الكنى والألقاب الجزء ٢

مؤلف: عباس بن محمد رضا بن أبي القاسم القمي (المحدث القمي)
تصنيف: علم الرجال والطبقات
الصفحات: 499
مؤلف: عباس بن محمد رضا بن أبي القاسم القمي (المحدث القمي)
تصنيف: علم الرجال والطبقات
الصفحات: 499
المرجع الوحيد الذي يرجع إليه معظم المسلمين في شؤونهم الدينية.
وكشف الإمام محمد الجوادعليهالسلام النقاب عن العلّة في تشريع بعض الأحكام وكان من بينها ما يلي:
١ - سئل محمد بن سليمان عن العلّة في جعل عدّة المطلّقة ثلاث حيض أو ثلاثة أشهر، وصارت عدّة المتوفّى عنها زوجها أربعة أشهر وعشراً، فأجابه الإمامعليهالسلام عن ذلك:
( أمّا عدّة المطلّقة ثلاثة قروء فلاستبراء الرحم من الولد، وأمّا عدة المتوفى عنها زوجها فإنّ الله تعالى شرط للنساء شرطاً، وشرط عليهن شرطاً فلم يجابهن فيما شرط لهنّ، ولم يجر فيما اشترط عليهنّ، أما ما شرط لهنّ في الإيلاء أربعة أشهر إذ يقول الله عزوجل:( للذين يؤلون من نسائهم تربُّصُ أربعة أشهر ) فلم يجوز لأحد أكثر من أربعة أشهر في الإيلاء لعلمه تبارك اسمه إنّه غاية صبر المرأة عن الرجل، وأمّا ما شرط عليهنّ فإنّه أمرها أن تعتدّ إذا مات زوجها أربعة أشهر وعشراً فأخذ منها له عند موته ما أخذ لها منه في حياته عند الإيلاء، قال الله عزّ وجل: ( يَتَرَبَّصنَ بأنفُسِهِنَّ أربعةَ أشهُرٍ وعَشْراً ) ولم يذكر العشرة الأيام في العدّة إلاّ مع الأربعة أشهر، وعلم أنّ غاية المرأة الأربعة أشهر في ترك الجماع فمن ثمّ أوجبه عليها ولها.. )(١) .
٢ - سأل محمد بن سليمان الإمام الجواد عن العلّة فيما إذا قذف الرجل امرأته بجريمة الزنا تكون شهادته أربع شهادات بالله، وإذا قذفها غيره سواءً كان قريباً لها أم بعيد جلد الحدّ أو يقيم البيّنة على ما قال، فأجابهعليهالسلام :
( قد سئل أبو جعفر - يعني الإمام الباقرعليهالسلام - عن ذلك فقال: إن الزوج إذا
____________
١ - وسائل الشيعة: ج ١٥: ٤٥٢، علل الشرائع: ص ١٧٢، المحاسن: ص ٣٠٣.
قذف امرأته فقال: رأيت ذلك بعيني كانت شهادته أربع شهادات بالله، وإذا قال: إنّه لم يره. قيل له أقم البيّنة على ما قلت: وإلاّ كان بمنزلة غيره، وذلك أنّ الله تعالى جعل للزوج مدخلاً لا يدخله غيره والد ولا ولد يدخله بالليل والنهار فجاز له أن يقول: رأيت، ولو قال غيره: رأيت قيل له: وما أدخلك المدخل الذي ترى هذا فيه وحدك، أنت متّهم فلابدّ من أن يقيم عليك الحدّ الذي أوجبه الله عليك.. )(١) .
هذا بعض ما أثر عنه في بيان علل بعض الأحكام التي شرعها الإسلام.
والشيء المحقّق الذي لا يمكن إنكاره، ولا إخفاءه هو ما بشّر به الرسول الأعظمصلىاللهعليهوآله أمّته بخروج المصلح العظيم الإمام المنتظر الذي يقيم اعوجاج الدين، وتحقّق في ظلال حكمه العدالة الاجتماعية الكبرى فيأمن المظلومون والمضطهدون، ويعمّ الحقّ جميع أنحاء الدنيا، ويقضى على الغبن الاجتماعي، وتزول عن الناس جميع أفانين الظلم والجور، ويكون حكمه الزاهر امتداداً ذاتياً لحكومة النبيصلىاللهعليهوآله وحكومة الإمام أمير المؤمنين رائد الحقّ والعدل في الأرض.
إنّ الاعتقاد بضرورة خروج الإمام المنتظر ( عجّل الله فرجه ) جزء من رسالة الإسلام وعنصر هام من عناصر العقيدة الإسلامية، فإنّ الإسلام بمفهومه الصحيح لابدّ أن يسود الأرض، ولابدّ للمبادئ الوضعيّة من أن تتحطّم لأنّها جرّت المحن والخطوب للإنسان، وأخلدت له المشاكل والمتاعب، ولابدّ أن ينقذ الله عباده من شرورها واستبدادها على يد هذا الإمام العظيم.
وعلى أي حال فقد تواترت الأخبار عن النبيصلىاللهعليهوآله وعن الأئمة الطاهرين
__________________
١ - وسائل الشيعة: ج ١٥ ص ٥٩٤.
بحتمية خروج قائم آل محمدعليهالسلام وكان ممّن بشر به الإمام الجوادعليهالسلام وفيما يلي بعض ما أثر عنه:
١ - روى عبد العظيم بن عبد الله الحسني قال: دخلت على سيدي محمد بن عليّ بن موسىعليهالسلام وأنا أريد أن اسأله عن القائم هل هو المهدي أو غيره؟ فابتدأني قائلاً:
( يا أبا القاسم إنّ القائم منّا هو المهدي الذي يجب أن ينتظر في غيبته ويطاع في ظهوره، وهو الثالث من ولدي، والذي بعث محمداً بالنبوة وخصّنا بالإمامة إنه لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتى يخرج فيه فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً وإنّ الله تبارك وتعالى ليصلح له أمره في ليلة كما أصلح أمر كليمه موسى، إذ ذهب يقتبس ناراً فرجع وهو رسول نبي، وأضاف الإمام الجواد قائلاً: أفضل أعمال شيعتنا انتظار الفرج )(١) .
٢ - روى عبد العظيم الحسني قال: قلت لمحمد بن علي: إنّي لأرجو أن يكون القائم من أهل بيت محمدصلىاللهعليهوآله الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً؟
فأجابه الإمام الجواد:
( يا أبا القاسم ما منّا إلاّ وهو قائم بأمر الله عزوجل، وهاد إلى دين الله، ولكن القائم الذي يطهّر الله عزوجل به الأرض من أهل الكفر والجحود، ويملأها عدلاً وقسطاً هو الذي تخفى على الناس ولادته، ويغيب عنهم شخصه، ويحرم عليهم تسميته، هو سميّ رسول اللهصلىاللهعليهوآله وكنيّه، وهو تطوى له الأرض، ويذلّ له كل صعب ويجتمع إليه أصحابه عدّة أهل بدر ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً من أقاصي
__________________
١ - إكمال الدين وإتمام النعمة: ج ٢ ص ٤٨ - ٤٩، والكفاية والنصوص من مخطوطات مكتبة كاشف الغطاء العامّة.
الأرض وذلك قول الله عزوجل:( أينَ ما تكُونُوا يأتِ بكمُ اللهُ جميعاً إنّ الله على كلِّ شيءٍ قديرٌ ) (١) . فإذا اجتمعت له هذه العدّة من أهل الإخلاص أظهر الله أمره )(٢) .
لقد أخبر الإمام الجواد عن بعض خصائص الإمام المنتظر من غياب شخصه وحجبه عن الأنظار، كما أخبر عن عدد أصحابه بعد ظهوره وأنّهم كعدد أصحاب رسول اللهصلىاللهعليهوآله يوم بدر فقد استطاع بتلك القلّة المتسلّحة بالإيمان والوعي أن يقضي على معالم الجاهلية، ويدمّر القوى الباغية، ويرفع كلمة الله عالية في الأرض، كذلك وصيّه الأعظم الإمام المنتظرعليهالسلام فإنّه بأصحابه القلّة المؤمنة سوف يغيّر مجرى الحياة فيبسط العدل السياسي والعدل الاجتماعي في ربوع الأرض ويحقّق للإنسانية أعظم الانتصارات، ويقضي على معالم الجاهلية التي طغت في هذه العصور التي خضع الناس فيها للمادة، ولم يعد للقيم الروحية والمثل الكريمة أي ظلّ في النفوس، أرانا الله الأيام المشرقة من أيام حكمه.
للإمام أبي جعفر الجوادعليهالسلام بعض النصائح الرفيعة الهادفة إلى الإيمان بالله والثقة به والتوكّل عليه ومن بينها:
١ - الثقة بالله:
قالعليهالسلام : ( إنّ من وثق بالله أراه السرور، ومن توكّل على الله كفاه الأمور، والثقة بالله حصن لا يتحصّن فيه إلاّ المؤمن، والتوكّل على الله نجاة من كلّ سوء
__________________
١ - سورة البقرة: الآية ١٤٨.
٢ - إكمال الدين وإتمام النعمة: ج ٢ ص ٤٩، الكفاية والنصوص.
وحرز من كلّ عدو.. )(١) .
وحفلت هذه الكلمات الذهبية بأروع ما يحتاج إليه الناس في حياتهم وهو الثقة بالله خالق الكون وواهب الحياة، فمن وثق به أراه السرور، ومن توكّل عليه كفاه الأمور.
٢ - الاستغناء بالله:
ودعا الإمام الجوادعليهالسلام إلى الاستغناء بالله تعالى، ورجائه دون غيره، قالعليهالسلام :
( من استغنى بالله افتقر الناس إليه، ومن اتّقى الله أحبه الناس )(٢) .
إنّ من يستغني بالله فقد استغنى عن غيره، ويفتقر إليه الناس لأنّه يكون داعية ومصدر عطاء لهم.
٣ - الانقطاع إلى الله:
وحثّ الإمام الجواد على الانقطاع إلى الله الذي لا ينقطع فيضه ولا لطفه أمّا من ينقطع إلى غيره فقد باء بالخيبة والخسران قالعليهالسلام :
( من انقطع إلى غير الله وكّله الله إليه.. ).
٤ - القصد إلى الله بالقلوب:
إنّ من واقع الإيمان القصد إلى الله تعالى في أعماق القلوب ودخائل النفوس ومن الطبيعي أنّ ذلك أبلغ بكثير من أتعاب الجوارح ومعاناتها بالأعمال وقد أعلنعليهالسلام ذلك بقوله: ( القصد إلى الله تعالى بأعماق القلوب أبلغ من أتعاب الجوارح.. )(٣) .
__________________
١ - الفصول المهمة لابن الصباغ: ص ٣٧٣.
٢ - جوهرة الكلام: ص ١٥٠.
٣ - الدر النظيم، ورقة ٢٢٣.
ودعا الإمام الجوادعليهالسلام إلى الاتصاف بمكارم الأخلاق ومحاسن الصفات وكان ممّا أوصى به:
١ - قالعليهالسلام : ( من حسن خُلق الرجل كفّ أذاه، ومن كرمه برّه لمن يهواه، ومن صبره قلّة شكواه، ومن نصحه نهيه عمّا لا يرضاه، ومن رفق الرجل بأخيه ترك توبيخه بحضرة من يكره، ومن صدق صحبته إسقاطه المؤنة، ومن علامة محبّته كثرة الموافقة وقلّة المخالفة.. )(١) .
ووضععليهالسلام بهذه الكلمات الرائعة الأسس لحسن الأخلاق ومكارم الأعمال، والدعوة إلى قيام الصداقة والصحبة على واقع من الفكر والمرونة.
٢ - قالعليهالسلام : ( حسب المرء من كمال المروءة أن لا يلقى أحداً بما يكره.. ومن عقله إنصافه قبول الحقّ إذا بان له.. ).
وكان ممّا دعا إليه الإمام الجوادعليهالسلام السعي والمبادرة في قضاء حوائج الناس وذلك لما لها من الآثار التي تترتّب عليها والتي منها دوام النعم قالعليهالسلام :
( إنّ لله عباداً يخصّهم بدوام النعم فلا تزال فيهم ما بذلوا لها، فإذا منعوها نزعها عنهم، وحوّلها إلى غيرهم.. )(٢) .
وأكّدعليهالسلام ذلك في حديث آخر له قال:
( ما عظمت نِعم الله على أحد إلاّ عظمت إليه حوائج الناس، فمن لم يحتمل تلك
__________________
١ - الاتّحاف بحبّ الأشراف: ص ٧٧، الدرّ النظيم: ورقة ٢٢٣.
٢ - الفصول المهمّة لابن الصبّاغ: ص ٢٥٨.
المؤنة عرّض تلك النعمة للزوال.. )(١) .
ووضع الإمام الجواد البرامج الصحيحة لحسن السلوك وآدابه بين الناس وكان من بين ما دعا له:
١ - قالعليهالسلام : ( ثلاث خصال تجلب فيهن المودّة: الإنصاف في المعاشرة، والمواساة في الشدّة، والانطواء على قلب سليم.. )(٢) .
٢ - قالعليهالسلام : ( ثلاثة من كنّ فيه لم يندم: ترك العجلة، والمشورة، والتوكّل على الله تعالى عند العزيمة، ومن نصح أخاه سرّاً فقد زانه، ومن نصحه علانية فَقَدَ شأنه.. )(٣) .
٣ - قالعليهالسلام : ( عنوان صحيفة المؤمن حسن خلقه، وعنوان صحيفة السعيد حسن الثناء عليه، والشكر زينة الرواية، وخفض الجناح زينة العلم، وحسن الأدب زينة العقل، والجمال في اللسان، والكمال في العقل.. )(٤) .
وحفلت هذه الكلمات بأصول الحكمة وقواعد الأخلاق والآداب، ولو لم تكن له إلاّ هذه الكلمات لكانت كافية في التدليل على إمامته إذ كيف يستطيع شاب في مقتبل العمر أن يدلي بهذه الحكم الخالدة التي يعجز عن الإتيان بمثلها كبار العلماء.
__________________
١ - الفصول المهمة لابن الصبّاغ: ص ٢٥٨.
٢ - جوهرة الكلام: ص ١٥٠.
٣ - الإتّحاف بحبّ الأشراف: ص ٧٨.
٤ - الإتّحاف بحبّ الأشراف.
ودعا الإمام الجوادعليهالسلام إلى اصطناع المعروف قالعليهالسلام : ( أهل المعروف إلى اصطناعه أحوج من أهل الحاجة إليه؛ لأنّ لهم أجره وفخره وذكره، فمهما اصطنع الرجل من معروف فإنّه يبتدأ فيه بنفسه )(١) .
وأثرت عن الإمام الجوادعليهالسلام بعض المواعظ ومنها ما يلي:
١ - قالعليهالسلام : تأخير التوبة اغترار، وطول التسويف حيرة، والاعتلال على الله هلكة، والإصرار على الذنب أمن لمكر الله ( فَلا يَأْمَنُ مَكرَ اللهِ إلاَّ القَومُ الخاسِرُونَ )(٢) .
٢ - قال له رجل: أوصني، فأوصاهعليهالسلام بهذه الوصية القيّمة:
( توسّد الصبر، واعتنق الفقر، وارفض الشهوات، وخالف الهوى، واعلم انّك لن تخلو من عين الله، فانظر كيف تكون.. )(٣) .
٣ - كتب الإمام الجوادعليهالسلام إلى بعض أوليائه هذه الرسالة الموجزة وهي حافلة بالوعظ والإرشاد وقد جاء فيها:
( أمّا هذه الدنيا فإنّا فيها معترفون، ولكن من كان هواه هوى صاحبه ودان بدينه فهو معه حيث كان(٤) والآخرة هي دار القرار.. )(٥) .
__________________
١ - الدرّ النظيم.
٢ - تحف العقول: ص ٤٥٦.
٣ - نفس المصدر.
٤ - في نسخة: فإذا كان ميلك وهواك إليّ وتحبّني كنت معي حيث كنت أنا.
٥ - تحف العقول: ص ٤٥٦.
هذه بعض مواعظه الحافلة بالدعوة إلى العمل بما يقرّب الإنسان من ربّه، ويبعده عن عقابه، وفيها التحذير من اتّباع النزعات الشريرة القائمة في نفس الإنسان، وهي تدفعه إلى الهلكة والمخاطر، والانجراف في ميادين الرذائل والجرائم.
لقد عنى الإمام محمد الجوادصلىاللهعليهوآله في وعظ الناس وإرشادهم كما عنى آباؤه بذلك، فقد كانت هذه الظاهرة من ألمع ما نقرأه في سيرتهم وحياتهم.
وتبادل الإمام الجوادعليهالسلام مع جماعة من القائلين بإمامته جملة من الرسائل تناولت مختلف القضايا ومن بين تلك الرسائل:
١ - بعث الإمام الجوادعليهالسلام رسالة إلى رجل من أهل الحيرة جاء فيها بعد البسملة:
( الحمد لله الذي انتجب من خلقه، واختار من عباده، واصطفى من النبيّين محمداًصلىاللهعليهوآله فبعثه بشيراً ونذيراً ودليلاً على سبيله الذي من سلكه لحق، ومن تقدّمه مرق، ومن عدل عنه محق، وصلى الله على محمد وآله.
أما بعد: فإني أوصي أهل الإجابة بتقوى الله الذي جعل لمن اتّقاه المخرج من مكروهه، إن الله عزّ وجل أوجب لوليّه ما أوجبه لنفسه ونبيّه في محكم كتابه بلسان عربي مبين.. وقد بلغني عن أقوام انتحلوا المودّة ونحلوا بدين الله، ودين ملائكته شكوا في النعمة، وحملوا أوزارهم وأوزار المقتدين بهم، واستحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله وما ورثوه من أسلاف صالحين، أبصروا فلزموا، ولم يؤثروا دنيا حقيرة على آخرة مؤبّدة، فأين يذهب المبطلون؟ سوف يأتي عليهم يوم يضمحل عنهم فيه الباطل، وتنقطع أسباب الخدائع، وذلك يوم الحسرة إذ القلوب لدى
الحناجر(١) والحمد لله الذي يفعل ما يشاء وهو العليم الخبير.. )(٢) .
ولم تشر المصادر التي بأيدينا إلى أسماء هؤلاء الأشخاص الذين انحرفوا عن الحقّ، وضلوا عن الطريق، ولم نعلم الأسباب التي دعتهم إلى رفضهم لمبدأ أهل البيتعليهمالسلام وانتحال دين آخر.
٢ - وردت على الإمام أبي جعفرعليهالسلام رسالة رواها بكر بن صالح قال: كتب صهر لي إلى أبي جعفر الثاني رسالة جاء فيها: ( إنّ أبي ناصب خبيث الرأي، وقد لقيت منه شدّة وجهداً، فرأيك جعلت فداك في الدعاء لي، وما ترى جعلت فداك، أفترى أن أكاشفه أم أداريه؟ ).
فأجابه الإمامعليهالسلام بعد البسملة:
( قد فهمت كتابك، وما ذكرت من أمر أبيك، ولست أدع الدعاء لك إن شاء الله، والمداراة خير لك من المكاشفة، ومع العسر يسراً، فاصبر إنّ العاقبة للمتّقين، ثبّتك الله على ولاية من تولّيت، نحن وأنتم وديعة الله التي لا تضيع ودايعه.. )(٣) .
ودلّت هذه الرسالة على لزوم البرّ بالأب، وإن كان ناصبياً مبغضاً لأهل البيتعليهمالسلام وأمرت الولد بالصبر على ما يلقاه من أبيه من جهد وعناء، وبهذه الأخلاق الرفيعة كان الأئّمة يوصون أتباعهم بالتحلّي بها ليكونوا قدوة إلى الناس.
٣ - كان إبراهيم بن محمد وكيل الإمام الجوادعليهالسلام بهمدان لتعليم الناس معالم دينهم، وقبض الحقوق الشرعية منهم، وإرسالها للإمامعليهالسلام وكان قد بعث ما قبضه للإمامعليهالسلام فأرسلعليهالسلام له هذه الرسالة:
__________________
١ - هكذا في الأصل ولعلّ الصحيح بلغت الحناجر.
٢ - الدرّ النظيم: ورقة ٣٢٢ - ٣٢٣.
٣ - بحار الأنوار ج ١٢ ص ١١٢.
( قد وصل الحساب تقبّل الله منك، ورضي عنهم، وجعلهم معنا في الدنيا والآخرة، وقد بعثت لك من الدنانير بكذا، ومن الكسوة بكذا، فبارك الله فيك، وفي جميع نِعم الله إليك، وقد كتبت إلى النصر أمرته أن ينتهي عنك، وعن التعرّض لك، ولخلافك، وأعلمته بوضعك عندي وكتبت إلى أيّوب أمرته بذلك أيضاً، وكتبت إلى موالي بهمدان كتاباً أمرتهم بطاعتك، والمصير إلى أمرك، وأن لا وكيل سواك.. )(١) .
وأعربت هذه الرسالة عن مزيد ثقة الإمامعليهالسلام بوكيله إبراهيم، ودعمه الكامل له فقد اتّصل بالمناوئين له وأمرهم بطاعته، والمصير إلى أمره، وتقوية مركزه.. وبهذا ينتهي بنا الحديث عن بعض رسائله.
وفتح الله باب التوبة لعباده، ودعاهم إلى طهارة نفوسهم، وإنقاذهم ممّا اقترفوه من عظيم الجرائم والذنوب، وقد روى أحمد بن عيسى في نوادره عن أبيه أنّ رجلاً أربى دهراً(٢) ، فخرج قاصداً أبا جعفر الجوادعليهالسلام ، وعرض عليه ما ارتكبه من عظيم الإثم فقالعليهالسلام له:
( مخرجك من كتاب الله، يقول الله:( فَمَن جَاءَهُ مَوْعظَةٌ من ربِّه فانتهى فَلَهُ مَا سَلَفَ ) والموعظة هي التوبة، فجهله بتحريمه، ثمّ معرفته به، فما مضى فحلال وما بقي فليستحفظ.. )(٣) .
أمّا الأموال الربوية التي أخذها - بغير حقّ - فيجب عليه أن يردّها إلى أربابها
____________
١ - بحار الأنوار: ج ١٢ ص ١٦٢.
٢ - أربى دهراً: أي كان يتعاطى الربا زمناً.
٣ - وسائل الشيعة: ج ١٢ ص ٤٣٣.
ولا تبرأ ذمّته منها بالتوبة والرواية ناظرة إلى الحكم التكليفي.
وروى الإمام الجوادعليهالسلام عن آبائهعليهمالسلام أنّ الله تعالى: ( أوحى إلى بعض الأنبياء أمّا زهدك في الدنيا فتعجلك الراحة، وأمّا انقطاعتك إليّ فيعزّزك بي، ولكن هل عاديت لي عدوّاً، وواليت لي وليّاً؟.. )(١) .
وتحدّث الإمام الجوادعليهالسلام ، عمّا يحتاج إليه المؤمن في هذه الحياة بقوله: ( المؤمن يحتاج إلى توفيق من الله، وواعظ من نفسه، وقبول ممّن ينصحه )(٢) .
للإمام أبي جعفر الجوادعليهالسلام مجموعة من الكلمات الذهبية التي تُعدّ من مناجم التراث الإسلامي ومن أروع الثروات الفكرية في الإسلام، وقد حفلت بأصول الحكمة، وقواعد الأخلاق وخلاصة التجارب، وفيما يلي بعضها:
١ - قالعليهالسلام : (لا تعاجلوا الأمر قبل بلوغه فتندموا، ولا يطولنَ عليكم الأمل فتقسوا قلوبكم، وارحموا ضعفاءكم، واطلبوا الرحمة من الله بالرحمة منكم .. ).
وحفل هذا الحديث بأمور بالغة الأهمّية، وقد جاء فيه:
أ - النهي عن العجلة والتسرّع في الأمور قبل أن يتبيّن حالها، وذلك لما تجرّ من
__________________
١ - تحف العقول: ص ٤٥٥ - ٤٥٦.
٢ - تحف العقول: ص ٤٥٧.
الندامة والخسران.
ب - النهي عن طول الأمل لأنّه ممّا يوجب قسوة القلب، والبعد عن الله.
ج - الحثّ على رحمة الضعفاء، والإحسان إلى المحرومين، فإنّ ذلك مفتاح لطلب الرحمة من الله.
٢ - قالعليهالسلام : (ثلاثة يبلغن بالعبد رضوان الله تعالى: كثرة الاستغفار، ولين الجانب، وكثرة الصدقة، وثلاث من كنّ فيه لم يندم: ترك العجلة، والمشورة، والتوكّل على الله عند العزم .. ).
وحفل هذا الحديث بالدعوة لما يقرّب الإنسان من ربّه، فقد حثّ على كثرة الاستغفار، ولين الجانب، وكثرة الصدقة، وهذه الخصال يحبّها الله، ويبلغ بها العبد رضوانه تعالى كما حفل الحديث بما يسعد به الإنسان في هذه الحياة، فقد دعاه إلى الاتّصاف بهذه الخصال الثلاث وهي:
أ - ترك العجلة، فإنّ العجلة تسبّب للإنسان كثيراً من المشاكل والخطوب وقد قيل:
قد يدرك المتأنّي بعض حاجته |
وقد يكون مع المستعجل الزلل |
ب - المشورة في الأمور، وعدم الاستبداد فيها، فإنّ الإنسان كثير ما يخطئ.
ج - التوكّل على الله تعالى عند العزم على ما يريد أن يفعله الإنسان، والابتعاد عن التردّد الذي يسبّب القلق النفسي، والاضطراب في الشخصيّة.
٣ - قالعليهالسلام : ( كيف يضيع من الله كافله، وكيف ينجو من الله طالبه؟.. ).
وفي هذا الحديث الشريف دعوة إلى الاتصال بالله، والوثوق بقدرته تعالى فإنّ من المستحيل أن يضيع من يكفله الله، كما إنّ من المستحيل أن ينجو من كان الله يطلبه.
٤ - قالعليهالسلام : ( يوم العدل على الظالم أشبه من يوم الجور على المظلوم.. ).
وحذّر الإمامعليهالسلام من الظلم والاعتداء على الناس، فإنّ الله تعالى لابدّ أن ينتقم من الظالم إن عاجلاً أو آجلاً، وإنّ يوم العدل والقصاص الذي يمرّ عليه يكون شبيهاً في شدّته وقسوته باليوم الذي كان على المظلوم.
٥ - قالعليهالسلام : (ما هدم الدين مثل البدع، ولا أزال الوقار مثل الطمع، وبالراعي تصلح الرعية، وبالدعاء تصرف البلية .. ).
وصوّرت هذه الكلمات بعض الجوانب الدينية، والاجتماعية والسياسية، وهي:
أ - البدع التي تلصق بالدين فإنّها تشوّه واقعه، وتلحق به الخسائر لأرصدته الروحية والفكرية.
ب - الأطماع التي تقضي على أصالة الشخص، وتجرّه إلى ميادين سحيقة من مجاهل هذه الحياة.
ج - صلاح الراعي ممّا يوجب صلاح الشعب، وتطوّره، وتنميته الفكرية والاجتماعية.
د - الدعاء إلى الله فإنّه من موجبات صرف البلاء ودفع القضاء.
٦ - قالعليهالسلام : (اعلموا أنّ التقوى عزّ، وإنّ العلم كنز، وإنّ الصمت نور ).
ولاشك في هذه الحقائق التي أدلى بها الإمام العظيمعليهالسلام فإنّ تقوى الله عز وشرف للإنسان، كما أن العلم من أعظم الكنوز وأثمنها في هذه الحياة، أمّا الصمت فإنه نور لأنّه يعود على صاحبه بأفضل النتائج ويجنّبه كثيراً من المشاكل والخطوب.
٧ - قالعليهالسلام : (ما استوى رجلان في حسب ودين إلاّ كان أفضلهما عند الله أدبهما.. إلى أن قال: بقراءته القرآن كما أنزل، ودعائه الله من حيث لا يلحن، فإنّ الدعاء الملحون لا يصعد إلى الله .. ).
وأشادت هذه الكلمات بالآداب وجعلتها من مميّزات الشخص، ومن موجبات القرب إلى الله تعالى، كما جعلت من صميم الآداب قراءة القرآن الكريم بعيداً عن اللحن، الذي يوجب كثيراً تشويه المعنى وتحريفه كما شجب الإمامعليهالسلام اللحن وإنّ الدعاء الملحون لا يصعد إلى الله تعالى.
٨ - قالعليهالسلام : (من شتم أجيب، ومن تهوّر أصيب .. ).
ما أروع هذه الكلمة التي حكت الواقع الاجتماعي، فإنّ من يتعرّض للناس بالسباب والشتم فإنه - حتماً - يُجاب بالمثل، كما أنّ المتهوّر يُصاب من جرّاء تهوّره بالهلاك والدماء.
٩ - قالعليهالسلام : (العلماء غرباء لكثرة الجهّال بينهم .. ).
العلماء غرباء في المجتمع الذي يسوده الجهل فإنّ بضاعتهم لا يقيّم لها الجهّال وزناً بل ويزدرون بها، وأي غربة للعالم أعظم من هذه الغربة.
١٠ - قالعليهالسلام : (من طلب البقاء فليُعدّ للمصائب قلباً صبوراً ).
إنّ من أراد البقاء وطول الحياة فليتسلّح بالصبر، ولا يجزع من المصائب والأحداث التي تمرّ به فإنّ الجزع يقضي على الإنسان، ويعرّضه للفناء والأسقام.
١١ - قالعليهالسلام : (من عمل بغير علم كان ما أفسد أكثر ممّا أصلح ).
إنّ العمل بغير هدى وبغير علم لا يوصل إلى نتيجة صحيحة، ويكون مدعاة إلى الخطأ وعدم إصابة الواقع، ففي الحقيقة إنّ ما يفسده أكثر ممّا يصلحه.
١٢ - قالعليهالسلام : (من استفاد أخاً في الله فقد استفاد بيتاً في الجنّة ).
إنّ من يستفيد أخاً في الله فقد ظفر بأفضل النعم وذلك لما يستفيد منه من التوجيه نحو الخير والبعد عن الشرّ، وكلّ ما يزيّنه، ويبلغ به رضوان الله.
١٣ - قالعليهالسلام : (من أطاع هواه أعطى عدوّه مناه ).
إنّ إطاعة الهوى والانقياد للشهوات تحقّق للعدو أعظم أمانيه، فإن أطاع إبليس فقد تحقّق ما يبتغيه من حيلولة العبد عن ربّه، وإن كان غيره فإنّ إطاعة الهوى ممّا تسقط الشخص اجتماعياً، وهذا أعظم سرور الأعداء.
١٤ - قالعليهالسلام : (راكب الشهوات لا تقال عثرته .. ).
إنّ من انقاد لشهواته صار أسيراً لها فإنّه لا تقال له عثرة، ولا يمنح العذر في ذلك.
١٥ - قالعليهالسلام : (عزّ المؤمن غناه عن الناس .. ).
إنّ أهم ما يعتزّ به المؤمن إذا أغناه الله عن الناس، ولم تكن له أيّة مصلحة عندهم، فإنّه يكون حرّاً بذلك قد ملك عزّه وشرفه.
١٦ - قالعليهالسلام : (لا يكن ولي الله في العلانية عدواً له في السرِّ ).
إنّ الذي يتولى الله ويؤمن به إنّما يكون صادقاً فيما إذا خاف الله في علانيّته وسرّه، أمّا إذا تولاّه أمام الناس، وعصاه سرّاً فإنّه لم يكن في إيمانه صادقاً وإنّما كان كاذباً ومنافقاً.
١٧ - قالعليهالسلام : (اصبر على ما تكره فيما يلزمك الحقّ، واصطبر عمّا لا تحب فيما يدعوك إلى الهوى. . ).
أمرعليهالسلام الناس بالانقياد للحقّ وإن كان مخالفاً للرغبات والميول كما أمر بمجانبة الهوى والابتعاد عنه.
١٨ - قالعليهالسلام : (قد عاداك من ستر عنك الرشد اتباعاً لما يهواه ).
عرضعليهالسلام بذلك إلى بعض الأذناب والعملاء من أتباع السلطة الذين يحجبون عن المسؤولين ما تحتاج إليه الأمّة من الإصلاح الشامل، ففي الحقيقة هؤلاء هم الأعداء، وإن أظهروا المودّة والإخلاص.
١٩ - قالعليهالسلام : (إيّاك ومصاحبة الشرير فإنّه كالسيف المسلول، يحسن منظره، ويقبح أثره .. ).
حذّر الإمامعليهالسلام من مصاحبة الشرير وذلك لما تترتّب على مصاحبته من الآثار السيئة التي منها الوقوع في المهالك، وإنّه مهما حسن سمته فهو كالسيف المسلول يحسن منظره ويقبح أثره.
٢٠ - قالعليهالسلام : (الحوائج تُطلب بالرجاء، وهي تنزل بالقضاء ).
إنّ حوائج الناس إنّما تُطلب بالرجاء من الله، وهي تنزل بقضائه، ولا دخل في ذلك لسعي الإنسان وإرادته.
٢١ - قالعليهالسلام : (العافية أحسن عطاء .. ).
إنّ من أفضل نعم الله التي أسبغها على عباده هي الصحّة والعافية، فهي الثروة والغنى، ومن حرم العافية فقد حُرِم كلّ شيء في الحياة.
٢٢ - قالعليهالسلام : (إذا نزل القضاء ضاق الفضاء .. ).
إنّ قضاء الله إذا نزل بالإنسان واختاره تعالى إلى جواره فإنّ الفضاء على سعته يضيق به.
٢٣ - قالعليهالسلام : (لا تعادي أحداً حتى تعرف الذي بينه وبين الله فإن كان محسناً لم يسلمه إليك، وإنّ كان مسيئاً فعلمك به يكفيكه فلا تعاده ).
وحذّر الإمامعليهالسلام من العداوة للنّاس، وإنّ المسلم ينبغي أن يغرس في نفسه الحبّ والولاء لأخيه المسلم، وأمر بالفحص عمّن نعاديه فإن كانت علاقته قويّة مع الله تعالى فإنّه لا يسلمه لنا، وإن كان مسيئاً فعلمنا بإسائته يكفينا عن عدوانه.
٢٤ - قالعليهالسلام : (التحفّظ على قدر الخوف، والطمع على قدر النيل .. ).
إنّ الحذر والتحفّظ من أي شيء كان إنّما هو على قدر الخوف منه، فالتحفّظ
- مثلاً - من الوقوع في المعاصي إنّما هو على قدر الخوف من الله فإن كان الخوف قوياً فيمتنع الإنسان امتناعاً كلّياً من اقتراف أي ذنب أو مخالفة لله وإن كان ضعيفاً فإنه قد يقع في الإثم والحرام، كما أنّ الطمع في الشيء على قدر النيل منه، فإن كان النيل متوفّراً له كان الطمع قوياً وبالعكس.
٢٥ - قالعليهالسلام : (كفى بالمرء خيانة أن يكون أميناً للخونة .. ).
إنّ أعظم دليل على خيانة المرء لنفسه وأمته أن يكون أميناً للخونة ومعيناً لهم.
٢٦ - قالعليهالسلام : (ما شكر الله أحد على نعمة أنعمها عليه إلاّ استوجب بذلك المزيد قبل أن يظهر على لسانه .. ).
إنّ الله تعالى الذي بيده الخير والحرمان قد وعد - وهو لا يخلف الميعاد - من شكره بالمزيد قال تعالى:( لئن شكرتم لأزيدنّكم ) وهو يعطي المزيد فيما إذا نوى العبد الشكر قبل أن يظهره بلسانه.
٢٧ - قال الإمامعليهالسلام : (من أمل فاجراً كان أدنى عقوبته الحرمان .. ).
لا ينبغي لأيّ إنسان يملك وعيه واختياره أن يأمّل غير خالقه، فإذا أمّل فاجراً فأقلّ ما يعاقب به الحرمان وعدم قضاء حاجته.
٢٨ - قال الإمامعليهالسلام : (موت الإنسان بالذنوب أكثر من موته بالأجل، وحياته بالبرّ أكثر من حياته بالعمر .. ).
يشير الإمامعليهالسلام إلى الحياة المعنوية، فمن يقترف الذنوب والجرائم فهو ميّت بين الأحياء ومن يعمل البرّ ويسدي الخير لأمته وبلاده فهو حيّ ومخلّد ذكره وإن مات.
٢٩ - قالعليهالسلام : (من أخطأ وجوه المطالب خذلته وجوه الحيل ).
يريد الإمامعليهالسلام إنّ من يخطئ في سلوكه فإنّ وجوه الحيل وطرقه تخذله ولا يصل إلى نتيجة صحيحة.
٣٠ - قال الإمامعليهالسلام : (من استحسن قبيحاً كان شريكاً فيه ).
إنّ من يستحسن القبيح، أو يدافع عنه فإنّه يتحمّل وزره وإثمه ويكون شريكاً لفاعله.
٣١ - قال الإمامعليهالسلام : (من كتم همّه سقم جسده .. ).
لا إشكال أنّ كتمان الهمّ، وعدم نشره بين الأهل والإخوان ممّا يوجب تدهوّر الصحّة وإذابة الجسم، وإشاعة السقم فيه.
٣٢ - قال الإمامعليهالسلام : (أربع خصال تعين المرء على العمل: الصحّة، والغني، والعلم والتوفيق .. ).
هذه الأمور الأربعة: التي أدلى بها الإمامعليهالسلام من المقدّمات التمهيدية لإيجاد فعل الخير وتحقّقه في الخارج.
٣٣ - قال الإمامعليهالسلام : (العامل بالظلم، والمعين عليه، والراضي به شركاء .. ).
إنّ هؤلاء الأصناف الثلاث كلّهم يشتركون في الإثم، والعقاب، فإنّ الظلم الذي هو أبغض شيء إلى الله تعالى يستند إلى بعض هؤلاء بالمباشرة، وإلى البعض الآخر بالرضا.
٣٤ - قال الإمامعليهالسلام : (الصبر على المصيبة مصيبة للشامت ).
إنّ الصبر على المصيبة وعدم إبداء الجزع عليها تكون من أعظم المصائب على الشامت الذي يريد أن تحرق المصيبة من شمت به.
٣٥ - قال الإمامعليهالسلام : (لو سكت الجاهل ما اختلف الناس ).
إنّ انطلاق الجاهل في المواضيع التي يجهلها هي التي أوجدت الاختلاف بين الناس.
٣٦ - قال الإمامعليهالسلام : (مقتل الرجل بين فكّيه ).
إنّ هلاك الإنسان بمنطقه فكثيراً ما يجرّ الكلام الدمار لصاحبه، وقد لاقى أحرار العالم القتل بسبب ما أدلوا به من النقد لحكّام الظلم والجور.
٣٧ - قال الإمامعليهالسلام : (الناس أشكال، وكلّ يعمل على شاكلته ).
وألمت هذه الكلمة بالواقع الاجتماعي الذي يعيشه الناس، فهم أصناف مختلفة في الميول والاتّجاهات، وكلّ يعمل وفق اتّجاهه الفكري، والعقائدي.
٣٨ - قال الإمامعليهالسلام : (الناس إخوان فمن كانت اخوّته في غير ذات الله، فإنّها تعود عداوة، وذلك قوله عزّ وجل :( الأخِلاَءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَ الْمُتَّقِينَ ) .
إن الصداقة إذا لم تقم على أساس المحبة في الله وقامت على أساس المنافع والمصالح الشخصية فإنها – حتماً – تنقلب إلى العداوة والبغضاء حينما تتأثّر المصالح القائمة بينهما بمؤثرات أخرى.
٣٩ - قال الإمامعليهالسلام : (كفر النعمة داعية للمقت .. ).
لا شك أن الكفر بالنعمة وعدم الشكر لها مما يوجب المقت عند الله والناس.
٤٠ - قال الإمامعليهالسلام : (من جازاك بالشكر فقد أعطاك أكثر مما أخذ منك ).
إن مجازاة المحسن بالشكر وإذاعة فضائله ومعروفه هي في الحقيقة أكثر من عطائه لأنها توجب له الذكر الحسن الذي هو أعظم مكسب للإنسان.
٤١ - قال الإمامعليهالسلام : (من وعظ أخاه سراً فقد زانه، ومن وعظه علانية فقد شانه ).
إن موعظة الأخ والصديق إذا كانت سرّاً فإنّها تنمّ عن الإخلاص والصدق في الموعظة وإذا كانت علانية فإنها لا تخلو من التشهير به.
٤٢ - قال الإمامعليهالسلام : (ما أنعم الله على عبد نعمة يعلم أنّها من الله إلاّ كتب الله
المهملة وسكون الياء وآخره فاء من بلاد فارس على ساحل البحر مما يلي كرمان(١) وكرمان كما في المعجم بالفتح ثم السكونى وآخره نون وربما كسرت والفتح أشهر بالصحة وكرمان في الاقليم الرابع طولها ٩٠ درجة وعرضها ٣٠ درجة وهى ولاية مشهورة وناحية كبيرة ذات بلاد وقري ومدن واسعة بين فارس ومكران وسجستان وخراسان انتهى.
(سيف الدولة الحمدانى)
ابوالحسن علي بن عبدالله بن حمدان، قال ابن خلكان قال ابومنصور الثعالبي في كتاب يتيمة الدهر: (كان بنو حمدان ملوكا اوجههم للصباحة وألسنتهم. للفصاحة وأيديهم للسماحة وعقولهم للرجاحة وسيف الدولة مشهور بسيادتهم وواسطة قلادتهم وحضرته مصقصد الوفود ومطلع الجود وقبلة الآمال ومحط الرجال وموسم الادباء وحلبة الشعراء ويقال انه لم يجتمع بباب أحد من الملوك بعد الخلفاء مااجتمع ببابه من شيوخ الشعر ونجوم الدهر وانما السلطان سوق يجلب اليهاما ينفق لديها، وكان اديبا شاعرا محبا لجيد الشعر شديد الاهتزاز له وكان كل من ابي محمد عبدالله بن محمد الفياض الكاتب وابي الحسن علي بن محمد الشمشاطي قد اختار من مدائح الشعراء لسيف الدولة عشرة آلاف بيت وكانت لسيف الدولة جارية من بنات ملوك الروم في غاية الجمال فحسدها بقية الحظايا لقربها منه ومحلها من قلبه وعز من على ايقاع مكروه بها من سم او غيره فبلغه الخبر وخاف عليها فنقلها إلى بعض الحصون احتياطا وقال:
راقبتني العيون فيك فأشفق |
ـت ولم اخل قط من إشفاق |
|
ورأيت العدو يحسدني في |
ك مجدا بأنفس الاعلاق |
|
فتمنيت ان تكوني بعيدا |
والذي بيننا من الود باق |
|
رب هجر يكون من خوف هجر |
وفراق يكون جوف فراق |
___________________________________
(١) قيل كانت قصبة كورة اردشير خرة من اعمال فارس.
ومن شعره ايضا:
اقبله على جزع |
كشرب الطائر الفزع |
|
رأى ماء فأطعمه |
وخاف عواقب الطمع |
|
وصادف خلسة فدنا |
ولم يلتذ بالجرع |
واخبار سيف الدولة كثيرة خصوصا مع الشعراء خصوصا مع المتلبي والسرى الرفاء والنامى والببغاء والوأواء وتلك الطبقة.
يحكى عن السرى الرفاء الشاعر المشهور، قال حضرت مجلس سيف الدولة بعد قتل المتنبي فجرى ذكره فأثنى عليه الامير وذكر شعره بما غاظني فقلت: ايها الامير اقترح اي قصيدة اردت للمتنبي فاني اعارضها بما يعلم الامير ان المتنبي قد خلف نظيره فقال عارض قصيدته التي اولها: (لعينيك ما يلقى الفؤاد وما لقي) فلما رجعت إلى منزلي تأملت القصيدة فاذا هى ليست من مختاراته ثم مربى فيها (اذا شاءان يلهو بلحية احمق اراه غباري ثم قال له الحق) فعلمت انه اراده الامير وخار الله لي، انتهى.
كانت ولادته ١٧ حج سنة ٣٠٣ (شج) ووفاته سنة ٣٥٦ وملك حلب في سنة ٣٣٣ وكان قبل ذلك مالك واسط وتلك النواحي وتقلبت الاحوال وانتقل إلى الشام وملك دمشق ايضا وكثيرا من بلاد الشام والجزيرة وغزواته مع الروم مشهورة وللمتنبي في اكثر الوقائع قصائد رحمه الله تعالى ويأتي في ناصر الدولة ما يتعلق به.
وهو غير سيف الدولة صدقة بن منصور المزيدى الاسدي الذي كان من امراء الشيعة الامامية وبنى مدينة الحلة في سنة ٤٩٥ كما تقدم في الحلي وكان يقال له ملك العرب وكان ذا بأس وسطوة وهيبة ونافر السلطان محمد بن ملكشاه بن ألب أرسلان السلجوقي وفضت الحال إلى الحرب فتلاقيا عند النعمانية وقتل الامير صدقة في المعركة وكان ذلك في آخر ج ٢ سنة ٥٠١ وحمل رأسه إلى بغداد قاله ابن خلكان.
(سيف الدين الآمدي)
انظر الآمدي.
(السيوطى)
ابوالفضل جلال الدين عبدالرحمن بن ابي بكر بن ناصر الدين محمد السيوطي الشافعي الفاضل المعروف صاحب المنصفات المشهورة في فنون شتى قيل انها تزيد على خمسمائة مصنف أخذ عن غالب علماء عصره وبلغ شيوخه نحو ثلاثمائة شيخ منهم قاضي القضاة علم الدين المناوى ومحيي الدين الكافيجي والشمني وقس عليهم الباقين.
قال (ضا) في ترجمة السيوطي بعد ان عد كثيرا من كتبه وعد منها كتاب ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى قال واما مذهبه ودينه فالظاهر انه في الاصول سني اشعري وفي الفروع على نحلة الشافعي المطلبي إلا ان المنقول عن السيد الفقيه العالم المحدث الامير بهاء الدين محمد الحسيني المختارى في حاشيته على كتاب الاشباه والنظائر للسيوطي قال: وسمعت عن السيد السند الفاضل الكامل العالم العامل الامام العلامة السيد علي خان المدنى اطال الله بقاءه في سنة ١١١٦ باصبهان ان السيوطي مصنف الكتاب كان شافعيا لكنه رجع عن التسنن واستبصر وقال بامامة الائمة الاثنى عشرعليهالسلام فصار شيعيا إماميا وختم الله له بالحسنى، قال السيد طول الله عمره: رأيت كتابا من منصفات السيوطي ذكر فيه رجوعه إلى الحق واستدل على إمامة علي بن ابي طالبعليهالسلام بعد رسول الله صلى الله عليه وآله بلا فصل رزقني الله الفوز به انتهى كلام الناقل والمنقول عنه، ولا يبعد كون تأليفه في مناقب اولي القربى مشعرا بصحة هذه النسبة الجليلة اليه مضافا إلى مانقلناه من كلامه المتين في تقوية حديث رد الشمس لامير المؤمنينعليهالسلام انتهى ما نقلناه من (ضا) وقوله مضافا إلى ما نقلناه من كلامه أراد ما نقلنا عنه في حديث رد الشمس في الحلي توفي السيوطي بالقاهرة سنة ٩١٠ (شيخ) وسيوط كثبوت أو اسيوط كأخدود قرية بصعيد مصر.
باب الشين
(الشاذانى)
ابوعبدالله محمد بن احمد بن نعيم النيشابوري عده الشيخ من اصحاب العسكرى (ع) (كش) عنه يقول: جمع عندي مال للغريم (ع) فأنفذت به اليه وألقيت فيه شيئا من طيب (صلب خ ل) مالي، قال فورد في الجواب قد وصل إلي ما انفذت من خاصة مالك فيها كذا وكذا فقبل الله منك انتهى.
وحكي عن بعض التوقيعات هذا واما محمد بن نعيم الشاذاني فهو من شيعتنا وعن تعليقة الاستاذ الاكبر قال احمد هذا ابن أخ الفضل بن شاذان ومحمد ابنه من الرواة عن الفضل.
(اقول) تقدم ذكر الفضل بن شاذان في ابي جعفر السكاك.
(الشاذكونى)
ابوايوب سليمان بن داود بن بشر بن زياد المنقرى البصرى، قال الخطيب في تاريخ بغداد كان حافظا مكثرا وقدم بغداد وجالس الحفاظ بها وذاكرهم ثم خرج إلى اصفهان فسكنها وانتشر حديثه بها.
روى عن ابى جعفر التمار قال: سمعت الشاذكونى يقول دخلت الكوفة نيفا وعشرين دخللة اكتب الحديث فأتيت حفص بن غياث فكتبت حديثه فلما رجعت إلى البصرة وصرت في بنانه لقيني ابن ابى خدويه فقال يا سليمان من اين جئت؟ قلت من الكوفة قال: حديث من كتبت؟ قلت حديث حفص بن غياث قال: أفكتبت علمه كله؟ قلت نعم قال اذهب عليك منه شئ؟ قلت لا قال فكتبت عنه عن جعفر بن محمد عن ابيه عن ابي سعيد الخدرى ان النبي صلى الله عليه وآله ضحى بكبش فحيل كان يأكل في سواد وينظر في سواد ويمشي في سواد؟ قلت لا قال: فأسخن الله عينك إيش كنت تعمل بالكوفة؟ قال فوضعت خرجي عند النرسيين ورجعت إلى الكوفة فأتيت حفصا فقال من اين اقبلت؟ قلت من البصرة قال لم
رجعت؟ قلت ان ابن خدويه ذاكرنى عنك بكذا وكذا قال فحدثني ورجعت ولم يكن لي بالكوفة حاجة غيرها توفي سنة ٢٣٤ (رلد) انتهى.
قلت: يروي الشاذكوني عن ابي بكر عبدالرزاق بن همام الصنعانى الامامي كما روى الشيخ في (يب) في باب علامة اول شهر رمضان عنه عن معمر بن راشد.
وقال (جش) سليمان بن داود المنقري ابوايوب الشاذكونى بصري ليس بالمتحقق لنا غير انه روى عن جماعة اصحابنا نم اصحاب جعفر بن محمدعليهالسلام وكان ثقة له كتاب انتهى.
والشاذكوني نسبة إلى الشاذكونة بفتح الذال ثياب غلاظ مضرية تعمل باليمن والى بيعها نسب ابوايوب الحافظ لان اباه كان يبيعها كذا في القاموس والشاكونة حصير صغير ايضا.
(الشاذلى)
ابوالحسن علي بن عبدالله بن عبدالجبار الحسني الادريسى المشهور بالشاذلي شيخ الطائفة الشاذلية نشأ بشاذلة قرية بافريقية فاشتغل بالعلوم الشرعية حتى اتقنها وصار يناظر عليها مع كونه ضريرا ثم سلك منهاج التصوف وجد واجتهد حتى ظهر صلاحه وخبره وله احزاب محفوظة واحوال ملحوظة كذا عن طبقات الاولياء للمناوي وفي بعض المواضع انه سكن الاسكندرية وصحبه بها جماعة وحج مرارا ومات بصحراء عيذاب قاصدا للحج في اواخر ذي القعدة ودفن هناك له السر الجليل في خواص حسبنا الله ونعم الوكيل ومجموعة الاحزاب وقد شرح الحزب البرله صاحب تاج العروس وسماه تنبيه العارف البصير على اسرار الحزب الكبير انتهى.
وفي كتاب سلوة الغريب توفي سنة ٦٥٦ (خون) ودفن بالمخا قرية بساحل
بحر اليمن قال السيد علي خان فيه: لم اقف على ترجمته والاجماع على انه الذي اظهر القهوة المتعارفة في هذا الزمان التي طبقت شهرتها العالم انتهى.
قال الفيروزابادي: وشاذلة قرية بالمغرب او هى بالذال منها السيد ابو الحسن الشاذلي استاذ الطائفة الشاذلية من صوفية الاسكندرية وفيهم يقول ابوالعباس بن عطا:
تمسك بحب الشاذلية تلق ما |
ثروم فحقق ذاك منهم وحصل |
|
ولا تعدون عيناك عنهم فانهم |
شموس هدى في اعين المتأمل |
وقد يطلق الشاذلي على ابي الحسن علي بن ناصر الدين بن محمد بن محمد المصري الشاذلي صاحب كتاب العزية للجماعة الازهرية وكتاب كفاية الطالب توفي سنة ٩٣٩.
(الشاشى)
ابوبكر محمد بن علي بن اسماعيل الشافعي الفقيه الاصولي الذى انتشر عنه فقه الشافعي بما وراء النهر ويأتي ذكره في القفال الشاشي.
وقد يطلق على اسحاق بن ابراهيم السمرقندي شيخ اصحاب ابي حنيفة وعالمهم في زمانه توفي سنة ٣٢٥.
وقد يطلق على حاتم بن الحسن بن الفتح ابى سعيد الشاشي قدم بغداد حاجا في سنة ٣٠٣ وحدث بها.
وقد يطلق على الحسن بن صاحب بن حميد ابى علي الشاشي احد الرحالين قدم بغداد سنة ٣١١ وحدث بها توفي سنة ٣١٤.
وقد يطلق على ابى علي احمد بن محمد بن اسحاق الفقيه سكن بغداد ودرس بها وكان شيخ الجماعة وكان ابوالحسن الكرخي جعل التدريس له حين فلج والفتوى إلى ابى بكر الدامغانى توفى سنة ٣٤٤.
وقد يطلق على ابي بكر محمد بن احمد بن الحسين الفقيه الشافعي المعروف بالمستظهري صاحب كتاب العمدة في فروع الشافعية صنفه لعمدة الدين ولد المستظهر وهو المسترشد الخليفة تولى التدريس بالمدرسة النظامية ببغداد سنة ٥٠٤ وتوفي بها سنة ٥٠٧ والشاش بمعجمتين بينهما الف مدينة بماوراء النهر اي وراء نهر سيحون.
(الشاطبى)
ابومحمد القامس بن فيره(١) الشافعي الشيخ الفاضل المقري النحوى اللغوى إمام القراء صاحب القصيدة المشهورة بحرز الامانى ووجه التهاني وكان لا ينطق إلا لضرورة ولا يقرئ إلا على طهارة مات سنة ٥٩٠ (ثص).
وقد يطلق على ابى اسحاق البراهيم بن موسى بن محمد اللخمي الغرناطي الاصولي المفسر المحدث اللغوي صاحب الاعتصام والموافقات والمجالس المتوفي سنة ٧٩٠ والشاطبي نسبة إلى شاطبة بلد بالمغرب بشرق الاندلس.
(الشافعى)
ابوعبدالله محمد بن ادريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب القرشي المطلبي يتفق نسبه مع بني هاشم وبني امية في عبد مناف لانه من ولد المطلب بن عبد مناف والشافعي احد الائمة الاربعة السنية قالوا ولد يوم وفاة ابى حنيفة سنة ١٥٠ بغزة(٢) هاشم ونشأ بمكة وكتب العلم بها وبالمدينة وقدم بغداد مرتين وحدث بها وخرج إلى مصر فنزلها إلى حين وفاته اخذ عن مالك بن انس وسمع الحديث من محمد بن الحسن الشيباني وغيره، ذكره الخطيب في تاريخ
___________________________________
(١) فيره بكسر الفاء وسكون الياء المثناة من تحتها وتشديد الراء وضمها وهو بلغة اللطيني الجديد.
(٢) غزة مدينة في اقصى الشام من ناحية مصر يأتي ذكرها في الغزي.
بغداد واثنى عليه كثيرا وذكر في حقه هذين البيتين:
مثل الشافعي في العلماء |
مثل البدر في نجوم السماء |
|
قل لمن قاسه بنعمان جهلا |
ايقاس الضياء بالظلماء |
وروى عنه قال حفظت القرآن وانا ابن سبع سنين وحفظت الموطأ وانا ابن عشر سنين انتهى.
قال ابن النديم كان الشافعي شديدا في التشيع وذكر له رجل يوما مسألة فأجاب فيها فقال له خالفت علي بن ابي طالب عليه السلام فقال له ثبت لى هذا عن على بن ابي طالبعليهالسلام حتى اضع خدي على التراب واقول قد اخطأت وارجع عن قولى إلى قوله وحضر ذات يوم مجلسا فيه بعض الطالبين فقال لا اتكلم في مجلس بحضرة احدهم هم احق بالكلام ولهم الرياسة والفضل انتهى.
وله اشعار فاخرة منها قوله:
واذا عجزت عن العدو فداره |
وامزح له ان المزاح وفاق |
|
فالماء بالنار التي هى ضده |
يعطي النضاج وطبعها الاحراق |
وله
واحق خلق الله بالهم امرؤ |
ذو همة تبلى بعيش ضيق |
وله
رعت النسور بقوة جيف الفلا |
ورعى الذباب الشهد وهو ضعيف |
وله
يقولون اسباب الفراغ ثلاثة |
ورابعه خلوه وهو خيارها |
|
وقد ذكروا مالا وامنا وصحة |
ولم يعلموا ان الشباب مدارها |
وله في الولاية شئ كثير ومدائح غفيرة لمن نزلت في شأنهم آية التطهير فمنها قوله:
اذا في مجلس ذكروا عليا |
وشبليه وفاطمة الزكيه |
يقال تجاوزوا يا قوم هذا |
فهذا من حديث الرافضيه |
|
هربت إلى المهيمن من اناس |
يرون الرفض حب الفاطميه |
|
على آل الرسول صلاة ربى |
ولعنته لتكل الجاهليه |
وله ايضا برواية ابن حجر المكى:
يا اهل بيت رسول الله حبكم |
فرض من الله في القرآن انزله |
|
كفاكم من عظيم القدر انكم |
من لا يصلي عليكم لا صلاة له |
اشار بذلك إلى فضيلة لاهل البيت عليهم السلام تعلو كل فضيلة حيث ان الله تعالى جعل الصلاة عليهم جزءا من الصلاة المفروضة على جميع عباده فلا تصح بدونها صلاة احد من العالمين وهذه منزلة عنت لها وجوه جماعة الخافقين.
وله ايضا برواية الصباغ المالكي نقلا عن الفصول المهمة.
يا راكبا قف بالمحصب من منى |
واهتف بساكن خيفها والناهض |
|
سحرا اذا فاض الحجيج إلى منى |
فيضا كملتطم الفرات الفائض |
|
إن كان رفضا حب آل محمد |
فليشهد الثقلان اني رافضي |
وقال كما نقل عن رشفة الصادي لابى بكر بن شهاب الدين:
ولما رأيت الناس قد ذهبت بهم |
مذاهبهم في ابحر الغي والجهل |
|
ركبت على اسم الله في سفن النجا |
وهم اهل بيت المصطفى خاتم الرسل |
|
وامسكت حبل الله وهو ولاؤهم |
كما قد امرنا بالتمسك بالحبل |
وفي تاريخ بغداد كان للشافعي صديق فبلغه عنه شئ فعاتبه بأبيات ارسلها اليه:
اذهب فانك من ودادى طالق |
لا طالق مني طلاق البين |
|
فان ارعويت فانها تطليقة |
ويقيم ودك لى على ثنتين |
|
وإن اعوججت شفعتها بمثالها |
فتكون تطليقين في قرأين |
|
وإن الثلاث اتتك مني بتة |
لمن يغن عنك شفاعة الثقلين |
يحكى عن الشافعي انه قال في جواب من سأله عن امير المؤمنينعليهالسلام
ما اقول في رجل اسر أولياءه مناقبه تقية وكتمها اعداؤه حنقا وعداوة ومع ذلك قد شاع منه ماملات الخافقين وقد اخذ منه السيد تاج الدين العاملي هذا المعنى في قوله:
لقد كتمت آثار آل محمد |
محبوهم خوفا واعداؤهم بغضا |
|
فأبرز من بين الفريقين نبذة |
بها ملا الله السماوات والارضا |
توفي بمصر آخر رجب سنة ٢٠٤ (در) ودفن بالقرافة الصغرى، قال المسعودي: حدثني فقير بن مسكين عن المزنى وكان سماعنا من فقير بمدينة اسوان بصعيد مصر قال: قال المزني: دخلت على الشافعي غداة وفاته فقلت له كيف اصبحت يا ابا عبدالله قال: اصبحت من الدنيا راحلا ولاخواني مفارقا وبكأس المنية شاربا ولا ادرى إلى الجنة تصير روحي فأهنيها أم إلى النار فأعزيها وانشأ يقول:
ولما قسى قلبي وضاقت مذاهبي |
جعلت الرجا مني لعفوك سلما |
|
تعاظمني ذنبي فلما قرنته |
بعفوك ربي كان عفوك اعظما |
ذكر ابن خلكان في ترجمة ابي عمرو اشهب بن عبدالعزيز الفقيه المالكي المصرى المتوفى في (شع) سنة ٢٠٤: قال ابن عبدالحكم سمعت اشهب يدعو على الشافعي بالموت فذكرت ذلك للشافعي فقال متمثلا:
تمنى رجال ان اموت فان امت |
فتلك سبيل لست فيها بأوحد |
|
فقل للذي يبغى خلاف الذى مضى |
تزود لاخرى غيرها فكان قد |
قال: فمات الشافعي فاشترى اشهب من تركته عبدا ثم مات اشهب فاشتريت انا ذلك العبد من تركة اشهب انتهى.
(الشاميون)
هم: الشيخ ابوالصلاح وابن البراج وابن زهرة والشيخ سديد الدين محمود
الحمصي (او) هم الثلاثة الاول المعبر عنهم بالشاميون الثلاثة وقد تقدم في الحليون ما يتعلق بذلك.
(شاه جراغ) احمد بن الامام موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالبعليهالسلام المدفون بشيراز قال شيخنا المفيد في الارشاد وكان احمد ابن موسى كريما جليلا ورعا وكان ابوالحسن موسىعليهالسلام يحبه ويقدمه ووهب له ضيعته المعروفة باليسيرة ويقال ان احمد بن موسى (ره) اعتق ألف مملوك.
ثم روى عن إسماعيل بن موسىعليهالسلام قال: خرج ابي بولده إلى بعض امواله بالمدينة قال فكنا في ذلك المكان فكان مع احمد بن موسى عشرون من خدم ابي وحشمه إن قام احمد قاموا معه وإن جلس جلسوا معه وابى بعد ذلك يرعاه ببصره لا يغفل عنه فما انقلبنا حتى اتشيخ (نشيخ خ ل) احمد بن موسى بيننا انتهى.
وفي كتاب شد الازار في حط الاوزار عن زوار المزار في مزارات شيراز وشرح حال جمع كثير منهم تأليف معين الدين ابى القاسم جنيد بن محمود الشيرازي ألفه في حدود سنة ٧٩١ قال السيد الامير احمد بن موسى بن جعفر ابن محمد بن علي بن الحسين بن علي المرتضى عليهم السلام قدم شيراز فتوفى بها في ايام المأمون بعد وفاة اخيه علي الرضاعليهالسلام بطوس وكان اجودهم جودا وأرأفهم نفسا قد اعتق ألف رقبة من العبيد والاماء في سبيل الله تعالى وقيل استشهد ولم يوقف على قبره حتى ظهر في عهد الامير مقرب الدين مسعود بن بدر فبنى عليه بناء وقيل وجد في قبره كما هو صحيحا طرى اللون لم يتغير وعليه لامة سابغة وفي يده خاتم نقش عليه (العزة لله احمد بن موسى) فعرفوه به ثم بني عليه الاتابك ابوبكر بناء ارفع منه ثم ان الخاتون تاش وكانت خيرة ذات
تسبيح وصلاة بنت عليه قبة رفيعة وبنت بجنبها مدرسة عالية وجعلت مرقدها بجواره في سنة خمسين وسبعمائة رحمة الله عليهم اجمعين.
(شاه رئيس)
ابوعبدالرحمن الكندي كان من الغلاة قال الفضل بن شاذان انه كان من الكذابين المشهورين.
(الشبر)
السيد عبدالله بن السيد محمد رضا الشبر الحسيني الكاظمي الفاضل النبيل والمحدث الجليل والفقيه المتبحر الخبير العالم الربانى المشتهر في عصره بالمجلسي الثاني صاحب شرح المفاتيح في مجلدات وكتاب جامع المعارف والاحكام في الاخبار شبه بحار الانوار وكتب كثيرة في التفسير والحديث والفقه واصول الدين وغيرها وقد ذكر مصنفاته شيخنا المتبحر في دار السلام.
وحكي عنه انه قال: إن كثرة مؤلفاتى من توجه الامام الهمام موسى بن جعفرعليهالسلام فانى رأيته في المنام فاعطانى قلما وقال اكتب فمن ذلك الوقت وفقت لذلك فكل ما برز مني فمن بركة هذا القلم توفي سنة ١٢٤٢ (غرمب) وله اربع وخمسون سنة ودفن بقرب والده في البقعة الكاظمية على مشرفيها آلاف التحف السبحانية.
(الشبراوى)
يطلق على جماعة (احدهم) الشيخ عبدالله بن محمد القاهري الشافعي شيخ الجامع الازهر.
حكي انه في سنة ١١٣٧ انتقلت مشيخة الجامع الازهر إلى الشافعية فتولاها الشيخ عبدالله الشبراوى في حياة كبار العلماء بعد ان تمكن وحضر الاشياخ ولم
يزل يترقى في الاحوال والاطوار ويفيد ويملي ويدرس حتى صار من اعظم الاعاظم ذا جاه ومنزلة ونفذت كلمته وصار مرجعا للخاص والعام له الاتحاف بحب الاشراف في المناقب وشرح الصدر بغزوة اهل بدر جمع فيه اسماء الصحابة البدريين وطرفا من مناقبهم وعنوان البيان وبستان الاذهان إلى غير ذلك.
توفي سنة ١١٧٢ (غقعب).
(والشبراوى) نسبة إلى شبرى كسكرى موضع بمصر وفي القاموس شبرى ثلاثة وخمسون موضعا كلها بمصر.
(الشبسترى)
سعد الدين محمود بن امين الدين التبريزي الحكيم العارف صاحب كتاب كلشن راز الذي فرغ منه سنة ٧١٧ شرحه جماعة منهم شمس الدين محمد الشيرازي اللاهيجي المتخلص بالاسيرى.
(الشبلنجى)
السيد مؤمن بن السيد حسن الشبلنجي الشافعي المدنى في اوائل القرن الرابع عشر صاحب كتاب نورالابصار، روى فيه ان محمد الباقر بن علي بن الحسين بن على بن ابى طالبعليهالسلام سأل جابر بن عبدالله الانصاري رضي الله تعالى عنه لما دخل عليه عن عائشة وما جرى بينها وبين عليعليهالسلام فقال له جابر دخلت عليها يوما وقلت لها: ما تقولين في على بن ابى طالب فأطرقت رأسهاثم رفعته وقالت:
إذا ما التبرحك على محك |
تبين غشه من غير شك |
|
وفينا الغش والذهب المصفى |
على بيننا شبه المحك |
(الشبلى)
ابوبكر دلف بن جحدر وقيل جعفر بن يونس الخراساني البغدادي
المالكي او الامامي تولد في سامراء ونشأ في بغداد وصاحب الجنيد والحلاج وخير النساج وكان من كبار مشائخ الصوفية واهل الحال.
يحكى عنه نوادر واشعار وحكايات ومما سمع منه كان ينشد قوله:
ليس تخلو جوارحي منك وقتا |
هى مشغولة بحمل هواك |
|
ليس يجري على لساني شئ |
علم الله ذا سوى ذكراك |
|
وتمثلت حيث كنت بعيني |
فهي إن غبت أو حضرت تراك |
قيل انه كان يبالغ في تعظيم الشرع المطهر وكان إذا دخل شهر رمضان جد في الطاعات ويقول هذا شهر عظمه ربي فأنا أولى بتعظيمه توفي ببغداد في آخر سنة ٣٣٤ (شلد) ودفن بمقبرة الخيزران.
وقد يطلق الشبلي على القاضي بدرالدين ابي عبدالله محمد بن تقي الدين عبدالله الدمشقي الحنفي ولي قضاء طرابلس سنة ٧٥٥ قيل انه كان من تلامذة المزي والذهبي له آكام المرجان في احكام الجان توفي سنة ٧٦٩ قال ابن خلكان الشبلي بكسر الشين وسكون الباء نسبة إلى شبليه قرية من قرى اسروشنه بضم الهمزة وسكون السين وضم الراء وفتح الشين والنون وهي بلدة عظيمة وراء سمرقند من بلاد ما وراء النهر.
(الشحام)
انظر ابواسامة.
(الشرابيانى)
بفتح السين وسكون الموحدة المولى محمد بن المولى فضل علي بن عبدالرحمن الشرابياني النجفي الفاضل المعروف الذي كان مرجعا للخاص والعام ولد سنة ١٢٤٥ وهاجر إلى النجف الاشرف سنة ١٢٧٢ وحضر بحث العلامة الانصاري وبعده الآية الكوهكمري ولم يبارح دروسه حتى قضى نحبه سنة ١٢٩٩ وطفق يقرر ابحاثه على الطلبة فازدلفوا اليه وقد ألف ابحاث استاذه في اصول
الفقه في ٩ مجلدات وله كتاب الصلاة وغير ذلك انتهت اليه والى معاصره الفاضل المامقانى رياسة بلاد الترك من القفقاز وتبريز وغيرها من بلاد اذربيجان توفي بالنجف ١٧ (مض) سنة ١٣٢٢ مطابق هذه الجملة (يرحم الله جناب الفاضل) والشرابياني نسبة إلى شرابيان قرية من اعمال سراب من مضافات تبريز ولد فيها الفاضل المذكور سنة ١٢٤٥.
(شرف الدين الاربلى)
ابوالفضل احمد بن كمال الدين موسى بن رضى الدين يونس الفقيه الشافعي شارح كتاب التنبيه لابى اسحاق الشيرازى في الفقه كان شرف الدين من بيت العلم مدرسا بمدرسة الملك مظفر الدين بمدينة إربل ثم انتقل إلى الموصل وفوضت اليه المدرسة القاهرية.
كانت ولادته بالموصل سنة ٥٧٥ (ثعه) وتوفي سنة ٦٢٢ (خكب) عاش مدة خلافة الناصر لدين الله ابى العباس وماتا في سنة واحدة.
(شرف الدين الشولستانى)
الامير على بن حجة الله بن شرف الدين الطباطبائي الساكن في الغرى السري حيا وميتا العالم الفاضل المحقق الاديب صاحب المؤلفات النفيسة منها توضيح المقال في شرح الاثنى عشرية في الصلاة لصاحب المعالم في مجلدين قال شيخنا (ره) ويظهر منه غاية فضله وتبحره رحمه الله ونقل عنه في مزار البحار فائدة حسنة فيما يتعلق بالقبلة في الحرم المطهر الغروي وفي مسجد الكوفة ينبغي النظر فيها وحاصلها ان مسجد الكوفة كان بناؤه قبل زمان امير المؤمنينعليهالسلام والحائط القبلى والمحراب المشهور بمحراب امير المؤمنينعليهالسلام ليسا موافقين لجعل الجدى خلف المنكب الايمن بل فيهما تيامن عكس ضريحه المقدس فانه كان فيه تياسر كثير وقال وقت عمارته بأمر السلطان الاعظم شاه صفى (قده) قلت
للمعمار غيره إلى التيامن فغيره ومع هذا فيه تياسر في الجملة ومخالف لمحراب مسجد الكوفة وكنت في الروضة المقدسة متيامنا وفي الكوفة متياسرا انتهى.
يروى عن الشيخ محمد بن صاحب المعالم ويروى عنه المجلسيان رضوان الله عليهم اجمعين توفي سنة ١٠٦٠ (غس).
(شرف الدين المقرى)
اسماعيل بن ابى بكر اليمنى صاحب كتاب عنوان الشرف الوافي في الفقه والنحو والتاريخ والعروض والقوافى وهو كتاب بديع غريب مرتب في جداول على شكل عجيب توفى سنة ٨٣٧ (ضلز).
(شرف الدين الموسوى)
العاملى السيد الاجل الشريف السيد ابراهيم بن زين العابدين بن نور الدين الموسوي ابوالسادة الاشراف آل شرف الدين نور الله مراقدهم ذكرت مختصرا من تراجمهم في كتاب منتهى الآمال منهم سيد مشايخنا وشيخ اكثر محدثي عصرنا العالم الفاضل المحقق الفقيه المتتبع المتبحر سيدنا ابومحمد الحسن صدر الدين ابن العلامة السيد ابى الحسن الهادى بن السيد محمد على بن السيد صالح بن السيد محمد بن ابراهيم شرف الدين الكاظمي المولود بها سنة ١٢٧٢ له مؤلفات نفيسة منها تكملة أمل الآمل وشرح الوجيزة والشيعة وفنون الاسلام وعدة كتب في الرجال ورسائل كثيرة واحياء النفوس بأدب السيد رضى الدين ابن طاوس إلى غير ذلك توفي في الكاظمين سنة ١٣٥٤ ودفن عند والده في الصحن الشريف رحمة الله ورضوانه عليهما.
(شرف الدين الموصلى)
ابوسعد عبدالله بن ابى السري محمد بن هبة الله بن مطهر بن علي بن ابي
عصرون الحديثي الموصلي الفقيه الشافعي الذى تنقل في البلاد الشامية وبني له المدارس بحلب وحمص وحماة وبعلبك وتولى القضاء بسنجار ونصيبين وحران ودمشق وعمي في آجر عمره وينسب اليه:
اؤمل وصلا من حبيب واننى |
على ثقة عما قليل أفارقه |
|
تجارى بنا خيل الحمام كانما |
يسابقني نحو الردى واسابقه |
|
فيا ليتنا متنا معا ثم لم نذق |
مرارة فقدي لا ولا انا ذائقه |
وقال:
وما الدهر إلا ما مضى وهو فائت |
وما سوف يأتى وهو غير محصل |
|
وعيشك فيما انت فيه فانه |
زمان الفتى من مجمل ومفصل |
(قلت) وكأنه اخذ من هذا الشعر قول من قال:
ما فات مضى وما سيأتيك فاين |
قم فاغتنم الفرصة بين العدمين |
توفي بدمشق سنة ٥٨٥ (ثفه) وابنه محيي الدين محمد كان ينوب عنه فيالقضاء وصنف جزء في جواز قضاء الاعمى وهو على خلاف مذهب الشافعي والحديثي بفتح الحاء وكسر الدال المهملتين نسبة إلى حديثة الموصل وهى بليدة على دجلة قرب الزاب الاعلى وهى غير حديثة الفرات.
(الشروانى)
احمد بن محمد بن علي الانصاري التميمي احد ادباء القرن الثالث عشر صاحب نفحه اليمن فيما يزول بذكره الشجن والجوهر الوقاد في شحر بانت سعاد تقدم في الخاقانى ما يتعلق بشروان.
(الشريشى)
ابوالعباس احمد بن عبدالمؤمن بن عيسى القيسي النحوى شارح مقامات الحريرى الذى شرحه يغني عن كل شرح كان مبرزا في المعرفة بالنحو حافظا للغات ذاكرا للآداب وله التعليقات الوفية شرح الدرة الالفية.
توفى بشريش سنة ٦١٩ (خيط) وهو غير الشريشي الصوفي تاج الدين ابوالعباس احمد بن محمد بن احمد البكرى الصديقي النحوى الاديب الشاعر صاحب الرائية الشريشية في السير والسلوك اولها:
اذا ما بدا من باطن حالة الزجر |
فما هو إلا البر من منح البر |
توفي سنة ٦٤١ بمصر.
(الشريف الجرجانى)
المير سيد علي بن محمد بن علي الحسيني الحنفي الاسترابادي كان متكلما بارعا عجيب التصرف كثير التحقيق ماهرا في الحكمة والعربية صاحب المصنفات والحواشي والشروح المعروفة منها حاشيته على اول تفسير الكشاف وعلى المطول وعلى شرح الكافية وشرح الشمسية وعلى شرح المطالع وغير ذلك وله شرح على مواقف القاضي عضد الايجي في علم اصول الكلام وهو كتاب مشهور.
قال الشيخ البهائي (ره) في شرح الاربعين في الجفر والجامعة قد تظافرت الاخبار بأن النبي صلى الله عليه وآله أملاهما على أمير المؤمنين (ع) وان فيهما علم ما كان وما يكون إلى يوم القيامة.
وان الشيخ الكليني نقل عن الامام الصادق (ع) احاديث متكثرة في ان ذينك الكتابين كانا عنده (ع) وانهما لا يزالان عند الائمة عليهم السلام يتوارثونهما واحدا بعد واحد.
وقال المحقق الشريف في شرح المواقف في مبحث تعلق العلم الواحد بمعلومين ان الجفر والجامعة كتابان لعلي كرم الله وجهه وقد ذكر فيهما على طريق علم الحروف الحوادث التي تحدث إلى انقراض العالم وكان الائمة المعروفوف من اولاده يعرفونهما ويحكمون بهما وفي كتاب قبول العهد الذي كتبه علي بن
موسى الرضا رضي الله عنهما إلى المأمون انك قد عرفت من حقوقنا مالم يعرف آباؤك فقبلت منك عهدك الا ان الجفر والجامعة لا يدلان على انه لا يتم، ولمشايخ المغاربة نصيب من علم الحروف ينتسبون فيها إلى اهل البيت ورأيت بالشام نظما أشير فيه بالرموز إلى احوال ملوك مصر وسمعت انه مستخرج من ذينك الكتابين إلى هنا كلام السيد الشريف انتهى.
ولد المحقق الشريف سنة ٧٤٠ بجرجان ولما بلغ الرشد أخذ في تحصيل العلم والمعرفة فممن اخذ منه وحضر مجلسه العالي مولانا قطب الدين الرازي إلى ان صار بيمن تربيته فائقا على كل محقق مرضي.
وله الرواية عن جماعة منهم العلامة قطب الدين المذكور ويروى عنه جماعة منهم ابنه السيد محمد وجلال الدين محمد بن عبدالعزيز الشافعي والشيخ منصور بن الحسن الكازروني والعلامة اسعد بن محمد الصديقى الكازروني إلى غير ذلك.
يحكى انه قال يوما لابنه السيد محمد: تطلب درجة اي فاضل من العلماء؟ قال: درجتك فقال انت قصير الهمة انا طلبت رتبة ابن سينا فبلغ بي السعي إلى هذه الدرجة وانت فيما تطلب لا تصل إلا إلى درجة ناقصة فعليك بعلو الهمة وطلب المعالى (قلت) ويناسب هنا نقل هذه الابيات للشريف المرتضى (ره):
طريق المعالى عامر بي قيم |
وقلبي بكشف المعضلات متيم |
|
ولي همة لا تحمل الضيم مرة |
عزائمها في الخطب جيش عرمرم(١) |
|
اريد من العلياء مالا تناله |
السيوف المواضي(٢) والوشيج(٣) المقوم |
|
واورد نفسي ما يهاب وروده |
ونار الوغى بالدار عين تضرم |
كان المحقق الشريف معاصرا للمحقق التفتازاني وجرت بينهما مناظرات طويلة وعده القاضي نورالله من حكماء الشيعة وعلمائها واستشهد على ذلك بتنصيص تلميذه السيد محمد نور بخش والشيخ محمد بن ابى جمهور الاحسائى بتشيعه وأما ابنه السيد شمس الدين محمد فهو شيعي بخلاف ابنه الميرزا مخدوم فانه سني بل ناصبي ورد على الشيعة بكتاب نواقض الروافض الذى رد عليه القاضي نورالله بكتاب مصائب النواصب والشيخ ابوعلى الحائري بعذاب النواصب وله ابن فاضل من علماء الشيعة يأتي ذكره في عصام الدين.
توفي السيد الشريف في شيراز سنة ٨١٦،
___________________________________
(١) اي الشديد والكثير.
(٢) اي القواطع.
(٣) الوشيح: شجر الرماح.