فيهم وأجلوهم عن خراسان، ولحق كثير منهم بأصبهان وقاتلوا صاحبها وذلك سنة عشرين وأبعمائة، ثم افترقوا في البلاد بين خوارزم واذربيجان ومراغة وقزوين وأرمينية والدينور، وعاثوا فيها سنة ثلاثين، واجتمع الغز الذين بأرمينية وساروا نحو بلاد الموصل والذين كانوا منهم في الري قصدوا ديار بكر والموصل سنة ثلاث وثلاثين ونزلوا جزيرة ابن عمر ونهبوا باقردى وبازندى والحسنية، وغدر سليمان بن نصير الدولة بن مروان بأمير منهم وحبسه، وافترق أصحابه في كل جهة. وبعث نصير الدولة بن مروان عسكراً في اتّباعهم، وأمدهم قرواش صاحب الموصل بعسكر آخر وانضم

٢٠٩

إليهم الأكراد البثنوية أصحاب فتك فأدركوهم، فاستمات الغز وقاتلوهم ثم تحاجزوا. وتوجَّهت العرب إلى العراق للمشتى وأخربت الغز ديار بكر ودخل قرواش الموصل؛ ليدفعهم عنها لما بلغه أن طائفة منهم قصدوا بلده، فلما نزلوا برقعيد عزم على الإغارة عليهم فتقدموا إليه فرجع إلى مصانعتهم بالمال على ما شرطوه، وبينما هو يجمع المال لهم وصلوا إلى الموصل، فخرج قرواش في عسكره وقاتلهم عامة يومه. وعادوا للقتال من الغد فانهزمت العرب وأهل البلد، وركب قرواش سفينة في الفرات وخلف جميع ماله. ودخل الغز البلد ونهبوا ما لا يحصى من المال والجوهر والحِلْي والأثاث. ونجا قرواش إلى السند وبعث إلى الملك جلال الدولة يستنجده وإلى دُبيس بن علي بن مزيد وأمراء العرب والأكراد يستمدهم، وأفحش الغز في أهل الموصل قتلاً ونهباً وعيثاً في الحرم وصانع بعض الدروب والمحال منها عن أنفسهم بمال ضمنوه، فكفوا عنهم وسلموا وفرضوا على أهل المدينة عشرين ألف دينار، فقبضوها ثم فرضوا أربعة آلاف أُخرى وشرعوا في تحصيلها، فثار بهم أهل الموصل وقتلوا من وجدوا منهم في البلد. ولما سمع إخوانهم اجتمعوا ودخلوا البلد عنوة منتصف سنة خمس وثلاثين ووضعوا السيف في الناس واستباحوها اثني عشر يوماً، وانسدت الطرق من كثرة القتلى حتى واروهم جماعات في الحفائر وطلبوا الخطبة للخليفة ثم لطغرلبك وطال مقامهم بالبلد. فكتب الملك جلال الدولة بن بويه ونصير الدولة بن مروان إلى السلطان طغرلبك يشكون منهم، فكتب إلى جلال الدولة معتذراً بأنهم كانوا عبيداً وخدماً لنا فأفسدوا في جهات الري، فخافوا على أنفسهم وشردوا ويعده بأنه يبعث العساكر إليهم، وكتب إلى نصير الدولة بن مروان يقول له: بلغني أن عبيدنا قصدوا بلادك فصانعتهم بالمال وأنت صاحب ثغور ينبغي أن تعطي ما تستعين به على الجهاد ويعده أنه يرسل من يدفعهم عن بلاده. ثم سار دُبيس بن مزيد إلى قرواش واجتمعت إليه بنو عقيل وساروا من السن إلى الموصل فتأخر الغز إلى تل أعفر وأرسلوا إلى أصحابهم بديار بكر ومقدمهم ناصفلي وبوقا فوصلوا إليهم و تزاحفوا مع قرواش في رمضان سنة خمس وثلاثين، فقاتلوهم إلى الظهر وكشفوا العرب عن حللهم. ثم استماتت العرب، فانهزمت الغز وأخذهم السيف ونهب العرب أحياءهم وبعثوا برؤوس القتلى إلى بغداد

٢١٠

واتّبعهم قرواش إلى نصيبين ورجع عنهم، وقصدوا ديار بكر فنهبوها ثم أرزن الروم كذلك ثم أذربيجان ورجع قرواش إلى الموصل.

استيلاء بدران بن المقلَّد على نصيبين:

قد تقدم لنا محاصرة بدران نصيبين ورحيله عنها من أخيه قرواش، ثم اصطلحا بعد ذلك واتفقا وتزوج نصير الدولة ابنة قرواش، فلم يعدل بينها وبين نسائه، وشكت إلى أبيها، فبعث عنها ثم هرب بعض عمال ابن مروان إلى قرواش وأطمعه في الجزيرة، فتعلل عليه قرواش بصداق ابنته وهو عشرون ألف دينار، وطلب الجزيرة ونصيبين لأخيه بدران فامتنع ابن مروان من ذلك، فبعث قرواش جيشاً لحصار الجزيرة وآخر مع أخيه بدران، لحصار نصيبين. ثم جاء بنفسه وحاصرها مع أخيه وامتنعت عليه، وتسللت العرب والأكراد إلى نصير الدولة بن مروان بميافارقين وطلب منه نصيبين فسلمه إليه وأعطى قرواش من صداق ابنته خمسة عشر ألف دينار وكان ملك ابن مروان في دقوقا، فزحف إليه أبو الشوك من أمراء الأكراد، فحاصره بها وأخذها من يده عنوة وعفا عن أصحابه ثم تُوفِّي بدران سنة خمس وعشرين. وجاء ابنه عمر إلى قرواش فأقره على ولاية نصيبين وكان بنو نمير قد طمعوا فيها وحاصروه، فسار إليهم ودافعهم عنها.

الفتنة بين قرواش وغريب بن معن:

كانت تكريت لأبي المسيّب رافع بن الحسين من بني عقيل، فجمع غريب جمعاً من العرب والأكراد وأمدَّه جلال الدولة بعسكر وسار إلى تكريت، فحاصرها، وكان رافع بن الحسين عند قرواش بالموصل، فسار لنصره بالعساكر ولقيه غريب في نواحي تكريت، فانهزم واتبعه قرواش ورافع ولم يتعرضوا لمحلته وماله ثم تراسلوا واصطلحوا.

فتنة قرواش وجلال الدولة:

كان قرواش قد بعث عسكره سنة إحدى وثلاثين لحصار خميس بن تغلب بتكريت، واستجار خميس بجلال الدولة، فبعث إليه بالكف عنه، فلم يفعل فسار بنفسه يحاصره وكتب إلى التُّرك ببغداد يستفسدهم عن جلال

٢١١

الدولة. وسار جلال الدولة إلى الأنبار فامتنعت عليه وسار قرواش للقائه وأعوزت عساكر جلال الدولة الأقوات ثم اختلفت عقيل على قرواش وبعث إلى جلال الدولة بمعاودة الطاعة فتحالفا وعاد كل إلى بلده.

الوحشة بين قرواش والأكراد:

انتهت الوحشة بين الأكراد وقرواش بتسليمه قلاعه التي كانوا قد تصرفوا فيها وتقاسموها.

خلع قرواش بأخيه أبي كامل ثم عوده:

ثم وقعت الفتنة بين معتمد الدولة وقرواش وأخيه زعيم الدولة أبي كامل وكان سببها أن قريشاً بن أخيهما بدران فتن عمه أبا كامل، وجمع عليه الجموع وأعانه عمه الآخر واستمد قرواش بنصير الدولة بن مروان، فبعث إليه بابنه سليمان وأمدَّه حسن بن عكشان وغيرهما من الأكراد، وساروا إلى معلايا فنهبوها وأحرقوها، ثم اقتتلوا في المحرم سنة إحدى وأربعين يوماً وثانياً. ووقفت الأكراد ناحية عن المصاف ولم يغشوا المجال وتسلل عن قرواش بعض جموعه من العرب إلى أخيه وبلغه أن شيعة أخيه أبي كامل بالأنبار وثبوا فيها وملكوها. فضعف أمره وأحسّ من نفسه الظهور عليه ولم يبرح، فركب أخوه أبو كامل وقص حلته فركب قرواش للقائه وجاء به أبو كامل لحلته، ثم بعث به إلى الموصل ووكل به وملك أبو كامل الموصل واشتط عليه العرب، فخاف العجز والفضيحة أن يراجعوا طاعة أخيه، فسبقهم إليها وأعاده إلى ملكه وبايعه على الطاعة. ورجع قرواش إلى ملكه وكان أبو كامل قد أحدث الفتنة بين البساسيري كافل الخلافة ببغداد وملك الأمراء بها لما فعله بنو عقيل في عراق العجم من التعرض لإقطاعه، فسار إليهم البساسيري وجمع أبو كامل بني عقيل ولقيه، فاقتتلوا قتالاً شديداً ثم تحاجزوا، فلما رجع قرواش إلى ملكه نزع جماعة من أهل الأنبار إلى البساسيري وجمع أبو كامل بني عقيل ولقيه، فاقتتلوا قتالاً شديداً ثم تحاجزوا، فلما رجع قرواش إلى ملكه نزع جماعة من أهل الأنبار إلى البساسيري شاكرين شاكين سيرة قرواش وطلبوا أن يبعث معهم عسكراً وعاملاً إلى بلدهم ففعل ذلك وملكها من يد قرواش وأظهر فيهم العدل.

٢١٢

خلع قرواش ثانية واعتقاله:

كان قرواش لما أطاعه أخوه أبو كامل بقي معه كالوزير يتصرف، إلا أن قرواش أنف من ذلك وأعمل الحيلة في التخلص منه، فخرج من الموصل سائراً إلى بغداد وشق ذلك على أخيه أبي كامل، فأرسل إليه أعيان قومه يرده طوعاً أو كرهاً. فلاطفوه أولاً وشعر منهم بالدخيلة فأجاب إلى العود وشرط سكنى دار الإمارة فلما جاء إلى أبي كامل قام بمبرته وإكرامه ووكل به من يمنعه التصرف.

وفاة أبي كامل وولاية قريش بن بدران:

لما ملك قريش بن بدران وحبس عمه بقلعة الجراحية ارتحل يطلب العراق سنة أربع وأربعين. فانتقض عليه أخوه المقلَّد وسار إلى نور الدولة دُبيس بن مزيد، فنهب قريش حلله وعاد إلى الموصل واختلف العرب عليه ونهب عمال الملك الرحيم ما كان لقريش بنواحي العراق. ثم استمال قريش العرب عليه ونهب عمال الملك الرحيم ما كان لقريش بن المسيب صاحب الحظيرة مخالفاً عليه. وبعث قريش بعض أصحابه فلقيهم، وأوقع بهم فسار إليه قريش ولقيه فهزمه واتبعه إلى حلل بلاد ابن غريب ونهبها ودخل العراق وبعث إلى عمال الملك الرحيم بالطاعة وضمان ما كان عليه في أعماله فأجابوه إلى ذلك لشغل الملك الرحيم بخوزستان فاستقر أمره وقوي.

وفاة قرواش:

وفي سنة أربع وأربعين هذه تُوفِّي معتمد الدولة أبو منيع قرواش بن المقلَّد بمحبسه في قلعة الجراحية وحمل إلى الموصل ودفن بها ببلد نينوى شرقيها وكان من رجال العرب.

استيلاء قريش على الأنبار:

وفي سنة ست وأربعين زحف قريش بن بدران من الموصل، ففتح مدينة الأنبار وملكها من يد عمال البساسيري وسار البساسيري إلى الأنبار فاستعادها.

٢١٣

حرب قريش بن بدران والبساسيري ثم اتفاقهما:

كان قريش بن بدران قد بعث بطاعته إلى طغرلبك وهو بالري، وخطب له بجميع أعماله وقبض على الملك الرحيم. وكان قريش معه فنهب معسكره واختفى. وسمع به السلطان فأمنه ووصل إليه، فأكرمه وردَّه إلى عمله. وكان البساسيري قد فارق الملك الرحيم عند مسيره من واسط إلى بغداد ومسير طغرلبك من حلوان. وقصد نور الدولة دُبيس بن مزيد للمصاهرة بينهما، وكان سبب مفارقة البساسيري للملك الرحيم كتاب القائم له بإبعاده لاطلاعه على كتابه إلى خليفة مصر. فلما وصل قريش بن بدران إلى بغداد وعظم استيلاء السلطان طغرلبك على الدولة بعث جيشاً وزحف البساسيري للقائهم ومعه نور الدولة دُبيس، فالتقوا بسنجار، فانهزم قريش وقطلمش وأصحابهما، وقتل كثير منهم وعاث أهل سنجار فيهم وسار بهم إلى الموصل وخطب بها للمستنصر خليفة مصر وقد كانوا بعثوا إليه بطاعتهم من قبل فبعث إليهم بالخلع ولقريش جملتهم.

استيلاء طغرلبك على الموصل وولاية أخيه نيال عليها:

كان السلطان طغرلبك لما طال مقامه ببغداد وساء أثر عساكره في الرعايا فبعث القائم وزيره رئيس الرؤساء أن يحضر عميد الملك الكندري وزير طغرلبك ويعظه في ذلك ويهدده برحيل القائم عن بغداد، فبلغه خلال ذلك شأن الموصل فرحل إليها وحاصر تكريت، ففتحها وقبل من صاحبها نصر بن عيسى من بني عقيل ما لابد له منه ورحل عنه، فمات نصر وولي بعده أبو الغنائم بن البحَلبان، فأصلح حاله مع رئيس الرؤساء ورحل السلطان من البواريج. وكان في انتظار أخيه ياقوتي بن تنكير ثم توجه السلطان إلى نصيبين وبعث هزارسب إلى البرية لقتال العرب وفيهم قريش ودُبيس وأصحاب حران والرقة من نمير، فأوقع بهم ونال منهم وأسر جماعة فقتلهم. وعاد إلى السلطان طغرلبك، فبعث إليه قريش ودُبيس بطاعتهما وأن يتوسط لهما عند السلطان، فعفا السلطان عنهما، وقال للبساسيري: ردهما إلى الخليفة فيرى ما عندهما. فرحل البساسيري عند ذلك إلى الرحبة وتبعه أتراك بغداد ومقبل بن المقلَّد وجماعة من بني عقيل، فبعث السلطان إلى قريش ودُبيس هزارسب بن تنكير ليقضي ما

٢١٤

عندهما ويحضرهما وكان ذلك بطلبهما، ثم خافا على أنفسهما فبعث قريش أبا السيد هبة الله بن جعفر ودُبيس ابنه بهاء الدولة منصوراً، فقبلهما السلطان وكتب لهما بأعمالهما. وكان لقريش من الأعمال الموصل ونصيبين وتكريت، وأوانا ونهر بيطروهيت والأنبار، وبادرونا ونهر الملك، ثم قصد السلطان ديار بكر ووصل إليه أخوه إبراهيم نيال، وأرسل هزارسب إلى قريش ودُبيس يحذرهما منه. وسار لسنجار؛ لأجل واقعته مع قريش ودُبيس فبعث العساكر إليها واستباحوها، وقتل أميرها علي بن مرحا وخلق كثير من أهلها رجالاً ونساء، وشفع إبراهيم نيال في الباقين فكف عنهم وأقطع سنجار والموصل وتلك الأعمال كلها لأخيه إبراهيم نيال وعاد إلى بغداد، فدخلها في ذي القعدة سنة تسع وأربعين.

مفارقة نيال الموصل وما كان لقريش فيها:

وفي سنة خمسين وأربعمائة خرج إبراهيم نيال من الموصل إلى بلاد الروم، فخشي طغرلبك أن يكون منتقضاً، وبادر بكتابه وكتاب الخليفة إليه فرجع وخرج الوزير الكندري للقائه، وخالفه البساسيري وقريش إلى الموصل، فملكها وحاصر القلعة حتى استأمن أهلها على يد ابن موسك وصاحب أربد فأمناهم وهدما القلعة وسار السلطان طغرلبك من وقته إلى الموصل، ففارقهما واتبعهما إلى نصيبين، ففارقه أخوه نيال في رمضان سنة ٦٠. وسار السلطان طغرلبك في أثره، وحاصره بهَمَذان وجاء البساسيري إلى بغداد، وكان هزارسب بواسط ودُبيس ببغداد قد استدعاه الخليفة للدفاع، فسئم المقام ورجع إلى بلده وجاء البساسيري وقريش ووزير بني بويه أبو الحسن بن عبد الرحيم، ونزلوا بجوانب بغداد ونزل عميد العراق بالعسكر قبالة البساسيري ورئيس الرؤساء وزير الخليفة قبالة الآخرين. وخطب البساسيري للمستنصر صاحب مصر بجوامع بغداد وأذّن بحيّ على خير العمل. ثم استعجل رئيس الرؤساء الحرب فاستجده القوم ثم كروا عليه، فهزموه واقتحموا حريم الخلافة وملكوا القصور بما فيها. وركب الخليفة، فوجد عميد العراق قد استأمن إلى قريش بن بدران فاستأمن هو كذلك وأمنهما قريش وأعادهما، وعذله البساسيري في الانفراد بذلك دونه وقد تعاهدا على خلاف ذلك، فاستعتب له بالوزير رئيس الرؤساء ودفعه إليه وأقام الخليفة

٢١٥

والعميد عنده. فقتل البساسيري الوزير ابن عبد الرحيم وبعث قريش بالخليفة القائم مع ابن عمه مُهارش بن تجلى إلى حديثة عانة، فأنزله بها مع أهله وحرمه وحاشيته حتى إذا فرغ السلطان طغرلبك من أمر أخيه نيال وقتله ورجع إلى بغداد بعث البساسيري وقريش في إعادة القائم إلى داره، فامتنع وأجفل عن بغداد في ذي القعدة سنة إحدى وخمسين. وشمل النهب مدينة بغداد وضواحيها من بني شيبان وغيرهم، وبعث السلطان طغرلبك الإمام أبا بكر محمد بن فورك إلى قريش بن بدران يشكره على فعله بالخليفة وبابنة أخيه زوجة الخليفة ارسلان خاتون، وأنه بعث ابن فورك لإحضارهما. وكتب قريش إلى مُهارش ابن عمه بأن يلحق به هو والخليفة في البرية، فأبى وسار بالخليفة إلى العراق وجعل طريقه على الري ومر ببدر بن مهلهل، فخدم القائم وخرج السلطان للقاء الخليفة وقدم إليه الأموال والآلات، وعرضه أرباب الوظائف ولقيه بالنهروان، وجاء معه إلى قصره وبعث السلطان خبارتكين الطغرائي في العساكر لاتِّباع البساسيري والعرب، وجاء إلى الكوفة واستصحب سرايا ابن منيع ببني خفاجة، وسار السلطان في أثرهم وصبحت السرية البساسيري في حلة دُبيس بن يزيد، فنهبوها وفرَّ دُبيس وقاتل البساسيري وأصحابه، فقُتِل في المعركة.

وفاة قريش بن بدران وولاية ابنه مسلم:

ثم تُوفِّي قريش بن بدران سنة ثلاث وخمسين، ودفن بنصيبين، وجاء فخر الدولة أبو نصر محمد بن محمد بن جهير من دارا، وجمع بني عقيل على ابنه أبي المكارم مسلم بن قريش، فولّوه عليهم واستقام أمره، وأقطعه السلطان سنة ثمان وخمسين الأنبار وهيت وحريم والسن والبواريج ووصل إلى بغداد، فركب الوزير ابن جهير في المركب للقائه، ثم سار سنة ستين وأربعمائة إلى الرحبة، فقاتل بها بني كِلاب وهم في طاعة المستنصر العلوي، فهزمهم وأخذ أسلابهم وبعث بأشلائهم وعليها سمات العلوية فطيف بها منكَّسة ببغداد.

استيلاء مسلم بن قريش على حَلب:

وفي سنة اثنتين وسبعين سار شرف الدولة مسلم بن قريش صاحب

٢١٦

الموصل إلى مدينة حَلب فحاصرها، ثم أفرج عنها فحاصرها تُتُش بن البارسلان، وقد كان ملك الشام سنة إحدى وسبعين قبلها، فأقام عليها أياماً ثم أفرج عنها وملك بزاغة والبيرة، وبعث أهل حَلب إلى مسلم بن قريش بأن يمكِّنوه من بلدهم، ورئيسها يومئذ ابن الحسين العباسي. فلما قرب منهم امتنعوا من ذلك، فترصَّد لهم بعض التُّركمان وهو صاحب حصن بنواحيها، وأقام كذلك أياماً حتى صادف ابن الحسين يتصيَّد في ضيعته فأسره وبعث به إلى مسلم بن قريش، فأطلقه على أن يسلِّموا له البلد. فلما عاد إلى البلد تمَّ له ذلك وسُلِم له البلد، فدخله سنة ثلاث وسبعين وحصر القلعة، واستنزل منها سابغاً ووثاباً ابني محمد بن مرداس، وبعث ابنه إبراهيم وهو ابن عمة السلطان إلى السلطان يخبره بملك حَلب، وسأل أن يقدر عليه ضمانه، فأجابه السلطان إلى ذلك، وأقطع ابنه محمداً مدينة بالس، ثم سار مسلم إلى حران وأخذها من بني وثاب النميريين وأطاعه صاحب الرها ونقش السكة باسمه.

حصار مسلم بن قريش دمشق وعصيان أهل حران عليه:

وفي سنة ست وسبعين سار شرف الدولة إلى دمشق، فحاصرها وصاحبها تُتُش، فخرج في عسكره وهزم مسلم بن قريش، فارتحل عنها راجعاً إلى بلاده، وكان قد استمد أهل مصر فلم يمدوه، وبلغه الخبر بأن أهل حران نقضوا الطاعة، وأن ابن عطية وقاضيها ابن حلية عازمان على تسليم البلد للترك، فبادر إلى حران وصالح في طريقه ابن ملاعب صاحب حمص وأعطاه سليمة ورفسة، وحاصر حران وخرب أسوارها، واقتحمها عنوة وقتل القاضي وابنه.

حرب ابن جهير مع مسلم بن قريش واستيلاؤه على الموصل ثم عودها إليه:

كان فخر الدولة أبو نصر محمد بن أحمد بن جُهير من أهل الموصل، واتصل بخدمة بني المقلَّد، ثم استوحش من قريش بن بدران، واستجار ببعض رؤساء بني عقيل فأجاروه منه. ومضى إلى حَلب فاستوزره معز الدولة أبو ثمال بن صالح، ثم فارقه إلى نصر الدولة بن مروان بديار بكر فاستوزره. ولما عزل القائم وزيره أبا الفتح محمد بن منصور بن دارس

٢١٧

استدعاه للوزارة، فتحيل في المسير إلى بغداد واتّبعه ابن مروان فلم يدركه، ولما وصل إلى بغداد استوزره القائم سنة أربع وخمسين، وطغرلبك يومئذ هو السلطان المستبد على الخلفاء. واستمرت وزارته وتخللها العزل في بعض المرات إلى أن مات القائم، وولي المقتدي وصارت السلطنة إلى ملك شاه. فعزله المقتدي سنة إحدى وسبعين بشكوى نظام الملك إلى الخليفة، وسؤاله عزله فعزله. وسار ابنه عميد الدولة إلى نظام الملك بأصفهان، واستصلحه وشفع فيه إلى المقتدي، فأعاد ابنه عميد الدولة. ثم عزله سنة ست وسبعين، فبعث السلطان ملك شاه ونظام الملك إلى المقتدي بتخلية سبيل بني جهير إليه، فوفدوا عليه بأصفهان ولقوا منه مبرة وتكرمة. وعقد السلطان ملك شاه لفخر الدولة على ديار بكر. وبعث معه العساكر، وأمره أن يأخذ البلاد من ابن مروان، وأن يخطب لنفسه بعد السلطان وينقش اسمه على السكة كذلك، فسار لذلك وتوسط ديار بكر ثم أردفه السلطان سنة سبع وسبعين بالعساكر مع الأمير أرتق جد الملوك بماردين لهذا العهد، وكان ابن مروان عندما أحس بمسير العساكر إليه، بعث إلى شرف الدولة مسلم بن ريش يستنجده على أن يعطيه آمد من أعماله فجاء إلى آمد، وفخر الدولة بنواحيها، وقد ارتاب من اجتماع العرب على نصرة ابن مروان، ففتر عزمه عن لقائهم. وسارت عساكر التُّرك الذين معه، فصبَّحوا العرب في أحيائهم، فانهزموا وغنموا أموالهم ومواشيهم، ونجا شرف الدولة إلى آمد، وحاصره فخر الدولة فيمن معه من العساكر، وبعث مسلم بن قريش إلى الأمير أرتق يغضي عنه في الخروج من آمد على مال بذله له، فأغضى له وخرج إلى الرقة وسار أحمد بن جهير إلى ميافارقين بلد ابن مروان لحصارها. ففارقه بهاء الدولة منصور بن مزيد وابنه سيف الدولة صدقة إلى العراق. وسار ابن جهير إلى خلاط وكان السلطان ملك شاه لما بلغه انحصار مسلم بن قريش بآمد بعث عميد الدولة اقسنقر، جد الملك العادل محمود في عساكر التُّرك، ولقيهم الأمير أرتق في طريقهم سائراً إلى العراق، فعاد معهم وجاؤوا إلى الموصل فملكوها وسار السلطان في عساكره إلى بلاد مسلم بن قريش، وانتهى إلى البواريج. وقد خلص مسلم بن قريش من الحصار بآمد، ووصل إلى الرحبة، وقد ملكت عليه الموصل وذهبت أمواله، فراسل مؤيد الملك بن نظام الملك، فتوسل به فتقبَّل وسيلته وأذن له في الوصول إلى السلطان بعد

٢١٨

أن أعطاه من العهد ما رضي به. وسار مسلم بن قريش من الرحبة فأحضره مؤيد الملك عند السلطان، وقدم هدية فاخرة من الخيل وغيرها ومن جملتها فرسه الذي نجا عليه، وكان لا يجارى فوقع من السلطان موقعاً وصالحه وأقره على بلاده، فرجع إلى الموصل وعاد السلطان إلى ما كان بسبيله.

مقتل مسلم بن قريش وولاية ابنه إبراهيم:

قد قدمنا ذكر قطلمش قريب السلطان طغرلبك، وكان سار إلى بلاد الروم فملكها واستولى على قونية وأقصراي ومات، فملك مكانه ابنه سليمان وسار إلى أنطاكية سنة سبع وسبعين وأربعمائة، وأخذها من يد الروم وكان لشرف الدولة مسلم بن قريش بإنطاكية جزية يؤديها إليه صاحبها القردروس(١) من زعماء الروم، فلما ملكها سليمان بن قطلمش بعث إليه يطالبه بتلك الجزية ويخوفه معصية السلطان، فأجابه بأني على طاعة السلطان وأمري فيها غير خفي. وأما الجزية فكانت مضروبة على قوم كفّار يعطونها عن رؤوسهم، وقد أدال الله منهم بالمسلمين ولا جزية عليهم فسار شرف الدولة ونهب جهات أنطاكية، وسار سليمان فنهب جهات حَلب وشكت إليه الرعايا فرد عليهم. ثم جمع شرف الدولة جموع العرب وجموع التُّركمان مع أميرهم جُقّ وسار إلى أنطاكية، فسار سليمان للقائه والتقيا في أعمال أنطاكية سنة ثمان وسبعين. ولما التقوا مال الأمير جق بمن معه من التُّركمان إلى سليمان، فاختل مصاف مسلم بن قريش وانهزمت العرب عنه، وثبت فقتل في أربعمائة من أصحابه، وكان ملكه قد اتسع من نهر عيسى وجميع ما كان لأبيه وعمه قرواش من البلاد، وكانت أعماله في غاية الخصب والأمن، وكان حسن السياسة كثير العدل. ولما قتل مسلم اجتمع بنو عقيل وأخرجوا أخاه إبراهيم من محبسه بعد أن مكث فيه سنين مقيداً حتى أفسد القيد مشيته، فأطلقوه وولّوه على أنفسهم مكان أخيه مسلم. ولما قتل مسلم سار سليمان بن قطلمش إلى أنطاكية وحاصرها شهرين فامتنعت عليه ورجع. وفي سنة

____________________

(١) كذا وصوابها: ألكسندروس.

٢١٩

تسع وسبعين بعدها بعث عميد العراق عسكراً إلى الأنبار، فملكها من يد بني عقيل، وفيها أقطع السلطان ملك شاه مدينة الرحبة وأعمالها وحران وسروج والرقة والخابور لمحمد بن شرف الدولة مسلم بن قريش، وزوَّجه بأخته خاتون زليخة، فتسلَّم جميع هذه البلاد وامتنع محمد بن المشاطر من تسليم حران فأكرهه السلطان على تسليمها.

تنازع محمد وعلي ابني مسلم على ملك الموصل بعد إبراهيم:

لم يزل إبراهيم بن قريش ملكاً بالموصل وأميراً على قومه بني عقيل حتى استدعاه السلطان ملك شاه سنة اثنتين وثمانين، فلما حضر اعتقله وبعث فخر الدولة بن جُهير على البلاد، فملك الموصل وغيرها وأقطع السلطان عمته صفية مدينة بلد وكانت زوجاً لمسلم بن قريش ولها منه ابنه علي، وتزوجت بعده بأخيه إبراهيم، فلما مات ملك شاه ارتحلت صفية إلى الموصل ومعها ابنها علي بن مسلم، وجاءه أخوه محمد بن مسلم وتنازعا في ملك الموصل، وانقسمت العرب عليها واقتتلوا على الموصل، فانهزم محمد وملك علي، ودخل الموصل انتزعها من يد ابن جهير.

عود إبراهيم إلى ملك الموصل ومقتله:

لما مات ملك شاه واستبدت تركان خاتون بعده بالأمور، وأطلقت إبراهيم من الاعتقال بادر إلى الموصل، فلما قاربها سمع أن علي بن أخيه مسلم قد ملكها ومعه أمه صفية عمة ملك شاه، فبعث إليها وتلطَّف بها، فدفعت إليه ملك الموصل فدخلها وكان تُتش صاحب الشام أخو ملك شاه قد طمع في ملك العراق واجتمع إليه الأمراء بالشام وجاء أقسنقر صاحب حَلب وسار إلى نصيبين، فملكها وبعث إلى إبراهيم أن يخطب له، ويُسهل طريقه إلى بغداد، فامتنع إبراهيم من ذلك فسار تُتُش ومعه أقسنقر وجموع التُّرك، وخرج إبراهيم للقائه في ثلاثين ألفاً. والتقى الفريقان بالمغيم فانهزم إبراهيم، وقُتِل وغنم التُّرك حللهم، وقتل كثير من نساء العرب أنفسهن خوفاً من الفضيحة واستولى تُتُش على الموصل.

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391