حياة الإمام الرضا (عليه السلام) الجزء ٢

حياة الإمام الرضا (عليه السلام)15%

حياة الإمام الرضا (عليه السلام) مؤلف:
الناشر: انتشارات سعيد بن جبير
تصنيف: الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام
الصفحات: 375

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 375 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 200667 / تحميل: 8164
الحجم الحجم الحجم
حياة الإمام الرضا (عليه السلام)

حياة الإمام الرضا (عليه السلام) الجزء ٢

مؤلف:
الناشر: انتشارات سعيد بن جبير
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

٤- وفي ترجمة: إبراهيم بن عبد العزيز، وأنّه مِن أصحاب الإمام الصادقعليه‌السلام ، والراوين عنه.

قال ابن حجر: روى عن أبيه وجعفر الصادق، ذكره عليّ بن الحَكم في رجال الشيعة. لسان الميزان ج١ ص٧٨ رقم ٢١٤.

٥- وفي ترجمة: إبراهيم بن عيسى الخزّاز الكوفي.

قال ابن حجر: ذكره عليّ بن الحَكم وغيره في رجال الشيعة، وقال روى عن الصادق والكاظم. روى عنه الحسن بن محبوب وغيره. لسان الميزان ج ١ ص ٨٨ رقم ٢٥١.

وكيف ما كان، فيظهر أنّ الكتاب موجود عند الذهبي، أو عند ابن حجر الذي لخّص الميزان.

١٨ - عليّ بن مهزيار: القرن الثالث(١) .

قال النجاشي ( ٦٦٢ ): علي بن مهزيار الأهوازي. أبو الحسن، دروقي الأصل، مولى. كان أبوه نصرانيّاً فأسلم.

وقد قيل: إنّ علياً أيضاً أسلم وهو صغير، ومَنّ الله عليه بمعرفة هذا الأمر، وتَفقّه.

وروى عن الرضا وأبي جعفرعليهما‌السلام ، واختصّ بأبي جعفر ( ع )، وتوكّل له، وعظُم محلّه منه، وكذلك أبو الحسن الثالث ( ع )، وتوكّل لهم في

____________________

(١) اُنظر: رجال النجاشي ج٢ ص٧٤ رقم ( ٦٦٢ )، فهرست كُتُب الشيعة وأُصولهم ص٢٦٥ رقم ٣٧٩، رجال الطوسي ص٣٨١ و٤٠٣ و٤١٧.

٤١

بعض النواحي، وخرجت إلى الشيعة فيه توقيعات بكلّ خير.

وكان ثقة في روايته، لا يُطعن عليه، صحيحاً اعتقاده(١) .

وقال الطوسي ( ٣٧٩ ): جليل القدر، واسع الرواية، ثقة. له ثلاثة وثلاثون كِتاباً، مثل كتاب الحسين بن سعيد، وزيادة(٢) .

وذكره في أصحاب الإمام الرضا ( ع )، فقال: علي بن مهزيار، أهوازي، ثقة صحيح(٣) ، وفي أص-حاب الإمام الجواد ( ع )(٤) ، وفي أصحاب الإمام الهادي ( ع )، فقال: علي بن مهزيار، أهوازي، ثقة(٥) .

وله مِن كُتُب الرجال:

١ - كتاب المثالب.

٢ - كتاب الأنبياء.

٣ - رسائل عليّ بن أسباط.

٤ - وفاة أبي ذر.

٥ - حديث بدء إسلام سلمان.

١٩ - محمّد العمّي.

قال النجاشي ( ٩٠٢ ): محمّد بن جمهور أبو عبد الله العمّي، ضعيف

____________________

(١) رجال النجاشي ج٢ ص٧٤.

(٢) فهرست كُتُب الشيعة وأُصولهم ص٢٦٥.

(٣) رجال الطوسي ص٣٨١.

(٤) رجال الطوسي ص٤٠٣.

(٥) رجال الطوسي ص٤١٧.

٤٢

في الحديث، فاسد المذهب، وقيل فيه أشياء الله أعلم بها مِن عِظمها. روى عن الرضا ( ع )(١) .

وقال الطوسي ( ٦٢٧ ): محمّد بن الحسن بن جمهور العمّي البصري له كُتُب منها:

١ - كتاب صاحب الزمان.

٢ - كتاب وقت خروج القائم ( ع ). ذكرهما الطوسي.

٢٠ - يحيى العلوي العقيقي: وُلد ٢١٤، تُوفّي ٢٧٧ ه-(٢) .

هو: يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبيد الله بن الحسين بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام ، أبو الحسين.

مشايخه وتلامذته:

روى يحيى بن الحسن عن الإمام الرضا ( ع )، وعن مشايخ كثيرة ذُكر منهم السمهودي أكثر مِن ثمانين شيخاً، ومنهم: ابن زبالة.

وروى عنه عدد كبير مِن المُحدِّثين، وأهل النَسب والسِيَر منهم: حفيده الحسن بن محمّد بن يحيى بن الحسن، ومنهم أبو أسحاق إبراهيم بن إسحاق بن

____________________

(١) رجال النجاشي ج٢ ص٢٢٥ رقم ٩٠٢.

(٢) اُنظر ترجمته في: رجال النجاشي ج٢ رقم ( ١١٩٠ )، فهرست كُتُب الشيعة للطوسي رقم ( ٨٠٢ و٨٠٣ و٨٠٤)، مجلّة المَجمع العِلمي العراقي ج١١، كما عن مقدّمة المناسك للحربي ص١٦٢، الذريعة ج١ ص٣٤٩ و ج٢ ص٣٧٨، الأعلام للزركلي ج٨ ص١٤٠.

٤٣

إبراهيم الحربي صاحب كتاب ( المناسك ) الذي روى عنه كثيراً في كتابه المناسك.

قال النجاشي ( ١١٩٠ ): العالم الفاضل الصدوق، روى عن الرضاعليه‌السلام صنف كُتُباً، منها: كتاب نَسب آل أبي طالب، كتاب المسجد(١) .

الشيخ الطوسي في الفهرست ترجم ثلاثة أشخاص بعنوان يحيى بن الحسن وهم:

١ - تحت رقم ( ٨٠٣ ): يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبيد الله بن الحسين بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام ، له كتاب المناسك. عن عليّ بن الحسينعليهما‌السلام .

٢ - تحت رقم ( ٨٠٢ ): يحيى بن الحسن العلوي، له كتاب المسجد، تأليفه.

٣ - تحت رقم ( ٨٠٤ ): يحيى بن الحسن، له كتاب نَسب آل أبي طالب.

وممّا تقدّم عن النجاشي أن هؤلاء الثلاثة هُم رجل واحد. وذلك فإنّ كتاب نَسب آل أبي طالب، والمسجد ذكرهما النجاشي ليحيى بن الحسن بن جعفر بن عبيد الله … ولا يَضرّ كون كتاب المناسك له أيضاً بعدَ أن سَرد اسمه كما سرد اسمه النجاشي.

ويُحتمل أن يكون صاحب كتاب المسجد الذي ذكره الطوسي، وذكر سَنَده إليه، قال أخبرنا جماعة عن التلعكبري عنه. فلعلّ هذا غير المُترجَم.

فإنّ التلعكبري: هارون بن موسى التلعكبري تُوفّي ٣٨٥ه- فيُستبعد أن يروي عن المُترجَم المُتوفّى ٢٧٧ه-.

____________________

(١) رجال النجاشي ج٢ ص٤١٢ رقم ١١٩٠.

٤٤

ثقافته:

يحيى بن الحسن العلوي ذو ثقافة عالية وواسعة في مُختلف الميادين، يدلّ على ذلك مؤلّفاته في الفِقه، والنَسب، والسيرة، والتاريخ، وعدد مشايخه الذين بلغوا بالعشرات، وقد أخذ عنهم ومِن مُختلف الطبقات.

مؤلّفاته:

١ - المناسك.

٢ - المسجد.

٣ - نَسب آل أبي طالب.

٤ - أخبار المدينة.

كتابه في الرجال:

كتابنَسب آل أبي طالب . الذي ذكره النجاشي والطوسي. وهو أوّل كتاب في نَسب آل أبي طالب.

قال ابن عنبه في عُمدة الطالب عنه:

يحيى النسّابة ابن الحسن بن جعفر الحجّة بن عبيد الله الأعرج بن الحسين الأصغر بن علي زين العابدينعليهم‌السلام . ويُقال إنّه أوّل مَن جمعَ كتاباً في نَسب آل أبي طالب(١) .

ويحيى هذا هو جدّ أُمراء المدينة، الّذين كانوا يحكمونها في زمن السمهودي المُتوفّى ٩١١ه-، وهو مِن الشيوخ المؤلِّفين، له مِن الكُتُب غير

____________________

(١) عُمدة الطالب ص٣٣١. اُنظر هامش رجال النجاشي ج٢ ص٤١٢.

٤٥

المُتقدّمة كتاب حول المدينة بعنوان: أخبار المدينة.

كتابه في أخبار المدينة:

مِن أوائل الكُتب التي أُلّفت في تاريخ المدينة المُنوّرة - كما تقدّم عن السمهودي - وهو مِن الكُتب المُهمّة جدّاً التي تحدّثت عن تاريخ المدينة بشكل مُفصَّل.

فقد بحث في هجرة الرسول ونزوله قباء، ثمّ استقرار مقامه في بني النجّار، والمِربد، وبناء المسجد، وتحويل القبلة، والمنبر، ومُعتكَف الرسول، وبيوت زوجات النبي، وأبواب المسجد وتوسعته، والدور التي حوله، وزيادة الخُلفاء وخاصّة الوليد، والمؤذِّنين، والحرَس، ومواضع قبر الرسول والخُلفاء، وتجمير المسجد والبلاليع والأبواب والمُصلّى، وقباء، وبعض مساجد المدينة التي صلّى فيه(١) .

وهذا الكتاب قد اعتمده تلميذه أبو إسحاق الحربي المُتوفّى ٢٨٥ ه-، واستفاد منه كثيراً، ونقل عنه في مواضع عديدة مِن كتابه ( المناسك )(٢) .

وكذلك نقل عنه المراغي المُتوفّى ٨١٦ ه- في كتابه ( تحقيق النصرة بتلخيص معالِم دار الهجرة) في مواضع عدّة.

وأكثر مَن نقل عنه السمهودي في كتابه وفاء الوفاء بأخبار دار المُصطفى فقد بَلغت ٢١٠ مِن المواضع.

____________________

(١) مُقدّمة المناسك للحربي ص ١٦٣ عن مقال الدكتور صالح العلي مجلّة المَجمع العِلمي العراقي.

(٢) اُنظر: المناسك للحربي ص ٣٥٩ و٣٦٣ و٣٦٥ و ٣٦٦ و٣٦٧-٣٦٩ و ٣٧١ و٣٧٢ و٣٧٨ و٣٧٩ و٣٨١ و٣٨٣-٣٨٧ و٣٨٩-٣٩٥ و٣٩٧ و٤٠٣ و٤٠٤ و٤٢٥. طبع دار اليمامة بتحقيق حمد الجاسر.

٤٦

ذكره السمهودي له بهذا العنوان في كتابه وفاء الوفاء(١) .

وقد اطّلع السمهودي على عدّة نسخ مِن هذا الكتاب:

١ - النسخة التي رواها ابن المؤلِّف طاهر بن يحيى العلوي عن المدائني(٢) .

٢ - النسخة التي رواها ابن المؤلّف طاهر بن يحيى العلوي عن أبيه مُباشرة(٣) .

٣ - النسخة التي رواها حفيده الحسن بن محمّد بن يحيى(٤) .

٤ - النسخة التي رواها ابن فارس عن ابن المؤلِّف طاهر بن يحيى عن أبيه يحيى(٥) .

أقدم مَن أرّخ للمدينة:

يقول السمهودي حول أقدم مَن أرّخ للمدينة: وابن زبالة ويحيى عُمدة في ذلك، فإنّهما أقدم مَن أرّخ للمدينة؛ لأنّ ابن زبالة هو محمّد بن الحسن، أحد أصحاب الإمام مالك بن أنس، ويؤخذ مِن كلامه أنّه وضع كتابه في صَفَر سَنَة تسع وتسعين ومائة، وأمّا يحيى فهو مِن أصحاب أصحابه، وكانت وفاته سَنة سبع وسبعين ومائتين عن ثلاث وستّين سَنَة(٦) .

وقال السمهودي أيضاً: وابن زبالة وإن كان ضعيفاً، ولكن اعتضد بموافقة يحيى له، وروايته لكلامه مِن غير تعقيب(٧) .

____________________

(١) وفاء الوفاء ج١ ص٢٤٤ طبع دار الكُتب العِلمية بتحقيق محمّد محيّ الدين، وفي غيره كما عن هامش المناسك للحربي ج١ ص١٧٤ و٢٠٣ وج٢ ص ١٧ و ٤٠١.

(٢) وفاء الوفاء ج٢ ص٥٠٨.

(٣) وفاء الوفاء ج١ ص٦٨ و٢٤٤ وج٢ ص٢٩٤ و٥٥٤.

(٤) وفاء الوفاء ج١ ص٢٤٥ وج٢ ص٢٩٤.

(٥) وفاء الوفاء ج٢ ص٥٥٥.

(٦) وفاء الوفاء ج١ ص٣٥٢.

(٧) وفاء الوفاء ج١ ص٢٥٢ بواسطة مُقدّمة مناسك الحربي.

٤٧

ومع الأسف إن الكتاب مفقود، ولا يوجد إلاّ ما نُقل عنه فقط.

ولادته ووفاته:

وُلد بالمدينة المُنوّرة سَنة ٢١٤ه-، وبها نشأ، وكَتَب عنها (أخبار المدينة).

تُوفّي في سَنة ٢٧٧ه- عن ٦٣ سَنة، كما عن وفاء الوفاء، ودُفن في مكّة المُكرّمة كما عن أعيان الشيعة.

٢١ - عيسى بن مِهْراَن: القرن الثالث(١) .

هو عيسى بن مهران المستعطف، أبو موسى، وكان يسكن ببغداد. وث-قه محمّد بن جرير الطبري العامّي(٢) . ويظهر أنّه عاش في النصف الثاني مِن المائة الثالثة، حيث روى عنه أبو علي محمّد بن هارون التلعكبري المُتوفّى ٣٣٦ه- بواسطة واحدة.

له مِن الكُتب في علم الرجال:

( كتاب المُحدّثين ) كما ذكره النجاشي، والطوسي، وابن النديم.

____________________

(١) اُنظر ترجمته في رجال النجاشي رقم (٨٠٥)، الفهرست للطوسي رقم (٥٢٠)، الذريعة ج١ ص ١٣٩، مصفى المقال ص ٣٤٥، لسان الميزان ج ٤ ص ٤٠٦ رقم ١٣٤٢، الفهرست لابن النديم ص٣٧٠، رجال الطوسي ص٤٨٧ رقم ( ٦٤ ) مِن حرف العين، فيمن لم يروِ عنهم، قاموس الرجال ج٨ ص٣٣٥ رقم ٥٨٢٨، تاريخ بغداد ج١١ ص١٦٧ رقم ٥٨٦٦، الكامل لابن عدي ج٦ ص٤٥٧ رقم ( ١٤٠٥ ).

ومهران: قيل بكسر الميم وقيل بفتحها.

(٢) لسان الميزان ج٤ ص٤٠٦ رقم ١٣٤٢.

٤٨

٢٢ - إبراهيم بن محمّد الثقفي: المُتوفّى ٢٨٣ه-(١) .

إبراهيم بن محمّد بن سعيد بن هلال … الثقفي أبو إسحاق، أصله كوفيّ وانتقل إلى أصفهان.

قال النجاشي ( ١٨ ): كان زيديّاً أوّلاً، ثم انتقل إلينا.

ويُقال: إنّ جماعة مِن القُميّين - كأحمد بن محمّد بن خالد - وفدوا إليه، وسألوه الانتقال إلى قُم فأبى.

وكان سَبب خروجه مِن الكوفة أنّه عَمل كتاب المعرفة وفيه المناقب والمثالب، فاستعضمه الكوفّيون، وأشاروا إليه بأن يتركه ولا يُخرجه، فقال: أيّ البلاد أبعد مِن الشيعة فقالوا: أصفهان، فحَلف أن لا أروي هذا الكتاب إلاّ بها؛ فانتقل إليها، ورواه بها، ثقة منه بصحّة ما رواه فيه(٢) .

ووث-قه ابن النديم بقوله: مِن الث-قات العُلماء المصنّفين(٣) .

له كُتُب كثيرة في مُختلف المواضيع قرابة خمسين كتاباً ذكرها النجاشي والطوسي.

كُتُبه في عِلم الرجال:

وله في عِلم الرجال خاصّة كُتُب عديدة منها:

١- أخبار المُختار.

٢- كِتاب الرِدّة.

____________________

(١) اُنظر ترجمته: رجال النجاشي (١٨) ، الفهرست للطوسي (٣١) ، مصفى المقال ص٨، الذريعة ج١٠ ص٨٢، لسان الميزان ج١ ص١٠٢، قاموس الرجال ج١ ص٢٧٥-٢٨٠ رقم ( ١٨٧ )، الفهرست لابن النديم ص٣٧٢.

(٢) رجال النجاشي ج١ ص٩٠.

(٣) الفهرست لابن النديم ص ٣٧٢.

٤٩

٣- كِتاب مقتل عثمان.

٤- أخبار عمر.

٥- أخبار يزيد.

٦- أخبار ابن الزبير.

٧- أخبار زيد.

٨- كِتاب التوّابين.

٩- أخبار محمّد، وإبراهيم ابني عبد الله.

١٠- كِتاب فضل الكوفة، ومَن نزلها مِن الصحابة.

١١- كِتاب مَن قُتِل مِن آل أبي طالبعليه‌السلام ( آل محمّدعليهم‌السلام ).

١٢ - مقتل أمير المؤمنينعليه‌السلام .

١٣ - قيام الحسن بن عليعليهما‌السلام .

١٤ - مقتل الحسينعليه‌السلام .

توفّي سَنة ٢٨٣ ه-.

٢٣- أحمد العلوي العقيقي: المُتوفّى ٢٨٢ه-(١) .

هو أحمد بن علي بن محمّد بن جعفر بن عبد الله بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، العلوي العقيقي كان مُقيماً بمكّة.

وهو يروي عن أبيه عن إبراهيم بن هاشم القُمّي، ويروي عنه ابنه أبو الحسن عليّ بن أحمد العقيقي صاحب الرجال المشهور.

____________________

(١) اُنظر ترجمته: رجال النجاشي رقم (١٩٤)، الفهرست للطوسي رقم (٧٣) ، مصفى المقال ص ٥٧، الذريعة ج٣ ص٢٥٣، قاموس الرجال ج١ ص٥٣٧ رقم ( ٤٥٨ ).

٥٠

له في علم الرجال:

كِتاب ( تاريخ الرجال )، كما في رجال النجاشي والفهرست للطوسي.

٢٤- عبد الرحمان المروزي البغدادي: المُتوفّى ٢٨٣ه-(١) .

هو عبد الرحمان بن يوسف بن سعيد خراش المروزي البغدادي، الحافظ.

مدحه والثناء عليه:

قال ابن عدي، سمعت عبدان يقول: قلت لابن خراش حديث ( لا نُورِّث ما تركنا صدقة ).

قال: باطل.

قلت: مَن تتّهم في هذا الإسناد: رواه الزُهري، وأبو الزبير وعِكرمة بن خالد، عن مالك بن أنس بن الحدثان، أتَتَّهِم هؤلاء ؟

قال: لا، إنّما أتّهم مالك بن أوس.

وقال ابن عدي: سمعت عبدان يقول: وحمل ابن خراش إلى بندار جُزأين صنّفهما في مثالب الشيخين؛ فجازاه بألفي درهم …

وقال ابن عدي: وسمعت أحمد بن محمّد بن سعيد المعروف ب- ( ابن عقدة ) يقول: كان ابن خراش في ( الكوفة ) إذا كُتِب شيئاً مِن باب التشيُّع يقول لي: هذا لا يُنفق إلاّ عندي وعندك يا أبا العبّاس.

وقال ابن عدي: وسمعت عبد الملك بن محمّد أبا نعيم يُثني على ابن خراش هذا، وقال: ما رأيت أحفظ مِنه لا يذكر شيء مِن الشيوخ والأبواب إلاّ مرَّ فيه.

____________________

(١) اُنظر ترجمته: مصفى المقال ص٢٢٥، الذريعة ج١٠ ص٨٤، لسان الميزان ج٣ ص٤٤٤، تاريخ بغداد ج١٠ ص٢٧٨ رقم ٥٣٩٨، الكامل لابن عدي ج٥ ص٥١٨ رقم الترجمة ١١٥٥، قاموس الرجال ج٦ ص١٤٨ رقم الترجمة ٤٠٨٤، الميزان للذهبي ج٤ ص٣٢٩ رقم ٥٠١٤.

٥١

وقال ابن عدي: وابن خراش هذا هو أحد مَن يُذكر بحفظ الحديث مِن حُفّاظ العراق، وكان له مَجلسُ مذاكرة لنفسه على حدة، وإنّما ذكر عنه شيء مِن التشيّع كما ذكره عبدان، فأمّا الحديث فأرجو أنّه لا يتعمّد الكذب(١) .

وقال الخطيب: كان أحد الرحّالين في الحديث إلى الأمصار بالعراق، والشام، ومصر، وخُراسان، وممَّن يُوصَف بالحفظ والمعرفة، روى عنه العبّاس بن عقدة(٢) .

وقال أبو زرعة محمّد بن يوسف الجُرْجَاني: كان خرّج مثالب الشيخين وكان رافضيّاً، وعن ابن المُنادى أن ابن خراش كان مِن المعدودين المذكورين بالحفظ والفَهم بالحديث والرجال(٣) .

وقال الذهبي: فإنّه كان حافظ زمانه، وله الرحلة الواسعة، والإطلاع الكثير والإحاطة(٤) .

ومع ذلك تحامل عليه، وعلى مذهب التشيُّع لأنّه كان يتشيَّع.

وأنت سمعت، فقد مدحه بعض عُلماء العامّة، كما قد ذمّه آخرون؛ لأنّه ألّف في المثالب، وأنكر حديث ( لا نورِّث ما تركناه صدقة )، ورموه بالتشيُّع والرفض، وهو أحد مشايخ ابن عُقدة.

له في عَلم الرجال:

( كِتاب الجرح والتعديل )

تُوفّي في خمس شهر رمضان ٢٨٣ه-.

____________________

(١) الكامل لابن عدي ج٥ ص٥١٩.

(٢) تاريخ الخطيب ج١٠ ص٣٧٩.

(٣) تاريخ بغداد ج١٠ ص٢٨٠.

(٤) الميزان للذهبي ج٤ ص٣٣٠.

٥٢

٢٥ - عليّ بن الحسن بن فضّال: ولد ٢٠٦ ه - وتُوفّي ٢٩٠ه-(١) .

هو عليّ بن الحسن بن عليّ بن فضّال بن عمر بن أيمن ...أبو الحسن.

ذكره الطوسي في أصحاب الإمامين الهُمامين الإمام الهادي والإمام العسكريعليهما‌السلام .

وقال النجاشي ( ٦٧٤ ): كان فقيه أصحابنا بالكوفة، ووجههم، وثقتهم، وعارفهم بالحديث، والمسموع قوله فيه، سُمِع منه شيئاً كثيراً، ولم يُعثَر له على زَلّة فيه ولا ما يشينه، وقلّ ما روى عن ضعيف، وكان فطحيّاً، ولم يروِ عن أبيه شيئاً، وقال: كنت أُقابِلُهُ وسنّي ثمان عشرة سَنة، ولا أفهم إذ ذاك الروايات، ولا أستحلُّ أن أرويها عنه.

وروى عن أخَوَيه، عن أبيهما(٢) .

وقد وثذقه الطوسي بقوله: فطحيَّ المذهب، ثقة كوفيّ، كثير العِلم، واسع الأخبار، جيد التصانيف، غير مُعاند، وكان قريب الأمر إلى أصحابنا الإماميّة القائلين بالإثني عشر(٣) .

وقد وث-قه الكشّي قال: سألت أبا النضر محمّد بن مسعود عن جماعة هو منهم، فقال: أمّا عليّ بن الحسن بن فضّال، فما لقيت بالعراق وناحية خُراسان أفقه، ولا أفضل مِن عليّ بن الحسن بالكوفة، ولم يكن كَتَب عن الأئمة -عليهم‌السلام - في كل صِنف إلاّ وقد كان عِنده، وكان أحفظ الناس، غير أنّه كان

____________________

(١) اُنظر ترجمته: رجال النجاشي رقم ( ٦٧٤ )، الفهرست للطوسي ( ٣٩٣ )، رجال الطوسي ص٤١٩ و٤٣٣، مصفى المقال ص٢٧٤، الذريعة ج١٠ ص٩٠، قاموس الرجال ج٧ ص٤١٣ رقم ٥٠٩٢.

(٢) رجال النجاشي ج٢ ص٨٣.

(٣) فهرست كُتُب الشيعة ص ٢٧٢ رقم ( ٣٩٢ ).

٥٣

فطحيّاً يقول بعبد الله بن جعفر، ثم بأبي الحسن موسىعليه‌السلام ، وكان مِن الث-قات(١) .

وله كُتُب كثيرة منها في الرجال:

١ - (كِتاب الرجال). ذكره النجاشي والطوسي في الفهرست.

٢ - الأصفياء.

٣ - المثالب.

٢٦ - أبان البَجَلي: القرن الثالث(٢) .

أبان بن محمّد البجلي، وهو المعروف بسندي البزّاز، أبو بشر، وهو ابن أخت صفوان بن يحيى. كان ثقة، وجهاً في أصحابنا الكوفيّين.

وصفوان بن يحيى تُوفّي٢١٠ه-.

والمُترجَم ذكره الشيخ الطوسي في أصحاب الإمام الهاديعليه‌السلام الذي تُوفّي ٢٥٤ه-.

وقد روى عن خاله صفوان بن يحيى وغيره.

وروى عنه: أحمد بن محمّد بن خالد البرقي المُتوفّى٢٧٤ أو ٢٨٠ه-، وعليّ بن الحسن بن عليّ بن فضّال المُتوفّى حدود (٢٩٠ه-)، ومحمّد بن الحسن الصفّار المُتوفّى ٢٩٠ه-.

____________________

(١) قاموس الرجال ج٧ ص٤١٤ عن الكشّي.

(٢) اُنظر ترجمته: رجال النجاشي برقم ( ١٠ و ٤٩٥ )، والفهرست للطوسي برقم (٣٤٣)، ورجال الطوسي في أصحاب الإمام الهادي ص٤١٦، مُعجَم رجال الحديث ج١ ص١٧١ و ج٨ ص٣١٧، مصفى المقال ص٥، الذريعة ج١٠ ص٨٢، قاموس الرجال ج١ ص١٢٣ رقم الترجمة ٢٩.

٥٤

قال النجاشي ( ٤٩٥ ): وهو ابن أُخت صفوان بن يحيى، كان ثقة، وجهاً في أصحابنا الكوفييّن.

وله كِتاب في عِلم الرجال:

( النوادر عن الرجال ). ذكره النجاشي.

٢٧ - محمّد بن عيسى اليقطيني: القرن الثالث(١) .

قال النجاشي ( ٨٩٧ ): محمّد بن عيسى بن عُبيد بن يقطين بن موسى، مولى أسد بن خزيمة، أبو جعفر.

جليل في أصحابنا ثقة، عين، كثير الرواية، حَسِن التصنيف، روى عن أبي جعفر الثانيعليه‌السلام مُكاتبة ومُشافهة.

ثم عدّد كُتُبه إلى أن ذكر له: كِتاب (الرجال)، وذكر سَنَده إليه.

وذكره الطوسي في أصحاب الرضا والهادي والعسكريعليهم‌السلام مِن رجاله وضعَّفه، وكذلك ذكره في فهرست كُتُب الشيعة ( ٦١٢) وضعَّفه لحُسن ظنّه بابن بأبويه القُمّي، والقُمّي تبعاً لشيخه محمّد بن الحسن بن الوليد. فأصل التضعيف يرجع لابن الوليد، حيث استثناه مِن كِتاب نوادر الحكمة.

إلاّ أنّ الأكثريّة ممَّن تقدّم على ابن الوليد أو تأخّر عنه، مثل الفضل بن شاذان، وجعفر بن معروف، والكشّي، وابن نوح، والنجاشي فكُلّهم مُجمعون على جلالة قدره.

____________________

(١) اُنظر ترجمته: رجال النجاشي برقم ( ٨٩٧ )، الفهرست للطوسي ( ٦١٢ )، رجال الطوسي ص٣٩٣ في أصحاب الرضا رقم ( ٧٦ ) وص٤٢٢ في أصحاب الهادي رقم ( ١٠ ) وص٤٣٥ في أصحاب العسكري رقم ( ٣٠ ) وص٥١١ في مَن لم يروِ عن الأئمّة رقم ( ١١١ )، قاموس الرجال ج٩ ص٤٩٩ رقم ( ٧١٤٥ ) مُعجَم رجال الحديث ج١٧ ص١١٠ - ١٢٠، مصفى المقال ص٤٢١.

٥٥

قال المُحقِّق التستري: وأمّا تحقيق حاله، فأوّل مَن ضعَّفه ابن الوليد، وتبعه ابن بأبويه لحُسن ظنّه به كما يُفهَم مِن كلام ابن نوح، ومِن قول نفسه في صوم فقيهه بأنّ كلّ خَبَر لم يُصحّحه شيخه ابن الوليد ليس عنده بصحيح، وتبع ابن بأبويه الشيخ لحُسن ظنّه به، كما يُفهم مِن تعبير فهرسته المُتقدّم، وحينئذ فكأن المضعِّف منحصر بابن الوليد، ولا يدرى ما رابه فيه - كما قال ابن نوح - بعد كونه على ظاهر العدالة ؟

ولعلّه رابه روايته القدح العظيم في زُرارة، ومحمّد بن مُسلم، ومؤمن الطاق، وأبي بصير، وبريد العجلي، وإسماعيل الجعفي وهُم أجلاّء، وكذلك في المُفضل أو روايته عن يونس، عن الرضاعليه‌السلام جواز الاغتسال والوضوء بماء الورد.

رواه الكافي في ١٢ مِن أخبار باب نوادر طهارته(١) .

وأمّا مَن تقدّم على ابن الوليد، أو مَن عاصره أو مَن تأخّر عنه - غير تابعيه مِن الفضل بن شاذان، وبورق الورع، والقتيبي، وجعفر بن معروف، والكشّي، وابن نوح، والنجاشي - مُجمعون على جلالته، ويكفي في فَضله ثناء مثل الفضل عليه، كما قاله النجاشي(٢) .

إلاّ أنّ المُعتَمد هو قول النجاشي في توثيقه؛ لأنّ سند التض-عيف هو استثناؤه مِن كِتاب ( نوادر الحكمة ).

وقال النجاشي حول ذلك: ورأيت أصحابنا يُنكرون هذا القول، ويقولون: مَن مثل أبي جعفر محمّد بن عيسى سكن بغداد؟!(٣) .

____________________

(١) الكافي ج٣ ص٧٣.

(٢) اُنظر ذلك في قاموس الرجال ج٩ ص٥٠٣.

(٣) رجال النجاشي ج ٢ ص ٢١٩.

٥٦

وقال القتيبي - محمّد بن عليّ بن قتيبة -: كان الفضل ابن شاذانرحمه‌الله يُحب العبيدي، ويُثني عليه، ويمدحه ويميل إليه، ويقول: ليس في أقرانه مِثله، وبحسبك هذا الثناء مِن الفضلرحمه‌الله (١) .

والمُترجَم روى عن أخيه جعفر بن عيسى، والحسن بن عليّ بن يقطين، وصفوان بن يحيى، وعلي بن مهزيار، ومحمّد بن أبي عُمير وغيرهم.

وروى عنه: أحمد بن محمّد بن خالد البرقي، وعبد الله بن جعفر الحميري، وعلي بن إبراهيم بن هاشم، ومحمّد بن الحسن الصفّار وغيرهم.

٢٨ - محمّد بن عمر الواقدي: المولود ١٣٠ه-، والمُتوفّى ٢٠٧ه-(٢)

محمّد بن عمر الواقدي المَدني البغدادي مولى بني هاشم، وقيل مولى بني سهم بن أسلم المؤرّخ المشهور صاحب ( المغازي ) المُنتشر.

تشيعه:

قال ابن النديم في الفهرست: وكان يتشيَّع، حسن المَذهب، يُلزم التقيَّة. وهو الذي روى أنّ عليّاًعليه‌السلام كان مِن مُعجزات النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وسلم كالعصا لموسىعليه‌السلام ، و إحياء الموتى لعيسى بن مريمعليه‌السلام . وذكر تاريخ ولادته ووفاته.

____________________

(١) رجال النجاشي ج٢ ص٢١٩.

(٢) اُنظر ترجمته: الفهرست لابن النديم، أعيان الشيعة ج١٠ ص٣٠-٣٣، مصفى المقال ص٤٢١، تهذيب الكمال ج٢٦ ص١٨٠ رقم ٥٥٠١ وهي ترجمة مُفصّلة، مُعجَم رجال الحديث ج١٧ ص٧٢ وج١ ص٢٧٤، قاموس الرجال ج٩ ص٤٩٢ رقم ( ٧١٢٨ ).

٥٧

كُتبه في الرجال:

١ - كِتاب الطبقات.

٢ - تاريخ الفقهاء.

أقول: تَشيّعه مُحتمل؛ لأنّ أكثر العامّة الّذين ترجموه لم يَنسبوه إلى التشيُّع أو الرفض.

٢٩ - إبراهيم النهاوندي: تُوفّي بعد ٢٦٩ه-.

هو إبراهيم بن إسحاق، أبو إسحاق الأحمري النهاوندي.

قال النجاشي ( ٢٠ ): كان ضعيفاً في حديثه، منهوماً.

وقال الطوسي ( ٩ ): كان ضعيفاً في حديثه، متَّهماً في دينه.

له كُتُب منها في الرجال:

١ - كِتاب مقتل الحسين بن عليعليهما‌السلام . ذكره النجاشي والطوسي.

٢ - كِتاب نفي أبي ذر عليه الرحمة. ذكره النجاشي.

٣٠ - سعد بن عبد الله الأشعري القُمّي: المُتوفّى سَنة ( ٢٩٩ أو ٣٠٠ أو ٣٠١ ه-)(١) .

قال النجاشي ( ٤٦٥ ): سعد بن عبد الله بن أبي خلف الأشعري

____________________

(١) اُنظر ترجمته: رجال النجاشي برقم ( ٤٦٥ ) ورقم ( ١٠٧٢ و ١١٧١ )، فهرست كُتُب الشيعة وأُصولهم للطوسي (٣١٦)، رجال الطوسي ص٤٧٥ في مَن لم يروِ عن الأئمّة رقم ( ٦ )، مُعجَم رجال الحديث ج٨ ص٧٤، مصفى المقال ص١٨٦، قاموس الرجال ج٥ ص٥٦ رقم الترجمة ٣١٧٦.

٥٨

القُمّي، أبو القاسم. شيخ هذه الطائفة وفقيهها ووجهها - إلى أن قال - ولقي مولانا أبا محمّدعليه‌السلام - يعني الإمام العسكريعليه‌السلام -، ثم ذكر كُتُبه ووفاته فقال: تُوفّي سعدرحمه‌الله ٣٠١ه-، وقيل سَنة ٢٩٩ه-.

وقال الطوسي في الفهرست ( ٣١٦ ): جليل القدر، واسع الأخبار، كثير التصانيف، ثقة. ثم ذكر كُتُبه.

وقال في رجاله في مَن لم يروِ عن الأئمّةعليهم‌السلام : جليل القدر، صاحب تصانيف ذكرناها في الفهرست، روى عنه ابن الوليد وغيره، روى ابن قولويه عن أبيه عنه(١) .

وله في عِلم الرجال:

١ - طبقات الشيعة. ذكره النجاشي في ترجمة محمّد بن يحيى المعيني برقم (١٠٧٢) وفي ترجمة هيثم بن عبد الله برقم (١١٧١).

٢ - فِرَق الشيعة.

٣ - كِتاب فضل أبي طالب وعبد المطلب وأبي النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

٤ - كِتاب فضل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٥ - مناقب رواة الحديث.

٦ - مثالب رواة الحديث. ذكرها النجاشي والطوسي.

٧ - كِتاب فهرست كِتاب ما رواه ( سعد بن عبد الله ). ذكره الطوسي في الفهرست (٣١٦).

____________________

(١) رجال الطوسي ص٤٧٥.

٥٩

القَرنُ الرابع

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

كافراً؟...).

(لا...).

(أرأيت لو قال: ما أدري هذه السورة قرآناً أم لا، أكان عندك كافراً؟...).

(بلى...).

(يا إسحاق خبرني عن حديث الطائر المشوي أصحيح عندك؟).

(بلى...).

(بان والله عنادك، لا يخلو هذا من أن يكون كما دعاه النبي أو يكون مردوداً، أو عرف الله الفاضل من خلقه، وكان المفضول أحب إليه، أو تزعم أن الله لم يعرف الفاضل من المفضول، فأيّ الثلاث أحب إليك؟...).

وحار إسحاق ولم يهتد إلى الجواب، وبقي يتأمّل فوجد مسلكاً يدافع يه عن فكرته، فقال: (يا أمير المؤمنين إنّ الله تعالى يقول في أبي بكر:( ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ) (١) فنسبه الله إلى صحبة نبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله ).

وسارع المأمون في الرد عليه قائلاً: (سبحان الله!! ما أقل علمك باللغة والكتاب، أما يكون الكافر صاحباً للمؤمن، فأيّ فضيلة في هذا؟ أما سمعت قول الله تعالى:( قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً ) (٢) ، فقد جعله له صاحباً، وقال الهزلي شعراً:

ولقد غدوت وصاحبي وحشية

تحت الرداء بصيرة بالمشرق

وقال الأزدي:

ولقد دعوت الوحش فيه وصاحبي

محض القوادم من هجانٍ هيكل

فصيّر فرسه صاحبه، وأمّا قوله:( إنّ الله معنا ) فإنّ الله تبارك وتعالى مع البر والفاجر، أما سمعت قوله تعالى:( مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا

____________________

(١) سورة التوبة: آية ٤٠.

(٢) سورة الكهف: آية ٣٤.

٢٤١

خَمْسَةٍ إِلاّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلاّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ) (١) .

وأمّا قوله:( لا تحزن ) فأخبرني عن حزن أبي بكر كان طاعة أو معصية، فإن زعمت أنّه طاعة فقد جعلت النبي (ص) ينهى عن الطاعة، وهو خلاف صفة الحكيم، وإن زعمت أنّه معصية فأيّ فضيلة للعاصي؟ وأخبرني عن قوله تعالى:( فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ ) على مَن؟.

وانبرى إسحاق فقال: (نزلت - أي السكينة - على أبي بكر؛ لأنّ النبي (ص) منزّه عن صفة السكينة.

فأجابه المأمون:

(اخبرني عن قوله تعالى:( وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ * ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ ) (٢).

أتدري مَن المؤمنون الذين أرادهم الله في هذا الموضع؟).

(لا...).

وأخذ المأمون يشرح لإسحاق معنى الآية الكريمة قائلاً: (إنّ الناس انهزموا يوم حنين فلم يبق مع النبي (ص) إلاّ سبعة من بني هاشم، عليعليه‌السلام يضرب بسيفه، والعباس آخذ بلجام بغلة رسول الله (ص) والخمسة محدقون بالنبي (ص) خوفاً من أن يناله سلاح الكفّار حتى أعطى الله تبارك وتعالى رسوله (ص) الظفر، عنى بالمؤمنين في هذا الموضع عليا، ومَن حضر من بني هاشم، فمَن كان أفضل أمن كان مع النبي (ص) فنزلت السكينة على النبي (ص) وعليه، أم مَن كان في الغار مع النبي (ص) ولم يكن أهلاً لنزولها عليه يا إسحاق، مَن أفضل؟ مَن كان مع النبي (ص) في الغار أو مَن نام على مهاده وفراشه، ووقاه بنفسه حتى تم للنبي (ص) ما عزم عليه من الهجرة.

إنّ الله تبارك وتعالى أمر نبيّه (ص) أن يأمر عليّاً بالنوم على فراشه، ووقايته بنفسه فأمره بذلك، فقال علي: أتسلم يا نبي الله؟ فقال: نعم، قال: سمعاً وطاعة، ثم أتى مضجعه، وتسجّى بثوبه وأحدق المشركون به لا يشكون في أنّه النبي (ص)

____________________

(١) سورة المجادلة: آية ٧.

(٢) سورة التوبة: آية ٢٥ - ٢٦.

٢٤٢

وقد اجمعوا على أن يضربه من كل بطن من قريش رجل ضربة؛ لئلاّ يطلب الهاشميون بدمه، وعليعليه‌السلام يسمع بأمر القوم فيه من التدبير في تلف نفسه، فلم يدعه ذلك إلى الجزع كما جزع أبو بكر في الغار، وهو مع النبي (ص) وعلي وحده، فلم يزل صابراً محتسباً، فبعث الله تعالى ملائكته تمنعه من مشركي قريش، فلمّا أصبح قام فنظر القوم إليه فقالوا أين محمد؟ قال: وما علمي به؟ قالوا: فأنت غدرتنا ثم لحق بالنبي (ص)، فلم يزل عليعليه‌السلام أفضل لما بدا منه، إلاّ ما يزيد خيراً حتى قبضه الله تعالى إليه، وهو محمود مغفور له.

يا إسحاق أما تروي حديث الولاية؟).

(نعم...).

(أروه...).

فرواه له، فقال المأمون:

(أما ترى أنّه أوجب لعليعليه‌السلام على أبي بكر وعمر من الحق ما لم يوجب لهما عليه؟).

فقال إسحاق:

(إنّ الناس يقولون: إنّ هذا قاله بسبب زيد بن حارثة).

فأنكر المأمون ذلك وقال:

(وأين قال النبي (ص) هذا؟).

فأجاب إسحاق:

(قاله بغدير خم بعد منصرفه من حجّة الوداع).

وسارع المأمون لإبطال ذلك قائلاً:

(متى قتل زيد بن حارثة؟... أليس قد قتل قبل غدير خم؟).

(بلى...).

(أخبرني لو رأيت ابناً لك أتت عليه خمس عشرة سنة، يقول: مولاي مولى ابن عمّي أيّها الناس فاقبلوا أكنت تكره له ذلك؟).

(بلى...).

وكرّ المأمون منكراً عليه قائلاً:

(أتنزّه ابنك عمّا لا تنزّه عنه النبي (ص)...).

والتفت إليه المأمون ليقيم عليه الحجّة قائلاً:

٢٤٣

(أتروي قول النبي (ص) لعلي أنت منّي بمنزلة هارون من موسى)؟.

(نعم...).

(أما تعلم أنّ هارون أخو موسى لأبيه وأُمّه؟).

(بلى...).

(فعلي كذلك؟).

(لا...).

سارع المأمون قائلاً: (هارون نبي، وليس علي كذلك، فما المنزلة الثالثة إلاّ الخلافة، لقد قال المنافقون: إنّه استخلفه استثقالاً، فأراد أن يطيب نفسه، وهذا كما حكى الله تعالى عن موسى، حيث قال: لهارون( اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ ) (١) .

وانبرى إسحاق قائلاً: (إنّ موسى خلف هارون في قومه، وهو حي، ثم مضى، إلى ميقات ربّه تعالى، وإنّ النبي (ص) خلف عليّاً حين خرج إلى غزاته...).

وردّ عليه المأمون: (اخبرني عن موسى حين خلف هارون أكان معه حيث مضى إلى ميقات ربّه عزّ وجل أحد من أصحابه؟).

(نعم...).

(أو ليس قد استخلفه على جميعهم؟...).

(بلى...).

(فكذلك علي خلفه النبي (ص) حين خرج إلى غزاته في الضعفاء والنساء والصبيان، إذ كان أكثر قومه معه، وإن كان قد جعله خليفة على جميعهم، والدليل على أنّه جعله خليفة عليهم في حياته إذا غاب وبعد موته قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : (علي منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبي بعدي) وهو وزير النبي (ص) أيضاً بهذا القول؛ لأنّ موسى قد دعا الله تعالى، وقال فيما دعا( وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي *

____________________

(١) سورة الأعراف: آية ١٤٢.

٢٤٤

هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وأشركه في أمري ) (١) فإذا كان علي منه بمنزلة هارون من موسى فهو وزيره، كما كان هارون وزير موسى، وهو خليفته كما كان هارون خليفة موسى...).

مع علماء الكلام:

وبعدما حاجج المأمون علماء الحديث، وتغلّب عليهم بمناقشته للأحاديث التي تمسّكوا بها، في الاستدلال على ما يذهبون إليه، التفت بعد ذلك إلى علماء الكلام فقال لهم:

(أسألكم أو تسألوني؟...).

(بل نسألك...).

س - والتفت عالم منهم، فقال للمأمون: (أليست إمامة عليعليه‌السلام من قبل الله عزّ وجل؟ نقل ذلك عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من نقل الفرائض مثل الظهر أربع ركعات، وفي مأتي درهم خمسة دراهم، والحج إلى مكة؟) فقال المأمون: بلى، فقال المتكلّم: فما بالهم لم يختلفوا في جميع الفرائض، واختلفوا في خلافة علي وحدها؟...).

ج - المأمون:

(لأنّ جميع الفرائض لا يقع فيها من التنافس والرغبة مثل ما يقع في الخلافة).

س - متكلّم:

وانبرى متكلّم آخر فقال: ما أنكرت أن يكون النبي (ص) أمرهم باختيار رجل منهم يقوم مقامه رأفة ورقّة عليهم من غير أن يستخلف هو بنفسه، فيعصي

خليفته فينزل بهم العذاب...).

ج - المأمون:

وأجاب المأمون: أنكرت ذلك من قبل أنّ الله تعالى أرأف بخلقه من النبي (ص)، وقد بعث نبيّه إليهم وهو يعلم أنّ فيهم عاص ومطيع، فلم يمنعه تعالى ذلك من إرساله.

____________________

(١) سورة طه: آية ٢٩ - ٣٢.

٢٤٥

وعلّة أخرى: لو أمرهم باختيار رجل منهم كان لا يخلو من أن يأمرهم كلهم أو بعضهم، فلو أمر الكل مَن كان المختار؟ ولو أمر بعضاً دون بعض كان لا يخلو من أن يكون على هذا المعنى علامة، فإن قلت: الفقهاء فلا بد من تحديد الفقيه وسمته).

وانبرى متكلّم فقال: (روى أنّ النبي (ص) قال: ما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن، وما رأوه قبيحاً فهو عند الله قبيح...).

فردّ عليه المأمون هذه المقالة الفاسدة التي تستلزم التصويب المجمع على بطلانه، وهو أن ليس لله تعالى في كل واقعة حكم يصيبه مَن يصيبه، ويخطئه مَن يخطئه، وهذا جواب المأمون: (هذا القول لا بد أن يكون يريد كل المؤمنين أو البعض، فإن أراد الكل فهذا مفقود؛ لأنّ الكل لا يمكن اجتماعهم، وإن كان البعض، فقد روى كل في صاحبه حسناً مثل رواية الشيعة في علي، ورواية الحشوية في غيره، فمتى يثبت ما تريدون من الإمامة؟).

وقال متكلّم آخر: (فيجوز أن تزعم أنّ أصحاب محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله أخطأوا).

فأجابه المأمون: (كيف نزعم أنّهم أخطأوا، واجتمعوا على ضلالة وهم لم يعلموا فرضاً ولا سنّة؛ لأنّك تزعم أنّ الإمامة لا فرض من الله تعالى، ولا سنّة من الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ فكيف يكون فيما ليس عندك بفرض ولا سنّة خطأ؟.

وسارع متكلّم آخر فقال للمأمون: (إن كنت تدّعي لعلي من الإمامة دون غيره فهات بيّنتك على ما تدّعي...).

مناقشة المأمون:

(ما أنا بمدع، ولكنّي مقر، ولا بينة على مقر، والمدّعي مَن يزعم أنّ إليه التولية والعزل، وأنّ إليه الاختيار، والبيّنة لا تعرى من أن تكون من شركائه، فهم خصماء، أو تكون من غيرهم، والغير معدوم، فكيف يؤتى بالبيّنة على هذا؟).

وقال متكلّم آخر:

(فما كان الواجب على عليعليه‌السلام بعد مضي رسول الله (صلّى الله عليه

٢٤٦

وآله)؟).

وأجاب المأمون:

(قد فعله - أي فعل ما يجب عليه -).

وأشكل المتكلّم قائلاً:

(أفما وجب عليه أن يعلم الناس أنّه إمام؟).

وسارع المأمون قائلاً:

(إنّ الإمامة لا تكون بفعل منه في نفسه، ولا بفعل من الناس فيه من اختيار أو تفضيل أو غير ذلك، وإنّها تكون بفعل من الله تعالى فيه، كما قال لإبراهيم:( إنّي جاعلك للناس إماماً ) (١) ، وكما قال تعالى لداود:( يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ ) (٢) وكما قال عزّ وجل للملائكة في آدم( إنّي جاعل في الأرض خليفة ) (٣) .

فالإمام إنّما يكون إماماً من قبل الله تعالى، وباختياره إيّاه في بدء الصنيعة والتشريف في النسب والطهارة في المنشأ والعصمة في المستقبل، ولو كانت بفعل منه في نفسه كان من فعل ذلك الفعل مستحقّاً للإمامة، وإذا عمل خلافها اعتزل فيكون خليفة من قبل أفعاله).

وأشكل متكلّم آخر فقال:

(لم أوجبت الإمامة لعلي بعد الرسول (ص)؟).

وأجاب المأمون:

(لخروجه من الطفولة إلى الإيمان كخروج النبي من الطفولية إلى الإيمان، والبراءة من ضلالة قومه عن الحجّة، واجتنابه الشرك كبراءة النبي (ص) من الضلالة، واجتنابه للشرك؛ لأنّ الشرك ظلم ولا يكون الظالم إماماً، ولا من عبد وثناً بإجماع، ومن شرك فقد حلّ من الله تعالى محلّ أعدائه، فالحكم فيه الشهادة عليه بما اجتمعت عليه الأمة حتى يجيء إجماع آخر مثله، ولأنّ من حكم عليه مرة، فلا يجوز أن يكون حاكماً، فيكون الحاكم محكوماً عليه مرة، فلا يكون حينئذٍ فرق بين الحاكم والمحكوم عليه...).

____________________

(١) سورة البقرة: آية ١٢٤.

(٢) سورة ص: آية ٢٦.

(٣) سورة البقرة: آية ٣٠.

٢٤٧

وأشكل شخص أخر من المتكلّمين فقال:

(لم لا يقاتل عليعليه‌السلام أبا بكر وعمر، كما قاتل معاوية؟).

وأجاب المأمون:

(المسألة محال؛ لأنّ لِمَ اقتضاء، ولم يفعل نفي، والنفي لا يكون له علة، إنّما العلة، للإثبات، وإنّما يجب أن ينظر في أمر علىعليه‌السلام امن قبل الله أم من قبل غيره، فإن صحّ أنّه من قبل الله تعالى، فالشك في تدبيره كفر لقوله تعالى: (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما)(١) فأفعال الفاعل تبع له صلة، فإن كان قيامه عن الله تعالى، فأفعاله عنه، وعلى الناس الرضى والتسليم، وقد ترك رسول الله (ص) القتال يوم (الحديبية) يوم صد المشركون هديه عن البيت، فلمّا وجد الأعوان وقوي حارب، كما قال الله تعالى: في الأول: (فاصفح الصفح الجميل)(٢) ، ثم قال عز وجل:( فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ ) (٣) .

وانبرى متكلّم آخر فقال:

(إذا زعمت أنّ إمامة عليعليه‌السلام من قبل الله تعالى، وأنّه مفترض الطاعة، فلم لا يجوز إلاّ التبليغ والدعاء للأنبياءعليهم‌السلام ، وجاز لعلي أن يترك ما أمر به من دعوة الناس إلى طاعته؟...).

جواب المأمون:

(إنّا لم نزعم أنّ عليّاًعليه‌السلام أمر بالتبليغ فيكون رسولاً، ولكنّه وضع علماً بين الله تعالى وبين خلقه، فمن تبعه كان مطيعاً، ومَن خالفه كان عاصياً، فإن وجد أعواناً يتقوّى بهم جاهد، وإن لم يجد أعواناً فاللوم عليهم لا عليه؛ لأنّهم أمروا بطاعته على كل حال ولم يؤمر هو بمجاهدتهم إلاّ بقوّة، وهو بمنزلة البيت، على الناس الحج إليه، فإذا حجّوا أدّوا ما عليهم، وإذا لم يفعلوا كانت اللائمة عليهم لا على البيت).

____________________

(١) سورة النساء: آية ٦٥.

(٢) سورة الحجر: آية ٨٥.

(٣) سورة التوبة: آية ٥.

٢٤٨

وقال متكلّم آخر:

(إذا وجب أنّه لا بد من إمام مفترض الطاعة بالاضطرار، كيف يجب بالاضطرار أنّه (علي) دون غيره؟...).

جواب المأمون:

وردّ المأمون هذه الشبهة بقوله: إنّ الله تعالى لا يفرض مجهولاً، ولا يكون المفروض - أي الإمامة وغيرها من التكاليف - ممتنعا، إذ المجهول ممتنع من قبل أن الله تعالى لا يفرض مجهولاً، ولا يكون المفروض ممتنعاً، فلا بد من دلالة الرسول (ص) على الفرض ليقطع العذر بين الله وبين عباده، أرأيت لو فرض الله تعالى على الناس صوم شهر فلم يعلم الناس أي شهر هو؟ ولم يوسم بوسم وكان على الناس استخراج ذلك بعقولهم حتى يصيبوا ما أراد الله تعالى، فيكون الناس حينئذٍ مستغنين عن الرسول المبين لهم، وعن الإمام الناقل لهم خبر الرسول إليهم...).

وأشكل متكلّم أخر فقال:

(من أين أوجبت أنّ عليا كان بالغاً حين دعاه النبي (ص) فإنّ الناس يزعمون أنّه كان صبياً حين دعي، ولم يكن جاز عليه الحكم، ولا بلغ مبلغ الرجال...).

جواب المأمون:

(أنّه لا يرى في ذلك الوقت من أن يكون ممّن أرسل إليه النبي (ص) ليدعوه، فإن كان كذلك فهو محتمل التكليف، قوي على أداء الفرائض الخ...).

وجوم العلماء:

ووجم علماء الحديث وعلماء الكلام، فقد أفحمهم المأمون، وألزمهم الحجّة، واستدلّ على إمامة الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام بأوثق الأدلة وأنصعها.

أسئلة المأمون للعلماء:

ووجّه المأمون أسئلة إلى العلماء، كان منها ما يلي:

١ - س: أليس قد روت الأمّة بإجماع منها أنّ النبي (ص) قال: (مَن كذب عليّ متعمداً فليتبوّأ مقعده من النار) فقال العلماء بأجمعهم:

(بلى يا أمير المؤمنين).

وعرض عليهم المأمون حديثاً نبوياً آخر فقال:

(ورووا عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال: (مَن عصى الله بمعصية صغرت أو

٢٤٩

كبرت ثم اتخذها ديناً، ومضى مصرّاً عليها فهو مخلد بين أطباق الجحيم).

وصدق العلماء الحديث وأقرّوا به، فقال لهم المأمون:

خبروني عن رجل تختاره الأمّة، هل يجوز أن يقال له: خليفة رسول الله (ص) ومن قبل الله عزّ وجل، ولم يستخلفه الرسول (ص)؟ فإن قلتم نعم، فقد كابرتم، وإن قلتم: لا وجب أن يكون فلان غير خليفة لرسول الله (ص).

وأقبل المأمون يعظهم بعد حديث جرى بينه وبين العلماء في هذا الموضوع قائلاً: (اتقوا الله، وانظروا لأنفسكم، ودعوا التقليد، وتجنّبوا الشبهات، فو الله ما يقبل الله تعالى إلاّ من عبد لا يأتي إلاّ بما يعقل، ولا يدخل إلاّ فيما يعلم أنّه حق، والريب شك، وإدمان الشك كفر بالله تعالى، وصاحبه في النار...).

والتفت إليهم بعد هذا التأنيب، قائلاً:

(أخبروني عن النبي (ص) هل استخلف حين مضى؟ أم لا).

فقالوا جميعاً:

(لم يستخلف).

وأشكل عليهم المأمون قائلاً:

(فتركه ذلك - أي الاستخلاف لأحد من بعده - هدى أم ضلال؟...).

فأجابوا:

(بلى هدى).

وانبرى المأمون يقيم الدليل على بطلان ما ذهبوا إليه قائلاً:

(فعلى الناس أن يتبعوا الهدى، ويتركوا الباطل ويتنكّبوا الضلال؟...).

فأجابوا:

(وقد فعلوا ذلك - أي اتبعوا الهدى -).

وأخذ المأمون يقيم أروع الحجج والبراهين على زيف ما قالوه: قائلاً:

(لم استخلف الناس بعده - أي بعد النبي (ص) - وقد تركه هو، فترك فعله ضلال، ومحال أن يكون خلاف الهدى هدى... وإذا كان ترك الاستخلاف هدى، فلم استخلف أبو بكر ولم يفعله النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ ولم جعل عمر الأمر بعده شورى بين المسلمين خلافاً على صاحبه، لأنّكم زعمتم أنّ النبي (ص) لم يستخلف،

٢٥٠

وأنّ أبا بكر استخلف، وعمر لم يترك الاستخلاف كما فعل أبو بكر، وجاء بمعنى ثالث، وهو الشورى التي نصّ عليها لتعيين الخليفة من بعده فخبروني أي ذلك ترونه صواباً، فإن رأيتم فعل النبي (ص) صواباً فقد أخطأتم أبا بكر، وكذلك القول في بقية الأقاويل وخبروني أيّهما أفضل ما فعله النبي (ص) بزعمكم من ترك الاستخلاف، أو ما صنعت طائفة من الاستخلاف؟.

وخبروني هل يجوز أن يكون تركه من الرسول (ص) هدى وفعله من غيره هدى؟ فيكون هدى ضد هدى؟ فأين الضلال حينئذٍ.

وخبروني هل ولي أحد بعد النبي (ص) باختيار الصحابة منذ قبض النبي (ص) إلى اليوم؟ فإن قلتم: لا، فقد أوجبتم أنّ الناس كلهم عملوا ضلالة بعد النبي (ص).

وإن قلتم: نعم، كذبتم الأمة، وأبطل قولكم: الوجود الذي لا يدفع.

وخبروني عن قول الله عزّ وجل:( قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ ) (١) .

أصدق هذا أم كذب؟.

فأجابوا:

(نعم - إنّه صدق -).

وانبرى المأمون قائلاً:

(أليس ما سوى الله لله إذ كان محدثه ومالكه؟).

(نعم...).

وثار المأمون فقال:

(ففي هذا بطلان ما أوجبتم من اختياركم خليفة، تفرضون طاعته، وتسمونه خليفة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأنتم استخلفتموه وهو معزول عنكم إذا غضبتم عليه، وعمل بخلاف محبتكم، ومقتول إذا أبى الاعتزال...).

وتكلّم بعد هذا الكلام بعنف مع القوم، ثم استقبل القبلة ورفع يديه قائلاً: (اللّهمّ إنّي قد أرشدتهم، اللّهمّ إنّي قد أخرجت ما وجب عليّ إخراجه من عنقي.

____________________

(١) سورة الأنعام: آية ١٢.

٢٥١

اللّهمّ إنّي أدين بالتقرّب إليك بتقديم عليعليه‌السلام على الخلق بعد نبيك محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كما أمرنا به رسولكصلى‌الله‌عليه‌وآله ...(١) ).

ووجم القوم، ولم يجدوا منفذاً يسلكون فيه للدفاع عمّا يرونه، وكان معظم استدلال المأمون على إمامة الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام قائماً على المنطق والدليل، ولا أكاد أعرف حقيقة ناصعة واضحة وضوح الشمس كإمامة الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فقد فرضته مواهبه وعبقرياته، وشدة إنابته إلى الله وزهده، وتخلّيه من الدنيا، كل ذلك جعله أولى بالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله من غيره، فلم يملك أحد من الصحابة، ولا من أقرباء النبي (ص) وأرحامه مثل ما يملكه من الطاقات الندية الخلاقة من العلم والنزاهة والشرف، وغير ذلك من الصفات الكريمة والنزعات العظيمة، وبهذه الجهة كان أولى بمركز النبي ومقامه، وأمّا قرابته من النبي فليس لها أي أثر في ترجيحه على غيره من المسلمين، فإنّ هذه الجهة لا تصلح دليلاً تثبت به أحقيّة الإمامعليه‌السلام بالخلافة.

وعلى أيّ حال فإن ما أقامه المأمون من هذه الأدلة على إمامة الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام لم يكن المقصود منها إلاّ التقرّب إلى الإمام الرضاعليه‌السلام حتى ينال ثقته منه، وقد صرّح بذلك إسحاق بن حماد فقال: لم يكن الغرض في تفضيله الإمام عليعليه‌السلام على جميع الصحابة إلاّ تقرّباً للإمام أبي الحسن الرضاعليه‌السلام ، وكان الإمام نفسه يقول لأصحابه الذين يثق بهم: لا تغترّوا بقوله، فما يقتلني والله غيره، ولكن لا بد لي من الصبر حتى يبلغ الكتاب أجله(٢) .

عقده بولاية العهد للإمام:

وثمّة دليل آخر اعتمد عليه الذاهبون إلى تشيّع المأمون، وهو عقده بولاية العهد للإمام الرضاعليه‌السلام ، وبذلك فقد عرّض الخلافة التي تقمّصها العباسيون إلى الخطر، وتسليمها إلى السادة العلويين.

هذه أهم الأدلة التي استند إليها القائلون بتشيّع المأمون وأنّه علوي الفكر والرأي:

____________________

(١) عيون أخبار الرضا ٢ / ١٨٤ - ١٩٩ البحار.

(٢) عيون أخبار الرضا ٢ / ١٨٥.

٢٥٢

زيف تشيّعه:

والذي نراه بمريد من التأمّل والتحقيق أنّ المأمون لم يكن من الشيعة، ولم يعتنق ولاء أهل البيتعليهم‌السلام ، وإنّما بدرت هذه البوادر التي ذكرها لأغراض سياسية، لا علاقة لها مطلقاً بدعوى التشيّع، ويدعم ذلك ما يلي:

١ - إنّه من الأسرة العباسية التي عرفت بالبغض والعداء لأهل البيتعليهم‌السلام ، فلم تنجب هذه الأسرة إلاّ الجبابرة الطغاة الذين صبّوا جام غضبهم على آل النبي (ص) وعترته، فقد عمدوا إلى قتلهم وتشريدهم، والتنكليل بهم، وقد اقترفوا معهم ما لم تقترفه الأسرة الأموية، بل إنّ الأسرة الأموية على ما عرفت به من العداء العارم لأبناء النبي (ص) فإنّها لم تقابلهم بمثل ما قابلتهم به بنو العباس، وقد كانت لبني أمية من الفواضل ما ليست لبني العباس، وقد أوضحنا بعض ما عانوه العلويون منهم في فصول هذا الكتاب.

وعلى أي حال، فإنّه من المستبعد جداً أن يتحوّل المأمون عن خطّة آبائه، ويغيّر منهجهم وسلوكهم بين عشيّة وضحاها فيكون علوي الرأي، وموالياً لخصوم آبائه، ويعرّض دولته إلى الخطر.

٢ - أمّا انتقاصه لمعاوية، والحكّام الذين سبقوه، وتفضيل الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام عليهم، فإنّه لم يكن جديّاً، وإنّما كان صورياً لأغراض سياسية، فقد روى التغلبي، وكان معاصراً له، قال المأمون: (وظنّوا أنّه لا يجوز تفضيل علي إلاّ بانتقاص غيره من السلف، والله ما استجيز أن انتقص الحجّاج بن يوسف، فكيف بالسلف الطيب)(١) .

إنّه يتمنّع من انتقاص الإرهابي المجرم الحجّاج الذي أغرق العراق لما سفكه من دماء الأبرياء.

ونسب له من الشعر ما يدعم ذلك، فقد قال:

أصبح ديني الذي أدين به

ولست منه الغداة معتذرا

حب علي بعد النبي ولا

اشتم صدّيقاً ولا عمرا

ثم ابن عفّان في الجنان مع الـ

أبرار ذاك القتيل مصطبرا

____________________

(١) حياة الإمام الرضا نقلاً عن عصر المأمون ١ / ٣٦٩.

٢٥٣

ألا ولا أشتم الزبير ولا

طلحة إن قال قائل غدرا

وعائش الأم لست أشتمها

من يفتريها فنحن منه برا(١)

إلى غير ذلك من الشواهد والأدلة التي تثبت زيف تشيّعه، وأنّه لا علاقة له مطلقاً بأهل البيتعليهم‌السلام .

٣ - اغتياله للإمام الرضاعليه‌السلام بعد ما نفذت أغراضه السياسية ولم يكتف بذلك، وإنّما أوعز إلى عامله على مصر بغسل المنابر التي كان يخطب عليها بولاية العهد للإمام الرضاعليه‌السلام (٢) ، وهذا يكشف عمّا يكنّه في أعماق نفسه من البغض والعداء للإمام.

لقد استبان بصورة واضحة للأسرة العلوية زيف ما يدّعيه المأمون من الولاء لهم، وأنّه كان صورياً لا واقع له، ويقول الرواة إنّه كتب إلى عبد الله شقيق الإمام الرضا يعطيه الأمان، ويضمن له ولاية العهد بعده كما صنع مثل ذلك بأخيه الإمام الرضا، وقد جاء في كتابه: (وما ظننت أنّ أحداً من آل أبي طالب يخافني بعدما عملته بالرضا...).

فأجابه برسالة كشف فيها عن نوايا المأمون، وهذا نصّها: (وصل كتابك، وفهمته تختلني فيه عن نفسي ختل القانص، وتحتال عليّ حيلة المغتال القاصد لسفك دمي. وعجبت من ذلك العهد، وولاية لي بعدك، كأنّك تظن أنّه لم يبلغني ما فعلته بالرضا، ففي أي شيء ظننت أنّي أرغب من ذلك؟ أفي الملك الذي قد غرّتك نضرته وحلاوته؟ فو الله لئن أقذف وأنا حي، في نار تتأجّج أحبّ إليّ من أن ألي أمراً بين المسلمين أو أشرب شربة من غير حلها مع عطش شديد قاتل.

أم في العنب المسموم الذي قتلت به الرضا أم ظننت أنّ الاستتار قد أملّني وضاق به صدري؟ فو الله إنّي لذلك، ولقد مللت الحياة، وأبغضت الدنيا ولو وسعني في ديني أن أضع يدي في يدك حتى تبلغ من قبلي مرادك لفعلت ذلك، ولكن الله قد حظر علي المخاطرة بدمي، وليتك قدرت من غير أن أبذل نفسي لك فتقتلني، ولقيت الله عزّ وجل بدمي ولقيته قتيلاً مظلوماً، فاسترحت من هذه الدنيا.

____________________

(١) البداية والنهاية ١٠ / ٢٧٧.

(٢) الولاية والقضاة للكندي.

٢٥٤

واعلم أنّي رجل طالب النجاة لنفسي، واجتهدت فيما يرضي الله عزّ وجل عنّي، وفي عمل أتقرّب به إليه، فلم أجد رأياً يهدي إلى شيء من ذلك، فرجعت إلى القرآن الذي فيه الهدى والشفاء، فتصفّحته سورة سورة، وآية، آية، فلم أجد شيئاً أزلف للمرء عند ربّه من الشهادة في طلب مرضاته.

ثم تتبّعته ثانية أتأمّل الجهاد أيّه أفضل، ولأي صنف، فوجدته جلّ وعلا يقول: (قاتلوا الذين يلونكم من الكفار، وليجدوا فيكم غلظة) فطلبت أيّ الكفّار أضر على الإسلام، وأقرب من موضعي فلم أجد أضر على الإسلام منك؛ لأنّ الكفار أظهروا كفرهم فاستبصر الناس في أمرهم، وعرفوهم فخافوهم، وأنت ختلت المسلمين بالإسلام، وأسررت الكفر، فقتلت بالظنة، وعاقبت بالتهمة، وأخذت مال الله من غير حلّه، وشربت الخمر المحرمة صراحاً، وأنفقت مال الله على الملهين، وأعطيته المغنّين ومنعته من حقوق المسلمين، فغششت بالإسلام، وأحطت بأقطاره إحاطة أهله، وحكمت فيه للمشرك، وخالفت الله ورسوله في ذلك خلافة المضاد المعاند.

فإن يسعدني الدهر، ويعينني الله عليك، بأنصار الحق أبذل نفسي في جهادك بذلاً يرضاه منّي، وأن يمهلك ويؤخّرك ليجزيك بما تستحقّه في منقلبك، أو تختر منّي الأيام قبل ذلك، فحسبي من سعيي ما يعلمه الله عزّ وجل من نيّتي والسلام...)(١) .

ووضعت هذه الرسالة المأمون على طاولة التشريح، فأظهرت زيفه، وكشفت خداعه، ودجله، وأنّه لا واقع بأي حال من الأحوال إلى ما يزعمه من الولاء والحب لأهل البيت.

أما الفصول الأخيرة من هذه الرسالة، فقد ألحقت المأمون بقافلة الكفار الذين يجب جهادهم، والإطاحة بهم، كما بيّنت سياسة المأمون، وأنّها تأخذ الناس بالظنّة، وتعاقبهم بالتهمة وبالإضافة إلى ذلك، فقد أعربت عن تحلّل المأمون؛ وذلك بشربه للخمر، وإنفاقه لأموال المسلمين على الملاهي والمغنّين والعابثين والماجنين.

لقد كانت هذه الرسالة صرخة مدوّية في وجه الطاغية المأمون، وهي من الصفحات المشرقة في مناهضة الظلم والطغيان.

____________________

(١) مقاتل الطالبيين (ص ٦٣٠ - ٦٣١).

٢٥٥

ومن الجدير بالذكر أنّه يروي جانب آخر من هذه الرسالة، أو من رسالة أخرى بعثها هذا السيد الجليل إلى المأمون يقول فيها:

(هبني لا ثأر لي عندك، وعند آبائك المستحلّين لدمائنا الآخذين حقّنا، الذين جاهروا في أمرنا فحذّرناهم، وكنت ألطف حيلة منهم بما استعملته من الرضا بنا والتستّر لمحننا، تختل واحدا فواحدا منا، ولكنني كنت امرأ حبب إلى الجهاد، كما حبب إلى كل امرئ بغيته، فشحذت سيفي، وركبت سناني على رمحي، واستفرهت فرسي.

ولم أدر أي العدو أشد ضرراً على الإسلام، فعلمت أنّ كتاب الله يجمع كل شيء فقرأته فإذا فيه:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً ) .

ومن بنود هذه الرسالة:

(وتدبّرت فإذا أنت أضرّ على الإسلام والمسلمين من كل عدو لهم؛ لأنّ الكفار خرجوا منه، وخالفوه، فحذرهم الناس وقاتلوهم، وأنت دخلت فيه ظاهراً، فأمسك الناس، وطفقت تنقض عراه، عروة، عروة، فأنت أشدّ أعداء الإسلام ضرراً عليه...) (١).

وحكمت هذه الفصول بعض الجوانب من السياسة العباسية التي تركّزت على ظلم السادة العلويين، والتنكيل بهم، كما حكت تعطش السيد الجليل نجل الإمام موسىعليه‌السلام إلى الجهاد للإطاحة بحكم المأمون الذي هو من ألد أعداء الإسلام، فقد نقض عراه، عروة، عروة على حد تعبير هذه الرسالة.

٤ - إبادته للسادة العلويين بعد اغتياله للإمام الرضاعليه‌السلام فقد عمدت مخابراته ورجال أمنه إلى مطاردتهم، واستئصالهم، وقد اغتال كوكبة من أبناء الإمام موسىعليه‌السلام ، وقد استخدم السمّ كأعظم سلاح لتصفية أبناء النبي (ص)، فقد اغتال بالسم السيد الشريف الجليل إبراهيم نجل الإمام موسىعليه‌السلام ، ولـمّا توفّي أنزله في ملحودة قبره الفقيه أبن السمّاك، وأنشد حينما ألحده:

٢٥٦

مات الإمام المرتضى مسموما

وطوى الزمان فضائلاً وعلوما

قد مات في الزوراء مظلوماً

كما أضحى أبوه بكربلا مظلوما

فالشمس تندب موته مصفرّة

والبدر يلطم وجهه مغموما(١)

إنّ اغتياله للسادة العلويين، ومطاردتهم حتى هربوا خوفا منه مختفين في الأقطار والأمصار ينسف دعوى تشيّعه، وأنّه لا علاقة له بالولاء لأهل البيت شأنه شأن آبائه الذين هم من ألد أعداء أبناء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

أسباب تظاهره بالتشيّع:

ولا بد لنا من وقفة قصيرة للبحث عن بعض الأسباب التي دعت المأمون لتظاهره بالولاء لأهل البيتعليه‌السلام ، وإعلان تشيّعه في المحافل الرسمية، وفيما أحسب أنّ الذي دعاه لذلك ما يلي:

أ - إنّه كان مختلفاً كأشد ما يكون الاختلاف مع أسرته العباسية، الذين كانت ميولهم مع أخيه الأمين؛ لأنّ أمه السيدة زبيدة، وهي من صميم الأسرة العباسية، وكانت من أندى الناس كفّاً، ومن أكثرهم عطاء وصلة للعباسيين، أمّا أم المأمون فهي (مراجل)، وكانت من إماء القصر، وكان العباسيون يحتقرون المأمون من جهة أمّه، فأراد بما أظهره من الولاء للعلويين، وعقده بولاية العهد للإمام الرضاعليه‌السلام إرغامهم، وإذلالهم، وقهرهم.

ب - إنّه أراد بإظهاره التشيّع إرضاء قادة جيشه الذين كانت لهم ميول ومحبّة لأهل البيتعليهم‌السلام .

ج - وإنّما عمد المأمون إلى العطف على العلويين، وإذاعة فضائل الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام جلب عواطف الشعب البار، الذين أترعت عواطفهم وقلوبهم بالمحبة والولاء لأهل البيتعليهم‌السلام وقد تسلّح بهم في محاربته لأخيه الأمين.

د - ومن الأسباب الوثيقة جداً التي دعت المأمون إلى التظاهر بالتشيّع وعقده بولاية العهد للإمام الرضاعليه‌السلام هو القضاء على الثورة العارمة التي فجّرتها الشيعة بقيادة السادة العظام من أبناء الإمام موسى بن جعفرعليه‌السلام ، فقد التهمت الكثير من مناطق العالم الإسلامي، وكادت تقضي على الحكم العباسي، ولكنّه

____________________

(١) حياة الإمام موسى بن جعفر ٢ / ٤٨ نقلاً عن مختصر الخلفاء.

٢٥٧

استطاع بدهاء منقطع النظير القضاء عليها وذلك بعقده بولاية العهد للإمام الرضا الذي هو سيد العلويين وزعيمهم بلا منازع، والذي يدين شطر كبير من هذه الأمة بإمامته.

لقد أخمد المأمون الثورة، واستأصلها من جذورها بعطفه المصطنع لأهل البيت، وترشيحه للخلافة الإمام الرضا ثم مبايعته له بولاية العهد، وضربه للسكة باسمه.

ه‍ـ - ولعلّ من جملة الأسباب التي حفّزت المأمون إلى تظاهره بالتشيّع، هو كشف الشيعة، ومعرفة السلطة بأسمائهم وأماكنهم، بعد ما كانوا خلايا تحت الخفاء، فقد عجزت الحكومات العباسية السابقة على حكومة المأمون عن معرفتهم، والوقوف على نشاطاتهم ومعرفة خلاياهم، فأراد المأمون بما صدر منه من الإحسان إلى العلويين، وانتقاصه للخلفاء، وذمّه لمعاوية، وغير ذلك ممّا صدر منه كشف الشيعة حتى تطاردهم أجهزة أمنه، وشرطته، وقد دلّت على ذلك بعض الوثائق الرسمية التي صدرت منه... هذه بعض الأسباب التي دعت المأمون إلى التظاهر بالولاء لأهل البيتعليهم‌السلام .

منهج حكمه:

ونهج المأمون في أيام حكومته منهج معاوية بن هند، فقد ذكر المؤرخون أنّه عرضت عليه سيرة أبي بكر وعمر وعثمان وعليعليه‌السلام فأبى أن ينهج نهجهم، ويسير بسياستهم، ولكنّه قبل أن يسير بسيرة معاوية الذئب الجاهلي الذي كان يأخذ الأموال من وجوهها، ويضعها كيف يشاء، وقال المأمون: إن كان فهذا(١) ، لقد اقتدى بمعاوية ونهج نهجه فعمد إلى اغتيال الأبرياء فدسّ إليهم سمّاً قاتلاً فقضى عليهم كما فعل معاوية بخصومة، وهو القائل: (إنّ لله جنوداً من عسل) لقد كان المكر والخداع من أبرز صفاته، كما كان معاوية.

____________________

(١) حياة الإمام الرضا (ص ١٨١) نقلاً عن المحاسن والمساوئ للبيهقي (ص ٢٩٥).

٢٥٨

الإمام الرضاعليه‌السلام وولاية العهد

نحن أمام حدث تأريخي مهم بالغ الخطورة، أشغل الرأي العام، وأذهل كافة الأوساط السياسية، وهو عقد المأمون بولاية العهد للإمام الرضاعليه‌السلام ، الأمر الذي يؤذن بتحوّل الخلافة من بني العباس إلى خصومهم السادة العلويين، فقد بهر الناس، وتساءلوا: كيف تحوّلت السياسة العباسية بين عشيّة وضحاها إلى هذا الخط المعاكس للخط السياسي الذي سلكه العباسيون منذ بداية حكمهم، وهو قهر السادة العلويين وإبادتهم، فقد أفنوا شبابهم فدفنوهم أحياءً وألقوا بأطفالهم في حوض دجلة، واستعملوا معهم جميع ألوان الإبادة...

والمأمون - فيما عرفه الناس، وعرفه التأريخ - هو من أبناء هذه الأسرة الظالمة لأهل البيتعليهم‌السلام ، لم يشذ في سلوكه عن سلوك آبائه، ولم ينحرف عن اتجاههم المعادي للعلويين، قد تغذّى وتربّى على بغضهم وعدائهم، فجدّه المنصور وأبوه الرشيد، وهما قد سلكا جميع الطرق لتصفية العلويين جسدياً، وسخّرا جميع أجهزتهم السياسية والاقتصادية للحط من شأن العلويين وكرامتهم، وإبعادهم عن الساحة السياسية في دنيا العرب والإسلام.

٢٥٩

وبعد هذا فما الذي دعا المأمون إلى هذا التغيير المفاجئ والعدول عن خطّة آبائه ومنهجهم، فعقد ولاية العهد إلى الإمام الرضاعليه‌السلام ؟ كما أنّه كيف انصاع الإمام الرضا إلى ذلك مع علمه بانحراف المأمون، وما يكنّه في ذخائر نفسه من البغض لأهل البيتعليهم‌السلام ؟ وهذا ما سنتحدث عنه.

دوافع المأمون:

ولا بد لنا من وقفة قصيرة للنظر في الأسباب والدوافع التي دعت المأمون إلى

عقده بولاية العهد للإمام الرضاعليه‌السلام ، وهذه بعضها:

١ - إنّه لم يكن له مركز قوي في الدولة الإسلامية، فقد كانت الأسرة العباسية تحتقره، وذلك من جهة أمّه (مراجل) التي كانت من خدم القصر، مضافاً إلى صلته القوية بالفضل بن سهل، وتوليته جميع أموره، وهو فارسي الأصل، وكذلك كان أخوه الأمين يبغضه ويبغي له الغوائل، ويكيده من جهة منافسته له على السلطة، فأراد المأمون تدعيم مركزه، وتقوية نفوذه، والتغلّب على الحاقدين عليه، فعقد بولاية العهد لأعظم شخصية في العالم الإسلامي وهو الإمام علي بن موسى الرضاعليه‌السلام فهو ابن الإمام الصادق الملهم الأول لقضايا الفكر والعلم في الإسلام، كما يدين بإمامته والولاء له شطراً كبير من المسلمين، فلذا بادر إلى تعيينه لهذا المنصب الخطر في الدولة الإسلامية.

٢ - وقبل أن يتسلّم المأمون قيادة الدولة الإسلامية كان على علم بما يكنّه المجتمع الإسلامي من الكراهية والبغض للأسرة العباسية؛ وذلك لما اقترفوه من

الظلم والاستبداد بأمور المسلمين، وما صبّوه على السادة العلويين دعاة العدل الاجتماعي من أنواع الجور والطغيان، حتى تمنّى المسلمون عودة الحكم الأموي على ما فيه من قسوة وعذاب يقول الشاعر:

يا ليت جور بني مروان عاد لنا

وليت عدل بني العباس في النارِ

ويقول شاعر آخر:

ما أحسب الجور ينقضي وعلى

الأمّة والٍ من آل عباسِ

فأراد المأمون أن يفتح صفحة جديدة للمواطنين، ويلقي الستار على سياسة آبائه، فعيّن الإمام الرضاعليه‌السلام ، والذي هو أمل الأمّة الإسلامية لولاية العهد.

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375