تهذيب المقال في تنقيح كتاب الرجال النجاشي الجزء ١

تهذيب المقال في تنقيح كتاب الرجال النجاشي14%

تهذيب المقال في تنقيح كتاب الرجال النجاشي مؤلف:
تصنيف: علم الرجال والطبقات
الصفحات: 409

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣
  • البداية
  • السابق
  • 409 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 138647 / تحميل: 8574
الحجم الحجم الحجم
تهذيب المقال في تنقيح كتاب الرجال النجاشي

تهذيب المقال في تنقيح كتاب الرجال النجاشي الجزء ١

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

من أصحابنا يقرؤن كتاب الكافي على أبي الحسين أحمد بن أحمد الكوفي حدثكم محمد بن يعقوب الكليني (ره) الخ. واسحق بن الحسن بن بكر ان أبي الحسين العقرابي الذي رآه (ره) بالكوفة وهو مجاور وكان يروي كتاب الكليني (ره) عنه وكان ذلك علوا في هذا الوقت كما نص عليه (ره) في ترجمته رقم ١٧٤. ومحمد بن عبدالله بن المطلب أبي المفضل الشيباني من تلاميذ الكليني (ره) كما في الفهرست ترجمة الكليني ذكر الماتن في ترجمته رقم ١٠٧٠ " كان سافر في طلب الحديث عمره، اصله كوفي وكان في أول أمره ثبتا ثم خلط، ورأيت جل أصحابنا يغمزونه ويضعفونه (إلى أن قال) رأيت هذا الشيخ وسمعت منه كثيرا ثم توقفت عن الرواية عنه إلا بواسطة بيني وبينه ".

ورأى عبدالله بن الحسين بن محمدبن يعقوب الفارسي كما في ترجمته رقم ٦١٥ وقال شيخ من وجوه اصحابنا ومحدثيهم وفقهائهم رأيته ولم أسمع منه الخ. ورأى أبا الحسن علي بن حماد بن عبيدالله بن حماد العدوى الشاعر رحمه الله نص على ذلك في ترجمة عبدالعزيز الجلودي رقم ٦٤٦. وادرك محمد بن عبدالملك بن محمد التبان المتوفى لثلاث بقين من ذي القعدة سنة تسع عشر واربعمائة نص على ذلك في ترجمته رقم ١٠٨٠ ومحمد بن الحسن بن حمزة الجعفري خليفة الشيخ الفيد (ره) والجالس مجلسه المتكلم الفقيه القيم بالامرين المتوفى سنة ثلث وستين واربعمائة كما في ترجمته ١٠٨١. وأبا الحسن بن البغدادي السوراني البزاز كما في ترجمته فضالة ابن ابوب رقم ٨٥٨.

٢١

وعلي بن محمد بن شيران ابا الحسن الابلى شيخ من اصحابنا ثقة صدوق مات سنة عشرة واربعمائة رحمه الله واجتمع معه عند احمد بن الحسين الغضائري كما نص عليه في ترجمته رقم ٧١١. وعلى بن عبدالله بن عمران القرشي الميموني المخزومي أبا الحسن ففي ترجمته رقم ٧٠٤ كان فاسد المذهب والرواية وكان عارفا بالفقه وصنف كتاب الحج وكتاب الرد على اهل القياس فاما كتاب الحج فسلم الي نسخته فنسختها، وكان قديما قاضيا بمكة سنين كثيرة.

قلت وهو ابوولاد الحناط ابوالحسن الميموني الذي ذكره في الكنى رقم ١٢٦٦ وقال: له كتاب الحجوكان قاضيا بمكة سنين كثيرة قرأت هذا الكتاب عليه. وعلي بن الحسين الموسوي الشريف المرتضى الذي تولى غسله ايضا كما في ترجمته رقم ٧١٤. وعلي بن عبدالرحمن بن عيسى القناتي الكاتب ففي ترجمته رقم ٧١٢ كان سليم الاعتقاد، كثير الحديث، صحيح الرواية، ابتعت من كتبه قطعة في دار أبي طالب بن المنهشم شيخ من وجوه اصحابنا إلى ان قال مات سنة ثلث عشر واربعمائة. ومحمد بن الحسين بن موسى نقيب العلويين ببغداد الشريف الرضي المتوفى سنة ٤٠٦ ست واربعمائة كما في ترجمته رقم ١٠٧٦ وكان الماتن (ره) يحضر مجلسه وفي مجلسه سمع من أبي الحسين بن المهلوس العلوي الموسوي رضي الله وكان هناك شيخه أبوعبدالله المفيد (ره) كما نص عليه في ترجمة محمد بن عبدالرحمن بن قبة رقم ١٠٣٥.

ولم أجد ذكرا لادراكه رحمه الله محمد بن احمد بن داود المتوفى سنة ٣٧٨ المدفون بمقابر قريش وكذا ابن بابويه الصدوق رحمه الله المتوفى سنة ٣٨١ والله العالم.

٢٢

قراء‌اته وسماعه وطرقه إلى الكتب كان رحمه الله قرأ على مشايخ الحديث واعلامهم كتبهم وكتب كثير من الاصحاب وأصولهم ممن تقدم على مشايخه كما يشير إلى ذلك في ترجمتهم وعند ذكر المصنفات والاصول وان شئت فلاحظ ترجمة أنس بن عياض رقم ٢٦٧ وجعفر بن قولويه رقم ٣١٥ وحريز بن عبدالله رقم ٣٧٢ وظفر بن حمدون رقم ٥٦١ وعبدالله بن علي رقم ٦٠٤ وعبدالله بن احمد رقم ٦١١ وغيرهم.

وكان رحمه الله كثير السماع عندما يقرء الكتب والاصول والروايات على المشايخ مثل التلعكبري والشيخ المفيد والحسين بن عبيدالله واحمد بن عبدون وابن الجندي ونظرائهم وان شئت فلاحظ ترجمة زياد بن أبي الحلال رقم ٤٥٨ والحسن بن احمد الشريف رقم ١٤٨ ومحمد بن ابي عمير رقم ٨٩٧ وغيرهم. وكان رحمه الله كثير الطرق إلى مصنفات أصحابنا وأصولهم كما هو ظاهر لمن تأمل في الكتاب وقد صرح في مواضع كثيرة وفي مقدمته إلى كثرة طرقه وانه انما يكتفي بذكر طريق واحد فحسب لئلا يطول الكتاب قال في ثابت بن شريح رقم ٢٩٥ بعد ذكر كتابه: وهذا الكتاب يرويه عند جماعات من الناس وانما اختصرنا الطرق إلى الرواة حتى لا يكثر فليس أذكر الا طريقا واحدا فحسب.

وذكر نحوه في جميل بن دراج وغيره وقد أحصينا الكتب التي ذكر النجاشي فيها انها رواها جماعات من الناس أو جماعة او ان الطرق اليها كثيرة في محل آخر ويجاوز عددها ١٧٠ سبعين ومائة.

٢٣

وكان رحمه الله كثير الوقوف والاطلاع على مصنفات الاصحاب وأصولهم غير ما وجدها مذكورة في الكتب والفهرستات كما يشير إلى ذلك في مواضع كثيرة وان شئت فلاحظ ترجمة جعفر بن بشير رقم ٣٠١ وسعد بن عبدالله رقم ٤٧٤ وعلي بن فضال رقم ٦٨٢ ومحمد بن علي مؤمن الطاق رقم ٨٩٦ وغيرهم.

وكان عنده نسخ جملة من الاصول بخط مؤلفيها مثل كتاب الحلبي كما يظهر من ترجمة محمد بن عبدالله رقم ١٠٠٢ وغيرهم. وقد إشترى رحمه الله أكثر كتب علي بن محمد المعروف بابن خالويه كما في ترجمته رقم ٧٠٥ وقطعة من كتب علي بن عبدالرحمان رقم ٧١٢ وفارس بن سليمان رقم ٨٥٧. وكان عنده رحمه الله خط كثير من مشايخه واعلام الحديث وأشار إلى ذلك في مواضع كثيرة مثل ترجمة حصين بن المخارق رقم ٣٧٣ وعلي بن محمد الشمشاطي رقم ٦٩٥ وعلي بن محمد بن العباس رقم ٧١٠ وغيرهم. وكان رحمه الله كثير الاجازة من المشايخ وأصحاب الكتب كما يظهر من مواضع كثيرة وإن شئت فلاحظ ترجمة عبدالله بن عامر رقم ٦١١ ومحمد بن علي بن يعقوب رقم ١٠٧٧ وغيرهما. مشايخه واساتذته قرء‌ا شيخنا الجليل النجاشي رحمه الله كتب الادب والفقه والحديث وغيرها على جماعة كثيرة من أعلام عصره، وأجلاء الطائفة، وسمع الحديث وقرأه على مشايخه، وروى عن جماعة منهم دون عامة مشايخه فلم يرو عن غير واحد منهم وقد كان سمع منهم الحديث كثيرا. وفيهم من كان كثير العلم والادب. واعتذر بما وقف عليه من طعن أصحابنا

٢٤

على هؤلاء ومن ذلك استظهر جماعة من أصحابنا وثاقة مشايخه على ما سيأتي الكلام فيه.

ثم انه نرى في هذا الكتاب روايته كتابا او نسخة او اصلا او حديثا في أحوال الرواة او نحو ذلك عين غير واحد ممن صرح الماتن (ره) بالطعن فيه بل وبعدم الرواية عنه، وهذا بظاهره يناقض كلامه المتقدم من ترك الرواية عن بعضهم بسبب طعن الاصحاب فيه. وهذا مثل ما نرى حكايته كتب الاصحاب أو احوالهم عن ابن عياش الجوهري الذي صرح في ترجمته بتركه الرواية عنه. ويمكن ان يقال بالفرق بين الرواية بنحو قوله اخبرنا - اخبرني - - حدثنا - ونحو ذلك فيختص بمن لم يكن مطعونا عند الاصحاب وبين مطلق الرواية وحكاية كتاب او اصل او رواية بنحو قوله ذكر ذلك او قال ذلك او رواه ابن عياش او غير ذلك بدعوى ان ذلك ليس من الرواية اصطلاحا او بناء منه رحمه الله على ذلك فلا يختص بغير المطعون ويؤيد ذلك انه ما وقفنا في كتاب النجاشي على روايته رحمه الله عن بعض مشايخه المطعونين بصورة قوله اخبرنا او حدثنا بل الموجود فيه الرواية على الوجه الثاني كما نشير إلى ذلك. وعلى هذا فرواية النجاشي عن شيخ على الوجه الاول امارة على خلوه عن الطعن ولا ينافي ذلك روايته عنه ايضا على الوجه الثاني فلا يلزم كون الرواية عنه على الوجه الاول دائما ولذلك نرى كثيرا روايته عن عدة من أكابر مشايخه على الوجهين معا. وان شئت فلاحظ ترجمة الحسن بن محمد بن سماعة رقم ٨٢ فروى كتابه بقوله قال لنا احمد بن عبدالواحد قال الخ وفي عبيدالله الجعفي رقم ٥ بدء طريقه اليه بقوله قال ابوالعباس حدثنا الخ وغير ذلك مما حكى

٢٥

عن شيخه واستاذه ابي العباس بن نوح بهذا الوجه وروى كتب اسماعيل ابن محمد المخزومي في ترجمته رقم ٦٦ عن شيخه ابن الجندي مبدوء‌ا بقوله (ره) قال ونحوه عن شيخه ابن الغضائري مما ستقف عليه ويطول بذكره وفي الفرق بين الرواية على الوجهين نظر يأتي في محله. ولاجل هذا الفرق ودفع ما وقع من الخلط في كلام غير واحد من أعاظم المتأخرين في بيان مشايخه نذكر اولا مشايخه الذين روى عنهم في هذا الكتاب على الوجه الاول ثم من روى عنه على الوجه الثاني ثم من قرء عليه وسمع ولم يحك عنه في هذا الكتاب شيئا والله ولي السداد.

مشايخه الذين روى عنهم

١ - ابراهيم بن مخلد بن جعفر القاضي أبواسحق وذكر تمام نسبه الخطيب في تاريخه ج ٦ ص ١٨٩ رقم ٣٢٥٠ وقال جعفر بن مخلد بن سهل ابن حمران بن مافيا حسنس بن فيروز بن كسرى قباذ، ابواسحاق المعروف بالباقر حى قال: ذكرني نسبه ابنه اسحق ثم ذكر مشايخه ومنهم احمد بن كامل القاضى (إلى ان) قال: كتبنا عنه وكان صدوقا صحيح الكتاب حسن النقل جيد الضبط والمعرفة (إلى ان قال) وسمعته يقول ولدت في سنة خمس وعشرين وثلثمائة ثم حدثني ابنه اسحاق قال حدثني أبي أن مولده في يوم الاثنين السابع من شعبان سنة خمس وعشرين وثلثمائة (إلى ان قال) توفي ابراهيم بن مخلد وقت العصر من يوم الاربعاء السابع عشر من ذي الحجة سنة عشر واربعمائة. قلت روى النجاشي عن ابراهيم هذا عن ابي بكر احمد بن كامل

٢٦

ابن خلف بن شجرة (المتوفى سنة ٣٥٠ كما في تاريخ بغداد ج ٤ ص ٣٥٩) عن موسى بن حماد اليزيدي عن دعبل بن علي الخزاعي الشاعر كتابه رقم ٤٢٥. وايضا عنه عن ابيه عن محمد بن جرير ابي جعفر الطبري كتابه رقم ٨٨٧. قلت لا يبعد كونه من مشايخه من العامة.

٢ - الشيخ ابوعبدالله أحمد بن عبدالواحد بن احمد البزاز المعروف بابن عبدون كما ذكره الماتن وغيره وبابن الحاشر كما في كتب الشيخ (ره) المتوفى سنة ٤٢٣ وهو من مشايخه الذين روى عنهم كثيرا على الوجهين وقد روى عنه الشيخ (ره) ايضا كثيرا وذكر الماتن في ترجمته رقم ٢٠٧ " وكان قويا في الادب قد قرأ كتب الادب على شيوخ أهل الادب وكان قد لقا أبا الحسن علي بن محمد القرشى المعروف بابن الزبير وكان علوا في الوقت " قلت يأتى هناك معنى العلو في الوقت وانه العلو في الاسناد وانه يوجب رجحان الاسناد وغير ذلك من وجوه البحث في هذا وايضا ما يشير إلى جلالة ابن عبدون.

٣ - احمد بن علي طاهر فقد روى عنه عن ابن الوليد باسناده كتاب محمد بن بندار رقم ٩٢٤ وايضا في ترجمة سندى بن عيسى الهمدانى رقم ٥٠٢ روى كتابه عن احمد بن علي بن طاهر وغيره عن محمد بن علي ابن تمام ولعله المراد بقوله اخبرنا احمد بن علي الاشعري قال حدثنا محمد بن الحسن بن الوليد في طريقه إلى كتاب معاوية بن سعيد في ترجمته رقم ١١٠٥ قلت ولم أجد له في غير هذه الموارد ولا في كتاب غير النجاشي ذكرا.

٤ - احمد بن محمد بن عمران بن موسى بن عروة بن الجراح

٢٧

ابن علي بن زيد بن بكر بن حريش، ابوالحسن النهشلي، المعروف بابن الجندي رحمه الله. فقد روى عنه كثيرا وترحم عليه كما روى عنه شيخ الطائفة ايضا في كتبه كثيرا وذكر الماتن (ره) ترجمته كما يأتى رقم ٢٠٢ وقال: استاذنا رحمه الله ألحقنا بالشيوخ في زمانه. الخ. والمراد بالالحاق بالشيوخ في زمانه إما جعله من مشايخ الحديث وهذا بعيد او جعله الماتن قرينا مع شيوخ زمانه بكثرة علمه وتوفر ما استفاده منه رحمه الله او لاجل علو الاسناد به اذ برواية النجاشي عن ابن الجندي يصير في طبقة مشايخ النجاشى الذين رووا عن ابن الجندي وساير المشايخ وتمام الكلام في ذلك يأتى في محله.

ثم ان جلالة قدر ابن الجندي وعظمة شأنه في الطائفة ومعروفيته عند مشايخ الحديث مما توجب الغناء عن الاطراء عليه ولعله لذلك لم يذكر الماتن (ره) في ترجمته ذلك.

وقد كان رحمه الله ايضا مشهورا بين علماء الجمهور وكان من مشايخ الحديث عندهم فقد ذكره الذهبي في ميزان الاعتدال ج ١ رقم ٥٧٥ ص ١٤٧ وقال كان آخر من بقى ببغداد من أصحاب ابن صاعد شيعي انتهى. وذكره الخطيب في تاريخ بغداد ج ٥ ص ٧٧ رقم ٢٤٦٤. وذكر في مولده اقوالا ثلاثة سنة ٣٠٥ وسنة ٦٣٠٦ وسنة ٣٠٧ في الخميس التاسع من المحرم، ثم روى ان اول سماعه سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة ثم ذكر مشايخه ومن روى عنهم وهم كثيرون ثم قال: اخبرنا الحسن بن محمد الخلال، واحمد بن محمد العتيقي قالا: توفى ابوالحسن بن الجندي في جمادى الآخرة سنة ست وتسعين وثلاثمائة قال العتيقى وكان يرمى بالتشيع وكانت له اصول

٢٨

حسان انتهى، ثم ان الماتن (ره) ذكره في ترجمته بعنوان احمد بن محمد بن عمران بن موسى ابي الحسن المعروف بابن الجندي وبقوله شيخنا ابى الحسن الجندي في صالح بن محمد الصراى رقم ٥٣٥ وايضا ابى الحسن احمد بن محمد بن عمران الجندي هناك وفى مواضع كثيرة.

وباحمد بن محمد بن الجندي كما في ابى رافع رقم ١ وغيره وباحمد بن محمد بن موسى الجندي شيخنا كثيرا وبلا ذكر الجندي في مواضع منه وبابن الجندي كما في الاصبغ وغيره وباحمد بن محمد بن الجراح كما في علي بن عقبة رقم ٧١٦ وغيره وباحمد بن محمد بن موسى بن الجراح الجندي كما في ترجمة محمد بن ابي بكر همام الاسكافي رقم ١٠٤٤ وغير ذلك من تعبيراته والجميع واحد كما حققناه في رسالتنا في المشيخات.

٥ - احمد بن محمد المستنشق فقد روى عنه عن ابى علي بن همام في ترجمة عبدالله بن مسكان رقم ٥٦٦.

٦ - احمد بن محمد بن موسى بن هارون بن الصلت الاهوازي ابوالحسن ذكره الذهبي في ميزان الاعتدال ج ١ رقم ٥٣٣ ص ١٣٢ وقال: سمع المحاملي وابن عقدة، وعنه الخطيب، وقال: كان صدوقا صالحا. وذكره الخطيب في تاريخه ج ٤ ص ٣٧٠ رقم ٢٢٤٠ وقال أهوازي الاصل مولده ببغداد في سنة أربع وعشرين وثلاثمائة ثم ذكر مشايخه ومنهم ابوالعباس بن عقدة ثم قال: كتبت عنه وكان صدوقا صالحا ينزل دار اسحاق، وتوفى يوم الاثنين لثمان خلون من جمادى الآخرة سنة تسع وأربعمائة، ودفن من الغد في مقبرة باب التبن.

قلت وهو من مشايخ شيخ الطائفة ايضا فقد روى عنه في كتبه كثيرا وظاهر العلامة رحمه الله في الاجازة الكبيرة لبني زهرة أنه من

٢٩

مشايخ شيخ الطائفة من العامة. وقد روى النجاشى (ره) عنه كثيرا عن احمد بن محمد بن سعيد ابن العباس بن عقدة، كما في ترجمة ابراهيم بن مهزم رقم ٢٩ وغيره.

وهو المراد باحمد بن محمد بن موسى في ترجمة محمد بن قيس رقم ٨٩١. وباحمد بن محمد الاهوازي في محمد بن اسحاق بن عمار رقم ٩٨٠. بل الظاهر انه المراد باحمد بن محمد بن هارون كما في ترجمة ايوب بن نوح رقم ٢٥١ وكثير من التراجم. وباحمد بن هارون في ترجمة محمد بن ابي عمير رقم ٨٩٧. والوجه في ذلك روايته عنه عن أحمد بن محمد بن سعيد في هذه الموارد فدعوى التعدد بقرينة الاختلاف الموجود لا وجه لها.

٧ - احمد بن نوح بن علي بن العباس بن نوح السيرافى، ابوالعباس رحمه الله ذكر الماتن (ره) ترجمته رقم ٢٠٥ وقال: نزيل البصرة كان ثقة في حديثه متقنا لما يرويه فقيها بصيرا بالحديث والرواية وهو أستاذنا ومن إستفدنا منه.

قلت روى في هذا الكتاب عنه كثيرا مترجما عليه ولم يرو عنه شيخ الطائفة رحمه الله قال في الفهرست ص ٣٧ رقم ١٠٧: مات عن قرب الا انه كان بالبصرة ولم يتفق لقائي اياه. وذكره في رجاله ص ٤٥٦ رقم ١٠٨ قائلا: احمد بن محمد بن نوح البصري السيرافي يكنى أبا العباس ثقة.

قلت لم اجد قرينة على ان سماع النجاشي من ابن نوح كان في البصرة ولعل ذلك كان قبل نزوله البصرة. ثم ان الظاهر كون المراد باحمد بن علي بن نوح واحمد بن علي العباس واحمد بن علي السيرافي في مواضع كثيرة من هذا الكتاب هو احمد بن نوح هذا.

٣٠

٨ - أسد بن ابراهيم بن كليب السلمى الحرانى ابوالحسن. فقد روى عنه، وعن محمد بن عثمان عن محمد بن الحسين بن صالح السبيعى في ترجمة الحسين بن محمد بن على الازدي رقم ١٥٠. قلت ذكره الذهبي في ميزان الاعتدال ج ١ ص ٢٠٦ رقم ٨١٠ وزاد في لقبه القاضى وقال: يروى عنه الحسين بن علي الصيمري صاحب مناكير وموضوعات ذكره الخطيب وغيره انتهى.

أقول تضعيف الجمهور مشايخ أصحابنا برواية فضائل اهل البيت عليهم السلام بدعوى كونها مناكير وموضوعات أمر غير عزيز ولا سيما من الذهبي وامثاله كما هو ظاهر لمن يراجع كتبهم.

٩ - الحسن بن احمد بن ابراهيم فقد روى رحمه الله عنه عن أبيه في ترجمة محمد بن تميم النهشلي رقم ١٠٠٠ وايضا فيما أجازه كما في ترجمة احمد بن عامر بن سليمان رقم ٢٤٧.

١٠ - الحسن بن احمد بن محمد بن الهيثم العجلي ابومحمد، ذكر رحمه الله في ترجمته رقم ١٤٧ " ثقة من وجوه اصحابنا وأبووجده ثقتان وهم من اهل الري جاور في آخر عمره بالكوفة ورأيته بها " وروى عنه عن ابيه في ترجمة عبدالله بن داهر بن يحيى رقم ٦٠٧.

١١ - الحسن بن محمد بن يحيى بن داود الفحام ابومحمد السر من رائى، ذكره الخطيب في تاريخه ج ٧ ص ٤٢٤، وذكر مشايخه وانه من اهل سر من رأى، وقال: كان ثقة على مذهب الشافعى وكان يرمى بالتشيع ومات بسر من رأى سمعت أبا الفضل بن السامري يقول: مات إبن الفحام في سنة ثمان ولربعمائة.

قلت وقد روى النجاشى رحمه الله في ترجمة عيسى بن احمد بن عيسى رقم ٨١٤ عنه عن محمد بن احمد بن عبيدالله.

٣١

وروى شيخ الطائفة ايضا عنه كما في الامالي كثيرا وزاد في بشارة المصطفى ص ٢٣٢ في رواية الشيخ (ره) لقب السر من رائي.

١٢ - الحسين بن جعفر بن محمد المخزومي ابوعبدالله المعروف بابن الخمري الكوفى رحمه الله وكان رحمه الله من مشايخ إجازة النجاشى قال في ترجمة الحسين بن احمد بن المغيرة رقم ١٦١. له كتاب عمل السلطان أجازنا بروايته أبوعبدالله بن الخمري الشيخ الصالح في مشهد مولانا امير المؤمنين عليه السلام سنة أربعمائة عنه. وروى عن إبن الخمري عن محمد بن هارون الكندي في ترجمة عبدالله بن ابراهيم رقم ٥٩٢. وزد الماتن رحمه الله في لقبه الكوفى في ترجمة خلف بن عيسى رقم ٣٩٧ وروى عنه عن الحسين بن احمد بن المغيرة.

١٣ - الحسين بن احمد بن موسى بن هدبة، فقد روى عنه عن جعفر بن محمد بن قولويه في علي بن مهزيار رقم ٦٧٠ وايضا في علي ابن محمد بن جعفر قم ٦٩١. وهو المراد بالحسين بن هدبة في محمد ابن الحسن بن زياد رقم ٩٩١. وبالحسين بن احمد بن هدبة في ترجمة نصر بن صباح رقم ١١٦٠. وبأبى عبدالله بن هدبة في عبدالعزيز ابن يحيى رقم ٦٤٦. وأما ما في ترجمة محمد بن اورمة رقم ٩٠١ من قوله أخبرنا الح٧سبن بن محمد بن هدبة قال حدثنا جعفر بن محمد الخ فهو مصحف احمد بن هدبة لروايته عن ابن قولويه ولم اجد له ذكرا في الرجال.

١٤ - الحسين بن عبيدالله بن ابراهيم الغضائري أبوعبدالله شيخنا رحمه الله كما في ترجمته رقم ١٦٢ ثم ذكر كتبه وقال: أجازنا جميعها وجميع رواياته عن شيوخه ومات رحمه الله في نصف صفر

٣٢

سنة احدى عشر واربعمائة.

قلت وقد اكثر (ره) الرواية في هذا الكتاب عن الحسين هذا كما روى الشيخ (ره) عنه في الفهرست وفى المشيخة وسائر كتبه وقال فيمن لم يرو عنهم (ع) ص ٤٧٠ رقم ٥٢. بعد ذكره " كثير السماع عارف بالرجال وله تصانيف ذكرناها في الفهرست سمعنا منه وأجاز لنا بجميع رواياته مات سنة إحدى عشر واربعمائة ".

١٥ - الحسين بن عبيدالله القزويني روى عنه عن احمد بن محمد ابن يحيى في ترجمة احمد بن محمد بن سيار رقم ١٨٨.

١٦ - الحسين بن موسى، فقد روى عنه عن جعفر بن محمد في سعد الاشعري رقم ٤٧٤، وفي ترجمة محمد بن احمد بن يحيى رقم ٩٥١ قلت: لم أجد له ذكرا في الرجال، واحتمال اتحاده مع الحسن او الحسين بن احمد بن موسى بن هدبة غير بعيد.

١٧ - سلامة بن دكا ابوالخير الموصلي رحمه الله، فقد روى عنه كتب علي بن محمد بن العدوي الشمشاطي في ترجمته رقم ٦٩٥ وحكى عنه تفصيلها وكبرها، ثم قال: أخبرنا سلامة بن دكا ابوالخير الموصلي رحمه الله بجميع كتبه.

١٨ - عباس بن عمر بن العباس الكلوذاني المعروف بابن مروان أبوالحسن رحمه الله، فقد روى عنه عن محمد يحى الصولى في ترجمة بكر بن محمد بن حبيب رقم ٢٧٧ وايضا عنه عن علي بن الحسين بن بابوبه القمي في ترجمته رقم ٦٩٠ قال: أخبرنا ابوالحسن العباس بن عمربن عباس بن محمد بن عبدالملك(١) بن ابي مروان الكلوذاني رحمه الله قال اخذت اجازة علي بن الحسين بن بابويه لما قدم بغداد

____________________

(١) يحتمل كون هذا مصحف (يعرف بابن أبي مروان).

٣٣

سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة بجميع كتبه الخ وفي ترجمة حصين بن المخارق رقم ٣٧٣ زاد في لقب عبدالملك الفارسي الكاتب. وزاد ايضا الدهقان في ترجمة عبدالله بن محمد الاسدي رقم ٦٠٠ وقد روى عنه ايضا في ترجمة علي بن ابراهيم الجوانى رقم ٦٩٣ ولم أجد له ذكرا في الرجال نعم ذكره الخطيب في تاريخه ج ١٢ ص ١٦٢ رقم ٦٦٤٩ كما في العنوان وذكر جده عبدالملك بن سليمان ثم ذكر مشايخه وقال كتبت عنه وكان خبيث المذهب رافضيا ثم ذكره بالسوء إلى ان قال ومات في شهر رمضان من سنة اربع عشرة واربعمائة. قلت كيف ينسب مذهب ائمة اهل البيت (ع) بالخبث والله يعصمنا من الزلل.

١٩ - عبدالسلام بن الحسين بن محمد بن عبدالله البصري، ابو احمد الشيخ الاديب رحمه الله، فقد روى عنه عن أبي بكر بن جلين الدوري في ترجمة الاصبغ رقم ٤ قال: ودفع الي شيخ الادب أبواحمد عبدالسلام ابن الحسين البصري رحمه الله كتابا بخطه قد أجاز له فيه جميع روايته كما في ترجمة احمد بن عبدالله الدوري رقم ٢٠١ وغير ذلك من التراجم، وروى عنه ايضا عن ابي القاسم عمر بن محمد الحلال ترجمة يعقوب بن اسحاق رقم ١٢٢٠ وايضا عن محمد بن عمران في ترجمة عبدالله بن احمد بن حرب رقم ٥٧٤ وعن حبيب بن أوس في ترجمته رقم ٣٦٤ وعن أبي القاسم الحسن بن بشير بن يحيى في ترجمة محمد بن احمد المفجع رقم ١٠٣٣ ولم أجد له توثيقا في الرجال لكن الماتن (ره) يترحم عليه عند ذكره نعم ذكره الخطيب في تاريخه ج ١١ ص ٥٧ رقم ٥٧٣٩ وقال سكن بغداد وحدث بها ثم ذكر مشايخه وقال: وكان صدوقا عالما اديبا قارئا للقرآن عارفا بالقراآت وكان يتولى ببغداد النظر في دار الكتب واليه حفظها والاشراف عليها، سمعت اباالقاسم

٣٤

عبيدالله بن علي الرقي الاديب يقول: كان عبدالسلام البصري من أحسن الناس تلاوة للقرآن، وإنشادا للشعر وكان سمحا سخيا إلى ان قال: توفي في يوم الثلاثاء التاسع عشر من المحرم سنة خمس واربعمائة ثم قال: ودفن في مقبرة الشونيزي عند قبرابي علي الفارسي وكان مولده في سنة تسع وعشرين وثلاثمائة.

٢٠ - علي بن احمد بن محمد بن طاهر ابوالحسين الاشعري القمي وقد روى عنه عن محمد بن الحسن بن الوليد كثيرا جدا، وقال (ره) في جعفر بن سليمان رقم ٣٠٩: اخبرنا علي بن احمد بن ابي جيد قال حدثنا محمد بن الحسن بن الوليد عنه، وفي الحسين بن المختار رقم ١٢٠ أخبرنا علي بن احمد بن محمد بن ابي جيدة قال حدثنا محمد بن الحسن الخ وغير ذلك كما ذكرناه في محله وفي احمد بن عبدوس رقم ١٩٣ اخبرناه ابن ابي جيد، وايضا في أبى الجوزاء رقم ١٢٥٨ وغير ذلك والظاهر إتحاد الجميع بقرينة روايته عن ابن الوليد في الجميع وان ابا جيد كنية ابيه او جده والانتساب إلى الاب او الجد في الاسانيد غير عزيز، ولعله المراد بعلي بن احمد عن اسحق بن الحسن في ترجمة محمد بن سالم رقم ٨٨٥. ومما ذكرنا ظهر ان التعدد في هذه الموارد كما عليه غير واحد في غير محله.

وقد روى عن ابي جيد القمي الشيخ (ره) في الفهرست كثيرا.

٢١ - علي بن احمد بن العباس النجاشي والده عليهما الرحمة، فقد روى عنه مترحما عليه عن محمد بن علي بن الحسين بن بابويه كتب عثمان بن عيسى رقم ٨٢٥ ومدحا في محمد بن اسماعيل رقم ٩٠٣ وكتب ما جيلويه محمد بن علي البرقي رقم ٩٥٩ وكتب محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي رقم ١٠٦٠، وغير ذلك من كتب الاصحاب

٣٥

وقد اجازه والده عليه الرحمة وقرأ عليه ايضا كما صرح به في بعض هذه الموارد، وروى عن والده عن ابيه في علي بن عبيدالله رقم ٦٧٧.

٢٢ - علي بن شبل بن أسد أبوالقاسم الوكيل فقد روى عنه عن ابي منصور ظفر بن حمدون عن الاحمري كتاب عبدالله بن حماد الانصاري رقم ٥٧٣ وكتب إبراهيم بن اسحق الاحمري رقم ١٩ وقرأ عليه كتاب اخبار ابي ذر (ره) لابي منصور البادرائي ظفر بن حمدون رقم ٥٦١. وقد روى عنه الشيخ (ره) في الفهرست ص ٧ في ابراهيم بن سليمان قائلا: أخبرنا بكتبه ورواياته ابوالقاسم علي بن شبل بن أسد الوكيل قال اخبرنا ابومنصور ظفر الخ، وايضا فيمن لم يرو عنهم (ع) من رجاله ص ٤٧٧ في ظفر بن حمدون قال: أخبرنا عنه ابن شبل الوكيل قلت: لم أجد له مدحا بغير وكالته.

٢٣ - علي بن محمد بن يوسف القاضي ابوالحسن، روى نسخة كبيرة لمحمد بن ابراهيم الامام عن جعفر بن محمد عليه السلام رقم ٩٦٣ قائلا: أخبرنا القاضي ابوالحسن علي بن محمد بن يوسف بسر من رأى قال حدثنا ابراهيم بن عبدالصمد الخ. قلت يحتمل كون علي بن محمد هذا هو الذي ذكر النجاشي ترجمته رقم ٧٠٥ قائلا: علي بن محمد بن يوسف بن مهجور ابوالحسن الفارسي المعروف بابن خالويه شيخ من أصحابنا ثقة سمع الحديث فاكثر إبتعت اكثر كتبه ثم ذكرها وقال: اخبرنا عنه عدة من أصحابنا " اقول كونه من مشايخه لا ينافي روايته كتبه عنه بالواسطة.

٢٤ - محمد بن جعفر، المؤدب، الاديب النحوي التميمي ابوالحسن فقد روى عن محمد بن جعفر عن احمد بن محمد سعيد بلا ذكر الالقاب

٣٦

كثيرا، وايضا بزيادة المؤدب كما في ترجمة كثير بن طارق رقم ٨٨١، وبزيادة الاديب كما في ترجمة ابي رافع رقم ١. وبزيادة النحوي كما في طريقه إلى كتاب السنن والاحكام والقضايا لابي رافع رقم ١ وفي بسطام بن الحصين رقم ٢٧٩ وفي عبدالسلام بن سالم رقم ٦٥٠. وبزيادة خ التميمي في محمد بن مسلمة رقم ١٠١٦ وفي سعيد بن يسار رقم ٤٨٥ ومحمد بن الحسن المحاربي رقم ٩٥٥ وغير ذلك، وبقوله: اخبرني ابوالحسن التميمي (ره) في إبن ابي رافع مررا وفي ابان بن تغلب رقم ٦ وابان بن عثمان رقم ٧ وغير ذلك مما يطول بذكره. واتحاد الجميع ظاهر بقرنية من روى هو عنه كما لا يخفى على المتأمل بل لا يبعد اتحاده مع محمد بن جعفر النجار فروى كتاب احمد ابن الحسن بن سعيد القرشي رقم ٢٢٣ قائلا اخبرنا محمد بن جعفر النجار قال حدثنا احمد بن محمد بن سعيد عن احمد بن الحسن. وقد روى (ره) عن محمد بن جعفر التميمي عن الحسين بن محمد الفرزدق القطعي كتابيه رقم ١٥٦. وذكر داود بن سليمان القزويني رقم ٤٢٣ ثم قال ذكره ابن نوح في رجاله له كتاب عن الرضا عليه السلام اخبرني محمد بن جعفر النحوي قال حدثنا الحسين بن محمد بن الفرزدق القطعي قال حدثنا أبوحمزة بن سليمان قال نزل أخي داود بن سليمان وذكر النسخة.

قلت لا يبعد اتحاد النحوي والتميمي بقرنية روايتهما عن ابن الفرزدق واحتمال كون النحوى من مشايخ ابن نوح بدعوى كون قوله اخبرني محمد بن جعفر النحوي من كلان ابن نوح بعيد يخالفه ظاهر

٣٧

السياق وايضا من روى عنه. وأبعد من ذلك احتمال اتحاد النحوي مع محمد بن جعفر بن عبدالله النحوي ابوبكر المؤدب الذي ذكر الماتن (ره) ترجمته رقم ١٠٦٥ وقال حسن العلم بالعربية والمعرفة بالحديث الخ، وذلك لان ابابكر النحوي روى النجاشي عنه بواسطتين كما في ترجمته وبواسطتين غيرهما في عبدالعزيز بن المهتدى المقي المترجم رقم ٦٤٨.

قال السيوطي في بغية الوعاة ص ٢٨ محمد بن جعفر بن محمد بن هارون ابن قوة، ابوالحسن التميمي النحوي يعرف بابن النجار الكوفي، قال: ياقوت ولد بالكوفة سنة ثلاث وثلثمائة وقيل سنة احدى عشرة وقدم بغداد وحدث عن ابن دريد ونفطويه وكان ثقة من مجودي القرآن، صنف مختصرا في النحو، الملح والنوادر، تاريخ الكوفة وغير ذلك، مات سنة اثنتين واربعمائة في جمادى الاولى.

وذكره الخطيب في تاريخه ج ٢ ص ١٥٨ رقم ٥٨٣ وذكر جده هارون بن فروة بن ناجية بن مالك وقال: من اهل الكوفة قدم بغداد وحدث بها ثم ذكر مشايخه ومنهم نفطويه واحمد بن عبدالواحد الوكيل ثم حكي عن الحسن بن علي المقري واحمد بن عبدالواحد ابي يعلي الوكيل أنهما سمعا منه ببغداد في سنة احدى وتسعين وثلثمائة ثم روى مولده في سنة ثلاث وثلثمائة في المحرم لست عشرة ليلة خلت منه بالكوفة، ووفاته بالكوفة في جمادى الاولى سنة اثنتين واربعمائة ثم قال: قال العتيقي: ثقة.

٢٥ - محمد بن عثمان بن الحسن بن عبدالله، ابوالحسن القاضي النصيبي، المعدل، فقد روى عنه كثيرا عن الشريف الصالح ابي القاسم جعفر بن محمد بن عبيدالله الموسوي وعن غيره من رواة الحديث وقد سمع الماتن رحمه الله عنه كثيرا وقرء عليه كتب اصحابنا واصولهم قال

٣٨

في ترجمة محمد بن عمر الجعابي رقم ١٠٦٦: له كتاب الشيعة من أصحاب الحديث وطبقاتهم وهو كتاب كبير سمعناه من أبي الحسين محمد ابن عثمان وفي ترجمة فارس بن سليمان رقم ٨٥٧ بعد ذكر كتابه قال: أقرأئه على القاضي أبي الحسن محمد بن عثمان بن الحسن النصيبي وكتبته من أصله الخ.

قلت واختلاف تعبير الماتن عنه في هذا الكتاب لا يوجب التعدد فقد ذكره تارة بلا كنية كما في عدة من التراجم واخرى مع ذكر جده وثالثه مع ذكر النصيبي ورابعة مع ذكر المعدل كما في ترجمة محمد بن يوسف الصنعاني رقم ٩٦٨ وغير ذلك من وجوه الاختصار في الالقاب والنسب والكنى وعدمه كما ان ذكر من روى عنه جعفر بن محمد الموسوي تارة مع ذكر جده واخرى مع زيادة لقب الشريف الصالح او الموسوي وغير ذلك لا يوجب التعدد وان شئت فلاحظ تراجم هؤلاء عبيدالله بن نهيك رقم ٦٢٠. وعلى بن ابيحمرة البطائني رقم ٦٦٢. وجميل بن صالح رقم ٣٢٦ وبرد الاسكاف رقم ٢٨٩.

وعلي بن عمر رقم ٦٧٦ وغيرهم.

قلت ذكر المحدث النوري (ره) في خاتمة المستدرك في مشايخ النجاشي محمد بن عثمان النصيبي ثم قال: أدركه وقرء عليه بحلب اقول ليس الامر كما ذكره فقد ذكرنا ان النجاشي لم يخرج من بغداد إلا للزيارة وانما نشأ ما ذكره رحمه الله مما ذكر الماتن (ره) في ترجمة الحسين بن خالويه ص ٥٣ رقم ١٥٧ إذ بعد ذكره وانه سكن حلب ومات بها وبعد ذكر كتبه قال: حدثنا بذلك القاضي أبوالحسين النصيبي قال قرأته عليه بحلب الخ.

٣٩

وقد ذكره الخطيب في تاريخ بغداد ج ٣ ص ٥١ رقم ٩٩٢ وذكر مشايخه من شيوخ الشام وجماعة من البغداديين ثم ذكر ان قدوم النصيبي بغداد كان بعد موت الصفار بعدة سنين وانه مات يوم الاربعاء الثالث من شهر رمضان سنة ست واربعمائة ودفن في داره بالكرخ.

وذكر ايضا ان النصيبي كان عدلا في الشهادة لم يتعلق عليه فيها بشئ وضعفه في الرواية وملخص ما ذكره في وجه ضعفه في الرواية روايته للشيعة المناكير قال: فروى للشيعة المناكير قلت تضعيف القوم لامثاله من الرواة واجلاء الامامية برواية فضائل اهل البيت عليهم السلام بدعوى كونها مناكير أمر شايع لا يخفى على من تأمل كتاب الخطيب وكتاب ميزان الاعتدال وغير ذلك وقد ذكر النصيبي هذا الذهبي في ميزان الاعتدال ج ٣ ص ٦٤٣ وشنع عليه بذلك فلاحظ.

٢٦ - محمد بن علي بن يعقوب بن اسحاق بن أبي قرة ابوالفرج القناتي الكاتب، ذكر ترجمته رقم ١٠٧٧ وقال: كان ثقة وسمع كثيرا وكتب كثيرا وكان بورق لاصحابنا، وقعنا في المجالس. إلى ان قال أخبرني وأجازني جميع كتبه. وكان رحمه الله من فقهاء الامامية، وكان له رأي فيما يفسد الصلاة وقد ألف شيخ الطائفة في عصره المفيد رحمه الله كتابا في جواب ابي الفرج بن اسحاق القناتي هذا ذكره الماتن في ترجمة المفيد رحمه الله رقم ١٠٧٨. وقد روى الماتن رحمه الله عنه كثيرا عن غير واحد من الرواة، مثل محمد بن عبدالله ابي المفضل الشيباني الذي ادركه الماتن وسمع منه ايضا كما في ترجمة محمد بن علي الشلمغاني رقم ١٠٤١، ومحمد بن علي ابن الحسين بن زيد رقم ١٠٠٤، ومحمد بن منصور رقم ١٠٠١، واسماعيل

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

أرض مربعة حمراء من أدم

ما بين إلفين موصوفين بالكرمِ

تذاكرا الحرب فاحتلاّ لها شبهاً

من غير أن يسعيا فيها بسفك دمِ

هذا يغير على هذا وذاك على

هذا يغير وعين الحرب لم تنمِ

فانظر إلى الخيل قد جاشت بمعركةٍ

في عسكرين بلا طبلٍ ولا علمِ(1)

وألمّ هذا الشعر بوصف دقيق للشطرنج، وفيما أحسب أنّه أسبق من نظم فيه، وأحاط بأوصافه ودقائقه وقد تعلم هذه اللعبة من أبيه الرشيد الذي كان من الماهرين فيها، وقد أهدى إلى ملك (فرنسا) أدوات الشطرنج، ولم تكن معروفة فيها، وتوجد حاليا تلك الأدوات التي أهداها الرشيد في متاحف (فرنسا)(2) .

ب - ولعه بالموسيقى:

وكان المأمون مولعاً بالغناء والموسيقى، ويقول المؤرّخون أنّه كان معجباً كأشد ما يكون الإعجاب بأبي إسحاق الموصلي الذي كان من أعظم العازفين والمغنّين في العالم العربي وقال فيه: (كان لا يغني أبداً إلاّ وتذهب عنّي وساوسي المتزايدة من الشيطان)(3) .

وكان يحيي لياليه بالغناء والرقص والعزف على العود كأبيه الرشيد الذي لم يمر على قصره اسم الله تعالى، وإنّما كانت لياليه الليالي الحمراء.

ج - شربه للخمر:

وعكف المأمون على الإدمان على الخمر، فكان يشربها في وضح النهار وفي غلس الليل، ولم يتأثّم في اقتراف هذا المحرَّم الذي هو من أفحش المحرّمات في الإسلام.

إلى هنا ينتهي بنا الحديث عن بعض نزعات المأمون وصفاته.

التحف الثمينة التي أهديت للمأمون:

وقام الأُمراء والأشراف بتقديم الهدايا القيّمة والتحف الثمينة للمأمون تقرّباً إليه، وكان من بعض ما أُهدي إليه ما يلي:

____________________

(1) المستطرف 2 / 306.

(2) حياة الإمام محمد الجواد (ص 233).

(3) الحضارة العربية لجاك س. ريسلر (ص 108).

٢٢١

1 - أهدى أحمد بن يوسف للمأمون سفطاً من الذهب فيه قطعة عود هندي في طوله وعرضه، وكتب فيه هذا يوم جرت فيه العادة بإتحاف العبيد للسادة، وقد قلت:

على العبد حق وهو لا شك فاعله

وإن عظم المولى وجلّت فواضله

ألم ترنا نهدي إلى الله ماله

وإن كان عنه ذا غنى فهو قابله

ولو كان يهدي للجليل بقدره

لقصّر عنه البحر يوماً وساحله

ولكنّنا نهدي إلى مَن نجلّه

وإن لم يكن في وسعنا ما يشاكله(1)

2 - أهدى أبو دلف القاسم بن عيسى العجلي إلى المأمون في يوم مهرجان مائة حمل زعفران قد وضعت في أكياس من الإبريسم، وقد حملتها أتان شهب وحشية، فجاءت الهدايا والمأمون عند حرمه، فأخبر بالهدية، فسارع إلى النظر إليه، فلمّا رآها عجب بها وسأل عن الحمر التي حملت الزعفران هل هن ذكور أم إناث؟ فقيل له إنّها إناث فسُرّ بذلك، وقال: قد علمت أنّ الرجل أعقل من أن يوجه على غير أتن(2).

3 - أهدى ملك الهند جملة من الهدايا، وفيها جام ياقوت أحمر، ومعها رسالة جاء فيها: نحن نسألك أيّها الأخ أن تنعم في ذلك بالقبول، وتوسع عذراً في التقصير(3) .

هذه بعض الهدايا التي قدّمت للمأمون تقرّباً له، وطمعاً في الظفر ببعض الوظائف منه.

تظاهره بالتشيّع:

وذهب بعض المؤرخين والباحثين إلى أن المأمون قد اعتنق مذهب التشيع، وقد استندوا إلى ما يلي:

من علمه التشيع:

إنّه أعلن أمام حاشيته وأصحابه أنّه اعتنق مذهب التشيّع وذلك في الحديث التالي: روى سفيان بن نزار، قال: كنت يوماً على رأس المأمون، فقال لأصحابه: (أتدرون مَن علّمني التشيّع؟).

____________________

(1) صبح الأعشى 2 / 420.

(2) التحف والهدايا (ص 109).

(3) نفس المصدر.

٢٢٢

فقالوا جميعاً: لا والله ما نعلم؟.

فقال: علمنيه الرشيد فانبروا قائلين:

(كيف ذلك والرشيد كان يقتل أهل البيت؟).

قال: كان يقتلهم على الملك لان الملك عقيم، لقد حججت معه سنة، فلمّا صار إلى المدينة تقدم إلى حجاجه، وقال لهم: (لا يدخلن على رجل من أهل المدينة ومكة، ولا من المهاجرين والأنصار وبني هاشم، وسائر بطون قريش إلا نسب نفسه... وأمتثل الحجاب ذلك، فكان الرجل إذا أراد الدخول عليه عرف نفسه إلى الحجاب، فإذا دخل فيصله بحسب مكانته ونسبه، وكانت صلته خمسة آلاف دينار إلى مائتي دينار، يقول المأمون وبينما أنا واقف إذ دخل الفضل بن الربيع، فقال: (يا أمير المؤمنين، على الباب رجل يزعم أنّه موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب).

فاقبل الرشيد على أبنائه، وعلى سائر القواد، وقال لهم: احفظوا على أنفسكم، ثم قال للفضل ائذن له، ولا ينزل إلاّ على بساطي، يقول المأمون: ودخل شيخ مسخد(1) قد أنهكته العبادة كأنّه شنّ بال(2) قد كلم(3) السجود وجهه وأنفه فلمّا رأى الرشيد أنّه أراد أن ينزل من دابته، فصاح لا والله إلاّ

على بساطي فمنعه الحجّاب من الترجّل، ونظر إليه الجميع بإجلال وإكبار وتعظيم ووصل الإمام إلى البساط والحجّاب والقوّاد محدقون به، فنزل عن راحلته فقام إليه الرشيد واستقبله إلى آخر البساط، وقبّل وجهه وعينيه، وأخذ بيده حتى صيره في صدر المجلس وأجلسه معه، وأقبل عليه يحدثه، ويسأله عن أحواله، ثم قال له: (يا أبا الحسن ما عليك من العيال؟).

قال هارون: أولاد كلهم؟ قال الإمام: لا، أكثرهم موالي وحشم، أمّا الولد فلي نيف وثلاثون، وذكر عدد الذكور، وعدد الإناث، والتفت إليه هارون فقال له:

____________________

(1) المسخد: مصفر الوجه.

(2) الشن البالي: القربة البالية.

(3) كلم: أي جرح.

٢٢٣

- لم لا تزوج النسوان من بني عمومتهن وأكفائهن؟

- اليد تقصر عن ذلك.

- ما حال الضيعة؟

تعطي في وقت وتمنع في آخر!.

- هل عليك دين؟

- نعم.

- كم هو؟

- عشرة آلاف دينار.

- يا بن العم أنا أعطيك من المال ما تزوّج به الذكران والنسوان، وتقضي به الدين، وتعمر به الضياع.

فشكره الإمام على ذلك وقال له: (وصلتك رحم يا بن العم، وشكر الله هذه النية الجميلة والرحم ماسة، والقرابة واشجة، والنسب واحد، والعباس عم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وصنو أبيه، وعمّ علي بن أبي طالبعليه‌السلام وصنو أبيه، وما أبعدك الله من أن تفعل ذلك، وقد بسط يدك، وأكرم عنصرك وأعلى محتدك(1)) .

فقال هارون: أفعل ذلك وكرامة.

وأخذ الإمامعليه‌السلام يوصيه بالبر والإحسان إلى عموم الفقراء قائلاً:

(يا أمير المؤمنين إنّ الله قد فرض على ولاة العهد، أن ينعشوا فقراء الأمّة، ويقضوا عن الغارمين، ويؤدوا عن المثقل، ويكسوا العاري، ويحسنوا إلى العاني(2) ، فأنت أولى مَن يفعل ذلك...).

فانبرى هارون قائلاً: افعل ذلك يا أبا الحسن، ثم قام الإمامعليه‌السلام فقام الرشيد تكريما له، وقبل عينيه ووجهه ثم اقبل على أولاده فقال لهم: (يا عبد الله، ويا محمد، ويا إبراهيم امشوا بين يدي عمكم وسيدكم خذوا بركابه، وسووا عليه ثيابه وشيعوه إلى منزله).

وانصرف الإمامعليه‌السلام ، وفي نفس الطريق أسرّ إلى المأمون فبشره

____________________

(1) المحتد: الأصل.

(2) العاني: الغفير.

٢٢٤

بالخلافة، وقال له:

(إذا ملك هذا الأمر فأحسن إلى ولدي).

ومضى الإمام مشيَّعاً من قبل أبناء هارون إلى منزله، ورجع المأمون إلى منزله، فلما خلا المجلس من الناس التفت إلى أبيه قائلاً:

(يا أمير المؤمنين من هذا الرجل الذي قد أعظمته، وأجللته وقمت من مجلسك إليه، فاستقبلته، وأقعدته في صدر المجلس، وجلست دونه، ثم أمرتنا بأخذ الركاب له؟).

فقال هارون:

(هذا إمام الناس، وحجّة الله على خلقه، وخليفته على عباده...).

وبهر المأمون فقال لأبيه: (يا أمير المؤمنين أليست هذه الصفات لك وفيك؟).

فأجابه هارون بالواقع قائلاً: (أنا أمام الجماعة في الظاهر والغلبة والقهر، وموسى بن جعفر إمام حق، والله يا بني إنّه لاحق بمقام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله منى ومن الخلق جميعاً، ووالله إن نازعتني هذا الأمر لأخذت الذي فيه عيناك، فإنّ الملك عقيم).

ولـمّا أراد الرشيد الانصراف من المدينة إلى بغداد أمر بصرة فيها مائتا دينار، وقال للفضل بن الربيع اذهب بها إلى موسى بن جعفر، وقل له: يقول لك أمير المؤمنين: نحن في ضيقة، وسيأتيك برنا بعد الوقت، فقام المأمون، وقال لأبيه: (تعطي أبناء المهاجرين والأنصار وسائر قريش، ومن لا تعرف حسبه ونسبه خمسة آلاف دينار ما دونها، وتعطي موسى بن جعفر، وقد عظمته، وجللته مائتي دينار أخسّ عطية أعطيتها أحدا من الناس).

فزجره هارون، وقال له:

(اسكت لا أُمّ لك، فإنّي لو أعطيت هذا ما ضمنته له، ما كنت آمنه أن يضرب وجهي غداً بمائة ألف سيف من شيعته ومواليه، وفقر هذا وأهل بيته أسلم لي ولكم من بسط أيديهم وأعينهم).

وأعرب هارون عن خشيته من الإمامعليه‌السلام ، وقضت سياسته في

٢٢٥

محاربته اقتصاديا لئلا يقوى على مناهضته وكان في المجلس مخارق المغني فتألم وانبرى إلى هارون قائلاً: (يا أمير المؤمنين، قد دخلت المدينة، وأكثر أهلها يطلبون مني شيئا، وإن خرجت ولم أقسم فيهم شيئا لم يتبيّن لهم فضل أمير المؤمنين علي، ومنزلتي عنده).

فأمر له هارون بعشرة آلاف دينار، فقال له مخارق: (يا أمير المؤمنين هذا لأهل المدينة، وعلى دين احتاج أن أقضيه).

فأمر له بعشرة آلاف دينار، ثم قال له: بناتي أريد أن أزوجهن فأمر له بعشرة آلاف دينار، وقال له: لا بد من غلّة تعطينيها ترد علي وعلى عيالي وبناتي فأمر له باقطاع(1) تبلغ وارداتها في السنة عشرة آلاف دينار، وأمر أن يعجل ذلك له، وقام مخارق مسرعا إلى بيت الإمام الكاظمعليه‌السلام ، فلمّا انتهى إليه استأذن على الإمام فأذن له فقال له: (قد وقفت على ما عاملك هذا الطاغية، وما أمر لك به، وقد احتلت عليه لك، وأخذت منه صلات ثلاثين ألف دينار وأقطاعا تغل في السنة عشرة آلاف دينار، ولا والله يا سيدي ما احتاج إلى شيء من ذلك، ما أخذته إلاّ لك وأنا اشهد لك بهذه القطاع، وقد حملت المال لك).

فشكره الإمامعليه‌السلام على ذلك، وقال له: (بارك الله لك في مالك، وأحسن جزاءك، ما كنت لآخذ منه درهماً واحداً، ولا من هذه الأقطاع شيئاً، وقد قبلت صلتك وبرّك، فانصرف راشداً ولا تراجعني في ذلك).

وقبل مخارق يد الإمامعليه‌السلام ، وانصرف عنه(2) .

وحكت هذه الرواية ما يلي:

1 - احتفاء الرشيد بالإمام الكاظمعليه‌السلام في حين أنّه لم يحفل بأي إنسان كان، فقد سيطر على أغلب أنحاء الأرض وسرى اسمه في الشرق والغرب.

2 - اعتراف هارون بأنّ الإمام الكاظمعليه‌السلام هو حجّة الله على

____________________

(1) الأقطاع: القطعة من الأرض الزراعية.

(2) عيون أخبار الرضا 1 / 88 - 93.

٢٢٦

العالمين وأنّه إمام هذه الأمة، وقائد مسيرتها الزمنية والروحية، وأنّ هارون زعيم هذه الأمة بالقهر والغلبة لا بالاستحقاق.

3 - حرمان الإمام الكاظم من العطاء الذي يستحقه؛ وذلك من أجل أن لا يقوى على مناهضة هارون والخروج على سلطانه.

4 - إعطاء المغني (مخارق) الأموال الطائلة، وحرمان أبناء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله من حقوقهم التي نهبها هؤلاء البغاة... هذه بعض المعالم في هذه الرواية:

رد فدك للعلويين:

من الأمور التي يستند القائلون إلى تشيّع هارون ردّه لـ‍ (فدك) للعلويين بعد أن صادرتها الحكومات السابقة منهم، وكان الغرض من مصادرتها إشاعة الفقر والحرمان بين العلويين، وفرض الحصار الاقتصادي عليهم كي لا يتمكّنوا من مناهضة أولئك الحكّام، وقد قام المأمون بردّها عليهم، وقد رفع عنهم الضائقة الاقتصادية التي كانت آخذة بخناقهم، وقد مدحه شاعر أهل البيت دعبل الخزاعي على هذه المكرمة التي أسداها على العلويين بقوله:

أصبح وجه الزمان قد ضحكا

بردّ مأمون هاشم فدكا

واعتبر الكثيرون من الباحثين هذا الإجراء دليلاً على تشيّع المأمون.

إشادته بالإمام أمير المؤمنين:

وأشاد المأمون بالإمام أمير المؤمنين رائد الحق والعدالة في الإسلام، فقد كتب إلى جميع الآفاق بان علي بن أبي طالبعليه‌السلام أفضل الخلق بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (1) ، وقد روى الصولي أشعاراً له في فضل الإمام أمير المؤمنين عليه كان منها ما يلي:

لا تقبل التوبة من تائب

إلاّ بحب ابن أبي طالب

أخو رسول الله حلف المهدي

والأخ فوق الخل والصاحب

إن جمعا في الفضل يوماً فقد

فاق أخوه رغبة الراغب

فقدم الهادي في فضله

تسلم من اللائم والعائب

ومن شعره الذي يرد به على مَن عابه في قربه لأبناء النبي (ص) يقول:

____________________

(1) تذكرة الخواص (ص 366).

٢٢٧

ومن غاو يغص عليّ غيظاً

إذا أدنيت أولاد الوصي

فقلت: أليس قد أوتيت علماً

وبان لك الرشيد من الغوي

وعرفت احتجاجي بالمثاني

وبالمعقول والأثر القوي

بأيّة خلّة وبأيّ معنى

تفضّل ملحدين على علي

علي أعظم الثقلين حقّاً

وأفضلهم سوى حق النبي(1)

ومن شعره قاله في أهل البيتعليهم‌السلام هذه الأبيات:

إن مال ذو النصب إلى جانب

ملت مع الشيعي في جانبِ

أكون في آل بني الهدى

خير بني من بني غالبِ

حبهم فرض نؤدّي به

كمثل حج لازم واجب(2)

وهذا الشعر صريح في ولائه لأهل البيتعليهم‌السلام وتقديمه بالفضل على غيرهم.

وروى له الصولي هذه الأبيات في الإمام عليعليه‌السلام :

ألام على حب الوصي أبي الحسن

وذلك عندي من عجائب ذي الزمن

خليفة خير الناس والأول الذي

أعان رسول الله في السر والعلن

ولولاه ما عدت لهاشم إمرة

وكانت على الأيام تقضي وتمتهن

فولى بني العباس ما اختص غيرهم

ومن منه أولى بالتكرّم والمنن

فأوضح عبد الله بالبصرة الهدى

وفاض عبيد الله جوداً على اليمن

وقسم أعمال الخلافة بينهم

فلا زال مربوطاً بذا الشكر مرتهن(3)

وحكى هذا الشعر الأيادي البيضاء التي أسداها الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام إلى الأسرة العباسية حينما ولي الخلافة فقد قلد ولاية (البصرة) إلى عبد الله بن العباس، وكان وزيره ومستشاره الخاص، كما قلد عبيد الله بن العباس ولاية اليمن، ولكن الأسرة العباسية قد تنكرت لهذا المعروف فقابلت أبناء الإمام بالقتل والتنكيل وارتكبت معهم ما لم ترتكبه معهم الأسرة الأموية وقد أوضحنا في

____________________

(1) المحاسن والمساوئ 1 / 105 للبيهقي.

(2) تذكرة الخواص (ص 367).

(3) تذكرة الخواص (ص 366).

٢٢٨

هذا الكتاب جوانب كثيرة من اضطهادهم للسادة العلويين، فلم يرعوا فيهم أنّهم أبناء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأنّهم وديعته في أمته، فعمدوا إلى قتلهم تحت كل حجر ومدر.

ونسب إلى المأمون هذان البيتان:

إذا المرجّى سرّك أن تراه

يموت لحينه من قبل موته

فجدّد عنده ذكرى عليٍّ

وصلِّ على النبي وآل بيته

فردّ عليه إبراهيم بن المهدي المعروف بابن شكلة:

إذا الشيعي جمجم في مقال

فسرّك أن يبوح بذات نفسه

فصلّ على النبي وصاحبيه

وزيريه وجاريه برمسه(1)

ومن الطريف ما ذكره الصولي أنّه كان مكتوباً على سارية من سواري جامع البصرة:

(رحم الله عليّا

إنّه كان تقيّا)

وكان يجلس إلى تلك السارية حفص أبو عمر الخطابي وكان أعور فعمد إلى محو ذلك، وكتب بعض المجاورين إلى الجامع إلى المأمون يخبره بمحو الخطابي للكتابة، فشقّ على المأمون ذلك، وأمر بإشخاصه إليه، فلمّا مثل عنده قال له:

(لم محوت اسم أمير المؤمنين من السارية؟).

فقال الخطابي: (وما كان عليها؟).

قال المأمون: كان عليها:

(رحم الله عليّا

انه كان تقيّا)

فقال: إنّ المكتوب رحم الله عليا إنّه كان نبيّا، فقال المأمون كذبت، بل كانت القاف أصح من عينك الصحيحة، ولولا أن أزيدك عند العامة نفاقاً لأدبتك، ثم أمر بإخراجه(2) .

____________________

(1) مروج الذهب 3 / 329.

(2) تذكرة الخواص (ص 367).

٢٢٩

انتقاصه لمعاوية:

واستدلّ القائلون بتشيّع المأمون إلى أنّه أمر بسب معاوية بن هند وانتقاصه في جميع أنحاء العالم الإسلامي، فقد أمر أن ينادي المنادي (أن برئت الذمّة من أحد من الناس ذكر معاوية بخير أو قدمه على أحد من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله )(1) .

وهذا لا يصلح دليلاً على تشيّع المأمون؛ لأنّ معاوية قد انكشف، وظهر واقعه، فقد تسالمت على قدحه جميع الأوساط، وأنّه الخصم اللدود للإسلام، وأنّه صاحب الأحداث والموبقات.

استدلاله على إمامة الإمام علي:

ومن أهم ما استدل به القائلون على تشيّع المأمون عقده للمؤتمرات العلمية، واستدلاله ببالغ الحجة على إمامة الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام وانه القائد الأول للمسيرة الإسلامية بعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو أولى بمقامه، وأحق بمركزه من غيره.

ومن أروع المؤتمرات التي أقامها المأمون في بلاطه، ومن أكثرها أهمية هذا المؤتمر الذي حضره أربعون من علماء الحديث، وعلماء الكلام انتخبهم يحيى بن أكثم من بين علماء بغداد، وقد أدلوا بحججهم على ما يذهبون إليه من تفضيل الخلفاء على الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام إلاّ أنّ المأمون فنّد حججهم بأدلة حاسمة دلّت على براعته واطلاعه الواسع في البحوث الكلامية، ونحن ننقل النص الكامل لهذه المناظرة الرائعة لما لها من الأهمية البالغة، وفيما يلي ذلك:

المأمون:

ولـمّا مثل العلماء أمام المأمون، التفت إليهم بعد ترحيبه بهم، فقال لهم: (إنّي أريد أن أجعلكم بيني وبين الله تبارك وتعالى في يومي حجّة، فمن كان حاقناً(2) أو له حاجة فليقم إلى قضاء حاجته، وانبسطوا، وسلوا خفافكم، وضعوا أرديتكم).

____________________

(1) مروج الذهب 3 / 361.

(2) الحاقن: الذي يضايقه البول.

٢٣٠

ففعلوا ما أمرهم به، والتفت المأمون لهم قائلاً: (أيّها القوم إنّما استحضرتكم لأحتج بكم عند الله تعالى، فاتقوا الله وانظروا لأنفسكم، وإمامكم، ولا يمنعكم جلالتي، ومكاني من قول الحق حيث كان، ورد الباطل، على من أتى به، وأشفقوا على أنفسكم من النار، وتقرّبوا إلى الله تعالى، برضوانه، وإيثار طاعته، فما أحد تقرب إلى مخلوق بمعصية الخالق، إلاّ سلّطه الله عليه، فناظروني بجميع عقولكم.

إنّي رجل أزعم أنّ عليّاًعليه‌السلام خير البشر بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فإن كنت مصيباً فصوّبوا قولي، وإن كنت مخطئاً فردّوا عليّ وهلمّوا، فإن شئتم سألتكم، وإن شئتم سألتموني...).

وليس في هذا الكلام أي التواء، أو خروج عن المنطق، وإنّما صاحبه يريد الحقيقة الناصعة.

علماء الحديث:

وسارع علماء الحديث قائلين: (بل نحن نسألك...).

وانبرى المأمون فأرشدهم إلى طريق الحوار قائلاً: (هاتوا وقلدوا كلامكم رجلاً واحداً منكم، فإذا تكلّم فإن كان عند أحدكم زيادة فليزده وإن أتى بخلل فسدّدوه...)

الدليل الأوّل:

وأدلى عالم من علماء الحديث بحجّته على أنّ أبا بكر هو خير هذه الأمة بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قائلاً:

(نحن نزعم أنّ خير الناس بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أبو بكر، من قبل الرواية المجمع عليها جاءت عن الرسول (ص) قال: (اقتدوا بالذين من بعدي أبو بكر وعمر) فلما أمر نبي الرحمة بالاقتداء بهما، علمنا أنّه لم يأمر بالاقتداء إلاّ بخير الناس...).

جواب المأمون:

وناقش موضوع الحديث المنسوب إلى النبي (ص) نقاشاً موضوعياً فقال: (الروايات كثيرة، ولا بد من أن تكون كلها حقاً، أو كلها باطلاً، أو بعضها

٢٣١

حقاً، وبعضها باطلاً، فلو كانت كلها حقاً، كانت كلها باطلاً من قبل أن بعضها ينقض بعضها، ولو كانت كلها باطلاً كان في بطلانها بطلان الدين، ودرس الشريعة(1) فلمّا بطل الوجهان ثبت الثالث بالاضطرار، وهو أنّ بعضها حق، وبعضها باطل، فإذا كان كذلك فلا بد من دليل على ما يحق منها، ليعتقد، أو ينفي خلافه، فإذا كان دليل الخبر في نفسه حقاً كان أولى ما اعتقده، وأخذ به.

وروايتك هذه من الأخبار التي أدلتها باطلة في نفسها، وذلك أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أحكم الحكماء، وأولى الخلق بالصدق، وأبعد الناس من الأمر بالمحال، وحمل الناس على التدين بالخلاف، وذلك أنّ هذين الرجلين لا يخلو من أن يكونا متفقين من كل جهة كانا واحداً في العدد والصفة والصورة والجسم، وهذا معدوم أن يكون اثنان بمعنى واحد من كل جهة.

وإن كانا مختلفين فكيف يجوز الاقتداء بهما، وهذا تكليف بما لا يطاق؛ لأنّك إذا اقتديت بواحد خالفت الآخر، والدليل على اختلافهما، أنّ أبا بكر سبى أهل الردة، وردّهم عمر أحراراً، وأشار عمر بعزل خالد لقتله مالك بن نويرة فأبى أبو بكر عليه، وحرم عمر المتعتين ولم يفعل ذلك أبو بكر، ووضع عمر ديوان العطية، ولم يفعله أبو بكر، واستخلف أبو بكر ولم يفعل ذلك عمر، ولهذا نظائر كثيرة...).

وردّ المأمون وثيق للغاية، فقد زيف الحديث، وأثبت أنّه من الموضوعات، ولا نصيب له من الصحّة.

الدليل الثاني:

وانبرى عالم آخر من علماء الحديث فاستدل على أفضلية الشيخين وتقدّمهما على الإمام أمير المؤمنين بالحديث المنسوب إلى النبي (ص).

قال: (إنّ النبي (ص) قال: لو كنت متخذاً خليلا لاتخذت أبا بكر خليلاً...).

جواب المأمون:

وزيف المأمون هذا الحديث قائلاً: هذا مستحيل من قبل أنّ رواياتكم قد صرّحت أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، آخى بين أصحابه، وأخّر عليّاً

____________________

(1) أي إماتة الشريعة.

٢٣٢

عليه‌السلام ، فقال له: في ذلك فقال: وما أخرّتك إلاّ لنفسي، فأيّ الروايتين ثبتت بطلت الأخرى...).

إنّ مناقشة المأمون للحديث مناقشة موضوعية ليس فيها أي تحيّز، وإنّما كانت خاضعة للدليل الحاسم.

الدليل الثالث:

وانبرى محدّث آخر فقال: إنّ عليّاًعليه‌السلام قال على المنبر: خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر...).

مناقشة المأمون:

وناقش المأمون هذا الحديث قائلاً: هذا مستحيل لأنّ النبي (ص) لو علم أنّهما أفضل ما ولى عليهما مرة عمرو بن العاص ومرة أسامة بن زيد، وممّا يكذب هذه الرواية قول علي لـمّا قبض النبي (ص): وأنا أولى بمجلسه منّي بقميصي، ولكن أشفقت أن يرجع الناس كفّاراً، وقولهعليه‌السلام : أنّى يكونان خيراً مني؟ وقد عبدت الله قبلهما، وعبدته بعدهما، وأبطل المأمون الحديث، وبين زيفه، فلم يصلح لأن يكون دليلاً للخصم.

الدليل الرابع:

وقال عالم من علماء الحديث: إنّ أبا بكر أغلق بابه وقال: هل من مستقيل فأقيله، فقالعليه‌السلام : قدّمك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فمَن ذا يؤخرك؟).

ردّ المأمون للحديث:

ورد المأمون الحديث قائلاً: هذا باطل لأنّ عليّاًعليه‌السلام قعد عن بيعة أبي بكر، ورويتم أنّه قعد عنها حتى قبضت فاطمةعليها‌السلام ، وأنّها أوصت أن تدفن ليلاً لئلاّ يشهدا جنازتها.

ووجه آخر وهو أنّ النبي (ص) لو كان استخلفه فكيف كان له أن يستقيل، وهو يقول للأنصار: قد رضيت لكم أحد هذين الرجلين أبا عبيدة وعمر...).

الدليل الخامس:

وقال عالم آخر: إنّ عمرو بن العاص قال: يا نبي الله مَن أحب الناس إليك

٢٣٣

من النساء؟ قال: عائشة، فقال: من الرجال؟ فقال: أبوها...).

ردّ المأمون:

ورد المأمون هذا الحديث فقال: هذا باطل لأنّكم رويتم أن النبي (ص) وضع بين يديه طائر مشوي، فقال: اللّهمّ ايتني بأحبّ خلقك إليك، فكان عليّاً، فأي رواياتكم تقبل؟).

إنّ حديث الطائر المشوي مجمع عليه، وهو يدل بوضوح على أنّ الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام أحبّ الخلق عند الله، وأقربهم إليه.

الدليل السادس:

وانبرى عالم آخر فقال: (إنّ عليّاً قال: مَن فضلني على أبي بكر وعمر جلدته حد المفتري...).

جواب المأمون:

وأجاب المأمون عن هذا الحديث المنسوب إلى الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام بقوله:

(كيف يجوز أن يقول علي: أجلد الحد على مَن لا يجب حد عليه، فيكون متعدّياً لحدود الله، عاملاً بخلاف أمره، وليس تفضيل من فضله عليهما فرية، وقد رويتم عن إمامكم أنّه قال: وليتكم ولست بخيركم، فأي الرجلين أصدق عندكم أبو بكر على نفسه، أو علي على أبي بكر، مع تناقض الحديث في نفسه، ولا بد له من أن يكون صادقاً أو كاذباً، فإن كان صادقاً فأنّى عرف ذلك بوحي؟ فالوحي منقطع أو بالتظنين فالمتظنّي متحيّر، أو بالنظر، فالنظر بحث وإن كان غير صادق، فمن المحال أن يلي أمر المسلمين، ويقوم بأحكامهم ويقيم حدودهم كذاب...).

الدليل السابع:

وقال عالم آخر: إنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: أبو بكر وعمر سيدا كهول أهل الجنة).

جواب المأمون:

قال المأمون: هذا الحديث محال لأنّه لا يكون في الجنة كهل، ويروى أن (أشحمية) كانت عند النبي (ص) فقال: لا يدخل الجنة عجوز فبكت، فقال لها

٢٣٤

النبي (ص): إنّ الله تعالى يقول:( أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً * فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا * عُرُباً أَتْرَاباً ) (1) فإن زعمتم أنّ أبا بكر ينشأ شاباً إذا دخل الجنة، فقد رويتم أنّ النبي (ص) قال للحسن والحسين: إنّهما سيّدا شباب أهل الجنة من الأولين والآخرين وأبوهما خير منهما).

ومناقشة المأمون للحديث مناقشة منطقية غير خاضعة للأهواء والتيارات المذهبية.

الدليل الثامن:

وقال عالم آخر من علماء الحديث: (إنّ النبي (ص) قال: لو لم أكن أبعث فيكم لبعث عمر...).

جواب المأمون:

قال المأمون في تفنيد هذا الحديث: هذا محال لأنّ الله تعالى يقول:( إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ ) (2) ، وقال تعالى:( وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ) (3) ، فهل يجوز أن يكون من لم يؤخذ ميثاقه على النبوّة مبعوثاً؟ ومن أخذ ميثاقه على النبوّة مؤخراً؟...).

إنّ مناقشة المأمون لهذه الأحاديث مبنيّة على الفكر والمنطق وليس فيها ما يشذ عنهما.

الدليل التاسع:

وانبرى عالم آخر فأدلى بحجّته قائلاً: (إنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله نظر إلى عمر يوم عرفة فتبسم، فقال: إنّ الله تبارك وتعالى باهى بعباده عامة، وبعمر خاصة...).

جواب المأمون:

وقال المأمون في ردّه على هذا الحديث: هذا مستحيل لأنّ الله تبارك وتعالى لم يكن ليباهي بعمر ويدع نبيه، فيكون عمر في الخاصة والنبي في العامة.

وليست هذه الروايات بأعجب من روايتكم أنّ النبي (ص) قال: دخلت الجنة

____________________

(1) سورة الواقعة: آية 35 - 37.

(2) سورة النساء: آية 163.

(3) سورة الأحزاب آية 7.

٢٣٥

فسمعت خفق نعلين فإذا بلال مولى أبي بكر سبقني إلى الجنة، فقلتم: عبد أبي بكر خير من الرسول (ص) لأنّ السابق أفضل من المسبوق...).

الدليل العاشر:

وانبرى محدّث آخر فقال: إنّ النبي (ص) قال: لو نزل العذاب ما نجا إلاّ عمر بن الخطاب...).

جواب المأمون:

قال المأمون: هذا خلاف الكتاب أيضاً؛ لأنّ الله تعالى يقول لنبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله :( وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ ) (1) فجعلتم عمر مثل الرسول (ص)!!...).

الدليل الحادي عشر:

وقال محدث آخر: لقد شهد النبي (ص) لعمر بالجنة في عشرة من الصحابة.

مناقشة المأمون:

قال المأمون: لو كان كما زعمتم لكان عمر لا يقول لحذيفة: نشدتك بالله أمن المنافقين أنا؟ فإن كان قد قال له النبي: أنت من أهل الجنة، ولم يصدقه حتى زكاه حذيفة، فصدق حذيفة، ولم يصدق النبي (ص) فهذا على غير الإسلام، وإن كان قد صدق النبي (ص) فلم سأل حذيفة؟ وهذان الخبران متناقضان في أنفسهما).

الدليل الثاني عشر:

وقال عالم آخر: قال النبي (ص): (وضعت في كفّة الميزان ووضعت أمّتي في كفة أخرى فرجحت بهم، ثم وضع مكاني أبو بكر فرجح بهم، ثم عمر فرجح بهم ثم رُفع الميزان).

جواب المأمون:

وفنّد المأمون هذا الحديث فقال: هذا محال لأنّه لا يخلو من أن يكون أجسامهما أو أعمالهما، فإن كانت الأجسام فلا يخفى على ذي روح أنّه محال؛ لأنّه لا يرجح أجسامهما بأجسام الأمة، وإن كانت أفعالهما فلم تكن بعد فكيف بما ليس؟.

والتفت المأمون إلى العلماء فقال لهم:

____________________

(1) سورة الأنفال: آية 33.

٢٣٦

(أخبروني بماذا يتفاضل الناس؟).

وانبرى بعض العلماء فقال: (يتفاضلون بالأعمال الصالحة).

وعلّق المأمون على هذا الكلام قائلاً: (أخبروني ممّن فضل صاحبه على عهد النبي (ص)، ثم إنّ المفضول عمل بعد وفاة الرسول (ص) بأكثر من عمل الفاضل على عهد النبي (ص) ثم أيلحق به؟ فإن قلتم: نعم أوجدتكم في عصرنا هذا من هو أكثر جهاداً، وحجّاً، وصوماً، وصلاة، وصدقة من أحدهم...).

فانبروا جميعاً قائلين: (صدقت لا يلحق فاضل دهرنا بفاضل عصر النبي (ص)).

فقال لهم المأمون: (انظروا فيما روت أئمتكم الذين أخذتم عنهم أديانكم في فضائل عليعليه‌السلام وقيسوا إليها ما ورد في فضائل تمام العشرة الذين شهدوا لهم بالجنة فإن كانت جزءاً من أجزاء كثيرة فالقول قولكم، وإن كانوا قد رووا في فضائل عليعليه‌السلام أكثر فخذوا عن أئمتكم ما رووا ولا تتعدّوه...).

وحار القوم في الجواب، فقد سدّ عليهم المأمون كل ثغرة يسلكون فيها للدفاع عمّا يذهبون إليه، والتفت إليهم المأمون قائلاً:

(ما لكم سكتّم؟...).

فقالوا: (قد استقصينا)، إذ لم تبق عندهم حجّة يتمسّكون بها، فقال لهم المأمون: (إنّي سائلكم، أخبروني أي الأعمال كان أفضل يوم بعث الله نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله ...).

فقالوا جميعاً: (السبق إلى الإسلام؛ لأنّ الله تعالى يقول:( وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ) (1) ...).

____________________

(1) سورة الواقعة: آية 10 - 11.

٢٣٧

وسارع المأمون قائلاً: (فهل علمتم أحداً أسبق من علي إلى الإسلام؟...).

وارتفعت أصواتهم قائلين: (إنّه - أي علي - سبق حدثاً لم يجر عليه حكم، وأبو بكر أسلم كهلاً قد جرى عليه الحكم - أي التكليف - وبين هاتين الحالتين فرق...).

وأجاب المأمون قائلاً: (خبروني عن إسلام علي بالهام من قبل الله تعالى أم بدعاء النبي (ص)؟ فإن قلتم: بإلهام فقد فضلتموه على النبي (ص)؛ لأنّ النبي لم يلهم بل أتاه جبرئيل عن الله تعالى داعياً، ومعرفاً، وإن قلتم بدعاء النبي (ص) فهل دعاه من قبل نفسه أو بأمر الله تعالى، فإن قلتم: من قبل نفسه فهذا خلاف ما وصف الله تعالى به نبيّه في قوله:( وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ ) (1) وفي قوله تعالى:( وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاّ وَحْيٌ يُوحَى ) (2) ، وإن كان من قبل الله تعالى فقد أمر الله تعالى نبيّه (ص) بدعاء علي من بين صبيان الناس وإيثاره عليهم، فدعاه ثقة به، وعلماً بتأييد الله تعالى.

وخلّة أخرى: خبروني عن الحكيم هل يجوز أن يكلّف خلقه ما لا يطيقون، فإن قلتم: نعم فقد كفرتم، وإن قلتم: لا، فكيف يجوز أن يأمر نبيه (ص) بدعاء من لا يمكنه قبول ما يؤمر به لصغره وحداثة سنّه، وضعفه عن القبول.

وعلّة أخرى هل رأيتم النبي (ص) دعا أحداً من صبيان أهله وغيرهم فيكونوا أسوة مع علي، فإن زعمتم أنّه لم يدع أحداً غيره، فهذه فضيلة لعلي على جميع صبيان الناس).

والتفت المأمون إلى العلماء فقال لهم: (أي الأعمال بعد السبق إلى الإيمان؟...).

فقالوا جميعاً: (الجهاد في سبيل الله...).

وانبرى المأمون يقيم عليهم الحجّة في تقديم الإمام علي غيره بالفضل قائلاً:

____________________

(1) سورة الواقعة: آية 10 - 11.

(2) سورة ص: آية 3 - 4.

٢٣٨

هل تجدون لأحد من العشرة في الجهاد ما لعليعليه‌السلام في جميع مواقف النبي (ص) من الأثر؟ هذه (بدر) قتل من المشركين فيها نيف وستون رجلاً، قتل علي منهم نيفاً وعشرين، وأربعون لسائر الناس...).

وانبرى عالم من علماء الحديث فقال: (كان أبو بكر مع النبي (ص) في عريشه يدبّرها).

فردّ عليه المأمون قائلاً: (لقد جئت بهذا عجيبة!! كان يدبّر دون النبي (ص) أو معه فيشركه، أو لحاجة النبي (ص) إلى رأي أبي بكر؟ أي الثلاث أحب إليك؟).

وأجاب العالم: (أعوذ بالله من أن أزعم أنّه يدبّر دون النبي (ص) أو يشركه أو بافتقار من النبي إليه).

(وردّ عليه المأمون قائلاً: فما الفضيلة في العريش؟ فإن كانت فضيلة أبي بكر بتخلّفه عن الحرب، فيجب أن يكون كل متخلّف فاضلاً أفضل من المجاهدين والله عزّ وجل يقول:( لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً ) (1) .

ووجّه المأمون خطابه إلى إسحاق بن حماد بن زيد، وهو من كبار علماء الحديث فقال له: (اقرأ سورة هل أتى).

وأخذ إسحاق في قراءة السورة فلمّا انتهى إلى قوله تعالى:( وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا إلى قوله:وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً ) (2) .

قال له المأمون:

____________________

(1) سورة النساء: آية 95.

٢٣٩

(فيمَن نزلت هذه الآيات؟).

(في علي...).

وانبرى المأمون قائلاً: (هل بلغك أنّ عليّاًعليه‌السلام قال حين أطعم المسكين واليتيم والأسير( إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُوراً ) (1) على ما وصف الله تعالى في كتابه.

(لا...).

(إنّ الله تعالى عرف سريرة علي ونيّته فاظهر ذلك في كتابه تعريفا لخلقه أمره...

هل علمت أنّ الله تعالى وصف في شيء ممّا وصف في الجنة، ما في هذه السورة:( قوارير من فضة... ) .

(لا...).

(فهذه فضيلة أخرى، كيف تكون القوارير من فضة؟).

(لا أدري).

(يريد كأنّها من صفائها من فضة يرى داخلها كما يرى خارجها، وهذا مثل قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : (يا إسحاق رويدا شوقك بالقوارير) وعنى به نساء كأنّها القوارير رقّة، وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : (ركبت فرس أبي طلحة فوجدته بحراً) أي كأنّه بحر من كثرة جريه وعدوه، وكقول الله تعالى:( وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ ) (2) أي كأنّه يأتيه الموت، ولو أتاه من مكان

واحد مات.

يا إسحاق ألست ممّن يشهد أنّ العشرة في الجنة؟).

(بلى...).

(أرأيت لو أنّ رجلاً قال: ما أدري أصحيح هذا الحديث أم لا أكان عندك

____________________

(1) سورة الدهر: آية 9.

(2) سورة إبراهيم: آية 17.

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409