نظام حقوق المرأة في الإسلام

نظام حقوق المرأة في الإسلام0%

نظام حقوق المرأة في الإسلام مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: المرأة
الصفحات: 446

  • البداية
  • السابق
  • 446 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 55123 / تحميل: 6994
الحجم الحجم الحجم
نظام حقوق المرأة في الإسلام

نظام حقوق المرأة في الإسلام

مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

الأُسرية دورها في حياة القبيلة ممّا يؤدّي إلى بقاء الملكية مشاعة بينهم. ولنفرض أنّه لم تكن في مراحل البشرية الأُولى قوانين تحدّد مسؤولية المرأة والرجل تجاه بعضهما البعض، إنّما الإحساسات الطبيعية هي التي كانت تحدّد لهما واجبات وحقوقاً، ولم تكن الحياة الجنسية بدون قيد أو شرط. كذلك الحال بالنسبة للحيوانات التي تعيش بشكل زوجي، صحيح أنّ قانوناً اجتماعياً أو وضعياً لم يكن يحكم علاقاتها ولكنّها كانت تراعي حقوقاً وواجبات بحكم قانون طبيعي، كما أنّ حياتها الجنسية لم تكن بدون قيد أو شرط.

تقول السيدة منوجهريان في مقدّمة كتاب (انتقاد بر قوانين أساسي ومدني إيران) أيّ نقدٍ لقوانين إيران الأساسية والمدنية: (من وجهة نظر علم الاجتماع، تقسم حياة المرأة والرجل في مختلف بقاع المعمورة إلى أربع مراحل تاريخية:

1 - المرحلة الطبيعية.

2 - مرحلة سلطة الرجل.

3 - مرحلة اعتراض المرأة.

4 - مرحلة تساوي حقوق المرأة والرجل.

في المرحلة الأُولى، كانت المرأة والرجل يعيشان حياة جنسية مختلطة بدون قيد أو شرط).

إنّ علم الاجتماع يرفض هذا القول وأقصى ما يقبله هو أنّ بعض

١٨١

القبائل المتوحّشة كان يحصل فيها أحياناً أن يتزوج عدد من الإخوة من الأخوات، ولكنّ جميع الإخوة يكونون أزواجاً لجميع الأخوات ويكون الأولاد أولاداً للجميع. أو أنّ الأبناء والبنات لا يتقيدون بحدود قبل الزواج وإنّما بعد الزواج. وإذا حصل أحياناً في بعض القبائل المتوحّشة وضع جنسي أعم من هذا، أو ما يصطلح عليه بوضع (المرأة المشتركة)، فإنّما يُعدّ ذلك حالة استثنائية وانحرافاً عن الوضع الطبيعي العام.

يقول ويل ديورانت في الجزء الأوّل من تاريخ الحضارة صفحة 57: (الزواج هو أحد اختراعات أجدادنا الحيوانات، ففي بعض الطيور يكتفي كل طائر بزوجته فقط، وفي الغوريلا والاورانغوتان - من القرود - تستمر العلاقة الزوجية بين الذكر والأُنثى إلى نهاية مرحلة تربية طفلهما، وهذه العلاقة شبيهة من نواح كثيرة بعلاقة المرأة والرجل وكلّما حاولت الأُنثى الاقتراب من ذكر آخر تعرّضت لتأنيب شديد من قِبَل الذكر الأوّل).

ويتحدث د وكر سبيني عن قرود اورانغوتان بورنيو قائلاً: (إنّها تعيش بشكل أُسر تتكون من الذكر والأُنثى والأولاد).

ويكتب الدكتور سافاج عن الغوريلا: (عادتهم أن يجلس الأب والأم تحت إحدى الأشجار وينهمكان في تناول الفاكهة وفي الثرثرة، بينما أولادهما من حولهما منتشرون فوق الأشجار. إنّ الزواج ظهر على

١٨٢

صفحات التاريخ قبل ظهور الإنسان. وما أقل المجتمعات التي لم تمارس مسألة الزواج، ولكنّ الباحث كان يمكن أن يلتقي بعدّة مجتمعات على النحو الأخير).

المقصود أنّ المشاعر العائلية عند الإنسان أمر طبيعي وغريزي، وليست نتيجة السعادة والتمدّن، كما أنّ كثيراً من الحيوانات تمتلك - بصورة طبيعية وغريزية - المشاعر العائلية.

وعلى هذا، فلم تمر بالبشرية أبداً مرحلة كان الجنسان يتعايشان فيها بشكل تام دون أي قيد ولا شرط ولا التزام، ولو كان التزاماً طبيعياً. ومثل هذه المرحلة المفترضة تماثل الاشتراك الجنسي الذي لا يدّعيه حتى مدّعو الاشتراكية المالية في المراحل الأُولى.

فرضية المراحل الأربع في علاقات المرأة والرجل ليست إلاّ تقليداً لفرضية المراحل الأربع التي يؤمن بها الاشتراكيون حول الملكية إذ يقولون: (إنّ البشرية فيما يخص الملكية قد مرّت بأربع مراحل: مرحلة الاشتراكية البدائية، ومرحلة الإقطاع، ومرحلة الرأسمالية، ومرحلة الاشتراكية والشيوعية التي تُعدّ عودة إلى الاشتراكية البدائية ولكن على مستوى أعلى).

والطريف أنّ السيدة منوجهريان أطلقت اسم المساواة في الحقوق بين المرأة والرجل على المرحلة الرابعة من علاقة المرأة بالرجل؛ وبذلك تكون قد أعرضت عن تقليد الاشتراكيين إذ لم تطلق عليها اسم العودة

١٨٣

إلى الاشتراكية البدائية. ولكنّها مع ذلك تدرك التشابه بين المرحلة الرابعة والمرحلة الأُولى فتقول صراحة: (وفي المرحلة الرابعة - التي تشبه كثيراً المرحلة الأُولى - تعيش المرأة والرجل سوية دون أن يكون لأيٍّ منهما أيّة سلطة على الآخر).

ولم أستطع لحد الآن أن أفهم غرضها من عبارة (تشبه كثيراً) فإذا كان قصدها فقط عدم تسلّط الرجل وتساوي التزامات وظروف الطرفين في مقابل كل منهما، فهذا ليس شبهاً بين المرحلة الرابعة والمرحلة الأُولى، والتي تقول هي إنّها لم يكن فيها أي التزام أو قيد شرط، وإنّ حياة المرأة والرجل كانت فاقدة للصورة الأُسرية. أمّا إذا كان ما تقصده بالتشابه هو أنّ القيود والالتزامات تختفي تدريجياً في المرحلة الرابعة ممّا يؤدّي إلى اختفاء الأسرة في النهاية وشيوع الاشتراكية الجنسية، فيصبح واضحاً أنّ ما تعنيه بـ (تساوي الحقوق) - الذي تتبنّاه هي بشكل جدّي - شيء غير ما يعنيه باقي أنصار تساوي الحقوق والذي يرونه في بعض الأحيان شيئاً مختفياً.

والآن لنتّجه إلى البحث في طبيعة الحقوق الأُسرية للمرأة والرجل، وفي هذا المجال لابد أن نتاول شيئين:

الأول: هل يختلف الرجل عن المرأة من الناحية الطبيعية أم لا؟ وبتعبيرٍ آخر هل أنّ الاختلاف بينهما هو فقط من حيث طبيعة الجهاز التناسلي؟ أم أن بينهما فروقاً أعمق؟

١٨٤

الثاني: إنّه إذا كانت هناك اختلافات وفروق بينهما فهل أنّها من قبيل الفروق التي تؤثّر في تحديد الحقوق والواجبات، أم أنّها من نوع فروق اللون والعنصر التي ليست لها علاقة بطبيعة حقوق الإنسان؟

المرأة في الطبيعة

في الجانب الأوّل لا أظن أنّ هناك خلافاً بين اثنين، فكل مَن له أدنى اطلاع في هذا الجانب، يعلم أنّ الفروق بين المرأة والرجل لا تقتصر على الجهاز التناسلي فقط، إنّما الخلاف في أنّ هذه الفروق هل تتدخّل في تحديد الحقوق والواجبات لكل منهما أم لا؟

وقد بيّن علماء ومحقّقو أوروبا هذه الفروق بصورة وافية، والتدقيق في البحوث الحياتية والنفسية والاجتماعية التي قدّمها هؤلاء العلماء لا يدع أدنى مجال للشك في هذا الأمر. أمّا الشيء الذي لم يحز إلاّ على قليل من اهتمام هؤلاء العلماء هو كون هذه الفروق مؤثّرة في تحديد الحقوق والواجبات الأُسرية، وأنّها تضع المرأة والرجل في مواقع متباينة.

ويعترف الكسيس كارل - الفيزيولوجي والجرّاح وعالم الحياة الفرنسي المعروف، والذي حاز على شهرة عالمية - في كتابه القيّم (الإنسان ذلك المجهول)(1) بكلا القسمين. أي إنّه يقول إنّ المرأة

____________________

(1) بالفارسية: (إنسان موجود ناشناخته).

١٨٥

والرجل مختلفان من حيث الخلقة، وأنّ هذه الاختلافات الخلقية تقتضي أن يتفاوتا في الواجبات والحقوق.

إنّه يذكر في فصل تحت عنوان (النشاطات الجنسية وإنتاج المثل)(1) ما يلي: (للخصيتين والمبيضين أعمال متشعّبة، إذ إنّها تقوم بإنتاج الخلايا الذكرية أو الأنثوية أوّلاً والتي بتزاوجها يتكوّن إنسان جديد، وفي نفس الوقت تقوم بإفراز مواد داخل الدم تعيّن الخصائص الجنسية للرجل والمرأة في الأنسجة والأعضاء والمشاعر، كما تقوّي سائر الفعاليات البدنية. فإفراز الخصيتين يوجد الشجاعة والغضب والنشاط والخشونة في الرجل، وهي ذاتها الخصائص التي تميّز الثور المصارع عن ثور الحراثة، وأمّا المبيض فيترك آثاره الأنثوية الخاصة كذلك على المرأة).

(... إنّ الاختلاف بين المرأة والرجل لا يرتبط فقط بشكل الأجهزة التناسلية، ووجود الرحم عند المرأة والحمل والولادة، ونمط التعليم الخاص، وإنّما هو نتيجة لسبب أعمق ناشئ من أثر المواد الكيميائية التي تفرزها الغدد التناسلية في الدم).

(وبسبب عدم استيعاب مؤيّدي النهضة النسائية لهذه النقطة الرئيسة والمهمّة، فقد تصوّروا أنّ كلا الجنسين يمكن أن يتلقّيا تعليماً وتربية

____________________

(1) نفس المصدر السابق، ط3، ص100.

١٨٦

واحدة ويأخذا على عاتقهما مسؤوليات وصلاحيات وأعمال واحدة. فالمرأة تختلف في الحقيقة عن الرجل في جوانب كثيرة. فكل خلية من خلايا جسمها - وكذلك أجهزتها وخصوصاً الجهاز العصبي - تفرض عليها خصائص جنسها. والقوانين الفيسيولوجية تماماً مثل القوانين الفلكية ثابتة وغير قابلة للتغيير. فليس بالإمكان أن نخضعها لأهواء ورغبات الإنسان، بل نحن مضطرّون إلى أن نقبلها كما هي، والنساء يجب أن يجتهدن في إظهار مواهبهن الطبيعية بالطريقة التي تفرضها طبيعتهن بدون تقليد أعمى للرجال. دورهن في التكامل الإنساني أكبر بكثير من دور الرجال ولا ينبغي أن يتخلّين عنه ويهملنه).

وبعد أن يشرح (كارل) كيفية تكوّن حيمن الرجل وبويضة المرأة واتحادهما، ويشير إلى أنّ وجود الأنثى ضروري لاستمرار الرجل على خلاف وجود الذكر، وأنّ الحمل يكمل جسم وروح المرأة، يقول في الفصل الأخير: (يجب أن لا نربّي الشابات على نفس الطراز الفكري والحياتي ونفس الهدف والمثال الذي نربّي عليه الشبّان، ويجب على المتخصّصين في مجال التربية والتعليم أن يأخذوا الاختلافات العضوية والروحية بين الرجل والمرأة والواجبات الطبيعية لكل منهما بنظر الاعتبار، فإنّ التنبّه إلى هذه النقطة الأساسية مهم جدّاً في بناء مستقبل حضارتنا).

وكما تلاحظون فإنّ هذا العالم الكبير يشرح الفروق الطبيعية

١٨٧

الكثيرة بين المرأة والرجل ويعتقد أيضا أن الفروق تضع المرأة والرجل من ناحية الواجبات والحقوق في مواقع متباينة. وفي الفصل التالي سنعرض أيضا نظريات العلماء حول الفرق بين المرأة والرجل ثم نستنتج في أي الجوانب تتشابه استعداداتها واحتياجاتهما وتتشابه - تبعاً لذلك - حقوقهما، وفي أيّ الجوانب تتفاوت الاستعدادات، وتتفاوت - تبعاً لها - الحقوق والواجبات. وهذا القسم هو أكثر الأقسام حساسية عند بحث وتحديد الحقوق والتكاليف الأُسرية للمرأة والرجل.

١٨٨

الفصل السابع

فوارق المرأة والرجل

الفروق بين المرأة والرجل (1)

(الفروق بين المرأة والرجل! يا له من كلام منمّق، يظهر أنّه يوجد لحد الآن - ونحن في النصف الثاني من القرن العشرين - أشخاص يحملون أفكار القرون الوسطى ويتابعون فكرة الرق بين المرأة والرجل القديمة البالية، ويتصوّرون أنّ المرأة تختلف عن الرجل، ولابدّ أنّهم - كأهل القرون الوسطى - يريدون أن يتوصّلوا إلى أنّ المرأة جنس أدنى، إنسان ناقص، نقلة بين الحيوان والإنسان، وليست لائقة لأن تحيا حياة مستقلّة وحرّة، بل يجب أن تعيش تحت قيمومة وولاية الرجل، بينما أصبحت هذه الأفكار قديمة وبالية، وقد ثبت اليوم أنّ كل هذا الكلام كان كلام غش ألفه الرجل ظلماً في مرحلة التسلّط على المرأة، وثبت عكسه الآن، فالمرأة هي الجنس الأفضل والرجل هو الجنس الأدنى والأقل).

كلاّ، أيّها السيد، ففي القرن العشرين وفي ضوء التقدّم العلمي المحيّر، أصبحت الفوارق بين المرأة والرجل أكثر وضوحاً وتحديداً، وليست غشّاً وافتراءً، بل حقائق علمية تجريبية، لكن هذه الفوارق لا علاقة لها بكون المرأة أو الرجل جنساً أفضل، والثاني جنساً أدنى وأحقر وأنقص. فإنّ لقانون الخلقة قصداً آخر في ذلك، فهو قد أوجد هذه

١٨٩

الفوارق من أجل توثيق العلاقات العائلية بين المرأة والرجل وتقوية أساس الوحدة بينهما. أوجد هذه الفوارق من أجل أن يوزّع المسؤوليات بين المرأة والرجل ويحدّد لهما الحقوق والواجبات الأُسرية. وإنّ الهدف من إيجاده لهذه الفوارق شبيه بالهدف الذي من أجله أوجد الفوارق بين أعضاء الجسد الواحد؛ فهو حين عيّن مواقع العين والأذن واليد والرجل والعمود الفقري، لم يكن يفضّل عضواً على آخر ويحب عضواً ويكره آخر.

تناسب أم نقص وكمال

من المواضيع التي تثير عجبي إصرار البعض على أنّ الفوارق بين المرأة والرجل من حيث الجسم والعقل نقصاً في المرأة وكمالاً للرجل، ويدّعون أنّ قانون الخلقة قد خلق المرأة ناقصة لحكمة ما. واعتبار المرأة ناقصة كان مشتهراً في الغرب قبل ظهوره بين شعوب الشرق. فالغربيون كثيراً ما ظلموا المرأة بالطعن فيها واعتبارها ناقصة؛ إذ قالوا على لسان الكنيسة والدين: (إنّ المرأة يجب أن تخجل من كونها امرأة). وقالوا: (المرأة هي الموجود ذو الشعر الطويل والعقل القصير). و(المرأة آخر موجود وحشي دجّنه الرجل) و(المرأة نقلة بين الحيوان والإنسان) وأمثال ذلك.

وأعجب من هذا أن يستدير بعض الغربيين مئة وثمانين درجة ويريدون أن يثبتوا الآن بألف دليل ودليل أنّ الرجل موجود ناقص

١٩٠

الخلقة، وضيع وحقير، والمرأة موجود كامل وأفضل من الرجل. ولو قرأتم كتاب (المرأة الجنس الأفضل)(1) لأشلي مونتاغو، والذي ينشر في مجلة (إمرأة اليوم)(2) لرأيتم كيف يريد هذا الرجل - بمختلف التلفيقات وأقوال الزور - أن يثبت أنّ المرأة أكمل من الرجل. هذا الكتاب من حيث المعلومات الطبيّة والنفسية، والإحصاءات الاجتماعية التي يعرضها مباشرة؛ قيّم جداً، ولكن حين يقوم الكاتب نفسه بالاستنتاج من ذلك ما يريد أن يثبت به عنوان كتابه، تصل التلفيقات غايتها القصوى. لماذا يعتبرون المرأة يوماً بهذه الحقارة والدناءة لكي يضطرّوا في يوم آخر إلى أن يرفعوا عنها كل هذه النقائص ويلصقونها بالرجل؟ وما الداعي لاعتبار الفوارق بين المرأة والرجل نقصاً في أحداهما وكمالاً في الآخر لنكون مضطرّين إلى أن نحيف مرة على الرجل ومرّة على المرأة؟ يصر أشلي مونتاغو على أن يقدّم المرأة على أنّها أفضل من الرجل من الرجل من جهة، ويقوم من الجهة الأخرى بتعليل مميزات الرجل على أنّها نتيجة العوامل التاريخية والاجتماعية لا العوامل الطبيعية.

وعلى كل حال، فإنّ الفوارق بين الرجل والمرأة تناسب وليست نقصاً وكمالاً. وقد شاء قانون الخلقة أن يوجد - بهذه الفوارق - تناسباً

____________________

(1) بالفارسية كتاب (زن جنس برتر).

(2) بالفارسية (زن روز).

١٩١

أكبر بين المرأة والرجل اللذين خلقا - قطعاً - لحياة مشتركة وما حياة العزوبة إلاّ انحراف عن هذا القانون، وسيتضح هذا الأمر عند عرض الفروق بين الجنسين.

نظرية أفلاطون

إنّ هذه الفكرة ليست حدثاً جديداً ظهر في قرننا هذا، إنّما ترجع في قدمها إلى ألفين وأربع مئة عام خلت؛ إذ إنّها قد طرحت على نفس هذه الصورة في كتاب (جمهورية أفلاطون) حيث يدّعي أفلاطون بصراحة تامّة أنّ للنساء والرجال استعدادات متشابهة، ويمكن لنساء أن يلتزمن بنفس واجبات الرجال ويتمتعن بنفس حقوقهم.

وعلى هذا فإنّ نواة جميع الأفكار الجديدة التي طرحت في القرن العشرين بخصوص المرأة وحتى تلك التي اعتبرت في نظر شعوب القرن العشرين متطرّفة وغير مقبولة، تجدها في أفكار أفلاطون وهذا ما جعله محل إعجاب المراقبين وهو المسمّى أبا الفلسفة. وقد بحث أفلاطون في الفصل الخامس من كتاب (الجمهورية) ضمن ما بحث؛ اشتراكية المرأة والطفل وإصلاح العنصر وتحسين النسل، وحرمان بعض النساء والرجال من التناسل وحصره بالأفراد الذين يتمتعون بميزات جيدة، وتربية الأولاد خارج محيط الأُسرة، وحصر التناسل في سنوات معيّنة من عمر المرأة والرجل هي سنوات القوّة والحيوية.

يعتقد أفلاطون أنّه كما يُدرّب الرجال على فنون الحرب كذلك

١٩٢

يجب أن تنال النساء نفس التدريب، وكما يشارك الرجال في المباريات الرياضية، كذلك النساء.

إلاّ أنّ هناك ملاحظتين على أقوال أفلاطون:

الأُولى: إنّه يعترف أنّ النساء أضعف من الرجال سواء في القوى البدنية أو القوى الروحية أو العقلية، أي أنّه يرى الفرق بين المرأة والرجل فرقاً (كمّيّاً) ويرفض كونهما مختلفين من ناحية الاستعدادات.

فهو يعتقد أنّ استعدادات المرأة والرجل واحدة. إلاّ أنّ النساء أضعف من الرجال في جميع الجوانب، هذا ما لا يدعو إلى أن تعمل النساء في مجالات غير مجالات عمل الرجال. وأفلاطون بسبب اعتقاده أنّ المرأة أضعف من الرجل، يشكر الله على أن خلقه رجلاً لا امرأة. فيقول (أشكر الله لأنّني خُلقت يونانياً لا غير يوناني، إنّني وُلدت حرّاً لا عبداً، وأنّني خُلقت رجلاً لا امرأة).

الثانية: أنّ أفلاطون فوض إلى الطبقة الحاكمة (الفلاسفة الحكام) مسائل تحسين النسل، والتنمية المتماثلة لاستعدادات المرأة والرجل، اشتراكية المرأة والطفل وغير ذلك، باعتبار أنّه يرى الحكام الفلاسفة أجدر الناس بتولي الحكم. وبما أنّنا نعلم أنّ أفلاطون في المجال السياسي يرفض الديمقراطية ويؤيّد الارستقراطية فإنّ ما قاله فيما مرّ يتعلّق بالطبقة الارستقراطية، وأمّا بالنسبة لغير هذه الطبقة فله رأي آخر.

١٩٣

أرسطو في مواجهة أفلاطون

وقد آلت آراء أفلاطون في العالم القديم من بعده إلى تلميذه أرسطو. ففي كتابه (السياسة) عرض أرسطو آراءه في الفوارق بين المرأة والرجل والتي خالف فيها أُستاذه أفلاطون مخالفة شديدة. فهو يؤمن أنّ الفرق بين المرأة والرجل ليس كمّيّاً فقط وإنّما كيفيّاً أيضاً. إنّه يقول إنّ استعدادات المرأة تختلف نوعاً عن استعدادات الرجل، وأنّ الواجبات التي ألقاها على عاتقهما قانون الخلقة، والحقوق التي أرادها لهما تختلف من جوانب كثيرة. وفي نظر أرسطو، إنّ الفضائل الأخلاقية للرجل والمرأة تتفاوت كذلك في كثير من المجالات، فما يمكن أن يعد فضيلة للرجل قد يعد خلاف ذلك عند المرأة، وما يعتب فضيلة عند المرأة قد لا يعتبر كذلك عند الرجل.

وقد نسخت نظريات أرسطو نظريات أفلاطون في العالم القديم، ورجّح العلماء الذين جاءوا بعدهما نظريات أرسطو على نظريات أفلاطون.

نظرة عالم اليوم

كان هذا ما يتعلّق بآراء العالم القديم، فلننظر ماذا يقول عالم اليوم؟ العالم الجديد لا يكتفي بالحدس والتخمين، إنّما اعتماده على المشاهدة والاختبار، والإحصاءات والأرقام، وما تراه العين. وفي العالم الجديد، وعلى ضوء الدراسات المعمّقة في الطب والنفس والمجتمع تمّ اكتشاف

١٩٤

فوارق أكثر وأكبر بين المرأة والرجل لم يكن يعرفها العالم القديم.

فشعوب العالم القديم إنّما كانت تقيم المرأة والرجل على أساس أنّ أحدهما أضخم والآخر أصغر، هذا أخشن وهذا أنعم، هذا أطول وهذا أقصر، صوت الرجل أخشن وصوت المرأة أنعم، شعر الرجل أكثف وشعر المرأة أقلّ كثافة، وكانوا على كل حال لا يتجاوزون في المقارنة أكثر من التفريق في سن البلوغ بين المرأة والرجل أو الفروق بين عقل ومشاعر كل منهما، فيجعلون الرجل مظهر العقل والاتزان والمرأة مظهر العاطفة والحب. أمّا اليوم فقد تمّ اكتشاف فوارق كثيرة علاوة على الفروق التي كانت معروفة من قبل. وسنذكر فيما يلي مجموع الفوارق التي حصلنا عليها من كتابات المحقّقين، ثم نقوم بشرح فلسفتها وتقسيمها إلى ما هو طبيعي وما هو نتيجة للعوامل التاريخية والثقافية والاجتماعية. والحقيقة أنّ قسماً من هذه الفروق يمكن إدراكه بقليل من التجربة والاطلاع والقسم الآخر بديهي لا يمكن إنكاره بحال من الأحوال.

نوعان متباينان من الناحية الجسمية

الرجل - بشكلٍ عام - أضخم جسماً، والمرأة أصغر جسماً... الرجل أطول والمرأة أقصر... الرجل خشن الملمس والمرأة ناعمة، صوت الرجل خشن وصوت المرأة رقيق، نمو جسم المرأة سريع، ونمو جسم الرجل بطيء، حتى ليقال إنّ الجنين الأُنثى أسرع نمواً من الجنين الذكر،

١٩٥

نمو عضلات الرجل وقواه البدنية أكثر من المرأة، مقاومة المرأة لكثير من الأمراض أكثر من مقاومة الرجل.

المرأة تبلغ رشدها أسرع من الرجل كما تبلغ سن اليأس على العكس من الرجل، كذلك البنت تبدأ بالكلام أسرع من الولد، معدل حجم دماغ الرجل أكبر من معدل حجم دماغ المرأة، ولكن لو أخذنا بنظر الاعتبار نسبة حجم الدماغ إلى حجم الجسم، لكان دماغ المرأة أكبر من دماغ الرجل... استيعاب رئة الرجل للهواء أكثر من استيعاب رئة المرأة، ضربات القلب المرأة أسرع من ضربات قلب الرجل.

من الناحية النفسية

يميل الرجل إلى الرياضة والصيد والأعمال الحركية أكثر من المرأة، الرجل يميل إلى المبارزة والقتال، والمرأة تميل إلى السلم والمؤانسة، الرجل أكثر تعدّياً وإثارة للصخب والمرأة أكثر هدوءاً وسكوناً.

المرأة تتجنّب استعمال الخشونة مع نفسها أو مع الآخرين ولذا نرى أنّ نسبة انتحار النساء أقل منها لدى الرجال. والرجال في كيفية الانتحار كذلك أقسى من المرأة.

فهم يستعملون المسدّس، يلقون بأنفسهم من مرتفع، أمّا

١٩٦

النساء فيستعملن الأقراص المنوّمة والترياك(1) وأمثال ذلك.

مشاعر المرأة أسرع تهيّجاً من مشاعر الرجل، أي أنّ المرأة في مجال الحب أو الخوف سريعة التأثّر والانفعال، والرجل أبطأ تأثّراً بهذه المشاعر، والمرأة بطبعها تهتم بزينتها وجمالها وبالموضات المختلفة بخلاف الرجل، مشاعر المرأة أقل ثباتاً من مشاعر الرجل، المرأة أكثر احتياطاً من الرجل وتديناً وثرثرة، وخوفاً ومجاملة.

مشاعر المرأة أُمومية وتظهر فيها منذ الطفولة، وحبّها للأُسرة وإدراكها الطبيعي لأهميّة المؤسسة العائلية أكثر من الرجل. المرأة في علوم الاستدلال والمسائل العقلية الجافّة لا تصل إلى مستوى الرجل لكنّها لا تقل عنه مهارة في الآداب والرسم وسائر المجالات التي ترتبط بالذوق والمشاعر، الرجل أقدر من المرأة على كتمان الإسرار - وحتى الأسرار التي تُعدّ مشكلة بالنسبة له - ولذا نجد الرجل أكثر من المرأة ابتلاءً بالأمراض الناتجة عن هذا الكتمان، المرأة أرق قلباً من الرجل وأسرع منه إلى البكاء وأحياناً إلى الحيلة.

____________________

(1) هو سائل يستخرج من جوز نبات الخشخاش فيجفف وهو مخدّر يستعمله كثير من المدمنين على المخدّرات، كما يدخل في تركيب كثير من الأدوية. المصحّح.

١٩٧

من ناحية المشاعر تجاه بعضهما

الرجل عبد شهوته والمرأة أسيرة حبّها للرجل، يحب المرأة التي تعجبه ويختارها، والمرأة تحب الرجل الذي يوليها اهتمامه ويظهر لها حبّه مسبقاً، الرجل يريد المرأة التي تتبعه ويسيطر عليها والمرأة تريد الاستيلاء على قلب الرجل والسيطرة عليه عن طريق قلبه، الرجل يريد أن يسيطر على المرأة عنوة، والمرأة تريد أن تسيطر على الرجل بالنفوذ إلى قلبه، الرجل يريد أن يأخذ المرأة والمرأة تريد أن تجذب الرجل، المرأة يعجبها في الرجل الشجاعة والإقدام والرجل يعجبه فيها الجمال والدلال، المرأة تعتبر حماية الرجل لها أغلى شيء لديها، وهي أقدر من الرجل على امتلاك شهوتها. وشهوة الرجل بادئة مهاجمة وشهوة المرأة تبرز بالإثارة.

الفروق بين المرأة والرجل (2)

نشرت مجلّة (امرأة اليوم)(1) نظرية بروفسور وعالم نفس أمريكي مشهور يدعى (بروفسور ريك) قضى سنوات طويلة في البحث في عادات المرأة والرجل وحصل على نتائج جيّدة، وقد نشر - في كتاب ضخم - الفروق التي لا تعد بين المرأة والرجل.

يقول البروفسور: (عالم الرجل يختلف عن عالم المرأة فإذا كانت

____________________

(1) (زن روز) باللغة الفارسية، العدد 90.

١٩٨

المرأة لا تستطيع أن تفكر أو تتصرف كالرجل، فإن هذا يدل على أن لكل منهما عالما مختلفا عن الآخر).

ويقول: (جاء في التوراة: خلق الرجل والمرأة من لحم واحد) نعم، بالرغم من أنّهما خلقا من لحم واحد، فإنّ لهما جسدين مختلفين ومتفاوتين كليّاً من حيث التركيب. وبالإضافة إلى ذلك، فإنّ أحاسيس ومشاعر هذين الموجدين لن تتشابه في أيّ وقتٍ من الأوقات، ولن يحدث مطلقاً أن يكون لهما ردّ فعل واحد تجاه الأحداث، والمرأة والرجل - بحكم الاختلاف الطبيعي في الجنس - يتصرفان بنحوين مختلفين، ويتحرّكان كنجمتين في مدارين متباينين، إنّهما يفهمان بعضهما ويكملان بعضهما ولكنّهما لن يكونا شيئاً واحداً أبداً؛ لذا فهما يتمكنّان من العيش سوية، يعشق أحدهما الآخر ولا يمل أو ينزعج من صفاته وأخلاقه).

وقد أجرى البروفيسور ريك مقارنة بين مشاعر كل من المرأة والرجل وسجل الفروق بين الاثنين، ومن هذه الفروق قوله:

(يمل الرجل البقاء مدّة طويلة بجوار المرأة التي يحبها، أمّا المرأة فليس شيء ألذّ عندها من أن تكون دائماً على مقربة ممّن تحبّه.

* يحب الرجل أن يكون في كل أيّامه على حال واحدة. أمّا المرأة فتسعى لتصنع من نفسها إنساناً جديداً كل يوم وأن تنهض من فراشها كل يوم بوجه جديد.

* أحلى جملة يمكن أن يقولها رجل لامرأة هي عبارة (عزيزتي،

١٩٩

إنّني أحبّك).

* وأجمل عبارة تقولها المرأة للرجل الذي تحبّه هي عبارة (أنا فخورة بك).

* الرجل الذي كانت في حياته أكثر من امرأة يصبح محل إعجاب النساء الأُخريات، بينما لا يرتاح الرجال للمرأة التي كان لها في حياتها أكثر من رجل واحد.

* حين يهرم الرجال يشعرون بالتعاسة؛ لأنّهم قد فقدوا مصدر قوّتهم وهو القدرة على العمل، أمّا النساء المسنّات فيشعرن بالرضا؛ لأنّ أحسن شيء في نظرهن: بيت وعدد من الأحفاد.

* النجاح في نظر الرجال هو الحصول على مكانة اجتماعية مرموقة وشخصية موضع احترام كل أصناف المجتمع.

* والنجاح بالنسبة للمرأة امتلاك قلب رجل والاحتفاظ به طول العمر.

* ويسعى الرجل لأن يكسب المرأة التي يحب إلى دينه وجنسه.

* وكما يسهل على المرأة تغيير لقبها بعد الزواج طبقاً للقب زوجها؛ كذلك يسهل عليها تغيير دينها وجنسيتها من أجل الرجل الذي تحب).

آية الخلق

بغضّ النظر عن كون الفروق بين المرأة والرجل تستوجب التفاوت

٢٠٠